2012 ماي- ولى السنة ا- لثانيد ا العد زهور1 د هذا العد عية وثقافية،رية، اجت مجلة إخباعية جتعدالة الن جمعية زهور ل تصدر عة ومؤقتا فصلية.ستدامة، شهري والتنمية ا،لثاد ا العد.2012 ، مايو السنة اداحمد اسؤول: مدير ا ا ة والتحرير: دار ا ادريس زرهوني مو- خي حي19 :ولكيد ا ال[email protected] 06 61 40 48 98 :لهاتف ا06 61 36 66 28 : لقانويداع ا ا2012 PE 0042 مد: رد2028 - 8190 لصحافة: ل لقانويداع ا ا03/2012 التوزيع:SaPress خراج : الطبع واRABAT NET MAROC Av. Hassan II Cité Al Manar n° 6/3 - Rabat 05 37 20 46 32 - 06 61 20 37 76 [email protected] Imprimerie زهورور خا�ص: غرب العتيقس بوابة ا مكنا- فيا مونوغرا- تسكني اللتار مدينة البذخ ا: مكناس- يلعااث اب ال قللنطاقية اا اعيل، من إون اسلطا ال- يعة.ق الة وصيانة أوفااي دولة، إل لا الين القرن الع اعيليةة اا ا ترا- الزمن ا باذب فتنة ا عساوة- كناس حةلف لعرض الدو ا- ت: �أبحاث ومقا أين؟الفرانكفونية... إغرب و ا- ر البازيز عبد ا الععا أخينا ودا- د ا... عبا اتقوا ا- من ملفات زهور:خدراتموس ا قا- أن�شطة جمعية زهور: من �طقة زرهونن الزيتون هكتار من75 غرس- الزيتون هكتار من50 ة معا- الزيتونرة من 2000 ف -

مجلة زهور العدد الثاني ماي 2012

Embed Size (px)

DESCRIPTION

مجلة زهور العدد الثاني ماي 2012

Citation preview

1زهور العدد الثاني - السنة األولى - ماي 2012دد

لعذا ا

هيف مجلة إخبارية، اجتامعية وثقافية،

تصدر عن جمعية زهور للعدالة االجتامعية والتنمية املستدامة، شهرية ومؤقتا فصلية.

العدد الثاين، السنة األوىل، ماي 2012.

املدير املسؤول: محمد املداين

اإلدارة والتحرير:19 حي خيرب- موالي ادريس زرهون

الربيد اإللكرتوين:[email protected]

الهاتف: 98 48 40 61 0606 61 36 66 28

اإليداع القانوين: 2012 PE 0042

ردمد:2028 - 8190

اإليداع القانوين للصحافة: 03/2012

التوزيع:SaPress

الطبع واإلخراج :

RABAT NET MAROCAv. Hassan II Cité Al Manar n° 6/3 - Rabat05 37 20 46 32 - 06 61 20 37 [email protected]

Imprimerie

حمورخا�ص:زهور

- مكناس بوابة املغرب العتيق

- مونوغرافيا

- مكناس: مدينة البذخ التارخيي اليت تسكن يف

قلب الرتاث العاملي- السلطان املوىل إمساعيل، من محاية النطاق

الرتايب للدولة، إىل محاية وصيانة أوفاق الرشيعة.- ترامج احلارضة اإلمساعيلية يف القرن العرشين

- عساوة فتنة اجلذب بالزمن املايض

- املعرض الدويل للفالحة مبكناس

�أبحاثومقاالت:

- املغرب والفرانكفونية... إىل أين؟- وداعا أخينا العزيز عبد اجلبار الحسيمي

- اتقوا اهلل... عباد اهلل

منملفاتزهور:

- قاموس املخدرات

من�أن�شطةجمعيةزهور:

- غرس 75 هكتار من الزيتون مبنطقة زرهون

- معاجلة 50 هكتار من الزيتون

- جتفني 2000 جشرة من الزيتون

زهور العدد الثاني - السنة األولى - ماي 2012 2

يسعد مجلة زهور أن تخصص فاتحة ملف هذا العدد إىل املخدرات، ليس فقط باعتبارها من أخطر اآلفات التي تهدد عقول و صحة شبابنا و شاباتنا، و لكن أيضا ألنها مجال يتطلب من العلامء و الباحثني و املسؤولني يف مغرب اليوم، املزيد من االهتامم ملا تشكله من خطر عىل اإلنسان و األرسة و املجتمع و الدولة.

و ال بأس أن نتوقف يف هذه الفاتحة عند أهم األرضار الخلقية و االجتامعية، و الصحية، و االقتصادية الناجمة عن تعاطي املخدرات هنا ... و يف كل مكان يف األرض، بهدف املساهمة يف الحد من آثارها الكاريتية، بعدما أضحت تشن حربا عشواء عىل أبناءنا و بناتنا، استباحت فيها حرمات كل األماكن مبا يف ذلك األزقة،

و الشوارع، و املؤسسات التعليمية، و األماكن العمومية ... بل و حتى الدور و املنازل، عىل مرأى و مسمع من دولة الحق و القانون.أ - األرضار الخلقية و االجتامعية

1 – فقدان املتعاطي للمخدرات لقيمته اإلنسانية، حيث يصبح حقري النفس، دنيئا مهانا، ال يغار عىل محارمه و ال عىل عرضه، فاسد املزاج، سيئ األخالق؛2 - تأثري املدمن عىل أرسته، فتصبح بذلك اللبنة األوىل للمجتمع غري مستقرة، حيث يسودها التوتر و الشقاق و تنترش الخالفات بني أفرادها، مام قد قد يؤي إىل

تفجريها؛3 – امتداد التأثري إىل خارج نطاق األرسة، ليهم الجريان، و األصدقاء، و األقارب؛

4 – كرثة املتعاطني للمخدرات تؤدي يف نهاية املطاف، إىل تفيش الرذيلة و الجرائم األخالقية و العادات السلبية، و ذلك كلام زاد عددهم و اشتد عودهم باملقارنة مبناعة املجتمع و نجاعة نظام حاميته؛

5 – عدم احرتام القوانني املنظمة للحياة العامة للمجتمع، إذ تكرث الحوادث و الخروقات، و تنترش الخالفات و املنازعات، فيصاب املجتمع بالوهن مام قد يؤدي إىل عدم االستقرار.

ب - األرضار الصحية1 – أمراض الجهاز التنفيس: النزالت الرئوية، ثم الدرن الرئوي، فانتفاخ الرئة، فرسطان الجهاز التنفيس؛

2 – ارتفاع دقات القلب، ثم األنيميا الحادة و خفض ضغط الدم. كام تؤثر املخدرات عىل حياة الكريات البيضاء، مام يضعف جهاز املناعة لدى املدمن؛

3 – فقدان الشهية و سوء الهضم، و الشعور بالتخمة. كام يصاب املتعاطي للمخدرات بالقرح املعدية و املعوية، و قد يصاب الجسم بأنواع من الرسطان لتأثري املخدرات عىل النسيج اللليفي ملختلف مكونات الجهاز الهضمي؛

4 – انخفاض القدرة الجنسية لدى الجنسني، و تأثري الحامل املدمنة عىل جنينها، حيث تتسبب املخدرات لدى النساء الحوامل يف توافر ظروف إعاقة الجنني بدنيا و عقليا؛

5 – األمراض النفسية كالقلق و االكتئاب النفيس املزمن، و فقدان الذاكرة، كام تؤدي املخدرات إىل الخمول الحريك؛الحلق يف والتهاب وجفاف األذن، يف وطنني العني، يف واحمرار الجسم، يف عضلية وارتعاشات العامة، الصحة يف تدهور – 6

والشفتني...ج - األرضار االقتصادية

1 – استنزاف األموال و ضياع موارد األرسة مبا يهددها بالفقر و اإلفالس؛2 – انتشار الكسل و الخمول و ضعف اإلنتاج، مام يؤثر عىل القوة اإلنتاجية للمجتمع ككل، و بالتايل ضعف تنافسيته االقتصادية بني املجتمعات؛

3 – انتشار طرق الكسب غري املرشوع، مام يؤثر سلبا من جهة، عىل تنافسية االقتصاد املهيكل و املنتج، و من جهة أخرى يحرم الدولة من مداخيل هامة ) الرضائب و الرسوم(، فيضعف بذلك مداخيلها املالية، و يؤثر يف قدرتها عىل ضبط توازناتها املالية و االقتصادية؛

4 – كرثة ضحايا اإلدمان عىل املخدرات ال يؤثر عىل تنافسية اقتصاد البلد فقط، بل يزيد من أعباء الدولة برعايتها لهم يف املستشفيات و املصحات، و حراستهم يف السجون و اإلصالحيات، ثم مطاردة املهربني و محاكمتهم ...

من جهة أخرى، يجب اإلشارة إىل أن منو هذه الظاهرة عرب العامل، بصورة رسيعة و متواصلة، و مخرتقة لكل الحدود، جعل منها آفة دولية بامتياز. إذ تعترب سوق املخدرات حاليا ثاين أكرب األسواق يف العامل بحوايل 500 مليار من الدوالرات، بعد سوق األسلحة، متقدمة بكثري عن سوق البرتول. فلو استخدمت %20 فقط من هذه األموال يف برامج خاصة بالتعليم لقيض عىل األمية يف جميع أنحاء العامل. و لو استغلت %40 منها، لتمكن العامل من مكافحة الجوع الذي يرضب العديد من الدول نتيجة الجفاف و التصحر و سوء التدبري و الفساد السيايس. أما لو استثمرت %60 منها، فلتم القضاء عىل الفقر، عىل األقل يف 27 دولة، هي األكرث فقرا يف

العامل حاليا.و كمجتمع مغريب أصيل، له مرجعيته األخالقية الواضحة، و يبحث، عىل مايبدو، عن إصالح نفسه، علينا كل من موقعه، أن نتصد لهذه اآلفة الخطرية التي أضحت تطاردنا و تطارد أبنائنا و شبابنا يف كل مكان؛ يف الشارع، يف الحي، يف املدرسة، يف الجامعة، يف النادي، يف املقهى، يف املكتب، يف املصنع، يف املتجر، يف املستشفى، يف

السجن، حتى يف عقر الدار حاليا بعلم من اآلباء أو بدون علمهم، ليك نحد من آثارها املدمرة، و نتخلص من سمومها القاتلة. و لذلك نقرتح ماييل:1 – القيام بحملة إعالمية تحسيسة و توعوية شاملة و منتظمة، تشارك فيها وسائل اإلعالم املقروءة، و املسموعة، و املرئية، و اإللرتونية؛

2 – مضاعفة اآلباء و األمهات ملجهوداتهم يف مراقبة و تتبع أبنائهم و بناتهم؛3 – تكثيف املؤسسات املدرسية و الجامعية ملجهوداتها من حيث املراقبة و التحسيس و العمل عىل خلق فضاءات و تنظيم أنشطة ثقافية و ترفيهة الستقطاب

التالميذ و الطلبة و الحيلولة دون سقوطهم يف فخ الفراغ و الروتينية؛ أكرث السباب املؤدية إىل املخدرات و التدخني؛4 - إعادة النظر يف دور جمعيات آباء و أولياء التالميذ، الذين ال يعدو كون أغلبيتهم، عبارة عن صندوق تستعمله اإلدارة من أجل رشاء صنبور أو إصالح طابعة ... عوض أن تكون هذه الجمعيات، التي أصبحت اآلن دستورية، رشيكا كامال للمؤسسة، تسهر عىل تخليق الحياة املدرسية، و تنظم بتعاون مع رشكاء آخرين، أنشطة من شأنها أن تنمي قدرات التالميذ و تصقل مواهبهم و تنبههم من األخطار املحدقة بهم و تعرفهم ببيئتهم و محيطهم االقتصادي و االجتامعي و الثقايف

و تبعدهم، ما أمكن، عن كل أنواع االنحرافات...5 – انتباه كل مؤسسات املجتمع املدين يف بلدنا لهاته اآلفة املاكرة و التجند ملحاربتها بكل قوة و حزم، كل من موقعه و حسب إمكانياته؛

6 – و أخريا و ليس آخرا، أن تقوم أجهزة الدولة مبضاعفة املراقبة و متابعة املهربني و تجار املخدرات، الكبار منهم قبل الصغار، و تطبيق القانون، ال أكرث...

ةحت

فا

مكناس بوابة

المغرب العتيق

جمعية زهور تساهم بوابة المغرب العتيقمكناس.. بمنطقة زرهونفي تأطير فالحة الزيتون

المولى إسماعيل.. من حماية النطاق الترابي للدولة إلى حماية وصيانة أوفاق الشريعة

الـمـخـــدراتقاموس

جملة ثقافية اجمتاعية جامعة هشرية // العدد الثاين ماي 2012 - املدير املسؤول : دمحم املداين - المثن : 15 درمها

3زهور العدد الثاني - السنة األولى - ماي 2012

محور خاص

مكناس بوابة

المغرب العتيق

زهور العدد الثاني - السنة األولى - ماي 2012 محور خاص4

مكناس إح���دى حوارض املغ���رب الهشرية، رأت النور من���د القرن العارش امليالدي عىل يد قبيلة مكناس���ة اليت اكنت تنترش مبنطقة تازة رشقا ومهنا أخذت تمسيهتا مع متيزيها بإضافة نعت الزيتونة إشارة إىل املوقع الذي

اختري هلا، الغين بأجشار الزيتون.الش���ك أن غىن املنطقة ب���األرايض اخلصبة واملي���اه وغريها من املوارد الطبيعية اكن إىل جانب موقعها االس���رتاتيجي وراء اختيارها مكاكن لالس���تقرار البرشي... وق���د أهلها هذا املوقع لتلع���ب أدوارا طالئعية يف تارخي املغرب كلك، فهي جنوبا تنفتح عىل األطلس املتوس���ط ال���ذي يعترب ممرا حن���و تافياللت

وختوم الصح���راء الرشقية، أما مشاال فهي تنظ���ر صوب جب���ل زرهون ال���ذي يوجد به رضحي املوىل إدريس األكرب مؤس���س الدولة اإلسالمية األوىل باملغرب األقىص ومن هاته

اجلهة تبدأ منطقة الريف.وتنفتح مكناس رشقا عىل هسل الس���ايس ال���ذي تقع عىل طرف���ه اآلخ���ر مدينة فاس، وخي���رتق املدينة وادي بوفك���ران، مكا تكرث

فهيا العيون واآلبار ذات املياه العذبة.قبل تأس���يس املدينة معرت املنطقة س���اكنة متفرق���ة اكن أكرب مجتعاهت���ا يعرف بتورى. والتبع���د مكناس عن ف���اس عامصة املغرب األوىل إال بأقل من 60 لكم، مكا أهنا ال تبعد

عن الس���احل األطليس إال حبوايل 100لكم، وبذلك حتت���ل هذه املدين���ة موقعا ممتزيا إن عىل املستوى االسرتاتيجي أو عىل مستوى املناخ وغىن الوسط البييئ واملوارد الطبيعية، ولكها عوامل وفرت لملدينة أسباب االستقرار

والتطور.لقد س���اعد هذا املوقع أيض���ا عىل المتازج البرشي واالندماج الثقايف واحلضاري بني مجموع���ات برشية متعددة الروافد: أمازيغية من األطلس املتوس���ط والري���ف وحصراوية عربي���ة وإفريقية، إضاف���ة إىل جالية هيودية نشطة استوطنت املنطقة، مما شلك جممتعا متفاعال ومندجما يعيط صورة واحضة عن

مكناس بوابة المغرب العتيق

5زهور العدد الثاني - السنة األولى - ماي 2012 محور خاصالرتكيب���ة البرشية املغربي���ة مكا تبلورت عرب

العصور.و عرف���ت املدين���ة مراح���ل من التط���ور منذ تأس���يهسا، وقد انتبه إلهيا املرابطون خالل الق���رن11م حيث س���تتحدد مالحمها األوىل مع يوسف ابن تاش���فني وستعرف أحياؤها نوع���ا من التخص���ص يف الوظائف احليوية مكا س���تكتيس هذه املدينة طابعا عس���كريا

وسياسيا.الحق���ا مع دولة املوحدين خ���الل القرن 12م ستعرف املدينة نقلة نوعية أخرى يف مبانهيا ومرافقه���ا وجتهزياهت���ا مم���ا س���اعد عىل

تعمريها وتثبيت دورها يف املنطقة.رمغ الصعوب���ات اليت القاه���ا املرينيون يف بداية حمكهم لبس���ط س���لطهتم عىل املدينة فإهنم مافتوئا أن اعتن���وا مبعاملها ومرافقها إذ مت إغناؤه���ا بقصور ومحام���ات وفنادق ومس���اجد إضافة إىل املدارس العملية اليت متزيوا بتش���ييدها واالعتن���اء هبا خصوصا إب���ان حمك أيب احلس���ن وأيب عن���ان، ولعل أمهها يه املدرس���ة البوعنانية قرب املجسد

األعظم.مع هناية الدولة املرينية، سيخفت دور مكناس بعض الوق���ت ومع ذلك مل تك���ن هذه الفرتة عقمي���ة بل هشدت ميالد زاوية صوفية كربى سيصبح هلا باع كبري باملغرب وخارجه ويه زاوية الشيخ القطب سيدي اهلادي بنعيىس امللقب بالش���يخ الاكمل، املتوىف سنة 1523م موىل املعروف يف األوس���اط الش���عبية ب«

مكناس« وتعرف زاويته بالعيساوية.وحيتضن مركز هذه الزاوية رضحي شيخها وهو موض���وع تبجيل وتكرمي يؤم���ه الزوار ترباك ب���ه، مكا يق���ام حوله احتفاء س���نوي غين بالطقوس والتقاليد الشعبية يزتامن مع حل���ول عيد املولد النب���وي الرشيف 12 ربيع األول، ويع���رف هذا احلج الس���نوي مبومس الش���يخ الاكمل وهو من أكرب موامس املغرب

األصيلة.أم���ا فرتة حمك الدولة الس���عدية فتاكد تكون غ���ري ذات تأثري كبري عىل املدين���ة، اللهم إال بناء مجسد لالعودة من طرف أم الس���لطان السعدي أمحد املنصور الذهيب وكأن القدر جعل من هاته الفرتة اخلافتة من تارخي املدينة فرتة تأهب، استعدادا ألدوار كربى ستلعهبا، إذ ستصبح يف الفرتة املوالية بعد أفول جنم السعديني عامصة للدولة العلوية الناشئة عىل يد أكرب ملوكها ومؤسيس دعامئها السلطان

املوىل إمساعيل )1672 - 1727(، وس���تنعت إىل اليوم بالعامصة االمساعيلية.

س���تعرف مكن���اس حينئذ طف���رة هائلة يف معراهنا وهتيئ���ة مرافقها وتقوية جتهزياهتا، فبجانب املدينة ال���يت تضم املجمتع احمليل س���تبىن مدين���ة خمزني���ة اكمل���ة بقصورها العديدة ومساجدها ومقرات عتادها وجندها ومنزتهاهت���ا وخمازهنا ومرابطها وحصوهنا وجسوهنا فض���ال عن أس���وارها الضخمة وأبواهبا الش���اخمة والرائق���ة امجلال : إهنا املدينة املغربية بل العربية واإلس���المية اليت جهزت بأط���ول حزام من األس���وار يتخللها عدد كبري م���ن األبراج املربعة العالية القوية، أحيط���ت باملدينة املخزنية واملدينة الش���عبية

عىل مسافة زادت عىل 40 لكم.لقد راعت الهتيئ���ة العمرانية اجلديدة آنذاك احلاجي���ات احليوية ومض���ان مقاومهتا للك حصار مفرتض إذ تركت بداخل أس���وارها منزتهات وجن���ان وأرايض صاحلة للزراعة مكا بين صهرجي عظمي بني القرص السلطاين واملخ���ازن لضامن ال���زتود باملي���اه وتوريد األنعام وس���ي البس���اتني. مما أعىط هلذا التجمع العمراين طابعا خاصا جعل املؤرخ ابن زيدان يقول ع���ن مكناس أهنا مدينة يف

قرية وقرية يف مدينة.ع���رف ورش املدين���ة املخزني���ة اجلديدة يف العه���د االمساعييل حركة دامئ���ة لعرشات السنني جندت هلا ألوف من اليد العاملة مبا فهي���م األرسى األوربيون الذين س���قطوا يف يد القوات املغربي���ة أثناء احلروب التحريرية للثغور املغربية، ومن هؤالء األرسى األقدمني

.MOUETTE واملهشورين مويطاكن مط���وح املوىل إمساعيل ه���و أن جيعل مكن���اس مدينة تضايه الع���وامص األوربية ح���ى أهنا وصفت بفرس���اي املغرب مقارنة مع فرساي امللك لويس الرابع عرش املعارص لمل���وىل إمساعي���ل، وق���د عرف���ت املبادالت والسفارات بني العاهلني شأنا كبريا آنذاك.

واليوم فإن أشد ما تفخر به مكناس هو مآثرها االمساعيلية كباب الرايس والربدعيني وباب جديد وب���اب امخليس وب���اب منصور لعلج وهري املنص���ور ومربط اخلي���ول وصهرجي الصواين وق���رص املنصور والدار البيضاء وساحة اهلدمي واللة عودة واألسوار واألبراج العديدة الش���اخمة فضال عن املدينة العتيقة وجوامعه���ا ومآذهن���ا املتع���ددة وأرضحهتا وزواياها... لقد استحقت املدينة مبا حتضنه

من مآثر تارخيية هامة أن تجسل لدى منمظة اليونيس���كو يف قامئة الرتاث العاملي س���نة

.1996

مل تتنازل مكناس عن أمهيهتا مكدينة خمزنية وحارضة كربى ح���ى عندما فقدت صفهتا كعامصة سياس���ية للبالد خ���الل املنتصف الثاين من الق���رن 18م لفائدة جارهتا فاس، إذ ظلت رمغ ذلك س���كنا مفض���ال لعدد من األم���راء ورجال الدولة. أم���ا خالل خضوع املغرب للحامية الفرنس���ية فإهنا ستس���تعيد بع���ض أدواره���ا مكوق���ع اس���رتاتيجي له أمهية عس���كرية واقتصادية بالدرجة األوىل، وس���يرتمج اهمت���ام س���لطات امحلاية هبذا املوق���ع من خ���الل فتح ورش كبري لتش���ييد مدينة جديدة عىل الطراز األوريب بشوارعها ومعاراهت���ا وحدائقها وأحياهئ���ا الصناعية والتجارية والس���كنية واكفة مرافقها اإلدارية والعس���كرية والرياضي���ة والثقافي���ة ويرجع الفضل يف حتديد معامل املدينة اجلديدة إىل

.»poemirau« »اجلينريال بوميريو«نظرا لزتايد عدد املستوطنني األوربيني اهلائل ما بني 1911 و 1916، وليتس���ىن بناء املدينة اجلدي���دة – بعدما مل يعد ممكنا اس���تيعاب املهاجرين األوربيني اجل���دد جبوار املجمتع األهيل التقليدي- س���تقتطع أرايض شاسعة هبضب���ة رأس إيغيل ومحري���ة عىل اجلانب األمي���ن م���ن واد بوفك���ران يف اجتاه فاس، وذلك ابت���داء من 1916 ليعلن عن تأس���يس مدينة جدي���دة مخس س���نوات بعد ذلك يف حفل كبري حرضه اجلنريال »اليويط« س���نة 1921. هك���ذا س���يصبح املج���ال احلرضي ملكن���اس ذا قطبني عىل غرار امل���دن املغربية األخ���رى يفصل بيهن���ام وادي أيب العامئر

)بومعاير(.م���ع رحيل اإلدارة الفرنس���ية س���تزنح كثري من األرس امليس���ورة مهن���ا عىل اخلصوص إىل األحي���اء الراقي���ة حبمرية ال���يت تركها ع���ىل مكن���اس وس���تحافظ الفرنس���يون، نش���اطها وحيويهتا وستس���تقطب مزيدا من الس���اكن خالل العقود األربعة األخرية عىل اخلص���وص، مما دف���ع إىل هتيئة األرايض الفارغة لبناء أحياء جديدة اكلزيتون والسباتا وس���يدي بوزكري والبساتني وس���يدي بابا واملنصور... مكا س���تضاف جتهزيات مهمة ومرافق عديدة اكللكي���ات واملدارس ومعاهد

التكوين املتوسط والعايل.

زهور العدد الثاني - السنة األولى - ماي 2012 إضاءة6

مكناسمونوغرافيا

مكناس كلمة أمازيغية تعني »المحارب« تقع في شمال

المملكة على بعد 140 كلم شرق العاصمة المغربية الرباط، وهي

العاصمة لجهة مكناس ـ تافياللت التي تضم والية مكناس وعمالة إقليم

الحاجب وعمالة أقاليم إفران وخنيفرة والرشيدية. عدد سكانها نحو المليون

نسمة.

7زهور العدد الثاني - السنة األولى - ماي 2012 محور خاص

مكناس كلمة أمازيغية تعني »المحارب« تقع في شمال

المملكة على بعد 140 كلم شرق العاصمة المغربية الرباط، وهي

العاصمة لجهة مكناس ـ تافياللت التي تضم والية مكناس وعمالة إقليم

الحاجب وعمالة أقاليم إفران وخنيفرة والرشيدية. عدد سكانها نحو المليون

نسمة.

هذه اجلهة متتد عىل مساحة 79210 كيلومرت مربع من مجموع الرتاب املغريب. إذ حتتل حوايل 11 %

ويه متنوعة التضاريس واملناخ.تقع هذه املدينة مبنطقة فالحية خصبة، يف ملتىق جهات عدة بني تربط اكنت اليت التجارية الطرق عهد منذ واستقرار عبور منطقة مهنا جعل مما برز الوسيط حيث يف العرص خصوصا ق��دمي، امسها ألول مرة حكارضة، مث يف العرص احلديث كعامصة من أبرز العوامص اليت لعبت دورا هاما

يف تارخي الغرب اإلساليم.مدينة امس ارت��ب��ط م�����ك�����ن�����اس ال��ب��داي��ة يف أمازيغ بقبائل الذين زن��ات��ة اس���ت���وط���ن���وا املغرب وس��ط سايس وهسل

ووادي بوفكران وادي ضفاف عىل وخصوصا وسالن.

اسرتاتيجيا وموقعا ماكنة مكناس مدينة حتتل تعترب فهي تافياللت، مكناس جهة مستوى عىل عامصة للجهة، مكا تعترب رافدا من روافد التمنية تتوفر حيث لململكة واالجمتاعية االقتصادية اكلصناعات متطورة صناعية مؤهالت عدة عىل واخلشب النسيج وصناعة الغذائية التحويلية كمييائية، والشبه الكمييائية، والصناعات واجللد تتوفر مكا والكهرباء، وأإلليكرتونيك، واملياكنيك، املدينة عىل تنوع ترايث وثقايف هام، فهي عامصة الدولة العلوية إبان حمك موالي إمساعيل مكا توجد هبا عدة مآثر تارخيية متنوعة ترجع إىل عدة عهود واملوحدية املرينية تارخيية خمتلفة اكحلقبة وحقب 1996 سنة اليونسكو جعل ما وهو والسعدية... تصنفها مضن الرتاث العاملي اإلنساين، مكا توجد

الرومانية ولييل معملة مكناس من مقربة عىل إدريس م��والي عامصة زره��ون ومدينة

األكرب.أم����ا م���ن ح��ي��ث امل��وق��ع فاملدينة اجل��غ��رايف،

ت����وج����د ف���وق ال���هن���اي���ة

المشالية هلضبة سايس مشال جماط، حيث ميتاز جماهلا التضارييس بالتجزؤ الشديد مكا خترتقها أودية رئيسية تشلك حدودا فاصلة بني أمه ثالثة

أجزاهئا السكنية، ويه:ويشلك احلدود المشالية لملدينة وادي ويسالن: -

احلالية.توالل. يح عن ويفصلها إحساق: أب��و - وادي - وادي بوفكران: حيث جيزئ املدينة إىل قمسني: العتيقة. ب��امل��دي��ن��ة ي���ع���رف ق����دمي ق��س��م *

* قسم حديث أحدثه املستعمر إبان تواجده واحتالله لململكة.

وحتتل هذه املدينة موقعا اسرتاتيجيا بالغ األمهية، فهي توجد بني مقدمة الريف مشاال واألطلس املتوسط مشاال ينفذ ال��ذي املمر يف تتحمك مكا جنوبا، العموم وعىل ال��ردم، وادي عرب الغرب إىل هسل اجلنوبية املنطقة إىل تنيمت فاملدينة من لك تضم ال��يت الوسىط الراشيدية يفرن،خنيفرة، مساحهتا تبلغ وم��ي��دل��ت، 406230 حوايل اإلمجالية لكم2 أي ما يناهز 5,05 % من مجموع مساحة املنطقة

الوسىط اجلنوبية.

زهور العدد الثاني - السنة األولى - ماي 2012 محور خاص8

مكناسمدينة البذخ التاريخي، التي

تسكن في قلب التراث العالمي

9زهور العدد الثاني - السنة األولى - ماي 2012 محور خاصيذهب الكثري من الدارس���ني واملختصني يف شؤون الرتاث واملعامل التارخيية، إىل أن مدينة مكناس اليت دخل���ت رمسيا يف خانة الذاك���رة امجلاعية للرتاث اإلنساين، حتتل الصدارة من بني املدن املغربية يف تنوع النس���يج العمراين التارخيي الذي تتعدد فيه الرواسب األركيولوجية واملورفولوجية بتعدد الدول

واحلضارات اليت تعاقبت عىل املغرب.وجح���ة هؤالء يف ذلك، أن املآثر التارخيية مبكناس، مكا تتعدد فهيا الرواسب األركيولوجية ألهنا تمشل م���ا ه���و أمازييغ وإدري���يس ومراب���يط وموحدي ومريين وعلوي، وللك مرحل���ة خصائصها النوعية الفري���دة، فإهن���ا كذل���ك تتن���وع من حي���ث املنظر املورفولويج إذ اللعبة البرصية للخطاب العمراين، تتبل���ور فهيا أش���اكل معرانية تتف���اوت يف احلجم واهلي���أة وامجلال، وتتن���وع يف الوظائف واألدوار، وتل���يب حاجيات الس���لطة واملجمت���ع إىل امحلاية والدفاع واإليواء وممارسة الثقافة والشعائر الدينية

والوظائف االجمتاعية واالقتصادية.الباحث عبد اإلله الغزاوي، يرى أنه باستقراء الكسب العمراين ملدينة مكن���اس يتضح أن فضاء العمران تس���تقطبه عدة حماور، أمهها حمور القداسة حيث ي���درك املرء من خ���الل أول لقاء له م���ع هذه املدينة أهنا إس���المية ع���رب مآذهنا وزواياه���ا وأرضحهتا وقبهبا، مث حمور الثقافة حيث الفضاء الشاسع من الكتاتيب القرآنية املختصة بالتعلمي األويل واملدارس العملية واملساجد الكربى املختصة بالتعلمي العايل، وكذا حمور اإليواء وممارس���ة الس���لطة الذي يمتثل يف الدور واألحياء الس���كنية والقصور واألس���واق

العامة.

وميثل حمور التحص���ني والدفاع عنرصا هاما يف التنس���يق العام لملدينة، حيث أب���دع لتدعمي األمن الداخ���يل ومحاية املدينة من أي ع���دوان، فأحيطت مكناس بس���ياج من األس���وار واألبراج والقصبات واألبواب مكنظومة متناس���قة يف وظيفهتا امجلالية، م���ن زخرف���ة ونق���ش وهندس���ة معامري���ة أصيلة، ومنظوم���ة نفعي���ة يف وظيفهت���ا األمني���ة، حتس���ب للرصاع���ات السياس���ية اليت هشدهت���ا املدينة يف

خمتلف األحقاب.واملتأمل لملنظومة البنائية مبدينة مكناس، جيد أهنا ترتكز »حسب الباحث املختص يف شؤون الرتاث«، عىل عدة أنساق مهنا نس���ق املجاورة، حيث منطق التجاور يضبط إيقاع املعامل األثرية، ونسق التشابه إذ أن بع���ض املجموع���ات املعامري���ة تتش���ابه يف وظيفهتا وتكويهنا مما يهس���ل معلية تصنيفها إىل وحدات متجانسة كوحدة الفنادق ووحدة السقايات ووحدة املس���اجد ووحدة األقواس، مث نسق املفارقة الذي يتأس���س عىل منطق التعارض حيث املنشآت املدني���ة »محامات وفن���ادق ودور« تقابل املنش���آت العس���كرية »أبراج وأس���وار وقصبات«، واملنشآت املقدس���ة »مساجد وأرضحة وزوايا« تقابل املنشأت

الدنيوية »متاجر ومصانع وأسواق وقساريات«.واملتج���ول مبدينة مكن���اس البد وأن يق���ف مذهوال أمام عمظة البنايات وعبقرية اهلندس���ة املغربية اليت مزجت بش���لك بديع ب���ني خمتلف األنس���اق الفنية وامجلالية لتخلف نس���يجا معرانيا ممتزيا من حيث فضاء املتعة التش���كيلية وتاكم���ل الطبيعة الوظيفية، إذ ق���ال عهنا امل���ؤرخ الفرنيس س���ان ألوان »اكن الس���لطان املوىل إمساعيل يريد أن حيدث ألمته آية

من آيات ملكه«.فع���رب أحياء املدينة وأس���واقها، يق���ف الزائر عىل مجموعة من البنايات العتيقة اكجلوامع اليت يناهز عددها األربعني، وأقدمها جامع النجارين واجلامع األعظ���م وجامع الروى، باإلضافة إىل املدارس اليت أس���هسا ملوك الدولة املرينية والسقايات اليت يبلغ عددها الس���بعني، غ���ري أن معمظها هت���دم أو زال باملرة، ومن القليل البايق س���قاية العدول وس���قاية

القرسطون وسقاية الرشيرشة وسقاية املتحف.وعىل غرار املدن العتيق���ة باملغرب أحدثت مبكناس زوايا وأرضحة جيمت���ع فهيا رواد الطوائف الدينية وأتب���اع الطرق الصوفي���ة بقص���د التوجيه الديين وإنش���اد املداحئ واألذاكر. وأبرز هذه املؤسس���ات رضحي امل���وىل إمساعيل ورضحي الش���يخ الاكمل ورضحي الش���يخ اب���ن عمثان ورضحي س���يدي عبد

القادر العيمل.ويضم الرضحي اإلمساعييل رفات ثالثة ملوك عظام مه املوىل إمساعيل وابنه أمحد الذهيب واملوىل عبد الرمحان بن هش���ام، مكا توجد جبوانب القرب أربع س���اعات دقاقة أهداها امللك لويس الرابع عرش إىل

املوىل إمساعيل.ومتث���ل اخلزانات إىل جن���ب املدارس واملس���اجد العريق���ة اهلامة مبكن���اس، وتعت���رب خزانة اجلامع األعظم أقدم خزانة للكتب أسس���ت باملعهد املريين، وختزتن رفوفها مجموعة م���ن املخطوطات النادرة، يناه���ز عددها 5000 خمطوطا يرج���ع بعضها إىل

العهد السعدي.وتطال���ع الزائ���ر يف أول لقاء مع املدينة، األس���وار املتين���ة اليت حتيط هبا واليت يزيد طوهلا عن أربعني

زهور العدد الثاني - السنة األولى - ماي 2012 10

كيلومرتا وخترتقه���ا جموعة من األب���واب ما تزال قامئ���ة بعمظهتا وكربياهئا، ش���اهدة ع���ىل العهود الزاه���رة لألس���الف، ومهن���ا باب امخلي���س وباب الربدعيني وباب القصدير وباب تزيميي وباب كبيش

وباب املنصور العلج.إذا اكنت مراكش تتباىه بساحة جامع الفنا، وفاس بس���احة بوجلود، فإن العامصة اإلمساعلية تفتخر بس���احة هلدمي، ذاكرة تارخيي���ة وفضاء رحب يؤمه الناس من لك حدب وص���وب، نظرا لتعدد وظائفها عرب التارخي واألزمان، فقد اكنت يف املايض، فضاء الس���تقبال الوفود األجنبية اليت ت���زور مكناس، مث حتول���ت إىل فض���اء للتبضع، قب���ل أن تتحول إىل س���احة الحتضان رواد احللقة، تعود تمسية ساحة »هل���دمي« إىل لكم���ة »اهل���دم« وذلك بس���بب أطنان االترب���ة واألنقاض اليت مت وضعه���ا أثناء بناء هذه املدين���ة، وتبلغ مس���احهتا 200 مرت طوال و100 مرت عرض���ا، يرشف علهيا ب���اب »املنصور العلج« أكرب أبواب السور اإلمساعييل الذي يذكر بامسه املقاول الذي بناه يف هناية حمك املوىل املس���ي »العلج« إمساعيل، ومل تنته أش���غال تشييده إال سنة 1732

حتت حمك ابن املوىل امساعيل.وتتحدث املص���ادر التارخيية عن الس���لطان املوىل إمساعي���ل ملا أدخ���ل تعديالت ع���ىل مدينة مكناس عامص���ة لململكة. فق���د أزال اجل���زء الرشيق من املدينة العتيقة وأضافه إىل القصبة اجلديدة )املدينة امللكية(، حيث مسيت بامسه، مكا أقام ساحة اهلدمي اليت تفصل بني القصبتني وأحاطها بسور. بعد ذلك ب���ىن باب منصور العلج الش���اخم ال���ذي يطل عىل

الساحة مكدخل لملدينة امللكية.وللدخ���ول من س���احة »اهلدمي« إىل داخ���ل املدينة القدمي���ة توجد عدة أبواب صغ���رية تارخيية أمهها الذي تعود تمسيته مدخل »باب رياض اجلام���ي« إىل جماورته ملتحف رياض اجلامي، وهو واحد من أمه املتاحف التارخيية يف املغرب الذي بناه الوزير

اجلامي يف عهد موالي احلسن األول.تتف���رع املدين���ة القدمية إىل مجموعة م���ن األحياء، حك���ي »الصباغني«، وتصل حى ب���اب »الرحي« أو باب »تزيميي« مرورا »بقبة الس���وق« اليت جتاورها املدرس���ة البوعناني���ة، ال���يت بني���ت يف القرن 14

امليالدي.ويوجد ب«قبة الس���وق« قرب اجلامع الكبري س���وق للداللة يعود تارخي إنش���ائه إىل القرن 19 امليالدي، حي���ث مازالت طق���وس البيع به تمت وف���ق الطريقة القدمية ملواد تقليدية اكجلالليب، الزرايب، والنعال، ويس���ري معلي���ات البيع مكا ينظم عالق���ات التجار، الذي خيتاره التجار أنفهسم »لورعه أمني »الداللة«

وثقهتم فيه وكذا خربته يف البيع والرشاء«.قرب »قبة الس���وق« يوج���د يح »التوتة« الذي اكن عب���ارة عن قصبة بناه���ا املرابطون س���نة 1069م، ويه تصل وسط املدينة القدمية بأحياء »النجارين« و«جناح األمان« و«س���بع لوي���ات« وصوال إىل باب »اجلدي���د« الذي يرقد فيه الويل الهشري ب«الش���يخ الذي حتيك األسطورة الاكمل«/ »اهلادي بنعيىس«

احمللية أنه تس���بب لملوىل إمساعي���ل يف إصابته بأحد األم���راض، بعد أن قام الس���لطان بطرده من املدين���ة قب���ل أن يأم���ر بإعادته بن���اءا عىل نصاحئ

األطباء.طبع���ا، ال خيلو زق���اق مكناس العتيق���ة من تواجد أرضحة ألولياء عديدين، محتل تلك األزقة أمساءمه م���ن »موالي عب���د القادر اجلياليل« إىل »س���يدي قدور العيمل« مرورا »بس���يدي عبد اهلل القرصي« و«سيدي معر بوعوادة« مما جيعل مقولة بني لك ويل

وويل يوجد ويل آخر تصدق عىل مدينة مكناس.وق���رب املدينة القدمية يوج���د يح »املالح اجلديد« الذي اكن إىل وقت قريب مركز مجتع للهيود املغاربة القاطنني مبكناس قبل جهرهتم إىل إرسائيل. واملالح اآلن يش���لك املعرب الفاصل بني املدينة القدمية وبني أحياء تش���لكت نتيجة اهلجرة القروي���ة حنو املدينة

حكي »السالم« و«سباتة« و«مرجان«.

وه��ذه قائم��ة مختص��رة بأه��م مآث��ر مدينة مكناس

1/ باب منصور العلج من أعظم آثار هذه املدينة، باب املنصور العلج الذي يرشف عىل ساحة اهلدمي. أسسه املوىل امساعيل، وأمت بنائه ابنه موالي عبد اهلل حوايل سنة 1732م. تمتزي ه���ذه الباب بضخام���ة مقاييهسا، إذ حتتوي عىل فتحة علوها 8 أمتار، مكا اس���تأثرت بزخارفها اخلالبة املنحوتة عىل اخلزف والفسيفس���اء املتعدد

األلوان. 2/ ساحة الهديم

وعىل مقربة من باب املنصور العلج. توجد »س���احة اهلدمي« أهشر س���احة باملدينة، قامت وتقوم بوظيفة التاليق حيث اكنت حتتضن لك األنش���طة التجارية

والثقافية والدينية، وتعترب حمطة لعابري السبيل.3/ القصر الملكي:

يوج���د داخ���ل القصب���ة اإلمساعيلية، بن���اه املوىل إمساعي���ل يف بداية الق���رن 18 م. يغلب هيلع طابع

العامرة العسكرية4/ صهريج السواني :

يوجد عىل بعد 500م جنوب القرص املليك وس���احة املشور. بين يف القرن 18م، ويعترب من بني أخضم وأمه املآثر التارخيية مبكناس. حيتوي عىل مجموعة من ا لقاعات اليت تنتظم حول قاعة وسىط شاسعة. مص���م ه���ذا البناء من أج���ل خزن امل���واد الغذائية خاص���ة احلبوب، باإلضاف���ة إىل كونه اكن حيتوي عىل عدة آبار اكنت تزود صهرجي الس���واين باملياه

الذي جياور هذه املعملة ويعترب جزءا مهنا.5/ ضريح المولى إسماعيل

أسس رضحي املوىل إمساعيل ابنه امللقب بالذهيب. املوىل إمساعيل، وهو يضم رفات ثالثة مل���وك مه: وباين ال���رضحي أمحد الذه���يب، ومصلح الرضحي امل���وىل عبد الرمح���ن بن هش���ام )1238 - 1275ه� 1823 - 1858م(، وإىل جان���ب ه���ؤالء يوج���د ق���رب الس���يدة خناث���ة زوجة امل���وىل إمساعي���ل. ويعترب

ه���ذا الرضحي معملة فاخ���رة مجتعت فهيا خالصة الصناعات اليدوية من نقش عىل الرخام واخلش���ب واجلب���ص والزليج، مش���لك بالزخ���ارف واأللوان، وإىل جوار هذا الرضحي يوجد رضحي س���يدي عبد

الرمحان املجذوب »الهشري«.6/ المدرسة البوعنانية

املدرس���ة البوعناني���ة مبكناس يه مدرس���ة عملية قدمية، أس���هسا الس���لطان املريين أبو احلسن، مث أمتم بناهئ���ا ابنه أبو عنان ف���ارس حوايل 1345م. حظيت أمعدهتا وأبواهب���ا بزخارف رائعة جدا، مبا يف ذلك من نقش كتابات وزخارف زهرية وهندسية عىل اخلش���ب واجلبص والزلي���ج، الزالت حلد اآلن

حتتفظ بهباهئا وعمظهتا.م���ن الناحية اهلندس���ية، حتتوي البناي���ة عىل قاعة للص���الة وس���احة وأمعدة وحم���راب، لكه���ا غنية

محور خاص

11زهور العدد الثاني - السنة األولى - ماي 2012

بزخارف كتابية منقوشة.7/ األسوار واألبواب واألبراج والسقايات

مل تك���ن مكناس حمصن���ة يف بداية العهد املرابيط )668 - 869ه���� (، فمل���ا عظم علهيم أم���ر املوحدين )541 - 668ه���� / 1156 - 1269م( أحاط���وا حصن تاكرارت بس���ور كبري هيلع أبراج عظمي���ة ما يزال بعضها قامئا إىل جانب األس���وار اليت بناها املوىل إمساعيل وال���يت يناهز طوهلا األربع���ني كيلومرت. وخترتق أس���وار املدينة مجموعة كربى من األبواب، أسس���ت يف خمتل���ف العصور ابت���داء من العرص املرابيط)668 - 869ه�(. ومن أقدم هذه األبواب باب زواغة، باب املشاورين، باب عييس، باب القلعة، باب دردورة، ب���اب اجلديد. ومما أحدثه املوىل إمساعيل وبع���ض املل���وك من بع���ده باب منص���ور، باب بين

ادمحم، باب امخليس، باب الرايس، أبواب املشور، باب كبيش، باب الربادعيني، باب احلجر، أبواب ثلث حفول، وباب العودة، ويه لكها ما تزال قامئة حى اليوم. وكثرية يه األبراج اليت أقميت فوق أس���وار املدينة، عىل أن أغلب هذه األبراج قد هتدم. ومن القليل الب���ايق برج موالي معر، وأبراج ب���اب الربادعيني، وأبراج باب منصور، وأبراج باب امخليس، وأبراج ب���اب الرايس، وبرج املاء، وبرج الناعورة، وبرج ابن القارئ، وه���و أمجلها عىل اإلطالق، وقد مت ترمميه مؤخرا من طرف وزارة الثقافة، حيث جعلت فضائه متحفا للخزف. وهذا هو الباب الرئيس للقصبة يف الع���رص اإلمساعييل، واكن يمسى » باب العلوج«، األوىل كبواب���ة، والثانية ممرا واكنت له وظيفت���ني: لملاء الصاحل للرشب )مي���ر فوقها ليصل يف أمان

إىل أقىص غرب املدينة(.

مك���ا اهمت بناة املدين���ة منذ العه���د املوحدي)-541668ه����( بإح���داث س���قايات معومي���ة يف األحياء الس���كنية. ويه تش���لك ظاهرة اجمتاعي���ة طابعها النفع العام. باإلضافة إىل ذلك هناك السقايات اليت تتواج���د داخل أبنية مس���اجد وأرضحة ورياضات وقصور املدينة، ومن أمجل هذه الس���قايات سقاية س���بع عنانب، اليت أس���هسا املرينيون، وحيىك أنه اكن إذا ج���اء أحد ليأخذ مهن���ا املاء فتكرست آنيته ع���وض عهنا بأخرى جمانا، وذل���ك من وقف حبس

عىل السقاية هلذه الغاية.8/ بنايات تقليدية مميزة

تمتزي مكناس كبايق املدن املغربية األصيلة - فاس- مراك���ش-، بعراقة بناياهتا املزخرف���ة واملزينة غالبا

بقطع من الزليج مبختلف األلوان.

محور خاص

زهور العدد الثاني - السنة األولى - ماي 2012 12

المولى إسماعيل)1727-1645(

من حماية النطاق الترابي للدولةإلى حماية وصيانة أوفاق الشريعة

محور خاص

نعم، اس���تطاع املوىل إمساعيل مكا هو مع���روف، إع���ادة توحيد املغ���رب؛ مكا جنح يف بناء س���لطة قوية، أعادت للبالد وحدهتا الرتابي���ة، ع���ىل حس���اب دوي���الت الزوايا، اليت اقتمست النف���وذ األكرب يف البالد، يف أعقاب اهنيار دولة الرشفاء الس���عديني. مكا جاء بناء س���لطانه املطلق ع���ىل أنقاض نفوذ الزعامات احمللية واجلهوية، وال سميا مهنا أرب���اب الربط والزوايا. ومع���روف كذلك، أن اآللة العس���كرية اكنت يه الوسيلة الرئيسة يف حتقيق هذه النجاح���ات، إىل حد مل يعد يف املغرب أي مؤسس���ة قادرة عىل جمادلة املخ���زن اإلمساعي���يل، مبا فهيا مؤسس���ة الزوايا، اليت اكن���ت قبل اعتالئه العرش من

القوى السياس���ية العمظى يف البالد، إن مل تكن أعمظها عىل اإلطالق.

آراؤه السياسيةمل يس���ع امل���وىل إمساعيل يف املل���ك، لكن الفاجع���ة اليت أودت حبياة أخيه الس���لطان املويل الرش���يد ووقوع اإلمجاع عىل مبايعته دون األم���راء اآلخرين، اكن���ا أمرين يوحيان باتفاق مشيئة اخلالق ورغبة املخلوق، حبيث أيقن املوىل إمساعي���ل أن ما أنيط بعنقه من األمانة الكربى اكن من املاكتب، وأن ما كتبه اهلل له من أس���باب املل���ك ال ميكن ألحد أن ينزتع���ه منه. وملا امط���أن لك االمطئنان إىل قدس���ية مهامه، انقادت له الرعية بشلك من الطاعة مل يس���بق له مثي���ل يف تارخي املغرب

العري���ق. لق���د قال عن���ه الاكه���ن الفرنيس بوس���نو«busnot«: »إنه ال يستش���ري إال مع نفسه، وال ينطق مبا ينحرص رأي تلك احلاشية إال يف لكمتني: نعم س���يدي«، واكن امللك يف القرن السابع عرش ال يتصوره الناس، داخل املغرب وخارجه إال بش���لكه املطلق، ولقد اكن املوىل إمساعي���ل ينوه حبمك لوي���س الرابع عرش الفرنيس، ويس���تصغر حمك غريه من ملوك أوروبا الذين اكنوا ال ميارسون شؤون احلمك بأنفهسم. فقد نقل الس���فري الفرنيس »دي س���انمتان« عنه أنه ق���ال: يف عيمل أن إمرباطور فرنسا أعظم وأقوى إمرباطور يف أوروبا، وأنه منف���رد حبمك مملكته وأنه يقود جنوده بنفسه حملاربة أعدائه وأنه يكون هو السباق إىل ساحة القتال، ويف عيمل أيضا

بويع المولى إسماعيل بن علي الشريف مباشرة بعد وفاة أخيه الرشيد سنة 1082هـ، وهو في السادسة والعشرين من عمره، واتخذ مدينة مكناس عاصمة له، ليقوم من خاللها بمنجزات

على الصعيدين الداخلي والخارجي من أجل تطوير صرح الدولة المغربية، وتوطيد دعائم األمن واالستقرار في ربوعها. تدل المنجزات التي حققها لمملكته، أنه كان من أبرز اهتماماته، إعادة

تنظيم وتجهيز مؤسسة الجيش، وإدارة الدولة، وحسن تسيير عالقاتها الداخلية والخارجية.في الورقة التالية التي نحاول من خاللها االقتراب من أعظم أعالم مدينة مكناس والمملكة

المغربية في عهد الدولة العلوية، سنتوقف عند المحطات األساسية التي صنعت شخصية هذا الرجل التاريخية، وهي:

• آراؤه السياس��ية • بن��اؤه ملؤسس��ة الجيش • بناؤه لبيت م��ال الدولة • نهجه يف السياس��ة الداخلية • توطيد أركان دولته • سياسته الخارجية

وتحريره للموانئ املحتلة • جهاده البحري • وعالقاته مع اوربا.

13زهور العدد الثاني - السنة األولى - ماي 2012 محور خاص

السلطان المولى إسماعيلبيوغرافية مختصرة

1648: ازداد مبدينة تافياللت1672: توىل الحكم، عن سلفه السلطان الرشيد بن عيل الرشيف، ونقل عاصمة

ملكه إىل مدينة مكناس1681: حرر مدينة املهدية

1682: وقع معاهدة صلح مع فرنسا1684: حرر مدينة طنجة

1689: حرر مدينة العرائش1690: حرر مدينة أصيلة

1694: ح��ارص مدينة س��بتة من أجل اسرتجاعها

1721: أبرم م��ع بريطانيا معاهدة ود وصداقة.

1727: ت��ويف مبدينة مكن��اس، وخلفه ابنه أحمد الذهبي بن إسامعيل

زهور العدد الثاني - السنة األولى - ماي 2012 محور خاص14أن ملك اجنلرتا عىل غري هذه الس���رية وأنه يرتك الربملان يق���وده كأنه امرأة جعوز، وأن

امرأة يه اليت تتوىل حمك إسبانيا.وتلك آراء اكنت تعكس واقع املجمتع املغريب يف ذل���ك العهد، حيث اكنت األوضاع العامة مازالت حتت سيطرة الفطرة واجلبلة األوىل، واكنت القبيلة يه اهليئة الرتكيبية األساسية، بل اكنت يه أس���اس الث���ورة واكن املجمتع يف حرك���ة دائبة واكنت القبائل مس���لحة أو بوسعها أن محتل الس���الح، فاكنت السلطة

حمتا عىل الرماح.وألن امل���وىل إمساعيل اكن يع���م أن العنف املجرد م���ع رضورته ال يكيف فاكن ال حيرك س���اكنا إال مبقتىض الرشيعة، ألن الرشيعة يه وسيلة الدولة وغايهتا يف اإلسالم، وألن واجب السلطان هو صيانهتا ومحاية النطاق ال���رتايب لنفوذه���ا، وما الرشيع���ة إال جهاد مسمتر إلماطة أس���باب الظم والضالل يف الداخ���ل ويه يف اخلارج جه���اد النصارى املتغلبني عىل بعض الثغور ومحاية ش���واطئ الب���الد م���ن غزواهتم، ولقد ج���اء يف إحدى رس���ائله لولده املأمون قوله: »وهذه مس���ائل الدين وأمور املس���ملني قلدها اهلل لنا فضال من���ه وامتنان���ا، وهلل وهلل حى أعض علهيا بنواجدي وال وليت أحدا مهنا شيائ إال الذي يعينن���ا عىل ح���ق من حق���وق هلل ويقوم لنا

بوظيف كبري تثق به فيه«.الجيش

لعل أوحض ما يص���ور آراء املوىل امساعيل يف السياس���ة، عنايته بإقام���ة جيش نظايم م���ن عبيد املخ���زن، واكنت الدول���ة إىل ذلك احلني ال جتند إال باستنفار عند االقتضاء أو باالعمتاد عىل القبلية، عملا بأن تلك العصبية اكنت حتتاج مع ذلك إىل ش���عار ديين يقوي التحامها، لكن االس���تنفار والشعارات مهام بل���غ صداه���ا اكنت م���ن األم���ور املعرضة لل���زوال، واكنت آراء امل���وىل إمساعيل تتجه حنو توس���يع نط���اق عبي���د الس���لطان إىل مس���توى جيش الدولة، هدفا بذلك إىل ثالث غاي���ات، إذ اكن جي���ش العبي���د قامئا عىل عصبية عس���كرية ال عالق���ة هلا خبصومات القبائل، واكن اجلي���ش اجلديد ملزما بأوثق طاعة للسلطان ألنه صنيع إراداته، واكن إىل ذل���ك لكه معبأ روحيا مب���ا اكن يؤديه أفراده من قس���م اإلخالص عىل حصيح البخاري، واكن ذلك القسم يلزم اجلنود حيال السلطان ويلزم الس���لطان حيال اجليش ويلزم امجليع

حيال الرشيعة.بيت المال

اكن امل���وىل امساعيل حيت���اج إىل بيت مال وافر إلقامة رصح الدولة الفتية عىل أس���س متينة، لذلك هنج يف هذا الصدد هنجا رشعيا

خالصا مع مراعاة الطوارئ واملس���تجدات، فاكنت أوىل املداخي���ل مما فرضته الرشيعة من زكوات وأعشار، تأيت بعدها اجلزية اليت اكن عىل الطائف���ة الهيودية املغربية املتعددة األفراد املتنوعة النشاط أن تؤدهيا لبيت املال مقاب���ل محاية الدولة هلا، س���ميا وأن بعض األمعال املرحبة مثل الرصافة وس���ك النقود

اكنت حكرا علهيم.لك���ن حاجيات الدول���ة املغربية اكنت تتجاوز هذه املداخيل، وذلك لتفامق النفقات بس���بب رضورة اقتناء األس���لحة الناري���ة من أوربا، فغدا من الالزم جعل ما اكن اس���تثنائيا من اجلباي���ات أمرا ثابتا مس���مترا، وجرى هذا عىل املكوس بوجه خاص، تلك الرضيبة اليت اكنت جبايهتا مقياس مزيان القوى السياسية ب���ني الدولة والرعية واكن اس���تخالصها يف العه���د اإلمساعييل دليال ع���ن رحجان كفة

الدولة آنذاك.السياسة الداخلية للمولى اسماعيل

كتب���ت الصحيفة الفرنس���ية “املريكوراكالن” معلق���ة عىل نب���أ وفاة املوىل الرش���يد قائلة: “لق���د هشرت القبائل الس���الح ب���لك ناحية، ووجد املوىل إمساعيل نفس���ه ملزما بتحديد فت���ح األقال���مي. وإن ما قام به م���ن األمعال البطولية أثناء ه���ذه الفتوحات وما أبداه من إقدام كبار القبطانات وتبرصمه ليعترب أعىل

درجة مما أكس���ب املويل الرشيد ما أكسبه من الهشرة”. وقال املؤرخ املغريب الهشري أبو القامس الزياين من جهته أن املوىل امساعيل مل يق���ض س���نة اكملة يف ق���رصه فهيا بني 1696-1672 وأن���ه اكن يف حركة مس���مترة لمتهي���د البالد هبدف إع���ادة احلرية الاكملة للدولة، يف الداخل بقمع الشغب القبيل، ويف

اخلارج بردع األمطاع األوربية.توطيد أركان الدولة

اكن لملوىل إمساعيل حساسية خاصة بأمر وحدة الدولة ونفوذ سلطاهنا، وذهب حرصه الق���وي عىل ذلك إىل حد البطش الفظيع بلك م���ن رام املس هبام وإن اكن من أوالده. ولقد قاتل يف بداية عه���ده ابن أخيه املوىل أمحد ب���ن حمرز ال���ذي اكن قد ع���اد إىل مراكش مبجرد ما مسع بوفاة املوىل الرشيد، مطالبا خبالفت���ه مل���ا اكن له حبض���ارة اجلنوب من س���ابق العمل، فاندلعت بسبب ذلك بينه وبني امل���وىل امساعي���ل حرب دام���ت ثالث عرش س���نة متقطعة بالكروالف���ر، يفر املوىل أمحد م���ن احلوز لكام زحف املوىل امساعيل إليه، وينتقل بأنصاره وثورته إىل ناحية تازة، وملا اكن امل���وىل إمساعيل يعود مرسعا إىل جهة المش���ال الرشيق اكن األمري الثائر يتس���لل من جديد إىل األقالمي اجلنوبية ليقمي لنفس���ه هناك إمارة مس���تقلة، حى أن السلطان مل

15زهور العدد الثاني - السنة األولى - ماي 2012 محور خاصتل���ك اللعبة الدموية وقب���ل مبدأ التخيل البن أخيه عن إمارة س���وس، ورفض املوىل امحد ذل���ك العرض إىل أن قتل يف ظروف جمهولة

باألطلس الصغري سنة 1685.السياسة اخلارجية وحترير املوانئ احملتلة

م���ا اكن امل���وىل إمساعي���ل ليتغاف���ل ع���ن واجب اس���رتجاع املوانئ املغربية اليت اكن األوروبيون قد انزتعوها يف العهود السابقة لعهده، ولق���د مت حترير املعمورة منذ 1681، وحترير طنجة س���نة 1684 وحترير العرائش

1689، وحترير مدينة أصيلة سنة 1690.ويف س���نة 1694 أم���ر الس���لطان امل���وىل امساعي���ل، الباش���ا ع���يل ب���ن عب���د اهلل مبحارصة سبتة وامتد احلصار زهاء ثالثني س���نة بدون جدوى، ملا أصب���ح لملضيق من األمهي���ة البالغة يف املالحة الدولية، حى إن اجنلرتا اغتمنت فرصة احلرب األوربية اليت اندلعت م���ن أجل العرش اإلس���باين ابتداء م���ن 1700 لتحتل جبل طارق س���نة 1704، فاشتد من يومئذ متسك إسبانيا بسبتة وردت

اهلجومات املغربية بلك عنف. الجهاد في البحر وافتداء أسرى

المسلميناعتىن املوىل إمساعيل بش���ؤون اجلهاد يف البحر ألس���باب دينية وسياسية واقتصادية، وأم���ا األس���باب الدينية فإهن���ا اكنت مرتتبة

ع���ىل رضورة محاية دار اإلس���الم الغريب، يوم أصبحت ج���رأة النصارى تزداد بفضل تفوقهم املطرد يف املالحة واملدفعية، فاكن ال مناص من االس���تعداد هل���م وكيل الرضبات هلم، وملا اكن كبار املجاهدين مه أبناء األرس األندلس���ية الالجئني باملوان���ئ املغربية، فإن الدولة العلوية الناش���ئة اكنت يف حاجة إىل مراقب���ة غزواهتم ملا اكن هلا من العواقب يف الداخ���ل ويف اخل���ارج، وحي���ث اكن مخس الغن���امئ من اجلهاد لبيت امل���ال رشعا، فإن املوىل امساعيل حرص حرصا ش���ديدا عىل أن تك���ون مقالي���د اجلهاد يف البح���ر بيده، سميا وأنه اكن مسؤوال بصفته اإلمام والقائد األول، عن افتداء املسملني الذين اكنوا يقعون أرسى ببلد القراصني األوربيني، سواء اكنوا مغاربة أو من غري املغرب، مما نتج عنه جدل ح���اد بينه وبني لويس الرابع عرش الذي اكن ال يقبل أن جتري املفاداة بني فرنسا واملغرب إال بشأن رعية املوىل إمساعيل فاكنت امحلية

اإلسالمية تثور لذلك يف نفسه.العالقات مع اوربا

تص���دي امل���وىل إمساعيل لهتاف���ت التجار األوربي���ني ع���ىل ش���واطئ الب���الد مبا اكن يفرضه الواجب الديين واملصاحل السياسية واالقتصادية، فاحتاط مهنم جبميع الوسائل وأوقفهم عند ح���دمه بالعنف تارة يوم انزتع

مهنم ما اكن قد وق���ع بقبضهتم من املوانئ، وبالسياس���ة تارة أخ���رى بتتب���ع نزاعاهتم وحروهبم إذ رضب بعضه���م ببعض، ودليل إدراكه التام لألوضاع السياسية )األوروبية( عمله مبا اكن لفرنس���ا من التفوق عىل بايق الدول آنذاك، فاكنت صداقة فرنس���ا مفضلة لديه، ال لصدارهتا وحسب، ولكن لتحالفها مع الدولة العمثانية، مما اكن جيعل التقرب مهنا يف نظر املوىل امساعيل، والس���لطان املومن الص���ادق، واجب���ا معنويا، فذه���ب به األمر إىل م���د الرغبة يف مصاه���رة لويس الرابع de ع���رش يف إحدى بناته األمرية دي كونيتconti ومل يمت من األم���ر يشء لتنافر الطباع واصط���دام األنفتني، فاكن���ت العالقات بني األمريين محمومتني باس���مترار ولكهنا ظلت قامئة إىل أن تويف لويس الرابع عرش س���نة 1715م، وهتاون ال���ويص عىل العرش بعده بصداقة املوىل امساعيل فانقطعت الصالت الرمسية بني الدولتني ابتداء من سنة 1718م

ودامت القطيعة سنة 1767م.وع���ىل النقيض م���ن ذلك نش���طت العالقات املغربي���ة األجنلزيية مبا اس���تقر من أوضاع اجنل���رتا الداخلية ابتداء م���ن العقد األخري م���ن القرن الس���ابع عرش، وس���بب احتالل األسطول االجنلزيي جلبل طارق سنة 1704م وحاجة اجنل���رتا من يومئ���ذ إىل تزويد تلك املس���تعمرة من املوانئ املغربية ولتلك الغاية أبرمت معاهدة ود وصداقة بني الدولتني سنة 1721م ووضع���ت مضهن���ا واجبات لكتهيام

وحقوقها املتبادلة بلك دقة.وأما العالقات مع اس���بانيا فلقد دخلها كثري من الفتور بسبب اهنيار عمظهتا منذ معاهدة وستفاليا wastphalie سنة 1658م، وجعزها عن مس���ايرة التوس���ع الرأمسايل، وضعف Carlos II خشصي���ة ملكها اكرلس الث���اينالذي ما إن وافاه األجل احملتوم سنة 1700م بدون خلف من صلبه، حى قامت حرب عامة ح���ول والية عهده، وف���از بالعرش يف الهناية بع���ض أحفاد لويس الراب���ع عرش، وما اكن ليغفر لملوىل امساعيل حمارصته لسبتة منذ 1694م، ولكن سوء العالقات بني الدولتني اكن ال حيول دون اتصال شواطئ البلدين جلوارها وامتداد اتصاهلا عرب التارخي ونش���اط ميناء قادس عىل اخلصوص يف املبادالت التجارية

العامة بني املغرب واوربا.

�����������������������������������* اعمت���دت هذه الورق���ة، عىل عدة مراج���ع مهنا: أطروحة الدكت���ور دمحم عبيد امجلل عن الدولة العلوية يف املغرب/ جامعة القاهرة، وحبث األس���تاذ عب���د اهلل العبايس من جامعة دمحم اخلامس عن الخشصية العسكرية للسلطان املوىل إمساعيل، وحبث األستاذ ابراهمي بوطالب عن هذه

الخشصية العظمية مبعملة املغرب، اجلزء األول.

زهور العدد الثاني - السنة األولى - ماي 2012 محور خاص16

عن جامع���ة موالي امساع���ي مبكناس، صدر مؤخ���را للباحثني املرموقني األستاذ عبد العزيز بن عبد اجلليل، والدكتور عبد الرمحن ب���ن زيدان، الس���فر األول من مصنفهام املوس���ويع، الذي حيمل عنوان ترامج أعالم احلارضة اإلمساعية يف القرن العرشين، )يف 523 صفحة من القطع املتوس���ط( وهو أح���د املصنفات التارخيية الن���ادرة اليت تنبش يف أضابري تارخي العامصة اإلمساعلية خالل القرن املايض، واليت استخرجت كنوزها الغنية، وخاصة ما يتعلق برجاالهت���ا يف الثقافة والفن والعمل والسياس���ة والقضاء والرتبية وغريها، من املعارف اليت أثرت يف حياة هذه املدينة، ومن خالهلا

يف احلياة املغربية عامة.والش���ك، أن العامصة اإلمساعيلية، ق���د احتلت عىل مر العصور، ���زة يف تارخي املغ���رب، ألهنا اكن���ت بامتي���از ملتىق ماكن���ًة ممُاحلضارات، والذهنيات، والثقافات، والفنون بأش���اكهلا التعبريية املختلفة، وهو ما بصم تارخيها مبيسم العطاء، واالختالف البناء. وإذا اكن���ت هذه العامص���ة قد عرفت أوجها عىل عهد الس���لطان العل���وي موالي إمساعيل، فذلك راجع باألس���اس إىل كوهنا غدت عامصة مللك���ه، وصارت جمال���ًا حيويًا لتش���ييداته، وبناءاته، من مس���اجد، وزوايا ، وحصون، وقصور، وأسوار، وأبراج، وأبواب، وق���الع ،األمر الذي جعله���ا حارضة عامرة، تناف���س بايق املدن األخرى، وهو الهنج الذي سار هيلع امللوك العلويون من بعده، وهو ما أهل هذه املدينة العريق���ة لتمُصنف تراثًا عامليًا من طرف منمظة اليونيسكو، وتصبح قبلة الدارسني واملؤرخني، وتغدو حمّط اهمتام املنمظات العربية والعاملية املهمتة بأصالة املدن، ومعراهنا، وتصبح مقصد الزوار والس���ياح، ورشاكت اإلنتاج السيمنايئ والتلفزي، وملتىق لملناظرات الدولية واإلقلميية، وجمالًا للتعلمي اجلاميع يف

العديد من اللكيات، واملدارس العليا. ويف نظر مؤليف هذا الكتاب املوسويع اهلام، اكن من الطبييع أن تواكب مظاهر التطور العمراين الذي عرفته احلارضة اإلمساعيلية حرك���ة فكري���ة، وثقافية، وفنية وازنة، محل مش���علها أعالم أّكدوا حضورمه بعطاءاهتم، وحبوثهم اليت ش���لكت إضافة نوعية للثقافة املغربية ، مثملا اكن م���ن الطبييع أن جتد هذه العطاءات ماكنهتا يف كتاب���ات املؤرخ���ني والباحثني اجلامعيني م���ن عنوا-خاصة-

بتارخي احلارضة اإلمساعيلية.وهن���ا جيب التنوي���ه بالعمل اجلليل الذي أجن���زه نقيب األرشاف العلوي���ني املؤرخ عب���د الرمحن بن زيدان يف مصنفه املوس���ويع “إحتاف أعالم الن���اس بأخبار حارضة مكن���اس”، الذي أبرز فيه القمية املعرفية، والعملية، والثقافي���ة، والدينية حلارضة مكناس ، من خالل الرتمجة ألعالمها، بدءا من فرتة تأسيهسا، إىل مشارف

القرن العرشين .واستمكاال هلذا املرشوع اجلليل الذي أرىس قواعده مؤرخ اململكة )ابن زيدان(، ركب الباحثان الكبريان، االس���تاذ عبد العزيز بن عبد اجلليل والدكت���ور عبد الرمحن ابن زيدان، قافلة البحث التارخيي الس���تمكال ما بدأه ش���يخ املؤرخني، ومواصلة بناء ما أّس���س له، األمر الذي جعله���ام يقدمان عىل الرتمجة لألعالم الذين أجنبهتم احل���ارضة اإلمساعيلية بدًءا من مطالع القرن العرشين إىل يومنا ه���ذا، ورصد لك مظاه���ر الهنضة اليت ب���دأت تمتظهر يف إطار املهن���ج الذي رمسه ش���يخ املؤرخيني عبد الرمح���ن بن زيدان يف تتبعه ألح���داث مكناس وترامج رجاالهتا من أبناء هذه احلارضة، إذ مع���ق الباحثان ابن عبد اجلليل، وبن زي���دان يف هذا الكتاب،

نظرهتام إىل الت���ارخي ومفاهميه العملية، ودور الرتامج يف إعطاء التارخي موقعه الصحيح يف علوم املونوغرافيا، حيث توقفا عند لك احملطات ال���يت طبعت حياة مدينة مكناس خالل القرن العرشين، ومن خالهلا عند حياة وتارخي وإنتاج الفقهاء واحملدثني واملؤرخني واحلاس���وبيني واملنتديني والع���دول واألدباء والش���عراء والفنانني واملنش���دين واملطرب���ني، دون أن يغفال احلديث ع���ن رجال خاليا السياسية ونوادي املنمظات الشبابية وهيائت احلراكت األحزاب/

الكشفية وامجلعيات الرياضية.وهك���ذا، مكا يق���ول املؤلفان: »وأم���ام ترامك النتاج���ات الفكرية، واألدبية، والفنية، لفعاليات هذه احلارضة، فإننا جند أنفسنا أكرث من ذي قبل أح���وج إىل التعريف مبن أجنبهتم هذه احلارضة يف فرتة زمانية تتقامسها مرحلتان من تارخي املغرب احلديث، مرحلة ما قبل االس���تقالل مب���ا يكتنفها من إرهاص���ات فرضهتا ظروف احلج���ر وامحلاية عىل البالد، مث مرحلة ما بعد االس���تقالل اليت أف���رزت جيال جديدًا حتدوه تطلعات عه���د التحرر واالنعتاق لبناء

الوطن احلر.

وال م���راء يف أن مع���ال من ه���ذا القبيل، جلدي���ر بتخفيف معاناة الباحث���ني، والطلب���ة الذين يش���تغلون يف جم���االت املعرفة، وذلك بإطالعه���م عىل ترامج أعالم حارضة مكناس، ورجاالهتا، خاصة مهن���م من طوح���ت بآثارمه يد التنايس واإلمه���ال، وطوى ذكرمه الزم���ن، وجحب أخب���ارمه الرحي���ل إىل آفاق بعيدة عن مس���قط الرأس، أو عن الوطن. وال مراء يف أنه مرة أخرى مقني بأن ينخرط يف سياق األمعال العملية الرامية إىل حفظ جزء من تراثنا الوطين وذاكرته، وصيانته من الضياع يف جلج اإلمهال والنس���يان. ذلك أن اس���تنطاق ذاك���رة الوطن، واحلفاظ علهيا م���ن خالل التعريف بأبنائه، مها باإلضافة إىل اجل���دوى التارخيية عنوان الوفاء لبناة الوط���ن، وصانيع حارضه ومس���تقبله، وفهي���ام إىل ذلك انبعاث جلوانب هامة من ثقافة احل���ارضة اإلمساعيلية، وإغناء رصيدها الوطين التليد يف جماالت الفكر، واإلبداع األديب، والفين،والعلوم

اإلنسانية.ومن أجل إجناز هذه العمل، وفق املقاييس العملية الس���لمية اليت وضعها املؤلف���ان، ويف إطار الهنج الذي رمساه لضبط املعلومات وحتقيقها، ومراجعهتا، فلقد أرس���ال اس���متارات إىل األخشاص املس���هتدفني )مؤّرخة بتارخي 2002(، سواء مهنم املقميون باملدينة، أو الذين اس���تقروا خارجها، مكا قاما باستفتاء املصادر، والبحث يف املراجع املكتوبة، واملخطوطة، وكتب الرتامج، والببليوغرافيات، وال���رتامج اليت كتهب���ا أحصاهبا عن حياهتم، مك���ا اعمتدا عىل الروايات الش���فوية يف ح���ال تعذر وجود املرج���ع املكتوب وذلك من أج���ل تقيص احلقائق، وضبط التوارخي، والتأكد من س���المة السياقات اليت جيب أن توضع هبا الرتامج، حيث قاما مشكورين بعد جهد جهيد، بتجميع العديد من الصور، س���واء مهنا ما يتعلق باألع���الم، أو ببعض األحداث اليت عرفهتا مكناس، واكن اإلحلاح يف احلصول علهي���ا بغرض دمع الرتامج بوثيقة ال تقل أمهية عن املكت���وب، ويه وثيقة الص���ورة بوصفها تارخيًا، وعالمة تدل عىل

زماهنا.ومن هنا، فليس من املبالغة يف يشء القول إن معال كهذا هو أشبه بامل���رشوع املنفتح عىل اإلضافات املتواصل���ة، طاملا أنه قامئ عىل رص���د ما تفرزه األيام من كفاءات يف جم���االت املعرفة واإلبداع، والكش���ف ع���ن املخبوء يف رف���وف اخلزانات اخلاص���ة، والكتب

املتناثرة هنا وهناك.إن ه���ذا العمل الذي أقدم هيلع األس���تاذ بن عبد اجلليل والدكتور ب���ن زيدان، ليس ولي���د اللحظة العابرة، وال ه���و باإلجناز الرسيع ال���ذي يليب الرغب���ة الطارئة، ولكنه مثرة وف���اء دافق مغر قلبهيام حّب���ًا هلذه املدينة، مثملا أنه مثرة تأمل اس���تغرق ردحًا من الزمن، واس���تدىع بالش���ك لقاءات متكررة، وق���راءات متواصلة، وتطلب اس���تنطاق املصادر، واملظان، واحلولي���ات، واملراجع، بغية وضع الرتامج يف سياق املزان النقدي السلمي، واستخالص املعلومات، وتنقيحه���ا، وصوغه���ا عىل حنو يرتضيه عمل الت���ارخي، ويرتضيه املتل���ي، ويعكس صورة جلية حلقيقة الواق���ع الثقايف، والوطين،

واإلبدايع حلارضة مكناس عرب تارخيها احلديث.ه���ذا املصن���ف يعترب إجنازا ثقافي���ا مهام يمّكل ما ب���دأه املؤرخ النقي���ب موالي عبد الرمحن بن زيدان، إذ حدد له املؤلفان قرنا من الزمن لتقدمي تعريف واف ألعالم مكناس حس���ب مهنجية االنتقاء، والتوثيق اليت س���لاكها يف تقدمي الرتامج، ما يعترب إضافة هامة

يف جمال التوثيق ألعالم املدينة ورجاالهتا، فشكرا جزيال هلام.

تراجم الحاضرة اإلسماعلية في القرن العشرين

17زهور العدد الثاني - السنة األولى - ماي 2012 محور خاص

عيس���اوة طريقة صوفية مثل »التيجانية« و«القادرية« وغريمها، ويه طريقة صوفية إس���المية، مغربية، مكناسية املنشأ، انترشت بقوة يف

اجلزائر وتونس وليبيا وأوربا.ظهرت الطريقة العيس���اوية ألول مرة يف مدينة مكناس، ومؤس���هسا الذي تنسب إليه هو الشيخ دمحم اهلادي بن عيىس، الذي عاش يف

هذه املدينة وتويف هبا سنة 1526 لمليالد حبسب بعض املؤرخني.عرف مؤسس الطريقة العيساوية بني أتباعه عىل مدار القرون الالحقة لوفاته بلقب »الشيخ الاكمل«، وقد عرف بأنه يدرب مريديه عىل تالوة القرآن الكرمي مع ترديد الكثري من املداحئ اخلاصة بالرس���ول ىلص اهلل هيلع ملسو ال���يت انترشت يف عرصه، وقد تطورت تلك األهازجي

اليت اكنت تؤدى مجاعيا، عىل ش���لك حلقات، إىل أن أصبحت لونا فني���ا قامئا بذاته، حيث انت���رشت يف لك أحناء مشال إفريقيا، ولنئ اكنت لكامت أمداحها امجلاعية دينية مدحية بالرضورة، فإهنا تعمتد عىل آالت موس���يقية غاية يف البس���اطة، مثل البندير والطبلة والدف، ولكها آالت إيقاعية، وقد تعمتد يف بعض املناسبات الدينية عىل آالت املزامري أو ما يشبه ذلك، وقد بقيت ملدة قرون تؤدى بنفس الطريقة.

وحس���ب خرباء العلوم الصوفية، فإن انتش���ار الطريقة العيس���اوية باجلزائ���ر وتونس وليبي���ا، يعود إىل »زاوي���ة وزرة« اليت اكن مقرها مدينة املدية اليت تبعد ع���ن اجلزائر العامصة حبوايل 100 كيلومرت إىل اجلنوب، منذ القرن الس���ادس ع���رش امليالدي، وهو القرن الذي عاش فيه مؤس���س الطريقة دمحم اهلادي ب���ن عيىس، وقد أخذ رواد هذه الزاوية قمي العيساوية وإيقاعاهتا املوسيقية وأشعارها م���ن مدينة مكناس املغربية، وس���امهوا يف نرشها يف لك أحناء اجلزائ���ر. ويؤكد باحثون أهنا انترشت يف الرشق اجلزائري عن طريق الزاوية احلنصالية نسبة إىل مؤسهسا الشيخ احلنصايل، وهو من ضوايح قسنطينة، مث انترشت بعد ذلك يف تونس وليبيا حى وصلت بق���وة إىل أوروبا، يف الوقت احلايل. ويؤكد العديد من املؤرخني أن رشوط االنضامم إىل فرق »العيس���اوة« بسيطة جدا، وال تتطلب س���وى أن يكون املرء مس���ملا طاهر الرسيرة، ال حيمل حقدا، ذلك ألن الفرق العيساوية ال تزيد عن كوهنا مدارس للرتبي���ة الروحي���ة، أما عن س���بل تطوير موس���يقاها اليت بقيت تقليدية، فيؤكد اخلرباء بأن املضمون جيب أن يبىق دينيا مدحيا،

أما املوسيىق فهي يشء آخر قابل لملناقشة بني املختصني.وموس���يىق »عيس���اوة« اليت انترشت بقوة طيلة القرون املاضية، بدأت ترتاجع يف الوقت الراهن، ألسباب راجعة إىل التكنولوجيا احلديثة اليت أتت بالتلفزيون والفضائيات وغريمها من وس���ائل التل���ي الفين اليت جعل���ت أفراد األرسة الواح���دة متفرقني لك يف عامله. ولنئ اكنت العيس���اوية واحدة م���ن الناحية الفنية، فإن االختالفات تمكن يف األش���عار املدحي���ة الدينية اليت تتغىن هبا لك فرقة. ومن أهشر الش���عراء الذين ما زالت أشعارمه تتداول، أشعار الويل الصويف الصاحل »دمحم سيدي اهلادي بن عيىس« وأش���عار الصويف اجلزائري »سيدي األخرض بن خلوف« دفني

مدينة مستغامن بالغرب اجلزائري. من املالحظ أن موس���يىق عيس���اوة اليت نشأت قبل قرون عديدة وال���يت اكنت مهددة باالندثار، عادت بقوة مؤخرا إىل الظهور يف األحلان املوسيقية احلديثة، إذ أصبح هلا مجهور قوي يف القارة األروبية. ويأمل مريدوها وعش���اقها أن تتطور أكرث وتسمتر، وأال يكون االهمتام هبا خاضعا ألجندة سياس���ية ظرفية، فالسياس���ة يف نظر أحصاب هذه الطريقة، تذهب لكن الفن العيساوي باق.

< دمحم أبو ياسني

“عيساوة” فتنة الجذب بالزمن الماضي

زهور العدد الثاني - السنة األولى - ماي 2012 18

حتت ش���عار البحث واالبتاكر، نمظت الدورة الس���ابعة لملعرض ال���دويل للفالحة مبدينة مكن���اس )من 25 أبري���ل إىل 29 منه(، وذلك بعد مرور س���ت دورات، بلغ من خالهلا هذا

املعرض، »س���ن النض���ج« حيث أعىط قمية مضافة لفائ���دة الفالحة املغربي���ة، من أجل المتوق���ع كرافع للتمني���ة، ولتطوي���ر فالحة منفتحة تنافس���ية ومتنوعة ومس���تدامة تأخذ

بعني االعتب���ار اخلصوصي���ات االقتصادية واالجمتاعي���ة للك منطقة فالحية مغربية عىل ح���دة. والواقع أن املهني���ني املغاربة، راهنوا ع���ىل هذا املعرض من���ذ دورته األوىل وحى

المعرض الدولـي للفالحة بمكناس نقلة نوعية إلبـراز الخـــصوصية المغربية

محور خاص

19زهور العدد الثاني - السنة األولى - ماي 2012

المعرض الدولـي للفالحة بمكناس نقلة نوعية إلبـراز الخـــصوصية المغربية

اليوم، باعتب���اره حدثا اقتصادي���ا بامتياز، وآلي���ة من آلي���ات الهن���وض مبختلف فروع القط���اع الفاليح، وحمطة أساس���ية لتقيمي أداء وحصيلة هذا القطاع يف ضوء األهداف

اليت سطرها »خمطط املغرب األخرض«.واحلقيقة اململوسة بالنس���بة لاكفة املراقبني واملهني���ني، أن املعرض ال���دويل للفالحة، قد جنح يف فرض نفس���ه حكلق���ة وصل متكن املشاركني من االنفتاح عىل العامل، وعىل جتاربه وتطلعاته يف جماالت

الفالحة والزراعة.لذلك يكون امللتىق الدويل مبكناس، قد حق���ق أهدافه، عىل مس���توى األعداد مكا عىل مستوى التأطري أو عىل مس���توى اختي���ار نوعية العارضني، و كذلك عىل مس���توى اإلشعاع الوطين والدويل. ويكيف للتدلي���ل عىل ذلك، باإلش���ارة إىل ارتف���اع ع���دد العارض���ني من���ذ دورته األوىل، إىل دورته الس���ابقة )السادسة( بنس���بة %79 وبارتفاع

عدد الزوار بنسبة 38%.وم���ن جانب آخ���ر، يش���لك هذا الس���نوي مناس���بة إلبراز املوعد أمهية البحث واالبتاكر يف القطاع الفاليح باملغرب، عرب تنظمي العديد والورشات واللقاءات الندوات من والثقافية مبشاركة خرباء العملية

ومهنيني مغاربة وأجانب.وت���روم هذه الظاهرة، اليت حجنت يف ف���رض نفهسا مكلتىق فاليح دويل بامتياز، املسامهة يف تطوير فالحة منفتحة، تنافسية، ومتنوعة، ومس���تدامة تأخذ بع���ني االعتبار االقتصادي���ة اخلصوصي���ات واالجمتاعية للك منطقة عىل حدة،

مع انفتاح واسع عىل العامل.ج���واد لالس���تاذ ت���رصحي يف الش���ايم مدي���ر ه���ذا املع���رض

للصحافة املغربية، ليلة افتتاحه أن املشاركة يف ه���ذا املعرض اكن���ت يف البداية مفتوحة يف وج���ه مجي���ع التعاوني���ات وال���رشاكت القروي���ة الصغرية، ويف وج���ه احلرفيني من أجل تجشيعهم والتعريف مبنتجاهتم، إال أن األم���ر تغري خالل هذه ال���دورة، إذ أصبحت املشاركة خاضعة لملنافسة من خالل مباراة تنمظه���ا وزارة الفالح���ة يف خمتلف مناطق املغرب النتق���اء أفضل املنتوجات. وس���امه ه���ذا التوجه يف حتف���زي املنتجني عىل ترقية منتجاهت���م، والرفع من جودهتا. واهلدف هو تمثني هذه املنتوجات لتصبح قابلة للتس���ويق يف اخل���ارج. ومت تصم���مي قط���ب املنتجات احمللية هذه الس���نة يف ش���لك جديد باملمر الرئييس لملعرض، حبي���ث يهسل الوصول إليه و التج���ول به، أخذا بعني االعتبار جحم ال���رواج واالكتظاظ ال���ذي يعرفه هذا امللتىق

السنوي.أقطاب الدورة احلالية

وجتب اإلش���ارة هنا إىل أن معرض الفالحة الدويل لس���نة 2012 يتكون من تسعة أقطاب موضوعاتية، انت���رشت بعناية ومجالية عىل

طول وعرض مساحة هذا املعرض.من أمه هذه األقطاب:

- قطب اإلنتاج احليواين ويضم هذه الس���نة 1800 رأس���ا من األبق���ار واألغنام وامجلال، اليت تنافست عىل 48 جائزة. حيث مت انتقاء هذه احليوانات يف إطار مباريات يف خمتلف مناط���ق املغرب. وه���دف اجلوائز هو حتفزي مريب املاشية عىل الرفع من جودة إنتاجهم. واجلديد يف دورة هذه السنة يف قطب اإلنتاج احليواين هو إنش���اء نواة حلديقة حيوانات، موجه���ة أساس���ا للصغ���ار، تض���م الطيور والديك���ة الغريبة وذات األش���اكل املثرية، مت جلهبا من خمتلف أحناء العامل. مكا أن هناك

محور خاص

زهور العدد الثاني - السنة األولى - ماي 2012 20

بعض احليوانات اكلالما والكونغر.- أم���ا القطب ال���دويل فقد ع���رف هو أيضا خالل هذه الدورة توس���عا كب���ريا وازديادا يف مس���احات األروق���ة املخصصة للك بلد. يف البداية اكنت مش���اركة الدول رمزية ويف الغال���ب مببادرات حكومية، مث توس���عت مع ارتفاع اهمت���ام رشاكت القط���اع اخلاص. فرنس���ا اليت بدأت برواق من 50 مرتا مربعا يف ال���دورة األوىل، ارتفع جحم مش���اركهتا ليص���ل اآلن إىل حنو 400 م���رت مربع، أما إس���بانيا اليت تويل رشاكهتا اهمتاما كبريا للس���وق املغربية، فتشارك عىل مساحة 600

مرت مربع. وكندا اليت ه���ذه اختياره���ا مت رشف ضيف الس���نة ع���ىل املعرض بس���بب التق���دم ال���ذي أحرزته التج���ارة مفاوض���ات

تش���ارك معها، احل���رة ع���ىل مس���احة 400 م���رت مرب���ع بعد أن اكن جحم رواقها يف البداية ال يتعدى 20

مرتا مربعا. املع���رض ويتوس���ط -املنتج���ات قط���ب املغربية، الزراعي���ة ترتيهب���ا مت ال���يت

سالس���ل حس���ب مع ال���زرايع، اإلنتاج

الرتك���زي ع���ىل جان���ب والتصني���ع. التحوي���ل

وإىل جانب���ه قط���ب الطبيع���ة والنبات���ات فيه تش���ارك ال���ذي ه���ذه الس���نة واكل���ة املتج���ددة الطاق���ات املش���اتل، جان���ب إىل والغاب���ات، واملي���اه وال���ذي اختار مكوضوع

أما والرتبة. امل���اء حموري الذي يضم املؤسس���ات قطب

التابع���ة واملؤسس���ات اإلدارات ل���وزارة الفالحة املغربية، فتش���لك

الوف���ود الرمسي���ة لل���دول املش���اركة واملهمتة أبرز زواره.

- ويف س���ياق اختي���ار »البح���ث واالبتاكر« كش���عار هلذه الدورة، مت إحداث قطب جديد حتت هذا العنوان، تشارك فيه مراكز البحث واجلامع���ات واملخت���ربات املتخصص���ة يف

جم���ال البحث الزرايع يف املغرب واخلارج، إضاف���ة إىل عرض مجموعة من االخرتاعات

واالبتاكرات.البحث واالبتاكر

من أجل انفتاح الفالحة عىل البحث العيملإىل جان���ب ع���رض أحدث املس���تجدات يف

هت���ا جم���ال الفالح���ة جا منتو وبي���ة تر ش���ية و ملا ا

ومسلزتماهتا٬ يش���لك هذا املوعد السنوي مناس���بة إلبراز أمهية البح���ث واالبتاكر يف القط���اع الفاليح باملغرب، عرب تنظمي العديد من الن���دوات واللقاءات والورش���ات العملية والثقافية مبش���اركة خ���رباء ومهنيني مغاربة

وأجانب.ويف ه���ذا اإلطار هش���دت الدورة الس���ابعة لملع���رض الفاليح الدويل مبكناس، إحداث قطب خ���اص بالبحث واالبتاكر، س���ى إىل التعري���ف بآخ���ر املس���تجدات التكنولوجية

والتقنية يف املجال الفاليح.ويف إطار االس���تجابة لش���عار ه���ذه الدورة أعلن »املجمع الرشيف للفوسفاط«، الرشيك املمت���زي للفالح���ة املغربي���ة، أن مش���اركته يف الدورة الس���ابعة من »املع���رض الدويل للفالح���ة باملغرب« هذه الس���نة تركزت حول

والهنج املندجم خلدمة »االبت���اكر املعقلن«، التخصيب حي���ث ينكب املجمع عىل وجه اخلصوص عىل مشاريع البحث خالل م���ن والتمنية الرتك���زي ع���ىل تقدم والتطوي���ر« »البح���ث املرتب���ط ب»املجم���ع للفوسفاط« الرشيف الفالح���ة، خلدم���ة مسلس���ل وحتدي���د

تصنيع األمسدة.مك���ا اكنت ه���ذه الدورة اس���تعرض فرص���ة خالهل���ا املجمع تقدم ورش خريطة ختصيب آلي���ة األرايض، ويه أطلقت س���نة مبتك���رة ش���لك وتأخ���ذ ،2010قاع���دة معلوم���ات عملية خلدمة الفالحة املعقلنة واإلنتاجية. ويعد هذا املرشوع مثرة رشاكة ب���ني القطاعني اخلاص والع���ام، يقودها املعهد الوطين للبحث الزرايع، ع���دة رشاكء مبس���امهة بغرض متكني الفالحني من معرفة جيدة برتبة أراضهيم. مكا يعمل املجمع يف السياق ذات���ه عىل نقل جن���اح جتربة خريطة خصوبة املغرب إىل بلدان أخرى بإفريقي���ا جنوب الصحراء، عرب الرشوع يف وض���ع خريطة خصوب���ة األرايض يف مايل

وغريها من البلدان االفريقية.

محور خاص

21زهور العدد الثاني - السنة األولى - ماي 2012

يف جف���ر يوم الثالثاء )24 أبريل 2012( رحل إىل دار البقاء، الصحيف والاكتب املمتزي األس���تاذ عبد اجلبار الحسيمي عىل إيقاعات قاس���ية وموجع���ة، بعد معان���اة طويلة مع املرض، وبذل���ك يكون املغرب الثق���ايف، قد فقد أحد أب���رز أعالمه املؤثرين يف الس���احتني اإلعالمية

واإلبداعية، الوطنية والعربية.إن األس���تاذ عب���د اجلبار الحسيمي، ال���ذي اكن يل صديقا وزمي���ال ورفيق���ا عزيزا منذ نصف قرن من الزم���ن، لرمبا اكن دون أية مبالغ���ة أحد الرجال القالئل الذين اكن هلم تأثري واحض عيل خشصيا، وعىل رشحية واس���عة من النخبة الثقافية املغربية خالل هذه الفرتة من التارخي. من حتت معطفه، خرجت العديد من األمساء األدبية اليت أعطت املهشد اإلعاليم/الثق���ايف موقعه وحضوره، حيث منح الثقافة املغربية، مكا منح اإلعالم الوطين، خشصيات وازنة، أصبح هلا احلضور الفاعل

يف جماالت اإلبداع، مكا يف جماالت النقد والسياسة واإلعالم.عىل املس���توى املهين، ظل األس���تاذ عب���د اجلبار الحسيمي إمس���ا متألقا من���ذ أوائل س���تينيات القرن املايض، حي���ث اكن مبدعا ومش���عا، رشيقا، حملقا عىل الدوام، مل تغادره طالوته، بل ظل متجددا ممتزيا يف أس���لوبه، ونادرا يف كتاباته ال���يت اكنت أقرب ما تكون إىل

النرث الشعري مهنا إىل الكتابة اإلعالمية/ كتابة اخلواطر واليوميات.

وع���رب مس���ريته اإلعالمية الطويل���ة واملرهقة، رف���ض املبدع الراح���ل املناصب واأللق���اب واجلوائز وحفالت التك���رمي، ليظل ملزتما بقناعات���ه. إنه مكا وصفه الصديق األديب دمحم الصباغ، “قطعة نادرة من معدن فريد”، لذلك اكن باسمترار وطوال سنوات معره، منحازا إىل اللكمة الصادقة... وإىل الفقراء واملهمشني واملظلومني والضعفاء، حيث اكنت اهلموم اليت تقوده إىل الكتابة اإلعالمية أو القصصية، يه مهوم اإلنسان الذي يقف مشدوها أمام نفسه... وتطلعاته، ولرمبا أمام بؤسه

وقهره.خشصي���ا، ومن موقي اخل���اص، البد من االع���رتاف، بأين فقدت يف العزيز عبد اجلبار الحسيمي، صديقا وزميال ورفيقا ومؤنسا ومساندا

عىل مدى نصف قرن من الزمن.رمح اهلل هذا اإلنس���ان املتواضع يف حيات���ه، العظمي مبنجزاته، الذي جع���ل من صداقاته وعالقات���ه، مكا جعل من كتابات���ه، ملحمة تتضمن كفاح اإلنس���ان البسيط، الذي خيوض معركة عنيفة من أجل احلق دون

أن يعرف حدودا هلذا احلق.وإنا هلل وإنا إليه راجعون.

< دمحم أديب السالوي

وداعا أخينا

العزيز عبد الجبار السحيمي

أبحاث ومقاالت

زهور العدد الثاني - السنة األولى - ماي 2012 أبحاث ومقاالت22

- 1 -

بالنس���بة لدول املغرب العريب، مكا بالنسبة ملستعمراهتا بإفريقيا وآسيا، صاغت فرنسا يف وق���ت مبكر إيديولوجي���ة متاكملة املعامل، تبلورت ع���رب الزمن إثر اهنيار إمرباطوريهتا

االستعامرية أعقاب احلرب العاملية الثانية.وقد نضجت ه���ذه اإليديولوجية، اليت محلت ممس���ى “الفرانكفونية” بعد س���قوط االحتاد الس���وفيايت، وتعامظ الدور األمرييك، حيث ش���عرت فرنس���ا أهنا مل خترس فقط نفوذها الس���يايس بالعامل الثال���ث، وإمنا أصبحت تنظ���ر بعني األىس واألس���ف وامل���رارة إىل احنس���ار لغهتا عامليا، إىل درجة تنذر خبطر دامه، بع���د حتول العديد من مس���تعمراهتا الس���ابقة إىل لغاهتا األصلية، وإىل لغة العم “س���ام” اليت أصبحت أكرث قربا من احلداثة

والتكنولوجية والعوملة.والش���ك، أن ما جيعل فرنس���ا الي���وم، أكرث إرصارا عىل جع���ل الفرانكفونية قوة فكرية ولغوي���ة وثقافي���ة بل وسياس���ية واقتصادية عىل خارطة واس���عة من العامل بأي مثن، هو املوقع املت���دين الذي أصبح���ت حتتله اللغة الفرنس���ية يف عامل اليوم، فهي التاسعة يف العامل من حيث عدد املتلكمني هبا، والذين ال يشلكون سوى %2.5 من ساكن املعمور، فميا

تتقدم علهي���ا اللغة العربية اليت حتتل املرتبة السادسة بعد الصينية واإلجنلزيية واهلندية واإلسبانية والروسية ويبلغ عدد متلكمهيا ما

يوازي %3.9 من تعداد البرشية)1(.يع���ين ذل���ك أن اللغة الفرنس���ية، اليت اكنت تبس���ط نفوذها عىل املس���تعمرات، أصبحت تعاين من رصاع���ات قاتلة مع اللغات احلية األخرى، خاصة مهنا اإلجنلزيية اليت حتولت إىل لغ���ة عملي���ة/ اجمتاعي���ة يف العديد من البالد األروبية واإلفريقية واألس���يوية، حتتل الصدارة عىل مستوى التواصل واملعرفة بني أغلب الدول عرب املعمور، وهو ما دفع فرنسا إىل تكثيف جهودها، لتجعل من الفرانكفونية إيديولوجية تتجاوز مسألة اللغة، إيديولوجية متثل اكتس���احا للغري، وأحيان���ا متثل تعديا عىل حقوق التواجد والتعايش بني القوميات، من أج���ل إنق���اذ اللغة الفرنس���ية من املوت

احملقق.الرئيس الفرنيس الراحل فرانس���و ميثريان، يفصح عن مفهوم ه���ذه اإلديولوجية، فيؤكد: “إن الفرانكفونية ليس���ت يه اللغة الفرنسية حفس���ب، إننا إذا مل نتوص���ل إىل االقتناع بأن االنمتاء إىل العامل الفرنكوفوين سياسيا واقتصاديا وثقافيا، ميثل قمية مضافة، فإننا سنكون قد فشلنا يف العمل الذي بدأناه منذ

عدة سنوات..!!”الفرانكفونية عند ميرثان، أي عند امجلهورية

المغرب والفرانكفونية...

إلى أين

محمد أديب السالوي

23زهور العدد الثاني - السنة األولى - ماي 2012 أبحاث ومقاالتأبحاث ومقاالتالفرنس���ية، ليست يف اللغة الفرنسية، فاللغة ال متث���ل الطاع���ة العمياء، واتباع سياس���ة الغال���ب عىل رأي ابن خلدون، فاملقصود من الفرانكفوني���ة مكا يبدو واحضا من تفس���ري الرئيس الفرنيس الراحل، هو االنغامس يف حبر اآلخر سياسيا، اقتصاديا، ثقافيا، وهو

ما يعين التبعية املطلقة وليست النسبية.بذلك، أصبحت فرنس���ا تق���دم نفهسا للعامل الثال���ث من خ���الل ه���ذه اإليديولوجية، عىل أهن���ا حبل اخلالص الذي البد من المتس���ك به للوصول إىل بر األم���ان، قبل الوقوع يف اهلاوي���ة األمريكية، وهو أمر ال تصمد جحبه أمام التارخي، أو أمام املوضوعية احلارضة.

- 2 -

يف عام 1880 اكنت هذه اللكمة “الفرانكفونية” من ابتاكر عامل اجلغرافيا، “أونزيمي رولكو”، وتش���ري إىل منطقة ما، يتلك���م أهلها مضن حدوده���ا اللغة الفرنس���ية، وهو ما يعين أن فك���رة الفرانكفونية نش���أت خارج فرنس���ا، ذلك أن مجاعة من الق���ادة األفارقة يف حبر القرن امل���ايض، اقرتحوا إقامة منمظة دولية تضم الدول ال���يت مجتع بيهنا اللغة والثقافة الفرنس���ية، فتحم���س الرئي���س الفرن���يس فرانس���وا ميرثان للفكرة وتبناها لتعقد حتت

رائسته سنة 1986 أول مقة فرانكوفونية.ومحت���ل الفرانكفوني���ة يف مفهومها، مدلوال بس���يطا يتجىل يف تق���امس الفرنس���ية بني مجموعات من األفراد منتمظتني يف ش���عوب أو دول، وقد ميتد هذا القامس ليمشل مناذج معين���ة من الثقاف���ة الفرنس���ية، يف املرسح والش���عر واألدب والسيمنا، فهي منط تفكري وسلوك حياة قبل أن تكون اخنراطا يف اللغة الفرنس���ية مضن تنوعها الع���ريق والوطين

والديين.وتعت���رب الفرانكفوني���ة مرشوع���ا سياس���يا يف أساس���ه، ألنه نش���أ لض���امن االرتباط االقتصادي للبلدان -اليت اكنت حتت امحلاية واحلد من تأثري اهلمينة األمريكية الفرنسية- أو بعض البل���دان األوروبية األخرى كأملانيا والربتغ���ال وإس���بانيا وبريطانيا، بالرمغ من تكتله���ا معه���م مضن االحت���اد األروريب أو ما يمس���ى املجموع���ة األروبية. وس���يتطور هذا املرشوع الس���يايس الحقا ليتحول إىل مرشوع ثقايف هدفه منافسة اللغة اإلجنلزيية- األمريكية، وذلك بإنش���اء هيائت ومؤسسات والواكلة مثل املجلس ال���دامئ للفرانكوفونية/ الدولي���ة للفرانكوفوني���ة/ وامجلعي���ة الدولية وامجلعية الربملانية للعمدات الفرانكوفونيني/

للفرانكوفونية، هبدف تجشيع انتش���ار اللغة الفرنس���ية ودمع اجلهود املبذولة يف ميادين الرتبية والتكوين واإلعالم باللغة الفرنسية)2(، وهو ما حول الفرانكفونية اليوم إىل قوة فكرية ولغوية وثقافية، بل وسياسية واقتصادية بعد أن تقلص ظلها العس���كري الرمسي وبرزت يف ثوب جديد وبتنظري خمتلف عن السابق، وبعدما كش���فت ع���ن انياهبا ال���يت غلفهتا بقرشة من ذهب مصطنع براق، ولكنه مضلل خ���ادع، خاصة بعدما تاكث���رت فئة الداعني إلهيا، وبدت عداوهتا سافرة للعربية وللهوية

العربية اإلسالمية..وهكذا بدأت الفرانكفونية تقدم نفهسا بديال حضاري���ا، ومرشوعا سياس���يا واقتصاديا وثقافي���ا ترعاه دولة فرنس���ا، وتس���ى إىل توظيف���ه كس���الح تهشره يف وج���ه العوملة، لتضمن به بقاءها عىل الساحة الدولية، وتفتح م���ن خالهلا فض���اءات إلنع���اش اقتصادها وتعزي���ز موقعه���ا يف وجه الزنع���ة األجنلو-

أمريكية، ليحتل نظام الرتبية والتعلمي مضن هذا التوجه موقعا أساس���يا خكطة تعمتدها فرنسا لبسط فرنكوفونيهتا، ولذلك فهي تعمل يف لك املن���ايح، وبلك الوس���ائل للهنوض بلغهتا ومحاية ثقافهتا يف خمتلف محمياهتا ومس���تعمراهتا اإلفريقية السابقة اليت ترى

فهيا امتدادا لوجودها)3(.وبعيدا عن أي تأويل ملا أصبحت هيلع ظاهرة الفرانكفونية يف املغرب، )وهو موضوع هذا جيب التأكيد أن الفرانكفونية حتولت املقال( إىل خط���اب لغ���وي وس���يايس واقتصادي، ينب���ين عىل إقصاء العربي���ة، اللغة الرمسية للب���الد، وحتويل فرضية اإلغن���اء والرشاكة اللغوية، إىل مغالطة يف جوهرها، ألهنا تريم يف احلقيقة إىل توفري السبل الكفيلة لضامن تبعية لغوية وثقافية دامئة، فاإلثراء والتفاعل يتأسسان عىل رشط الهنوض باللغة الوطنية واحلف���اظ علهي���ا، مث تجشي���ع تعل���مي اللغة إلتقاهنا لكغة األجنبية –حسب رغبة املتعم- ثانية، وذل���ك يف إطار ثنائي���ة لغوية تتوىخ توظي���ف اللغة األجنبية يف س���ياقها املعريف

والتواصيل والثقايف.

- 3 -

بالنس���بة لملغرب، هنجت فرنس���ا منذ سنة 1956 )س���نة إع���الن االس���تقالل( سياس���ة لغوية استعامرية، حاولت أن ختيف جذورها وأبعادها حتت غطاء شعار التعاون الدويل، معمتدة يف تنفيذ هذه السياس���ة، باستعامل “الس���الح املايل” ألج���ل محاي���ة مصاحلها

السياسية واالقتصادية.فيف هذه السنة )1956(، اكن عدد أطر اإلدارة االستعامرية الفرنسية باملغرب املستقل يقدر حبوايل 130.500 إطارا من مستوى جامي. حي���ث وفرت ألطرها، مب���ا يف ذلك الرشحية غ���ري اجلامعية، ظروفا خولت هلا صالحيات

اهلمينة عىل اإلدارة املغربية.إن ه���ذا الوض���ع اكن يف الواق���ع، أح���د العوامل اليت هيأت لتوقيع عدد من اتفاقيات “التعاون” بني البلدين )املغرب وفرنس���ا(، يف مقدمهتا اتفاقية س���ادس يوليوز لعام 1957 ال���يت مضن���ت لألط���ر )الفص���ول 20-24( الفرنس���ية مصاحلها املادية واملعنوية داخل

اإلدارة املغربية.أما خبصوص قط���اع التعلمي، فإن االتفاقية الفرنس���ية املغربي���ة خلام���س أكتوبر 1957 بباريس يه اليت هيأت للحكومة الفرنس���ية فت���ح م���دارس فرنس���ية باملغ���رب )الفصل اخلام���س(، وب���لك حتدي���د مت خ���الل نفس الف���رتة فتح 1025 قمس���ا للتعلمي الفرنيس عىل مس���توى االبتدايئ وسبع مدارس عىل

مستوى اإلعدادي.وقد مشلت سلس���لة االتفاقيات، اتفاقية 16 يونيو 1962 اليت معلت فرنس���ا مبقتضاها عىل حتوي���ل املعهد الفرن���يس باملغرب إىل

معهد اجلغرافيا بالرباط.ولقد عربت األحزاب الوطنية املغربية آنذاك، )حزب االس���تقالل/ االحت���اد الوطين للقوات الش���عبية/ االحتاد االشرتايك(، عن حتفظها وحذرها جت���اه االتفاقيات ال���يت أبرمت يف عه���د حكومة الباكي، ال���يت مل تعمر طويال، واليت اكنت حريصة عىل بناء سياسة وطنية تريم إىل وضع بنيات اقتصادية وسياس���ية

حديثة.لقد عرب رواد هذه الفرتة، أمثال عالل الفايس وأمحد بالفرجي وعبد اهلل إبراهمي، واملهدي بنربكة ودمحم حسن الوزاين، عن حذرمه من ربط التمنية باللغة الفرنس���ية، واكن مطلهبم األس���اس، تعريب ومغربة احلياة السياسية والثقافية، مكا اكن برناجمهم الرتبوي، يقوم ع���ىل أربعة مب���ادئ، يه: التعريب، املغربة،

التعممي واملجانية. يقول عالل الفايس، “إن التعريب يعين وطنية ومغربة اإلدارة والتعلمي والتجارة ولك جماالت احلياة اليومية بالبالد”. وإن همينة الفرنسية أو أية لغة أجنبية عىل جمال التعلمي، واإلدارة أو عىل أية قطاعات أخرى، من شأنه القضاء عىل اللغة العربية، وه���و املرىم الذي يدافع

هيلع ورثة االستعامر...

زهور العدد الثاني - السنة األولى - ماي 2012 أبحاث ومقاالت24إال أن ه���ذا النفس وهذا الويع النقدي الذي جنده لدى رواد احلرك���ة الوطنية يف مغرب عهد االستقالل، س���يتأثر سلبا يف املراحل الالحق���ة بفع���ل اخلالف���ات احلزبي���ة اليت ستهشدها الساحة السياس���ية املغربية، إذ تابع���ت النخب احلامكة وأطره���ا، ارتباطها وتبعيهتا للهمين���ة الفرانكفونية، وهو ما نتج عنه ما يمسى بنظام الوساطة اللغوية، والوالء الغ���ريب كآليتني لإلدماج الس���يايس داخل دواليب الدولة، مما أثر سلبا عىل لك املسار التمنوي لملغرب خالل سبعينيات ومثانينيات الق���رن املايض. إن جن���اح الفرانكفونية يف استقطاب االجتاهات اليسارية وكذلك دخول أطر الفرانكفونية يف قلب األحزاب الوطنية، سيعطل مرشوع التعريب مكا رمسته القوى

الوطنية غداة االستقالل.والواق���ع أن إخفاق السياس���ات احلكومية املتالحق���ة يف توطيد تعلمي وطين إس���اليم مستقل، وجتاهل املبادئ األربعة اليت أمجع علهيا الش���عب املغريب غداة االستقالل، يف أول لقاء عقدته اللجنة امللكية إلصالح التعلمي بت���ارخي 28 / 09 / 1997م ويه )التعري���ب، والتعممي، والتوجيه، واملغربة( واليت يستحيل وضع )ميثاق وطين لسياسة التعلمي( بدوهنا، يؤك���د أن الوجود الفرن���يس أصبح متغلغال يف املج���ال التعليمي وأق���وى مما اكن هيلع زمن االس���تعامر، وأنه مل يتخ���ل عن فرض

نفسه رشياك لنا يف تعلمينا وثقافتنا)4(.إن قراءة استرشافية لعهد ما بعد المثانينيات ظهور احلراكت بعنارصه الثالثة اجلدي���دة: اإلسالمية يف قلب احلياة السياسية العامة، امتداد البطالة إىل املتخرجني من مؤسسات التعل���مي الفرنيس، دخ���ول الواليات املتحدة األمريكي���ة كط���رف دامئ يف االس���رتاتيجية الدبلوماس���ية املغربي���ة، إضاف���ة إىل دخول املغرب كعنرص نشيط ودامئ للحياة السياسية العربية واإلس���المية، سيؤرش عىل أن هناك دعوة الحق���ة للعربية يف احلياة السياس���ية واالقتصادي���ة والثقافية املغربية)5(. وإن اكنت

غري واحضة، وغري شفافة.

- 4 -

مل���ف التعاون الثقايف بني املغرب وفرنس���ا س���يتأثر بش���لك كبري باألحداث والقرارات واالتفاقيات ال���يت طبعت العالقة بني البلدين خ���الل العق���ود األربع���ة املاضي���ة، وهو ما س���يلعب دوره يف خدم���ة جم���االت التعاون

االقتصادي والتجاري، مما جعل دور املغرب يربز يف خدمة مرشوع الفرانكفونية بوضوح يف احتضان���ه لملؤمت���ر ال���وزاري الثام���ن للفرانكفونية، ال���ذي انعقد مبراكش أيام 17 و18 فرباير 1996 حبضور ممثيل 19 دولة، وال���ذي أصبح بعد ذلك حمطة أساس���ية يف تارخي هذه اإليديولوجية ب���ني الدول الناطقة بالفرنسية. إن جناح هذا املؤمتر جاء تزامنا مع أح���داث موجعة للفرانكفوني���ة، انتصار أمري���اك والع���امل االنكولوف���وين يف معركة األمانة العامة لألمم املتحدة، حيث مت إقصاء املرحش الفرنكوفوين بطرس بطرس غايل من جهة، وإص���دار اجلزائر، البل���د الذي يضم أكرب عدد من الناطقني بالفرنسية بعد فرنسا، لقان���ون التعريب الش���امل، وذلك يوم افتتاح املؤمتر. هذا القانون ال���ذي يدخل باجلزائر مرحلة جديدة تعّرب فهيا لك القطاعات بدءا بالتعلمي الع���ايل وانهتاء باحلياة االقتصادية

ومرورا مبصاحل وإدارات الدولة.يتجس���د ذل���ك يف املصادق���ة ع���ىل “ميثاق الفرانكفوني���ة” ميثاق مراك���ش، الذي حاول معاجلة مغ���وض الرؤية اليت عرفها ويعرفها العمل من أجل الفرانكفونية، مغوض ناجت عن تعدد وتش���ابك مؤسسات فرانكفونية عديدة، مما يولد تنازعا يف االختصاصات وتكرارا للجهود وتضاربا يف األهداف، باإلضافة إىل

البعد السيايس هلذا امليثاق)6(.لقد أفرز ميث���اق مراكش حول الفرانكفونية البنيات التالي���ة: األمني العام للفرنكوفونية ال���ذي ينتخ���ب مل���دة أربع س���نوات قابلة للتجديد من طرف رؤساء حكومات الدول ال���يت مجتعه���ا اللغة الفرنس���ية، ويعمل حتت س���لطة مقة رؤساء الدول، واملؤمتر ال���وزاري واملجلس ال���دامئ للفرانكفونية وله وضعية دولية ومس���تقلة )املادة 6 من امليثاق(، و واكل���ة الفرانكفونية اليت يه مبثابة الواضع األسايس لرباجم التعاون الثقايف والع���يمل واالقتصادي والقانوين املق���ررة من ط���رف القم���ة، ويه توجه من

خالل املؤمت���ر العام )املؤمتر الوزاري( الذي يراقب سياسهتا املالية )املادة 16 من امليثاق(. وعىل هذا األساس يمت إحداث منصب املدير العام للواكل���ة الفرانكفوني���ة، أما احملطات املوالية فقد اكن حضور املغرب فهيا حضورا

نوعيا.يتجىل انطالقا م���ن نتاجئ هذا املؤمتر أمهية الدور املغريب يف دمع فرنس���ا يف رصاعها الدويل من أجل احلفاظ عىل خصوصياهتا، دون أن نغف���ل أن ه���ذا ال���دمع املغريب جاء عىل حس���اب الخشصية العربية األمازيغية

املغربية، مكا جاء الس���مترار الدمع الذي من شأنه تعميق التبعية السياسية واالقتصادية

لفرنسا)7(.ويف احلقيقة انتقلت الفرانكفونية يف مؤمتر مراكش، م���ن مرشوع ثق���ايف إىل مرشوع س���يايس، يعيد إنتاج اإلرث االس���تعامري بصيغ جديدة ومستس���اغة )8( ويطرح نفسه يف ذات الوقت، كفاعل يف العالقات الدولية، له طابعه وأدواره يف الساحة العاملية، ابتداء

من سبعينيات القرن املايض وحى اليوم.فيف نظر عامل املس���تقبليات، الدكتور املهدي املنج���رة، ال���ذي تاب���ع عن كت���ب مؤمترات الفرانكفونية الدولية، إن انتقال الفرانكفونية من الثقايف إىل الس���يايس، اكن وما يزال،

هي���دف إىل احملافظة عىل املس���تعمرات أو مب���ارشة الفرنس���ية بصفة

غ���ري مب���ارشة، وهيدف ت���روجي منوذج إىل

واح���د رصحي لتمني���ة

لتخلف ايف

ه هذ

املستعمرات، ع���ىل ويجش���ع

التسول مكا حيفز عىل

25زهور العدد الثاني - السنة األولى - ماي 2012 أبحاث ومقاالتالصدقة امللفوفة داخل غطاء املساعدة)9(.

يف نظ���ر الدكتور املهدي املنج���رة، ال ميكن فص���ل الفرانكفونية ع���ن تطورها التارخيي املرتبط باملرحلة االستعامرية، وأيضا مبرحلة التح���رر وباملتغ���ريات اجلدي���دة، ويؤكد يف مداخلة له نرشها مضن كتاب املغرب العريب والفرانكفوني���ة)10(، أن���ه ال ميك���ن خلق روح التعاون اإلنس���اين ببعد ك���وين، إذا مل نبدأ باحرتام اآلخر، منتق���دا أولئك الذين يغلفون الفرانكفونية، مبفاهمي أدبية وشاعرية، لمطس

واقعها احلقيي.يالح���ظ الدكتور املهدي املنج���رة، أن مفهوم “الفرانكفونية” لك���ام تطور عرب التارخي، معل عىل تقسمي إفريقيا، إذ تسبب يف تعطيل خلق مجموعات اقتصادية متجانس���ة يف القارة المسراء، وس���امه يف الرتوجي التخلف تمني���ة لمنوذج وأخ���ريا فهي���ا، جش���ع ع���ىل االعمت���اد ع���ىل

“الصدق���ات” تدخ���ل يف ال���يت ال���دمع اهلزي���ل إط���ار

والتعاون الغري جمدي.

وفميا يتعلق مبا متثل���ه القمة “الفرانكفونية” م���ن ثقل يف النظ���ام الدويل، ي���رى الدكتور املنجرة، أن الدول املنمتية هلذه احلركة، رمغ أهنا متثل 18 باملائة من مساحة املعمورة/ 76 باملائة من س���اكن العامل، إال أهنا تضم أكرب نس���بة من األمية؛ 40 باملائة من نسبة األمية يف الع���امل. مك���ا أن دول المش���ال يف هذه احلركة ويه فرنس���ا وكندا ليست لدهيا أية حرية للعمل، وال اس���تقاللية داخل مجموعة الدول التس���ع املصنعة، لتعمل يف إجناز أو إخراج أي مرشوع حضاري. ونفس املنطق

ينطبق عىل دول اجلنوب يف هذه احلركة.أم���ا عىل املس���توى الثقايف ف���ريى الباحث املس���تقبيل املغريب، أن الفرانكفونية حتاول دامئا، جعل الرصاع ب���ني “الزنعة الالتينية للفرانكفوني���ة” و”االنغولوس���اكيونية لل���دول االنغلوفونية”، يف ح���ني أن لكامها تغرهيام ما يمسى باملركزي���ة األوروبية. وخبصوص م���ا ميثل���ه العامل اإلس���اليم م���ن ثقل يف الفرانكفونية، يقول امله���دي املنجرة، أن من بني 290 مليون نمسة يف الدول الفرانكفونية هناك 36 باملائة من املسملني، 28 باملائة مهنم يتلكم���ون العربية، وخيت���مت الاكتب مداخلته بالتس���اؤل، أم���ام هذه األرق���ام، كيف ميكن بعد ذلك ألكرب بلد فرانكفوين وهو فرنسا أن

يعترب اللغة العربية من بني اللغات املندثرة؟!

- 5 -

احلقيق���ة، أن فكرة الفرانكفونية قدمية، قدم املرشوع االس���تعامري الفرنيس، يف املغرب واملغ���رب العريب وإفريقيا، ويف نظر العديد من الباحثني واخلرباء، ستبىق هذه اإليديولوجية االستعامرية حي���ة يف الوج���ود، م���ادام يف جعبة فرنس���ا بصيص من التطلع إىل مقاربة مستعمراهتا القدمية بعني كولونيالية، ال ترى يف جممتعاتنا حقا يف االس���تقالل

الوطين)11(.إن فرنس���ا ما اكنت تكتيف من مستعمراهتا بهن���ب ال���رثوات وجلب العامل���ة الرخيصة، وتأمني الس���وق للس���لع الرأمسالية، وتوفري مواط���ئ ق���دم للجي���وش الربي���ة والبحرية واجلوي���ة، وقواع���د برشية تس���تخدم ألداء الخسرة العس���كرية يف اجليش احملتل، بل تطلب أكرث م���ن ذلك بكثري، إجن���از جراحة ثقافية ولغوية تس���تتبع املستعَمر لملستعِمر، وتأيت مبعاول اهلدم عىل استقالل خشصيته وكيان���ه، فتدفعه إىل فقدان القدرة عىل وعيه

لذاته، إال يف عالقته اإلجندابية به)12(.

فيف العهد االستعامري معلت فرنسا حبزم عىل نرش التعلمي الفرنيس عن طريق “املدارس خاصة باملدن الرئيسية، احلكومية الرمسية” وقد مثلت هذه املدارس البوابة احلقيقية اليت دخلت اللغة الفرنس���ية مهنا بشلك مبارش، وهو ما أدى إىل تدايع النس���يج االجمتايع التقليدي، مبؤسساته ومفاهميه الثقافية وإىل تدهور يف مفاهمي اللغة العربية، كأداة ميكن من خالهلا متث���ل مظاهر احلداثة أو التعبري عهنا رمغ النض���االت اجلادة اليت خاضهتا احل���راكت الوطنية من أج���ل احملافظة عىل اإلساليم، ومن أجل اإلرث الثقايف العريب/

إبقاء اللغة العربية، اللغة الرمسية للبالد.وح���ى تمتكن فرنس���ا من ترس���يخ اهلمينة الثقافي���ة، اكن من ال���الزم، مواجهة العربية لكغة وثقافة وحضارة، خصوصا وأن جتّذر ه���ذه اللغة يف وجدان املغاربة، اكن أكرب من االخرتاق االس���تعامري، حيث وقفت العربية جدارا صلبا يف وجه هذا االخرتاق، من خالل غرس قمي التحرر والكرامة واالس���تقالل... ويه ق���مي تتج���اوز املس���توى األخ���اليق، للتحض���ري العوملي كقمي معلي���ة، تعمل عىل هت���يء الف���رد وامجلاعة ملواجه���ة حتديات االستعامر القامئة عىل أساس سلب احلرية واالس���تقالل، وممارسة اإلهانة، وذلك هبدف

حتقيق اإلخضاع يف أهدافه الهنائية)13(.وألن فرنس���ا، اكنت تدرك -بالشك- أن حقبة االحتالل االستعامري حقبة انتقالية يف تارخي البرشي���ة، وأن جيوش الغزاة، البد وأن تعود ذات ي���وم إىل حدودها بعد أن حتقق مقاومة الش���عوب املس���تعمرة القدر الرضوري من الرتامك الذي ب���ه جتربها عىل ذلك االنكفاء، لذلك انرصفت الفرانكفونية بعناية إىل توفري رشوط دميومة س���يطرهتا يف املستعمرات، ح���ى بع���د اضطرارها إىل اجل���الء عهنا، فعملت بكفاءة عالية، وجبهد جهيد، من أجل االس���تيالء عىل العقل واللس���ان والوجدان، ع���ي)14(، وقد بواس���طة “زواج اكتولييك” حتق���ق هلا ذلك يف إيديولوجية الفرانكفونية، بأك���رب قدر م���ن النج���اح، وبأقل ق���در من

اخلسائر.يق���ول االس���تاذ عب���د اإلل���ه بلقزي���ز وه���و باح���ث ممتكن ومتخص���ص وخبري يف هذا املوضوع)15( تعليقا عىل ما حققته فرنسا: “نعم هبذا اخليار الثقايف االس���تعامري، حجنت فرنسا يف مسح الخشصية الثقافية واللغوية لملجمتع���ات اإلفريقي���ة اليت اس���تعمرهتا، وياكد ال يوجد اليوم جممتع إفريي باستثناء املغرب العريب، ال متثل اللغة الفرنس���ية لغته الوطنية اجلامعة، ومع أن فرنس���ا فشلت يف وئد اللغة العربية أو إخراجها من امليدان يف بلدان املغ���رب العريب، مكا فعلت بنجاح يف

زهور العدد الثاني - السنة األولى - ماي 2012 26

سائر مستعمراهتا اإلفريقية، إال أنه سيكون من ب���اب املاكبرة الوطني���ة اجلوفاء، اإلدعاء بأهن���ا مل حت���رز جناحات هائل���ة يف جمال حتقي���ق هدف االغتصاب الثق���ايف واللغوي يف بلداننا، والشواهد عىل ذلك اليوم وافرة، يكيف أن لس���ان فرنس���ا م���ازال حى اآلن، لسان اإلدارة يف هذه البلدان، ولسان التعلمي فهيا من الطفولة ح���ى الكهولة، والرأمسال

األمثل لتمنية املوقع االجمتايع”.ومن خالل التحويرات اجلذرية اليت أدخلهتا فرنس���ا عىل بنية املجمتعات املغاربية، خلقت نس���يجا من النش���اط االقتصادي والثقايف، أصبحت له قاعدة اجمتاعية حملية اسمترت يف التوسع، واستطاع أن يمتثل عدة جوانب من امل���رشوع الفرنيس الذي اكن انتش���ار اللغ���ة الفرنس���ية من أبرز وس���ائله وأهدافه

االسرتاتيجية.واحلقيقة أن فرنس���ا فرضت هذه السياسة ع���ىل اجتاه���ني متاكمل���ني ميث���الن صورة )املغ���رب املتفرن���س( املس���تقل ال���ذي حيم االس���تعامر اجلديد بأن حيل حمل )املغرب(

احملمي هبويته.- االجت���اه األول: يمتث���ل يف م���دارس البعثة الثقافية الفرنسية، حيث جتري معلية فرنسة أبن���اء الطبق���ة البورجوازية مب���ن فهيم أبناء النخبة السياس���ية واألعي���ان ذوي احلظوة يف املجمتع، وإعدادمه لتحصيل الهشادات الكربى واستالم املناصب العليا يف اإلدارة املغربي���ة ليلعب���وا دورمه يف التنكر والعداء للحضارة العربية اإلس���المية، وحماولة ربط املغ���رب إىل األبد باملصاحل االس���تعامرية، اجلدي���دة املغربي���ة” “البورجوازي���ة ودمع بإطارات قيادية صاحلة لتكون صلة وصل بني

)االستعامر القدمي( و)االستعامر اجلديد(.- االجت���اه الثاين: يمتثل يف م���دارس التعلمي الرمس���ي العمويم اخلاصة بأبناء الش���عب املغريب الذين جتري معلية فرنس���هتم بنسبة أق���ل، ألن دورمه يف )املغ���رب املتفرن���س( ينحرص يف أن يكونوا أعوانا للرؤس���اء يف املاكت���ب اإلدارية، مس���اعدين يف اخلدمات العام���ة، وهو ما جيع���ل اخلطة الفرنس���ية

موجعة أكرث... ومؤثرة أكرث.

- 6 -

يف خض���م اجل���دل ال���ذي تعرفه الس���احة الثقافي���ة املغربي���ة الي���وم، عن ماكن���ة اللغة االجمتايع/ العربية داخل احمليط الرتبوي/ الثق���ايف، وع���ن مزنل���ة اللغ���ة اللس���اين/

الفرنسية داخل النس���ق اللغوي السائد يف املغ���رب احلديث، ويه مزنلة حتدت بقوة لك املبادرات واملش���اريع والرؤى اليت اختذهتا بع���ض حكومات عه���د االس���تقالل، أحيانا حتت ممسى التعريب، وأحيانا أخرى، حتت ممسى محاية اهلوية اللغوية. يف خضم ذلك، حتول���ت الفرانكفوني���ة، إىل ظاه���رة معادلة للهوية املغربية، هدفها املبارش، إفش���ال لك مرشوع يعمل عىل إع���ادة اللغة العربية إىل

موقعها الطبيي عىل أرض الواقع.إن اخلالص���ة ال���يت خي���رج هبا املتتب���ع واملهمت باملهشد اللغوي باملغرب، يه أن التع���دد اللغوي، ال ميس حمت���وى اللغة األم، إذا اكن���ت الترشيع���ات حتفظ جماالت استعامهلا وتضبط رمسيهتا بقوانني زجرية مكا هو الش���أن يف العديد م���ن الدول اليت حترتم لغهت���ا الوطنية. فإذا اكن الدس���تور املغريب ين���ص بوضوح وش���فافية، عىل أن العربي���ة لغ���ة رمسية لململك���ة املغربية، فإن العكس يتجىل ماثال أمام املالحظ وهو يقصد إحدى املصاحل العمومية يف اإلدارة املغربية بالرمغ من تكرار دوريات الوزارة األوىل عىل خمتلف العهود، حول رضورة استعامل اللغة

العربية يف مجيع املرافق اإلدارية)16(.وبالنظ���ر إىل قوة اللغة العربية يف املواجهة، ف���إن الفرانكفوني���ة اليت عوضت احلضور االستعامري الفرنيس، دخلت يف ح���رب قذرة ضد مجي���ع مظاهر التعريب، واس���تعملت يف ذل���ك مجيع األس���لحة، )احملرمة حضاريا( هادفة بشلك مبارش إىل استئصال اللغة العربية من الوجود

الثقايف واحلضاري املغريب.للويب القوي للحضور ونظرا الفرانكفوين يف املغ���رب، والذي ميتلك قويا، ثقافيا/تربويا اقتصادي���ا نف���وذا أصبحت اللغة العربي���ة تواجه حتديات مجة، يف ممارس���ة حقه���ا لكغة رمسية أوىل لملغرب كدولة وش���عب. ويرتبط هذا اللويب الذي يتشلك من مغاربة وفرنسيني

بش���بكة من املص���احل مع فرنس���ا، متكنه من بس���ط س���يطرته عىل قطاعات واس���عة يف املغ���رب، تتجاوز االقتص���اد إىل الثقافة والتعلمي واإلعالم... وتش���لك قوة سياس���ية تدافع عن مصاحله���ا من خالل التأثري عىل القرار السيايس، وتوجهيه يف االجتاه الذي

خيدم مصاحلها)17(.لقد معلت فرنسا عىل فرض نظام ع���ىل املغرب غداة “ازدواجية لغ���ة التعلمي” اس���تقالله، بعدما وقع معها ع���ىل اتفاقيات وثقافية، واقتصادية، وعس���كرية، سياسية، باعتبار أن بامس )تبادل اخلربات واملصاحل(

اللغة الفرنس���ية متثل منوذجا لسانيا اكمال بذاته، قوامه التقنية والعملية والعقالنية، وهو ما من شأنه أن يسامه يف بناء املغرب اجلديد، مما أدى بالتايل إىل اهنيار النخب التقليدية سياسيا واقتصاديا بعد هذه املرحلة، وفسح املجال لنخب أخرى، نشأت يف إطار املدارس واملعاهد واجلامعات الفرنسية، ليك تكتسح مراكز السلطة من منظور بريوقرايط، حرص املسألة يف جوانهبا التقنية، ومن متة التغطية

عىل أبعادها االجمتاعية والثقافية العميقة.والنتيجة اكنت وماتزال يه اتساع استعامل اللغة الفرنس���ية، اتساعا ملحوظا ع���ىل حس���اب اللغ���ة العربي���ة، يف التعلمي واإلدارة مكا يف املعاالت التجارية والصناعية

واخلدماتية والثقافية اليومية)18(.

أبحاث ومقاالت

27زهور العدد الثاني - السنة األولى - ماي 2012

- 7 -

إن األقطار اليت يستعمل قسم من س���اكهنا اللغة الفرنس���ية يف شؤون التعلمي واإلدارة واالقتص���اد، أصبح���ت توجه أكرب عنايهتا إىل تمنية لغهتا القومية أوال، حترص عىل فتح نوافذها حنو آفاق جديدة بتعلمي لغات أجنبية أخرى، اكإلجنلزيية اليت هلا السبق يف ميدان العم والتكنولوجيا والعوملة، ويف ميدان االقتصاد، مكا يفعل الكنديون والفرنس���يون أنفهسم، وباألحرى الس���ويرسيون املتلكمون بالفرنس���ية، والذين اليأنفون من إيثار اللغة اإلجنلزيية واس���تخدامها يف عدد من مرافق التعلمي العايل والسميا يف ختصص العلوم

والرياضيات وإدارة األمعال.إن���ه ملن س���وء وق���رص احل���زم أن النظ���ر،

حيب���س ب ملغر ا

نفسه يف

ء فض���اوثقايف لغ���وي واح���د، وضعته فيه عه���ود س���ابقة، وظروف معين���ة مل يكن له يد يف صنعها،

وق���د صار العامل اليوم فضاء مفتوحا يويح ب���أن م���ن مصلح���ة الش���عوب املتطلعة إىل التق���دم واحلرية أن ختتار لنفهسا ما ينفعها ويناس���هبا، وأن ال ترتك ألحد أن خيتار ذلك ماكهنا، وم���ن املؤكد أن ه���ذا االنفتاح عىل الفض���اء الواس���ع ه���و العام���ل األقوى يف تقريب الش���عوب بعضها من بعض، من أجل مزيد من التعاون والتفامه يف ظل املس���اواة

والتاكفؤ)19(.وم���ن أجل أن يكون ه���ذا االنفتاح إجيابيا، ن���رى رضورة، أن تصدر احلكومة قانونا بتعممي اللغ���ة العربية، جيعلها وحيدة االس���تعامل يف ميادين وجم���االت اإلدارات العمومية وامجلعيات، واملقاوالت واملؤسسات االقتصادي���ة واملالي���ة والصناعي���ة، حي���ث تس���تعمل يف الوثائق واملناقش���ات الرمسية واإلمتحانات ومباريات ولوج أسالك الوظيفة

واملراسالت الداخلية واخلارجية..مكا ن���رى رضورة، أن جيعل هذا القانون، العربية وحيدة االستعامل يف التعلمي ماعدا يف أقس���ام تع���م اللغ���ات األجنبية، وجيع���ل العربية لغة اإلذاع���ة والتلفزة حيث يف���رض عىل لك رشيط أو مسلس���ل أجنيب تبثه وسائل اإلعالم املرئية املغربية، أن يرتمج إىل العربي���ة مبارشة، أو عرب الدبلجة ونفس

اليشء بالنسبة لإلهشار.ومن أجل سالمة تطبيق هذا القانون، نرى رضورة أن تس���ن وزارة الع���دل عقوبات صارم���ة )ذعائر مالية/ إقف���ال املقاوالت واحملالت/ حسب رخص العمل... وغري

ذلك(.وعىل الذين سيوقعون هذا القانون، أن يش���عروا أن الدولة ليس���ت وحدها املتورطة اليوم يف قضية الفرانكفونية، بل الش���عب أيضا يتورط فهيا يوما بعد يوم، عن طريق التعلمي الفرنيس واإلعالم املفرنس���ة وغريها، واإلدارة املفرن���س، حيث ال جيب تعري���ب هذه املجاالت فقط، من أج���ل إع���ادة االعتبار للغ���ة الرمسية باملغرب، وإمنا أصبح ع���ىل املغرب تعريب مواطنيه، الذين أخرجهتم اللغة الفرنسية عن طريق الصواب، ومهنم األس���اتذة واملعملني وال���وزراء والزمعاء واألط���ر العليا، واألطباء واخلرباء، ممن واملهندس���ني واحملاس���بني أصبحوا جيهلون حى احلديث بالعامية، يف

جممتعاهتم الصغرية والضيقة.م���ن العدي���د يعت���رب ق���د نع���م، املتفرنس���ني، أن األمر يتعلق باجثتات اللغة الفرنسية، مع أن هذه الدعوة ال تعين إطالقا التقوقع عىل الذات اللغوية، أورفض متشنج للغة الفرنسية لكغة هلا إهساماهتا الواحضة

يف بن���اء احلضارة احلديثة، ب���ل إن ذلك ال يع���دو أن يكون جمرد دعوة إىل اإلحس���اس بالمتزي واالعزتاز باهلوية، وما يس���تتبع ذلك من س���لواكت وآليات جتس���د هذا االعزتاز

وتقره.وخارج هذه الدعوة وجتلياهتا، البد من اإلقرار أن حتليل وضع اللغة الفرنس���ية يف املغرب اليوم، يدفعنا إىل االس���تنتاج أن الفرانكفونية سياس���ة اقتصادي���ة ثقافية، ال مس���تقبل هلا يف وطن يع���زت هبويته العربية/

اإلس���المية، وبانمتائه إىل لغ���ة الضاد، ذلك ألهن���ا تعمل عىل تجشيع الحش���اذة، وتقدم الصدقة بصيغ���ة مس���اعدة، ويه ثقافيا ال آفاق هلا، ألهنا تس���امه فعلي���ا يف تبخيس اللغة الوطنية األوىل يف بورصة القمي اللغوية املهمينة، مستفيدة من ضعف استعامل هذه اللغ���ة يف جماالت حيوية بالب���الد، وانعدام ترشيع لغوي يضمن هلا دس���توريهتا، وتلك إش���اكلية تتصل بالويع الضعيف واملتدين

للنخب السياسية يف بالدنا... واهلل أعم.

�����������������������������������الفرانكفوني���ة واملتفرنس���ون س���وس األبط���ح/ - 1اللبنانيون، جريدة الرشق األوسط 65/2001، ص: 6.

2 - إدريس وايح: الفرانكفونية يف املغرب وهن وأوهام، جريدة العم الثقايف 16 نومفرب 2002، ص:7.

3 - عب���د النارص املق���ري/ الفرانكفوني���ة وحنة اللغة العربية باملغرب، جملة البيان 2008.

4 - عبد النارص املقري/ املرجع السابق.5 - األستاذه يك نااكغاوا/ جامعة طوكيو، الفرانكفونية

والبحث السيايس يف املغرب.jeune afrique , N : 1978, 1/1/97 P : 11 - 6

7 - مصط���ى اخلليف/ املغ���رب والفرتكوفونية: دعوة لملراجعة/ جريدة التجديد 14 فرباير 2001.

8 - ميكن يف هذا الصدد، العودة إىل التقدير املفصل ال���ذي قدمه بطرس بطرس غايل األمني العام لملنمظة الدولي���ة للفرنكوفوني���ة إىل القم���ة الثامن���ة، املنعقدة

مبونكتون يف سبمترب 1999.9 - املهدي املنجرة، احلرب احلضارية ص: 211.

10 - حبث مستخرج من ندوة عن الفرانكفونية، نمظت مبناس���بة القمة الفرانكفونية الثانية بكيبك/ كندا سنة

1987، صادر عن دار ايكونومياك.11 - عبد اإلله بلقزيز: جريدة املساء 4/12/2008.

12 - عب���د االله بلقزيز: حذور الفرانكفونية يف الغرب، االستعامر الثقايف/ جريدة املساء 4/12/2008.

13 - عبد االله بلقزيز: املرجع السابق.

14 - عبد االله بلقزيز: املرجع السابق.15 - عبد االله بلقزيز: املرجع السابق.

16 - راجع مقالنا بعنوان: إىل مى تظل لغة الدستور ح���ربا عىل ورق؟ جمل���ة زهور/ الع���دد األول، أبريل

.201217 - عبد االله بلقزيز: املرجع السابق.18 - عبد االله بلقزيز: املرجع السابق.

19 - دمحم الع���ريب اخلط���ايب/ الفرانكفونية موليري وريس���تييليو، جريدة الرشق األوسط، 19-9-1989،

ص: 13.

أبحاث ومقاالت

زهور العدد الثاني - السنة األولى - ماي 2012 28

-أ-<األفي�ون

هو عصارة نباتية تس���تخرج من غالف اخلخشاش. واخلخشاش نبت���ة مجيل���ة املنظ���ر، ذات أوراق بيضاء وبنفجسية، بعد س���قوط توجياهتا، حي���ز املزارع الغالفات خبطوط مس���تطيلة أو أفقية يف أماكن عدة، بواس���طة آلة صغرية تنهتي بثالث ش���فرات متوازية، فيخرج عصري س���ائل عىل ش���لك قطرات تش���به قطرات احلليب، ال تلبث أن مجتد، فتقش���ط بواس���طة مقشطة بعد 24 أو 48 ساعة.

مجموع هذه القطرات يعيط األفيون اخلام غري الصاحل لالستعامل قبل جتهزيه.يع���ود اس���تعامل األفيون إىل أزمنة وحض���ارات بعيدة، اكن الف���رس واملرصيون القداىم عىل ع���م بزارعته، وقد اكتش���فت خمطوطة تعود إىل ألف ومخمسائة س���نة قب���ل امليالد، تتلكم عن األفي���ون. اكن هيبوقراط يصفه يف حاالت مرضية عدة، ويق���ال أن اإلمرباطور الروماين »مارك أوريل« )Marc AURELE( اكن من أوائل املدمنني املهشورين هيلع. دخل احلضارة الصينية يف الق���رن الثامن لمليالد، واكن اس���تعامله طبيا حبتا، خصوصا لوق���ف حاالت اإلهسال، ومل تبدأ وتنترش عادة تدخينه إال يف أوائل القرن الثامن عرش، وقد جشع االجنلزي تفيش هذه اآلفة لدى الصينيني. مكا اكن األطباء العرب عىل معرفة تامة باستعامله منذ القرن التاسع لمليالد. أما يف اهلند فم يعرف إال يف القرن الس���ادس عرش، كذلك لدى العمثانيني الذين اكنوا شديدي التعلق

بتدخينه يف هذه الفرتة من التارخي.مل تعرف أوروبا األفيون قبل القرن اخلامس عرش واكن استعامله طبيا فقط.

يستعمل األفيون ومشتقاته بطريقة التدخني أو تناوله عن طريق الفم أو طريق احلقن حتت اجللد، حي���ث أن هذه الطريق���ة تظهر أثار األفيون برسعة، مكا أن متع���ايط املخدرات يصنعون أنواعا

خاصة من أدوات احلقن إىل جانب اإلبر الطبية.حيدث اس���تخدامه تأثريا كبريا عىل اجلهاز العصيب املركزي، وحيدث ملتعاطيه ضعفا عاما يف األداء العقيل واجلس���دي ويقء مع جفاف بالفم والرغبة يف النوم، واخنفاض يف معدل التنفس،

مما قد يؤدي إىل توقف الرئتني والوفاة، وكذلك فقدان الشعور باألمل.

<االمفيتاميناتخيتلف مفعول هذه املادة املركبة كميائيا، تبعا للمكية املس���هتلكة، إذا اكنت قليلة يفق���د متعاطهيا حاجته للنوم، ختف هشيته للطعام وأحيانا تنقطع متاما، يشعر بنشاط جسدي ويزيد إنتاجه الفكري وهنا تبدأ اخلطورة، يس���هتويه هذا النشاط وهذا التحسن فيحاول إعادته لكام وجد نفس���ه يف حالة حضلة مث تكرث المكيات بس���بب

التكرار، لتبدأ دورة اإلدمان القاتل.إن المكيات املستعملة تصل عند بعض املدمنني إىل حد رهيب: وقد ورد يف حبث طيب يف » املجلة الطبية الربيطانية« أن أعىل المكيات

اليت تناوهلا بعض املدمنني بربيطانيا، وصلت إىل ألف وسمتائة ملغرام يف اليوم، عملا أن العيار العاليج ترتاوح مكيته اليومية بني مخسة ملغرامات وعرشين ملغراما. يعيش املدمن إذ ذاك يف حالة هيجان جس���دي وعقيل متواصل، لتصبح إثارته العقلي���ة مزجعة ال ترافقها » اللذة« اليت تمت���زي هبا األفيونات، تظهر عند البعض هلوس���ات مسعية وبرصية، يصري املدمن حذرا من لك من حييط به، من لك حركة ولكمة ورمبا وصلت به احلال إىل حد اهلذيان. ومن املمكن أن تطول ه���ذه احلال���ة، فتتحول إىل مرض عقيل يدىع الذهان، هذه األعراض ال حتتاج إىل مكيات كبرية يك تظه���ر لدى املراهقني، مكا يه احلال لدى البالغني وه���ذا ما يفرس حاالت الفرار واالنتحار

املتواصلة لدى مستعميل هذه االمفيتامينات.

<إل.س.دييستخرج من إرغوت الشيم، وهو أحد أنواع الفطور السامة، اكتشفه صدفة الباحث السويرسي »هومفن« س���نة 1938 خالل إحدى التجارب يف خمتربه حيث تنشق من خبار هذه املادة وأصيب

برحلة هلوسية غري منتظرة.مفعوله خاضع، كس���ائر املخدرات، لبنية خشصية املتعايط، لنوعية املخدر وللجو النفيس الذي حتصل فيه التجربة. إن الطريقة اليت يفعل ويؤثر هبا ال »ال.اس.دي«عىل اجلهاز املركزي غري

معروفة متاما بعد.

ملف خاص

قــامــوس الـمـــخــــدراتيظ���������������������ل موضوع املخدرات، رغم ما كتب عنه من بحوث ومقاالت ودراس���������������������ات، بحاجة ماسة وملحة إلى اهتمام املختص���������������������ن في الطب وعلم النفس وعلم االجتماع، كما في علم االقتصاد وعلم السياسة، ملا يشكله من خطورة

على اإلنسان هنا، وفي كل مكان في األرض.ف���������������������ي املاضي، دم���������������������رت املخدرات ش���������������������عوبا وحضارات عديدة، بعدما تفشت وأحكمت سيطرتها على العقول واألعصاب، وفي احلاضر تواصل تدميرها في كل أنحاء الدنيا...ولكن هذه املرة تشن حربها ضد اإلنسان بوسائل التكنولوجية والعلم، وبوسائل املختبرات العلمية، وأيضا بوس���������������������ائل النقل واالتصال املتطورة التي جتعل املخدرات

حاضرة في كل زمان ومكان.لقد اس���������������������تيقظ العالم في بداية هذا القرن ليجد املخدرات ف���������������������ي متناوله، تلطف من ويالت حروبه وأهوالها، ولكنه في نهاية القرن وجد نفسه أمام كارثة تهدد بفناء اإلنسان والقضاء على قدراته وحضارته، إذ توس���������������������عت زراعتها وتطورت صناعتها، كما توس���������������������عت وتطورت أس���������������������واقها في ش���������������������تى أنح���������������������اء العالم، ليصبح ع���������������������دد املدمنن عليها مبئات املالين، غالبيتهم من الش���������������������باب، في الدول الغنية والفقيرة على الس���������������������واء، إال أن املجموعات البشرية التي تنتجها، مازالت هي األكثر تخلفا في احلقل االقتصادي واالجتماعي والفكري، ومناطقه���������������������ا مازالت هي األكثر

تعرضا إلهمال السلطات املسؤولة عنها.في هذا امللف اخلاص، نقدم للقارئ، قاموس���������������������ا يحتوي عل���������������������ى مختل���������������������ف املخ���������������������درات الطبيعي���������������������ة، والكيميائية، واملصنع���������������������ة األكثر انتش���������������������ارا في العالم، مرتبه حس���������������������ب احلروف األبجدية، ومتضمنة أهم املعلومات عن منشئها

وتاريخها وتأثيرها على العقل والصحة.إن تعاملنا مع مادة املخدرات، إمنا هو من منطلق »اعرف عدوك« لتتجنبه، أو لتحاربه. ونعتقد أن الوضع الراهن للمخدرات في بالدنا اليوم، يفرض علينا أن نتعرف أكثر

على أخطارها احملدقة... والقاتلة.

29زهور العدد الثاني - السنة األولى - ماي 2012 ملف خاصبعد ح���وايل ثالثني دقيقة من جرع���ة ال«ال.اس.دي« حتصل تغيريات يف احلواس، خييل لملتعايط أن شعوره باإلحساس يقوى: تزيد حدة األصوات وحاس���ة ال���م، تبدو األلوان براقة، يزيد مظهر األش���ياء مجاال فتتبدل أش���اكهلا وألواهنا ويراها

تنتقل من ماكن إىل آخر.حيصل تالعب يف امل���زاج فينتقل جفأة من الفرح إىل الكآبة، ختتلط اإلحساس���ات بعضها م���ع البعض: هذا خيرب أنه يم األلوان وذاك أنه يمسعها، رمغ احلفاظ عىل بعض الويع أثناء التجربة اليت يعيهشا، يفقد املتعايط مفهوم الزمان فيخيل إليه أن الدقائق ساعات وخيلط بني املايض واحلارض واملستقبل...

حتدت اهللوسة اليت تؤدي إىل اجلنون... أو االنتحار.

- ب -<الباربيتيوريت:

خم���درات مكيائي���ة يوجد مهنا ح���وايل 2500 صنف���ا، مهنا: سومبولكس، بريفيتال، سوريتال، نبتوتال، منبوتال، سيكونال، اميت���ال، بوت���رسل، لوتوس���يت، اليوريت، لومين���ال، بعضها تستخذم يف قتل احليوانات امليوئس من شفاهئا. ومن أصناف

هذا املخدر »البالفيوم« وهذه يه تمسيته التجارية.فاعليته ض���د اآلالم قوية، تفوق أربع أو مخ���س مرات فاعلية املورفني. يؤخذ بواس���طة الفم عىل ش���لك أق���راص، أو حيقن

حتت اجللد.ورمغ أن عائلت���ه الكميائية ال عالقة هلا باملورفني، وطريقة معله البيول���ويج وتأثريه خمتلفان معا مه���ا هيلع مع املورفني، فإنه يؤدي إىل اإلدمان القات���ل، ألجل ذلك، أدخلته القوانني الطبية

مضن لواحئ املخدرات احملظورة.

<بنزوديازبيين:خمدر صنايع/ طيب، من أصنافه: ليربيوم، لكونويني، فاليوم، اتيفا، اكساناكس، ترانكس���ني، داملني، كسيبام، سنرتاكس، ورستوريل.

وجلها أصبح عىل الحئة املخدرات املمنوعة من التداول.

<بيتيدي�نطيب، مع���روف جتاريا حتت امس »دولوزال« خمدر صنايع/ اكتش���فه األطباء األملان عش���ية احلرب العاملية الثانية، فعاليته أق���ل من فعالية املورفني بس���ت أو مثاين م���رات، ال يؤثر عىل

اجلهاز التنفيس.يف الس���نوات األوىل الكتش���افه، اكن بيعه ح���را غري خاضع لقان���ون املخدرات، ووصف���ه الطيب هس���ال كلك دواء حديث االكتش���اف وجيد الفعالي���ة، لكن بعد ظهور ح���االت اإلدمان وتاكثرها بني املسهتلكني، حصل تغيري يف النظرة الطبية إليه، ومل يعد يوصف إال يف اآلالم احلادة وحتت املراقبة الش���ديدة،

إذ دخل الحئة املواد املمنوع بيعها يف الصيدليات.

- ح -<الحشيش

احلش���يش، ويمسى أيض���ا القنب اهلندي، نب���ات متوح���ش يمنو يف مناطق معتدلة، علو نبتته ترتاوح بني مرتين وستة أمتار ويه عىل نوعني: ذك���ر وأن���ى، عندما تنض���ج النبتة األن���ى، تفرز زهرهتا مادة س���ائلة

تستخرج وجتهز.

الوريقات واألزهار والس���يقان املجفف���ة، أاكنت ذكرا أو أنى، تعىط احلشيش الذي يتغري إمسه من بلد إىل آخر.

س���ائل زهرة األن���ى فقط، يعيط احلش���يش الذي يمسى يف املغرب الكيف/ »بانغو« يف الس���ودان/ »ش���رياس« يف اهلند/

»دغا« يف إفريقيا اجلنوبية/ »لبامبا« يف الربازيل إخل(.وردت أول إشارة عن احلشيش يف مؤلف لإلمرباطور الصيين – ش���ينج ناجن - س���نة 2737 ق.م، وقد مسي هذا النبات بأزيد

من 350 إمسا مما يدل عىل هشرته وقدمه.وتذكر بعض الكتب، أن تارخي ظهور هذه العشبة عربيا وإفريقيا وعاملي����ا اكن يف الق����رن الثاين عرش امليالدي وبالضبط س����نة 1175، انطالق����ا من بالد التت����ار أو البالد اهلندي����ة، إال أهنا مل تصل املغرب من هذه البالد بل جاءته من بالد السودان يف عهد الدولة الس����عدية حيمنا محل بعض السودانيني معهم الفيل إىل الس����لطان أمحد املنصور الس����عدي، فاكنوا من الذين يتعاطون هلذه العشبة تدخينا »وتنفيحا« حفملوا معهم بذور هذه العشبة،

ومن مثة انترشت يف املغرب، وبقيت إىل يومنا هذا.هن���اك رأي آخر يرى أن ظهور العش���بة يف املغرب يرجع إىل زمن بعيد إال أهنا اكنت حمصورة االستعامل وغري مهشورة، وهو رأي ال تدمعه القرائن وال تهشد هيلع األدلة واحلجج، ألن

النقاش الفقهي حوهلا مل يظهر إال زمن السعديني.ويف العرص احلديث تركز احلشيش يف املغرب عىل يد الدول إس���بانيا والربتغال وفرنس���ا وإجنلرتا ويه األوربية خاصة: الدول اليت عرفت بسيطرهتا عىل التجارة البحرية يف القرنني

املاضيني.وبالنس���بة لألوربيني، فقد انترش اس���تعامل هذه العش���بة يف النص���ف الثاين من القرن التاس���ع ع���رش، فظهرت عرشات

املقاالت اليت توحض خصائصها العالجية.األستاذ بلكية طب اكلكوتا وقام الطبيب »ولمي اوشاوغيس����يت« )اهلند( بتجري����ب القنب اهلندي عىل احليوان مث عىل االنس����ان باهلند، وبعد عودت����ه إىل بريطانيا وزع عىل الصيدليات مكيات هام����ة منه )حوايل 1842( بل إن طبيب القرص املليك الربيطاين وصفه عدة مرات، لمللكة فيكتوريا، وابتداء من 1854 دخل القنب

اهلندي يف املواد الصيدلية بالواليات املتحدة، مكسكن لآلمل.أما عن األعراض النامجة من احلشيش فإن اإلفراط يف تناوله خط���ري، مكا يصف ذل���ك املثل املغريب الذي يق���ول إن الكيف

اكلنار، قليل مهنا يدفئ، وكثري مهنا حيرق.فاإلدمان عىل احلشيش يؤدي إىل اإلصابة بعدة أمراض مثل اهللوس���ة، واختالل احلواس، واضطراب االنفعال، و امحرار العينني بس���بب متدد األوعية الدموية، واخنفاض ضغط الدم، وع���دم التوازن احلريك، وبرسعة دقات القلب، وازدياد الرغبة يف األلك وخصوصا احللويات، وتعطيل مخائر الكبد، اليشء ال���ذي جيعل تناول األدوية بالنس���بة لملدمن غري ذات مفعول، ودم���ور يف اخلالي���ا املخ، مكا يتعرض مدمن احلش���يش إىل

مجيع األمراض اليت يتعرض هلا املدخن.ورمغ األعراض واملخاطر الناجتة عن تعايط احلشيش، هناك أصوات بأوربا تنادي بتحرير اس���تعامله، ف���يف أملانيا طالب س���نة 2001 احلزب االش���رتايك الدميق���رايط )يب.دي.اس( بالمساح بتعايط مادة احلش���يش واملخدرات اخلفيفة األخرى علن���ا عىل غ���رار املرشوبات الروحية والتدخ���ني دون تعرض

متعاطهيا لملساءلة القانونية.و يف ع���ام 1976 أص���درت مجموعة من املثقف���ني والفنانني يف والوزير السابق فرنسا، بيهنم املمثلة الفرنسية »إيزابيل هوبري« »برنار كوش���رن« والفيلس���وف »جيل دول���ور« واحملايم »هرني لولك���ريك« ن���داء يطالب���ون فيه بإباح���ة إنتاج وجت���ارة وتدخني احلشيش، اكن ذلك يف عرص الشارلستون والشعر املسرتسل.ويف ع���ام 1993 ارتفع���ت بع���ض األصوات األوربي���ة مطالبة بإباحة احلش���يش حبج���ة أنه من املخ���درات اخلفيفة اليت ال

تسبب إدمانا.

- د -<ديوكامفين

مزجي من »اكمفوسلفونات الصوديوم« و«كوديتيلني«. يستعمل ض���د األوجاع احلادة خاص���ة مرض »الزونا« ولكنه يس���بب حاالت إدمان رسيعة من جراء اس���تعامله، فهو يس���بب حالة هوان، وتبعية نفسية قوية، رمغ أن تبعيته اجلسدية ليست بقوة

تبعية املورفني أو السيدول مثال.

- س -<سوسيغون

مركب كمياوي، يش���به يف تأثريه املورفني، فعاليته الرئيس���ية ضد اآلالم، يبدأ مفعوله بعد احلقنة يف العضل خبمس���ة عرش أو ثالث���ني دقيق���ة ويدوم من ثالث إىل مخس س���اعات. يوجد

أيضا عىل شلك أقراص.حالي���ا، يوجد بمكي���ات كبرية يف الس���وق الس���وداء، بأوربا والرشق األوس���ط وعدد ال بأس به من الشباب مدمن هيلع، إذ جير إىل تبعية جسدية ونفسية ويسبب حالة إدمان قوية، تؤدي

إىل اجلنون... وإىل الوفاة أحيانا.

- ق -<الق��ات

القات لكمة عربية مشتقة من الالتينية »Catha edulis«، وهو نبات من الفصيلة السيالس���رتاكية ال���يت تزرع يف املرتفعات اجلنوبية الغربية من ش���به اجلزيرة العربية منذ س���بعة قرون، متضغ أوراقه مكنبه، فتنتج ش���عورا بالنش���اط واخلفة يعقبه

شعور باإلحباط.جشرة القات نبتة ليست يف األصل مينية، بل اكن استريادها من ب���الد احلبش���ة يف وقت س���ابق، فاس���تطاهبا المينيون، ونشطوا يف غرهسا والعناية هبا، وتالءمت بنجاح مع الظروف املناخي���ة يف المين ومع خصائص تربهتا، وتوس���عت معليات غرهس���ا يف عدة جهات من البالد، واتس���ع اإلقبال علهيا من

طرف األهايل.وتوجد جش���رة »القات« يف لك من المي���ن وإثيوبيا والصومال وإريرتي���ا، ويه البل���دان اليت تتناوله حبري���ة تامة ومن دون أي إحراج أو مضايقة، بيمنا ال جيوز اسهتالكه يف البلدان املجاورة األخرى، ويوصف نبات القات بأوصاف مجتع بني منشط وحيوي ومنبه وخمدر، جفل المينيني يعتربونه جمرد منبه ومنش���ط فقط،

بيمنا يعتربه البعض اآلخر نوعا من أنواع املخدرات.ويف تزنانيا وكينيا يمسى )نريون( ويف إثيوبيا يمسى )الشاط( أما يف الصوم���ال وجيبويت والمين فيطلق هيلع إمس )القات(. وقد عرف القات يف إثيوبيا وبالتحديد يف منطقة هرر واملناطق الوس���ىط من الب���الد قبل 700 عام، وهن���اك روايات تقول أنه ع���رف كنبات إب���ان حمك امللك ايزانا قبل آالف الس���نني، ومع ه���ذا تؤكد الروايات أن القات اكن عالجا ألمراض عديدة ويف بعض األحيان اس���تخدم لعالج الفتور اجلنيس، ويف روايات أخرى اكن قادة اجليوش اإلثيوبيون ينصحون جندمه بتعاطيه

مكا اكنوا ينصحون اجل���رىح بوضع���ه ع���ىل جروحهم بعد

خلطه باملاء.

زهور العدد الثاني - السنة األولى - ماي 2012 30

- ك -<الكوديين:

خمدر كمييايئ، يش���تق معوما من املورفني ويستعمل بصورة واس���عة مكادة فعالة يف أدوية احلك���ة. يوجد هذا املخدر يف ش���لك بلورات بيض���اء ال راحئة هلا، أو محس���وق بلوري، أو

أقراص، أو كبسوالت أو يف شلك حملول.يمت حيازة هذا املخدر بطريقة غري رشعية يف الكثري من البلدان

األوربية واألمريكية إذ يؤدي استعامله إىل اإلدمان القاتل.

<الكوكايينه���و محسوق أبيض مس���تخرج من أوراق جش���رة »الكواك« الكثرية االنتش���ار يف جزي���رة جافا، ويف أمري���اك اجلنوبية، ي���رتاوح علو الجشرة بني مرتين وس���تة أمتار، جيري القطاف بواس���طة الي���د لك ثالثة أهشر عىل األكرث، ابتداء من الس���نة الثاني���ة من حياة الجشرة، مث تيبس األوراق يف المشس وتعد

كمييائيا الستخراج الكواكيني.مضغ أوراق الكواك ش���ائع االس���تعامل لدى س���اكن أمرياك اجلنوبي���ة من���ذ عهد »اإلن���اك« Inca(( حى أيامن���ا هذه. آخر الدراسات اإلحصائية أظهرت أن هذه العادة ما تزال متأصلة عن���د أحفاد هذا الش���عب الق���دمي املنترشي���ن يف مناطق من بوليفيا والبريو واإلكواتور، والذين يناهز عددمه املليونني، فهم يسهتلكون حوايل التسعة ماليني كيلوغراما من أوراق الكواك يف الس���نة، ميضغوهنا ط���وال الهنار حي���ث ال هيمت املاضغ باجلوع وال بالفقر، بل يستقر يف حالة من سوء التغذية وفقدان

اإلرادة وامخلول.والكواكي���ني مادة قلوية عزهلا س���نة 1857 الكمييايئ » الفرد نميان« م���ن أوراق الكواك، وقد اكتش���ف عدد م���ن الباحثني مزياهت���ا التخذيرية املوضعية، حفاولوا االس���تفادة العالجية مهنا إذ مت اس���تعامهلا يف طب وجراحة العني وجراحة األنف ويف غري ذلك من األمراض، لكن رسعان ما مت االس���تغناء عن استعامهلا، بعد اكتشاف مواد ختديرية موضعية مصنعة غري

مسببة لإلدمان.تارخييا: اكن الس���ومريون يف األل���ف الرابعة قبل يطلقون عىل نبتة »الكواك« إمس »عش���بة الف���رح« واكن أطباء احلضارات القداىم يف مرص والصني يس���تعملون نفس العشبة للتداوي ومنذ مائت السنني اعترب اهلنود نبتة »الكواك« هبة من المساء ترف���ع عهنم ربقة املعاناة وحترك فهيم النش���اط واحليوية مكا أن املس���ملني يف باكس���تان، وعىل اخلص���وص مهنم بعض املتصوف���ة، يمس���ون »الكواكيني« »مرش���د اجلن���ة« ويعتربه الشعراء واملوسيقيون مصدرا الستلهاماهتم اإلبداعية. وبسبب عدم إماكنية الوص���ول إىل الطب احلديث، يلجأ معال املنامج يف بوليفيا إىل اس���هتالك الكواك ملعاجل���ة اآلثار النامجة عن االرتفاعات اجلبلية وكثري من األمراض األخرى، نفس اليشء يف آس���يا الوس���ىط حيث ي���مت االلتجاء إلهي���ا لملعاجلة من

اإلهسال، ومرض املفاصل. ويف مناطق أخرى يف أفغانستان حيولون الك���واك إىل مادة غذائية يقدموهنا ملاش���يهتم... فيف لك ماكن من العامل تتعدد اس���تعامالته ابتداء من االس���تعامل املزنيل يف إعداد احللوي���ات إىل مظاهر االنفصال عن العامل

اخلاريج بشلك هنايئ.ويف العرص احلديث اس���تخدم الكواكيني ألول مرة مكزجي مع امخل���ر، واكن ذلك يف القرن التاس���ع عرش، حني أدخل رجل من »كورس���ياك« امسه »أجنلو ماري���اين« خالصة أوراق نبات الك���واك مع امخلر، أطلق هيلع إمس »فني مارياين« وقد حظيت مخر »فني مارياين« بإجعاب العديد من وجهاء القرن املذكور، فاكن يرشهبا ملوك إس���بانيا واليونان والرنوجي والسويد، مكا اكن الرئيس األمرييك »ماك كينيل« معجبا هبا أشد اإلجعاب، مكا أثىن عىل »فني مارياين« كتاب مش���اهري من أمثال »إميل

زوال« و«ألكسندر دمياس« و«جوليس فرين«.ومل مي���زتج الكواكي���ني بامخلر حفس���ب، ب���ل مزجته رشكة »كواكك���وال« مع مرشوهب���ا املعروف، وظل احل���ال كذلك إىل عام 1906، حني ص���در قانون باعتبار الكواكيني مادة خمدرة

وقاتلة، وحبظر التعامل هبا إال يف حقل الطب.

- م -<الماريخوانا:

تتك���ون بصفة عامة م���ن األوراق واألجزاء العلي���ا لزهرة إناث نبات القنب )اكنابس س���اتيفا، اكنابس

إندي���اك( اليت تزرع يف عدة أجزاء من الع���امل، وميكن زراعهتا يف األماكن الباردة، وتس���تعمل سيقان هذا النبات وعىل وجه

اخلصوص النباتات املذكرة يف صناعة احلبال واخليش.تدخ���ن املارخيوان���ا يف بعض البالد األوربي���ة، ويف الواليات املتح���دة األمريكي���ة. ويه تؤدي إىل اإلدم���ان، وإىل أمراض

القلب والتنفس واألمعاء.

<مسكالين:اس���تخرج املس���اكلني: -سنة 1919 من أحد أنواع يمنو يف ال���ذي الصب���ري أمري���اك الالتيني���ة. وم���ن أيض���ا احلصول املمك���ن هيلع بطريق���ة مصنع���ة يف

املخت���رب، م���ن أح���د أنواع الفطور يف املكسيك. وهو يستعمل لدى اهلنود أثناء طقوهسم الدينية. مفعوله يش���به إىل حد كب���ري مفعول ال »ال.اس.دي« الذي متت اإلش���ارة إليه يف حرف األلف من هذا املمجع، لكن األعراض اليت تظهر من جراء تناوهلام أقل ش���دة وحدة، عىل أن »املساكلني« يسبب تقيائ واستفراغا أكرث من غريه، مكا أنه بع���د تناوله تظهر اضطراب���ات انفعالية حادة تفوق اليت تظهر

مع بايق مواد اهللوسة.

<المورفي�نهو أحد أمه مش���تقات األفيون. اإلمس مش���تق م���ن اليونانية

»مورفيوس«. اكتشفه الكمييايئ حوايل سنة األملاين »رسترنر« 1805. يق���ول الفرنس���يون أن »سيغان« الفرنيس الكمييايئ ال���ذي اكن يعم���ل يف جي���ش نابليون، هو الذي اكتشفه سنة

1806، رمب���ا مت االكتش���اف بفارق قصري م���ن الوقت، مل تكن االتصاالت وتبادل املعلوم���ات العملية يف ذاك العرص تحمس مبعرفة ما اكتش���ف يف هذا البل���د أو ذاك، بالرسعة اليت تمت

يف عرصنا احلايل.مل ينترش اإلدمان هيلع إال يف الربع األخري من القرن التاس���ع عرش، من جراء اس���تعامله يف املستشفيات، فمكا حيصل مع معظم األدوية املكتشفة، بولغ يف استعامله، العتقاد األطباء أنه دواء »جعيب«، ال يزال هذا االس���تعامل، أحد أسباب اإلدمان يف أيامنا، لكن بنسبة أقل بكثري من املايض، ألن تقدم األدوية، ومعرفة املخاطر، والتش���دد القانوين، جعل األطباء يقللون من وصف���ه الطيب. رمغ ذلك، ال زال من أك���رث األدوية املؤدية إىل

اإلدمان القاتل.عندم���ا ح���ورصت باريس س���نة 1870 عدة أهش���ر من قبل اجليش األملاين، اكنت نسبة كبرية من ساكهنا قد أدمنت عىل املورف���ني، كذلك حصل أثناء وبعد احل���رب العاملية األوىل يف

فرنسا وأملانيا.

- ه� -<هبروميت:

انتج���ت يف عام 1950م، وتوجد مهنا أنواع: ميلثاون، اكونيل، اسكيه، باميت. ومجيعها تؤدي إىل اإلدمان القاتل.

<هيدرات الكورال:ال���يت بدأ إنتاجها يف ع���ام 1762م، ويه ذات طعم مر، وتوجد عىل هيئة حملول، أو كبسوالت جيالتينية.يؤدي استعامهلا إىل

تنشيط العضالت... فاإلدمان القاتل.

<الهيروينمستخرج مصنع ينتج عن حتويل كميايئ لملورفني. وهو أكرث

املخدرات مسية، وأخطرها عىل املدى القصري والبعيد.ع���ىل املدى القصري، هناك خطر تناول عي���ار مكثف، ألنه من الصعب معرف���ة نوعية محسوق اهلريوي���ن والمكية احلقيقية املوجودة فيه، فاملهرب���ون خيلطونه مبواد أخرى بقصد الغش

والرحب، وحيصل املوت املفاجئ بتوقف القلب والتنفس.عىل املدى املتوس���ط، تنش���أ تبعية قوية واس���تعباد جتاه املخدر، مكا تظهر األمراض اكاللهتاب���ات اجلس���دية الكب���د والهت���اب اجللدي���ة

الفريويس.ع���ىل املدى الطوي���ل، يؤدي

اإلدم���ان عىل اهلريوي���ن إىل حالة احنطاط وتدهور جس���دي وعقيل.

- و -<الوكسيكودون:

ويمت تركيهبا من مادة الثيباين اليت تش���به الكرادائني، ويؤدي اإلدمان علهيا إىل اإلحباط، مث إىل اهللوسة، فاالنتحار.

من ملفات زهور

31زهور العدد الثاني - السنة األولى - ماي 2012 من ملفات زهور

يف إط���ار الرشاك���ة املذكورة أعاله، مت س���نة 2011 غرس 45 هكتارا من أجشار الزيتون، عىل مس���احة متصل���ة، ويه عبارة عن ملك خ���اص يتوزع قطعا ما بني 28 فالحا صغريا ومتوسطا جبامعيت سيدي عبد اهلل اخلياط ونزالة بين معار، بزرهون. وقد أطلق عىل امل���رشوع إمس »املزنه 2«، تمت���ة إىل مرشوع »املزنه 1«، الذي ال يبعد عنه إال قليال، والذي اكن أول مبادرة للجمعية يف هذا املجال، س���نة 2006، حيث أحضى منوذج���ا باملنطق���ة، مت خالله غ���رس 40 هكتارا عىل

مساحة متصلة واستفاد منه 29 فالحا.باإلضاف���ة إىل ذلك، اس���تطاعت امجلعية ويف نفس الس���نة )2011(، )خارج إطار الرشاك���ة اليت تربطها باملديرية اإلقلميية للفالحة، ولكن بتعاون معها(، غرس مس���احة إضافية تقدر ب 30 هكتارا، غطت املساحة و«املزنه2«، بنفس الواصلة مابني مرشويع »املزنه1« املنطق���ة. وقد اس���تفاد من ه���ذه العملي���ة 20 فالحا إضافي���ا، مك���ا اكن هلا تأثري اقتص���ادي واجمتايع وبي���يئ مه���م وواحض ج���دا، إذ أصبحت املس���احة اإلمجالية املغروس���ة حلد اآلن هب���ذه املنطقة لوحدها منذ س���نة 2006 أكرث من 115 هكتارا، استفادت منه أكرث من 77 عائلة، مكا أهنا أحضت حزاما بيئيا هاما بني مجاعيت سيدي عبد اهلل اخلياط ونزالة بين معار

بالقرب من قرية بين منصور.من جهة أخرى وتنفيذا لبنود نفس الرشاكة، مت خالل

هشري يوليوز وأكتوبر 2011، إجناز الشطرين األول والث���اين من برناجم معاجل���ة 50 هكتارا من أجشار الزيتون جبامعة س���يدي عب���د اهلل اخلياط، بزرهون. وقد استفاد من هذه العملية 24 فالحا وفالحة، حيث مت���ت املعاجلة الكمياوي���ة لألجشار ضد مريض عني -la mo «œil de paon«، وذبابة الزيتون » سالطاوو

che d’olivier«، باإلضافة إىل التمسيد الوريق مبادة البوطاس بنسبة 50%.

مكا قامت امجلعي���ة ويف إطار نفس الرشاكة، بعملية تش���ذيب وتقلمي مهت 30 هكتارا من أجشار الزيتون جبامعة س���يدي عبد اهلل اخلياط، بزرهون، اس���تفاد مهن���ا 24 فالحا وذلك خالل هش���ر يناير 2012. يف حني متت خالل هشر مارس من نفس السنة، معاجلة 50 هكت���ارا من أجشار الزيت���ون كذلك، ضد مريض باخلصوص، اس���تفاد »Psyle« الطاووس والصوفة

مهنا أكرث من 20 فالحا.ويف إط���ار آخر للتعاون مع املديرية اإلقلميية للفالحة مبكناس، وبتنس���يق معها، استفاد، خالل هشر أبريل املايض، 24 فالحا آخر من معلية »التجفني«؛ وتعين إقامة أح���واض نصف هاللية حول س���يقان أجشار الزيت���ون لتخزين أكرب مكية من املياه، خالل تس���اقط األمطار، حى تستفيد مهنا وتستطيع مقاومة اجلفاف مبناعة أكرب. وقد مهت هذه العملية 20 هكتارا جبامعة

سيدي عبد اهلل اخلياط، بزرهون كذلك.

يعمتد أكرث من %80 من س���اكن منطقة زرهون بصفة مبارشة أو غري مبارشة عىل الفالحة مكصدر أسايس لتأم���ني قوهتم الي���ويم وتغطية مصاري���ف عيهشم. وتت���وزع األنش���طة الفالحي���ة هبذه املنطقة بالنس���بة للساكن أساسا، بني زراعة احلبوب والقطاين، وغرس

واستغالل األجشار املمثرة، وتربية املاشية.الزيتون يش���لك أكرث من %70 م���ن األجشار املمثرة بزرهون، إذ يعترب مومس قطفه مناسبة خاصة ينتعش فهيا سوق الشغل وتنشط التجارة مبختلف أنواعها، مكا يستطيع الشباب واألطفال اكتساب نقود خاصة هبم ينفقوهنا يف رشاء بعض ما يتطلعون إليه، باإلضافة إىل ذلك يعترب مومس الزيتون مومس التضامن والتآزر بامتياز بني خمتلف الطبقات االجمتاعية للس���اكنة، إذ يف هذا امل���ومس توزع الزاكة واهلداي���ا والصدقات، وي���زور املنطقة الكثري م���ن الوافدين لل���زتود بالزيت

والزيتون.إال أن���ه ورمغ اجل���ودة الطبيعية اهلائل���ة لزيتون هذه املنطقة وشس���اعة غاباته، ف���إن ضعف تأطري فاليح زرهون، وس���وء تنظميهم، وع���دم اهمتامهم حبقوهلم بطريقة مهنية ومنتمظة، وطغيان الريع اجلائر، وعدم اس���تغالل املوارد املائية احمللية يف الس���ي بطريقة ناجع���ة، باإلضاف���ة إىل كرثة الوس���طاء واس���تغالل املضارب���ني، جيعل زي���ت وزيتون املنطق���ة يف أغلب

أحوال���ه دون اجل���ودة املتوخاة، مكا جيع���ل مردود املنتوج بالنس���بة للفالح احمليل أق���ل من لكفته عىل

قلهتا. ولتنظ���مي القطاع واملس���امهة يف تمثني ه���ذا املنتوج الوطين املمزي عىل املس���توى احمليل فقد استطاعت مجعية زهور تأطري ح���وايل 128 فالحا، وتكوين 16 فالحا شابا، وغرس أكرث من 305 هكتارا من الزيتون،

وتكثيف ومعاجلة أكرث من 150 هكتارا حى اآلن. ونظ���را ألمهي���ة تمني���ة ودمع العامل الق���روي وتمثني منتجات���ه يف إطار برناجم املغ���رب األخرض، وكذلك من أجل تزنيل املخط���ط الفاليح اجلهوي واملرشوع املندجم للزيتون جبامعة سيدي عبد اهلل اخلياط، فقد مت عقد رشاكة بني املديرية اإلقلميية للفالحة مبكناس ومجعية زهور للعدالة االجمتاعية والتمنية املستدامة، متتد ألربع س���نوات؛ ما ب���ني 2011 و2014، من أجل

حتقيق األهداف التالية:- توس���يع مس���احة غابة الزيتون باملنطقة بغرس 40

هكتارا إضافية؛- تش���بيب وتقلمي األجشار املس���نة عىل مساحة 100

هكتارا؛- تكثيف إنتاج الزيتون عىل مساحة 350 هكتارا.

و ذلك حسب اجلدول لتايل:

جمعية زهور تساهم في تأطير فالحة

الزيتون بمنطقة زرهون

وتعقد شراكة مع المديرية

اإلقليمية للفالحة بمكناس

2011201220132014 السنة

---45غرس األجشار باهلكتار

30302020التقلمي والتشبيب باهلكتار

10010010050تكثيف اإلنتاج باهلكتار

ما تم انجازه خالل سنة 2011 - 2012

منجزات جمعية زهور للعدالة االجتماعية والتنمية المستدامة

زهور العدد الثاني - السنة األولى - ماي 2012 32

أما حق اهلل عىل عباده، أن يتقيه حق تقاته، تنفي���ذا لقول���ه لألولني واآلخري���ن من خلقه، »ولقد وصينا الذين أوت���وا الكتاب من قبلمك صدق اهلل العظمي. وإيامك أن اتق���وا اهلل«

)النساء آية 130(.ومع���ىن التقوى أن جيعل امل���رء بينه وبني ما خياف���ه وقاية. وتقوى العب���د لربه، أن جيعل بينه وبني غضبه وعقابه، وقاية تقيه ومحتيه، وذلمك بطاعت���ه واجتناب حمرماته. فاهلل عز عاله، يأمرنا بتقواه، لنفوز برضاه يوم ينظر املرء ما قدمت يداه، ويأمرنا باتقاء النار، وهو الرح���مي الغفار، مكا ج���اء يف الكتاب املبني »واتقوا النار اليت وقودها الناس واحلجارة،

أعدت للاكفرين« )البقرة آية 26(.ويأمرنا اهلل جل جالل���ه باتقاء يوم القيامة، مك���ا ج���اء يف اآلية البين���ة، »واتق���وا يوما ترجع���ون فيه إىل اهلل، مث توىف لك نفس ما

كسبت ومه ال يظملون« )البقرة آية 280(.وج���اء يف قول الرس���ول األعظم ىلص اهلل هيلع ملسو: »اتق اهلل حيمثا كنت« أي يف لك حال���ة حالة، يف الرس والعالنية، ألن من عم أن اهلل مطلع هيلع حيمثا اكن، يف لك زمان وماكن، واس���تغفر ذلك يف لك أوقاته، أوجب

له ذلك ترك املعايص يف رسه وجهره.فلنتق اهلل لكنا، يف لك أحوالنا وترصفاتنا،

لنف���وز برىض ربنا وخالقن���ا. اتق اهلل أهيا املسم واملسملة يف نفس���ك، ويف أهل بيتك وأوالدك، وات���ق اهلل يف عب���ادة ربك، فأدها مك���ا أوجهبا عليك، وات���ق اهلل يف معاملتك ومتج���رك، وات���ق اهلل يف وظيفتك ومهمتك،

فأد العمل مكا هو واجب عليك.هذا، ومل���ا اكن العبد حيصل منه تقصري يف حقوق التقوى، أمر الذي ال ينطق عن اهلوى، هيلع الصالة والس���الم من الق���وي األقوى، مب���ا يدفع ذلك وميحوه وهو أن يتبع املس���م الس���يئة احلس���نة، بناء عىل قول رب العزة »إن احلس���نات يذهنب الس���يائت، ذلك ذكرى

للذاكرين« )سورة هود آية 114(.واحلس���نة إمس جامع للك ما يقرب إىل رب الاكئنات، وأعظم احلسنات املاحية للسيائت التوبة النصوح واالس���تغفار واإلنابة إىل من

ال تدركه األبصار وهو يدرك األبصار.وقد وص���ف اهلل املؤمنني يف كتابه مبثل ما وصف به الرس���ول يف حديثه. هذا احلديث ال���ذي بدأنا املقال ب���ه، فقال من لك يشء به ومنه وإلي���ه، يف كتابه وتزنيل���ه »والذين إذا فعلوا فاحش���ة أو ظملوا أنفهسم ذكروا اهلل فاس���تغفروا لذنوهبم، وم���ن يغفر الذنوب إال اهلل ومل يرصوا عىل ما فعلوا ومه يعملون«

)سورة آل معران آية 135(.

ومع���ىن قوله ذك���روا اهلل، أي ذكروا عمظة اهلل وقوت���ه، وحماس���بته وعقاب���ه عىل لك معصية، فأوجب هلم ذلك الرجوع يف احلال، واالس���تغفار ل���دى اجلالل وامجل���ال وترك

املعايص ولك ذنب وخلل.ويف قول النيب املرسل »وأتبع السيئة احلسنة حمتها«. إشارة إىل طلب املبادرة بالتوبة، ألن قبول التوبة من رشوطها أن تكون قبل حلول االنتقال إىل الدار الدامئة، مصداقا لقول رب الع���زة »إمنا التوبة ع���ىل اهلل للذين يعملون الس���وء جبهالة مث يتوبون من قريب، فأولئك يتوب اهلل علهي���م، واكن اهلل علميا حكميا، وليس���ت التوبة للذين يعملون السيائت حى إذ حرض أحدمه املوت قال إين تبت اآلن وال الذين ميوتون ومه كفار« )س���ورة النساء آية

18-17( صدق اهلل العظمي.

إذ من املعلوم أن ال أحد يدري مى س���يحل أجله. بناء عىل قول من له األمر لكه »وماتدري نفس ماذا تكس���ب غدا، وما تدري نفس بأي )س���ورة أرض مت���وت، إن اهلل علمي خبري«

لقامن آية 33(، صدق اهلل العظمي.

يتبع بحول الله ومشيئته

وبعد..اتقوا اهلل... عباد اهلل

الصديق سعيد العلويخطيب امجلعة مبجسد

احلسن الثاين سال اجلديدة

بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على املصطفى الكرمي وآله وصحبه، أهل الفضل العميم.من املعلوم أن الله بعث رس���������������������وله سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم بالهداية والرشاد، والدعوة إلى الله جميع العباد فكان صلى الله عليه وس���������������������لم، يجمع احلكم والعلوم في كلمة أو ش���������������������طر كلمة، ومن ذل���������������������ك قوله في احلديث الذي رواه الترميذي، وقال حديث حس���������������������ن: »اتق الله حيثما كنت، وأتبع السيئة احلسنة متحها، وخالق الناس بخلق حسن« صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهذا حديث عظيم، من جوامع الكلم، جمع فيه الرسول الكرمي، عليه أفضل الصلوات وأزكى التسليم،

بن حق الله الفرد الصمد، الذي لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفؤا أحد، وبن حقوق العباد.