40
لقاصدينج اتصر منها ة المقدسي ابن قدامطفات من مقتلمنجيات ربع ا

--مقتطفات من ربع المنجيات ---مختصر منهاج القاصدين

Embed Size (px)

DESCRIPTION

--مقتطفات من ربع المنجيات ---مختصر منهاج القاصدين

Citation preview

Page 1: --مقتطفات من ربع المنجيات ---مختصر منهاج القاصدين

خمتصر منهاج القاصدين

ابن قدامة المقدسي

ربع المنجياتمقتطفات من

Page 2: --مقتطفات من ربع المنجيات ---مختصر منهاج القاصدين

عشرةالمنجيات

‏الذنوبالندم‏على‏‏‏‏ البالءعلى‏الصبر‏

‏بالقضاء‏الرضى‏‏النعماءعلى‏الشكر‏‏والرجاءالخوف‏اعتدال‏

‏فى‏الدنيا‏الزهد‏‏األعمالفى‏واإلخالص‏

‏الخلقالخلق‏مع‏حسن‏ ‏‏تعالىالله‏حب‏

‏ ‏ ‏الخشوع ‏

Page 3: --مقتطفات من ربع المنجيات ---مختصر منهاج القاصدين

لإلنسان أخالقا وأوصافا كثيرة، لكن تنحصر مثارات أن

: الذنوب فى أربع صفات

صفات ربوبية، ومنها يحدث الكبر ‏:‏أحدها والفخر، وحب املدح والثناء، والعز وطلب

االستعالء ونحو ذلك ، وهذه ذنوب مهلكات، ‏‏.‏وبعض الناس يغفل عنها، فال يعدها ذنوبا

‏‏

Page 4: --مقتطفات من ربع المنجيات ---مختصر منهاج القاصدين

لإلنسان أخالقا وأوصافا كثيرة، لكن تنحصر مثارات أن

: الذنوب فى أربع صفات

صفات شيطانية، ومنها يتشعب ‏:‏الثانيةالحسد، والبغي والحيل والخداع واملكر ، ‏‏.‏والغش والنفاق واألمر بالفساد ونحو ذلك

Page 5: --مقتطفات من ربع المنجيات ---مختصر منهاج القاصدين

لإلنسان أخالقا وأوصافا كثيرة، لكن تنحصر مثارات أن

: الذنوب فى أربع صفات ‏‏

الصفات البهيمية، ومنها يتشعب ‏:‏الثالثة الشر والحرص على قضاء شهوة البطن

والفرج، فيتشعب من ذلك الزنى واللواطة ‏‏.‏والسرقة، وأخذ الحطام ألجل الشهوات

Page 6: --مقتطفات من ربع المنجيات ---مختصر منهاج القاصدين

لإلنسان أخالقا وأوصافا كثيرة، لكن تنحصر مثارات أن

: الذنوب فى أربع صفات ‏‏

الصفات السبعية، ومنها يتشعب ‏:‏الرابعةالغضب والحقد، والتهجم على الناس بالقتل والضرب، وأخذ األموال، وهذه

‏‏.‏الصفات لها تدرج فى الفطرة

Page 7: --مقتطفات من ربع المنجيات ---مختصر منهاج القاصدين

لإلنسان أخالقا وأوصافا كثيرة، لكن تنحصر مثارات أن

: الذنوب فى أربع صفات

، فالصفة البهيمية هي التي تغلب أوال

، ثم تتلوها الصفة السبعية ثانيا

اجتمعت هاتان، فإذا العقل فى الصفات الشيطانية، استعملتا

املكر والخداع والحيل، من فهذه أمهات الذنوب ومنابعها، ‏.‏تغلب الصفات الربوبيةثم

تتفجر الذنوب من هذه املنابع إلى الجوارح، ثم فى القلب، كالفكر، والبدعة، والنفاق، وإضمار السوء، فبعضها

فى العين، وبعضها فى السمع، وبعضها فى اللسان ، وبعضها فى البطن والفرج، وبعضها فى اليدين والرجلين، وبعضها

‏‏.‏على جميع البدن، وال حاجة إلى تفاصيل ذلك فإنه واضحوبعضها

Page 8: --مقتطفات من ربع المنجيات ---مختصر منهاج القاصدين

فصل في بيان ما تعظم به الصغائر من الذنوب

‏‏منها ‏:‏أن الصغيرة تكبر بأسباب ‏:‏اعلم

وفى الحديث من رواية ‏.‏اإلصرار واملواظبة:‏ابن عباس رض ى هللا عنه، عن النبى ‏‏ ال ‏"

‏‏"‏استغفارصغيرة مع إصرار وال كبيرة

Page 9: --مقتطفات من ربع المنجيات ---مختصر منهاج القاصدين

الناس فى التوبة أربع طبقات

‏ ‏ تائب يستقيم على التوبة إلى آخر عمره، ويتدارك ‏:‏الطبقة األولى

ث نفسه بالعودة إلى ذنوبه، إال الزالت ما فرط من أمره، وال يحد‏التي ال ينفك عنها البشر فى العادات،

‏هي االستقامة في التوبة، وصاحبها هو السابق فهذه

‏:‏وتسمى هذه النفسالنصوح، ‏:‏وتسمى هذه التوبة‏.‏بالخيرات، وهؤالء يختلفون منهم من سكنت شهوته تحت قهر املطمئنة

‏ ‏.‏املعرفة ففتر نزاعها، ومنهم من تنازعه نفسه وهو ملئ بمجاهدتها

Page 10: --مقتطفات من ربع المنجيات ---مختصر منهاج القاصدين

الناس فى التوبة أربع طبقات

تائب قد سلك طريق االستقامة فى أمهات الطاعات وكبائر الفواحش، إال أنه ال ‏:‏الطبقة الثانية ينفك عن ذنوب تعتريه، ال عن عمد، ولكنه يبتلى بها فى مجارى أحواله من غير أن يقدم عزما

‏على اإلقدام عليها،

منها الم نفسه، وندم وعزم على االحتراز من أسبابها، فهذه هي النفس اللوامة وكلما أتى شيئا

، وإن كانت ألنها تلوم صاحبها على ما يستهدف له من األحوال الذميمة، فهذه رتبة عالية أيضا

نازلة عن الطبقة األولى، وهى أغلب أحوال التائبين، ألن الشر معجون بطينة اآلدمى، فقلما ينفك عنه، وإنما غاية سعيه أن يغلب خيره شره، حتى يثقل ميزانه، فترجح حسناته، فأما إن

الذين ‏}‏‏:‏وهؤالء لهم حسن الوعد من هللا سبحانه وتعالى، إذ قال ‏.‏تخلو كفة السيئات، فبعيدوالى هذه الرتبة ‏[‏32 ‏:‏النجم‏]‏ ‏{‏يجتنبون كبائر اإلثم والفواحش إال اللمم إن ربك واسع املغفرة

ن التواب ‏"‏‏:‏اإلشارة بقوله صلى هللا عليه وآله وسلم فت

‏ ‏‏‏"‏إن هللا يحب املؤمن امل

Page 11: --مقتطفات من ربع المنجيات ---مختصر منهاج القاصدين

الناس فى التوبة أربع طبقات

أن يتوب ويستمر على االستقامة مدة، ثم تغلبه شهوته فى بعض الذنوب، ‏:‏الطبقة الثالثةفيقدم عليها لعجزه عن قهر الشهوة، إال أنه مع ذلك مواظب على الطاعات، وترك جملة من

الذنوب مع القدرة عليها والشهوة لها، وإنما قهرته شهوة واحدة أو شهوتان، وهو يود لو أقدره ‏هللا على قمعها، وكفاه شرها، فإذا انتهت ندم، لكنه يعد نفسه بالتوبة عن ذلك الذنب،

وآخرون اعترفوا بذنوبهم ‏}‏‏:‏هي النفس املسؤولة، وصاحبها من الذين قال هللا تعالى فيهم فهذه وآخر سيئا

صالحا

فأمر هذا من حيث مواظبته على الطاعات وكراهيته ملا يتعاطاه ‏{‏خلطوا عمال

وعاقبته خطرة من حيث تأخيره ‏[‏103‏‏:‏التوبة‏]‏‏‏{‏عس ى هللا أن يتوب عليهم‏}‏‏:‏مرجو لقوله تعالى وتسويفه، فربما يختطف قبل التوبة، فإن األعمال بالخواتيم، فعلى هذا يكون الخوف من

الخاتمة، وكل نفس يمكن أن يتصل به املوت، فتكون الخاتمة، فليراقب األنفاس، وليحذر وقوع ‏ ‏.‏املحذور

Page 12: --مقتطفات من ربع المنجيات ---مختصر منهاج القاصدين

الناس فى التوبة أربع طبقات

أن يتوب ويجرى مدة على االستقامة، ثم يعود إلى الذنوب ‏:‏الطبقة الرابعة من غير أن يحدث نفسه بالتوبة، ومن غير أن يتأسف على فعله، فهذا

منهمكا

‏.‏من املصرين، وهذه النفس هي األمارة بالسوء، ويخاف على هذا سوء الخاتمة‏فإن مات هذا على التوحيد، فإنه يرجى له الخالص من النار، ولو بعد حين، وال ‏

يستحيل أن يشمله عموم العفو بسبب خفي ال يطلع عليه، إال أن التعويل على ‏يصلحهذا ال

‏إن هللا تعالى كريم، وخزائنه واسعة، ومعصيتي ال تضره، ثم تراه ‏:‏فإن من قال‏

فاجلس فى بيتك ‏:‏يركب البحار فى طلب الدينار، فلو قيل له فإذا كان الحق كريما

هكذا ‏:‏إنما األرزاق بالكسب فيقال له ‏:‏لعله يرزقك، استجهل قائل هذا وقال‏ ‏.‏النجاة بالتقوى

Page 13: --مقتطفات من ربع المنجيات ---مختصر منهاج القاصدين

، فاعلم أن رأس الخطايا املهلكة حب الدنيا، ورأس أسباب النجاة وأيضا

التجافي بالقلب عنها، ومواتاة النعم على وفق املراد من غير امتزاج ببالء ومصيبة تورث طمأنينة القلب إلى الدنيا واألنس بها، فإذا كثرت املصائب انزعج القلب له، فكانت نجاته منها غاية املراد

عن الدنيا ولم يسكن إليها، فصارت سجنا

‏‏.‏كخالص املسجون من السجن وأما التألم فهو ضروري وذلك يضاهى فرحك بمن يحجمك أو يسقيك دواء

بال أجر فإنك تتألم وتفرح، فتصبر على األلم، وتشكر على سبب الفرح، نافعا

فمن عرف هذا تصور منه أن يشكر على البالء، ومن ال يؤمن أن ثواب املصيبة ‏‏.‏أكثر منها لم يتصور منه الشكر على املصيبة

.‏‏

Page 14: --مقتطفات من ربع المنجيات ---مختصر منهاج القاصدين

الخاتمةالتي تفضي إلى سوء األسباب

أما الختم على الشك والجحود، فسببه البدعة، ومعناها أن يعتقد ‏‏، أو

في ذات هللا تعالى، أو صفاته، أو أفعاله خالف الحق، إما تقليدا

برأيه الفاسد، فإذا انكشف الغطاء عند املوت، بان له بطالن ما ‏ ‏.‏اعتقده، فيظن أن جميع ما اعتقده هكذا ال أصل له

على طريق ومن مجمال

اعتقد في هللا سبحانه وصفاته اعتقادا

السلف من غير بحث وال تنقر، فهو بمعزل عن هذا الخطر إن شاء ‏ ‏.‏هللا تعالى

Page 15: --مقتطفات من ربع المنجيات ---مختصر منهاج القاصدين

األسباب التي تفضي إلى سوء الخاتمة

وأما الختم على املعاص ي، فسببه ضعف اإليمان في األصل، وذلك يورث االنهماك

فىاملعاص ى، واملعاص ى مطفئة لنور اإليمان، وإذا ضعف اإليمان ضعف حب هللا تعالى، فإذا جاءت سكرات املوت، ازداد ذلك ضعفا، الستشعاره فراق الدنيا، فإن السبب

الذي يفض ي إلى مثل هذا الخاتمة، وهو حب الدنيا، والركون إليها، مع ضعف اإليمان املوجب لضعف حب هللا، فمن وجد في قلبه حب هللا تعالى، أغلب من حب الدنيا، فهو أبعد من هذا الخطر، وكل من مات على محبة هللا تعالى، قدم به قدوم العبد املحسن

عما املشتاق إلى مواله، فال يخفى ما يلقاه من الفرح والسرور بمجرد القدوم، فضال

‏ ‏.‏يستحقه من اإلكرام‏

ومن فارقه الروح في حال، خطر بباله فيها إلنكار على هللا سبحانه في فعله، أو كان مصرا

، فال يخفى ما يستحقه من النكال‏ ‏.‏على مخالفته، قدم على هللا قدوم من قدم به قهرا

Page 16: --مقتطفات من ربع المنجيات ---مختصر منهاج القاصدين

فاعلم أن الخوف من اهلل تعالى على مقامين

الخوف من عذابه، وهذا خوف عامة الخلق، وهو حاصل ‏:‏أحدهماباإليمان بالجنة والنار، وكونها جزاءين على الطاعة واملعصية،

‏ ‏.‏ويضعف هذا الخوف بسبب ضعف اإليمان، أو قوة الغفلة‏

وزوال‏الغفلة‏يحصل‏بالتذكر،‏والتفكر‏في‏عذاب‏اآلخرة،‏ويزيد‏بالنظر‏إلى‏الخائفين‏ومجالستهم،‏أو‏سماع‏

‏ ‏.‏أخبارهم‏

Page 17: --مقتطفات من ربع المنجيات ---مختصر منهاج القاصدين

فاعلم أن الخوف من اهلل تعالى على مقامين

‏.‏الخوف من هللا تعالى، وهو خوف العلماء العارفين ‏:‏الثانياملقام ‏ ‏.‏‏[‏3‏‏:‏آل عمران‏]‏‏‏{‏ويحذركم هللا نفسه ‏}‏‏‏:‏قال هللا تعالى

Page 18: --مقتطفات من ربع المنجيات ---مختصر منهاج القاصدين

أن في كل فقر، ومرض، وخوف، وبالء في الدنيا، : واعلم

: خمسة أشياء ينبغي أن يفرح العاقل بها، ويشكر عليها

أن كل مصيبة ومرض يتصور أن يكون عليها أكثر منها، ‏:‏أحدهاألن مقدورات هللا تعالى ال تتناهى، فلو أضعفها هللا عز وجل على

‏‏‏.‏فليشكر إذ لم يكن أعظم ‏؟‏العبد، فما كان يمنعه

Page 19: --مقتطفات من ربع المنجيات ---مختصر منهاج القاصدين

أن في كل فقر، ومرض، وخوف، وبالء في الدنيا، : واعلم

: خمسة أشياء ينبغي أن يفرح العاقل بها، ويشكر عليها

‏‏‏‏‏.‏أن املصيبة لم تكن في الدين ‏:‏الثاني

‏ما ابتليت ببالء إال كان هلل تعالى على فيه ‏:‏قال عمر بن الخطاب رض ى هللا عنه

، إذ لم يكن في ديني، وإذ لم يكن أعظم، وإذ لم أحرم الرضا به، وإذ أرجو نعمأربع ‏‏‏‏.‏الثواب عليه

‏اشكر هللا ‏:‏دخل اللص بيتي وأخذ متاعي، فقال ‏:‏قال رجل لسهل بن عبد هللا

ومن استحق أن ‏؟‏تعالى، لو دخل الشيطان قلبك فأفسد إيمانك، ماذا كنت تصنعويحذركم هللا ‏}‏.‏يضربك مائة سوط، فاقتصر على عشرة فهو مسحق للشكر

‏ ‏.‏‏[‏3‏‏:‏آل عمران‏]‏‏‏{‏نفسه

Page 20: --مقتطفات من ربع المنجيات ---مختصر منهاج القاصدين

أن في كل فقر، ومرض، وخوف، وبالء في الدنيا، : واعلم

: خمسة أشياء ينبغي أن يفرح العاقل بها، ويشكر عليها‏

أن ما من عقوبة إال كان يتصور أن تؤخره إلى اآلخرة، ومصائب ‏:‏الثالثالدنيا يتسلى عنها فتخفف، ومصيبة اآلخرة دائمة، وإن لم تدم، فال

، كذا سبيل إلى تخفيفها، ومن عجلت عقوبته في الدنيا لم يعاقب ثانيا

‏‏.‏في الحديث عن النبى صلى هللا عليه وآله وسلمورد

‏:‏‏‏"‏صحيح مسلم‏"‏وفى إن كل ما يصاب به املسلم يكون كفارة له، حتى ‏" "‏النكبة ينكبها، والشوكة يشاكها ‏‏.‏‏

Page 21: --مقتطفات من ربع المنجيات ---مختصر منهاج القاصدين

أن في كل فقر، ومرض، وخوف، وبالء في الدنيا، : واعلم

: خمسة أشياء ينبغي أن يفرح العاقل بها، ويشكر عليها

‏‏ ‏‏

أن هذه املصيبة كانت مكتوبة عليه في أم الكتاب، ولم يكن بد ‏:‏الرابع‏‏.‏وصولها إليه، فقد وصلت واستراح منها، فهي نعمةمن

Page 22: --مقتطفات من ربع المنجيات ---مختصر منهاج القاصدين

أن في كل فقر، ومرض، وخوف، وبالء في الدنيا، : واعلم

: خمسة أشياء ينبغي أن يفرح العاقل بها، ويشكر عليها ‏‏ ‏‏

أن ثوابها أكثر منها، فإن مصائب الدنيا طرق إلى اآلخرة، كما ‏:‏الخامسيكون املنع من أسباب اللعب نعمة في حق الصبى، فإنه لو خلى واللعب،

لكان يمنعه، ذلك من العلم واألدب، فكان يخسر طول عمره، وكذلك لهالكهاملال واألهل واألقارب

واألعضاء، قد تكون سببا

Page 23: --مقتطفات من ربع المنجيات ---مختصر منهاج القاصدين

عالج القلوب الغافلة عن شكر نعم اهلل

أما القلوب املبصرة، فتتأمل ما رمز إليه من أصناف نعم هللا عز ‏:‏فالجوابوجل، وأما القلوب البليدة التي ال تعد النعمة نعمة إال إذا نزل بها البالء،

إلى من دونه، ويفعل ما كان يفعله بعض فسبيل صاحبها أن ينظر أبدا

القدماء، فإنه كان يحضر دار املرض ى ليشاهد أنواع البالء عليهم، ثم يتأمل صحته وسالمته، ويشاهد الجناة الذين يقتلون وتقطع أيديهم وأرجلهم ويعذبون، فيشكر هللا على سالمته من تلك العقوبات، ويحضر املقابر،

فيعلم أن أحب األشياء إلى املوتى أن يردوا إلى الدنيا، ليتدارك من عصا عصيانه، وليزيد في الطاعة من أطاع، فإن يوم القيامة يوم التغابن

Page 24: --مقتطفات من ربع المنجيات ---مختصر منهاج القاصدين

وأما السبب فى تفاوت الناس فى الحب

فاعلم أن الناس مشتركون فى أصل الحب، لكنهم يتفاوتون لتفاوت املعرفة، فكثير من الناس ليس لهم من معرفة هللا إال الصفات واألسماء

التي قرعت أسماعهم، والعالم البصير يطالع تفصيل صنع هللا تعالى له، وتجر

حتى يرى ما يبهر عقله، فتزداد عظمة هللا فى قلبه، فيزداد حبا

‏‏.‏هذه املعرفة التي هي معرفة عجائب صنع هللا تعالى إلى بحر ال ساحل له

Page 25: --مقتطفات من ربع المنجيات ---مختصر منهاج القاصدين

وأما السبب فى تفاوت الناس فى الحب

‏السبب فى قصور أفهام الخلق عن معرفة هللا تعالى، فاعلم أن كل وأما

دل املصنوع على وجود صانعه، وعلى علمه وحياته من صنع شيئا

وقدرته داللة جلية ظاهرة، وإن كانت هذه الصفات ال تدرك بش يء من فوجود هللا سبحانه وتعالى وقدرته وعلمه وسائر ‏.‏الحواس الخمس

صفاته يشهد له بالضرورة كل ما نشاهد من حجر وشجر ومدر ونبات وحيوان وأرض وسماء وكوكب وبر وبحر ، بل أول شاهد علينا أنفسنا

وأجسامنا، وتقلب أحوالنا وتغير قلوبنا، وجميع أطوارنا فى حركاتنا وسكناتنا

Page 26: --مقتطفات من ربع المنجيات ---مختصر منهاج القاصدين

وأما السبب فى تفاوت الناس فى الحب

الحب ال ينفك عن مؤمن ، ألنه ال ينفك وأصل عن أصل المعرفة، وأما قوة الحب واستيالؤه، فذلك

: ينفك عنه األكثرون ، وإنما يحصل ذلك بشيئين

Page 27: --مقتطفات من ربع المنجيات ---مختصر منهاج القاصدين

وأما السبب فى تفاوت الناس فى الحب

‏‏

القلب‏قطع‏عالئق‏الدنيا،‏وإخراج‏حب‏غير‏الله‏من‏‏‏:‏أحدهما‏ ‏

أسباب ضعف حبه، قوه حب الدنيا ، وبقدر ما يأنس القلب بالدنيا فأحد ينقص أنسه باهلل، والدنيا واآلخرة ضرتان، وسبيل قطع الدنيا عن القلب سلوك طريق الزهد، ومالزمة الصبر واالنقياد إليهما بزمام الخوف والرخاء، ‏‏.‏وما ذكرناه من املقامات كالتوبة والصبر والشكر والزهد والخوف وغير ذلك

Page 28: --مقتطفات من ربع المنجيات ---مختصر منهاج القاصدين

وأما السبب فى تفاوت الناس فى الحب

‏‏

تعالىمعرفة‏الله‏‏‏:‏الثاني‏لقوة‏المحبةالسبب‏ حصلت املعرفة تبعتها املحبة، وال يوصل إلى هذه املعرفة بعد فإذا

انقطاع شواغل الدنيا من القلب إال الفكر الصافي، والذكر الدائم، وأقل أفعاله ‏:‏والتشمير فى الطلب، واالستدالل عليها بأفعاله سبحانه

األرض وما عليها ،باإلضافة إلى املالئكة وملكوت السموات

Page 29: --مقتطفات من ربع المنجيات ---مختصر منهاج القاصدين

وأما السبب فى تفاوت الناس فى الحب

‏ فإذن عالمة املحبة، كمال األنس بمناجاة املحبوب، وكمال التنعيم بالخلوة،

‏‏.‏االستيحاش من كل ما ينقض عليه الخلوةوكمال

غلب الحب واألنس صارت الخلوة واملناجاة قرة عين تدفع جميع الهموم، بل ومتى ،

يستغرق الحب واألنس قلبه، حتى ال يفهم أمور الدنيا، مالم تتكرر على سمعه مرارا

‏‏.‏مثل العاشق الولهان

أن يتأسف على ما يفوته من ذكر هللا تعالى، ويتنعم بالطاعة، ال يستثقلها، ومنها ‏‏.‏ويسقط عنه تعبها

Page 30: --مقتطفات من ربع المنجيات ---مختصر منهاج القاصدين

وأما السبب فى تفاوت الناس فى الحب

‏ ‏‏

كابدت الصالة عشرين سنه، وتنعمت بها ‏:‏قال ثابت البنانى رحمة هللا‏‏.‏عشرين سنه

عالمة املحبة دوام النشاط، والدؤوب بشهوة يفتر بدنه وال يفتر ‏:‏وقال الجنيد

قلبه، وكل هذا موجود املثال فى املشاهدات، فإن املحب ال يستثقل السعي على بدنه، وكل حب

في مراد محبوبه، ويستلذ خدمته بقلبه، إن كان شاقا

قاهر ال محالة، فمن كان محبوب أحب إليه من الكسل، ترك الكسل في ‏‏.‏خدمته، وإن كان أحب إليه من املال، ترك املال فى حبه

Page 31: --مقتطفات من ربع المنجيات ---مختصر منهاج القاصدين

وأما السبب فى تفاوت الناس فى الحب

لو ذقت ‏:‏لقد أعجبتك الخلوة، فقال ‏:‏قلت لراهب ‏:‏قال عبد الواحد بن زيدمتى يذوق العبد حالوة ‏:‏حالوة الخلوة ال ستوحشت إليها من نفسك، قلت

‏‏.‏إذا صفا الود، خلصت املعاملة ‏:‏قال ‏؟‏األنس باهلل تعالى في الطاعة ‏:‏قال ‏؟‏متى يصفو الود ‏:‏قلت

واحدا

‏‏.‏إذا اجتمع الهم، فصار هما

عالمته الخاصة ضيق الصدر عن معاشرة : قيل ؟ ما عالمة األنس : قيلفإن

الخلق، والتبرم بهم، وإن خالط، فهو كمنفرد غائب مخالط بالبدن، منفرد ‏‏. بالقلب

Page 32: --مقتطفات من ربع المنجيات ---مختصر منهاج القاصدين

وأما السبب فى تفاوت الناس فى الحب

من االنبساط واإلدالل، وقد يكون ‏:‏واعلم أن األنس إذا دام وغلب واستحكم، قد يثمر نوعا

ممن أقيم مقام فى الصورة، ملا فيه من الجراءة وقلة الهيبة، وإن كان محتمال

ذلك منكرا

‏‏.‏األنس

إذا صدر ممن ال يفهم ذلك املقام، أشرف به على صاحبه على الكفر، وذلك كما يروى وأما ، فاستقبله رجل مدهوش

)‏عن أبى حفص أنه كان يمش ى يوما ‏‏ متحير، من دهش الرجل ‏:‏أي‏)

(‏إذا تحير ‏:‏يدهش ‏‏ ‏:‏ضل حماري، وال أملك غيره، فوقف أبو حفص وقال ‏:‏قال ‏؟‏مالك ‏:‏فقال ‏(‏‏.‏وعزتك ال أخطو خطوة ما لم ترد عليه حماره، فظهر الحمار

Page 33: --مقتطفات من ربع المنجيات ---مختصر منهاج القاصدين

وينبغى أن يراقب اإلنسان نفسه قبل العمل وفى العمل

؟‏حركه عليه هوى النفس أو املحرك له هو هللا تعالى خاصةهل ‏‏

‏‏.‏كان هللا تعالى، أمضاه وإال تركه، وهذا هو اإلخالصفإن

وقف عند همه، فإن كان هلل مض ى، وإن كان لغيره تأخر ‏:‏الحسنقال ‏‏.‏رحم هللا عبدا

فيها، ومراقبته في املعصية تكون بالتوبة فهذه مراقبة العبد في الطاعة وهو أن يكون مخلصا

والندم واإلقالع، ومراقبته في املباح تكون بمراعاة األدب، والشكر على النعم، فإنه ال يخلو من ‏‏.‏نعمة البد له من الشكر عليها، وال يخلو من بلية البد من الصبر عليها، وكل ذلك من املراقبة

حق على العاقل أن ال يشغل عن أربع ساعات، ساعة ‏:‏وهب من منبه في حكمة آل داودوقال

يناجى فيها ربه، وساعة يحاسب فيها نفسه، وساعة يفض ي فيها إلى إخوانه الذين يخبرونه بعيوبه، ويصدقونه على نفسه، وساعة يخلو بين نفسه وبين لذاتها فيما يحل وال يحرم، فإن

‏‏.‏هذه الساعة عون على الساعات وجمام للقوة ‏

Page 34: --مقتطفات من ربع المنجيات ---مختصر منهاج القاصدين

ينبغي للعبد أن يحاسب نفسه على األنفاس فهكذا

وعلى معصية القلب والجوارح في كل ساعة، فإن

اإلنسان لو رمي بكل معصية يفعلها حجرا في داره

المتألت داره في مدة يسيرة، ولكنه يتساهل في

{‏أحصاه هللا ونسوه‏}‏حفظ المعاصي وهى مثبتة .‏‏

Page 35: --مقتطفات من ربع المنجيات ---مختصر منهاج القاصدين

باب في ذكر الموت وما بعده وما يتعلق به

أن املنهمك فى الدنيا املكب فى غرورها، يغفل قلبه ال محالة عن ‏:‏اعلمذكر املوت فال يذكره، وإن ذكره كرهه ونفر منه، ثم الناس إما منهمك،

‏‏.‏أو تائب مبتدىء، أو عارف منتبه

فال يذكره، وإن ذكره فيذكره لتأسف على دنياه، ويشتغل املنهمكفأما ‏‏.‏بذمه، وهذا ال يزيده ذكر املوت من هللا تعالى إال بعدا

Page 36: --مقتطفات من ربع المنجيات ---مختصر منهاج القاصدين

باب في ذكر الموت وما بعده وما يتعلق به

، فإنه يكثر ذكر املوت لينبعث به من قلبه الخوف والخشية، التائبوأما فيفي بتمام التوبة، وربما يكره املوت خيفة أن يختطفه قبل تمامها أو

وال يدخل بهذا تحت ‏.‏قبل إصالح الزاد، وهو معذور فى كراهة املوتفإنه ‏"‏من كره لقاء هللا كره هللا لقاءه“‏‏:‏قوله صلى هللا عليه وآله وسلم

إنما يخاف لقاء هللا لقصور وتقصيره، فهو كالذي يتأخر عن لقاء باالستعداد للقائه على وجه يرضاه، فال يعد كارها

الحبيب مشتغال

للقائه، وعالمة هذا أن يكون دائم االستعداد له، ال شغل له سواه، وإال ‏‏.‏التحق باملنهمك فى الدنيا

Page 37: --مقتطفات من ربع المنجيات ---مختصر منهاج القاصدين

باب في ذكر الموت وما بعده وما يتعلق به

، ألنه موعد لقاء الحبيب، العارفوأما ، فإنه يذكر املوت دائما

هذا فى غالب األمر يستبطئ ‏.‏وهو ال ينس ى موعد لقاء حبيبهمجيء املوت، ويحبه ليتخلص من دار العاصين، وينتقل إلى جوار

‏.‏حبيب جاء على فاقة ‏:‏رب العاملين، كما قال بعضهم

Page 38: --مقتطفات من ربع المنجيات ---مختصر منهاج القاصدين

‏:‏وقد روى عن عبد هللا بن عمر رض ى هللا عنهما قالأخذ رسول هللا صلى هللا عليه وآله وسلم بمنكبي

:‏فقال ‏‏ وكان ‏"‏كن فى الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل‏"إذا أمسيت فال تنتظر الصباح، وإذا ‏:‏ابن عمر يقول

أصبحت فال تنتظر املساء، وخذ من صحتك ملرضك، .‏ومن حياتك ملوتك .‏‏

Page 39: --مقتطفات من ربع المنجيات ---مختصر منهاج القاصدين

أن السبب فى طول األمل شيئان : واعلم

‏الجهل‏‏:‏حب‏الدنيا،‏والثاني‏‏:‏أحدهما

حب الدنيا فإن اإلنسان إذا أنس بها وبشهواتها ولذاتها وعالئقها، أما ثقل على قلبه مفارقتها، فامتنع قلبه من الفكر فى املوت الذي هو سبب

دفعه عن نفسه، واإلنسان مشغول مفارقتها، وكل من ذكره شيئا

باألماني الباطلة، فيمنى نفسه أبدأ بما يوافق مراده من البقاء فى الدنيا، وما يحتاج إليه من مال وأهل ومسكن وأصدقاء وسائر أسباب الدنيا، على هذا الفكر، فيلهو عن ذكر املوت، وال يقدر قربه

‏.‏فيصير قلبه عاكفا

فإن خطر له املوت فى بعض األحوال والحاجة إلى االستعداد له، سوف األيام بين يديك إلى أن تكبر ثم تتوب ‏:‏بذلك ووعد نفسه، وقال ‏

Page 40: --مقتطفات من ربع المنجيات ---مختصر منهاج القاصدين

أن السبب فى طول األمل شيئان : واعلم

الجهل‏‏:‏السبب‏الثاني وهو أن اإلنسان يعول على شبابه، ويستبعد قرب املوت مع الشباب، أو ‏‏

وإنما ‏؟‏ليس يتفكر املسكين فى أن مشايخ بلده لو عدوا كانوا أقل من العشرقلوا ألن املوت فى الشباب أكثر، والى أن يموت شيخ قد يموت ألف صبى

وشباب وقد يغتر بصحته، وال يدرى أن املوت يأتى فجأة، وإن استبعد ذلك،

، ولو تفكر وعلم أن فإن املرض يأتى فجأة، وإذا مرض لم يكن املوت بعيدا

املوت ليس له وقت مخصوص، من صيف وشتاء وربيع وخريف وليل ونهار، وال هو مقيد بسن مخصوص، من شاب وشيخ أو كهل أو غيره، لعظم ذلك

‏‏عنده واستعد للموت