99

رحلة.إلى.الحجاز

Tags:

Embed Size (px)

Citation preview

Page 1: رحلة.إلى.الحجاز
Page 2: رحلة.إلى.الحجاز

احلجاز إىل رحلة

Page 3: رحلة.إلى.الحجاز
Page 4: رحلة.إلى.الحجاز

احلجاز إىل رحلة

تأليفاملازنى القادر عبد إبراهيم

Page 5: رحلة.إلى.الحجاز

الحجاز إىل رحلة

املازنى القادر عبد إبراهيم

والنرش للرتجمة عربية كلماتوالنرش للرتجمة عربية كلمات للنارش محفوظة الحقوق جميع

محدودة) مسئولية ذات (رشكة

وأفكاره املؤلف آراء عن مسئولة غري والنرش للرتجمة عربية كلمات إنمؤلفه آراء عن الكتاب يعرب وإنما

القاهرة ،١١٧٦٨ نرص مدينة ،٥٠ ص.ب.العربية مرص جمهورية

+٢٠٢ ٢٢٧٠٦٣٥١ فاكس: +٢٠٢ ٢٢٧٢٧٤٣١ تليفون:[email protected] اإللكرتوني: الربيد

http://www.kalimat.org اإللكرتوني: املوقع

كلمات لرشكة محفوظة الغالف وتصميم بصورة الخاصة الحقوق جميعالعمل بهذا الصلة ذات األخرى الحقوق جميع والنرش. للرتجمة عربية

العامة. للملكية خاضعة

Cover Artwork and Design Copyright © 2011 Kalimat Arabia.All other rights related to this work are in the public domain.

Page 6: رحلة.إلى.الحجاز

املحتويات

7 اإلهداء9 ينبع إىل الطريق يف -123 جدة يف -235 ومكة جدة بني -345 مكة يف -465 والكندرة مكة بني -579 فاطمة وادي يف -691 العويني بيت يف -795 خاتمة

Page 7: رحلة.إلى.الحجاز
Page 8: رحلة.إلى.الحجاز

اإلهداء

وأرهقها فتعفو اليها أيسء والتي لحزني وتحزن لفرحي تفرح التى «إىلإيل داعية بي مباهية عني راضية إال معي تكون ال والتي فتحتمل،

.«… امي إىل

املازني القادر عبد إبراهيم

Page 9: رحلة.إلى.الحجاز
Page 10: رحلة.إلى.الحجاز

األول الفصل

ينبع إىل الطريق يف

ينتظر وما الجو عن منه واستفرس السفينة ربان أصافح وأنا — أتساءل نفيس رأيتلينا. يكون أن يرجي وهل والبحر يكون، أن

ملكها؟ بمبايعة احتفالها أيام بعد سنشهد التي العربية األمة لهذه يرجي «ماذاالعالم وبني بينها ما مسافة تكون فقد الكر أودع جديدة؟ بنهضة العالم عىل تكر هلإىل طريقها تشق أن وسعها يف هل وسل محال، له تجعل أو عليه تعني ان من أطول

العزيزة؟» الحياة منازل من منزلةأجاذبه أمامي الربان هذا االزدواج: لهذا تتسع أنها اإلنسانية النفس عجائب ومنوتتسع إخواني؛ من وذاك بهذا وأعرفه هزل، إىل جد من معه وانتقل الحديث أطرافوجده ينبع ميناءي يل يصف هو ويذهب شعابه؛ وتكثر دائرته وترحب الكالم حلقةولساني حرف، لكل اآلذان مرهف منصت وانا الصخور، مدخليهما يف تكثر وكيفالحيز النفس من يشغل آخر بخاطر وإذا مسائال، أو مالحظا أو مجاوبا بالكالم يجريالتفاتة ذلك أثناء يف للقلب ولعل إليه. والتفت به أعني أن أال ويأبي فيها ويدور األكربهذا من وأغرب حياته، معاهد من وراءه املرء خلف ما وإىل واألخوان األهل إىل أخرىولكل شخص ولكل محبطة، شاملة لفتة فهي كالخصوص عمومها االلتفاتة تكون أنوال بخس بال مكانه، عهد ولكل محلها ذكري ولكل الربوز، من نسبي حظ حادثةأمر من بأكثر األشتغال عىل النفس قدرة يف األفاضة موضع ليس هذا أن عىل وكس.

فيه. ماكنا إىل فلنرجع له، متخلية كانها شأن كل إىل واألنرصاف واحدما كل ألن الطريق، طول شغلني قد فيه التفكري كان وأن سؤايل عىل أجب لمللتعجيل موجبا أر ولم سمعت، أو قرأت مما مستفاد حارضهم يف العرب عن اعرفههذا الحاح من يعفني لم هذا أن غري أيام. أال املعاينة وبني بيني وليس بالجزم

Page 11: رحلة.إلى.الحجاز

الحجاز إىل رحلة

فمرة شتي. صورة عىل عيني قبل وترفعه به تواجهني النفس ظلت الذي الخاطرتتطلبه ملا صالحة مادة العربية األمة يف «هل يكون وتارة أوردته، كما السؤال يكون

املر؟ الكفاح من الحارض العرص يف الحياةأهوال وتصارع املاحقة بالدها طبيعة تغالب األمة هذه «أن األمل يهتف وطورا

العارضة؟» األحوال بها تحفها التي املصاعب تكافح أن تستطيع ال فلم الصحراءمن وغريهم العرب بني ما بعد تصورت كلما اليأس إىل النفس جنحت وربماوهم قرونا السري أغذت التي الشعوب بهذه اللحاق وتعذر املتحرضة األرض شعوبكلما يف يخامر اليأس كان بل الجاهلية. يف يفعلون كانوا كما ويقتتلون األبل يحدونواحدة ألمة يتاح «هل لنفيس أقول وكنت يصارعونها التي الساحقة الصحراء تخيلتاألويل النهضة تستنفذ أال عامليتان؟ مدنيتان التاريخ يف لها يكون وأن مرتني تنهض أنبعد الجافة «القصب» ألياف من يبقي ما أال منها تبقي وال حيويتها وتعترص قواها

أعتصاره؟» أو مصهيعدل أو التفكري عن يرصفني ما البحر من لقينا فما نهاية! غري إىل وهكذااملاء، عىل ال بيوتنا يف وكأننا السفينة يف كنا ولقد آخر. مجري إىل النفس بخواطرلقد حتى دوار، وال أهتزاز وال موج فال تمسه ال وكانها البحر تفرق السفينة وكانت

فيه. أميل خيب البحر أن غري التهيب، إىل لريدنا قليال بنا يطفي أن أشتقتأن لنفيس وقلت الرحلة هذه يل أتاحت التي بالفرصة األمر فبأول فرحت وقدحتى عندهم، مرعية سنة ذلك وصار األخرى األقطار أني أفواجا يخرجون املرصينيواد إىل تهاجر أن أزمعت قد املرصية األمة هذه أن املصيف مقدمة يف للمرء ليخيليعمرها ال وأن غريي، البالد يف يبقي ال أن أخيش عام كل صيف يف وكنت واديها، غريبدقة دقة حسن: قلت: الشتاء يف الحجاز إىل للسفر املناسبة هذه عرضت فلما سواي،بواجب عني ولتقم اآلن، األمة فلتعمره قبل من الوادي عمرت لقد أظلم، والباديأطقت، كما يقيم أن أطاق أحد أحسب فما بها، موكال كنت كأنما أراني التي الحراسة

تتجدد. أن وتستحق تخلق، ديباجة له أنسانا ال حارسا كلبا كنت لكأنمايزور الغرب أن ذلك الغرب، إىل ال الحجاز إىل السفر أن الخصوص عىل ورسنيمختلف فأمره الحجاز أما نزوره، أن نحتاج فلسنما يغزوها، انه لقلت شئت ولو مرص،وارتباطنا أوثق به وصلتنا أعمق العربى بالرشق علمنا نجعل أن خلقاء ولنحن جدا،خطي تفاوتت وان واحد الرشق مستقبل أن أقول حني أبالغ احسبني وما امتن. به

10

Page 12: رحلة.إلى.الحجاز

ينبع إىل الطريق يف

أن البالدة ومن تتجاهله أن الخرق ومن عنه، بوجوهنا نشيح أن الجهل ومن أبنائه.يكون ال الرحيل أن نتوهم أن الغفلة ومن الخيوط، خفيت وان به مرتبطون أننا ننيس

احواله. عىل واألطالع الرشق زيارة من تكتسب فائدة ال وانه الغرب، ايل إال نافعاشيخ وهو أحدهم باشا زكي أحمد هذا أفكر: فأطرقت رفاقى أسماء وعرفتسوريه، يف املجاهدين من آخر وهذا نفسه يسمي أو يسمونه ماذا أدرى أوال العروبةالسندباد بقصص أشبه هو دور السوري االستقالل حركة يف له كان ثالث وهذامقدوري يف هل امللوك؟ بني الصعلوك يذهب أين بينهم؟ أكون أن عيس فماذا البحري1من أال بينهم وليس زمالئي هؤالء ثم صغري؟ جندي من أكثر أني أدعي أن أفخر حني

وأجرأ. مني أنشط هوأقالمي، وأرهقت السفينة ظهر عىل الحاجز إىل وملت مرباة، ىل زميل من وأستعرتأقطع، كأني ورحت الحاجز حديد عىل املرباة حد فأقمت ذلك بعد عمال يل أجد لم ثمالسفينة أمر كان إذا بمرباتك أو صديقي، يا بالسفينة «رفقا يل: يقول قائال فسمعت

الربان. ثياب مثل يف أنجليزي فاذا فالتفت يعنيك!» الأردها». أن وقد عارية «املربأة له: فقلت

شحذتها؟» أن «بعد وقال: فأبتسماألمرد الوجه ذو الرجل هذا «من الباخرة: مقدمة يف رجل إىل أشري وأنا فسألته

الوحشية؟». والنظرةالحرب يف وأبيل الربيطانية البحرية يف ضابطا كان لقد … الكبتن «هذا فقال:

الباخرة». هذه يف يعمل االن وهو رسح وقد حسنا، بالء الكربيقوارب أمامي فالفيت عليه صعدت سلما أمامي فرأيت خطوات ورست فرتكته،رجيل أرفع فرشعت فيه، بالجلوس نفيس أمتع أن يل وخطر أولها، من فدنوت النجاة— اليد صاحب أعني — وصاحبها تجذبني كتفي عىل بيد وإذا جوفه إىل ألخطوفأرجو شيئا تعرف أن تريد كنت وإذا هذا. ترك عىل أحملك أن مضطر «أني يقول:

.«… تسألني أن

العربية. القضية ىف املجاهدين من الزركىل الدين خري واألستاذ العظمة بك نبيه هما 1

11

Page 13: رحلة.إلى.الحجاز

الحجاز إىل رحلة

وان أحد ناداه كأنما أعلم ال حيث إىل راجعا وقفل تركني بل كالمه يتم ولم… الكبتن «هذا يكون؟فقال: من عنه وسألته خادم من فدنوت صوتا، أسمع لم كنت

الربان». مساعدعيني أغمضت أذا فصدقني. مثيل مرصي أنك أسمع. أطيق. مما أكثر «هذا فقلت:يتضح أن يمكن فهل به أصطدم رجل أول عىل يدي ووضعت الباخرة هذه يف ورست

بكبتن؟» ليس انهتصطدم أن أرجح ولكني ادري، «ال وقال: السويس من وهو الخادم فضحك

فقط». مرتين مسافة وعىل اآلن وراءك فأنه املالحظ بالكبتنفكيف تغرق رئيسان لها التي السفينة «أن لنفيس: أقول وانا غرفتي إىل فأنحدرتالطعام، يف رغبتي وفرتت لطفك!» اللهم اآلن! إىل أربعة (كباتنها) من عددت بواحدةباأللم فأعتذرت قليال، منه أصيب أن عىل ويلح عليه يحرضني العظمة بك نبيه وكانمائة للسفينة أن زمالئي وعن عنه وكتمت والتيفوئيد، الكولريا حقنتا يل سببته الذي

أزعجهم. ال حتي رئيسالكباتن، أو القباطنة هؤالء «أرادات» تتصادم أن دون وأصبحنا األول اليوم وميضرفاقي: بعض سألني أن واتفق االطمئنان. من يشء وعاودني الروع بعض عني فذهب

السفينة؟» هذه تسري ميل كم «برسعةالساعة». يف ميال عرش أثني تتجاوز ال رسعتها أن أقدر ولكني أدري، «ال فقلت:

فقط! أميال خمسة رسعتها أن «مهال! واحد: بي فصاحلسبقناها!» أقدامنا عىل لورسنا للعار! يا أميال! «خمسة قلت:

كثرة لوال أنه فأيقنت الكبتن من الحقيقة هذه استقي أنه ويقول األمر يؤكد فعادكثرتهم إليه تؤدي ما كا البطء كان أذا لنفيس وقلت أرسع. الباخرة لكانت القباطنة

بأس. فالاآلن استغاثة، هو وال صياح هو ال عجيب، صياح عىل يوم ظهر بعد واستيقظتاأللفاظ أن إىل فخيل أذني وأرهفت قاعدا فاستويت تنغيما، الصوت يف وألن انتظاما فيهيعلو الذي اللسان ولكن اكرب!» «هللا هما: لفظني تبينت ثم غريبة، اللهجة ولكن عربيةوهي الخديوية» «البوستة سفن أحدي أنها تذكرت ثم فعجبت ملتويا، اعوج كان بهماالحجاج وتنقل وذهوبا، جيئة والسودان السويس بني بواخرها تسري إنجليزية رشكةمخزن غطاء عىل الباخرة يف بعضهم رأينا وقد — وجدة ينبع إىل — تنقل فيما —

12

Page 14: رحلة.إلى.الحجاز

ينبع إىل الطريق يف

تحت بينها أنفسهم ويحرشون أمتعتهم ويكدسون السجاجيد يفرشون حيث البضاعةالثالثة. الدرجة مكان هو وهذا — هللا سماء

يتكيفوا أن يتوخون قوم األنجليز أن الصوت: هذا سمعت ملا لنفيس قلت وقدإىل دعوة أي أذان سمعته الذي وهذا األحوال تتطلبه ما ووفق الظروف مقتيض عىليف لألذان عينت قد الرشكة تكون أن األنجليزي الشذوذ مع يتنايف مما وليس الصالة،سفينة يف جميعا يصنعون ماذا أدري ال الذين «الكباتن» هؤالء من واحدا الباخرة

كهذه. صغريةيفيده فيما أخواني أرشك وقلت انجليزي، «كبتن» املؤذن أن وأضحكني ورسنيبواحد فالتقيت نجتمع كنا حيث الباخرة سطح إىل فعدوت املتعة، من بذلك العلمأن أشفق ثم مني، ولكن فضحك، السكسونية. البدعة هذه بخرب إليه أفيض عليه أقبلتجماعة أنفي تحت فإذا وأوما بالسخرية، منهم الثقالء فريكبني زلتي زمالئي يعرفخدعني. الذي االلتواء ذلك فيه املؤذن كصوت األمام صوت واذا يصلون، العرب من

أعني — بطلها وكان و«الطاولة» البحر، إىل والنظر الحديث سلوتنا وكانتزكي ويف العب، خري بأنه منا لكل واقر جميعا غلبنا باشا، زكي أحمد — الطاولةمنه، راعتني ودعابة، وعطف وظرف وحلم األحتمال عىل وقدرة وجلد نشاط باشاوال بملهاة، دوننا نفسه يؤثر وال ويتعهدنا عنا ويسأل علينا يحنو كالوالد لنا وكانالجماعة، رأت ما عنده الرأي بل هزال، أو كان جدا اقرتاح عىل يرص أو برأي يستبدوكان إليه، يذهب ما بصواب مقتنعا كانه ولو راضيا حكمه عىل وينزل مرتاحا يتقبلهالزركيل، الدين خري واألستاذ العظمة بك نبيه مجلسا وأمتعهم حديثا الجميع أعذبمما بيشء عىل يبخال ولم راحة، لهما أدع ولم بمحرضي، عليهما وأثقلت بهما فتعلقتيف األرض من شتي رقع يف وكابدا وجربا رأيا بما يل يهضبان فكانا عنه أستخربتهماأوسع يزاالن ال وهما البحر، سوي مهرب أو مناص مني لهما يكن ولم والسلم، الحربمن القومية الغاية بلوغ ويف هللا يف رجاء وأقوي منها لرغائبهما وأطلب الحياة يف آماالأو كارهني العري بيننا توثقت لذلك مني، فرارا االنتحار يف يفكرا ان من مساعيهما

الجبال. من عهدا أقدم صداقتنا وكان رصنا ينبع بلغنا فلما راضني،أو سبعة وتصور — «الكتابة» نوبة أعرتتهم وقد الزمالء منظر أنيس ولستملا يسودونها والبطاقات الورق عىل وأقبلوا املسمرة الكرايس عىل جلسوا قد ثمانية

13

Page 15: رحلة.إلى.الحجاز

الحجاز إىل رحلة

— هناك2 من برسائلهم يبعثوا أن يستطيعون قد وأنهم ينبع يف مصبحون أنهم علموامثاله الباقون ليحتذي للكتابة واحد يجلس أن ويكفي وصحفهم، واخوانهم أهلهم إىلخلق دون القرود وال تعدي، التي هي وحدها الثؤباء فليست ذلك، يف بالرغبة ويعديهمعىل مكبون ونحن الساعة تلك يف رآنا القارئ كان ولو التقليد إىل تنزع التي هي هللايف نصدر أن آلينا قد أننا له يخطر ما أول لكان الدنيا يف ما كل عن ذاهلون الورق

لنا. معقودا أمتحانا هناك أن أو نمثلها، التي الصحف الباخرةنفذت! حتى فتخطفناها رسمها عليها بطاقات السفينة رجال أحد علينا وعرضمن الباخرة يف ما كل يستنفدون ثمانية أو سبعة وتصور الخطابات. ورق نفذ كماعن مسئوال وأحسبني والخصب؟ والنشاط الهمة عىل دليال هذا أليس وخطابات، ورقال متفرجا أكون أن نفيس نازعتني فقد أستهلكت، التي األوراق هذه من األكرب العدددالئل من عليهات يظهر وما الورق عىل املكبة الوجوه بمناظر عيني أمتع وأن كاتبا،بالجملة، رسائيل اكتب وقلت الحيلة إىل فلجأت — الخصيبة القرائح أجهاد — األجهادجلست ثم وجيزة واحدة رسالة وكتبت الخطابات، بني ووضعته الكربون بورق فجئت

أتفرج!أدري وال الرس، بهذا يختصني وكان الرحلة هذه عن يوميات يكتب أحدنا وكانمرة: يل وقال مخدعه، إىل بكر أو بنفسه خال قط رأيته فما يومياته، يكتب كان متيوأول سبعا، البارحة وكتبت صفحات ست اليوم كتبت ضخمة. مذكراتي صارت «لقد

قولك؟» فما تسعا، أمس منالتسجيل؟» يستحق وجدته يشء وأي هذا؟ «كل مستغربا: فقلت

التي الطاولة وأدوار القمر، ووجره والعرض، الطول خطوط يشء. «كل قال:يطري بعضها البحر، يف رأيناها التي واألسماك املغلوب، أو الغالب كنت أيها ويف لعبتهاالليل يف بنا مرت التي والبواخر للقوت، طلبا السفينة يهاجم وبعضها املاء، سطح عىلنري ال ملاذا تعرف هل أسألك ذلك ذكر وعىل — لها تابعة هي التي واألمم وحييناهاالبحر وحالة اليوم، … فالن … كذبها كذبة وكم — تعرف؟ أال النهار؟ يف باخرةكذلك؟ أليس ممل، وهذا يوم، عن يوما تختلف نكاد وال تتغري ال كانت وأن والرياح،

جدة. أو ينبع من إرسالها منن أرسع جيوبنا يف الرسائل أبقاء أن بعد فيما اتضح 2

14

Page 16: رحلة.إلى.الحجاز

ينبع إىل الطريق يف

يشء، كل يشء، كل عايدة، املدموازيل أخذتها صورة وكم رياض أخذها صورة وكمغري اكلة كانت فقد ذلك تستحق أنها صفحات، عدة الصيادية» «ألكلة أفردت لقد حتىبذلك؟ جديرا تراه أال صفحتان. وحده له أوه. املدمس! والفول لذيذة، وكانت منتظرة

األنجليزية!» تالودي الباخرة عىل مدمسا فوال نأكل أن مدهش مدهش.أوبتك؟» بعد املذكرات بهذه تصنع أن تنوي «وماذا نفسه: أنقطع أن بعد فسألتهمنها؟» أربح أن تتوقع كم أعني تساوي؟ أنها تظن كم وأنرشها: «سأطبعها قال:إىل كتبت ما عىل قياسا ووزنها الصفحات عدد اعتربنا اذا تساوي «تساوي: قلت:

مائتني». أو جنيه مائة اآلنتماما». … هذا مثل لربحي قدرت «لقد يقول وهو مرسورا فصافحني

ربما أدري. فال الربح أما … تملؤه الذي الورق ثمن أعني «إنما مستدركا: فقلتأقل». يكون وقد أكثر كان

عني. وميض مضبوط» حال كل عىل تقديرك تمام. «تمام. وقال: أمله يضعف فلممذكراتك؟» يف وصلت أين «إىل سألته: مكة من عائدين كنا وملا

أني ثم مضن. عمل املذكرات كتابة أن لك أقول الحق أخي «يا وقال: وجهه فطالفإن رأيس. يف يشء كل سجلت أني عىل أكتب؟ فمتي دائمة حركة يف نحن الوقت. ألجدخوف. فال أعواما. عمرها كان ولو بألفاظها األحاديث حتى أذكر وأنا قوية ذاكرتي

ونطمنئ». نرجع حتى أنتظر

أن وأبلغني الزمالء أحد أيقظني يناير) ٤) السبت صباح من السادسة الساعة ويفكانت ولو — بالشواطئ أحفل ال أني غيظا أتميز وانا له فقلت ظهر، قد الشاطئولكن عيني، وأغمضت عني فذهب صباحا، السادسة الساعة يف — الجنة شواطئجفنا ىل تدع لن الشاطئ ظهور أوقدها التي الحماسة أن فأيقنت غريه، ثم جاء غريهأوال إىل فالتفت شيئا أر فلم الحاجز عىل متكئا ووقفت متثاقال متثائبا فقمت يغفي،

سيدي؟» يا لك بدا الذي الشاطئ هذا «أين املعاتب: بلهجة وقلت أيقظني منأمامه سرتسو الذي املكان إىل أشري أن أستطيع أني غريب. تراه؟ أال «هذا. فقال:

هذا». يكون أن البد الباخرة.رجاله، تتعب وال عنه يتحول ال مكانه يف وهو ونجئ نروح ونحن الساعات ومرتخلناها ورائها من تظهر التى رضوي جبال حتى الضباب، يف ملفوفة ينبع وبدت

15

Page 17: رحلة.إلى.الحجاز

الحجاز إىل رحلة

لتدخل تدور السفينة ورشعت وتراهنا، فاختلفنا برؤوسها، السحب أختالط من ضباباإليه أشار الذي املكان يكون أن الساخر الحظ وشاء الساحل من جدا فقربنا املرفأ

املقربة. هو عنده، سرتسو الباخرة أن عىل وأرص صاحبناكالسمك إليها يسبحون الصبيان وأقبل املقربة، أمام ال املرفأ يف الباخرة، ورستالقرش بعد بالقرش اليهم نرمي فرحنا ليلتقطوها بالقروش اليهم نلقي أن وينادونناقبل املاء جوف يف يهبط وهو بأكفهم ويتلقونه وراءه ويغوصون عليه يتزاحمون وهموجوهم وصارت أشداقهم أنتفخت حتى شدقه، يف دسه به فاز فمن القاع، يبلغ أن

املنظر. بشعة مشوهةمساجد أشهرها كثرية مساجد وبها فقرية، صغرية وهي املدينة، إىل زورقا وركبناوال زرع فيها وليس لهم، عمال أو للتجار وكالء وأهلها والسنويس، والخرض عطاء ابنعن محرفة لفظة وهي «الكندنسه» يسمونها للرشب البحر ماء لتصفية آلة وبها رضع،عامال وكان أهلها من وهو الخطيب مصطفي الشيخ املقام قائم فأستقبلنا الكوندنرس،العزل حماقات عن منها ترفعا السعودية الحكومة تنحه لم الحسني عهد يف عليهااألريض، الدور يف مكاتب بضعة تكون: ما أبسط وهي الحكومة دار وزرنا والتأمري،ولشبابيكها وسجادة مكتب وفيها للقائمقام أحداهما غرفتان فوقه الذي الدور ويفكما «الشاهي» ثم النجدية القهوة رشبنا أن وبعد صغريان. مكتبان األخري ويف ستائر،والناس األمري يخرج أن إىل فيها نطوف املدينة إىل وأنحدرنا أستاذنا «الشاي» يسمونالدكاكني جانبيها عىل مسقفة ضيقة حارة وهي بالسوق فمررنا الظهر، صالة منوقد والجراد، واألسماك والخبز واملنسوجات والبقول العطارة من شتي صنوف فيهاالطريق وكان الصالة، وقت كان ألنه أحد الدكاكني يف يكن ولم باشا، زكي منه أكلتسرت تكاد ال ومراقع ممزقة خرق يف بنا ويحفون وراءنا يمشون باألطفال غاصافقيل الفقراء؟؟ الغلمان هؤالء منها يرسق أن املتاجر هذه يحمي ماذا فتساءلت: شيئا.

شيئا. يرسق أن يجرؤ أحد من ما ألنه منهم خوف ال أنه يلرجل فوقف الصالة من فرغوا قد الناس وكان املسجد حيث السوق آخر وبلغناأمامه ما وكل باملزاد، ببيعها الخشب من وأعواد الحصري من وقطع الكأل من كوم أمام

رياال. يساوي القذرة مالءة يف ملفوفة عمرها من السابعة نحو يف واحدة إال بنتا، وال أمرأة أر ولمواألهايل البيوت، من يخرجن ال النساء أن يل وقيل العقيق، من قرط أذنيها أحدي ويف

16

Page 18: رحلة.إلى.الحجاز

ينبع إىل الطريق يف

جاوي، إىل زنجي فمن الرشقية، لألمم معرض وسجنهم وملة، جنس كل من خليطوهكذا. صومايل، إىل سوري ومن فاريس، إىل هندي ومن مرصي، إىل عربي ومن

جميل نجدي شاب وهو معمر، بن عبدالعزيز — الحاكم أي — األمري وزرناكان الذي القديم الرشقي الطراز عىل والدار السيف، قد مقدود املحيا وسيم الطلعةالوطنية األحياء يف باقية آثاره بعض تزال وال عاما خمسني من أكثر منذ مرص يف مألوفااالستقبال وغرفة السالح، وسوق الكحكيني مثل الحديث العمران يد اليها تمتد لم التيالصدر ويف الجانبني، عىل صفان (الخيزران) والكرايس أحمر ببساط مفروشة داره يفجلبابا يلبس األمري وكان لجلوسه الوسائد وعليها العجمي بالسجاد مفروشة مصطبةاألسود العقال رأسه وعىل حمراء عباءة عليه الكشمري من معطف فوقه السكروتة منعاداتهم ومن حمائله، من يتديل املقبض املذهب والسيف وسطه إىل مشدود واملسدسويجلس الغرفة، نفس يف الداخل من الباب جانبي عىل الخاص حرسه يجلس أنواملسدسات والبنادق والسيوف مسلحون، جميعا وهم خارجها الحراس من الباقوناستقبال. حجرة ال سالح مخزن الغرفة فكأن الجدران عىل معلقة الخراطيش وأحزمةمرصي يديرها إبتدائية أولية ومدرسة السلكي، تلغراف ومكتب بلدية، ينبع ويفواألطوال، االسنان متفاوتي تلميذا وتسعني مائة نحو وفيها املرصية التعليم ملناهج طبقا

الخ. للصحة.. ومصلحة الوجوه. مختلفي الثياب متباينيوال نفوذ وال هناك أجنبي فال مستقلة بالد يف أننا لحظة أول من شعرنا وقدوقد حجازيون، ومديره عماله الالسلكي حتى حجازي موظف وكل األبناء أال سلطانيف فيصل األمري سمو إىل بتحيتنا يبعثون وهم العمال هؤالء يري أال باشا زكي أبييحسنه ما يحسنوا أن يستطيعون والعقال العباءة البيس أن يصدق يكن لم كانما مكة

األقل. عىل اآللية األعمال من األوربيمن وفد جاءنا وهناك الباخرة إىل وعدنا معه صورتنا أخذت أن بعد األمري وودعنا عوضا منه هدية الخراف من بعدد األمري الينا وبعث ويشكرنا، الزيارة لنا لريد ينبع

الباخرة. يف تفدينا قد كنا أذ إليه دعوته نجيب أن نستطع لم الذي الغداء عننردها واحد فقال للتشاور. مؤتمرا وعقدنا الخراف! بهذه نصنع ماذا فحرناعىل وتوزع لتذبح ولكن نردها أن ثاني وأقرتاح مستحيال، كان هذا ولكن شاكرين،التعريض خشونة ذلك عن فضال وفيه حال، كل عىل ردا هذا ولكن املدينة، فقراءلهم الخراف فلنذبح فقراء حجاجا الباخرة يف أن ثالث وقال وحكومتها وأهلها باملدينة

ففعلنا. عليهم، لحمها ولنوزع

17

Page 19: رحلة.إلى.الحجاز

الحجاز إىل رحلة

الصواب. األمر آخر يف الخطأ وانتج سبقه، الذي من مولدا أقرتاح كل كان وهكذاشتي، واحساسات أخري خواطر وليد وهو إال إحساس أو مخاطر من فما عجب، وال

أم. أو أب بال واحد آدم أال الدنيا يف وليس

وكان مرص، يف عاتقي عن حططته أحسبني وكنت الدنيا»، «صندوق وجدت ينبع ويفيحني وال الحمل هذا كاهيل يثقل ال خفيفا أميش أن سافرت أن بعد يسعني أنه ظنيكغريه قائما يستوي أن مقدوره يف يدخل ال كاألحدب رصت قد بي فإذا ثقله، ظهريواحد: يل وقال الظهر وحدب الخلق أعوجاج من السالمة لهم كتبت الذين آدم بني من

صندوقك». قرأت «لقدعودتي» بعد هللا شاء أن فيه «سأضعك وقلت: رسني، قد كان وأن ذلك فغاظني

رشط». «عىل فقلت: أفعل، أال مني يرجو عىل فأقبلهو؟» «ما قال:

جميعا». فيه حرشتكم واال ذكره من واخواتك أنت تعفيني «أن قلت:ممتع». وهللا «ولكنه يضحك: وهو قال

أن خاف وأحسبه وجهه، فامتقع بوجودكم» أمتع الثاني الجزء «وسيكون قلت:وقد فسألني أمزح. أني له وأكدت فطمأنته أضحوكة وتجعله تمسخه صورة له أرسم

لك؟» يذكر أن تكره ملاذا «ولكن نفسه: سكنتكنت إذا معذورا وأحسبني أبكاني الذي هو منه يضحكك الذي «أن له: فقلتوهلل فيها هذا تفهم كنت فإذا املقادير. به جرت ما بسخر يذكرني ما كل يف أزهدالجواد ويذكر العروبة عن يتحدث وهو الباشا إىل نستمع ودعنا فأمسك وأال الحمد،أو يلجمه أو يطمعه أو يركبه كيف يدر فلم عبدالعزيز امللك جاللة أليه أهداه الذياعني — يأكل أكان سلة رمضان يف كنافة يطعمه أن له يخطر ألم سله — يرسجه

الخوان؟». له ويمد السماط له يبسط — الباشا كان أم املدود من — الجواد

وال يكون، ما كأبسط والحكومة جندي مائة من وأقل نسمة آالف عرشة ينبع وىفالخوف من مستمدا ليس الحكومة وسلطان األهاىل، وأحقر األمري بني هناك حاجزمع رصيحون الناس أن ذلك وآية والتعاون، والحب األحرتام من بل القوة، تبعثه الذيوالتقية، الخوف مع الرصاحة تكون وال تكلف، عليهم يبدو ال الحكام وأن حكامهم

18

Page 20: رحلة.إلى.الحجاز

ينبع إىل الطريق يف

هذه وال الرسيرة، صدق فيه يخفي وال الوجه به ينضح الذي البرش مع الخوف والينبع، فيهما زرت اللتني املرتني يف أسمع ولم واالستبداد، القسوة مع املبتسمة البساطةحرسه من الرجل إىل يرس ينبع أمري كان ولقد تقال، ودهان ملق كلمة أو يلقي، أمراأراه وكنت الطريق، يفسح أو عالنا أو فالنا يدعو أو «الشاهي» أو القهوة يطلب أنقسوة منظر عيني تأخذ ولم سارة. كلمة أو نكتة أذنه يف يهمس كأنه عليه يميل وهو— أمامنا ليوسعوا الناس يصدون أو الطريق لنا يفسحون كانول ما وكثريا واحدا،ذلك يتولون الذين وكان — فاطمة وادي ويف مكة ويف الكندرة ويف جدة ويف ينبع يفوجوههم يف يرفعوا أو الناس صدور يف يدفعوا أن غري من يد باشارة ولكن الجند.أحس وأنا الباخرة إىل ينبع من عدت وقد ذلك يصنعون وهم لهم يتجهموا أو عصاالحاكم وأن راضية الرعية أن ذلك ومكة، جده زرت ملا فهما زدت وقد أفهم، بدأت أني

متعاونان. واملحكومعىل رجيل أضع أو جدة إىل أصل أن قبل الباخرة يف أزال ال وأنا أقتنعت، وقداقتناعي وكان الحجاب، تعرف وال السفور تعرف النجدية املرأة بأن مينائها، رصيفورفقائي زمالئي عن أكتم أن الحزم من ورأيت بالسماع، وليس واملعاينة باملشاهدةاكتشافه بفضل وأستأثر به بالعلم األنفرد إليه أهتديت الذي الرس هذا الرحلة هذه يفإذا أخواني عىل مزية يل تكون ولن سبق، الصحافة أن لنفيس: وقلت إليه، والوصول

مايل؟ مثل عيون لهم أليست بهم؟ أنا ومايل أعرف، ما كل عرفواأسمع وكنت ناسها، ورأينا بحوانيتها ومررنا طرقاتها وجبنا ينبع يف ونزلناانها من سمعوا ما ويرددون عليها املرضوب والحجاب املرأة عن يتحدثون زمالئيوأهز ساخرا فأبتسم األدنني قرابتها وذوي زوجها غري يراها وال تظهر وال تخرج المن نصف أن عميان! «يا بهم: أصيح أن عن بجهد نفيس وأرد متهكما هازئا رأيس

رجاال!» تحسبوهن نساء الطرقات يف ترونيعتقدون ذلك عىل وهم وعادوا بينهما وما ومكة جدة املساكني زمالئي رأي وقدجفونهم باملربأة لهم أشق أن وددت لكم مساكني! محجبات! النجديات النساء أنراجعون، ونحن السفينة ظهر عىل أخطبهم أن النفس نازعتني وكم ليبرصوا املطبقةوحب غلبتني، األترة ولكن به صاحبه ينتفع وكيف النظر يف محارضة عليهم ألقي وأناحتمايل وكان كمغمضة، مفتوحة بعيون ذهبوا كما يرجعون فرتكتهم أقوي كان الذاتعليه األقوي أكن لم شاقا جهدا علمت، ما رس عىل األمساك عىل وقدرتي الكتمان هذا

19

Page 21: رحلة.إلى.الحجاز

الحجاز إىل رحلة

أن أستحق أراني نجحت، أني وأيقنت أرادتي امتحنت وقد واآلن املصممة. اإلرادة لوالكتمانه. أحسنت بما بالبوح املشدودة أعصابي أرخي وأن باألفضاء نفيس عن أرفه

إىل يقصدوا أن ينوون الذين ركابها اعني — الباخرة أحرمت رابغ أمام رصنا ملاحاشية وحوله قومه يف أمري أنه يل قيل نجدي رجل فجأة بيننا فظهر مبارشة مكةفكانوا سالحه، املرء يلبس أن يمنع ال واألحرام محرم، وكلهم وعبيده، اتباعه من كبريةبيننا وأتصلت الخراطيش وأحزمة والخناجر املسدسات به أحرموا ما فوق يحملونالنجدية قهوتهم من يسقوننا وخدمه عبيده وصار فاختلطنا األسباب، األمري هذا وبنيتحتاج رشفة، أو نقطة، فيها يصبون مفرطحة كبرية فنجانة يف يقدمونها وهم الحادة،الفنجانة وتقلب السماء إىل وجهك ترفع أن فمك، إىل تنقلها أو تلحسها أو ترشبها لكيرددت األرض عىل تقع أن دون فرغت إذا حتى لسانك، إىل فيها ما لينحدر فمك عىلوإال رشبها أياها يكلفك التي الحركة راقتك إذا أخري رشفة فيها لك فصب الفنجانةتقوي النجدية القهوة أن — وصدقت — سمعت وقد الكتفاء، عالمة الفنجانة هززتلرشب مباريات يعقدون أنهم — هذا أر لم ولكني — أيضا سمعت وقد العنق، عظام

وقوف. وهم القهوةمعنا الوقوف إىل فدعاهم املشهور املصور شحاته» أفندي «رياض معنا وكان مكانا يل وجدت حيث ووقفت إليهم فأرسعت فنادوني غائبا وكنت ففعلوا ليصورنايميني إىل فالتفت جاري إىل ويشري مكاني عن أتزحزح أن يدعوني أفندي برياض وإذاسيدتي! يا معذرة أعني مدام! «بردون أقول: أن وأال برسعة أتراجع أن أال يسعني فلم

تفضيل». تؤاخذيني! فال وجودك عن غافل وأنا زاحمتك لقدواحد: بي فصاح أخواتي من سمعها من ترق لم التي الخطبة هذه بعد وتنحيت

واسكت». هنا نعم هنا. أخي يا قف تقول؟ «ماذامع تأدبي مني ينقم الذي الزميل هذا ذوق قلة مستغربا آسفا رأيس فهززت

مازني». أستاذ يا رأسك تهزش «ما بي. يصيح أفندي رياض فسمعت سيدة.االستاذ أي — وقال املوبخ الزميل وهذا أفندي رياض وبني املازني األستاذ فحاركان هل ملاذا؟ ادري ال زمييل فوبخني أعتذر كنت «أنا يساره: إىل لجاره — املازني

غلطتي؟» إىل فطنت أن بعد لها األعتذار أكتم أن يليقتعني؟» من تقول؟ «ماذا املستغرب: بلهجة وقال جدا عينيه جاري ففتح

خلينا ساكت أقف معروف أعمل مازني أستاذ «يا أفندي: رياض صاح وهنانخلص».

20

Page 22: رحلة.إلى.الحجاز

ينبع إىل الطريق يف

أفهم» ال رصت أني أقول الحق أعطلك؟ الذي أنا وهل لغريب! هذا أن «أما فقلت:مني. غائر أفندي رياض أن وإيقنت

التصوير». بعد ما اىل الفهم أجل بأس. «ال ورائي: كان واحد وقالوشعرها الرشيقة جارتي إىل عيني وثنيت يبتسم. فرأيته األمري إىل فنظرتمدهون كانه الشمس ضوء يف ويلمع الوضاء جبينها فوق يفرتق الذي املضفر الوحفوجهها ديباجة وإىل الكحل، يزينهما اللتني الواسعتني عينيها حور وإىل «بالربينتني»تفرت التي املغرية الخفيفة واالبتسامة وجنتيها، يف يرتقرق الذي الشباب وماء الضافية

الرقيقتان. شفتاها عنهاإىل ال إليها ناظرا الصورة يف ظهرت وأظننى عنها، تتحول لم عيني وأحسبوأقبلت بأس، ال فقلت يريد مما فرغ قد كان حتي إليه التفت كدت فما أفندي، رياضحتى قط فمها تفتح وال االبتسام عن تزيد ال وهي االعتذار لها أكرر صاحبتي عىل

الكربى. مفاتنها من أنها يف أشك لم التي أسنانها رؤية إىل شوقا أجن كدتخرساء! أأنت لسان؟ لك «أليس الكالم. إىل أستفزها وقلت فمي إىل وأرشت

األقدار!». لسخر يا مسكينة!تام، ووضوح شديد ببطء قلت ما فأعدت أفهمه. لم شيئا وقالت رأسها فهزتعربية، غري أنها يل فخطر أفهم، لم ولكني وتكلمت، ثانية، رأسها وهزت فضحكتاللحظة هذه يف بي ولحق أخاطبها، لسان بأي وحرت أفغانية أو فارسية لعالها وأنهاونحن تحرض حتى ساعة نصف تعطلنا أخي؟ يا هذا «ما يقول: وهو فجذبني زميلبارد يشء هذا واإليماء. الكالم لك يحلو تحرض أن وبعد املحرقة، الشمس تحت واقفون

وهللا!».«… االعتذار واجب أؤدي كنت فقد ذنبي هذا «ليس فقلت:

ولن الشمس. شوتنا لقد يليق! ال هذا الال.. أخي؟ يا أية «أعتذار قائال: فقاطعنياخري». مرة ننتظرك

جمالها؟» يرعك ألم السيدة؟ هذه تري «أال أذنه: يف وهمست غريه إىل وملت فرتكتهسيدة؟» أي «سيدة؟ فقال:

أعمي!» يا هذه سيدة؟ «أي قلت:اليها. وأرشت

مضيت آخر الضحك لهذا ليس أن رأيت وملا كاألبله، إليه أنظر وأنا يقهقه فانفجررجل». هذا موالنا! يا أيه «سيدة يقول: وهو فيها بي فلحق غرفتي إىل عنه

21

Page 23: رحلة.إلى.الحجاز

الحجاز إىل رحلة

األعمي؟» أنت أم أأنا رجل؟ أنها «رجل؟تقول مغضبا: به وصحت واقفا فانتفضتبضمري الخطاب اليها ووجهت كلمتها «لقد له: قلت وقعدت القهقه، إىل فعاد

رجال»؟ تزعمها فكيف تعرتض فلم املؤنثمنه تفهم لم أنك وأراهن قح، بدوي ألنه كالمك يفهم لم بسيطة. «املسألة قال:

كلمة».أفغانية». حسبتها لقد «صحيح. قلت:

الجواد صهوة يمتطي حني أمرأة حسبته الذي هذا تري «ليتك يقول: وهو فأبتسم مرعبا وحشا أمامك لرأيت أذن وينفشه! املرجل شعره ويرسل القتال إىل ويركضه

حربته». صدره يف يدفن أن قبل بنظرة عدوه يميت«والكحل؟» قلت:سنة». «هذا قال:

عنه. ومضيت بيدي فلوحتالسلم يف يكون القتال، يف الخلق بوعورة املشهور النجدي هذه: جدا عجيبة ظاهرةوالطراوة واللني والدمائة الحاشية رقة من عظيم حظ عىل الحجاز: فيس رأيته كماأن يحسن اللني، من يسيل يكاد الذي الرجل هذا أن تصدق أن عليك ليستحيل حتيكله ذلك يفعل رأيناه وقد رمح، حمل عىل يقوي أو بسيف يرضب أو جوادا يركب

خفناه! أنا أكتم وال عفريت، ألف الجواد ركب فكأنما

22

Page 24: رحلة.إلى.الحجاز

الثاني الفصل

يفجدة

غدا. فيضحك اليوم تعابثه الذي كالرجل بليد — األحمر البحر هو هذا — بليد بحرالكراهة كحسن — ولذتها الفكاهة حسن فإن مشقة، ورفقته متعبة، صحبته والبليدأيام خمسة ظللنا وقد واحد. بثقلها ينوء أو جانب بها ينفرد أن ال تبادلها، يف —— كالسهم بجانبنا تمرق السفن وكانت البحر، ظهر عىل — كالسلحفاة — نسبحنرتاجع أيضا كنا وأحسبنا ونتلكأ نتبطأ ونحن السالحف، نذكر مادمنا كاألرانب أوأن ونسأله يتنبه أن ونناشده ونناجيه موضع كل يف وندغدغه ونمازحه ونداعبه —وأبت يحلفنا لم أو البحر بنا يشعر لم هيهات! ولكن ويتحرك، أوصاله ويشد يتمطيبوجودنا شعر أيام ثالثة بعد ينبع! بارحنا أن بعد إال لوجودنا ينتبه أن البالدة لهاملعدات وأطلت األرجل، مكان يف الرءوس وصارت بعض، فوق بعضنا فانكفأ فتثاءب!وأبرز فينا ما أظهر وأنقلب عليها، نحن ال علينا تقعد الكرايس وذهبت الحلوق منأغتصابها وطول عليها الرؤوس جور من بذلك فانتقمت الهواء يف أقدامنا أعضائنا،

امللحوظة. للمراكز نائما كنت فقد بهم، البحر صنع بما حدثوني ولكنهم هذا من شيئا أنا أر ولميقول: زميل فجاءني زعموا، ما عىل البحر صوت يخفت عال غطيط أيضا يل وكان

اليوم». هائج «البحروأجيء أروح وجعلت التفاتا أوالنا البحر أن ورسني فرحت وقد قائما فانتفضتبقول صوتي وأرفع النوم حجرة يسمونه الذي الضيق الجحر هذا يف أستطيع ما بقدر

الساذج. البدوي ذلك

Page 25: رحلة.إلى.الحجاز

الحجاز إىل رحلة

إل��ي��ه! ح��اج��ت��ي ج��ع��ل��ت ال ج��دا ال��م��راس ص��ع��ب وال��ب��ح��رع��ل��ي��ه؟ ص��ب��رن��ا ع��س��ي ف��م��ا ط��ي��ن؟ ون��ح��ن م��اء، أل��ي��س

اليابسة؟» عىل أشعر فيما زلت ما فاني صاحبي يا متي ولكنبه؟» تشعر «ألم قال:

طاغيا هائجا بالبحر أحلم التحقيق عىل أنا بل — حلمت قد كنت «ربما قلت:أحالمي». يف رأيت ما الصباح يف أنيس أني ياأخي العياء والداء البالء ولكن عنيفا،(وأخرج هكذا تلعب الليل يف الباخرة كانت لقد فارغ! كالم هذا «أوه. فقال:لم فكيف التعاقب عىل طرفيه يرفع وجعل وسطه من به وأمسك جيبه من قلما

ممكن!» غري هذا أن بذلك؟ تشعرالنصف يضيع أن وأخيش التحقيق عىل عمري نصف فاتني لقد «عفوا. قلت:فبينما السفينة. طول عىل متعارضا هكذا نائما كنت ولكني عائدون، ونحن الباقيال أنا كنت تستحق، حيث إىل تهبط ورؤوسكم الهواء يف ترتفع أنتم أقدامكم كانتكنت أني اآلن تذكرت لقد آه! بسيط. بتقلب أو التنفس، حركة من بأكثر أشعر

صحيح!» صحيح. بذراعي. فيه وأخبط املاء يف أسبح بأني أحلمتنبهت وقد وراءه وعدوت برسعة ثيابي فلبست عني. وميض صربا يطق فلمظهرها يسمونه ما أو — السفينة ظهر عىل رصت فلما السوء، غرائز كل نفيس يفال وأنه قبل، من الجو هذا من أبدع أر لم أني يل خطر — قلبها حبة يف كان وأنأفتن الطبيعة يف يشء وأي البحر. يف والجمال الشمس يف التألق هذا بمثل يل عهدالحسن هذا بكل إعجابي عن أعرب أن النفس ونازعتني الوسنان! الجمال منظر منأدر لم ولكني أغني، أن أريد صوتي فرفعت — البحر أعني — واألرض السماء يف

فأقرصت. أقول ماأحدهم من فدنوت الحواجز، بحديد متشبثني رفاقي فأري حويل أنظر وكنتوحدك؟» امليش عىل تقوي ال طفال رددت باهلل كيف القادر! ربي «سبحان وقلت:

تري؟» «أال قال:«ماذا؟» قلت:

كبد يف الشمس إىل سدد سهم كأنها السفينة مقدمة تري أال «ماذا؟ قال:السماء!»

24

Page 26: رحلة.إلى.الحجاز

جدة يف

األسماك يغاطس أن يحاول ذنبها اال أري لست صاحبي. يا «معذرة قلت:لم إذا يطعمنا أين من الربان. من ولكنه البحر من هذا ليس لطعامنا، ليصطادها

ذلك؟» يفعلبنفسه ألقي غريه زميال ولكن نظريتي، به أثبت آخر كالما أقول بأن وهممت

الشاعر. بقول رسي يف وتمثلت منه العاطفة هذه فأكربت ذراعي، بني

ع��ش��را؟» ب��ن��ا ال��م��ط��ي خ��ب إذا ف��ك��ي��ف ل��ي��ل��ة؟ غ��ي��ر ل��ي ي��م��ض ول��م��ا «أش��وق��ا

صباحك! هللا «أسعد وقلت: إليه سكن الذي صدري عن أرفعه وأنا إليه التفت ثمبديع». جو

يتخطر. وذهب بطني!» يا «آه يقول وهو معدته عىل كفه فوضع مرسورا ذراعي بني أتلقاهم الباب امام واقف وأنا معانقتي إىل جميعا واشتاقوا

اآلخر. بعد للواحد وأقول لهم واهشالوقت فإن العجلة إىل داعي ال ولكن نحوي، عواطفك مقدر أني روعك! «هديء

قصيدة». تنظم بأن حتي يسمح طويل أمامكبطني!» يا «آه ويقول: بطنه عىل كفه بضع أن عىل يزيد فال

هذه إىل فطنت قد وكنت — آخوهم تلقيت فلما جوع، عضه بهم أن يل فخطرتقول..». أن تريد كنت لقد سعيد. «نهارك له: قلت — الحقيقة

بطني». يا «آه معدته: عىل وراحته وقال وسبقني قاطعني ولكنهالجوع. عىل الضعيف شخيص إىل شوقهم مظاهر احالة يف مصيب أني فعرفت

«دفني». موجة وأن هائج البحر أن الزمالء أحد تأكيد من الرغم عىل

صباحا، عرشة الحادية كانت الساعة أن ذلك شارفناها، ملا جدة لرؤية نخف ولموحرض إليها، وجلسنا برشي، هذه فقلنا موعده، قبل للغداء املائدة يعد كان والخادمفقد منه، السفينة رست أين ملرفئها نكرتث ولم تبدو كيف جدة نبال فلم الطعامعىل جدة يف نقع أال خفنا كأنما الحاسب» يحسب ال ما «نأكل الصحاف عىل أقبلناوالفراريج (السمك) الشبابيط نلتهم وجعلنا أياما، يكفي ما ندخر فرحنا طعام،أبن قول فينا وصح فيشاركنا، مستقبل وفد يدركنا أن مخافة مضغ بال (الدجاج)

الرومي.

25

Page 27: رحلة.إلى.الحجاز

الحجاز إىل رحلة

دائ��ب ش��ان��ه ف��ي ك��اله��م��ا ده��ره م��ن ك��ال��ع��ص��ري��ن ف��ك��اهض��اغ��ب أرن��ب��ه��ا وت��ارة الح��س ث��ع��ل��ب��ه��ا م��ع��دة ذيص��ال��ب ه��ض��م��ه ح��م��ي ل��ك��ن ن��اف��ض ش��ره ح��م��ي ت��ع��ل��وه

إىل الطبيب صعد فلما العقول). تضيع البطون (وقت العامي املثل فينا وصدقما هللا! شاء «ما فقال: رأسه رفع أحد ير فلم فينا عينه أدار علينا ودخل الباخرة

السالمة!» عىل هلل الحمد هللا! شاء«صحتكن فقال: العمل وأستأنفنا بأيدينا فرددنا فيها بما شغل يف األفواه وكانت

هلل». والحمد طيبةحال». كل عىل هللا نحمد بطالة: «مش

هادئا». كان البحر «لعل فقال:قومه: أنذر أنه الظن واكرب مرسعا، فارتد األرضاس، رصير سوي يسمع فلم

كاسب». لهم ما يتامي «أكلأرجح، كما جاءوا، — وأعيانها جدة شيوخ من كبري وفد الباخرة إىل خف فقديف أرضاسنا ونعمل الراسب، وراء ونغوص الطايف نفرتس كيف بأعينهم لينظرواأن قبل الشأن هذا من وفرغنا مقدمهم. قبل عجلنا ولكنا الذائب، يف ونعب الجامد،ولكن املائدة إىل جلوسا ألفونا إلينا صعدوا فلما الباخرة، سلم عىل رجال يضعواشهدها التي الفارة آثار من أثر علينا يبدو يكن ولم يشء، عليها يكن لم املائدةبهم ورحبنا وأبهة وقار يف الستقبالهم فنهضنا التحقيق، عىل لهم ووصفها الطبيبيجسوننا وهم به، سمعنا الذي واملطر جدة عن ونستخربهم معهم نتحدث وانطلقنالهم. الطبيب رواه فيما وشكوا فانخدعوا هيهات! ولكن ويستدرجوننا، بعيونهم

منذ تمطرهم لم كما وامطرتهم سحاح. هاضب منها جادهم قد السماء وكانتباهلل». «أعوذ فقلت: قولهم. عىل عاما أربعنيوشكرا». هلل حمدا «بل أحدهم: فقال

سمعوا ما هول باملطر الرسور وأنساهم بقدومنا، خريا وتفاءلوا بنا وأستبرشوابعد لنا نفوسهم وتفتحت شحوب بعد وجوههم وأرشقت الطعام، عىل كراتنا عنبني البخارية الزوارق إىل وأنحدرنا لهم. صورنا بما عنا الدكتور يقبضها كاد أنويف محرما نجديا أمريا الزروق يف جاري وكان الصادقة والتاهيل الرتحيب عبارات

26

Page 28: رحلة.إلى.الحجاز

جدة يف

فالن «هذا. فجأة: له فقلت صدغي، من وقربها جريتها إىل راتح فلم بندقية، يمينهعليك». يسلم

أدع ال حتي به ولصقت صاحبي ليصافح يرساه إىل البندقية ينقل أن فأضطركانت. حيث إىل تحويلها يف فكر إذا إليه تعود مكانا

دقائق، ثالث يف لبلغناه «الرصيف» إىل مستقيم خط يف سار الزورق أن ولودقيقة، وعرشين خمس يف املسافة فقطعنا امليناء حول بنا يدور أن أضطر ولكنهوقد كالسيف. الحديد تقطع التي الحادة والشعاب بالصخور مكتظ امليناء مدخل ألنتطهرها أن أمرين احد علمت ما عىل لها فخطر امليناء إصالح يف الحكومة فكرتوأقل ايرس وهذا الصخور فوق بامليناء تربز أن أو التكاليف، باهظ وهذا وتعمقها،اقرتاح أنه عىل إليه ينظرون حد أي إىل أدري وال به سمعت ثالث رأي كلفة.وهناكأسهل ساحلها يكون البحر عىل جديدة مدينة جدة جوار إىل تبنى أن وهو جدى،مدينة اصالح من وتعبأ نفقة وأقل أيرس جديدة مدينة أنشاء فإن الوعور، من وأخيلعن فضال العرص مطالب مقتيض عىل جديد من وأقامتها فشيئا شيئا بهدمها قديمةالشيخ جدة قائمقام الرصيف عىل يستقبلنا وكان مشكل. وحده وهو امليناء أصالحبنا فصعد بعد فيما عليه الكالم وسيأتي األعيان، من ولفيف الزينيل رضا هللا عبدفأعتذر الثاني الزورق قرب ان إىل الرشفة يف معنا وجلس امليناء موظفو فيه بناء إىلاملرصية القنصلية سكرتري أفندي وحقي فيلبي املسرت مع وتركنا أستقباله. إىل وخفسبقنا الذي العجيب املطر هذا إال حديث جميعا لهم يكن ولم األعيان من وفريقليس جرداء صحراء بالدهم فأن العذر، ولهم بالغيث». «جئتم لنا تحيتهم وكانتفال املطر فأما واآلبار، املطر عىل معايشهم يف واعتمادهم واحد، جدول أو نهر فيهاالعناية وكانت كبريا عددها كان فقد اآلبار وأما هللا بيد وأمره عليه. لهم سلطانالحرب أبان يف بالدهم من األنسحاب إىل أضطروا ملا األتراك ولكن شديدة، بهااآلبار أن وعىل منها، بالقليل ليس عدد معالم لخفيت حتى أكثرها خربوا العظمي،الحكومة فكرت هنا ومن وتنشف، تجف ألنها البالد، حاجات تسد ال كثرت مهماجوف من املاء الستنباط الحديثة األالت استخدام ويف األرتوازية اآلبار يف السعوديةيسعها ما خري وهذا ومكة، املدينة يف بالفعل واتخذتها منها عدد واستوردت األرض،

باألصالح. وتعهدها بالعيون العناية مع االن، إىلبيوت يف الناس ينزل وإنما إليها؛ القاصدون فيها ينزل فنادق جدة يف وليسعىل مؤثثة، بغرفة قنع ذلك يسعه ال كان ومن بأرسه، منزال أستاجر شاء فمن األهاىل،

27

Page 29: رحلة.إلى.الحجاز

الحجاز إىل رحلة

الحكومة، عىل ضيوفا فكنا نحن أما طبيعية. فروق مع مرص يف «البنسيون» مثالفقسمونا علينا تزاحموا األعيان ولكن واحد بيت يف جميعا ينزاونا أن العزم وكانتجارها وكبار جدة وجوه من وهو نصيف محمد الشيخ بيت يف واحدة فرق: ثالثعىل ينزل داره ويف الحجاز، يف مثيالتها أكرب هي خاصة مكتبة وله مرصي وأصلهالشيخ بيت يف الثانية والفرقة جده، يف يكون حني عبدالعزيز امللك جاللة سمعنا ماحظي حسن من كان ستة والباقون والوجاهة، الفضل اهل من كأسمه وهو الفضل،إىل نزح األصل سوري شاب وهو العويني، أفندي حسني دار يف نزلوا أحدهم، أني

كالم. عليه وسيجيء ربيحة، واسعة بتجارة فيها واشتغل قومية ألسباب جدةوركبنا فنهضنا القائمقام، بيت إىل لنا: قيل حتي بيوتنا يف نستقر نكد ولمنخوض وأقول جدة، شوارع بها نخوض وذهبنا لنا، أفردت التي الخاصة السياراتوالزوارق القوارب إىل احوج وأننا البندقية يف أني إىل خيل فقد أوقل، ما أعني واناالنصف. إىل املاء يف تغوص العجالت وكانت السيارات. إىل منا — الجوندوال أو —من عرشة الثانية يتجاوز ال صبي السيارة سائق فإذا نظرت حني عجبت ما ولشديصعد أن يحاول أو الحوانيت بنا يدخل أو األوحال يف يقلبنا أن فخفت عمره.فيجنب املاء تحت الطريق يري كأنه وكان حاذقا كان ولكنه بالسيارة. الحائطفال جسمه، لصغر لنا ظاهرا يكن لم رأسه أن عىل هذا يرجنا. أن ويتقي الحفريحتاج فليس قلب ظهر عن حفظه قد به وكأني الطريق، يبرص كان كيف ادريفلم واملهابط، األوحال من والروغان املاء محاوره يف بارعا وكان بعينه. ينظر أن

مكة؟» إىل الطريق تعرف «هل أسأله: أن إال يسعنيهللا!» شاء أن تذهبون متي نعم. «أي فقال:

وحدثتني لسانة وذالقة بمهارته اعجابا قلبي ورقص أيضا!» «وفصيح قلت:مرص، بهم وأعود حقيبتي يف أخفيهم امثاله من أربعة أو ثالثة اخطف أن النفس

ونشاطهم. وخفتهم براعتهم مثل رأيت فماالخارج من البيت يف عيني أدبر وتلكأت داره. باب عىل القائمقام واستقبلناأربي أو التسعني بلغ شيخ وهو السلم، بي يصعد وميض ذراعي وتناول إىل فأرتدنفيس أرفع وانا الساللم عىل يثب كان ذلك ومع األربعني، أبلغ لم شاب وأنا عليها،عالية الدرجات ألن شاق، عمل الحجازية البيوت يف السلم وصعود واضح؛ بجهدأنفي، إىل — قليال أقل أو طويل وبعضها وأضيق، بعض من اعىل والبعض جدا،

28

Page 30: رحلة.إلى.الحجاز

جدة يف

نجحت لقد االستقبال: حجرة حيث الثالث الدور بلغنا أن بعد ألهث وأنا قلت وقدتلك إىل أدري أكن ولم األوملبية. األلعاب يف أشرتك أن اآلن وسعي ففي الصعود، يفإذا النازل وأن للساللم. يؤثرونه الذي األرتفاع هذا بفضل أشق الهبوط أن الساعةطريقة آمن أن بالتجربة وجدت وقد عليها مدحرجا يهبطها أن خليق يحذر لم

والرجلني. اليدين عىل الزحف هي للصعوديف صاعدا تكون فقد الساللم، وتعدد الواحد، للبيت األبواب كثرة وأستغربتأيهما تدري فال ناحية يف منهما كل يذهب سلمان أمامك وإذا وحفظه، هللا وديعةالرجال، حجرات إىل يؤدي سلما أن األمر أول يف يل وخطر ذاك؟ أو هذا تأخذ:الساللم من األكثار أن أيضا يل خطر ولكن السيدات، مساكن إىل يفيض اآلخر وانكان أيام األطمئنان، وعدم القلق أيام من اثرا يكون قد املحرية، واألبواب املضلةبهم رس ىف آمنون وهم املعتدون عليهم ويكر غرة، عىل دورهم يف يهاجمون الناسأن لهم ليتسني املحري الطراز هذا األصل يف أتروا قد الناس يكون أن يبعد فالالخاطر لعل أو عدو، الدار عليهم أقتحم إذا مهربا أو مخرجا ولذويهم لهم يجدواالدار فإن ذلك من يكن ومهما يدري، من وجدت وال أدري فما األصح هو األولمن لهذا والبد وتتعدد تتشعب ثم واحدة تبتدئ وهي الحقيقة، عىل داران هناكإال املرهق الحد هذا إىل درجاتها ألرتفاع حكمة فال الساللم أما عىل. خفيت حكمةأذ إىل، يخيل كان ما أكثر وما ثانية. مرة مكابدتها يف التزهيد حكمة تكون أنيل خطر حتي عليه، صعدنا الذي غري سلم من نهبط أننا البيوت، أحد من تنزل

باليقني. الشك وقطع للتثبت الجدران عىل عالمات بالقلم أرسم أنبينها تفاوت مع رأيناها التي الدور من لغريه حسن أنموذج القائمقام وبيتالقديمة البني مرص يف يشبهه كما وأقرب عتيق، رشقي جميعا وطرازها السعة، يفوتغلق تفتح بوابة وللبيت والخرنفش الجمالية مثل من الصميمة الوطنية أحيائنا يفثم «الخوخة» مرص يف يسمونه صغري باب وفيها — تفتح مما أكثر وتغلق —وحجر ثالثا، أو أثنتني تكون أن يغلب طبقات ثم لك، وصفناه الذي فالسلم الفناءطبقة يف يجتمعان وقد تحتها، التي يف املائدة وغرف العليا، الطبقة يف االستقبالالبذخ ذلك فيه ليس سليم، فيه والذوق فاخر واألثاث للنوم، األخري فتفرد واحدةالنفس تقبض التي الكزازة تلك وال «باإلعالن» أشبه هو والذي الخيالء عن ينم الذييدخل ما كل لك ويبدل يكرمك فهو سواه ككرم ليس العربي وكرم القلب. وتصد

29

Page 31: رحلة.إلى.الحجاز

الحجاز إىل رحلة

السكون فرط من سواه، هذا يصنع الذي كان ثم مقدوره، يف ما فوق، بل طوقه يفبيت فأحسبه األمر، عىل يختلط بيتا دخلت كلما كنت وقد التظاهر، وقلة والوداعةعليك يثقل ال مضيفك أن ذلك عنده، مدعوون أننا أعرف الذي غري آخر رجليف تستقر تكاد وال وجوده؛ يؤكد أو نفسه يربز وال بتحيتك ينفرد وال بالحفاوةحريتك وبأن القيود وبانتفاء الكلفة بعدم الشعور نفسك يف يشيع حتي مجلسكسنه عىل القائمقام وكان محدودة، غري نفسك، تشتهي وفيما وجلستك حديثك يففيها يصنع أو ليصلحها حيالها ويجتو «الشيشة» إىل يخف وأبهته وسمته وتقدمهذلك عن ليصده ينهض بأن بهم منا الواحد وكان هواتها، من فلست أدري ماالالحركة. عن ويغلنا بنا يقعد كان عينيه يف شيئا ولكن الخدمة، هذه عن له تنزيهاوالحب الشامل وبالعطف النفس وأريحية الخيم بطيب ناطقا وجها حياتي يف أر ولمأول بعد بيته من أنرصفنا وقد الرجل، هذا كوجه العالم عىل يفيض أن يريد الذيالقلوب أن فيلبي. املسرت لنا قال فلما بذكره، ولهجنا به وشغفنا عشقناه وقد زيارةقبل. من هذا نعرف كنا فكأننا نستغرب لم واحرتامه الرجل هذا حب عىل مجمعةىف أقره سعود ابن جاء فلما املعزولني، عىل وابنه الحسني عهد يف قائمقام كان وقدوال لهما معني ال اللذين والتغيري للتبديل منه كراهة غريه كثريين أقر كما منصبهوسجاحة دماثته القائمقام من املرء يروع ما كل وليس الهوي، سوي اليهما دافعألي بل العالية سنة مثل يف كان ملن ال عجيب، يشء وحيويته نشاطة فإن خلقة،وسياساتها؛ األمم بأخبار محيط الدارية واسع هذا إىل هو ثم سن، أي يف أنسانالصمم، من قليل وقارا يزيده املحرض، حلو الحديث لطيف ومساعيها بنياتها عارف

الغضب. ثائر وهو أراه ألن أشوقني فما براقة، وعينه ضاحكة أبدا وسنهاذا». األويل الساعة «حسن. فقيل عشاء قلبناه ولكنا غداء أعدلنا قد وكان

جوعا». هنا «سنموت وقلت: جاري إىل فملتملاذا؟» «كيف؟ الفزع: بلهجة فقال

الظهر بعد األويل الساعة يف اآلن نحن األويل. الساعة العشاء تسمع؟ «ألم قلت:يف ولسنا صيام هذا أخري. مرة نأكل حتي أكثر أو ساعة عرشة أثنتي فسننتظر

محتج». وأنا رمضانبساعة». املغرب بعد أي الرشقي بالحساب األويل الساعة أنها مهال؟ «مهال قال:فسألته الرشقي، الحساب عىل نجربها وأن ساعاتنا نصلح أن واحد فأقرتح

نفعل؟ كيف

30

Page 32: رحلة.إلى.الحجاز

جدة يف

يفعلون هكذا شتاء. أو صيفا — السادسة الساعة تغيب الشمس أن «تعترب قال:فاجر هذا وعىل السنة مدار عىل تغيري بال (أفرنجية) السادسة الساعة املغيب هنا.

حسابك».كما السادسة الساعة يف ال تشاء، الذي الوقت يف تغرب الشمس األن فحرتالخامسة بني فيما تغيب أن تستحسن هناك ونحن وكانت الحجاز، أهل يريدهاأتكون أصنع؟ ماذا أدر فلم السابعة إىل أحيانا تتلكأ الصيف يف وهي والسادسة،ثم طالعة؟ تزال ال أنها — الحجاز لساعات مجاراة — انا واقول غاربة الشمسعقدة. كانت هذه أن الحق لعيني؟ يبدو كما والوقت الساعة رقم بني أرفق كيففيها، بالدنا ونحيي واجبنا ونؤدي القنصلية، نزور قلنا بيوتنا يف رصنا وملامن بعيدة القنصلية «هل العويني أفندي حسني فسألنا ينهمر. عاد قد املطر وكان

هنا؟»أوحال. والطريق شديد املطر ولكن ولكن بعيدة ليست (ممطوطة) «ال.. قال:لتقلنا السيارات ليدعو — أحيانا يسمونه كما الهاتف أو — التليفون إىل وقامالجرس تدق أن عليك بل بها تتميز أرقام للهواتف أو للتليفونات وليس القنصلية إىلبينك ما يصل أن منه فتطلب — السنرتال عندنا يقابل وهو — «املركز» فيجيبكالعامل عليك ويبطيء تشاء كما — عيادته أو مكتبه أو دكانه أو بيته يف فالن وبنيتعرف أنك ذلك معروفا» واصنع فالن بيت أعطني جري؟ ماذا فالن «يا فتناديهالتليفون أسالك أفسد قد املطر وكان يعرفك، كما — عاملته ال — التليفون عاملكاملة ساعة — الكالم يعالج ساعة العويني أفندي حسني فوقف املخابرات، وعطل

األسرتاحة. أو الجلوس يف لحظة يفكر أن غري ومن ضجر أو ملل بالبالسائقني. افندي حسني وصاح وركبناها السيارات فجاءت بخادمة بعث واخريا

املرصية». القنصلية «إىلووقفت. أمتارا جرت ثم البيت، امام وتحولت السيارات فدارت

تفضلوا!» «أنزلوا! وقيل.تلف»؟ أو عطب السيارات أصاب هل «ماذا؟ قلت.

وصلنا!» «بل قالوا:سوي ألي، بعد إليها ركبنا التي والقنصلية البيت بني كان فما نعم. وصلنا؟

أمتار! عرشة

31

Page 33: رحلة.إلى.الحجاز

الحجاز إىل رحلة

العشاء إىل فأنهضوا «االن (أفرنجي) والنصف السادسة الساعة صارت ملا وقلتالقائمقام». بيت يف

ولكنها قلت، دقائقها األويل الساعة تستوف ولم فسيحا الوقت يزال ال بل فقيل.تماما. ساعة منذ الشمس غربت وقد فعلت

ساعة. نصف منذ اال تغرب لم كال قالوا.يجري والتي ليل او بنهار تعبأ ال التي الحجاز ولساعات هلل أمري فأسلمت

ساعاتنا. وجوه عىل بالدنا يف يجري ال ما وجهها عىل الزمنآخر ال هذا فإن دخلتها دار او حرضتها وليمة كل أصف أن نيتي يف وليستغدينا وربما ثالث، يف والعشاء بيت يف الشاي ونتناول بيت يف نتغذي كنا فقد له،الكثري عىل يدل الذي القليل ساذكر ولكني بالعكس. أو مكة، يف وتعشينا جدة يفيعرفون الحجاز اهل ان يصدقون ال املرصيني من فريقا أن سمعت فقد عنه. وينبئآسيا مجاهل من مجهال ليس الحجاز أن أقول: فهؤالء الحديثة الطريقة عىل األكلوانه وادانيها األرض اقايص من املسلمون يحج وإليه االسالم وطن وأنه أفريقيا، اوالتهذيب، دون يحول وال األناقة يمنع ال والفقر فقرية، انها سوي متحرضة بالدالبحر عىل ألنه الحجاز، أن املرء يتصور أن صاحبه يرشف ال الذي الغرور ومناملالهي، وطالب املراقص وبغاة منا للمرتفني مشتي أو مصيفا ليس والنه األحمرفنادق الحجاز يف وليس األوىل. الفطرة وعىل مستوحشا يكون أن ذلك أجل من يجبالخيام وتحت الصحراء قلب يف حتى مكان كل يف دعينا ولكنا عامة، مطاعم أوأو العني عليه تقع أن يندر ما اآلكال من عليها الغربية الطريقة عىل موائد إىل —

املتحرضة. مرص يف حتى اللسان يذوقه

أحذق األقل عىل معنا وكانوا معينا، ترتيبا املوائد إىل الجلوس يف يراعون ال وهمال حتى يشاء، حيث يجلس شاء من فكان ترتيبا، يتوخوا أن من مجاملة وأدقال الحجاز يف والقوم بإيثار مختص أو دونه مقرب أو عليه مفضل غريه ان يشعروالثانية العارشة الساعة حواىل مرة ساعة: والعرشين األربع يف مرتني سوي يأكلونالتخفيف، هذا اقتيض الذي هو البالد جو أن وأحسب الخامسة. أو الرابعة حواىلمألوفنا. عىل وجروا مألوفهم وغريوا أجلنا. من مرص يف عاداتنا مثل توخوا ولكنهمالعربي األسلوبني بني يجمع وذوق حسنة صنعة فيها تناولناها التي واألطعمةقد أنك فتحسب حلو طعام الوان بضعة بعد لك يقدم أن يحدث وقد والرتكي.

32

Page 34: رحلة.إلى.الحجاز

جدة يف

بهم واذا لها آخر ال عدة بألوان املعدة كظ من فرارا ذلك ويرسك النهاية قاربتهنا يجري كان ما نحو عىل ذلك إىل وما والخرض اللحوم إىل يكرون الحلوى بعد

القديمة. الرتكية الطريقة عىل األعراش يف مرص يفأن فأقول فيها. البلدية وعمل جدة حالة تصور عىل القارئ اعني ان وأحباملطر أصارها وقد الجملة، عىل نظيفة ولكنها مرص يف هي كما مرصوفة غري الطرقواحد الصهاريج هذه بني ومن كلها، الثغر صهاريج مأل مطر وهو وبحريات، بركا«القربة» أن أعتربت فإذا «صفيحة» ألف وأربعون مائتان — بحسابهم — سعتهالذي املاء أن يل قيل وقد قربة، ألف ستني الصهريج سعة كانت «صفائح» أربع تعادلليتسني لسعتها ومثلت الصهاريج ذكرت وإنما الحج، موسم يكفي الصهاريج يفسقف وقوض بيوتا هدم فقد صنع، وما املطر عن فكرة لنفسه يكون أن للقارئوقد ضعيفة، هناك والبني سقفه من املاء يقطر لم بيت يبق ولم األسواق، بعضينزحون البلدية عمال فأنطلق املطر أنقطع وقد فأصبحنا جدة يف األويل الليلة قضيناانهم واحسبه مأمونة. نظيفة الطرق عادت العرص جاء فلما األوحال، ويجرفونه املاء

حال. كل عىل نشاط ولكنه اجلنا، من الهمة ضاعفوا

الناس يضايقون ال كانوا وان لهم ما يكتمون وال الفقر يدعون ال هناك واألغنياءواأللسنة رصيحة واألحاديث والرشق. الغرب مع رابحة سوقها والتجارة البذخ بمظاهرالسابق العهد يف علمت ما عىل الناس كان وقد االطمئنان، عىل داللة هذا ويف طليقة،الذي األقرتاض أو األبتزاز من خوفا الحال ورقة باملرتبة ويتظاهرون أموالهم يخفونالحكومة أن األصدقاء: بعض يل فيقول االن أما واملصادرة، األغتصاب حكم يف هوجاء إذا حتي األعيان من فتقرتض املال إىل فتحتاج خزائنها تقفز قد العام آخر يف

ربا. بال أقرضوها ما اليهم ردت الحج موسمكان انه حدثنا شاب وهو السيارة سائق — مكة إىل طريقنا يف — سألنا وقدجوابه فكان العهدين بني الفرق عن الحسني، جيش يف املوسيقية الفرقة أفراد أحدإىل يده يمد أو يرسق ان يجرؤ احد من ما وانه حال احسن عىل مستتب األمن أن

الطريق. يف يشءخري». العهدين «وأي له: فقلنا

ورجال». دولة زمان «لكل فقال:يعني. عما سؤاله عن ذلك عىل والتعليق بالشعر بتمثله الرسور فرصفنا

33

Page 35: رحلة.إلى.الحجاز
Page 36: رحلة.إلى.الحجاز

الثالث الفصل

ومكة بنيجدة

أسلم أن إال واحد، يوم بعد يسعني، لم حقيقة هذه دائرة. — جدة يف — األرضأدري فما كرية، أو — أيضا كروية هناك األرض تكون وقد بصحتها. وأقطع بهايف سيما وال املواضع بعض يف كرية أو كروية هي بل — عليه غبار ال الذي أيهماعىل دائرة ولكنها عليها، تدور ال كانت وان خيالية ال حقيقية محاور ولها الشوارعإىل فطنت ما ارسع وما كلها، األقل عىل كرويتها، يف شك هناك كان إذا التحقيق؛الخارجية، وزارة يف الشاي إىل مدعوين كنا فقد الخاصة الجغرافية الحقيقة هذهفإذا التليفون إىل البرص فرددت السيارات، أر فلم النافذة من أرشفت املوعد دنا فلماالحجاز يف والتليفون حارضا، يكن لم الدار صاحب ولكن مكانه، يف يزال ال هوبها، لإلحاطة الوقت يتسع لم معارف إىل ويحتاج تنقصنا، كانت مهارة يتطلبالهمج بعض يتوهمنا لئال معونته أطلب أن أستحييت ولكني قريبا الخادم وكانيجبني فلم مرة، الجرس ودققت التليفون إىل ومضيت العون هللا فسألت أفريقيا منلنفيس أقول يائس، وأنا «الشنكل» فهززت مخلوق، بي يعبا فلم ثانية فدققته أحد،مرات، والهز الدق وعاودت «للشنكل» يكرتث أال به اوىل الجرس يحفل ال من أن

جانبه. إىل وجلست السماعة وضعت ثمله!» دق سكت؟ «لم الحارضين: أحد ىل فقال

املغرب؟» إىل أدق «أأظل قلت:وناده!» الجرس دق ياسيدي. «ال قال:

أخانا! «يا وأقول: أدقه الجرس إىل وعدت اخري مرة ونهضت هذا فراقنيرأيس!» وتاج عيني ونور سيدي يا ياحبيبي!

Page 37: رحلة.إلى.الحجاز

الحجاز إىل رحلة

أفهم. لها لعله بالعامية أخاطبه فقلت اللغة، من الصحيح الفصيح يعجبه فلمأخي يا رد قلبي. ووجعت حيس نبحت جوه! ياليل انت! شيخ يا أنت أخينا! «يا

يقطعك!» هللا بقا،ناده «الالال. صاحبي: فقال أخري مرة بالعقود وهممت الرقية، هذه تنفع فلم

أخي!». يا باسمهاسم يعرف أن جده إىل يأتي الذي املرصي يف مفروض وهل «حسن. قلت:من يل خطر بما أصيح وجعلت البوق عىل فمي ووضعت بأس!» ال التليفون؟ عامل

الصحيح. يوافق منها واحدا لعل األسماءأعجمي) أنه (لزمالئي معاوية. يا ياعيل. ياعثمان. ياعمر. بكر. ياأبو محمد. «ياأسم يحرضه من فيكم (هل هللا! قبحك أنطق ياشرتبه. ازدشري. يا خان. يانارص

بطليموس..». يا بأس) ال محفوظي؟ اللعني هذا أطار فقد آخريا مركز.. «يا يقول: ووقف مني السماعة وأنتزع صاحبي قاطعني وهنا

مركز..».أسمه؟» هذا «هل فسألته:

القناعة. نعم القناعة. اعطني مركز. يا لك. «أجول يقول: وميض بي يعبأ فلمللسيارات. القناعة برشكة فوصله رجاء»

أحوجني التليفون آلة أمام بذلته الذي العقيم الجهد ألن سيارة، أركب لم ولكنيوخرجنا أثنان فواقفني منا. قريبة فهي الخارجية إىل أتميش فقلت الرياضة إىلشاهد ما لبعض بعضنا ويصف يميل، حيث الطريق مع فميل هللا بركة عىل ورسناونعود ندور أننا إىل وخيل علينا األمر وطال نفسه، يف ذلك وقع كان وماذا اآلن إىل«هل له: فقلت فتي لقينا حتى فأنتظرت لنهتدي أسأل أن يل فخطر كنا، حيث إىل

الخارجية؟» وزارة عىل تدلنا أن لكتقول؟» «أيش وقال: وجهي يف فحملق

.«… الوزير املعاىل صاحب حرضة فيها التي الخارجية «وزارة قلت:فني؟» أنت أخي «يا وقال: الزميلني أحد فجذبني

صاحبي. يا يل قل فضلك. من أنت «أسكت فقلت: عنادي وأستثار ذلك فغاظنيالطريق». ىل صف

لصاحبي: فقلت بيده وأشار أطلبه الذي الوصف أنه قدرت مغمغما كالهما فقالالطريق». منه عرفت لقد بنا. «هيا

36

Page 38: رحلة.إلى.الحجاز

ومكة جدة بني

لك؟» قال ماذا «ولكن الرفيقني: أحد فقالمراده». فهمت أني ويكفيك يهم. ال يل قاله ما «أن قلت:

رأيت وقد دائرة. يف نسري أننا الواقع فإن ذلك. من يقني عىل «ليتني فقال:األقل». عىل مرات أربع املسجد هذا

لم كان وان هنا، يمثلها التي بالده يرشف وال يليق ال كذب هذا أن له فأكدتأردت إذا الشارع هذا إىل الرجوع اجتناب من البد وصار قال. فيما الحقيقة يعدوإذا قبل من فيه نرضب لم جديد طريق إىل بهما فملت صاحبي. بي يشمت ال أن

املسجد. إىل نعود دقائق ثالث بعد بنااملسجد هو هذا أليس اآلن؟ قولك «ما املنتقم: الشامت بلهجة صاحبي فقال

ساعة». ثلث يف أراه مرة خامس هذه بعينه؟متشابهة. جميعها وهي البالد هذه يف املساجد من أكثر ليس أنه «محال. قلت:الطريق عن فسألته ذك بعد صادفنا رجل أول إىل وعمدت املغالطة بهذه وأسكتهفلن الخارجية» «وزارة تقول دمت «ما صاحبي: بي فصاح الخارجية، وزارة إىل

مرص». يف ال الحجاز يف أنت ياأخي أحد. كالمك يفهمفنميض بأيديهم يشريون وأخريا عنا يفهمون ال والناس نسأل ظللنا وهكذا

بدأنا. حيث إىل ولكنأسلفت وقد ناحية. كل يف دائرة هنا األرض أن أوالهما بحقيقيتني: فأقتنعتحيث إىل يسري أن طريق عن الناس يسأل من عىل أن والثانية ذلك: يف القول

يشريون.أمام واقفون ونحن عنها الناس نسأل وكنا بالخارجية مررنا أننا واملدهشترشنا أن فخفنا مقبلة كانت سيارة األن أفريزها، عىل كنا مرة آخر ويف بابها!بعض منها وينزل تقف بها وإذا ذلك لنتقي األفريز فوق فصعدنا بالوحل عجالتها

زمالئنا.أدري ال أو دارها أو الخارجية وزارة نافذة من املائل، بيزا» «برج رأيت وقدوكنت صغرية، موائد عىل وجماعات جماعات الشاي نتناول وكنا هناك. يسمونها ماذأن أتوقع وأنا إليها النظر فأطلت جدا، مائلة مأذنة فإذا فنظرت النافذة من قريبا

يروقك؟» «ماذا جاري: يل فقال تنقض،أن يمنعها ماذا أدري وال عجيب. أمرها أن املائلة؟ املأذنة هذه تري «أال قلت:

تزعجنا». أن تريد ال لعلها تسقط؟

37

Page 39: رحلة.إلى.الحجاز

الحجاز إىل رحلة

واحدا فسألنا شديدا، أنحرافها كان فقد ذلك، حقه ومن وعجب، جاري فنظريف املباني بأن وأعتذر يقنع، ال كالما وقال وتنحنح فأبتسم عنها الحجاز أهل منال والجمال املتانة أن له فبينا مرص، كمباني جميلة حسنة أو متينة ليست الحجازالهواء يف ذاهبة تظل أن يمكن ال املأذنة هذه أن املسألة وأن قيمة، وال لهما شأنوال معجزة فتلك قائمة ستبقي ذلك مع كانت فإذا القاعدة، خارج مسقطها ألنعليه. بها يدل أن بل املائل بيزا برج بها يباهي أن حينئذ الحجاز حق ومن شك،ال مستقيمة هي فإذا املأذنة إىل عيني رفعت أخري مرة الطريق يف رصنا وملامائلة، النافذة من تبدو هي فإذا الخارجية إىل أعدو رجعت أنحراف، وال فيها ميلالنظر يلفت شيئا أر فلم الخارجية بناء يف النظر واجلت الشارع إىل فانحدرتاللغز. حللت رأيس يطري كاد حتى وخايلتني املأذنة حاورتني أن بعد وأخريا فحرت،بدت فيها جلسنا فإذا مائلة، فأرضها األرتفاع متساوية غري الغرف جدران أن ذلك

منحرفة. األشياء لنا

الخري قديم سور ولجدة جدة، وراء فيما الشاطئ أمتداد عىل نتنزه يوما وخرجناللدخول كبري باب — السور يف — هناك وكان الحماية، به املراد كان إذا فيهالحكومة جاءت فلما املدينة، أو مكة إىل الطريقني أحد املرء يأخذ ومنه والخروج،للدخول واحدة كبريتني: بوابتني ففتحت يكفي، ال واحدا بابا أن رأت السعوديةبينهما، الحركة ويرقب والغادي الرائح يسأل مخفرا بينهما وأقامت للخروج، والثانيةالسعودية الحكومة أدخلت الذي التنظيم بعض ولكنه الذكر، يستحق ال تافه واألمرشواهد كله ذلك من ويتخذون أمثاله إىل هذا يضيفون هناك وهم الناس، به وارتاح

املستطاع. بقدر األصالح، نحو النية أتجاه عىلوالبعض الشعر، من بعضها بيوتا جدة من ساعة نصف مسافة عىل ورأينامن كذلك وسقوفها الغاز، صفائح جوانب من — التسمية صحت أن — جدرانهوالجمال، الغنم البيوت هذه وخالل اللبن، من البيوت وبعض الصفائح، هذه أو الخيشوقد والصفائح. الشعر عىل وأبقي املبنية البيوت هدم املطر ولكن الكالب، وحولهاالعربي للشعر رصت أني فيها أحدق وأنا إىل وخيل املتقوفة البيوت هذه نتأمل وقفنايالزمني ظل أحساس وهو الدوارس، الطاول ما بعيني رأيت أن بعد فهما، أحسنأو الكثبان وأو واألودية السهول أو الجبال من منظرا رأيت فكلما الحجاز يف وأنا

38

Page 40: رحلة.إلى.الحجاز

ومكة جدة بني

أشعارهم، يف لحياتهم العرب تطوير بصدق شعورا زدت الخيام، أو الدور أو املراعيواألسفار الطلول وصف يف لجاجتهم من وأستثقله أمله كنت مما شيئا أستغرب ولمعندي جديد معني إليه وما لهذا وصار وتقديمه، وإيثاره بذلك والولع والرواحلأتخطي — مولدين أو قدماء — العرب شعر أطلع حني كنت وقد نفيس، إىل ومساغيف قيمتها لها صورة يل تنقل أراها وال متعة فيها أجد ال كنت إذ األوصاف هذهوتفيض فيه تدب الحياة فأري أطيقه ال كنت الذي الشعر هذا إىل أعود فاآلن نظري،عىل يقولون الذين املحدثني أو املولدين من املقلدين القدماء شعر اعني وأنما منه،

واملحاكاة. السماعاللالسلكي ومركز رحيبة، واسعة للجنود ثكنة جدة رشق الواقع السهل ويفولكن غريب، شئ منه فما املرء، يستوقف ما كله هذا يف وليس للطيارات. وحظريةالناس وكان بالحديد، بابه سد مسور رحيب فضاء الثكنة من مقربة عىل أيضا هناكهدمه وقد حواء، قرب هناك املشهور عىل فيه ألن حاجني، بل زائرين إليه يفدونبعض وحدثني يزوروه. أن الناس ومنعوا شيئا، قبابه من يبقوا ولم السعوديونقباب عدة هناك كانت وأنه قدما، أربعون القرب أطول أن تقويضه قبل شهدوه منحواء أمنا أن السائد األعتقاد وكان جسمها، آخر إىل وصدرها رأسها علال صغريةكانت فقد هذا، صح فإذا وعرضا، طوال به وذهبوا قربها مدوا ولهذا الطول، بهذاكلها األنايس هذه أم تكون وأن الخالئق هذه كل تلد أن عجب وال مهولة، إذا أمناوأهول، أفحل كان أنه شك ال أدم؟ كان كيف يدري من فليت والغرب الرشق يفأذن العربة فليست الجنة. من وأخرجتهما الحية خدعتهما وعرضهما طولهما ومع

قامتي! قرص عن يل عزاء هذا ويف بالطول!الراحتني، عىل يقوم هما شيخا وال متجوال بائعا وال أمرأة الحجاز يف أر ولمال مرص يف فنحن عليها، املرضوب الحجاب أستغرب فلم املرأة فأما ميت، جنازة والحاجة فال املتجولون الباعة وأما األبواب. عليها ويوصد املرأة يحجب من منا يزاليزال وال املدينة فيها تفش ولم أطرافها تتباعد لم صغرية مدينة يف اليهم بأحدألني كسيحا أو سطيحا أو مقعدا أر لم ولعيل متباطئا. متمهال فيها يدور الزمنأبواب وعىل الطرقات يف يرون ال حال كل عىل ولكنهم يكونون، حيث أبغهم لمتقع فال الحجاز يف أيام ستة أقيض أن أستغربت ولكني الشوارع. وأفاريز املساجدوال اآلجلة، عليها وأثر العاجلة هذه مل أحدا أن أسمع وال ميت جنازة عىل عيني

39

Page 41: رحلة.إلى.الحجاز

الحجاز إىل رحلة

حني عىل بالقع، وهي الدنيا إليهم ويحبب بالبقاء هناك الناس يغري ماذا أدريوأنهاره وولدانه وحوره وقصوره الفردوس إىل عني طرفة يف ينتقلوا أن يستطيعونيل وربت الرجل فضحك ذلك عن أسأل أن أضطرت ولقد وخمر! وعسل لبن منتموتون أنتم هل «أصدقني. وسألته: به تعلقت ولكني عني، ينرصف أن وهم كتفي

رسكم؟» يفتعني؟» ماذا رسنا؟ «يف قال:

تموتون». ال أو تموتون أنكم «أعني قلت:حق». املوت أن نموت؟ ال «كيف قال:

هنا». حقا أراه «لست قلت:رجل؟» يا العظيم. هللا «أستغفر قال:

تموتون؟» ال ملاذا ولكن مرة. ألف هللا «أستغفر قلت:الحياة؟» لنا تكره «هل مبتسما: فقال

علينا حقا املوت يكون ملاذا دونكم نموت أن أكره ولكني لكم، أكرهها «ال قلت:وحدنا؟»

الذي الطبيب ذلك حتى ليقنعني، فقط، واحد ولو منهم يموت أن أبوا وقدالتدليل سبيل يف أو لخاطرنا أكراما ولو نفسه عليه تهن لم بمصليه، يقتلني كانكان حق. املوت أن القائلة — فقط نظرية الحجاز يف فهي — النظرية صحة عىل

يموت. وال يميت أن الطبيب وظيفة

قطعته — ومكة جدة بني الطريق قطعت عصاي بأن دائما الحجاز وسيذكرنيووقفتهم الجانبني، من الناس وردت ثانية، وال بل دقيقة تنقص ال كاملة ساعةآخر طريق يف يرضب أن شاء من أال أقدامهم عىل متقابلني الناحيتني من صفني

جديد. نهج عىل ويسريالقناعة رشكة صاحب الطويل، الشيخ عند تفدينا الثالث اليوم يف أنا ذلك ورشحوفري مال صاحب وكان للجمارك، مديرا الحسني امللك عهد عىل كان وقد للسيارات،ومجئ عىل وابنه الحسني حكم أنقراض إال ينقذه فلم منه، األقرتاض عليه فأتيعىل فوقف وعاد بالسيارات فأتجر التجارة. وحرية والطمأنينة باألمن السعودي العهدواأللوان طال األكل ولكن مبارشة، الغداء بعد مكة إىل نركب أن املقرر وكان رجليه.

40

Page 42: رحلة.إلى.الحجاز

ومكة جدة بني

متلفتني أسفني املائدة عن قمنا وأخريا يشء، كل عن وذهلنا مكة فنسينا تعددت— ولففناها أجسامنا عىل ما كل ونضونا ثيابنا فخلعنا بيوتنا ىل وذهبنا متلكئني،خلعنا أقدامنا حتي مخطية، غري — كالبشاكري — مشامل يف — أجسامنا أعنييف تدخل الجلد من سيور سبعة لها نعال وهي السباعيات، منها واعتضنا أحذيتهاثيابنا جمعنا ثم طرابيشنا، ورمينا املفاصل، حول البعض ويلتف الصابع بعضها

هللا. عىل وتوكلنا الحقائب يففخمة كانت أنها أدريه الذي وإنما هي، طراز أي من أدري ال سيارة وركبناوبقوة هللا بركة عىل رس للسائق وقلنا ذاك، يومنا يف أال تخرج لم وأنها وجديدة،امللك جاللة قرص يف األمري سمو عند سنتعيش أننا وأعلم هللا، خلقه الذي البنزينللطواف يكفي بوقت العشاء هذا موعد قبل مكة تبلغنا أن عليك وأن هللا، بأذن

الثياب. أرتداء ثم والسعيتتلف». لئال بها أرسع أن رسعي يف وليس جديدة السيارة أن معنا. «هللا فقال:

أرجاؤه». يمكن ال األمري موعد فإن «فلتتلف. فقلنا:خمسني برسعة وميض أطلقها حتى ونداوره ونحاوره عليه نلح به زلنا ومايقف ثم يطل به وإذا الثانية نبغي ومضينا الطريق يف محطة أول وجزنا كيلو.

أنزلوا». «حريق. ويقول: إلينا ويلتفتبها أعن لم التي عصاي أن ويظهر فنزلت، وأرسعت ناحيتي من الباب ففتحتأن السيارة عن بعدنا أن بعد وسعنا يف وصار األرض، إىل سقطت الفزع، فرط منالرمل عليها يهيل والسائق عجالتها، بني من صاعدا الدخان نري وأن اليها ننظرونزل أدركتانا قد سيارتان وكانت يعالجها، ورشع الدخان فأنقطع املاء عن عوضامحرمون. ونحن يرسمنا أن املصور أفندي رياض واقرتح نتحدث، ووقفنا زمالؤناألن العيص وأنسيت مهل. عىل — السري وأستأنفنا السيارة ركبنا أطيل. والأخرج أن الطريق طول وكدى وجعلت عنها، رصفني السيارة احرتاق من الخوفصاعد دخانا لعل أشم، وأن ناحيتي من العجلة إىل وأنظر السيارة نافذة من وجهي

السائق. فأنبهنسميه بما ومكبوس حسن وهو للسيارات واحد طريقان مكة إىل والطريقواملشاه، للجمال واآلخر الجبل، سفح عند يسرتيح «الوابور» رأينا وقد الزلط» «وابوربالدنا، يف بالبعران أشبه وهي صغرية رأيتها التي والجمال ويسارنا، يميننا عيل

41

Page 43: رحلة.إلى.الحجاز

الحجاز إىل رحلة

عددت وقد قوافل، قوافل تسري وهي القوت، وقلة املرعي لضعف كذلك وأحسبهاالغرائر، أو واألكياس الصناديق يف شتي بضائع تحمل وكانت قافلة، يف جمال خمسني

املغرية. القافلة هذه حرس كل هو واحد طفل سوي معها وليسوالطفل الجمل، ركوب يحاولون حني األطفال منظر من أفتن وال أحيل وليسويتعلق سائر وهو اليه يعمد وإنما ظهره، إىل يصعد أن يريد حني الجمل يربك العىل بهما يخطو بقدميه مستعينا مرقاة أو سلما أو حبال الذيل هذا من ويتخذ بذبلهأن الدهشة عىل وأبعث ذلك من وامتع فوقه. هو إذا ثم جدران، كأنهما البعري فخذيمنحدر والعسيب طفل — الذئب عظم — عسيبه وعىل رجل سنامه عىل بعريا تريبهما يقبض ساقاه فوقها؟ يمسكه وماذا الطفل عليها يقعد فكيف حادة وعظمته

الجانبني. عىلبالحساب وهي ساعتي أعتربنا إذا — بدقائق الغروب قبيل الشمسية وبلغناعىل يحتمون الحجازيني أن اعتربنا إذا ساعة نصف من بأكثر وقبله — الغربياستقبلنا الشمسية يف وهناك منتصفها. يف ال السادسة الساعة يف تغيب أن الشمسجاء مكة من عريض طويل وفد استقبلنا الشمسية يف وهناك نحن وبينما بمقدمنا،أدري ال أو الرشطة مدير دعي نتحادث نحن وبينما بمقدمنا، ويحتفي بنا لريحب

عيص؟» ألحدكم «هل يسأل: عاد ثم وذهب فأستأذن التليفون، إىل هو منأدري ال ألني فيها، تركتها السيارة. يف وهللا ولكنها عصا يل انا «نعم قلت:

عصا». املحرم يحمل أن يجوز ال أو يجوز هلاوصافها؟» «ما قال:

والسالم». عيص هي باهلل؟ أنت شأنك «وما قلت:الناس عىل فقطعت الرغامة قرب الطريق يف عصا وجدت لقد ال. ال «ال قال:

السبيل».وال النظام عىل تخرج وال القانون تحرتم عصاي أن لك «أؤكد وقلت: فضحكت

الطريق». قطع تعرف«ابحث وقال: الجاد، البلد هذا يف النكتة عىل وضاعت بابتسامة، حتي يجد فلم

يغدو». أحد وال يروح أحد وال مقطوع الطريق فإن فضلك من عنهاعصاي «هي له: وقلت فعدت العيص أجد فلم السيارة إىل مشاميل يف فهرولتوخفت التليفون، إىل عني فميض عنها» بالنيابة أعتذر أن ىل فاسمح الطريق، قاطعة

42

Page 44: رحلة.إلى.الحجاز

ومكة جدة بني

املدني، القانون غري رشيعة هنا للقوم فإن صنعت بما ويجزوني بها يأخذوني أنتعايل هللا أن فضلك من «أذكر التليفون: يف يتكلم وهو إليه وارسرت وراءه فعدوت

أخرى». وزر وازرة تزر «وال املنزل كتابه يف يقولمكة». يف بها ندركك او جدة إىل نردها «هل وقال: إىل التفت أن عىل يزد فلمخاطر برأسها ينزو ان واخيش تري كما فاجرة فأنها وهللا أريدها «لست فقلت:

مثال؟» الرمال يف دفنه يمكن أفال آخر،الضيافة». إىل الرشطة مع «أرسلها الىل: للتليفون فقال

صنعت.» ما فحسبي فضلك من جدة إىل ردها ال. «ال به: فصحترجاء». جدة. يف العويني بيت إىل ردها «بل التليفون: يف ملخاطبة فقال

تأخرتم». فقد بنا «هيا وقال: إىل التفت ثمبلغنا إذا الطريق يف كنا فقد صنعت، وما عصاي عن رويت فيما مبالغا ولستبأحد نصيح يغيل، الذي السيارة هذه جوف به يربد ماء إىل السائق واحتاج محطة

ماء». هات الواقفني«تفضل». مكانه: واقف وهو يقول بل منا يدنو وال يتزحزح فال

الذوق وقلة الجفوة هذه رس عن سألنا وقد يريد. بما منه ويجئ السائق فينزلأن الحظ لسوء فيتفق السيارة من الغريب يدنو ان من الخوف هو بل لنا فقيلالسارق وجزاء بالرسقة. الرجل فيتهم السيارة تحمل مما او األدوات من يشء يضيعبقطع بشيئني. واموالهم ارواحهم عىل النماس السعود أبن امن وقد اليد، قطع هناك

التصبيحة. يسمونه وبما السارق يدالسعود ابن قسا وقد بيان، إىل يحتاج ال ظاهر فأمرهما اليد وقطع الرسقة فأمابن فيه بكيس جاءه رجال ان ىل حكوا لقد حتى اللصوص، ليزجر األمر أول يف

الطريق». يف وجدته بن كيس «هذا له. وقالوجدت ولو فيه، ونظرت فتحته أو جسسته بنا؟ فيه أن أدراك «ومن فسأله:ال الجس حتى كال! إىل. به تسع ولم تظهره ولم الخفيته البن من بدال ماال فيه

يده. أقطعوا يجوز.من بلغ بل أبدا، يقربونه فال الطريق يف اليشء عىل الناس يقع ذلك أجل ومنحتى املطروح اليشء هذا فيه الذي غري أخر طريق إىل مالوا ربما أنهم ازدجارهملم وإذا فيبلغوه. بالرشطي هم ويمروا صاحبه، عن ويبحث فيحمله رشطي يمر

«لقطات». عنوان تحت أعالنا القري» «أم يف نرشوا صاحبه عىل يقعوا

43

Page 45: رحلة.إلى.الحجاز

الحجاز إىل رحلة

أبن فيندرها بالسطو رضت عشرية هناك تكون أخر. يشء التصبيحة، أماالهدي عىل واستقامت آمنني الناس وتركت كفت فأن وثالثة. أخري ثم مرة السعودالرجل فيذهب يصبحها ان جيشه قواد من واحد أذن يف همس وأال الحمد، وهلل فيهاطريقه يف ويجنب ومقصده، بغايته احد إىل يفيض ان غري من الجيش من فرقة يفليظل قدم تطؤها ال التي الصحراء يف بجيشه ويرضب املاء، مواضع العشرية إىليطلق ثم بجيشه فيصيل الفجر يف العشرية عىل ويقع مكتومة، وغايته خافيا امرهباغيها». يا أنت أين الجنة. هبوب «هبت يصيحون: وهم فيصبحونها رجاله عليها

هللا». اطاع من أخوان التوحيد «خيالةيدرون. وال يبقون فال

الحجاز. دخل منذ املدينة قرب واحدة عشرية سوي السعود أبن يصبح ولماخري. تصبيحة إىل يحوجه لم ذلك بعد األمر ألن

متفاوتة الشكول شتي جبال جانبيه وعىل زرع، ذي غري واد مكة إىل والطريق احدا أن أعلم ولست املختلفة، باملعادن غاصة انها الروع يف توقع ومناظرها العلو،والشاي، القهوة املسافر فيها يجد اسرتاحات، أو محطات الطريق ويف طبيعتها درسبحرة وكرباها مطيته، كلت أو التعب أو الليل أدركه إذا فيها يبيت أن ويستطيععىل السوق ووراء والخشب، الخيش من دكاكينها سوق ولها الطريق، منتصف يفيقعد ملن صغري مستشفي أو الحكومة أنشأتها عيادة فيها الساذجة البيوت الجانبنيولم وتليفون. مخفر محطة كل ويف األهاىل. أو الحجاج من الطريق، يف املرض بهرقعة يف أعيش مرص يف فإني جديدا، فيه أجد ولم املوحش الطريق هذا أستغرب

الجبل. جانبي وإىل الصحراء منالعشاء. بعد مكة دخلنا وقد

44

Page 46: رحلة.إلى.الحجاز

الرابع الفصل

يفمكة

— والسالم الظالم يف املغرب، بعد أو العشاء بعد — متي؟ ادري ال مكة دخلناأو الوقت، ملعرفة والليل النهار الوان عىل الحجاز يف املرء يعتمد أن الوسع يف فماالظن أساءة إىل أيام ثالثة بعد أنتهيت وقد القمر، إىل حتي أو الشمس إىل يركنعليه اجمعت ما أكذب أن مقدوري يف كان وهل دورتها. باختالل واإليقان بالشمسساعتي تكن ولم وحدها، القديمة الشمس هذه أصدق وأن الجديدة الحجاز ساعاتإذا عجب فال الحرام، مشامل يف نفيس لففت ملا ثيابي مع تركتها فقد يدي عىل

والليل. النهار بني أميز اعد فلم عىل اختلط قد األمر كانفنفخ مكة شارفنا — ليل فكله تشاء كما — املغرب بعد أو إذا العشاء بعدالشباك انا وفتحت طريقه، يف االحتشاد عن للناس وزجرا تنبيها بوقه يف السائقيف الظالم لفها الجبال وصخور الطريق رمال حتى شيئا، عيني تاخذ فلم ألنظردخول مكة يدخلون هم أصحابي، شأن غري شأنا ىل أن وقلت فأضطجعت شملته،ذلك وسعهم إذا — ويتاملوا وينظروا ويرشفوا يتطلعوا ان حقهم فمن عنها الغريبجدتي فإن بالذات، مكة أبن بل البالد، هذه أبن بل البالد، هذه أبن انا ولكني —فنشزت املدينة أهل من فحال رجال سنة عرشين بنت وهي زوجوها مكية ألميفتزوجت وتجارته بيتها وخراب أبيها وفاة بعد مرص إىل احتملوها ثم منه فطلقوهاعىل بعده إىل ثم «املازنية» هذه إليه انحدرت وقد مثيل، مازني أبي أن ثم جدي،إليه فريجع الدنيا» «صندوق يف مفرس كله وهذا «اآلدمية»، الينا انحدرت ما نحوجدتي حواء قرب عىل القول أسلفت وقد العريقة. األنساب هذه طالب من شاء من— نفيس الفيت حني غلبني الدمع وان جدا تأثرت أني القاريء أكم ولست العليايل، يكرتث او بي يعني من كل وعن وأصحابي وأهىل وطني عن البعيد الغريب انا

Page 47: رحلة.إلى.الحجاز

الحجاز إىل رحلة

رحمي، من حال، كل عىل ولكنها بعيدة القرابة أن وصحيح جدتي! قرب امام واقفاعىل قربها هذا ان يف الشك من ظل يخالجني ولم رحمها، من األصح عىل أنا أوولن تخطيء، ال التى بالغريزة حنينه وكان اليها، عروقي يف الدم حن فقد التحقيق،وأضطربت جاش قد لها البنوي حبي معني بأن وشعرت بماء، ليس فإنه الدم يكذبنعم الدمع. وأسبلت الباب حديد إىل فاستندت مقلتي من وفاض وطغي أعماقه اعمقأني أسفي ضاعف ومما كال. تراني، حتى العمر بها يطل لم جدتي ألن أسفا، بكيتان ألبوي يخطر ان قبل فماتت — أراها كنت حتى اجيل يف هللا يفسح لم أيضا أناتخرس الدنيا تكن ولم تطوي أن السهل من كان السنني من آالف ببضعة بي يجيئااختزالها أو أختصارها يمكن كان فقط آالف بضعة عليها. تكر لم انها لو شيئاولكن املتبادل! الشوق غلة وشفاء التعانق من والحفيد الجدة لتتمكن ما، نحو عىلصارت ما ولعل األيام. رصوف عىل يتجلد وان الحياة متاعب يحتمل أن املرء عىلملا تمت، ولم االليوم إىل عاشت ظانها ولو الخري، هو املحرومة املسكينة جدتي إليه

لنا. العزاء بعض هذا ويف الحياة، إىل للخروج فرصة لنا أتيحتمازن بنى عن أبحث كانما مكة داخل وانا — فقط بقلبي — أتلفت ورأيتنيوالجمال الخيام حتى فيها ما بكل كلها القبيلة اعانق أن وأشتقت وعشريتي، أهيلوان صدرها عىل رأيس أريح وان صدري إىل أضمها وأن والرماح، والسيوف والخيليخرج لم كيف وعجبت الشقة، وبعد النوي طول بعد بلقائها الفرح دموع أذرفأبن يكون أن وأشتقت عليها، املخاوف وساورتني بي، والرتحيب الستقبايل منهااملروءات، ذوي من — عنهم هللا عفا — قومي فإن «بتصبيحة»! رماها قد السعوداألعباء، تحت وازحا بالحمال مثقال مسافرا يدعوا أن قط اطاقوا اعرفهم ولستعليهم بما ينوؤون يدعهم أن ويؤثر الناس، عن التخفيف هذا يكره السعود وابنكان إذا — رسي يف — واقسمت التعاون. من الرضب هذا يجيز وال معهم، وما

آخر. شأن معهم ىل ليكونن قومي، (صبحوا) قد (األخوان)1النوافذ؟» تفتحون «أال واحد: قال خطوات مكة وبني بيننا صارت وملا

«ملاذا؟». قلت:

النجديني. عىل يطلق لفظ األخوان 1

46

Page 48: رحلة.إلى.الحجاز

مكة يف

التحية». يف تربزوا أن فيحسن لتحيتكم جند هناك يكون قد قال:كانت وان كالجمرة صار وجهي أن أحسست وقد الوراء إىل أرتد وانا فقلتيا «عفوا أيضا: ومنحرفة عني بعيدة ألنها شيئا، ترني لم السائق أمام التى املرآة

عنا..». الناس أرصفوا … الح أرجو. تواضعنا. تخجلوا ال سيدي.وسكت أنطلقت مزعجة صيحة ألن نسيته ولكني آخر كالما أقول أن أريد وكنتثم تصطدم. وهي تخبط أسناني وسمعت فخفت سالح، قعقعة أثرها عىل آذانناالجيش بها يتلقانا تحية هذه أن علمت ملا فأبتسمت الظالم وأسعفني نفيس ملكت

مكة. باب عىلبسيارته يخطف اللعني السائق وميض الطريق، عن الناس يرد البوق وانطلقالجانبني عىل املحتشدين الناس نتأمل حتى يمهلنا وال املوت، من بها يفر كانهطويل والطريق — ادري فما الزيت أو — البرتول بمصابيح املضاءة، والدكاكنيبالسيارة قطعناه وقد السوق، إىل ورائها ومن الكعبة آخر إىل بابها من مكة يشقواملروة» الصفا بني «املسعي عىل الضيافة دار امام بنا وقفت ثم دقائق، سبع يففرصة، هذه فقلت علينا، يسلمون كثريون ناس علينا وأقبل فنزلنا السالم، باب وأماماليهم شببت األصح، عىل أو عليهم، فملت مستخفني اتوا بينهم قومي بعض ولعلوساقاي اعناقهم حول ذراعاي — أيضا وساقى بذراعي «طوقتهم باعناقهم وتعلقتوآذانهم وأنوفهم وخدودهم أفواههم والثم أقبلهم عليهم واهويت — خصورهم حولالرسور من وتستوجبه تستحقه بما شوقي مظاهر يتلقي منهم كل وكان ورؤوسهم،

السلم. عىل يحطني ثم والجلدوهو بدرجتني إليه تصعد األخر والنصف ميضأة، نصفها رحيبة غرفة إىل وملنابل فقيل بالجلوس فهممنا تليفون، عليه مكتب وسطه ويف للجلوس ومعد مفروشفتلفت ينتظركم. األمري سمو فإن األحرام، من وتتحللوا وتسعوا لتطوفوا توضأواعىل هللا يفتح فل لهبوطهما محرتمة طريقة يف أفكر ورحت الدرجتني إىل ثم حويلالدرجة حرف من فدنوت الوضوء إىل سبقوني ذلك خالل يف اخواني وكان بحيلة،أريد كأني العاىل مرقبي من فأنحنيت مني، فدنا إليه فأرشت طويال عبدا ورأيتهذا عىل انحدر نفيس وتركت ودرت به وتعلقت غافلته ثم شيئا أذنه يف اهمس أن

بسالم. األرض إىل الدمي العمودهذا؟» «ما وسألته: رأيس هززت ثم إليه فنظرت «قبقابا» العبيد احد يل وقدم

47

Page 49: رحلة.إلى.الحجاز

الحجاز إىل رحلة

للوضوء». «قبقاب قال:البسه؟» كيف «ولكن قلت:

أصبعيك». بني هذا وادخل نعليك «أخلع قال:سطح عىل عمودية املنجور الخشب كمن دقيقة أسطوانة عن عبارة و«هذا»األرض عىل القبقاب يجر او يزحف يذهب ثم أصبعيه بني املرء يدخلها القبقاب،له الجلد من سري ال إذ األصبعني، بني من األسطوانة تفلت لئال عنها يرفعه وال

أتوضأ. وقعدت هذا من خري الحفي بل فقلت الرجل، ظهر يمسكبالكعبة، يدور جدا رحيب صحن إىل املرء منها ينحدر أبواب، عدة وللحرممبلط، الكعبة حول ولكنه حيص، رمل وأرضه كثريا، أوسع انه إال األزهر كصحنمقام إىل بنا وميض املطوفني شيخ تسلمنا وقد املطاف. وهذا األبواب بني ما وكذلكوقال وزمزم املقام بني وصفنا بنا ووقف السالم عليه — أيضا جدي — إبراهيملو أتمني وكنت العمل، يف ورشع الطواف، وبدأ نهضنا ثم ففعلنا ركعتني صلواولكنه الكهرباء، ضوء عىل الليل يف الكعبة اىل ألنظر — فقط دقائق — قليال تريثوميض الهرولة، هي وتلك للجري، يتهيأ كأنه صدره إىل ذراعيه وطوي بذلك يعبأ لموإىل الكعبة إىل عيني النفس، موزع أهرول وأنا وكنت وراءه، نقول ونحن يدعوإىل وأذني مطوفها وراء تهرول جماعة وكل جماعات جماعات وهم مثلنا الطائفنييستطيع ما بأقيص الدعاء عبارات ينطق أن أال يأبي كان الذي املطوف الشيخ هذاالجاويني بعض حسبنا كأنما أيضا، اللحن من يسعه ما وبأكثر والوضوح البطء منلحنه أن غري تليق. ال املفاخرة ولكن انا.. — هللا سامحه — يدر ولم الهنود أويف «الرتاجمة» جماعة اذكرني وقد الطواف، يف تبتيل عىل ويفسد أذني يمزق كانالتاريخية باألغاليط املرصية األثار وزائرى السائحني رؤوس يحشون الذين مرصلهم مدرسة بانشاء واألدالء الرتاجمة مشكل مرص عالت وكما الفاضحة، والسخافاتفإن فعلت، وحسنا املطوفني، لتخريج معهدا السعودية الحكومة لهم أنشأت كذلك

أعاجم. املطوين من رأينا منكان الزحام ولكن عجيب، األسه الحجر عند أتمهل أن يل أتيح لو ووددتإطار وحوله مرشق، ووضاء فاحم أسود وهو بذاك، سوانا من بأحق ولسنا شديدا:الحجر أي — ألنه فيه وجهة يدخل أن يقبله حني يحتاج واملرء الفضة من بيضاويال أو، وأكلته، لحسته قد الخلق من املاليني مئات السنة أن وأحسب مجوف. —

48

Page 50: رحلة.إلى.الحجاز

مكة يف

ستفعل وما قبيل املاليني فعلت ما أفعل وأنا قلت وقد أبدا، هكذا كان لعله أدري،يرض ال الحجر هذا أن أعلم أني «اللهم الخطاب: ابن عمر قال كما بعدي، املاليني

فعلت». ما يقبله ملسو هيلع هللا ىلص هللا رسول رأيت أني ولوال ينفع والبحجر أشبه ولكنه األسود، الحجر كزاوية زاوية يف آخر حجر اليماني والركنللطائف يبدو انه امره عجيب ومن اميل، الخرضة إىل أنه سوي الجرانيت أو الصوانأترك أن مرارا نفيس نازعتني وقد الفضة. أو املعدن من كأنه أثنني او مرت بعد عىليف نفعل أن املطوف لنا أذن فلما ألتأمله، منه وأدنو املطوف عن واتخيل الصف

اليه. األخوان أسبق كنت السابع الطوافالتي الحسنات عداد يف يل يحسب لم هذا طوايف أن أحس أني أول والحقوكنت ذلك، يف القول أسلفت كما بلحنه املطوف أفسده فقد امللكني، أحد يسجلهاوهكذا حويل، فيما والنظر التطلع عن واضح بجهد عيني أرد أخري ناحية من أنايل وليس دخلت كما أنا وخرجت الجنة يف قصور أو بقرص أخواني من كل خرجحجة أو أخري عمرة من اذن فالبد للذكري. بهما احتفظت بدني عىل مشملني سوي

فاتني. ما بها أعوضواعود معي احملها قطعة منه أقتطع أن األسود الحجر أملس وأنا اشتهيت وقدألنستني حتى الشهوة هذه بي وجمحت حجر، ال متجمد عنرب انه إىل خيل فقد بها، شيئا أو مربأة معي لعل اتحسس فذهبت األحرام مشامل سوي بدني عىل ليس أنبه يمسح باملنديل يده يمد أصحابي بأحد وإذا والتفت أفقت ثم للقطع، يصلحيداه كانت وقد خبأه، وأين حمله وكيف باملنديل جاء أين من فعجبت الحجر،

الصوفية. ثيابه املشامل تحت يلبس بالخبيث وإذا وتأملته فارغتني،ذهبا.» جنيها سيدي. يا جنيها «هات الضيافة: دار إىل عدنا ملا له قلت وقد

«ملاذا؟» وقال: وجهي يف فحملقالقرنني». ذا به نشرتي «جنيها قلت:

أفهم». لست القرنني؟ «ذا قال:نذبحه ثم بهما فينطحك عليك نطلقه متلويني طويلني قرنني ذا «خروفا قلت:

لحمه». الفقراء ونطعمملاذا؟» «ولكن قال:

49

Page 51: رحلة.إلى.الحجاز

الحجاز إىل رحلة

املشامل تحت الصوف ثياب أتلبس ياخبيث هللا عىل زورت بما وفاقا «جزاء قلت:هات الفدية؟! من تهرب ان وتحاول تتجاهل ثم املقدس الحرم قلب يف ربك مغالطا

عجل!» القرنني ذا لنا«وضحك». أوه! قال: أن عىل يزد لم ولكنه

غري ماء منها فسقونا باب، له بناء عليها الحرم يف برئ وهي زمزم إىل وملنانستحم ان علينا بعضهم وأقرتح ملاذا، ادري وال رءوسنا لنغسل البناء ودخلنا سائغفم وعىل دافئ، غري الليل يف مكة وجو بارد ماءها فإن موجبا، لهذا نر فلم بمائهايلقوا أن لهم يحلو الحجاج بعض ألن الحكومة أقامته عال الحديد من سور البرئالجنة إىل قاعها من ويذهبوا ظنهم عىل شهداء ويموتوا ليغرقوا البرئ يف بأنفسهم

طريق. بأخرص مبارشةالسعودية الحكومة مهدته بينهما طريق وهو واملروة، الصفا بني لنسعي، وخرجناسبع قطعه من بد وال أقل، او كيلو نحو وطوله للسعي، تسهيال ورصفته وعبدتهتسعوا ان وسعكم يف أن األمري قبل من البشري جاءنا نسعي رشعنا فلما مرات،أن هللا إىل وابتهلت لسموه بالدعاء يدي فرفعت أدرككم قد التعب كان إذا بالسيارةعىل التيسري هذا مثل — الحجاز يف ونحن األقل عىل — دائما يلهمه وان عمره يطيلاألصح: عىل معنا أو بنا يسعي الذي الدليل بي فصاح السيارة إىل وعدوت الناس

أين؟» «إىلبرسعة». تعال صابر يا السيارة. «أني قلت:

بالسيارة نسعي أن لنا أبي فقد امللك، من أكثر ملكيا كان سائقنا صابرا ولكنواألطفال والرجال وبالنساء بالساعني غاص املسعي وأن يجوز، ال هذا ان وقالفيها. أستوينا ان بعد السيارة وتركنا فخجلنا يشء يف األنسانية من تبغون ما فليساحرتامه، إال يسعني لم كنت وإن رسي، يف هذا «صابرا» لعنت بأني القارئ وأصارحألرسته وان األصل مرصي أنه الطكريق يف حدثنا عمره من العرشين يف شاب وهواملوسيقي فرقة رجال أحد الحسني أيام عىل كان وقد الحجاز، يف عام مائة نحوالجرأة الشاب هذا صفات وأبرز القناعة، رشكة يف سيارة سائق اآلن ولكنه الحربية،ويف عذوبة صوته ويف فصاحة لغته ويف ممتع وحديثه الوافر، األدب مع واالستقاللوقد مطربا، شدوا منه نسمع أن االرجح لكان مباحا الغناء كان ولو حالوة، عينهللند الند مخاطبة بينهما الطريق ويف ومكة جدة يف الحجاز كرباء يخاطب كان

50

Page 52: رحلة.إلى.الحجاز

مكة يف

بعض عىل ويعرتض ويحاجهم ويناقشهم يدخن ويذهب سيجارته أمامهم ويشعلوال ذلك منه يتقلبون هم وكانوا لهم، ند كأنه رأليه يف بالصواب ويديل يقولون مامألوف. إذا فاألمر األمتعاض، أو لدهشة أثر عليهم يبدو وال شذوذا، فيه يرون

وألحوا، األمري رسل أرص فلما بالسيارة، نسعي لنا أبي مستبد، حنبيل ولكنهوأرسها علينا حقدها قد صابرا وأحسب غريه، فتوالها يسوقها أن وأبي السيارة تركباشا. زكي هو غريه، حاقدا هناك أن وعىل جدة، إىل عدنا أن بعد عنا تخيل فقد لناعلينا يشنع بعدها فجعل بالسيارة نحن وسعينا أخواننا بقية مع قدميه عىل سعيأن عىل دليال ذلك من يتخذ جعل بل له، خطبة كل يف — مازحا — بنا ويشهرولكنها ينقصه الدليل هذا كان وما الحديثة، املدنية ومظاهر التقدم ينايف ال االسالم

سنه. من الرغم عىل وجلده بقوته واملباهاة واعيائنا بضعفنا التشهري يف الرغبةالشعرات وقصصت فأخطأت أنا أما ثيابنا، ولبسنا رءوسنا من شعرات وقصصنافكتمت ثيابي، نصف يف رصت أن بعد أال خطئي إىل أتنبه ولم الثياب أرتداء بعداألختالف هذا ولكن أيهما أدري وال بي املوكل امللك إليه يفطن أال مرجوي ويف األمر،أفضه أن مكلفا ولست فيه يل دخل وال وحدهما امللكني يعني شأن األختصاص عىلعىل مسجال ويصبح عقريته به ويرفع ذلك يالحظ أن إال أبي زمالئي أحد أن غري —جناحيهما من الريش وينتزعان يتحركان جميعا بامللكني فأحسست املخالفة، هذهالعمرة أن «ياسيدي االبتسام: اتكلف وأنا وقلت غيظي فكظمت املالحظة، هذه لتدوين

آخر». وقت يف فاتني ما اعوض أن اعتزمت وقد ذلك قبل من كلها فسدتيف الذنب أن «وعىل السيئات: لكاتب عال بصوت وقلت يساوي إىل التفت ثميعلم العارف عىل واجبا كان فقد اليكم، ثم اوال املطوف إىل لغريي: راجع خطئي

الجاهل».تنبيها اليمني كتفي وحركت عذري ورشحت بحجتي أدليت أن بعد واسرتحت

الحسنات. ملسجل

جناح وله باآلجر، مبني عريض، طويل وهو املدينة، من طرف يف امللك وقرصالباب عىل الجيش استقبلنا وقد صغرية حديقة فنائه ويف دخلناه، الذي هو جديدعظيمة حجرة إىل وصعدنا — حركاته يف إخصائيا فلست كيف أدري ال وحياناأمتار، عرشة نحو يف مرتا عرش خمسة من أقل ال — أقدر ما عىل — طولها

51

Page 53: رحلة.إلى.الحجاز

الحجاز إىل رحلة

املرصى، «بالكنب» شبيهة عالية مقاعد مدارها وعىل املخمل، من ببساط مفروشةالعمد من صف وسطها ويف الستائر «براقع» وكذلك واملخمل، «باليوت» ومكسوةالستقبالنا، فنهض الصدر يف جالسا األمري وكان مكلسة، والجدران سقفها، يحمل

الشاي. أو الشاهي بعدها ومن القهوة، وجاءت وجلسنا فلسناأن كما الحجاز يف امللك نائب وهو عمره، من والعرشين الرابعة يف واألمريأبيض ثوب وثيابه نجد، يف امللك نائب — العهد ويل — سعود األمري األكرب أخاهرقيقة وهي السوداء العباءة عليها رمادية «جاكتة» سرتة فوقها املرصية «كالجالبية»عذب النظرة حلو وسيم قسيم وهو والعقال. «الحرام» رأسه وعىل شفافة، النسجوذقنه شفتيه تقوس ويف حزينة، تبدو يصمت حني نظرته ولكن وديع، اإلبتسامةوأغرب العريض. وجبينه األقني أنفه فآيتها القوة أما تصميم. من تخلو ال مرارةبعضه وترسب كله ذلك واختالط والقوة، والرقة والصالبة اللني اجتماع وجهه يف ماإال يسعه ال املرء أن غري املعاني، هذه بجميع رأيته وجه أنطق وهو بعض، يفوأراءه خواطره األمري فيها يغيب الناطق املحيا هذا وراء زاوية هناك أن يشعر أنشهدت ما عىل قياسا — أتوقع كنت وقد الفاحصة. العيون عن ويحجبها الخاصةبالنظافة يمتاز به فإذا أثاثا، وأفخر رياشا أفخم امللك قرص يكون أن — جدة يف

شعبه. من شاء ملن تركها فقد األبهة أما الكاملة والبساطة التامةوسطها يف مائة. نحو تسع مستطيلة حجرة تكون: ما كأبسط الطعام وغرفةواآلنية تامة، األكل وأدوات الخيزران، الكرايس اليها صفت ساذجة طويلة مائدةالطعام تناولنا وقد الفضة، من اليها وما والسكاكني واملالعق واحد، طراز من كلهايكن ولم بالحديث، عليه نتفكه ساعة من أكثر فيه وقضينا العربية الطريقة عىلاحتفظت وقد شاء، حيث شاء من قعد بل للجلوس معد ترتيب أو معني نظام ثماألوهام من لكثري دفع نرشها ويف الكاتبة اآللة عىل مطبوعة وهي األلوان، بقائمة

الصبيانية.

بالبزالية شوربة •بالبورية رستو دجاج •

بامية •بالكاكاو كريمة حال •

بريك •

52

Page 54: رحلة.إلى.الحجاز

مكة يف

بالكري دجاج •بالزيت اسود بدنجان •باملشمش كيك حال •

بالشعرية رز •فاكهة •

— ذكره وسيجيء — فاطمة وادي يف تزرع الخرض أن سموه من علمنا وقدفواكه الوادي ويف ذلك، إىل وما والخرشوف والباذنجان وامللوخية البامية مثل مناملباهاة، بلهجة ذلك يذكر سموه كان وقد امللح، عن فضال الحلو والليمون كاملوزغري الجلد سميك غليظ ألنه أستمرئه لم ولكني الباذنجان، إىل خاصة بصفة ولفتنا

الطعم. سائغمؤثثة للجلوس، أخري حجرة إىل الطعام بعد ذهبنا القارئ. عىل أطيل واليتخذ مما دوالبا فيها أري أن استغربت ولكني الكربي، االستقبال حجرة طراز عىلمنعنا، التأدب ولكن ندخن، ان واشتهينا الشاي، وأكواب القهوة علينا وأديرت للثياب،عندهم، مكروه الدخان لن النجديني كبار او األمري حرضة يف يدخنون ال والناسيرصفنا حتي انتظرنا كنا أنا ولو األنرصاف، يف فاستاذنا انتصف قد الليل وكانننطلق نكد ولم ضيفه الرجل يرصف أن عندهم يليق مما فما الصباح، إىل ليتنا هو

السجاير. اشعلنا حتى بالسيارةفإذا قبله، واحد اتخذه فراش عىل ينام ال الضيف أن عاداتهم غريب ومنمن ينزل أن عيس ملن تنجيدها وأعيد واألغطية والوسائد املراتب فكت ضيف ذهبفسألنا ذلك، يف شك ال جديدا األرسة عىل ما كل رأينا أنا هذا إىل لفتنا وقد الضيوف،ما وأقسم خارجون. وانتم يدخل غدا املنجد سرتون لنا وقيل رويت، ما فعلمنابالريش محشو انه عىل واحدا راهنت ولقد أمتع، وال هذا من أوثر فراش عىل نمت

أكثر. ال مندوف جيد قطن انه وتبني الرهان فخرستال فقلت: جدة، يف نسيتها اني وجدت النوم ثياب ألخرج الحقيبة فتحت وملا

الثياب. من عىل ما بعض وبحسبي املرتف، ينفع التقشف من قليل بأسثالث امللك جاللة قرص يف ايانا انتظار ويف األمري يف أفكر وأنا النوم واخذنياألعتذار إىل بالحاجة نحن نشعر أن غري من بل يتأفف، او يمل أن غري من ساعات

له.

53

Page 55: رحلة.إلى.الحجاز

الحجاز إىل رحلة

ركبني، الجن من عفريتا ان احس كنت فقد مكة، يف اصابني ماذا أدري الاألرض يف قدمي وأثبت الطريق يف أقف أراني أني الشعور هذا الحاح شدة من وبلغثم شيئا يسند أن يريد كمن كتفي وراء ما إىل ذراعي أحدي وأرفع بينهما مباعدايفعل كما واألعتدال األتزان إىل فوقهما ما أرد أن أريد كأني وأحطهما كتفي أرفعركبني، ما ركبه الذي البحري السندباد قصة فذكرت ذلك، غري أو طفال يحمل منوراخت رأسه أدارت خمرا البحري السندباد سقاه حتى كتفيه عىل مستقرا يزل فلمعفريتي أسقي أن يل أتيح لو تمنيت ولقد عنه. فطرحه اوصاله وفككت أعصابهكنا ولكنا الكابوس؛ هذا نقل من ألتخلص الزيت من حتى او الوسكي من كأساولكنه النفس يغىش قد ماء وهو زمزم، ماء غري رشاب إال فيها سبيل وال مكة يف

يسكر. البهما لصق قد كتفي عىل العفريت وهذا أقطعه وكيف األمل، أقطع لم أني عىلأضحك الوسكي بغري عاتقي عن الثقيل حمله أطرح وكيف لهما؟ أمتداد كأنه وصارثم مليا فيها وتفرست حويل التي الوجوه ففحصت تحته؟ كتفي وأزلزل عليه به«يا له: وقلت مقلوب، كأنه املحمر أجفانهما باطن عينان فيه كاملنتفخ وجها أخرتت

عينيك..». من الرشد وأنس وجنتيك، من الخري أشيم أني صاحبيسيدي..». «عفوا فقاطعني:

فهل أعمي؛ أال ذلك يف يشك وال بني األمر فإن التواضع لهذا داعي «ال قلت:معاونتي؟» يف لك

سوادء، طويلة أسنان عن وانشقتا الغليظتان شفتاه وتهدلت جذال كفيه ففركخدامكم». هنا نحن ياسيدي «مرني قليال: رأسه يحني وهو وقال

ال أظن ما عىل بسيط األمر أن هللا. «أستغفر وقلت: كتفه عىل كفي فوضعتالناس». عن العفاريت يرصف كيف يعرف واحد خادم إىل إال يحتاج

مرص يف لنا «أن وقلت: كالمي يف فمضيت يفهم ال كأنه وجهي يف فحملقالسندباد عن أخذناها وقد الناس، ركبت إذا العفاريت بها نرصف مجربة طريقةآه الشهري.. البغدادي التاجر ذلك أنه به. سمعت أنك البد تعرفه؟ أظنك البحري،

أنتم؟» طريقتكم ما إذا هذا! عجيب تعرفه؟ اليعتقد انه يقول أن املازني السيد يريد هل طريقتنا؟ «طريقتنا؟ وقال: فتلعثم

الناس؟» تركب العفاريت أن

54

Page 56: رحلة.إلى.الحجاز

مكة يف

بالقرآن؟ تؤمن أفال القرآن يف مذكوره العفاريت ان طبعا «طبعا. بضجر: قلت عفريتا اآلن كتفي عىل أن األمر من الواقع فإن الخالف تحتمل ال املسألة ان عىلإني ثم هكذا! ورواحي غدوي يف احتمله اظل أن أستطيع فما أرصفه ان أريد واناأن يود العفريت أن تفهم؟ ألم بعفريت؟ أدخلها فكيف غدا الكعبة أدخل أن أريدبدخول لنا، والسماح األمري ضيوف وكوننا وجودنا فرصة — الفرصة هذه يغتنمولست اليجوز، وهذا كتفى. عىل مستخفيا أعنى معى، فيدخل تفتيش: بغري الكعبة

اآلن؟». أفهمت ذلك. عىل أساعده أن أرىوقال: أمزح، وظننى الخري، منه توسمت الذى الرجل أعنى — الخنزير فضحك

جادا؟» حسبتك لقد وهللا «يارجل،أسمع. أخطأت. «لقد متكلفة: بإبتسامة وقلت غيظى كظمت ولكنى ذلك فغاظنىأن لك فهل أرصفه، أن أريد لذلك أدرى، ال يكون ال أو مؤمنا عفريتى يكون قد

فيك». أمىل تخيب ال أن وعىس نعم. أو بال أجب تعيننى؟فقال: منى مزاحا ظنه فيما يجارينى أن أحب وأحسبه يضحك، اللعني فعاد

مرص؟». ىف تتبعونها التى البحرى السندكار طريقة هى «وماونسرتيح فنلقيه فيسكر اثنتني أو كأسا «نسقيه املر: الجد بلهجة وقلت فتشجعتحقيقة الخمر ىف األسكار قوة ألن طريقة أضمن هى بل — عملية طريقة — منه

عنها». الرشع نهى ولهذا علميةيدى فوضعت فأرسعت الحجرة بإصدائها تجاوبت مجلجلة ضحكة فأرسلهامرص أهل يا «وهللا منى: تخلص أن بعد فقال أنفاسه أكتم لو وبودى فمه عىل

لظرفاء». أنكمالثناء لتقارض متسعا الوقت ىف أن عىل عندكم. ما بعض هذا «العفو. فقلت

كأسا». لعفريتى فهاتتراه؟» ال وأنت تسقيه «كيف وقال: فأبتسم

فهاتها أنت. تدركه ال إتصاال اآلن بيننا فإن فمه إىل الطريق أعرف «أنى فقلت:عىل». والباقى أوال

خمرا؛ مكة ىف بأن اإلعرتاف إىل أستدرجه أنى لبالهته ظن ألنه يفعل، لم ولكنهالرشد مخايل استرست وكيف الخري سمات غابت أين فعجبت ذلك بعد رأيته وقد

وجهه؟ ىف أجتليها كنت التى

55

Page 57: رحلة.إلى.الحجاز

الحجاز إىل رحلة

وكنا بدقائق قبيلة أو الفجر ىف ذلك بعد علينا نفسه باشا زكى سلط وقدمن األخري الهزيع ىف عنى انرصف قد عفريتى وكان أقول، أن أحتاج ال كما نياما،والباقون صفني، عىل أرسة ستة حجرتنا ىف وكان كبري، يأس عىل انرصف — الليلأن مجهود بأيرس يسعنى بحيث النافذة بجانب رسيرى وكان أخرى، حجرات ىف مناأسقيها كأنى وأرانى بالعفاريت أحلم كنت أنى وإتفق الحرم، عىل الشباك من أطلعيونها من السجاير وأشعل تارة، خصورها لها فأدغدغ ترتنح وهى وأعبائها خمرايوقظنى مزعج ممدود بصوت وإذا وهكذا حوىل، وأديرها ذيولها من وأجرها طورا،متضجرا، عينى ففتحت املمتعة، خياالتى ويطري اللذيذة أحالمى ويبدد سباتى منىف علينا أيسطى للفضيحة! «يا لنفىس فقلت الكلة وراء من يبدو ضخم شبح فإذاوتناومت جدة، ىف النقود من معنا ما تركنا فقد مطمئنا وإبتسمت الضيافة؟» دارمقدار رأىس فرفعت مديد غليظ صوت الشبح من فانبعت الحكاية، هذه آخر ألرىيوقظنى أن يعجبنى ولم جدا، عظيما شيئا عباءته ىف يبدو باشا زكى به فإذا قرياط

«قم!» وصاح: يده فمد عنه وجهى فحولت الليل فحمة ىفقم». لك «أقول يصيح: فعاد ن ال أن إليه وأرشت

عنى». فأذهب ال لك أقول «وأنا أستطيعه: صوت بأعىل فصحتيفوتك». أن يصح ال لذيذ منظر الحرم، ىف الفجر لنصىل «قم فقال:

النافذة من منظركم فإن أنتم فأذهبوا نبغى، ما كل هو املنظر كان «إذا فقلت:بها». ألعرفكم ظهوركم عىل عالمة تضعوا أن ويمكنكم ىل، امتع سيكون

يشد وراح الكلة تحت من يده مد فقد أقول ما يحفل لم أو يسمع لم وأحسبهقم.» قم. «قم. يقول: وهو ويعرينى اللحاف

ال». ال. «ال. ألتغطى: اللحاف أجذب وأنا به فصحتأيقظنى. حني جميعا أيقظهم أنه ونىس واحدا واحدا الباقني إىل عنى فمىضبسلم إليه والصعود عال وبابها الكعبة لنا وفتحت الحرم، ودخلنا وتوضأنايتخذ كان الذى النوع من وهو ذلك، بعد ويرفع الحاجة عند يوضع متحرك، خشبىقبل وذلك ينظفها، أو فيضيئها األرسجة ليبلغ الخادم لريقاه املرصية املساجد ىفوالهوى أقع فكدت درجة آخر عىل وأنا الكعبة سادن يدى وتناول الكهرباء إتخاذطوقنى واقفا استويت وملا القردة، تفعل كما ورجىل يدى عىل أصعد كنت أنى ذلكلحيتى، أرخيت قد أيضا أنا وكنت الطويلة البيضاء بلحيته وجهى وغمر بذراعيه

56

Page 58: رحلة.إلى.الحجاز

مكة يف

الحجاز رحلة قبل أرسلها لم ألنى فأسفت قصرية ولكنها كذلك، بيضاء وكانتأشكه وإن للند، الند مقابلة الكعبة سادن أقابل أن إلستطعت إذا شهور، ببضعةوبدأتنى الحجاز ىف أفادتنى قرصها عىل لحيتى أن عىل بلحيته، شكنى كما بلحيتىال وأبهة سهما ىل وجعلت ىل: ليس وقارا وأكسبنى مسارا، ومركزا ملحوظا بمقاماويبحثون أجلها، من ويكربوننى إىل ويهرعون بى يحفون الناس وكان بها، ىل عهدبى ويعنون فيكم، هللا بارك تؤ تؤ. تؤ. هللا. «أستغفر واقول: فأحدثها بدى عىلمثل له وكانت سنى، مثل هى كان من ألن السيارة حيث إىل أمىش أن ويمنعوننىالحجاز ىف الغيد أن فلو تعبا. يكلف أو مشقة، يجشم أن يليق ال البيضاء لحيتى

الرومى: ابن قال كما متوجعا ولقلت لبكيت سافرات

وأب��ا. ت��ارة، ع��م��ا، ال��غ��ي��د ي��دع��ون��ى وأب��ه��ة س��م��ت ل��ه ش��ي��ئ��ا أص��ب��ح��ت

وشكره هللا بحمد لجفيق وأنى بكاء. وال أسف فال محجبات. هناك ولكنهنسوداء، لحاهم كانت الذين أعنى زمالئى، كوجوه يسوده ولم وجهى بيض أن عىلهذا ىف وأنفقته باألدب. اإلشتغال ىف أضعته الذى عمرى عىل هناك وأنا أسفت وقدما خري من كتاب بمائة هناك ترجح بيضاء واحدة لحية فإن اليجدى، الذى العبثكال، والتأليف الكتابة ال وكدى لجعلت قبل من هذا اعرف كنت ولو العقول، أنتجت

لتشيب. لحينى معالجة بل عبث كله هذا فإنوراءه، وأنا يدعو وراح يديه ورفع بى وقف ثم خطوات السادن بى ومىشعليه نفستها لقد وأقسم الكالم، مع تتحرك كانت التى النشيطة لحيته إىل وعينى

منه. بدال وألبسها وجهه عن أنزعها أن ىل خطر لقد حتىركعتني». هنا «صل فرغ: أن بعد وقال

القبلة؟» «أين قلت:قبلة». مكان كل هنا، قبلة «ال قال:

كيف فأرنى صعب هذا أن األرضية؟ كالكرة نفىس حول دائرا أصىل «فهل قلت:أصنع».

اتجاه». كل ىف ركعتني «نصىل وقال: يفهم فلمفيهما. أستفتى أن أردت رأيان ىل فاتجه

57

Page 59: رحلة.إلى.الحجاز

الحجاز إىل رحلة

قدرة حوىل من وجوه ىف أتوسم لم األصح عىل أو يفتى، من أجد لم ولكنىوصليت. فأطعت االفتاء، عىل

خشب من غليظة عمد سقفها يحمل خالية واسعة حجرة الداخل من والكعبةألوح وعليه معرى، جدرانها من األسفل الجزء ولكن مكسوة. وهى الرائحة، زكىأسماء تذكر مختلفة عصور إىل ترجع شتى بخطوط كتابات فيها حفرت الرخام منالكتابة وبعض ذلك، غري فعلوا أو شيئا عليها زادوا أو رمموها أو أصلحوها منأن الجىل من وكان الجدران، عىل ما يرشح رجل تعقبنى وقد يقرأ. ال كالطالسمالخط ردئ لوح إىل وأرشت فسألته العلم، من أكثر فيه اإلخرتاع وأن خطأ رشحه

هذا؟». «ماأ». أ.. خطـ.. أظنه هذا.. سيدى.. يا «هذا فقال:

من؟» «خط استعجله فقلت:باهلل املنترص «نعم. وقال: رأسه رفع ثم قريب من وتأمله اللوح من فدنا

عرفته.» لقد بعينه هو نعم ايه؟ املستنرص..خطه؟» عرفت «آه فقلت:

«نعم». قال:ردئ». «أنه قلت:

واضح». غري «نعم قال:صديقك؟» كان «هل قلت:

«صديقى؟» قال:قريبك؟» كان «لعله قلت:

جدا». قديم «أنه قال: ثم وجهى ىف فحملقالرجل». أم «الخط فسألته:

«كالهما». فقال:اآلن؟» هو وأين جميل! «شئ فقلت:

لقد اآلن؟ هو «أين محدثه: عقل ىف يشك بدأ الذى أو املستغرب بلهجة فقالالسنني». من مئات منذ مات

مات؟» أن بعد هذا كتب «وهل فسألته:أبكى». أن «أريد لدليىل: وقلت إليه ألتفت فلم الزمالء أحد فجذبنى

58

Page 60: رحلة.إلى.الحجاز

مكة يف

السبب «ما بلهفة: يسألنى الرجل عىل فأقبل عينى إىل ورفعته املنديل وأخرجتالبكاء؟» ملاذا سيدى؟ يا

املستنرص!» عىل «أسفا التأثر: فرط من متهدح بصوت وقلت فأجهشتتنهمر والدموع فقلت وجنته. هللا وديعة ىف أنه ىل ويؤكد خاطرى يطيب فجعل

كله». عمره فقد مسكني، «ولكنه عينى: منخدى عىل عرباتى فتسايلت الطيب وشعورى الرقيقة عواطفى ىل يشكر فأخذ

مسكني!» هكذا. كله عمره خرس ملا أدرك قد كان «لو أقول: وأناشيخ!» يا «تعال وقال: زميىل فشدنى وأنتحبت.

ووصلت رأيت، ما عليها فقصصت تسألنى عىل أمى أقبلت مرص. إىل عدت وملادخلتها؟» «هل فقالت: الكعبة إىل وصفى ىفخاصة». بصفة دخلناها «بىل. فقلت:

احذر». فيها. رأيت بما أحدا تخرب ال لك؟ «طوبى فقالت:غريه عىل يقص ال الداخل من الكعبة يرى من «أن فقالت: النسب عن فسألتها

يرى». ماالجاهلية ىف لألوثان بمخزن أشبه كانت فيها. ىشء وال خالية «ولكنها قلت:

والسالم». الصالة عليه النبى منها فأخالهاشيئا». أر لم له تقول عنها سألك من كل كده. عىل خليك «أبوه. فقالت:

خالية». حقيقة «ولكنها فقلت:فيك». هللا بارك مضبوط. «تمام قالت:

خالية». أقول كما حقيقة هى أدعى: وال أكذب ال «أنى فقلت:عقال». يزيدك هللا كده. أهو تمام. «أيوه. فقالت:

فليصدقوا، فيها ىشء ال الكعبة أن للقراء أقول وهأنذا حيلة، أدىل ولم فأمسكت،يشاءون. كما — بالدعاء عىل فليضنوا أو ىل وليدعوا كأمى، ولكونوا

عن فكفت الصنع دقيقة جميلة كسوة عام كل ىف الكعبة إىل ترسل مرص كانت وقدوأعجابه لها وحمده عليها اإلسالمى العالم وثناء املمتاز الدينى مركزها فخرست ذلكالفن هذا ورثوا الذين املرصيون الكسوة صناع ذلك جراء من وتبطل بصناعتها،لها جلبت الكسوة لصنع دارا السعودية الحكومة وأنشأت له، وانقطعوا آبائهم عن

59

Page 61: رحلة.إلى.الحجاز

الحجاز إىل رحلة

ورأينا الدار هذه زرنا وقد الحجاز، أبناء ويلعلموا ذلك ليتولوا الهند من األساتذةومن والفضة، بالقصب واملطرزة املوشاة الحرانر من تخرج مما ونماذج أنوالهاصناعتها مرص وخرست جديدة صناعة الحجاز أفاد وهكذا إليها، وما السجاجيد

بالفاقة. عمالها وأصيب البديعة، القديمة

ىف طالت لحيتى أن — القارئ يصدق أن املمكن ومن — أقول أن املمكن ومنلخرجت الحظ سوء لوال وأنى أيام، خمسة ىف عادة تطول ما أضعاف دقائق خمسما للقارئ وسأروى شرب. األقل عىل طولها جليلة بلحية اليوم ذلك صباح الحرم منانتابنى الذى الغم ذلك مشاطرتى إىل ستدفعه مرؤته أن من يقني عىل وأنا حدث

الفضية. الفرصة تلك يدى من أفلتت ملاالصفوف بني قعدنا ثم األصح عل نزلنا أو الكعبة من خرجنا أننا ذلك ورشح— بابها عىل — الدعاء وسماع الكعبة لزيارة األمري مقدم ننتظر الصفا باب عنداآلن نسيتها كثرية أخرى وبأشياء والتأييد النرص ودوام العمر بطول والده لجاللةالحرم، إىل الحكومة دار من الطريق ىف صفني الجيش وكان ىل، وقع ما عنها واذهلنىوأقبل الباب، إىل بنا فنهضوا األمري جاء وقيل فنائه، ىف صفوفا املدارس وتالميذاملزركشة ثيابهم ىف وعبيده حاشيته ويساره يمينه وعىل وأمامه يديه وبني سموهومنا موكبه ىف فرسنا صفه إىل الخلق بنا وفرقوا إليه فدفعونا املباخر، أيديهم وىفالكعبة بلغنا حتى وراءه الزحام ردهم وآخرون جانبه، إىل يكون أن استطاع منأحسه ما عىل أتصرب وأن الهائل الحشد هذا ىف عينى فأجلت بابها، أمام ووقفنايرى أن فخفت تلعب، النسفاه فرأيت ضلوعى، ىل يقصف كاد الذى الضغط منينقذنى هللا لعل بالفاتحة أحركهما فقلت بشئ، تضطربان ال ساكنتني شفتى أحدحياتى ىف قرأتها التى الفواتح أشد كانت أنها وأشهد فيه. أنا الذى األزم من بربكتها— شابا رأيت ثم بدعاء، صوت ارتفع حتى آية منها أتلو كدت ما أنى ذلك بركة،وأنا لنفىس فقلت جميلة، النسج رقيقة بعباءة الداعى إىل يرمى — ذلك أظنه أنا أوثم األمري، عىل منه وبأجدى هذا من بخري أدعو أن ألحسن أنى وهللا الداعى، أحسد

أيضا. مستجابا دعائى أرى أنىالكعبة سادن أن عىل قطعها فقد الخواطر، هذه ىف أسرتسل أن أستطع ولمنقدم — فوقنا الكعبة، باب ىف وأحفاده أبناؤه لعلهم أو حاشيه، ىف واقفا وكان —

60

Page 62: رحلة.إلى.الحجاز

مكة يف

فصربا إذا، دورى سيجئ لنفىس فقلت يدعو، أيضا هو وانطلق كفيه وبسط خطوةالسادن الشيخ وقارب العباءات، من الكفاية الشاب مع يكون أن وعىس مازنى، ياوقوامه بلحيته ال ولسانه قلبه بأصغريه. تعلم كما واملرء، — لسانه فزل الدعاء ختام

العثمانية!! للحكومة ولكن.. والتأييد، النرص بطول فدعى —أسود». خرب «يا فصحت:

وجهى إليه وأدرت ىل، زميال أظنه وأنا جارى ذراع فقرطت نفىس أملك ولمفراعنى: صيحتى تأييد وجهه ىف أقرأ أن متوقعا

عرفه. أن أحب أو أعرفه رجال وال ىل زميال يكن لم أنه أوال:كاألسفنجة. التقطيب من ووجهه شزرا إىل ينظر كان أنه ثانيا:

فخطوت توهمت، كما ملالكمتى إستعدادا جيدا، ويفحصه ذراعه يعرى كان أنه ثالثا:خفت، أنى القارئ أكتم وال األمري، حاذيت حتى األرجل بني وتسللت األمام إىلالعثمانية، للحكومة الدعاء من الجار لهذا أوجع كانت فرصتى أن أيقنت فقدالقرص، ىف هو ما — بالتجربة يعلم أن يمكن وما القارئ يعلم ال كما — وأنابأظافرى، ال بهما وأفركه أصبعى لحم بني الجلد من «خيطا» أتناول أنى ومزيتىفائدة فهذه النار، كلذع ولذع وشئ، كى، لذلك فيكون والبلهاء، األغرار يفعل كما

اليحتسبون. حيث من القراء بها خرجعىل وما سيف، برضبة بدنه عن رأسه سيطري الكعبة سادن أن واقف وأنا وأيقنتيتدحرج الرأس فإذا بأصبع له يومىء، أو عبيده من واحدا بعينه يغمز أن إال األمريعمر آخر هذا أن ىف الشك من ذرة تخالجنى ولم أقدامنا، عند ويهوى السلم عىلالرجل إن مادام لنفىس، وقلت آمن، فيه وما فيه من كل الحرم أن ونسيت الرجل،ستحلق وهى روحه مع لحيته نذهب أن شك وال الخسارة فمن محالة، ال مفتولإىل عينى ورفعت أمرد، إال الجنة ىف املرء تكون فما موته، بعد حال كل عىل لهأن راجيا اإلعدام إشارة أملح أن بعد إليه، أتقدم أن نفىس وطنت وقد األمري وجهفإذا الكعبة سادن الشيخ إىل عينى وحولت لنفىس، وإتخاذها لحيته نزع ىف يأذن

كتفه. من يجذبه وراءه واحدرأسك». لك ليقطعوا الخارج إىل سيقودونك مسكني! يا أجلك حم لقد «آه! فقلت:مصححا: وقال إلينا ثم يجذبه من إىل التفت أن ذلك أمىل، خيب السادن ولكن

السعودية». للحكومة والتأييد النرص «بطول

61

Page 63: رحلة.إلى.الحجاز

الحجاز إىل رحلة

وجهى عىل وليس دخلت كما إذا وسأخرج اللحية، خرست الفرصة، ضاعتالشائك الشعر من بشرب الرجل هذا وسيظل وأسفاه! القصرية، الشعرات هذه سوىيضن لحية وما البال! كاسف محروما الناس بني أنا أمىش حني عىل وجهه مدار عىللبسها وقد عمره، بغريها ينقص وال كربا، بها يزيد ال صاحبها أن األمري؟؟ بها عىلساحل عىل واقف وهو اآلن يضريه ولن بها تمتع ما طول فحسبه طويال دهرا

مثلها. إىل منى أحوج ليس الذى أنا عىل، تخلع أن الحياة،وجهى، وتهضم عينى، ىف الدنيا وأسودت صدرى، عىل وتدىل قلبى، وهبطاألرض إىل لتهافت كافيا مكانا ىل الناس أفسح فلو رجالى، وتخاذلت وزنى، ونقصوظل خدى، لحم وأدبر املرهقة، واألعصاب اليابسة العظام من مفككا كوما وتهاويت

الجذور. إىل الشعر معظم فربز ومنابته الشعر أصول بلغ حتى ويدبر يدبرالهزال! من … طالت قد لحيتى أحس بى فإذا وجهى إىل يدى ورفعت

أكتافنا. عن الحمام فطار بجاد قلعة من املدافع وإنطلقت

أمام أفندى رياض ويستوقفنا ونتزاحم نتدافع معه فكررنا راجعا األمري وكرالقصري أنا وأشب العدسة، أمام منها. تظهر فرجة رؤوسنا فتتلمس الفوتغرافيةاألمري فسبقنا غريه؛ من دخلنا قد وكنا الباب، بلغنا حتى يائسا، انحط ثم املسكنيأقدامنا فيها صارت فلما بأحذيتنا، يجيئونا أن ننتظر نحن ووقفنا الحكومة، دار إىلوقلت «الخاكى» ثياب ىف الجنود منظر وراقنى الحكومة: دار إىل الجند صفوف بنيبالسالم يدى وأرفع ويسارا يمينا أقفلت فجعلت األمري مر فقد شك وال لتحيتنا باقون

تسلم؟» من «عىل واحدا: فسألنىأخى». يا الجند تحية «أريد قلت:

أن أتريد منك؟ تهكما هذا يعدوا أن تخىش أال أخى؟ يا جند «أى بى: فصاحورطة؟». ىف توقعنا

تحياتى وواصلت واملرئية، بالعطف وأحفلها وأرقها إبتساماتى أعذب فمنحتهالغرية؟ بهذه عابئ غري وتسليماتى

كرة رميت فلو لقدم فيه موضع ال غاصة كانت فقد الدار. تنقض أن وتوقعتاألرجح لكان بل األرض، إىل تصل أن دون رأس إىل رأس من نتنقل لظلت صغرية

معهم. األمري عىل تدخل وأن العليا الطبقة إىل الناس مع تصعد أن

62

Page 64: رحلة.إلى.الحجاز

مكة يف

الكرباء وحوله الصدر ىف واقفنا األمري وكان اإلستقبال. غرفة بلغنا ما ألى وبعدوضع وجيه أو عظيم بينهم من كان فإذا ويصافحونه. إليه يتقدمون والناس والجندىف ىشء أبرز األنف ألن أنفه وقبل وجذبه األمري كتفى عىل يده — الوجيه أى —املهنئني قبل عليها ومتلقيا شاء ملن أنفه مقدما رأيناه، كما األمري وقف وقد الوجه، أيضا أنا لفزت إذا كرىس! أمامه كان أنه لو وددت دورنا جاء فلما الداعني، ولثماتفأكتفيت تعرف، كما ولكنى رسه، وتقصيت سببه وعرفت ذلك ولجربت أنفه بتقبيللتسيبها، ولفنا إليها تنبيها لحيتى تمسح ويرساى ووقار، تؤدة ىف إليه تقدمت بأن

عليها. وتقبض يده إىل تمتد ويمناىروح، وال فيه حرارة ال بارد ألنه يعجبنى ال النجديني سالم أن أقول والحقمن قطعة كأنها مفتوحة كفا إليك يمد — أمري غري أو أكان أمري — منهم والواحديبادلك لم عليها وقبضت تناولتها فإذا لها، أعصاب وال فيها عظم ال الطرى الجبنفتخجل وضعف، فتور ىف يسحبها ثم تشاء، ما بها تصنع لك كفه ترك بل ذلك

عروقك. ىف الدم ويجمد يده، بها تناولت التى الحرارة وتربدوهناك إليها بنا ذهبوا أخرى غرفة إىل عليه، السالم بعد األمري عن وانرصفناوهنأناه وجلسنا فدخلنا األمري إىل دعينا أن لبثنا ما ثم الليمون، عصري سقوناالبن من خليط أنها ذلك عجيب، وأمرها النجدية، القهوة علينا وأديرت أخرى مرةالحريمة، األخالط هذه بني يختفى البن وطعم أيضا، ماذا أدرى وال والحبهان واملرىالفناجني يمناه وىف يرساه، ىف الخادم يحمله النحاس، من كبري أبريق بها ويجيئونكويقدمها الفنجانة ىف رشفة مقدار األبريق من فيصب بعض ىف بعضها الكبريةالقهوة راقتك فإذا برسعة، فيها ما لينحدر وتهزها فمك عىل الفنجانة فنقلب لكالفنجانة هززت وإال وهكذا أخرى رشفة لك فيصب صمت ىف بالفنجانة يدك مددت

عنك. فينرصفأنام أن وخفت ثقيال، أحسه رأىس وكان متعبا األمري مجلس ىف وأنا كنت وقدفإن الفنجانة ىل يمأل أن الخادم من فرجوت بالقهوة؛ نفىس أنبه فقلت أهوم، أو أنابعد رشفة ىل يصب فذهب عادته أثر ولكنه شيئا تصنع ال الضئيلة الرشفات هذهيذهب أن مخافة الفنجانة أناوله وال إىل، وأرده واحدة كل بعد أناديه وأنا أخرىيمىض وهو وصاح الفنجانة الخاد خطف مرات أربع ذلك تكرر فلما يعود. فال عنى

رجل!». «يا ضاحكا عنى

63

Page 65: رحلة.إلى.الحجاز

الحجاز إىل رحلة

لونا ال حقيقية قهوة أريد به الفارغ الكالم هذا «ما أقول: وأنا وراءه فقمتهنا!». تعال الفنجانة! ىف

الخرب. ما يسألنى الحاشية من واحد إىل فأرسعويقدم عىل يضحك الرجل وهذا حقيقية، قهوة أرشب أن أريد أنى «الخرب قلت:— الخرب هو هذا شئ. منه حلقى إل يصل وال يسيل ال الفنجانة قعر ىف دهانا ىل

للقهوة!». أثرا عليه ترى هل بذمتك (وأخرجته) لسانى هذا ثمالفنجانة». له أترع هذا. يا تعال عليك. «ال الرجل: فقال

كان. وقدمكان كل ىف بها يجيئوننى وصاروا القهوة بلون مخادعتى عن ذلك بعد وكفوارسقت ولكنها أثرها، وال طعمها ىف وال مقدارها ىف وال فيها شك ال حقيقية قهوة

برشفة. منها يكتفون ملاذا ففهمت جفونى من النومىف أشك لم واحدا الطريق ىف لقيت أن فأتفق لنسرتيح الضيافة دار إىل وعدنا«كيف وقلت: فرصة، هذه وقلت عليه فأقبلت قصريا، نجديته فوق وكان نجدى أنه

خري». هللا شاء إن حالك؟ إستعدادا شفتى ومططت يفعلون رأيتهم ما نحو عىل فجذبتها كتفه عىل وأهويتالجذبة وجاءت الالزم، الحساب وعمل األبعاد قياس أحسن لم ولكنى أنفه، لتقبيل

األنفان. واصطدم فمه عىل فمى فوقع ينبغى مما وأشد أرسعبشفتى: وأمصمص أتلمظ وأنا اإلعتذار، سبيل عىل له قلت دهشته، من افاق فلماالخريه حال كل عىل ينقصنى. التدريب ولكن أنفك، أقبل أن أردت لقد مؤاخذة! «ال

عليكم». السالم الواقع. ىفلبالهتهم توهموا وقد إىل بالعودة يهمون وهم بأخوانى ولحقت أعدو وذهبت

مصارعة. ىف اشتبكنا أننا

64

Page 66: رحلة.إلى.الحجاز

الخامس الفصل

والكندرة بنيمكة

يسمونها كما «شيشة» أو «نرجيلة» أدخن أن الضيافة»، «دار ىف جالس وأنا أشتهيتكلما جدة. ىف وكنا مكة، ىف منظرها افتقدت ولكنى هواتها. من ولست مرص، ىفمختلفة وحجوم شتى أشكال عىل النراجيل هذه من بعدد يجيئوننا بيت ىف دخلناومنها بالذهب، املطىل أو املنقوش املعدن أو الفضة من هو ما فمنها عدة، وألواناملخمل من خرطومه والذى الغفل، والساذج صنعة فيه والذى والطويل، القصرييستعملون جدة وأهل فيه. للتقىص موجب ال مما ذلك آخر إىل األخرض، أو األرجوانىتجعل قبل، من بأسمائها أسمع لم أخرى مادة ومائة بالعنرب معالجا طباقا للنرجيلة

يحلم. — سمعت ما عىل — املرء وترتك قويا أرجا لهعىل — ىل وخطر مكة. ىف لها أثر وال جدة، ىف النراجيل تكثر ملاذا أفهم ولمبالتدخني، تسمح وال تدخن ال والحكومة الحكومة ضيوف هنا أننا — التعليل سبيلأن وقلت التعليل هذا إىل أسرتح لم أنى غري دورها. وىف حرضتها، ىف األقل عىلفأنا بواحدة، يجيئونا أن علينا يقرتحوا أن يسعهم كان بنا يحفون الذين االعيانال فلم السجاير يدخنون أنهم ثم للمرصى، جائز للملكى يجوز ال وما مرصيون،ال الحجاز ىف القوم أن أقول السجاير ذكر وعىل تدخني، وكله النراجيل، يتخذونإليهم ويصدره يصنعه ما بعض هو ردئ رخيص واحد صنف سوى منها يعرفونكما السابق يتخذه التحقيق، عىل ردئ ولكنه شك، رخصه ىف يكون وقد «ماتوسيان».وأقوى عنارصها وأبرز هناك، بخري ترى كما فالديمقراطية الرسى، الوجيه يتخذه

«ماتوسيان». هو مظاهرهاأضطجع أن اشتقت فأقول النرجيلة، إىل أعنى عنه، استطردت ما إىل وأعودأضع وأن صغرية حسبانة عىل بكوعى وأتكئ الوترية الحشايا هذه من واحدة عىل

Page 67: رحلة.إلى.الحجاز

الحجاز إىل رحلة

رئتى إىل الكثيف الدخان وأرسل سفنى من النرجيلة خرطوم وأدنى رجل عىل رجالوأنفجر وأذنى وعينى وأنفى فمى من أرده ثم قدمى، أخمص إىل بل ومعدتىوالدخان دقائق بضع ذلك بعد وأظل جوىف؛ من إنطلق بركانا كأن القوى بالسعالالحريق، نار جوفه ىف إندلعت الخشب من بيت كأنى كلها بدنى مسام من يخرج

يصنعون. جدة أهل رأيت كمارضيت كما الربيئة، املتعة هذه من الحرمان عىل ورضتها نفىس ضبطت ولكنىالقارئ يدرك أن يسهل كما — ذلك وآملنى الويسكى، إبتغاء عىل الكف عىل شيطانىأهل خالف عىل مدللون جدة أهل بأن وأعزيها نفىس أناجى فرأيتنى — عناء بغريدالال للقوم أن ويحس والنعمة، الرتف مظاهر املرء يجتىل جدة، ىف أى هناك، — مكةواملجاملة الرعاية من توليهم الحكومة وأن — شئت إذا دالة أو — الحكومة عىلمكة ىف منها نصيبها أمور ىف لهم وتطلق مكة، ىف مشبه له ليس ما والتسامحتحس، وطأة للحكومة بأن خاللها ىف نشعر لم أياما جدة ىف قضينا ولقد التشدد.

مكان. كل ىف مكة ىف ملموسان ووجودها الحكومة أثر ولكنلذة حرمانى عن نفىس به عزيت الذى هذا ىف مبالغا أكون أوال أكون وقدالحالتني بني الفرق من به شعرت فيما جدا مخطئ غري أنى أعتقد ولكنى النرجيلة،تاجر؛ حاكمها، أى جدة قائمقام فإن الحكومة، سلطان حيث من ومكة جدة ىفوأن لهذا يعجب أن باملرصى وخليق وظيفته، أعمال وبني التجارة بني يجمع هوبالتجارة، يشتغل أن للموظف اليؤذن حيث بالده ىف املألوف عن شذوذا فيه يرىمن الطائف فتح بعد مكة دخل السعودى الجيش أن التاريخية الحقائق من أن ثمبعيدة مسافة وعىل حولها أقام بل جدة يقتحم لم ولكنه يتلكأ، أو يتلبس أن غريمكة، وبني بينها ما ويتصل أن يمنع ال لينا خفيفا حصارا عليها يرضب عنهااألول الدافع أن املحقق من ولكن مكة، عن املؤن يقطع ال حتى ذلك فعل ولعلهأجنبية، قنصليات جدة ىف أن عنوة فتحها يحاول أن وإجتنابه الحصار إيثاره إىلالدول إحدى فتتذرع بسوء رجالها أحد أو دورها تصاب أن السعوديون خىش وقدالجيش فبقى مجراه، يجرى مما ذلك غري أو جدة إلحتالل مسوغا منه ونتخذ بذلكبن عىل السابق امللك عن موارده وانقطعت املال نفد حتى شهورا بجده محيطاعىل منها وأبحر املدينة فسلمت األمر، عليه وفشا الجند رواتب وتأخرت الحسني،«بسيارته هنا نزل الذى ملكه كل من محتفظا بريطانية بارجة عىل الحسني بن

وخيله»؟؟ وسجاجيده

66

Page 68: رحلة.إلى.الحجاز

والكندرة مكة بني

وبسط خاصا مركزا األسف مع لها جعل قد جدة ىف األجانب بوجود وكأنىىف هو مسلكا حيالها تتخذ الحكومة وجعل العامة الحماية من ملطفا رضبا عليهاالسعودية الحكومة كانت لو أنه ويقينى األخرى، البالد ىف مسلكها من ألني جملهوثغورها شواطئها عن الدفاع عىل وأقدر سالحا وأتم عدة وأوفر هى مما أقوىالسلم السعود ابن امللك جاللة يتوخى ذلك أجل ومن املوقف، وتغري الحال إلختلفكما البيت، ويرتب أموره يصلح أن له ليتسنى وذلك والنزاع، الحرب عىل ويؤثرهامن منه مفر ماال ويبارش ويقويها حكومته ويوطد مشاكله ويعالج األفرنج. يقول

موارده. بذلك نسمح ما قدر عىل اإلصالح وجوهاملسرت ىل قال قح، نجدى، ويتوالها املالية، وكالة إىل اسرتحنا أن بعد وقصدناوفيها بسيطة وغرفه املال، سياسة ىف وأحذقهم وأذكاهم الرجال أمهر من أنه فيلبىاألمري سمو تفضل وهناك وأجمل، منه أفخر واحد إىل مرص ىف أنا أجلس مكتبفكان أيضا هى تصور أن الحاشية رغبت ثم معه، نصور أن وأذن الزيارة لنا فردالتصوير ىف يرون وال «العكس» الشمسية الصورة يسمون والنجديون أرادت. ما لها

نسمع. كنا كما يكرهونه وال باسا— التحقيق وجه عىل بمن اآلن أذكر ال — ترحيب خطب ألقيت املالية وكالة وىفالحجازيني. من باثنني جئ أيضا وهناك ريب. أدنى بال والده وجاللة لألمري وتهنئةسمو إىل الوكيل فقدمهما الربيد». «طوابع طبع وعملهما حكومته ىف موظفان همااملبايعة. يوم — اليوم لهذا تذكارا عملت التى الطوابع من نموذج عىل وأطلعه األمريشتى أقسام وبه مريض، مائتى يسع رحيب وهو املستشفى ذلك بعد وزرناوبرت مرصيون، أطباء وفيه وغريها، النساء وأمراض الباطنية، واألمراض للجراحةالتى الكسوة دار إىل قصدنا ثم املاء، من إليه يحتاج بما تمده حديثة أرتوازيةجليال. انسانيا واجبا تؤدى هى املرصية التكية إىل ثم ومن عليها، الكالم أسلفت

ما ولشد أيضا؛ األوربى الطراز عىل الضيافة دار ىف فتناولناه الغداء وقت وجاءذلك أبوا الحجاز ىف ولكنهم البدوية أو العربية الطريقة عىل مرة نأكل لو تمنيتالئق، غري العربية الطريقة عىل أطعامنا أن توهموا وأحسبهم بمتعته، وضنوا عليناواجب يقتضيه ما يناىف هو أو بنا، اإلستخفاف من ىشء إىل ينطوى ذلك أن أو

اإلكرام.

67

Page 69: رحلة.إلى.الحجاز

الحجاز إىل رحلة

بناء ىف الدكاكني أرى أن كرهت وقد املسعى، عىل وهو السوق، إىل ذهبنا ثمما كل وفيها مرص، ىف الخليىل بخان شبيهة ضيقة حارة إىل وملنا نفسه، الحرمىف ما وأكثر وغريهم، والفرس والهنود مكة أهل من خليط فيها والتجار الخان، ىفأبصارنا فزاغت مساعدان، له طويل هندى دكان ودخلنا فارىس، أو هندى السوقويسأل شيئا ويطلب يتكلم امرئ كل وكان املعروضة الطرف بني عيوننا وضلتالهندى إىل الثمن عن يسأل من ويحيالن نطلب ما يقدمان واملساعدان ثمنه، عنفأقرتضنا جدة، ىف معنا ما خلفنا فقد مال، ىل زميل مع وال معى يكن ولم الطويل،يسهل بالذى الحجازية بالنقود الحساب وال معتدلة األثمان تكن ولم اخواننا، منقروش عرشة والريال حجازية، رياالت عرشة يساوى املرصى الجنيه أن ذلك فهمه،بالقروش الجنيه تحسب ذهبت فإذا هنا، يقف األطراد ولكن وهكذا، خمسة ونصفهعرش اثنى تارة تكون أخرى قروش وبضعة قرش مائة عجيبا: شيئا يساوى وجدتهلحالة تبعا تضطرب بالقروش قيمته أن إال به أظن وما عرش، أربعة وطورا قرشاوكنت تتغري ال ثابتة القيمة كانت وإذا بورصة، جدة ىف وال مكة ىف فما الجو،غريها تاجر عند الجنيه قيمة أجد كنت فقد ىل، وليس للتجار فالذنب الخطئ أنخطوتني كل بعد تهبط القيمة فألقيت السوق ىف أتوغل كنت أنى واتفق سواه، عندوقد اال آخره من أدنوا اال السوق ىف داخال طريق ىف مضيت أنا إذا فخفت قرشا،السوق نهاية بلغت أنا اذا خفت بل الدولية، كاملعاهدات ورق قصاصة الجنيه صارإىل — هاربا ال — خارجا ووليت برسعة ارتددت لذلك مدينا!! أصبحت أنى أجد أنوأصبح للتجار به الوح — اقرتضت مما — منشور جنيه يدى وىف السوق، أولوعرشين! بمائة بالش! يا تريه! أال «أالدو! خطوات: بضع كل بعد القيمة رافعا

وعرشين..». وخمسة بمائة أالدو!ولكن بجنيهى! كلها مكة أشرتى أو الغنى أفيد أن لرجوت السوق طال فلوالسوق داخل إىل يردوننى وجهى ىف فوقفوا التقدم هذا مغبة وخافوا أشفقوا التجارإىل الحكومة وتنبهت جامحا! جوادا ليصدوا الناس يفعل كما وجهى ىف ويشوروناألمري ركب «لقد يقول: رجالها كبار من واحد عىل فأقبل بعاصمتها املحدق الخطر

به». لتلحق فهلمأول ىف الجنيه قيمة ارتفاع ىل أتاحها التى الغنى بفرصة مشغوال كنت ولكنىأالدو نركب! أن «قبل أصيح: ومضيت به أعبأ فلم آخرها، عند وانخفاضه السوق

وخمسني؟». بمائة مزايد؟ من هل وأربعني! بمائة أبيع تريه! أال

68

Page 70: رحلة.إلى.الحجاز

والكندرة مكة بني

أخى «يا بى: وصاح واالرتياع الفزع أمارات كل وجهه وىف الرجل فجذبنىطويلة». املسافة ألن به ناحفوا أن يجب ركب! األمري لك! أجول

فنحيته بذكائى، عليه وقعت حالل ربح عن يرصفنى أن يريد أنه فأدركتتكون أن نفىس ىف وقدرت ألهث وقفت ثم السوق أول إىل أعدو وإنطلقت عنىيحتمولننى بالقوم وإذا املناداة بإستئناف وهممت قرش، آالف عرشة بلغت قد القيمةأقول وأنا فقعدت املوت، من يفر كأنه السائق بها وإنطلق لسيارة! ىف ويضعوننىالحكومة أطالب حييت ما وسأظل ىشء! ىف اإلنصاف من ليس هذا «أن لنفىس:وغلبنى مطالب». وراءه حق يضيع ولن أيضا! وبالتعويض عىل أضاعت بما الحجازيةأبدا. كدأبى — فاتنى ما حقيقة عن باألحالم واسغنيت جدة إىل الطريق ىف النعاس

سلمت: ملا العزيز عبد امللك جاللة نزل وفيه جدة: من دقائق عىل قرص والكندرةهذا وىف التاىل، اليوم ىف جدة يدخل أن قبل فيها الدول وممثىل أعيانها واستقبلفإن عجب، وال إليها، سموه وسبقنا األمري حرضها التى الشاى حفلة أقيمت القرصاضطراب وراء من الغنى يريد وال األسواق ىف يتلكأ وال الرولزرويس يركب سموهيأبى سيارة ونركب — العذر ولنا — ذلك نفعل ونحن التجار، بني الجنيه قيمةظرفة عىل هو وألنه جديدة، ألنها يفسدها لئال بها يرسع أن «صابر» سائقها

جدا. حنبىل وفساحتهواقفني رشبناه وقد شاى، ككل فإنه الشاى عن شيئا أقول أن بى حاجة والواللمائز الفطائر وألوان واللبن الشاى بأباريق منقلة مائدة إىل عرشين نحو كل —املفوضية بأعمال والقائم باألمري، يحفون الدول ممثلو وكان والرصائع؛ والوالئقإكتساب إىل ويتسابقان عنده الخطوة عىل يتنافسان املفوض الروسيا ووزير الربيطانيةآثرنا فقد بطوننا. سوى الحجاز ىف أهم عمل من لنا يكن لم الذين نحن أما وده،أنهما املتنافسني املمثلني لهذين حمدنا وقد نشاء، كما ندخن أن ليسعنا أخرى مائدة

له. ومطاردتهما عليه بإلحاحهما عنا األمري شغالسمو ووقف القرص، أمام الذين الفضاء ىف الجيش، عرض ليشهد خرجنا ثمومعهم الخاكى ثياب ىف النظاميون املشاه فمر الرؤية، لتتيرس صفة من وأدنانا األمريىف البدو، بهم أعنى وأنا الباشبزوق حينئذ سيمتهم من تالهم ثم املختلفة، أسلحتهممنتظمة، صفوفا يمشون بدوأ كونهم عىل وكانوا األلوان، املختلفة الفضفاضه ثيابهم

69

Page 71: رحلة.إلى.الحجاز

الحجاز إىل رحلة

تختلف وال تتعرج وال تلتوى ال مرتاصة صفوفا الهجانة ثم الفرسان بعدهم وجاءمثقلني «الرجال» يسمون كما «الرجاجيل» وعليها، جمال، جمل يسبق وال كسوتهاأو جبلية وأخرى رشاشة مدافع من بأنواعها املدفعية هؤالء وأعقبت الكفاح، بأدواتالسالح أنواع من رأيت أعرفنى فما وتفصيله، بيانه أحسن ال مما غري أو للميدان مدججا رجال رأيت كلما الحجاز ىف كنت ولقد األعياد، ىف األطفال به يلعب ما إالفلو — بكفى وأتحسسه سالحه أملس أن هممت وقد يدى؛ وأمد منه أدنو بالسالحبلمسه. نفىس ألمتعت الخطف؛ أو الرسقة أريد أنى بى يظنوا أن من الخوف ال

املحمل يعدون كيف لهم فعجبت علينا مقبال صغريا محمال بعيد من وأبرصنايدرك لم خفيفة أشارة بيده األمري وأشار مثله! محمال ينخذون ثم صنما املرصىنحو عىل الفرسان يكر بأن أمرا وحسبناها بها، املراد أو معناها وقتئذ منا أحدبخيلهم األرض يخطفون واحد أثر ىف واحدا عادوا فقد الحرب. ىف يفعلون ماأن وأشهد السيوف، شهروا أو البنادق صوبوا أو الرماح رفعوا وقد ويتصابحونبجيادهم يعدون وهم القارئ رآهم ولو مفزعة، وأصواتهم مزعجة كانت مناظرهممنقوشة، وشعورهم بحرابهم الهواء يوطعنون ظهورهم وراء من البنادق ويطلقون

الجن. بعض لحسبهمملاذا «واملحمل؟ واحدا: فسألت لريجع ودار باسما األمري والتفت الناس وصفق

نره؟»غاب». «لقد فقال:

كيف؟». «غاب قلت:أثر». له يبق «لم قال:تعنى؟». «ماذا قلت:

فأبعد». به سموه «أمر قال:املحمل انقطع أن بعد املحمل هذا نرى أن لنا كره سموه أن ذلك بعد وعلمنا أوما األمري ملحه فلما نفسه تلقاء من وكساه صنعه قد التجار أحد وكان املرصى،لم فكأنه ومزقوه. وحطموه عليه فحملوا مراده فهم فأخطأوا يردوه أن حاشيته إىل

يكن!أحساسنا. ومراعاة مجاملتنا ىف دقيقا األمري سمو كان الحد هذا إىل

70

Page 72: رحلة.إلى.الحجاز

والكندرة مكة بني

رسمية املأدبة هذه وأن الكندرة قرص ىف عشاء مأدبة إىل مدعوون أنكم أذكروا وقيل:ممثىل وأن سيحرضها؛ فيصل األمري سمو وأن إدارتها؛ أو الخارجية وزارة تقيمهاالثالثة الساعة فقالوا العشاء هذا موعد عن فسألت كذلك. سيشهدونها األجنبية الدولورشعت األفرنجية ساعتى عىل نظرة وألقيت وقلما ورقة فتناولت العربى؛ بالحساباملعارف وزارة غلطت ولقد الحساب، ىف هللا خلق أخيب أنى القارئ أكتم وال أحسب،الحساب، هذا أدرس أن فكلفتنى — سنة عرشين نحو منذ — مرة (املرصية)املدرسة «ناظر» إىل فقصدت شيئا، إعرتاىض عنى أجدى فما وأحتججت، فأعرتضتتعتقد معارفنا وزارة «أن له: وقلت — إنجليزيا وكان — إليها نقلت التى الخديويةالرياضة لتعليم أصلح ال أنى نفىس من أعرف ولكنى شئ؛ لكل يصلح امرئ كل أنى واحدا يساوى واحد ىف واحدا أن أصدق ال أنى وأصارحك خاصة؛ والحساب عامةتكون وقد عقول» لنا ليست معناه خبئ؛ له «كالم عربى شاعر يقول كما «هذا»العلوم أن عندى املحقق ولكن اآلن، ندعها خالفية مسألة هذه عقول، لنا التكون أوعىل عونى ىف لك فهل عقىل، دائرة ىف تدخل ال الحساب هذا جملتها وىف الرياضية

أريده؟». مانبغى؟». «وماذا وقال: فضحك

الفرقة التالميذ اىل تكل بأن وتقنع العالية، للفرق التدريس من «تعفينى قلت:أحفظ أن ىل ليتسنى العام هذا ىف اإلبتدائية الشهادة عىل الحاصلني أعنى األوىل،لرتدنى وساطتك تبذل ذلك خالل وىف معا؛ فنتعلم عليهم؛ ألقيه ثم أوال؛ الدرس

كنت. كما ترجمة مدرس جيدا الدرس أحفظ وكنت العمل، ىف ورشعت خريا، ووعدنى رصاحتى فرستهالهندسة ىف هللا وفقنى وقد حفظت، ما وألقنهم التالميذ عىل أدخل ثم زمالئى وأراجعالتالميذ، عىل أطرحها مسألة كل ىف أخطئ كنت منه!! باهلل فأعوذ الحساب أما والجرب،هى الوزارة وأن ىل، وليس للوزارة الذنب وأن منهم أجهل أنى أكتمهم أكن ولمواغتفروا عذرى قبلوا أنهم فأقول التالميذ وانصف وتخبطى؛ خلطى عن املسئولةإىل وبهدايتى عىل يشكل ما بايضاح عىل يبخلوا ولم بعطفهم وحفونى ضعفى ىل— الحل طريقة افهامى عليهم استعىص إذا — أحيانا وكنا اضل؛ حني الصوابوقد منهم الواحد قال وربما وحظهم، حظى سوء ندب ىف دقائق بعض نمىضالشنيع الخطأ هذا مثل الوزارة ترتكب «كيف ىل واملرثية عىل بالعطف نفسه فاضت

به؟ جاهل إىل العلم تدريس إىل فتعهد

71

Page 73: رحلة.إلى.الحجاز

الحجاز إىل رحلة

بلهجة وأقول — مرآة أمامى كانت فما أدرى ال — يصفر أو وجهى فيحمرفيه. هللا قضاء عىل الصابر

والسالم». هلل األمر سيدى! يا لها قل عارف؟ «أناالدراسة، سري عىل ليرشف عادته عىل جاء انجليزى مفتش إال ينقذنى ولمفأوصيت فيها، أنا التى للغرفة مجاورة وكانت غرفته، ىف الناظر مع أنه فعلمتالباب وفتحت يخرج، حني إىل، يدعوه بأن — يسمونه كما الفراش أو — الخادممقعدى إىل به ورست بمقدمه واحتفيت به رحبت عىل دخل فلما مرصاعيه، عىلوممسحة الطباشري وأصبع األسماء، وكراسة التحضري كراسة سلمته وهناك ومكتبى؛

السبورة.هللا ورحمة عليك فالسالم وأدواتى كراساتى ومعك أمامك، «التالميذ له: وقلت

الناظر. غرفة أمام وأدركنى ورائى فجرى وخرجت، وبركاته»فرقتك». إىل فعد جنون، هذا «أن وقال:

بأنى مرة مائة صارحنكم لقد عاقال؟ أظل أن ننتظر كنت وهل «جنون؟ فقلت:املساكني التالميذ عىل أضيع أن تقبل ال وذمتى ذمة، ىل أن تريدون؟ فماذا حمار؛

أعمارهم». من سنةحتى فانظر محلك. فيحل للرياضة مدرسا نجد ال أننا لك أكدت «ولكنى قال:

الرتجمة». إىل نعيدك ثم واحدا نجدأقوم أن مستعد وأنا املدرس. تجدوا حتى التدريس انت تتوىل «كال! فقلت:

التفتيش». بمهمة عنكبالعود أقنعانى أطيل: وال صوتنا عىل خرج قد وكان الناظر وضحك فضحك،

كان. وقد معدودات؛ اياما إال عذابى يطول أال عىل فرقتى إىلأعرف أن عزنى قد كان إذا القارئ ليعذرنى القديم التاريخ هذا قصصت وقدتكون كم ألعرف باألرقام كلها الورقة وهللا مألت ولقد األفرنجى، بالحساب الوقتالحجاز ىف العربى بالحساب الثالثة كانت إذا الحجاز ىف اإلفرنجى بالحساب الساعةمساء التاسعة إال والعرشين. والرابعة األوىل بني ما ساعة كل تكون فألفيتها أيضا،التاسعة كانت ولكنها التاسعة الساعة حسابى أنتج أن مرة اتفق وقد زعموا، كما

النافذة. من القلم ورميت بائسا الورقة فمزقت صباحا!قبل لنا باقية ساعة كم تصدقنى! أن «أرجو أذنه: ىف وهمست واحد إىل وملت

املأدبة؟». هذه

72

Page 74: رحلة.إلى.الحجاز

والكندرة مكة بني

ونصف». «ساعتان وقال: فيها ونظر ساعة فأخرجولو الذهن. وحدة الذكاء ىف هللا آيات من آية «أنك له: وقلت عينيه بني فقبلتههذا كل عمل تستطيع أن شك وال املدهش من فإن لحسدتك. طبعى ىف الحسد كان

عليك!». هللا فتح عليك! هللا فتح ثانية! ربع ىف املضنى الحسابمازنى. يا «أسمع فيها: لخياىل وقلت املرآة أمام ووقفت غرفتى إىل أعدو وخرجتفيها تكون أن فينبغى وقناصلها الدول وزراء وسيحرضها رسمية املأدبة هذه أنلها؛ وسبة عليها عارا ال والرقى، الحضارة من بلغته ما عىل وعنوانا لبالدك فخراوتثنيت تجعدت قد الحقيبة ىف طويت ما طول من كانت وإن السهرة ثياب فألبسالحجاز، ىف يغتفر بأن حرى هذا ولكن الشيخوخة؛ غضنته الذى كالوجه وصارتبرسعة؛ وأدرسه فأخرجه املجتمعات ىف السلوك آداب ىف كتاب الحقيبة هذه ىف وعندك

العمل!». فاىل إذن أفهمت؟ الكفاية، ساعتني ىف فإنبذلة وأخرجت برسعة وفتحتها الرسير عىل وحططتها الحقيبة وتناولتالبذلة، هذه تتطلبه ما وسائر األسود، والرباط األبيض والقميص «األسموكنج»الرسير عىل وقعدت فأخرجته الكتاب تذكرت ثم الثياب، من بدنى عىل ما ونضوت«فن العنوان: هذا استوقفنى حتى الفهرس ىف عينى وأجريت عار نصف وأنا أدرسه

االنحناء».ترجمته. ما كاملسحور، وأنا وقرأت الفهرس إليها يشري التى الصفحة ففتحت

بذاته؛ قائم فن يكون؛ وقت أى وىف يكون وكيف يكون وملن اإلنحناء، «إنالرجل به يمتاز ما أكرب واألستاذيه، فيه والحذق وتجويده، ذلك وإتقان

املهذب».

وطره بدنى قىض أن وبعد وسفال، علوا الرسور ىف وشاع طربا قلبى فخفقالكتاب عىل عكفت — التعبري ىف الرقة أثرنا إذا الرقص أو — والقفز الوثب من

فقرأت. الجليل الفن هذا منه اللتهم

ىف لهما وضع كأول القدمني وضع يكون أن املرء، عىل يجب ما «وأولالرقص».

األول الوضع هذا وأتمثل ذهنى إىل أحرض وذهبت ركبتى عىل الكتاب فكفأتاملرصية، املراقص ىف أراها كنت كما لألقدام شتى صور برأىس فطافت القرص؛ ىف

73

Page 75: رحلة.إلى.الحجاز

الحجاز إىل رحلة

خاطرى وكددت خياىل عىل فألححت األخرى، تشبه كانت صورة من ما أنه غريوليس رأىس صار حتى عداه ما كل عنه وطردت املوضوع هذا ىف ذهنى وحرصت

.«… الـ السيقان تحت وتنساب وتجئ تروح أل» الأل «ضاحكة أحذية إال فيهالتى العمرة فساد فيتم فوقها ما إىل األحذية من التصور ىف أترقى أن وخفت

القول. عليه أسلفت فيما عنها حدثتك أخرى وأشياء املطوف أفسدهاقرأت. ثم

الصدر عىل بنانها أطراف وتوضع ورشاقة بخفة اليرسى اليد «وترفعاليد وتكون الردفني يىل مما الجسم ويليه الرأس يحنى ثم القلب؛ فوقومما وأناقة»؛ بلباقة مقوسا خطأ الهواء «ىف ترسم ذلك أثناء ىف اليمنىفاتننا الوجه تعبري «يكون أن عليه والحرص فيه والتدفق توخيه ينبغىدرجة «أما ساحرة، سابية العينني ونظرة صاحبه، يستطيع ما قدر عىل

إلخ.. إلخ التحية» له الذى الشخص بمقام فرهن اإلنحناء

معقدا عمال يكون أن يمكن اإلنحناء أظن كنت فما وأطرقت، الكتاب وطويتهذه أؤدى أن وسعنى إذا بالرشاقة أجئ أين ومن باللباقة ىل ومن الحد! هذا إىلأو أسفل، إىل أعىل من — متتابعا رأىس أهزز أن هو أحسنه ما كل أن الحركات؟عن منى كال املخالفة أو املوافقة عن اإلعراب أردت إذا — اليسار إىل اليمني منمسافة وبينه بينى وتكون أعرف من بعض الطريق ىف أالقى وقد ال، أو بنعم النطقالشزر، بالنظر ويحدجنى يتجهم به وإذا برأىس إليه أومئ أن فأحاول الكالم تمنعبل رأىس أهز أكن لم أنى بعد فيما تبينت وقد التحية، رد ىف أدبه لسوء فأعجبلعذروا. علموا ولو السخرية محمل عىل منى هذا يحملون الناس فكان حاجبى أحركأبتسم وأنا وقلت املرآة أمام واقفا واستويت قدمى إىل فوثبت أتدرب؛ وقلتخادمك أنى لك وأؤكد أحييك أنى املازنى األستاذ سيدى «يا وانحنى: فيها لخياىلالأزال وكنت منظرى؛ عىل شق فقد برسعة أعتدلت ثم العمر» بطول لك وأدعو املطيعأتخطر خرجت ذلك من فرغت إذا حتى األسموكنج بإرتداء وعجلت عار، نصفامللوك ملك يدى بني ماثل كأنى عميقا انحناء تالت أو خطوتني كل بعد وأنحنىالخادم بطن رأىس عىل تكبسه بطربوىش وإذا العالم ىف إمرأة أفتن أو األقل عىلإبتسامة فمى وعىل وقلت عميقة إنحناءة إليه ورميت لنفىس ألفسح قليال فرتاجعت

74

Page 76: رحلة.إلى.الحجاز

والكندرة مكة بني

شخصك ىف واحيى أعتذر أنى «سيدى وسحرها: عذوبتهما ىف شك يخالجنى لمواألمانة». واإلخالص الطاعة فضائل

يتلفت وصار جبينه من البارد العرق وتصبب عيناه وجحظت املسكني فارتبكوىل الباب؛ عىل عينه وقعت إذا حتى منها يثب نافذه عن يبحث كالذى ويرسه يمنهوجهى من عليه جار عما طربوىش وأرد شأنى من أصلح هنيهة … فتلبثت هاربا؛إنحناءة إليه وألقيت. الباب استقبلت هللا خلق من أحدا معى أو أمامى أجد لم وملاطلعت النبى؟ عرض ىف بس ده «إيه بى: تصيح خلفى من بأصوات وإذا بارعة

الخدام». جتة عىل البال قوسا بيمناى أرسم وأنا وقلت متقنة بإنحناءة عليهم وجدت عقبى عىل فدرت

األمني». الوىف وخادمكم املطيع الخاضع عبدكم إنى «سادتى. مزدوجا:الذباب: من جيشا وجهه عن يطرد كأنما يديه بكلتا يثور وهو أحدهم فقالمعنى ما والهواء؟ وللخدم للباب تنحنى حتى جننت هل إيه؟ وزفت إيه «خادم

هذا؟»إىل الشوق أن األمر ىف ما وكل جدا، واضحا املعنى أظن ولكنى «عفوا، قلت:أن حقه من هذا أن أر لم الباب أو الخادم من خريا أجد وملا بى لج اإلنحناءىل بالظهور عىل تفضلتم وقد فأما أكابده؛ الذى الشوق حرارة أطفاء دون يحولأن وأرجو منكم مرأى عىل أخرى بتجربة أقوم أن ىل فأسمحوا املناسب الوقت ىفعليها». أطمنئ أن أريد فأنى إبتسامتى سحر إىل — الخصوص عىل بالكم تجعلوقليال فوجموا باهرة، انحناءة منهم كل إىل ورميت خطوة اليرسى قدمى ورددت

مطبق». جنون «هذا أحدهم: وقال كفا يدقون راحوا ثميمتاز ما أكرب البارع اإلنحناء إن واضعه يكد كتابا عندى ولكن «كال! فقلت:عىل ينقصكم فيه بما العلم فإن إياه أعريكم أن مستعد وأنا املهذب. الرجل به

التحقيق».الخادم أحدهم نادى ثم برهة صامتني فجلسوا الحسد سهوم عراهم أطيل. والبهذه تجئ اين من أدرى «ال الخادم: يدخل أن قبل ىل وقال األصح عىل له صفق أوالخادم أن أريده الذى ولكن كهذا؛ كتاب وجود ىف الشك عظيم كنت وإن الكتب،ما وكفى شيئا أمامه تفعل ال أن — عليك — ألح — فأرجوا عقلك ىف إرتاب قد

فعلت».

75

Page 77: رحلة.إلى.الحجاز

الحجاز إىل رحلة

راضيا كنت فقد صمت، ىف طلبتها التى القهوة ورشبت عليه بالرد أعلن فلموحذق. براعة من دونهم أحرزت بما معتزا نفىس عن

(بالحساب مساء التاسعة قاربت قد الساعة وكانت جده؛ ىف يبرتد الليل ىف والجولسائقنا فقلت الكندرة، إىل لركوبها السيارات لنا أعدت حني زعموا ما عىل االفرنجى)الغطاء وأنزل — مكة بعد وجفانا وملنا صابر هجرنا فقد — هنديا وكان الجديد

مكشوفة». السيارة تكون أن أريد فأنىعنيفة». والرياح بارد الجو «ولكن زميىل: فصاح

ثياب ىف منظرنا جدة أهل تحرم أن أتريد فضلك. من انت «أسكت فقلت:أن علينا وحرام املفردة، والفلتة القليلة الندرة ىف إال يرونه ال منظر أنه السهرة!

عليهم». به نضنودع معروفا فأصنع شجر، وال فيه ناس ال صحراء الطريق أن أخى «يا فقال:

مرفوعا». الغطاءأن ىل األنصاف من وليس ليلة، كل األسموكنج ألبس ال ايضا أنا «كال قلت:العيون، عن وأتوارى أختفى وأن الناشفة (الياقة) البنيقة هذه عذاب وأتحمل أرتديها

التعب؟». هذا كل تجشمت ملاذا إذارأيى. بسداد أقتنع السيارة ىف زميىل أن أقول أن أحتاج وال

طريقنا ىف الصحراء إىل جدة من بها وخرجنا مكشوفة السيارة ركبنا وأنناجزنا أن بعد القرص أضواء نرى كنا فقد طويلة املسافة تكن ولم الكندرة؛ إىلبالحجرات أطوف فجعلت بالضيفان، ويزخر بالناس يعب القرص وكان جدة، سورىف وضحكت خال؟ شرب القرص ىف وليس سنأكل ترى أين وأعجب بالخلق الخاصة

كافور: ىف املتنبى قول تذكرت وقد رسى

م��ق��ص��ود! ال��ق��در ع��ظ��ي��م ي��ق��ال ك��م��ا وي��م��س��ك��ن��ى م��ال��ى م��ن ي��أك��ل ج��وع��ان

وإستحييت طعام وال فيه ونحجز القرص إىل مئات ندعى حالنا! هذا أن ىل وخطرنفىس اتعبت ما الجوع، عض من والخوف العشاء، عىل القلق وإنسانى أسأل أنإبتسامة عليه مرتسمه كانت وجهى ولكن — اإلنحناء أعنى — فيه مهرت حتى

76

Page 78: رحلة.إلى.الحجاز

والكندرة مكة بني

من مكانك ترى أن تحب «أال قال: واحد منى فدنا املصارحة عىل الناس تشجعاملائدة؟».

«سيدى. وقلت: استويت ثم وانحنيت فرتاجعت حذقته الذى الفن تذكرت وهناأمرك». تحت أنى

ولم األستاذية، هذه بمثل عهد له فيما عجب وال وتلعثم. وجهى ىف فحملت«تفضل». قال أن عىل يزد

تتقبل أن أرجو أنى «سيدى. وقلت: وأبرع أدق أخرى بإنحناءة عليه فجدتو…». ينكره وال الجميل يعرف قلب به يفيض الذى الخالص شكرى

ىف يختفى أو يهرب لئال وراءه أهرول أن الحزم أن ىل وبدا الرجل، فهروليكفى أن يمكن طعام وأى مئات، هنا والضيوف فرص، تعلم كما والدنيا الزحام؛

جميعا؟ هؤالءألن لوجوده أفطن ولم قبل من أره لم خلفى سلم من الهارب، دليىل وانحدررقعة إىل األصح عىل أو الصحراء، إىل وراءه وانحدرت تحجبه! مسدلة أستارا عليهوالغاز بالكهرباء وأضاءوها املوىش الخيام نسيج من بسياج وأحاطوها منها اقتطعوهااملدعوين ورتبوا مستطيل شكل عىل املوائد فيها ومدوا اإلحتياط؛ سبيل عىل أيضااألطباق من إليه يحتاج ما واحد لكل واعتدوا اليعدوه، الذى مكانه فلكل بأسمائهم،فوق املستطيل قلب ىف وأقاموا األوروبية؛ الطريقة عىل ذلك وغري والسكاكني واملالعقكبرية صورة عليه ورفعوا النخل بسعف زينوه مرسح شبه القرص، منها يسقى برئالرحمن هللا «بسم وهى رأيتهم فوقها وجعلوا السعود، بن العزيز عبد امللك لجاللةعن البرئ حجب ىف ذوقهم أعجبنى وقد ماضيان. أنهما الشك سيفان وعليها الرحيم»

وإستخدامها. بها باإلنتفاع وحيلتهم العيونفيصل األمري سمو فجلس ساعة، قبل جدا آن قد هذا وكان يطمعونا؛ أن وأننتلوه، ونحن باشا زكى يساره وإىل األجنبية؛ الدول معتمدو يمينه وإيل الصدر ىفالشئون مدير حمزة بك فؤاد وتوسط الحجازيني، كرباء من رجل منا اثنني كل وبنيجملتهم وىف الدول قناصل ويساره يمينه وعىل املستطيل من آخر ضلعا الخارجيةالحفالت إىل رسمية غري بصفة يدعونه وهم به؛ معرتف غري كان وإن مرص قنصللها. المسوغ التى املتكلفة الحكومية الجفوة من البلدين بني مما الرغم عىل ومآدبهاعليه واطئ كرىس — املائدة فوق — الضيوف من ثالثة نحو كل أمام وكانهذا وفوق ذلك إىل وما والزبيب بالصنوبر املخلوط املحمر باألرز غاص كبري طشت

77

Page 79: رحلة.إلى.الحجاز

الحجاز إىل رحلة

نراه فال األمري إىل فننظر أنوفنا إىل وتتضوع املغرية رائحته تفوح محمر كبش كلهحتى الشهية األطعمة من لونا عرش بتسعة علينا طافوا وقد ونتنهد، فنكف يمسهكروش لنا وصارت صدورنا وبرزت نتنفس، أن نستطيع نعد ولم جدا إكتظظناالذى الخروف عىل متحرسا قمت أنى أعرتف أكلنا؛ ما كثرة وعىل عظيمة، كرويةكانوا إذا ويحمرونها الجميلة الخراف هذه كل يذبحون ملاذا أدرى وال أمامى، كانحقيقية خراف أنها ىف الشك خامرنا قد شيئا؟ منها نصيب يدعوننا وال يأكلونها الصور عىل مجسمة رسوم لعلها وقلت مآه! «مآه! وتقول تثغو ساعات قبل كانت

الحجاز. ىف الفن لهذا أثرا آر لم ولكنى الخراف،بعض لتوخت وإال رشهون؛ ضيوفها أن تعتقد الحجاز الحكومة أن إىل ويخيلبأرسها، أمة يكفى كان علينا أدبر ما فإن الطعام، صنوف من قدمته فيما القصدعىل راجع ذلك ولعل ضيوفهم، يطعمون ما مقدار ىف يبالغون جميعا العرب أن عىلولو حال، كل عىل ارساف لكنه وعاداتها، أخالقهم. من ورثوه وما البداوة طبيعة

هناك. جميعا والناس الحكومة عىل الحجر لطلبت يشء األمر من يل كانابن مبايعة عىل عام أنقضاء ملناسبة املأدبة ختام يف حمزة بك فؤاد وخطبوما اإلصالح من السعودية الحكومة به قامت ما فبني الحجاز عىل ملكا السعوداملرصيني نحن وخصنا جميعا باملدعوين ورحب املختلفة؛ وجوهه من فيه تفكرالشقيقني، الشعبني بني ووئام سالم رسل نكون أن أمله عن وأعرب الطيب بالذكريخطب فانطلق حمس ثم ينبغي كما وأثني وشكر عنا بالنيابة باشا زكي فأجابه متخذا بالسيارة طفنا ألنا علينا يشنع أن يفته ولم األجانب، عنه ليفهم بالفرنسيةعنه هللا عفي — ونيس الحضارة؛ به تجيء ما لكل يتسع االسالم أن عىل دليال هذا

حسابه. األمري فعىل سمو بإذن كان بالسيارة طوافنا أن —

78

Page 80: رحلة.إلى.الحجاز

السادس الفصل

فاطمة وادي يف

هذا لعل أو — جدة أعني — املدينة طرف يف — العويني بيت أعني بيتنا كانالبوابة من قريب أنه أدريه ما وكل نهايتها، وأين بدايتها أين أعرف فما مبتداهاوعىل البحر عىل يطل — الطريق ال البيت أي — وانه واملدينة، مكة طريق إىل املؤديةالخامس يومنا وكان مهجور، اآلن وهو «الكازينو»، يسمي األتراك عهد يف كان ماكنا إذ زمالئنا كل عندنا احتشد صبيحته ويف نعتمده، لم أتفاق وهو الخميس، هووتلف تدور الباب أمام السيارات وكانت فاطمة، وادي يف الغداء وكان طريقهم، عىليسمونها كما الرتكية أو — املرصية القهوة نرشب فجلسنا للسري، استعدادا وتصطف

لنفسه. أال منا أحد يصغي وال واحد وقت يف جميعا ونتكلم ونتالحظ —فألفوهم الباقني إىل نظروا ثم وقعوا بعضنا أن أعني تفضلنا، «تفضلوا» قيل: ثمفميض هؤالء» يقوم «حتي فقالوا قعدتم؟» «ملاذا فسئلوا مثلهم؛ فقعدوا جلوسا،كالمهم، يف ماضون عنه معرضون وهم اذرعتهم ويشد اآلخرين يستنهض الداعييفعل، ما يعي ال وكأنه متثاقال منهم الواحد فيقوم يتفضلوا أن دعوته، لهم ويكررفيقف خطوات نسري ثم األعراض، عن يثني ال ووجهه الكالم عن يكف ال ولسانههذا كان السلم عىل حتى واألصغاء، الوقوف اىل ويضطرهم الباقني ويواجه واحدوتكون وجهه، الينا ويدير بغتة واحد يقف أن نازلون ونحن يتفق فكان يتكرر— أرجلنا أعني — فنردها محنية؛ وأجسامنا للهبوط اللحظة هذه يف مهيأة أرجلنااألصوات وترتفع وراءها، التى بالصدور الرؤوس فتصطدم واقفني ونستوي برسعة،

وهكذا.. واالستهجان.. االحتجاج والفاظ بالسخط— الحنبيل الغالم ذلك — (صابر) فإذا وسائقيها، السيارات يف عيني وأجلتفقد صدري، عىل رأيس وتديل عيني يف الدمع فرتقرق سوانا، علينا وآثر جفانا قد

Page 81: رحلة.إلى.الحجاز

الحجاز إىل رحلة

مخرضم فتي اليافع شبابه من الرغم عىل وهو شهيا، وحديثه رضيه صحبته كانتألفاده السعود، ابن وعهد الحسني جاهلية أدرك أنه أعني التعبري، هذا صح أنعىل واطالعا بالدخائل وعلما الشباب، مع تكون ال وكياسة لسنة ليست حكمة ذلكوبنيه، بالحسني الخاص الحرس موسيقي يف القول أسلفت كما كان فقد الخبايا،مثلنا. مرصي فإنه عنه وعفا له هللا غفر للسيارات. القناعة رشكة يف عامل اآلن وهويعرف ال الهندي سائقنا أن وعزائي السيارات. وانطلقت الطريق وأفسحوالغة بأية أدري ال — أمره هجرنا، الذي (صابرا) وأن — العربية وال — الطريقمرتجما، صابر لنا قال كذلك يسبقه، وال يتبعه أن — حديثهما من كلمة فهمت فما

مظهره. حنبلية من الرغم عىل رقة (صابر) يف أن فأدركتقبلها عنه ينحرف ولكنه مكة، إىل الطريق عني هو فاطمة وادي إىل والطريققد الهواء وكان وتراب، وصخور ونقر حفر كله وعرا، ذلك ويصبح يرسة ويذهبأتعزي وان النوم، يف السلوان التمس أن هم كربني إذا عادتي ومن فنمت أسكرنيملن قلت ولكم عىل، هللا فضل من وهذا ومراراتها، الحقائق عن وأضغاثها باألحالمعني تصد أن وسعك يف كان «اذا يعذبني بذلك أنه ويحسب يهجرني ن له يحلوعىل رأيس أضع «ثم انظر بأرسها والحياة كلها الدنيا عن أصد أن مقدوري يف فإنالقيوم الحي هللا عىل توكلت الرحيم الرحمن هللا بسم وأقول جفني وأغمض الوسادة

األحالم. وادي إىل فوري من وأهب ينام، ال الذيمن يتطاير والرشر استيقظت حتى املمهد مكة طريق عن نميل نكد لم ولكناوهممت أذني، عىل طربويش وكبس رأيس عىل رضبني زمييل أن توهمت فقد عيني،حتى عنقه عىل أضيقها أن نيتي ويف — رقبته بربطة أعني — بتالبيبه أمسك بأن— مقعدي عن ارتفع بي وإذا أخري، بحفرة السيارة عاجل الطريق ولكن يختنق،وإذا كالحجر، أنحط ثم السقف، أبلغ حتى هللا بقدرة وأطري — معونة بال وحديأخرج أن وحاولت ففهمت. أنفي. أرنبة إىل وهوي ايضا عيني غطي قد بطربويشيدي، يف الزر وخرج مكانه يف الطربوش فبقي زره، من الطربوش أستطع فلم رأىسبفضل أنا وكنت نائما، الحظ لسوء وكان يساعدني. أن معي الراكب بزمييل فأهبتهذا وغاظني معونته، عني يمنع أن يتعمد فحسبته ذلك اعرف وال أراه ال الطربوشخرسانه، قال عينه عىل األعور «رضبوا القائل العامي املرصي مثلنا وذكرت منه،أن نسيت كما كرش ذا كان فقد — كرشه يف ونطحته هللا عىل فتوكلت خرسانه»

80

Page 82: رحلة.إلى.الحجاز

فاطمة وادي يف

فوقعت كرشه إىل يديه كلتا واندفعت بع» «بع يقول مذعورا فهب — القاريء أخرباتقاء املقعد آخر أىل فتزحزح — أخرى مرة بنطحه أهم وكنت — الطربوش عىلإىل رأيس فجذبت أذني! ييل مما الطربوش حافة عىل اصابعه وأحسست للنطحة،يا «أشكرك له: وقلت فاعتدلت مقلوبا يديه يف الطربوش فخرج وبقوة فجأة الوراء

دبوس؟» معك هل واآلن صديقي.حاال!» أفهم! أن أريد هذا؟ معني «ما بي: فصاح

— هكذا للناس أبدو أن يليق ال وأنه يدي، يف الطربوش زر أن «معناه قلت:صديقك». من الشكر واكسب دبوسا فهات زر، بغري أعني

تظن..». حرضتك كنت وإذا يليق. ال هذا «ولكن مقطب: وهو قالأن ثم دبوسا. تعطيني أن أرجو ولذلك أبدا. يليق ال «تمام. أقاطعه: فقلت

املازني». القادر عبد أفندي ابراهيم أسمي.«… فاهم حرضتك «يعني اشمئزازا: شفتيه بمط وهو فقال

بطربوش أظهر أن استطيع ال أني ..» منه: بدال الجملة اتمام إىل فأرسعتاملازني». القادر عبد افندي ابراهيم وأسمي بالضبط، زر، له ليس

يجنن!». يشء ده !… «أوه وقال كلتيهما بيديه فشوركده! شفت ما عمري تنطحني؟ حرضتك أزاي «يعني وقال: إىل فالتفت عاد ثم

الزفت!» زي رحلة ديأن وأرجو حياتي، يف بها قمت رحلة أجمل ذلك.. عكس عىل أراها «أني فقلت:

أخرى». مرة معا بها نقوم«أبق يقول: وهو عني فأعرض حظه ولسوء هلل أمره وفوض يئس أنه ويظهر

غريي». عىل دورويف املستقبل، يف أعني — أسفي دواعي من هذا كان وان هللا شاء «ان فقلت:

دبوسا». تعطيني أن أرجو ذلك أثناءياأخي؟ أيه «دبوس وصاح: ونقمته وسخطه غيظه يكظم أن يستطيع يعد فلمإىل حاجة بي ليس «معذرة. فقلت بترتيق؟ حرضتك وال مانيفاتورة؟ دكان أنا هوخري، األبرة بل أمكن، اذا أبرة أو — واحدا دبوسا منها اريد أنما كلها. الدكان

املازني».. عبدالقادر أفندي ابراهيم اسمي أن تذكر أن وأرجوبقي عني تبعد أبوك وحياة «طيب وقال: مرادي أدرك أن بعد أخريا فضحك

مازني». يا القادر عبد يا افندي ابراهيم يا

81

Page 83: رحلة.إلى.الحجاز

الحجاز إىل رحلة

دبوس صدره يف هل ألري ورائه من عليه وارشفت السائق إىل عنه فانرصفتالسيارة فكادت القيادة عجلة عن يداه وارتفعت واضطرب األبله ففزع ذلك، نحو أوعنها السيارة وحولت العجلة إىل يدي ومددت أرسعت أن لوال حفرة يف بنا تنقلب

الحفرة. عن أعني —الشمس حرارة أشكو وأن يدي. يف طربويش أحمل أن اضطررت أطيل. والنعود حتى الطربوش عنق إىل الزر به أصل دبوسا يعريني من وجدت حتى ووقدتها

جدة. إىلفيه كثري؛ زرع ذي غري ولكنه — بالبداهة ظاهر هو كما — واد فاطمة وواديهذا وأحسب وبامية، وملوخية وليمون، وطماطم وبذنجان، موز وفيه وأعناب؛ نخيليستطيع ضيق مجري يف ويجري املاء منها يرتقرق عني وله أكثره أو فيه ما كلاملاء يف أي فيه يده وضع وإذا جانب، إىل جانب من يتخطاه أن مجهو بأيرس املرءوقد ويعتزون، به يباهون ذلك مع وهم أصبعه، من واحدة عقلة إال تبتل لم —جانبي إىل واقفا كان لواحد وقلت — املاء أعني — رأيته حني أسفا رأيس هززتعىل القمر جبال يف ينبع عظيما نهرا مرص يف لنا «أن التجارب: بهذه أقوم وأناالفراسخ، اآلف البحر إىل ويقطع الصحيح، أظنه آخر قول عىل الجنة ومن قول،نقنع وال يكفينا ال ذلك ومع شاءت، إذا فيه تغرق أن الضخمة األساطيل وتستطيععىل أو بالدكم أن فالحق هنا. هي كما بالقع صحراء أكثرها بالدنا تزال وال به،

القناعة». عىل النفس وتروض لزهادة تعلم فدافدكم، األصحلألجتماع، وأخري لألمري واحدة مرضوبة، الخيام رأينا الوادي قلب يف وهناككوب ينقصها ال كاملة الطعام أدوات الصحراء إىل جلبوا فقد الطعام، ملوائد وثالثةمن ينقلوها أن استطاعو كيف لهم عجبت وقد ملعقة، وال سكني وال الزجاج من

كلها! اآلنية تتحطم أن غريفجاءونا باألمري الدول ممثلوا وحف أزدحم، قد واملكان سبقنا، قد األمري وكانوينشدون الخطب يلقون وبدأوا الناس، وبني بينه فجلسنا أمامه وصفوها بكرايسظله يف البالد بلغت ما ويصفون السعودي العهد فيها يمتدحون يديه، بني القصائداىل ارتح ولم والغلو، املبالغة عىل اساتذتهم شجعهم التالميذ أن وساءني وبفضله،خطبهم يف التالميذ زعم مما ذلك أخر إىل والسنام» والقمة واملجد «العيل كلمات سماعاملبالغات هذه أن — حجازيا كان وأظنه — يل لجار وقلت اليه، ارتقي الحجاز ان

82

Page 84: رحلة.إلى.الحجاز

فاطمة وادي يف

— الخ والحجاز والعراق والشام مرص يف — جميعا واننا جميعا، داؤنا هي السخيفةسبقنا من وبني بيننا ما وقياس الواقع عىل العيون وفتح الحقائق مواجهة اىل احوجالجناية ومن الحقائق، هذه يف ونغالطها انفسنا نخدع أن االجرام من وأن األمم، منالقمة إىل وارتفعت املجد أوج بلغت بالدهم ان التوهم عىل األطفال هؤالء تنشئوا أنما مبلغ أمرئ كل يعرف أن عليكم أجدي وأنه الفارغ. الكالم من ذلك وغري العيلله ورضبت اليه، يحتاج الذي الجهد لبذل نفسه لتتهيأ بالده سبيل يف منه يطلبمحتفل، غري وأنا ألرفعه يدى اليه فأمد خفيفا أتوهمه شيئا أري قد أني فقلت مثالغري يف وجهدا وقتا وأخرس فأعجز، تصورت، ما عكس عىل ثقيال يكون أن ويتفقلجهد تستعد أن اليها وأوحي أعصابي أشد ثقيل، أنه عرفت إذا ولكني، طائل،للمطلوب معادال املجهود فيجئ حمله، أو رفعه اريد الذي الشئ ثقل يناسب عظيمهذا فإن أنسكم تغشوا فال وكبارها، األمور صغار يف ذلك، غري يف وهكذا فأنجح،يذهب ال فإنه الهواء، يف يذهب تظنونه بكالم تستهينوا وال اليها، به تسيئون ما رشالفؤاد ضمري يف ويستكن العقائد يف ويرسخ النفوس ثري يف ينفرد بل الهواء يففإن القومية، بالعزة الشعور تثريوا أن مرادكم كل كان وإذا تشعرون، ال حيث من

األجوف. الفخر يف حال كل عىل خري وال أخري، سبال لهذاوشعره — تخفي لم ذاكرتي كانت إذا — الكويت من رجل الشعراء بني وكانويمثل، يعني — الطويلة قصيدته وهويلقي كان وفد بديع انشاده ولكن سخيفالتخنث من وخال بارع غناءه وأن الفضة، كصوت خالص صاف صوته أن وأشهد

األحكام. وجه عىل لها مؤد للمعاني مطابق حسن تمثيله وأن والتطري،ولكنه الكويتي، قبل جاء فليته القائه، من باهلل اعوذ قح نجدي شاعر وتالهالشعر يف ويزهدنا فيه، رغبتنا ويفرت عنه يصدنا فكاد الطعام قبل يجئ أن أال أبيالقائه، من وثالثة وثانية أخري مرة باهلل فأعوذ نفسها الحياة يف بل والعرب، واألدبعينى، قي العيش ويسود نومي عىل يفسد فإنه ذكرته كلما منه باهلل أستعيذ وسأظلوأحسست صوته، سمعت ملا أسناني رضست وقد صدري، ويكرب نفيس ويغثيأعني منهما رابعة مرة باهلل والعياذ الجرب أعني — جلدي يف شاعت قد الحكة كأنالنجديني الشعراء السنة تقطع أن الحجازية الحكومة ألويص وأني والصوت، الجربالصوت وهذا مرة، الف خري اليكم فإن الصوت، كهذا منكرة أصواتهم كانت اذاإىل الرعية ويدفع والتمرد بالفتنة الخلق يغري أن خليق — مشبه له كان اذا —

والثورة. األنتفاض

83

Page 85: رحلة.إلى.الحجاز

الحجاز إىل رحلة

الطعام ألوان أعني — الوانه وكانت الشعري، البالء هذا بعد الطعام إىل وقمناهي هل فسألت: تخايلنا، الطشوت، يف الشهية الخراف وكانت مغرية، — البالء الفالقيت لألكل، بل وقالوا فضحكوا لألكل؟ أم الكندرة مأدبة يف كانت كما للزينة«أرفع الواقفني: من لعبد وقلت الكريس عن ونهضت كمي وشمرت والشوكة، السكنيعىل قرنني ذا يزال ال أراه فإني القرنني، لذي وافسح أمامي من الصحون هذه«وليسامحني هللا عبد يا عجل، هات — والتحمري واليشء والسلخ الدبغ من الرغم

املغالطة». أحب ال فإني األمري،أكد فلم لخروف خارصة يف يدي دفعت — األمري ال العبد أني — فعل فلماقبورهم، يف املوتي يوقظ الذي العايل الطبق من رصخة صدري عن ندت حتى أفعلويقول ينفخ وفمي مدالة، وأصابعي الهواء يف وذراعي عقبي، عىل أدور بي وإذا

الخروف! خارصة قي التي النار لسع من «فو.فو.»ينغص النجدي الشاعر بهذا أوال يجيئوننا يشء! يف الكرم من هذا ليس فبذمتيشبانا جميعا كنا فقد — شبابنا يف بل حياتنا يف املوت غصص ويشعرنا عيشنامتقدا، بطونها حشوا التي الخراف بهذه يثنون ثم — باشا زكي حتى الحجاز يفتلسع ال األخري الطعام ألوان كانت أذن ملاذا ويكرموننا؟؟ يطعموننا أنهم ويزعمون

مقصود؟؟ تدبري هذا أن الواضح من اليس تحرق؟؟ والنحتمي النخيل إىل نحن وملنا ليسرتيح، خيمته إىل الطعام بعد — األمري ومالبثالثة وإذا ندخن وذهبنا السجاير وأشعلنا الرمال عىل وارتمينا الشمس من داره يف«معك بدوره: منهم كل ويسألنا اآلخر بعد واحدا الينا يجرون النجدية الجنود من

العكس؟» من يشءفخرجت الدخان يعنون وحسبتهم منه، شيئا يطلبون الذي العكس ما أفهم فلممعنا هل «العكس» عن يسألون وعادوا منها فتناولوا عليهم وعرضتها السجائر علبةلقد «هناك. وقلت: املائدة خيمة إىل وأرشت رشاب، أو طعام لعله فقلت يشء؟ منهأما هلل. واألمر تعنونها كنتم أن بها فعليكم كالسليمة، أو سليمة وهللا الخراف تركناوعبوا عليه فانكفئوا أقدامكم عند يجري املساء هو فهذا تطلبون ما رشابا كان إذا

منه». وأكرعوا قيهعلمت وقد األردنية. باللغة أخاطبهم كنت وكأني يبتسمون وهم عني فمضواطلب عىل لهم الباعث وكان الصورة، إصطالحهم يف معناه العكس أن ذلك بعد

84

Page 86: رحلة.إلى.الحجاز

فاطمة وادي يف

الربيد بطاقة حجم يف — صورة ألف نحو أعد شحاته أفندي رياض أن منا الصورةكل أن فتوهموا فاطمة، وادي يف معه ما أكثر وفرق السعود أبن امللك لجاللة —الكتاب هذا عن الستغنيت إذن كنته! وليتني أيضا! أفندي ورياض مصور مرصي

والنرش. الطبع ونفقات والتحبري التسطري تعب أتجشم أصبحت وملافطافوا حرض، قد األمري يكن ولم غاصة، وكانت األجتماع خيمة إىل عدنا ثمفر حتى أستزيد وظللت األجتماع إىل فعدت رشفة؛ قعورها يف القهوة بأقداح عليناأفندي الدين خري زميلنا ودعي الخطب استؤنفت األمري جاء وملا واختفي. الساقي— يومنا يف به خرجنا ما كل هي حماسية قصيدة فأنشد السوري الشاعر الزركيلالبدو، من السامعني أحد فنهض الجيد، الرصني الكالم من — كلها رحلتنا يف بل— أخوانه ولكن عباءته، عليه يخلع أن آهر وهم سبحته، عليه وخلع طرب، وقدعنه الناس فصدوا بحملها ينوء أن الخلع توالت أذا خافوا الزركيل.. أخوان أعني

الخري. أعني إال.. هذا — وحموهعبد السيد ورائه ومن يسبقه، وصوته كاملدفع، يدخل بزكي إذا لكذلك وأناأنه ذلك أرعبنا، كالما فقال يعتذر فوقف الناس له فصفق الحرم، نائب الوهاباألمن أن يزعمون الحكومة وعمال الحجاز أهل أن يقول وأنطلق األمري اىل التفتويطلعه الحقيقة إىل األمري ينبه أن واجبه من ويري كذب، هذا أن تبني ولكنه شاملورسقه. لص عليه فسطا النخيل ظل يف مستلقيا كان فقد فيها، ويصدقه عليها

خولط لقد لجاري وقلت مستنكرين، ساخطني أرجلهم إىل الناس وثب وهناكلها؟ اإلمالء هذه عىل ذلك يعلن أن من بد إال يسكت؟ أن يستطيع كان أما الرجل!ألحمله يدخل، أن قبل باشا زكي وأدركت — تأخرت أني لو وودت ووجمنا،يرشح باشا زكي أندفع فقد يطل لم ذهولنا أن غري الكالم، عن وأصده الصمت عىلوقته رسق وأنه ظريف محدث عبدالوهاب السيد ان يعنيه ما كل وإذا املوضوع

فيه! األفتنان عىل وقدرته حديثه بحالوة والخطباء االجتماع وانساهالوهاب عبد السيد أخص أن أريد ألني التافهة الحادثة هذه أذكر بأن عنيت وقديف تعلم وقد الحجاز، يف عرفناه رجل وأظرف محدث برع شك بال فإنه بكلمة؛عرفها كما األيام وعرف العربية، لغته عن فضال والفرنسية الرتكية وأتقن اآلستانةوليس ومروءة، ودماثة ورحمة رفق فيه عطوفا رجال ذلك مع ظل ولكنه املتنبيكيس وفكاهته ظرفه عىل وهو حديثه، ويشتهي بمجلسه يأنس ال من الحجاز يف

85

Page 87: رحلة.إلى.الحجاز

الحجاز إىل رحلة

شئت ولو واألطالع. املعرفة سددته وفكر والتجارب السن أنضجته رأي ذو وقورمني. هذا بحسبه ولكن ألطلت

الحجاز يف الدول وزراء عميد أن ذلك — داللتها لها أخرى حادثة إىل هنا وأشريوقف وقد مشابه، الصني أهل من فإن صينيا أحسبه كنت وقد الرويس، الوزير هوبالعربية يتكلم وكان الصحراء، يف الوليمة هذه إىل وزمالءه هو دعوته لألمري يشكرعن وبالنيابة نفسه عن باألصالة األمري إىل الشكر ويرفع عربية، لغة يظنه بما أوعىل يخرتعها بلغة الكالم يف املرء يفيض أن العسري من فإن يطل ولم زمالئه،

البديهة.لم — جدة يف مفوضيتها بأعمال القائم — الربيطانية الحكومة ممثل ولكنبلسان ينطق والذي السياسية الهيئة عميد هو الروسيا ممثل يكون أن يرضهعليها، ومفضلة أنجلرتا عىل مقدمة الروسيا أن العرب يتوهم أن مخافة أعضائهاالتى للحفاوة شكره عن أيضا هو فأعرب نهض ثم يلقيها كلمة يف األمري فأستأذنوانجلرتا الروسيا بني املنافسة هذه إىل قبل من أرشت وقد غمره، الذي والكرم لقيها

ممتعة. األصح عىل أو مضحكة، لنا تبدو أحيانا كانت أنها والحق هناك،رأينا حني الصعداء تنفسنا وفد والقصائد، الخطب حتى آخر، يشء ولكلال مشهدا لنا خبأوا ولكنهم والراحة جدة، إىل باألوبة ايذان هذا وقلنا ينهذ األمريوهناك العراء، اىل النظامية النجد بني بنا ساروا فقد حييت، ما انساه أحسبنيشكول، ثيابهم النجديني البدو من صفني ورأينا منه فدنونا الينا وأوما األمري وقفالصفني وبني مصلته السيوف يمناهم ويف البنادق يرساهم ويف براق، زاه وأكثرهاويتثني وبقرص؛ يطول وهو بالدف؛ يرضب عبد وأمامهم ويجيئون يروحون أربعةيرساه، يف والدف الرتاب، عىل ويتمرغ ويرقد ويقوم ويرسه، يمنه ويميل ويتعوج،الجانبني عىل والصفان يرتنحون، وراءه واألربعة بها، ينقر صغرية عصا اليمني ويفومع تلمع، والسيوف الهواء، يف الرصاص منها ينطلق والبنادق واملسدسات يتوثبان،ال أنه نفسه األمري سمو أعرتف بكالم أدري، ال تهريج أو شدو أو غناء كله ذلكمرص يف الذاكرين ولكن مرص، يف الذكر حلقات رأيت ما أذكرني وقد ألفاظه، يتبنيواألسلحة بالسيوف رقصهم من الغرض أن يل فقيل هؤالء أما هللا بأسماء يلهجون

للقتال. ليخرجوا الناس تحميس والدفوفليمتعونا لنا مثلوها قديمة يدوية عادة ولكنها التحميس لهذا موجب وال قالوا،يف بهما ورمي و«حرامه» عقاله خلع ربما البدو هؤالء من الواحد وكان برؤيتها،

86

Page 88: رحلة.إلى.الحجاز

فاطمة وادي يف

أن هذا، تفسري يف يل وقيل األرض، إىل يهبطان وتركهما برصاصة ورماهما الهواءالعقال ويبقي الرصاص فيه أطلق الذي القديم عن عوضا جديدا األمري عليه يخلعقابل غري — وعد عندهم وهذا عنها ارفعه األمري له يقول حتى األرض عىل ملقي

سواه. عليه يخلع بأن — لالخالفالساعات ومر الوقت كر نحس ال أن بنا واحر كم! ادري ال هكذا وظللناوال رؤسنا، وفوق أمامنا ينطلق الرصاص ونسمع الساحر املنظر هذا نري ونحنواحدة، ثانية نفيس عن أذهل لم وأني لحظة، يفارقني لم الخوف أن القاريء أكتمفقد باألدب لنفيس وأشهد رصاصة أعني — سوء يصيبني أخيش يكنت أن وأعرتفاألول الصف يف جانبه إىل مكانا يل ليفسح انجلرتا ممثل تنحي كلما أزال ال كنتاألحوال من حال يف أقبل ال وأني أبطه، تحت من أري أن استطيع أني له اؤكدسعيد أنه ىل ويؤكد تواضعي يل يشكر فكان مقامه، إىل نفيس أرفع أو أحاذيه أنسيدي «يا له: أقول فكنت الرطانة، عىل وقدرتي لساني بذالقة معجب وأنه بحريتي،هنا لست فأنا الواقع، يف بالدي البالد وهذه الحقيقة يف األصل عربي أني الوزير،

عليه». يتقدم أو الضيق يسبق أن البالد البن يجوز وال ضيفادون مجنا — الحيلة بهذه — منه وأتخذ أمامي، وأجعله خطوة، وأتراجعوقلته راجعون ونحن بالحقيقة صارحته وقد يصيبني، أن اتقي الذي الرصاصوليس يجيء، وآخر يروح انجليزية فإن قتلت فهبك بالرجال غنية انجلرتا «أن له:يظهر ما عىل العرب الجزيرة يف وال — مرص يف ليس ولكنه اآلتي من بأفضل الذاهبوالحفاوة الستقبايل يخرج أن أتوقع كنت فقد غريب، وهذا واحد، نازني سوي —الحجاز إىل أنحدر مازن بني من واحدا أن أسمع لم ولكني غشريتي، من وفد بي

بهم». فتك قد السعود ابن يكون أن أخيش أني اليك وأرس الغرض، لهذاملاذا؟ وقال فدهش

هللا عفا قومي «أن أذنه يف ألهمس األرض عن وتسببت جدا، صوتي فخفضتالتخفيف». أهل من — عنهم

أفهم». ال فإني تعني؟ «ماذا قال:املروءات». ذوي من أنهم «أعني قلت:

املروءات؟». ذوي من ألنهم السعود ابن بهم يفتك «وهل وقال:املروءة». من الرضب هذا يكره السعود ابن «إن قلت:

87

Page 89: رحلة.إلى.الحجاز

الحجاز إىل رحلة

ملاذا؟» «كيف؟ قال:للطريق، قطعا املرءوة يسمون — أعدائهم الد — قومي أعداء اللغويني أن «قلتاللغويني مذهب عىل أي وهابي السعود وابن عليهم، سطوا الناس عن والتخفيفقومي عىل جر قد يكون أن وأخيش تري. كما الوصف يف خطأ أو تعبري سوء —

حلفي؟». يف لك فهل وباال«حلفك؟». قال:

بهم». أوقع أنه ثبت إذا السعود، ابن عىل تحالفني «نعم، قلت:حديثك مستغرب أني أكتمك فلست جادا؟ «أتتكلم وقال: برسعة إىل فالتفت

شيئا!» أفهم أكاد ال وأنيملحني. «الواحد» ولكن فمي، عىل أصبعي فوضعت واحد أدركنا وهنا

حريك». قد املازنى حديث أن واثق «أنا للوزير: فقالكاد لقد صحيح. «هذا — األصح عىل الوزير بأعمال القائم أو — للوزير فقال

أفهمها». ال قضية أجل من السعود ابن حرب إىل يجرني

يقول؟». كان فماذا لك؟ أقل «الم — «الواحد» فقالكنت؟» أين أخي «يا بي: قصاحوا زمالئي إىل وارتددت يتذكران فرتكتهما

أمامكم؟» الست «ملاذا؟ قلت:ربع ولنا أنفراد، عىل ليودعنا خيمته إىل ودعانا تقضل قد األمري «أن قالوا:

عنك». نبحث ساعةتفضلوا». فعلتم. «حسنا قلت:

شيبتي، من أضوأ شيبته فإن باشا لزكي تنحيت ثم الخيمة إىل أمامهم ورستالشئون مدير حمزة بك فؤاد ومعه — األمري فتلقانا الحق، يف يكابر ال رجل وأناأنها ويقينه للحجاز بزيارتنا رسوره عن وأعرب والرتحيب، بالتأهيل — الخارجية

الشقيقني. الشعبني بني العالقة توثيق إىل ستؤديوأني لكذلك، أنها سموه فقال واحدة مرة من تثبت العادة أن باشا زكي فقال

مرة. األقل عىل علم كل يف أراكم أن ألرجوفإذا لكم، ذلك يف األمر أن سموه فقال زيارتها، يحب وأنه املدينة بعضنا وذكرأذا ومتعبة شاقة تكون ولكنها سهلة، الزيارة فإن أخري أياما تتخلفوا أن شئتم

شئتم. ما فأختاروا السبت، يوم جدة تبارح التي الباخرة تدركوا أردتم

88

Page 90: رحلة.إلى.الحجاز

فاطمة وادي يف

ال مرص يف أعمالنا بأن واعتذرنا وكرمه مجاملته وحسن ظرفه له فشكرنامثل إىل العود فرصة املقبل العام يف لنا تتاح أن ورجونا التغيب، بطول لنا تسمحيف اإلخالص وامارت التقدم دالئل من شاهدنا بما االشادة يف وأفضنا الزيارة، هذهتفضل ثم أكثره نسيت كثري كالم لنا وقيل وقلنا، الشئون وتحسني األحوال ترقية

به. حافني أفندي رياض لريسمنا الخيمة من معنا فخرج األمري سموالرسمية. الحفالت ختام هذا وكان جدة إىل وعدنا سلمنا ثم

89

Page 91: رحلة.إلى.الحجاز
Page 92: رحلة.إلى.الحجاز

السابع الفصل

العويني بيت يف

الصفات من بطرف ألم أن أستطعت أني أعني العويني، عرفت العويني، بيت يفسورية أرسه من علمت ما عىل وهو حياته، يف التوفيق عىل أعانته التي والخاللوتدبريه، وماله بشبابه أمدها السورية الثورة قامت فلما رابحة، تجارة له وكانتيف والعهدة — محدثي قال رجاله، من طائفة عىل فقبض محيل، بزعيم اشبه وكانويصحن ويندبن ويولولن يرصخن الحي نساء فإذا يوما فأصبح — عليه الراوية

عويني». يا بيتك «يخربالعويني فتويل كله، التدبري أحباط وإىل الباقني اعتقال إىل ذلك يفيض أن فخيفواحكم الخ وأخوانهم وزوجاتهم أمهاتهم — الطلقاء أهليهم وعىل السجناء عىل األنفاقأضطر التي األرسات وكانت األحوال، هذه مثل يف يرجي ما خري عىل وسارت أمرهتجارته يصفي أن أال يسعه فلم موارده واستنزفت فأرقته وفقرية، كثرية يعولها أن

يرحل. وأن — منها بقي ما أو —شهورا هناك ومكث جديد من حياته يبدأ أن مأموله ويف اآلستانة إىل فقصدوكالة فيها وأنشأ جدة إىل وميض حقائبه فاحتمل يربح وال بنفق نفسه القي ثموأن قدميه عىل يقف أن استطاع حتى سنوات ثالث كذلك وظل كبري، سوري لتاجر

مستقلة. تجارة لنفسه ينيشءانقدوه الجمعة يوم جاء فإذا التجار عىل ويفرقها بالجملة املتاجر يستورد وهومن يجمعه ما متوسط أن — ثقة به ويل — محدثي أخربني وقد باعهم، ما أتمانمنها، ربحه يكون كم أدري ال جنيه؛ آالف أربعة يبلغ جمعة يوم كل يف التجاريستحق والذي أحرزه الذي النجاح مبلغ تصور عىل القاريء ألعني ذلك ذكرت وقدونتمطي ونتثاءب الصباح يف عيوننا نفتح كنا وقد وكده، ودؤوبه لنشاطه أضعافه،

Page 93: رحلة.إلى.الحجاز

الحجاز إىل رحلة

رأسه عىل يضع أن إال ينقصه وال «األفرنجية» بذلته لبس قد هو يكون حني عىلوالعقال. األبيض، الحريري الحرام

ولكنه بساعات، ذلك قبل عمله إىل خرج قد لكان ضيوفه وكوننا وجودنا ولوالويف وحذقه. وكياسته بلباقته أعجب وكنت معنا، يفطر حتى يتأخر أن مضطرا كانأن يريد وأنه عمله عىل قلق أنه يشعرنا أن غري من واألفطار النهوض عىل حثنا

ليبارشه. يخرجالذي فهو جميعا، والرعية الحكومة يشء: كل كأنه لنا يبدو العويني وكانعنه مسئوال ويعتدونه عليه، األرشاف اليه ويكلون أمر كل تنظيم يف اليه يعهدوناتوا قالت: إال شيئا الحكومة أرادت وال العويني؟ أين قلنا إال يشء إىل احتجنا فماوالرسعة التدبري وحسن النشاط ولكنه جمل، وال كله ذلك يف له ناقة وال العويني،

الخاطر. واتقاد الذهن وحضور األمور إنجاز يف الرائعة— التحقيق عىل أصغر هو بل — أقل أو سنه مثل يف آخر شاب يساكنه وكانووكيله، صديقه أنه عرفنا ثم أخاه األمر أول حسبناه شاكر أفندي ابراهيم اسمهوابراهيم الحسني، بن عىل السابق للملك خاصا سكرتريا كان صميم حجازي وهوالصمت، طويل الطائر وادع ساكن ولكنه والرقة، النشاط يف العويني كصاحبه افنديوالجلوس النفس، وتحيي الروح تنعش وجهه إىل والنظرة الواني، كالنسيم بك يمردائم سكونه مع وهو التامة، بالراحة واألحساس الطمأنينة صدرك يف يتسع معه

الثغر. مفرت إال يكون وال يتأفف وال يمل وال يكل ال الحركةيلبس وكان الحكيم، بك خالد عرفت أن حظي من كان أيضا العويني بيت ويفووقار، مهابة عليه ضخم رجل وهو والعقال؛ الحرام رأسه وعىل وقفطانا، جبهتخرج املجاهدين، كبار من سوري وهو سحر، ولحديثه عجيب التماع عينه ويف— وأفريقية وآسيا أوروبا يف شتي حروبا وخاض األستانة يف الحربية املدرسة يف«الغطاس» ويسمونه الحجاز، فتح الذي السعود ابن جيش مع وكان — طرابلساليمن أو الشام يف غدا به واذا غدا، تلتقيا أن عىل وتفرتقان معك اليوم يكون ألنهبكل وهو ينوي، كان بما ألحد علم وال سلك، طريق أي سواه يدري وال بمباي، أوبعادلون أمثاله من والعرشة ومستقبله، حارضه يف بصرية وأنفذ أهله من أعرف بلدلقوته أكبارا به، وايمانا له اكبارا إال ازددت فما مرص يف ذلك بعد لقيته ولقد أمة،بمعظمة وأيمانا ورصاحته، واخالصه املحبب وتواضعه الحياة عىل وجلده الصامته

روحه.

92

Page 94: رحلة.إلى.الحجاز

العويني بيت يف

سنتلقي أننا إىل أرس قد لنا صديق وكان األمري، هدايا جاءتنا العويني بيت ويفكانت إذا فقلت ذلك، إىل وما وعقال عباءة قال هي؟ يشء أي عنها قسألته هدية

غريها؟» هناك كان «وإذا فسألني: وليعجلوا، بها فمرحبا الهدية هي هذهتعنى؟». «ماذا قلت:

ويصلوا». ويهبوا يهدوا أن ضيف بهم حل أذا العرب عادة من أن «أعني قال:فقري الحقيقة يف البدوي فإن عادتهم، هذه تكون أن املعقول من «أن قلت:أن أي الضيف العرب يكرم أن فطبيعي واملال، والكسوة الطعام وطلبته معدم،عباءة يل تكون أن ألشتهي وأني — بدوا لسنا ولكنا ويصلوه، ويكسوه يطعموهقنية الثياب هذه أعتد ألني بل الكسوة إىل مفتقر عار ألني ليس هذا ولكن وعقال،يحرجونا لئال عنه، رصفتهم ما أال عليك فباهلل املال أي الصلة أما تدخر، أن تستحقأرد أن أستحي أني ثم أستحقه ال ماال أخذ أن أريض ال فإني أنفسهم، ويحرجوامثل يف أعده أن إال يسعني ال ألنه أرده أن مضطرا سأكون ولكني أمري، عطاءيف الحكومة بالغت وقد عنها، السعودية وبالحكومة بنفيس أربا رشوة املوقف هذاأجور حتى عنا ودفعت الجنيهات من آالف يضعة هذه رحلتنا عىل وانفقت إكرامناشاهدناه ما أن ثم الكفاية، فوق كله وهذا صحفنا، إىل بها بعثنا التى التلغرافاتعليك مقرتح وأنا بالرشوه، الوقع هذا يفسدوا فال نفوسنا يف جميل وقع له كاناملدينة يخاطبوا أن يسعهم كان فإذا املشهور، املدينة، بلح اشتهي فإني منها: بديالمال». كل من خيا يكون هذا فإن البلح، من قليلال ينبع يف الينا لرتسل بالتليفونصاحبنا اليهم فعاد ذلك، بمثل له فنصح يل آخر زميال صاحبي استشار وقد— والبلح العربية بالكسوة األكتفاء وعىل باملال، وصلنا عن األمتناع عىل وحملهمالجيد الصوف من سميكة وعباءة الكشمري من مصنوع معطف عن عبارة والكسوةالكشمري، من وحرام مفضض الحرير من وعقال ادري ال بما ومرزكشة محالةواألنتفاع لبسها ألستطيع الثياب هذه أقرص أن احتجت وقد السكرودة. من وقطعة

بها.يف أمراء، مثله كنا كانا يستقبلنا أن أال اآلمري أبي عائدون ونحن ينبع ويفحقيقية خرافا وأكلنا تغدينا ثم القصائد، وانشدت الخطب فيه القيت عظيم رسادقالقوم كبار أن بنا حفاوتهم من وبلغ أمخاخها، يف وال رؤوسها يف وال فيها شك ال

الطعام. عىل خدمتنا يتولون الذين هم

93

Page 95: رحلة.إلى.الحجاز

الحجاز إىل رحلة

بأكثر بل بعددنا، «صفائح» يف املدينة بلح وجدنا حيث الباخرة إىل عدنا ثمبه وطفنا ساعات الطور يف ورسونا بانصبتنا، واحتفظنا زاد ما ففرقنا عددنا، من

هللا. بسالمة عدنا ثم الوافية، واملعدات البني من فيه ما وشاهدناالعظمة بك نبيه ينقصنا كاسني فقد فاترة وكانت عائدون ونحن رحلتنا ولكن

جده. يف تخلفا فقد الزركيل، أفندي الدين وخري

94

Page 96: رحلة.إلى.الحجاز

خامتة

عىل الحوارض يف تعيش واحدة أمم: ثالث األصح عىل هم أو أمة، يف امتان العرباملرصى فيها شتي، شعوب من خليط وهذه العالم بالد كل يف أمثالها تعيس ما نحومن كثريين ومكة جدة يف لقيت وقد الخ، والجاوي والهندي والفاريس والسوريومصالح أقارب ملرص لبعضهم وأن مرصية أصولهم أن منهم علمت واألعيان التجارأجناس عن والتنقيب بالبحث عني أنه السعودية الحكومة يف كبري وحدثني وأمالكزمن من فيه وأستقرت الحجاز أستوطنت مرصية أرسة مائتي نحو فعرف األهايليعدون الحجاز حكومة يف وهم قليلون، هناك املرصيني الشبان ولكن قريب، أو بعيدوأوثق العرب بالد إىل أقارب وهم السوريني، أن أسباب عدة ولهذا األصابع عىل— تحقيقها يف يعتمدون قومية أمال للسوريني فغلبوهم، زاحموهم — صلة بهاباملهندسني السعوديني أنتفع وقد السعوديني، عىل — عليه يعتمدون ما جملة يفاألحوال سوريا عن ورشدتهم األستانة معاهد يف علومهم تلقوا ممن وغريهم والضباطليسوا من السوريني وبني الصحراء. إىل القومية مساعيهم بهم ودفعت السياسية،إذا بدع فال والقوة العزم وأويل الصالبة ذي من هم وإنما العاديني، األوساط منيأملون ماكانوا يجدوا فلم األخرية السنوات يف ذهبوا الذين القليلني املرصيني غلبواحضارة أرقي ومرص أكثرهم، فعاد ذلك غري أو الوافر الرزق أو الرسيع الغني منيف يحس ال السوري كان ولهذا أنعم، فيها والحياة أوفر فيها والرتف سورية، منهناك يجد ال الذي املرصي خالف عىل حياته مظاهر من شيئ عن نزل أنه الحجازالتي لألسباب التقيص مقام يف لست أني عىل واملالهي، املناعم من وطنه يف خلفه ماأن ذكرت بما أردت أنما الحجازية الحكومة يف املرصي العنرص ضعف إىل أدتوهذه الثابتة املياه عىل املقيمة القبائل الثانية: واألمة معقولة. اسبابا لهذا أن أبني

Page 97: رحلة.إلى.الحجاز

الحجاز إىل رحلة

هذه ومواطن الساذجة، الصناعات من وبالقليل وبالرعي ما، حد إىل بالزراعة تشتغلالحدود مضبوطة تكون تكاد وأفخادها وبطونها وعشائرها ومحالتها ثابتة. القبائلىف يستقرون ال الذين الرحل البدو وهم ثالثة أمة تخرج هذه ومن — العموم عىل

هناك. إىل هنا من يتحولون يزالون وال مكانالعربية األمة آفة هي البداوة هذه أن الزكية بفطرته السعود أبن أدرك وقديكادون ال الحرب يف فهم سلم. يف وال حرب يف فيهم خري ال البدو أن التجارب وعلمتهأيديهم ينفضوا حتى الرصاص صوت أو السالح قعقعة من النافرة الجمال يبرصونكان هذ أجل ومن ليغنموها، إليها وما الجمال وراء يعدون ويذهبوا القتال منيف البدو يقدم وكان البدو. عىل ال املدربني النظاميني الجنود عىل حروبه يف يعتمدواالسالب املغانم وراء يفروا ان البدو ليمنع وراءهم النظامي جيشه ويضع املعاركيحسنون ال ألنهم حكومته وعىل عليه عالة فهم السلم يف أما املعركة. تنتهي أن قبلنفسه تنازعه حيث إىل بها ينطلق فهو راحلة منهم للواحد دام وما زراعة. أو صناعةالبداوة هذه من واخراجهم تحضريهم يف فكر ولهذا مكان. يف يستقر أن يطيق والاصلحها أو وأوسعها اآلبار لهم وحفر املاء فيها يكون التى املواقع لهم فانتقيله ليتسني والصناعة بالزراعة يشتغلوا وأن جمالهم أو خيلهم يبيعوا ان والزمهمالصحيحة قواعده عىل فيهم الحكم يقيم وان أمورهم ينظم وان أمة منهم يجعل أنبها األقامة والزمهم لهم أختارها التي املواقع هذه وتسمي ويثقفهم. يعلمهم وانيبارشه عمل أعظم وذاك هجرة، جمع الجيم وفتح الهاء بضم «الهجر» فيها والعمل

يزاولها. مهمة وأجلعىل — مثال فالحجاز العديدة، مشاكله السعود ابن يحل العميل النحو هذا وعىلوقد ينقصه، ما وأول اليه يحتاج ما أكرب واملاء جرداء، صحراء — نسبيا حضارتهوكانت — بدوره كل — األرشاف وخربها اآلتراك هدمها كثرية وعيون آبار فيه كانتودرست معاملها ذهبت وقد جدة، تكفي كانت وحدها وهذه الوزيرية برئ جدة قرب اخريا واشرتت البحر مياه لتقطري بآالت وجدة لينبع الحكومة جاءت ولذلك آثارهاالصهاريج وأصلحت املاء، من طنا وخمسني مائة اليوم يف تقطر لجدة كهذه آلةالعيون عن وتكشف الدارسة اآلبار تجدد ومضت األمطار، مياه بها يخزن التيبعض يف وتنشف تجف ألنها الغناء قليلة اآلبار أن ووجدت خربت أو سددت التياألرض، جوف من املاء الستنباط اآلالت وجلبت األرتوازية األبار فأتخذت الفصول

96

Page 98: رحلة.إلى.الحجاز

خاتمة

املواقع ألختيار املرصيني املهندسني من اثنني استدعت أنها الصدد هذا يف يذكر وممافعادا، كافية، تكن لم معداتهما أن غري فيها. األرتوازية اآلبار اتخاذ يحسن التيأن واملرجح الغربيني املهندسني من اثنني باستدعاء السعودية الحكومة أوصت وقدالحكومة وعملت البلدين. طبيعة لتشابه بالجزائر خربة لهم ممن اختيارهما يكونلجمع آخر كبريا خزانا تبني وهي انابيب، ومد خزان بانشاء زبيدة عني اصالح عىليف أختارته ألنها كبرية نفقات يتطلب ال وموقعه طن، الف مائة يسع املطر مياهناحية من إال البناء إىل تدعو ال فالحاجة جهات ثالث من الجبال به تحيط مكان

واحدة.الجمركية. الرسوم من الستنباطه تتخذ التي اآلالت كل الحكومة تعفى أجل ومنومن لهم، ومعاونة تشجيعا األهايل عىل أثمانها تقسط هي بل الزراعة آالت وكذلكالهندسة، يتعلم طالبا األستانة إىل أرسلت ولذلك الهنديس، بالتعليم تعني املاء أجلواملهندسني الهندسة بالد يكون أن ينبغي كمرص والحجاز بآخر. برلني إىل وبعثت

البارعني.السيارات الحكومة اتخذت فقد طويلة. فيها واملسافات صحراء البالد كانت وملاواحدة سيارة سوي فيه وليس الحجاز السعوديون دخل وقد إقتنائها عىل وشجعتبني ينقل والربيد ومائتان. سيارة الف اآلن الحجاز ويف السابق، حسني امللك يملكهايتخذونها والرشطة اليوم. يف مرتني السيارات عىل واملدينة جدة وبني ومكة، جدةبني السيارات استعمال بدأ وقد والحمل، لألنتقال كذلك والجند والعكس للمرورابن قسا هنا ومن كله. األمر فسد وأال األمن من كله لذلك والبد ونجد الحجازالطرق. وقطاع اللصوص فازدجر السارق يد يقطع فصار األمر اول يف السعودأقل بال األمثال مرضب وصار األمن فساد الحجاج، عىل تسطو التي العشائر وادب

مدهشة. وأدلة رائعة شواهد رأيس بعيني رايت وقد مبالغة،فضال والالسلكي الطيارات أتخذت األبعاد وتقاذف املسافات طول أجل ومنالحكومة انشأت وقد مركزا. عرش أربعة اآلن ولالسلكي املعتاد، السلكي التلغراف عن مركزا عرش ثالثة لها السلكية شبكة ينشئون وهم دارين، جزيرة يف جديدا مركزامركز وكل واملدينة ومكة الرياض لوصول وذلك الالسلكي والتليفون للتلغراف ثابتا

واألقضية. األلوية يفوألنهم امليزانية، عليها تقوي ال باهظة تكاليفها ألن البخارية القطر يتخذوا ولميف فكروا أنهم عىل الجمالة أرزاق يقطعون ال أن عىل يحرصون أخري ناحية من

97

Page 99: رحلة.إلى.الحجاز

الحجاز إىل رحلة

بواسطة وكيسوها وعبدوها الطرق وأصلحوا ومكة جدة بني كهربائي خط إنشاءمرص. يف نسميه كما الزلط» «وابور

مائتي يسع مستشفي مكة يف انشأوا األمراض لتفيش واتقاء الحج أجل ومنعرشون اآلن ولهم ذلك؛ وغري الباطنية واألمراض للجراحة اقساما فيه وجعلوا مريضمستشفي، وفيها ومكة جدة بني بحرة يف للحجاج محطة وأقاموا حجازيا. طبيباوبنوا صحية دوريات ورتبوا الكرنتينه وأصلحوا للراحة األخري املحطات عن فضالوممرضا. طبيبا منها كل يف وأقاموا والثلج باملاء وجهزوها ومني عرفات يف املظالتالجدري مصول عىل للحصول معمال أنشأت وقد الجدري. ضد الناس تلقح والحكومةوبدأت هولنديا طبيبا واستعارت للخارج. طبية بعثات وأرسلت والتيفوئيد. والكولريا

جدة. مستشفي توسعهذه ولكن السويس، من سفرنا قبل والتيفوئيد الكولريا بمصيل حقنا وقداملرصية الصحة مصلحة أن وعىل األيام. هذه يف األقل عىل هناك، لها أثر ال األمراض

نظيف. الحج أن سنوات منذ تعلنتلميذا وعرشين خمسة من مؤلفه مرص يف بعثه فللحجاز التعليم حيث من أماالحكومة أنشأت وقد إليها. أرشنا التى والطبية الهندسية البعثات عن فضال وطالبايف ثانويتني ومدرستني وغريها وينبع واملدينة ومكة جدة يف وابتدائية أولية مدارسوغري مكة يف السعودي املعهد غري وهذا جدة. يف وأربعة املدينة. يف وأخرى مكةوغري والرتاجمة، األدالء مدرسة مرص يف انشأنا كما — انشأتها التى املطوفني مدرسة

حديثة. مدارس تعد ال التى الدينية املدارسوقد ترقيتها وبعالج بالده؛ مشاكل السعود أبن يحل العملية الطريقة وبهذهالعقبة هو واملال أهلها. وتعداد البالد لحالة مناسبة ولكنها قصرية الخطي تبدومن بالرضائب الناس كاهل إثقال إىل تذهب وال تتعجل ال الحكومة ولكن الكربيكخطي مستمرة وطيدة خطاها ولكن الشيطان. من العجلة أن وشعارها، ذلك، أجلوأنا الحجاز من عدت ولقد مرص. هو عندي واألرنب األرنب، سبقت التي السلحفاةمن الباهظ الحظ هذا السياسية الشئون وتويل تتخبط ظلت إذا مرص بأن مقتنعادني بال الحجاز فسيسبقها الحيوية. واملراشد الجدية املرافق حساب عىل رعايتها

ريب.

98