471
ﺟﺎﻣ ـ ﻌﺔ اﳉ ـ ﺰاﺋﺮ1 ﻛﻠﻴ ـ ﺔ اﳊﻘ ـ ﻮق ﺳﻌﻴﺪ ﲪﺪﻳﻦ اﻟﺘﻮﺟﮫ اﻟﻤﻮﺿﻮﻋﻲ ﻟﻠﻤﺴﺆوﻟﯿﺔ اﻟﻤﺪﻧﯿﺔ أﻃﺮوﺣﺔ ﻟﻨﻴﻞ درﺟﺔ دﻛﺘﻮراﻩ ﰲ اﻟﻘﺎﻧﻮن ﻓﺮع اﻟ ﻘﺎﻧﻮن اﳋﺎص ﻧﻮﻗﺸﺖ ,ﳉﺰاﺋﺮ ﺑﺘﺎرﻳﺦ اﻟﺜﺎﱐ ﻣﻦ ﺷﻬﺮ ﻳﻮﻟﻴﻮ2017 ﻣﻦ إﻋ ـ ﺪاد اﻟﻄ ـ ﺎﻟﺐ ﲢﺖ إﺷ ـ ﺮاف اﻷﺳﺘ ـﺎ ذة اﻟﺪﻛﺘﻮرة ﻋﻤﺮ ﺑﻦ اﻟﺰ و ﺑﻴ ـ ﺣﻨﻴـﻔﺔ ﺑﻦ ﺷﻌﺒ ـ ﺎن أﻋﻀﺎء ﳉﻨﺔ اﳌﻨﺎﻗﺸﺔ اﻷﺳﺘﺎذ اﻟﺪﻛﺘﻮر..................... ﺟﺪﻳﺪي ﻣﻌﺮاج......... .......... ............ رﺋﻴﺴﺎ اﻷﺳﺘﺎذة اﻟﺪﻛﺘﻮرة.... .......... ... ﺑﻦ ﺷﻌﺒﺎن ﺣﻨﻴﻔﺔ........ ........ ... ... .......... ﻣﻘﺮرا اﻷﺳﺘﺎذة اﻟﺪﻛﺘﻮرة..... ........ ...... ﻳـﻮﺳﻒ ﻓﺘﻴﺤﺔ... ........ .................. ﻋﻀﻮا اﻟﺪﻛﺘﻮرة..... ............................ .... آﻣﺰور ﻟﻄﻴﻔﺔ..... .................. .... ﻋﻀﻮا اﻟﺪﻛﺘﻮر.. ......................... ............. ﺑﻌﺠﻲ ﳏﻤﺪ...... ............ ............... ﻋﻀﻮا اﻟﺪﻛﺘﻮرة....... . . .. ...... ......... ..... وﻋﺮاب ﺳﻠﻴﻤﺔ......... .......... .......... ﻋﻀﻮا اﻟﺴﻨﺔ اﳉﺎﻣﻌﻴﺔ2016 / 2017

ﺔﯿﻧﺪﻤﻟا ﺔﯿﻟوﺆﺴﻤﻠﻟ ﻲﻋﻮﺿﻮﻤﻟا ﮫﺟﻮﺘﻟا …biblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14470/1/BEN ZOUBIR_OMAR.pdf · ﺔـ ﻣﺪﻘﳌا

  • Upload
    others

  • View
    2

  • Download
    0

Embed Size (px)

Citation preview

  • 1زائر ـعة اجلـجام

    وقـة احلقـكلي

    سعيد محدين

    التوجھ الموضوعي للمسؤولیة المدنیة

    يف القانوندكتوراه لنيل درجة أطروحة

    قانون اخلاصفرع ال

    2017من شهر يوليو الثايننوقشت ,جلزائر بتاريخ

    الدكتورة ذةـاراف األستـحتت إش البـداد الطـمن إع

    ان ـبن شعب حنيـفة رـبيو عمر بن الز

    أعضاء جلنة املناقشة

    رئيسا............ ................... جديدي معراج..................... األستاذ الدكتور

    مقررا ................................ بن شعبان حنيفة... .............. األستاذة الدكتورة

    عضوا .............................يـوسف فتيحة ................... األستاذة الدكتورة

    عضوا .... ....................... لطيفة آمزور.... ................................. الدكتورة

    عضوا.................................بعجي حممد ........................................ الدكتور

    عضوا .......... ...................وعراب سليمة ...............................الدكتورة

    2017 / 2016السنة اجلامعية

  • بسم هللا الرمحن الرحيم " فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث يف األرض"

    صدق هللا العظيم سورة الرعد 17اآلية

    اإلهــــداء

    ." و Gلوالدين إحساD"إىل اللذين قال فيهما هللا سبحانه وتعاىل

    ما يف هذا الوجود، إىل أول من نطق Sا إىل اليت محلتين جنينا و حضنتين وليدا، إىل أغلى

    اللسان إىل نبع احلب و احلنان إىل اليت دعت يل طول هاته السنني.

    أمـي احلـبـيـبـة.

    إىل الذي كان قدويت، إىل الذي جند حياته لرتبييت وصنع إراديت و منحىن الثقة يف ذايت،

    منري دريب و رمز افتخاري.

    وجعل مثواه اجلنة. برمحتههللا تغمده والـدي الكـريـم

    ومجيع أفراد عائليت وأبنائي األعزاء رامي دارين ونور الديناىل زوجيت العزيزة

    رـبيو بن الز عمر

  • شكر وعرفان

    اتقدم بوافر الشكر واالمتنان إىل األستاذة الدكتورة املشرفة حنيفة بن شعبان على قبوهلا

    اجناز اإلشراف على هذه الرسالة رغم أعباءها الكثرية، وعلى توجيهاNا وصربها طيلة مدة

    هذا البحث

    السادة أعضاء جلنة املناقشة األفاضل لقبول ترشيحهم سيدات و لاكما أتقدم `لشكر إىل

    لقراءة ومناقشة حمتوjت هذه الرسالة

    اجناز هذا العمل `لنصح والتوجيه . علىساعدين منويف األخري كل االمتنان لكل

  • قائمة .هم خمتـصرات البحث

    ر: جریدة رسمیة. ج.

    ج: الجزء

    ص : الصفحة.

    ص.ص : الصفحة و الصفحة.

    ط: الطبعة

    Principales Abriviations

    Art : Article.

    Bull. Civ : Bulletin Civil de la Cour

    Cassation.

    Bull. Crim : Bulletin Criminel de la

    Cour Cassation.

    C.A : Cour d’appel.

    Cass . civ : Cassation Civil.

    Ch. Civ : Chambre Civil.

    Ch. Crim : Chambre Criminel.

    Chron : Chronique.

    Coll : Collection.

    D : Dalloz.

    Doct : Doctrine.

    Ed : Edition.

    Gaz. Pal : Gazette du Palais.

    Trib : Tribunal.

    L.G.D.J : Librairie Général de Droit

    et Jurisprudence.

    n° : Numéro.

    Obs : Observation.

    Op-cit : Ouvrage précité.

    OPU : Office de Publication

    Universitaire.

    P U F : Presse Universitaire de

    France.

    P. Page.

    RTD.civ : Revue Trimestriel de Droit

    Civil.

    S : Suivant.

    TGI : Tribunal de Grande Instance.

    Vol : Volume.

  • املقــدمة

  • ةـاملقدم

    2

    مقدمــة

    كانت املسؤولية املدنية وال تزال من أهم نظم القانون املدين وأكثرها حيوية وإ'رة للجدل، ولعل األضرار، فهذه أمهية املسؤولية املدنية ترجع التصاهلا مبسألة غاية يف احلساسية هي مسألة التعويض عن

    األخرية تعّد حبق عّلة كل تطور طرأ على نظام املسؤولية املدنية منذ العصور الغابرة إىل يومنا هذا، فالضرر مبا ميثله من اعتداء على القيمة اإلنسانية واالجتماعية واالقتصادية، ظاهرة من الظواهر االجتماعية السلبية اليت

    رجة تبصره يف القضاء عليها، أو حىت توقيها إال يف حدود ضيقة.مل يفلح أي جهد إنساين مهما بلغت د

    إن التطور الذي شهدته املسؤولية املدنية، كان بسبب حماوالnا مواكبة التطور الذي عرفته احلضارة البشرية خاصة منذ wاية القرن التاسع عشر، فإذا كانت فكرة اخلطأ األخالقية، كفيلة بتعويض املضرور، يف

    عات زراعية ريفية، أو حىت جمتمعات حضرية متمدنة لكنها تعتمد وسائل عيش بسيطة، عرzت ظل جمتمجترها أحصنة للتنقل، أو بعض املعدات املهنية البسيطة، فكل هذه األشياء أضرارها تبقى حمدودة وإثبات

    مل يفلح هذا خطأ املتسبب فيها يبقى بسيطا ويف إمكان املضرور القيام به يف أغلب احلاالت، وحىت لواألخري يف دعواه وحتمل هو الضرر، فإن ذلك مل يكن يشكل ظلما اجتماعيا، أو هكذا كان االنطباع آنذاك. غري أن األمور مل تبقى كذلك، فبفعل التطور الذي عرفته البشرية منذ أواخر القرن التاسع عشر

    إىل اقرتاwا zلتعقيد والغموض تزايدت األضرار بشكل رهيب، وأصبحت أكثر جسامة وفداحة، zإلضافة الذي أصبح يالزم ويلف سلوك املتسبب فيه، كما مل تعد فقط تلك األضرار الفردية، بل اتسع نطاقها بفعل حركة التصنيع وانتشار اآللة وتدخلها يف كل نواحي احلياة البشريّة تقريبا، فأصبحت تصيب جمموعات من

    وفرت لإلنسان من وسائل الراحة والرفاهية، بقدر ما جلبت معها األفراد بكاملها، فهذه اآلالت بقدر ما قيد اآللة ذاnا اليت تسببت فيها.من مآسي وأضرار جسيمة ومعقدة تع

    وسائل النقل يف مئات تتسببيت تصيب العمال يف املصانع، كما قد كانت البداية من األضرار الو ل سنة، كما تسببت املنتجات الصناعية احلديثة يف اآلالف من القتلى واجلرحى واملشوهني عرب العامل ك

    أضرار zلغة اخلطورة لشرائح واسعة من املستهلكني يف أبداwم وأمواهلم، وقد بلغت التقنيات احلديثة درجة عالية من التطور، فلم يعد مبقدور املستهلك العادي تبني تعيب تلك املنتجات، وال التعرف على شخص

    رة املتدخلني يف العملية اإلنتاجية.املتسبب فيها بسبب كث

    ومن حية أخرى عرفت املسؤولية املدنية يف اآلونة األخرية تطبيقا جديدا مل تتصدى له يف السابق، وهي األعمال اإلرهابية اليت يرتكبها أشخاص جمهولني يتعمدون من خالهلا إيقاع أكرب قدر ممكن من الضرر

  • ةـاملقدم

    3

    ممتلكاnم، وهي أعمال تتسبب كل سنة يف العديد من دول العامل ومن كثر عدد ممكن من أفراد اتمع و بينها اجلزائر يف مئات القتلى واملصابني إصاzت جسدية ونفسية zلغة اخلطورة. وكان من شأن كثرة احلوادث ودعاوى املسؤولية أن أثرت على عقلية املضرورين، فلم يعودوا يبحثون عن املسؤول بل جيتهدون

    ى التعويض عن األضرار إىل تلحق م.للحصول عل

    وقد اقرتن االزدهار االقتصادي zزدهار على املستوى الفكر اإلنساين، من ظهور قيم حديثة تعلي من شأن اإلنسان، ومن شأن سالمته اجلسدية، نتيجة تراكم العديد من العوامل، الثورة الفرنسية، وما جلبته

    االشرتاكية وما جلبته من أفكار حول املساواة واملطالبة حبقوق من أفكار حول حقوق اإلنسان، الثورات الفئات املستضعفة خاصة العمال، وكذا مهامجتها ومناهضتها لألفكار البورجوازية والطبقية وأصحاب رؤوس

    اللذان األموال، فهذه الثورة األخالقية كان هلا أثرها البالغ يف املفاهيم القانونية لدى الفقه القانوين والقضائي أصبحا يسرتشدان من خالل أفكارهم وأحكامهم إعالء شأن اإلنسان وسالمته اجلسدية.

    وقد كان نتاج تلك األسباب جمتمعة أن ظهرت يف الفقه القانوين أفكار وآراء احنازت إىل املضرور ، دعوا إىل وأخذت على عاتقها قضيته، فدعا هذا الفقه مدعوما جبانب وإن قليل من القضاء يف بداية األمر

    إنصاف املضرورين يف احلوادث املختلفة وضرورة التكفل حبصوهلم على تعويض عادل يسر السبل القانونية، فكانت بداية تلك املعركة القانونية zلنسبة هلم من العّلة اليت رأوا فيها سبب بؤس املضرور وحجر العثرة يف

    جرها وختليص املسؤولية منها، وطرحوا عوضا عنها سبيل حصوله على التعويض، وهي فكرة اخلطأ، فنادوا البدائل، من حتمل التبعة والضمان والتضامن االجتماعي، ومل يتوقف هذا الفقه عن املطالبة zستبعاد اخلطأ من نطاق املسؤولية املدنية فحسب، بل ذهب أبعد من ذلك، حني دعا إىل إقرار املسؤولية اجلماعية إىل

    فردية أو إحالهلا حملها، حني قّدر أن املسؤولية الفردية مل تعد توفر الضمان واألمان جانب املسؤولية الالكافيان للمضرور خاصة zلنسبة لألضرار اجلسدية، اجلسيمة أو اجلماعية، فنادوا بضرورة فرض التأمني من

    الدولة يف سياسية املسؤولية، بل وجعله إلزاميا، واعتماد سياسة صناديق التعويض اخلاصة، وبضرورة تدخلالتعويض كمدينة عليا به، كل ذلك يف سبيل محاية املضرور من خطر إعسار املتسبب يف الضرر أو بقائه

    جمهوال.

    لقد شكلت هذه األفكار القانونية الداعية إىل املسؤولية املوضوعية واالجتماعية نقطة حتول كربى لعصور طويلة إىل درجة ساد معها مر بقاعدة اخلطأ الذهبيةيف فقه املسؤولية املدنية كله، فبعد أن استقر األ

    االعتقاد، أwا zتت إحدى املسلمات القانونية اليت ال يرقى إليها الشك وال جيوز مناقشتها وال اجلدل

  • ةـاملقدم

    4

    بشأwا، أصبحت هذه الفكرة حمورا ألشد أنواع النقاش واجلدل القانوين يف كتاzت الفقهاء، بل ويف أحكام يف إشارة إىل إفالسها كأساس عام للمسؤولية املدنية، أو على األقّل عدم كفايتها كأساس وحيد القضاء،

    للمسؤولية املدنية يف العصر احلديث.

    ولقد كان للقضاء يف بعض النظم القانونية، وخنص zلذكر القضاء الفرنسي دور خالق يف جّل صيلها، من خالل حماوالته املستميتة يف تطويع التحوالت اليت مّست نظام املسؤولية املدنية يف كل تفا

    وترويض نصوص القانون املدين الفرنسي، حيث zلفعل استطاع هذا القضاء وبداع متناهي بث الروح يف فقام بتفسري تلك النصوص واستنبط منها أحكام ومبادئ مل تكن 1384بعض النصوص خاصة نص املادة

    ضعها، وقد ساعدته يف ذلك الصياغة املرنة لتلك النصوص.ختطر يف خلد واضعي تلك النصوص حني و

    ومن جهته مل يتخلف الفقه عن ركب القضاء فكان مواكبا له يسانده أحيا ويعارضه أحيا أخرى من خالل التنظري والنقد، وأما املشرع الفرنسي فقد كان متتبعا لتلك اهودات يف الفقه والقضاء الفرنسيني

    ديثة يف قراءة وتفسري نصوصه، كما كان مواكبا للتطورات االقتصادية واالجتماعية خاصة، يف توجهاnما احلفركب بدوره تلك املوجة، فعّدل النصوص اخلاصة zملسؤولية املدنية يف أكثر من مرة يف حماولة منه ملواكبة

    اليت قّدر أن من تطّور القضاء، خاصة اجتهادات حمكمة النقض الفرنسية، كما أصدر حزمة من القوانني شأwا ضمان تعويض املضرورين، من فرض التأمني من املسؤولية املدنية وجعله مينا إلزاميا إىل القوانني

    املتعلقة zلتعويض عن األضرار املختلفة.

    ومن جهته كان اإلنسان اجلزائري يف خضم هذه الثورة التكنولوجية والصناعية والثقافية اإلنسانية غيبا متاما بفعل االستعمار الفرنسي، فلم يواكب هذا التطور وإن أصاب منه النذر القليل من والقانونية م

    خالل ما طُبق عليه من أحكام القانون ( املدين) والقضاء الفرنسي يف اجلزائر إzّن فرتة االستعمار. وبعد ستقالل بديال من متديد العمل االستقالل ويف ّظل غياب النظم واملؤسسات مل جتد الدولة اجلزائرية حديثة اال

    zلقوانني الفرنسية، فكان النظام القانوين يف اجلزائر على األقّل zلنسبة للمنظومة املدنية مواكبا للتقدم والتطور احلاصل يف القانون الفرنسي سواء zلنسبة للنصوص أو األحكام القضائية.

    ، والذي استمد واضعوه 75/58ب األمر وبصدور أول قانون مدين للدولة اجلزائرية احلديثة مبوجأحكامه من القانون املدين الفرنسي مباشرة أو بطريق غري مباشر zلنسبة للنصوص اليت مت اقتباسها عن القانون املدين املصري، وقد جعل واضعو القانون املدين اجلزائري املسؤولية التقصريية عن العمل الشخصي

    مسؤولية، وجعلوها تقوم على القاعدة العامة اليت أخذ ا القانون الفرنسي هي القاعدة أو الشريعة العامة لل

  • ةـاملقدم

    5

    وهي اخلطأ الواجب اإلثبات، كما نظم إىل جانبها مسؤوليات أخرى مفرتضة، هي 1382/1383يف املواد املسؤولية عن فعل الغري، واملسؤولية عن األشياء.

    خاصة مع 1975ة يف القانون املدين لسنة ورغم االختالفات الفقهية حول أساس املسؤولية املدنيبعض التطبيقات القضائية اليت كانت تدفع إىل التساؤل حول األساس املتبىن للمسؤولية املدنية، إال أن األمر مل يكن يثري جدال كبريا، غري أنه بعد التعديالت اليت ّمت إدخاهلا على منظومة النصوص القانونية اخلاصة

    ، من خالل إلغاء تطبيقات كانت قائمة مثل 2005لسنة 10 -05مبوجب القانون رقم zملسؤولية املدنية مسؤولية عدمي التمييز، وبتعديل صياغات بعض النصوص، أو zستحداث تطبيقات جديدة للمسؤولية مل تكن موجودة من قبل، مثل مسؤولية املنتج ومسؤولية الدولة عن تعويض الضرر اجلسماين يف حال بقاء

    بب فيها جمهوال. فهذه التعديالت اليت ّمت اعتمادها يف نظام املسؤولية املدنية اجلزائري، هي تعديالت املتسجوهرية، متّس بشكل مباشر األساس الذي تقوم عليه املسؤولية املدنية يف القانون املدين اجلزائري، ومن هنا

    تركيزه على أساس املسؤولية املدنية يف ضوء تبدوا يف اعتقادي األمهية القصوى هلذا املوضوع، واليت تكمن يف نصوص القانون املدين اجلزائري، فهذه اجلزئية على درجة من األمهية، حبيث أنه ال ميكن تقرير أي مسؤولية دون حتديد أساس قانوين تبىن عليه، خاصة يف ّظل االختالفات الفقهية والقضائية احلاّدة حول األساس

    املسؤولية.الذي ينبغي أن تبىن عليه

    واحلقيقة أن هذا املوضوع مل يكن يبدوا ذو أمهية أو أولوية قصوى يف القانون املدين اجلزائري قبل هذا التعديل، وذلك رغم ندرة إن مل نقل انعدام دراسات متخصصة حول املوضوع سواء قبل أو بعد

    ضوع حبثنا، أصبح موضوعا هاما التعديل، على أن موضوع أساس املسؤولية املدنية خاصة التقصريية منها مو بل أولوية خاصة بفعل تلك التعديالت واليت جتعل من يتأىن يف متحيصها وفهمها يقف حائرا ومرتددا حول املوضوع، ويزيد من تلك احلرية والرتدد غياب موقف صريح وواضح للقضاء اجلزائري من مساءلة أساس

    املسؤولية عن فعل الغري أو األشياء، بل قد ال نكون املسؤولية سواء املسؤولية عن الفعل الشخصي، أو مبالغني، إذا ما قلنا أن قضاء مل يكن جادا أومل يكن يدور يف خلده تلك اهلواجس اليت كانت موجودة ولسنوات لدى نظريه الفرنسي أو على األقل املصري واللذان يبدو أwما قد بذال مع مراعاة الفارق جهودا

    ف جريئة وصلت لدى القضاء الفرنسي خاصة إىل حد القفز على النصوص ومعانيها جبارة واختذا مواق دف ضمان محاية املضرور، وأحيا املسؤول يف إطار املسؤولية املدنية.

  • ةـاملقدم

    6

    هذا اهلاجس فيما بدا لنا من خالل أحكام القضاء اجلزائري على قّلتها تبدو غري واضحة، بل ورمبا موضوع آخر أال وهو الصعوzت اليت اعرتضت البحث واليت جنعل على غري موجودة، وذلك يصرفنا إىل

    رأسها ما يعرتض كل zحث يف القانون اجلزائري وهي مسألة قّلة إن مل نقل انعدام األحكام واالجتهادات القضائية اليت ميكن من خالهلا استخالص موقف القضاء من املواضيع القانونية املختلفة عموما، وzلنسبة

    ع حبثنا من خمتلف املسائل القانونية املتعلقة zملسؤولية املدنية عموما وأساسها على وجه اخلصوص. ملوضو

    يضاف إىل قّلة االجتهادات واألحكام القضائية فضال عن صعوبة احلصول عليها، صعوبة أخرى ال عادية من كتب أو تقل أمهية وهي قلة الكتاzت حول املوضوع سواء البحوث العلمية أو حىت الكتاzت ال

    وzستثناء بعض -مقاالت، واملالحظ أنه حىت تلك الكتاzت القليلة حول موضوع أساس املسؤولية املدنية ال تتعرض هلذا املوضوع إال بشكل سطحي دون تعمق، بل ودون تربير القول ذا األساس أو -املؤلفات

    ذاك.

    التنويه إليها هو اتساع وتشعبه لتعلقه ومن الصعوzت اليت اعرتضت هذا البحث أيضا واليت جيب مبواضيع قانونية كثرية، وهو ما يربر رمبا أننا كنا انتقائيني يف تفصيل املواضيع املختلفة اليت مت التطرق إليها يف هذا البحث، حبيث فصلنا ودققنا كثريا يف بعض املواضيع بغرض االستخالص منها ما يفيد البحث، يف

    من التفصيل ملواضيع أخرى على عالقة zلبحث لكنها يف تقدير، ليس هلا ذلك حني تطرقنا دون الكثري االثر البالغ zلنسبة ملوضوعنا.

    قد شّد انتباهي موضوع التوجه املوضوعي للمسؤولية املدنية، حني كنت يف صدد إعداد رسالة ولدم حتت إشراف األستاذة الفاضلة التخرج لنيل شهادة املاجستري، عن موضوع املسؤولية املدنية ملراكز نقل ا

    بن شعبان حنيفة، وقّررت حينها أن يكون هذا املوضوع هو االختيار يف إعداد رسالة الدكتوراه، وعندما طرحت املوضوع على األستاذة الفاضلة مل ترتدد يف قبوله، بل وبدا يل من ردة فعلها استحساwا واهتمامها

    ه، وقد صادف أن كان مشروع تعديل القانون املدين جاهزا zملوضوع وهو ما شجعين على اخلوض فيوعند 2005يونيو 20للمصادقة عليه حتت قّبة الربملان، وzلفعل ويف نفس السنة صدر التعديل بتاريخ

    اطالعي عليه زادت قناعيت جبدية املوضوع وأمهيته، وأذكر أول انطباع حدث معي عندما اطلعت على التعديل، حيث بدا يل املشرع كالبّناء الذي يبين بيمينه ويهدم ما بناه بشماله، فقد بدت اإلرادة التشريعية

    اضحة zلنسبة ملوضوع املسؤولية من خالل هذا التعديل متناقضة وال متتلك سياسة أو حكمة تشريعية و

  • ةـاملقدم

    7

    املدنية على األقّل، ويظهر ذلك يف ما صاغته من أحكام جديدة أو يف ما ألغته من أحكام أخرى كانت قائمة zلفعل.

    ولقد ارينا حصر الدراسة يف نطاق املسؤولية املدنية التقصريية، لسببني، فأما السبب األول، هو و اال جلّل التطورات اليت مّست نظام املسؤولية املدنية، فاملسؤولية العقدية أن هذه األخرية كانت املسرح أ

    بقت بعيدة عن تلك التجاذzت الفقهية حول أساس املسؤولية، وإن هلا شيء من التطور وبشكل عرضي الت اليت نتيجة ثري من التطور احلاصل يف جمال املسؤولية التقصريية، وأما السبب الثاين، هو كون التعدي استحدثها املشرع اجلزائري يف جمال املسؤولية املدنية مّست فقط املسؤولية التقصريية دون العقدية.

    إىل أي حد ميكن القول بكفاية اخلطأ وقد ارينا دراسة هذا املوضوع يف إطار إشكالية عامة هي: ار التعديالت اليت أدخلت على كأساس للمسؤولية املدنية يف القانون املدين اجلزائري، وهل ميكن اعتب

    ؟.نظام املسؤولية املدنية مبثابة بداية حتول عن املسؤولية اخلطئية حنو املسؤولية املوضوعية

    وتتطلب اإلجابة على إشكالية البحث الرئيسية البحث يف جمموعة من اإلشكاالت الفرعية واليت ميكن حصرها يف اآليت:

    ملسؤولية حتقق احلماية املطلوبة للمضرورين ؟.هل اخلطأ كفكرة فردية تؤسس عليها ا -

    ما مدى sثر املسؤولية املدنية التقصريية يف القانون املدين اجلزائري oلنظرmت املادية أو املوضوعية -

    يف املسؤولية ؟.

    إىل أي حد ميكن للقانون املدين اجلزائري بنصوصه احلالية تبين واستيعاب املسؤولية املوضوعية ؟. -

    حّد أثرت التعديالت املستحدثة يف األساس الذي تقوم عليه املسؤولية املدنية ؟.إىل أي -ويف حماولتنا اإلجابة على هذه اإلشكالية، اتبعنا املنهج التحليلي كونه أكثر مناهج البحث مالئمة

    ن لطبيعة هذا املوضوع، zإلضافة إىل املنهج الوصفي خاصة يف بيان حقيقة موقف املشرع اجلزائري ماملوضوع من خالل النصوص املنّظمة للمسؤولية املدنية ضمن القانون املدين، وأيضا النصوص اجلزائرية املتعلقة zملسؤولية املدنية خارج القانون املدين، فضال عن املنهجني املقارن، ألمهية املنهج األول عند مقارنة

    لبحث مبوقف النظم القانونية األقرب إليه موقف املشرع اجلزائري من خمتلف املسائل القانونية موضوع اخاصة التشريعني الفرنسي واملصري، ويف بعض األحيان الشريعة اإلسالمية zعتبارها أحد أهم مصادر

    القانون اجلزائري.

  • ةـاملقدم

    8

    ولإلجابة على اإلشكالية املقرتحة ارينا اعتماد نفس اخلطة اليت اعتمدها املشرع اجلزائري يف املدنية التقصريية، فقّسمنا اخلطة إىل zبني، خصصنا الباب األول لدراسة مظاهر التوجه تقسيمه للمسؤولية

    املوضوعي للمسؤولية املدنية يف إطار املسؤولية عن الفعل الشخصي، ذلك أن هذه األخرية هي الشريعة لمشرع يف تنظيم العامة للمسؤولية املدنية يف أي نظام قانوين، فهي اليت ترسم وحتدد االجتاهات العامة ل

    املسؤولية املدنية، وقد قسمنا هذا الباب إىل فصلني:

    تناولنا يف الفصل األول: التأصيل الفقهي للمسؤولية املوضوعية وموقف املشرع اجلزائري منها، وقد تناولنا كما من خالل هذا الفصل سرد أهم النظر³ت الداعية إلقامة املسؤولية املدنية على الضرر بدال عن اخلطأ،

    درسنا موقف املشرع اجلزائري من تلك النظر³ت، وكذا العوامل اليت تباعد واليت تساعد على األخذ zملسؤولية املوضوعية يف القانون املدين اجلزائري.

    ويف فصل 'ن، تطرقنا ملظاهر التوجه املوضوعي للمسؤولية املدنية ضمن املسؤولية عن الفعل الشخصي، عاد املوضوعية يف حتديد فكرة اخلطأ ذاnا، مث تطرقنا إىل بعض التطبيقات املوضوعية درسنا من خالله األب

    املسؤولية عن الفعل الشخصي واليت تقوم بعيدا عن فكرة اخلطأ.

    أما الباب الثاين من هذه الرسالة فقد خصصناه لدراسة مظاهر التوجه املوضوعي يف املسؤولية املدنية عن فعل الغري واألشياء.

    سمنا هذا الباب أيضا إىل فصلني: تناولنا يف الفصل األول مظاهر التوجه املوضوعي يف املسؤولية املدنية وقعن فعل الغري، درسنا من خالله مظاهر املسؤولية املوضوعية ضمن مسؤولية متويل الرقابة يف مبحث أول،

    ويف إطار مسؤولية املتبوع عن فعل µبعه يف مبحث 'ن.

    فصل الثاين: مظاهر التوجه املوضوعي يف املسؤولية املدنية عن فعل األشياء، درسنا من خالله وتناولنا يف المظاهر املسؤولية املوضوعية ضمن مسؤولية عن فعل الشيء غري احلي يف مبحث أول، وخصصنا املبحث

    الثاين لدراسة التطبيقات اخلاصة للمسؤولية عن فعل األشياء.

    18/06/2015البحث بتاريخ عن توقفالمت

    02/07/2017متت املناقشة بتاريخ

    حث.يرجى من املطالع هلذا البحث تدارك أي تطور تشريعي، قضائي أو فقهي بعد ريخ توقف الب

  • الباب األول

    التوجه املوضوعي يف إطار املسؤولية

    عن الفعل الشخصي

  • ل الشخصييف إطار املسؤولية عن الفعالتوجه املوضوعي الباب األول:

    10

    :وتقسيم تقدمي

    تقلص إىل عشر، التاسع القرن أواخر منذ املدنية املسؤولية يف حدثت اليت اهلامة التطورات أدت

    املسؤولية إىل احلية، غري األشياء عن املسؤولية من بداية تقريبا، املدنية املسؤولية تطبيقات كل يف اخلطأ، دور

    اخلطأ نظرية بني الصراع شهدت اليت امليادين أوىل هي تلك فتارخييا املتبوع، مسؤولية خاصة الغري عمل عن

    تلك يف املخاطر نظرية خاصة املوضوعية النظرoت حققته الذي النجاح أن على املوضوعية، والنظرoت

    الصراع نقل إىل هؤالء ليسعى يتوسع أصحاtا طموح من جعل املسؤولية، تطبيقات من اخلاصة التطبيقات

    أن الواضح من yت فقد وyلفعل، الشخصي، العمل عن املسؤولية وهو اخلطئية، املسؤولية حصون أهم إىل

    اخلطئية املسؤولية تطبيقات أهم إىل امتد وإمنا فقط، التطبيقات تلك على يقتصر يعد مل اخلطأ، دور احنصار

    .املدنية للمسؤولية قانوين نظام كل يف العامة الشريعة yعتبارها الشخصي، العمل عن املسؤولية وهي

    إىل املوضوعية املسؤولية فقه مناداة كانت هنا ومن املسؤولية، معارك كل تبدأ كانت هنا فمن

    بفكرة البعض يربرها وحده، الضرر على قائمة خطئية غري مسؤولية حملها لتحل العتيقة، اخلطأ فكرة هجر

    االجتماعي التضامن بفكرة لث رأي يربرها حني يف الضمان، بفكرة اآلخر البعض ويربرها املخاطر، حتمل

    ).األول الفصل(

    حملها وإحالل األخالقية، املسؤولية مبدأ على التخلي يرفضون اخلطأ فكرة أنصار أن وحيث

    فكرة على اهلجوم شراسة الفقه هذا الحظ وحيث األخالقية، قيمتها عن yملسؤولية، تبتعد مادية نظرoت

    الفقه، هذا من كان ما التعويض، على احلصول يف املضرورين تعيق yتت واليت بعيوtا تسليمهم مع اخلطأ،

    األخالقي املفهوم عن االبتعاد خالل من تلك حماوالم فكانت العيوب، تلك تاليف على يعمل أن إال

    انتهت وقد بل جمردا، تقدير تقديره أو للخطأ موضوعي مفهوم تبين خالل من سواء اخلطأ، لفكرة البحت

    عن التنازل خالل من األخالقي اخلطأ عن بديال املوضوعي اخلطأ فكرة إحالل إىل الفقه ذلك حماوالت

    املسؤولية فخ يف بذلك ليقعوا خطأ، دون املسؤولية بقيام خاصة ظروف يف yلقول أو أحيا، التمييز اشرتاط

    ).الثاين الفصل. (البدايــة يف رفضوه قد كانوا الذي املوضوعية

  • الفصل األول

    التأصيل الفقهي للمسؤولية املوضوعية

    وموقف املشرع اجلزائري منها

  • ل الشخصييف إطار املسؤولية عن الفعالتوجه املوضوعي الباب األول:

    12

    الفصل األول

    وموقف املشرع اجلزائري منهاالتأصيل الفقهي للمسؤولية املوضوعية

    لعب الفقه دورا حمورI وهاما يف التطور الذي عرفته املسؤولية املدنية، فينتقد احللول املوجودة أحيا;

    اليت تتكيف والضرورات االجتماعية أو حياول أن يلعب دورا يف تطوير التشريع واالجتهاد حماوال ويضع احللول

    إجياد تفسريات أساسية يف أحيان أخرى، ويف هذا السياق، كان للتطور االقتصادي الصناعي والتكنولوجي

    أثره البالغ على آراء بعض الذي شهدته أوروa خاصة يف _اية القرن الثامن عشر وبداية القرن التاسع عشر،

    الشراح، والذين اقتنعوا oن nسيس املسؤولية املدنية على فكرة اخلطأ، مل يعد يتفق مع األوضاع املستحدثة، وأن

    اخلطأ مل يعد يكفي إلحقاق العدالة، وضمان التعويض للمضرورين من احلوادث املختلفة.

    ، la théorie objective وضوعية يف املسؤوليةوجبهود من هؤالء الفقهاء تبلورت النظرية امل وهكذا

    واليت تؤسس la théorie subjectiveواليت تؤسس املسؤولية على فكرة الضرر مقابل النظرية الشخصية

    ).املبحث األولاملسؤولية على فكرة اخلطأ (

    يكن قانون املسؤولية املدنية يف التشريع اجلزائري بعيدا عن أفكار تلك النظرIت، خاصة وأن قانو; ولم

    مستمد بشكل مباشر أو غري مباشر من القانون املدين الفرنسي، فكان أن ;له من 1975املدين لسنة

    ).املبحث الثاينnثري تلك النظرIت ما ;ل قانون املسؤولية املدنية الفرنسي (

  • الفعل الشخصيالتوجه املوضوعي يف إطار املسؤولية عن الباب األول:

    13

    املبحث األول

    النظر1ت املوضوعية يف املسؤولية املدنية

    لقد كان الفقه الفرنسي خاصة أكثر طموحا ومسايرة للتقدم الصناعي الذي شهدته البشرية أواخر كان مبثابة السند والدعامة للقضاء، السيما يف جمال حبث القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين، فقد

    األساس القانوين للمسؤولية املدنية، املوضوع دائم اجلدل بني الفقهاء.

    وإذا كان القضاء الفرنسي وقف حائرا وعاجزا أمام النصوص اليت مل تعد تتماشى مع العصر، فإن الفقه ظّل أحكام الفردية، واكب التطور، حىت وصل به األمر رغم متسك القضاء dألساس التقليدي للمسؤولية يف

    la théorieإىل القول dملسؤولية اليت ال تستند للخطأ، وهي النظرية اليت عرفت فيما بعد dلنظرية املوضوعية objective.

    ومع توافق فقه املسؤولية املوضوعية على حقيقة عجز وعدم كفاية اخلطأ كأساس للمسؤولية املدنية، ري أuم انقسموا بعد ذلك يف مسألتني أساسيتني تتعلق األوىل dألساس البديل للخطأ، حيث ذهبوا يف هذا غ

    األمر مذاهب خمتلفة، وأما املساءلة الثانية فهي تتعلق مبا إذا كان ميكن اإلبقاء على فكرة اخلطأ مع حتديد جمال ضيق هلا.

    وعية بني اجتاهني رئيسيني، االجتاه األول هو ذلك ومن هنا ميكن التمييز داخل فقه املسؤولية املوضاملطلب الذي ينادي dستبعاد فكرة اخلطأ كليا من نطاق املسؤولية املدنية، وإحالل فكرة املخاطر حملها (

    )، أما االجتاه الثاين، فيمثله من يطرح فكرة الضمان والتضامن االجتماعي، كأساس رئيسي للمسؤولية األولقاء ولو شكليا على البعد األخالقي للمسؤولية من خالل حتديد جماالت حمددة للمسؤولية املدنية مع اإلب

    ).املطلب الثايناخلطئية كأساس نوي (

    وال نزعم من خالل هذا التقسيم أن هذه هي النظرت الوحيدة اليت اقرتحت بديال للنظرية الشخصية، قه والقضاء والتشريع، لذلك رأينا اقتصار الدراسة هنا على لكنها دون شّك أشهرها وأكثرها ثريا يف أوساط الف

    هذه النظرت دون غريها.

  • الفعل الشخصيالتوجه املوضوعي يف إطار املسؤولية عن الباب األول:

    14

    املطلب األول

    نظرية حتمل التبعة

    إذا مل يكن من املتصور قيام املسؤولية املدنية دون ضرر أو عالقة سببية، فإنه على العكس من ذلك ميكن تصور قيامها من دون خطأ، تلك هي الفكرة احملورية اليت تقوم عليها نظرية حتمل التبعة، فوفقا هلذه

    عن مسلك مسلكهن ينحرف يف النظرية، ال يشرتط لقيام املسؤولية املدنية للشخص أن يت فعال خاطئا،الرجل العادي أو املألوف على النحو الذي يقول به أنصار اخلطأ، بل يكفي أن يكون ذلك الفعل هو مصدر الضرر الذي أصاب املضرور، وحينها ال يهم أن يكون ذلك الفعل خاطئا أم غري خاطئ ، إذ ويف كل األحوال

    ويتأكد هذا االلتزام dلتعويض خاصة يف األحوال اليت جيين فيها يلتزم من آه بتعويض ما جنم عنه من ضرر،املتسبب يف الضرر من وراء فعله الّضار نفعا أو رحبا، أو يكون بفعله قد استحدث خماطر إضافية يف اتمع مل

    تكن موجودة.

    أعالم وأقطاب تلكم هي الفكرة البسيطة اليت انطلق منها أنصار نظرية حتمل التبعة، واليت التف حوهلا "، وهذه الفكرة على دميوج" و" سفاتييه" " جوسران"، "ساليهيف القانون خاصة الفرنسي من أمثال العالمة "

    بساطتها كانت وراء التطور اهلائل الذي عرفه قانون املسؤولية املدنية يف العصر احلديث.

    ) ومن مث الفرع األولاا األوائل (وال يتسىن فهم أفكار نظرية حتمل التبعة إال dلوقوف على أفكار دع)، ، وأخريا الفرع الثالث) وكذا الظروف والعوامل اليت ولدت فيها هذه النظرية (الفرع الثايناستعراض صورها (

    تقييم هذه النظرية من حيث مزاها وجناحاا دون أن ننسى توجيه سهام النقد هلا وبيان مظاهر إخفاقها ).الفرع اخلامس األخري مدى ثري هذه النظرية على كل من التشريع والقضاء () لنستعرض يفالفرع الرابع(

    الفرع األول

    بدا1ت ظهور النظرية

    يعترب العالمة "البيـه" أول من مّهد لنظرية حتمل التبعة بصورا املطلقة كأساس عام للمسؤولية املدنية وهجرها، حني تبّني له عدم كفايتها وفشلها، ، حيث دى dلتحول عن فكرة اخلطأ العتيقة1890وذلك عام

    .1واعتناق فكرة حتمل التبعة واعتبارها أساسا بديال للخطأ

    1اء األملان أول نظرية حتمل التبعة اشتهرت كنظرية من إبداع الفقه الفرنسي، غري أنه يف حقيقة األمر فإن هذه النظرية من أصل أملاين، حيث يعترب الفقه أنرغم -

    عن املسؤولية عن حوادث السكك احلديدية. 1871يف قانون بسمارك عام 1838من أسس هلذه النظرية عام

  • الفعل الشخصيالتوجه املوضوعي يف إطار املسؤولية عن الباب األول:

    15

    " أنه dلنظر إىل املنافع واملخاطر، املرتبطة مبا تقوم املنشأة على استغالله من النشاط، "البيــه وقد قّرراليت جيلبها استخدام اآللة جيب أن يتحمل تبعة ما أن من يتلقى املنافع فإن ذلك جيعلنا نسلم بعدالة مبدأ (..

    1384أول من تنّبه إىل الفقرة األوىل من املادة Labbéينشئ عن ذلك من ضرر.. ) كما يعترب العالمةواستدل به، حني استخلص أن الفقرة األخرية من هذه املادة إمنا تقّرر إعفاء األب واألم واملربني ومعلمي احلرفة

    لتهم إمكانية نفّي املسؤولية عنهم ¤ثبات انعدام اخلطأ يف جانبهم، وأن هذه اإلمكانية ال يستفيد فقط، ن خو منها ال حارس الشيء وال السادة واملتبوعني، ليخلص من تلك القراءة أن مسؤولية حارس الشيء واملتبوع ليس

    .1رفةأساسها اخلطأ مثل ما هو احلال dلنسبة األب واألم واملربني ومعلمي احل

    ساليه" على أن االنطالقة احلقيقية هلذه النظرية كان يف فرنسا، أين ارتبط امسها dلفقيهني الفرنسيني " ).الثانية الفقرة( 2"جوسران) و"الفقرة األوىل(

    ساليه الفقيه آراء: األوىل الفقرة

    ، يف رسالته عن 1897أول من قال بنظرية حتمل التبعة يف الفقه الفرنسي وذلك عام سأليه الفقيهيعترب ، واليت هاجم فيها فكرة اخلطأ هجوما عنيفا، واعتربها من خملفات املاضي عندما اختلطت 3حوادث العمل

    ، وأنه بعد انفصال املسؤوليتني، مل 4املسؤولية املدنية dملسؤولية اجلنائية، واختلطت فكرة التعويض بفكرة العقوبة

    تفصيال: أنظرتبعة حول ظهور نظرية حتمل ال- VINEY (Geneviève) JOURDAIN (PATRICE): traité de droit civil, les conditions de la

    responsabilité, 2éme éd, LGDJ, 1998, p.p. 64 et 65. ; MAZEAUD (H et L) et TUNC (A): traité

    Théorique et pratique de la responsabilité, T1, 6éme

    éd, Paris, 1965, p. 76. ; EUGINE (L-B) : Réflexion

    sur le problème du fondement de la responsabilité civile en droit français. RTD.civ, 1977, p. 222 et s. الربعي صالح حسن: -. 427 .، ص1978هرة رفاعي حممد نصر: الضرر كأساس للمسؤولية املدنية يف اتمع املعاصر، رسالة دكتوراه، جامعة القاراجع: -1

    - .322 .، ص1996ورة، أساس املسؤولية املدنية الناشئة عن األفعال الشخصية، دراسة مقارنة يف القانون الوضعي والفقه اإلسالمي، رسالة دكتوراه، جامعة املنص، الفعل الّضار واملسؤولية، الطبعة اخلامسة، منشورات مكتبة صادر، بريوت لبنان، يف االلتزامات، الد الثاين 2مرقس سليمان: الوايف يف شرح القانون املدين،

    .225 .، ص19882 SALEILLES (Raymond): Les accidents de travail et de la responsabilité civile, Librairie nouvelle de

    droit et de jurisprudence, Paris 1897. ; JOSSERAND (Louis): De la responsabilité du fait des choses

    inanimées, Librairie nouvelle de droit et de jurisprudence, Paris 1897. ل تلك الفكرة حتظي بتبجيوقد اشتهر الفقيهان سالييه وجوسران آنذاك بتنكرهم وانتقادهم الشديد لفكرة اخلطأ، كأساس عام للمسؤولية املدنية يف الوقت الذي كانت

    دورمها يف تفليسة اخلطأ uما وكالء الدنة يف هذه التفليسة. راجع: حممد نصر الدين حممد: Ripertوتعظيم من غالبية الفقه الفرنسي، ويف هذا الصدد شبه الفقيه . 97 .، ص1983أساس التعويض، دراسة مقارنة يف الشريعة اإلسالمية والقانون الوضعي، رسالة دكتوراه جامعة القاهرة،

    را أثناء مناقشات الربملان أثريت إشكالية األخطار املهنية يف فرنسا، بسبب التوسع اهلائل للنشاطات االقتصادية على إثر الثورة الصناعية، مما دفع البعض إىل إ -3ماين عشر عاما، وقد متخضت هذه املناقشات عن صدور الفرنسي، وقد استغرق هذا النقاش حول ما مسي آنذاك dألخطار املهنية فرتة طويلة من الزمن قاربت الث

    .1898ابريل 09 قانون تعويض إصاdت العمل يف4-BETTER- MIEUX (Pierre) Essai historique et critique sur le fondement de la responsabilité en droit

    français Thèse Lille 1921 n° 51 p. 94 -97.

  • الفعل الشخصيالتوجه املوضوعي يف إطار املسؤولية عن الباب األول:

    16

    تعد وظيفة املسؤولية املدنية عقاب الفاعل، وإمنا التعويض عن الضرر، بغض النظر عن كون ذلك الضرر قد نتج عن خطأ أم ال، ذلك أن املسؤولية املدنية ال تعدو أن تكون رد فعل اجتماعي وقانوين ملا يصدر عن

    ، فاملشكلة اليت 1لفعل مشروعا أم غري مشروع، خاطئا أم غري خاطئالشخص من فعل ّضار، سواء كان ذلك اهي حتمل تبعة املخاطر، وهي مسألة ينبغي أن حتسم من Saleilles تطرح نفسها هنا، كما يؤكد الفقيه

    خالل النظر إىل الطبيعة املوضوعية للفعل ال عنصره الشخصي، فهناك أفعال تتجاوز موضوعيا حدود املألوف، من يباشرها القبول مبخاطرها، وإذا كان القانون ينهى عن األفعال اليت تؤدي مباشرة إىل الضرر، ويفرتض يف

    فال ميكن أن ينهى عن األفعال اليت حيتمل يف العادة عن مباشرا حدوث الضرر، وعلى الرغم من ذلك يلقي مل يعد يشرتط من منظور ، وdلتايل2على عاتق كل من يبادر إىل ما يبيحه من فعل واجبا بتحمل خماطره

    Saleilles أن يكون الضرر جتا عن احنراف يف سلوك املتسبب فيه، ومن مث توجب حصر فكرة اخلطأ فقط . 3يف دائرة املسؤولية اجلنائية دون أن متتد خارجها

    حول أساس املسؤولية املدنية، ومن هنا انطلق يف Saleilles كانت تلك هي القناعة اليت كوuاعوة إىل األخذ بنظرية حتمل التبعة كآلية قانونية بديلة لفكرة اخلطأ اليت دعا إىل هجرها كوuا مل تعد الد

    dتستجيب ملقتضيات الواقع االجتماعي والصناعي الذي فرضه التطور والنهضة الصناعية اليت عرفتها أورواء، غري أن هذه احلرية يف النشاط آنذاك، فكل إنسان يستطيع العمل يف حرية، وأن يستعمل حريته كيف ما ش

    .4والعمل تتضمن خماطر جيب عليه حتملها

    1382/1383يف دعم نظريته حول أساس املسؤولية املدنية إىل نصوص املواد Saleillesوقد استند من اموعة املدنية الفرنسية، حيث حاول الربط بني هذه النصوص ونظرية حتمل التبعة، فقال أن نّص املادة

    والذي يقضي أن كل فعل أ كان يقع من اإلنسان وحيدث ضررا dلغري، مل يشرتط اخلطأ كشرط لقيام 1382املسؤولية املدنية، حيث أن ما تقّرره هذه املادة، هو أن كل فعل ّضار يرتب حقا للمضرور يف التعويض، وذلك

    ترد مل املادة هذه يف الفرنسي املشرع دهاأور اليت خطأ كلمةبصرف النظر إن كان ذلك الفعل خاطئا أم ال، وأن

    1 ص، 2006الطبعة األوىل، دار وائل للنشر، -اخلطأ – 2حسن علي: املبسوط يف شرح القانون املدين الذنون - .7 - 6 ص. . 2-SALEILLES (Raymond): La responsabilité du fait des choses devant la cour supérieure du Canada.

    RTD. Civ 1911, p. 55 -58. .، ص1994دراسة مقارنة يف القانون املدين املصري والفقه اإلسالمي، رسالة دكتوراه، جامعة القاهرة -دنية عن حراسة األشياء منصور أجمد حممد: املسؤولية امل -3

    170 . منصفا من (..لنطلق إذا عن األشياء أمساءها ولنرتك جانبا هذه الفكرة اخلاصة dخلطأ، ونقول بكل بساطة أن ما يكون Saleillesويف هذا الصدد يقول -4

    فعل عّمد وحّر، وجهة النظر االجتماعية وأكثر مطابقة لفكرة الكرامة اإلنسانية، هو أن كل شخص عندما يعمل حيدث أخطارا، وأنه إذا حدث ونشأ ضرر نتيجة .444 .، رسالة، املرجع السابق، صحممد نصر رفاعي فإن مرتكب الفعل سيتحمل املخاطر، وهذا هو مثن احلرية ..).

  • الفعل الشخصيالتوجه املوضوعي يف إطار املسؤولية عن الباب األول:

    17

    أن ضرورة يف املتمثل اخلطري األثر ذلك ترتيب أو االلتزام مصدر بيان ¯ا يقصد مل املشرع أنو ،1عرضا إال حتديد أي التعويض، عبء يتحمل من تعيني ¯ا أراد وإمنا خطأ، على املسؤولية يرتب الذي الفعل ينطوي حال ي تعين ال هنا السببية عالقة وأن فيه، املتسبب األصلي بفاعله الفعل بربط تسمح اليت السببية العالقة

    .2الشخصي اخلطأ القانونية الناحية من

    مل تكن تشكل أساسا متينا ميّكنه 1382/1383حني تبّني له أن قراءته للمادتني Saleillesغري أن مدين فرنسي، ليقّرر أن املبدأ الذي أّقره 1384من بناء نظريته حتول عنهما إىل الفقرة األوىل من نّص املادة

    املشرع من خالل هذه الفقرة بشأن املسؤولية عن األشياء غري احلية، هو مبدأ مطلق وعام على غرار ذلك الذي ، وأنه ال يستبعد احتمال اخلطأ كأحد أسباب 3يف جمال املسؤولية عن العمل الشخصي 1382تقّرره املادة

    املسؤولية عن األشياء غري احلية، غري أنه ال ميكن القول ن اخلطأ هو األساس الصحيح هلذه املسؤولية، .4فاألساس يتجاوز اخلطأ ليقوم على فكرة املخاطر

    ساس املسؤولية املدنية إىل القضاء الفرنسي، فهذا األخري يف دعم رأيه حول أ Saleillesكما استند مل يعد يعول على اخلطأ، أو على األقل مل يعد يرى فيه مفهومه التقليدي، والذي يقوم على Saleillesحبسب

    أن املشرع الفرنسي، ال يقصد بكلمة الفعل اليت تتحدث عنه هذه املادة إال العمل املادي Saleillesمدين فرنسي رأى 1382 صدد تفسريه لنّص املادة ويف -1

    اين الذي يتسبب يف ضرر للغري، " ذاته املرتبط سببيا dلضرر احلادث وغري املقيد ي عنصر من عناصر املسؤولية األخالقية، حيث يقال يف الدارجة، عن الفعل اإلنس .1382" حممولة على ما يكون خطرا من األفعال، وهذا املعىن هو الذي ميكن أن يكون املشرع الفرنسي قد صاغه من خالل املادة هذا خطأحق، يسبب ضررا للغري"، فاخلطأ صفة يف وجهة نظره هذه من جهة إىل تعريف بعض الفقه للخطأ نه " كل فعل غري متوقع ومباشر دون Saleillesويستند

    موضوعية للفعل يتجرد تقديرها من كل عنصر شخصي.من القانون املدين ملقاطعة الكيبيك، فاملادة 1053مدين فرنسي واملادة 1382إىل االختالف يف الصياغة بني املادة Saleillesومن حية أخرى يستند

    ، ومع ذلك، فإن نّص هذه األخرية يعطي للخطأ مفهوما أخالقيا صرفا حيث تنّص " كل شخص قادر على متييز 1053تعترب هي املصدر التارخيي للمادة 1382قدوس حسن عبد الرمحن: احلق يف التعويض" احلسن من القبيح يسأل عما يسببه خبطئه من ضرر للغري، سواء بفعله أم عدم تبصره، اإلمهال، عدم احلذق". راجع:

    .193اهلامش رقم 95 .ص، 1999املعاصر يف النظم الوضعية "، الطبعة األوىل، دار النهضة العربية ومظاهر التطورمقتضياته الغائية، .131 .عبد القادر الفار، رسالة، املرجع السابق، ص - 440 .، رسالة، املرجع السابق، صحممد نصر رفاعي -2

    على التفسري الذي يقصر تطبيق هذه املادة على األفعال العمدية، فهو يرى أن صياغة هذه املادة واسعة جدا على Saleillesاعرتض 1382وخبصوص املادة واليت تقضي" كل شخص مسؤول عن الضرر الذي حيدثه 1383النحو الذي جيعلها تستوعب األفعال العمدية وغري العمدية، وكذلك احلال dلنسبة لنّص املادة

    بني نوعني من Saleillesن أيضا ¤مهاله أو بعدم يقظته .."، فاملقصود بعبارة اخلطأ هنا هو اشرتاك الفاعل اشرتاكا غري مباشر، حيث يفرق ليس فقط بفعله ولكإثبات اإلمهال ويقتضي من املضرور 1383وهو كاف بذاته إلثبات مسؤولية الفاعل، واآلخر غري مباشر وفقا للمادة 1382االشرتاك أحدمها مباشر طبقا للمادة

    ، هو أن اشرتاك الشخص الذي Saleilles أو عدم التبصر، والسبب يف إلزام املضرور ¤ثبات اخلطأ يف حاالت اخلطأ غري العمد dإلمهال وعدم التبصر حبسبه ال ينبغي تقدير اخلطأ dإلمهال وعدم التبصر مبعيار ينسب إليه اإلمهال أو عدم التبصر ال يظهر جليا مبجرد حتقق الضرر، لذلك يقع على عاتق املضرور إثباته، على أن

    ال وعدم التبصر خطئا ذايت أو شخصي ألن ذلك أمر متعذر من الناحية النظرية، وعليه جيب أن يقّدر هذا اخلطأ تقديرا جمردا، فيكون بذلك اخلطأ يف حاليت اإلمه موضوعيا. راجع:

    R. Saleilles, Les accidents du travail, précité, n° 35 et 36, p. 53 – 54. 3- ibid, n° 14, p. 23 - 24.

    4- ibid, n° 17, p. 30 - 31.

  • الفعل الشخصيالتوجه املوضوعي يف إطار املسؤولية عن الباب األول:

    18

    عنصره املادي والنفسي، حني اكتفي هذا القضاء dلعنصر املادي للقول بوجود اخلطأ، وقد بىن رأيه هذا أيضا ا استنتجه من أحكام القضاء اإلداري الفرنسي الذي أّقر مسؤولية الدولة عن حوادث العمل اليت تقع يف على م

    .1املصانع التابعة هلا دون أن يسند للدولة أي خطأ

    سنده يف القول بنظرية حتمل التبعة يف حكم صدر عن حمكمة النقض الفرنسية Saleillesكما وجد قضت فيه احملكمة مبسؤولية مالك السفينة دون خطأ والذ!Teffaine 2 والشهري حبكم 1896جوان 16يف

    ، حيث مل تتطلب احملكمة من العامل املصاب، سوى إثبات الضرر 1384استنادا إىل لفقرة األوىل من املادة من هذا Saleillesالذي أصابه، كان بفعل اآللة امليكانيكية املوجودة يف حراسة رب العمل.، وقد خلص

    احلكم، أن املبدأ املطبق يف هذه املادة هو تعويض الضرر على أساس رابطة عالقة السببية بواقعة مادية هي اخلطأ املوضوعي، وأنه لو تقدمنا أكثر فلسوف نتوصل إىل تقرير أن املسؤولية عن األشياء غري احلية ومبوجب

    ببية مرتبطة مبجرد واقعة مادية جمردة من أي خطأ، تقوم على أساس عالقة الس 1384الفقرة األوىل من املادة وأنه ال يستبعد أن يكون اخلطأ من بني األسباب املؤدية للضرر، غري أنه ينظر إليه دائما كواقعة مادية كغريه من

    استعمال وخماطرتندرج حتتها خماطر استعمال الغري 1384/1يذكر أن الفقرة Saleilles، بل أن 3الوقائع .4املشروع خماطر يسميه كما أو األشياء

    الثانية: أراء الفقيه جوسران الفقرة

    فكرته عن حتمل التبعة عما سبقه إليه الفقيه Josserandبشكل خمتلف نسبيا طرح الفقيه Saleilles يرى، حيث Josserand يعد كليهما وأن به، اخلاص جماله التبعة وحتمل اخلطأ من لكل أن

    رسالة دكتوراه، جامعة القاهرة، اإلسالمي، -األجنلوأمريكي -دراسة مقارنة يف األنظمة الثالث الالتيين –الفار عبد القادر: أساس مسؤولية حارس األشياء -1

    .152 .، ص19882- D.P 1897 - 1 - 433.

    حيث قضت نه ال 1384/1وتتلخص وقائع القضية يف هذا احلكم حبادث انفجار وقع يف خزات إحدى السفن، أين طبقت حمكمة النقض الفرنسية املادة يكانيكية اليت يف يكفي الستحقاق العامل التعويض أن يثبت الضرر الذي أصابه، بل جيب أن يثبت dإلضافة إىل ذلك أن الضرر الذي حلقه كان بفعل اآلالت امل

    امل بضرورة إثبات الضرر ورابطة السببية بينه وبني أن حكم حمكمة النقض الفرنسية قد اكتفى يف اشرتاطه تعويض الع Saleillesحراسة مالك السفينة، وقد الحظ هذا احلكم رغم أنه Saleilles اآللة املتسببة فيه دون اشرتاط إثبات اخلطأ يف جانب احلارس طبقا ملا تدعوا إليه النظرية التقليدية يف املسؤولية املدنية، حيث اعترب

    لى حتمل التبعة. راجع:غري مسبوق كافيا لتقرير نظريته حول املسؤولية القائمة ع R. Saleilles, Article, précité, n° 2, p. 3. 3-, Ibid., n° 21-22, p. 35 - 36.

    : النظرية العامة لاللتزام بضمان سالمة األشخاص، رسالة دكتوراه، جامعة عني التليتحممد – .102 .، صحممد نصر الدين حممد، رسالة، املرجع السابق -4 .162 .، ص1988مشس،

  • الفعل الشخصيالتوجه املوضوعي يف إطار املسؤولية عن الباب األول:

    19

    طبقا اخلطأ على القائمة املسؤولية بني Josserand مييز الصدد هذا ويف ،1املدنية للمسؤولية عاما ومبدأ أساسا اخلطأ على تقوم وهي الشخصي، العمل عن dملسؤولية اخلاصة وهي الفرنسي، املدين القانون من 1382 للمادة

    األشياء عن dملسؤولية واخلاصة 1384 املادة من األوىل الفقرة مبوجب املقّررة املسؤولية وبني اإلثبات، الواجب .التبعة حتمل فكرة على قائمة مسؤولية وهي احلية غري

    أن هو الفرنسيني، والفقه القضاء لدى طويل لزمن قائما ّظل الذي االعتقاد أن ،Josserand ويضيف عدا فيما حّية، غري أشياء عن مسؤولية بصدد فيها نكون مرّة كل يف التطبيق الواجب هو ،1382 املادة نصّ

    املواد لنّصوص ختضع كانت واليت البناء، دم عن النامجة واملسؤولية احليوات فعل عن النامجة املسؤولية غري األشياء استعمال عن النامجة واحلوادث األضرار وتعاظم اهلائل الصناعي التقدم أن غري ،1385/1386

    يف للمضرورين عادل تعويض مني عن وعجزها بل ،1382 املادة قصور للشك جماال يدع ال مبا أظهر احلية حراسة يتوىل من جانب يف اخلطأ املضرور إثبات بضرورة املتعلق شقها يف خاصة احلوادث، من النوع هذا

    ذات يف وهي تعويض، على احلصول يف املضرورين طريق يف عثرة حجر املادة هذه أصبحت حبيث الشيء، . 2املسؤولية من ¯ا يتملصون وأداة الكربى، واملشاريع الشركات ألصحاب محاية توفر الوقت

    وعلى خالف املواد -مدين فرنسي 1384أن الفقرة األوىل املادة ،Josserand ليخلصتلقي املسؤولية عن األشياء غري احلية على عاتق الشخص املكلف حبراستها، دون أن تلزم 1382/1383

    ، وأن 3املضرور يف رجوعه على احلارس أن يثبت خطأ هذا األخري مكتفية مبجرد وقوع الّضرر بفعل الشيءمل يبح إقامة الدليل العكسي، إال يف حالة األب واألم واملريب وصاحب احلرفة، وال جيوز 1384املشرع يف املادة

    أن نضيف إىل هؤالء ما مل ينّص عليه املشرع، وإذا كان األمر كذلك فال مربر، ألن ندخل يف التشريع ما ليس أ، وأن القول خبالف ذلك جيعل فيه ن نضع على عاتق املضرور عبئا مل يستلزمه املشرع، ن نلزمه ¤ثبات اخلط

    ، ليخلص من 1382عدمية اجلدوى وغري ذات فائدة خاصة مع وجود املادة 1384من الفقرة األوىل للمادة ذلك، أن القانون املدين الفرنسي يّقر ضمنا نظرية حتمل التبعة كأساس للمسؤولية النامجة عن األشياء غري

    Josserand على ركنان مها الضرر ورابطة السببية، وبذلك ينتهي ، وعليه فمسؤولية حارس الشيء تقوم4احلية

    1- L. Josserand, Op. cit, p. 477.

    2- L. Josserand, Op. cit, p. 08.

    3- ibid. p. 50.

    4-“ Quiconque agit doit subir les risqué de son activité, qu’elle exerce soit isolement et directement,

    soit par intermédiaire d’autres activités ou d’autres forces ”. JOSSERAND: De l’esprit des droits et de

    leurs relativité “ théorie dit de l’abus de droits, 2éme

    éd, Paris; 1939, n° 16. p. 21.

  • الفعل الشخصيالتوجه املوضوعي يف إطار املسؤولية عن الباب األول:

    20

    ، وهي إقامة املسؤولية على أساس نظرية موضوعية، أو مبعىن آخر Saleillesإىل نفس النهاية اليت انتهى إليها .1قيام املسؤولية على أساس حتمل التبعة بدال عن اخلطأ

    الفرع الثاين

    مضمون نظرية حتمل لتبعة

    ية حتمل التبعة على فكرة غاية يف البساطة وهي إلزام الشخص بتحمل تبعة النشاط الذي تقوم نظر اخلطأ، فال يطلب من املضرور أن يثبت احنرافا يف سلوك فكرةحيقق مصلحته أو جيين فائدته، ولكن بعيدا عن

    آه املسئول ولو كان الشخص املسؤول، بل فقط عليه أن يثبت قيام السببية املادية املباشرة بني الفعل الذي، ونظرية حتمل التبعة ¯ذا املعىن مل يقتصر تطبيقها على حوادث العمل والذي 2غري خاطئ والضرر الذي أصابه

    كان اال األول لتطبيقها كما قال ¯ا سـاليه وجوسران، وإمنا دى رواد هذه النظرية من بعدهم جبعلها نظرية واألنشطة اليت تصدر عن األفراد دون أي تفرقة أو متييز بني الفعل اخلاطئ وغري عامة تسري على مجيع األفعال

    .3اخلاطئ

    وقد برزت هذه النظرية يف صورتني خمتلفتني، وإن بدا أuما متقاربتني، فأما الصورة األوىل فهي تلك رار dلغري، أن يلتزم املعروفة بنظرية املخاطر املستحدثة، واليت تقضي ن كل من استحدث خطرا من شأنه اإلض

    )، وأما الصورة الثانية، فهي تلك اليت ُعرفت بنظرية حتمل التبعة الفقرة األوىلعن ذلك الضرر ( dلتعويضمقابل الربح، واليت يتحمل مبقتضاها الشخص تبعة كل نشاط حيقق من ورائه نفعا أو رحبا، وهي النظرية اليت

    ). الفقرة الثانية( 4رم dلغنميشري إليها بعض الفقهاء العرب بنظرية الغ

    حممد نصر الدين حممد، رسالة، املرجع –. 450 .املرجع السابق، ص ،، رسالةحممد نصر رفاعي – .170رجع السابق، ص. املرسالة، أجمد حممد منصور، -1

    .103السابق، ص. 2-PALMER (Verno): Trois principes de la responsabilité sans faute, Rev Int. Drt. Comp, 1987, p. 825.

    3- P. Better Mieux, thèse, Op. cit, n° 50, p. 92.

    فيف" أن غنم اإلنسان يطلق الفقهاء العرب على هذه النظرية تسمية الغرم dلغنم، وهي تسمية مأخوذة عن فقهاء الشريعة، ويف هذا املعىن يقول األستاذ علي اخل -4 .95 .م، ص1971الفقه اإلسالمي، معهد البحوث والدراسات العربية، القاهرة من مال يستتبع غرامته ...". الشيخ علي اخلفيف: الضمان يف

    ." هو املخاطر املقابلة للربح أو خماطر االنتفاع. راجع عبد القادر الفار، رسالة، املرجع السابق، ص Risque profit " على أن الرتمجة العربية األدق الصطالح153.

  • الفعل الشخصيالتوجه املوضوعي يف إطار املسؤولية عن الباب األول:

    21

    الفقرة األوىل: نظرية املخاطر املستحدثة

    الصورة العامة أو املطلقة لنظرية créé-théorie des risques la تعترب نظرية املخاطر املستحدثةيف حتمل التبعة وهي تقيم املسؤولية على النشاط أ كان نوعه، فحسب هذه النظرية فإن كل من ينشئ بفعله

    اتمع خماطر مستحدثة، يتعني عليه أن يتحمل تبعتها، حىت لو خال مسلكه من أي خطأ، إذ ال جمال هنا للتمييز بني الفعل خلاطئ أو غري اخلاطئ، أو البحث يف مسلك املتسبب يف الضرر، ففي احلالتني تقوم

    شخصي أو بفعل األشخاص أو املسؤولية عن حتقق الضرر، سواء ترتب الضرر الذي حلق الغري مـن عمله ال .1األشياء اليت يستخدمها فاألمر سّيان

    ونظرية املخاطر املستحدثة ¯ذا املعىن تالءم بعض نشاطات اإلنسان اليت يستخدم فيها األشياء أو إىل االجتاه حنو املشاريع الصناعية ليقّرر أuا اال الطبيعي Saleillesاآلالت، ولعل ذلك هو ما دفع الفقيه

    . 2لتطبيق نظريته عن املخاطر املستحدثة

    الفقرة الثانية: نظرية املخاطر املقابلة الربح

    بعد أن كد أن األخذ بنظرية حتمل التبعة بصورا املطلقة غري مقبول ألنه جيعل الشخص مسؤوال عن النتائج الّضارة ألي نشاط يقوم به، وأن املسؤولية املطلقة دد كل نشاط إنساين وحتّد من مبادرة اإلنسان،

    من هذا املأزق من خالل إعطاء إىل حماولة اخلروج Josserandكل ذلك دفع بعض الفقهاء وعلى رأسهم طرح خمتلف نسبيا للنظرية يف شكلها املطلق، فقال أن الشخص ال يكون مسئوال إال حيث يكون من شأن نشاطه أن يزيد من املخاطر العادية املالزمة للحياة يف اتمع، وذلك ¤نشاء مشروع يدر عليه رحبا على حنو

    ا جينيه من ذلك املشروع على أساس قاعدة املخاطر مقابل الربح يكون حتمله تبعة هذه املخاطر مقابال ملRisques profit 3 وهذه الصورة من نظرية حتمل التبعة، جتعل من خماطر امللك أو املصنع أو أي مظهر ،

    .4آخر من مظاهر االستغالل على عاتق من يعود عليه رحبه

    1-FLOUR (Jaques), AUBERT (Jean-Luc) et SAVAUX (Eric): droit civil, les obligations, 2, fait

    juridique, 7éme

    éd., Armand Colin, 1997, n° 70, p. 64. .، ص2005دراسة مقارنة"، املؤسسة احلديثة للكتاب، طرابلس لبنان «مسري سهيل دنون: املسؤولية املدنية عن فعل اآلالت امليكانيكية والتأمني اإللزامي عليها -2

    131. 3- Saleilles, Les accidents du travaille.., Op. cit, n° 78 – 79.

    .135 .مسري سهيل دنون، نفس املرجع، ص -4

  • الفعل الشخصيالتوجه املوضوعي يف إطار املسؤولية عن الباب األول:

    22

    ومنطقا من فكرة اخلطر املستحدث، إذ أن واحلقيقة أن فكرة املخاطر مقابل الربح تبدوا أكثر قبوالهذه الفكرة مدلوهلا أضيق، حيث يقصد ¯ا الربح االقتصادي وليس كل ربح كما هو احلال dلنسبة لنظرية اخلطر املستحدث، وهو ما يربر تبين القضاء يف جملس الدولة الفرنسي هلذه النظرية يف القول مبسئولية الدولة عن

    ، كما القت هذه النظرية القبول أيضا لدى 1د أو استعمال األشياء اليت تكون حتت تصرفهاالنتائج الّضارة لوجو ، كما أخذ القضاء املدين الفرنسي 18982املشرع الفرنسي خاصة يف القانون اخلاص ¤صاdت العمل لعام

    .3بنظرية املخاطر مقابل الربح يف بعض أحكامه

    لنقد رغم جديتها فهي مل تستطع تفسري احلاالت املختلفة غري أن هذه النظرية مل تسلم بدورها من اللمسئولية املوضوعية، أين ال يكون للمسئول أي نفع أو ربح من العمل الذي كان مصدرا للضرر، أو على األقل ال ميثل الربح أو املنفعة سوى جانب ضئيل وهامشي dلنسبة لنشاطه، كما أن مصطلح املنفعة أو الربح

    .4فا dلضرورة لكلمة املال فالربح قد يكون ماد كما قد يكون معنو كذلكذاته ليس مراد

    الفرع الثالث

    العوامل اليت ساعدت على ظهور وانتشار نظرية حتمل التبعة

    لقد كان وراء ظهور نظرية حتمل التبعة وانتشارها مجلة من األفكار والعوامل واملذاهب اليت أثرت ثريا يف بلورة هذه النظرية وظهورها إىل الوجود وانسياق الكثري من أعالم القانون خلفها، وهي مباشرا أو غري مباشر

    العوامل ذاا اليت أدت يف جمملها إىل إفالس فكرة اخلطأ كأساس عام للمسؤولية املدنية، هذه العوامل والظروف )، إيديولوجية فلسفية الثانية الفقرة)، وعوامل اجتماعية (الفقرة األوىلميكن رّدها إىل عوامل اقتصادية (

    ).الفقرة الرابعة)، وأخريا عوامل قانونية تتعلق أساسا dلنزعة املادية يف القانون (الفقرة الثالثة(

    جملة احلقوق والشريعة ، فياض إبراهيم طه: حماولة حتديد معامل األساس القانوين للمسؤولية عن األشياء يف قضاء جملس الدولة الفرنسي والفقه والقضاء اللبناين، -1 .61ص. ،1981فرباير 1السنة اخلامسة، العدد

    ام املسؤولية عن األشياء يف كل من النظامني املدين واإلداري وذلك لتداخل أوجه النشاط ويضيف الدكتور فياض يف هذا السياق" أن هناك ظاهرة تقارب بني أحك التداخل أيضا، ويف نطاق هذا املدين واإلداري، فظهور التكنولوجيا احلديثة وعدم اقتصار االنتفاع ¯ا على نشاط بعينه، وظهور التكتالت السياسية واملهنية أدت إىل

    قد وجلت يف بث نشاطها على نطاق واسع يف جماالت كانت مقصورة على النشاط اخلاص، فنجد الدولة تدخل اليوم بثقلها يف ااالت التداخل جند أن الدولة ملهنية جمندة يف سبيل ذلك العدد اهلائل من الرجال والكم الذي ال حصر له من املعدات، وكذلك األمر dلنسبة للنقاdت ا –صناعة وزراعة وجتارة –االقتصادية

    .62نفس املرجع، ص. ،والتكتالت التجارية ونقاdت العمال ". إبراهيم طه فياض2- TEILLAIAIS (Clémentine) : La faute dans l’application de l’art 1384 aliéna 1, du code civil, Thèse,

    Nantes, 1989, p. 29. .أشار إىل احلكمني عبد القادر 1943مايو 6، كذلك قرار حملكمة صلح dسي سرياير بتاريخ 1902ابريل 22أنّظر على اخلصوص حكم حمكمة dريس يف -3

    .177 .الفار، رسالة املرجع السابق، ص . 134 .، ص1998: تطور مفهوم اخلطأ كأساس للمسؤولية املدنية، رسالة دكتوراه، جامعة عني مشس، أمين إبراهيم عبد اخلالق العشماوي -4

  • الفعل الشخصيالتوجه املوضوعي يف إطار املسؤولية عن الباب األول:

    23

    1الفقرة األوىل: العوامل االقتصادية

    ال شك أن التطور االقتصادي الذي شهده العامل uاية القرن التاسع عشر كان له أثره البالغ على نظام املسؤولية املدنية، حيث ترتب على انتشار استعمال اآلالت امليكانيكية ودخوهلا عامل الصناعة، أن ازدادت

    ، اليت زادت فيها املخاطر واألرdح كنتيجة طبيعية النتشار اآللة، 2املخاطر بدرجة كبرية يف جمال حوادث العملورب العمل، ومن جهة أخرى أدى االنتشار كل ذلك أدى إىل إحداث تغيريا هائال يف العالقة بني العامل

    اهلائل لوسائل النقل احلديثة يف كل مكان إىل زدة املخاطر على اإلنسان وظهور حلوادث مل تكن معروفة من .3قبل

    كما أّدت الثورة الصناعية إىل ظهور التكتالت والتجمعات االقتصادية الضخمة يف شكل مجعيات أو مما ترّتب عليه صعوبة إسناد احلادث إىل شخص معني نّظرا لتعقيد وتشابك شركات أو مشروعات اقتصادية

    ، كل ذلك جعل من العسري على املضرور يف أغلب احلاالت حتديد 4العالقات داخل هذه املشاريع والتجمعاتشخص املخطئ من بني العديد ممن اشرتكوا يف النشاط مصدر الضرر، هيك عن صعوبة أن يثبت اخلطأ يف

    يتعذر عليه الرجوع على هذا األخري dلتعويض. أنهب املتسبب يف الضرر إن ُعرف، والنتيجة جان

    غري أن هذا التطور يف إطار العالقات االقتصادية، مل يقابله أي تطور يف القواعد القانونية اليت كانت حتكم العالقة بني العامل وصاحب العمل، واليت ظّلت خاضعة للقواعد التقليدية للمسؤولية املدنية، واليت كانت

    خري بعبء إثبات اخلطأ يف جانبه، هذا تتطلب لقيام مسؤولية رب العمل يف مواجهة العامل، uوض هذا األاإلثبات الذي أصبح صعبا إن مل نقل مستحيال يف ّظل تعقيد عمل اآللة، فالقانون dشرتاطه تعويض الضرر يف هذا النوع من احلوادث ¤ثبات اخلطأ، وهو إثبات يكاد يكون مستحيل كما أسلفنا، يكون قد أحال التعويض

    جلزء األول، الد يال حول ثري العوامل االقتصادية يف بلورة نظرية حتمل التبعة: السنهوري عبد الرزاق أمحد: الوسيط يف شرح القانون املدين اجلديد، اراجع تفص -1

    صالح حسن -. 867 .، ص520رة ، فق2000مصادر االلتزام، الطبعة الثالثة، منشورات احلليب احلقوقية، بريوت لبنان، -الثاين، نظرية االلتزام بوجه عام .144 .، رسالة، املرجع السابق، صالربعي

    2- SAVATIER (René) : Les métamorphoses économique et social du code civil d’aujourd’hui, 1er

    série, 3éme

    éd. 1964, p. 274 et s.

    على اإلنسانية، إن ظهور اآللة واستعماهلا وكذا استحداث الصناعات الكربى، واستخدام اإلنسان لقوى الطبيعة اهلائلة والعمياء ،كل ذلك كان له مثن dهظ -3dألساس بصدد مسؤولية حيث أدى إىل وقوع ضحا dآلالف وخاصة يف حوادث العمل وحوادث النقل واملرور، وهو ما يفسر أن تطور املسؤولية املدنية كان

    سبب األجنيب يف الفقه اإلنسان عما يستخدم من األشياء. راجع: الدسوقي إبراهيم: اإلعفاء من املسؤولية املدنية عن حوادث السيارات. دراسة حتليلية لنظرية ال وما يليها. 756 .، ص1975والقضاء املصري والفرنسي، رسالة دكتوراه، جامعة عني مشس،

    . 142 .، ص، رسالة، املرجع السابقإبراهيم عبد اخلالق العشماوي أمين -4

  • الفعل الشخصيالتوجه املوضوعي يف إطار املسؤولية عن الباب األول:

    24

    ، فكان من الطبيعي أن تؤدي تلك األوضاع إىل 1ذلك قد شّل مبدأ التعويض ذاتهذاته إىل فكرة ومهية ويكون بقيام حركة كبرية يف الفقه والقضاء دف إىل مساعدة ضحا تلك اآلالت يف احلصول على تعويض عادل عما

    ي يلحق ¯م من ّضرر، وقد ساعد هذا التوجه من الفقه والقضاء تزامنه مع ظهور التأمني كنظام اقتصادوانتشاره مما أدى dلدفع ¯ذه النظرية إىل األمام، حيث شجع ذلك احملاكم على التساهل يف احلكم dلتعويض

    . 2لصاحل ملضرور

    الفقرة الثانية: العوامل االجتماعية

    لقد أفرز التطور االقتصادي الذي عرفه العامل uاية القرن التاسع عشر اختالل يف التوازن القانوين بني يف اتمع، طبقة حتتكر رؤوس األموال والصناعة واآلالت وهي متثل األقلية يف اتمع، والطبقة العريضة طبقتني

    كثرية العدد قليلة العدة سيئة احلال ماد واجتماعيا وهي طبقة العمال أو الطبقة الوسطى حبسب تعبري ر حقيقي ودائم، واحلقيقية أن هذا والذين تعترب اآللة dلنسبة هلم مصدر رزق لكن أيضا مصدر خط 3البعض

    االختالل أدى إىل استفاقة العمال وزدة وعيهم حبقوقهم فظهرت النقاdت تطالب حبقوق العمال، وأدى ذلك إىل تعايل الصيحات اليت تنادي بضرورة التضامن االجتماعي الذي يستوجب أن تتحمل طبقة أصحاب رؤوس

    آالم من خالل تعويض األضرار اليت تلحق dلعمال وهم الفئة الضعيفة األموال تبعة املخاطر اليت تتسبب فيها يف اتمع.

    الفقرة الثالثة: العوامل اإليديولوجية والفلسفية

    لقد تسبب االنتشار الواسع لألفكار االشرتاكية يف أوروd والعامل إىل تراجع وأفول املذهب الفردي، ور القانون، إذ مل تعد غا