كتاب المبتدئاتلمؤلف الشذرات الذهبية

مقدمة نتضرع إلى الله يتواضع أن يبارك هذا الكت��اب الص��غير ويس��مح ب��أن يصير رفيق المبتدئات ويساعدهن على استيضاح دعوتهن وعلى االستعداد

لنعمة النذور المقدسة الجزيلة الخطورة. نحن نعلم أن الله ليس بحاجة إلى عملن��ا ليكمل النف��وس. ل��ذلك لم يخطر ببالنا أن نقدم شغلنا ه��ذا لل��ه، ب��ل ب��الحري أن نطلب إلي��ه ليتن��ازل

ويقبله ويستخدمه ألغراض مجده. ونعلم أيضا أن األديرة االبتداء في الرهبانيات قواع��د عملي��ة حكيم��ة اس��تخدمت ح��تى اآلن لتربي��ة نف��وس رهباني��ة قديس��ة. فه��ذه القواع��د، المفعمة من روح مؤسس الجماعة الرهبانية، سوف تبقى أبدا دليال وسندا

للنفوس الالجئة إلى هذه األديرة كإلى حمى أمين في بيوت الله. ليس من غرضنا أن يقوم شغلنا مقام هذه القواع��د الفائض��ة ب��العلم

والفطنة والتقوى، بل أن نعد المبتدئة لفهمها وتقديرها ومحبتها. إن الفتاة اآلتية من العالم، وإن عاشت فيه تقية ص��الحة، ال تتش��رب فجأة روح الجماعة التي تنضم إليها وال تتثقف سريعا على الحي��اة الفائق��ة الطبيعة التي إنما هي حياة كل نفس تق��ف ذاته��ا لل��ه. ف��إن روح ك��ل دي��ر رهباني جو خاص يتغلغ��ل ت��دريجيا في النفس واألخالق والطب��اع، فيوليه��ا، على نحو ما، طبيعة جديدة. وهذه الروح تفعل فعال مضمونا بقدر م��ا تج��د

النفس مستعدة لقبولها. فكتابنا هذا ليس له غرض سوى إعداد النفوس لقب��ول ت��أثيرات ه��ذا الجو الرهباني الخاص. فيعلمها م��اذا يجب أن تح��ذف، وأن تزي��د، وم��ا هي

الرياضات الواجبة ممارستها، واألفكار الواجب أن تتغذى بها على مهل. إن ما يسديه من النصائح بسيط في متناول الجمي��ع، ال يق��ول إال م��ا بوسع أصغر المبتدئات أن تدركه وتجربه. وإذا أتاح لنا الله، عدنا فيم�ا بع�د

إلى كتاب آخر نتوجه به إلى الناذرات.

2

م معلم��ات االبت��داء، إذا ين ألجلنا. ولتتكر نرجو من المبتدئات أن يصل وج���دن في كتابن���ا ه���ذا بعض الع���ون في م��ا يلقين���ه من التع���اليم على المبتدئات، ويطلبن إلى الل��ه أن نق��دس نحن نفس��نا بعملن��ا على تق��ديس

اآلخرين.

تمهيدإلى المبتدئات

أيتها المبتدئة التقية، األمين��ة لتع��اليم ال��ذين يرش��دونك، تس��ألين في صمت التأمل وبحضرة السيد المسيح في سر القربان المق��دس: لم أتيت

إلى هنا؟ أصغي إلى صوت مالكك الحارس الكثير الحالوة والعذوبة يجيب إلى

رغبة قلبك:1

- "جئت إلى الدير لتصيري راهبة، أي لترتبطي بالل��ه تع��الى ارتباط��ا أبديا. وكل عمل من أعمال ابتدائك يحبك هذا الوثاق المثلث السري الذي

سيربطك عما قليل بالسيد المسيح إلى األبد". فلدى هذا الجواب الجزيل البساطة والحقيقة، يرس��ل قلب��ك المت��أثر

هذا الصراخ:"آه! من لي بذلك اليوم الذي يربطني بيسوع المسيح!

كم نفسي متحرق��ة إلى الق��ول: لن أس��تطيع بع��د إذن ولن أس��تطيع إلى األبد أن أنفصل عن يسوع المسيح! فالتضحيات ال��تي عملته��ا ألتعل��ق به لست آسفة عليها، ومهما كان ذكرها مريرا، ف���أنا مس��تعدة أن أج��ددها أيض��ا. عن��دما أص��ير خاص��تك، ي��ا إلهي، أليس حق��ا أن��ك تص��ير أبي وأمي

وأخوتي وأخواتي؟ أليس حق��ا أنن��ا يوم��ا م��ا س��نكون مجتمعين كلن��ا في الس��ماء أن��ا

وأسرتي، لنحب بعضنا بعضا إلى األبد؟

3

م�ا سأس��مع من فم ال�ذين أحبهم وال�ذين ت�ركتهم ألج�ل الس�يد ولربالمسيح هذه الكلمة العذبة:

ي��ا ابن��تي، إنن��ا بفض��لك وبفض��ل تض��حيتك وص��لواتك، ق��د اس��تحقناالخالص.

إيه! نعم، نعم، أريد أن أكون راهبة!"

2ويردف الصوت:

- "أنت هنا لتخلصي نفسك بأكثر سهولة وتأكيدا، في حالة كل شيء فيها يتكلم عن الله، وكل شيء يق��ود إلى الل��ه، وك��ل ش��يء يعم��ل بإس��م

الله.أنظري؛ ها قد تخلصت من هم قيادك.

لو بقيت في العالم لكنت خضعت لجاذبي��ة المص��لحة، أو الم��زاج، أوالوضع االجتماعي.

وما كنت لتسمعي بوضوح صوت الله تعالى يطلب من��ك تض��حية، أويحرضك على كفر بالنفس، أو يعين لك واجبا.

متى صرت راهبة، فرئيستك تقول لك: افعلي هذا، وستكونين مؤمنةبأن الله تعالى يريد أن تفعليه.

وفيما بعد تنقذين من تقلبك الطبيعي. إن الربط التي بها تتحدين بيسوع المس�يح س�تقيد خفت�ك، وحينئ��ذ ال

يعود في إمكانك أن تفعلي إال ما يؤول في الواقع إلى خالص نفسك.

ستأتي التجربة تدفعك إلى فعل يضاد شريعة الله، فتجيبينها: لم يبقلي سلطان على نفسي!

4

وستأتي الطبيعة تحرضك على التمرد وخلع ن�ير الخض�وع، فتق��ولين: لم يعد في وسعي! وشبه مرغمة تتبعين إلى السماء يسوع المسيح ال��ذي

به ارتبطت".

3"وقد أتيت إلى هنا أيضا لتستخدمي أداة لمجد الله ورحمته.

إن الله، وال شك، ال يحتاج إلى إذن الخالئ��ق ليص��ل، بواس��طتها، إلىنة، يسألها ه��ل تري��د غاياته؛ لكنه إذا أراد أن يستخدم، مباشرة، خليقة معي ذلك؛ وهذه الخليقة الحقيرة تس��تطيع أن تق��ول لخالقه��ا: ال أري��د أن أقي��د

حريتي برغبتك. أما أنت، فما خشيت أن تحطمي قلبك لتلبي هذه الدعوة. لقد قلت:

ك في مدرسة الله تعالى. نعم، وها أنت في هذه الساعة كأن إن اإلبتداء لمدرسة في الحقيق��ة، مدرس��ة يهيئ الل��ه فيه��ا النف��وس

التي بذلت له ذاتها: ف��البعض لتكس��ب ل��ه تفوس��ا أخ��رى بواس��طة التبش��ير، وبعض آخ��ر لتمج��ده بص��لواتها؛ وبعض آخ��ر لت��وفي بع��ذاباتها الطوعي��ة؛ وغيره��ا لتعلم اسمه لألوالد الص��غار؛ وأخ��رى لتعت��ني بجس��د المرض��ى، وتمن��ع التج��ديف

الذي يدفعهم إليه العذاب، وتقودهم بتؤدة إلى السماء.4

"له��ذا أتيت إلى تختلين، تحت قي��ادة معلم��ات خب��يرات، بين ج��دراندير االبتداء هذا.

5

. إقرأي��ه ، هذا الكتاب الصغير الذي يكمل تعاليمهن إقبلي، من أيديهن بإنتباه، فهو يدلك على الوسائل الناجعة لتستفيدي في مدرسة الل��ه ه��ذه،

وتستعدي لتكوني أهال لما يريده منك.كوني بسيطة لتفهمي ما تقرأين.

وكوني متواضعة لتقبليه.وكوني منقادة لتحبيه.

وأخيرا، كوني سخية لتمارسي ما سوف يعطى لك من االرشادات".أما المواد التي ستبحث فيه فهذه عناوينها:

أهمية االبتداء.1روح االبتداء.2النقائص التي يجب إصالحها في االبتداء.3الروح الواجب إقصاؤه عن االبتداء.4الفضائل الواجب اكتسابها وممارستها في االبتداء.5حكم االبتداء.6شغل االبتداء.7محن االبتداء.8عبادات االبتداء.9أركان االبتداء.10التجارب التي يوسوس بها الشيطان مدة االبتداء.11األيام األخيرة من االبتداء.12

6

الفصل األولأهمية االبتداء

االبتداء هو الوقت الذي فيه يختلي اإلنسان إذا اعتقد أن��ه م��دعو إلى الحي��اة الرهباني��ة، ليمتحن في الجمعي��ة ال��تي اختاره��ا ق��واه، وطباع��ه، ومؤهالت��ه، ل��يرى ه��ل توافق��ه تل��ك الجمعي��ة؛ وفي ال�وقت نفس��ه تدرس��ه

الجمعية وتختبره لترى هل يوافقها.يكفيك أن تقرأي بإنتباه هذا التحديد لإلبتداء لكي تفهمي كل أهميته.

1 في وقت االبتداء ندرس دعوتنا بهدوء أعظم ون��ور أوف��ر؛ فنبت في

شأنها بضمانة أكثر. فالنفوس في العالم، حتى أكثرها استقامة، تكون ألنفس��ها في بعض األحيان أفكارا غير صحيحة، أو على األقل غير كاملة، في الحياة الرهبانية،

وأكثرها تشعر بالميل إلى اعتناقها بدافع المخيلة ال بدافع النعمة. هذه النفوس تعرف اجماال أن الحياة الرهبانية كفر ب��النفس؛ ولكنه��ا

لم تلم بتفاصيل هذا الكفر بالنفس. لق��د رأت الجه��ة المتألق��ة من التض��حية - والواق��ع أن��ه ال يخل��و من بطولة وجمال ذلك الوداع للعالم، ولكل م��ا يل��ذ، ويفتن ويج��ذب في عم��ر تظهر فيه الحياة ضاحكة زاهية، - ولكن ه��ذه النف��وس لم تح��اول أن تعلم

ماذا يكون بعد ذلك، فمضت تغبط النفس التي رأت منها هذا السخاء. تعرف هذه النفوس أنه ال بد من تمزيق القلب بترك األسرة – وال بد من التخلي عن عوائد كانت تظهر ممتزجة بالحياة – وال بد من توديع حياة رغيدة قد تكون منسوجة من ألف تفاهة، لكنها ألف تفاهة تجع��ل اإلنس��ان

يرى الحياة البيتية على غاية الحالوة والعذوبة. بيد أن هذه النف��وس ق��د ق��رأت عن س��عادة الحي��اة الرهباني��ة، وعن جمال العيشة االجتماعية في الرهبانيات، وعن عذوبة نير السيد المس��يح، وعن السالم الناتج من االبتع��اد عن الع��الم، وعن المكاف��آت األكي��دة ال��تي

7

وعدت بها النفوس ال��تي ت��ترك ك��ل ش��يء لوج��ه الل��ه، وق��رأت ص��فحات مؤثرة، مقدسة، مقنعة للغاية فاستنتجت من ذلك كله: متى ص��رت هن��اك

سأكون سعيدة. إي نعم ستكونين سعيدة في الحياة الرهبانية؛ نعم، إن قلبك ونفسك يجدان فيها سالما وفرحا يفوقان الوصف، ولكن بشرط أن تكوني م��دعوة

حقا إلى الحياة الرهبانية وتكوني أمينة في مجاراة هذه الدعوة. فاالبت��داء أنش��ئ لتس��تطعي أن تحكمي، ال ب��دافع االنفع��االت ال��تيفته��ا نفس ح��ارة، أثارتها فيك رؤية لبس الثوب المقدس، أو قراءة كتب أل بل أن تحكمي وأنت في تلك السكينة الناش��ئة عن العق��ل ين��يره اإليم��ان،

هل الله هو الذي يدعوك حقا إلى هذه الحياة. هذان وإنك لن تستقلي في هذا الحكم؛ فإن رؤساءك الذين يتبعونك عن كثب، ويرون�ك في العم�ل، ولهم مثل�ك مص��لحة ك��برى تقض�ي ب�أن ال يقبل��وا في جمعيتهم من تك��ون دعوته��ا متقلقل��ة أو موض��وعا لل��ريب، هم أنفسهم يحكمون في شأنك على ضوء الحكم��ة ال��تي ينالونه��ا عن طري��ق

النعمة والخبرة. وإذا رأوا، في آخ��ر االبت��داء، أن ص��وتهم يتف��ق م��ع ص��وت ض��ميرك،

ليقول لك: تقدمي إلى النذور، فعندئذ يمكنك أن تنذري بدون خوف.2

. ، وطبعهن ومؤهالتهن في أثناء االبتداء، تختبر المبتدئات قواهن الدعوة الرهبانية ال تقوم فقط على أن تمارس الراهب��ة بأمان��ة ذل��ك العه��د ال��ذي قطعت��ه على نفس��ها في المعمودي��ة، وب��ه يك��ون المس��يحي مس��يحيا حقيقي��ا، عن��دما نط��ق بالنياب��ة عنه��ا ه��ذه الكلم��ات: إني أكف��ر بالش��يطان، وبأعمال��ه، وبأباطيل��ه، وأتعلق بيس��وع المس��يح إلى األب��د، ب��ل تقوم أيضا بأن ترتبط الراهبة بالمسيح يسوع ارتباطا وثيقا وتتبعه في ك��ل

مكان.

8

تتبعيت��ه ال ريب إلى الس��ماء حيث العه��ود المقدس��ة ال��تي ترب��ط ب��ه تدخلك حتما، إذا لم تنقضيها؛ ولكن ال بد من قب��ل أن تس��يري مع��ه ط��ول طريق الجلجلة التي صبغها بدم�ه، وأن تقبلي ب��أن تص�لبي مثل�ه، إذا ل�زم

األمر. أما هو حقيقي أن ه��ذه الفك��رة تبعث ال��ذعر في النفس بس��بب م��ا

ة؟ نحن عليه من روح االستقالل والميل إلى الملذات الحسي لذلك أي كاهن ال يش��عر بش��يء من القل��ق، عن��دما ت��أتي إلي��ه فت��اة وتقول: أريد أن أصير راهبة، وال يقول في نفسه: ترى هل يكون لها القدر

الكافي من الشجاعة؟ في نظر الكثيرات عني الترهب، وال شك، كسب الس��ماء، ولكن ه��و أيضا، وغالبا ج��دا، الخ��روج من طري��ق االرتب��اك والهم��وم إلنتح��ال عيش��ة

قانونية رتيبة تلطفها محبة الله تعالى وعطف أسرة كاملة من األخوات. تجدين ذلك في الحياة الرهبانية، وتجدين أكثر من هذا أيضا ... ولكن

ليس هذا كل ما تجدين. أتعلمين ماذا يضع يسوع في "سلة الخطب��ة" لل��تي يختاره��ا عروس��ا

له؟ - يضع صليبه - وإكليله الشائك، - ومساميره. أتعلمين م���اذا يهمس في قلب ال���تي تعاه���ده باألمان���ة؟ - إذا كنت

تحبينني، فخذي صليبك واتبعيني. أتعلمين ما هي الصورة التي يقدمها لها لكي ال تنسى عروسها ل��دى

غيابه عنها؟ - إنها صورة المصلوب. فحمل هذا الص��ليب إذن، وحم��ل ه��ذا االكلي��ل من الش��وك، والس��ير مدة حياة كامل��ة على طري��ق الجلجل��ة، تع��ودين في م��دة ابت��دائك؛ وعلى

بين، لتتخذي لك أميال يسوع وعوائده. الكفر بأميالك وعوائدك تدر إذ ال يريد المسؤولون عنك، أن تجدي الحياة قاسية بإفراط من بع��د أن تتقيدي بإتباع يسوع المسيح، وأن تستطيعي القول: آه! لو كنت أعرف

ذلك!9

ولكن ال تت��وهمي أن�ه ليس في االبت�داء س�وى أي�ام ش��اقة. ال، ال، ي�ا أخ��تي؛ ف��إن ه��ذه الخل��وات المبارك��ة ال��تي دعيت بح��ق "الف��ردوس على األرض"، ال تخل��و من التعزي��ات واألف��راح، والس��الم؛ ألنه��ا فيه��ا، كم��ا في السماء، تظهر بطريقة محسوسة ال توصف جودة من قال: تع��الوا إلي إن

نيري لين وحملي خفيف. إن األميرة لويز دي فرانس مع أنها كانت ق��د تمتعت بك��ل م��ا يمكن أن تحلم ب��ه المخيل��ة على ه��ذه األرض، كتبت من الكرم��ل م��ا يلي: إن السعادة ال تفارق بيوت الله، حيث السنة كله�ا عي�د مفعم بالبهج��ة، وحيث

كل شيء يضحك حتى الجدران التي تفصل عن العالم. وكيف ال يكون في بيوت الل��ه س��عادة وف��رح وتعزي��ة؟ ففيه��ا الحي��اة بصحبة الله، والطاعة لله، والراحة بقرب الله، والعمل المفيد لل�ه، وإفن�اء الذات شيئا فشيئا ألجل الله؛ وفيها خصوص��ا الش��عور المحس��وس بمحب��ة

الله. وهل نعجب من بعد إذا س��معنا راهب��ة ترابس��تية تهت��ف قائل��ة: "ول��وقد ألصير عروس��ة ليس��وع المس��يح، فال لزمني أن أمشي على الجمر المت

أستطيع التردد لحظة".3

في االبتداء، ترى الفتاة هل الجمعية التي استمالتها هي مالئم��ة له��ا؛وترى الجمعية أيضا هل المبتدئة تناسبها.

إن الله قد اح��ترم حريت��ك إذ لم ي��رد من��ك عه��دا ص��ادرا عن تس��رع وعدم تبصر. والكنيسة، بإسمه تع��الى، وف��رت ع��دد الجمعي��ات الرهباني��ة، لتترك لك حرية االختيار، وقد طبعت كل جمعية بطابع خ��اص، وأرادت من الجمعية التي وقع عليها اختيارك لتقضي فيها مدة التجرب�ة، أن تظه��ر ل��ك بروحها الذي يقودها، والفضائل التي تطلبها، والممارسات ال��تي تفرض��ها، والشغل الذي تتطلبه... وبعد أن تري كل شيء وتعملي كل ش��يء، تق��ول لك: أنت حرة، فلك أن تبقي معنا، أو تقرعي باب رهبانية أخ��رى لتخت��بري

فيها نفسك من جديد، أو ترجعي إلى العالم.

10

لكن هذه الحرية التي تمنحينها، يجب أن تتمتع بمثله��ا الجمعي��ة لتبت في قبولك أو رفضك. فصحتك النحيفة، ومزاجك، ونقائصك الطبيعية التي، وإن أمكن أن ال تح��ول دون ذهاب��ك إلى الس��ماء، تقل��ق النظ��ام الع��ام، ومؤهالتك المخالفة لما تقتضيه الرهبانية، قد تك��ون من األس��باب الكافي��ة

لعدم االحتفاظ بك. فإذا انفصلت عنه��ا، فليس ألح��د من الج��انبين أن يقل��ق ويض��طرب: فالعدل ما أسيء إليه في شيء؛ والمحبة التي كان في إمكانها أن تص��ير ص��ميمة تبقى كم��ا ك��انت من قب��ل؛ ويس��تمر التع��اون بتب��ادل الص��لوات

للذهاب إلى السماء، ولكن ال في الطريق الواحدة، بل في طريقين.4

في االبت��داء ت��دخر النفس مؤون��ة واف��رة لخيره��ا الخ��اص ولخ��يراآلخرين.

ذلك ألنها تعطى كل شيء بوفرة: أمثلة مستديمة توفرها لها نفوستتنافس في السعي وراء الكمال؛

وإص��الحا لنقائص��ها يتم بمث��ابرة، وج��د، ولط��ف، وخ��برة؛ ودرس��ا لواجباتها يلقى عليها بجالء واس�تمرار طوي�ل؛ وتحريض�ات مت��واترة غايته�ا

كلها إن تعضدها وتدفعها إلى عمل الخير، وتشجعها؛ وسهرا طويال ال يترك هنيهة تذهب سدى، يالحظ كل ش��يء، وي��درك كل شيء، ويسعى إلى معرفة كل شي ولكن غايت��ه واح��دة، أن يق��ود إلى الكمال والقداس��ة؛ وتفاني��ا بال حس��اب لح��ل الص��عوبات، واس��تماع هم��وم

ر كل يوم بدون ملل وال كلل. النفس، واالرشاد في الشك... يتكروإذا أعطي في االبتداء كثير فال يطلب إال القليل.

ال يطلب من المبتدئة في بداي��ة األم��ر س��وى ش��يئين: ليون��ة األخالقفتنقاد بسهولة، واإلرادة الحازمة فال تيأس.

وبعد االبتداء الجيد، كم تكون النتائج جميلة ب��ل غ��ير منتظ��رة، كأنه��اعجيبة؟

11

فاالبتداء هو االتون الذي تخرج من��ه النفس مطهرة من ك��ل العي��وب الغليظة التي كانت تشوه جماله�ا، وتظه�ر بهيئ��ة جدي�دة: ك��انت متمس�كة بإرادتها، فأصبحت لينة؛ كانت محبة لذاتها، فغدت خدوم��ة مض��حية؛ ك��انت

فة. سريعة التأثر، شهوانية، فأصبحت قوية، شجاعة، متقش االبتداء هو القالب ال��ذي تخ��رج من��ه النفس مص��وغة لحي��اة جدي��دة،

حياة يسوع المسيح. االبتداء هو مس��تودع األس�لحة حيث تقتبس النفس أص�ول المع��ارف التي تتسلح بها لمباشرة عم��ل الل��ه؛ وحيث خصوص��ا ص��ارت ق��ادرة على

قبول وحفظ النعم الضرورية للمهمة التي سيعهد بها إليها. "االبتداء هو العمل المجدد للروح الذي يجع��ل النعم��ة اإللهي��ة تس��ود

قدر االمكان، سيادة كاملة على قوى النفس، وطاقاتها ونزعاتها". "إنه نوع من الخلق، وه��و انقالب حاس��م ال ب��د أن يح��رر النفس من القيود الجمة التي كانت تعرقلها بشتى أنواع المص��الح الذاتي��ة، والم��آرب،

والتعلقات العاطفية، واألهواء الطبيعية". "هو الموقد الذي فيه يلين الحديد فيكسب كيان��ا جدي��دا، ه��و الم��برد

الذي يصقل، وينزع الصدأ، ويهيئ اآللة، ويضعها مفيدة في يد العامل". "حينئذ يرتسم في اإلنسان إتجاه يغنيه عن كل االرشادات البش��رية، وذل��ك بإبتغائ��ه مج��د الل��ه وخالص الجمي��ع األب��دي، ال غ��ير". )األب دي

رافينيان( فالقديس اغناطيوس مقتنع ش��ديد االقتن��اع بأن��ه يح��دث في النفس، مدة االبت��داء، إنقالب عجيب ج��دا ح��تى أن المبت��دئات يخ��رجن من��ه ب��روح الحرارة، واالماتة، وب��روح المحب��ة لالختالء والتأم��ل في األش��ياء الروحي��ة؛ حتى ليظن نفسه مضطرا إلى تنبيه اللواتي ينص��رفن من بع��د إلى متابع��ة

، ويمارسن التقشف بوجه أقل. دروسهن، أن يلطفن من حرارتهنطوبى للمبتدئات اللواتي يحتجن إلى مثل هذه التنبيهات!

512

في االبت��داء تتثقف النفس بوج��ه يمكن مع��ه الق��ول ب��أن الحي��اة الرهبانية كله��ا تتعل��ق ب��الحرارة أو الفت��ور الل��ذين يرافق��ان المبتدئ��ة م��دة

ابتدائها. ولن��ا ال��دليل على ه��ذا الق��ول من خ��برة جمي��ع الرهب��ان ومن تعليم

معلمي الحياة الروحية، فكلهم مجمعون على تأكيده. فيقول أحد المؤلفين األتقياء بحسرة: إنه ليس بالنادر أن نرى مبتدئا حارا يهبط من حرارته األولى، أما المبتدئون الف��اترون فال أدري ه��ل نج��د منهم واح��دا من مئ��ة يص��ير ح��ارا بع��د ن��ذوره، ويعيش، من بع��د، عيش��ة

الراهب المثالي.االبتداء الشيء مصيبة كبيرة ال يمكن تعويضها إال بصعوبة.

اسمعي هذه الكلمة من رودريكس يخ��اطب مبتدئ��ة: " أنت اآلن في االبتداء، ولك فيه وقت كثير لتجته��دي في تق��دمك ال��روحي، ول��ك وس��ائل كثيرة تساعدك على هذا التقدم، ألن رؤس��ائك ال يفك��رون إال في ذل��ك وال

هم يشغلهم أكثر منه". "ثم لك تحت نظرك قدوة صالحة في المبتدئات األخريات اللواتي ال، والمث��ل الص��الح ل��ه ع��ادة ت��أثير كب��ير ح��تى يهتمن إال بتق��ديس أنفس��هن ليصعب على اإلنسان العائش دائما ما بين أشخاص مكبين على ممارس��ة الفضيلة، متقدمين فيها أشواطا عظيمة، أن ال تدفع��ه نفس��ه إلى الخ��روج

من جبانته مهما كان جبانا".��ال إلى "ول��ك ف��وق ذل��ك قلب متح��رر من جمي��ع أفك��ار الع��الم ومي الفضيلة، على ما يظهر، وليس لك فرصة تميل ب��ك عن الفض��يلة ب��ل ل��ك

ألف فرصة تحملك عليها. "فإذا كنت اآلن، ولست هنا إال لتصيري فاض��لة وال عم��ل ل��ك إال في اكتس���اب الفض���ائل، ال تتق���دمين البت���ة وال تكت���نزين رأس م���ال روحي���ا

للمستقبل، فماذا يكون منك عندما يمتلئ قلبك بألف أمر تتقاسمه؟".

13

"وإذا كنت اآلن، ول��ك الف��رص والتس��هيالت والمس��اعدات واف��رة بكثرة، ال تحسنين تأملك وال فحص الضمير، وإذا كنت اآلن ال تقومين جيدا وفي دقة وتقوى بتمارينك الروحي��ة، فم��اذا يك��ون من��ك عن��دما تض��طلعين

بشؤون الوظائف ومهام الخدم الخارجية!". ف��إذا كنت ال تس��تفدين ب��الرغم من ك��ل المحاض��رات والتحريض��ات واألمثال الص��الحة والح��وافز ال��تي يوفره��ا ل��ك االبت��داء، فم��اذا يك��ون من أم��رك عن��دما تص��بحين تقريب��ا منق��ردة لنفس��ك وتنه��ال علي��ك الموان��ع

والعقبات من كل نوع؟. فاحرصي إذن جي��دا على اس��تغالل ه��ذا ال��وقت الثمين من االبت��داء، وفكري أنك لن تجدي في األرجح وقتا آخر يساعدك مثله على العم��ل في سبيل تقدمك في الفض�يلة وعلى جم�ع الكن��وز الروحي��ة. فال تض�يعي من��ه

يوما، بل ال تضيعي منه ساعة.

14

الفصل الثانيفي روح االبتداء

إن ما يسمى روح االبتداء هو بمثابة الجو الذي تتنفس فيه الروح

المبتدئات ال يشعرن بهذا الجو الخاص، الذي يشمل ويغذي نفوسهن ويحولهن شيئا فشيئا؛ لكن شخصا غريبا يقضي في الدير يوما واحدا فقط يحس بارتياح نفساني يدهشه إذ يرى ذاته في محيط يسحر قلب��ه ويجعل��ه

يقول: ما أهنأ التنفس ههنا! نعم، إن التنفس ه��نيء في االبت��داء، والفت��اة ال��تي تحم��ل إلى ه��ذا البيت المبارك قلبا نقيا، ونفسا مخلصة، وإرادة حازمة لتتكرس لله، تشعر

ر يجري في كل كيانها. شيئا فشيئا يتغي إنها تعطى شبه طبيعة جديدة: فهيئتها، وأفكارها، وكالمها، وحركاتها،

سم سمة سماوية رائعة. اها نفسه، كلها تت وآراؤها، ومحي��ة. تج��د فاالبت��داء في الحي��اة الرهباني��ة كالطفول��ة في الحي��اة العيلي

الفتاة في االبتداء ما يجده الولد في العيلة: قليال من الهم وكث����يرا من الف����رح؛ قليال من العم����ل وكث����يرا من

المكافآت؛ قليال من التجرد وكثيرا من المودة.آه! لو يستطيع اإلنسان أن يبقى طفال ومبتدئا عهد طويال طويال!

د فروح االبتداء يدعى إجماال روح الل�ه، ألن الل�ه يس�يطر علي��ه كس�ي ويعترف له الكل بهذه السيادة؛ وكل شيء في االبت��داء بتأيي��ده، وبإرادت��ه،

وبأمره. وعمل ه��ذا ال��روح يج��ري في داخ��ل النفس خصوص��ا، وفي ال�داخلة ال��تي تخض��عها يحدث اإلنقالب الذي تنتظ��ره الكنيس��ة من النف��وس الفتي

إلمتحان االبتداء. ق��ال كت��اب االقت��داء بالمس��يح: "إذا حص��رنا ك��ل تق��دم في الحي��اة المس��يحية والرهباني��ة، في ممارس��ة األم��ور الخارجي��ة ممارس��ة دقيق��ة،

15

فعبادتنا ال تدوم طويال. فالراهب الصالح يجب أن يكون أكثر قداسة وأك��ثر نقاوة في أعماق قلبه مما يظهر منهه في الخارج، ألن الله هو نفسه يرى

ويحكم. والمبتدئة الصالحة ليست هي ال��تي ال تخ��الف أي م�ادة من ترتيب��ات وفرائض االبتداء، فتعجل إلى النهوض من الن��وم، وتس��رع قب��ل الك��ل إلى الخورس، وتقوم بوظيفتها بدقة، وال تتصلب أبدا من أمر ما، وتحافظ على

الرصانة في كالمها، وتنقاد بسهولة لمطالب اآلخرين ... كل هذا، وال ريب، ضروري لكل مبتدئة صالحة، ولكن ه��ذا كل��ه يجب أن تمارس��ه المبتدئ��ة وهي تفك��ر بأنه��ا تمارس��ه إرض��اء لل��ه، وخض��وعا

لمشيئته، وتمجيدا له. أما إذا كان روح الله تعالى ال ينعش المبتدئة فال تكون محافظة على الف���رائض، وعلى الص���مت، وعلى الحش���مة إال اض���طرارا، وألن جمي���ع المحيطين بها يحافظون على ذلك كله... فيخشى أن تسلك بدافع المزاج،

أو بدافع العادة، أو أيضا بدافع المجد الباطل والرثاء! فمن المهم إذن، منذ األيام األولى، أن تتملى من الروح الذي يك��ون

جو االبتداء، كما رأينا سابقا، وأن تنقاد لفعله الخير.1

روح إيمان فروح اإليمان يظهر االبتداء كأن��ه بيت الل��ه تع��الى، يك��ون في��ه الل��ه

المعلم األسمى. والقانون هو تعبير ال عن إرادة ه��ذا الش��خص أو ذاكن ب��ل عن إرادة

الله نفسه. والخالئق التي تكتفنا، كل واحدة بحسب وضعها الخاص، وكل واحدة بحس��ب مزاجه��ا وعقله��ا ونقائص��ها أيض��ا، هي الوس��ائل المادي��ة ال��تي

بواسطتها يتصل الله بنا.

16

روح اإليم��ان يرين��ا الل��ه تع��الى يقودن��ا بش��خص المع��رف؛ ويأمرن��ا بواسطة القوانين والرؤس��اء؛ ويمتحنن��ا بواس��طة م��زاج الرفيق��ة الفالني��ة، وبرتابة الوظيفة الفالني��ة، وبع��ذاب الم��رض الفالني، وباالتض��اع الن��اتج من

المالحظة الفالنية. روح اإليمان يجعل المبتدئة دوما محتشمة، دوما رصينة، دوما عامل��ة

بنشاط، ألن نظر الله تعالى ال يفرقها أبدا وألنها ال تريد أن تغيظه أبدا. روح اإليمان يجعلها أيضا مسرورة على الدوام ألنه يريها الل��ه تع��الى ساهرا عليها بمحبة، ويريها الله يقوم بقربها مقام كل الذين تركتهم ألجله، ويحسب لها، ليكافئها في السماء، كل عمل من أعمالها، وكل تصرف من

فاتها، وكل دمعة من دموعها. تصر2

روح ثقة وتسليم الذي دعا المبتدئة وهو يرافقها في طريقه��ا، ليس��ندهانحو الله.�� 1

ويشجعها، ويشددها ويقيل عثرتها ...��ه هي محب��ة ص��ميمة ه له��ا، وبأنه��ا تحب الله، الذي تشعر المبتدئة بحب

وتكل إليه أمرها دائما وفي كل شيء. الله الذي تبتهل إليه بإرتياح عظيم، وتعود إليه بعاطفة بنوية ص�ادقة،

طالة الصفح، وتدعوه بطيب الخاطر: يا أبي! ففي العالم ال تشعر النفوس بعناية الله األبوية كما تشعر بها جماعة الدير؛ ألن الله في الدير هو الكل بالكل. فطوبى للمبتدئة التي تفهم جي��دا

.1فحوى هذه الكلمات: الله هو كل شيء لي

لقد كتبت إحدى الراهبات التربستين ما يلي: "يظهر لي أنه لم يمض يعد يوم علي منذ أن نذرت 1 لله نفسي، وأني ال أعد سنين حياتي إال ابتداء من ذلك الوقت. أترين كما أنا صغيرة: إني ال أتجاوز

السنة! وهذه الفكرة تسرني كثيرا بقدر ما تدفعني إلى ثقة عظمى بالسيد المسيح. فالطفل الصغير ابن السنة الواحدة ال يقدر إال أن يحب والدته وهي تصفح له عن كل شيء، بل يظهر لي

أن أخطاءه الصغيرة تجعلها تحبه محبة أوفر".17

ولهذا ما أعظم ارتياحها عندما تذهب إلى الص��الة. وكم ت��رى نفس��ها سعيدة بأن يفرض عليها الواجب أن تمث��ل ل��دى الل��ه، م��رات عدي��دة ك��ل

يوم، للتأمل وتالوة الفرض، وزيارة القربان المقدس. لقد قيل أن الدير هو "بيت الص��الة" وتفهم اآلن، وهي في��ه، ك��ل م��ا تحويه هذه التمسية من عذوبة وق��وة وتعزي��ة؛ وتس��تطيع أن ت��أتي معلم��ةنها من الص��الة الدائم��ة، االبتداء ومرشدها لستطلع على الوسيلة التي تمك

التي تكلمها عنها الكتب المقدسة. "كن بناة صالة، وأنا أكفل لكن سعادتكن في الجمعي��ة" هك��ذا ق��الت

إحدى معلمات االبتداء لمبتدئاتها. ال��ذي فوض��ت إلي��ه الطاع��ة أن يهتمالكاهن نحو. ثقة وتس��ليم 2

بنفسها، فأصبح لها بمثابة الله منظورا بشكل محسوس؛ فكلمته هي كلمة الل��ه، وإرش��اداته هي إرش��ادات الل��ه؛ تع��رض ل��ه ببس��اطة أح��وال نفس��ها وتعيش بطمأنينة متيقنة أنه يقوده��ا إلى الس��ماء. وم��ا يهمه��ا أنه��ا لم تع��د تسمع صوت المرشد الذي قادها في العالم! إنها، وال شك، لن تنسى أب��دا من قاد خطواتها مدة طويلة؛ وستتذكر نصائحه، وتص��لي ألجل��ه؛ لكنه��ا لنر عليه بحسي مفهوم هذه الكلمة عند أبناء الع��الم. ف��إن الل��ه ال��ذي تتحس كان قد منحها كاهنا قديسا إلرشادها، يمنحها اآلن أيضا كاهنا قديس��ا، وفي

منبر التوبة ال ترى إال الله. وإذا سمعت اليوم بعض كلمات تظهر له�ا أق��ل عذوب�ة، وإذا ب�دا له�ا التعليم الذي يلقى عليها أكثر شدة وقساوة، فإنه��ا وال ش��ك تش��عر بقلي��ل من إنقباض القلب؛ لكنها ال تدرك أنها ال تزال ضعيفة، وتنتظ��ر بس��كينة أن

تتدرب أكثر على الحياة الروحية، وأن تفهم الكفر بالنفس فهما أدق. ال��تي هي رس��ولة الل��ه إليه��ا؛ إنه��ارئيس22تها تجاه. ثقة وتسليم 3

تقوم مقام أمها، ولها تكشف عن قلبها ببساطة الطفلن وبها تتصل سريعابعرى الصداقة الصميمة.

فبإتحاد ه��ذه القل�بين، أو ب�الحري ه��اتين النفس�ين، مع��ا، يحلي الل��هتعالى مرارة الكأس الناشئة عن الفراق.

18

ليست المبتدئة بحاجة إلى معرفة رئيستها ومعلمتها لتحبهما. فبنعمة خاص��ة، تنفتح بعض��ها لبعض من��ذ أول ي��وم، وتتف��اهم، وتتح��اب، وبه��ذه الواسطة تتكون األسرة... وإذا بقيت المتبدئة على محبتها لل��ه كم�ا أحبت��هحين دخولها الدير، فهذه المحبة تجعهلها سعيدة مدة حياتها الرهبانية كلها.

، بفرح وغبطة،رفيقاتها نحو. ثقة وتسليم 4 اللواتي تطلق عليهناسم األخوات، ويجعلنها تحس بعذوبة األفراح العيلية.

وكيف ال تتحد هذه القلوب ال��تي ش��عرت بالع��ذابات نفس��ها، وتعم��ل لهدف واحد، وتس�ير في الطري�ق الواح��د؟ ... إنهن يحببن بعض�هن بعض�ا،

ويؤكدن هذه المحبة بعضهن لبعض مبرهنات عنها بألف طريقة. فبينهن ليس من رسميات بل إنطالق وبساطة مس��تعذبان، واح��ترام��ة تجعلهن في الح��ال ص��ديقات حميم��ات، هن ب��دون جه��د، وص��راحة ودي

اللواتي لم يكن يعرف بعضهن بعضا من أمس فما قبل. ال بد، بالطبع، من بعض الرزانة في العالقات بين المبتدئات، غ��ير أن هذه الرزانة الناشئة عن الفطن��ة ال تض��ر بتات��ا بعواط��ف المحب��ة والم��ودة

. القلبية الكائنة بينهن3

روح استقامة وبساطةأة، إن هذا الروح يجعل المبتدئة تنصرف إلى العمل ب��دون ني��ات مخب وتقوم بالواجب المطلوب منه��ا على أحس��ن م��ا في إمكانه��ا ب��دون محب��ة

الذات، وبدون مباهاة؛ إنما تقوم به ألنه طلب منها.تتصرف بالطريقة الفالنية، وفي الوقت الفالنية، ألنه هكذا أريد منها. تقول ما تعرفه بدون إعتداد بالنفس؛ وتق��ر بجهله��ا م��ا ال تع��رف من

غير ارتباك. تكشف عن أفراحها، وهمومها، وقلقها، ونفورها، وأخطائها كما تراها

وتعرفها. حسبها أن يكون ذلك مطلوبا منها.

19

إذا شعرت بش�يء من اإلنزع��اج تعرض�ه ببس�اطة، وتس�تعمل العالجن لها. الذي يعي

إذا كانت على شيء من المرض فإنها تقوله أيضا. وإذا خطر له��ا أن ما تعترف به قد يك��ون عائق��ا في س��بيل قبوله��ا، ف��إن روح اإليم��ان ال��ذي

يقودها يجيبها هكذا: "أتريدين أن تكوني راهبة ضد إرادة الله تعالى؟ ال، بالطبع. فإذا كان الله قد أرسل إليك هذه العلة التي تمنعك عن دعوتك، فلم��اذا تري��دين أن تقاومي إرادته؟ وإذا كان الله يريد أن تصيري راهبة؛ ف��اطمئني ب��اال، فه��و

يدبرك إما بشفائك وإما بجعلك مقبولة بالرغم من كل شيء"4

روح ترتيب ونظام بهذا الروح ال تترك المبتدئة نفسها ترتبك بك��ثرة الواجب��ات المترتب��ة عليها. إنها ال تقوم إال بعمل واحد ال غير، وتنهيه دائما قب��ل أن تباش��ر عمال آخر؛ تبدأ نهارها بجعلها كل شيء في موضعه؛ - وتعم��ل ك��ل ش��يء بدق��ة متقيدة بالوقت والمكان وطريقة العمل، وهذا كله بدون إنزعاج وال ارهاق نفس وال وسواس؛ - تترك العمل الذب ابتدأت له عن��دما ت��دعوها الطاع��ة إلى عمل آخر، وبعد ذلك تعود إلى عملها األول بهدوء، وتتم��ه من غ��ير أن تفقد الص��بر. ك��ل األعم��ال، في نظره��ا، متس��اوية في الق��در إذا فرض��تها الطاعة؛ وليس من فرق عندها أن يكون العمل صالة، أو كناسة، أو درسا،

أو ترقيع ثياب ... فسواء أقامت أمام القربان المقدس، أم بق��رب م��ريض، أم وح��دها في حجرتها، أم بين أخواتها أثناء النزهة... فك��ل ش��يء حس��ن ل��ديها ألنه��ا

ترى في كل شيء مشيئة الله.5

روح سالم ومحبة هذا ال��روح يحتم��ل م�ا يض��اده، وينس�ى س��ريعا الخط��أ ال�ذي ارتكب نح��وه. يحس��ب ك��ل ش��يء، المعاكس��ات ال��تي ال من��اص منه��ا في الحي��اة

20

االجتماعية، ويحترز من أن ال يزعج أحدا؛ يتجنب التش��كي، وال يص��غي إلىالنميمة واالغتياب، بل يجتهد في جمع القلوب المتفرقة.

إن التي من طبعها تتعلق بك��ل ش��يء، وتك��ون منازع��ة ومزعج��ة لمتخلق للحياة المشتركة.

من كان فيها روح المحبة هذا لم تع��د تخص نفس��ها ب��ل تخص، علىنوع ما، الجميع.

إنها خدوم على الدوام، فال تتردد البتة في القيام بكل خدمة ب��ل هي مستعدة على الدوام لمساعدة الجميع، وللقيام مقام رفيقة تعبة، ولتأدي��ة

مهمة أهملها غيرها. إنها سخية فال تتساءل أبدا: أأنا ملتزمة بهذا العمل؟ ب��ل تب��ادر إلي��ه، وتجعل نفسها في خدمة الغير، وتتعب حتى العناء، ورائ��دها ه��ذه الفك��رة:

إن كل ما أعمله لآلخرين لوجه الله، فالله يعمله لي.فهذا الروح هو روح الحياة الرهبانية بالذات.

وقد قال أحد القديس��ين: "افحص بن��وع خ��اص مق��دار المحب��ة ال��تي يمكن أن تس��توعبه نفس فت��اة، ف��إذا ك��ان بوس��عها أن تحب كث��يرا الل��ه

وقريبها، فإقبلها للرهبنة".6

روح قوةهذا الروح يتألم، ويصمت، ويصبر.

تعلم المبتدئة أن أك��ثر ال��بيوت قداس��ة ال تخل��و من الص��عوبات، وأن هذه الصعوبات لها غاي��ة خاص��ة هي تق��ديس النفس؛ ل��ذلك تس��تقبل تل��ك

الصعوبات بسكون إذ ينبغي لها أن تكفر. وتعلم أيض��ا أن من غاي�ة الص��عوبات تثقيفه��ا على الحي��اة الرهباني��ة؛د لذلك تنتظرها بشجاعة وفي شيء من فارغ الصبر؛ إذ ينبغي لها أن تتجر

من كل ما هو فاسد فيها.

21

إنها الفأس التي تقطع ما هو زائد في الطبيعة.وهي المنحت الذي يصقل ما هو خشن فيها.

المبتدئ��ة تتح��دث عن ص��عوباتها الداخلي��ة إلى الل��ه، وإلى معرفه��اورئيسها... وما من أحد غيرهم يطلع عليها.

أما من جهة ص��عوباتها الخارجي��ة الناش��ئة عن األش��خاص المحيطين به��ا، فإنه��ا تع��رف جي��دا أنه��ا ال تعيش م��ع مالئك��ة؛ وأن له��ا هي أيض��ا إنحرافاتها، وأنها بقدر ما تتقدم في طريق القداسة، يقل شعورها بنقائص اآلخرين. ومن ثم فال تعيرها إال أقل ما يمكنها من االهتم��ام، وإذا ص��ادفت

من غيرها ما ال تستطيع إال الشعور به فإنها تتحمله بسكينة.7

روح فرح هذا الروح يجعلها تسر بالله وبكامل ما يشاؤه الل��ه؛ فتبتس��م ع��ادة، وتبث الحياة والنشاط في النزهات، وتبعث النشاط في العم��ل، وال تنظ��ر في كل شيء إال إلى الوجه الجذاب؛ وأخيرا تحمل معها الس��عد والس��رور فتبثهما حواليها، من غير إزعاج وال طيش وال تب��دد خ��ارجي؛ وش��عارها في ذلك كلمة لطيفة فاه بها القديس فرنسيس السالسي لكنها ال تجس��ر هي على إعالنها لئال تجرح بعض الطباع: القديس الحزين هو في الغ��الب بئس القديس. ولها في ذلك أيضا قاعدة أخ��رى أق��رب إلى الحي��اة العملي��ة: إذا كنت ال أستطيع أن أعطي اآلخرين كثيرا، فأسعى بك��ل الوس��ائل الممكن��ة

ألعطيهم قليال من الفرح. اآلن، وقد اضمحلت االجتماع��ات العيلي��ة المرح��ة وأقف��رت المن��ازل في العالم، تلك المنازل التي كان يجتمع فيها حول الج��د واألوالد واألحف��اد مصغين إلى أقوال الشيخ العجوز المرحة ومالئين ال��بيت بص��دى ض��حكهم الصاخب، فما عادت تصادف تلك الضحكات اللذيذة إال في األديرة، وفيه��ا وحدها تطلق األق��وال الفاتن��ة والنك��ات الطريف��ة، والرواي��ات واألقاص��يص الساذجة ال��تي تش��رح النفس وت��نزه العق��ل وتس��ري عن النفس الهابط��ة

22

أحيانا، كما كانت تسلي في الق��ديم حجل��ة لطيف��ة مرح��ة خ��اطر الق��ديسيوحنا الرسول. فإن الجماعة التي ليس فيها فرح لجماعة مريضة.

نس��تميح الق��راء أن نلح في وص��ف روح الف��رح ه��ذا، ال��ذي يجب أن ينعش كل أدي��رة االبت��داء. فه��و عالم��ة النفس النقي��ة المس��تقيمة الواثق��ة

المفعمة سالما ومحبة! لو كان يوسعنا أن نذكر كل ما نعرف عن نزهات بعض أديرة االبتداء ألتيح لنا أن نسرد الشيء الكثير من النك��ات الطريف��ة. فنكتفي ب��أن ن��ورد ص��فحة من س��يرة األم م��اري إف��رام/ إح��دى راهب��ات الق��ديس توم��ا في

نوفا، التي قامت مدة طويلة بوظيفة معلمة المبتدئات: فال لم تكن األم ماري إفرام ترى مبتدئاتها في س��اعة محاض�رة االبت��داء فقط، بل كانت تحرسهن كل يوم في نزهة المساء وتحرم ذاتها نادرا مم��ا كانت تدعوه أعذب لذاتها. كانت هذه األم الطيبة الذكر تحب أن ترى ذاتها تحيط بها بناتها الكثيرات؛ فكان عندها لكل واحدة منهن بال تمييز إبتسامة، وكلمة طيبة، وإنتباه رقي��ق. ل��ذلك م��ا ك��ادت تظه��ر بينهن ح��تى ت��رى ك��ل الوج��وه تنش��رح، فيب��دو عليه��ا الف��رح الش��ديد، وتنطل��ق األلس��نة بن��داء "مامير... ها هي المامير... أنظرن المامير... صباح الخير أو مس��اء الخ��ير

يا مامير!". في أثناء الصيف كانت تبادر زمرة المبتدئات والطالبات إلى تحوي��ط األم ماري إفرام. فيبتدئ السير باألحرى في المسلك الم��ؤدي إلى مغ��ارة سيدة الساليت. فعند وصول الجمهور إلى المغارة تن��دفع األص��وات لتحيي بنشيد تقوي تمثال مريم الواقفة بين ال��راعيين. ثم يجث��و الجمه��ور ويتل��وا السالم المالئكي. وبعد أن يكثر الجمهور من تقبيل مريم العذراء كان ذلك القطيع الس��عيد يتوج��ه إلى الص��نوبر وأحيان��ا إلى الغاب��ة القريب��ة. فك��انت الضحكات، يرددها الصدى المسائي، تدل من بعيد على فرح تل�ك القل�وب

الفتية.

23

وكانت األم ماري إفرام سعيدة بين بناته��ا، يش��رق وجهه��ا بإبتس��امة عذبة، مع أنها كانت عادة كثيرة الج��د والتفك��ير. فتق��ول: إلعبن ي��ا أوالدي، إلعبن ففرحكن يبهج قلبي وينفع نفسي. ترض��ي المبتدئ��ة يس��وع وأم��ه إذا

أحسنت السلوك في نزهتها. وك��انت في غ��الب األحي��ان ال تس��تطيع أن تجيب عن ك��ل م��ا يط��رح عليها من األسئلة، فتنشب بين السائالت حرب لطيف؛ فتقول الواحدة: ي��ا أمي لم تقولي بعد لي شيئا؛ وتردف األخرى: وأنا لم ألق بع��د تحيت�ك، م�ع أني كررت تحيتي مرارا. وتصرخ ثالثة: ماذا جرى "لحازورتي" إني لموقنة أنك لم تفكري بعد في معرفتها. وهذه المطالبات كلها كانت تقابل بضحك مفعم فرحا، واألم ماري إفرام تحاول أن تجيب عليها، فتق��ول: كي��ف! أن��ا إذن متأخرة ج��دا في أجوب��تي، فم��اذا علي منه��ا: واح��د أم ثالث��ة أم أك��ثر!

فكان ذلك يزيد في الفرح العام.رع فيه��ا وكثيرا ما كان الجرس يوقف فج��أة على الش��فاه أق��واال ش��

فتكون خاتمة إبتسامة الموافقة الصامتة من قبل المعلمة الطيبة. وكان لهذه النزهات نكهتها في الش��تاء، في المش��غل الكب��ير. فك��ان جمهور المبت��دئات والطالب��ات يحي��ط ب��األم المعلم��ة، ويض��حك، ويتح��دث، ويدور الكالم فيها على الله،وينشد بعض األناشيد التقية، وتروى قصة فيها بنيان للنفس. فكان الروح يجد دوما هذه النزهات تس��لية لذي��ذة، والنفس

غذاء.فيا له من فرح لذيذ وعذب ومقدس!

8روح تضحية وكفر بالنفس

هذا الروح يجعل المبتدئة تقول بحزم منذ مطلع ابتدائها: ينبغي أن ال أكون لذاتي فيما بعد، بل لله وللرؤس��اء الق��ائمين مقام��ه تج��اهي. وهك��ذا تضع المبتدئة بين أيدي رؤسائها إرادتها وحكمها ومؤهالتها، بتلك البس��اطة ال��تي تجعله��ا تض��ع بين أي��ديهم ش��يئا مادي��ا تري��د أن تتج��رد من��ه، فتعطي

رؤساءها حرية تامة ليزيدوا ويحذفوا ويبدلوا فيها كما يشاؤون.

24

سوف يق��ال ل��ك فيم��ا بع��د أن الراهب��ة نفس تب��ذل ذاته��ا تمام��ا في خدمة الله وتقدم ذاتها لله كمحرقة. فقد ق��ال الق�ديس توم�ا: "إن الحال�ة الرهبانية يمكن اعتباره��ا محرق��ة به��ا تق��دم النفس ذاته��ا لل��ه م�ع ك��ل م�ا تملكه. فتقدم لله الخيرات الخارجية بواسطة نذر الفقر االختياري، وتق��ف له خير الجسد بنذور العفة؛ وتقدم له خير النفس ك��امال بواس��طة الطاع��ة

إذ تضحي له بإرادتها الذاتية". قال القديس فرنسيس السالس��ي: "ه��ل تع��رفين م��اذا يع��ني كلم��ة الراهبة؟ إنها تعني نفسا متصلة بالله باإلماتة الدائمة يحبث ال تحي��ا إال لل��ه وحده. إذ ال يسوغ أن يقال للنفس الداخلة في الرهبانية أنها م��تى ص��ارت راهبة س��وف يقوده��ا س��يدنا يس��وع المس��يح على جب��ل ث��ابور لتق��ول م��ع القديس بطرس: حسن لنا يا رب أن نكون ههن��ا. ب��ل يجب أن يق��ال له��ا، سواء كانت مزمعة أن تنذر أم أن تدخل في االبتداء: يجب أن تصعدي إلى جبل الجلجلة لتص��لبي دوم��ا م��ع س��يدنا يس��وع المس��يح. يجب أن تص��لبين��ه ل��ك دعوت��ك عقلك لتحصري أفكارك وال تقبلي منه��ا بإرادت��ك إال م��ا تعي التي اخترتها. يجب أن تصلبي أيض��ا ذاكرت��ك لكي ال تع��ودي تقبلين ت��ذكارا واح�دا مم�ا تركت��ه في الع�الم. ويجب أيض�ا أن تعلقي على ص�ليب س�يدنا يسوع المسيح إرادتك الخاصة لكي ال تستخدميها من بعد على ه��واك؛ ب��ل

يجب عليك أن تعيشي في خضوع وطاعة كاملين مدة حياتك كلها".فيجب إذن، منذ االبتداء:

. أن تدعي غيرك يجردك من إرادتك، فال تقولي أبدا: أريد، أو ال أريد، بل1 تح��اولي أن تفعلي ك��ل م��ا يش��اؤه أولئ��ك ال��ذين حلت فيهم س��لطة الل��ه، وتطلبي مرارا إلى الله النعمة لكي ال تجادلي ج��داال داخلي��ا ح��ول موافق��ة

األمر الذي تعطينه لظروف الحال ومطالب الحكمة والفطنة. . أن ت��دعي غ��يرك يعاكس��ك في أميال��ك، وطريق��ة ش��غلك، وص��التك،2

وأحاديثك، وهيئتك، ومشيئتك. . أن تدعي الغير يحرمك كل ما يفيض عن الضروري، مثل تل��ك األش��ياء3

الص��غيرة ال��تي جلبته��ا من الع��الم وأنت به��ا متعلق��ة لم��ا ين��اط به��ا منالتذكارات.

25

. أن تتعودي عدم التشكي من ت��ونيب أو ت��ذليل أو تقص��ير في االح��ترام4الواجب لك، أو نسيان ... وهلم جرا.

نحن ال نطلب اآلن من المبتدئة أن تبادر إلى عمل التضحيات؛ وإنم��انطلب منها أن تسمح لغيرها بأن يحملها على صنيع بعض التضحيات.

*** تستطيع المبتدئة أن تعرف هل هي منتعشة بروح االبتداء، أي ب��روح

الله، إذا كانت تتم أفعالها اليومية: : فال تهم���ل منه���ا واح���دا عن تعمد، وتفعله���ا كله���ا في اآلوانبدقة.��� 1

المناس���ب، وفي المك���ان المعين، وبالطريق���ة المفروض���ة. إن المبتدئ���ة الدقيقة ال ترى وال تعرف إال قانونها. فحالما يقتضي هذا القانون ترك أح��د األشغال تتركه وتعكف على شغل آخر، وتخرج من حيث كانت لتتوجه إلى موضع آخر. إن صوت الجرس هو لها كالنجم المش��ع ال��ذي ق��اد المج��وس إلى مهد يسوع المسيح؛ وص��وت معلمته�ا ه��و له�ا ص��وت يس��وع المس��يح

القائل للرسل: تعال واتبعني. : ال بتلك الح��رارة والل��ذة المحسوس��ة، إذ بوس��ع المبتدئ��ة أنبحرارة.�� 2

تكون حارة، وهي تنفر طبعا من كل ما تفعله، وأن تش��عر بنف��ور وكراهي��ة من العم��ل الفالني أو من الرفيق��ة ال��تي تفرض��ها عليه��ا الطاع��ة. ه��ذه الحرارة تعني س��لوكا حازم��ا ش��جاعا، يخفي الت��أثير ال��داخلي وين��دفع إلى العمل بالتفكير أنه عمل تحت نظر الل��ه ال��ذي ه��و الس��يد، ي��أمر بالش��غل الفالني، مع الشخص الفالني، بالطريقة الفالنية؛ فالمبتدئة التي تحب الل��ه

تريد أن ترضيه. : هي النقطة الجوهري��ة، ب��ل الص��عبة. إن المبتدئ��ة ال��تي تفع��لبثبات.�� 3

اليوم ما فعلته أمس وما هي ملتزمة بأن تفعله غ��دا، وتواص��ل فعله��ا ه��ذا باإلنتب��اه عين��ه، والعناي��ة عينه��ا، والكم��ال نفس��ه، من األكي��د أنه��ا تع��اني استشهادا أليما جدا؛ لكن عينيها مرفوعتان إلى السماء؛ فإكلي��ل الش��هداء

ينتظرها.

26

الفصل الثالثفي النقائص الواجب إصالحها في االبتداء

إن النقائص التي تأتي بها المبتدئة إلى االبتداء، ويجب أن تعمل علىإزالتها، يمكن أن تكون في العقل – أو في القلب – أو في الجسم.

ال نتكلم عن النقائص التي ال تأتلف البتة م��ع العيش��ة الرهباني��ة، ب��لا، وال�تي عن تلك التي ت�ركت الخطيئ��ة األص��لية أص��ولها في ك��ل واح��د من تتوصل الجهود المتواصلة، بمعونة النعمة، إلى استئصالها أو إلى إض��عافها

إضعافا محسوسا. وال نتطلب أن تك��ون المبتدئ��ة في آخ��ر ابت��دائها بال نق��ائص، ب��ل أن

تكون قد جاهدت كل يوم لمقاومة النقائص التي اكتشفتها في ذاتها. هوذا اآلن أهم األسباب التي تمنع جماع��ة رهباني��ة من قب��ول طالب��ة تطرق باب االبتداء، أو مبتدئة تتقدم إلبراز الن��ذور، إذا لم تكش��ف ه��ذه إال

مدة االبتداء:����رفض الطالب����ات أو المبت����دئات إن لم تكن لهن الص����حة أو1 . ت

المؤهالت أو المواهب الضرورية للقي��ام بوظ��ائف الرهباني��ة، وال س��يما إذا كانت الصحة ضعيفة والفضيلة ضئيلة. ففي هذه الح��ال ال يمكن أن تك��ون

الطالبات إال عالة على الجمهور والرهبانبة.ض��ات من2 . إذا كن على درج��ة قاص��ية من الطب��ع الس��وداوي، معر

ض�ات للس��ير م�ع طبعهن للوس��اوس، دوم�ا في القل�ق واالض��طراب، معر المخيلة، متمسكات بعناد برأيهن الخ��اص، ال يس��لكن إال بحس��ب م��زاجهن وال يعملن إال ما يبدو لهن حسنا ومفيدا. فإن ه��ذه العي��وب هي ع��ادة غ��ير قابلة لإلصالح، والطاعة العمياء وحدها قادرة أن تج��ني من ه��ذه النف��وس

بعض الخير، لكنها ال تدرك أن الطاعة واجبة. . إذا ك��انت طب��اعهن وأخالقهن س��يئة، وروحهن غض��وب ع��نيف ال3

يحتمل شيئا، أو قلق ومقلق ال يثبت في السالم، له كلم��ة يقوله��ا في ك��ل شيء، أو فخور طموح ال يقوى على الخضوع ويسعى دوم��ا إلى التس��لط،اس مح��راك أو حسود حذر يخلق لنفسه أوهاما كثيرة يخاف منه��ا، أو دس��

27

خبيث مرائي يستخدم الحيل دائما، غالبا ما يفاجأ ساعيا ليختفي، ال س��بيلإلى استعياب نياته ومقاصده.

ات لل���ذات الحس���ية، ش���رهات،4 ات، محب . إذا كن من طبعهن رخي ي��رغبن في عناي��ة بليغ��ة بالجس��د والهن��دام، مم��ا ي��دل على فك��ر ض��يق؛ كسوالت يتركن الشغل المتعب لغيرهن ويتظ��اهرن باإلنش��غال؛ س��ريعات التأثر لدى أقل مالحظة. قال القديس فرنسيس السالسي: "أم��ا الفتي��اتخصات اللواتي ال يحتملن اإلص��الح من غ��ير أن يض��طربن ب��ل يمرض��ن الر غالبا بسببه، فيجب أن يفتح لهن الب��اب )ويص��رفن من الرهباني��ة(. ف��إنهن��ردن معالج��ة، فيب��دو بوض��وح أنهن يص��بحن غ��ير ق��ابالت مريض��ات وال ي. أم��ا ه��ذه الرخ��اوة، في ال��روح كم��ا في اإلص��الح، فال أم��ل من ش��فائهن الجسم، فهي من أكبر الموانع للعيشة الرهبانية، وفي ك��ل مك��ان يجب أن يعنى عناية كبيرة بأن ال تقبل في الحالة الرهبانية النف��وس المص��ابة به��ذا ال��داء ألنه��ا ال تري��د الش��فاء إذ ت��رفض أن نس��تخدم م��ا يمكن أن يعطيه��ا

الصحة". هذه العيوب كله��ا ثقيل��ة، وإذا ك��انت متأص��لة في طبيع��ة الطالب��ات، فهنال��ك أس��باب كافي��ة للحكم ب��أن الفت��اة المص��ابة وال��تي لم تس��ع ح��تىدخولها االبتداء بل لم تفكر في إصالح ذاتها منها، لن تكون راهبة صالحة.

1نقائص العقل وعيوبه

. إن عيب العق��ل األول، وال��ذي يهم ب��األكثر قمع��ه ويطلب إرادة1 قوية ثابتة وخصوصا تكرار األفعال الصدارة عن الفضيلة المضادة ل��ه، ه��و

، الذي ربما تتخيل الفتاة أنها قد قمعتها ألنها لم تظه��ر من��ذ م��دةالكبرياءطويلة، لكنها ترافق كل األفكار وكل األعمال بعناد شيطاني.

ه��ذا العيب يظه��ر، ثم يختفي، ثم يب��دو ميت��ا، ثم ينهض. ف��إن لن لم نبده مدة االبتداء سوف يس��بب لن��ا مت��اعب كث��يرة ويحملن��ا على اق��تراف

خطايا كثيرة.

28

الكبري��اء تحم��ل على تفض��يل ال��ذات على الغ��ير، وعلى االعت��داد��ق من غيره��ا بالنفس وحسبان الذات فوق اآلخرين، فتعد النفس ذاتها ألب وأفطن في أس�اليبها، وت�رى ذاته�ا أدق في الس�لوك، وأبل�غ في الفض�يلة،

وأكثر حرارة، وأجزل ثوابا من غيرها. وقد تبلغ الكبرياء أنه��ا ت��وحي إلين��ا ب��أن الرهباني��ة س��عيدة بالحص��ول علينا، إما ألننا جئنا إلى الدير ببائنة )دوطة( جديرة باالعتبار، وإما ألننا نرى

فينا مواهب وأساليب عملية تفوق مواهب وأساليب رفيقاتنا. الكبرياء تحمل على فحص ك��ل ش��يء، وتجعلن��ا، من غ��ير أن ن��دري، نرى أن مواد كثيرة من الفرائض تحتاج إلى إص�الح. الكبري�اء تلهمن��ا ش��يئا فشيئا أفك��ار االس��تقالل: فيك��ون ذل��ك أوال بطريق�ة ع��ابرة ثم تص�بح تل��ك األفكار مع الزمن ثابتة في الذهن فتنشئ احتقارا للفرائض وازدراء لصغاربا لنظر المعلمات، ونفورا من االس��تئذانات األمور وهربا من اإلصالح، وتجن

الصغيرة... بل ميال إلى األجوبة الحادة بل الوقحة تجاه أدنى مالحظة. . العيب الثاني الذي يضر بالنمو في الفضيلة ض��ررا جس��يما ال ح��د2الخفة والطيشله، هو ، ف��إن ه��ذا العيب ي��ولي ص��احبه ظ��اهرا لطيف��ا

محبوب��ا يرض��ي أحيان��ا أه��ل الع��الم حيث ك��ل ش��يء س��طحي، لكن��ه في الجماعات الرهباني��ة يث��ير ش��كوكا ومع��اثر أو ي��دفع اآلخ��رين خ��ارج دائ��رة

الواجب. إن المبتدئة الطائش��ة كث��يرة النس��يان. فالتحريض��ات ال��تي تس��معهاب ش��يئا ل��ديها بع��د والمقاصد التي تأخذها والمواعد التي تقطعها، ال تحس��

بضع دقائق. وهي كث��يرة الكالم، مه��ذار ت��دوخ الجمي��ع في النزه��ات؛ وفي غ��ير النزهات ال تفكر أبدا أن لزوم الصمت مما تفرضه الفرائض. وتظن أن لها

عذرا في ما تقوله بسذاجة: أنا ال أقدر أن أضبط نفسي.ت، ع��اجزة عن الص��الة العقلي��ة أو إتب��اع ق��راءة وهي كث��يرة التش��ت

علنية. فتخلط بين أمر وأمر وتلقي التشويش في نظام الجمهور.

29

وهي عادمة الثب��ات، تش�عر بحاج�ة إلى التنق�ل من مك��ان إلى آخ�ر،ومن وظيفة إلى أخرى، وإلى تبديل رفيقاتها... إلخ.

إن العيبين السابقين لعلى ج��انب عظيم ج��دا من الخط��ورة، فتلفتإليهما سهر المعلمات وإنتباه المبتدئات.

��رفض دخ��ول االبت��داء وألنهما ليسا غير قابلين الشفاء والمعالجة ال ي��ا نتض��رع إليه��ا أن تخض��ع للطالبة التي لن تصلح بع��د ذاته��ا منهم��ا؛ بي��د أن خضوعا أعمى لكل ما تقتضيه منه��ا معلمته��ا. إذ يعق��ل أن ال تقب��ل للن��ذور

المبتدئة المتكبرة أو الطائشة. قال الق��ديس فرنس��يس السالس��ي: "أم��ا النف��وس ال��تي هي ع��ادة مفعمة زهوا واعتدادا بالذت، والتي كانت وهي في الع��الم ح�وانيت الزه��وض��ع ب��ل كأنه��ا ت��روم أن تلقي دروس��ا في الفلس��فة وقد دخلت الدير ال لتت والالهوت وأن تقود وتحكم في كل شيء، فه��ذه النف��وس يجب أن الح��ذر

منها كثيرا."يه: "إن النفس المتقلقلة الغير الثابتة تحمل في ذاتها ص��ك وقال كول

الحكم بإبعادها عن العيشة الرهبانية" . وهنالك عيب آخر نشير إليه أيضا، مع أنه غير قابل لإلصالح التام،3

ألنه قد ال يكون مضرا بالجمهور إذا كانت المبتدئة المصابة به تتوص��ل إلى ، ال��ذي يمكن أنض2يق الفكرأن تخضع خضوعا أعمى، وه��ذا العيب ه��و

يفضي، إن لم يكن القلب صالحا والعب��ادة س��اذجة، إلى إنت��اج الوس��اوس. وه���ذه الوس���اوس وب���اء في الرهباني���ات س���وف نتكلم عن���ه في كت���اب

.2الناذرات نقف عن��د ه��ذا الح��د. أم��ا س��ائر العي��وب كح��دة الطب��اع والبطء في

الحركات... فإنها تضعف شيئا فشيئا تحت تأثير التقوى والمثل الصالح.

ليس ضيق الفكر الخلو من الحكم الصائب. قالت القديسة تريزيا: إذا كان الحكم الصائب ينقض 2 الفتاة، فال أرى في أي شيء تستطيع أن تفيد جماعتها، بل أرى جيدا أنها قد يمكن أن تضر بها

كثيرا.30

قال القديس فرنسيس السالسي: "وإن تكن الطالب��ات ض��عيفات أوضات لعيوب أخرى، فهذا ال يمنع االبتداء، بشرط أن تكون غضوبات أو معر فيهن رغب���ة ص���الحة في إص���الح ذواتهن وفي الخض���وع وفي اس���تعمال العالجات واألدوية الموافقة لشفائهن. وإن يكن فيهن نفور وكراهي��ة لتل��ك األدوية، وإن قبلنها بصعوية كب��يرة، فال ب��أس من ذل��ك إن كن يقبلن عليه��ا ويبدين إرادة ثابتة ورغبة في الشفاء مهما كلفهن. فإن هذه النفوس، بع��د عناء طويل، يأتين بثمار غزي��رة في الرهباني��ة ويص��بحن من خادم��ات الل��ه الكبيرات ويحرزن فضيلة راهنة وقوية. فإن نعمة الله تعوض الخلل الناجم عن النقيضة، وحيثما يكون نصيب الطبيعة أقل يكون عادة نص��يب النعم��ة

أوفر.2

نقائص القلب وعيوبهعيوب القلب هي:

: إن بعض الطباع باردة، صعبة التأثر؛ فل��و بقيت في الع��الم. الالمباالة1 لصارت فريسة األناني��ة. ه��ذه الطب��اع هي ع��ادة دقيق��ة، قانوني��ة، متأدب��ة، لكنها قلما تكون مبادرة بالكياسة والخدمة ألنه��ا ال تفك��ر في ذل��ك، وقلم��ا تكون شفيقة ألنها ال تكتشف األلم وال تدركه. أما في الدير، فالتقوى ال��تي يتشربنها، والتأمالت المتواترة في محبة الله لهن، ورسوم المحبة األخوي��ة التي يخضعن لها ألنهن يع��رفن أهميته�ا، ه�ذه كله�ا تض�ع فيهن محب�ة ذات ثواب، إن لم تكن محب��ة ودي��ة. وال س��بيل إلى طلب أك��ثر من ذل��ك منهن. ه��ؤالء يمتن من غ��ير أن يحببن أح��دا أو يحبهن أح��د؛ لكنهن يتع��زين في

ذهابهن إلى السماء بأنهن لم يحدن قط عن الواجب حيادا باهظا. : وهنالك طباع تش��مئز ألدنى النق��ائص وال تحتم��ل. الكراهية والنفور2

الطباع المعاكسة لطبعها. فتنشأ من ذلك كراهيات، ونفور، وأقوال الذعة، وانتقامات صغيرة، ومساع لتجسيم األخط��اء، ومخالف��ات للص��بر، وأجوب��ة قاسية وناش��فة وح��ادة وجارح��ة. فال ب��د له��ذه الطب��ائع الرديئ��ة من جه��ود عنيفة ومتواصلة لتتعلم االحتمال والصمت ومبادرة الغ��ير بااللط��اف. وم��ع ذلك سوف تبلغ هذه النفوس الهدف المقصود بمعون��ة النعم��ة واس��تخدام

31

الوسائل التي تعينها المعلمة، وإذا واظبت على الظهور بمظهرها الحقيقي بمعزل عن الرثاء. إنما تالقي المعلمة في هذه النفوس رأس مال أض��عف

مما في الطباع الباردة غير المبالية؛ وهي أصعب مراسا من تلك. . هذا العيب، في الجماعات الرهبانية، أخط��ر مم��ا. الطبع السوداوي3

يب��دو ألول وهل��ة. والقديس��تان تريزي��ا وج��ان دي ش��نتال توص��يان ص��ريحابناتهما بأن ال يقبلن في صفوفهن ذوات الطبع السوداوي.

ق��ال الق��ديس الف��ونس دي ليغ��وري: اهرب��وا من ه��ذا العيب، فإن��ه طاعون العبادة وسبب أخطاء كثيرة؛ يضر بالنفس كما يضر العث بالنسيج ال��ذي يأكل��ه؛ ويجع��ل النفس ت��دريجا عادم��ة الش��عور ويتركه��ا بين ي��دي

الشيطان وفي حوزته وسلطانه. إن ما تبديه معلمة االبتداء مثال من الم��ودة اللطيف��ة المقدس��ة، وم��ا تقرأه المبتدئة بتواتر في مطالعاتها عن رحم��ة الل��ه وجودت��ه، من ش��أنهما

أن يساعدا المبتدئة على إتقاء األخطار المنوطة بهذا العيب. بيد أن ما ينتاب النفس من نوب��ات الح��زن العارض��ة الع��ابرة ال ي��دل على طبيعة مصابة بالسويداء. إذ من القريب إلى االدراك أن تنتاب القلب الكسير أحيانا ساعات يحتاج فيها إلى الخل��وة واالنف��راد، وال ب��د أن تك��ون

في الحياة بعض أويقات أليمة تكون فيها االبتسامة مزعجة ومؤلمة. أم��ا في م��دة االمتح��ان أو االبت��داء، ف��الحزن ي��أتي ع��ادة من ذل��ك الم��رض الهائ��ل الم��دعو "الش��وق إلى ال��وطن". وق��د وص��فه ص��احب "الرسائل على الحياة الرهبانية" كم��ا يلي: ك��ان في الع��الم فت��اة تش��تهي منذ أمد بعيد الساعة السعيدة التي تقبل فيها في أح��د األدي��رة المقدس��ة؛ وقد خض��عت ل��ذلك بس��خاء لمحن طويل��ة. ثم ش��كرت لل��ه حص��ولها على اإلذن وودعت ك��ل م��ا ه��و عزي��ز عليه��ا وذهبت إلى ال��دير معلن��ة فرحه��ا وسعادتها. وفي الواقع كانت له��ا األي��ام األولى بع��د وص��ولها م��دعاة لل��ذة والسرور واالرتياح، فانقضت األي��ام كأنه��ا س��اعات، وك��ان ك��ل ش��يء في الدير زاهيا يبسم لها ويس��رها. ولكن م��ا عتم المج��رب إن دن��ا منه��ا ش��يئا

فشيئا، فثارت المصاعب في وجهها وزال فرحها.

32

فاس��تبدلت بهجته��ا األولى بمالمح الغارق��ة في التفك��ير، وعال وجهه��ا قت��ام وك��در، وخ��ف كالمه��ا، وانقطعت عن الض��حك، وب��انت له��ا النزه��ات طويلة، وجعل الشغل يتعبها وفقدت شهوتها للطعام، وباين النوم جفنيه��ا، وصار يالحقها ذك��ر أهله��ا وأس��رتها أينم��ا حلت. فص��ارت تحب العزل��ة عن رفيقاته��ا، وفي الخف��اء ص��ارت تسترس��ل في البك��اء، ف��ذابت وض��مرت وأخذت تأسف على مجيئها إلى الدير، وتخشى أن تك��ون ق��د ت�ورطت في

وجهة ال توافقها، وجعلت تفكر في الرجوع إلى العالم. ذل��ك ه��و م��رض "الش��وق إلى ال��وطن"، وه��و تجرب��ة خط��رة تنت��اب

الطالبات المبتدئات في بدء انخراطهن في السلك الرهباني. طي وتش��جعي وثقي. اذه��بي وارتمي بين ذراعي في��ا أختس، تنش�� معلمت��ك وق��ولي له��ا ببس��اطة وم��ودة: إني لض��اجرة. اس��معي نص��ائحها واقبلي مداعباتها فتري أن السكون يعود لقلبك، وتسمعي الل��ه يق��ول ل��ك في صمت التأمل: إني أنا أبوك وأمك وأخوك؛ أما الذين تركتهم فال تقلقي

بشأنهم، فأنا أعزيهم. . إن هذا العيب كثير الح��دوث في ب��دء الحي��اة. تعلق القلب البشري4

الرهبانية. فإنه طبيعي أن يتعلق قلب المبتدئة بمعلمتها أو برفيقة توافقه��ا بمزاجها وطبعها وسلوكها. ب��ل أن في ذل��ك كث��يرا من القداس��ة والنق��اوة. هذه المودة تولي صاحبتها كثيرا من الفرح، وتس��اعدها كث��يرا على تحم��ل االنفص��ال عن األس��رة، وت��وحي إليه��ا بكث��ير من الح��رارة في ص��لواتها، وتجعلها تجد فتنة غير يسيرة في العيشة المش��تركة، ويظه��ر أنه��ا مبارك��ة من الله حتى أن المبتدئة تدهش كل الدهش عند سماعها أن هذه الم��ودة

عيب في المبتدئة. نحن، في وهمنا، نع��د عاطف��ة القلب ه��ذه من أرق م��ا في المحب��ة، وكنعمة من الله تعوضنا ما نبذله من التضحيات. ونالحظ أننا بهذه الم��ودة ننعزل عن الجمهور، ونضع الرفيقة التي نحبها في مقدس قلبنا حيث يجب أن ال يكون إال الله وحده، وأننا نهتم بها مدة الصالة أكثر من اهتمامنا بالله الذي نناجيه. ال نالحظ أننا عادة نخ��الف المحب��ة معه��ا إذ تم��ر في أحاديثن��ا تارة المعلمة وتارة رفيقاتنا كموضوع للتسلية أو االنتق��اد، وأن ك��ل واح��دة

33

من كلتينا ال تق��وى على احتم��ال أدنى ل��وم يوج��ه إلى األخ��رى، وأنن��ا ننفخ الواحدة األحرى، ونساند إحدانا األخرى في أفكار الجبانة والحزن التي ق��د

تعرض لنا، وأحيانا حتى في أفكار المقاومة والمعاندة نفسها. إن تغذية هذا العيب تنتج ش��يئا فش��يئا ال��روح الس��يئة ال��تي س��نتكلم

عنها عما قليل، وال بد من إقصائها عن االبتداء.3

نقائص الجسد وعيوبه ال نعني بهذه العبارة العيوب الجس��دية الثقيل��ة ال��تي تمن��ع في بعض األديرة قبول الطالبة في االبتداء، ب��ل العي��وب والنق��ائص ال��تي تظه��ر في

الهيئة واللبس والمشية، والتي هي نتيجة تربية سيئة.���ة في الكالم، فمن ذل���ك الخش���ونة في األلف���اظ، والنغم���ة القروي والمش��ية ال��تي ت��دل على ته��اون أو تص��نع، وبعض التماي��ل وااله��تزاز في الجسم إلستلفات األنظار، والهيئ��ة المتكلف��ة وإن عن غ��ير ني��ة مقص��ودة، واإلتساخ، واإلفراط في النحافة، واالسترسال في الض��حك الص��اخب وفي الف��رح غ��ير الم��رتب، ومظ��اهر الص��داقة ال��تي قلم��ا ت��أتلف م��ع اللياق��ات والحشمة الرهبانية، واأللعاب التي تؤذن بإلف��ة غ��ير مرتب��ة... فه��ذه كله��ا، وإن لم تمن��ع من ال��ذهاب إلى الس��ماء، تش��وش ال��ترتيب والنظ��ام في

جماعة رهبانية، وتضر باالتحاد والحب األخوي.فلكي تصلح هذه العيوب والنقائص، ال بد:

إذ بوجه عام قلما نعرف نحن أنفسنا عيوبن��ا، فيجبمن معرفتها،.1 أن ندل عليها، وهذا ال يتم من غير أن تجرح محبتنا الذاتية في غالب

األحيان. لنقبل ببساطة ما يس��دى لن��ا من نص��ائح ويوجه إلين��امن االنقياد، .2

به لنا أخطاؤنا وهفواتنا من التذليالت الصغيرة. من مالمة، وما تسب لنباشر ثم نواصل مدة سنوات عديدة، إذا ل��زم األم��ر،من الثبات، .3

جهادا سخيا في سبيل إصالحها.

34

إن العيوب والنقائص الجسدية هي ما يصلح المرء نفسه من��ه ب��أوفر سهولة ألنها تسبب مذالت متواترة. فهل تكون المذلة آمن وسيلة وأعجلها

للبلوغ إلى الكمال؟ واآلن نس��تطيع أن نلخص م��ع بعض المعلمين الص��فات ال��تي تجع��ل النفس أهال للحي��اة الرهباني��ة. ال ريب في أن ه��ذه الص��فات ليس��ت دليال قاطعا على الدعوة، بيد أنها ت��ولي النف��وس الم��دعوة ض��مانة أق��وى على

حقيقة دعوتها. إن الروح المستقيم، الفرح، المنقاد، الودي��ع، الص��بور، الح��ائز ص��حة تتفق مع مطالب العيشة الرهبانية، يكون استعدادا ممت��ازا للعيش��ة ض��من

األديرة. الروح الذي يتحم��ل باألحس��ن ص��عوبات العيش��ة الديري��ة ه��و ال��روح اللطيف، السهل المعاملة، الش��جاع، المحم��ول على الف��رح والم��رح أك��ثر

مما على الحزن والكآبة. الص��فات ال��تي ت��دل على أن النفس تك��ون س��عيدة في ال��دير هي: البس��اطة، والص��راحة، ولين الطب��اع، والقلب الش��فيق، ولس��تقامة ال��روح التي تجعل ص��احبها ق��ادرا أن يق��اد بالعق��ل وخالي��ا من االستس��الم لله��وى

والمخيلة والزهو. مما تقدم بيانه يستنتج، مع مؤلف المحاضرات الرهبانية، أن ما يجب النظر إلي��ه في الطالب��ة إنم��ا ه��و الطب��ع أك��ثر من الفض��يلة. ف��إن لم تكن فاضلة فستصبح فاضلة في الحياة الرهباني��ة، بش��رط أن يك��ون له��ا رغب��ة حقيقي��ة وإرادة ص��ادقة. فم��ا ت��راه في ال��دير من األمث��ال الص��الحة، وم��ا تسمعه من الدروس والتحريضات المكررة، وما يفرض عليه��ا من حض��ور التمارين التقوية، هي لها وسائل أكيدة لتصير فاضلة حالما تروم أن تعمل الستخدامها بطريقة فعالة. ولكن إذا أتت إلى الدير بطباع وأخالق صعبة ال��ر طباعه��ا في ال��دير أو قلم��ا تغيره��ا تأتلف مع العيشة االجتماعية، فال تغي وبصعوبة كبرى. كان الق��ديس فرنس��يس السالس��ي ش��ديد االقتن��اع به��ذه الحقيقة حتى أن�ه يوص��ي راهبات�ه ب��أن ال يقبلن في ال��دير إال ذوات ال��روح الطيبة، وهو يعني بذلك الروح المتزنة ال��تي يس��ود فيه��ا الحكم الص��وابي.

35

فيجب إذن أن يفحص طبعهن قبل فضيلتهن. إن العيشة الرهبانية تكس��بالراهبة التقوى، لكنها ال توليها الروح الطيبة الصائبة.

36

الفصل الرابعفي األرواح الواجب اقصاؤها

عن االبتداء د، في دير االبتداء، أرواحا إن العيوب التي تكلمنا عليها حتى اآلن تول شريرة من شأنها أن تبيد من��ه ش��يئا فش��يئاروح الل��ه. فتجب معرف��ة ه��ذه

األرواح الشريرة للعمل على إبادتها منذ ظهورها.1

روح الحرد يق��وم ه��ذا ال��روح في أن تظ��ل المبتدئ��ة حائ��دة عن الجمه��ور، ال باالنعزال عنه من الوجهة المادية، بل بالخروج عن دائرة أفك��اره وأفراح��ه

اته. وني ه��ذا ال��روح يتكل��ف الص��مت م��دة النزه��ات، والكآب��ة م��دة الش��غل،

والتعب مدة الصالة، واالستياء من كل شيء وفي كل مكان.��ا بس��لوكها أو ينشأ هذا الروح عن الحسد لدى رؤية رفيق��ة تمت��از عن بفهمها أو بمعاملة الرؤساء لها؛ أو عن الزهو وامتعاض الحب ال��ذاتي على أثر توبيخ أو نسيان لنا، أو مديح وج��ه إلى غيرن��ا؛ أو عن ه��وى من تع��ودت

أن تجري حتى الساعة على حسب أهوائها.غاية صاحبة هذا الروح أن تلفت إليها األنظار واألشواق والمداعبات. إن روح الح���رد ه���ذا كث���ير الح���دوث في األش���هر األولى من زمن االمتحان، ويدعى حينئذ باسم يلطف عيبه، فيسمى "الولدنة". وفي الواقعلين، لكن العيشة الرهباني��ة ال يك��ون فيه��ا دالل وأوالد هو روح األوالد المدللون؛ ألن ج��وهر الفض��يلة في الق��وة، وروح الح��رد ي��دل على ض��عف م��دل

وجبانة. نرجو من معلمات االبتداء أن ال يسمحن لهذا الروح أن يدخل ويتبل��د في أدي��رة االبت��داء. فه��و مبي��د للتق��وى والمحب��ة، وه��و مب��دأ روح االنتق��اد

والتحزب، الذي سيأتي عليه كالمنا.

37

2الروح العالمي

هذا الروح العالمي يقوم في أن تحفظ في االبتداء العوائ��د واألفك��ارواألحكام التي كانت للمبتدئات وهن في العالم. ويبدو هذا الروح.

: إذا ك��انت المبتدئ��ة تتكلم دوم��ا، ومن غ��ير أن. في األح22اديث1 تنتبه لذلك، عما كانت تفعل في العالم، وعن االشخاص الذين كانت تراهم هناك، وعن زي��ارات الن��اس له��ا، وعن األعي��اد العالمي��ة ال��تي ت��ركت فيه��ا

أطيب الذكريات. ويبدو هذا الروح أيضا إذا كانت المبتدئ�ة تس�عى بنهم لمعرف��ة أخب��ار العالم، وتتحمس لرأي سياسي، وتظهر دوما كأنه��ا األولى في معرف��ة م��ا يجري والتحدث عنه، وتسمح لذاتها، بحج��ة تس��لية اآلخ��رينن ببعض نك��ات

تجرح التحفظ والحشمة الرهبانية. ويبدو أيضا إذا كانت المبتدئة تقرأ ك��ل أقاص��يص الجرائ��د ال��تي تق��ع تحت نظرها، وتنتظر بفروغ صبر النشرات الدينية، فيبدو أنه��ا ال غ��نى له��ا

.3عنها : يب��دو ه��ذا ال��روح الع��المي أيض��ا عن��دما. في الهيئة الظاهرة2

تتكلف المبتدئة الظهور بأنها أنظف وأحس��ن هن��داما من أخواته��ا؛ وعن��دما��دعى إلى غرف��ة االس��تقبال؛ تلبس منديلها بأناقة زائدة، خصوص��ا عن��دما ت��ان يس��تلفت وعندما تمشي على رؤوس أصابعها أو تتماي��ل بغنج ودالل فت

األنظار. إن هذا الروح، الذي له عالقة بالتربية األولى، يزول تدريجيا بقدر م��ا

تلج التقوى النفس حتى صميمها.

في بعض أديرة االبت�داء تقب�ل نش�رات ديني�ة، ش�هرية وأس�بوعية، فيه�ا أخب�ار عن الح�بر األعظم 3 والمشاريع الكاثوليكية. فنحن ال نصدر حكما بشأن هذه النش��رات ودخوله��ا أدي��رة االبت��داء، ون��ترك لمعلم��ات االبت��داء أنفس��هن أن يحكمن في م��ا يحس��ن فعل��ه ألج��ل خ��ير النف��وس الموكول��ة إلى

عنايتهن.38

3روح التميز عن الغير

إن هذا الروح ال يقوم، وال شك، في أن ال تعم��ل المبتدئ��ة م��ا يعمل��ه غيرها، ألن في ذلك مخالفة صريحة للطاعة، بل يقوم بأن تفعل ما تفعل��ه بطريقة تختلف عن طريقة الغ��ير، وأن ت��دوم على فعل��ه أك��ثر من غيره��ا،

ومدعية أنها تفعله أحسن من غيرها. وعلى ذلك أمثلة عديدة. تروم المبتدئة أن تبقى في الكنيسة أكثر من غيرها، فتطيل ش��كرها.1

بعد التناول، أو تصوم أشد مما تفعله رفيقاتها أو تسمح به المعلمة. وتروم ان تصعد إلى ال��دير أو ت��ذهب إلى المعب��د فيم��ا رفيقاته��ا في.2

نزه��ة، وأن تتل��و فرض��ها في المح��ل الفالني وال��وقت الفالني، وأن تلزم الصمت فيما غيرها يتكلم في أوقات النزهات، وأن تع��تزل عن

رفيقاتها المجتمعات لعمل تشترك فيه المبتدئات جميعا. وتكون سحنتها كئيب��ة في أي��ام الف��رح الع��ام، وتغ��ور في جم��ع فك��ر.3

وقنوت بالغين أيام األعياد، إذ يكون المعبد البسا أبهى حلة، وتمش��ي بإتئ��اد او برش��اقة خالف��ا لم��ا تفع��ل رفيقاته��ا، وتتم��ادى في ض��حك

صاخب، فيما رفيقاتها متحفظات في ضحكهن. إن هذا الروح شارد يميل عن السبل العادية. وال بد لقمعه من كث��ير من الصبر والحزم. فإن لم تطع المبتدئ�ة طاع�ة عمي�اء ص�ارت فيم�ا بع�د

غريبة األطوار، قلقة، وعلة سأم للجمهور.4

روح التهكم يق��وم ه��ذا ال��روح في أن تالح��ظ المبتدئ��ة ك��ل النق��ائص واالخالل وال��زالت الص��غيرة واألخط��اء ال��تي تب��در من ك��ل عض��و من أعض��اء دي��ر االبتداء، وأن تلفت إليها إنتباه الغير، ال يقصد أن توسعها إزدراء، بل إلث��ارة

ضحك الجمهور ومرحه.

39

إن ه��ذا ال��روح من أك��ثر األرواح مناقص��ة لل��روح الرهب��اني الحقيقي والعيشة الرهبانية، وإن لم يبد ألول وهلة إال موض��وعا للتس��لية. ذل��ك أن��ه يبيد المحبة، وتسري عدواه بسرعة كبيرة، ويجرح حتى الصميم األشخاص هم ض��حاياه، وأحيان��ا يحملهم على ت��رك دي��ر يج��دون في��ه ذواتهم عرض��ةة متواصلة؛ ثم أنه يمنع عم�ل النعم�ة في النفس المتهكم�ة، ويجعله�ا لمذل

في آخر األمر مكروهة عند الجميع. كان القديس باسيليوس يطلب أن ال يحف��ظ في الرهباني��ة الش��خص

المبتلى بروح التهكم. أما مصدر هذا الروح فهو الحب الذاتي ومعرفة الفضل الذاتي ال��ذي

يعرف الشيطان كيف يجسمه لصاحبه. فبعض التذليالت العلنية، وعقوبة تفرض كل مرة على من تبدر منه��ا

كلمة تهكم، من شأنها أن تصلح هذا العيب. والتأمالت المتواترة أمام القربان المق��دس على روح المحب��ة وعلى أوهاننا الشخصية من شأنها أن تعلمنا ع��اجال أن نص��مت وأن نش��فق على

أوهان اآلخرين.5

روح االنتقاد ليس هذا الروح في غالب األحيان إال روح التهكم، ترك يكبر، فأج��ال��اتهم. ومن الس��هل شيئا فشيئا نظره النقاد حتى في أعم��ال الرؤس��اء وني إدراك كل ما في ه��ذا ال��روح من الش��ر وكم تهم إبادت��ه: انتق��اد الروس��اء

والحكم عليهم! الويل للمبتدئة ال��تي تسترس��ل عم��دا في أفك��تر انتقادي��ة وخصوص��ا

تبلغها إلى اآلخرين!. يدعى االنتقاد أحيانا باسم التمرمر، ويبدو، من بعض الوجوه، شرعيا ألنه يظهر لنا مبني��ا على أس��اس، كم��ا ل��و لم يكن للش��يطان دوم��ا أش��باه

حجج يقدمها!

40

وبما أن التذمر والتمرمر هو من طبعه ميال إلى االمت��داد والتوس��ع، فها نحن ندل على أهم الشكاوي التي تستسلم الراهبات له��ا. فعس��ى أن��ز، الظلم ال��ذي تتض��منه تل��ك تبين هذه الالئحة لمن يقرأها من غير ما تحي

الشكاوي:يطلب دوما مني أنا إتمام أصعب ما في الدير وأجلبه للتعب.-يظهر لي أني لست بقدر فالنة أو لست مثل سائر الراهبات.-ة، فإلي يعهد فيها دوما.- إذا كانت ثمة مهمة صعبة أو مذل ال تسمع أبدا كلمتي عندما أبدي مالحظة، ويسمع دوم��ا لألخري��ات-

جميعا.ة في عيون الغير، ومع ذلك ماذا فعلت؟- لست مرضيعلي تقع دوما المالحظات والمالمات.- ه��ذه م��رة عاش��رة أطلب فيه��ا ش��يئا ض��روريا. وليس من متس��ع-

وقت يتيح أن يلبى طلبي. ومع ذلك تلبى طلبات الغير.الطعام كريه، ال يعتنى بنا أدنى عناية.- الرؤساء كاآلخرين، لهم أحباؤهم ... أما الراهبات المسكينات غير-

المحبوبات! ...6

روح التحزب هو شر األرواح الشرير. ال يبدو صريحا مدة االبتداء، لكنه يكبر روي��دا في إحدى ثنايا القلب، وبعد أن يلده الحرد ويغذيه الت��ذمر. ف��إذا لم يعم��ل

على إزالته منذ ظهوره فيا لسوء مصير الجمهور الذي يظهر فيه. إن روح التحزب هذا، وليد الكبرياء التي تروم التف��وق على اآلخ��رين��ه وتقوي��ه ��زعج، تغذي في المعرف��ة، وابن الل��ذة الحس��ية ال��تي تري��د أن تن الصداقات الخاصة. وهدفه أن يكون بتؤدة وعلى مهل حزبا، ثم يبيد ما هو

كائن. ال ريب أن ذلك أمر شنيع! هذا وال نتجاوز ما قلناه إلى ما هو أشنع، خشية أن نشكك المبتدئات الساذجات. إنما نستحلفكن بدعوتكن التي كلفت الله كثيرا من المعجزات ولعلها كلفتكن تضحيات كثيرة، أن تدعن من ل��ه س��لطان عليكن يق��ودكن

41

ببساطة وسذاجة. إقبلن التوبيخ والمالمة والت��ذليل وتمزي��ق القلب. دعن،مهما كلف األمر، غيركن ينتزع من نفسكن كل جرثومة شريرة!

عليكن تب��نى آم��ال الرهباني��ة. فل��و كنتن مزمع��ات أن تص��رن ص��ليبا للرهباني��ة ال��تي قبلتكن في حض��نها بحب جزي��ل! ل��و كنتن مزمع��ات أن تمزقن يوما قلب أمكن وتص��رن س��بب ع��ثرة ألخ��واتكن، وتص��بحن أدوات بين يدي إبليس لعمل الشر! ... لو كان ذلك هو مصيركن، لم��ا قلت لكن:ان االبتداء، وه��و إرجعن إلى العالم؛ بل بالحري أطلبن إلى الله أن تمتن إب

لن يرفض لكن هذه النعمة اآلن وأنتن تحببنه حبا جزيال.أجل، يا أختي، أجل، اذهبي إلى السماء، فذلك خير لك!

42

الفصل الخامسفي الفضائل الواجب اكتسابها وممارستها

في االبتداء إن الفض��ائل الخاص��ة باالبت��داء، تل��ك ال��تي يجب على المبت��دئات أن يع��نين خصوص��ا بإحرازه��ا، هي الطاع��ة، والمحب��ة االخوي��ة، والتواض��ع،

واالماتة، والبساطة. هي ثمرة أو تحقيق الروح السائد في االبتداء، وال�ذي يتغلغ��ل وح�ده

في النفس التي بذلت ذاتها بإخالص لله. من هذه الفضائل ندل خصوصا على الوجهة العملية، وفي قصدنا أن

نعود إلى بعض منها في كتاب الناذرات. إن هذه الوجهة العملية في الفضيلة هي من شؤون االبتداء الخاصة. فإن المبتدئة التي تعودت ممارسة أفعال التواضع والتجرد سوف تتمس��ك به��ذه الفض��ائل بحب أعظم م��تى درس��ت فيم��ا بع��د طبيعته��ا وأهميته��ا ودرجاته��ا المختلف��ة. يكفيه��ا اآلن أن تع��رف أن الل��ه يري��د أن تق��وم به��ذه

.4األفعال، وإنها اذا مارستها بنية خالصة، سوف تتقدس بها1

فضيلة الطاعة إن الطاع��ة، ال��تي تق�وم بإخض��اع اإلرادة إلرادة الغ��ير، هي، بحس��ب تعليم كل القديسين والمعلمين، الفضيلة الخاصة بالحياة الرهباني��ة. ق��الت القديسة تريزيا: "من ال يطيع ليس ب��راهب". الطاع��ة تع��د النفس إلح��راز سائر الفضائل: هي التي تبيد شيئا فشيئا ج��راثيم األمي��ال الش��ريرة، وهي

تستطيع معلمة االبتداء أن تعين لكل أسبوع أو أس�بوعين، ممارس�ة إح�دى الفض�ائل ال�تي ي�دور4 كالمنا عليها، فتكون هذه الفضيلة فضيلة المبتدئات الخاصة في أثناء تلك المدة، أي الفض��يلة ال��تي

تعنى كل مبتدئة أن تمارس منها بعض االفعال. يمكن وضع اسم تلك الفضيلة علنا في غرفة اجتماعات المبتدئات.

وفي يوم معين، تجتمع المبتدئات، فتؤدي ك��ل منهن بيان��ا عم��ا مارس�ته من أفع��ال ه��ذه الفض��يلة،سواء اكتفت بما نبسطه هنا أم أقبلت على أفعال ألهمها الله ممارستها.

وتبدل الفضيلة كل خمسة عشر يوما.وبعد الفضائل الخمس المذكورة يعاد دورها هي عينها. يلوح لنا أن في ما ذكرناه وسيلة لتشجيع المنافسة وإنشاء وح�دة روحي�ة بين المبت��دئات. وال تمن��ع هذه الفضيلة الشاملة للمبتدئات كلهن أن تجتهد كل مبتدئة بمفردها إلح��راز فض��يلة خاص��ة عينته��ا

لها المعلمة أو معرفها.43

التي تزيل نتوءات الطباع المتنافرة، وهي التي تصقل ما هو خشن، وتلين ما هو قاس في النفس، وتفعل في أعضاء جمهور رهباني فعل النار ال��تي��تيح إلقاؤه��ا في ق��الب تخ��رج من��ه بهيئ��ة تلين أصلب المعادن، فت��ذببيها وت

جديدة. فإذا مارست هذه الفضيلة بثبات مدة االبتداء صرت فيما بع��د راهب��ة

. 5حارة وقديسة وسعيدة تبدو الطاعة ص��عبة وقاس��ية ألول وهل��ة. وتل��زم في األوق��ات األولى بتج��ردات تم��زق القلب والعق��ل واالرادة. ولكن م��تى ب��ذلت النفس ذاته��ا للطاعة بذال تاما، نشرت هي في حياة هذه النفس إرتياحا عظيما وس��الما

عذبا، حتى أن النفس ال تعود تستغني عن إرادة تأمر إرادتها.ق��ة بفض��يلة ك��انت إح��دى الراهب��ات ق��د ت��ذوقت ك��ل الس��عادة المعل الطاعة، فتقول: "أطعن، وبط��اعتكن ينض��ب فيكن معين ك��ل خطيئ��ة. إن النفس المطيع��ة تص��ير من بعض الوج��وه معص��ومة عن الخط��أ. أطعن، وبطاعتكن تمألن ساعاتكن كلها استحقاقا وثواب��ا، فيص��ير ك��ل فع��ل وك��ل ة في إكليلكن. أطعن، وبط��اعتكن تص��رن دوم��ا تنقل وكل خطوة درة سني

منشرحات، ليقينكن الدائم أنكن تتممن مشيئة الله". البواعث على الطاعة وأسبابها:

. هي تف��وق ك��ل ال��ذبائح والتض��حياتج��ودة ه��ذه الفض��يلة وس��موها.�� 1 الممكن تقديمها لله. ألن إرادتنا التي نخض��عها ل��ه بالطاع��ة تف��وق عظم��ة وكماال ضحايا الدنيا بأس�رها. ل�ذلك، لم�ا احتف�ظ ش�اول بعش�رة حيوان�ات يقدمها ذبيحة لله، خالفا لوصية الله الصريحة، جاءه صموئيل يق��ول ل��ه إن

العصيان نوع من عبادة الوثن، وإن الطاعة أفضل من هذه الذبائح كلها.

أتذكرين أنك لما كنت صغيرة بعد وكنت تعلمين الكتابة، كان يقال لك: دعي غيرك يقود يدك، وال5 تتبعي حركة أخرى غير التي تعطى ليدك لتعود على تصوير الحروف كما ينبغي. فلو لم تتبعي هذه

الطريقة لما كنت تعرفين إال أن "تخربشي" على الورق. هكذا إذا إردت أن تصيري راهبة صالحة. لن يقال لك: ال تحركي يدك ودعيها تج��ري على ه��وى ي��د المعلمة. ال، وحاشا، وكال. بل يق��ال ل��ك: أمي��تي إرادت��ك، وال تكن ل��ك مش��يئة رئيس��تك، وإال ك��انت

فضيلتك نوعا من "الخربشة" الروحية.44

. إن الطاعة تولي أعمالنا كلها قدرا ساميا، حتى أنثواب هذه الفضيلة.� 2 اصغر الممارسات القانونية، كصوم نقوم به بروح الطاعة، )وال س��يما بع��د نذر بأن نصوم(، يكون له ثواب أعظم بكثير من ث��واب أص��عب التقش��فات الممارسة بمعزل عن الطاعة. إن النفس الرهبانية تستطيع أن تقول دوما ل��ذاتها، وهي تعم��ل ب��روح الطاع��ة، إنه��ا وإن اش��تغلت ش��غال يس��يرا ج��دا

فثوابها دائما جزيل. إن المرؤوس المطي��ع في األش��ياءالضمانة الناجمة عن هذه الفضيلة..� 3

التي ال تخالف وصايا الله يضمن له أنه ال يغلط أبدا أمام الله، وأن��ه يفع��ل ما هو مرضي جدا لدى هذا السيد األسمى، وإن كان الرئيس ال��ذي ي��أمره مخطئا في أمره. فإن الطاعة عذر دائم القب��ول أم��ام الل��ه، وإذا الم الل��ه نفسا على كونها لم توف الوفاء الكافي بتوبتها وتقشفاتها، فإذا أمكن هذه النفس أن تقول له أنه لم يسمح له�ا ب�أكثر مما فعلت، فالل�ه يكتفي به�ذا

العذر. إن حياة المخلص كلها فعل طاعة متواصلة.مثل سيدنا يسوع المسيح:. 4

كان يق��ول: طع��امي أن أعم��ل مش��يئة أبي. فأط��اع أم��ه، وأط��اع جالديه��أ وصار يطيع حتى الموت موت الص��ليب. ع��اش في الطاع��ة، وم��ات فيه��ا، م��ؤثرا، على ح��د م��ا ق��ال الق��ديس برن��ردس، أن يفق��د الحي��اة وال يفق��د

الطاعة.ممارسات الطاعة

تعودي أن تري الله في معلمتك، وأن تقبلي أوامره��ا كأنه��ا آتي��ة من الله. إن الله لن يكلمك رأسا، ولن يقول لك في كل صباح: إفعلي ك��ذا ثم كذا؛ لكنه يقول لك بواسطة الشخص الذي إخت��اره ش��رعيا لقيادت��ك. ف��إذا كنت على ه��ذا اليقين، وأنت علي��ه إذ أن��ك لم ت��أت إلى االبت��داء إال لتتمي مشيئة الله إتماما أكثر صراحة مما في العالم، وأنت تعلمين جيدا أن هذه المشيئة ال تظهر لك إال بواس��طة رؤس��ائك، إذا كنت على ه��ذا اليقين، فال

يعود يصعب عليك شيء. أتركي لمعلمتك حرية تامة ومطلقة أن تعين لك الوظيفة الفالني��ة أو تنزعها منك، والمحل الفالني أو تنقلك منه، وأن تأمرك بالعمل الفالني وال

45

تدعك تنهينه، بحيث تستطعين أن تق��ولي ل��دى ك��ل اس��تدعاء: ه��ا أن�ا ذي،ماذا تريدين أن أفعل.

ال تنظري أبدا في البواعث التي حملت معلمتك على إص��دار أمره��ا،��راد وال في مالئمة ذلك األمر، وال في نوعه وطبيعته. بل فليكن ش��عارك: ي مني هذا فأنا فاعلته؛ ال يراد مني هذا بعد، فأن�ا تاركت��ه؛ أرس�لت إلى ك�ذا،

فأنا ذاهبة. ذلك ما يجب أن يكون حديثك. ال تبحثي أبدا في داخلك عن س��بب أم��ر أو نص��يحة أو مالم��ة توج��ه إليك. فإذا كانت معلمتك هي المخطئة، فهي المس��ؤولة عن خطئه��ا أم��ام الله، ال أنت. وإذا كنت ال ترين الهدف ال��ذي تقص��ده، فم��اذا يهم��ك؟ ليس

لك سوى أن تقبلي ما عرضته وأن تبادري إلى العمل. اخضعي بسرعة، بال تأجيل، بال تأخر، وأتركي م��ا تفعلين��ه لتعملي م��ا

تؤمرين به. وكوني مستعدة لتجيبي في كل وقت: ها أنا ذي. اخضعي خضوعا تام��ا، في م��ا يس��وءك كم��ا في م��ا يس��رك؛ في م��ا يزعجك كما في ما يلذ ل��ك؛ في الراح��ة كم��ا في الش��غل، في الكالم كم��ا في لزوم الصمت، في أخذ الشيء من التسلية كما في حرمان ذات��ك من

أي شيء. اخضعي بفرح. ولعمري، إذا كنت تفكرين أنك تطيعين الل��ه، كي��ف ال تكونين فرحة؟ إلهي، إلهي، يا لسعادة من يكون أكيدا لديها، في كل حين،

أنها تفعل ما تشاء أنت، وأنها ترضيك وتمجدك! يا لسعادتها! ال تفعلي شيئا بال اس��تئذان، ح��تى أبس��ط األش��ياء االعتيادي��ة، م��ا لم تعينها بوضوح واجب��ات وظيفت��ك. إن��ك ب��ذلك تبره��نين على رق��ة ض��ميرك وعلى رغبتك في إرضاء الله. ال تستأذني بأقوال مبهمة ذات مع��نيين، كم��ا ل��و كنت تخ��افين أن تفهم أفك��ارك جي��دا. ال تعي��دي الك��رة في االس��تئذان بإلح��اف وإلح��اح بحيث تقتنص��ين قنص��ا اإلذن ال��ذي ال ت��روم الس��لطة أن تمنح��ه. بوج��ه ع��ام، ال تحت��اج الراهب��ة الفاض��لة إلى كث��ير من االس��تئذان،

باستثناء ما تفرض الفرائض نفسها طلبه.

46

أتمي ما تؤمرين به بدق��ة، من غ��ير قل��ق وال وس��واس، بتل��ك ال��روح��ه من اإلذن الودي��ة ال��تي تطلب أن ترض��ي الل��ه. ال تتوس��عي في م��ا نلت والس��ماح أك��ثر مم��ا يقتض��يه اإلذن الممن��وح، ال من حيث ال��وقت، وال من حيث األمكن��ة، وال من حيث الظ��روف. وك��ل م��رة تس��تأذنين في ش��يء

استعدي لقبول ما يرفض لك بسكينة وسالم. س��وف نتكلم في كت��اب الن��اذرات عن الحجج الواهي��ة ال��تي يلقنه��ا الشيطان للراهبات ليمنعهن عن الطاعة، أو على األق��ل ليح��رمهن ثوابه��ا.، وال فإنه خزاه الله، قلما يتعرض للمبتدئات بمثل هذه االعذار، بل يه��ابهن سيما إذا كن محافظات على بساطتهن منذ دخولهن في االبت��داء، وإذا كن، وأخ��وات يغذين في ذواتهن العواطف الودية التي تريهن أما في معلمتهن

. في رفيقاتهنبعض اعتبارات بشأن الطاعة

لو كان يسوع المسيح يظه��ر لي بطريق��ة محسوس��ة ويكلم��ني، أم��ا ول صوت أس�معه من��ه أت�رك ك�ل م��ا يش�غلني اآلن، مهم�ا ب�دا ليأكنت ل

مفيدا أو يقتضي السرعة. أما كنت أترك المقطع الذي أخطه ب��ل الح��رف ال��ذي أرس��مه ناقص��ا ألط��ير حيث ي��دعوني؟ ه��ل كنت أنتظ��ر أن يكلم��ني بصراحة؟ ومتى تمكنت أن أقرأ في عينيه أو في إش��اراته م��ا ين��وي طلب��ه

مني، هل كنت أستزيده ايضاحا وتفسير؟ لو كان يسوع المسيح يظهر ذاته بطريقة محسوسة، ه��ل كنت أم��يز في أوامره بين شؤون كبيرة وشؤون صغيرة؟ هل كنت أجس��ر أن أق��ول: هذا صعب يكلفني عن��اء كب��يرا؟ ه��ل كنت ألفت نظ��ره إلى ص��حتي؟ ف��إن النفس الرهبانية، كل مرة تخالف عمدا إحدى مواد قوانينها تقدر أن تقول لذاتها بحق: إني اآلن فاعلة ما ال يريد الله أن أفعل��ه. ه��ل كنت أجس��ر أن أفكر في صميم قلبي حيث يسوع يقرأ كما في كتاب مفت��وح: إن��ه يقض��ي

مني ما يفوق الطاقة، وال يأمر غيري بأشياء صعبة كهذه؟ لو كان يسوع يظهر ذاته بطريقة محس��ومة، ه��ل كنت أتعب��ه الى أن يمنح��ني م��ا أش��تهيه أو يض��عني في المح��ل المواف��ق زه��وي وذوقي، أو يعطيني ما يتطلبه حبي للذة أكثر من الضرورة؟ ه��ل كنت أس��عى إلمالت��ه

47

إلي بكثرة المبادرات وااللط��اف ال��تي هي من وحي الرث��اء أك��ثر مم��ا هيمن وحي عاطفة االحترام والخضوع؟

ه أو أت��ذمر لو كان يسوع يظه��ر بطريق��ة محسوس��ة، ه��ل كنت أحاج من أوامره عندما ال أرى صوابيتها بوض��وح؟ ه��ل كنت أستص��عب االعتق��اد بأن له أسبابا أفضل من براهي��ني وإن كنت ال أدركه��ا؟ أم��ا كنت أفك��ر أن كل ما يأمر به مقدس وصالح ومفيد، وإني ملتزم دوما أن أطيع��ه في ك��ل شيء؟ أما كنت أسعد بخض��وعي ألوام��ره وباختي��اره لي ألحق��ق مش��يئاته

وأنفذها؟ واآلن، أال أعلم من قوانين أن يسوع المسيح هو الذي يأمرني عندما تص��در األوام��ر من رؤس��ائي؛ وأني أطي��ع يس��وع المس��يح في ط��اعتي لرؤس��ائي؟ إن ادراك ه��ذه الفك��رة على م��ا ينبغي من ش��أنه أن يقط��ع السبيل لكل تذمر وكل استكراه وكل جبان��ة. في��ا الهي، أعني على فهمه��ا

ومحبتها واالنقياد لها.

2فضيلة المحبة االخوية

"يا أوالدي الصغار، أحبوا بعضكم بعضا". ه��ذه هي األق��وال الم��ؤثرة للقديس يوحنا الرس��ول، ن�روم أن تردده��ا المعلم��ة ك��ل ص�باح لمبت��دئاتها المجتمعات للرياضة األولى من الرياضات اليومية: يا أخ��واتي الص��غيرات، أحببن بعضكن بعضا حبا جزيال؛ لنحب بعض��نا بعض��ا. واذا خط��ر للمبت��دئات: لماذا ترددين علين��ا دوم��ا الكالم نفس��ه، فبوس��عها أن أن يسألن معلمتهن، على مث��ال الرس�ول: "ي�ا أخ�واتي، أحببن بعض�كن بعض�ا، فيص�ير تجيبهن

االبتداء صورة للسماء".

أجل يكون صورة للسماء االبتداء حيث كل الراهب��ات يحببن بعض��هن بعضا حبا متبادال. ومعنى هذا الحب المتبادل االحتمال المتب��ادل، والتع��اون المتبادل، والتقدير المتبادل، والعمل على إس��عاد بعض��نا البعض، واإلعتن��اء

48

بعضنا ببعض، وإرضاء بعضنا بعض��ا، وإكم��ال بعض��نا بعض��ا، وإس��ناد بعض��نابعضا، وقيادة بعضنا بعضا إلى السماء. لله ما اجمل هذه المحبة!

ذلك كمال في المحبة لن نبلغه أبدا، وإنما يجب أن نسعى إليه بك��ل قوانا. يجب أن تكون المحبة الفض��يلة المخت��ارة الممت��ازة في الجماع��ات الرهبانية. فهي الفضيلة الخاصة بقلب يس��وع المس�يح. هي بمثاب�ة النفس لكل جماع��ة تت��ألف باس��م يس��وع. هي ث��روة الجماع��ة الرهباني��ة ومج��دها��ق ع��رى وشرفها. هي متعتها، وهي التي تزيل عنه��ا الكآب��ة. هي ال��تي توث االتح��اد بين أعض��ائها، وهي ال��تي تع��د لهم ميت��ة عذب��ة، باس��مة، س��المية،

وتضمن لهم أبدية كلها سالم ومحبة. البواعث على المحبة االخوية

هي موضوع وصية صريحة ليسوعلزوم هذه الفضيلة من باب الواجب.. 1 المسيح: بهذا أوص��يكم أن يحب بعض��كم بعض��ا. ال ريب أن س��ائر الوص��ايا هي أيضا من الرب، بيد أن وصية محبة القريب هي منه على وجه خ��اص.

ة. هي وصيتي، يقول يسوع، ويهمني باألكثر أن تكون محفوظة مرعي هي العالمة الفارقة لتالميذ يس��وع المس��يح الحقيق��يين. ق��ال يس��وع المس��يح: تعرف��ون أنكم تالمي��ذي ال إذا انص��رفتم إلى ممارس��ة التقش��ف واإلماتة أو إلى مزاولة الصالة العقلية، بل إذا كنتم تحب��ون بعض��كم بعض��ا. فينتج من ثم أن الذي ليست له هذه المحبة لن يعرفه أو يعترف به يسوع

المسيح. كم��ا أن الخالص غ��ير ممكن لمن ال يحب الل��ه، ك��ذلك الخالص غ��ير ممكن لمن ال يحب قريبه. فالوصيتان وصية واحدة، وفقا لم��ا ق��ال يس��وع

المسيح نفسه. قال القديس يوحنا: إن المحبة وص��يةثواب هذه الفضيلة واستحقاقها..�� 2

الرب. فإن أحببتم بعضكم بعضا كان ذل��ك كافي��ا لخالص��كم. م��ا أعظم م��اتفيضه هذه األقوال من العزاء.

المحبة تستمد لنا غفران خطايانا، وتستر جما من الخطايا، كما ق��ال يعقوب الرسول. إن الله قد وعدنا وعدا صريحا بأن يفعل في س��بيلنا ك��ل

49

ما نفعله في سبيل اآلخرين. فإذا أحببنا قريبن��ا أحبن��ا الل��ه، واذا غفرن��ا ل��هغفر لنا الله أيضا، فمن ذا الذي ال تؤثر فيه أمثال هذه الضمانات؟

إنه، حبا لنا، نزل على االرض، وتألم، ومات. حي��اة مثل يسوع المسيح..3 يسوع المسيح كلها ليست سوى سلسلة من أفعال المحب��ة. لق��د ج��د في طلب المسكين واألثيم، وبادره، ودافع عنه، واحتمله، وغفر له، وقد ك��انت

إحدى كلماته األخيرة كلمة الحب والغفران.ممارسات المحبة االخوية

ليكن لك لجميع أخوات��ك، كث��ير من التق��دير واإلجالل. فهن نظيرات��ك نفوس ممتازة قد اختاره�ا الل�ه بين أخري�ات كث�يرات. هن حبيب�ات يس�وع المسيح، وإن يكن لهن عيوب. وهن مدعوات على مثالك ليصرن قديسات في السماء. أذكري إذن أن يسوع المس��يح يق��ول ل��ك بش��أن ك��ل واح��دة: سأحبك كما تحبينها، وأسلك معك كما تس��لكين معه��ا، وأدين��ك كم��ا منهن

تدينينها. ادني دوما من أخواتك بوجه ص�ريح، بس�يط، مفت��وح، عط��وف، ي�تيح لهن أن يأتين إليك بال وجل وال تردد، ويبين لهن أنك تقربينهن من غير ني��ة

ة. خفي اجتنبي أن تعذبي إحداهن في أي شيء كان. وإذا كنت، أنت وإح��دىرفيقاتك، تتقاسمان الوظيفة فاتركي لها النصيب األسهل، والله يعوضك.

تحملي أخواتك جميعا، إن لم يكن بابتسامة العطف الصعبة اإلظه��ار أحيانا، فعلى األقل بالصبر عينه الذي يحتملك به الله. واذكري بت��واتر أن��ك أنت أيضا بحاجة إلى أن تتحملك أخواتك، كما يقول بجرأة صاحب االقتداء

بالمسيح. إن لم يكن لك شجاعة وفضيلة كافية لتطلبي اللواتي ال يملن الي��ك،. م��تى وض��عتك العناي��ة االلهي��ة فال تتكلفي الظه��ور بمظه��ر من يتجنبهنين بقربهن، فأظهري ذاتك لطيفة، متساهلة، بشوش��ة. م��ا أعظم م��ا تس��ر

قلب يسوع إن لم ترفضي نفسا يحبها.

50

ال ترفضي ألخواتك خدمة واحدة بوسعك أن تق��دميها. به��ذا خصوص��ا تبدو المحبة األخوية: تبادل المساعدة، وتخفيف وطأة الشغل عمن تك��ون مرهق��ة، والقي��ام، في ص��مت وبال مباه��اة، بمهم��ة لم تس��تطع رفيق��ة أن تذهب فيه��ا ح��تى النهاي��ة... م��ا أعظم م��ا تك��ون مس��رة الل��ه في جماع��ة

تمارس بين أعضائها فضيلة االحتمال والتعاون المتبادل. . وم��تى رأيتهن قلق��ات، إس��عي ع��زي أخوات��ك في مللهن وأح��زانهن لتزدادي مبادرة ولطفا نحوهن. وفضيلة الرقة في الشعور تقودك في مثل هذه األحوال وتعلمك أن ال تسعي لتنقذي فج��أة من حال��ة الكآب��ة الرفيق��ة المس��كينة ال��تي تفاجئينه��ا وهي تبكي. إن البك��اء م��ع الب��اكين لمن آمن

الوسائل لتخفيف وطأة العذاب. ال تحق��دي أب��دا على إح��دى رفيقات��ك، وخ��ذي لنفس��ك ه��ذه الوص��ية اإلنجيلية بحروفها: ال تغرب الشمس على غضبكم، وهذه األقوال الصريحة التي فاه بها يسوع المسيح: إذا أتيت أمام الم��ذبح تق��دم قربان��ك وذك��رت هناك أن ألخيك عليك شيئا، فدع قربانك واذهب أوال وصالح أخ��اك، ثم ع��د

إلى المذبح وقدم قربانك. ك��وني األولى في اإلق��رار ب��ذنوبك واالعت��ذار عنه��ا، وإن خش��يت أن تقبلي ببرودة. فإذا بدا لك أنك لست بملتزمة أن تكلمي األخت المس��تاءة منك، فابحثي عن ظرف مالئم لتقدمي لها خدمة من غير أن تالح��ظ ذل��كهي، وصلي كثيرا ألجلها، وألزمي ذاتك أن تتكلمي عنها بما هو لمنفعتها.

أفرض��ي على نفس��ك أن تع��ذري الجمي��ع، وأن تجعلي ص��فات الغ��ير بارزة للعيان. وأعيدي الوفاق والوئام، بوسائل عديدة يلهمك إياه��ا مالك��ك

الصالح، بين اللواتي تالحظين أنهن على غير هذا الوفاق والوئام. لتكن رس��الة عذب��ة على قلب��ك أن تب��ثي في ك��ل مك��ان فرح��ا غ��ير صخاب، بل بسيطا، حرا صريحا، لطيفا محبوبا. اشتركي في النزهات وإن تكن مخالف��ة لس��نك واميال��ك. ض��عي في أخوات��ك النش��اط والم��رح م��تى لحظت فيهن ميال إلى الح���رد أو الت���ذمر. ض���عي االبتس���ام على الثغ���ور لتنشرح القلوب. فيكون عظيما ما تصنعينه من الخير، ويكون الل��ه ش��اكرا

لك أنك قد فرجت هم أوالده. 51

في كل صباح افرضي على نفسك صدقة صغيرة تتصدقين به��ا أثن��اء النهار: فإما كلمة تعزية، وإما نصيحة، وإما ابتسامة، وإما ص��الة، وإم��ا أداء

خدمة، وهلم جرا... 3

فضيلة التواضع قال القديس توما: ليست فض��يلة التواض��ع أولى الفض��ائل من حيث الج��ودة، لكن له��ا المق��ام األول من حيث هي أس��اس لس��ائر الفض��ائل. فالنفس الوضيعة ال تشعر بأي عناء في الطاعة أو التف��اني وب��ذل ال��ذات. هي تشعر بأنها ليس لها حق على أي شيء كان، وأن للجميع فضال عليها؛ فقد منحت هبة ي��وم قبلت في الجماع��ة الرهباني��ة، وت��وهب منح��ة أخ��رى باحتمال الجميع لها. وهي سعيدة بأن تبدي شكرها بشغلها وبسعيها لتس��ر

الغير. هذه النفس الوضيعة مسرورة وراض��ية عن ك��ل ش��يء: عن أخش��ن الثياب، وعن أحط الوظائف، وعن أقل األطعم��ة ل��ذة، وعن نس��يان الغ��ير لها؛ وال يخطر أبدا ببالها أنها تنال بضرر أو أن الغ��ير يري��د مض��رتها. بمث��ل هذه االفكار توفر المبتدئة على ذاتها كثيرا من األحزان الصغيرة والمتاعب ال��تي تع��ذب في األدي��رة وتلقي في الي��أس وتنتهي في آخ��ر األم��ر بجع��ل

الحياة مرة ال تطاق. التواض��ع إح��دى الفض��ائل األص��عب إقتن��اء. ينال��ه اإلنس��ان بت��أمالتة، المجهولة، وفي ص��مت ة، المنسي متواترة في حياة يسوع المسيح الخفي هذا المعلم الصالح أمام اإلهانة، وفي ذكر زالتنا الشخصية التي لو ع��رفت لجلبت لنا العار واالزدراء، وفي هذه الفكرة أننا لسنا سوى مستودعين ما لنا من المواهب والخبرة العملية، فإذا نسبنا إلى ذواتنا بعض المج��د منه��اا... وين��ال التواض��ع سرقناه من عند الله ال��ذي يع��رف كي��ف يس��ترجعه من��ررت تحت نظ��ر خصوصا بتكرار االفعال التي نتكلم عليها اآلن، ألنه��ا اذا ك

الله جلبت حتما النعمة إلى نفوسنا. البواعث على التواضع

52

هو حارس س��ائر الفض��ائل، يص��ونها ويخبأه��ا سمو هذه الفضيلة..1 ويمنع سرقتها. قال الق�ديس غريغوري�وس: إن من يجم�ع الفض�ائل ب�دون تواضع يشبه من يدع مسحوقا ثمينا عرضة للهواء. وقال ق��ديس آخ��ر: من

ال يتواضع ال يستطيع أن يكون عفيفا. إن الكبرياء هي، بحسب تعليم الكتاب المقدس، أصل الخطايا كله��ا، ألن كل خطيئة تصدر عن تمرد الخاطئ الذي يروم أن يعمل مشيئته ب��دل مشيئة الله؛ وبعكس ذلك يكون التواضع مصدر كل الفض��ائل، ألن��ه يخض��ع

النفس لله لتعمل بمشيئته في كل شيء. التواضع يسكن غضب الله، كما نرى ذلك فيثوابها واستحقاقها..� 2

ى وآح��اب لم صفحات عديدة من العهدين الع��تيق والجدي��د. ف��داود ومنس��ار تبرر ألنه إتضع. يعاقبوا ألنهم تواضعوا، والعش

التواض��ع يجت��ذب عط��ف الل��ه ال��ذي يجع��ل مس��رته م��ع الص��غار�رين، ويعطي نعمت��ه لل�ذين يض�عون أنفس�هم والمتواضعين، ويقاوم المتكب

أمامه. التواضع يجعلنا محبوبين لدى الجميع، ألن هذه الفض��يلة تحملن��ا على

أن ال نعاكس أحدا، وأن نذعن للجميع، وأن نخدم الجميع. إنه يوصينا وصية صريحة بهذه الفضيلة التيمثال يسوع المسيح.. 3

موا م��ني، هي من جملة الفضائل الجاعلة إيانا مشابهين له. فقد قال: تعل ال صنع العجائب، بل أن تكونوا وض��عاء وودع��اء القل��وب. وكم من األمثل��ة أعطانا في التواضع: فقد أخفى، وه��و ص��غير، ك��ل م��ا ي��دل على ألوهت��ه، ورضي أن يعد كمجرم، وأن ينحني أمام يه�وذا ويغس��ل ل�ه رجلي�ه، وم�ات

بين لصين.

بعض ممارسات التواضعال تفكري كثيرا بصفاتك الحسنة، ومواهبك، ومهارتك العملية.

53

ال تتلهي بذكريات ما كنت تفعلين��ه في الع��الم، وم��ا ح��وطت ب��ه منالتقدير، ما وجه إليك من الثناء والمديح.

ال ت��دافعي عن رأي��ك بعن��اد وتش��امخ، وال تتخلي عن��ه بعين اإلزدراء واالحتقار، كأن��ك تق��ولين لمن يعاكس��ك: أت��رك ل��ك الف��وز، ألن الج��دال ال

يكون مع األغبياء. ال تسعي لتعرفي كل شيء، أو لتكوني أول من أخبر الجمه��ور خ��برا

جديدا. ليكن كالم��ك عن نفس��ك على أوس��ع م��ا يمكن من االقتض��اب؛ وال تتكلمي البتة عن أسرتك وبالدك وحالتك في العالم، وعما كان بوسعك أن تكوني، وعن األشخاص الذين كنت تعاشرينهم، وعن الذين يأتون لزيارتك. ال تحتفظي، قصد الفحص الملي، بأفكار التذمر التي تنشأ دوم��ا عن امتعاض الكبرياء، وقولي في نفسك: إن الله قد سمح بأن أنس��ى وأج��رح

وأذلل، فنعما فعل. رددي أحيانا أمام القربان المق��دس أق��وال كت��اب االقت��داء بالمس��يح هذه، كما لو كان يسوع المسيح يوجهها إليك: أتريد أن تعرف شيئا يفي��دك حقا؟ أحبب أن تكون مجهوال ومعدودا كال شيء. إتلي طلبة التواضع ال��تي

تجدينها في الفصل التالي "حكم االبتداء". ال تطمعي في أي وظيفة أو عمل. أجيبي ببساطة عن األسئلة ال��تي يطرحها عليك رؤساؤك بشأن مؤهالتك واألشغال التي إنصرفت إليه��ا في

العالم... وكوني بعذ ذلك في سالم. ال تعت�ذري بكث��ير من الح��دة والحماس��ة، وإن ظننت أن�ك على ح�ق،

وابذلي جهدك كله لتنسي الشخص الذي جرحك وموضوع امتعاظك منه. أزيلي من هيئتك الخارجية كل ما يدل على ترفع وإدعاء، وكل حركة تبدو على شيء من الزهو، وكل مشية تش��تم منه��ا رائح��ة األنف��ة وال��روح العالمي��ة؛ ومن ح��ديثك ك��ل كلم��ة يظه��ر منه��ا الت��أمر أو النش��وفة أو قل��ة

العطف؛ ومن نبرة صوتك كل عنف وصلف.

54

ألزمي ذاتك أحيانا بأن ال تتطلبي، مدة بضعة أيام وبروح التواضع، ماليس هو ضروريا لك وقد أهمل تقديمه لك.

استأذني دوم�ا بالعب��ارة والوض��ع والمطل��وبين من الق��انون والعوائ�دالمرعية. ففي بعض األديرة تستأذن المبتدئة كل مرة وهي جاثية.

إذا كان ثوبك ينقص عن سائر الثياب أناقة ويزيدها خشونة� وإذا كان تفصيله غير ناجح ... فال تشتكي واس��تعمليه من غ��ير أن يب��دو علي��ك أن��ك مالحظ�ة ذل�ك. واس�لكي على ه��ذا النح�و في ك�ل م�ا ه�و تحت تص�رفك: ككتاب عتيق، أو مسبحة متقطعة، أو سرير وفراش غير م��ريحين... وهلم

ا. جر أطلبي، ال تكلف، أن تزاولي الوظائف التي تستكرهها الطبيعة ع��ادة وهي من نصيب الخ�دم في ال�بيوت. وإقبلي دوم�ا بطيب الخ��اطر الخ�دم

ا. التي تعرض عليك، كالكناسة وغسل أواني الطعام وهلم جر احسبي ذاتك، أمام الله، كخادمة الغير، واسلكي حينا بع��د آخ��ر، من

غير أن يالحظ أحد، نحو الجميع، كما لو كنت في الواقع خادمة الجميع. إذا حباك الله بعض المواهب الخاصة، كالدقة في األش��غال اليدوي��ة، أو صوت لين ومنسجم، أو حسن الذوق في التزيين، فال تفرطي في تبيان ذلك، وال تحملي الغير على اإللحاح في طلب خدمة، بحجة أنك ال تع��رفين

وليس لك المهارة الكافية... بل بادري إلى أداء خدمة أو إرضاء اآلخرين. ال تك��ثري الكالم عن أوهان��ك الروحي��ة وقل��ة حب��ك لل��ه. وال تتكلفي احتقار نفسك في كل شيء، كأن تقولي: أنا أصغر الجميع وأق��ل األخ��وات مقدرة... يمكنك أن تفكري في ذل��ك ال أن تقولي��ه. ففي إذاعت��ه غالب��ا م��ا

يكون النصيب للحب الذاتي أوفر مما للتواضع.4

فضيلة اإلماتة من الضروري، عندما تغادرين العالم إلى الدير، أن تحذفي من قلبك وعقلك وحواسك أشياء كثيرة كان ينميها ويغذيها العالم الذي عشت في��ه.

55

فقد ال تك��ون ه��ذه األش��ياء كله��ا س��يئة في ح��د ذاته��ا، لكنه��ا ال تتف��ق م��ع العيشة الرهبانية. وق��د لخص��تها القديس��ة حن��ة دي ش��نتال كم��ا يلي: "من المهم غاية األهمية أن ال تقبل في العيشة الرهبانية فتي��ات ينتبهن بإرتي��اح

لوجوههن، أو يحببن أجسادهن بإفراط، وكذلك عقولهن". لكل مناخ ثماره الخاصة. فمناخ العيشة الرهبانية ال يحتم��ل منتج��ات الحياة العالمية. وحذف هذه المنتجات العالمية هو ما نسميه إمات��ة. فكم��ا أن األغصان المفصولة عن الجذع الذي ينق��ل إليه��ا الحي��اة تم��وت، ك��ذلكاألفكار واألشواق والعواطف واألعمال المفصولة عن اإلرادة تموت أيضا.

يجب أن تكتب على عتبة كل دير لالبتداء هذه األقوال الس��يدية: من أراد أن يتبعني فليكفر بنفسه. وفي غرف��ة اجتماع��ات المبت��دئات يجب أن تكتب هذه األقوال من كتاب االقتداء بالمسيح: بقدر ما تغصب ذات��ك تنجح

في الفضيلة. فماذا يجب حذفه إذن؟ إنك ال تلبثين أن تعرفيه إذا إنتبهت ول��و قليال لدروس معلمتك، ولقراءة قوانينك، وللنظر إلى رفيقاتك القديمات العه��د،

.6وخصوصا للطاعة واالنقياد لصوت ضميركالبواعث على اإلماتة

. لق��د ق��ال يس��وع المس��يح: من أراد أنض��رورة ه��ذه الفض��يلة.�� 1 يتبعني فليكفر بنفسه ويحمل صليبه ك��ل ي��وم ويتبع��ني. والخالص ال يمكن أن يتم إال بقدر ما نسير في إثر يسوع المسيح. ومن ثم، ف��الكفر بال��ذات،

أي اإلماتة، ضرورية للخالص. يعلن المجمع التريدنتيني "إن المعمدين ال ت��زال فيهم ب��ؤرة األه��واء والشهوات التي يجب عليهم أن يجاه��دوا لمقاومته��ا بال إنقط��اع. فهي لهم مصدر نعم إذا قاوموها بشجاعة بنعمة يسوع المس��يح، إذ ال ين��ال اإلكلي��ل إال من يجاهد". فإذا أردنا أن نكلل يوما ال بد لنا أن نحارب بؤرة الش��هوات هذه، ونجاهد ضد عدونا الداخلي وال نستس��لم ل��ه أب��دا. تل��ك ه��ذه اإلمات��ة

ال نريد أن نتكلم عن اإلماتات الجس��دية، كاألص��وام واس��تعمال المجل��دة والمس��ح وم��ا إليهم��ا... 6 فالراهبة ال تستطيع أن تبيح لنفسها شيئا من ذلك من غير أن تستأذن معرفها أوال ثم رئيس��تها، م��ا

لم تفرض هذه األفعال قوانين الرهبانية.56

والكفر بالذات الل��ذان فرض��هما يس��وع المس��يح. ق��ال الق��ديس توم��ا: إن الجسد مصدر العيوب والرذائل، ف��إذا أردن��ا تجنب الرذائ��ل وجب علين��ا أن

نقمع الجسد. . هي تس��اعدنا على الوف��اء عنثواب هذه الفض��يلة واس��تحقاقها.�� 2

خطايانا وتجعلنا أكثر استئهاال لنظر الله. وتحد من تأثرن��ا للتجرب��ة وتزي��دنا ق��وة على مقاومته��ا. وتزي��دنا اس��تعدادا للص��الة العقلي��ة. وتؤهبن��ا لنقب��ل

بسهولة أعظم تأثيرات النعمة. . حسبنا أن نذكر كلمة القديس ب��ولس ه��ذه:مثل يسوع المسيح.�� 3

"إن المسيح لم يرض نفسه"؛ ففيها قاعدة عامة إلماتاتنا. حسبنا أن نلقي نظ��رة على المص��لوب ونق��ول ل��ذواتنا: ه��ذا مث��الي. فب��ذلك نكبت تم��رد

الحواس بإزاء المحنة أو المعاكسة أو المذلة.بعض ممارسات اإلماتة

يجب أن ينقص ت���دريجيا فض���ول عقل���ك عن معرف���ة ك���ل ش���يء، واستقصاء كل شيء، وق��راءة ك��ل ش��ي، والتح��دث عن ك��ل ش��يء؛ وعن التبجح بكل م�ا يعرف��ه، وعن اس��تعمال ل�واذاع الكالم في األح��اديث، وعن التحمس في الكالم، وعن االستس��الم للقل��ق ل��دى أدنى معاكس��ة، وعن

تقصي األخبار والحوادث، وعن المبادرة إلى رد الجواب... ال يجادلن بحماسة، وال يطلبن أن يكون الح��ق دوم��ا بجانب��ه؛ وليتعلم أن يسلم لغيره بظرف وكياسة، وال ي��دعين أن��ه يف��وق اآلخ��رين في العلم

والمعرفة. يجب أن ال تميل إرادت��ك إلى التس��لط على الجمي��ع، وأن ال تتمس��كى أس�باب األم�ر، برأيها بعناد. فلتخضع لما هو مأمور به، من غير أن تتقص�

وخصوصا من غير أن تزدريه من أجل عيوب اآلمر به. ال تختارن إرادت��ك اش��غالها، وال وظيفته��ا، وال الرفيق��ة الفالني��ة ال��تي تجاريها، وال الحالة الفالنية ال��تي ترض��ي حبه��ا ال��ذاتي، وال المح��ل الفالني

الذي يولي حواسها اإلرتياح واإلنشراح.

57

ولتتجنب أن تقول أبدا: أريد ... أو ال أريد ... يجب أن ال يميل قلبك بسهولة إلى الخالئق، وأن يتعلق تعلقا مفرطا بما يجذب الحواس ويفتنها وبما يميل هو إلي��ه طبع��ا؛ وأن ي��رتب عواطف��هق��ة والمتع��ة؛ وأن يحف��ظ وال وموداته وال يحتمل منها ما يوليه شيئا من الر ريب، ذكرا طيبا ألسرته بل ذكرا رقيقا ووديا، ولكن بشرط أن ال يلهيه هذا التذكار عن صلواته، وبش��رط أن يس��تخدمه ليوص��ي الل��ه ك��ل ي�وم بذوي�ه

الذين يحبهم وال يحمله أبدا على الحياد عن أحد واجباته. ليحترس قلبك من تلك الصداقات التي تولي، وال ش��ك، ل��ذة خاص��ة في الحي��اة، وتب��دو كأنه��ا تزي��ل ك��ل م��ا ه��و م��زعج ومتعب في العيش��ة المشتركة، لكنها ال تلبث أن تضعف األعصاب شيئا فش��يئا فيحي��د ص��احبها عن الل��ه وعن ال��واجب وعن الطاع��ة، وتجع��ل طب��ع اإلنس��ان ص��عبا، غ��ير

صحيح، وال تلبث بعد قليل أن تدنس النفس بخطايا ثقيلة. يجب أن تتعود مخيلتك اللبوث تحت نظر الله، وأن تط��رد بال ش��فقة ذكريات الماضي التي تظهر لها بصورة جذابة؛ وتصاميم الكم��ال الخارج��ة عن إرادة الطاعة التي تكره النفس بم��ا يجب فعل��ه وتحرمه��ا ل��ذة إتم��ام الواجب وثوابه؛ وتل��ك الخي��االت الص��بيانية الج��ديرة بالض��حك أحيان��ا ال��تي تقدم لنا وسائل إلرضاء فضولنا وأميالن��ا وأهوائن��ا المتس��لطة علين��ا؛ وتل��ك العودات إلى ما قي��ل لن�ا أو فع��ل في س��بيلنا، مم�ا يث�ير االس��تياء ويحم�ل

أحيانا على اإلنتقام وعلى فقدان الروح الرهبانية. يجب أن يتعلم جس��دك أن يتحم��ل ت��ارة ال��برد، وت��ارة الح��ر، وت��ارةلين، تج��اه ص��عوبة أو وج��ع اإلنزعاج، وأن ال يعلي الص��راخ، ك��األوالد الم��دل تقوى اإلرادة على إزالتهما بأسرع مما تستطيعه األدوية. إن العالمة الحقة التي تدل على نفس س��خية في جس��م م��ريض، هي أن ال تتش��كى النفس أبدا، وال تتلهى بالتفكير في وجعها، وال في ما يلزمها وال في ما يق��دم له��ا. فهي تحكي انزعاجاتها من غير أن تبالغ في وص��فها، وتقب��ل األدوي��ة ال��تي تعطى لها، وتأخذ الراح��ة ال��تي ت��ؤمر به��ا، ثم تتوج��ع بص��بر وتتوق��ع إتم��ام

مشيئة الله.يجب أن تكون حواسك خاضعة لعقلك:

58

فيمتن��ع نظ��رك عم��ا ه��و فض��ول بحت، إذا لم يكن للنظ��ر من داع للتعلم أو داعي لياقة؛ ويتحول بأولى حجة عما هو مثير للش��هوة أو للخف��ة

وللطيش، أو مخالف للحشمة. وتمتنع أذناك عن سماع األح��اديث التافه��ة، الطائش��ة، ال��تي يخش��ى منها أن توقظ في قلبك ذكريات عالمية، شهوانية، أو قد تعلمك ما ال تتيتح

لك دعوتك بان تعرفيه. وال يسعى ذوقك أبدا أن يرضي ذاته، بل يقبل بش��كر م��ا يل��ذ ل��ه وال يرفض بمرارة ما ال يس��ره. ويح��رم ذات�ه، بين أكل�ة وأخ�رى، م�ا ليس ه��و ضروريا ضرورة مطلقة؛ وفي تناول الطعام ال يتناول دوما من األطعمة ما يبدو له أحسن إصالحا وإعدادا. ويمتنع عن كل حكم أو مالحظة بش��أن م��ا

يقدم في بيت المائدة، ويحترس خصوصا من االستسالم للتذمر. وتمتنع يداك عن ك��ل م��ا بس ل��ه من غاي��ة س��وى إرض��اء الش��هوات الحسية... احترمي جسدك واحترمي جس��د اآلخ��رين: ف��إن الجس��د هيك��ل الله؛ فاسلكي دوما بش��أنه كم��ا كنت تس��لكين في هيك��ل. ال تق��ولي: ه��ذا ش��يء طفي��ف. ب��ل ق��ولي: أال يج��رح ه��ذا العم��ل نظ��ر مالكي الح��ارس؟ اجتنبي كل لعب باأليدي وك��ل مداعب��ة، مهم��ا ب��دت طفيف��ة، وال س��يما إذا

كانت من غير شهود. واكتفي من هذا القبيل، بما تفرضه قوانينك. ليخضع لسانك أيضا لعقلك وإيمانك. إعرفي أن تضبطيه عندما يكون لزوم الصمت مفروضا في الق��وانين: في بيت المن��ام، وفي بيت المائ��دة، وفي المعبد، وفي الروحات والغ��دوات... ف��إذا دعت الض��رورة أو المحب��ة

إلى خرق هذا الصمت، فليكن التكلم بصوت خافت وبوجيز الكالم. اضبطي لسانك أثناء النزهات، وكوني على حسب ما يريد الرس��ول: س����ريعة إلى االس����تماع، بطيئ����ة في الكالم. تكلمي قليال ودعي الكالم لآلخرين. تكلمي بفائدة، قصد البني��ان أو التس��لية. تكلمي ب��الحري بص��وت معتدل ال بصوت مليء جهير. اضبطي فمك كلمة ال يقصد منها إال الم��زاح والضحك، ما دام الحديث جاريا بسهولة. وامتنعي خصوصا عن كل م��ا ه��و

خطيئة.

59

بعض مالحظات مهمة بشأن اإلماتة . من المبت��دئات الكث��يرات الح��رارة القليالت الخ��برة من يحس��بن1

أنفسهن ملتزمات بأن يزاولن كل أفعال التقشف التي تبدر لهن. فيعش��ن هكذا منزعجات متضايقات؛ والكفر بالذات، الذي ينتج ع��ادة ف��رح النفس، ويصير لهن عذابا حقا ومصدر وساوس؛ لذلك ال يلبثن أن ي��تركن في آخ��ر

األمر كل إماتة. فهذه بعض نصائح عملية مأخوذة عن األب ماران: "يجب أن نم��يز بين ثالث��ة أن��واع من أفع��ال اإلمات��ة: األفع��ال ال��تي بوسعك أن تمارسيها أو ال تمارسيها، كما تش��ائين، من غ��ير أن ينجم عنه��ا أي ضرر؛ واألفعال التي ال تستطعين أن تهمليها من غ��ير أن تق��ترفي ذنب��ا أو تفرطي في إرضاء الطبيعة؛ واألفعال التي ليس بوسعك أن تهمليها من

غير أن تخالفي الفضائل الرئيسية الخاصة بحالك. واألمثلة على ذلك: م��دة النزه��ة يخط��ر ببال��ك أن ال تلفظي كلم��ة تافه��ة. في بيتأ.

المائدة يخطر ببالك أن تحرمي نفسك قطعة من حصتك بوس��عك أن تأكليها بطيب الخاطر... إلخ. ففي هذه األحوال أنت ح��رة ك��ل الحرية أن تتقشفيى أو ال تتقشفي؛ ويجب عليك أن تقص��ي عن��ك ك��ل وخ��ز في الض��مير لكون��ك لم تتقش��في، ال في ذل��ك ميال إلى

الوسواس. تالحظين أن الجواب المزم��ع أن يص��در من فم��ك س��وف يرض��يب.

حب��ك ال��ذاتي، من غ��ير أن يفي��د أح�دا البت��ة... أو تش��عرين ب�دافع شديد يدفعك إلى مالقاة أخت تحبينها... ففي الظرف األول يجبني حماستك. فمثل أن تصمتي، وفي الظرف الثاني يجب أن تسك هذه األفعال المكررة تزداد النفس قوة، وبإهمالها تبقى في حال�ة

الفتور. فرض عليك ما يع��اكس إرادت��ك، وأنت ت��رومين أن ال تفعلي��ه أو الج.

تفعليه على النحو الفالني... أعطيت رفيقة راهب��ة ال تميلين إليه��ا طبعا... ففي هاتين الحالتين أطيعي واقمعي م��ا تش��عرين ب��ه من

60

المقاومة، برفع��ك قلب��ك إلى الل��ه. ف��أنت ملتزم��ة بفعلي اإلمات��ةهذين"

م: "لكي تبقى النفس ض��من ح��دود معتدل��ة وال ق��ال ب��ودون المك��ر تجاوز حدود النعمة، من الضروري استشارة مرشد حكيم مس��تنير. فكث��ير من األشخاص آلت صحتهم إلى التلف من جراء تقشفاتهم غ��ير الرش��يدة. فق��د أفرط��وا في الس��هر وفي الص��وم، فتلفت مع��دتهم ودم��اغهم أيض��ا. أرادوا أن يفرطوا في إزعاج ذواتهم وإجهاد نفوسهم، فتلففت ق��واهم وم��ا عتموا أن صاروا عاجزين عن أي عم��ل ك��ان. أرادوا أن يقت��دوا بتقش��فات القديسين ولم بأبهوا أن سبل النعمة تختل�ف وتتن�وع، وأن على ك�ل واح�د أن يجري على مقدار ما وهبه الله من النعم، وحسبوا إلهاما سماويا ما لم

يكن سوى تجربة من إبليس". . هنالك عيب يقع فيه غالبا ذوو الحرارة الحديث��ة العه��د، وه��و أنهم2

يسترسلون في تقشفات تجاوز ق��واهم. تخ��رج النفس من الع��الم، ف��ترى ذاته��ا مثخن��ة ب��الجراح ال��تي أص��ابتها هن��اك، فتس��تفظع حالته��ا، ثم تط��الع بتعجب يمازجه الرعب تلك التقشفات المدمية التي مارستها ضحايا التوبة في القفار الفلسطينية. وهذه فتاة حديث��ة الس��ن ض��عيفة رقيق��ة الش��عور تري��د أن تنس��ج على من��والهم. تس��تنعم فراش��ها ف��تروم أن تن��ام على الحضيض، وتريد أن تحذف من طعامها م��ع أن��ه زه��دي زهي��د، تش��تهي أن تستخدم المسح وزنانير األسالك الشائكة، وتكرر الطلب في ذلك، وكث��يرا ما تستخدمها من غير أن تستأذن البت��ة، ي��دفعها إلى ذل��ك يقينه��ا أن ه��ذه اإلمات��ات ض��رورية له��ا. فم��ا هي نتيج��ة ه��ذه الطريق��ة؟ إنه��ا لمزدوج��ة: فاألولى أن الله ال يبارك ما تفعله ألن إرادتها الذاتية هي ال��تي ت��دفعها إلى العمل، ال فضيلة الطاعة؛ والثانية أنها تذيب ص�حتها ع��اجال، وتنه�ك قواه��ا؛ ف��إذا لم تبل��غ إلى عج��ز مطل��ق عن ك��ل خ��ير، تص��ير ع��اجزة عن الخ��دم

الكبيرة التي كانت قادرة أن تؤديها. فلكي ال تعرضي للخطأ والضالل، أدي حسابا إلى معلمت�ك، ببس�اطة كاملة، عن كفرك اليومي بذاتك، وعن رغبات الحرمان الناشئة فيك، وعناألسباب التي قد تدفعك إلى عدم االكتنفاء باإلماتات المرعية في االبتداء.

61

5فضيلة البساطة

البساطة، كالتواضع، فضيلة صعبة اإلحراز. ومن النادر أن تحرز ه��ذه الفض��يلة بكماله��ا، م��ا لم يكن في النفس اس��تعدادات طبيعي��ة خاص��ة وتعضدها نعم��ة خاص��ة. فق��د ك��ادت ه��ذه الفض��يلة تغيب عن أرض��نا، وم��ا ع�ادت تالقى إال في الجماع��ات الرهباني��ة، وال س�يما في األدي�رة االبت�داء، بك��ل م��ا يرافقه��ا من س��حر وجاذبي��ة فتان��ة. وهنال��ك م��ا أجمله��ا وأجلبه��ا للقل��وب! فهي تجع��ل المبتدئ��ة محبوب��ة كاألطف��ال وتض��في عليه��ا جم��ال الطفولة وسذاجة قلب يحب قط إال الله وأم��ه وال يع��رف الخطيئ��ة، ح��تى

وال اسمها. قال القديس فرنسيس السالسي: "البساطة تجع��ل ص��احبها ش��بيها باألطف��ال ال��ذين يفك��رون ويتكلم��ون ويعمل��ون بص��راحة ومن غ��ير غش؛ ويصدقون كل ما يقال لهم؛ وال يهتمون ألنفسهم وال يعتنون بذواتهم، ألنهم في كنف أهلهم وحمايتهم؛ ويحبون ببساطة من غير أن يسعوا لمس��رتهم؛ ويقبلون كل شيء بسالمة نية، ويسرون ويفرح��ون بس��ذاجة، من غ��ير أن

ينشأ فيهم شوق أو فضول لمعرفة األسباب والنتائج". البساطة فضيلة تس��ري ع��دواها لم��ا فيه��ا من س��حر وفتن��ة جذاب��ة. ويكفي أن تكون في جماعة دير االبت��داء نفس واح��دة بس��يطة حق��ا ح��تىهن به��ا. ب��ل أن الرغب��ة في تسعى س��ائر المبت��دئات، على البداه��ة، ليتش��ب البس�اطة ت�دل وح��دها على نفس جميل��ة وقلب طيب... وبق�در م��ا تنقص جودة اإلنسان وصالحه ال يع��ود ي�روم البس�اطة ويزدريه�ا. فاب�ذلي جه�دك

لتمارسي أفعال البساطة التي ندلك عليها، والله يبارك جهودك.البواعث على البساطة

. فهي عالمة أبناء الله وتالميذ يسوع المسيح،سمو هذه الفضيلة.� 1ههم الكت��اب المق��دس بالنع��اج والحم��ائم من أج��ل س��ذاجتهم ال��ذين يش��ب ونقاوتهم. وعالوة على ذلك هي أيض��ا عالم��ة ال��دين الحقيقي، إذ ليس م��ا

يناقص الحق األزلي أكثر من الكذب والكتمان والتستر.

62

. إنها تجعلنا محبوبين لديه تع��الىثواب هذه الفضيلة واستحقاقها.�� 2 ال�ذي يك�ره الكتم�ان والتس�تر، ويلعن ذوي القل�بين والنفس�ين، ويجب أن تكون نجواه مع الس�ذج والبس�طاء. وتجعلن��ا أيض�ا أحب�اء يس�وع المس�يح، الذي كان يداعب األطفال، وي�ؤثر الق�ديس يوحن�ا على س�ائر الرس�ل منن في نفس تخل���و من أج���ل نقاوت���ه وس���ذاجته، وهم���ا فض���يلتان ال تحال البساطة. وتجعلنا أيضا محبوبين عند الناس، ألن النفس البس��يطة ليس��ت ثقال على أحد، وال تزعج وال تقلق أح��دا، وتخ��دم وتري��د الخ��ير للجمي��ع، وال

تعرف أن تفكر الشر في أحد. . النفس البس��يطة هي دوم��ا للجمي��ع وفيعالمات هذه الفض��يلة.�� 3

عيون الجميع؛ وتمارس المحبة نحو الجميع وتبادرهم كلهم من غير محاباة وجوه؛ وعلى وجهها دوما اشراق سرور ناشئ عن شهادة الضمير الصالح؛ وإذا اقترفت زلة أقرت بها ببساطة واحتلمت بسكينة ما تس��ببه له��ا زلته��ا من عقاب أو مذلة؛ وفي كل شيء وفي كل مكان تبدو ع��دوة للخبث، وال

نية لها سوى إرضاء الله.بعض ممارسات البساطة

. صاحبتها ال إدعاء لها، ال تسعى ليكون سلوكها أحسنبساطة العقل من سلوك الغير، وال تطلب أن يالحظ الجميع؛ لكنها تتم بأحسن ما يمكنها الواجب المفروض عليها. وال تقابل بينها وبين غيرها، وال تفضل ذاته��ا على غيرها من حيث المواهب الطبيعية وال من حيث النعم الروحية التي منحها

الله. . نحو الل��ه، تغ��ذي النفس البس��يطة خش��ية بنوي��ة منبساطة القلب

��ة من غ��ير طم��ع، وأمان��ة دقيق��ة من غ��ير غير اضطراب أو قلق، وثقة ودي وسواس، ورغب��ة دائم��ة في إرض��اء الل��ه وإتم��ام مش��يئته في ك��ل ش��يء،

كطفل يجب أمه حبا رقيقا ويدرك كل ما في قلبها من المودة له. نحو القريب، تغذي النفس م�ودة خالص�ة، قلبي�ة، وحري�ة ال يمازجه�ا نقص في الرصانة والفطنة، ومحبة وديعة صبورة مب��ادرة غ��ير مرتبك��ة وال

باطلة في مظاهرها.

63

نح��و ذاته��ا، تك��ون النفس البس��يطة محب��ة ل��روح النظ��ام والس��الم،وصبورة على نقائصها وعيوبها وأخطائها وعدم نجاحها.

. النفس البس��يطة ال تحت��د وال ت��ركب هواه��ا؛بساطة الخل��ق والطبع تل��زم االعت��دال بين الح��رارة وع��دم االك��تراث، وال تستس��لم لإلف��راط في الغضب وتل��زم خلق��ا واح��دا في ك��ل األح��وال؛ تس��لم لغيره��ا من غ��ير أن يالح��ظ عليه��ا ذل��ك؛ تض��حي بإرادته��ا ورأيه��ا من غ��ير أن تظه��ر جه��دا أو تض��حية؛ تج��اري األح��وال كله��ا من غ��ير أن تس��عى للتبجح ب��ذلك وال أن

تحسب لذاتها فضال كبيرا. . النفس البسيطة تعمل بال عجلة وال اض��طراب؛البساطة في العمل

وال ترتبك بأمور كثيرة معا؛ وتهتم فقط بما تعم��ل كم��ا ل��و لم يكن له��ا هم آخر: فتكون بكاملها لله في الصالة، وبكاملها للقريب في عالقات المحبة، وبكاملها للشغل عندما يفرض الواجب ذل��ك؛ لكنه��ا دائم��ا تعم��ل من أج��ل

الله، ووفقا لمشيئة الله، وتحت نظر الله. . في ثيابها المحتشمة الخالية من كل تكل��ف أوالبساطة في الظاهر

تهاون؛ وفي حركاتها الطبيعية غ��ير المص��نعة؛ وفي مش��يتها إذ ال تفك��ر إال في غاية الس��ير؛ وفي هيئته��ا الرص��ينة من غ��ير ص��البة، واألليف��ة من غ��ير ابتذال؛ وفي حديثها الخالي من الخبث والدهاء والنبرة الخاص��ة والكلم��ات المصنعة؛ وفي كل ش��يء، إذ ال تطلب أن ترض��ي الغ��ير، وال تخش��ى أن ال

ترضيه. . النفس البسيطة تتجنب على السواء التميزاتالبساطة في التقوى

التي تشوه التقوى، والعي��وب ال��تي تح��ط من كرامته��ا، والص��غارات ال��تي تجعلها جديرة بالسخرية، واألوهام ال��تي تقتله��ا، والوس��اوس ال��تي تع��ذبها وتجعله��ا في آخ��ر األم��ر مكروه��ة. النفس البس��يطة ته��رب من ي��أس الصغيري النفوس، ومن اندفاع المدعين المتهورين؛ وال تري��د تعليم��ا آخ��ر غير تعليم مرش��ديها ورؤس��ائها، وال تق��رأ إال الكتب ال��تي أش��ير إليه��ا ب��أن تقرأه��ا، وتطلب إلى الل��ه بت��واتر أن ال يجعله��ا تحي��د عن نط��اق العيش��ة

المشتركة.طوبى للنفس التي تجهد كل يوم في ممارسة بعض هذه النصائح.

64

*** واآلن، نروم أن نلخص في لوحة حية التعليم الخط��ير ال��ذي يتض��منه هذا الفصل السابق في روح االبت��داء. فن��ورد كتاب��ة مين��ة ال تمكن قراءته��ا

من غير فائدة. طريقة السلوك في إكليريكية القديس سلبيوس في بدء

عهدها كانت طريقة الس��لوك في النزه��ات جزيل��ة الفائ��دة وكث��يرة البني��ان�ا ننفص�ل أب�دا لنتس�ار إث�نين مع��ا. للنفوس. كنا دوما مجتمعين مع�ا م�ا كن وكانت األحاديث موس��ومة بط��ابع الف��رح والص��راحة. وك��انت المالحظ��ات الصغيرة تدور حول موض�وعات التأم�ل، والق�راءات الروحي��ة، والق�راءات على المائدة وما يالحظ فيه�ا من األمث��ال الص�الحة: ذل�ك كل��ه ك��ان م�ادة أحاديث النزه االعتيادية. وكنا على اله��ذا النح��و نتج��اذب أط��راف الح��ديث بعضنا مع بعض بوداعة كبيرة واستقامة واحترام متبادل واتحاد أخ��وي وود

وبساطة. وكان سرورنا أن نقمع ذواتنا في م��ا نش��عر ب��ه أحيان��ا من الكراهي��ة لبعض األشخاص؛ فكانت نتيجة ذلك أننا كنا نبدي صداقة أعظم لألش��خاص األقل موافقة لنا، ولكي نجعل هذه الصداقة أكمل كنا نب��ذل الجه��د لنب��ادر

هؤالء األشخاص بمظاهر المودة القلبية التامة. لم يكن لنا شيء ال يخص إخوتن��ا أيض��ا. ب��ل ل��زم في آخ��ر األم��ر أن توضع حدود لهذه الرغبة العظيمة في خدمة القريب. كان لكل واحد غيرة

تحثه وتحث اآلخرين أيضا على محبة الله.��ا خالص��ا ج��دا لعيش��ة فقري��ة، وكنا نبذل الجهد لنطبع في الجمي��ع حب وضيعة، خفية. وكثيرا ما كنا نتحدث عن منافع هذه الطريقة، بل كان ذل��ك

الموضوع الغالب في أحاديثنا. كانت أحاديثنا تتناول م��رات عدي��دة ممارس��ة االتح��اد بس��يدنا يس��وع المسيح.وكان حب الفقر عظيما، حتى أن كل واحد كان ينمجد ويفتخر بما هو أقرب إلى الفقر في كل شيء؛ وكان يستفاد من ك��ل الس��وانح لتبي��ان

65

الهزء الذي بتجلبب به أولئك الراغبون في موافق��ة عيش��ة الع��الم. فهك��ذا تناولت السخرية يوما أحد االكليريكيين الذي كان يتكلف النظافة المفرطة

في حذائه وزناره وقبعته. كان الجمي��ع يب��ادرون بس��رعة مقدس��ة إلى ك��ل الوظ��ائف الوض�يعةلة، أو تلك التي تورث مزاولها تعب�ا. ولم يكن الجمه�ور يتق�دم إليه�ا والمذل

فقط بل كان يطلبها بحرارة وإلحاح. وك��ان معظم األعض��اء، ب��ل كلهم، يب��دون إهتم��امهم ب��ترتيب ال��دير ونظامه وخيره الروحي كما ل��و ك��ان بيتهم الخ��اص. وك��ان القس��م األك��بر

على جانب عظيم من الشكر ألنهم قبلوا فيه. كان كل واحد يج��ل إخوت��ه إجالال بليغ��ا، وي��ذعن لهم في ك��ل ش��يء، حاسبا نفسه آخر الجميع وأصغرهم؛ ويحسب ش��رفا عظيم��ا ل��ه أن يخ��دم

في أصغر الحفالت. كان حب الع��الم منفي��ا من الجماع��ة، ح��تى أن الض��مير ك��ان يش��عر بتعب وتوبيخ شديد لدى أول كلمة يش��تم منه��ا أدنى تق��دير للع��الم، فك��ان مثل هذا الحديث يسوء اآلخ��رين ويك��درهم. وإذا دار الح��ديث على الع��الم جرت منافسة في تحقيره وذمه. وكان الجمهور يتج��رد من ك��ل م��ا يص��له بالعالم: ببلدته وأهله وس��ائر م��ا في الع��الم، في��ذهب إلى الل��ه بك��ل قلب��ه منطرحا بين ذراعي عنايته تعالى وعند مش��يئة ال��رئيس والمرش��د، فك��ان ك��ل واح��د مس��تعدا أن ي��ذهب إلى ط��رف المعم��ور ل��دى إش��ارة بس��يطة

منهما. كانت الرس�ائل تم�ر تحت نظ��ر ال��رئيس أو المرش�د، وك��ان الجمي��ع يحبون حبا جما ساميا كشف أسرار القلب في األمور الكب��يرة والص��غيرة،

العادية والخارقة العادة. كانت المودة القلبي��ة وإتح��اد القل��وب الكام��ل تع��د بين االكليريك��يين ميزة خاصة للمدرسة. وكانت العبادة للعذراء القديسة رقيق��ة، تظه��ر في جميع الظروف السانحة، وخصوص��ا بع��دم الش��روع في ش��يء إال من بع��د استئذانها. فيحيي الجميع صورتها عن��د دخ��ول غ��رفتهم الخاص��ة والخ��روج

66

منها، وكذلك عند دخول غرفة المرشد الخاص والخروج منها. وكان الكالم يدور كثيرا حول هذه العبادة وممارستها، كالصوم أو التقش��ف أو الص��دقة

في تقدمة أعيادها، أو زيارة إحدى معابدها أو كنائسها. م��ا من أح��د ك��ان يواف��ق على أص��غر الهف��وات والنق��ائص والل��ذات الحس��ية ومخالف��ات الحش��مة واالستس��الم للطيش، ب��ل ك��ان الجمي��ع

يحترسون من االسترسال فيها. ولم يكن يتحدث أحد بما يم�ارس من التقش�فات، وإذا ج�رى ح�ديث

من هذا النوع لفت نظر المتحدث إلى أن ذلك غير حسن. وكان يواظب على تقديم بواكير كل شيء لله، وعلى حرمان النفس

منه حبا له تعالى قدر المستطاع. وكان من العوائد المرعية أن يحمل كل واحد على جس��مه ص��ليبا أو

إيقونة للعذراء الجزيلة القداسة. ولم يكن الحديث يدور على الطعام، بل ك��ان يس�عى لتن�اول م�ا ه�و

أقل إرضاء للذوق مثل فضالت الخبز وغيرها. وكان األعضاء يحثون بعض�هم بعض�ا على االقت��داء بالطوب�اوي يوحن�ا بركمنس، وال سيما بمارسته هذه: سأدع الغير يق�ودني كم�ا ل�و كنت طفال ابن يوم واحد. وس��أجتنب كش��ر حقيقي أن أطلب إعف��اء من الق��انون من غير صعوبة عظيمة وحقيقية. سأحسب نفسي مقبوال في الدير عن امتياز ونعمة خاصة، وأقبل كل ما يقدم لي فيه ك��أني ال أس�تأهله. س��أكون دوم�ا لي فرصة للتجرد وإنكار الذات س�وف أقبله�ا بطيب الخ��اطر. أم�ا إم�اتتي

األجل قدرا في نظري فهي "العيشة المشتركة". وكان بيننا من بلغت بهم الطاع��ة إلى ح�د أنهم ك��انوا يتوقع�ون أدنى إشارة أو حركة أو عالمة من رئيسهم، فكان ال بد للرئيس أن ينتبه إنتباه��ا خاصا لئال يلفظ كلمة من شأنها أن تؤول كأمر من لدنه لتنفيذ شيء يضاد

صحتهم ويزعجها.

67

أما االستعفاء من أي تمرين كان فق��د ك��ان أم�را مجه��وال؛ وعن��د دقالجرس األول كانت تفتح جميع األبواب.

وك��ان يل��زم ص��مت ش��ديد. ولم يكن األعض��اء يلتفت��ون بعض��هم إلى بعض في األروقة وال على درحات السلم. وإذا ما التقى إثنان حيا أح��دهما

اآلخر غالبا من غير أن يعرفه.��ه أو إثن��ان يلفت��ان إنتباه��ه إلى زالت��ه وهفوات��ه. وكان لكل واح��د منب

فكان المذنب يتلو السالم المالئكي ألجل من أتته منه التضحية. وكان كل واحد يؤول ت��أويال حس��نا ك��ل م��ا يقول��ه اآلخ��رون، فيجتنب كجرم كل أنواع الظنون السيئة ويحتمل بمحبة األشخاص الذين تب��دو على مالمحهم سمات الجد أو الحزن. ومتى رأى أحد رفيقا ل�ه حزين�ا أو غائص��ا في التفكير كان يبذل جهده ليحثه بلطف على الف��رح، وك��ان يش��فق على حزن��ه. أم��ا م��ا يش��عر ب��ه ك��ل واح��د من الح��زن الطفي��ف فك��ان يكش��فه لمرش��ده أو لرئيس��ه. وك��انت تك��ره الص��داقات الخاص��ة وتس��تفظع كأنه��ا

طاعون الحياة المشتركة.بعض ممارسات تقوية

التوقف برهة قبل الشروع في أي عمل كان لتويجه النية. قمع حرك��ات الطبيع��ة األولى. مث��ال ذل��ك إذا ك��ان أح��دنا عائ��دا من النزهة تعبا معيبا خطر له أن يستريح حاال، فكان يقمع هذه الحركة األولى

باإلنتظار قليال قبل أن يجلس لإلستراحة. العمل في كل شيء عن محبة، ألجل مب��دأ ف��ائق الطبيع��ة، بحس��ب

تعاليم اإليمان ومبادئ اإلنجيل.التعلق بالتقدم الروحي وبتقدم األخوة وخير الجمهور الروحي أيضا.

األمان��ة في أدنى ممارس��ات الفض��يلة، كالدق��ة والحش��مة والديان��ةواإلماتة والتواضع.

68

فتح القلب كطفل للمرشد، حتى في أصغر الشؤون. التحدث م��راراعن هذه الممارسة وتلقينها لآلخرين.

ممارسة الطاعة في كل شيء، واجتناب كل عمل يكون من االختيارالشخصي.

قبول ما هو أكثر إرعاجا للنفس واراحة الغير منه.محب ما هو أقرب إلى الفقر في الطعام وفي اللباس.

عدم التفوه بشيء بروح التهكم أو اإلزدراء. إنها لعالمة ودليل على الحرارة أن يس��تنبط اإلنس��ان وس��ائل إلمات��ة ذاته في كل شيء: مثال في هيئة الجس��م وجلوس��ه، وفي تن��اول الطع��ام، وفي األلعاب، وفي األحاديث، وفي النزهات، وفي ن��زوات الفض��ول، وفي

األحوال التي تسنح إلرضاء الحواس".

69

الفصل السادسفي حكم االبتداء

: إن الحكم المتضمنة في هذا الفص��ل واألبح��اث ال��تي نض��عهاتنبيه في الفصل التالي يمكن أن تستخدمها المعلم��ات أو الرئيس��ات كمواض��يع لمحاضرات االبتداء. يمكن التوسع في تفسير هذه المواد أن يس��اعد على التحدث إلى المبتدئات في أيام اآلحاد من سنة االبت��داء. ويمكن أيض��ا في بعض األحي��ان أن يطلب من المبت��دئات أنفس��هن أن يتوس��عن خط��ا في تفس��ير بعض ه��ذه الحكم. وق��د يكفي ل��ذلك أن يجبن عن أح��د ه��ذين السؤالين: لماذا؟ كيف... فتك��ون غاي��ة ه��ذا الش��غل ته��ذيب وتقوي��ة حكم المبتدئة وتعويدها على التفكير. ألن التفكير األكمل ال يكون إال عن��دما يهم

اإلنسان للكتابة. تعني هذه الكلمة "حكم االبت��داء" االفك��ار ال��تي يجب أن يتغ��ذى به��ا العقل والروح بطريقة متواصلة في هذا الوقت الثمين المخصص للت��درب

على الحياة الرهبانية. ه��ذه الحكم هي ملخص روح االبت��داء وفض��ائله. وهي موس��وعة في عبارة مقتضبة لتتغلغل في النفس حتى الص��ميم، وت��برز لل��ذاكرة بس��رعةرات في س��اعات ال��ريب أو القل��ق أو رات ومفك أعظم، فتس��تخدم كم��ذك التجربة أو المذل��ة. هي كب��ذار يجب أن يلقى في النفس ك��ل ي��وم تقريب��ا. فإذا زرعت بكثرة مدة االبت��داء، ال ب��د أن تنم��و ع��اجال أو آجال. ولع��ل فع��ل الفضيلة الفالني، أو الفكرة التقوية الفالنية، أو االندفاع الفالني إلى الخ��ير

يكون نتيجة إحدى هذه الحكم التي أثرت فينا. هي عديدة، ألنها ال تصلح كله��ا تمام��ا لك��ل الطب��اع، فك��ان ال ب��د من

تكثير عددها. وهي متنوعة ألننا أردنا أن توافق الحاالت النفسية كله��ا تقريب��ا، وأن

تجد فيها الراهبة نصحا ومشورة لكل عمل من أعمال نهارها. إن الحكم التي يجب أن تغذي النفس الرهبانية خصوصا هي حق��ائق اإليمان الكبرى، التي إنما هي بمنزلة األساس للبناء المسيحي والرهب��اني

70

كله. هي واردة في عبارات واضحة ودقيقة في اإلنجيل. وحسبنا أن ن��ذكرمنها هنا: 5 التطويبات الثمان وعظة المسيح على الجبل بكامله��ا )م��تى ف 1

(. فإن فيها ملخص تعاليم اإلنجيل، وفي عبارة وجيزة قاع��دة أمين��ة7 و6و لكل حال من األحوال، ووسيلة قداسة سهلة اإلدراك، ودستورا كامال يولي

السالم والسعادة. بعض أقوال مؤثرة ليسوع المس��يح، إذا تأملن��ا فيه��ا، وج��دت فيه��ا2

نفسنا غذاء جديدا ودليال أمينا وعمليا لسلوكنا: ماذا ينفع اإلنسان لو ربح العالم كله وخسر نفسه.

مرتا، مرتا إنك مهتمة ومضطربة، والحاجة إلى شيء واحد ضروري.موا مني فإني وديع ومتواضع القلب. تعل

من وضع يده على المحراث ونظر إلى الوراء ال يكون أهال لملك��وتالله.

من أحب أباه وأمه و إخوته أكثر مني ال يستحقني. من ت��رك ألجلي أب��اه أو أم��ه أو إخوات��ه يأخ��ذ مئ��ة ض��عف في ه��ذه

الحياة، وفي اآلخرى الحياة االبدية. ثم إننا قد اقتبسنا من بعض المؤلفات الروحية الحكم التالية:

تطويبات الراهبة الثمان:ة، لة، ومعاكسة، ومرفوضة، وموبخة، ومعاقب��ة، ومنس��ي أن تكون مذل

واألخيرة في كل مكان، مهملة. الراهبة السعيدة:

هي التي وجدت سالم القلب وال تدعه يضطرب.- هي ال��تي ت��رى يس��وع في ك��ل ش��يء: في رؤس��ائها، ورفيقاته��ا،-

ووظيفتها.71

هي التي تستشير كثيرا مالكها الحارس.-هي التي ال تجادل، وتجري بحسب ما يريد الغير.-هي التي ال ترى أمرا مستحيال في الطاعة أو في المحبة.-هي التي ال تهتم أبدا بما ال يعنيها. -- هي التي تستطيع أن تحتمل: احتقارا من غير أن تتذمر، وإص��الحا

من غير أن تعتذر، ومديحا من غير أن تلتذ ب��ه، وألم��ا من غ��ير أن تتشكى، وكلمة مخجلة من غير أن تض��طرب، وأم��را من غ��ير أن

تعترض. هي التي ال تحكم على أحد، وتبتسم للجميع.-هي التي تقبل بتجرد كل وظيفة وكل رفيقة وكل شغل.-هي التي تحتمل بصبر نقائصها ونقائص الغير أيضا.-

طلبة التواضعاستجب لي، يا يسوعيا يسوع الوديع المتواضع القلب نجني يا يسوعمن الرغبة في أن أكون معتبرةنجني يا يسوعمن الرغبة في أن أكون محبوبةنجني يا يسوع من الرغبة في أن أكون مطلوبةنجني يا يسوع من الرغبة في أن أكون مكرمةنجني يا يسوع من الرغبة في أن أكون ممدوحةنجني يا يسوع من الرغبة في أن أكون مفضلة

نجني يا يسوعمن الرغبة في أن أكون مستشارةنجني يا يسوع من الرغبة في أن أكون مستحسنة ومستصوبة

لة نجني يا يسوع من الخوف من أن أكون مذلنجني يا يسوع من الخوف من أن أكون محتقرة

نجني يا يسوع من الخوف من أن أكون مرفوضة 72

نجني يا يسوع من الخوف من أن يفترى علي ة نجني يا يسوع من الخوف من أن أكون منسينجني يا يسوع من الخوف من أن أكون مزدراة

نجني يا يسوع من الخوف من أن يظن في السوء أن يكون الغير محبوبا أكثر مني، هب لي أن أريد ذلك يا يسوعأن يكون الغير معتبرا أكثر مني، هب لي أان أريد ذلك يا يسوع

أن يكبر غيري وأنقص أنا في إعتبار الغير، هب لي أن أريد ذلك يا يسوعأن يكون غيري مستخدما وأنا مهملة جانبا، هب لي أن أريد ذلك يا يسوع

ة، هب لي ان اريد ذلك يا يسوع أن يكون غيري ممدوحا وأنا منسيان يكون غيري مفضال في كل شيء، هب لي أن أريد ذلك يا يسوع

أن يكون الغير أق��دس م��ني بش��رط أن أك��ون أن��ا على م��ا اس��تطيعه منالقداسة، هب لي أن أريد ذلك يا يسوع

وسائل للبلوغ إلى حياة جديدةاحرمي ذاتك(1

من أدنى الهفوات والخطايا: .1ألنها تلزم الله أن يحرمنا نعما كثيرة.-وألنها تحذف قسما من االنوار الضرورية لمعرفة مشيئة الله.-وألنها تضعف قوة النفس وتحرمها تذوق الفضيلة وسهولتها.-

من أقل االشياء التي ال ترضي الله: .2 ألن عدم إرضاء الله عمدا يعود إلى إحزانه، وي�دل على محب��ة قليل��ة وش��كر ض��ئيل، ويحمل��ه على بعض الن��دم لكون��ه دعان��ا إلى الحي��اة

الرهبانية.من ملذات الحواس: .3

73

الن اللذات المسموح، إذا أتخذت من غير اعتدال وال قياس، ومن- غير إنتباه إلى توجيهها إلى الله، تبيد نش��اط الخل��ق ش��يئا فش��يئا،

وتميل بالقلب إلى أفكار متنوعة، وتضعف اإلرادة. وألن النفس ال��تي تس��مح ل��ذاتها بك��ل الل��ذات الج��ائزة معرض��ة-

لخطر السماح لذاتها باللذات المحرمة. من مطالب الطبيعة:.4

ألن النعمة تنقص بقدر ما ترضي الطبيعة.- وألن��ا تالمي��ذ يس��وع المس��يح فيجب أن نقتفي آث��اره. والح��ال أن-

يسوع المسيح لم يرض نفسه بتمتعات الحياة، كما ق��ال الق��ديسبولس.

من األحاديث العالمي:.5ألنه فيها يفقد دوما شيء من الروح الداخلية.- وألن ه��ذه األح��اديث تك��ره النفس الص��الة العقلي��ة، وتمأل ال��ذهن-

ذكريات ومآرب وتصميمات خيالية.من مسرات العقل:.6

ألنها إاذا طلبت بنهم أنش��أت الكبري��اء واحتق��ار الغ��ير ب��ل التم��رد-على السلطة.

وألنه ما من شيء يمنع فع��ل ال��روح الق��دس في النفس والحي��اة- الداخلية مثل الدروس الخارجة عن دائرة ال��واجب، ب��ل ال��دروس

التي هي ضمن دائرة الواجب – لكنها تزاول بنشاط مفرط. ل��ذلك يص��عب على العق��ل المكب على العلم ب��إفراط أن ي��زاول-

الصالة العقلية، والعق��ل الس��اعي لمعرف��ة االخب��ار لن يح��رز أب��داجمع الفكر الالزم للصالة.

من التعزيات الحسية في التمارين الروحية: .7 ألن ه��ذه التعزي��ات ليس��ت العب��ادة، والن��ه يمكن أن تس��تر به��ذه-

الشعورات الحسية نقائص باهظة وزالت مذللة وألن الوهم في التعزيات أسهل مما في اليبوس��ات وفي الط��رق-

العادية. وألن القديسين الذين أحرزوا منها الشيء الكث��ير ك��انوا يرهبونه��ا-

دوما.74

وألنها غالبا ما تكون نتيجة الطبع والمزاج، ال ثمرة نعمة الله-تجردي(2

من إرادتك الخاصة: .1 ألن يسوع المسيح تجرد من إرادته فقال: لم آت ألعمل مش��يئتي-

بل مشيئة أبي؛ فخضع لمريم وليوسف، بل لجالديه. وألن اإلرادة االذاتية أصل كل الخطاي��ا. ف��إذا ح��ذفناها أزلن��ا جهنم-

من الوجود.من حكمك الخاص: .2

ألنه، منذ الخطيئة األولى، قلما يكون مستقيما صائبا وال سيما في-ما هو من شؤوننا.

وألن الل��ه برحمت��ه ق��د ش��اء أن نتعلق بعض��نا ببعض، ومن ثم أن-نخضع حكمنا لحكم الذين هم فوقنا مرتبة.

كوني أمينة(3لقوانينك وفرائضك: .1

ألنها أق��وى وس��ائل التق��ديس في جماع��ة رهباني��ة، ومنه��ا تقتبس- سائر الوس��ائل ق��درها وقيمته��ا، وهي أق��در الوس��ائل على حف��ظ

السالم في نفسنا. وألن النعم التي تنال في جماع��ة رهباني��ة تك��ون على ق��در أمان��ة-

الجماعة وإخالصها لفرائضها.ألصغر الممارسات الجمهورية:.2

ألنها من وض��ع رئيس يح��ق ل��ه إدخاله��ا، ومن ثم فهي ت��دخل في-حيز الطاعة.

وألن األنجيل يعلمنا أن من يزدري الص��غائر يس��قط ش��يئا فش��يئا،-وأن األمين في الصغائر يكون ثوابه واسعا وجزيال.

إللهامات النعمة:.3ألنها أنوار خاصة يعطيناها الله لينيرنا في حالة خاصة.- وألن من يرفضها يعرض نفسه لفقدانها، ويق��اوم ال��روح الق��دس،-

ويهين الله.أكبي على(4

استحضار الله:.175

ألن استحض��اره تع��الى يحم��ل على إجتن��اب الخطيئ��ة، ويس��ند في التجارب، وينعش في أوقات الكراهية، ويشجع بعد الس��قوط، ويحث

الهمة إبان العمل.النيات المستوحاة من اإليمان:.2

ألنها الوسيلة إليالء أصغر أعمالنا، حتى غ��ير الناجح��ة منه��ا، قيم��ة-حقة للسماء.

وألن أعظم األعمال وأبهاها ال تحسب ش��يئا أم��ام من��بر الل��ه، من-دون روح اإليمان هذا.

إتقان التأمل:.3ففيه تستقي النفس القوى لتعمل لمجد الله.-وفيه ترى النفس بوضوح ما هي مشيئة الله بشأنها.- وهو رياض��ة المالئك��ة، والنف��وس ال��تي تمارس��ها تس��لك في آخ��ر-

أمرها سلوكا شبيها بسلوك المالئكة.أهربي(5

من التذمرات:.1 ألنها تبيد تدريجيا روح الخضوع، وتعود النفس العيشة االس��تقاللية-

في إستياء دائم.وألنها تمنع من التمتع بأفراح العيشة الجمهورية المشتركة.-

من التهكم واإلزدراء: .2 ألنهما يناقضان روح المحبة – ويجرحان أحيانا جراحا ال سبيل إلى-

شفائها – وقد سببا خسارة دعوات كثيرة. وألنهما يغذيان الزهو الباطل المتهكم، ويحمالنه من غير أن يشعر-

على االعتقاد بأنه فوق اآلخرين، ويحرمانه نعما كثيرة داخلية.من الصداقات الخاصة:.3

ألنها تبيد الروح العيلي��ة ال��واجب أن تس��ود في جماع��ة رهباني��ة –-س النفس – وتضعف العبادة – وتحم��ل على وترخي القلب – وتيب اله��رب من أنظ��ار الرؤس��اء – وتق��ود ش��يئا فش��يئا إلى المل��ذات

المهيجة الحواس والشهوات.يريد الله(6

76

طاعة بال إعتراض – وشغال بمواظبة – ول��زوم الص��مت بال ح��رد –- وحشمة وإبتساما عاديا – وسعيا لنفع اآلخرين وإرضائهم – وط��رد كل فك��ر يلقي في االض��طراب أو يض��يع ال��وقت – واإللتج��اء إلي��ه

حاال بعد الزلل.إفرحي(7

ة أو مجهول���ة – وإذا لم يكن ل���ك م���ا يكفي من- إذا كنت منس���ي��ه ل��ك – وإذا عه��د كماالت العقل والجسم الطبيعي��ة – وإذا لم يؤب إليك في الوظائف الدنيئة – وإذا لم تستخدمي لشيء – وغ��ذا لم��رك ل��ك المك��ان األدنى – يطلب رأيك – وإذا لم يوثق بك – وإذا تلت س��ائر أخوات��ك وإذا لم يوجه إليك قط ثناء أو مديح – وإذا فض��

عليك.تصبحين عما قليل قديسة كبيرة(8

ين أن تكوني مهملة –- إذا كنت غير متمسكة بشيء، وإذا كنت تحب وإذا تعذبت وأنت صامتة – وإذا قبلت كل ما يبعث به إليك الله أو يس��مح ب��أن يفع��ل ل��ك – وإذا كنت ال تش��تهين ش��يئا آخ��ر س��وى

مشيئة الله.لن تحرز الكمال ابدا الراهبة(9

ال��تي تعت��ذر – وتت��ذمر وتتش��كى من ك��ل ش��يء – وتتش��كى من-م وتزدري غيرها – وته��رب من أنظ��ار رؤس��ائها – الطعام – وتتهك

وقلما تكترث لألمور الصغيرة.شيئان يجب أن ال تقوم بشأنهما شكاية: اللباس والطعام.-شخصان يجب أن ال يتناولهما الفحص أبدا: الرئيسة والمعرف.- صالتان يجب أن توجها إلى الل��ه كث��يرا: إلهي هب لي أن ال أك��ون-

فضولية وال ثرثارة.فضيلتان تجب ممارستهما في كل حين: الطاعة، والمحبة.- فعالن بجب أن تك���ون الراهب���ة دوم���ا مس���تعدة لهم���ا: التن���اول-

والموت.خطايا الراهبة الرئيسية السبع(10

العصيان – خرق القانون – خرق الصمت – االنتقادات والتذمرات-– الصداقات الخاصة – الحسد – النفور والعنف

77

وسائل الكمال(11في السلوك:.1

الطبع الرضي السوي – االستقامة – الحشمة – الفطنة – الوداعة-– الحزم.

في األحاديث:.2مرح بال تبدد – تحفظ في األقوال – نسيان الذات – إحترام الغير.-

في استعمال األسرار:.3 نقاوة القلب – نقاوة النية – التجرد من التعزيات الحسية – إيمان-

حي – حرارة عملية.في األخطاء والزالت:.4

إقرار وضيع صادق – حزن بليغ بال هبوط عزم – إلتجاء سريع إلى-الله – إستالم لرحمته – وفاء وتفكير.

مع الله:.5 ثقة بنوية – درس مشيئته ببساطة ومودة – إنتظار نعمت��ه بس��الم-

– طاعة سريعة إللهاماته بال تحفظمع الرؤساء:.6

إحترام بليغ ألجل الل��ه ال�ذي يقوم�ون مقام��ه – طاع��ة بس�يطة –-مستقيمة – كاملة – ثقة ال حد لها.

مع القريب: .7 م�ودة قلبي��ة – مب��ادرة – احتم�ال – إرض�اء بال ت�ذلل – إح�ترام بال-

تمليق – تنازل بال حياء بشري.مع الذات: .8

حشمة قاسية صارمة – تواضع صادق – إماتة متواص��لة – ص��بر ال-حد له.

ألجل العقل:.9 تح���ذر حكيم من األن���وار الخاص���ة – جه���ل س���عيد لإلس���تحقاق-

الشخصي – استعمال مقدس للمواهب العقلية.ألجل القلب: .10

78

مواظبة على إقصاء كل اض��طراب – س��هر على جمي��ع حركات��ه –-التضحية بأمياله – التغلب على كراهياته.

ألجل المخيلة: .11 هدو ثابت عند جموحها – احتقار مختلقاتها الغريب��ة – التلهي عنه��ا-

عندما تزعج.ألجل الجسد:.12

عناية معتدلة – شدة فطنة حكيمة – قناعة عامة.-ألجل العواطف: .13

موافقتها لعواطف يسوع المسيح – خضوع دائم ومطل��ق لمس��رة- يس��وع المس��يح، للحي��اة والم��وت، للص��حة والم��رض، للنج��اح

واالحتقار.إن النفس األمينة في استخدام وسائل الكمال هذه:

تك��ون نعيم��ا لقلب الل��ه – وتتمت��ع هي نفس��ها ب��ه تع��الى – وتج��د- سالما ثابتا في الله – وتضمن لذاتها الحص��ول علي��ه تع��الى م��دى

األبد.الراهبة الصالحة الفاضلة تطلب إلى الله(12

التواضع أكثر من التذليالت – والصبر أكثر من العذابات – واإلرادة- أكثر من المشاريع – والحب أك��ثر من العم��ل – واالستس��الم لل��ه في كل شيء أكثر من التجرد من كل شيء – والطاعة أك��ثر من األوامر – واألعم��ال أك��ثر من األق��وال – ومواظب��ة على القداس��ة

أكثر مما على الصحة.

على الراهبة الصالحة أن تكون متجردة(13 من ك��ل أن��واع األم��اكن والوظ��ائف – ومن ك��ل أن��واع الص��لبان-

والع��ذابات ومن ك��ل أن��واع المعامل��ة من الخالئ��ق – من ذك��ر اآلخرين لها ومن نسيانهم – من تقديرهم له��ا ومن احتق��ارهم من مودتهم ومن نفورهم – ومن كل أنواع المعامل��ة من قب��ل الل��ه –

79

من األنوار ومن الظلم��ات – من التعزي��ات ومن اليبوس��ات – من الراحة ومن الشغل – من الصحة ومن المرض – من الحياة ومن

الموت.إثنتا عشرة حكمة خطيرة مهمة (14

ال تكن لنا غاية سوى الله، والله وح�ده، ألن الل�ه وح�ده ه��و-1الذي يديننا.

النظر إلى كل مذلة وكل محنة وكل عذاب وقبولها كم��ا ل��و-2 كانت ن�ثرة من ن�ثرات ص�ليب يس�وع المس�يح، ونقط��ة من

كأسه. فالله يبعث بها إلينا ليشركنا في استحقاقاته. عدم التحدث عن ذاتن��ا، واالهتم��ام ب��ذاتنا. أال يكفي أن الل��ه-3

يهتم بنا؟ 4- احتم��ال ك��ل ش��يء من الغ��ير، وع��دم تحميلهم ش��يئا عم��دا

وباختيارنا. بذل كل شيء لآلخرين وعدم تطلب شيء ألجلنا. قب��ول م��ا-5

يبذل ويفعل لنا بشكر. إغم���اض العي���نين دوم���ا عن عي���وب الغ���ير وفتحه���ا على-6

فضائلهم، وعذر كل ما يبدو لنا شرا. عدم اإلعتذار على وجه اإلطالق، حتى إذا كان م��ا يق��ال لن��ا-7

ظلما. ماذا يهمنا ذلك أمام الله؟ ال نطلب ش��يئا. ال ن�رفض ش��يئا. اإلتك��ال على الل��ه في ك��ل-8

شيء. ال نسمح أبدا لذواتنا باص��دار األحك��ام على س��لوك رؤس��ائنا-9

وال مرشدنا، وال بأن نفحصه. االهتمام بوظيفتنا، ال بوظيفة الغير على اإلطالق. فكل واحد-10

يعم��ل لنفس��ه أم��ام الل��ه وي��ؤدي الحس��اب عما يجب علي��هفعله.

ل الل��ه ل��دينا:-11 ��ا ك��انت، ك��إلى رس�� النظر إلى كل الخالئق، أيا. بعضها ليزيد أجرنا، وبعضها للوفاء عن

االعتقاد بأنا العضو األخير في الجمهور، والسعي، بال تكلف،-12وراء المحل الذي ال يريده أحد.

80

الراهبة الحارة(15تسمع بانقياد: القراءات، والتنبيهات، والتونيبات.-1تمارس بأمانة: االحترام، الطاعة، الدقة في حفظ القانون.-2 تعيش بمحب��ة: م��ع رفيقاته��ا، ومرؤوس��اتها، والل��واتي ال يحببنه��ا،-3

واللواتي يعذبنها.تذعن بتواضع: لرفيقاتها المساويات لها، لمرؤوساتها.-4بها له�ا-5 تحتمل بوداعة: األح�زان ال�تي يبعث به�ا الل�ه، وال�تي تس�ب

أسرتها، ووظيفتها، وصمتها، وقلة نجاحها. تشتغل وتواظب على شغلها: وإن كان الشغل ال يلذ له��ا، أو يب��دو-6

لها غير نافع، أو ال يجلب لها أدنى مسرة.صورة المبتدئة الصالحة(16

تش��كر الل��ه على كونه��ا تج��رأت على ت��رك ك��ل ش��يء لت��دخل فيالرهبانية.

تعتقد أنها س��وف تك��ون م��دة حياته�ا الرهباني��ة كله��ا م�ا ك��انت م��دةابتدائها.

تفكر، وال شك في أسرتها، ولكن لكي تستودعها الله تعالى. تبذل عنايتها كلها إلتمام فرائضها بأمان��ة في جمي��ع ح��ذافيرها؛ وتعلم

أن في ذلك فقط كمالها. هي تقية في صلواتها، محبة ألخواتها، خاشعة في داخله��ا، محتش��مة

في ظاهرها.تعد خرق الصمت زلة قد تكون لها عواقب وخيمة.

إذا بدت لها الف��رائض مزعج��ة، فك��رت في خطاياه��ا الس��الفة، وفي مش��يئة الل��ه القدوس��ة، فتحتمله��ا وتحبه��ا وتعت��ني ب��أن ال تهم��ل ش��يئا من

واجباتها. ل��ة، ال تعت��ذر ب��ل تص��مت ب على زالته��ا وت��رى ذاته��ا مذل عندما ت��ؤن

وتشكر وتجتهد أن تتحسن.

81

تظهر واثقة كل الثقة بمعلماتها وبمرش��د ذمته��ا، وتحس��بهما ق��ائمينمقام الله تجاهها.

تحترس من التهاون في الصغائر، إلعتقادها إن ممارستها دلي��ل علىمحبة الله يستدر عليها نعما جزيلة وعظيمة.

التواضع سندها، والصالة عزاؤها، والطاعة دليلها، وال��دعوة موض��وع درسها، والشغل واجبها، والصليب معلمها، وفحص الضمير كتابها، والتأمل طعامها، والتناول فرحها وقوتها، وم��ريم أمه�ا، والق��ديس يوس��ف ومالكه�ا

الحارس يحاميان عنها.***

82

الفصل السابعشغل االبتداء

بما أن غاي��ة االبت��داء إع��داد النفس وت��دريبها على الحي��اة الرهباني��ة،يمكن أن يعد االبتداء:

تتحول فيه النفوس وتتجرد من العمصر العالمي وتأخ��ذكقالب.�� 1 العنصر اإللهي. هذا التحول يقتضي أحيانا شغال عنيفا، إذ ال تن��ال الفض��ائل التي دللن��ا عليه�ا ب�دون عن�اء وكف�ر بال�ذات متواتر�� وب�دون ه��ذه ال ت�نزع النفس عنه��ا عيوبه��ا الطبيعي��ة لتص��ير طائع��ة، وض��يعة، محب��ة، بس��يطة، متقش��فة. ه��ذا الش��غل يتم ش��يئا فش��يئا بواس��طة الص��الة، والتأم��ل،

واالسترشاد، واالمتحانات التي سوف يجيء الكالم عليها فيما بعد.كمدرسة. ويمكن أيضا أن يعد االبتداء 2 ، فيها تتعلم المبتدئة نظريا

وعمليا مبادئ المعارف الضرورية لها، فيما بعد، لتجارس مطالب دعوته��ا.ففي كل ابتداء تكون الدروس على نوعين:

النوع األول دروس تتفق مع غاية الرهباني��ة أو الجماع��ة ال��تي تنض��م إليها المبتدئة. فمن المعقول، مثال، أن تلقن المبت��دئات المع��دات لإلعتن��اء بالمرضى درسا وتعاليم تختلف عن تلك ال��تي تلقنه��ا المبت��دئات المع��دات

لحياة التأمل أو لتربية األحداث. ليس لنا أن نهتم هنا بهذه الدروس، فاإلرشادات المتعلق��ة بك��ل دي��ر

تعطي في هذا الشأن المعلومات الضرورية. والن��وع اآلخ��ر دروس مش��تركة بين جمي��ع أدي��رة االبت��داء، وقوام��ه معرفة واجبات الحالة الرهبانية المن��وي انتحاله��ا، ومعرف��ة مب��ادئ الحي��اة

الداخلية التي يجب أن تكون حياة األشخاص المكرسين لله. فلكي نسهل هذا الدرس الث��اني، سنبس��ط بإيج��از م��ا تجب معرفت��ه عن الحالة الرهبانية والحياة الداخلية، ولكن بحيث نق��دم للمبتدئ��ة معرف��ة

كافية وافية بالمراد.

83

وهنال��ك أيض��ا درس آخ��ر يحس��ن أن يبحث ويمعن في��ه في أدي��رة االبت��داء، أال وه��و درس التعليم المس��يحي. فكم من الفتي��ات ي��أتين ال��دير ليبذلن ذواتهن لله بنفس سخية وقلب متفان، وال تك��ون مع��ارفهن الديني��ة إال س��طحية؛ وق��د يكن في بعض األحي��ان من الل��واتي أح��رزن في الع��الم

دروسا المعة. قال المنسنيور دوبنلو: "يحزنني أحيانا حتى الصميم ويثير هواجس��ي بشأن خالص النفوس األب��دي أن أرى ال��نزر اليس��ير من المع��ارف الديني��ة والمساعي الض��ئيلة لتعلم الديان��ة ... إن فين��ا الي��وم، بش��أن الديان��ة، جهال جديرا بالرثاء. فكم من األموات لقيت جهال حقيقيا مطبقا حتى عند رج��ال ذوي ثقافة عالمية عالية، بل عند نفوس مسيحية تمارس واجباتها. فكث��يرا ما يجهل كل شيء من الدين، وال يعلم شيء أو ال يك��اد يع��رف ش��يء من تعاليم��ه الجوهري��ة، ومن نظم��ه األساس��ية، ومن طقوس��ه ومن ال��براهين التي تدعم عقائده، ومن حقوقه، ومن فاعليته في العالم، وال يك��اد يع�رف��درك ش��يء من أص��له وتاريخ��ه وت��اريخ يس��وع المس��يح نفس��ه, وإذ ال ت

مصالحه األكثر وضوحا، يكون جاهلها عاجزا عن خدمتها والدفاع عنها". تشعر النفس ببعض الميل لتذوق التقوى، وتمارس بعض ممارس��ات العبادة، وتعرف من الذين ماجرياته العادية، فتعيش في سالم وتسترس��ل في مطالعات تتكلم على طريق الكم��ال، من غ��ير أن تفطن لحاجته��ا إلى

توطيد إيمانها والسعي لدعمه بالبراهين. فال تحسبن المبتدئة ذاتها ق��د ت��ذللت ألنه��ا تس��مع ق��راءة كتب تعليم مسيحي بتوسع في تفسير الكتاب الصغير الذي تعرفه غيبا وقلم��ا فك��رت في التعمق فيه. فقد قال المنس��نيور دوبنل��و: "بوج��ه ع��ام ال يع��رف جي��دا التعليم المسيحي، وال اإلنجي��ل، ومن ثم ال يع��رف ال��دين إال معرف��ة س��يئة

جدا". على الراهب���ات المع���دات للتعليم أن يهيئن كم���ا ينبغي دروس���هن الدينية. وال بد أن يقرأ عليهن علنا كت��اب يفس��ر الش��ؤون الديني��ة تفس��يرا

واسعا وراهنا.

84

1ملخص مقالة في الحالة الرهبانية

: ال ن�زعم تق��ديم مقال��ة كامل��ة في الحي��اة الرهباني��ة في ه��ذهتنبيه الص��فحات القالئ��ل. وإنم��ا ن��روم أن نعلم المبتدئ��ة مه��ا يهمه��ا ب��األكثر أن

تعرفه عن الحالة التي تريد انتحالها.( في ما هي الحالة الرهبانية1)

- الحالة الرهباني��ة هي طريق��ة للحي��اة ثابت��ة في إح��دى الجمعي��ات1 التي أثبتتها الكنيسة، فيها تخصص ذاتها نفوس تطلب الكمال لعب��ادة الل��ه بواسطة نذر الفقر ونذر العفة ونذر الطاعة، وممارس��ة ق��انون أو ف��رائض

واحدة مشتركة. - يس�تطيع أس�قف في أبرش�يته، وفق�ا لع�ادة معروف��ة يس�مح به�ا2

الكرس��ي الرس��ولي المق��دس، أن يثبت، ول��و إلى حين، جماع��ة رهباني��ة ويسمح بممارسة النذور الثالثة فيها؛ بيد أن هذه الجماعة ال تس��مى حنيئ��ذ

منظمة رهبانية بحصر المعنى. - وإن أثبت الكرسي الرسولي فرائض جماعة رهبانية، ال تكون م�ع3

ذلك هذه الجماع��ة منظم��ة رهباني��ة؛ ب��ل يجب عالوة على ذل��ك أن تك��ون النذور فيها دائمة، واحتفالية ومعترف بأنها على هذا النح��و ل��دى الكرس��ي الرسولي أو الحبر األعظم. فإن إع��تراف الح��بر األعظم باحتفالي��ة الن��ذور هو الذي يجعل الجماعة "منظمة رهبانية". بيد أن الح��بر األعظم يس��تطيع أن يمنح لقب "منظمة رهبانية" وامتيازاتها لجماعة رهبانية ليس�ت ن�ذورها

إال بسيطة. - غاي��ة الحال��ة الرهباني��ة الس��عي إلى الكم��ال بممارس��ة دقيق��ة ال4

لوص��ايا الل��ه أو الكنيس��ة فحس��ب، ب��ل للمنش��ورات اإلنجيلي��ة أيض��ا. ه��ذا السعي إلى الكمال هو غاية كل جسم رهباني وسبب ك��ل الواجب��ات ال��تي

85

يفرض��ها على أعض��ائه. فالكم��ال والقداس��ة هم��ا نص��يب أه��ل الس��ماء؛ والرغبة في الخالص وعمل كل ما هو ضروري مطلقا لذلك هو المس��يحي

البسيط؛ أما الشوق والسعي إلى الكمال فهو خاص بالراهب. - الوسيلة لبلوغ الكمال هي ممارسة المش��ورات اإلنجيلي��ة الثالث،5

أي الفقر والعفة والطاع��ة. ف��الفقر االختي��اري ه��و االس��تعداد األول ال��ذي يطلبه يسوع المسيح من الذين يريدون أن يصيروا كاملين: بع كل م��ا ل��ك وأعطه للمساكين وتعال اتبعني. والعفة تنقذ اإلنس��ان من هم��وم األس��رة فتسهل عليه ممارسة الفقر، ثم إنها ترفع النفس ف��وق الش��ؤون الحس��ية��تيح وتسمح للقلب أن يتعلق بالله وحده. والطاعة تخضع اإلرادة لرئيس وت له أن يأمر بكل ما يراه ضروريا للكمال. لذلك بعض الرهبان، كالبن��دكتيين

مثال، ال يصرحون إال بنذر الطاعة الذي يحتوي ضمنا النذرين اآلخرين. - إن ممارسة المشورات اإلنجيلية هذه يجب أن تكون ملزمة بقوة6

النذر في جماعة رهبانية ليستحق مزاولوها أن يدعوا حق��ا رهبان��ا. وب��دون ه��ذا القي��د يبقى اإلنس��ان ح��را أن يعى للكم��ال أو ال يس��عى إلي��ه، وه��ذه

الحرية ال تتفق مع ما يسمى "حالة" ويدل على وضع راهن ثابت. هذه النذور دائمة في المنظمات الرهبانية بحصر المعنى. ويمكن أن تكون في بدء األمر وقتية في الجماعات الرهبانية، لكنه من الض��روري أن

.7تكون دائمة ليصير حقا إنتحال حالة رهبانية بحصر المعنى

نعني بتسمية "جماعات رهبانية" كل جسم تصير فيه عهود للسعي إلى الكمال بممارسة الن��ذور 7البسيطة المعترف بها كبسيطة من قبل الرئيس الكنسي فيحفظ هكذا لنفسه سلطان الحل منها. إن ميزة هذه الجماعات الرهبانية الخاصة، وما يميزها جوهريا عن المنظمات الرهبانية، هي طبيعة النذور فيها. فالنذور فيها بسيطة غير احتفالية. ال ريب أن الشخص الذي ينذر ه��ذه الن��ذور بش��تهي وي��رغب أن تمت��د عه��وده به��ا إلى أقص��ى ح��د ممكن، ويمكن أن يك��ون إل��زام ه��ذه الن��ذور للخص المذكور مطلقا ال رجوع عنه بحيث ال يستطيع الرجوع عنه�ا بال خطيئ�ة، م�ا لم يكن هنال�ك أس�باب عادلة وشرعية، وال أن يستعيد حريته التي تخلى عنه��ا باختي��اره. بي��د أن الجس��م أو رئيس��ه األعلى يحتفظ لنفسه بسلطان كسر تلك القيود إذا ما أمست وخيمة مض��رة بالجس��م الكام��ل أو بالعض��و

الفرد، فيمكنه، ألسباب خطيرة، أن يحل أو يعفى من النذور. . إن ك��ل إل��زام مرتب��ط بالن��ذور االحتفالي��ة من حيث هي احتفالي��ة ال يتعل��ق بن��ذور1نتيج��ة ذل��ك

، ماprofessionالجماعات الرهبانية البسيطة. وكذلك القول عن المفاعيل المتعلقة بإبراز النذور لم يكن هنالك انعام من الحبر األعظم.

. إذا كانت الجماعات الرهبانية ذوات النذور البسيطة ال تدعى منظمات رهبانية، فهذا ال يع��ني أن2 أعضاءها ال يحق لهم أن يسموا رهبانا أو راهبات بمعنى هذه الكلم��ة االعتي��ادي. ألن ج��وهر الحي��اة

الرهبانية هو إبراز النذور الثالثة.86

- ه��ذه الن��ذور يجب إبرازه��ا وفق��ا لقوانين��أو ف��رائض تح��دد مادته��ا7 وطريقة ممارستها. فالقوانين، أو الفرائض، بموجب الحق الق��انوني، ت��دل كي��ف يجب أن تفهم وتم��ارس ن��ذور الفق��ر والعف��ة والطاع��ة. لق��د وض��ع القديسان اوغسطينوس وبندكتس في الغرب قوانين ثبتته��ا الكنيس��ة دون سواها؛ فكل جماعة رهبانية تروم أن تنال تثبيت الكرسي الرس��ولي يجب أن تتخذ دليال لها إحدى هاتين الطريقتين االوغس��طينية أو البندكتي��ة. وإلى هذه القوانين تضاف الفرائض التي تبين برطيق��ة خاص��ة، بحس غاي��ة ك��ل رهباني��ة، كي��ف يس��تطيع أعض��اء ه��ذه الرهباني��ة أن يبلغ��وا بواس��طة ه��ذه القوانين إلى الكم��ال. أم��ا في المص��طلحات العادي��ة ال��تي ليس��ت دقيق��ة كمصطلحات الحق القانوني، فتستعمل كلمتا قوانين وفرائض الواحد ب��دل

األخرى على حد سواء من دون أيما فرق أو تمييز. كذلك في الحديث االعتيادي تعني الراهبة بكلم��ة ق��انون ال الق��وانين األساسية التي تجعلها من أعض��اء الرهباني��ة الفالني��ة ب��ل النظم البس��يطة الخاص��ة ال��تي تفي��د حريته��ا في س��لوكها ويمكن أن تع��دل وتب��دل وتتغ��ير

بحسب أحوال الزمان والمكان. إن تث���بيت األس���قف المحلي يكفي لق���وانين وف���رائض الجماع���ات الرهبانية. فيكون األسقف حينئذ ال�رئيس األعلى للرهباني��ة وب�ه ين��اط ك��ل سلطان فيها. أما التثبيت الذي تطلبه الجماعة الرهباني��ة وتنال��ه من الح��بر األعظم، فال يولي هذه الجماعات من تلقاء ذاته ميزة المنظمة الرهباني��ة.

بل لهذا التثبيت المفاعيل اآلتية: . ي��ولي الجماع��ة2. ي��ولي الق��وانين والف��رائض س��لطة أعظم - 1

الرهباني��ة ح��ق إنش��اء أدي��رة في جمي��ع أنح��اء الكنيس��ة برض��ى ال��رئيس��دخل س��لطة أدنى من س��لطة الح��بر3الكنس��ي الم��ألوف - . يمن��ع أن ت

األعظم أيما تغيير أو تعديل في غاية الرهبانية ووسائلها وفرائض��ها المثبت��ة . تل��زم الرهباني��ة باإللتج��اء إلى الكرس��ي الرس��ولي لك��ل م��ا يمكن أن4-

يحدث من مهم في سياستها وإدارتها.

. إنم��ا بعض الكتب القانوني��ة ال تس��مي رهبان��ا وراهب��ات بحص��ر المع��نى إال أعض��اء المنظم��ات3الرهبانية ذوات النذور االحتفالية.

87

عندما تلتمس جماعة رهبانية التثبيت من الكرسي الرسولي، يتحقق الحبر األعظم لدى أسقف األبرشية أن القوانين قد مارستها الرهبانية مدة س��نوات عدي��دة ونتج عن ذل��ك بني��ان للنف��وس، فيمنح الح��بر األعظم أوال مرسوم الثناء. وبع��د ذل�ك يج�ري فحص��ا دقيق��ا فيثبت الرهباني��ة في بعض مبادئه��ا األساس��ية ويوط��دها بس��لطانه الرس��ولي، أو يفحص وثبت م��واد

القوانين بالتفصيل.( في الشروط الضرورية إلنتحال الحالة الرهبانية2)

- ال بد من شرطين إلنتحال العيشة الرهبانية: الدعوة، واألمانة في8.8إتباعها

- الدعوة، أي نداء الله، تعرف بوجه عام من األمور التالية:9 من الم��ؤهالت، أي من اس��تعدادات في النفس والجس��د تس��مح.1

بإدراك واجبات هذه الحالة وبتحمل أشغالها واتعابها. من المي��ل، أي من ش��عور غري��زي ب��ديهي أو م��دعوم بالبره��ان.2

يحمل اإلرادة على إختيار العيش��ة الرهباني��ة وإيثاره��ا على الحي��اةالعالمية.

10 - هذا الشعور يمكن أن يكون سببه فائق الطبيعة أو باعثا طبيعي��ا محضا. فهذا الشعور الطبيعي إذا باح به صاحبه لمرشده فطن. وإذا حمل النفس على النم��و في التق��وى، وإزدي��اد نفوره��ا من الع��الم وتعلقعه��ا

بواجبها، وإذا ظل ثابتا في النفس، يمكن أن يعد دعوة مباشرة من الله. - أما األس��باب أو الب��واعث الفائق��ة فهي: كراهي��ة الع��الم م��ع أن11

النفس لم تص��ب ب��أي خيب��ة أم��ل في��ه؛ والرغب��ة في التوب��ة والوف��اء عن الخطاي��ا المرتكب��ة قبال؛ ورج��اء الحص��ول على الس��ماء بس��هولة أعظم؛

إذا كان بين الحاالت ما يقتضي دعوة خاصة، فالكهنوت والعيشة الرهبانية هما منها. ألن الواجبات 8 الخطيرة المترتية على من ينتحلهما ال يمكن القيام بها بدون نعمة خاصة، وه��ذه النعم��ة ال يمنحه��ا الله للذين يدخلون من تقاء ذواتهم في حالة لم يدعهم إليها – هذه الدعوات التي ليس��ت من الل��ه تنتج في األديرة أوخم العواقب. فأصحابها ال يرون إال الصليب وال يشعرون بالعذوبة القادرة وحدها أن تخفف وطأته. وبما أنه ال نصيب للحب عند هؤالء في ممارسة القوانين، ف��الخوف البش��ري ه��و الباعث الوحيد عندهم على ممارسة القوانين. فإذا أمكنهم أن يتع��دوها بال عق��اب وج��دوا في ذل��ك

سرورهم، وكان هذا السرور أعظم إذا لقوا من يشاركهم في هذه التعديات.88

وسعادة العيشة المشتركة في مأمن من أخطار العالم وأسباب الخطيئ��ة؛ وضمانة إتمام مشيئة الله في ك��ل ش��يء بواس��طة الطاع��ة؛ والرغب��ة في إرضاء الله وبذل الذات له شكرا على م�ا منحن�ا من الخ��يرات وأظه�ر لن�ا

من الحب؛ والغيرة على خالص النفوس. - أما األسباب الطبيعية، فمنها: الهرب من مذلة كب��يرة؛ االس��تياء12

الشديد من عدم النجاح في مشروع... فإن الل��ه كث��يرا م��ا يس��تخدم ه��ذهاألسباب ليجذب النفوس إليه.

قال القديس فرنسيس السالسي: ال حاجة إلى القلق بشأن مص�در الحركة األولى في الميل إلى الحياة الرهباني��ة. ف��إن لل��رب طرق��ا عدي��دة يدعو بها خدامه. فأحيانا يستخدم الوعظ، وأحيانا مطالعة الكتب الصالحة.��دعون بس��ماعهم أق��وال اإلنجي��ل؛ وآخ��رون فيم��ا بين األح��زان والبعض ي وخيبات األمل وهم��وم الع��الم، فيج��دون في ذل��ك كل��ه باعث��ا ي��دفعهم إلى هجره. هؤالء اآلخرون، وإن جاءوا إلى الله بواسطة كره العالم واستيائهم منه، يبذلون مع ذلك ذواتهم للرب بإرادة كاملة تامة، وكث��يرا م��ا يص��يرون أوفر كماال وقداسة من الذين كانت دعوتهم ظاهرة. مثال ذلك قصة ذل��ك النبي��ل ال��ذي ركب يوم��ا حص��انه الجمي��ل وفي قص��ده أن يب��اهي بهيئت��ه الجميلة، فانقلب عن ظهر الحصان ووق��ع في الحم��أة. فنهض وق��د إتس��خ وعاله الوحل. فخجل لهذا الحادث خجال شديدا ح��تى أن�ه قص�د في الح�ال أن يدخل الدير وينتحل العيشة الرهبانية. فقضى فيها حياة القداسة، وم��ع

أن دعوته كانت نتيجة إستياء شديد. - وهنالك أسباب طبيعية أخ��رى: مث��ل الطم��ع في الحص��ول على13

اعتبار أعظم بع��د لبس الث��وب الرهب��اني، واألم��ل بالحص��ول على وظيف��ة مكرمة في الجماع��ة الرهباني��ة، أو التمت��ع بإرتي��اح أوف��ر؛ فه��ذه األس��باب، السيئة الشريرة في حد ذاتها، ال يمكن أن تصير أبدا صالحة. ف��إذا إنتحلت نفس الحالة الرهبانية بتأثير هذه األسباب، فيمكنها أن تتوقع وخز الض��مير

ومتاعب ال تنتهي إال بعد توبة طويلة وأحيانا قاسية جدا. - ال ريب أن الخالص ممكن لنفس دخلت الدير بدون دعوة؛ لكنه14

تها. عسر جدا ويقتضي خضوعا صارما للمرشد الذي تبوح له النفس بزل

89

- العالمات التي تدل على أن الميل إلى العيشة الرهبانية هو من15 الله هي: الثبات بالرغم من كل الموانع – السالم ال��ذي تترك��ه في النفس المعاكسات الخارجي��ة وكراهي��ات الطبيع��ة – العيش��ة األق��رب إلى الطه��ر

والخضوع والدقة في إتمام الواجبات. - أيا كانت األسباب والبواعث الدافعة إلى العيشة الرهباني��ة، من16

الضروري: عرضها ببساطة على مرشد فطن مستنير، حر من كل تأثير ومن.1

كل اعتبار بشري في أحكامه، مملوء إجالال للحياة الرهبانية وحائز بعض الخبرة فيها. فإذا ك��ان للمع��رف ه��ذه الص��فات، فه��و ال��ذي

تساعده النعمة على إكتشاف الدعوة وتمييزها. الصالة، ألن دخول الرهباني��ة ليس أم�را زمني�ا تكفي في�ه الفطن�ة.2

البشرية وحدها لتقودنا بحكمة، بل هو أمر روحي ف��ائق الطبيع��ة، أبدي، له من األهمي��ة م��ا يل��زم باس��تخدام ك��ل الوس��ائل الفائق��ة الطبيعة التي تتنازل العناية اإللهية وتضعها تحت تصرفنا لئال نخدع

ونغلط في تقريرنا بشأنها.

( في األدلة العادية على دعوة إلهية إلى الحالة الرهبانية3) : الرغبة في هجر العالم وإنتحال العيشة الرهباني��ةالدليل األول-� 17

بدافع الشوق الصادق إلى خالص النفس بأمان أعظم. ه��ذا ال��دليل ي��زداد قوة إذا أض��يف إلي��ه الش��وق إلى الش��غل لمج��د الل��ه، باالش��تراك الفع��ال

المباشر في خالص النفوس. : الرغب��ة في الس��عي إلى الكم��ال بإنتح��ال المش��وراتالدليل الثاني

اإلنجيلية التي يقدمها يسوع المسيح كوسائل للبلوغ إلى الكمال، والرغب��ةفي التعلق بيسوع المسيح تعلقا أوثق.

90

الدليل الثالث : الرغبة في التضحية ليسوع المسيح، إلرضائه وش��كراعلى نعمه، بالحياة واألعضاء والقوى والقلب واإلرادة كلها.

: التأثر، بس��كينة وب�دون حماس��ة، من الفوائ�د الروحي��ةالدليل الرابع المنوطة بالسيرة الرهبانية، حيث، كما يق��ول الق��ديس برن��ردس، "الحي��اة أطهر، والسقوط أندر، والنهوض أس��رع، والنعم��ة أغ��زر، والميت��ة أق��دس،

والمكافأة أوسع". : الش��عةر بنف��ور واض��ح من ال��زواج، وإن لم ي��دركالدليل الخ��امس

ص��احب الش��عور الب��اعث على ه��ذا النف��ور، وتص��ميم الني��ة على عيش��ةالعزوبة.

: اإلندفاع البديهي الغريزي إلى العيشة الرهباني��ة، الالدليل السادس عن تحمس أو عاطف��ة، وال عن لياق��ة، وال عن م��ودة لش��خص نلتقي ب��ه الدير؛ على أن يكون هذا اإلندفاع ثابتا من مدة غير يس��يرة ولم تزلزل��ه أو تزع��زه معرف��ة األح��زان والمحن المالزم��ة خصوص��ا له��ذه الحي��اة، وال البراهين التي قدمت للتحويل عن الع��زم، وال المعاكس��ات ال��تي ص��ودفت

في تحقيقه. : الرجوع دوما إلى فك��رة الحي��اة الرهباني��ة من المحنالدليل السابع

واالزمات الصعبة التي يسمح الله بأن تمر بها النفس، وقد ب��دا في أثنائه��اأن النفس تريد أن تعدل عن عزمها.

إن في حياة النفوس المدعوة جديا إلى العيشة الرهبانية، أوقاتا هي في بعض األحيان أزم��ات هائل��ة. ق��الت القديس��ة تريزي��ا: "إن نفس��ي ق��د شعرت بنزاع سري عندما غادرت والدي". ففي هذه األوقات يب��دو لن��ا أن الله ال يري�دنا، وأن االف��تراق ال�ذي طالم�ا فكرن�ا في��ه مس�تحيل، وأن ك�ل شيء يستيقظ فينا وحولنا ... إلخ. علينا أن ندع ه��ذه الس��اعات الممزق��ة

تمر، وأن ننتظر رجوع السكينة والعدو والصواب لنقرر مصيرنا. : يقين داخلي أن الله يريدنا في الحياة الرهبانية، وأن��هالدليل الثامن

يطلب منا هذه التضحية، وأن خالصنا أهلنا منوطان بهذه التضحية.

91

: الضمانة األكيدة أن صحتنا كافي��ة لتحم�ل م��ا ينتظرن��االدليل التاسع من المتاعب، وأن أميالنا وذوقنا لن تجد في الدير ما يعاكس��ها كث��يرا، ب��ل

أننا سنجد هنالك عمال موافقا لمؤهالتنا واستعداداتنا وطبعنا. :رضى مرشد فطن كش��فنا ل��ه حال��ة نفس��نا، وأجبن��اهالدليل العاشر

ببساطة كل مرة أراد أن يسألنا، وخضعنا له في ك��ل امتح��ان رأى موافق��اأن يمتحننا به، ولم نسع قط أن نؤثر فيه بوجه من الوجوه.

. ليس ض��روريا أن تتحق��ق في الش��خص الواح��د ك��ل1: مالحظت��ان األدلة التي بسطناها. ومع ذلك بقدر ما تكثر األدلة يزداد التأك��د أن النفس

مدعوة للحياة الرهبانية. . الدعوة الرهبانية أمر شخصي يجب أن ينظر فيه في التأم��ل بين2

النفس والله. والمعرف والمرش��د ال يت��دخالن في��ه إال لتعليم النفس كي��ف يجب أن تسلك، وأن تفحص األسباب الدافع��ة إليه��ا، وكي��ف يجب أن تتب��ع

مجرى النعمة... فمتى ساعد المعرف أو المرش��د النفس بنص��ائحه وأناره��ا ب��أنواره،

عليه أن يدع النفس حرة كل الحرية في عملها.

( واجب إتباع الدعوة4) - ليس، بوجه عام، إلزام بحصر المعنى تحت طائلة الخطأ القيل،18

يقضي بإنتحال العيشة الرهبانية، ألن هذه الحال��ة هي من ب��اب المش��ورة. بيد أن مقاومة دعوة الل��ه ال��تي أثبته��ا مرش��د الذم��ة، ته��يئ للنفس حي��اة يمألها وخ�ز الض�مير والمت�اعب والقل�ق، وفيه�ا م�ا يع�رض النفس لخط�ر

الهالك.

92

يضيف القديس الفونس دي ليغوري إلى ما ذكرناه ما يلي: "إذا كان شخص مقتنعا أنه سوف يهلك في العالم، إما لض��عفه فيم��ا بين الظ��روف الخطير، أو لفقدانه المساعدات القوية التي دبرتها لع السماء في العيشة الرهباني��ة، فه��ذا الش��خص ال يع��ذر من الخط��أ المميت إذا ع��رض نفس��ه،

بملء اختياره، لخطر الهالك برفضه تلبية دعوته".يوس: وإن لم يكن خطيئة في ع��دم تلبي��ة ال��دعوة، فه��ذه ويقول لس المقاومة للنعمة هي في الغالب مبدأ حياد كثير عن النظ��ام وخط��وة أولى

في طريق الهالك. - إن الوال��دين ال��ذين يق��اومون ص��ريحا دع��وة أوالدهم األكي��دة19

ويمنعون دخولهم في الرهبانية يخط��أون خط��أ مميت��ا، وإذا ك��انت الطالب��ةفتاة فالمجمع التريدنتيني يهددهم بالحرم أيضا.

- يس��تطيع األه��ل م��ع ذل��ك أن يفحص��وا ويمتحن��وا بفطن��ة دع��وة20 أوالدهم، بيد أن هذا االمتحان ال يمكن أن ي��دوم أك��ثر مم��ا تطلب��ه الفائ��دة

الصوابية. - إن قلة إيمان الوال�دين، ومق�اومتهم القليل�ة الص�واب، وتعلقهم21

البشري المفرط، تتيح للولد الراشد الب��الغ أن يغ��ادر أس��رته ب�الرغم منه��اوأن يدخل في جماعة رهبانية.

- يرشق بالحرم كل شخص يغصب فت��اة على دخ��ول دي��ر ولبس22 الثوب في منظمة رهبانية وإبراز النذور فيها. ويرش��ق ب��الحرم نفس��ه ك��ل شخص يمنع فتاة عن تلبية دعوتها، بغير التوسالت. وال يقع الغاص��ب تحت الحرم إذا ك��انت الجماع��ة الرهباني��ة ذات ن��ذور بس��يطة. بي��د أن الخطيئ��ة

تكون في هذه الحالة أيضا ثقيلة.

( لبس الثوب5)

93

- ال بد للفت��اة أن تقض��ي في الجماع��ة الرهباني��ة م��دة طويل��ة أو23 قصيرة قبل أن تلبس الثوب الرهب��اني، على حس��ب م��ا تح��دده الف��رائض

استعدادا لالبتداء. وتدعى حينيذ طالبة. - ال تستطيع الطالب��ة أن تلبس الث��وب الرهب��اني في دي��ر، م��ا لم24

تكن: معمدة ومثبتة، بيد أن التثبيت ض��روري إلب��راز الن��ذور فق��ط ال.1

للدخول في االبتداء. 15ما لم يكن لها العمر الذي ح��دده المجم��ع التري��دنتيني، أي .2

سنة كاملة إلبراز النذور.16سنة كاملة للبس الثوب، و ما لم يفحصها قانونيا االسقف أو مندوب من قبل��ه يلقي عليه��ا.3

األسئلة المفروضة. إذا كان أهلها بحاجة مطلقة إليه��ا لعي��التهم، إو إذا ك��انوا ب��دون.4

عونه��ا مل��تزمين أن يلتجئ��وا إلى الجمعي��ات الخيري��ة أو إلى مستشفى ليعتنى بها هناك؛ أو إذا كانت ضرورية لعيالة إخوته��ا

وأخواتها الصغار في سن دون سن البلوغ. تل��ك هي المب��ادئ العام��ة المع��ول عليه��ا في المنظم��ات الرهباني��ة والمتبعة في سائر الجماع��ات الرهباني��ة. وهنال��ك ش��روط أخ��رى تفرض��ها فرائض بعض الرهبانيات، فيجب أن تخض�ع له��ا الطالب��ة ال�دخول في تل��ك

الرهبانيات.( في االبتداء6)

- االبتداء هو ال��وقت ال��ذي تت��أهب في��ه النفس للحي��اة الرهباني��ة،25 بدرسها وممارستها القوانين المثبتة، لترى ه��ل الرهباني��ة توافقه��ا، ول��ترى

الرهبانية هل المبتدئة توافقها. - يجب أن يدوم االبتداء سنة كاملة. ويجب أن تفهم ه��ذه العب��ارة26

"سنة كاملة" بحصر المعنى الشديد، بحيث إذا نقصت السنة بضع ساعات فقط كانت النذور غير صحيحة. ويستطيع الرؤساء أن يطيلوا هذه الم��دة،

ولكن ال إلى أكثر من ستة أشهر.

94

27 ��ا - في حالة خطر الموت يمكن قبول المبتدئ��ة إلب��راز ن��ذورها، أي كان الوقت الذي قضته في االبتداء، بشرط أن يكون لها من العم��ر س��ت عشرة سنة كاملة. بيد أن هذه النذور التقوية ال تربط الرهباني��ة بالمبتدئ��ة كالنذور القانونية المبرزة في وقتها. ف��إذا زال عن المبتدئ�ة خط�ر الم�وت

وجب عليها أن تتم ابتداءها ثم تنذر من جديد نذورها القانونية. - ينقطع االبت��داء فيجب أن يباش�ر ب�ه مج��ددا وأن يتم إذا أطلقت28

الرئيسة سبيل المبتدئة وخ��رجت ه��ذه من ال��دير؛ أو إذا هج��رت المبتدئ��ة الدير دون إذن الرئيسة وفي نيتها أال تعود إليه؛ أو إذا لبثت ألي سبب كان ولو بإذن الرؤساءء، أثناء سنة االبتداء األولى خ��ارج ال��دير أك��ثر من ثالثين

يوما متواصلة كانت أم غير متواصلة، ولو كانت لها نية العودة إليه. وإذا لبثت المبتدئة أثناء سنة االبتداء األولى خارج سياج ال��دير، تحت طاعة الرئيسة، أكثر من خمسة عشر يوما ولكن ال أك��ثر من ثالثين يوم��ا، ولو غير متواصلة، ب��إذن الرؤس��اء أو مكره��ة ب��القوة، فلكي يص��ح االبت��داء يقتضى ويكفي أن تعوض األيام التي مرت على ه��ذا الوج��ه. وإن لم تلبث أكثر من خمسة عشر يوما فيستطيع الرؤساء أن يفرضوا التعويض، إال أنه

غير ضروري لصحة االبتداء. - ليكن مكان االبت��داء ق��در المس��تطاع منع��زال عن القس��م ال��ذي29

تقطن فيه الناذرات، فال يكون للمبتدئات دون سبب خ��اص وإذن الرئيس��ة، وال لهؤالء بالمبتدئات. أو المعلمة أي إتصال كان بهن

- ال يمكن أن يقتضى شيء بدل نفقات الطلب أو االبت��داء م��ا لم30 تس��تدرك في الرس��وم أو في إتف��اق ص��ريح تأدي��ة ش��يء ب��داعي الق��وت

والثوب الرهباني حين الدخول في الطلب أو في االبتداء.( واجبات المبتدئات7)

- في م��ا يتعل��ق بالعف��ة، ليس على المبتدئ��ة واجب��ات غ��ير ال��تي31 كانت مفروضة عليها قب��ل دخوله�ا في االبت��داء. فق�د ت�زداد خطيئته�ا ثقال، بالنظر إلى وفرة النعم التي تنالها وإلى معرفتها واجبتها معرفة أكمل؛ بيد

أن جنس الخطيئة ونوعها ال يتغير.

95

- في ما يتعلق بالفقر، للمبتدئة في أمالكها الخاصة الحري��ة ال��تي32��د ه��ذه الحري��ة إلى الق��انون. ف��إذا تص��رفت كانت لها قبل االبتداء. وال يقي

بشيء بدون إذن تخالف القانون لكنها ال تخالف فضيلة الفقر. أما أمالك الرهبانية وأمواله��ا، فال تس��تطيع أن تمتل��ك منه��ا ش��يئا وال يحق لها أن تتصرف إال بما هو تحت تص��رفها وفي اس��تعمالها. ف��إذا أخلت بشيء من هذا القبيل كانت مذنبة بزلة ضد الع��دل، وق��د ت��أثم إثم إنته��اك القدسيات إذا حولت لمنفعته��ا خ��يرات وأم��واال متخصص��ة لل��ه. إنم��ا يجب االنتباه إلى أن خطيئ��ة إنته��اك القدس��يات ه��ذه يمكن أن ال تك��ون مميت��ة،

سواء كان ينقصها التروي الكافي أم كانت مادتها خفيفة. - في ما يتعلق بالطاعة، ليست المبتدئ�ة ملتزم�ة بحص��ر المع��نى33

وتحت طائل��ة الخط��أ أن تطي��ع أم��ر الرئيس��ة أو تطي��ع الق��انون، ألن ه��ذا الواجب أو اإللزام ينشأ للراهبة من نذر الطاعة ومن الوعد المتض��من في

هذا النذر، والمبتدئة لم تنذر بعد. - بيد أن العصيان يمكن أن يصير خطأ ثقيال ض��د المحب��ة إذا ك��ان34

س��بب ع��ثرة لألخ��وات، أو إذا أدخ��ل في الجمه��ور ال��تراخي في حف��ظ القوانين واإلنحطاط في حب النظ��ام. ويمكن أن يك��ون العص��يان خطيئ��ة ثقيلة أو خفيفة ألنه إنكار للعهد الضمني الذي أخذته المبتدئة على نفسها،

عند دخولها الدير، بأن تحفظ القوانين وتطيع الرئيسة وتحفظ النظام. - أيا كانت واقعي�ة أو خط�ورة الخطيئ�ة ال�تي يمكنه�ا أن تقترفه�ا35

المبتدئة، فهي ملتزمة بأن تقب��ل العق��اب المف��روض عليه��ا لكونه��ا تع��دتالقوانين. - ك��ل مبتدئ��ة تس��تطيع أن تغ��ادر االبت��داء في أثنائ��ه من غ��ير أن36

تخطئ البتة، بشرط أن تسلك بفطنة. وبوجه ع��ام يجب أن ال تفع��ل ذل��كمن غير أن تستشير رؤساءها وتنال رضاهم.

- تلتزم المبتدئات، من باب المحبة واألمانة، وقد يق��رب من ب��اب37 العدل أيضا، بأن يصلين الصلوات المعينة في الجمه�ور ألج��ل المؤسس�ين والمحس��نين. أم��ا الص��لوات الم��أمور به��ا ألج��ل الراق��دات من الرهباني��ة،

96

فالعدل يقضي عليهن بأن يصلينها، بما أن الجمهور مل��تزم به��ا نح��وهن إذاتوفاهن الله.

( امتيازات المبتدئات8) - إن المبت��دئات يتمتعن، بوج��ه ع��ام، بك��ل االمتي��ازات الممنوح��ة38

للجماعة الرهبانية التي إنتمين إليه��ا بش��رط أن ال تك��ون ه��ذه االمتي��ازاتمحفوظة للناذرات.

- ويش���تركن في الغفران���ات واإلنعام���ات الروحي���ة الممنوح���ة39 للرهبانية. ولس��ن بملتزم��ات م��دة االبت��داء بوف��اء الن��ذور الشخص��ية ال��تي نذرنها قبل دخ��ولهن في االبت��داء إذا ك��انت ه��ذه الن��ذور ال ت��أتلف وق��انون

الدير، فتكون هذه النذور حينئذ معلقة.( إبراز النذور9)

- إبراز النذور عقد به تقدم المبتدئة ذاتها لله في جماعة رهباني��ة40 أثبتتها الكنيسة، وتنذر صريحا النذور الثالثة، الفقر والعفة والطاع��ة، وفق��ا

للقانون والفرائض. . أن تك��ون ح��رة وتعم��ل بملء1- لكي تن��ذر المبتدئ��ة، يجب: 41

إرادته��ا، تحت س��لطة الرؤس��اء ال��ذين يقبل��ون تكريس��ها باس��مه تع��الى ويولونه��ا هك��ذا الح��ق ب��أن تك��ون عض��وا في الرهباني��ة وأن تش��ترك في

. أن يكون لها من العمر ست عشرة سنة كامل��ة.2الفوائد التي تتمع بها. . أن ال تكون مرتبطة بتعه��د آخ��ر4. أن تسبق نذورها سنة ابتداء كاملة. 3

سابق ال يزال كائن��ا، س��واء ب��الزواج أم بالن��ذر في رهباني��ة أخ��رى قانونه��ا . أن ال يمنعها م��انع يخ��الف نظم المنظم��ة5أكمل من الرهبانية الحاضرة.

أو الجماعة الرهبانية التي تنخرط فيها. - إبراز النذور يجعل الناذرة عاجزة عن قب��ول س��ر ال��زواج. ف��إذا42

قبلته كان غير صحيح إذا كانت نذورها احتفالية؛ وكان صحيحا ولكن إنتهاك قدسيات إذا كانت نذورها بسيطة. ثم أن إب��راز الن��ذور يج��رد الراهب��ة من

97

كل الحقوق الشخصية التي ال تأتلف مع نذري الفقر والطاعة كم��ا ين��ذران في الرهبانية. ويضع الناذرة تحت إمرة القانون والرؤساء. ويف��رض عليه��ا واجب ممارسة قوانين الرهبانية، بحسب ما تح��دده ه��ذه الق��وانين عينه��ا. وي��ولي الرهباني��ة ح��ق إرش��اد وقي��ادة أعم��ال الراهب��ة بواس��طة س��لطة

األشخاص المكلفين بإدارة الرهبانية. - إن إبراز النذور في منظمة رهبانية أو في جماع��ة رهباني��ة ذات43

نذور بسيطة ولكن دائمة علق بها الحبر األعظم اإلنعامات الخاصة بالنذور��تيح للرئيس�ة االحتفالية، يغفر العقوبات الزمنية التي تستوجبها الخطايا. وي

ويجعل9أن تبدل النذور التي عاهدت بها الراهبة الله قبل نذورها الرهبانية الراهبة الناذرة شخصا ال يجوز التعدي عليه )فيقع في الح��رم ك��ل ش��خص يضرب الراهبة ضربا ظالما ومؤلما جدا(. ويعتقد أرباب القانون عموما أن ذلك يتم أيضا حتى إذا كانت الراهبة تنتمي إلى رهباني��ة بس��يطة لم يثبته��ا سوى األسقف المحلي. ثم أن إبراز النذور هذا يلزم الراهبة الناذرة بأن ال تغادر رهبانيتها من غير إذن يمنح��ه الباب��ا وح��ده ل��ذوات الن��ذور االحتفالي��ة وذوات النذور الدائمة البسيطة في الرهبانيات الحبرية، ما لم يعط أسقف األبرشية سلطة واسعة بهذا الشأن. ويس��تطيع األس��قف المحلي أن ي��أذن في الرجوع إلى العالم إذا ك��انت الرهباني��ة لم يثبته��ا الكرس��ي الرس��ولي.

)ويجب اإللتجاء دوما إلى الحبر األعظم لإلعفاء من نذر العفة الدائمة(.( في النذور10)

- الن��ذر وع��د اختي��اري ب��ه تعاه��د النفس الل��ه على ش��يء يك��ون44 إتمامه خيرا من ع��دم إتمام�ه. وه��و على ن�وعين: الن��ذر الف��ردي الخ�اص، ويكون بين الله والنفس وحدهما وال يلزم إال بحس��ب إرادة الن��اذر؛ والن��ذر الرهباني الذي ت��برزه النفس في جماع��ة رهباني��ة لتص��ير عض��وا في ه��ذه الرهبانية، وهو يلزم بحسب ما تحدده قوانين تلك الرهبانية وفرائضها. فإذا

إن النذور الرهبانية، البسيطة واالحتفالية، تفوق بقوتها وامتدادها النذور الخاصة ال��تي يتعه��د به��ا 9 اإلنسان في العالم. ورأى القديس توما أن السبب في ذلك هو أن النذور الرهبانية تتض��من الن��ذور

الخاصة. النذور الرهبانية تضع حدا لكل الممارسات المفروضة من ش��ركات أو جمعي��ات أو أخوي��ات خاص��ة قد إنتمى إليها الناذر وهو في العالم، ولكل ممارسة تخرج عن نطاق الرهبانية. وتنزع كل ق��وة من

النذور الخاصة التي تنذرها الراهبة بدون إذن من بعد نذورها الرهبانية.98

أب��رزت الراهب��ة ن��ذورها واس��تثنت ش��يئا في داخله��ا أو في الخ��ارج، فهي تخطئ وتظل مع ذلك ملتزمة بإتمام كل الواجب��ات ال��تي تفرض��ها ق��وانين

الرهبانية. - تكون النذور الرهبانية إما وقتي��ة أي ل��وقت معين، أو دائم��ة أي45

تدوم حتى الموت. وتكون بسيطة أو إحتفالية بحسب م��ا تك��ون الرهباني��ة قد نالت من الحبر األعظم تثبيتها بناء على أن النذور تك��ون فيه��ا بس��يطة أو إحتفالي��ة. ومن هن��ا يب��دو أن بس��اطة الن��ذور وإحتفاله��ا يتعل��ق بطريق��ة

تثبيت الرهبانية وبما يعلنه الحبر األعظم بشأنها. إن صبغة النذور االحتفالية تجعل اإلعف��اء منه��ا على ج��انب كب��ير من الصعوبة، فضال عن بعض تفاصيل أخرى تتعلق بالفقر والعفة س��وف ي��أتي الكالم عليها. ف��الحبر األعظم وح��ده يس��تطيع، في بعض األح��وال الن��ادرة

جدا، أن يعلن باسم الكنيسة أن النذور االحتفالية ما عادت ملزمة.- )ال داعي لذكرها ألنه يتعلق بالرهبانيات الفرنسية(47 و46 - إن النذور الدائمة في رهبانية ذات نذور بسيطة يمكن أن يعفي48

منه��ا األس��قف المحلي إذا ك��انت الق��وانين غ��ير مثبت��ة من قب��ل الكرس��ي الروم��اني. وأم��ا إذا ك��انت الرهباني��ة مثبت��ة في روم��ا أي رهباني��ة حبري��ة، فيجب نيل اإلعفاء من الكرسي الرسولي، وما لم يع��ط األس��قف المحلي

سلطة خاصة لذلك. - إن اإلعفاء من ن��ذر العف��ة الدائم��ة يقتض��ي اإللتج��اء إلى الح��بر49

األعظم وإن لم تكن الق��وانين مثبت��ة من الكرس��ي الرس��ولي )ه��ذا في الشرع الغربي القديم. أما عندنا نحن الش��رقيين فال ذك��ر لش��يء من ه��ذا

في الحق القانوني الجديد(.��د الراهب��ة إال لم��دة معين��ة في الن��ذر50 - إن الن��ذور الوقتي��ة ال تقي

نفسه. فإذا أريد قطع هذه النذور قبل إنتهاء م��دتها وجب التقي��د بالقواع��دالمتعلقة بالنذور المتعلقة.

- تعدي النذر أمر ثقيل من طبيعته. وال يك��ون خط��أ خفيف��ا إال إذا51كانت المادة خفيفة أو الرضى غير تام.99

- إن إتمام فعل بقوة النذر يولي هذا الفع��ل اس��تحقاقا مض��اعفا.52 فعلى هذا النحو يكون لفعل الطاعة الصادر من راهب��ة اس��تحقاق الطاع��ة بحد ذاتها واستحقاق فضيلة الديانة التي يتعل��ق به��ا الن��ذر. وللس��بب عين��ه يكون في تعدي النذر خطيئتان: خطيئة ض��د الوص��ية المتج��اوزة، وخطيئ��ة

حنث ضد النذر أي ضد فضيلة الديانة.( في نذر وفضيلة الفقر11)

- إن نذر الفق��ر ينهى عن ح��ق االمتالك والتملي��ك؛ وإذا ظ��ل ه��ذا53الحق، فالنذر يمنع كل فعل امتالك أو تمليك.

ال سبيل إلى تحديد دقيق في تعيين م��ا يتج��رد من��ه ال��راهب الفالني بنذر الفقر، ألن هذا النذر يختل��ف في ش��دته بين رهباني��ة وأخ��رى بحس��ب قوانينها. فال بد إذن من النظر إلى ك��ل ق��انون في ك��ل دي��ر لتحدي��د م��دى

النذر الذي ينذر فيه. - إن نذر الفقر االحتفالي يجع��ل الن��اذر ع��اجزا، ح��تى إذا أذن ل��ه54

ال��رئيس، عن أي امتالك شخص��ي ألي خ��ير زم��ني ك��ان يمكن أن يثمن بالمال، وعن التصرف كسيد مالك، ب��الخيرات ال��تي في اس��تعمال الن��اذر. أم��ا الن��ذر البس��يط فيمن��ع فق��ط االس��تعمال والتص��رف الج��ائز ب��الخيرات

الشخصية من غير إذن صريح أو ضمني من الرئيس.ف��ات الشخص��ية، فال تع��د بين الخ��يرات أما الشرف والص��يت والمؤل

الزمنية. - تتناول مادة نذر الفقر، في جماعة رهباني��ة ذات ن��ذور بس��يطة،55ما يلي:

كل االموال المنقولة أو غير المنقولة التي ال تخص الراهب البتة؛ ك��ل م��ا وهب��ه ال��راهب للرهباني��ة، كجه��ازه وغ��ير ذل��ك من الهب��ات المجاني��ة. )فالمبتدئ��ة ال��تي تخ��رج أو تص��رف من الرهباني��ة قب��ل ن��ذورها، بوسعها أن تسترجع كل ما أتت به عند دخولها الدير، ما خال نفقات عيالتها

أي طعامها(؛

100

كل م��ا يص��ل إليه��ا من ه��دايا، س��واء من ب��اب الص��دقة أم من ب��ابالمودة وعرفان الجميل؛

كل ثمرة شغلها ومهارتها وأرزاقها الموروثة عن أهلها؛ كل فعل امتالك بشأن خيراتها العيلية، التي ال تستطيع التص��رف به��ا

من غير إذن رؤسائها. 56 : - ومن ثم

. ال تستطيع الراهبة أن تحتفظ بأي كمية كانت من الدراهم، مهم��ا1كانت ضئيلة وغير مهمة.

2 . ال تستطيع أن تقبل أي أمانة وتعاهد غيرها على أن ت��ؤدي حس��اباعما هو مستودع عندها، في حال زواله، ألن فعال كهذا يعد عقدا حقيقيا.

. ال تس��تطيع أن تقب��ل ش��يئا باس��مها الخ��اص، ال من أهله��ا وال من3ة ك��انت، ال ك��أجر لخدم��ة تؤديه��ا أصدقائها، وال من أي شخص آخر، ألي عل وال كهدي��ة محض��ة. فم��ا تنال��ه على ه��ذا النح��و يجب أن يوض��ع بين ي��دي

الرئيسة التي تتصرف به كما ترى موافقا. . ال تستطيع أن تعطي الفقراء ما حرمت نفس��ها من��ه من طعامه��ا4

الخاص، ألن ما لم تتناول��ه يخص الرهباني��ة وال يخص��ها، م��ا لم تع��ط كمي��ة معلومة من األطعمة مع إذن صريح في أن تتصرف بما يفضل عن حاجتها

للمشاريع الخيرية، ومن غير أن تؤدي عنه حسابا. . ال تس���تطيع أن تخفي الثي���اب والكتب واألدوات الخ. ال���تي في5

استعمالها خشية أن يطلبها منها الرؤساء. . ال تستطيع من تلقاء ذاته��ا أن تب��دل م��ع أخواته��ا م��ا أعطيت��ه من6

األشياء الستعمالها. . ال تس��تطيع أن تتص��رف بم��ا كلفت أن توزع��ه خالف��ا لمش��يئة7

رئيستها وترتيباتها. ف��إذا أعطت أك��ثر أو أق��ل مم��ا عين له��ا، أو أحس��ن أو أردأ، بحسب ميلها وهواها، فهي تسلك سلوك الس�يدة. وق��د يتم ذل�ك من

101

قبل وكيلة، أو موزعة غسيل، أو ممرضة... تق��ودهن العاطف��ة والم��ودة أوالنفور والكراهية.

. ال تس��تطيع أن تعط��ل أو تتل��ف أو تح��ول م��ا ه��و الس��تعمالها أو8لالستعمال الفالني.

. ال تستطيع أن تع�ير غيره��ا م��ا قبلت��ه الس�تعمالها، م�ا لم يكن من9 األشياء الثانوية التي يحتاج إليها الجميع وهي تحت تص��رف الجمه��ور كل��ه.ب مع��ا ال��تراخي االهم��ال، في ه��ذه المب��ادالت أو اإلع��ارات يجب أن يتجن والشدة والقس��اوة. فم��تى طلبت أخت ش��يئا من أخته��ا، فالمحب��ة تقض��ي عموم��ا ب��أن تق��در المطل��وب منه��ا أن الطالب��ة حاص��لة على الس��ماح

الضروري. . ال تستطيع، بال إذن، أن تتخلى عن التركات والم��واريث العائ��دة10

إليها، ألن هذا التخلي يكون فعل امتالك. يق��ول المنس��نيور بوفيي��ه إن ه��ذه الق��رارات موجهة إلى الراهب��ات المقيدات بنذر الفقر البسيط كما إلى المقيدات بالنذر االحتفالي؛ مع ه��ذا الفرق الذي أشرنا إلي��ه أن مخالفته��ا تك��ون عمال غ��ير ج��ائز عن��د الفري��ق

األول، وعمال غير جائز وغير صحيح عند الفريق الثاني. - كل إذن صحيح، أي يمنحه من له هذا الح��ق، وج��ائز أي ممن��وح57

ألسباب حسنة، يمنع الخطيئة ضد النذر. - يكون اإلذن: صريحا إذا منح بوضوح، شفهيا كان أم خطيا.58

وضمنيا إذا كان متضمنا في إذن آخر ممنوح سابقا. فاإلذن الممن��وح لشراء شيء ما يتضمن اإلذن في إنفاق م��ا لم يل��زم ل��ذلك؛ ويك��ون اإلذن ضمنيا أيضا إذا منح بواسطة صمت الرئيس الذي ي�ترك الم�رؤوس يج�ري

كما يريد، مع أنه قادر أن يمنعه بسهولة. ويكون اإلذن خاصا إذا منح لظرف واحد؛ وعاما إذا منح لكث��يرين في

ظرف واحد أو لشخص واحد لظروف كثيرة متشابهة.

102

ويكون اإلذن مق��درا إذا ق��در أن��ه ك��ائن في إرادة ال��رئيس، إذ يحكم بصواب أن الرئيس ال يرفض��ه ل��و طلب من��ه. ه��ذا اإلذن المق��در ال يك��ون جائزا وصحيحا إال في حالة الضرورة وعندما يتعذر اإللتج��اء إلى الرؤس��اء. فقد يحدث أن يق�ع ال��راهب في ظ��رف لم يكن بوس�عه أن يعرف��ه س��لفا، وأن يكون العمل في هذا الظرف عاجال ال يمكن تأجيله. ففي ه��ذه الح��ال إن لم يكن قادرا أن ينتظر جواب الرئيس، وإذا بدا له أن رئيسه ك��ان أذن في العمل لو كان حاضرا، فما على الراهب إال أن يعم��ل ثم يخ��بر رئيس��ه

بما جرى. - ال تستطيع رئيسة أن تأذن إذنا ال سبيل إلى الرجوع عنه. 59 - تعدي نذر الفقر خطيئة يختلف ثقلها باختالف مادته��ا. م��ا يكفي60

لتكوين خطيئة ثقيلة في باب السرقة يكفي لتكوين الخطيئة الثقيلة عينه��افي باب نذر الفقر.

- فضيلة الفقر أوسع نطاقا من النذر، ألنه��ا تنظم ح��تى االش��واق61 والرغبات، وتحم��ل القلب على التج��رد من ك��ل تعل��ق ب�الخيرات الزمني��ة. لذلك بوسع الراهبة أن تخطأ ضد فضيلة الفقر من غ��ير أن تتع��دى ن��ذرها.

فالنذر يفرغ اليد، أما الفضيلة فتفرغ القلب. - يمكن أن تخطئ الراهبة ضد فضيلة الفق��ر، من غ��ير أن تتع��دى62

النذر، بحسرات أو بأشواق مضادة لهذه الفضيلة؛ بتعلق غير مرتب بما هو الستعمالها، سواء كان كتابا أم مسبحة أم س��واها، ألن العاطف��ة )التعل��ق( هي ال��تي تك��ون الخطيئ��ة؛ أو باس��تعمال الكمالي��ات النافل��ة، أي أش��ياء ال

الخ...10فائدة منها أو ثمينة وأنيقة بإفراط - يجب أن تم��ارس فض��يلة الفق��ر في المس��كن، بحيث ال تطلب63

الراهب��ة دوم��ا م��ا ه��و أجلب للراح��ة أو م��ا ل��ه ظ��اهر ج��ذاب؛ وفي أث��اث القاللي، بحيث ال يكون للراهب��ة إال االث��اث الك��افي، البس��يط، الخ��الي من الفن؛ وفي اللباس، الذي يجب حفظه بسيطا ونظيفا ومشابها لم��ا يلبس��ه

��ك القلب، أراد الق��ديس فرنس��يس10 لكي يس��تدرك خط��ر ه��ذه التعلق��ات المفرط��ة بتواف��ه ترب السالسي أن تجمع راهبات الزيارة كل سنة ما لديهن من كتب ومسابح وصلبان وأيقون��ات وص��ور،

ثم توزع الرئيسة هذه االدوات على الجميع من غير ما تمييز.103

م��ا ه��و ن��افع للص��حة؛ اآلخرون؛ وفي األطعمة، بحيث ال تطلب الراهب��ة اال وفي االسفار، بحيث ال تنجز منها إال ما كان ض��روريا أو مفي��دا، وال تس��افر بدون داع في المحالت )والدرجات( األولى؛ وفي استعمال ال��وقت، بع��دم ض��ياعه وباس��تعماله على حس��ب م��ا يطلب الق��انون؛ وفي اله��دايا ال��تي يسمح لها بتقديمها بتجنبها التبذير واإلفراط في ثمنها وباختيار ما قد يكون

منها مفيدا للنفس. هذا، وإن راهبة تجتهد في إتب��اع العيش��ة المش��تركة بدق��ة ال تخ��الف

فضيلة الفقر إال نادرا. ة معظم المخالف���ات لفض���يلة الفق���ر هي اس���تعمال الم���ال إن عل الشخصي والهبات التي يقدمها للراهبة أهلها أو ذووها. فهذا التع��دي يجب

على الرئيسات ويحق لهن أن يعملن على إبادته من الرهبانية. ( في نذر وفضيلة العفة12)

- إن نذر العفة يفرض على صاحبه واج��بين: األول، واجب التخلي64 عن ال��زواج؛ والث��اني واجب تجنب ك��ل فع��ل ظ��اهر أو ب��اطن تنهى عن��ه

الوصيتان السادسة والتاسعة. - هذا البند ليس له ما يقابله في الح��ق الق��انوني الش��رقي حيث65

يستطيع الرئيس المكاني أن يحل من نذر العف��ة ال��دائم من غ��ير اإللتج��اءإلى الكرسي الرسولي.

66 - إن الخطيئة الثقيلة ال��تي تقترفنه��ا الراهب��ة ض��د العف��ة هي أوال خطيئة مميتة ضد الوصية السادسة والتاسعة، ثم خطيئة إنته��اك قدس��يات بسبب نذرها. وإذا كانت الخطيئة علنية يض��اف إلى الخطيئ��تين الس��ابقتين خطيئة أخرى ضد المحبة هي خطيئة تعثير أو تشكيك المؤم��نين: وخطيئ��ة

رابعة ضد الرهبانية التي تنحط كرامتها وشرفها. - يمكن أن تك��ون الخطاي��ا المخالف��ة للعف��ة أفع��اال داخلي��ة ثم��رة67

أشواق وأفك�ار وذكري�ات وتص�ورات وم��ودات عاطفي��ة رقيق��ة وص�داقات حسية مثيرة لألهواء؛ أو أفعاال ظ��اهرة خارجي��ة ثم��رة الحري��ة: في النظ��ر لرؤية أو مطالعة أو طلب ما ه��و خط��ر أو مث��ير للش��هوة، أو في الس��مع،

104

لس��ماع م��ا ال يلي��ق أو التمليق��ات أو الم��ديح المش��كوك في��ه أو العب��ارات الحاوي��ة رق��ة عالمي��ة أو االغ��اني الحامل��ة على اإلرتخ��اء الحس��ي؛ أو في اللس��ان، للتلف��ظ ب��أقوال ذات معن��يين، أو غ��ير الئق��ة، أو بأغ��اني عالمي��ة الخ...، أو في اليدين فيتاح لهما لعب أليف غير الئق وبعض مظاهر المودة

جة أو بعض أفعال غير الئقة... المهي - إن الفعل الذي قد يبدو غ��ير أثيم في ش��خص ع��المي يمكن أن68

يك��ون خطيئ��ة ثقيل��ة في النفس الرهباني��ة بس��بب م��ا يتبع��ه من المع��ثرةوالشك في المؤمنين.

- الوس��ائل للمحافظ��ة على ن��ذر وفض��يلة الطاع��ة هي الص��الة،69 والعب��ادة لإلفخارس��تية وللع��ذراء القديس��ة، ثم الوس��ائل التالي��ة: ص��يانة الح��واس وال س��يما النظ��ر؛ واله��رب من البطال��ة، واله��رب من أس��باب الخطيئ��ة حالم�ا ينبهن��ا ض�ميرنا أن فيه��ا خط��را علين��ا؛ والس��رعة في ص�د التجربة مهما كانت خفيفة؛ وتجنب الصداقات الحسية، حتى تلك التي تبدو لنا على جانب عظيم من القداسة، حالما يرتخي له��ا قلبن��ا؛ والتحف��ظ في المناجي��ات الروحي��ة، والتص��ون في العب��ارات ال��تي ي��وحي به��ا إلين��ا قلبن��ا للتعبير عن شكرنا؛ والقناعة؛ وأخيرا فتح القلب وكش��ف الض�مير لمن ه��و

مسؤول عن إرشاد نفسنا. - إن فضيلة العفة، التي هي حارس��ة ن��ذر العف��ة، تحم��ل الراهب��ة70

على استعمال اللذات الجائزة باعتدال، وأحيانا على حرم�ان النفس منه��ا،إذا أمكنها ذلك من غير أن يالحظها غيرها.

ة يس��تدل منه��ا على أن الم��ودة أو واآلن ه��ذه بعض عالم��ات وأدلالعاطفة طبيعية بإفراط وقد صارت خطرة:

. اللذة المادية ال��تي يش��عر به��ا عن��د مالزم��ة الش��خص المحب��وب،1والحزن الذي يشعر به عند مغادرته.

. النظرات الودية التي تلقى عليه، وإن لم يستطع هو أن يالحظها.2 . ما يشعر به من القل��ق والجبان��ة في العم��ل وهب��وط الع��زم عن��د3غيابه.

105

. ما يشعر به من الحسد عند رؤية الغير يحوطونه بالمحبة. 4. العمى الذي يجعلنا نجد فيه كل شيء كامال. 5

وهوذا اآلن التدابير والتحوطات ال�واجب إتخاذه��ا، حالم�ا نب��دأ نش��عربمثل هذه العواطف الخطرة:

. ال نسع أبدا لنكلم األخت المحبوبة بال ضرورة.1 . في النزهات، ترك سائر األخوات يخترن محلهن قبلنا، حينئذ قلما2

نكون بقرب األخت المحبوبة.ا كفكر مزعج مقلق.3 . عدم االهتمام بها باختيارنا، وإبعاد ذكرها عن . تأدية الخدم لها كما لغيرها، ولكن باعتدال وت��أن خ��ارجي وداخلي4

خصوصا. . كبت كل تأثير ف��رح ينش��أ فين��ا عن��د رؤيته��ا بع��د غي��اب طوي��ل أو5قصير. . إعالم المعرف بما بذلنا من الجهود في هذا السبيل. 6

( في نذر وفضيلة الطاعة13) - نذر الطاعة هو النذر الذي به يلزم ال��راهب نفس��ه، تج��اه الل��ه،71

ب��أن يطي��ع رؤس��اءه الش��رعيين في ك��ل م��ا يأمرون��ه ب��ه وفق��ا للق��انونوالفرائض.

- إن الق��انون ه��و ركن س��لطة الرؤس��اء. فال يس��عهم أن ي��أمروا72 بشيء ضد القانون أو بمعزل عنه. إنما يستطيعون أن يأمروا بك�ل م�ا ه��و ضروري لممارسة القانون بدقة، وبما هو متضمن في القانون، كالعقوبات

ضد متجاوزي القوانين، وطريقة القيام بالوظائف، وهلم جرا. فإذا خامر المرؤوس ريب هل األمر مضاد للق��انون، فيجب علي��ه أن

يطيع، ثم يرفع القضية الى سلطة أعلى.

106

- إن نذر الطاعة هو أسمى النذور الرهبانية. ه��و أش��دها ض��رورة73 لخير الجمهور. هو أشرفها، ألن��ه يس��ود الحي��اة كله��ا ويس��يطر على أعظم

خيرات النفس الصميمة. ه74 - إن نذر الطاعة البسيط يجعل غير جائز، أو أثيما، كل إلزام تبت

الراهبة وتضعه على عاتقها من غير رضى رئيستها، لكن��ه ال يجع��ل اإلل��زام ملغيا ال قوة له. أما نذر الطاعة االحتفالي فيلغي كل إلزام تتخذه الراهب��ة

بدون إذن رئيستها. - تخطئ الراهبة خطأ ثقيال مميتا ضد نذر الطاعة كل مرة تعصى75

عصيانا صريحا وفي مادة ثقيلة أم��را أم��رت ب��ه بق��وة الطاع��ة المقدس��ة؛ وعندما تقاوم بتشبث وعناد الرئيسة التي تأمرها؛ وم��تى نتج من العص��يان

ضرر جسيم للجمهور، أو للمذنبة نفسها، أو لشخص ثالث. - إن القوانين والفرائض ال تلزم بحد ذاتها تحت طائل��ة الخطيئ��ة،76

وال سيما في األمور النظامية التي ال تعبر عن الواجبات التابعة للنذور، بيد أن القديس توما يقول إن��ه لمن الن��ادر أن تتع��دى الق��وانين والف��رائض بال خطيئة، من أجل الباعث ال��ذي يحم��ل على ه��ذا التع��دي. وفي الواق��ع أن مخالفة الطاعة تكون عن كبرياء أو رخاوة حسية أو كسل أو حياء بشري، أو لباعث آخر أثيم. وق��د تص��ير الخطيئ��ة مميت��ة إذا راف��ق التع��دي إحتق��ار

للفريضة يؤول باحتقار للسلطة اآلمرة به. - إن تج��اوز الق��وانين االعتي��ادي يك��ون ذنب��ا أك��بر، لم��ا يتبع��ه من77

المعثرة والشكوك وما يجره من التراخي على الجماعة الرهبانية. - الطاعة واجبة ال للرئيس وحده المتكلم بنفسه، بل لك��ل ال��ذين78

نالوا منه سلطة إذا كان ما يأمرون به من نطاق وظيفتهم. - فض��يلة الطاع��ة تقتض��ي أن يك��ون ال��داخل موافق��ا للفع��ل79

الخارجي؛ أما النذر فال يقتضي بالحصر إال إنجاز الفعل الخارجي. - لكي تكون فضيلة الطاع��ة كامل��ة، يجب أن تك��ون: س��ريعة، بال80

تأجيل، فت��ترك الراهب��ة ح��اال م��ا تفعل��ه وتدع��ه غ��ير منهي؛ وتام��ة، فتنج��ز الراهبة م��ا أم��رت ب��ه ح��تى التفاص��يل الدقيق��ة؛ وفائق��ة الطبيع��ة، فتطي��ع

107

الراهبة لترضي الله وتسره كما ل��و ك��ان الل��ه يأمره��ا؛ وعمي��اء، أي ب��دون تعليل أو إعتراض، )إنما يسوغ للراهبة أن تقدم لرؤسائها المالحظات التي تراها صوابية، ولكن باحترام وصدق وخضوع(؛ وفرحة، فتكون س��عيدة في طاعتها كمن يفكر أنه يطيع الله ويربح السماء؛ وس��خية، غ��ير مكترث��ة وال

قلقة للصعوبات التي سوف تعترضها وللتضحيات التي يجب فعلها. - عالوة على الخطاي��ا المض��ادة رأس��ا للطاع��ة، هنال��ك عي��وب81

ونق��ائص تجرحه��ا وتع��د النفس للتع��ديات الص��ريحة. فمن ذل��ك الظن��ون الس��الفة ض��د الرؤس��اء، والنف��ور منهم، والت��ذمرات، والحجج الواهي��ة،

والتباطؤ في تنفيذ أوامرهم. ��زع من الطاع��ة ثوابه��ا كل��ه ب��ل تجع��ل وهنالك أيضا نقائص أخرى تن النفس أثيمة. مثال ذلك الطاع��ة من غ��ير خض��وع اإلرادة، طاع��ة خارجي��ة لرفع العتب؛ والطاعة عن خوف كالعبيد ألن الرئيس يراقب؛ والطاعة عن سياس��ة وحب ذاتي، لتس��تجلب المرؤوس��ة المطيع��ة عط��ف الرئيس��ة ورضاها. والقديس برنردس يقول: ليس في هذا كله تمرين على الفضيلة

بل ستار نستر به خبثنا. 2

ملخص مقالة في الحياة الداخلية( في طبيعة الحياة الداخلية1)

إن الحياة الداخلية هي العيشة العادية في حضرة الل��ه واالتح��اد ب��ه. من عوائد أصحابها أن ينظروا إلى قلبهم كإلى هيكل يسكن فيه الله، تارة ممجدا كما في السماء، وتارة مختفي��ا كم�ا في اإلفخارس��تيا؛ وفي حض��رةالله يفكرون ويتكلمون ويعملون ويتمون كل الواجبات المفروضة عليهم.

غاي��ة الحي��اة الداخلي��ة اله��رب من الخطيئ��ة، والتج��رد من الخ��يرات المادية بروح الفقر، ومن اللذات الحس��ية بالعف��ة واإلمات��ة، ومن الكبري��اء بالتواض��ع، ومن الفوائ��د الطبيعي��ة بنق��اوة الني��ة، ومن التش��تت والتب��دد

بواسطة جمع الفكر.

108

إن الحياة الداخلي��ة له��ا، بوج��ه ع��ام، أع��داؤها المتحفظ��ون تجاهه��ا. فالبعض يخش�ونها ويحس�بونها كحي�اة إس�تعباد وتض�حيات وقه�ر، وغ�يرهم يزدرونها كمجموعة ممارسات دقيقة من شأنها أن تضيق نط��اق العبقري��ة وتجعل صاحبها بال فائدة في العالم، فال تصلح إال ل��ذوي العق��ول الص��غيرة

الضيقة. لذلك يتحرز منها الكثيرون ويتجنبون مطالعة الكتب التي تتكلم عنها. كثيرون يروم��ون أن يخ��دموا الل��ه، لكنهم ال يري��دون أن يخض��عوا في ك��ل ش��يء لحرك��ات روح الل��ه. بحيث يك��ون م��رور نفس من ح��ال الخطيئ��ة المميتة إلى حال النعمة وممارسة الفض��ائل المس��يحية الظ��اهرة، أس��هل

من مرورها من هذه الحياة المسيحية العادية إلى الحياة الداخلية.��ز في ولكي ندرك ما هي الحياة الداخلية إدراك��ا دقيق��ا، يجب أن نمي

المسيحي: . حياة الحواس، وهي ال�تي يستس�لم له�ا، من غ�ير إهتم�ام بإهان�ة1

الله، أولئك الذين يبيحون لذواتهم كل م��ا يل��ذ لهم، وأولئ��ك ال��ذين وإن لم يري��دوا أن يهين��وا الل��ه إهان��ة ثقيل��ة ال يرفض��ون لحواس��هم م��ا تطلب من

المتعات الصغيرة، قصد أن يتلذذوا بها. . حياة العقل الذي يقود الحياة بقطع النظر عن أنوار اإليمان. هذه2

الحياة تس��مى في الكتب المقدس��ة الحكم��ة البش��رية. عنه��ا ق��ال ب��ولس الرسول إن اإلنسان الحيواني ال يدرك شيئا من ش��ؤون الل��ه، فهي جهال��ة عنده وال يستطيع أن يدرك منها شيئا. بهذه الحكم��ة البش��رية ك��ان يس��وع المسيح يفكر لما قال: أشكرك أيه��ا اآلب ألن��ك أخفيت ه��ذه عن الحكم��اء والعقالء وكش��فتها لألطف��ال. ه��ذه الحي��اة البش��رية بقي��ادة العق��ل تك��ون��دركون اإلنسان المستقيم بحسب العالم، والفالسفة والحكم��اء ال��ذين ال ي شيئا في مذود بيت لحم وفي حانوت الناصرة وفي تذليالت الجلجلة، وفي التطويبات التي أعلنها يسوع المسيح؛ ال��ذين يس��تهزئون بأفع��ال التواض��ع والتجرد وال يس��تطيعون إحتم��ال مطالع��ة س��ير القديس��ين، وال ه��دف لهم

سوى المجد والغنى والتنعم.

109

. الحياة الفائقة الطبيعة التي تفوق العقل والحواس، وتنيرها أن��وار3 اإليمان، وتغذى بقراءة اإلنجيل، ويمارس��ها ال��ذين نس��ميهم قديس��ين. هي الحياة التي يدور عليها كالمنا، وقد دعوناها داخلي��ة ألن مب��دأها في داخلن��ا

من الس��فر54ومن هن��اك يص��در أوام��ره للح��واس والعق��ل. إن الفص��ل ف بن��وع عجيب حرك��ات الطبيع��ة الثالث من كت��اب االقت��داء بالمس��يح يص��

وحركات النعمة، أي الحياة الطبيعية والحياة الفائقة الطبيعة. ( في سمو الحياة الداخلية2)

هي ملك��وت الل��ه في النف��وس؛ هي حي��اة الع��ذراء القديس��ة على األرض، وحياة يسوع المسيح نفسه الذي ك��ان يحي��ا تحت إم��رة أبي��ه؛ هي الحياة التي يتكلم عنها القديس بولس عندما يقول: أنا حي، ال أنا بل إنم��ا المس��يح حي في. ك��ل القديس��ين يحي��ون ه��ذه الحي��اة، ودرج��ة قداس��تهم تك��ون بمنزل��ة كم��ال اتح��ادهم بالل��ه. فكم��ا أن نفس��هم تنعش جس��دهم وتحييه، كذلك يسوع المسيح ينعش نفس��هم ويحييه��ا. يس��وع المس��يح ه��و معلمهم ومشيرهم ومرشدهم وال يفعلون ش��يئا م��ا لم يس��ألوه ويخض�عوه لحكمة ويطلبون تثبيته. يسوع المسيح سندهم وملجأهم والمح��امي عنهم؛ يعيشون تحت إمرته كما تحت سطوة أب ومحام وملك قدير، ويتمس��كون به كما يتمسك الولد عن حب والفقير عن احتي��اج؛ ويدعون��ه يق��ودهم كم��ا يقب��ل األعمى قي��ادة الطف��ل ال��ذي وث��ق ب��ه؛ ويتحمل��ون من��ه ك��ل ش��يء كالمريض الراغب في الشفاء يتحمل كل شيء من الطبيب؛ ويس��تريحون فيه كطفل في حضن أمه. لذلك يترفعون ت��دريجيا ف��وق مص��اعب الحي��اة وش��قائها: س��واء حلت ب�الكون بالي�ا، أم ج��ردوا هم أنفس�هم من خ��يراتهم ظلما أو قضاء وق��درا، أم حرم��وا أس��رتهم من ج��راء الم��وت أو النفي، أم أصدقاءهم بالخيانة أو النسيان، أم صيتهم وشرفهم ب��اإلفتراء، أم ص��حتهم بأقسى االمراض، أم فرحهم باليبوسات والتجارب... ال شك أنهم يشعرون بهذه المحن، وتسكب عيونهم الدموع، لكنهم يظل��ون ه��ادئين، في س��الم، ينظرون في قلبهم إلى الله الذي س��مح بك�ل ذل�ك وق�اد ك�ل ش�يء بي��ده

اإللهية، فيقولون له في نشوة االندفاع: إذا كنت باقيا لنا فحسبنا!( أفعال الحياة الداخلية3)

110

- النظر إلى الله، أي استحضاره عادة، والعيش��ة بقرب��ه كص��ديق ال1 إنفصال عنه في الشغل، والصالة، والنزهة، والراحة. إن الله ليس بم�زعج فال يضايق أحدا، بل هو صالح. هو يقود كل شيء، وهو يقيس المحنة التي

يرسلها إلي على حسب قواي ألنه يعرفها ضرورية لي. - سماع صوت الله، أي اإلنتباه إلى نواهي��ه ومش��وراته. فإن��ه يتكلم2

بأقوال اإلنجيل التي تعيدها الذاكرة إلى ال��ذهن؛ وباألفك��ار الص��الحة ال��تي تنير العقل فجأة؛ وباألقوال التقوية التي نالقيها في كتاب أو في نشرة، أو

تقع عفوا من فم واعظ أو صديق، وأحيانا من فم شخص مجهول. - التحدث إلى الله، أي مناجاته ب��القلب أك��ثر مما ب��الفم، بواس��طة3

تأمل الصباح، والنوافذ الروحية السهمية، والص�لوات الش�فهية. وبواس��طةراحة قلبية مقدسة، وال سيما في الزيارات للقربان األقدس.

- محبة الله، أي التعلق به، وبه وحده، وعدم محبة اآلخرين إال فيه،4 واالعراض عن كل م��ودة من ش��أنها أن تض��عف محبتن��ا ل��ه؛ وب��ذل ال��ذات

للجميع ألجله، ولكن بحيث ال نعطي ذاتنا مطلقا إال له. - التفكير بالله، أي رذل كل فكر ينفي فكرة الله. ال شك أن��ه يجب5

االهتمام بالواجب، وإتمامه بكل ما يمكن من الكم��ال، ولكن يجب إنج��ازه تحت نظر الله، ونحن نفكر أن الله يأمرنا به، وأنن��ا إذا إعتنين��ا ب��ه واتقن��اه

نكون مرضين له. ( وسائل البلوغ الى الحياة الداخلية4)

- نق��اوة كامل��ة في الض��مير، نحرزه��ا بقبولن��ا س��ر التوب��ة بت��واتر1 وإنتظام وجد كبير؛ وبكراهيتنا لكل خطيئة ولك�ل نقص ولك�ل ع��دم أمان�ة؛

وبالهرب الهادئ النشيط من كل سبب خطيئة. - نقاوة قلب كبيرة، أي التجرد من ك��ل م��ا ه��و مخل��وق: الخ��يرات2

واالمالك وإرتياحات الحياة، والصيت والحياة نفسها... وهذا ال يع��ني أن��ه ال يسوغ أن تحب النفس أسرتها وأصدقاءها وتتفانى في سبيلهم وتبدي لهم مودتها... وإنما يعني أن ذكرهم يجب أن ال يبقى في القلب إال متحدا بذكر

الله وحبه. 111

- نقاوة كبيرة في العقل، أي جهد متواصل إلبعاد كل فكر فارغ في3 الماضي والحاضر والمستقبل، وكل هم وقلق بشأن نج��اح مش��روع، وك��ل

رغبة في أن يكون اإلنسان معروفا وممدوحا. - نقاوة كبيرة في العمل: فال تهتم النفس إال بما ي��دخل في نط��اق4

واجباتها، وتقمع التسرع والنشاط الطبيعي، وتعمل دوما تحت حرك��ة الل��ه وهي تفكر أن الله يمجد في ما تعمله، وتتوق��ف هنيه��ة ص��غيرة بين ش��غل

وآخر لتوجه نيتها، ويكون لديها دوما عمل نافع تعمله. - جمع فك��ر كب��ير وإمات��ة الح��واس: فتبع��د عنه��ا، ق��در المس��تطاع5

وضمن نطاق حالتها وواجباتها، الزيارات وال��والئم والنزه��ات الص��اخبة؛ وال تسمح لذاتها عمدا بنظرة وال بكلمة وال بمتعة ال فائدة منها، بل ترتب ذلك كله وفقا لمطالب العقل السليم واللياقات وبنيان القريب المحب��ة؛ وتض��ع شيئا من التؤدة والتأني في صلواتها وتلفظ الكلم��ات جي��دا وتجته��د أحيان��ا

في تذوق معناها. - دق��ة كب��يرة في ك��ل ش��يء، في أفع��ال الحي��اة وخصوص��ا في6

التمارين الرهبانية؛ فال تترك النفس شيئا لحكم االتفاق والصدفة وال لحكم الهوى؛ وترى في فرائضها مشيئة الله، فتقول لذاتها حينا بع��د آخ��ر عن��دما

، فالله يدعوني. تدق ساعة الواجب الفالني: هلم - ألفة كبيرة مع الله: فتحدثه النفس ببساطة، وتحبه بمودة رقيقة،7

وتستشيره في كل شيء، وت��ؤدي ل��ه الحس��اب عن ك��ل ش��يء، وتش��كره بتواتر، وتزوره خصوصا في سر اإلفخارستيا وهي سعيدة. هذه األلف��ة م��ع

الله ال يمكن أن تكون بال ممارسة جدية ثابتة دائمة للصالة العقلية. - محب��ة عظيم��ة، للق��ريب، ألن��ه ابن ح��بيب الل��ه، فتص��لي النفس8

ألجله، وتعزيه وتشجعه، وتعلمه، وتقويه، وتساعده في كل شيء. ( الموانع التي تحول دون الحياة الداخلية5)

ع فيالنشاط الطبيعي. 1 الذي يدفعنا دوما إلى األمام ويجعلنا نتسركل عمل. ويظهر هذا النشاط الطبيعي:

112

في تصاميمنا، فيكثرها ويكومها ويقلبها ويعي��دها. وال يأخ��ذ راح��ة، واليريح، ما لم يحقق ما نواه.

في أعمالنا. فالطبيعة تطلب الحرك��ة. فتهتم ب�ألف ش��غل خ��ارج عن نطاق الواجب، وقد تكون أحيانا معاكسة لل�واجب، وتسترس�ل في العم�ل

باندفاع، وتعدو، وتسرع، وتضطرب، وال تزال قلقة حتى ترى العاقبة. في تناول الطعام. الطبيعة تدفع إلى اإلقبال على الطع��ام بعن��ف وال

تترك للعقل واإليمان مجاال لقمع الشهوة الطبيعية. في االحاديث. النشاط الطبيعي يحمل على الكالم بدون ترو وتفكير، وعلى قط��ع كالم الغ��ير ب��دون أدب، وعلى إص��الح الغ��ير بال محب��ة، وعلى الحكم على الغ��ير ب��دون تق��دير وتمي��يز. ويحم��ل على رف��ع الص��وت في

الكالم، وعلى الجدال والتذمر. في الصلوات. النشاط الطبيعي يحمل صاحبه صلوات كث��يرة يتلوه��ا بس��رعة وبال إنتب��اه، وبال ت��ذوق، وق��د عي��ل ص��بره في إنتظ��ار آخره��ا. وال يستطيع صاحبه أن يظل ساكنا في التأمل، بل يق��ع في اليبوس��ة ويتع��ذب

ويضنيه وجع الرأس وتيبس نفسه ويمتنع فيها عمل الروح القدس. الفضول يفتح النفس على كل ما هو خ��ارجي، ويمأله��ا: الفضول.�� 2

أفكارا كثيرة غريبة، لذيذة أو مزعجة تلهيها أياما برمتها. ومن ثم فال سبيل أن ترج��ع إلى ذاته��ا وتظ��ل في جم��ع الفك��ر ه��ذا؛ ومن هن��ا أيض��ا تنش��أ

الكراهية والجبانة والسأم من كل ما هو صمت وجمع فكر وصالة عقلية. يظهر الفضول في الدروس التي تزاولها النفس بزهو وبحب اإلطالع والظه��ور بمظه��ر الح��اذق، ب��دل أن ت��درس لتتعلم وتفي��د الغ��ير؛ وفيص وقت طوي��ل للقص��ص واألخب��ار والجرائ��د؛ وفي المطالع��ات، فيخص�� النزهات، فينتقل صاحب الفضول م�ع الجم�ع ل�يرى ويع��رف ويس��تطيع أن يحدث غيره فيما بعد؛ وفي أعمال أخرى عديدة، منها: اإلسراع بشيء من الحمى لفتح رسالة موجه��ة إلين��ا، أو للنظ��ر إلى مش��هد يح��دث أمامن��ا، أو

لمسابقة الغير إلى إيراد أحد األخبار...

113

فالله، الذي نسيته هذه النفس الفضولية ينص��رف من قلبه��ا ويترك��ه فارغا؛ ومن هذا الفراغ تنشأ الحاجة الملح��ة إلى أن يمتلئ القلب من ك��ل

ما يعرض للفضولي. . إن الله ال يمنع الشكوى بخضوع وتسليم، لكنه ينهى عنالجبانة.� 3

التذمر والجبانة، ويبتعد عن النفس التي ال تعرف أن تستند عليه. تظه��ر الجبان��ة في محن الحي��اة عن��دما تجمح النفس وتتم��رد على مشيئة الله التي أرسلت هذا المرض أو ه��ذه الش��كاية أو ه��ذا اإلهم��ال أو ه��ذا الحرم��ان؛ وفي اليبوس��ات، عن��دما ت��ترك النفس الص��الة والتأم��ل والتناول بحجة أنها ال تتذوقها البتة وأنها تشعر فيه��ا بان��دفاع حس��ي وأدبي يقلقها ويحملها على الظن أن الله قد أهملها وتركها؛ فالنفس ال��تي ت��ترك الل��ه تطلب تس��ليتها في الع��الم، والل��ه ال يك��ون في وس��ط الع��الم؛ وفي التجارب، إذ تتعب النفس وتتعذب وتذعر فتبتعد عن الل��ه ب��دل أن ت��رتمي بين ذراعيه، وتصرخ أن الله قد أهملها، م��ع أن الل��ه ال يس��مح بالتجرب�ة إال لتظل النفس مترددة بين حالتي األمل والخوف ويمنعها عن الكبرياء ويتيح

لها أن تبدي له محبة أعظم.***

واآلن نلخص م��ا ذكرنه��ا آنف��ا في ص��فحة يمكن أن تس��مى "نه��ارالمبتدئة التقية".

لست أنا حية بعد، بل إنما المسيح حي في. لست أن أعمل بعد، بل إنما المس��يح يعم��ل بي من بعض الوج��وه. لس��ت أن��ا أحب بع��د، ب��ل إنم��ا المسيح يحب بي وفي - فيجب علي إذن أن أفعل كال من أفعالي كما كان فعلها يس��وع؛ وأن ال أحي��د بره��ة عن حض��رة يس��وع. فيس�وع مهي��ني ول��ه نصيب النصف في كل ما أفعله. هو مثالي ويسر إلي كيف كان عمل ه��ذا العم��ل ال��ذي أم��رت ب��ه. ه��و س��ندي فيش��جعني ويجعل��ني أتحم��ل التعب والضجر. هو جزائي، يعد كل دقائق الوقت الذي أقضيه في إتمام الواجب ليحسبها لي ويجازيني عنها. هو المحامي عني، يقصي عني الشيطان فيما أنا أصلي أو أشتغل، ويقصي ع��ني األش��رار أو يقوي��ني ض��د أق��اويلهم، وال

يسمح بأن أرهق.114

لذلك كله أحب يسوع. ففي نزهاتي أفك��ر في وداعت��ه ولطف��ه وإبتس��امته العادي��ة. فه��و لم يكن يرفض أحدا وال يحتقر أحدا. وكان دائم��ا ه��و ه��و، مفعم��ا لطف��ا، غ��ير تعب من أداء خدمة، سعيدا خصوصا عندما يزعج نفسه ويتعبها في س��بيل

اآلخرين. في أحاديثي أتكلم عنه أحيانا، وعلى األقل أتكلم دوم��ا في حض��رته، بحيث ال يبدر مني شيء غليظ أو غير الئق أو مخالف للفطنة. فأنا سعيدة

عندما أستطيع أن أحمل أحدا على محبته.ر لهم ه��و في دروسي أفكر في جودة يسوع وهو يعلم تالميذه ويفس نفسه ما لم يفهموه؛ وأتصور أنه هو ال��ذي يكلم��ني بفم معلم��اتي فأس��مع لهن باحترام وشكر. وأدعوه عندما أشعر ببعض الص��عوبة. وأخض��ع عن��دمال أو أالقي مانعا. وأشكره إذا أحرزت بعض النجاح ألن��ه ه��و ال��ذي يفتح أذل

ذهني ... عند تناولي الطعام أفكر في قناعته وتقش��فه وإماتات��ه. فب��أي ج��ودة وعطف كان يخدم ه��و نفس�ه رس��له، وب�أي محب��ة ك��ان يص�نع المعج��زات ليغذي الفقراء. فلو كنت حرة طليقة في التصرف بما لدي لجعلت نص��يب الفقراء وافرا، ألن يسوع كان جعله ه��و أيض�ا واف��را، فأري�د أن�ا أن أعطي

كل ما أستطيع: عقلي وقواي ومهارتي وكل شيء. في صلواتي أتصور أني بق��رب يس��وع وأس��معه يق��ول لي: "ك��ل م��ا تسألين اآلب باسمي تنالينه". فأجمع فكري كما ك��ان يجم��ع فك��ره، وأحب أن أك��رر بعض م��ا ك��ان يك��رره من األق��وال: أيه��ا اآلب، لتكن مش��يئتك ال مشيئتي. أيه��ا اآلب أعطن��ا خبزن��ا كف��اف يومن��ا. ي��ا أبت��اه ليعرف��ك الجمي��ع

ويحبوك! في أشغالي اليدوية أفكر في األعمال التي كان يسوع يزاوله��ا وهي شبيهة بأعمالي. كان يصنع كل ما يؤمر به ويتقنه بكمال. كان يترك ش��غله حالما يدعى إلى غيره ثم يعود إليه ويتركه من جديد. وما كان يتشكى من طول الشغل وال من رتابته وال من ص��عوبته. ولم يكن يخش��ى، ه��و العليم

115

بكل شيء، أن يسأل القديس يوسف والعذراء القديسة: "كيف يصنع ك��ذاأو كذا؟" ويتبع بدقة ما يعطى من مشورات.

في أحزاني وأكداري أدعوه... وأنتظر... وأعرف أنه حاض��ر، وإن لم يقل لي شيئا فال أخاف، فهو يمنع أن يفرط الشر في تعذيبي، وأن يط��ول بي السأم حتى يرهقني، وأن تحثني التجربة ح��تى أس��قط فيه��ا. أدع��وه... وأعلم أنه يأتي في األوان المناسب؛ ومع أني أبكي أحيان��ا وأتنه��د أواص��ل

شغلي وصالتي وحياتي العادية. في المحن التي تسمح بها العناي�ة اإللهي��ة أزداد تقرب�ا إلي�ه، ف��إن لم أجده إلى جانبي سعيت في طلبه... فأج��ده بين ذراعي الع��ذراء القديس��ة التي تعطينيه دوما بعد تالوة بيت من المسبحة بتق��وى. وأج��ده في وس��ط أخ��واتي، وال س��يما م��دة الص��الة، ألن��ه ق��ال: حيثم��ا اجتم��ع إثن��ان أو ثالث��ة باسمي فأنا أكون هناك فيما بينهم. وأجده في بيت الناصرة يعم��ل بيدي��ه، في��أتي إلي إن كنت أن��ا أيض��ا أش��تغل على مثال��ه. وأج��ده على الص��ليب، ودرب الص���ليب ال���ذي أمارس���ه يعي���ده إلي م���ع الس���كون والس���الم واالستس��تالم. أج��ده أخ��يرا في التن��اول المق��دس، ف��أقول ل��ه حينئ��ذ: ال

تتركني، ال تتركني! في نومي أفكر في يسوع مستسلما للراحة، ف��أراه نائم��ا في س��الم ونقاوة، تارة في السفينة التي تكدها الري��اح، وط��ورا في م��ذود بيت لحم. فأقول له: يا يسوع، أريد أنا أيضا أن أستريح في س��الم مثل��ك، وأن يظ��ل قلبي دوما س��اهرا. أري�د أن يك��ون في أثن��اء ن��ومي ك��ل تنفس تنه�د حب. وأريد أن تكون كلمتي األولى عند يقظتي: يا يسوع، أحبك! لله م��ا أع��ذب

يومي متى كان على هذا النحو متحدا بيسوع!

116

الفصل الثامنفي امتحانات االبتداء

االمتحانات تجربة يرى منها هل الش��خص الفالني أو الش��يء الفالني هما في الواق��ع كم��ا هم��ا في الظ��اهر، أو ه��ل هم��ا ق��ادران أن يس��تخدما

للخدمة التي يظن أنهما يصلحان لها. مثال ذلك أن جسرا ف��وق نه��ر يمتحن إذا حمل ثقال أرف��ع من الثق��ل الذي سوف يحمله فيم��ا بع��د. ف��إذا ق��وي على تحم��ل ه��ذا الثق��ل الباه��ظ الخارق العادة، كان في ذلك ضمانة أكي��دة على أن��ه س��وف يحم��ل الثق��ل

االعتيادي. كذلك إذا أريد أن يدفع عمل دقيق إلى يد عامل، يطلب منه أن يري شغال آخر من يده ال يق�ل دق��ة وص�عوبة عن ذاك المطل�وب ص�نعه. فعلى

هذا النحو يمتحن هذا العامل. فأنت، أيتها المبتدئة، مدعوة لخدمة الله ولمنزلة أرفع من تلك بكثير هي منزلة عروس يسوع المسيح؛ وبما أنك مزمع��ة أن تعق��دي قريب��ا ه��ذا العه��د اإللهي، أليس من مط��الب الع��دل األولي��ة أن ال تقبلي إال من بع��د

ضمانة أكيدة أنك محرزة الصفات التي تطلبها تلك المنزلة؟ إن االبتداء هو لك زمان تعلم المهنة. فق��د ص��ار ل��ك من ي��دلك على النقائص الواجب حذفها، وعلى الفضائل الواجب إحرازها لتصيري عروسة يس��وع المس��يح. أليس ع��دال أن ي��رى األش��خاص ال��ذين وك��ل إليهم الل��ه اإلعتناء بتربيتك هل يستطيعون أن ي��دفعوك إلى عريس��ك بطريق��ة الئق��ة، وهل فيك الشجاعة والصبر والقوة والخضوع التي يطلبه��ا؟ من أج��ل ه��ذا

بد من امتحانك. إن االمتحانات هي األفع��ال الداخلي��ة والخارجي��ة المختلف��ة، الص��عبة عادة على الطبيعة، المطلوبة عادة في االبتداء ليتأكد للمربين م��ا وص��لتإليه المبتدئة من القوة والصبر، ولتواصل إبادة ما بقي فيها من النقائص.

( مصادر امتحانات االبتداء1

117

يمكن أن تأتي امتحانات االبتداء من الل��ه، أو من معلم��ة االبت��داء، أومن الرفيقات.

. إن الل��ه ال يحت��اج البت��ة إلى امتحانن��ا،. االمتحان�ات اآلتي��ة من الله1 فهو يعلم جيدا ما نحن وما هو قدرنا. وإنما نحن بحاجة إلى امتحان لنعرف ما بوسعنا أن نفعله بنعمة الله وكم نحن ضعفاء من تلقاء أنفسنا. فما ه��و امتحان في نظرنا ليس امتحانا بالنسبة إلى الله. بي��د أنن��ا، في كالمن��ا عن هذا الجالل السامي، نلتزم باستعمال العب��ارات نفس��ها كم��ا ل��و كن��ا نتكلم

عن البشر. يمكن القول، بوجه عام، إن الله يمتحن المبت��دئات أق��ل مم�ا يمتحن الراهبات الناذرات. وس��وف ن��أتي في الكت��اب المع��د للن��اذرات على ذك��ر االمتحانات المختلفة التي يسمح الله بأن تمر بها النفوس المع��دة لكم��ال سام، وهي في بعض األحيان هائلة، التي ق��د ال تس��تطيع المبتدئ��ة الخالي��ة

من الخبرة أن تحتملها... من عادة الله أن يقيد النفوس به بواسطة المحب��ة والم��ودة. فم��تى ذاقت مرة سعادة محبته، حينئذ فقط يشرع في تطهيرها شيئا فش��يئا من

نقائصها، وأن يحدث فيها التحويالت التي يراها ضرورية لمجده وخالصها. ل��ذلك يك��ون لالبت��داء ع��ادة ص��بغة من العذوب��ة والس��الم والنق��اء، وتمارس فيه الطاعة جيدا، ويصير االسترش�اد ببس�اطة، ويظه�ر في�ه الل�ه عطوفا جدا لهذا اللقب الفتي المفعم نية مستقيمة، حتى ليمكن القول بال

غلو إن وقت االبتداء أجمل أوقات الحياة الرهبانية. فالله يسكب فيه بركات خاصة كما يسكب ندى خاصا على الغرس��ة

الصغيرة المحتاجة أن تتأصل جذورها في األرض. ال ريب أن في االبتداء ساعات ض��جر ومل��ل، فيه��ا تفق��د الص�الة من جاذبيتها، وال يولي التن��اول تعزي��ة بع��د، ويك��ون المع��رف أو المعلم��ة على ج��انب من الش��دة والقس��اوة، وتنت��اب المبتدئ��ة ت��ذليالت ال تق��وى على احتمالها، وتتأخر عن الوصول رسالة تنتظرها المبتدئة... وهنال��ك س��اعات خوف، تخشى فيها المبتدئة أن ال تبلغ أبدا إلى ما يتوقع منه��ا من الحكم��ة

118

والرصانة، وأن ال تصير أب��دا نافع��ة لش��يء ... وهنال��ك س��اعات إنحط��اط، تظن فيها المبتدئة إنها ما ع��ادت ق��ادرة على ش��يء، وأنه�ا غ�ير مفهوم�ة، وغير معتبرة ومقدرة حق ق��درها، وأنه��ا ع��اجزة عن النج��اح، وأن الجمي��ع يهملونها... بيد أن هذه كلها محض سحاب أو ضباب، وكثيرا ما تكفي كلمة من المعلمة التي تكشف لها المبتدئة همها لتبدد ذل��ك الض��باب وتعي��د إلى

النفس صفاءها. . من واجب معلم��ة المبت��دئات أن. االمتحان��ات اآلتي��ة من المعلمة2

تمتحن بتواتر النفوس الموكولة إليها. قال القديس فرنس��يس السالس��ي: "فلتؤس���س جي���دا بناته���ا على الفض���ائل الراهن���ة، ولتجعلهن سلس���ات مطواعات كالقفاز في الي��د، ولتج��ردهن من ك��ل ش��يء، فتكس��ر في ك��ل حين أميالهن وحكمهن وإرادتهن؛ ولتجع��ل قلبهن كب��يرا بنزعه��ا من��ه، ق��در المستطاع، ما هو تافه صبياني، والعواطف الرقيق�ة، وبالدة الم�زاج، ال�تي من عادتها أن تجمد عقول البنات خصوصا وتضعفها... فتلك هي اإلمات��ات الحسنة التي يجب أن تحملهن على ممارستها دوما، م��دة االبت��داء. وليكن

ذلك كله بروح محبة الله". وق��ال أيض��ا ه��ذا الق��ديس اللطي��ف المحب��وب: "إعلمن، ي��ا بن��اتي العزيزات، أن حبة الحنط��ة الواقع��ة في األرض إن لم تمت بقيت وح��دها، وإن ماتت وفسدت أثمرت مئة ضعف. إن كلمة سيدنا يسوع المسيح هذه واضحة جديدة، وقد صدرت من فم��ه األق��دس، ومن ثم، ف��أنتن الطالب��ات لبس الثوب الرهباني، وأنتن الطالب��ات إب�راز الن�ذور، أع�دن النظ�ر م�رارارن لترين هل فيكن القصد الكافي بأن تمتن أنفسكن وال تحيين إال لله. فك��ا في األم��ر، فأم��امكن وقت طوي��ل للتفك��ير قب��ل أن يص��بغ قن��اعكن ملي األبيض بالسواد. فإني أعلن لكن، يا بناتي العزيزات، وال أريد أن أخدعكن: من شاء أن يعيش بحسب الطبيعة فليبق في العالم، والذين صمموا الني��ة على أن يحي��وا بحس��ب النعم��ة فلي��أتوا إلى ال��دير ال��ذي ليس ه��و س��وى مدرسة إنكار الذات وإماتة الذات. لذلك ترين فيه وس��ائل عدي��دة لإلمات��ة

الداخلية والخارجية". ليس بوسعنا أن نفصل االمتحانات الممكن فرض��ها على المبت��دئات. إنما يجب أن تعلم المبتدئة جيدا أن معلمتها ال تعمل أب��دا بت��أثير اله��وى أو

119

الخبث وال��رداءة، ب��ل غايته��ا - وه��ذا ه��و واجبه��ا - أن تتحق��ق وتثبت ه��ل المبتدئة قد تقدمت بعض الش��يء. في روح االبت��داء وفض��ائله ال��تي س��بق

الكالم عليها، وهدفها خصوصا أن تكسر إرادتها. فتارة تنصب مقامها إحدى المبتدئات األقل جدارة ل��تراقب الجمه��ور وتعطيه السماحات الصغيرة، لترى كيف تس��لك نحوه��ا المبت��دئات األوف��ر

علما. وأخ��رى تض��ع في تعليم الش��غل الي��دوي طالب��ة دخلت ال��دير أخ��يرا، وتوصيها بأن ال تخشى أن تلزم المبتدئات بمراجع��ة ش��غلهن إذا ك��ان في��ه

بعض الخلل. وإذا لحظت أن إح��دى المبت��دئات تف��رط في حب ال��درس وال تقب��ل على الشغل اليدوي إال بكراهية، فتنهاها مدة عن مزاولة أي مطالعة كانت

وتصرفها إلى ترقيع الثياب. وإذا رأت أن أخرى تتمسك بإفراط بص��لواتها، فتنته��ز وقت التم��رين التق��وي األع��ز على قلبه��ا لترس��لها كناس��ة إح��دى الغ��رف أو الش��غل في

البستان أو إلى أي عمل آخر كهذا. وكثيرا ما تطلب من األخت األقل بساطة أن تؤدي حسابا عن تأملها

أو عن عدد أفعال الكفر بذاتها اليومية. تالحظ أن أختا ال تميل طبعا إلى أخرى، فتضعها بجانبه��ا وتلزمه��ا أن

تشتغل معها، وأن تصلي بقربها، وأن تتنزه معها. تلزم بإعادة شغل قد تمم بكراهية مرتين وثالثا، ألن صاحبته قد تراه

أدنى مما بوسعها أن تعمل. وتل���زم مبتدئ���ة ذات طب���ع متك���بر ب���أن تطلب اإلذن في الش���ؤون

الصغيرة من أخت لها يبدو أنها تحتقرها. وتتكلف أحيانا عدم النظر إلى شغل يعرض أمامها اس��تجالبا لثنائه��ا،

لكي ال تثني عليه.

120

وتقضي أياما عديدة من غير أن تكلم مبتدئة تسعى دوم��ا في طلبه��اوتروم أن تكون دوما بقربها، لتقتل فيها المودة الطبيعية.

وتلزم بالكالم عن الله أمام الرفيقات جميع��ا أخت��ا ت��دعي أنه��ا ف��وقالجميع في حياتها الداخلية، ثم تبين لها ضآلة علمها الروحي.

تنبه أختا أنها قد وصلت رسالة باسمها، لكنها لن تسلمها إليها إال بعدثمانية أيام.

واألخت التي تعودت أن تثرثر في تالوة صلواتها وتس��رع فيه��ا تحكمعليها بأن تصلي الصلوات العلنية باسم الجميع أكثر من سائر األخوات.

والمبتدئة التي تتكلف التأنق في مشيتها تلزمها بأن تلبس حذاء ثقيالوغير أنيق.

وتؤثر أن تستخدم في المطبخ وفي تنظي��ف ال��دير وس��ائر األش��غالالبيتية األخوات اللواتي يملن إلى االعتداد بذواتهن فوق سائر األخوات.

هذا، وأننا ال نسمي امتحانات العقوبات التي تف��رض على المبت��دئات وفاء عن زلة. فإن االمتحانات التي تفرض��ها المعلم��ة ال تك��ون مس��توجبة؛ أما العقوبات والقصاصات فهي عادة مستوجبة، والمعلمة تعتقد ذلك على األق��ل. فال تص��ير ه��ذه العقوب��ات امتحان��ات للمبتدئ��ة إال م��تى رأت ه��ذه بوضوح أنها لم تستوجبها أو أنه�ا على ج��انب من الغل�و. ففي ه��ذه الح��ال

يجب قبولها كاالمتحانات التي تستحق هذا االسم بحصر المعنى. . ال شك أن روح. االمتحانات اآلتية من قبل الرفيقات ومن القانون3

المحبة سائد في الجماعات الرهباني��ة، وال س��يما في أدي��رة االبت��داء. وم��ع ذلك فاختالف الطباع، وسرعة التأثر، واالحكام واالوهام والحسد المالزم��ة

لبعض الطباع واالمزجة في غالب االحيان سبب عذابات صغيرة. وال ريب أيضا في أن القانون ال يفرض واجبات تفوق ق��وى الطبيع��ة العادية. وهذه الواجبات قد عرفتها المبتدئة ودرستها واقتنعت أنه��ا ليس��ت مزعج��ة ب��إفراط؛ وم��ع ذل��ك ففي بعض األي��ام يك��ون الق��انون ثقيال ج��دا

فتالصق المبتدئة فكرة نفض نيره عن عاتقيها.

121

كتبت فتاة تستعد من مدة طويلة للدخول في دير للترابستين: "إني لست في وهم وخيال بشأن طريقة المعيشة التي أنا مزمع��ة ان أنتحله��ا، بل أتوقع غير صعوبة، وغير تجرب��ة، ولم يخط��ر بب��الي ق��ط فك��ر ف��ردوس أتمت��ع ب��ه على ه��ذه األرض. ب��ل أق��ول: ل��و ك��ان في األرض مث��ل ه��ذا

الفردوس لما أردته البتة". "ليس في الدير مزعجات كما في ك��ل مك��ان. وتك��ون خصوص��ا في عالقاتي مع أخواتي، ذل��ك م��ا أق��دره س��لفا. لك��ني آم��ل أن ال��رب س��وف يعضد ضعفي فيساعدني على احتمال الغير المل��تزم أيض��ا ب��أن يحتمل��ني.

وسوف يكون هذا االحتمال وفاء عادال عن حريتي السالفة". كتب القديس فرنسيس السالسي: "هل تعلمين م��ا ه��و ال��دير؟ ه��و مدرسة اإلصالح الدقيق، حيث ك��ل نفس ملتزم��ة ب��أن تتعلم فت��دع غيره��ا يعالجها وينجرها ويهذبها. فمتى صارت ناعم�ة ص��ار يمكن أن تض�م وتتح��د

وتلتصق بإرادة الله". ذلك كله يتم في االبتداء. فط��وبى للمبت��دئات الطائع��ات البس��يطات الصبورات اللواتي يدعن الغير يعالجهن وينجرهن ويه��ذبهن. ف��إنهن يه��يئن

ألنفسهن حياة مقدسة كلها إتحاد بالله.( طريقة احتمال االمتحانات والقصاصات2

يجب أن نحتمل االمتحانات التي يتلطف الرؤس��اء والرفيق��ات ويفرض��ونهاعلينا:

. فنتجنب أن نستسلم، بعد إصالح نظنه في غ��ير محل��ه أو. بسخاء1 بع��د امتح��ان ال ن�رى مرامي��ه، إلى الض�جر والح��زن واالض�طراب والي��أس والحرد، وكل ما توحي به مخيلة مهيجة فتجعلنا نس��كب الع��برات وال ن��رى

... 11في ذكل كله سوى توافه دقيقة تثير الضحك

ذهبت مبتدئة خائرة القوى إلى معلمتها، وبعد أن سردت لها أحزانه��ا أردفت: "أن��ا لم آت ألعلن 11 إني ال أريد... بل إني أتعذب" وكانت المعلمة تعرف سخاء تلك النفس، فأجابتها جوابا ناش��فا: حق��ا يا أختي إذا كنت ما أتيت هن��ا لتتع��ذبي فاألفض��ل أن ت��رجعي... وبع�د م��دة ص�ارت المبتدئ��ة راهب��ة وكانت تقول: بمثل هذه الكلمة تقول المعلمة كل شيء، وبع�د ذلك��ا تمض�ي المبتدئ��ة في س�بيلها!

طوبى لألديرة التي يمكن الكالم فيها على هذا النحو ويفهم الكالم بمعناه الحقيقي!.122

إن البلوغ إلى القداسة ال يكون بال عناء! اس��معي م��ا ك��ان يفع��ل األب الك��وردير، ال��رئيس اإلقليمي لآلب��اء الدومنيكان في فرنسا، ليص�لح ذات�ه من عيوب�ه ونقائص�ه. في أح��د األي�ام أبطأ األخ الخادم على المائدة في خدمت��ه. وك��ان األب ال يطي��ق أن يك��ون هو سببا إلنتظار اآلخرين ويقتضي مثل ه��ذه الدق��ة في الغ��ير. وأبط��أ األخ عن القدوم فلم يتمكن األب الكوردير من قمع حركة عدم صبر ب��دت على وجهه. وعند المساء حالما سنحت له الفرصة ذهب إلى األخ الخ��ادم وأق��رته جاثي��ا واس��تغفره وطلب من��ه أن يص��فعه كم��ا ك��ان يس��تحق وأن له بزل يطرده من غرفته وهو يكيل له اإلهان��ات. ويق��ول ك��اتب ترجم��ة حيات��ه أن

هذا الحادث واحد من ألف في سيرة الراهب القديس. ويق��ول المؤل��ف عين��ه. ك��ان ب��اب غرف��ة ال��رئيس في دي��ر ب��اريس يحاصره الزوار، ولم تكن تلك الزيارات كلها على ج��انب واح��د من الل��ذة. قال يوما لمرشده إنه لم يتمكن بعد من اعتياد إيقافه عن ش��غله، وأردف: كل مرة يطرق باب غرفتي ال أتمال��ك وال أقم��ع حرك��ة أولى ت��دل على أن هذا الطرق يزعجني. فأود لو أصلح ذاتي من ه��ذا العيب. ف��إذا رأيت ذل��ك مناسبا فأدخل غرفتي في كل حين ومن غير أن تطرق الباب. فإذا لحظت على وجهي أدنى عالمة إستياء فما ل��ك إال أن تجل��دني بالمجل��دة. - أج��ل، أبت، أنا فاعل - وفي الي��وم عين��ه أراد أن يمتحن تلمي��ذه ال��روحي ف��دخل فجأة في قاليته. فجث��ا األب الك��وردير وق��ال: إض��رب ي��ا أبت - ولك��ني لم أالحظ شيئا - فكشف األب الكوردير عن كتفيه وقال: أنت لم تالحظ ع��دم

صبري، أما أنا فقد شعرت به. فما قولك، يا أختي، في هذه الشجاعة؟ هذه اآلن صفحة ت��ولي النفس ع��زاء وش��جاعة أعظم. ك��انت إح��دى معلمات االبتداء تقول إلحدى بناتها العزيزات: بما أنك، يا بنية، ت��رومين أن تصلحي ذاتك من حب��ك ال��ذاتي، يجب أن نعم��ل مع��ا متفق��تين، وأن تتبعي بدقة ما أقوله لك: سوف أونبك علنا، حينا بع��د آخ��ر، على أش��ياء ال تك��ون في ح��د ذاته��ا زالت وهف��وات. وس��وف أس��بق فأنبه��ك إلى ذل��ك س��لفا فتعلمين أني ال أفعله إال ألعودك التغلب على طبع��ك وهك��ذا تخ��ف علي��ك وطأة التونيب. بل س�وف أف��رض علي��ك بعض قصاص�ات وس��ترين أن�ك ال تلب��ثين ت��دريجيا أن تتحملي الت��ونيب بتواض��ع. فه��ل توافقين��ني على م��ا

123

أعرضه؟ - نعم يا أماه - إذن نبتدئ منذ هذا المس��اء... ال ترتع��بي فس��وف أداري رقة شعورك. متى صرنا في هذا المساء في المحاضرة، وفيم��ا أن��ا أكلم الجمه��ور، ح��دقي في قليال؟ فأؤاخ��ذك على ذل��ك وألوم��ك على قل��ة حشمتك وأقول لك أنك مب��ددة مش��تتة، وآم��رك أن تقبلي األرض... وبع��د

ذلك تعلمينني بما خامرك من العواطف. وج��رت األم��ور على حس��ب م��ا رتبته��ا المعلم��ة. وفي الغ��د، ذهبت المبتدئة إلى معلمتها، ففتحت خذه له��ا ذراعيه��ا وس��ألتها: م��اذا ج��رى، ب��ا بنية؟ - آه ي��ا أم��اه، او كش��فت ل��ك نفس��ي لرأيته��ا على ج��انب عظيم من الكبرياء! فقد كنت أرتجف وأن��ا ذاهب��ة إلى المحاض��رة. ولم��ا ش��رعت في الكالم أخذ قلبي يدق. كنت أخاطب ذاتي: بع��د قلي��ل يجب علي أن أح��دق في معلم��تي وس��تخجلني أم��ام الجمي��ع. فجعلت أت��ردد، ثم نب��ذت ع��ني الخوف فجأة واستنجدت بالعذراء القديسة وعقدت العزم على م��ا دبرن��ا. ومنذ ذلك الحين ما عدت شعرت بشيء وال كلفني تونيبك شيئا. ول��و كنت بالغت في توبيخي وفرضت علي قصاصا أكثر تذليال لي لكنت نفذته. ولم��ا

إنصرفنا من المحاضرة شعرت بفرج لم أشعر به قط من قبل. - حسن، يا ابنتي. سنعيد االمتحان بعض الم��رات أيض��ا. ثم تجته��دين أن تس�يري وح��دك، فال أع��ود أنبه�ك. لكن الل�ه يك��ون مع��ك. وعم��ا قلي��ل

تعرفين أن تضبطي نفسك في كل شيء.بي جيدا األقوال التالية التي كتبها القديس فرنسيس السالسي: تشر "ك��ل دي��ر ه��و مستش��فى أم��راض روحي��ة. والمرض��ى يري��دون الش��فاء ويعرضون من أجل ذلك أنفسهم إلحتمال البضع والشطب والكي وم��رارة كل أنواع األدوية... ذلك ما ال بد أن تريديه عند دخولك الرهبانية، وال تأبهي لكل ما ي��وحي ب��ه إلي��ك الحب ال��ذاتي. يجب أن تقص��دي برف��ق وش��جاعة المقصد التالي: إما الشفاء وإما الموت. وبم��ا أني ال أري��د أن أم��وت موت��ا روحيا فأريد الشفاء؛ ولكي أش��فى أري��د أن أحتم��ل اإلص��الح وأتض��رع إلى الطبيب أن ال ي��وفر علي م��ا يمكن��ه أن يع��ذبني، لكي أس��تطيع أن أش��فى

شفاء أكيدا".

124

. ال تملي وال تتعبي. إن إح��راز التواض��ع والص��بر والبس��اطة. بثبات2 والطاعة ال يكون في يوم واحد. في عملنا النفس��ي ال نش��تغل في قطع��ة من رخام يحفظ الهيئة التي تطبعها فيه االزاميل، بل نعم��ل في ك��ائن حي نقطع منه قطعة من ذاته وبوسعه الخاص أن يجدد القطع��ة ال��تي نح��ذفها

منه إلى ما ال آخر له ... فدعي إذن معلمتك تعمل فيك شغلها م��ا دامت محبته��ا ل��ك تحمله��ا على االهتمام بك. وال تظني أن العذاب واالنزع��اج هم��ا ل��ك وح��دك. ففي بعض الساعات يكون اإلصالح صعبا على المصلح نفسه. أتظنين أن إنسانا يقب��ل لنفس��ه أن يعم��ل بحيث يحكم علي��ه بأن��ه ق��اس ظ��الم متح��يز يتب��ع الهوى، مع أنه ال يعمل إال للخير؟ وأن يعمل ما ي�دفع اآلخ�رين إلى اله�رب منه، وهو قادر أن يجتذب إليه بسهولة أميال الجميع؟ وأن يحم�ل اآلخ�رين على كرهه )أجل، إلى ه��ذا الح��د( في حين يع��ذب علي��ه أن يجع��ل نفس��ه محبوبا؟ فلو كنت تدرين مص�لحتك، ل�ذهبت وجث�وت أم�ام معلمت�ك وقلت له��ا: أس��تحلفك باس��م يس��وع المس��يح أن ترحمي��ني وتص��لحيني وتؤنبي��ني

وتعاقبيني! إس��معي الح��ديث الوال��دي ال��ذي ك��انت األم م��اري أف��رام معلم��ة المبتدئات تحدث به بناته��ا الروحي��ات: "إني ال أخفي عليكن البت��ة أش��واكه��ا كله��ا. إنم��ا في الب��دء س��أبذل الطريق. ال، يا بناتي، فإني أري��د أن أريكن جهدي لتخفيف شوكتها بكل ما في من حنان والدي، ذلك ما يفرض��ه علي. وس��يحدث أيض��ا أن حج��ارة ضعفكن. وفيم��ا بع��د س��أدعهن تع��ززن فيكن الطري��ق س��وف تج��رح أرجلكن وتمزقه��ا. ولكن، أال ينبغي أن تتعلمن أن تتعذبن بعض الشيء ألجل يسوع؟ إن التعب يقوي. تعقب الجهاد النش��يط مدة وجيزة من االنحطاط والهبوط، ثم تنتعش الشجاعة قوي��ة في النفس بعد الكفاح، فيدوم السير مدة أطول... أن��ا ال أق��ول إني لن أمس��ح أحيان��ا عرق جباهكن ألساعدكن على السير. أجل يا بناتي، سوف أفعل ذلك ك��ل مرة يقتضيه خير نفوسكن وتبدو لكن الحياة مريرة. فقد يك��ون على ه��ذه األرض بعض أيام قاتمة ب��الحزن والمزعج��ات! أنتن اآلن فتي��ات ص��غيرات السن، يا بناتي، لكن الل��ه ق��د حب��اكن أم��ا. أال اعلمن أنكن س��وف تج��دنها! ومتى صرتن ن��اذرات، حينئ��ذ بقربكن في أتعابكن، وزالتكن، وإنزعاجاتكن

125

يسوع يعمل فيكن كل شيء، وأمكن تقول لكن: دعن��ه يعم�ل فيكن عمل��هوال تتلفن عمله بقصدكن أن تعملن على حسب هواكن وأميالكن".

126

الفصل التاسعفي عبادات االبتداء

1قواعد عامة

قال القديس فرنسيس السالسي: "في أثن��اء ابت��داء األخ��وات يب��ذل الجهد لتقوية قلوبهن وجعلهن عاب��دات، ال ذوات عب��ادة غنج ودالل، عب��ادة عاطف��ة ودم��وع، ب��ل عب��ادة على ج��انب واح��د من الرف��ق والش��جاعة،

واإلتضاع والثقة". كث����ير من المبت����دئات ت����دفعهن ت����ربيتهن األولى أو م����زاجهن أو المطالعات التي تغذيهن به��ا إلى تل��ك العب��ادة الغنجي��ة العاطفي��ة الكث��يرة الدموع التي ذكرها القديس اللطيف في نصه الم��ورد آنف��ا. ال يفتك��رن أنعة كثرة الش��واعر التقوي��ة تض��عف الطب��ع، وإن العواط��ف التقوي��ة المص��ن تزول س��ريعا، خصوص��ا م��تى زال الش��باب، فتص��ير النفس حينئ��ذ يابس��ة، وتظن أن الله قد أهملها، وتتذمر، وتهمل حينئذ حتى الصلوات الواجب��ة. ال�تيح للش�يطان د وتتميز عن س�ائر األخ�وات، وت تفكر تلك النفوس أنها تتفر أن يجربها بتجربة الزهو الباطل وأن يحملها على احتقار الغير، وأنه��ا تس��د إتفاق الجمهور وال تستطيع أب��دا أن توف��ق بين م��زاجهن وأميلهن وقاع��دة

المحبة. قال القديس فرنسيس السالسي: "يجب أن تكون عب��ادة الراهب��ات

قوية: في احتمال التجارب التي ال يخلو منها أبدا أولئ��ك ال��ذين يري��دون.1

إخالص الخدمة لله. في احتمال األرواح المختلفة في الرهبانية. وه��ذا التم��رين عظيم.2

للعقول الضعيفة الممكن مصادفتها في الرهبانية.في احتمال كل واحدة لنقائصها بحيث ال تقلق من حصولها عليها..3في محاربة نقائصها..4 في إزدراء أقوال العالم وأحكامه، وه��و ال يت�أخر أب�دا عن مراقب�ة.5

الراهبات التقوية.127

في اس��تقاللها بعواطفه��ا وموداته��ا وص��داقاتها وأمياله��ا الخاص��ة،.6لكي ال تحيا بحسب إندفاعها بل بحسب أنوار التقوى الحقة.

في استقاللها واستغنائها عن العذوبات والتعزيات اآلتي��ة من الل��ه.7أو من الخالئق، لئال تستعبد لها.

في ثيامها بكف��اح دائم ض��د أمياله��ا الش��ريرة ومزاجه��ا وعوائ��دها.8وإندفاعات أهوائها.

فمنذ دخول��ك في االبت��داء، تج��ردي من عبادات��ك الخاص��ة لتتمس��كي بتل��ك ال��تي تمارس��ها أخوات��ك كلهن، بحس��ب الق��انون أوالع��ادة.إكش��في لمعلمت��ك الممارس��ات ال��تي تعودته��ا قبال، والص��لوات ال��تي كنت تتلينه��ا، واألخويات والشركات ال��تي كنت تنتمين إليه��ا... وال تحتفظي من ذل��ك إال

بما تدلك هي عليه، بل وبال شيء منه إذا رأت هي ذلك أوفر حكمة.هوذا اآلن بعض نصائح عملية يلزمك إتباعها بدقة وشدة:

��ا قب��ل أن تستش��يري معلت��ك1 - ال تفرض��ي على ذات��ك عه��دا تقوي معرفك، أيا كان ميلك إلى هذا العهد، وإن أوصاك به علنا أو س��را ش��خص

واجب عليك احترامه. - آثري دوما التمارين القانوني��ة على م��ا تفرض��ينه أنت على ذات��ك،2

وتمسكي بشدة بوفائها م��ع الجمه��ور كل��ه ال وح��دك، وإن ك��انت تش��تتاتكأغزر وأكثر من اآلخرين.

- ال تكثري ممارسات عبادت��ك ب��إفراط، وال تته��افتي خصوص��ا على3 التي ينشرها بعض أشخاص أتقياء يس��تولون فج��أة على مخيلت��ك أو قلب��ك ألنهم على جانب من الجمال ويلوح لك أنهم مدعوون إلى أن يج��ري على ي�دهم خ��ير عظيم. ففي ك��ثرة العب��ادات إرتب��اك للعق��ل، وخس��ارة فادح��ة

للوقت، ولعلك تهملين لذلك واجباتك. - تجنبي كل عبادة وكل ممارسة تبدو كثيرا لعي��ون الجمه��ور. فق��د4

تحسبين ألجلها غريبة، وقد تزجك في مهاوي الزهو الباطل. - ال تستعبدي بإفراط لممارساتك بحيث ال تعرفين كيف تتركينها بال5

أسف حالما تقتضي ذلك الطاعة أو المحبة أو اللياقات نفسها.128

- أيا كانت طريقتك في الصالة العقلية، وأيا كانت سلطة من أشار6 بها عليك، أخض��عيها لفحص معلمت��ك. ف��إذا رأت موافق��ا أن تلزم��ك بإتب��اع الطريقة المرعية في الجمهور فأطيعيه�ا بال اع��تراض. والل�ه يع��رف كي��ف

يقودك فيما يعد حيث يريد.��ه من الكتب التقوي��ة وك��ل م��ا يعطى أو7 - أري معلمتك كل ما جلبت

يعار لك. وأقري ببساطة ما هي الكتب التي تل��ذ ل��ك ب��األكثر. وال تحتفظيإال بالكتب التي تترك لك.

- اذكري أن كلمة عبادة )الفرنسية( ت��ذكر بكلم��ة معناه��ا التف��اني،8قنا، وال في وأن هذا التفاني ال يقوم في فعل كذا أو كذا مما يرضينا أو يمل صالة تؤثر فينا، وال في قراءة تثير دموعنا، بل في قبول الحالة التي يريدنا فيها الله قب��وال تام��ا، وفي إتم��ام ال��واجب المف��روض علين��ا إتمام��ا ك��امال،

بالرغم من كراهيات الطبيعة واإلنزعاج الذي تصوره لنا مخيلتنا. - ال ريب في أن��ك س��وف تعطين م��دة حيات��ك الرهباني��ة كله��ا ك��ل9

الوقت الضروري للقي��ام بواجبات��ك الديني��ة. ولكن إذا فرض��نا أن��ك أل��زمت يوما بإختصار الشكر بعد التناول، أو حذف جزء من ص��لواتك، أو نهيت عن إتمام صوم مفروض، أو أقص��يت م��دة عن الخ��ورس، أو ح��رمت تن��اوال... ف��البثي في س��الم، وإعلمي جي��دا أن��ك تك��رمين الل��ه بخض��وعك البس��يط الخالي من التذمر إكراما أوفر مم�ا بص��لواتك أو بحرمان��ك وتقش��فاتك ل�و

كنت تبعت فيها ميلك. - إجتن��بي العن��اد في عبادات��ك. فالتمس��ك بالص��لوات والتن��اوالت10

والممارسات الخاصة هو من العالمات التي يخشى منها ب��األكثر أن تك��ون العبادة كاذبة. قال القديس توما: "العب��ادة اس��تعداد خ��اص في اإلرادة ب��ه تقبل النفس بإندفاع على كل ما يتعلق بخدمة الله". خدمة الله! تل��ك هي الكلمة المهمة في هذا التحديد، وهذه الخدمة يرجع إلى الله أن يأمرنا بها

ال إلينا أن نختارها. - ال تظني أنك قد خسرت كل شيء إذا كنت ال تش��عرين بعذوب��ة11

في الصالة وال بميل إلى التناول وال بف��رح بع��د االع��تراف. فه��ذه العذوب��ة وذاك الميل وهذا الف��رح ق��د تك��ون، وال ريب، من مفاعي��ل النعم��ة، لكنه��ا

129

تكون غالبا أيضا من مفاعيل الشعور الحسي الطبيعي والمخيل��ة، وم��ا من وصية تفرضها علينا. يجب عليك أن تصلي وتتناولي وتعترفي ألن الله يريد

منك ذلك، ال ألنك تجدين إرتياحا في إتمام هذه الواجبات. كتب الق��ديس فرنس��يس السالس�ي إلى إح��دى تلميذات�ه الروحي�ات قال: "تحسنين صنعا ب��أن تواص��لي تمارين��ك التقوي��ة فيم��ا بين اليبوس��ات والكراهيات. إذ بما أننا ال نروم خدمة الله إال حبا ل��ه، وبم��ا أن خ��دمتنا ل��ه في حال اليبوسات أكثر إرضاء له من خ��دمتنا فيم��ا بين الع��ذوبات، فيجب علينا من جهتنا نحن أيضا أن نرضى بهذه الخدمة في اليبوسة وأكثر، على األقل بإرادتنا الس�ميا. وأن تكن العزي�ات أع�ذب على قلبن�ا بحس�ب ميلن��ا

وحبنا الذاتي، فاليبوسات أنفع لنا بحسب ميل الله وحبه".��الون إلى العذوب��ة والتعزي��ات ويردف القديس نفسه ق��ائال: "نحن مي في التقوى، بيد أن نشوفة اليبوسة أجدى لن��ا. وإن يكن الق��ديس بط��رس قد أحب جبل ثابور وهرب من جبل الجلجلة، فهذا يبقى مع ذل��ك أنف��ع من األول، والدم المهراق في الجلجلة أحب من النور المت��دفق في ث��ابور. إن سيدنا يسوع المسيح يعاملك منذ اآلن كنفس قوية. فعيشي قليال على هذا

النحو. فخير لنا أن نأكل الخبز بال سكر، من أنا نأكل السكر بال خبز".2

قواعد خاصة نبسط في ما يلي أهم العبادات المش��تركة بين ك��ل أدي��رة االبت��داء. وبما أنه ليس من غرضنا أن نؤلف كتاب ص��الة، فنكتفي ببعض مالحظ��ات عامة. هذا وإن في أديرة االبتداء الخاصة كتبا تدل على تمارين من ش��أنها

. 12أن تنعش نفوس المبتدئات( العبادة للثالوث األقدس1)

لكل دير ابتداء عبادة خاصة للسر أبو للقديس الذي بني الدير على اسمه. فهذه العبادة ال يسعنا 12 إال أن نذكرها فقط، من غير أن نتوسع في تفسيرها وشرحها. مع أنه ك��ان حل��وا وع��ذبا على قلبن��ا أن نفيض في الكالم على سر القربان األقدس والتناول وقلب يسوع والعذراء القديس��ة والق��ديس الفالني والقديسة الفالنية، فنحمل هكذا المبتدئات على محبة أعظم وتفان أكمل ليس��وع المس��يح

ومريم وللقديس شفيعهن ...130

إن سعادة المالئك��ة والقديس��ين في الس��ماء هي في مش��اهدة ه��ذا الثالوث القدوس وجها لوجه، وفي السجود له وحمده ومحبته واإلنشاد ل��ه بال إنقطاع وال ملل: قدوس، قدوس، قدوس ... والكنيسة تضع على لسان الكاهن والمؤمنين معا هذا النشيد المالئكي عينه عند قرب حلول الض��حية المقدس��ة على م��ذابحنا. وهي تبت��دئ ذبيح��ة الق��داس وتوزي��ع األس��رار وصلواتها كلها وال سيما صلوات الفرض اإللهي باستدعاء الثالوث األقدس. وتختم كل المزامير واألناشيد والصلوات واإلبتهاالت بالمجدلة لآلب واالبن

والروح القدس...، أيتها المبتدئات التقيات، اللواتي تح��اولن بعي��دات عن الع��الم، فأنتن أن تصرن مالئكة األرض، أحببن ترديد هذا النشيد الذي سوف ترددنه مدى األبدية: قدوس، قدوس، قدوس رب الصبؤوت. المجد لآلب واالبن والروح القدس! جددن عواطف اإليم��ان واالح��ترام والحب للث��الوث األق��دس ك��ل مرة ترسمن على ذواتكن إش��ارة الص��ليب وتلفظن في الف��رض: المج��د لآلب ... إحنين رؤوسكن بحسب رغبة الكنيسة والفظن سرا فعل خض��وع

ومحبة. طلب الق��ديس منص��ور دي ب��ول إلى الباب��ا أن يف��رض في مرس��وم إنشاء جمعيته على جمي��ع أعض�ائها أن يكرم��وا ه��ذا الس�ر الجلي�ل إكرام�ا

خاصا.( العبادة للعناية اإللهية2)

يجب أن تكون هذه العبادة العبادة الكبرى في الجماعات الرهبانية. العناية، هي الله من حيث هو أب يعود إليه اإلهتمام بعيال��ة الجمه��ور

وشرفه والدفاع عنه. إن من يقرأ بإنتباه نصوص اإلنجيل التي تظهر لنا الله معتني��ا بأص��غر الخالئق، ومستحلفا إيانا بأن نثق به، ومؤكدا لنا أنه إذا طلبنا ملك��وت الل��ه وبره يهتم هو بنا من حيث الباقي، وواعدا إيانا نحن الذين تركنا ألجله أبان��ا وأمنا وأخواتنا وأرزاقنا بمئة ضعف حتى في هذه الحياة، كيف يس��عه أن ال

يشعر بالتأثر، وبالشكر، وبثقة ال حد لها؟

131

إلهي، إلهي، أنت أبي، فلن ت��دعني أب��دا يع��وزني ش��يء. أنت أمي، فستحبني. أنت أخي، فستدافع عني. أنت أختي، فس��تعتني بي! إلهي، م��ا أسعدني أنا القادرة أن أدعوك أبي بحق يفوق حق سائر الخالئق ال��تي لم

تدعها إلى العيشة الرهبانية! كثير من الجماعات الرهبانية تتلو كل يوم طلبة العناية اإللهية. فاتلي

على األقل بحب الصالة الربية، ولتكن أعز الصلوات على قلبك.( العبادة لسر اإلفخارستيا المقدس3)

تلك هي عبادتكن القلبي��ة، وق��د أس��عدكن الح��ظ ب��أن تعش��ن بق��رب يس��وع المس��يح الحاض��ر حق��ا، وأن تس��ترحن تحت الس��قف نفس��ه، وأن ت��ذهبن لزيارت��ه م��رات في النه��ار، وأن ت��رين في ك��ل س��اعة الج��دران

المباركة التي تخفيه عن نظركن لكنها ال تخفيكن عن نظر محبته. فأحببن أن تزرن القربان المق��دس، فليس من عب��ادة راهن��ة كه��ذه، كما قال بوردلو، وال عب��ادة أق��رب إلى م��آرب وني��ات يس��وع المس��يح، وال أفيد لنا وأنفع لخالصنا. بادرن إلى الذهاب أمام المذبح ك��ل م��رة ت��دعوكن الفرائض أو تتيح لكن ذلك. وليكن نعيمكن في أن تكن مع يسوع، وهنال��ك أحببن وصلين وابكين واشكرن واطلبن. وإن لم يسعكن أن تبررن عاطفة من قلبكن فامكثن بقربه ودفئن نفسكن في أتون المحبة، واكتفين بالنظر

بالنظر إليه، وباإلنتظار والصبر ... إحضرن الق��داس اإللهي ب��االحترام ال��داخلي والخ��ارجي ال��ذي ين��بئ المالئكة وأخواتكن بم��ا يخ��الجكن من العواط��ف. وأنكن تج��دن في الكتب ص��لوات وطرائ��ق لإلتح��اد بيس��وع المس��يح م��دة الق��داس، ف��اتلين ه��ذه الصلوات، وادرسن تلك الطرائق، واتبعنها بأمانة وال تبدلنها من عير رضى

. معلمتكن أما التناول المق��دس، فأحبي��ه ي��ا أخ��تي. ف��إن التن��اول حي��اة النفس،

وشفاء المرضى، وقوة الضعفاء، وكمال القديسين... يختلف عدد التناوالت األسبوعية ب��اختالف حال��ة النفس ك��ل مبتدئ��ة.فإذا لم يتح لها أن تتناول التناول السري، فلتعوض عنه بالتناول الروحي.

132

( العبادة لقلب يسوع األقدس4) هذه العبادة مرتبطة بالعبادة لإلفخارستيا. إن يسوع المسيح قد وكل إلى راهبة مهمة نشر العبادة لقلبه األقدس. ويظهر أنه للراهبات أكثر مما لآلخرين قد وكل العناية بمحبة قلبه ونشر معرفته بين اآلخرين والتع��ويض عن اإلهانات الالحقة ب��ه. فعلي��ك إذن أن تح��بي ه��ذا القلب الق��دوس وأن تجعليه محبوبا. تعالي مرارا أمام بيت القرب��ان لتت��أملي في حب��ه الرقي��ق، الصادق، الحار، ا لواسع، النزيه، الث��ابت. وإتح��دي ب��ه لتك��وني على مثال��هوضيعة، وديعة، صبورة، متفانية، فتجدي في هذا اإلتحاد نورا وقوة وعزاء.

( العبادة ألسرار يسوع المسيح5) إن الكنيس�ة تعي��د إلين��ا ك��ل س��نة في حفالته�ا ذك��رى أس��رار يس��وع المس��يح: تجس��ده، وميالده، وحيات��ه الخفي��ة، وآالم��ه، وموت��ه، وقيامت��ه، وصعوده؛ وهذه كلها تتوالى لتذكرنا ما أبداه لنا من الحب وما يترتب علينا

نحوه من الواجبات. ه��ذه األس��رار هي أس��س إيمانن��ا، وس��ند رجائن��ا، وموض��وع محبتن��ا وعزائن��ا. به��ا نع��رف يس��وع المس��يح، وه��ذه المعرف��ة هي العلم الوحي��د الضروري للمسيحي والذي كان بولس الرسول يفتخر بأن ال يع��رف علم��ا آخر سواه هو وتالميذه: لق��د ج��زمت أال أع��رف بينكم إال يس��وع المس��يح، وإياه مصلوبا. فهذه األسرار احتفلي بها بتقوى، باذلة جه��دك لتت��وغلي في روح السر. ونوصيك بسرين على الخصوص: س�ر طفول�ة يس�وع المس�يح

الذي هو مثال االبتداء وسر الصليب.لي ص��ليبك كل الراهبات تقريبا يحملن على صدرهن صليبا. ف��أنت قب عند الرقاد وعند النهوض. وتعودي هذه العادة التقوي��ة القائم��ة ب��أن تح��ني رأسك قليال في التجارب، وفي ساعات القنوط، وفي األوق��ات ال��تي تب��دو فيها لك الطاعة عسرة جدا، وأن تهمس��ي ليس��وع: أيه��ا المعلم الص��الح ال تترك��ني. وفي األي��ام ال��تي تش��عرين فيه��ا أن��ك مرهق��ة ب��األكثر، أح��بي أن تمارس��ي رياض��ة درب الص��ليب؛ فإن��ك لن تس��يري على ه��ذا ال��درب م��ع يس��وع المس�يح وفي إث��ره من غ��ير أن تش��عري بق��وة وش��جاعة إلحتم�ال

العذاب.133

تنبيه: ال نفرد فقرة للكالم على العبادة للكنيس��ة، وهي من ملحق��ات العب��ادة ليس��وع المس��يح ال��ذي وك��ل إليه��ا أن تواص��ل عمل��ه. ف��اآلن هي الكنيسة تكلمك، ال يسوع المسيح. فاحترمي إذن كل ق��رار أو كلم��ة تب��در من فم الحبر األعظم. اح��ترمي األس��اقفة. اح��ترمي الكهن��ة. وال تس��قطن أبدا من شفتيك كلم�ة إزدراء أو مالم�ة بش�أنهم وإن ظننت أن ل�ك أس��بابا

كافية تخولك حق النيل من كرامتهم.

( العبادة للعذراء القديسة6) كل أديرة االبتداء تضع ذاتها تحت حماية الع��ذراء القديس��ة. وتمثاله��ا أو أيقونتها ترأس اجتماع��ات المبت��دئات العادي��ة، ومن عرش��ها ه��ذا تمل��ك على جميع النفوس والقلوب. وكل األنظار تتجه إلى األيقونة المحبوبة عند تالوة الصلوات... وإليها تصوب المبتدئة التعبة في شغلها أنظارها حينا بعد آخر لتطلب شيئا من الشجاعة. وحولها تجثو ال��ركب ك��ل مس��اء في بعض

األديرة لتالوة فعل التكريس... إن العبادة لمريم العذراء، المدعوة بحق "عبادة المخت��ارين" ألنه��ا ال تنفصل عن عبادة يسوع المسيح، كثيرا ما تكون موض��وع وع��ظ في م��دة االبتداء. فافتحي قلبك لألق��وال الص��الحة ال��تي تلقى علي��ك. واقبلي بف��رح الممارسات التقوية التي تعرض عليك. واحتفلي بف��رح عظيم وجم��ع فك��ر

بليغ بكل األعياد المقامة إلكرام مريم. ومن ص��لواتك القانوني��ة أح��بي خصوص��ا تالوة المس��بحة. ففي حال��ة المرض، لتكن المسبحة آخر صالة تتركينها إذا طبي من��ك أن تت��وقفي عن تالوة بعضها. ليست تالوة المسبحة بصعبة ومتعبة، ويمكن إعادتها وقطعها بسهولة، وقد تقوم مقام التأمل واالستعداد للتناول والشكر بعد التناول... ما أسعدك على فراش الموت إذا استطعت أن تق��ولي: من ي��وم دخ��ولي

الرهبانية لم أهمل مرة واحدة عمدا تالوة سبحتي. كان الرجل التقي توما الكمبيزي يق��ول للمتب��دئين ال��ذين يرش��دهم: "متى وقعتم في محن��ة وأردتم وطأته��ا إذهب��وا إلى أم يس��وع، إذهب��وا إلى

134

مريم". ونحن بدورنا نقول لك مع خادم مريم هذا الغيور، بك��ل م��ا يس��عنا من غير وحرارة: "افتكري بمريم، وادعي بمريم، وأكرمي م��ريم، وتكلمي عن مريم، وحيي مريم، وابتهلي إلى مريم" - مع مريم إلب��ثي معتزل��ة في قاليتك؛ مع مريم إلزمي الصمت؛ م��ع م��ريم عيش��ي في ف��رح؛ م��ع م��ريم��زهي؛ م��ع احتملي أحزانك؛ مع مريم إشتغلي؛ مع مريم صلي؛ مع مريم تن مريم استريحي - مع مريم اطلبي يسوع؛ بين ذراعيك احملي يسوع؛ وم��ع يسوع ومريم اجعلني سكناك في الناصرة - مع مريم اذهبي إلى أورشليم وإلبثي بقرب صليب يسوع، وادف��ني يس��وع - م��ع م��ريم ويس��وع إنهض��ي؛ ومع م��ريم ويس��وع إص��عدي إلى الس��ماء؛ وم��ع م��ريم ويس��وع ك��وني في

حياتك ومماتك. أيتها المبتدئة الحبيبة، إذا س��رت على ه��ذا النح��و فالش��يطان يه��رب بعيدا عنك ونفسك ترتفع تدريجا إلى السماء! طوبى لمن يعيش في ألف��ة مع يسوع ومريم، ويدعوهما إلى مائدته، ويختارهما رفيقين له في سفره، ومعزيين له في أحزانه، وملجأين له عند إنحطاط عزيمت��ه، ومش��يرين ل��ه

في أرتياباته، وسندا له في ساعاته األخيرة!".( العبادة للقديس يوسف7)

قد انتش�رت العب�ادة للق�ديس يوس�ف، من�ذ بض�ع س��نوات، انتش�ارا يمكن أن يسمى عجيب��ا. وك��ل القل��وب المس��يحية تبتهج ل��ذلك. ف��افرحن، أنتن أيضا أيتها الراهبات عروسات يس��وع، ألن الق��ديس يوس��ف ق��د ص��ار. ألم يكن هو الموكول��ة إلي��ه بالفعل عينه محاميا عنكن أو بالحري معيلكن راح��ة العيل��ة المقدس��ة المادي��ة؟ وبم��ا أنكن أنتن تواص��لن تل��ك األس��رة

؟ الناصرية بعيشتكن مع يسوع ومريم، أليس ملتزما بأن يهتم بكن إن تواريخ األديرة ممتلئة من الح��وادث العجيب��ة ال��تي تش��هد بت��دخل القديس يوسف الخاص في شؤونها. فبعض أديرة االبتداء الفارغ��ة جاءته��ا طالبات ممتازات بالتقوى؛ وفي بعض األحيان، على أثر صالة حارة، جاءت مواد غذائية ضرورية لطعام النه��ار، أو مبل��غ من ال��دراهم ض��روري لوف��اء فريضة ملحة أو لقبول مريضة مسكينة في المستشفى، جاءت ه��ذه كله��ا

135

على ي��د بعض أش��خاص مجه��ولين أحيان��ا، وغالب��ا على ي��د بعض النف��وس... المحبة وهي تقول: لقد شعرنا بما يدفعنا إلى المجيء إليكن

فإذهبي إذن إلى القديس يوسف، وصلي إليه، وت��أملي في فض��ائله، فتتعلمي بقربه أن تصلي، وتشتغلي، وتت�ألمي، وخصوص�ا أن تم�وتي ميت�ة

صالحة.( العبادة للمالئكة الحراس8)

إن العبادة للمالئكة القديس��ين، وال س��يما للمالك الح��ارس، يجب أن تكون إحدى العبادات الخاصة بدير االبتداء. فهي تقود إلى ممارسة الحي��اة

الداخلية وحياة االتحاد بالله، وهي نتيجة العبادة للعناية اإللهية. قليل من األفكار يشجع ويعزي كالفكرة التالية: إن لي بق��ربي مالك��ا ال يفارقني أبدا. فالله قال له في محبته وجودته: كن له��ذه النفس معزي��ا، اآلن خصوصا وقد تركت أسرتها لتتعلق بي، كلمها عن أبيها وأمها، وأظه��ر

لها أسرتها في حماية العناية اإللهية.كن لها حارسا: أبعد من حولها القنوط والتجربة والخطيئة.

كن لها دليال: أرها قانونها ك��الطريق األمين ال��واجب أن يقوده��ا إلي؛مهد الصعوبات التي تالقيها، وأنعش تضحياتها ببعض أسباب الفرح.

هها بالنصائح والتوبيخات والعقوبات إذا ل��زم األم��ر؛ كن لها محاميا: نب ولكن ال ت��دعها تس��قط. وإذا زلت وهفت م��ع تنبيهات��ك، فس��اعدها على

النهوض والرجوع إلي. ففك��ري إذن م��رارا في مالك��ك الح��ارس. وبم��ا أن الع��ادة التقوي��ة تدفعك إلى االستنجاد به صباحا ومساء، فاتلي ب��احترام بلي��غ وف��رح جزي��ل

الصالة التي توجهينها إليه.( العبادة للنفوس المطهرية9)

136

في كثير من الجماع��ات الرهباني��ة تع��رض الرئيس��ات على أخ��واتهن إبراز فعل المحبة البطولي نحو النفوس المطهري��ة، وف��د واف��ق الكرس��ي

الرسولي على هذه الممارسة وعلق بها عفرانات عديدة. معلوم أن فعل المحبة البطولي هذا هو تقدمة أو عطية اختيارية به��ا نقدم لله كل أعمالنا الوفائية الشخصية مدة الحي��اة وك��ل وم��ا يوج��ه إلين��ا من الوف��اءات بع��د وفاتن��ا ونض��عها بين ي��دي الع��ذراء الجزيل��ة القداس��ة لتوزعها هذه األم الحن��ون كم��ا تش��اء هي، على النف��وس المطهري��ة ال��تي��برز م��رة تريد إنقاذها من عذاباتها المطهري��ة. فبق��وة ه��ذا الفع��ل ال��ذي ي واحدة، نتجرد فقط من ثمرة أعمالنا الوفائية وم��ا يوج��ه إلين��ا من الوف��اء؛ وهذا ال يمنعنا أن نص��لي ألج��ل أنفس��نا وألج��ل أهلن��ا الخ ... ه��ذا الفع��ل الر عنه بعب��ارة خاص��ة، ب��ل يكفي أن يلزم صاحبه تحت طائلة الخطأ، وال يعب يصدر داخليا في القلب. وقد أغناه البابوات بندكتس الثالث عشر وبي��وس

السادس وبيوس التاسع بغفرانات عديدة. كثيرا ما تبادر الراهب��ات بس��رعة إلى إب��راز الفع��ل المحب��ة ه��ذا، فال تمضي ساعة من النهار أو من الليل إال ويقب��ل فيه��ا ع��ددا ال يك��اد يحص��ى

من الصلوات واألعمال الوفائية إلنقاذ النفوس المطهرية العزيزة. والراهب��ة ال��تي وهبت للنف��وس المطهري��ة ث��واب أعماله��ا ال تمض��ي س��اعة إال وتص��نع نح��و ه��ذه النف��وس، بأمانته��ا لفرائض��ها، ونش��اطها في ش��غلها، وص��برها في أتعابه��ا، عم��ل رحم��ة ق��د وع��د الل��ه ب��أن يكلل��ه في

الدينونة األخيرة.وهوذا اآلن تعليم القديس فرنسيس السالسي المعزي بهذا الشأن:

إذا نزلت في وسط هذه الن��يران الملتهم��ة وحملت إلى النف��وس.1 المنطرحة على سرير من نار صدقة صلواتك، أال تكونين قد زرت

المرضى من بعض الوجوه؟ أليس سقيا للعطاش سكب ن��دى النعم��ة الس��ماوية الع��ذب على.2

النفوس المتلهبة عطشا إلى رؤية الله وجها لوجه؟

137

ق له��ذه.3 ا نس��ب حق��ا أنن��ا نطعم ال��ذين يلتمس��ون من��ا قوت��ا إذا كن النفوس س��اعة الحص��ول على س��عادة الس��ماء وعلى الل��ه ال��ذيتجوع إليه أكثر من جوع المستعطي إلى الرغيف الذي نقدمه له.

أجل، نحن نفتدي األس��رى عن��دما ن��دفع فدي��ة النف��وس القديس��ة.4 أسيرة العدل اإللهي، بكسرنا وتحطيمنا القيود التي تربطها بعي��دة

عن السماء، ويا لها من قيود! ونكسو العراة كسوة ممتازة عندما نفتح للم��وتى، بتوبتن��ا، أب��واب.5

مسكن المجد حيث أعد لهم الرب ثوبا من الن��ور فائض��ا بالس��نىاألبدي.

وما أعجب الضيافة التي نقدمها لهذه النفوس بإدخاله��ا أورش��ليم.6السماوية، مدينة األرواح الطوباوية الظافرة.

وهل بوسعنا أن نجعل مقابلة بين ثواب دفن أجساد سوف يأكله��ا.7 ال���دود، وث���واب وس���عادة إدخ���ال نف���وس خال���دة إلى األخ���دار

؟13السماوية

نحرض الراهبات المبتدئات على تعيين عبادة لكل يوم من أي��ام األس��بوع. في��وم األح��د: العب��ادة 13 للثالوث األقدس والعناية اإللهية. ويوم اإلثنين للمالئك��ة الح��راس. ي��وم الثالث��اء للش��فيعة الخاص��ة. ويوم األربعاء للقديس يوسف. ويوم الخميس للرسل القديس��ين. وي��وم الجمع�ة للقرب��ان األق��دس

والقلب األقدس وآالم المسيح. ويوم السبت للنفوس المطهرية.138

الفصل العاشرفي أركان االبتداء

إن لالبتداء أركانا داخلية، كم��اء حي، تنميه��ا وتقويه��ا وتكمله��ا، وهي:التأمل، وفحص الضمير، والرياضة الشهرية، والقانون الخاص.

وهنالك أيضا مستندات خارجية هي للمبتدئة س��ندات تس��اعدها علىات ال��تي تزعزعه��ا أحيان��ا، وش��جاعة رغم أفك��ار البق��اء قوي��ة رغم الخض�� اإلنحط��اط والض��جر ال��تي ي��وحي به��ا إليه��ا الش��يطان. وه��ذه المس��تندات الخارجي���ة هي الق���انون، والص���الة الجمهوري���ة، واالسترش���اد، ومجم���ع

االستغفار، والقراءة الروحية. ال نتكلم عن األسرار التي هي لجميع المؤم��نين على الس��واء وعنه��ا تفيض كل الكتب التقوية بأحكم النصائح. ففي هذه األسرار، وخصوصا في االعتراف والتن��اول، تس��تقي المبتدئ��ة م��ا تحت��اج إلي��ه من ق��وة وش��جاعة. فلتقبلهما باالعتناء واالجتهاد اللذين كانت تبديهما في قبولهما قبل دخوله��ا الدير. ولعلها في بادئ األمر ال تصادف فيها فرح��ا وعذوب��ة، ولكن فلتح��ذر الخداع، فإن ثمرة االعتراف والتن��اول ليس��ت في م��ا تش��عر ب��ه من ف��رح وعذوبة، ب��ل في الس��هر على ذاته��ا، وفي كراهي��ة الخطيئ��ة، وفي التعل��ق

بواجباتها، واإلتحاد بالله.1

األركان الداخلية( التأمل أو الصالة العقلية1)

أمن الضروري أن نذكرك بإسهاب ضرورة التأمل؟ أال ت��دركين، بع��د كل ما قلناه عن واجباتك، إنك من غير نصف الساعة هذه تناجين فيها الله كل يوم، يستحيل عليك أن تقومي بواجباتك وخصوصا أن تبلغي إلى ه��ذه

الحياة الداخلية التي بسطنا لك ضرورتها؟ ففي التأمل تقدين إكرامك لله، وتسمعين كلمته، وتعدينه بخضوعك، وتقدمين ذاتك لخدمته، وتعرضين له حاجاتك، وتبينين له أوهانك، وتحديثنه عن مخاوفك وعما تخشينه من الموانع، وتطلبين عون��ه وتعدين��ه بفع��ل م��ا

139

يرضيه. فاعكفي إذن على التأمل. ولكي نشجعك على ذلك سنبس��ط ل��ك بعض أقوال القديسين لتساعدك على إنعاش حرارتك وإرادتك في أوقات

الكراهية والتعب. الصالة العقلية ركن وأساس للفضائل الراهنة. فإذا نقص األساس ال

يلبث البناء كله أن ينقلب. )القديسة تريزيا(. الصالة العقلي��ة ال يجتمع��ان في نفس واح��دة. )الق��ديس فيلبس دي

نيري(. لم يكن النس���اك القديس���ون ينعم���ون إال يقلي���ل من المح���اورات الروحية؛ يل كثير منهم لم يكون��وا يس��عدون باإلش��تراك المت��واتر في س��ر اإلفخارس��تيا؛ وم��ع ذل��ك، فبواس��طة الص��الة العقلي��ة ق��د ص��اروا رج��اال مالئكيين، رج��اال ك��املين في الفض��يلة، مفعمين إحتق��ارا ونس��يانا ل��ذواتهم

مفعمين محبة حارة وحية للقريب )القديس فرنسيس السالسي(. من المسيحيين من يتناول كل يوم وهو في ح��ال الخطيئ��ة المميت��ة؛ ومنهم من يتص��دق ص��دقات واف��رة وه��و في ح��ال الخطيئ��ة المميت��ة؛ ومنهممن يتقشف بأنواع شتى وهو في ح��ال الخطيئ��ة المميت��ة؛ ولكن لن تكون أبدا نفس تصلي الصالة العقلية ك��ل ي��وم وتبقى في حال��ة الخطيئ��ة

المميتة )القديس الفونس دي ليغوري(. إذا أردت أن تحتملي ش��دائد الحي��اة وش��قاءها، فك��وني نفس��ا تحب

الصالة العقلية. وإذا أردت أن تن��الي ش��جاعة وق��وة لتتغل��بي على تج��ارب الع��دو،

فكوني نفسا تحب الصالة العقلية. وأذا أردت أن تقهري إرادتك الذاتية مع كل أميالها الشريرة، فك��وني

نفسا تحب الصالة العقلية. وإذا أرت أن تعرفي حيل الش��يطان وال تنخ��دعي بمواعي��ده، فك��وني

نفسا تحب الصالة العقلية.

140

وأذا أردت أن تعيشي في الفرح وتسيري بسكينة في س��بل التج��رد،فكوني نفسا تحب الصالة العقلية.

وإذا أردت أن تغذي نفسك بعذوبات العبادة وتملئيها دوم��ا أفك��ارا أوأشواقا صالحة، فكوني نفسا تحب الصالة العقلية.

وإذا أردت أن تستأص��لي من نفس��ك ك��ل العي��وب وت��زرعي ب��دلها الفضائل التي تجعلك محبوبة عند الله والريب فكوني نفس��ا تحب الص��الة

العقلية )القديس بونافنتورا(. إن الراهب��ة ال��تي تته��اون في الص��الة العقلي��ة ال تك��ون عاب��دة في الكنيسة، وتكون مشتتة في الخورس، وغير محتش��مة في ال��دير، ومب��ددة في المحاضرات، وحزينة وقلقة في كل مكان. فالشغل يزعجها، واألوام��ر ال تسرها، وحيل الشيطان تخدعها، والتجارب تتغلب على ضعفها وعطبه��ا

)القديس توما الفالنوفي(. النفس التي تترك الصالة العقلية ال تحتاج إلى شيطان ليجربها، فهي شيطان لذاتها. أما األمينة في ممارسة الصالة العقلية، مع ما تش��عر فيه��ا من الضجر والكراهية، فتصل ع��اجال أم آجال إلى مين��اء الخالص )القديس��ة

تريزيا(. الصالة العقلية سور النفس القديسة، وعزاء المالك الصالح، وعذاب الشيطان، تطفئ العيوب؛ هي أم الفضائل، ومرآة النفس، وق��وة الرج��اء، وطري��ق العلم، وأت��ون المحب��ة، والراح��ة من التعب، ومص��در اإلنس��حاق، واستئصال األميال الرديئة، والوسيطة التي تنال لنا كل الخ��يرات الروحي��ة

)القديس لورنسيوس يوستنياني(. نكتفي بما سبق من النصوص، وبوسعنا أن نكثرها بس��هولة. إذ ليس من مؤل��ف روحي ال يلح في تبي��ان ض��رورة التأم��ل. ونكتفي فق��ط ببعض

تنبيهات عامة. وال ن��روم أن تعين طريق��ة خاص��ة للص��الة العقلي��ة، ألن ك��ل جماع��ة رهبانية تختار وتعتمد ال��تي تراه��ا أص��لح له��ا. ومعل��وم أن ك��ل راهب��ة تتب��ع

141

الطريقة المرعية في جماعتها، ما لم يكن له��ا مي��ل خ��اص يجب إخض��اعهللمرشد وللرئيسة قبل إتباعه.

بعض نصائح بشأن الصالة العقلية إتخذي، مدة التأم��ل، الهيئ��ة ال��تي تب��دو ل��ك أوف��ق لحال��ة نفس��ك أو لضعفمزاجك، فلك أن تقفي أو تركعي، أو تجلسي، أو تخ��ري س��اجدة إلى

الحضيض )القديس أغناطيوس(. وجهي معظم جهدك ال إلى اإلمعان في التفكير ب�ل إلى فهم وت�ذوقكي خصوص��ا بمعرف��ة وإدراك م��ا فعل��ه ما تتأملين فيه في داخل��ك. وتمس�� يسوع المسيح وفكر فيه بشأن الموضوع ال��ذي يش��غلك. ط��وبى للنف��وس التي يسوع المسيح حاضر دوما أمامه�ا م�دة الص�الة العقلي�ة. فه��و وح��ده

الطريق والحق والحياة )المسيو أولييه(. إذا أثر فيكي فكر ما فت��وقفي أمام��ه م��ا دام ت��أثيره، وال تح��اولي أن

تنتقلي إلى فكر آخر. ال تتهاوني في إتباع الطريقة المعينة لك، فذلك من مفاعيل الكسل. ولكن ال تس��تعبدي له��ا بحيث تتبعين تفاص��يلها بح��ذافيرها. حالم��ا تش��عر نفسك بتأثير عذب يدلها على حضور الله، أتركي ك��ل طريق��ة وإلب��ثي م��عالله. ال تطلبي في عقلك ما هو في قلبك )القديس فرنسيس السالسي(.

تمسكي بالعواطف أكثر مما باالستنتاجات العقلية. إذا أص��ابتك يبوس��ة أو تجرب��ة أو مل��ل، ف��إلزمي الش��جاعة والص��بر! إلبثي حتى النهاية في حضرة الله. في مثل ه��ذه الح��ال يفي��دك أن يك��ون

التأمل بهيئة صالة. أحبي أن تطيلي مناجياتك ليسوع المسيح والعذراء القديسة. أذكري

أن التأمل هو فوق كل شيء مناجاة الله )القديس أغناطيوس(. غاية كل صالة عقلية أن تزيدك أمانة في إتم��ام واجبات��ك، وإتض��اعا، وطاعة، وصبرا، وإماتة... فال تقيسي إذن قدر صلواتك العقلية بمقياس ما تشعرين به فيها من تعزيات أو تتحميلنه من ضجر وملل، بل بما تش��عرين

142

به في آخرها من نية صالحة وما تبذلينه من جه��ود لتص��يري أك��ثر موافق��ةلمطالب القانون.

ليس الهدف أن نشعر بعواطف في صالتنا العقلية، بل أن نريد. فإنا ليجعلن��ا نش��عر العاطفة في غالب األحي��ان ال تتعلق بن��ا؛ والل��ه ينزعه��ا من بفقرنا، ويعودنا الصليب بواسطة اليبوسة الداخلي��ة، ويطهرن��ا بجعل��ه إيان��ا نتلعق به من غير هذه التعزية الحسية. وهو يرد لن��ا، حين��ا بع��د آخ��ر، ه��ذه

التعزية شفقة منه على ضعفنا )فينلون(. كوني في مناجاتك لله متكلف��ة وال متص��نعة، ب��ل كم��ا م��ع ص��ديقة ال تزعجك في شيء وال تزعجينها البتة. فصديقتان على هذا النحو تتشاهدانران، وإن ظلت��ا ص��امتتين، ب�أن وتتح��دثان وتس��مع إح��داهما لألخ��رى، وتس�� تجتمعا معا؛ فالقلبان يستريحان في مشاهدة أحدهما اآلخ��ر ويكون��ان مع��ا قلبا واحدا. وال تزنان كالمهما، وال تعنيان بالتلميح إلى شيء، بل كل شيء يكون من باب العاطفة الودية. ومسرتهما واحدة يوم المناجيات القص��يرة ويوم المناجيات الطويل��ة. يجب أن ال ن��ذهب إلى الل��ه في زي��ارات لتأدي��ة واجب عابر، بل يجب أن نلبث معه في إلفة أهل ال��بيت، ب��ل ب��الحري في إلفة البنين. كوني مع الل��ه ك��االبن م��ع أبي��ه؛ ف��ذلك وس��يلة تفكي��ك المل��ل

والسأم )فنيلون(. تقولين أنك تلبثين بطالة بال عمل في التأمل. وما عساك تفعلين فيه غير ما تفعلينه في الواقع، فإنك تبسطين لله ع��دمك وش�قاءك. إن أجم�ل خط��اب يوجه��ه إلين��ا المس��تعطون ه��و أن يعرض��وا على نظرن��ا ق��روحهم وحاجاتهم. بل إنك في بعض األحيان ال تفعلين شيئا من ذلكبل تلبثين أمام الله كشبح أو كتمث��ال. ف��اعلمي أن��ه ليس ش��يئا قليال أن تك��وني على ه��ذا النحو. ففي قصور األم��راء والعظم��اء تنص��ب تماثي��ل ال غاي��ة منه��ا س��وى إراحة نظر األمراء. فاكتفي بأن تقومي به��ذه ا لمهم��ة حض��رة الل��ه. وه��و

ينعش هذا التمثال متى حسن لديه )القديس فرنسيس السالسي(. متى ش��عرت ب��التعب، اس��تعملي الكت��اب ال��ذي تهي��ئين في��ه تأمل��ك. إق��رأي حينئ��ذ م��دة وج��يزة، ثم ت��أملي، واج��ري على ه��ذا النح��و إلى آخ��ر

الوقت المعد للتأمل.

143

ولعلك تقولين: ال بد أن يكون الكتاب دوما بيدي، وإال بقيت بال عمل.

ان أن يكون بيدك الكت��اب، وم��رات متوالي��ة، وأن ال يك��ون. وأنا أجيبك: سيفالمهم هو أن تصلي وتتحدي بسيدنا يسوع المسيح.

( فحص الضمير الخاص2) كل الذين يتهاونون في فحص الض��مير الخ��اص يظل��ون على ح��الهم بل يتأخرون في طريقة الفضيلة. فيما الذين يزاولون هذا التمرين بإجته��اد دائم يتقدمون من باب الض��رورة. إن فحص الض��مير إذا أتقن إتقان��ا ج��ديا

مدة شهر واحد فقط، يأتي في آخر هذا الشهر بنتائج مدهشة. يقوم هذا التمرين، كما تعلمين، بتعيين نقيصة أو عادة يرام إقتالعها، وبالنظر مرة في النهار إلى جهاد النفس ضد تلك النقيصة وما أحرزته من

إنتصارات أو وقعت فيه من سقطات. فإختاري إذن أحد عيوبك، باإلتفاق مع معلمتك، وصوبي س��هامك في بدء األمر إلى العي��وي ال�تي تج�رح الق�ريب أو تش�ككه. ال تب��دلي موض�وع فحص الضمير إال بقدر ما تبيدين أو تضعفين العيب المعين هدفا لجه��ادك.

وال تقبلي على هذا التبديل من غير استئذان. وإذا رأى رؤس��اؤك األم��ر مناس��با وك��انت ه��ذ الع��ادة في جماعت��ك، سجلي كل يوم، بطريقة أو بأخرى وبدقة، نتائج فحص��ك. وأل��زمي نفس��ك أن تقدمي لمعلمتك في كل أسبوع، أو ك��ل ش��هر على األق��ل، نتيج��ة ه��ذا

الفحص. إفرض��ي على ذات��ك ك��ل ي��وم بعض إمات��ات تتف��ق م��ع العيب ال��ذي تريدين محاربته أو الفضيلة التي ترومين إكتسابها. وال تكتفي ب��أن تنتح��بي أمام الله على خياناتك وضعفك وجبانتك، ب�ل ع�اقبي ذات�ك. إذا دخلت في يدك شوكة فال يش��في جرحه��ا ض��ماد م��ا لم تنزعيه��ا أوال. إذا لم يكن ل��ك مرة وقت لفحص ضميرك، فال بأس أن يكون ذلك في أثناء زيارة القربان

المقدس.طريقة فحص الضمير الخاص

144

استحض��ري الل��ه واطل��بي أن��واره لمعرف��ة خطاي��اك وعيوب��ك.1 ونقائص�ك؛ ونعمت��ه إلدراك ش��ناعتها وفهم ك��ل م��ا ينجم عنه�ا من

الضرر لك؛ والقوة إلقتالعها من قلبك. إبح���ثي، س���اعة فس���اعة، عن األس���باب ال���تي عرض���ت ل���ك،.2

والسقطات التي عثرت بها، والزالت التي ت�وبخين نفس�ك عليه�ا،واالنتصارات التي أحرزتها.

س��جلي ع��دد إنتص��اراتك وس��قطاتك، إذا أش��ارت علي��ك معلمت��ك.3بذلك.

فك��ري بره��ة أن ه��ذا العيب س��وف يزي��د ع��ذابك في المطه��ر،.4 وينقص من درجة مجدك في السماء، وبوسعه أن يج��رك ت��دريجيا إلى الخط��أ الثقي��ل، ويجعل��ك ع��اجزة عن اإلرتق��اء إلى م��ا يطلب منك الله من الكمال، ويمنعك عن تحقيق ما يروم��ه الل��ه ل��ك من الخير، ويحزن الروح القدس، ويجرح قلب يسوع المس��يح، ويبع��د عنك مظاهر حن��ان الع��ذراء القديس��ة، ويحرم��ك تعزي��ات التن��اول

المقدس. فهذه اإلعتبارات من شأنها أن تحملك على استغفار الله وتلزم��ك.5

بإصدار بعض أفعال وفائية. أض��يفي إلى ذل��ك كل��ه ص��الة ح��ارة إلى يس��وع وم��ريم ومالك��ك.6

الحارس. وعدي الله وعدا صادقا أن تك��وني في الغ��د أحكم مم��اكنت اليوم.

إفرضي على ذاتك إماتة أو إثنتين أو ثالثا بحسب عدد زالتك. مثال:.7 ل��زوم الص��مت الش��ديد م��دة الش��غل الفالني؛ حش��مة أعظم في الم��رور من مك��ان إلى آخ��ر؛ أداء خدم��ة لرفيق��ة نحبه��ا أق��ل من

غيرها؛ تالوة الصالة الفالنية من غير إسناد الذراعين إلخ ...( الرياضة الشهرية3)

قال األب بودران: "تتألف األديرة من نفوس ح��ارة، ونف��وس ف��اترة، ونفوس تخالف النظام. ففي هذه الحاالت كله��ا تحت��اج النف��وس أن ترج��ع إلى ذاتها: فالنفوس الحارة لتثبت في حرارته��ا؛ والنف��وس الف��اترة لتنعشهمتها؛ والنفوس الحائدة عن النظام لتعود إلى السبيل الذي حادت عنه".

145

ذلك هو السبب الذي من أجله وضع في الجماع��ات الرهباني��ة فحص الض��مير الي��ومي، واالع��تراف األس��بوعي، والرياض��ة الش��هرية، والرياض��ة

السنوية التي تدوم مدة أطول. قال القديس فرنس��يس السالس��ي: "ليس من س��اعة، مهم��ا ك��انت جيدة، إال وتحتاج إلى ضبط وتعبئة. يجب، حينا بع��د آخ��ر، أن تف��ك قطعه��ا��ف كلها لينزع عنها ما غشيها من الصدأ، ويقوم ما إعوج منها ويب��دل م��ا تل منها. هك��ذا من يعت�ني بقلب�ه عناي�ة حق�ة يجب علي�ه أن ينهض�ه في الل�ه. ولذلك يجب عليه أن يراقب حالته مراقبة متواترة، وأن يقومها ويص��لحها، وأن يفحص كل قطعة منه على حدة، أي أهواءه وأمياله، ليطبب م��ا فيه��ا من النقائض؛ وأن يفعل ما يفعله الساعاتي فيبث قليال من ال��زيت الن��اعم في الدواليب والرفاسات ومواطن الحركة في ساعته، لتسهل حركاتها وال يعلوها الصدأ. هذا التمرين ينعش قواك ال��تي إنحطت م��ع الزم��ان، ويزي��د في ح���رارة قلب���ك، وينعش في���ك المقاص���د الص���الحة ف���تزدهر نفس���ك

بالفضائل". إن تم��ارين الرياض��ة الش��هرية معين��ة في كت��اب عوائ��د الجماع��ات الرهبانية. فنكتفي ب��أن نبس��ط هن��ا أس��ئلة تس��اعد على فحص دقي��ق ملي أم��ام القرب��ان األق��دس أو في تأم��ل المس��اء. إذ من المفي��د أن يت��ذكر اإلنسان حينا بعد آخر تفاصيل واجباته. هو فحص غير كامل، وال شك؛ لكنه

يكفي ليضع نصب أعيننا واجباتنا. : ما هي الفكرة التي أتص��ور به��ا. واجبات دعوتنا، وعنايتنا بالكامل1

الدعوة؟ هل جعلت دعوتي ثابتة بأمانتي في إتمام واجباتي؟ هل لها عندي ما يحق له��ا من اإلعتب��ار واإلجالل، وه��ل تلهم��ني الش��كر ال��واجب؟ - ه��ل همي الرئيسي أن أتقدم في الكمال؟ هل استعداداتي بش��أن إص��الح ذاتي وتقدمي في الكمال هي على ما كانت عليه في أي��ام ابت��دائي األولى؟ م��ا هو نجاحي وتقدمي في الفضائل المسيحية والرهبانية؟ - ه��ل إيم��اني حي وبسيط وعامل؟ هل رجائي وطيد، ال يسده يأس أو طمع؟ ما هي محب��تي لله؟ أليس في قلبي تعلق غير مرتب بالخالئق؟ هل تفعل في ه��ذا الفع��ل المشؤوم األطماع والمودات الحسية؟ - هل في غيرة على مجد الله؟ هل يحزنني ما يناله من اإلهانات؟ هل في رق��ة الض��مير ال��تي تجع��ل الراهب��ة

146

ترتجف أمام ما له ظاهر الشر، فق��ط؟ ألم أس��مح ل��ذاتي بخطاي��ا كث��يرة، بحجة أنها عرضية فقط؟ ألم أعرض ذاتي لخطر إرتكاب خطيئ��ة ثقيل��ة؟ - م��ا هي ح��التي بش��أن اإلتح��اد بالل��ه، وذك��ر حض��وره، وموافق��ة مش��يئته

القدوسة؟ افحصي ذاتك خصوصا عن جهودك ضد الهوى المتسلط عليك، وعن تقدمك في الفضيلة التي قصدت إكتسابها. وأنظري خصوص��ا ه��ل حمل��ك

نجاحك الضئيل على أن تدخلي إلى نفسك هبوط العزم. : مالحظة: وإن تكن المبتدئة غير ملتزمة بممارسة. ممارسة الفقر2

الفقر والتواضع بقوة النذر الذي لم تبرزه بع��د، فهي ملتزم��ة ب��ذلك بق��وةالقانون، ولكي تعد نفسها للواجب الذي سوف تعاهد به الله قريبا.

ألم أقبل أو آخذ أو أشتر أو أستعر شيئا من غير إستئذان؟ أال أحفظ عندي شيئا من غير إذن، أتمسك به تمسكا غير م��رتب، وه��و من النواف��ل وقلما يتف��ق م�ع روح الفق�ر؟ ففي ه��ذه األح��وال كله�ا يجب أن أتج��رد بال تأجيل وأن أعود إلى دقة الممارسة لفضيلة الفقر المقدس. - ه��ل أعت��ني بكل ما هو الستعمالي كأنه يخص الرب والرهبانية؟ هل أحب الفق��ر ك��أم، وأف��رح بلبس ش��اراته وبتحم�ل مفاعلي��ه؟ أال يح��دث لي أن أطلب م��ا ه��و

األجود وأترك الباقي لآلخرين؟ : ه��ل أن��ا أمين��ة في الس��هر على أفك��اري وقل��بي. ممارس��ة العفة3

وحواس���ي؟ ألم أس���مح ل���ذاتي بم���ا ك���ان لي على األق���ل س���بب قل���ق وإضطراب؟ هل أنا أمينة في اإللتجاء إلى الله بس��رعة من��ذ هج��وم الع��دو األول؟ هل حاربت بإعتناء الموادت الطبيعية؟ ه��ل تجنبت ك��ل ألف��ة وك��ل ومظاهر الصداقة المفرطة؟ كيف أمارس القناعة الرهبانية؟ هل أبذل م��ا

بوسعي ألقتدي بطهارة المالئكة بطهارة جسدي ونفسي؟ : ه��ل في ط��اعتي روح إيم��ان وخض��وع اإلرادة. ممارس��ة الطاعة3

والعقل؟ - هل أرى الله في شخص رئيساتي؟ ه��ل س��معت ص��وتهن كأن��ه صوت الله؟ )إن في هذا االستعداد روح الطاعة(. أال أفع��ل ش��يئا خلس��ة؟ هل أطيع بسرعة عند أول قرعة ج��رس أو أول إش��ارة؟ ه��ل تج��ردت عن الوظيفة الفالنية أو المرك��ز الفالني أو عن أم��ر س��ابق أو إش��ارة س��ابقة،

147

مفكرة أنه ال بد من التجرد عن كل شي على ه��ذه األرض، إال عن مش��يئة��ر عنه��ا بمش��يئة رئيس��اتي؟ - ألم أس��مح ل��ذاتي، بعكس ذل��ك، الل��ه المعب بمالحظ��ات ومزاح��ات وإنتق��ادات وت��ذمرات بش��أن ج��وهر األوام��ر أو أعراضها، أو بشأن شخص الرئيسات، فأنقصت ب��ذلك اإلجالل ال��ذي يح��ق لها في ذاتي وفي اآلخرين؟ - هل في عالقاتي مع رئيساتي الصراحة التي يفرضها الحب الخالص؟ - هل أنا أمينة في حفظ فرائض��ي كله��ا، أم بينه��ا فرائض ق��د اس��تثنيتها من ط��اعتي أو ص��ار تع��ديها ع��ادة في؟ ه��ل أجللت خصوصا ولزمت فريضة الصمت الجزيلة الخطورة للجمه��ور كل��ه ولي أن��ا

خصوصا؟ : هل جرحت التواض��ع باإلفتخ��ار وس��رعة الت��أثر. ممارسة التواضع5

واإلدع��اء الف��ارغ وال��ترفع على أخ��واتي؟ ه��ل س��عيت في طلب اإلجالل والمديح بدل أن أحب النسيان والمذالت؟ ه�ل س�لكت عن حي�اء بش�ري؟��د التكلم عن ذاتي واإلعت��ذار؟ ألست مغترة بمواهبي وفضائلي؟ - ألم أعت ه��ل أن��ا أمين��ة في اإلق��رار ب��زالتي ببس��اطة، وفي كش��ف ض��ميري ب��ذلك اإلتضاع وتلك الثقة البنوي��ة ال��تي هي من روح الق��انون؟ أال يهب��ط ع��زمي عن��دما تخيب مس��اعي فين��الني الل��وم؟ ه��ل أك��ثر من أفع��ال التواض��ع المتواترة، متقدم��ة للقي��ام بالوظ��ائف ال��تي ت��أنف منه��ا الطبيع��ة، أو على

األقل قابلة إياها بخضوع؟ : تحق ألخواتي من قبلي المودة واإلجالل. ممارسة المحبة األخوية6

والعاطف��ة القلبي��ة الرقيق��ة. ويجب أن أس��اهم بك��ل جه��ودي في إتح��اد القلوب. ألم أق��ل أو أفع��ل م��ا يع��اكس ه��ذه الواجب��ات؟ ه��ل استس��لمت لعواط���ف النف���ور والحس���د والت���أويالت الس���يئة والحق���د والمماحك���ات والغضب؟ - هل أقصيت عني الحسد الدنيئ الذي يحزن صاحبه عند رؤيته��ا ك��ان، إمتيازات اآلخرين ونج��احهم وفض��ائلهم عينه��ا؟ - يح��ق لقري��بي، أي الحب واإلحتمال والغفران. ألم أسمح لذاتي في حقه بنمائم، أو بشكايات فضولية، أو بإفتراءات، أو برغب��ات إنتق��ام، أو بف��ورات الطب��ع، أو بم��ا من شأنه أن يسبب عثرة أو إنقساما؟ هل تحرزت من توبيخ اآلخرين من غ��ير أن يحق لي ذلك، ومن إنتقاد أخواتي؟ - ه��ل م��ودتي ألخ��واتي مبني��ة على محبة سيدنا يسوع المسيح؟ ه��ل هي س��خية، عملي��ة، ش��املة، ال تس��تثني

148

أح��دا؟ - ه��ل أس��تكره الص��دقات الخاص��ة ال��تي تش�كك الق�ريب وتش��طر القلب وتنزع��ه من ي��د الل��ه ال��ذي يري��ده ك��امال لذات��ه؟ - ه��ل فك��رت في عواقب الشك الوخيم��ة في جماع��ة رهباني��ة، وفي ض��رورة تأدي��ة الق��دوة

الصالحة؟ : هل أتراخى بش��أن اإلمات��ة، ه��ل أتمم الف��رائض. ممارسة اإلماتة7

المعاكسة ألميال الطبيعة بحسب حرفها وروحها؟ أي جه��ود ب��ذلت للبل��وغ إلى ممارسة الحشمة الخارجية، في النظر والمشية والحرك��ات جميعه��ا؟ في األحوال الحرجة األليمة ألم تبدر بعض حركات عدم ص��بر أو غض��ب أو إضطراب على األقل؟ هل أتممت بشجاعة وثبات ممارسة اإلماتة والتوبة المرعي��ة عن��د جماع��ة ال��دير؟ ه��ل أقبلت خصوص��ا على اإلمات��ة الداخلي��ة والكفر بالذات؟ هل بذلت جهودا إلصالح طبعي؟ كيف قبلت األحزان ال�تي أرسلتها إلي العناية اإللهي��ة؟ ه��ل عملت على إكتس�اب الموافق��ة الكامل��ة لمشيئة الله؟ أخ�يرا، ه��ل ك�ان في روح اإلمات�ة؛ أي ه��ل أحببت الع�ذابات واشتهيها، لعلمي أنها وسيلة مثلى للوفاء عن خطاياي وإلستئصال عيوبي،

ولصيرورتي أكثر تشبها بيسوع المسيح؟ : هل أمارسها بغيرة وأمانة؟ أال يحدث. ممارسة الرياضات التقوية8

لي أن أهمل بعض��ها ب��ذنبي؟ لما إض��طررت إلى تأجيله��ا، ألم أعمله��ا بع��د ذلك بتهاون؟ ولعلي قد أهملتها تماما - هل أستعد كما ينبغي للتأمل، وأتبع بأمانة طريق��ة معين��ة في م��ا ه��و من المقاص��د والنت��ائج العملي��ة؟ م��ا هي أسباب تشتتاتي؟ هل هو إهمال االستعداد القريب أم تبدد إعتيادي؟ - ه��ل أمارس بعناية وفائدة فحوص الضمير، وال سيما الفحص الخاص؟ - ما ه��و تقديري لقراءاتي الروحية؟ - كيف أحضر ذبيحة القداس؟ - أليس علي أن أصلح شيئا في إعترافاتي وتناوالتي؟ ما هو استعدادي لها؟ وما هي الثم�ار التي أجنيها منها؟ - هل أصلي مسبحتي بتقوى؟ - ما هو إنقيادي لما يب��ذل لي من النص�ائح؟ ه��ل أن�ا أمين�ة في احتس�اب معلم�تي كمن يق�وم مق�ام يسوع المسيح، قد أعطانيها لتقودني بحسب القوانين وروح الجمعية ال��تي إنضويت إليها؟ - هل أمارس االسترشاد بدقة، في األوان المناسب، إن لمنين ل��ذلك؟ - كي��ف أتل��و يتح لي أن أسترش��د في الي��وم والس��اعة المعي

149

الص��لوات في أثن��اء النه��ار وال س��يما الص��لوات الص��غيرة قب��ل التم��ارينوبعدها؟ : هل أنا سعيدة في ما أسند إلي من وظيفة؟ -. ممارسة الوظيفة9

لماذا لست بسعيدة؟ أال أكون أسعد مما أنا بقليل من اإليمان وحب الل�ه؟ - لماذا ال أقول لنفسي كل صباح: أنا مزمعة أن أفعل ما يريده الله م��ني؟ ه��ل أض��ع في أعم��الي غ��يرة ونش��اطا وفطن��ة؟ - ألم أزعج رفيق��اتي في؟ - ألم الوظيفة؟ هل ساعدتهن؟ ه��ل احتملتهن؟ ه��ل ح��اولت أن أس��رهن

أستسلم لليأس وسرعة التأثر والحسد والزهو الباطل والتسرع؟ : كي��ف أتمم. اإلعتناء باألعمال العادية وحس��ن اس��تعمال ال��وقت10

أفعالي العادية؟ ه��ل عملت دائم��ا ألج��ل الل��ه؟ ه��ل أن��ا أمين��ة في إنع��اش أعمالي كلها بروح اإليمان؟ ه��ل أن��ا مقتنع��ة ب��أن كم��الي يق��وم في إتق��ان أعمالي العادي�ة؟ ه��ل اقتص�دت في اس�تعمال وق��تي؟ ه�ل أش�غالي كله�ا خاضعة لمطالب الطاعة؟ - هل في أعمالي إجتهاد رهباني أم تس��رع غ��ير مرتب وإبطاء وإسترخاء وبطالة وضياع وقت؟ - كيف أقضي نزه��اتي أي��ام العطلة؟ هل أعتني بتقديس تناول الطعام، والراح��ة، والتم��ارين الرياض��ية

الجسدية؟. بعد هذا الفحص، إتلي جاثية الصالة التالية:فعل التجدد الروحي

"يا إلهي، أرى من الضروري لي أن أفكر في تجدد مق��دس يجعل��ني أعود إلى سبل الكمال ال��ذي ت��دعوني إلي��ه. فه��ذه هي النق��اط الجوهري��ة

التي ال بد أن أتجدد فيها: الدقة في ممارسة جميع رياضاتي التقوية - التجدد في تطهير النية - االس��تعداد لقب��ول األس��رار اإللهي��ة - األمان��ة المطلق��ة لمج��اراة النعم��ة - خضوع مطلق وتام لرؤساتي - تجدد في عواط��ف الوداع��ة والمحب��ة نح��و الجميع بال إستثناء - إتمام واجبات وظيفتي بسخاء - تج��رد قل��بي المطل��ق

من كل ما ليس أنت". بعد هذا الفعل تحدد المبتدئة مقاص��دها الخاص��ة وتق��دمها لل��ه قائل��ة

من صميم الفؤاد:

150

"إلهي هذه هي المقاصد المقدسة ودستور الحي��اة ال��تي أن��ا مزمع��ة أن أسير بموجبها فيما بعد. هذا التجدد تفرضه علي الحالة المقدسة ال��تي أنتحلها؛ والنعم الغزيرة التي نلتها؛ وواجب األس��ف والوق��اء ال��ذي تفرض��ه علي خطاي��اي الكث��يرة؛ وبني��ان األش��خاص ال��ذين أعيش معهم؛ وواجب اإلعتناء بالكمال ال��ذي ته��اونت في��ه ح��تى اآلن؛ وواجب االس��تعداد لألبدي��ة حيث قد أدخل قبل الرياضو المقبلة. إني مدركة م�ا يجب علي أن أخش�اه من ضعفي، من بعد إختباراتي المؤسفة ورياضاتي السابقة العدي��دة ال��تي وعتدتك فيها مثل ه�ذه الوع�ود. وأملي أن الحال�ة س�وف تتغ�ير بع�د ه�ذه الرياضة. فساعدني ي��ا إلهي بع��ون جدي��د من نعمت��ك. به��ذا الع��ون أع��دكة على ذلك منذ الي��وم، بأمانة أكثر ثباتا في إتمام واجباتي كلها. وها أنا مكب

فعساني ال أحيد عنه مدى الحياة. أيته��ا الع��ذراء، الجزيل��ة القداس��ة، أيه��ا الق��ديس يوس��ف، ي��ا مالكي الح��ارس، أيه��ا القديس��ون ش��فعائي، اجعل��وني أمين��ة في إتم��ام ه��ذه

المقاصد". في خت��ام ه��ذه الرياض��ة، أنظ��ري في أق��در الوس��ائل على تحقي��ق تج��ددك الت��ام. ض��عي في الل��ه رج��اءك كل��ه، وواص��لي جري��ك من جدي��د

بنشاط، من غير أن تهبط عزمك رؤية شقائك، مهما كان بليغا.( النظام أو الدستور الخاص4)

النظام أو الدستور الخاص هو ما تس��نه ك��ل مبتدئ��ة لنفس��ها وتكتب��هفي دفتر خاص، عاقدة العزم على قراءته حينا بعد آخر في هذا الدفتر:

. تح��دد اس��تعمال ك��ل أوق��ات النه��ار ال��تي ال يك��ون فيه��ا تم��رين1جمهوري مشترك.

. تحدد ما تنويه من النيات لكل من أعمالها: النهوض، والش�غل إلخ2 ... لتزي��دها قداس��ة وثواب��ا. فهي تعلم "أن جمي��ع أعم��ال النفس الب��ارة الصالحة، حتى أص��غر أعماله��ا المفعول��ة بنعم��ة الل��ه، تلبس��ها حق��ا، بق��وة اس��تحقاقات يس�وع المس��يح ال�ذي هي عض�و حي من أعض��ائه، نم�وا في

151

النعمة على هذه األرض، وتعد له�ا درج�ة جدي�دة من المج��د في الس�ماء")المجمع التريدنتيني(.

. تعين الفض��ائل ال��تي ت��روم أن تتعل��ق به��ا خصوص��ا، وعباداته��ا3الخاصة، واإلماتات التي تنوي أن تفرضها على ذاتها.

. وتعين أيض��ا موض��وع فحص ض��ميرها الخ��اص، ال��ذي عينت��ه له��ا4 معلمتها، وطريقة القي��ام ب��ه، وم��ا ت��روم أن تش��غل ب��ه نفس��ها في ذبيح��ة

القداس والمسبحة وزيارة القربان المقدس. . تعين الت��ذكارات الس��نوية للنعم ال��تي نالته��ا، ومقاص��د رياض��تها5

الشهرية؛ واألحوال التي أثر فيها ب��األكثر حب الل��ه؛ واألفك��ار ال��تي ت��ركت فيها تأثيرا بليغا مدة صالتها العقلية، أو في أثن��اء موعظ�ة؛ وم�ا فع��ل فيه�ا خيرا من إرشادات معرفها لها؛ ونصائح وتوبيخات معلمتها لتتذكر النقيص��ةالتي يجب أن تصلح ذاتها معها؛ واألمثال الصالحة التي تقع تحت نظرها ... هذا الدفتر يكتب برضى المعلمة، ويقدم لها حينا بعد بعد آخر، ويحق

لها أن تطلبه لتطلع عليه متى شاءت. متى كان هذا الدفتر مكتوب��ا ببس��اطة، ب��دون إفتخ��ار، وال طمع��ا في الثناء، كان جزيل الفائ��دة في أوق��ات الي��أس وهب��وط الع��زم والض��جر؛ إذت بحقبة بضعة أيام من التجرب��ة أو ال��تراخي، فنج��د تكوت المبتدئة قد مر ن��ير ال��رب قاس��يا، بوس��عها، وبوس��ع الراهب��ة أيض��ا أن تق��رأ م��ا في ه��ذه��راه ق��د الص��فحات من عب��ارات س��عادتها الس��ابقة فتس��ائل نفس��ها: من ت

تبدل: الله أم أنا؟2

المستندات الخارجية( القانون أو الفرائض1)

القانون! الفرائض! ذلك هو صراخ النفس التي تشعر بأنها تهيم على وجهها وال تريد أن تهلك تماما؛ أو النفس التي تشعر بأنه��ا تض��عف وت��روم

أن تنهض!

152

إن القانون هو للنفس العائشة في األدي��رة كالس��بيل المس��لوك في برية مجهولة؛ فهو يقودها رأسا إلى الهدف، من غ��ير خط��ر وال خ��وف من الضالل. هو كالدرابزونات إلى ج��انبي الجس��ر ف��وق نه��ر عمي��ق: تقي من السقوط، وته��دئ من س��قط، وتس��اعد على الرج��وع إلى الس��بيل األمين. وهذا السبيل هو الله قد خطه، وهذا الحرز الواقي هو الل��ه ق��د م��ده على طول الجسر! فما أس��عدك، ي�ا أخ��تي ألن الل��ه وض��عك في ه��ذه الطري�ق

التي تقودك حتما إلى السماء! فأحبي إذن قانونك، وأجليه واحفظيه!األسباب الباعثة على ممارسة القانون

. ممارسة القانون تجعلك مرضية لله. إن القانون يعبر عن مشيئته1 تع��الى، والض��مانة على ذل��ك هي تث��بيت الكنيس��ة ل��ه. أفال ت��رين أن��ك بممارستك القانون بأمانة تقدمين لل��ه في ك��ل س��اعة من النه��ار واللي��ل، عالم�ة حب، وتمجدين�ه، وتع�ترفين بس�لطانه علي�ك، وتس�عين أن تس�ريه، وتقتدين بيسوع المسيح الذي كان يبذل جهده في طاع��ة أبي��ه؟ ك��ل م��رة يدعوك الله تكونين مستعدة، وتقولين والفرح ملء الفؤاد: ه��ا أن��ا ذي، ي��ا سيدي، فماذا تريد أن أصنع؟ والله يقول عن��ك، ب��داعي ك��ل فع��ل تفعلين��ه

لمرضاته، ما قاله عن يسوع: هذه ابنتي الحبيبة التي بها سررت. . ممارسة القانون تشرفك وتكرم��ك. ق��د يح��دث ل��ك، بس��ماح من2

الله، مع كل مل لك من تقوى وحرارة، أن ال تتمتعي بمودة أخواتك؛ ولكن أيقني أنك إذا كنت ممارسة للقانون بال تكلف وال تصنع بروح اإليمان، فم��اك في صميمها وتروم أن تقتدي بك. أال أنظري إلى م��ا من واحدة إال وتجل تفكرين به أنت نفسك بالراهبات اللواتي تع��رفينهن متمس��كات بالق��انون؛

ألست بالحري لديهن تطلبين النصح واإلرشاد؟ . ممارسة القانون تسعدك. ال، يا أخ��تي. إن الل��ه ال ي��دعك تغلبين��ه3

��ك ل��ه إزدادت مكافأت��ه ل��ك؛ وبق��در م��ا في السخاء، فكلم��ا إزدادت عطيت يزداد إجتهادك في خدمته واألمانة له وع��دم اإلس��اءة إلي��ه إزدادت تعزيت��ه وحمايت��ه ومكافأت��ه ل��ك. وم��تى حم��اك الل��ه، فم��ا عس��اه يلقي��ك في

اإلضطراب؟

153

هل الخوف من المستقبل؟ بيد أن فكرة العناية اإللهية من شأنها أن تحملك على الرجاء الدائم بالرغم من كل صعوبة. هذه العناي��ة، ي��ا أخ��تي، يحق لك أن تستندي عليها أكثر من كل أحد سواك، بم��ا أن الل��ه ق��ادر أن يتكل عليك. ستجدين الله دوما مستعدا لإلعتناء بك، ألن الله يج��دك دوم��ا مس��تعدة لطاعت��ه - ه��ل هي الع��ذابات؟ بين أن رؤي��ة المص��لوب تش��ددك وتشجعك، ويسوع يقول لقلبك: أنا معك بما أنك تري��دين أن تك��وني معي. فتشجعي إذن، فالعذاب عابر، وأبدي��ة الف�رح مقبل��ة - ه��ل هي التض��حيات التي تطلبها الطاعة؟ لكنك تعلمين جيدا، أنت المريدة أن ال تقطعي واحدا وال األصغر من الربط التي تربطك بيسوع المس��يح، تعلمين جي��دا أن ه��ذا المعلم اإللهي يتبعك حيث ذهبت، ومع يسوع المسيح يكون الف�ردوس في ك��ل مك��ان - وال نكلم��ك عن م��ودة معلمت��ك ل��ك، فهي لن تع��وزك أب��دا

وتشعرين بعذوبتها بقدر ما تعشرين أنك تستأهلينها. . ممارسة القانون تقدسك. إن البابا بندكتس الرابع عشر قد وع��د4

ب��أن يعلن قداس��ة المبتدئ��ة ال��تي تم��ارس ق��وانين رهبانيته��ا بكم��ال م��دة ابتدائها. أجل، ما من شيء يق��دس النفس مث��ل ممارس��ة الق��انون. فإنه��ا تشمل كل األوق��ات في اللي��ل والنه��ار وك��ل األفع��ال، فال ت�دع ش��يئا تحت إمرة الهوى والح��واس واإلرادة الذاتي��ة. وتجع��ل المبتدئ��ة تس��لك بحس��ب أوامر الله وتحت نظر الله، وباإلتحاد مع الله، وبنية إرضاء الل��ه. وفي ه��ذا

كله تقوم القداسة.

كيف يجب أن يمارس القانون . بكامله. كل ما ي��أتي من الل��ه يس��تحق االح��ترام عين��ه، والطاع��ة1

ترفع قدر كل شيء وتشرفه وتجعل��ه أهال للث��واب. فال تتلهي ب��التمييز بين ما يبدو لك مهما وما يبدو لك صغيرا، وما يبدو لك مفروض�ا وم�ا يب��دو ل�ك مشورة ونصيحة. وال تس��محي ل��ذاتك بتع��دي فريض��ة بحجة أن الق��انون ال يلزم تحت طائل��ة الخط��أ. ص��حيح أن الق��وانين ال تل��زم ع��ادة تحت طائل��ة

154

الخطأ، ولكنك تعلمين من تعليم كل القديس��ين أن الب��اعث ال��ذي يحمل��ك على تعدي هذه الفريضة عمدا هو خطيئة، ألنه يكون إما كسال أو كبرياء أو��ا بال��ذكر إرضاء للحواس ... وهبي أن ليس هناك خطيئة، أفليس شيئا حري

أن تتعود النفس الحرية واالستقالل واالستغماء عن اإلماتة؟ . بدق��ة. من حيث ال��زمن: فيتمم الش��يء المف��روض في الزم��ان2

المعين له، بحيث يعد الجرس الداعي إلى العمل كصوت يس��وع المس��يح. فهو الذي يريد أن ننهض في الساعة الفالني��ة، وأن ن��ذهب إلى النزه��ة، أو إلى الشغل، أو إلى المعبد... فال نزدر دعوته. من حيث الطريق��ة: ب��الرغم من تمردات حبنا ال�ذاتي ال�ذي ي�وحي إلين�ا بأنن��ا نص�نع أحس�ن ل�و س�لكنا طريقة أخرى، وأننا نعجل في العم��ل، وأن الرؤس��اء ال يعرف��ون الطرائ��ق الجديدة في رهبانيتنا الخ... من حيث المكان: فال نذهب أبدا إال حيث يجب أو يمكن أن نكون، وال نهرب أبدا من مراقبة، وال نبدي امتعاض��نا إذا نقلن��ا

من مكان إلى آخر. . بحب ومودة. ويكون ذلك إذا كان الق�انون ل�ك ص�وت الل�ه ال�ذي3

ي��دعوك، ويرش��دك، ويعلم��ك، وي��أمرك. ل��و كنت عش��ت في زمن المعلم اإللهي على األرض وتبعته وفرض عليك ما يفرض عليك اآلن في االبت��داء، ما ك��ان أعظم فرح�ك وس��عادتك في طاعت��ك ل��ه! في��ا أخ��تي! إن��ه نفس�ه

يأمرك اآلن!( الصالة الجمهورية2)

هذا السند كان ينقصك وأنت في الع��الم؛ أم��ا في ال��دير فيك��ون ل�ك مصدر نعم وتعزيات: أم��ا النعم، فألن ه��ذه الص��الة الجمهوري��ة له��ا موع��د خاص بأن الله يحض��ر فيم��ا بين المجتمعين باس��مه، وأن الل��ه م��تى حض��ر خصوصا يترك دوما شهادة لعطفه، كما يعلم القديس��ون؛ وأم��ا التعزي��ات،تة س��وف تنعش��ها وتقويه��ا ص��الة فألن صالتك التي قد تكون ضعيفة ومشت أخواتك الحارة. أجل، ما أعذب على النفس أن تستطيع فتقول ل��ذاتها في صالتها، مع أنها تشعر بذنبها وبأنها ال تستحق أن تتستجاب: إن الله يس��مع بإرتياح هذه الصلوات الجمهورية التي أضم إليها صالتي، فإن ص��وت الب��ار يرتقي إلى ما هو أسمى من صوت المذنب األثيم. تل��ك أفك��ار نتوس��ع في

155

بسطها في كتاب الناذرات، في كالمنا على الفرض اإللهي. وإنما نحرض��ك فقط هنا على أن ال تعفي ذاتك من هذه الصلوات الجمهوري��ة إال ألس��باب حقيقي��ة وثقيل��ة. فكم من النعم نخس��رها ل��ذهابنا وراء مي��ل خ��اص إلى اإلنعزال عن الجمهور، بحجة أننا نكون حينئذ أكثر خشوعا إذا صلينا وح��دنا

على إنفراد.( االسترشاد3)

قال القديس فرنسيس السالسي لراهبات�ه: "في ك�ل ش��هر تكش��ف��ة وثناي�اه بك��ل الراهب��ات قلبهن لرئيس�تهن بإيج�از، ويعلمن��ا بزواي�اه الخفي بساطة وثقة وأمانة، بمثل ما يفعل الولد بصدق وسذاجة إذ يكش��ف ألم��ه تخديشات أو قرص��ات النح��ل في جس��مه؛ وبه��ذه الوس��يلة يطلعنه��ا على، وعلى خس��اراتهن ونقائص��هن في ممارس��ة الص��الة تق��دمهن ونج��احهن العقلي�ة والفض�ائل والحي�اة الروحي�ة؛ ويظه�رن أيض�ا تج�اربهن وأح�زانهن��ردف الق��ديس: لن أيض��ا". وي ين فقط بل ليتشددن ويتذل الداخلية، ال ليتعز "طوبى للواتي يمارسن هذا البند ببساطة وعبادة، فإن في��ه تعليم��ا بش��أن الطفولة الروحية التي حرض عليها كثيرا سيدنا يسوع المسيح، ومنها ينتج

سكون النفس وبها يحافظ على هدوء الروح". ندلي ببعض معلوم��ات فق��ط بش��أن موض��وع االسترش��اد ه��ذا، وق��د نشرنا كتابا كامال في ه��ذا أس��ميناه "في االرش��اد ال��روحي" ت��أليف واض��ع

كتاب الرئيسات وكتاب المبتدئات.ة بثقة. فال يؤتى فيه على االسترشاد ليس اعترافا بل مناجاة ومسار ذكر ما ه��و موض��وع للحل��ة الس��رية، ب��ل م��ا يحت��اج إلى نص��يحة وإش��ارة وطريقة خاصة للعمل. المسترشدة ال تأتي لتكشف حالة نفسها كمجرمة، بل كنفس ناقصة تحتاج أن تدل على وس��ائل الكم��ال. إن المبتدئ��ة تحت��اج إلى استرشاد أكثر من أي نفس أخرى. فالحياة الرهبانية جديدة لها، وك��ل م��ا ت��راه وتس��معه يدهش��ها ويحمله��ا على الش��وق إلى االس��تنارة بش��أن تفاصيل كثيرة معرفتها ضرورية. فه��ذه األس��ئلة ال��تي ت��تزاحم في نفس��ها هي م��ادة االسترش��اد - تش��عر المبتدئ��ة بس��هولة ببعض القل��ق والض��جر والكراهيات ألسباب عديدة، وقد تداعب هذا القلب المسكين أحيان��ا بعض

156

التأسفات والتحسرات، مع أنه كان قويا في ساعة التضحية وكان يحس��ب نفسه قويا على ال��دوام. أفليس من الض��روري أن تكش��ف ه��ذه األح��زان الداخلي��ة وم��ا يرافقه��ا من ض��جر وإنزع��اج؟ فه��ذا الكش��ف ه��و م��ادة لالسترشاد - المبتدئة تفهم التقوى كما تفهم عادة في العالم، بممارس��ات تختارها هي نفسها، فتك��ون س��هلة، عذب��ة، مس��تقلة، بال قواع��د مح��دودة، وخصوصا بدون تضحيات وال معاكسات، وهي تكتئب لكونها ما عاد بوسعها أن تصلي كما كانت تصلي في العالم، ألنها ترى نفسها ملتزم��ة بالطريق��ةها، وال تعود تشعر بتذوق للتن��اول، فتحس��ب الفالنية في صالتها وهي ال تحب أن كل شيء ضاع في حياتها... أفال يلزمها أن تكشف حال��ة نفس��ها ليه��دأ روعه��ا؟ فه��ذا الكش��ف ه��و م��ادة لالسترش��اد - المبتدئ��ة تس��مع ق��راءات وعظات هي في الغالب جديدة لعقلها؛ ويحكى أمامها عن أم��راض النفس وطريقة معرفتها والعالجات لمداواتها، وعن واجب الراهب��ات ب��أن يس��عين إلى الكمال إلخ. والكتب ال تبسط عادة إال العموميات، أفال يلزم أن يشرح له��ا م��ا ال تفهم��ه إال فهم��ا ناقص��ا؟ فه��ذه التفاس��ير والش��روح هي م��ادة االسترش��اد - وطريق��ة الص��الة العقلي��ة، وم��ا يش��عر ب��ه فيه��ا من األف��راح والتعزيات والملل، والسعادة التي يش��عر به��ا في الص��الة وتالوة الف��رض، والسأم الذي يجعل الصلوات من مدة مستكرهة، والفض��ائل ال��تي تجته��د المبتدئة في إكتسابها، والثمار التي تجنيها من تناوالتها... هذه كلها وكل ما يتعلق بالنفس وال��روح والجس��م، م��ا خال م��ا ه��و خطيئ��ة، يمكن أن تك��ون

مادة لالسترشاد. أنظ��ري إلى معلمت��ك ك��إلى أم أعط��اك إياه��ا الل��ه كمحامي��ة م��دة طفولتك الرهبانية. إذهبي إليها ببس��اطة، وثق�ة، واستس��الم لمش��يئة الل�ه، والله يعطيها المودة والدقة والحن��ان ال��تي تحت��اجين إليه��ا. ق��ال الق��ديس فرنسيس السالس��ي: "ليكن للمبت��دئات نح��و معلمتهن محب��ة قلبي��ة وثق��ة بنوية تامة مشفوعة باالحترام؛ وليبدين لها شكرا ومعرفة جميل من أج��ل

." ما تفعله لتهذيب عقولهن( مجمع االستغفار4)

تدعى بهذا االسم اجتماعات دورية لجمهور الدير كل�ه أو لك�ل فرق�ة معا، فيها تشكو كل راهبة ذاتها بصوت عال بمخالفاتها الخارجي��ة وتع��ديتها

157

على القانون، ثم تسمع أخواتها يبدين لها المالحظات بشأن ما لم تالحظهفي سلوكها، ثم تقبل من الرئيسة توبيخا وقصاصا.

إن بعض الطباع ترهب هذه االجتماعات فوق ك��ل ش��يء في الحي��اة الرهبانية، وذلك على مدى سنين عديدة ومدة الحياة الرهبانية كله��ا. ذل��ك أن الحب الذاتي يستصعب كثيرا ش��كاية النفس العلني��ة وس��ماع ش��كايات اآلخ��رين. ولكن م��ا من ش��يء أفع��ل في النفس وأك��ثر مس��اعدة له��ا

إلستدراك السقطات وإصالح العيوب والنقائص. يحكى في سيرة القديس دومينيكوس أن إبليس ظهر له يوما بهيئ��ة إنسان، فأوحى إلى القديس بأن��ه أم��ام روح الظالم. فق��ال ل��ه: أنت ع��دو النفوس األلد، قل لي ماذا تفعل في هذا الدير؟ - أق��وم ب��واجب المج��رب ولست إال رابحا بعض الشيء - وما تفعل في الكنيس��ة؟ - أس��عى لي��ذهب إليها الرهبان بعد الوقت المعين، ويلبثوا فيها من غير أن يت��ذوقوا التق��وى،��روا في ش��ؤون الع��الم - وم��ا تفع��ل في رده��ة االس��تقبال؟ - ه��ذه ويفك حجرتي الخاصة: أحمل فيها على اإلغراق في الض��حك، وأدف��ع إلى الكالم البطال وأحيانا التذمر... هن��ا يفق��د رهبان��ك م��ا ربح��وه في أم��اكن أخ��رى. وكان القديس في هذه األثناء قد أوصل الشيطان إلى غرف��ة االجتماع��ات لالستغفار. فرفض المالك المتمرد أن يدخلها وقال: "ه��ذه القاع��ة هي لي جهنم؛ ففيها يقر أخوت��ك بم��ا دفعتهم إلي��ه من الش��ر، وه��ذا اإلق��رار ال�ذي

يغطيهم خجال يقويهم ضد هجومي لمدة أيام عديدة". لكي تس��تفيد المبتدئ��ة من االس��تغفار يجب أن تت��أهب ل��ه بالص��الة وتقول بنشاط: أريد أن أتذلل؛ وأن تبسط خطأه��ا بإيج��از ومن غ��ير كلم��ة

إعتذار واحدة ثم تنتظر بصبر. يجب أن تسمع بهدو، إن لم يكن بفرح، ما تبسطه رفيقتها من خط��أن بفعل محبة لله داخلي الث��ورة الداخلي��ة ال��تي تش��عر به��ا فيها؛ وأن تسك أحيانا، وال سيما إذا بدا لها أن أختها تغل��ط في تخطئته��ا؛ وأن تل��تزم بتالوة صالة ألجل تلك التي تشكوها؛ ومن بعد االجتم��اع تمتن��ع عن ك��ل مالحظ��ة ح��ول م��ا ج��رى أو قي��ل في مجم��ع االس��تغفار. ق��ال األب س��ان ج��ير: إن

158

الراهبة التي تحب أن تصلح ال تلبث أن تصير عاجال كاملة، أما ال��تي تك��رهاالصالح فلن تصي أبدا على شيء من الكمال.

كثيرا ما تكون شكاية األخ��وات بأخط��ائهم في االجتم��اع أش��د وط��أة على المبتدئ��ة من س��ماع أخط��ائهم الشخص��ية. إذ يل��زم ل��ذلك ش��جاعة وصداقة ص��افية ومحب��ة كب��يرة لل��واجب. ف��إن الخ��وف من إزع��اج رفيق��ة وحملها على أن تبرد محبتها لنا كثيرا ما يحملنا على الص��مت. ال ش��ك أن��ه يلزمنا أن نم��زج ش��كايتنا بكث��ير من الفطن��ة والتحف��ظ، وإن ال نؤك��د ش��يئا بطريق��ة مطلق��ة، وأن ال نق��ول أب��دا م��ا من ش��أنه أن يخج��ل المش��كوةات: ف��إن في ن��برة ص��وت الش��خص ويذللها؛ ولكن فلنكن بس��يطات ومحب المحب الحقيقي وفي طريقة تعبيره شيئا يمنع أن تتنتج أقوال الل��وم من��ه

تأثيرا سيئا. درجت العادة في بعض الرهباني��ات أن تعطي معلم��ة المبت��دئات كاله��ة، وظيفته��ا أن تلفت إنتب��اه من مبت��دئاتها رفيق��ة ت��دعى مس��اعدة أو منب رفيقتها المبتدئة في كل أسبوع إلى إخاللها. ه��ذه الطريق��ة تس��اعد كث��يرا ونحرض على حفظها حيث هي دارجة. ذل��ك أن التنبي��ه واإلص��الح األخ��وي يقب��ل بس��هولة أعظم ممن هي ص��ديقة فاض��لة، وم��تى ك��ان ه��ذا التنبي��ه واإلصالح في عزلة على إنفراد فال يزعج؛ وم��تى ام��تزج ب��المودة فال ينش��أ

عنه يأس وال قنوط.( القراءة الروحية5)

عندما نصلي نناجي الله؛ وعندما نقرأ قراءة روحية يناجينا هو تعالى. إن الكتاب الجيد المفيد ينتج فينا أحيانا خ��يرا ال يس��تطيع أن ينتج��ه ح��ديثف بعيب يذللنا ال يحسر أحد أن يح��دثنا ودي، وال سيما عندما يقصد أن نعر

عنه خشية أن يثير استياءنا. كل قراءة تقوية، وكل تعليم، يحتوي دوما، بنعمة خاصة، درسا مفيدا لكل من يسمعه بروح اإليمان. فعلي��ك أن ت��ذهبي إلى الق��راءات الروحي��ة وإلى المحاضرات والعظات، وأنت تفكرين أن الله سوف يعطي��ك نص��يحة هي لك؛ وكوني على حذر ويقظة لكي ال تدعيها تعبر من غير أن تستفيدي

منها.159

ليس لنا أن نكلمك عن اختيار مواض��يع قراءات��ك الروحي��ة، ألن��ك في االبت��داء، ال تس��تطيعين أن تق��رأي أو تحفظي عن��دك كتاب��ا بال إذن خ��اص. والكتب التي تقرأ علنا ليست من إختي��ارك، والكتب ال�تي تع�ار ل��ك تخت��ار خصوصا ألجل حاجات نفسك. فالكتب التي تعيرك إياها معلمتك ال تقرأيها بنهم وسرعة، وال تستسلمي للزهو الصبياني الذي يباهي بقراءة كتاب كل أسبوع. اسألي معلمتك هل يفيدك أن تستخرجي من الكتاب األفكار ال��تي

تركت فيك أثرا تقويا حسنا. ال تع��يري رفيقات��ك ال إذن الكتب ال��تي أع��يرت ل��ك، وال تطل��بي من��رك بعض الكتب رفيقاتك أن يدعنك تقرأين ما أعير لهن من الكتب. وإذا تفك فاعتني بها، وأحبيها، ألن الل��ه لم يس��مح بال قص��د خ��اص ب��أن في تصر يترك لك الكتاب الفالني. وكوني دوما مستعدة لتضحي به��ا. وإذا س��محت لك معلمتك بأن تحتفظي بكتاب المبتدئات هذا، فاسألي الله، عند قراءته،

إن يفيدك خيرا، وصلي حينا بعد آخر صالة وجيزة ألجل مؤلفه ومعربه.***

واآلن نلخص لك هذا الفصل ب�إيراد ص�فحة من أل�ذ الص�فحات ال�تي كتبه��ا الق��ديس فرنس��يس السالس��ي. ف��إن إح��دى راهب��ات أنس��ي األخت سمبلسيانا،)أي بسيطة(، سألت األسقف الف��ديس بك��ل بس��اطة الس��ؤال التالي: يا سيدنا، لو كنت راهب��ة فيم��ا بينن��ا، م��اذا كنت تفع��ل لتبل��غ ع��اجال

الكمال؟ فأجابها القديس اللطيف: "يب��دو لي أني بنعم��ة الل��ه أك��ون كث��ير التيق��ظ ألم��ارس العوائ��د والممارسات الص�غيرة، وبه�ذه الوس��يلة ال ألبث أن أربح قلب الل�ه - كنت ألزم الصمت جيدا وأتكلم في بعض األحيان، ح��تى وقت الص��مت، أي ك��ل مرة تطلب مني المحبة ذلك، ولكن ال أتكلم أبدا بغير هذه الطريقة - كنت أتكلم بصوت خافت ه��ادئ ألن الف�رائص ت�أمر ب�ذلك؛ وكنت أفتح األب�واب وأغلقها بهدو ألن أمنا الرئيسة ذلك، ونحن نروم أن نفعل كل ما تري��د هي أن نفعله - كنت أخفض نظري كثيرا وأمش��ي الهوين��ا ألن الل�ه ومالك��ه، ي�اان إلى أقص�ى ح��دود الحب أولئ��ك ال��ذين ابنتي العزيزة، يرياننا دوم��ا ويحب يتقنون أعمالهم - كنت إذا استخدمت لعمل أو وظيفة ما أحب هذا العم��ل

160

أو الوظيفة وأبذل جهدي أن أقوم بهما وبكل شيء في األوان المناس��ب -��ركت مهمال، كنت ال أهتم بش��يء آخ��ر س��وى وإذا لم أس��تخدم لش��يء وت الطاعة ومحبة سيدنا يسوع المسيح - أجل يظهر لي أني كنت أحب��ه بك��ل قلبي، هذا اإلله الصالح الحنون، وأبذل جه��دي ألحس��ن ممارس��ة الق��وانين

والفرائض". "أجل، يا ابنتي يجب أن نفعل ذل��ك بأحس��ن م��ا يمكنن��ا، فإنن��ا ل��ذلك بعينه صرنا كالنا راهبين. إني لمسرور ومرتاح أن تكون هنا راهبة تري��د أن تك��ون راهب��ة ب��دال م��ني، وأحب كث��يرا أن تك��ون ه��ذه الراهب��ة األخت

سمبلسيانا ألني أحبها كثيرا. ويبدو لي أيضا أني أكون فرحا جدا وال أتسرع أبدا. وإني ألحمد الل��هض��عا، فأذل��ل أني أقوم بهذا ألني ال أتس��رع أب��دا - وكنت أس��لك س��لوكا متضع بأني ال نفسي بحسب الظروف واألحوال، وإن لم أتضع، فعلى األقل أت أتضع - كنت أبذل أفضل جهودي ألبقى في حضرته تع��الى وأفع��ل أفع��الي كلها ألجل حبه، ألننا هنا نتعلم ذلك يا ابنتي. وماذا علينا أن نفع��ل في ه��ذا العالم غير ما ذكرته؟ ال شيء مطلق��ا. فم��تى عرفن��ا ذل��ك عرفن��ا ك��ل م��ا

يطلب منا. واآلن، هل تعرفين، يا أختي سمبلسيانا، ماذا كنت أفعل أيض��ا؟ أملي أني كنت أدع الغ��ير يفعل��ون بي م��ا يش��اؤون، وكنت أط��الع بت��واتر في فرائض�نا الفص�ل المتعل�ق بالحش�مة والتواض�ع. أج�ل، ي�ا ابن�تي، يجب أن

يطالع جيدا هذا الفصل".

161

الفصل الحادي عشرفي التجارب التي يوسوس بها الشيطان

مدة االبتداء كثير من الفتيات يحسبن أنهن، متى دخلن في دير رهب��اني، ال يع��دنبن كم��ا في الع��الم. ومن��ذ األي��ام األولى تس��تولي على أفك��ارهن يج��ر وتستغرقها الحرارة التي تنعشهن ومشاغلهن الجديدة والتم��ارين الجدي��دة، فيش��عرون ال��تي تمأل أي��امهن والش��غل المتواص��ل ال��ذي يف��رض عليهن بسعادة خاصة لدى رؤيتهن نفوس��هن ق��د تخلص��ت من المش��اعر الحس��ية واألفك��ار الرديئ��ة والزه��و الع�المي والرغب��ة في اس��تجالب رض�ى الن��اس، فيحسبن أن األمور سوف تظل دوم��ا على ه��ذا النح��و. ولكن ال تك��اد تم��ر بضعة أس��ابيع ح��تى يتع��ودن العيش��ة الجمهوري�ة الجدي�دة ويألفنه�ا، فتج��د المبتدئة ذاتها من جديد كما كانت قبال وتش��عر بم��ا ك��انت تش��عر ب��ه آنف��ا. وهذه النفس العادمة الخبرة ال يمكنها أن تفكر بإمك�ان ح�دوث مث�ل ه�ذه التجارب في دير رهباني، فتقلق وتحزن وتهبط عزيمتها وتفكر أن الله ق��د

رذلها. ف��اذهبي ببس��اطة وبال وج��ل وأطلعي معرف��ك على م��ا تش��عرين، وانتهزي هذه الفرصة لتطلعيه على ما كانت حالتك قبل مجيئك إلى الدير،

واتبعي بأمانة ما يقوله لك؛ ف��إن ل��ه14لتستفيدي من نصائحه فائدة أعظم نعم��ا خاص��ة تس��اعده على طمأن��ة بال��ك وإنارت��ك وتعريف��ك بالوس��ائل

الضرورية لمقاومة الشيطان. نحن ال نروم أن نحدثك في هذا الفصل عن التجارب التي يسمح به��ا الله في االبتداء كما بعد النذور الرهباني�ة؛ وإنم�ا نبس�ط ل�ك بعض تج�ارب خاصة بمدة االبتداء، غايتها في قصد الشيطان، زعزعة الدعوة، وفي قصد

الله تثبيتها، بإلزامه المبتدئة أن تبدي له حبا أعظم. تجربة أولى

من عادة بعض الجماعات الرهبانية أن تدعو الطالب��ات إلى إع��تراف ع��ام من��ذ دخ��ولهن ال��دير.14 وفي غيرها تحرض الطالبات على ذلك من غير أن يلزمن به، ألنه مفيد إلن��ارة المرش��د على حال��ةتلميذته الجديدة. وفي كل حال يعود إلى المرشد وحده أن يحكم في موافقة هذا االعتراف العام.

162

كنت محبوبة في أسرتك يا ن��اكرة الجمي��ل! – ستص��يب أب��اك وأم��ك أحزان، فال تكونين بقربهما لتعزيهما! – ومتى وافاهما الم��رض س��يدعيانك

إلى قرب سريرهما فال تكونين هناك؟ ه��ذه التجرب��ة أش��د التج��ارب ه��وال، تل��ك ال��تي تم��زق ب��األكثر قلب المبتدئة وتجعلها أحيانا تسكب دموعا غزيرة. فلكي تتغلبي عليها اس��تعيني بأفكار اإليمان التي أولتك ش��جاعة كافي��ة ف��تركت أب��اك وأم��ك، ذل��ك، ألن البراهين البشرية تبقى هن��ا ع��اجزة. ه��ذه اله��واجس األليم��ة ال تس��كن إال

أمام القربان المقدس وبواسطة التناول. - أجل، يحبك أهلك؛ والله يحب�ك أك��ثر. ف�إذا ك�ان الل�ه ي�دعوك من1

جهة، وأهل��ك من جه��ة أخ��رى، فمن تجب طاعت��ه؟ رددي في ذهن��ك ه��ذه األقوال الصريحة، وإن كانت تمزق القلب: من أحب أب�ا او أم�ا أك��ثر م��ني

فال يستحقني. - ليس الله بناكر جميل. فأيقني بأنه يقوم بدلك ل��دى أبي��ك وأم��ك،2

ويوليهم��ا الق��وة ال��تي كنت أوليتهم��ا إياه��ا بحض��ورك، وه��و يس��ندهما واليهملهما. إن الله ملتزم بذلك نحوك، فاتكلي عليه.

3 - هذا الفراق، الذي هو تضحية دائمة، يوليك الحق ب�أن تن��الي نعم�ا دائمة. اسمعي بالحري: من ترك أباه وأمه وإخوته حبا بي يأخذ مئة ضعف في هذه الحي��اة، والحي��اة األبدي��ة في اآلخ��رة. أنت م��اذا تري��دين في ه��ذا العالم؟ أال تريدين خصوصا ألهلك الس��الم والس��عادة والقداس��ة؟ س��يكونهم��ا لك ذلك كله يا أختي. صلي ألجل أبي��ك وأم��ك، ق��ولي م��رارا لل��ه ليعز ويشددهما؛ كلميهما عن السماء متى رأيتهما وعيشي في سالم. فإن الل��ه يقوم مقامك تجاههما، ومن أجل أنك تركتهما ألجله يعطيهم�ا نعم�ا غزي�رة تقدسهما، فيشكرانك يوما في السماء على هذا الفراق الذي يكلفهما اآلن

دموعا غزيرة. تجربة ثانية

163

صحتك ال تسمح لك بالبقاء هنا – ستضعفين وتصبحين ب��اكرا س��قيمة فما المنفع��ة من��ك إذن، س��وى أن تتع��ذبي وتع��ذبي غ��يرك؟ فخ��ير ل��ك أن

تنصرفي منذ اآلن. . أن��ا لم أدخ��ل الرهباني��ة1قاومي هذه التجرب��ة بج��واب القديس��ين:

لتكون عافيتي ممتازة وأعيش براحة، بل ألق��دس ذاتي وخصوص��ا ألم��وتة صافية ورغبة ص��الحة. وق��د أطلعت2ميتة صالحة – أنا جئت إلى هنا بني

رؤس��ائي على م��زاجي وأوه��اني. ف��إذا حكم��وا ب��أني مفي��دة للرهباني��ة فسيحفظونني؛ واذا رأوا أني لن أفيد الرهبانية، فسيقولون لي ذل��ك. فم��ا

أن أنتظر قرارهم – سوف تنت��ابني بعض األس��قام، أج��ل، أفليس3لي إال في العالم أسقام؟ فعلى األقل يتاح لي هنا أن أقول لله: لقد مرض��ت في خدمتك وأنا أحاول أن أخدمك خدمة أفضل. فيا للتعزية الفائض��ة من ه��ذه

األقوال!تجربة ثالثة

إنها لصعبة العيشة التي يكون فيها اإلنسان خاضعا لآلخر-حياتي كلها سأقضيها في وظيفة ال تالئم طبعي – حياتي كله��ا م��ع طب��اع ال ت��أتلف م��ع

طبعي – حياتي كلها في الحرمان واالنزعاج والقسر. أجيبي الشيطان بصراحة: هذا ك��ذب. إن للطاع��ة تعزي��ات ال يعرفه��ا الشيطان، وقد ذقت عذوبتها غير مرة. هذه الفك��رة الوحي��دة "إني أعم��ل ما يريد الله" قادرة أن تجعلني أحتمل جميع مرائ��ر الحي��اة – ق��د ال يك��ون في بعض األحي��ان الش��غل الموك��ول إلي موافق��ا لطبعي. ولكن بم��ا أن لرؤسائي منفعة في إتقاني عملي ه��ذا، ف��إذا ترك��وني أزاول��ه فه��ذا دلي��ل على أني أنجح فيه، وكل إنس��ان ال يلبث أن يحب م��ا يتقن ص��نعه. وإن لم أنجح فيه فهم يبدلون��ه لي بعم��ل آخ��ر – ثم من المس��تحيل أن ال يالئم��ني طبع واحد من طباع رفيقاتي. ف��إن المحب��ة تلين ك��ل م��ا يب��دو ألول وهل��ة صعبا. وفي الرهبانيات تسود محبة متبادلة كما في العالم بل أكثر مما في الع��الم. ه��ذا، وأن��ه لمتعل��ق بي أن أك��ون محبوب��ة – أخ��يرا، إن الحرم��ان واالنزعاج والقسر، وإن كانت حقة وواقعية، ال تؤلف الحياة الرهبانية كلها. وجهتها الصعبة؟ أليس في العالم انزعاج فلم ال تكشف من هذه الحياة اال

164

وال حرم��ان؟ أوليس في الحي��اة الرهباني��ة راح��ة الض��مير وس��الم النفس ورجاء السماء؟ هذا، وإذا كان يصعب العيش في الحي��اة الرهباني��ة أحيان��ا،

فالموت يحلو فيها دوما. والمهم أن نموت ميتة حسنة!تجربة رابعة

أتيت الدير لتعيشي في س��كون أعظم، وأنت تج��دين في��ه أق��ل مم��ا كنت تجدين في أسرتك. أتيت لتكوني أشد تقى وأنت اآلن أق��ل تقى مم��ا كنت علي��ه في الع��الم: فق��د ق��ل وقت لبوث��ك في الكنيس��ة، وتش��عرين

بإنحطاط في حرارتك وتقواك. ال، أنا لم آت الدير ألحرز سكونا أعظم، بل قداسة أكمل؛ والقداس��ة ال تقوم بالهدوء الخارجي واألوقات الحرة، بل بخضوع اإلرادة إلرادة الل��ه، وهذا كل ما أبتغي. فإذا شاء الله أن أشتغل كث��يرا وأن ال يك��ون لي بره��ة فراغ، أفليس هو السيد؟ ه��ذا، وه��ل الس��كون الخ��ارجي ه��و ال��ذي ي��ولي الف��رح؟ أليس ب��الحري س��كون النفس؟ فه��ذا الس��كون أش��عر بأن��ه لن

ينقصني أبدا ما دمت أريد أن أقول لله بملء إرادتي: لتكن مشيئتك! صحيح أن الوقت الذي أقضيه في الكنيسة أق��ل؛ بي��د أن وق��تي ك��ل يقضى في إتمام مشيئة الله، وفي أن أكون حيث يري��د الل��ه، وه��ذا أعظم عزاء! وصحيح أيضا أني في بعض األحيان قلما أشعر بحرارة حسية، وهذا يؤلمني حقا؛ لكني تعلمت أن الحرارة ليست في الشعور الحسي ب��ل في األمانة، وأن الحب ال يكون في ما نشعر به من الفرح بل في ما نبذله من

التضحيات في سبيل من نحبه.تجربة خامسة

فكم من–ما تفعلين من الخ��ير في الع��الم أعظم مم��ا تفعلين��ه هن��ا الجهال ال يأب����ه لهم أح����د وبوس����عك أن تعلميهم؛ وكم من أوالد مهملين يمكنك أ، تجمعيهم؛ وكم من مريض مهمل تستطعين أن تعت��ني ب��ه... أنت تقومين بهذا كله، ولكن غيرك ق��ادر أن يق��وم مقام��ك في��ه؛ أم��ا األش��قياء

الذين ذكرتهم فما من أحد يفكر فيهم!

165

هذا كله جميل وجذاب؛ ولكن هل يريد الله أن أعمله؟ فلو شاء ذلك ألعلمني به كما أعلمني برغبته في أن أدخل الدير! هذا كله جمي��ل، وق��د أنجح إذا قمت به؛ ولكن أال أهلك إذا فعلته؟ هل أنا قوية منيعة ضد الزه��و والمج��د الباط��ل والت��أثيرات الحس��ية وأس��باب الخطيئ��ة العدي��دة ال��تي تعترض��ني؟ فمن يس��ندني في تقلب��اتي؟ ومن يقوي��ني في أي��ام اإلخف��اق

والخذالن؟ إلهي، هب لي ض��مانة أعظم في حي��اتي، وإن خ��ف ش��غلي الج��ذاب ونقص هب لي مجدا أقل، وأكثر لي ظروف الثواب واالس��تحقاق. هب لي أن تنقص أش��واقي وأن ي��زداد إنتب��اهي ألتمم في ه��ذه الس��اعة وفي ك��ل

ساعة، مشئيتك المقدسة والمعبودة!***

166

الفصل الثاني عشرأيام االبتداء األخيرة

تقضى األيام األخيرة من االبتداء في الرياضة. وما أعذب هذه األي��ام المباركة التي تعد المبتدئة ليوم نذورها الرهبانية المشتهى. إليك ما كتبت��ه إحدى المبتدئات: أال أسرعي، أسرعي، أيتها الساعات المتباطئ��ة ب�إفراط، أسرعي في الهرب ودعيني ليسوع! ... أنت تريد إذن، يا يس��وع، تري��د أن تسمح لي بأن أرتبط ب��ك! وال تس��مح لي ب��ذلك فق��ط، ب��ل ق��د ذهبت ب��ك الرأفة إلى أن تسألني كل يوم، مدة سنة كاملة، هل أريده أنا أيضا! أجل، أجل، أريده. وما يجعلني أرتعش رعشة الس��عادة ال��تي تعج��ز عن وص��فها أقوال األرض، هو أن هذه النذور التي أنا مزمعة أن أعاه��د الل��ه به��ا ن��ذور أبدية! أبدي��ة القي��ود المزمع��ة أن تربط��ني بيس��وع؛ وأب��دي لقب الع��روس الذي يعطينيه يسوع ولقب العريس الذي ألقب أنا ب��ه يس��وع؛ وأب��دي ه��ذا

القول: لم أعد لنفسي بل أنا بجملتي ليسوع! إلهي، إلهي، لقد بزغت أخيرا الشمس هذا اليوم أجمل أي��ام حي��اتي! فسفينتي تنقذ اليوم من أخطار بحر هائج وتدخل المرفأ. م��ا كنت أش��تهي أم��را واح��دا، والل��ه يحقق��ه الي��وم، ف��أجوز أن��ا من البري��ة إلى أرض إال الميعاد... فمبارك نصيبي! في هذا المكان كل شيء يحمل القلب ويرفعه إلى الله: الص��الة واألناش��يد التقوي��ة، واألمث��ال الص��الحة المقدس��ة والمن المالئكي. في هذا الحمى يفوح شذا السالم والنقاء، فيوم واح��د في��ه خ��ير من آالف في العالم الغرور. أجل أترك في العالم رفيقات عزيزات، وأمي وأختي وأهلي وأخوتي الذين يبقى حبهم دائما في، وذلك كله ي��ؤلم قل��بي؛ ولكن ال ب��د في ك��ل تض��حية أن تئن الض��حية من طعن��ة الس��كين... فهم يصلون، وأنا أصلي، ومالئكتنا الحراس يندفعون من األرض ويحملون ل��دى ق��دمي الل��ه اآلب ص��لواتهم وص��لواتي. وفي إث��رهم ترتف��ع إلى الس��ماءة. ��زل علي وعليهم نعم�ا س�ني أشواقنا، وهذه الطلب��ات المتبادل��ة تع�ود فتن أنظروا إلى سعادتي، وال تذرفوا الدموع، فإن حياتي بقرب الرب لس��عيدة في مسكن السالم هذا! يا لسعدي! سنلتقي يوما في السماء، حيث يسود

الحب، ونجتمع إلى األبد في أحضان الله!

167

لنحفظ في قلبنا هذه التأثيرات التقوي��ة العذب��ة؛ فس��يعود إليه��ا غ��ير مرة، وال ريب، أمام القربان المقدس وفيما بين مت��اعب عم��ل تس��تكرهه

الطبيعة وتنفر منه. ولنق��دم اآلن للمبتدئ��ة موض��وعا لتأمالته��ا في األي��ام األخ��يرة من ابتدائها، بعض إعتبارات تعرفه��ا بالحي��اة المزمع��ة أن تنتحله��ا من وجوهه��ا

المختلفة. فنبين لها ما في هذه الحياة من أوجاع ومتاعب، وتعزيات:1

المتاعب العامة في الحياة الرهبانية لقد أشرنا، منذ الصفحات األولى من هذا الكتاب، إلى األوه��ام ال��تي تخامر كثيرا من الفتيات بش��أن الحي��اة الرهباني��ة، وإلى األف��راح الطبيعي��ة التي يعدن ذواتهن بها في الحياة الجمهورية المشتركة. وال ريب عندنا في أن سنة كاملة قضتها الفتاة في االبتداء ق��د ب��دلت بعض الش��يء في تل��ك المخيلة الفتية الملتهبة وذلك القلب المشتعل الذي ال ي��رى أدنى تعب في الطاعة والتفاني. ولعل الشيطان أتى وضخم صعوبات المس��تقبل، س��اعة كانت المبتدئة تحتم��ل من معلمته��ا إمتحان��ا م��ذلال، أو في تل��ك الس��اعات األشد إيالما التي تركها فيها الل��ه بال نش��اط وال ح��رارة وال ت��ذوق لش��ؤون

العبادة. فنرى من واجبنا أن نعرض ونبسط، بكل م�ا يقتض�يه ه��ذا الموض��وع من الدق��ة، الحقيق��ة الص��ريحة في مت��اعب الحي��اة الرهباني��ة بوج��ه ع��ام. وننقل هذا اإليضاح عن األب بوردلو الدقيق دوما في تعاليمه. قال الراهب

الواعظ الشهير: "في الكالم على سعادة الحال��ة الرهباني��ة تع��رض في بعض األحي��ان أفكار يبدو لي أنها بش��رية. وأق��ر ب�أني ال أفهم بس��هولة أولئ��ك ال��واعظين ال�ذي يمثل�ون لن��ا الحي��اة الرهباني��ة عيش��ة عذب�ة خالي�ة من ك��ل األح�زان والمتاعب ومن كل هم. فلو صدقناهم لقلنا أن الراهب ال يتعذب البت��ة وال يحتمل شيئا، وال ينقصه شيء وكل شيء يبسم له، وكل م��ا يج��ري يك��ون على حسب هواه وأشواقه. فبدل البيت الذي تركه تفتح ل��ه مئ��ات وأك��ثر؛ وب��دل األب واألم الل��ذين تركهم��ا وفارقهم��ا يالقي على ق��در م��ا ل��ه من

168

رؤساء يهتمون به. ذلك كله جميل، بيد أن الشر هو أن ذل��ك كل��ه ال يتف��ق مع اإلنجيل. ولعمري، لماذا نتج��رد عن الع��الم إذا كن��ا نالقي في ال��دير م��ا وعدنا به يسوع المسيح من مئة ضعف؟ ففي هذه اآلم��ال كث��ير ال يتحق��ق في الحالة الرهبانية؛ وأنه لغريب ك��ل الغراب��ة أن نطلب خ��ارج الع��الم م��ا ندعي أنا تجردن��ا من��ه بتركن��ا الع��الم، من فوائ��د زمني��ة محض��ة وع��ذوبات

طبيعية. إن الفائدة الكبرى من الحالة الرهباني��ة إنم��ا هي التج��رد المس��يحي وإماتة الحواس، والصليب، ومن ه��ذه الوجه��ة يجب النظ��ر إليه��ا. ك��ل م��ا يبتعد عن وجهة النظر هذه يبتعد عن الحقيقة، ومن ثم ليس س��وى أوه��ام بأوهام. فأريد إذن أن ال يخفى ش��يء على فت��اة تن��وي أن تع��تزل في دي��ر وتشعر بأنها مدعوة إليه. أريد أن ال يس��تر عنه��ا ش��يء باألوص��اف البراق��ة الكاذبة؛ وأن ترى كل عواقب اختياره��ا؛ وأن تبس��ط له��ا األم��ور كم��ا هي؛ وأن تدل على األشواك المبعثرة في الطريق التي ت��دخل فيه��ا. إذ م��ا هي الحياة الرهبانية سوى اإلنجيل في وجهته العملية وممارسته الكاملة؟ وم��ا هو اإلنجيل سوى ش��ريعة إنك��ار ال��ذات وم��وت عن ال��ذات وح��رب دائم��ة

يصليها اإلنسان لذاته؟ "ورب قائ��ل: إن ه��ذه األفك��ار من ش��أنها أن تثب��ط عزيم��ة النفس وتنفرها. وأن��ا أجيب أن األم��ر يجب أن يك��ون ب��العكس، فتج��د النفس في هذا عينه أقوى البواعث على تثبتها في قصدها. وكيف ذلك؟ ألنها من هذه الص��عوبات عينه��ا تتعلم أن تق��در الحال��ة الرهباني��ة ق��درها، من حيث تب��دو ج��ديرة بك��ل تق��دير وإجالل، ف��ترى فيه��ا حال��ة قداس��ة وكم��ال وخالص، تس��تطيع فيه��ا النفس الرهباني��ة أن تجم��ع ك��ل ي��وم إس��تحقاقات جدي��دة لألبدية، وأن تكدس أكاليل فوق أكاليل بال إنقطاع. هذه النقط��ة الرئيس��ية يجب أن تتمسك بها وحدها وتجعل فيه��ا س��عادتها كله��ا على ه��ذه األرض. لذلك ينبغي للواعظ أن يلح في تبيان ذلك خصوصا، وفي ذلك وحده يجب أن يحصر امتي��ازات الحال��ة الرهباني��ة. فمهم��ا يكن من الب��اقي، وأي ث��وب ألبسناه لنزينه ونرفع قدره، إذا ح��دنا عن اعتب��ار الخالص ه��ذا الجلي��ل، فال أتردد في أن أقول في الحالة الرهبانية واألشخاص الذين ينتحلونها ما كان القديس بولس يقول��ه في ال��دين المس��يحي بوج��ه ع��ام وفي المس��يحيين

169

ال��ذين ينتحلون��ه: إذا ك��ان رجاؤن��ا في المس��يح يس��وع محص��ورا في ه��ذهالحياة فقط فنحن أشقى الناس أجمعين.

"ذلك ما أقوله، من غير أن أخشى معاكسة أحد من الذين لهم بعض إلمام بالحياة الرهبانية، وخصوصا بعض معرفة إختبارية لها. ف��إذا بس��طت لي بش��أنها مس��ألة الخالص وعرض��ت علي ال��دعوة الرهباني��ة كض��مانة للخالص، وذكرت لي فيها محب��ة خاص��ة من الل��ه وعناي��ة خاص��ة من لدن��ه بخالصي، فحينئذ أهتف مع بولس الرسول: أنا ف��ائض ب��الفرح والع��زاء في

جميع المضايق وأصعب المحن الالزمة لحالتي هذه الرهبانية". "وأضيف أيضا مع النبي الملك: إن يوما واح��دا في دي��ارك، ي��ا إلهي، خير من ألف سنة في مس��اكن الخط��أة. فال ب��أس أن أذل��ل في بيت الل��ه هذا، وال بأس أن ألزم فيه المراكز األخ��يرة، وأن أش��عر بجمي��ع مزعج��ات الفقر المدقع، وأن أحم��ل ن��ير الطاع��ة الش��ديد، وأن تك��ون طبيع��تي في��ه مقهورة مع جميع شهواتها؛ حسبي أن بيتي هذا بيت خالص ليكون محموال عندي بل لذيذا ومحبوبا. أنا لست أطلب فيه شيئا آخ��ر وعن��ده تنتهي ك��ل

مطامعي". إذا ك��ان يبس��ط على ه��ذا النح��و موض��وع س��عادة الحال��ة الرهباني��ة، فالفرض راهن وواقعي، وذلك ما يجب أن يصبو إليه كل واع��ظ؛ وإال ق��ال

أقواال رنانة تطرق الفضاء وال تقنع العقول وال تؤثر في القلوب. "وال يجيبن أح���د أن اإلنجي���ل، ومن بع���ده آب���اء الكنيس���ة جميعهم، باستنداهم على أقوال يس��وع المس��يح، يع��دون ال��راهب، عالوة على مئ��ة ضعف في الحياة األخرى، بمئة ضعف أيضا لهذه الحياة، هي ما يش��عر ب��ه ال��راهب من الراح��ة وم��ا يالزم حيات��ه من الع��ذوبات. ص��حيح أن مخلص العالم قد تكلم عن مئتي الضعف ه��اتين، واح��دة للحي��اة اآلتي��ة، واألخ��رى للزمن الحاضر، إذ قال بعبارة صحيحة: ما من أحد يترك من أجلي بيت��ه أو إخوانه أو أخواته أو أباه أو أمه أو حقوله إال ويأخذ مئ��ة ض��عف في الحي��اة وحياة أبدية أيضا في اآلخرة؛ بيد أنه صحيح أيضا أن مئة ضعف هذه الحياة ال يمكن أن تك��ون للنفس الرهباني��ة إال الس��الم ال��ذي تذوق��ه في حالته��ا ويفوق قدره وحده مئة مرة جميع مواريث هذه األرض وكل الخيرات التي

170

تخلت عنها. فهكذا يفسر الشراح نص القديس مرقس هذا ويفهمون وع��د ابن الله. ولكن ما هذا السالم؟ هذا هو الموضوع الجوهري الذي قد تكونة في وهم وضالل بشأنه، فال بد من نزع هذا الوهم من عقوله��ا نفوس فتي

قة ومبالغات باطلة". بدل أن يغذى بأقوال مملههم في ال��وقت عين��ه أن��ه "لما منح يسوع المسيح تالميذه السالم نب ليس سالما كما يحسب العالم ويشتهي. قال ه��ذا المعلم اإللهي: س��المي أعطيكم، ه��و س��المي ال س��الم الع��الم. وس��الم الع��الم ه��ذا س��الم ك��اذب وم��رذول، س��الم كس��ول، رخي، مب��ني على رخ��اء العيش وك��ل م��ا يل��ذ الطبيعة ويرض��ي الحب ال��ذاتي؛ أم��ا س��الم النفس الرهباني��ة فمب��ني على مبادئ غ��ير ه��ذه: على بغض ال��ذات، وتض��حية دائم��ة بالش��هوات الحس��ية واألميال واألهواء واإلرادة الذاتي��ة. فال يس��تطيع ال��راهب أن يك��ون س��عيدا في خلوته إال بقدر ما يعرف أنه يتذلل ويتضع ويص��لب نفس��ه ويقه��ر ذات��ه ويطيع فقيرا وصبورا ومواظبا على العمل، ودقيقا في إتم��ام واجبات��ه، فال يعفي ذاته من شيء، وال يوفر على ذاته تعب��ا، وال يش��فق على نفس��ه في شيء. ذلك كله يكلفه عناء، ولكن العجيب في هذا أنه بق��در م��ا ال ي��راعي

نفسه وال يشفق عليها يشعر بوفرة السالم تفيض في قلبه". "أال نرى أيضا أن الجماعات الرهبانية األك��ثر نظام��ا واألش��د ص��رامة هي التي يكون فيها اإلرتياح أعظم، ون��ير يس��وع المس��يح أع��ذب، وحمل��ه أخف؟ ففيها كل األشياء تتعاون لتنتج هذا اإلرتياح وذلك السكون التام في النفس الرهبانية: تجردها عن ك��ل الش��ؤون البش��رية، وعن ك��ل المص��الح والمنافع التي تولي أهل العالم اضطرابات كثيرة؛ وتسليم ذاته��ا الت��ام بين أيدي رؤساتها ليقودوها بحس��ب أفك��ارهم؛ وه��دوء الض��مير، وإنتظ��ار تل��ك السعادة التي تتوق إليها وحدها وألجلها تعمل كل يوم لتتقدم في الكم��ال؛ وخصوصا عذوبة النعمة التي تمألها. فإن الله، األمين في مواعيده، يتص��ل

بههذه النفس بألف سبيل خفي ويغمرها بأصفى تعزياته وملذاته". "إذا نظرن���ا إلى األم���ور من الخ���ارج م���ا وج���دنا في حي���اة النفس الرهباني��ة إال ك��ل م��ا ه��و متعب ومنفر: الحص��ن، والخل��وة، والص��مت، والخض��وع ال��دائم، والطاع��ة العمي��اء، والق��انون الم��زعج، والممارس��ات المضايقة، واألشغال المتعبة، والتمارين المذللة، والقطاع��ات، واألص��وام،

171

وقمع الجسد. ولكن، تحت الظواهر الق��ادرة أن ت��رعب النف��وس ال��تي لم تلج قط في أعم��اق الحي��اة الرهباني��ة وال تعلمت من محن��ة م��ا أن تع��رف أسرار الله، كم تخفي هذه الحياة القشفة من التعزي��ات، بحس��ب ش��هادةقون ال��رب! وكم من ه��ذه التعزي��ات محفوظ��ة النبي، المحفوظة للذين يت

للذين يحبونه ويخدمونه بالروح والحق!". "لذلك بأعجوبة ال يدركها اإلنسان الحي��واني ولن ي��دركها أب��دا، لكنه��ا تكشف لإلنس��ان ال��روحي ب��الخبرة وال��ذوق المحس��وس، يح��دث أن أه��ل العالم، مع ما لهم من الخيرات الكث��يرة والكرام��ات والمل�ذات، ال يزال�ون مس��تائين ويتش��كون دوم��ا من س��وء حظهم، فيم��ا ال��راهب المتج��رد، المتس��تر، الخاض��ع لس��طلة قاس��ية ولممارس��ات تميت الطبيع��ة، ال ي��زال راضيا عن حاله، يواصل حياته كلها في سالم. وه��ذا الس��الم ال��ذي أح��رزه هو سالم الله. والرسول نفسه الذي ذاقه قبلنا يؤكد لنا أن سالم الله ه��ذا

يفوق كل فهم وال يضاهيه في هذا العالم سالم".ن للنف��وس الرهباني��ة س��عادة حالته��ا. على من هذا الوجه أريد أن تبي هذا التعليم أريد أن يدور التحريض الملح؛ فهذا م��ا ي��ؤول إلى إث��ارة غ��يرة هذه النفوس وس��هرها وحرارته��ا، إذ تعتق��د أن ذل��ك ه��و مص��در س��عادتها،

وفيه ملء تلك السعادة وديمومتها.

2تعزيات الحياة الرهبانية

إن الكالم على تعزيات الحياة الرهباني��ة أدعى إلى اإلرتي��اح. بوس��عنامن عن أن نستقي ما نحن قائلوه من بعض ص��فحات خطته��ا راهب��ات يتكل. ولكن هذه الصفحات قد تح��دث في��ك اآلن رعش��ة الف��رح وتمأل سعادتهن��ان أنحج��اب النعم��ة مآقيك دموعا عذبة، وال تعود ت��ؤثر في��ك بع��د م��دة، إب الحسية، فيتبادر إلى ذهنك أنه��ا كتبت تحت ت��أثير حماس��ة خيالي��ة ملتهب��ة. لذلك نروم أن ندع الحديث للقديس��ين. فكالمهم أه��دأ وأروع، وفي��ه دوم��ا

عون أمين أكيد لحاالت النفس المختلفة.

172

م��ا من أح��د وص��ف تعزي��ات الحال��ة الرهباني��ة أحس��ن من الق��ديس برنردس. فهذا المعلم الش��ديد العب��ادة للع��ذراء القديس��ة يتكلم على ه��ذا النحو: في الحالة الرهباني��ة تك��ون العيش��ة أنقى وأطه��ر، والس��قوط أق��ل وأندر، والنهوض أسرع وأعجل، والسير أكثر تيقظا وتحفظ��ا، والنعم أغ��زر وأوفر، والسالم أوسع، والموت أكثر ثقة بالله، والمطه��ر أقص��ر، واإلكلي��ل

األبدي أجمع وألمع. فلنبحث في هذه الفقر المختلف��ة المعزي��ة واح��دة فواح��دة، ولنب��دل

الجهد لنكشف ما في كل واحدة منها من الكنوز الوفرة. ( النفس الرهبانية تعيش عيشة أنقى فتك22ون اس22تحقاقاتها1)

وافرة ألن كل ما تفعله، تفعله تحت نظر الله، متحدة به تع��الى، ليق��دم ل��ه عز وجل. هي أمة الله، فله تطيع. تعلقت به بنذور الفقر والعفة والطاعة،ه ��ز فما ع��اد بوس��عها أن تنفص��ل عن��ه، وتحت نظ��ره تش��تغل وتص��لي وتتن وتستريح. ليس في حياتها برهة واحدة وال فعل واحد إال بإمرة الله، تقدمه لله. هي تعلم ذلك، وهذه الفكرة التي تسندها في شغلها ومتاعبها، تلزمهاة ص��افية وحب ط��اهر يولي��ان أعماله��ا كله��ا ثواب��ا ال يق��در. ب��أن تعم��ل بني أضيفي إلى هذا الثواب ما تكسبه بواسطة ن��ذورها، ف��تري كم تك��دس من

الثروة وكم تمجد الله. كان أحد المؤلفين األتقياء يقول: ما أجمل صغار أفعال الراهب��ة وم��ا أجزل ثوابها، ف��إن ت��اج أم��يرة ال يض��اهي مكنس��ة راهب��ة تض��عها في ي��دها

قوانينها.( النفس الرهبانية تكون سقطاتها أندر2)

ألن الجدران التي تفصلها عن العالم، والق��انون ال��ذي يمت��د مفعول��ه إلى جميع أويقات النهار والليل، وأنظ��ار رؤس��اتها ال��تي تتبعه�ا ب�ود، وذك��ر حضور الله الذي ال يفارقها إال بصعوية، والمشاغل التي تكاد تك��ون دائم��ة

فتستغرق أوقاتها كلها، هذه جميعها تبعد حتما أسباب الخطيئة.

173

فيا لها من ضرورة سعيدة تلزم النفس الرهباني��ة أن تعيش بم��وجب القانون وبحشمة؛ يا له من قس��ر س��عيد يخض��ع األعض��اء للش��غل ويره��ق

العقل بالتفكير، ويحمل اإلرداة على التوجه إلى الله. كانت القديسة مادلينا دي باتسي تهتف بلهفة، أيتها األسوار الحبيب��ة،

ما أكثر األخطار التي تقيني منها!( النفس الرهبانية يكون نهوضها أسرع وأعجل3)

ألنه���ا تحوطه���ا مس���اعدات ملؤه���ا ال���ود، قوي���ة وفعال���ة: الص���الة واالعتراف، والنصائح والقراءات التقوي��ة، واألمث��ال الص��الحة، واإللهام��ات المقدسة، وتوبيخ��ات الض��مير. هي دوم��ا حاض��رة في ك��ل س��اعة، لتحثه��ا

وتحرضها وتساعدها، وتعزيها وتنهضها وتقويها وتغفر لها. يجب أن تكون الراهب��ة خبيث��ة، ش��ريرة، لتبقى بعي��دة عن الل��ه يوم��ا واح��دا. ففي ك��ل س��اعة يمكنه��ا أن تنهض على األق��ل بواس��طة الص��الة وبفعل محبة أو طاعة يؤهبها إلعتراف جيد. في ك��ل س��اعة وفي ك��ل ي��وم بوسعها أن تلجأ إلى رئيستها لتطلب منه��ا مش��ورة أو رأي��ا أو تش��جيعا. ثم أليس لها في وقت النعم التي تجلبها على جماعة الدير النفوس القديس��ة

التي تسكنه؟قال أحد اآلباء: "إذا سقط راهب، فالله يبادر ويمد له يده لينهضه".

( النفس الرهبانية يكون سيرها أكثر تحفظا وتيقظا4) ألنها تدرك واجباتها إدراكا أكمل، وتشعر بضعفها شعورا أبلغ، وتق��در قدرا أعظم جمال نقاوته��ا، وت��رى خط��ورة ن��ذورها، وتش��عر خصوص��ا بم��ا تسببه من الحزن ليسوع المسيح بأصغر هفوة طوعية. لذلك تسهر بعناية، ولكن بدون إنزع��اج وقس��ر ووس��واس، على نظراته��ا ومخيلته��ا وأقواله��ا؛ وتوصي مالكها الح��ارس بالس��هر عليه��ا وهي تعيش س��عيدة في حض��رته؛ وتواظب عند الصباح على النظر السابق إلى النهار، وفحصها ه��ذا يجعله��ا

تجتنب أسباب السقوط ويزيدها سهرا ويقظة.( النفس الرهبانية تحرز نعما أوفر5)

174

ألنها تعيش حتما في اتحاد أعظم مع الله. فالله مصدر اشعاع تتدفق منه بال إنقطاع نعم ال تحصى. وهذه النعم تنال الخالئ��ق كله��ا نص��يبا منه��ا،

بيد أن التي تسكن بقرب النبع يكون نصيبها أوفر. فالراهب��ة تس��كن بيت��ا يخص الل��ه، وتعيش وتس��تريح هي ويس��وع المسيح تحت سقف واحد، وتتقرب كل يوم من المائدة المقدسة، وتذهب مرات في النهار إلى بيت القرب��ان حيث يس��كن يس��وع المس��يح، وم��رات عديدة في النه�ار تص�لي وتبته�ل وتس�جد وتش�كر وتطلب، ب�ل أن ش�غلها نفسه ال يبعدها عن الله ألنه مفعول بأمر الله وتحت نظر الله... فكي��ف ال

تكون ممتلئة نعما مقدسة؟( النفس الرهبانية تتمتع بسالم أوفر6)

من تراه قادرا على إلقاء الراهبة في االضطراب؟ أليست م��ع الل��ه، وخصوصا أليست لله؟ فقد تسلبها األمراض صحة الجسد، واالفتراءات م��ا كانت تتمتع به من تق��دير واعتب��ار، وق��د تجعله��ا األس��قام غ��ير مفي��دة من الوجه المادي، ويستطيع الشيطان أن يمأل مخيلتها أشباحا هائلة ومخاوف، وقد ال تعود تجد فيها رئيساتها ورفيقاتها، بسماح من الل��ه، س��وى ش��خص مزعج؛ فإذا ظلت مواظبة على إتمام واجباتها على قدر قواها، وإذا ك��انت نفسها وإرادتها لله، وإن بدا لها أن قلبها ليس له تعالى، فبوسعها دوما أن تقول: إني لله، والله لن يهملني أبدا. ومع هذه الفكرة يكون السالم دوم��ا

في أعماق النفس.( النفس الرهبانية تموت في ثقة أوسع7)

الميتة المقدسة هي الواقع األمر المهم... فعلى باب ك��ل دي��ر يمكن أن تنقش هذه العبارة المنقوشة على أبواب أديرة الترابستيين، إذا شقت الحياة أحيانا هنا، فالموت لذيذ! أجل، لذيذ الموت في دي��ر رهب��اني عش��نا فيه عيشة أقدس من عيشتنا في العالم، وكان تجردنا في��ه ثابت��ا متواص��ال، وتعذبنا في بصبر، ومحبتنا فيه أحر وأنشط، ومواظبتنا على الشغل أكمل،

واعترافاتنا وتناوالتنا أقدس وأتقى.

175

كان أحد الرهبان ينازع، واالبتس��امة ال تف��ارق ثغ��ره، فق��ال: كي��ف ال أموت مسرورا؟ فإن الرب قد وعد بالسماء من ترك ألجله كل شيء، وأنا

ه؛ والله مزمع أن يبر بوعده ويحققه. تركت كل شيء ألجل حب وق��ال راهب أخ��ر ه��ذه األق��وال ال��تي تس��تطيع ك��ل راهب��ة مائت��ةأن ترددها هي أيضا، إذا كانت في حياتها متفانية وجارية بحسب القوانين: م��ا

كنت أظن أن الموت يكون بمثل هذه الحالوة!( النفس الرهبانية يكون مطهرها وجيزا مختصرا8)

ألن إبرازها النذور الرهبانية، بحسب تعليم الالهوتيين، ينيله��ا غف��ران العقاب الزمني عن كل الخطايا التي اقترفتها في الع��الم، بحيث تن��ال في ذلك اليوم، إن كانت حسنة االستعداد، وأي راهبة ال تكون مس��تعدة تمام��ا في مثل ذلك اليوم، نعمة غفران تفتح لها أبواب السماء إذا سمح الله بأن

تموت يوم إذ. ثم ألن الهفوات الطفيفة التي تقترف بعد النذور توفي عنها بسهولة الص��لوات العقلي��ة واإلمات��ات والتن��اوالت واألش��غال اليومي��ة والغفران��ات العديدة المالزمة لتمارين الجمه��ور كله��ا على وج��ه التق��ريب؛ وأخ��يرا ألن موت كل راهبة تعقبه صلوات عديدة تق��دمها األخ��وات جميع��ا، وقداس��ات

عديدة تقام ألجل راحة نفسها.( النفس الرهبانية تكسب إكليال أجمل9)

ألن بها إكليل السماء يكون على قدر م��ا ك��ان في النفس الرهباني��ة��راه يحب الل��ه أك��ثر من الحب لله وما بذلت ألجله من التض��حيات. ومن ت من الراهبة؟ فإنها ألجله قد تخلت عن كل ما كانت تحبه: عن أبيه��ا وأمه��ا وإخوتها وأخواتها؛ وعن كل ما كان بوس��عها أن تح��رزه من أف��راح بش��رية وراح�ة مادي�ة ومج��د وتمتع��ات. لق��د أعطت��ه جس�دها وقلبه��ا بن�ذر العف�ة،

وخيراتها ووقتها وشغلها بنذر الفقر، وكيانها كله بنذر الطاعة. ق��ال الق��ديس الف��ونس دي ليغ��وري: ل��و ك��ان أه��ل الع��الم ي��رون المكافأة المحفوظة للراهب�ات ل�تركوا بي��وتهم، ونزل�وا ح�تى عن الع��رش،

ليحجبوا ذواتهم على مثالهن بين جدارن دير ويقفوا ذواتهم لله!176

*** بعد هذه االعتبارات التي تشير عليك بأن تقرأيها وتتأملي فيها، اجثي

على ركبتيك واتلي الصالة التالية:��ة يا يسوع فادي وإلهي، لم��اذا ت��ركت في الع��الم نفوس��ا عدي��دة نقي وشئت أن تمنحني أنا الخاطئة المسكينة نعم��ة تجعل��ني عروس��ك وفتحت

لي أبواب هذا الدير المبارك الذي هو بيتك؟ني بمث��ل ه��ذه النعم��ة الجلى، اجعل��ني إلهي، بما أنك تروم أن تخص�� أقدرها ألكون شاكرة وأقاب�ل محبت�ك بمحب�تي. لق�د آثرت�ني على كث�يرين، أليس حق��ا أن أوث��رك أن��ا على الجمي��ع؟ ت��روم أن تش��ركني في نعم��ك الصميمة، بقبول�ك إي�اي في أس�رتك، أفليس حق�ا أن أعطي��ك أن�ا ك�ل م�ا

أملك وكل كياني؟ل حواس��ي أج��ل، ي��ا يس��وع، إني أعطي��ك علي ك��ل س��لطان. فتقب وأعضائي وقلبي وإرادتي، وال تترك لي عليها شيئا من السلطان. أجل، ي��ا يسوع، في هذه الساعة الس��عيدة ال�تي يت��اح لي فيه��ا أن أن�ذر ن��ذوري، ال أريد أن يكون لي نية غير نياتك، وشوق غير أشواقك، وإرادة غير مشيئتك

القدوسة والجديرة دوما بالعبادة. فإذا تغلب علي تأثير قلبي ولم يدع لي السكون الك��افي ألتقن لف��ظ نذوري التي هي موضوع كل أشواقي، فأنا منذ اآلن أستنكر كل م��ا ينقص من قوتها ومداها في ما أقوله. يا م��ريم أمي. أنت ق��دتني إلى هن��ا، وأنت ساعدتني على تحقي��ق ه��ذه التض��حيات ال��تي ظننته��ا م��دة طويل��ة تف��وق

قواي. فشكرا لك. عما قليل أصير عروسة يسوع، فتصبحين حينئذ أمي أكثر مم��ا أن��تي

يني. آمين. اآلن. فيا مريم أمي، احفظيني، واحميني ودافعي عني وأحب***

177

خاتمة واآلن نلخص ل��ك ه��ذا الكت��اب الص��غير في ص��فحتين يمكن��ك ان

، وقد سميناهما: دستور إيمان الراهبة. تطالعيهما بتأن أومن أن الدعوة إلى العيشة الرهباني��ة من أعظم النعم ال��تي يمكن

أن يمنحها الله للنفس. أومن أن الخالص في العيش��ة الرهباني��ة أس��هل وآمن مم��ا ه��و في العالم، للراهبة الخاضعة لرؤساتها، األمين��ة لقانونه��ا، المتعلق��ة بوظيفته��ا؛ لكنه أصعب وأقل أمانا للراهبة التي تعيش في التراخي والتذمر واإلستياء

العادي. أومن أن ص�لبان الحي��اة الرهباني��ة، إذا حملت به��دو وص��بر وتس��ليم، تخفي تحتها تعزي�ات إلهي��ة تخف��ف وطأته�ا ب�ل تجعله�ا محبوب�ة وخصوص��ا تجعله��ا مجي��دة؛ وإن ه��ذه الص��لبان عينه��ا؛ إذا حملت بع��دم ص��بر وتم��رد

داخلي، تالزمها مرائر تجعلها مرهقة، وخصوصا بال ثواب. أومن أن الراهبة الحقيقية تجد في الدير الذي يأويها فردوسا سابقا، إذ تجد فيه إتمام مشيئة الل��ه بت��دقيق، وص��حبة يس��وع المس��يح، وس��عادة التناول اليومي التي ال توصف، وسعادة أخ��رى تنقص أه��ل الس��ماء تق��وم بأن تبرهن حبها لله ببعض العذابات؛ وأنها تجد في ال��دير راح��ة وس��الما ال يستطيع قول بشري أن يعبر عنها؛ وإن الراهبة السيئة الش��ريرة تج��د في ديره��ا جهنم��ا أولى بوس��عها م��ع ذل��ك أن تحوله��ا إلى ف��ردوس ب��دموعها

وندامتها الصادقة. أومن أن الطاعة الرهبانية حرية حقة، بحسب ما تمارس إرضاء لله،

ال لغايات بشرية أو عن إضطرار. أومن أن الراهبة الفاترة، الرخوة، الجبانة، الناقص��ة، تجع��ل خالص��ها في خطر؛ وأن الراهبة الخاضعة المجتهدة المري��دة الخ��ير للجمي��ع تض��من

يوما فيوما أكثر فأكثر أمر أبديتها العظيم.

178

أومن أن الض��جر في األدي��رة ي��أتي دوم��ا من ع��دم المواظب��ة على الممارسات الص��غيرة، ومن س��هولة االسترس��ال في ت��ذمرات وإنتق��ادات طفيفة؛ وأن العالج األنجع لجميع المتاعب والتجارب ه��و الخض��وع ال��دقيق

والمحبة األخوية وإحترام السلطة. أومن أن الراهب���ة ملتزم���ة بقداس���ة أعظم من قداس���ة الم���ؤمن البس��يط، وأن الخطيئ��ة ال��تي تقترفه��ا تهين الل��ه أك��ثر بكث��ير من خطيئ��ة

تماثلها مؤمن عادي. أومن أن األمانة ألصغر مراسيم العيشة الرهبانية هي مصدر قداس��ة عظيمة، وأن النفس التي تس��هر بح��رص على تجنب أدنى تع��د تح��رز ك��ل

يوم من الثواب واالستحقاقات قدرا عظيما ال يكاد يحد. أخيرا، أومن أن الراهبة األمينة تكون أرفع مرتب��ة في الس��ماء م��دى األبد، بالمجد والسعادة، ومن سائر المختارين؛ وأن الراهبة الهالك��ة تك��ون

هي أيضا أشقى من سائر الهالكين على مدى األبد

179