السابع الفصلالجامعي والتعليم المدمج التعليم

: مروة محمد خليل إعداد إبراهيم.

: د. محمد الباتع.إشراف

-: تمهيد ال شك في أن التعلم في مؤسسات التعليم العالي

يختلف عنه في مرحلة المدرسة. فمؤسسات التعليم العالي تتعامل مع الكبار وهو له خصوصيته من حيث

أن الكبار يتعلمون بطريقة تختلف عن الصغار. ويشير ديمسكي إلى أن جوهر التعليم الجامعي يركز

على ضرورة تعليم الطالب كيف يعلم نفسه وهو ما يحتاجه في بقية حياته بعد إنهاء مرحلة الدراسة.

ويتطلب ذلك قدرة الطالب على إيجاد المصادر التييحتاجها وأن يكون قادرا على الربط بينها

واالستفادة منها بأفضل ما يمكن.

التمهيد

التعليم في مؤسسات التعليم العالي

تترسخ الفكرة أكثر فأكثر لدى التربويين بأنالتعليم هو عملية لالستقصاء واالستكشاف يقوم بها المتعلم بدال من مجموعة حقائق

ومعلومات يتم نقلها من المعلم إلى المتعلم والذي يقوم بدوره بحفظها من أجل

استرجاعها عند االمتحان.

فالعملية التعليمية تمثل خبرة يطور الطالبمن خاللها معارفه وخبراته ليتمكن بعدها من

التعامل مع المواق الحياتية التي تواجهه. لذا، يجب أن ال يكون التعليم مرحليا بمعنى أن

يركز على إعداد الطالب لتجاوز امتحان فقط دون أن يكون هنالك توظيف واستخدام

للمعرفة والمعلومات التي يطورها الطالب خالل الخبرات التعليمية التي يتعرض لها .

ويصبح هذا المنحى أكثر إلحاحا في مرحلة التعليم الجامعي.

يركز التعليم الجامعي على تطوير الفردليصبح قائدا في المجتمع عندما يتخرج وكل

حسب الدور الذي سيقوم به. ولذلك ال يضمن حشو عقل الطالب

بالمعلومات خالل دراسته الجامعية قيامه بالدور الذي سيقوم به في المجتمع بعد تخرجه بما في ذلك القدرة على القيادة

واتخاذ القرارات المناسبة في الوقت المناسب.

وإن المعلومات وحدها ال تكفل تطوير مثل هذه المهارات المعقدة لدى الطلبة.

فالتدريس التقليدي الذي يعتمد على المعلم والتلقين ال يصلح ألن يكون وسيلة لتطوير

مثل هذه المهارات. وعليه، فالطلبة أثناء الدراسة الجامعية

يحتاجون إلى وسائل وخبرات مختلفة تتيح لهم فرصة تطوير مثل هذه المهارات والتي ال

تتأتى إلى من خالل إعطاء الطلبة فرصة للستكشاف والتفاعل واتخاذ القرارات وحل

المشكالت.

فمن خالل المحيط التعليمي الذي يعيش فيهالطالب يجب أن يكون هناك قنوات للتفاعل

بحيث يستطيع الطالب أن يستفيد مما تعلم وأن يتعلم من خبرات اآلخرين ضمن مجموعات

استقصائية تعلمية. وهذه المجموعات تسمى ب مجموعة اإلستقصاء

(Community of Inquiry والتي يتم تشكيلها )من مجموعة من األفراد الذين تجمعهم أهداف

واهتمامات أكاديمية مشتركة والذين يعملون بشكل تاعلي نحو أهداف ونتاجات تعليمية

تعلمية.

وتقوم التكنولوجيا بدور كبير في بناء المهاراتفي القرن االدي والعشرين وتوسيع الشرائح

التي يصلها التعلم باإلضافة إلى تفريد التعليم ليناسب ظروف ورغبات وقدرات المتعلمين.

مع األخذ بعين االعتبار أن الطلبة يألتون إلى التدريس الجامعة ولديهم مهارات استخدام

التكنولوجية المختلفة باإلضاة إلى تقبل للتقنيات والتكنولوجيا الجديدة حتى أن الطلبة الذين يأتون إلى الجامعة اليوم هم من الجيل

الرقمي الذي يتحدث "لغة التكنولوجيا" وأنه من أو ( Net Generation)"الجيل الشبكي"

"مهاجر رقمي" أو "رقمي أصيل".

تشير العديد من الدراسات إلى تنامي االتجاهنحو التعلم المدمج في مؤسسات التعليم المختلفة وخاصة مؤسسات التعليم العالي.

على سبيل المثال، أشارت دراسة أجراها بالمئة من مؤسسات 80اراباسز وبايكر إلى أن

التعليم العالي تقدم شكال من أشكال التعليم المدمج ضمن المساقات المطروحة لديها.

كما أستنتج بونك وكيم وزينخ من خالل دراسة تجريبية أجروها أن هنالك توقعا لدى

المشاركين بأن يزداد استخدامهم للتعليم المدمج وبشكل كبير في السنوات القليلة

القادمة.

مؤسسات التعليم العالي في ضوء التطور التكنولوجي المتسارع

تتطور التكنولوجيا بشكل متسارع مما يضععبئا� على كاهل الجامعات لتبقى مواكبة لهذا

التطور من خالل تطوير البنية التحتية المناسبة للتطور التكنولوجي باإلضافة إلى

تحديث التكنولوجيا المستخدمة من جهة وشراء تكنولوجيا حديثة أخرى من جهة أخرى.

إال أن التطور الهائل في مجال التكنولوجيا يشكل تحديا للمدرسين وللمؤسسات على حد

سواء.

فقد يجد المدرس نفسه غير قادر علىمواكبة التكنولوجيا المختلفة من ناحية

تعلمها ومن ناحية تطوير المصادر اإللكترونية مع الحفاظ على المحاضرات الصفية

التقليدية األسبوعية وهي في الغالب ما تشكل عبءا بحد ذاتها.

قد يكون التطور المتسارع ومن ناحية أخرى ،في مجال التكنولوجيا تحديا للجامعات من ناحية

تطوير االستراتيجيات والخطط إلدخال التكنولوجيا الحديثة في العملية التعليمية

وتأهيل العاملين لديها من أجل االستخدام الفعال لهذه التكنولوجيا باإلضافة إلى عبء

التكلفى المادية الكبيرة التي من الممكن أن ال تستطيع العديد من هذه المؤسسات تحملها.

قبل سنوات قليلة شكل استخدام اإلنترنت من قبلالطلبة ضغطا� كبيرا� على الجامعات من أجل توفير اإلنترنت للطلبة من خالل توفير عدد مناسب من

مختبرات الحواسيب الموصولة بالشبكة. ويتطلب هذا األمر الكثير من الترتيبات وإعادة

تشكيل بيئة التعلم التي تستوعب هذه التغييرات. وسعت الجامعات إلى توفير اإلنترنت للطلبة

الستخدامها في مجال البحث والوصول إلى المعلومة وكذلك استخدامها في عملية التواصل.

وقد شاع انتشار اإلنترنت واستخدامها في العملية التعليمية بما ساهم في إحداث نقلة نوعية جوهرية

ساهمت في االنتقال بها إلى فضاءا جديدة.

إال أن السنوات األخيرة شهدت انتشارا كبيرا( Laptopالستخدام الحاسوب المحمول )

وأصبحت أعداد كبيرة من الطلبة لدهم حواسيبهم الشخصية المتنقلة.

وهذه األجهزة الصغيرة المحمولة فيهاإمكانيات كبيرة جدا من الممكن استخدامها

في التعلم وغيره. فجميع الحواسيب الديثة لديها إمكانية

االتصال ال سلكيا باإلنترنت عند توفر تغطية للمكان الذي يتواجد فيه الطالب.

لذلك، خف الضغط عن مختبرات الحاسوب وانتقل الضغط على الجامعات لتوفير تغطية ال

سلكية لالنترنت بحيث يتمكن الطالب من استخدام حاسوبه الشخصي للدخول إلى

اإلنترنت باإلضافة إلى توفير البنية التحتية المناسبة الستخدام هذه األجهزة .

مثل ضرورة توفير أماكن لشحن البطاريات وكذلك توفير مقاعد في أماكن متعددة تتيح

للطالب استخدام اإلنترنت بأريحية خارج الغرفة الصفية وخارج مختبر الحاسوب.

وكخطوات على طريق التحول باتجاه التعلمالمدمج والتعلم اإللكتروني فإن العديد من

الجامعات تستحدث مراكز خاصة في تطوير المواد اإللكترونية من خالل مساعدة مدرسي المواد

المختلفة على استخدام التكنولوجيا الحديثة من أجل تطوير المنهاج.

ومن خالل هذه المراكز يقوم المدرس باالستعانة بخبراء في مجال البرمجيات والوسائط المتعددة

ليطور مادته بما يتيح له نقل تلك المادة عبر اإلنترنت أو من خالل أي وسيلة حديثة تخفف

العبء عن اللقاءات الصفية أو تحل محلها كليا. فعلى سبيل المثال، استحدثت جامعة ألبيرتا في

كندا وحدة خاصة فيها تحت مسمى وحدة Academicالتكنولوجيا األكاديمية من أجل التعلم )

Technologies for Learning.)

وتقدم هذه الوحدة خدمات متعددة تتمثل في :

تطوير المحتوى التعليمي يعتمد الوسائط المتعددة ونقله وتقيمه كذلك تقديم الدعم

الفني واالستشارات والتدريب على استخدام التكنولوجيا المختلفة من أجل تحسين العملية

التعليمية التعلمية. وحديثا تم استحداث وحدات وأقسام مشابهة في الجامعات العربية بشكل

عام واألردنية بشكل خاص تقوم بتقديم خدمات مماثلة.

فعلى سبيل المثال، استحدثت بعض الجامعات األردنية عمادات خاصة باإلشراف على التعلم

اإللكتروني فيها بينما قامت جامعات أخرى بتشكيل أقسام وإدارات ولجان خاصة به.

ومن شأن ذلك أن يقدم الخبرات والمعداتلألقسام األكاديمية وللمدرسين من أجل تطوير المحتوى اإللكتروني الخاص بهم

وللمواد المختلفة. ومن المتوقع أن يؤدي هذا إلى إمكانية تقديم

المواد اإللكترونية التي يتم تطويرها عن بعد، ما ينقل التعلم تلقائيا إلى التعلم المدمج

عندما يستخدم المدرسون المواد اإللكترونية لتحل محل التدريس الصفي المباشر.

مجموعات االستقصاء والتعلم المدمج

هناك اتفاق على أن التعلم يصبح أكثر فاعليةعندما يكون نشطا وله معنى بالنسبة للمتعلم وهذا ما يقع في صلب اهتمام التعلم المدمج.

لقد أصبح النمط السلبي في التعلم غير فعال في عصر تكاثرت فيه وسائل التشتيت التي

تؤثر على الطالب بما يجعل قضية المحافظة على انتباه واهتمام الطالب بالمواقف التعليمية

السلبية أمرا في غاية الصعوبة. لقد أصبح في حياة الطالب الكثير من العوامل

التي تؤثر في تركيزه على الخبرات التعليمية وخاصة السلبي منها.

هناك تقارب منطقي بين التعلم المدمجوالتعليم العالي ومجموعات االستقصاء تقدم مجموعات التعلم هيكلية للتعليم المدمج في

التعليم العالي. من ناحية، اعتماد مجموعات التعلم في التعليم

العالي من خالل التعلم المدمج يعيد للتعليم العالي كثيرا من روحه ذلك أن "المجموعات"

(Communities تستوعب الطبيعة اإلجتماعية )للتعليم وأهمية دور دور التفاعل والتعاون

والحوار في بناء المعرفة .

ومن ناحية أخرى، يسهل التعلم المدمج تكوينمثل هذه المجموعات ضمن برامج التعليم

العالي وذلك باالعتماد على تكنولوجيا االتصال والمعلومات بما يوسع شبكة التعلم لتمتد إلى أي مكان تتوافر فيه تكنولوجيا االتصال خارج

قاعة المحاضرات. وتعرف مجموعة االستقصاء التعليمية على أنها

مجموعة متماسكة ومتفاعلة مكونة من أعضاء تجمعهم غايات واهتمامات أكاديمية ويعملون

بشكل تفاعلي نحو تحقيق أهداف ونتاجات تعليمية تعلمية محددة من خالل تحليل

المعلومات.

عناصر مجموعات االستقصاء ومبادئها

تتكون مجموعة االستقصاء من ثالثةمبادىء أساسية :

– االنفتاح .1 – وجود هدف واضح ومحدد للمجموعة .2 – االنضباط .3

– االنفتاح1 – االنفتاح :1 من ناحية االنفتاح ، يجب أن تعطي المجموعة

حرية ألعضائها لالستكشاف والسؤال وبناء المفاهيم.

فإذا كان التعلم يرتكز على االستقصتء فإنفالبد من أن يكون التركيز على السؤال وليس

مجرد األجوبة. فيجب أن يعطى المتعلمون الفرصة ألن

يتعلموا بطرق مختلفة وأن تكون لديهم الحرية الكافية ليطرحوا أسئلة حتى فيما يعتقد بأنه

مسلمات لدى العامة.

– وجود هدف واضح ومحدد للمجموعة2

– وجود هدف واضح ومحدد للمجموعة :2أما فيما يتعلق بالهدف للمجموعة، فالمجموعة

ال تكون مجموعة تعليمية تعلمية استقصائية إذا لم تعمل ضمن إطار محدد من األهداف التي

تسعى المجموعة من خالل أعضائها لتحقيقها.

– االنضباط3 – االنضباط : 3 أما من ناحية االنضباط، فيجب أن تكون

المجموعة منضبطة ضمن األهداف التي وضعت لها.

فاألعضاء في المجموعة يمتلكون مهارات االستماع وتوضيح أفكارهم وآرائهم والدفاع عنها بمنطق سليم ضمن األطر العامة التي

يتم تحديدها للمجموعة.

خالصة

يبدو أن التطور الطبيعي للتعليم الجامعي يدفعباتجاه التعلم المدمج.

فالمزاوجة بين نمطي التعلم التقليديواإللكتروني يوفر الكثير لمحاور العملية التعليمية جميعا. فالفائدة تكون عظيمة للمؤسسة التعليمية

وللطالب وللمعلم على حد سواء. ينبغي أن تحافظ مؤسسات المجتمع، ومنها

الجامعات، على ديناميكية ومرونة للتعامل مع التطورات المجتمعية األخرى. فانتشار التكنولوجيا بشكل كثيف في نواحي الحياة المختلفة قد ال يدع

مجاال للجامعات إال أن تتعاطى بإيجابية مع هذا الواقع دون أن تفقد التركيز على النواحي

التعليمية األكاديمية وتوظيف إمكانيات التكنولوجيا من أجل إعداد القادة للمستقبل.