418
رق ط رق ت ف م ات اف ق ث ل ا ة ي ل و ي ر ك ل ا ن ع لات ا ق م1

كتاب مفترق طرق الثقافات

Embed Size (px)

Citation preview

مفترق طرقالثقافات

مقاالت عن الكريولية

للكاتب النرويجي: توماس هيالند أركسن

ترجمه إلى العربية: محيي الدين عبد الغني

0141515021تليفون: القاهرة:

004741042790 أوسلو:

[email protected]بريد الكتروني:

كتاب مفترق طرق الثقافات

1

Kulturelle Veikryss (Culturel Crossroads)

مقاالت عن الكريولية الثقافية

Essays om kreolisering (Essays on creolisation)

للمؤلف النرويجي توماس هيالند أريكسن

By the Norwegian anthropologist prof. Thomas Hylland Eriksen

ترجمه من النرويجية مباشرة إلى العربية

محيي الدين عبد الغني

ناشر النسخة النرويجية

Universitetsforlaget, Oslo 1994 ( The University Publisher, Oslo – Norway)

An English Abstract

Cultural crossroads. Essays on creolisation kreolisering.

This is a collection of essays that I feel personally rather strongly about. It came about partly as a by-product of anthropological field work: in the field, one inevitably hoards masses of material which can never be properly exploited professionally -- the ambience of a setting, smells, sentiments, personal encounters, non-topical issues -- and which have found an outlet in those parts of the book which might be classified as travel essays. The book is also, however, meant as a sustained theoretical reflection on the notion of culture and ways in which it needs to be reconceptualised. The places I describe -- Brussels, Bombay, Trinidad, Mauritius -- are crossroads where discrete strains meet, mix and mingle, where culture needs to be conceptualised as an unbounded flow rather than as a bounded entity. Those four central essays

2

are thus wrapped in three theoretical essays: one on the coral reef metaphor for culture versus my own notion of culture as a magnetic field; one on the "Friday syndrome" or the cultural inferiority complex of Third World societies; and finally, one on the deterritorialisation of culture, its ongoing delinking from spatial constraints and the reconfiguration (and reconceptualisation) of cultural difference at the end of the millennium.

The final essay, admittedly not the most accessible text in this collection, but in my view the most important one.

There is an essay handling the relation between Europe and Muslims, written specially for the Arabic translated book. It is found only in Norwegian and its translation to Arabic.

Thomas Hylland Eriksen

مقدمة الطبعة النرويجية

كتب هذا الكتاب بعد فترة طويلiiة من مراقبiiة مiiا يحiiدث من تغiiيرات في المجتمiiع النرويجي. ويمكن اعتباره خطوة في محاولة لرسم خريطة إبحiiار لسiiفينة المجتمiiع بدرجة مناسiiبة من الدقiiة والوضiiوح؛ بحيث تصiiل إلى الطريiiق السiiليم في محيiiط

عالمنا الحديث.

هذا الكتiiاب – أيضiiا- نتيجiiة لفكiiر شخصiiي أكiiثر منiiه "ورقiiة بحثيiiة" (مونiiوجراف،monographوiiك فهiiافة إلى ذلiiفي "علم اإلنسان"، أو علم االنثروبولوجيا. باإلض (

للكتابة عن أماكن لي معها ذكريات وروابط روحية. لقد كتبت عن موضوعات تشغلفكرى بدرجة كبيرة:

كيiiف تكiiون العالقiiة بين القiiوّي� والضiiعيف؛ عنiiدما تختلiiط الحضiiارات أو الثقافiiاتالمختلفة؟ و

3

ما هو عمق واتساع الفروق بين الثقافات، والحضارات المعاصرة ؟ و

هل يمكننا إزالة الحوائط العازلة "بيننا" - نحن النرويجيين- وبين "اآلخرين" ؟ و

ما أسباب نشأة وتولد الشعور "بالهوية الشخصية"؟

تماما مثل كثير من الباحثين في األنثروبولوجيا، والمهتمين بدراسة ثقافة المجتمعات اإلنسانية، أحسست – ولفترات طويلة– بعدم الراحة، والقلق، من استخدام أسiiاليب تعبير تتكرر في لغة حوار المجتمع النرويجي عن "الحضارة والثقافiiة". ومن خiiبرتي العملية تبين لي إن عرض المشاكل الثقافية، والحديث عن الحضارات األخرى؛ غالبا ال يأتي في إطار التعبير الصحيح. مثل هذه األساليب اعتبرها أنا؛ مصiiطلحات قوميiiة�ر، بالطول أو �ع�ب متعالية. المعروف إن المجتمعات اإلنسانية تتشكل أو تتحلل، عندما ت العرض؛ "الحدود الثقافيiiة". مجموعiات بشiرية ضiخمة تنتقiل من مكiiان إلى أخiر، القليiiل النiiادر – أو قiiل البعض- من المجموعiiات العرقيiiة، هي الiiتي تنغلiiق داخiiل حiiدودها الخاصiiة. وبiiالرغم من هiiذا االنغالق؛ فسiiوف تجiiد الكثiiير من الفiiروق

واالختالفات داخل كل مجموعة.

لقد كتبت من قبل كتبا عن النرويجيين، وكيف يقيمون عالقاتهم بالمهاجرين األجiiانب القiiادمون من الخiiارج، والiiذين بقiiوا في البالد ويقيمiiون معنiiا. وكتبت أيضiiا عن

)،nationalism(العالقات بين األعراق المختلفiiة، وعن الشiiعور القiiومي المفiiرط الiiذّي يوجiiد في أمiiاكن مختلفiiة في العiiالم. وكثiiيرا مiiا عiiبرت بصiiوت عiiالي عن تحفظاتي على التعبيرات والمصiiطلحات الiiتي تسiiتخدم في الحiiوار، والiiتي تحiiاول وصف الحضارات األخرى بالد�نو، ومحدودية القيمة. وفى هذا الكتiiاب اخiiترت زاويiiة مختلفة قليال عما هو متداول لفهم المشاكل االجتماعية ومعالجتها. فبiiدال من توجيiiه االهتمiiام إلى الجiiوانب السياسiiية واالجتماعيiiة عنiiدما تتالقى الثقافiiات واألعiiراق المختلفة بعضها ببعض، اخترت أن اكتب عن الحيوية والنشاط واإلبiiداع الiiذّي يتولiiد نتيجة هذا االختالط، لكني لم أنسى االختالفات التي يمكن أن تولد التناقض. واخترت أمثلة من التعدد والتنوع اللiiذان تتمiiيز بهم أمiiاكن في العiiالم التقت فيهiiا حضiiارات

.عنiiد المفiiترق تتالقى*مختلفiiة، أو دعنiiا نقiiول أمiiاكن " مفiiترق طiiرق الثقافiiات " التيارات المختلفة، وتختلط، ونتيجة لهذا التقاطع يتولiiد خالفiiات، وتبiiاين بين بعضiiها البعض. لكنه في نفس الوقت تؤثر في بعضها البعض، ويتولiiد ردود أفعiiال. وبسiiبب "العولمة" فإنiiه ينشiiا على الiiدوام "مفترقiiات طiiرق ثقافيiiة" في أنحiiاء كثiiيرة من العالم. نقط التالقي هذه، ليست خالية من المشاكل، وبالتالي فعلينا أن نحiiاول فهم مiiاذا يحiiدث ويiiدور حولنiiا. هiذه الظiاهرة أصiبحت صiفة متكiiررة، وممiيزة لوقتنiiا المعاصر الحالي. وحتى نتمكن من فهم هذه المتغيرات واألحوال؛ نحتاج إلى عدسiiة مكبرة، من الواجب أن تكون جديدة. وكiذلك نحتiاج إلى أسiاليب أخiرى، خاليiة من األحكام المسبقة، للتعبير عن بعض المفاهيم الجديiiدة. ولiiذلك فiiدعوتي واقiiتراحي- الذّي ادعوا إليه بكثير من التواضع والصدق الخiiالي من الريiiاء- هiiو أن نiiولى أهميiiة كبيرة للتواصل، ونعتبر التعايش قاعدة أساسiiية يبiiنى عليهiiا المجتمعiiات اإلنسiiانية.

.هذه هي الترجمة الحرفية لعنوان الكتاب بالنرويجية – المترجم *

4

بمثل هذه الطريقة في التفكير ال يكون التاريخ هو الذّي يخلق الثقافة المشتركة بين البشر، لكن القدرة على التفاهم بين البشر؛ هو الذّي سيصiiبح العامiiل الحاسiiم في صناعة المجتمع البشرى. إن أمنيتي وأملى؛ أن تفتح هذه المقiiاالت عن "الكريوليiiة"

)creolization( .الطريق لتفكير في خلق ثقافة وترابط اجتماعي مشترك

في النهاية، أتقدم بالشكر واالمتنان لمستشارّي الناشر الiiذين أعطiiوني نفحiiات منالتشجيع لهذا االتجاه من التفكiiير الصiiحيح. كiiذلك الشiiكر للسiiيدة "بiiريت برجiiا" (

Berit Berge) تيiiيد ادواردو ارشiiا للسiiكر أيضiiدائم. والشiiلتعاونها ال (Eduardo Archettiواراتهمiiة لحiiارج الجامعiiل وخiiلزمالئي من داخ ¦ ) لسخائه الفكرّي. وأخيرا

العلمية معي والتشجيع الدائم لي.

توماس هيالند اريكسن

1994أوسلو، سبتمبر

Thomas Hylland Eriksen

مقدمة المؤلف للطبعة العربية

لقد مرت سنوات منذ أن نشر كتiiابي "مفiiترق طiiرق الثقافiiات" باللغiiة النرويجيiiة، ومنذ ذلك الحين ألفت ونشرت أكثر من عشرين كتابا، بعضiiها بالنرويجيiiة، واألخiiرى باإلنجليزية، إال إن هذا الكتاب مازال هو المفضل عندّي. نعم، إنني مiiازلت أزعم: إن الفكرة والرسالة التي جاء بها الكتاب؛ مافتئت تمثل األفكار األكثر أهمية في عالمنiiا المعاصiiر في القiiرن الواحiiد وعشiiرين، عمiiا كiiانت عليiiه في النصiiف الثiiاني من التسعينيات في القرن الماضي. ومن الواجب علينا أن نعiiترف ونقبiiل- أكiiثر من أّي وقت مضى- إن الثقافات ليست "نقية"، وذلك بمعنى أنها- أّي الثقافات- تستعير من بعضها البعض. والكثير منها ناتج خلط، ومزج، وذوبان، بعضها ببعض. وعلى البشiiرية تعلم الiiدرس التiiالي: إن الكiiرم في عطiiاء وتiiزاوج الثقافiiات مiiع بعضiiها البعض، وانفتاحها على بعضها البعض؛ هي عمليات شديدة الفائدة، وتمثل ضرورة في طريق

التطور اإلنساني الطويل.

اليوم نقiiف على مفiiترق طiiرق، فلiiو نظرنiiا إلى الواقiiع العملي؛ لوجiiدنا تiiوترا في العالقة بين الغربيين والمسلمين. وكال الطرفين، يميل إلى التحفظ، والريبiiة، ويتخiiذ المواقع الدفاعية، التي تعبر عن التخوف أكثر من الثقiiة، والتiiوجس والiiرعب؛ أكiiثرير العالقiiة بين �iiه وتسiiتي توجiiمنه فضول وقلقل. هذه المشاعر واألحاسيس، هي ال المسلمين من ناحية، وبين األوروبيين واألمريكيين الشماليين من ناحية أخiiرى. هiiذه الريبة موجودة على كل مستويات الجيولوجيا السياسية يراها ويرصدها المرء؛ سواء

كان في بازار من بازارات القاهرة، أو في مدينة أوروبية كبيرة.

5

إن مستقبل البشiiرية يكمن في، إمiiا أن يقبiiل التنiiوع الثقiiافي؛ أو ال يكiiون مطلقiiا. وعلينiiا بالتiiالي أن نفهم ونعي، إن عمليiiات التمiiازج الحضiiارّي، وتiiزاوج وانiiدماج الثقافات؛ ينتج عنهiiا ردود أفعiiال. وهiiذه أهم رسiiالة يحiiاول أن يبينهiiا هiiذا الكتiiاب. وعلى المجتمع – أّي مجتمع- أن يتفهم؛ إن من الممكن أن تكون لiiه "هويiiة ثقافيiiة"

آمنة مطمئنة سليمة؛ دون الحاجة إلى فرضها على اآلخرين.

نعم، لقد أصiiبح من الضiiرورّي في عالمنiiا، أن نقبiiل وجiiود "آخiiرون"؛ لهم أسiiلوب معيشة مختلف، ويسير تبعا لمبادئ وقيم مختلفة نوعا ما؛ عما ارتضيناه ألنفسنا. هذا

وإال؛ فإن البديل إما العزلة أو العنف.

وبينما مازلت م�صرا على الزعم؛ بأن موضوع هذا الكتاب صالح اليوم مثلما كiiان في التسiiعينيات، وربمiiا أكiiثر، في نفس الiiوقت، فعلى� أن أسiiجل مالحظiiة مهمiiة: إن النسخة العربية، تحوى فصال كامال لم ينشر، في أّي مكان آخiiر. إنiiه الجiiزء مiiا قبiiل األخiير من الكتiاب، وهiو بعنiوان: " االحiترام واإلهانiة: أوروبiا والمسiلمون ". هiذا

�تب بعد أحداث سبتمبر ( ) التي وقعت في الواليات المتحدة،nine-elevenالفصل ك وبعد نشر الرسوم الساخرة (الكاريكاتورية) من النبي محمد (عليه الصالة والسالم)،

Theoوبعد قتل� (المخiiرج الهولنiiدّي) " تيiiو فiiان جiiوخ" ( van Goghدأiiد بiوبع ،( حiiروب الواليiiات المتحiiدة في أفغانسiiتان والعiiراق، وبعiiد قنابiiل حiiزب اللiiه على إسرائيل، ورد إسرائيل الوحشي عليها. إننiiا نعيش في زمiiان نسiiتطيع وصiiفه بأنiiه: "ليس األفضل"، لو أردنiا اسiتعمال أسiلوب رقيiق معتiدل للتعبiير، ولهiذا كiان من�بنى على الثقiiة المتبادلiiة، وعلى الضرورّي أن نبين إن عالما آخر يمكن بناؤه. عالم® ي تعارف أكثر لبعضنا البعض، وعلى احترام اآلخرين، الذين فضلوا اختيار أسلوب حيiiاة

مختلف، عن أسلوب حياة اآلخرين.

و بكل تقiiدير أتوجiiه بشiiكرّي إلى مiiترجم كتiiابي: محiiيى الiiدين عبiiد الغiiنى، الiiذّي استطاع أن يجعل النسخة العربية من "مفترق طرق الثقافات" واقعا ممكنiا. وأكiرر إن الحوار بين الثقافiiات المختلفiiة، والمعرفiiة عن بعضiiنا البعض، عiiامالن شiiديدان األهمية للتقارب والتفاهم. وليكن هذا الكتاب خطوة صغيرة في الطريق قiد بiدأ من النرويج، أو اسكندنافيا. ويبقى الرجاء والتمiiني أن أرى وأقiiرأ مترجمiiات جديiiدة من

العربية إلى اللغة النرويجية في السنوات القليلة القادمة.

توماس هيالند أريكسن

2011 أوسلو في ربيع

6

محتويات الكتاب

الجزء األول

الجزيرة الثقافية المفقودة

الجزء الثاني

المقال األول " بومباّي: المدنية المفرطة، النموذج الهندّي"

المقال الثاني "موريشيوس: اإلنسالخ والمعجزة"

المقال الثالث "ترينيداد: الكريولية في أعلى درجاتها"

المقال الرابع "بروكسل: من يرغب في الموت من أجل أوربا؟"

الجزء الثالث

المقال الخامس "عقدة جمعة: عن االقتصاد السياسي عندما تتقابل الثقافات"

المقال السادس "بين االحترام واإلهانة: أوربا والمسلمون"

المقال السابع "ال مكان، وال جدران، وال ضوضiiاء بيضiiاء.. خطiiوة نحiiو عiiالم واضiiحنسبيا"

***

7

الجزء األولالجزيرة الثقافية المفقودة

I ما هذا الiذّي بiدأ في الحiدوث للفiروق الثقافيiة، بين المجتمعiات، في زمننiا

المعاصر؟

Jose (*تغيرات تبدو شديدة الضخامة، منذ أن وجد "جوزيف كونراد كiiiورتس"ph Conrad Kurtzيةiiنفسه في مجاهل أفريقيا، خالل رحلة خطرة وقاس (

), إظهiار رجولتiه،Hemingway(*في البر والبحر. ومنذ أن حاول "همنجواّي" ) افريقيiiا الشiiرقية في نفس الiiوقتSafariوفتوته؛ بالسفر إلى "سiiفارّي" (

تقريبiiا. اليiiوم، ربiiات الiiبيوت القاطنiiات في القiiرى والنجiiوع اإلسiiكندنافية يزورون "سفارّي" افريقيا الشرقية، بشكل شبه عادى. وأبناء أحفاد "كiiونراد" األفارقة – على األقل البعض منهم، يمتطون الطائرة؛ حiiتى يعرضiiوا مشiiاكل

مجتمعاتهم الثقافية في األمم المتحدة في نيويورك.

إن مiiiiا يبiiiiدو واضiiiiحا اآلن، أن معظم " الفiiiiروق الثقافيiiiiة " بين األمم، والمجتمعات اإلنسانية، آخذة في االندثار. ويبدو أننا – نحن البشر- آخiiذين في التشابه، والتماثل مع بعضiiنا البعض. القبائiiل والمجتمعiiات البشiiرية البدائيiiة، يزج بهم في المدارس والجامعات، ويتقلدون أعماال ومناصب في المؤسسات المختلفة، وأجبروا على استخراج بطاقات إثبات الهوية الشخصية، واسiiتخدام التليفونiiات المتنقلiiة، ويواظبiiون علي مشiiاهدة آخiiر مiiا عiiرض من األفالم

السينمائية.

M( *) – على حد تعبير "ماكس فيبر" disenchantmentإنه "سحر جميل" (ax Weberاكiiد هنiiوم. لم تعiiالم اليiiه على عii؛ ذلك الذّي بدأ يفرض نفس(

أسرار وغرائب. مناطق العالم االستوائية، وسكانها البسطاء، تبددت بiiراءتهم، وسجيتهم. واستبدلوا قارب البوص الذّي يستكشفون به أخبiiار العiiالم؛ براديiiو

متنقل. وأصبحت غابات العالم االستوائية مقلبا لقمامة العالم الغني.

تبعا لمثل هذه الرؤيا، نستطيع القول: إن العiiالم أصiiبح خاليiiا من األمiiاكن "المثiiيرة للدهشة"، وأنه ال يوجد جماعة أو قوم من البشر؛ لم تمسسهم يiiد التغيiiير. إن هiiذه�سو�ق بأنها "مثيرة"، والتي تجذب الماليين من السائحين الراغبين في الرحالت التي ت

) روائي بريطاني الجنسية، بولندّي الوالدة. عمل كثيرا كبحار1924 – 1857كونراد كورتس، ( ** مما أثر على أعماله األدبية، والكثير من رواياته المتعددة تركز على اكتشاف الجانب المظلم من

)، و"نوسترومو"(Heart of Darkness -1902الطبيعة االنسانية. ومن أعماله: "قلب الظالم"(Nostromo – 1904) "و"فرصة ،(Chance – 1913وبالرغم من أن لغته األجنبية األولى كانت (

. كان ألعماله تأثير كبير على1886الفرنسية؛ إال أنه كتب باالنجليزية، وأصبح مواطنا بريطانيا في فن الرواية واالبداع الحديث – المترجم

–1954ارنست ميللر همينجواّي، روائي أمريكي معروف، منح جائزة نوبل في اآلداب عام **المترجم

–1961، وتوفي 1899ماكس فيبر، باحث اجتماع ألماني، ويعتبر أحد مؤسسي هذا العلم. ولد **المترجم

8

المغiiامرات الجميلiiة، واألسiiاطير الم�شiiوقة، أصiiبحت صiiناعة سiiياحية فحسiiب. وأصبحت المعالم الثقافية القديمة، عبارة عن أفراد من البشر يتقاضون رواتبهم من منظمي الiiرحالت في الشiiركات السiiياحية والمتعiiاملين معهم من أهiiالي المنiiاطق السiiياحية، فيلبسiiون المالبس الشiiعبية، ويرقصiiون الرقصiiات الفلكلوريiiة، ويعiiود

C (*" جيرتزالسائحون ويحكوا ما رأوا من عجائب م�شوقة. لقد عبر عن ذلك "كليف�وردlifford Geertz ،(وهو واحد من المدافعين عن حقوق اإلنسان، في مقال نشر عام

: "خالل تاريخ علم األنثروبولوجي كله - والذّي يكون طويال إذا مiiا حسiبنا منiiذ1994 ) – ، كiiان العلمTylor)، وقصيرا إذا ما حسiiبنا من " تيلiiور" (Herodot"هيرودوت (

مهتما ومنشغال بدراسة الفروق في أساليب حياة المجتمعات البشiiرية. وفى أوقiiات معينة، حاولوا أن يعللوا هذا التعدد والتنوع بأساليب مختلفة، وحاولوا أن يضعوها في إطارات من نظريات عامة عالمية، من مثل: مراحل التطور، المشiiترك - سiiواء فيالتفكiiiير أو األسiiiلوب – بين البشiiiر، أو حiiiتى أشiiiكال من تفسiiiيرات غيبيiiiة (

Transcendental Former،ليiiدائي األصiiراز البiiة، الطiiة االجتماعيiiل: البيئiiمث ( والقواعد المبهمة. وفى أوقات أخرى، استخدموا تصiiنيفات لهiiذه الفiiروق، وصiiفوها بأنها: متميزة، استثنائية، ال يمكن مقارناتهiا، وكيiiف نقiارن بين رأس الكiiرنب ورأس¦، هiiو انiiه ¦؛ تعلم المتخصصون في علم االجتماع أسلوبا جديدا الملك! ولكن حديثا جدا من الممكن حصر هذه التنوعات والتعدد داخل طيف أصغر وغير متباين الحدود. إننiiا

headعلى وشك؛ أن نرى عالمiiا ال يوجiiد فيiiه مجتمعiiات من "صiiائدّي الiiرؤوس" (hunters) أو قبائل فيها المرأة هي قائد األسرة ،(matriarchelذينiiؤالء الiiأو ه ،(

يستطيعون التنبؤ بأحوال الطقس بدراسة أمعiiاء الخiiنزير. الفiiروق بين المجتمعiiات البشرية ستبقى دائما موجودة - الفرنسيون لن يأكلوا الزبد المملح. ولكن تلك األيام

القديمة الجميلة التي تحرق فيها األرامل، وأكل لحوم البشر قد اختفت، ولألبد.

Culturalأسلوب آخر لفهم لهذه العمليات الثقافية ( Processالمiiبغ عiiتي تصiiال ( اليوم، فبدال من التركيز عليهiiا، وإطالق المصiiطلحات والمسiiميات عليهiiا، ومحاولiiة تسويقها، يكون من األفضل توجيه ضوء البحث ناحية أطرها الثقافية التي تتبلiiور في وقت يتزايد فيه - بشدة - االختالط بين عادات وتقاليiiد كiiانت نسiiبيا معزولiiة. نتيجiiة�و�لد بعض الظواهر التي تسمى، وتصنف اليiiوم تحت مصiiطلحات مثل هذا االختالط ت وتسميات، من مثل: موسيقى افريقية- فرنسية، شiiعر هنiiدّي غiiربي- بريطiiاني، فن نحت أيسلندّي- أمريكي، وعائالت جامبية – سويدية، ففي يومنiiا هiiذا؛ توجiiد "ثقافiiة شبابية" في أحياء شرق العاصمة أوسلو توجد فيهiا من أوجiه التشiابه، والمشiترك،

) األمريكية؛ أكثر مما لها من مشتركBrooklynمع أوساط شبابية في "بروكلين" ( مع أوساط شبابية تتواجد في غرب العاصمة أوسلو. إن الفiiروق الثقافيiiة في عiiالم اليوم لم تعد مرتبطة بالمكان بالتأكيد، مهما كانت المسافات البعيدة. هذا االشiiتراك الثقافي ال يرجع فقط لتطور التقنية الحديثiiة للمعلومiiات، ومحطiiات البث الفضiiائي التي تنشر ثقافتها عبر األقمار االصطناعية. فقبل حديث الiرئيس األمiريكي السiابق

كليف�ورد جيرتس،أنثروبولوجي أمريكي، وأستاذ جامعي في جامعة كاليفورنيا، نتجت عن أعماله ** الميدانية سلسلة من الكتابات في االقتصاد والبيئة والتغيرات االجتماعية والدين. مقاالته العلمية

1923في العنصرية والتطرف بوجه خاص؛ كان لها تأثير كبير في المجتع األمريكي واألوربي. ولد– المترجم

9

"بيiiل كلنتiiون" - وبمiiدة طويلiiة- عن االنiiترنت، ووصiiفها بأنهiiا "الطريiiق السiiريعtheللمعلومiiات" ( new information highwayةiiبح المحطiiل أن تصiiوقب ،(

) أهم مصدر لنشر األخبار، قبل ذلك كiiانتC.N.Nاإلخبارية األمريكية "سي.إن.إن" (Westلندن ونيويورك اكبر مدن "هندو- غربية" ( Indies،ةiiفي العالم. في الحقيق (

) عاصمة " ترينيداد وتوبiiاجو" (Port-of-Spainاكبر من مدينة "بورت أوف سبان" (Trinidad and Tobago) "ومدينة "كينجستون ،(Kingston) "عاصمة "جاميكا (

Jamaica"اركوسiورج مiثروبولوجي "جiا األنiال عنهiا قiوكم .(*) George Marcus:( )modernity"كل شيء، في كiل مكiان، أصiبح مختلiف". إن الحداثiة والتحiديث (

أصبحت منتشرة في كل مكان، ولو أراد الفرد البحث؛ فسوف يجد بنiiوك، ومطiiاعم ماكدونالد، وسلسة الفنادق والمطارات العالمية- عمليiiا- في كiiل مكiiان. لكن، وفى نفس الوقت حiiافظت األمiiاكن المختلفiiة على طiiابع محلى ال تخطئiiه العين، ويبقىÂةiiسو�ق في ح�ل� ¦ بسهولة للزائرين. طابع محلى أصبح اآلن يعبر عنه، وي ¦ وواضحا ظاهرا من كلمات سهلة الفهم، للذين يروحون ويجيئون بين المطارات والفنادق. وتعبiiيرات مثل "صناعة محلية يدوية" و"سوق شعبي محلى" و" مiiرقص الشiiاطئ"، كiiل هiiذه األسماء يعرفها الزائر، ويعرف ماذا ينتظره فيها بالتقريب، عندما ينظر إليها بمنظiiار

) االندونيسiiية، أوBaliمحلى، ويفهم رسالتها الثقافية، سواء كان الفرد في "بiiالى" () األفريقية.Burkina Fasoفي "بوركينافاسو" (

هiiذا التسiiويق للثقافiiة والعiiادات المحليiiة – والiiذّي يسiiمى في بريطانيiiا "صiiناعةtheالتراث" ( heritage industryفiiتركة لمختلiiعتقد أنه يشمل قواعد مش� ) – ي

األقوام للتعبير من خاللها عن الطابع المحلى، والمثال الذّي يعطى في هiiذا المجiiال لتسهيل الفهم، هو: ألوان أعالم الدول ليست متشابهة، وتعبر عن قوميتها المتفردة، لكن كل الدول لها أعالم، وهنا يكون التشابه. فمن السهل إيجاد تعبiيرات لهiا معiنى

عندما يعبر الجميع عن اختالفاتهم الثقافية بنفس الطريقة، وعلى نفس القاعدة.

هذه القواعiد المشiتركة، وهiذه الرمiوز القوميiة المسiيطرة على الفكiر الرسiمي الiنرويجي- وفي الحقيقiة أنهiا ليسiت مسiيطرة على صiناعة السiياحة- ال يجب أن تiiؤدى إلى أن يفهم أحiiد، أو يعتقiiد، أن البشiiر واألمم المختلفiiة، أصiiبحوا ذو ثقافiiة واحدة متطابقة. ولو فرض أن جميع سكان العiiالم – يومiiا مiiا – سiiوف يتiiابعون مiiا

) - وفي حقيقiiةC.N.Nيسمى "األخبار العالمية"، في القناة األمريكيiiة سiiي.إن.إن ( األمر فiإن هiذا الفiرض مسiتحيل الحiiدوث؛ إال أن ذلiك ال يعiنى أن الجميiiع سiiوف يفهمون ما يسمعونه، ويشاهدونه بنفس الطريقiiة. ورغمiiا عن أن أجiiزاء كبiiيرة من سكان العالم سوف يكتسبون نفس الخبرة في الحياة واألفكار، إال أن ذلiiك ال يعiiنى أن الجميع أفكارهم وخبرتهم ستصبح متطابقة. والقادرون من األفريقيين واآلسيويين على شiiراء ولبس "الجيiiنز" بنفس األسiiلوب الiiذّي يشiiبه في ظiiاهرة أسiiلوب المiiراهقين في البالد األوروبيiiة الغنيiiة، ال يعiiنى ذلiiك على أنهم تغiiيروا، وأصiiبحوا غربiiيين، وليسiوا أفريقيiiون، أو آسiiيويون. الثقافiة – أوالثقافiات – ليسiت معلبiiة ال

، متخصص1976جورج ماركوس، برفيسور أمريكي في األنثروبولوجي،خريج جامعة هارفارد ** في علم االجتماع السلوكي، ويعملفي جامعة كاليفورنيا، وهو الذّي بدأ المجلة العلمية

"االنثروبولوجيا االجتماعية" – المترجم

10

يمكن تقسيمها إلى أنماط من السلوك. وهى ليسiiت وحiiدة واحiiدة؛ إمiiا أن تقتنيهiiا كاملة، أو تلفظها كاملة. فالحقيقة أن البشر منتج "خليط ثقافي". وال يجب علينا أبدا أن نحس بالثقiiة المطلقiiة، بiiان مiiا تسiiمى بالثقافiiة الغربيiiة؛ سiiوف تخiiرج دائمiiا

�قارن الحضارات والثقافات. منتصرة؛ عندما ت

في البالد الغربية الغنية، توجiد بعض الiدعابات الiتي تiiروى عن القبائiiل االسiiتوائية، الذين يرتدون "القمصان المشجرة الملونة" وهم يقدمون القرابين من الدجاج، حتى تسiiكن وتهiiدأ أرواح آبiiائهم. وبعiiد ذلiiك يسiiتمعون إلي آخiiر مiiا أنتجتiiه التقنيiiة من معزوفات موسiiيقية، في محطiiات الراديiiو الترانزسiiتور . هiiذه الروايiiات السiiاخرة تكون مسلية جدا، فهي تحمل في طياتها التناقض بين القديم والجديد، بين التقليدّي والحداثي. ولكن هل صحيح أن القصص الدعابية هiiذه، فعال مضiiحكة ومسiiلية؟ هiiل صحيح أن يكون مسليا، أن نحكم مسبقا بالغباء األزلي على أفريقيين سود يتحiiدثون لغات أجنبية، ويدينون بدين غريب، وفى نفس الوقت يدرسون الدراسات العليiiا في الهندسة؟! أم غريب أن يكون هنديا متخصصا في الفيزياء النووية، في نفس الiiوقت

¦ أو مسiiلياreincarnationيعتقد ويؤمن بعملية تناسخ األرواح ( )؟ ذلك ليس مضحكا أكثر من أن يقال: توجد مطاعم صينية في النرويج. هذا القول قيiiل بالفعiiل، عنiiدما

Losحاولت صحيفة أمريكية تصدر في "لوس انجلوس" ( Angelesةiديم طرفiتق ( . وفى حملة إعالمية ضخمة؛ قiiدمت الiiنرويج للقiiارئ1994لقرائها، في فبراير عام

على أنها بالد بيضاء لم تمس يد التغيير نسيجها االجتمiiاعي، ومiiازالت تحتفiiظ بنقiiاءعنصرها األبيض النظيف.

كنت – من وقت ألخر- اختبر طالبي في الجامعiiة عن واقiiع معين، وكيiiف يفهمونiiه، وذلك بأن أبدا سلسلة من المحاضرات، عن الديناميكيiiة الثقافيiiة، بنiiادرة عن قبيلiiة من البدو، يرعون األغنام في مكان ما، في الشمال األفريقي. فمنذ سنوات عديiiدة، ورحالتهم الرعوية السنوية، تبدأ في الصباح الباكر من أحد أيiام شiهر مiارس، ولكن في عiiام محiiدد، تiiأخرت هiiذه الرحلiiة الرعويiiة عiiدة شiiهور، ألنهم يريiiدون متابعiiة

). هiiل هiiذاDallasالحلقات األخيرة من المسلسل التليفزيوني المعروف "داالس" ( مسلى وظريف؟ الطلبة كانوا دائما ينجذبون بسرد هذه الطرفة، وتستحوذ انتبiiاههم. لم يكن مدى فهمهم للثقافة أفضiiل، وال عموميiiة نظiiرتهم إليهiiا. فقiiد وضiiح أنهم ال يتفهمون: أن "ثقافة" الرعاة - في الحقيقة- مختلفة عن ثقiiافتهم، وأن لهم منطقهم الخاص بهم، وأنهم يتفاعلون مع الثقافات األخرى بمعيiiارهم الخiiاص. إن مiiا يسiiمى

Culture"الخليط الثقiافي" أو " المiزيج الثقiافي" ( mixture– حكiiيء "مضiiش ( مبكى". هذه هي الصiiورة السiiائدة في العiiالم اآلن. صiiورة ترسiiم خريطiiة العiiالم، وكأنه مكون من جزر ثقافية معزولة. هذه الصورة هي ما أريد تغييرهiiا. فهي ليسiiت خاطئة فحسب، لكنها شديدة الخطورة أيضا. النقiاء والحiدود الواضiحة توجiد فقiط على الخريطiiة، وال توجiiد على أرض الواقiiع ثقافiiات أو أمم نقيiiة، ولن تكiiون أبiiدا

كذلك.

من المضحكات المبكيات أن نظريiiات "النسiiبية الثقافيiiة" في علم االنiiثروبولوجي،) والعصiبية "القوميiة" (chauvinismالتي وضعت أساسا لمناهضiة "الشiوفينية" (

11

nationalism.هii؛ كان لها تأثير مضاد، ومعاكس تماما للهدف الذّي وضعت من أجل( �عتقiد. ذلiك ألن "القوميiة" لكن ربما يكون ذلك أقل تناقضا ممiا يمكن أن يبiدو، أو ي و"النسبية الثقافية" لهما- في الحقيقة – نفس النشiiأة في "الرومانسiiية األلمانيiiة"،

Johann(*ورجلهiiا األساسiiي "يوهiiان جوتفريiiد فiiون هiiردر" Gottfried Von Herder) ). فعلى يد "هiردر" – وبدرجiة معينiة كiان معiه م�عاصiرة1744-1803)

) – حصiiل العiiالمGiambattista Vicoالفيلسوف االيطiiالي "جيامباتسiiتا فيكiiو" ( على نظرية محددة عن نسiiبية الثقافiiات. كiiان "هiiردر" – الiiذّي كiiان يكتب بخلفيiiة التوسع والتمدد الفرنسي، في مقابل التفكك األلماني– هو الiiذّي نiiادى بiiأن األلمiiان لهم كل الحق في أال يصبحوا فرنسيون. لقد عنى� أن كل أمة لها ثقافتها الخاصة بها. وأن لها كل الحق في الحفاظ عليهiiا: على لغتهiiا، وأسiiاليب حياتهiiا، وحiiدود أرضiiها،¦ على وشخصيتها وروحها المتميزة. وتبعا لفهم " هردر"؛ فان ذلك الحق ينطبiiق أيضiiا مجموعات البشر الذين يطلق عليهم اليوم األقليات. أو أّي� مجموعة بشرية صiiغيرة،

يسيطر عليها مجموعة بشرية كبيرة (أغلبية).

بمقارنة "هردر" مع فالسفة اجتماعيين آخرين، مثiل الفيلسiوف األلمiاني "كiانت" (Kant)"والرومانسي الفرنسي "روسو (Rousseauأنiiفمن الممكن أن يوصف ب ،(

¦ للتسامح، ومن المعتقدين بالنسبية الثقافيiة. ففي هiذه الفiترة "هردر"، كان نموذجا المبكرة، كانت القومية تعتبر إيديولوجية تقدمية، ومضادة لإلمبريالية. لم يكن العiiالم قiiiد شiiiاهد- في ذلiiiك الحين- نجiiiاح محiiiاوالت "المقهiiiورين" في أن يأخiiiذوا دور"القاهرين"، لو سنحت لهم الفرصة بذلك. وبالتالي كانت مطiiالبهم بiiدت وكأنهiiا

صرخة للمطالبة بالعدل.

من أفكار "هردر"، التي تعتبر أن لكل مجموعة بشرية لها خصائصها المتميزة؛ انبثق Franzخطان أساسيان مختلفان ومتعارضان. أحدهما ورÉثiiه� وطبقiiه� "فرانiiز بiiواز" (

Boas) ) في نظرية "النسبية الثقافيiiة"، الiiتي طiiورت مباشiiرة في1825-1942) القرن التاسع عشiiر، وأصiiبحت العمiiود األساسiiي في علم االنiiثربولوجي األمiiريكي

)،Kielالحقiiا. "فرانiiز بiiواز" ولiiد في ألمانيiiا، ودرس الجغرافيiiا في مدينiiة "كيiiل" (وأرسل في بعثة إلى المنطقة القطبية في الشمال األمريكي وكولومبيا البريطانيiiة (

British Columbiaاس، ثمiiة األجنiiه إلى دراسiiه، واتجiiومن ثم تغيرت اهتمامات .( األنثروبولوجيا، وكان ذلك مما دفعه إلى الهجرة.

كان "بواز" من الرافضين لفكرة أن الجينات هي المكونة للثقافiiة، ورفض نظريiiات"التطور الثقافي"، التي تربط بين "العرق" من جهة وبين "الثقافة" من جهة أخرى (

Cultural evolutionة منiiل ثقافiiل كiiة: يجب أن تعامiiه القائلiiوتمسك بنظريت ،( الثقافات، على أن لها طابع مميز خاص. ولكن، لها نفس القيمة مثلها مثل أّي ثقافiiة أخرى. وبالتالي؛ لم تكن بحوثه التي أجراها على الثقافات المختلفة؛ بغiiرض ترتيبهiiا على سلم ثقافي له درجات مختلفة، ولكن كانت بقصد دراسة كل ثقافiiة على حiiدة

يوهان هردر، شاعر وناقد ألماني، ولد في مدينة في بروسيا الشرقية، وساهم بشكل كبير في ** كتاباته عن أصل اللغة، ونظريات التطور االنساني. وهو يذكر بدرجة أكبر لمساهمته في نمو

الرومانسية االلمانية – المترجم

12

لمعرفة الخصائص المميزة لكل منهiiا. لiiذلك كiiان من الواضiiح أن دراسiiته الحقليiiة لقبائiiل األسiiيكيمو القاطنiiة في الشiiمال األمiiريكي والمسiiماة "االينكيتiiوت"، أو

Inuktitut"اليانكي" ( or Inuitع، وعلىiiة لفهم الواقiiاس محاولiiكانت على أس ،( اعتبار أنهم أمريكيون شماليون ويجب فهمهم على أساس أطرهم الفكرية الثقافيiiة،

وليس على أساس ثقافة األمريكيين اآلخرين.

�و�ن اليوم المقiiررات الدراسiiية األساسiiية هذا األسلوب لفهم العالم على أساسه، يك في أقسام علم األنثربولوجي في جامعات كل أنحاء العالم. والحقيقة أن فيه الكثiiير مما يمكن أن نتعلمه، ولكن لن يكون ذلك خاليا من المشاكل إذا ما طلبنا المشiiورة والهداية منه فحسب. فقبل كل شيء فان نظريiiة " بiiواز" في " النسiiبية الثقافيiiة" مبنية على فكرة أن الثقافiiات "محiiددة" و "منغلقiiة"، بمعiiنى أن العiiالم مكiiون من "جزر ثقافية" لكل جزيرة ثقافتها الممiiيزة، والمختلفiiة، ولiiو أن البiiاحث االجتمiiاعي أراد أن يكiiون منصiiفا "كإنسiiان" في موضiiوع دراسiiته، فعليiiه، أو عليهiiا؛ أن يبiiذل�ق�يم من منطلقاتهiiا، وداخiiل أطرهiiا درس جميiiع الثقافiiات وت �iiده أن تiiى جهiiأقص الفكرية، بغض النظر عما إذا كiiان من الممكن تسiiميتهم ثقافiiة قائمiiة بiiذاتها أم ال. إحدى المشاكل الناتجة من اتخاذ نظرية "النسiiبية الثقافيiiة" كقاعiiدة للدراسiiة، هي أننا تعودنا أن نتعامل مع الثقافات المختلفة وكأنها "أنظمة مغلقة"، تحتوى على عدد معين من البشiiر يتشiiابهون كلهم مiiع بعضiiهم البعض، ويختلفiiون عن كiiل من هiiو

دنا الثقافة، وتعاملنا معها كما نتعامل مع المادة. خارجهم، وبالتالي جس�

بهذه الطريقة نشأ في العالقات السياسية واألخالقيiة؛ مصiطلحان يبiدوان مختلفiانmoralومتضiiادان كثiiيرا،¦ وهمiiا:"النسiiبية األخالقيiiة" ( relativismةiiو"السياس (

ethnoالعرقية"( politicاتiiرا إلى الثقافiiواز"، نظiiذلك ألن كال من "هردر"، و"ب .( على أن لكل منها خواصها المتميزة المتفردة، وأن لها منطقها الخاص بها، وال يمكن أن تفهم إال من داخل إطارهiiا الخ�لقي. هiiذه النظiiرة يمكن أن تقودنiiا بسiiهولة، إلى استنتاج أن كل الثقافات متساوية الجودة والقيمة. وبالتالي مiiا على الفiiرد – من أّي أقلية- إال أن يبرر سلوكه بقوله: أنا لست مذنبا، ألن كل ما فعلتiiه مخالفiiا لنظiiامكم القانوني، ال يخالف قيم ثقافتنا، فهكذا نعامل النساء في ثقافتنا. وهذا بعينه ما يقوله

البعض، المخالفون للقوانين، والنظم االجتماعية.

هiiذا األسiiلوب من التفكiiير الiiذّي يتخiiذ "النسiiبية الثقافيiiة" و" النسiiبية األخالقيiiة " كقاعدة في التطبيق لحل المشاكل األخالقيiiة في واقiiع حياتنiiا العمليiiة ؛ يجعiiل من المستحيل أن نحكم أخالقيا على الثقافات، سواء كانوا من الذين يحرقiiون األرامiiل، أو يئدون البنات، أو يمارسون عمليات الختان الفرعوني لإلنiiاث. ببسiiاطة، يمكن أن نتفهم ذلك لو اعتبرنا، وأخذنا في الحسبان أطرهم الثقافية، وليس أطرنا نحن. ومن هنا تكون خطiiوة قصiiيرة حiiتى نصiiل إلى "النسiiبية األخالقيiiة " و"الثقافيiiة" للفiiرد الواحد. فيستطيع كل فiiرد أن يقiiول: إن ثقiiافتي قiiد انتهكت، ويجب أن أعامiiل في إطار منطقي الثقافي. إذا فانه ال توجد حقيقة مطلقة، ولكن ثقافiiة نسiiبية. وتطبيقiiا لهذه النسiبية الثقافيiة فليس من المهم – مثال- أن أقiدم الiبراهين، وأعطى الحجج، على أن الصحيح أن تطلب النرويج عضوية االتحاد األوروبي، ألن ذلك سيكون أفضل

13

�ني على منطلقاتي الثقافية. لإلنسانية على المدى البعيد، ويكفي أن أقول: إن رأيي ب¦ جيiدة بنفس الدرجiة، وبالتالي فإن أّي� وجهiة نظiر أخiرى، ألّي� فiرد؛ سiتكون أيضiا

بشرط أن تتناغم مع إطار ثقافته هو.

إن هiiذه "النسiiبية الثقافيiiة"، و"النسiiبية األخالقيiiة" – لiiو طبقت بهiiذه األسiiلوب - فسوف تؤدى إلى كال من، الشلل السياسiي، واضiمحالل رؤيiة الفiروق بين األخالق والقيم المختلفة. ذات مiرة كتب األنiثروبولوجي الiنرويجي المعiروف "أرنiا مiارتين

Arneكالوزن" ( Martin Klausen"ةiiة واألخالقيiiبية الثقافيiiرة "النسiiإن فك ( أصiiبحت شiiائعة بين األنiiثربولوجيون االجتمiiاعيون، لدرجiiة أنهم اتخiiذوها أسiiلوب وفلسفة حياة، بينما تكون "النسبية" صالحة حتى نقطة معينiiة – هiiذه النقطiiة يمكن تسميتها نقطة الصفر األخالقي- عندها يجiiبر المiiرء إلى اتخiiاذ موقiiف محiiدد واضiiح المعالم، لإلجابة على سؤال أخالقي، عنiiدها نكiiون مجiiبرين على أن نختiiار "هiiذا أو

ذاك" وليس "هذا و ذاك".

يطبقiون أسiiلوب تفكiiير "هiردر")ethno-politcians(كثير من "اإلثنو- سياسiiيين و"بواز" بطريقة معاكسة تماما. يقولون لو كانت الثقافات كلها متساوية القيمiiة، إذا�فiiرض احترامهiiا، وان فثقافتنا مثل كل الثقافiiات األخiiرى قيمiiة، وبالتiiالى يجب أن ي نحظى بإمكانية إتخاذها أساسا إلصدار القرار السياسي، وهلم جرا. بعد ذلك يبدءون في حشد النiiاس، واسiiترجاع كiiل مiiا هiiو قiiديم وعiiادات موروثiiة، الiiتي تكiiون في�سيت كليiiا أو جزئيiiا. وكثiiيرا مiiا يطiiالبون بمiiا يسiiمونه حقوقiiا لغويiiة، الحقيقة قد ن¦. وبiiالطبع تلبس هiiذه المطiiالب مالبس ودينية، وفى كثير من األحيان حدوديiiة أيضiiا قومية، وتؤدى تقوية النعرة القومية. هذا األسلوب في التفكير ال يجب أن يضiiطرونا إلى مشاركتهم فيه، ففي عصرنا الحالي يكون لألقليات الحق – بل مضطرون - في القول: "إن لنا أيضا ثقافة، ويجب أن تحترم، ولنiiا حقiiوق في المشiiاركة في الحيiiاة

) – وهى الدولiة الiتي تقiعChiapasالسياسية. فعندما قiام الهنiiود في " شiiيباز" ( ،1994جنوب المكسيك على الحدود مع جواتيماال- بiiالثورة في أول يiiوم منiiذ عiiام

حاول النظام الرسمي التركيز على أن سبب ثورتهم أنهم هنiiود، وليس ألنهم فقiiراء ومقهورون. فهل كان ذلك صiiحيحا أنهم ثiiاروا ألنهم هنiiود وليس ألنهم كiiانوا فقiiراء

ومقهورين؟

هذه الثقافiة الطائفيiiة السياسiiية، أو االجتماعيiiة – الiتي نتوقiع أن نراهiا في أيامنiiا الحالية- الiiتي تعتiiبر أن المشiiاركة السياسiiية واالجتماعيiiة هي فقiiط لمن هم أصiiال داخل حدود البالد، وال يوجد مكان للذين جاءوا من خiiارج الحiiدود، سiiوف تخلiiق في المجتمع استبعاد وتميز بين "الهويات" و "الثقافات" المختلفiiة. الفريiiق (أ) سiiيكون ضiiد الفريiiق (ب)، ولن يسiiمح ألحiiد أن يختiiار الفريiiق (أب)، حينهiiا سiiوف يصiiنف تلقائيا، بأنه، أو أنها، خائن، أو خائنة، من كال من الفريق (أ) والفريق (ب)، على حiiد

سواء.

هذه النتيجة المحزنة يمكن ربطها بالخط الiرئيس الiذّي تطiور من نظريiة "هiردر"، وهو أن الثقافات لكل منها طابعها وصفاتها الممiiيزة، وهiiذا بالضiiبط مiiا يسiiمى في الواقiiع ب"القوميiiة العرقيiiة". في األسiiاس؛ نشiiأت هiiذه النظريiiة وتطiiورت في

14

المناطق الناطقة باأللمانيiiة كأيديولوجيiiة دفاعيiiة. فالمتحiiدثون باأللمانيiiة كiiانوا في الواقiiع – في ذلiiك الحين - منقسiiمين سياسiiيا، ووقعiiوا تحت تهديiiد طiiارئ آت من

). لقiiد كiiان كال من "هiiردر" والمفكiiرين األلمiiانNapoleonالغiiرب، "نiiابليون" ( اآلخرين ببساطة مصممين على أن األلمان من حقهم أن يكونوا "ألمانا". وانiiه ليس من الضرورّي أن تكون العالمية الفرنسية، واإلمبريالية المقنعiiة بالفلسiiفة العلميiiة، هي أسلوب التطور والخطوة لألمام، ولو أعiiدنا قiiول ذلiiك باسiiتخدام المصiiطلحات الحديثة فسوف نقول: إن "هردر" طالب بحق الناس في تقرير مصiiيرهم، لكن تلiiك األفكiiار أخiiذت نصiiف قiiرن لكي تتحقiiق في الواقiiع العملي السياسiiي على يiiد

). وعلينا أيضا أن نتذكر، أن نمiiو الشiiعور القiiومي كiiان فيBismarck"بسمارك" (مراحله الجنينية، ولذا بدا وكأنه "اإلنسانية المثالية". فسiiواء "هiiردر" أو "مiiازينى" (

Mazziniرون إلىiفينيون" ينظ �iا " شiددا- لم يكونiاألخير كان قوميا ايطاليا متش – ( األمور بعين واحدة ويطالبون بiiأن شiiعوبهم هم فقiiط الiiذين يسiiتحقون حiiق تقريiiر المصير، بل طالبوا أيضا بأن القوميات األخرى لها نفس الحق. بالطبع كان ذلك فكرررت �iiرائع ومثالي، لكنهما في ذلك الحين لم يعايشوا اعتداءات ال معنى لها، ولكنها ب بأن بعض الشعوب يطالبون بiiأرض، يقولiiون أن لiiديهم حقiiوق تاريخيiiة فيهiiا، وأنهم يملكiiون األدلiiة التاريخيiiة على ذلiiك، بiiالرغم من أن هنiiاك آخiiرين يقولiiون بنفس

Peterالحقوق. لقد عبر عن ذلك الكاتب والصحفي النرويجي "بيتر نورمان فوجiiا" (Normann Waage) بالطريقة اآلتية : القومية (Nationalismةiارة عن ثالجiعب (

معكوسة. فالثالجة هدفها أن تولد برودة بالداخل، ولكن في سiiبيل ذلiiك؛ تولiiد بعض الحرارة في الجو المحيط خارجها. وهدف القومية أن تولiiد حiiرارة داخiiل المجتمiiع،

¦ برودة خارجها. وحتى يتم ذلك تنتج أيضا

في أيامنا هذه، فان معظم البشر يعتدون بأنفسهم وثقافتهم. وكما قال أحد مواطني جزيرة مالطة، وعبر عن ذلك بأسلوبه ألحد األنثروبولوجين األوروبيين:"لو لم يكن لنا

) وأسلوب حياة خاص بنا؛ لتشابهنا تماما معKastom = Customعادات وتقاليد ( الرجل األبيض". وبتعبير آخر، فإن "القوميiiة" كiiانت "ثقافiiة نسiiبية" قبiiل أن تحiiول

بصiiناعةلبرنامج سياسي( ومiiؤخرا أصiiبحت إسiiتراتيجية تسiiويقية، خالل مiiا سiiمى )، بينما "النسبية الثقافة" من ناحيتها سوف تتشابه مع "القومية" لiiو وضiiعتالتراث

في إطار سياسي، والفضل يرجع لبدء إيقاظ الوعي السياسي عنiiد كال من األقليiiات¦ من أن "ارنسiiت جيلiiنر" ( المهاجرة وأصحاب البلد األصليون. هل سiiيعجب احiiد إذا

Ernest Gellner)(1925 – 1995الفيلسوف واألنثربولوجي المعروف، وهو احد ( )؛ يصiiف نفسiه بأنiiهnationalismأكثر المتخصصون والمدافعون عن "القوميiiة " (

ضد "القومية السياسية"، لكنه " قومي ثقافي"؟ لقد كانت إجابته ودفاعه عن ذلiiك؛ بأنه من الممكن أن نتمسiiك بلغiiة، وعiiادات، وتقاليiiد، وهويiiة، دون أن نحiiولهم إلى برنامج سياسي. فلو صنعنا برنامج سياسي من ثقافة ما، فربما يصبح كiiل الiiواقعين خارج إطار هذه الثقافة، ضحايا، سiiواء كiiانوا مهجiiنين، أو أقليiiات أجiiانب مهiiاجرون

وقادمون من أنحاء العالم.

�بنيت فكرة حق القوميiiات المختلفiiة في "تقريiiر بعد حوالي مائة سنة بعد "هردر"، ت - Wilsonالمصiiير"على نطiiاق واسiiع. هiiذه المiiرة خالل "مبiiادئ ويلسiiون" (

15

doctrineرئيسiiان الiiد كiiة األولى. لقiiرب العالميiiتي عقبت الحiiهورة، والiiالمش ( ¦ صiادقا،Woodrow Wilsonاألمريكي الديمقراطي "وودرو ويلسون" ( ¦ رجال ) أيضiا

وذهب إلى أن كل البشiiر لهم الحiiق في أن يiiديروا شiiئونهم بأنفسiiهم. لقiiد اعتنiiق الرئيس " ويلسون" في الحقيقة – وهذه مالحظة مشوقة – مفهومiiا يتطiiابق تقريبiiا¦ وثوريا، عنiدما طiوره "هiردر". وهiو أن المجتمiع العiالمي، مع مما كان يعتبر جديدا يتكون من مجموعات بشرية، لكل مجموعة منها خصائصها، وأسلوبها المميز، ويجب أن يكون لهم حقوق معينة. ولكن مباشرة بعد "مبiiادئ ويلسiiون" بعiiامين فقiiط من¦ عن قصiiر نظiiر. الزمان؛ يبدوا أن العالم قد رأى أن مبدأ تقريiiر المصiiير كiiان ناتجiiا�سى األكراد، أو ربما اعتقiiد المتبiiاحثون أن األكiiراد اليمثلiiون ففي مباحثات السالم ن "قومية" وأن لهم حق في تقرير مصيرهم. ولم يمضى القرن العشرون حiiتى أصiiبح�سوا، عندما قسمت حقوق تقرير المصير ألول مiiرة. الكثير من البشر، قد أهملوا، ون

واعتنقها الكثير من الدول بدرجات شديدة التفاوت.

في الواقع، فانه بدون شك أن " ويلسون" واآلخرين الذين اعتنقوا مبiiدأ حiiق تقريiiر المصير للبشر، لم ينتبهوا إلي تعدد "الشعوب"، أو قiiل "الثقافiiات"، الموجiiودة على أرض الواقiiع في مختلiiف األوطiiان في أنحiiاء العiiالم المختلفiiة. ولم يعرفiiوا درجiiة صعوبة تحديد ما يمكن أن يطلiق عليiه "شiعب" أو مجموعiة من البشiر لهiا ثقافiة واحدة. وأنiiه – تقريبiiا- ال يوجiد مجموعiة من البشiر لهiا حiدود خاصiة بهiا وحiدها. وبالتالي ال يستطيع احد عمليا، أن يخلق أو يصنع "قومية لطيفة ودودة "، بمعنى أنها ال تجور على األقليات. لقد كانت قومية األغلبية، وأيديولوجية األرسiiتقراطيون النبالء القبيحة، هما السائدتان عمليا، في الفiiترة مiiا بين الحiiربين العiiالميتين. األمريكيiiون السود والهنود(الحمر)، كانوا مستبعدين تماما من أفكiiار "ويلسiiون"، عنiiدما تحiiدث عن حق تقرير المصير. ونفس الشيء ينطبق على خمسمائة مجموعة عرقية، لكiiل منها لغتها الخاصة بها، وعاداتها، وأسلوبها الخiiاص فى الحيiiاة، وهم الiiذين يعيشiiون

Newعلى مرتفعiiات جزيiiرة "غينيiiا الجديiiدة" ( Guineaوبiiة في الجنiiالواقع ،( الغربي من المحيiiط الهiiادئ، بين اندونيسiiيا واسiiتراليا. هiiذه المجموعiiات اعتiiبرت

خارج النطاق، في فترة "ويلسون".

أسلوب التفكير الذّي تحددت معالمه في "مبادئ ويلسون"، مبنى على أن الثقافiiات المختلفة منغلقة، وتمثل وحدة واحدة متجانسة. ولكن نظرتي، وما ازعم أنه صواب، هي أنiiه ال يمكن تجiiاوز"القيم النسiiبية"، أو "القوميiiة الشiiوفونية " العiiوراء؛ إال إذا

تعلمنا التفكير والتعامل مع "الثقافة" و" الهوية " بأسلوب وطريقة مختلفة.

¦ ثقافات منفصiiلة مما علم حديثا؛ أن العديد من المجتمعات خارج أوروبا، لم تكن أبدا معزولة عن بعضها. لقد كانت دائما متعiiددة الثقافiiات اإلنسiiانية، تعiiددا ربمiiا يخلiiق حدودا وتمايز بين البشر، لكنها حiدود متغiيرة وليسiت جامiiدة، وفي الحقيقiة تعتiiبر

أكثر مرونة من تلك الحدود التي تبنى على نظريات "ميتافيزيقية" عن الثقافة.

II

16

بنفس أسلوب التعامل مع الضوء، عندما نعتبره إما: موجiiة من الطاقiiة، أو جزيئiiات من المادة، يمكننا أيضا؛ أن نصف الثقافة بأسلوبين، فيهما كثiiير من التضiiاد. باعتبiiار وجهة النظر األولى ، والتي نشأت على يد "هiiردر" و "بiiواز" و "القوميiiون"، يمكننiiا وصف العالم بأنه مكون من "جزر ثقافية". مثل هiiذا الوصiiف فاشiiل، حiiتى باعتبiiار شروط، وقواعد أصحاب نظرية "النسiبية الثقافيiiة"، والقوميiiون، وذلiك ألنiiه يفتقiد العمق التاريخي. وهناك وصف مقارب، لكنه أفضل بكثير. وهو الiiذّي قiiال بiiه تلميiiذ

Alfredوزميل "بواز" األنثروبولوجي األمريكي "ألفريiiد كرويiiبر" ( Kroeberوiiوه ( ع�ب المرجانية، مكونة من طبقiiات عديiiدة من عب المرجانية. الش� يصور الثقافة بالش� حيوان المرجان، لكن فقط الطبقة األخيرة هي الiiتي تكiiون على قيiiد الحيiiاة، وبعiiد عدة سنوات تموت هي األخرى، وتستبدل بطبقة جديدة حية. وبعiiد والدة كiiل طبقiiةع�ب، فيصiiبح أعلى قليال، أكiiبر قليال، ويبiiدو �iiاهرّي للشiiكل الظiiير قليال الشiة؛ يتغiiحي مختلفا قليال، وهكذا. وكل طبقة حية تنمو وتتموج ظاهريا بكثiiير من الحريiiة، ولكنهiiا في الواقiiع، مرتبطiiة ارتباطiiا وثيقiiا بالجيiiل السiiابق، وال تسiiتطيع الفكiiاك منiiه. إنهام�تجذرة®، ومرتبطة بتاريخ لم تختiاره بنفسiها. وبنفس األسiiلوب يمكننiا قiول: إن الثقافة قد بنيت وتكونت من مئات األجيال من البشر، ولكن الجيل األخير هو الوحيد الحي، هذا لو أردنا االلتزام بالمثال. وعندما نموت يأتي جيل جديiiد، لكنiiه ال يبiiدأ من قاعدة فارغة، إنهم يواصiiلون البنiiاء على أسiiاس مiiا تركنiiاه لهم من علم، وعiiادات وتقاليد، وأفكار، وقيم ومبادئ، وما تركناه من تراث مكتوب أو أبنية وتقنية. وسiiوف يكون من الغباء، وقصر النظر أن نعتقد أن الوقت الحiiالي هiiو فقiiط الiiذّي يجب أن يأخذ في الحسبان. ونحن – كفرد أو أمة - الذين نصنع واقعنا الحالي، ولكن ال يمكننا صناعته إال حين أخذ ماضينا كقاعدة للبنiiاء واالسiiتمرار، وبعiiد سiiنوات سنصiiبح نحن

من الماضي، والجيل الجديد هو الحاضر، وهكذا.

وبالمقارنة مع الشعب المرجانيiiة يتضiiح أن الثقافiة تبقى مصiiونة، ولكنهiا في نفسعبة المرجانية ذاتها، ولفترات مديدة، الوقت تتغير قليال. إنها تستمر في أن تكون الش�

لكنها تتغير قليال كل عام.

�ل� الثقافة فيiه كالشiعب المرجانيiة؛ يصiبح التواصiل مiع �م�ث عندما نعتبر واقعا حيث ت الماضي عنصرا مهما. أن يكون الفرد من عائلiiة مرموقiة؛ فiإن ذلiك يعطيiiه مكانiiة اجتماعية، ولكن مطلiiوب منiiه أن يتطiiور حiiتى ال تتعفن جiiذوره. النشء يفتقiiد إلى النمط، واألسلوب، ويحتiiاج إلى أبعiiاد إضiiافية من "العمiiق"، و"المكiiان". إن موقiiع وعمر الشعبة المرجانية لهما تأثير على الجزء الحي منها، وهذا الجزء يتموج، ويصنع أفضل ما يسiiتطيع من داخiiل واقعiiه ومحيطiiه. العلiiوم والمعرفiiة قiiد تطiiورت إلىدلت �iiربت وع �iiد جiiاس قiiات، وأدوات القيiiة. التقنيiiال المتعاقبiiل خالل األجيiiاألفض لتتناسب مع ما يحيطها، بأسلوب رائع يقارب المعجزات. والمذاق الجميل قiد تطiور عبر مئات السنين، والثقافة هي مستقبل كل فرد، لكن الفرد ال يختار ثقافتiiه. تمامiiا مثلما ال يختار الفiiرد أهلiiه وأقاربiiه. صiiحيح إن الشiiعب المرجانيiiة قiiد تفiiرعت من بعضها البعض، لكن كل® منها يمثل فردا قائما بذاته، في جماعiiة تتسiiم باالسiiتقاللية.

إنها نظم قائمة بذاتها وإلى حد كبير تكون مستقلة.

17

األسلوب المقابل لوصiف الثقافiة ربمiا يتماثiل مiع وصiف الضiوء بالموجiة، وليس ,*وصفه كجزيئiiات ماديiiة. هiiذه الصiiورة تتعامiiل مiiع الضiiوء كمجiiال كهiiربي معقiiد

وبالتiiالي ليس لiiه حiiدود واضiiحة، ويسiiتطيع االنتشiiار في كiiل االتجاهiiات. تiiردد (spinning"رددiiة وتiiجزيئاته، سوف يختلف قليال من موضع إلى آخر، ولكن " ذبذب (

جسiiيمان متواجiiدان في مكiiانين بعيiiدين عن بعضiiهما؛ يمكن أن يكiiون لهمiiا نفس القيمة والمقدار. المهم أن المجال الكهربي سيضمحل فقط؛ عنiiدما نوقiiف سiiريان التيار الكهربي. دون النشاط اإلنساني؛ ال توجد ثقافة. فالثقافة ليست إال – في قليل أو كثير- الفكر، واألحاسيس، والقول، والفعل اإلنساني في كل األزمنة التي عاشiiتها البشرية. األبنية نفسها، واآلثار المادية تعتمiد اإلنسiان أساسiiا لوجودهiا؛ فهiو الiذّيؤو�ل وجودهiiا. وفي هiiذا اإلطiiار من الفكiiر ال تتحصiiل الثقافiiة على وجiiود �iiا ويiiيراه

ميتافيزيقي خارج الحياة الدنيوية األرضية لإلنسان.

الفiiرق بين المثiiالين، أو المجiiازين، يماثiiل الفiiرق بين النظiiرة الiiتي تعتiiبر الثقافiiة مجموعة من السمات المشتركة التي تربط مجموعiiة بشiiرية معينiiة، وبين النظiiرة التي تعتiiبر الثقافiiة وسiiيلة، تجعiiل التواصiiل، والتفiiاهم بين البشiiر ممكنiiا. ولiiو أن الثقافة هي الiiتي تجعiiل التواصiiل بين األفiiراد ممكنiiا، فلن يغiiير في الموضiiوع من شيء أن يقال إن الثقافات لها حدود واضحة فاصلة، وذلك ألنiiه ال يوجiiد فiiرد واحiiد في العالم نستطيع أن نتواصل معه مائة في المائة، فرد واحد نفهمه، ونتوافق معiiه بشكل تام وكامل، حتى هؤالء األقرب إلينا. نحن جميع األفراد (واألمم) لنا تجربة في الحياة مختلفة، ونقيم المواقف الحياتية بأسiiلوب مختلiiف قليال، ولنiiا تiiذوق مختلiiف للموسiiيقى واآلداب، وهكiiذا. وبالتiiالي لiiو قابلنiiا فiiرد مقiiارب لنiiا في السiiن من "زامبيا"، أو"ماليزيا" يكون له نفس التذوق في الموسيقى واآلداب مثلنiiا؛ فسiiنكون بالتأكيد مضiiطرون لالعiiتراف بiiأن الثقافiiة ليسiiت شiiيء مشiiترك يمكن أن يصiiف

مجموعة بشرية بكاملها، النرويجيون مثال.

وفي نفس الوقت؛ فمن الصعب أن تجiiد اثiiنين من البشiiر، في أّي ركن من أركiiان العالم، ال يستطيعون التواصل فيما بينهم. رغما أنه ال تجمعهم لغة، أو دين، أو خiiبرة وتجربiiة، مشiiتركة. فمن السiiهل أن يفهم أّي فiiرد أن هنiiود األمiiازون يجوعiiونويتعبiiiون، وأن سiiiكان اسiiiتراليا األصiiiليون يخiiiافون المiiiوت، وأن "الشiiiيمبو" (

Chimbuer Simbu orالسيمبو ، أو الشيمبو سابقا، قبائل تعيش على االراضي[ ( Newالمرتفعiiة في غينيiiا الجديiiدة- المiiترجم[ في مرتفعiiات "غينيiiا الجديiiدة " (

Guineaسوف يتجمدون عندما يزداد البرد، وأن مرتفعات "غينيا الجديدة " قارصة ( البرد في المساء!

ليس من المهم إذا أن يكiiون الفiiرد موجiiودا في أرض آبiiاءه وأجiiداده، ولكن المهم أسلوب التصرف، والتعامل مع العالم، هنا واآلن. وفى نطاق هذا األفiiق من التفiاهم

الفيزيائيون يصفون الضوء بأنه: إشعاع له صفات كهربية ومغناطيسية في آن واحد، وهو يتكون ** من مجال كهربي يتعامد ويتزاوج مع مجال مغناطيسي يتقدمان معا. ويمكن وصفه بأنه طاقة تنتقل في موجات متعاقبة، لكنه في نفس الوقت يحمل صفات الجسيمات المادية الدقيقة –

المترجم

18

يصبح المستقبل والحاضر أهم من الماضي، ويصبح ما " يفعل" اإلنسiiان؛ أهم بكثiiيرمن "من هو" اإلنسان.

مثiiاالن من المجتمعiiات المختلفiiة يمكن ضiiربهما لتوضiiيح مثiiل هiiذا الفهم، وبيiiان أسلوبهم في التعايش كال بطريقته: الواليات المتحدة األمريكية، والمجتمع المتواجiiد

Newفي مرتفعات "غينيا الجديدة" ( Guineaالمiiدة، والعiiسكان الواليات المتح .( )، ومنMauritiusالجديiiد على وجiiه العمiiوم – من اسiiتراليا وحiiتى موريشiiيوس (

Tierra) حتى " تيرا دل فوجو"(Alaskaأالسكا ( del Fuegoوبiiى جنiiفي أقص ( �صiiفهم األوروبيiiون دائمiiا بiiأنهم غiiير متحضiiرون، وأنهم بال تiiاريخ، أمريكا الجنوبية، ي وبأنهم يفتقدون الذوق الرفيع، والتiiاريخ، وال يحiiترمون اآلبiiاء. أّي فiiرد في المجتمiiع يمكنه أن يقيم لنفسه وزنا، فليس من الضiiرورّي أن يكiiون من عائلiiة عريقiiة حiiتى يعترف به المجتمع. في مثل هiiذا المجتمعiiات يجiiد المبتiiدأين الفرصiiة الذهبيiiة، فال يحتاج المرء إلى أن يكون "ذا أهمية" حتى يصiiبح عضiiوا "ذو أهميiiة" وذو شiiأن في

المجتمع.

الغالبية العظمى من سكان هذه المجتمعات إما أنهم أنفسiiهم جiiاءوا من ركن آخiiر من أركان العiiالم، أو أن آبiiائهم جiiاءوا من مكiiان آخiiر في تiiوقيت مiiا من التiiاريخ. وبالتالي فإن أهم وظيفة اجتماعية لهم ليس التمسك بالعادات والتقاليiiد المتوارثiiة، ولكنها خلق تفاهم وتواصل- أو بأسلوب آخر أن ينسجموا ويتوافقوا – مع مجموعات أخرى من البشر جاءت من مكان آخر من عالم مختلف تماما. وبالتالي فان سiiمات هويتهم العامة ال تعتمد على التاريخ المشترك؛ ولكن على المستقبل المشترك. ذلك ألنه بالنسبة لمثل هذه المجتمعات يكون من المسiiتحيل في بدايiiة تكiiوين المجتمiiع بناء هوية على أساس من خبرة وتجربة وجذور مشiiتركة. وعليهم أن يتوافقiiوا على هوية تسمح باالختالف. في هذا المجال الكهربي الiiذّي ينشiiأ عنiiدما يتواصiiل البشiiر

ويحدث االحتكاك فيما بينهم؛ تصبح المقومات االجتماعية شيئا قابال للتفاوض.

لقد ذكرت قبائل مرتفعات "غينيiiا الجديiiدة" حiiتى أبين أنiiه ليس فقiiط المجتمعiiات حديثة العهد هي التي تفتقiiد توقiiير التiiاريخ، وهي الiiتي فيهiiا أّي فiiرد أن يصiiل إلى درجات اجتماعية عالية مرموقة، فهناك ال تiiورث القيiiادة، فكiiل فiiرد يبiiدأ من أرض جرداء. فلو أراد فرد أن يكون "كاهنا" أو "قائدا"، فإن ذلك ال يأتي إال غالبا. فال القوة والحكم، وال المنافع االقتصادية تنتقiل وتiiورث من جيiiل ألخiر. يكiiون الفiرد شiiديد الغنى، أو له تأثير وسطوة في المجتمع؛ بقدر ما يحققiiه لنفسiiه، وعلى قiiدر فعلiiه. فعندما يموت "قائدا" تجد أن هناك الكثير من المرشiiحين الجiiاهزين للتنiiافس على المكانة االجتماعية المرموقة التي أصبحت شاغرة. أبنiiاءه يقفiiون في نفس الصiiف

الذّي يقف فيه كل اآلخرين.

إحدى المميزات المهمة لمثiiل هiiذه المجتمعiiات أن الموجiiود خiiارج محيiiط دائرتهiiاArveيمكنiiه بسiiهولة نسiiبية أن يiiدخلها. يقiiول "أرفiiا سiiورم" ( Sorumتاذiiأس (

األنثربولوجي في جامعة أوسلو، والذّي قام بدراسة حقليiة لمجتمعiات "البiدامين" (Bedaminاءiiبحون أقربiiات يصiiذه المجتمعiiاس في هiiدة" : "النiiا الجديiiفي "غني (

بiiأكلهم من نفس الوعiiاء"، ( ويقiiول أنiiه اكتسiiب الكثiiير من األقربiiاء هنiiاك بهiiذه

19

الطريقة). أما في الواليiات المتحiدة األمريكيiة؛ فيصiبح الفiرد عضiوا في المجتمiع بتحقيق بعض الشروط. فالفرد ال يحتاج إلى تقديم الئحة عائلية طويلiiة، فقiiط عليiiه أن يسلك أسلوبا محددا في التعامل مiiع المجتمiع: يحiiترم القiانون والنظiام، يعمiل الكتساب المال وإنفاقه، ويتحدث اإلنجليزية. بذلك يصبح أمريكيا، وفي بعض الحاالت يكiiون أسiiلوب معين للمظهiiر الخiiارجي عامiiل مسiiاعد. في محطiiة من محطiiات القطار الداخلي قابلت أمريكيا له اسم "سالفي"، جاذبته أطراف الحديث، وقلت إن هذا االسم ليس أمريكيا، فهز الرجل كتفيه دون اكتراث وقiiال باإلنجليزيiiة "أى اسiiم

". من الواضح أن مثلAny name is an American nameهو اسما أمريكيا" " هؤالء الناس لو تعلموا أن يفكروا بأسiiلوب "الشiiعب المرجانيiiة" وأنهم شiiعبة مiiات

أصلها؛ فسوف يواجهون أزمة هوية.

عبا �iiراده شiiان أفiiو كiiا لiiل كمiiالم يتفاعiiع في العiiد مجتمiiهذه أمثلة مثالية، وال يوج مرجانية فحسب، القديم يمiiوت ويحiiل محلiiه الجديiiد. أو يتفاعiiل بأسiiلوب المجiiال الكهربي فحسب، أفراده أقطاب تتبiiادل التiiأثير، وذلiiك عنiiد محاولiiة إجiiراء دراسiiة تحليليiiة للنiiواحي الثقافيiiة أو االجتماعيiiة. كال من أسiiلوبي� التحليiiل، أو منشiiورّي�

) الزمين لفهم الواقع الحالي فهما كامال. لكن في نفس الوقت فiiانPrismالتحليل ( هاذين األسلوبين في التفكiiير يختلفiiان اختالفiiا عميقiiا، ويخلقiiا أنواعiiا مختلفiiة من: القيود والحصر والمخاطر في عالقتنا وأسلوب تعاملنا مع األجانب. فلو أننا استخدمنا أسiiلوب التفكiiير المبiiنى على اعتبiiار المجتمiiع الiiنرويجي واحiiد مثiiل "الشiiعب المرجانية"؛ فسيصبح الوافدون للنرويج يمثلون دائمiiا بالنسiiبة لنiiا "اآلخiiر". ولم ال؟ وهم قد انفصلوا من أماكن هي أصال، مواطنهم األصلية. وعلى العكس من ذلك، لiiو اعتبرنا مثال "المجال الكهربي" كخريطiiة لقiiراءة التضiiاريس، فسiiوف نظiiل طiiول الوقت نقيس "تردد الذبiiذبات" لهم ولنiiا، ونقارنهiiا من حالiiة إلى أخiiرى. وربمiiا في كثير من المواقف سوف نكتشف؛ أن "المشترك" بيننiiا وبين مهiiاجرا مسiiلما، أكiiثر مما نجده عند جارنا ذو األصل النرويجي. وسوف نجد إن األصولي المسلم لديiiه من "المشترك" مع األصولي المسيحي أكثر مما يجده عنiiد المسiiلم، الiiذّي ال يمثiiل لiiه

الدين أساسا وأسلوبا في الحياة.

إن هذا العصر الذّي نعيش فيه اآلن؛ رائد فيما يتعلق بالتغيرات. وكثير من العمليiiات الثقافية يمكن فهمها بطريقة أفضل لو اعتبرنا العالم المعاصر حقل واحiiد يقiiع تحت تأثير مجال كهربي، عما لو اعتبرناه عدة جزر من الثقافات المختلفة. إننiiا نعيش في الحقيقة في عصر يتميز بفورة داخلية، من التمايز الثقافي. وعلى هذا يمكننiiا القiول إن االختالفات الثقافية تحدث في الداخل، وإن قطع الموازييك الثقافي العالمي تنتثر في شظايا صغيرة، وتهبط في أماكن متفرقة، شديدة االختالف عن محيطها. ونتيجة لذلك سوف تصبح مضطرة؛ أن تختلط بدرجات متزايدة مiiع بعضiiها البعض، وسiiوف يصبح أكثر صعوبة أن نحيط بمدينة ما؛ جدار من الخوف، خاصة كلمiiا كiiانت المدينiiة

صغيرة.

من وجهة نظر الدراسات والبحوث في الظواهر الثقافية؛ فiiإن المجتمعiiات متعiiددة اإلثنيiة عالوة على الثiورة االلكترونيiة الحديثiة؛ تعتiبران صiفحتان في كتiاب واحiد.

20

�ن أن من الضرورّي أن نفكر بأسلوب جديد، فالتطور الذّي حدث في تقنيiiة كالهما يبي المعلومات كان قوة دافعة لحدوث التغييرات في الثقافات. وفى هiiذا الشiiأن فليس من المبالغة في شيء أن نiiزعم، أن الطiiائرات، واإلرسiiال التليفزيiiوني عن طريiiق البث الفضائي بواسطة األقمار الصناعية، وحديثا جدا الحاسب الشخصي واالنiiترنت، أصبحوا من أهم عوامiiل التغيiiير في العقiiود األخiiيرة. لقiiد جعلت الطiiائرة االنتقiiال بسرعة وراحة حول العiiالم أمiiرا ممكنiiا، وأصiiبحت السiiياحة، والمبعوثiiون األجiiانب المقيمون بصفة دائمة، عوامل مهمة، ولهم فضل كبير، في خلق التطورات العظيمة التي حدثت في السنوات األخيرة. في األربعينيات من القرن الماضiiي؛ زار الواليiiات

مليiiiون إنسiiiان في العiiiام الواحiiiد في المتوسiiiط. في2.4المتحiiiدة األمريكيiiiة مليiiون، وتبعiiا لبعض118.9الثمانينيiiات من نفس القiiرن؛ كiiان الiiرقم المقابiiل

التوقعات سيزيد هذا الرقم إلى مiiا يقiiرب من مiiائتي مليiiون في غضiiون السiiنوات األولى من القiiرن الحiiالي. وباإلضiiافة إلى ذلiiك؛ فiiإن المهiiاجرين والسiiياح سiiوف يقيمون اتصال دائم ببالدهم األصلية، من خالل وسiiائل االتصiiال الحديثiiة من فiiاكس وتليفون خطى وتليفون متنقل وانترنت. وأصبح من الواضiiح أن االختالفiiات الثقافيiiة المتعددة لم تعد مرتبطة ارتباطا ال فكاك منه بالمكان والمسافة. ويستطيع الفرد أن�ن" ( وي �iiفي "ت (ةiiة في المائiiالطبع ليس مائiiب) تانيةiiاة الباكسiiلوب الحيiiيعيش بأس

Tøyen) لوiiة اوسiiأحد أحياء المدين (Osloذلكiiمال األوروبي. وكiiة في الشiiالواقع ( Kualaيمكنه الحياة باألسلوب الiذّي يحبiه في "كوااللمبiور" ( Lumpurمةiالعاص (

)Caracas) العاصiiمة الكينيiiة، أو"كاراكiiاس" (Nairobiالماليزيiiة، أو"نiiيروبي" ( العاصiiمة الفنزويليiiة، ،لiiو انiiه امتلiiك القiiدرة الماديiiة على ذلiiك. لقiiد سiiاعد البث الفضائي عبر القارات على أن يقلل من االختالفات، ولكن بالطبع ليست كلها، ويزيد

من معلومات البشر– حتى العامة- عن بعضهم البعض.

التطور الذّي حدث في السنوات األخيرة في شبكة وسائل المعلومات غير المرتبطة بالمكان؛ تؤكد مثل هذا الميiل. فالمسiتعملون ألجهiزة الكمiبيوتر واالنiترنت خريiف

يقع بين عشرين وثالثين مليونا، ويتوقع مضاعفة هiiذه األرقiiام بشiiكل هائiiل،1994 وضخم يثير الدهشة. وخالل بضع سنين سوف يستعمل عشرات الماليين من البشiiر االنترنت إلرسال واستقبال الرسائل االلكترونية، ويشاركون في مجموعiiات حواريiiة تناقش موضوعات متخصصة، أو غير متخصصة. ويقiiرءون آخiiر األخبiiار من وكالiiة "

). أو يشiiترون كتابiiا منNTB) أو وكالiiة األنبiiاء النرويجيiiة (APأسوسiiياتد بiiرس" ( المكتبiiات العالميiiة. فعلى االنiiترنت يكiiون التواصiiل بين النiiاس غiiير معتمiiد على المكان، وسواء كان الطرفان في غرفتين متالصقتين ال يحجبهم إال حائiiط، أو أن كال منهما في قارة مختلفة؛ فلن يغير ذلك من الموضوع من شiiيء. إن ذلiiك يرجiiع إلى

notأن االنترنت – كما هو الحال في الفضائيات – ليست مكانيiiة ( localizedأّي ،( .*أنها ليست محدودة ومرتبطة بالمكان

أثناء مراجعة هذا الكتاب إهتزت سماء الدنيا بأخبار سونامي الثورات العربية، في كل من تونس ** ومصر، ومازالت حتى كتابة هذه الكلمات ينتفض الشعب في كل من اليمن وليبيا وسوريا، والحبل على الجرار. وكثير من المحللين يعزون اسباب الثور إلى سرعة تبادل المعلومات بين الشعوب،

وبتعبير آخر تزايد االنتروبيا الثقافية – المترجم

21

في جميع هذه الحاالت، فإن التحدّي األساسي، هو إيجاد مiiا يمكن تسiiميته "الحiiدود ) بين المسiiتعملين. ففي حالiiة التواصiiلFriendly interfaceالمشتركة الوديiiة" (

عن طريق االنترنت تكون هذه الحدود معروفiة، ويمكن تسiميتها وتحديiدها بمعرفiة اللغة اإلنجليزية، ومعلومات أساسiiية بسiiيطة عن الكمiiبيوتر. إلى جiiانب ذلiiك تiiأتي قدرة الفرد على امتالك، أو فرصة الستعمال الكمبيوتر. في السiiؤال: إلى أّي درجiiة توائم ثقافي يتطلبها االندماج في المجتمiع يمكننiا طلبهiا من المهiاجرين والقiادمين للiiنرويج؟ وبأسiiلوب آخiiر يمكننiiا القiiول: إن المشiiكلة تكمن في إيجiiاد "الحiiدود المشiiتركة الوديiiة" بين هiiؤالء القiiادمين من الخiiارج من ناحيiiة، والمتواجiiدين في الداخل أصال من ناحية أخرى. كذلك التوافق على أّي من جوانب الحيiiاة يمكن لكiiل المواطنين في بلد من البالد أن يوجدوا أساليب وقواعiiد حياتيiiة مشiiتركة، وتواصiiل�سمح للوافدين أن يفعلوا مiiا شiiاءوا؟ ويجب األخiiذ وتفاهم مشترك. وفى أّي مجال ي في الحسبان أن في مثل هذه الحاالت التي تتميز باالتصال الدائم، والتفاعل الوثيق، بين أفراد كان االتصال بينهم قليل، أو منعدم؛ يتولد فيها كال من الكثiiير من التشiiابه، والكثير من الخالفات واالختالفات بين البشر. وأن هؤالء الذين يتواجiiدون في أمiiاكن االحتكاك يصبحون أكثر تشابها وتمiiاثال، ألنهم يضiiطرون إلى دخiiول نفس المنطقiiة، منطقة "الحدود المشتركة الوديiiة". لكن االختالفiiات بينهم تتولiiد أيضiiا، وذلiiك ألنهم دائمي االتصال بعضهم ببعض، وبالتالي فهم ليسوا منعزلين كمiiا كiiانوا سiiابقا، وكمiiا

هو معروف أن االختالفات تظهر عندما تبدأ المقارنة.

صحيح أنه مازال الماليين من البشر عالقتهم بالعالم الحديث قليلiiة، أو تكiiاد تنعiiدم؛ لكن بالرغم من ذلك فقد أصبح الحديث عن ما يسمى "الثقافة األصلية" ال معنى له. الفقراء في أفريقيا وآسiiيا مثiiال واضiiح في هiiذا المجiiال، هiiؤالء جiiردوا من معظم وسائل الحداثة، بينما على الجانب األخiر، أو قiل الغiرب- يوجiد الكثiير من الحداثiة واألساليب الحديثة، ولكن في نفس الوقت فان المظاهر الثقافية المختلفة أصiiبحت منتشرة في كل العالم، بiiالرغم من تواجiiدها في مiiدن دون أخiiرى. هiiذه المظiiاهر الثقافيiiة من سالسiiل الفنiiادق العالميiiة، واألخبiiار التليفزيونيiiة ، ومحالت األكالت السريعة، والموديالت العالمية من المالبس، وموسيقى الجاز الصاخبة في المراقص والمالهي الليلية، كل هذا يمكن أن يذكر كمشترك بين قطاع كبير من البشر، يشمل هؤالء الذين العتبارات أخرى يعيشون بطرق جد مختلفiة. وخوفiا من أن يعتiبر ذلiك تبسيط شديد، يمكننا القiول أن المسiتهلكين في أنحiاء العiالم، يiأتي كiل منهم من عالمه الخاص، ليتقابلون مع رموز المدينة والحداثة في األسiiواق. إنهم يتقiiابلون في

) ، وزجاجة الويسكي، والساعاتLevis Jeansرموز مشتركة، مثل: "جينز ليفي" (الكوارتز، وساعة التوقيع بالحضور واالنصراف من العمل، وفى المطارات .

بiiiالرغم من أن مئiiiات الماليين من البشiiiر يشiiiاركون في أنظمiiiة جيiiiدة ثقافيiiiة واقتصادية؛ إال أنهم سوف يظلوا مختلفين في جوانب أخiرى، وحiتى لiو شiiاهدوا ال

Patek)، ولبسوا الساعات من " باتiiك فيليبiiا" (C.N.N"سي.إن.إن" ( Philippe.( وسيظل العب الجولف العiiربي يوجiiه وجهiiه خمس مiiرات في اليiiوم والليلiiة تجiiاه

) . وسيبقى بعض الرجiال يiتزوجون أكiثر من زوجiة، والكثiير منهمMecca"مكة" ( في الحقيقiة لم يمس الكحوليiات، حiتى ولiو مiرة واحiدة في السiر. واألمريكيiون

22

الشiiماليون يسiiتعملون السiiيارات، وسiiاعات مشiiاهدتهم للتليفزيiiون أكiiثر من أّي مجموعiiة بشiiرية أخiiرى ، لكنهم يسiiتطيعون في المتوسiiط لغiiات أجنبيiiة اقiiل من الكثير من اآلخرين. والهنود غالبا يفضلون العيش في عائالت كبiiيرة، وينتسiiبون إلى

) متوارثiiة، والiiتي مiiازالت لهiiا أهميiiة كبiiيرة، و يبiiدو أنهiiاCastمكانiiة اجتماعيiiة (ستواصل البقاء طويال في القرن الواحد وعشرين.

الرموز المشتركة للمدنية والحداثة تعمل، في بعض األحيان، وكأنها مقشطة، تقشط وتزيل الفروق واالختالفات الثقافية. في الماضي كانت بعض المجتمعات عبiiارة عن، مزارعون، وموسيقيون، وآخرون كانوا صيادون ويلتقطون ثمiار الغابiات، بينمiا ظiل آخرون يعيشiiون في المiiدن. بعض المجتمعiiات اسiiتخدمت نظiiام المقايضiiة، بينمiiا آخرون استعملوا العمالت الذهبية، وبقى آخرون يمتلكون تقنيات معلوماتيiiة ال يمكن مقايضتها بالنقود. في عصرنا الحالي تنتسiiب معظم هiiذه االختالفiiات إلى الماضiiي. النظام االقتصادّي النقدّي أصبح قاسما مشiiتركا للغالبيiiة العظمى من البشiiر. ولكن في نفس الوقت سوف تظل االختالفات الثقافية أهم كثيرا منها مما كانت عليiiه في الماضiي. ذلiك ألن المجموعiات البشiرية المختلفiة لهiا اآلن ارتباطiات مiع بعضiها البعض أكثر مما كانت عليiiه في الماضiiي. فمثال حكومiiة إرهابيiiة في إيiiران يمكنهiiا بفضل العولمة أن ترسل موجة فجائية من الرعب إلي العالم بأسره، وذلiiك بمجiiرد أن تصدر فتوى بالقتل لكاتب بريطاني، وتعلنها وتنشiiرها بسiiرعة الiiبرق عن طريiiق البث الفضائي. والى اآلن الزواج المخطط له مسiiبقا؛ شiiائع بين الهنiiود الحiiداثيون. وعلى أساس هذه الميول في التطور؛ فإن من أهم واجباتنا في الدراسات الثقافيiiة، أن نبحث عن أّي الفروق الثقافية هي التي يجب أن تiiزال وتمحى، وأيهمiiا يمكن أن تبقى وتستمر، وأّي أنماط ثقافية جديدة يمكن أن تنشأ عندما يتم لقاء ما هiiو محلى

وما هو عالمي.

هذه العملية تبدو سهلة وبسيطة وبدون مشاكل، لكن الحقيقة ليست بiiالطبع هكiiذا، فهذه الفورات الداخلية المتزايدة من الفروقiات الثقافيiة تiؤدى عمليiا إلى مواجهiةعب المرجانيiiة " ونمiiوذج "المجiiال الكهiiربي" ، هiiذان �iiوذج "الشiiرة بين نمiiمباش النموذجان ليسا متصالحان ومتوافقان ، على األقل ليس عمليا. التطور التكنولiiوجي يولد وينشأ فروقا طبقية، بين هiiؤالء الiiذين يسiiيطرون على التقنيiiة، وهiiؤالء الiiذين تسiiيطر عليهم التقنيiiة. هiiذه الحالiiة تتطلب درجiiات عاليiiة من المرونiiة و القابليiiة للموائمة االجتماعيiiة، ال يسiiتطيع الكثiiيرون وال يرغبiiون أن يقiiدموها. فهiiذا الخليiiط الثقافي يبدو وكأنه خطرا مهiiددا لقيمنiiا، وأسiiلوب حياتنiiا الiiذّي بنينiiاه من قبiiل. إن العالم قد تغير، وال يمكن أن نعتبره جزيرة ثقافيiiة، أو مكiiان موحiiد متجiiانس. ولكن

يمكننا القول: إن العالم مكان واحد لكن كل جزء فيه م�ص�نع محليا.

***

هذه األحوال الجديدة تتطلب أدوات جديدة للتفكير، ومصطلحات جديدة للتعبير. لقد )Creolizationاقiiترحت في السiiنوات األخiiيرة مصiiطلحات مثiiل "الكريوليiiة" (

و"العولمة الثقافية" لتساعدنا في وضع هذا الميل للتطور والتغير الحادث في العالم في األطر المناسبة. هذه المصطلحات بدت لنا وكأنهiiا خطiiوة على الطريiiق؛ لتحiiل

23

محل المصطلحات االجتماعية الكالسيكية، مثل "اإلمبريالية الثقافية"، و"التغiiريب" (alienate)"اييرiiو"فقدان المع ،(anomieوح أخالقيiiا جنiiطلحات فيهiiا مصiiوكله ،(

تفتقiiiده المصiiiطلحات الجديiiiدة. ولقiiiد الحظت الباحثiiiة النرويجيiiiة في مجiiiال�ستاد" ( �ا ج�وال �ن ) أن استخدامMarianne Gullestadاألنثروبولوجية االجتماعية "ماري

مثل هذه المصطلحات يمكن أن يولد ظاهرة اجتماعية سلبية أخالقيا. ولكن مصطلح مثل "التغريب" – بمعنى تغريب المجتمiiع- يمكن أن يصiiبح ذا قيمiiة، ويكiiون مقبiiوال وله قيمة ايجابية داخل هiiذا اإلطiiار من التفكiiير فقiiط عنiiدما تسiiتخدم مصiiطلحات تلبس ثيابا مناسبة من الحرية الفردية والمرونة، وهي سمات مهمة بالطبع للحداثiiة. هذه المالحظة التي عبرت عنها الباحثة مهمة، والمصطلحات المستعملة في الحiiوار�م الحiiوارات �قي مiiابين الثقافiiات يجب أن تكiiون أكiiثر دقiiة وتiiوازن، وال يجب أال ت بأوصاف مثل "جيدة " أو "سيئة"، فذلك ليس كافيiiا. ولكن على العمiiوم فiiإن مثiiل

هذه الحوارات حول هذه التناقضات لم تبدأ إال حديثا.

في بعض المناسiiiبات والحiiiاالت يمكن أن يكiiiون مقبiiiوال أن نتكلم عن التنiiiاقض الكالسيكي بين "الحريiiة" و"األمن" االجتمiiاعيين. وفي حiiاالت أخiiرى سiiيكون أكiiثر أهمية أن ندرس العالقiiة بين الليبراليiiة االقتصiiادية والتهجين الثقiiافي. وربمiiا تكiiون عملية إزالة الحدود في الجانب االقتصادّي يؤدى إلى فقدان القوة بشكل كبير، بينما تكون نفس العملية من إزالة الحدود في الجانب الثقافي تؤدى إلى حريiiة اكiiبر؟ إن العولمة االقتصادية تولد تركيزا لرأس المال، وزيادة قوة ونفوذ الشiiركات المتعiiددة

)، التي ال تؤدى التزاماتهما المحلية. وتؤدىtransnationalالجنسيات، أو األجنبية ( ). وعلى العكس فiiإن العولمiiةunionismأيضiiا إلى إضiiعاف النقابiiات العماليiiة (

الثقافية تؤدى إلى سهولة الحصول على المعلومات، وبالتالي تؤدى إلى القدرة على تطiiوير الديمقراطيiiة. لكن في نفس الiiوقت؛ لن يكiiون من المؤكiiد أن نتمكن من احتiiواء أو إضiiعاف أّي من الجiiانبين دون أن نضiiطر إلى قبiiول الجiiانب اآلخiiر في

الصفقة.

�رسل إلى كل مكiiان، عولمة الثقافة تحمل في طياتها أن "الرسالة" المنتجة بكثرة، ت وأنها لم تعد ترتبط بمكان اإلنتiiاج. وهiiذا ينطبiiق إلى درجiiة معينiiة على"الثقافiiات". ففي، ومع ظروف الهجرة، والسفر، ووسائل االتصiiاالت الحديثiiة، تنسiiاب الثقافiiات وتتدفق، وتتداخل في بعضها البعض، وتتشكل جيiiوب من مختلiiف أشiiكال الثقافiiات في األماكن الجديدة. هذه الظاهرة ليسiiت نiiادرة ويمكن حiiدوثها في أّي مكiiان في

)Guganasالعالم. في أحiiد "الميكروباصiiات" في إحiiدى غابiiات جزيiiرة "جiiاوة" (االندونيسية؛ شاهدت "جاويا" مستغرقا في قراءة عدد قديم من جريدة "البرافiiدا" (

Pravda،طربانiiديان مضiiد الخلفي هنiiا جلس في المعقiiالروسية المعروفة، بينم ( ).Colombia) البيضiiاء، اآلتيiiة من "كولومبيiiا" (Powderجيوبهم مليئة "بالبودرة" (

) الهندية ]التانiiدورّي فiiرن من الطين، وهiiوtandooriوأفضل مطاعم "التنادورّي" ( اسiiم هنiiدّي، ويسiiتخدم في شiiمال الهنiiد وباكسiiتان، ويسiiتخدم فيiiه الفحم لطهي الطعiiام، أو الخiiبز – المiiترجم[ في العiiالم، ربمiiا هي تلiiك الموجiiودة في بريطانيiiا العظمى. ونرويجي الجنسية باكستاني المولد، يشاهد فيلمiiا باكسiiتانيا في العاصiiمة النرويجية أوسلو على الفيديو، واآلن على أحدى القنوات الفضائية. إن أشكاال متباينة

24

من مiiا يمكن تسiiميته " ثقافiiة تركيiiة - ألمانيiiة"، أو تركيiiة – فرنسiiية، أو تركيiiة - دانماركية، أو تركية – هولندية، تنشأ بسبب؛ أن األقليات التركيiiة في البالد المختلفiiة تطور ثقافة خاصة بها. ثقافة تتوائم وتتناسب محليا، ولكنها تنبiiع أساسiiا من الثقافiiة¦ في ألمانيiiا، تعiiنى شiiيئا مختلفiiا، عن أن تكiiون Éيiiا �رك التركية. وعلى ذلك؛ أن تكون ت¦ في الدانمارك. لقiiد أصiiبح من الضiiرورّي، أن نطiiور لغiiة نظريiiة، لكي نصiiف �ا Éي �رك ت ظواهر من مثل هذا النوع. عند ذلك سوف ال نجد أننا بعيدين عن مصطلحات ثقافيiiة�ع�رÉف "الثقافات " كما لو كانت استاتيكية ساكنة، ومنغلقة محدودة بالمكان. تصف وت

إنه من الطبيعي أال نهمل البعد المكاني كليا من كل الظواهر الثقافية، رغما عن أني اخترت أن أركز على تلك الظواهر التي يكون فيها المكان عنصرا أساسiiيا. إن ردود

equalizingالفعiiل الناجمiiة في الiiوعي الجمعي للمجتمiiع ضiiد الميiiل للتماثiiل (tendensy،اعيiاء االجتمiة بالنقiiة. والمطالبiiورة الكليiiا من الصiزءا مهمiتمثل ج (

وإحاطة المجتمiiع بالحiiدود، والمشiiاريع الiiتي تهiiدف إلى بنiiاء مجتمiiع نقى ومحiiاط بسiiياج عiiازل، فقiiط بiiه رمiiوز عالميiiة مثiiل المسلسiiالت التليفزيونيiiة االجتماعيiiة

) وصناديق الكوكاكوال، كل ذلك يمكنSoap Operaالعالمية (مثل أوبرا الصابون – أن يفهم بأنه رد فعل مباشر لعولمة الثقافiة، ويطلiق عليهiا مباشiرة تعبiيرات مثiل

"جعل الثقافة محلية".

وبدال من المصطلح األنثروبولوجي القiiديم للثقافiiة، الiiذّي يعتiiبر الثقافiiة أنهiiا تلiiك" السمات والسلوك المشترك الذّي يميز مجتمع بشرّي عن آخر"، أريد تعريف الثقافة بأنها " كل ما يجعل التواصل بين البشر ممكنا" ، فقط بهذه الطريقة يمكننا أن نفهم أن البشiiر يتقاسiiمون الكثiiير من "المشiiترك" فيمiiا بينهم. بعض هiiذا " المشiiترك" شديد األهمية ، بعض® آخر أقل أهمية، وبعض يتولiiد ويتحلiiل في سiiرعة فائقiiة بينمiiا سمات مشتركة أخرى متجذرة وجوهرية بدرجة تجعلها صعبة التغيiiير. فمثال لiiو كنت

)، وعاشiiقا لبتهiiوفن (heterosexualأنا : نرويجيا، رجال، وأميل إلى الجنس األخر (Beethovem) ومياال للثقافة الفرنسية ،(Francophileومتخصصا في الحشرات ،(

)،Sikhالمدغشقرية، ولون بشiiرتي داكنiiة، واعتقiiد بمiiا يعتقiiده " الهنiiود السiiيخ" ( ) الiiدولي،Rotaryواشتراكيا، وتخطيت األربعين من العمر، وعضو في "الروتiiارّي" (

فماذا تكون هويتي؟ من المؤكد أن عضويتي في نادّي الروتارّي ليست بنفس أهميiiة كiiوني رجال. وبiiالطبع خiiبرتي وتجiiاربي كرجiiل أهم بكثiiير من كiiوني عضiiوا في الروتارى. ولكن هل أنا نرويجيا أكثر منiiه اشiiتراكيا؟ لإلجابiiة عن مثiiل هiiذا السiiؤال

يجب على الباحث، أن يتعمق في دراسة سيرتي الذاتية.

حقا إنه ليس من السهل أن نغير أسلوب التفكير في الثقافة والهوية الراسخة فينiiا. وهناك محاولة حسنة النية، لكنها ليست دون مشاكل. محاولة تتناول مشكلة التنiiوعالعرقي والثقافي في البالد األوروبية الغربية الغنية تحت اسم "التعدديiiة الثقافيiiة" (

multiculturalismميةiiاتية رسiiة مؤسسiiادى بحمايiiتي تنiiة الiiذه اإليديولوجيiiه .( للخصوصiiية الثقافيiiة عنiiد األقليiiات، يمكن أن ينتج عنهiiا آثiiار جانبيiiة محزنiiة غiiير

) اآلفلiiة،Herderمقصiiودة. مثiiل هiiذه اإليديولوجيiiة تنحiiدر من نظريiiات "هiiردر" ( فحماية األقليiiات يمكن أن تعiiانى من مخiiاطرة التطiiور إلى مiiا هiiو أسiiوأ، وهنالiiك

25

يضطر الكثiiيرون من هiؤالء الiذين تحتiiويهم المجموعiة قبiiول مiiاال يحبiiون، فهiؤالء يتوقعiiون أن لهم ثقافiiة خاصiiة يجب أن تحiiترم، ويفخiiرون بهiiا، ويسiiتمرون في ممارستها، بل ويسوقونها لآلخرين. ولiiو أنهم بiiدال من ذلiiك انتهiiوا إلى مبiiادئ وقيم

identityاألغلبية، أو طوروا قيما خاصiiة بهم تتكiiون من " أجiiزاء هويiiات" ( bits،( فهنالك سوف تتولد عندهم مشاكل الهوية. إنهم يقعون في المنطقة الرمادية، الiiتي

noتعتبر من وجهiiة نظiiر معتنقي التنiiوع الثقiiافي أنهم "أرض بال مالiiك" ( man`s landعبiلوا من " الشiأو أنهم أفراد ال انتماء لهم. أو بأسلوب آخر؛ إنهم قد انفص ،(

المرجانية" يتيهون في ملكوت البحر، أو أنهم ربمiiا يعيشiiون في واقiiع ثقiiافي آخiiر، واقع أقل جمiودا تكiون فيiه الحiدود ليسiت مطلقiة. ولiو أن الهiدف هiو أن نصiنع مجتمعا متناغما خاليا من الفروق، وال يوجد به مواطنون من الدرجة األولى، وآخرون من الدرجة الثانيiiة؛ فيجب أن يحصiiل هiiؤالء البشiiر على نفس المقiiدار من القبiiول والتقدير بالرغم من اختيارهم لثقافة مجتمعاتهم البسيطة. وهذا القبول والتقدير حق

)، انطالقiiا منimpureلهم، حiiتى في حالiiة اعتبiiار البعض لهم أنهم "غiiير أنقيiiاء" ( الفرض القائل: أن الثقافات محددة المعiiالم، أو وحiiدات كاملiiة منفصiiلة ، وان كiiل

ثقافة لها منطقها الخاص.

"التعددية الثقافية" مبنية على الفرض الذّي يعتبر الثقافiات شiiيئا، لiه حiدود مكانيiiةمنعزلة، وكل ما بداخلها أفراد متماثلون متشابهون، ويتقارب مصطلح "الكريوليiiة" (

Creolizationاجiiة، وهي إنتiiة. والكريوليiiر عن الثقافiiير اآلخiiلوب التفكiiمن األس ( وصناعة ثقافة الكريولي، والكريولي تاريخيا، هو الفرد الذّي ولد في أمريكا الجنوبيiiة لكنه من اصل اسباني. ومثله مثل االنجلو ساكسوني الذّي ولد في الواليات المتحدة األمريكية. وبالتiiالي فiiان الكريوليiiة هي في الحقيقiiة أن يعيش الفiiرد في المنطقiiة الرمادية، اّي ما بين ثقافتين، وهذا يمكن تشبيهه بما يحدث في مجiiال كهiiربي مليء

.*بأقطاب كبيرة وصغيرة، كل منها يرسل بحشد من اإلشارات

) في اللغiiةCriollo واألصiiل اللغiiوّي للكريوليiiة مقتبس من لفiiظ "الكريولiiو" ( األسiبانية، وتعiنى" المولiود في العiالم الجديiد"، واسiتخدم هiذا اللفiظ عنiدما بiدأ�عiiرف اللغiiة الكريوليiiة بأنهiiا األسبان في استعمار العالم الجديد، أمريكا الجنوبية. وت

mother) تصiiبح بعiiد فiiترة، اللسiiان األصiiلي (Pidgin"لغة منطوقiiة"، أو"رطن" (tongueدائى بينiiلشخصين على األقل. وهى لغة تطورت أصال من اتصال لغوى ب (

جانبين من البشر، ليس بينهما لغة مشiiتركة. ومثiiال يضiiرب لمثiiل هiiذا الiiرطن، أو اللغة، هي لغة "روسا- نوشك" (أو روسي – نرويجي). وقد كانت تمثل لغة التفiiاهم، وينطiiق بهiiا بضiiعة آالف من البشiiر على الحiiدود الروسiiية النرويجيiiة، في كال من

. فعندما نشأت تجارة نشطة للخشiiب، والفودكiiا، والسiiمك1917البلدين قبل ثورة على الحدود؛ ظهرت الحاجiiة إلى التواصiiل بين البشiiر. حiiدث ذلiiك قبiiل محiiاوالت

News) وجريiiدة "النيوزويiiك" (MTVالمحطiiة التليفزيونيiiة للموسiiيقى ( Week( األمريكيiiة إلرسiiاء تواصiiل بين البشiiر، أينمiiا كiiانوا في أركiiان المعمiiورة بالالتينيiiة

في الفيزياء عندما تتواجد شحنات كهربية، أو جسيمات مغناطيسية، منعزلة عن بعضها البعض؛ ** في مجال كهربي ، أو مغناطيسي، فهي تتأثر، وتأثر، أّي تتفاعل مع قوى المجال، جذبا وإنجذابا –

المترجم

26

المعاصرة . هذه التجارة اضطرت المتاجرين إلى تأسيس وسيلة لالتصiiال والتفiiاهم من الصفر. فاللغة الروسية واللغة النرويجية ليس بينهما كلمات مشتركة تصiiلح ألن

)، تتكiiون منPidginتكون بدايiiة للتفiiاهم، وكiiانت النتيجiiة لغiiة تفiiاهم، أو"رطن" ( حوالي أربعمائة كلمiiة أتiiاحت للiiروس والنرويجiiيين الحiiديث والتفiiاهم عن السiiمك

والفودكا والنساء، وحتى المفاصلة في األسعار.

�غلقت الحiدود بعiد هذه اللغة "روسا- نوشك" ماتت موتiا طبيعيiا، وذلiك عنiدما أ بقيiادة ليiنين. ولكن تصiور لiو أن1917الثiورة البلشiفية الiتي قiامت في أكتiوبر

التبادل التجارّي على الحدود تضاعف أضعافا كثيرة، وأصبح أكثر نشاطا، وأن الروس والنرويجيون استمروا في التزاوج بدرجة كبيرة في المنطقة الحدودية، وأن التواصل بين غالبيiiة الiiروس، ذو اللسiiان الروسiiي النقي، وغالبيiiة الiiنرويجيون ذو اللسiiان الiiنرويجي النقي، قiiد تطiiور ووصiiل إلى الiiذروة، لدرجiiة أن المجتمiiع الروسiiي – الiiنرويجي على الجiiانبين من الحiiدود أصiiبح لiiه كيiiان، واسiiتطاع أن يحافiiظ على مقومات استمراره؛ إذا لكانت هناك احتماليiiة كبiiيرة في أن اللغiiة "روسiiا- نوشiiك" تطور نفسها إلى إحدى اللغات الكريولية. المفردات ستزيد، وتركيب الجمل سيصبح أكثر تعقيدا، وينتج عن ذلك تعريف أفعال دقيiiق، وبعiد جيiiل أو جيلين فiان األطفiال لتلك العائالت المختلطة لن يتكلموا اللغة الروسية أو اللغة النرويجية؛ بل سيتكلمون "روسا- نوشك" من أول يوم. ولن يصiiبحوا نرويجiiيين أو روسiiيين، لكن سيصiiبحون

Ivanخليطا من "الروسiiي– الiiنرويجي". وأسiiماء مثiiل "ايفiiان" و "ناتاشiiا" ( and Natasjaبحانiiوف يصiiنرويجي؛ سiiي والiiتعمالن في المجتمعين الروسiiاللذان يس (

هما االختيار األفضل الطبيعي للوالدين المتزوجين حديثا.

ربما يبiiدو أن هiiذا المثiiال غiiير واقعي، لكن الحقيقiiة أن هiiذه العمليiiة بالضiiبط قiiد تكررت العديد من المرات في تاريخ الثقافات. فلو ذكرنا اليوم أمام أحد الجiiامعيوناألوروبيون عبارة، اللغة الكريولية ؛ فسينصiiرف فكiiرة، أو فكرهiiا، في الحiiال إلى "

les patoisdes ilesتعمراتiiأو لغات الجزر. وهى اللغات التي تطورت في مس " السكر االستوائية، عندما اختلط األوروبيون مع العبيد األفارقة. والسبب في أن اللغة الكريولية تطورت بسرعة فى هذه المناطق المستعمرة بسيط. فبعد ما جiiاء العبيiiد من أماكن مختلفiiة من أفريقيiiا، لم يكن بينهم لغiiة تفiiاهم مشiiتركة. وخوفiiا من أن ينظموا أنفسهم سياسيا؛ فقد حاول مالكيهم أن يفرقوا بين العائالت الذين يتحiiدثون نفس اللغة. فكانت النتيجة أن اللغة الوحيدة المشتركة التي تعلمها واستعملها العبيد

)، و"هiiايتي" (Guadeloupeبنيت أساسا على لغة السيد المالك. في "جودالوبiiا" (Haiti) "ةiiiiiiيا المقدسiiiiiiو"لوس ،(St.Lucia) "يوسiiiiiiو"موريش ،(Mauritius،(

Laو"لريونيون" ( Reunionونiiابقة، يتكلمiiتعمرات السiiزر والمسiiوكلها من الج ،( وحتى يومنا هذا لغة كريولية، تتكiiون ألفاظهiiا األساسiiية من الفرنسiiية، مثلمiiا كiiان يتحدث البحارة الفرنسيون في القرن السابع والثامن عشر، مع مالحظiiة أن قواعiiداللغiiة فيهiiا آثiiار من اللغiiات المسiiتعملة في أفريقيiiا الغربيiiة. أمiiا في "جاميكiiا" (

Jamaicaلiiزر "األنتيiiا فى جiiة. أمiiها اإلنجليزيiiة أساسiiة كريوليiiون لغiiفهم يتكلم ( ) ،ABC) - الجزر تشمل: جزر"أيه بي سي" (Netherlands Antillesالهولندية" ( ) - فيتحiiiدثونCuracao)، "كوراكiiiو" (Bonaire)، "بونiiiير" (Aurba"أوروبiiiا" (

27

)، التي أساسها اللغة البرتغالية والهولندية. و"البابيامنتو"Papiamentoبiالبابيامنتو ( ) مهم، وربما تكiiونPidginلم ترق إطالقا إلى درجة لغة كريولية – ولكنها "رطن" (

هي اللغة "السورينامية" المسiiتخدمة في جمهوريiiة سiiورينام في أمريكiiا الجنوبيiiة. ) يمكن لإلنسان أنSurinamic Srananوفي هذا الرطن "سرانان السورينامي" (

يتعرف على كلمات أو عناصر أخرى من اإلنجليزية والهولندية واألسبانية والفرنسiiيةوالبرتغالية وحتى العبرية!

ليس فقط المستعمرات، والناس فاقدّي الجذور هم الiiذين مiiروا بعمليiiة الكريوليiiة اللغوية. فعلى سبيل المثال، اللغة المعروفة اليوم باسiم اإلنجليزيiة، تعتiبر نiاتج مناختالط اللهجات األنجلوساكسونية، والنورماندية الفرنسية، منذ عهد " وليم الفاتح" (

William the Conqureorتيالءهiالذّي قاد الحملة النورماندية على انجلترا، واس ( م. وكiiذلك اللغiiة الفرنسiiية بiiدورها؛ نتيجiiة التالقي بين1066على السiiلطة عiiام

) في العصور القديمة والوسطى.Frankishاللهجات الالتينية، والجرمانية الفرنكية (

من الواضح أن الحديث عن الكريولية وعالقتها باللغة شديد األهمية. لكن السؤال هو: هل الحديث عنها في الحالiة الثقافيiة سiيكون أيضiا لiه نفس القيمiة. النمiوذج الذّي عرضناه في عملية الكريولية اللغوية؛ بالتأكيد يوضح اثiiنين أو أكiiثر من اللغiiات المستقرة عندما تتقابل، وبعد وقت من االضطراب، وعدم االسiiتقرار يتبiiع االختالط، تستقر األمور وتتوازن مرة أخiiرى. اللغiiة الكريوليiiة في "موريشiiيوس" على سiiبيل المثiiال ال الحصiiر، لم تتغiiير تغiiيرا ذو قيمiiة لقiiرنين من الزمiiان. فقiiط تضiiاعفترات االجتماعيiiة والثقافيiiة. كلمiiة الكريوليiiة إذا يصiiاحبها �iiبب التغيiiردات بسiiالمف إحساس غير مريح، وغiير مبهج، عنiدما نبiني تفكيرنiا على االعتقiاد بiان االسiتقرار الثقافي هو الحالة الطبيعية، وأن االضطراب والتغيير هو الذّي يجب تجنبه. ولكن في وقتنا الحاضر، وأكثر من أّي وقت مضى؛ فالواقع هو أن الجiوانب الثقافيiة هي الiتي تتأثر، وبالتالي فإن الديناميكية، أو "الحركة والتغيiiير" هي الوضiiع الطiiبيعي المتوقiiع

بالتأكيد.

لقد أصبح من الواضح أن؛ مصطلح الكريولية ال يمكنiiه إعطiiاء فهم كامiiل في حiiال وصف ظاهرة ثقافية، على األقل في الناحية اللغوية. ولكن نفس المشiiكلة تبقى وال

)، والذّي يفضiiل اسiiتعمالهHybridisingتزول؛ عندما نستخدم مصطلح "التهجين" ( )Syncretismبعض الباحثين، وربما يكون أكثر شiiموال أن نتحiiدث عن "التوفيiiق" (

بدال من المصطلحين السابقين، هذا لو أردنا استعارة مصطلح استخدم في البحiiوث الدينية بدال من اللغة؟ هذا المصطلح يعطى على األقل انطباعا بالديناميكيiiة، فهiiو ال يفرض متطلبات من التوازن واالستقرار، يجب أن تصل إليها الحالة، بعدما يتم عصر عادات وتقاليد مختلفة معا. إال أن أسiلوب التوفيiق هiذا، لألسiف، يعiانى أيضiا من

syncreticalنفس الضعف الذّي تعانى منه الكريولية. وذلك ألن الديانiiة التوافقيiiة (religion(تيiiة، والiiوس الدينيiiعرف بأنها خليط من اثنين أو أكثر من الطق� الناتجة ت

تعتبر كل واحدة منها وحدة متكاملة مندمجة ال تقبل التقسيم. وبهذا الفهم يمكننا أن نقول في حاالت معينة، أن كل البشر نتاج الكريوليiiة والتوافقيiiة، فال يوجiiد أحiiد من البشر نقى مائة في المائة. واللغiiة النرويجيiiة، بمiiا فيهiiا النرويجيiiة الجديiiدة، مليئiiة

28

بالكلمات المستعارة من اللغات األخرى، وستصبح لغة شديدة الفقر بدونها. ومعظمالناس يؤمنون قليال، في كثير من المواقف، في القوى الخارقة الغيبية الغير عادية (

Overnaturalاiذا مiتقبل( وهiيء من المسiل شiيطر على كiتي تسiالمختلفة، ال ( Protestanticيوصف بالحظ في الدراسiiات الثقافيiiة) وحiiتى اإللiiه البروتسiiتناتى (

God.(

صحيح أن مصطلح الكريولية يمكن انتقاده، ووصفه بأنه مبسiiط ويiiؤدى إلى فهم وداللة خاطئة. ولكن، ورغما عن ذلك؛ فلست راغبا في التنازل بالكامل عنه. السبب في ذلك، إن هذا المصطلح - وبالضiiبط لكونiiه مليء بالتنiiاقض- ربمiiا يمكنiiه القيiiام بوظيفة "جسر" بين أسلوب التفكير الذّي يعتبر العالم جزيرة ثقافيiiة، وبين أسiiلوب�صور العالم، وكأنه مجال كهربي واحد ليس به حدود واضحة. وحiiتى ال التفكير الذّي ي نغض الطرف تماما عن محاوالت تجديد مصطلح يستخدم لوصف ظاهرة ثقافية مiiا جديدة، وقدمت من أجله البراهين والحجج، وليس فقط ألن يقال أننا نفكiiر بطريقiiة فاتنة، وشديدة الوضiiوح، وأفضiiل كثiiيرا عمiiا قدمiiه من سiiبقونا من أجيiiال. ويعتiiبر اختياره أيضا؛ رد فعل، ناتج عن التغيرات الحادثة في العالم الخارجي، الiiذّي اقiiترب من إرسال القومية الكالسيكية - التي بالتأكيد قد جلبت مشiiاكل للتعدديiiة الثقافيiiة- إلى مزبلة التاريخ. التغيرات التي أقامت شiiبكة متقاربiiة، ومكثفiiة من الجسiiور بين جزر ثقافية، ربما لم يكن بينها سابقا إال رحلة مركب للنقiل، يiiتردد بينهمiا مiiرة كiل

شهر.

IV

هذه الفورات الثقافية التي تحدث في عالمنا المعاصر في داخل المجتمعات، تفرض علينا أن نعمد إلى التفكير في مشكلة "الهويiiة". لقiد اسiiتخدمت هiذه الكلمiة ألول مرة في الخمسينيات من القiiرن الماضiiي في الدراسiiات االجتماعيiiة الiiتي أجراهiiا

الذّي كان في )Erik H. Erikson (*عالم النفس االجتماعي "أريك هi. أريكسون" الحقيقiiة، يتحiiدث عن الهويiiة الشخصiiية للفiiرد. وكلمiiات مثiiل "الهويiiة الثقافيiiة"، و"الهوية القومية"، و"الهوية العرقية"، أو اإلثنيiiة، أصiiبحت تسiiتخدم بصiiورة مكثفiiة وأساسية، كلغiiة الحiiوار بين البiiاحثين في العلiiوم االجتماعيiiة في ثمانينيiiات القiiرن الماضي. وبتعبير آخiر فiان المجتمiع لم يكن مهيiأ للخشiية على هويتiه القوميiة، أو¦ فإن المجتمعات ال تفكر في مسألة الهوية قبل أن يتولiiد الثقافية، أو اإلثنية. وعموما اإلحساس بالتهديد. ويحدث ذلك بدايiiة عنiiدما يجiiدوا أن اتصiiالهم بالعiiالم الخiiارجي

�أخذ ** أريك اريكسون، يعتبر أحد رواد التحليل النفسي، والتطور اإلنساني. يرى أنه من المهم، أن ي في االعتبار العوامل التاريخية واالجتماعية والثقافية، التي أحاطت بالفرد، عند دراسة وتحليل

في فرانكفورت األلمانية، وعاش في ألمانيا حتى1902النفس. ولد من والدين دانماركيين عام الحرب العالمية األولى، ثم رحل إلى فيينا، ودرس السيكولوجي، والتحليل النفسي مع إبنة فرويد

�ا فرويد"( ، وعمل في جامعة هارفارد. لم يكن1933). رحل إلى أمريكا عام Anna Freued"أن راضيا تماما عن نظرية فرويد في التحليل النفسي، لهذا بني نظريته الخاصة المبنية على نموذج

)،Bio- Psycosocial Modelيأخذ في االعتبار أن للبيولوجيا تأثيرا على السلوك االجتماعي( )، وبعدهChieldhood And Society بعنوان "الطفولة والمجتمع"(1950ونشر كتابه األول عام

– المترجم1994). مات Identity Crisesكتاب "أزمة الهوية"(

29

أصبح مفروض عليهم. هذا اإلحساس بالفرض، للتواصل مiiع العiiالم الخiiارجي؛ يولiiد عند اإلنسان، خشية التأثر باآلخرين. بعدها يتولد خوف لدى اإلنسiiان من احتمiiال أن¦) مغايرا تماما، لما كان يعتبره هو، مالمح شخصiiيته وهويتiiه. يصبح إنسانا (أو مجتمعا¦ ولذلك فليس هناك أّي تناقض في أن ظاهرة انتشار العولمiiة الثقافيiiة يصiiاحبها يiiدا بيدا، وفى نفس الوقت نشوء وكبر حركات اجتماعيiiة غاضiiبة، تنiiادى بالحفiiاظ على¦ ما يعتبرون أنفسiهم الهوية. وترفض أن تتواءم مع هذا التيار الجارف المتقدم. وغالبا

¦ عن الثقافات األخرى. متميزون ومتفردون ثقافيا، ويختلفون تماما

الهوية يمكن تعريفها إما أن تصبح شبيها لنفسiiك أو شiiبيها مiiع آخiiرين. أو أن تكiiون مختلفا عن آخرين. وهذه مشكلة تواجه جميع المجتمعات اإلنسانية، ذلك ألنiiه يوجiiد هناك دائما من ال يرغب في أن يساير الجميع وأن يبقى متميزا. وحiتى يصiبح للفiرد (هوية) يجب أن توجد (ال هوية)، أو قل هوية مخالفiiة يقiiارن هويتiiه بهiiا. فالرجiiال ال يصبحون رجاال إال إذا وجد النسiiاء، وكلمiiة "صiiغير" تصiiبح غiiير مفهومiiة إذا لم يكن هناك "كبiiير" أو "عجiiوز"، وال يمكن أن تصiiبح نرويجيiiا إال إذا كiiان هنiiاك سiiويديا أو�كتشiiف أن هنiiاك من يتشiiابه دانماركيا. فهوية اإلنسان االجتماعية ال تنشأ إال عندما ي

معه، أو فى نفس الوقت يكتشف أن هناك من يختلف عنهم.

وبفرض أن هؤالء اآلخرين لم يكن لهم وجود؛ لكiiان لزامiiا أن نخلقهم. كiiان ذلiiكEmile 1858-1916منطق "اميل دوركهيم" ( Durkheimاعيiiالم االجتمiiالع ،(

الفرنسي المعروف في تفسيره الكالسيكي لالنحiiراف السiiلوكي االجتمiiاعي. وفيiiه أوضح كيف أن "المجرمين" لهم أهمية وظيفية في تكوين الشعور الجمعي للمجتمع.

Nilsنمط فكرى اتبعه " نيلز كريستي" ( Christiةiiأستاذ علوم الجريمة في جامع ( �وسiiلو؛ عنiiد إشiiارته لiiذلك في تعبiiيره واصiiفا مiiدمني المخiiدرات بiiأنهم "األعiiداء أ

)،demonizeالجيiiدون" للمجتمعiiات الحديثiiة، فمن الممكن عiiزلهم، وشiiيطنتهم ( )، وبذلك يمكن تعريفbestialووصفهم بالقذرين المجرمين المتوحشين البهيميين (

المجتمع كمجتمع أخالقي في مقابل مجتمع ال أخالقي أو ال اجتماعي.

وهكذا دائما؛ الهوية تولد وتنمو فقط عندما يوجد آخرين في المقابل، سiiواء كiiان ذلك األخر يختلف عنا في الجنس، أو العمر، أو لون البشiiرة، أو اللغiiة، أو الiiدين، أو أّي شيء آخر. ولكن هناك فروق مهمiiة بين طiiرق خلiiق الهويiiة ينبغي االنتبiiاه لهiiا، فهناك هوية يمكن إيجادها خالل الدولiة بأدواتهiا القويiiة، وهنiiاك هويiiة يمكن بقاءهiا خاصة وشخصية فرديiiة. فعنiiدما يiiذهب فiiرد إلى الحiiرب، ويمiiوت من أجiiل قومiiه ووطنه، يتطلب ذلك الوالء الكامل من الفرد. بينمiiا عنiiدما تنظم الفiiرق الموسiiيقية حفالت؛ يوزع دخلها على األعمال الخيرية االجتماعية، فذلك والء جiiزئي، يكفى منiiه بضع مرات قليلة في السنة. مثل هذه الهوية يمكن أن تتوافق وتنسجم مع الهويiiات األخرى. تماما مثلما تتوافق هويiiة الجنس مiiع عمiiر معين. وكiiذلك الهويiiة الطبقيiiة االجتماعية أو الهوية القومية. لكن هناك هويات تعزل الهويات األخرى، وتضع حولهiiا

سياجا، مثلما تفعل الديانات والقوميات في كثير من األحيان.

الدولة النرويجية ال تسمح لمواطنيها بiiازدواج الجنسiiية. فهم يتطلبiiون أن يكiiون الوالء السياسiiي مرتبطiiا كليiiا للدولiiة النرويجيiiة. بينمiiا بعض الiiدول توافiiق – على

30

العكس من ذلك- أن يقتسم مواطنيهiiا روابiiط الiiوالء، فيمكن لمواطنيهiiا أن يكونiiوا ". كذلك الديانة المسيحية، ال تسiiمح للمؤمiiنينهذا أو ذاك" بدال من "هذا وذاك"

بهiiا أن يؤمنiiوا بآلهiiة أخiiرى، بينمiiا تكiiون هiiذه القضiiية مشiiكلة بسiiيطة في بعض الديانات األخرى. الهندوسية مثال قادرة على امتصاص واحتواء العقائد األخرى، وذلك عن طريiiق أن إلiiه المسiiيحيين والمسiiيح ذاتiiه؛ يمكن أن يكiiون لهم مكiiان بجiiانب اآلخرين في عالم اآللهة الهندوسية. وديانات محلية في أفريقيا، على سiبيل المثiال، يمكنها أن تتعايش وتتصالح مع المسiيحية أو اإلسiiالم. بينمiا في حالiة مخالفiة كiان�طiiردون من األهiiالي. لقiiد ظن المبشiiرون المبشiiرون الiiنرويجيون في مدغشiiقر ي بالمسيحية إن السبب هو، أن المدغشقريين مناهضين للعقيدة "اإلنجيلية- اللوثريiiة"

)evangelical-lutheramةiiاء. والحقيقiiون اآلبiiترمون ويقدسiiازالوا يحiiوأنهم م ،( هي، إن المدغشقريين لم يكونوا رافضين تماما للمسيحية، بل ألنهم ظنiiوا أنiiه يجب عليهم أن يتحولوا إلى االعتقاد بآلهة أخرى. وكان عiiالمهم يسiiمح لكiiل اآللهiiة "هiiذا

وذاك"، خالفا للمبشرين، الذين كانوا من عالم "هذا أو ذاك".

إن الفرق بين أسلوب "هذا أو ذاك" وأسلوب "هذا وذاك" فرق أساسي ومهم. حيث أن أسلوب "هذا أو ذاك"؛ يخلق تباين حاد. بينما أسلوب "هiiذا وذاك" يخلiiق منطقiiة رمادية، ويمهد النتقال تدريجي ناعم والتباس وغموض، وبالتأكيد، فإنه أسلوب، غالبiiا ما يحتوى تضارب وعدم انسجام بين محتوياتiiه. لكن لقبiiول هiiذا النمiiط؛ يجب على اإلنسان أن يقبل مبدأ أن: الحيiiاة اإلنسiiانية نفسiiها ال تشiiكل "كال" مصiiمتا متناغمiiا منطقيا. إن كل من له قاعدة معرفيiiة عن األخالق أوسiiع من تلiiك الiتي نقرأهiا في

)، يعرف أن الصواب والخطأ ليسmoral philosophyكتب " الفلسفة األخالقية" ( له عالقة بالمبادئ فحسب، ولكن يتطلب أيضا أن نتعامل مع كل حالة قائمiiة بiiذاتها. وهiiذا رغمiiا عن كثiiير من المتشiiائمين الiiواثقين بأنiiه من الصiiحيح أن نقتiiل نفسiiا إنسiانية في ظiiروف معينiiة. إن وجiود التنiiاقض في الiداخل؛ ال يمثiiل في الحقيقiة مشكلة عملية كبيرة. فلو تأملنا، فيما نتأمل، األمثال الشعبية النرويجية، نجدها غالبiiا ما تعطى إشارات أخالقية متناقضة. يقولون "ال تبيع الجلiiد قبiiل صiiيد الiiدب"، وفى نفس الiiوقت يقولiiون" من يخشiiى السiiباق لن يiiربح". أن تكiiون نرويجيiiا، ورجال، ومسيحيا، أو باكستانيا، فإن ذلك ال يجب أن يكون "عالمة" مقضي عليك أن تتحملهiا في كل المواقف الحياتية. فكل® من هiذه الصiiفات تكiiون ذات موضiوعية فقiط في

مناسبات معينة.

يوجد أيضا فرقا مهما آخر ينشأ عند تصنيف الهويiiات بين "منفتحiiة" و"منغلقiiة". في مناسبات الحوار عن النعرة القومية، نجد انه من الصiiعب بمكiiان أن نفiiرق بين "القومية األلمانية" و"القومية الفرنسية". يقال أن القومية األلمانية ليست منطقيiiة،

). هiiiذهBlut-und-Boden-ideologiوال عقالنيiiiة، إيديولوجيiiiة "الiiiدم واللحم" ( القومية مبنية على روابط الدم والقرابة. فلو أن فردا لم يولiiد ألمانيiiا فلن يسiiتطيع أبiiدا أن يكiiون كiiذلك. وعلى العكس فiiإن القوميiiة الفرنسiiية توصiiف بأنهiiا نمiiوذج لقومية منفتحة، تتيح ألّي� من كان أن يصبح فرنسيا، عليiiه أو عليهiiا فقiiط؛ أن يتبiiنى المبادئ والقيم العالمية التي تمثلها الحضارة الفرنسiية. الحقيقiة أن كÉال النمiوذجين استبعادّي النزعة من نموذج "إما هiذا أو ذاك"، لكن مiا زال الفiرق لiه آثiار كبiيرة.

31

نظريا يمكن ألّي� من كان أن يصبح فرنسيا، بغض النظر عن لiiون بشiiرته، أو نشiiأته اإلثنية. وفي المقابل فان أّيÓ من كان ال يستطيع أن يصبح ألمانيا، لو لم يكن مولiiودامن والدين ألمانيين. ومن الممكن أن نربط بين المأساة التي حiiدثت في البلقiiان (

Balkan،إلى مثل هذا الفرق. فاإلنسان ال يصبح كرواتيا تلقائيا ألنه و�لد في كرواتيا ( بل يجب أن يكون والداه كرواتيين. وبالتالي فiiان الصiiرب الiiذين ولiiدوا في كرواتيiiا يعاملون على أنهم ليسوا كرواتيين، يتبع ذلك إحساسهم بأنهم أقلية، وأنهم يعتiiبرون عامل ضعف كiiامن في بنيiiة الشiiأن الكiiرواتي. صiiحيح إن من الصiiعب اعتبiiار هiiذا العامل وحده هو الذّي يرجع إليه انطالق الحرب في البلقان، ولكنiiه بالتأكيiiد لم يكن

هو العامل األقل أهمية.

إن الفرق بين ألمانيا وفرنسا- وهو الذّي يجاهiiد المثقفiiون الفرنسiiيون لتسiiويقه- ال يجب أن يبiiالغ فيiiه. فاالنiiدماج الفرنسiiي المتقلص؛ كثiiيرا مiiا وصiiف أنiiه إمبرياليiiة

)Bretonsداخليiiة، وإجبiiار على الiiذوبان، بالنسiiبة ألقليiiات مثiiل "البريتiiانيون" ( ) في غiiرب فرنسiiاBasquesالمتواجدون في شمال غرب فرنسا، و"الباسكيون" (

وشرق أسبانيا، وانه بعيد عن الحقيقة كل البعد أن يقال أن "التفرقة العنصرية" غير متواجدة في فرنسا. إنه ليس كافيا أن يكون اإلنسان ذو ذوق رفيع، وعادات ممتازة

) - اليميiiني الفرنسiiيLe-Penعلى مائدة الطعام؛ حتى يقبلiiه رجال مثiiل "لي بن" (وجÉي الشiiائعات للنيiiل ر� �iiه مiiالمعروف- كفرنسي. وبالنسبة أللمانيا، فإن الذّي يروج من األلمان أن السبب الوحيد الذّي يجعiiل األلمiiان ذو األصiiول التركيiiة ال يحصiiلون على الجنسiiية األلمانيiiة، هiiو العنصiiرية األلمانيiiة، ذلiiك ليس حقiiا وليس صiiحيحا. الحاصل في الواقع أن تركيا وألمانيiiا ال يسiiمحون بiiازدواج الجنسiiية، وبالتiiالي فiiإن الكثير من ذوى األصول التركية ال يطلبون الجنسية األلمانية، وذلiiك ألنهم ال يريiiدون فقدان حقوقهم في ميراث الممتلكiiات من عقiiار وغiiيره، الموجiiودة في تركيiiا في حال ما تخلوا عن جنسيتهم التركية. القومية األلمانية كانت في البداية، من "هiiردر"

)، وحiiاولتincludering)، داعيiiة إلى سياسiiة تشiiمل الجميiiع (Ficheو"فيتشiiا" ( ) كل من هو ليس ألمانيا. وكما يحاولassimilateتقليد المثال الفرنسي في إذابة (

)، أو االشiiتراكيونChristiansبعض ذوّي الميول الدينية المسيحية من السياسيين (Socialالديمقراطيون ( Democratesانiiانب ؛ أراد األلمiiالنرويجيون، إذابة األج (

إعطiiاء السiiالفيين أفضiiل مiiا يمكن إعطiiاءهم، وهiiو الحiiق في أن يصiiبحوا ألمانiiا، بالضبط مثلهم. لقد بدأت القومية األلمانية في التطور في االتجاه العنصiiرّي؛ عنiiدما

اكتشف األلمان أنهم أبدا لن يستطيعون أن يحولوا البولنديين إلى ألمان.

إن جوانب القيم والمبادئ هي التي تهمنا، عند مناقشiة موضiوع الهويiة في هiذا المقام. وبالتالي علينا التعرف على الفروق بين ما تعنيه مقولiة الهويiتين، المنفتحiة

)، توجد مجتمعات بشرية يصبح فيهاNew-Guineaوالمنغلقة. في "غينيا الجديدة" ( الغريب من أقرباءهم بمجرد أن يأكل معهم في نفس الوعاء. لكن هنiiاك مجتمعiiات

). حقيقiiة¦، يوجiiد حiiوارbiologicalأخرى تؤمن بأن القرابة تكون فقط "بيولوجية" (¦ وقيمiiة¦ في مثiiل هiiذا النقiiاش. إنiiه جرى في القرن التاسع عشر، ويكiiون لiiه معنiiا

) في تفسiiيرDarwin) و "داروين" (Lamarckالخالف والتعiiارض بين "المiiارك" ( نشوء وتطور األنواع. "المارك" كان يiرى أن "الصiفات المكتسiبة" تنتقiل من جيiل

32

إلى آخر عن طريق الوراثة. وكان مثاله المشهور الذّي كان دائمiiا يضiiربه، في مثiiل هذه الحوارات- وكان هناك الكثير ممن يسخرون منه- هو لماذا يكون للزرافiiة رقبiiة طويلة جدا؟ وتفسير "المارك" هو أن الزراف، وخالل أجيال كثiiيرة، كiiان يحiiاول أن يمد عنقه للوصول إلى أوراق الشجر الطرية الغضة، وهكذا أصبح العنق أطiiول قليال في كل جيل عن الجيل الذّي يسبقه. مثل هذا األسلوب في التفكير يمكن أن يiiؤدّي بأحد الداروانيين الجiiدد- الداروينيiiة الجديiiدة هي: الداروينيiiة مضiiاف إليهiiا القواعiiد

– يموت من الضحك، وذلك ألنiiه أصiiبح من المؤكiiد في ")Mendel(الوراثية لمندل الداروينيiiة الحديثiiة " أن المعلومiiات ال يمكن أن تنتقiiل من الجسiiد إلى الجينiiات الوراثية (الصبغيات). "داروين" و "منiدل" من بعiده، أوضiحا أن الصiفات الموروثiة هي فقط التي تنتقل بالوراثة من جيل إلى آخر. أما التغيير فيحدث في عالم الغيب، كما لو قيل خالل الطفرات الجينية أو التغييرات الفجائية. فاإلنسiiان ال يصiiبح إنسiiانا ما لم يولد هكذا. وتطور األنواع يكون بسبب محاوالت موائمة عدة، الكثير منها غiiير ناجح، والقليل جدا هو الذّي ينجح، فقط هiiذه المحiiاوالت الناجحiiة هي الiiتي تسiiتمروتعيش، وهذا ما قاله " داروين". هiiذا القiiول نقلiiه واسiiتعمله "هربiiرت سبنسiiر" (

Herbert Spencer) في1903-1820)، الفيلسوف والطبيب النفسي اإلنجليزّي ،( Theاالجتماعيiiات واألخالق، وذلiiك عنiiدما دافiiع عن مبiiدأ " Survival of the

Fittest) "ةiiة االجتماعيiiأو بالعربية "البقاء لألصلح"، فيما عرف بالدارويني ،"Social Darwinism.(

لقد اليوم أصبح من المتفق عليه أن "داروين" قد ربح الجولة من "المارك". إنهiiا الصفات المو�رثة، وليست المكتسبة؛ هي التي تنتقل من جيل إلى جيل. فالضiiفدعة ال يمكنها أن تصبح من الثدييات، لو لم تتم العديد من المحاوالت التطورية، حiiتى لiiو حصلت على كيلوجرام من األرجل الصناعية، ولن يكون وليiiدها في هiiذه الحالiiة بiiه أّي آثار من الصفات الثديية. ولكن هل تصلح هذه القاعiiدة للتطiiبيق أيضiiا في حالiiة الثقافة والهوية؟ ليس هناك أّي سبب يجعلنا نعتقiiد أن هiiذا سiiوف يكiiون. اإلنسiiان الفرد يستطيع أن يكون: فوضويا، أو ناشطا إلرساء السالم في العiiالم، أو رأسiiماليا يمينيا، أو حتى أنثويا؛ فقط عليه أن يلزم نفسه بأشiiياء حiiتى يصiiبح مiiا يريiiد، ولكن عليه أن يعلم انه لن يستطيع تغيير نفسه مائiة في المائiة. ومن الطiبيعي أيضiا، أن

الفرد يمكنه أن يعود إلى ما كان عليه قبل التغيير، سواء دوما أو لفترة محدودة.

هناك الكثير مما ال يستطيع الفرد تغييره. "اإلنسان الحديث" أو ما يسiiمى علميiiاHomo"هومو سابينس" ( Sapiensرر أنiiتطيع أن يقiiال، ال يسiiعلى سبيل المث ،(

يصبح نوعا من الثدييات الطائرة. وأنا ال أستطيع أن أصبح اسود اللون، أو أنثى، حتى لو رغبت فى ذلك. لربما أستطيع تغيير جنسيتي كنرويجي، ولكiiنى ال أسiiتطيع تغيiiير لغiiتي األصiiلية. ولكن هiiل تصiiبح الصiiفات المكتسiiبة من الiiوالدة، أو المهiiارات المكتسبة، هي األساس الذّي يمثل شرطا لتقرير أّي حقوق يحصل عليها الفرد؟ وأّي قيم ومبادئ تلمس أعمق والءات اإلنسiiان وأحاسيسiiه هي الiiتي نسiiتطيع فرضiiها؟ الثابت والمؤكد هو أن تصنيف البشر تبعا للصفات الوراثية؛ تولد في المجتمع رائحiiة كريهة، تماثل تلك التي تنتج من الفكر العنصرّي القiiديم، الiiذّي يiiدمر أسiiاليب فكiiر

اإلنسانية المتحضرة.

33

***

في هذا العرض تم وصف عالمين، أحدهما يتألف من ثقافات منغلقة ومعزولة، تبiiدو لها حدود خارجية ملحوظة، متواصلة متماسكة من الiiداخل. فيهiiا يبiiدو األفiiراد كمiiا مندمج، متواصلين مع بعضهم البعض. الهوية فيها منغلقة، والتقاليد فيها كلمة مهمiiة وأساسiية. التعiدد الثقiافي، والثiورة االلكترونيiة، والهجiرة، والكريوليiة الثقافيiة أو التمازج الثقافي؛ كل ذلك يعتبر فيها ظواهر غiiير طبيعيiiة. مثiiل هiiذه الثقافiiة تكiiونحدودها رقمية محددة المعالم، قاطعة إما "هiذا أو ذاك"، إمiiا "مفتiiوح أو منغلiiق" (

off-on) "إما "نعم أو ال (yes-no .(

العالم اآلخر يبدو ال نهائي متواصل ، غير واضiiح يفتقiiد الحiiدود، تسiiبح فيiiه األفiiراد واألفكار، األفراد فيه يغيرون هiiويتهم ووالئهم من حالiiة إلى أخiiرى، ليس بiiه شiiيء مطلق ثابت غير قابل للتغير، كل شiiيء فيiiه قابiiل للحiiوار؛ من العالقiiات الجنسiiية وحتى دستوره، فيه الهويات تتداخل، بعضها في بعض. مثل هذا العiiالم يصiiبح دائمiiا متعiiدد الثقافiiة، وذلiiك بمفهiiوم أن التواصiiل والتفiiاهم بين اثiiنين لم يكن أبiiدا بiiالغ الكمال. كلمة مثل "أفكiiار" لهiا نفس مكانiiة كلمiة "التقاليiiد" في العiالم المنغلiiق.

)، التغير الحادث من "أ" إلى "ب"؛ تدريجي وغيرanalogeالحدود فيه "متناظرة" (حاد.

الصورتان لعالمين متمايزين، يمكن تشبيههم بالضوء، الذّي له خiiواص "موجiiات الطاقة"، فى نفس الوقت له خواص "جزئيiiات المiiادة". كال الصiiورتان ضiiروريتان؛¦ كامال. لكن الصiiورتان ينتجن لفهم مصطلحات مثل الثقافة، والهوية، والمجتمع فهما

أنماط مختلفة من الفهم. هاتان الصورتان متكاملتان.

حجتي الختيارّي صورة عالم الموجات بدال من صورة عالم الجزئيات كوجهة نظiiر أساسية (هذا يقابل اختيار مثال المجال الكهiiربي بiiدال من مثiiال حيiiوان المرجiiان – الشiiعب المرجانيiiة)؛ ليس ألنiiه يعطى نظiiرة عميقiiة فحسiiب، وإنمiiا – ربمiiا – ألن القرن العشرين بأحداثه، وتاريخه، يبين بالبراهين القوية التي تؤيد صحة هذا االختيار. ليس فقiiط مiiا عايشiiناه، ورأينiiاه، من أن القوميiiة، والعنصiiرية، والغiiزو التiiدميرّي للثقافات األخرى، يصل مداه إلى اتخاذ طريق خiiاطئ بمجiiرد أن نقبiiل التفكiiير عن الثقافات وكأنها أيقونات مقدسة، من أحجام مختلفة منغلقة. ولكن إضiiافة إلى ذلiiك فإن الثورة التكنولوجية دفعتنا بقوة إلى بعضiiنا البعض، وقiiاربت فيمiiا بيننiiا، وجعلت من المستحيل أن نزعم وندعى أن "الثقافات" منعزلiiة ومختلفiiة، وان أّي ميiiل إلى الكريولية يجب أن يعامل وكأنه حالة طوارئ. إن دورة عجالت وتiiروس التغيiiير؛ قiiد

) واأليقونات. أننا نحتاج إلى خريطة إبحار جديiiدة لنقiiودParadigmفجرت النماذج (سفينة المجتمع بما يتناسب من هذه التضاريس الجديدة.

***

34

الجزء الثاني

35

المقال األول

بومباي : المدنية المفرطة، على النموذج الهندي"

I

هل الهند دولة بالفعل؟ يتساءل ساخرا، عالم االجتمiiاع والمiiؤرخ االمiiريكى "امiiانيولIammanuel(*والرسiiتين" Wallerstein" ورة فيiiه المنشiiدى مقاالتiiفي إح (

Unthinking Social Scienceاإلجابة عن هذا السؤال سوف تكون سلبية، على ." األقل جزئيا. يريد "والرستين" أن يبين أن الصورة الiiتي يعiiبر عن مصiiطلح "الهنiiد"، يعنى نسبيا كيان لiiه تركيبiiة جديiiدة لهiiؤالء الiiذين يعيشiiون في المنطقiiة، وليس لهم تاريخ مشترك واضح، ولهم قوميات متعiiددة. كمiiا في كثiiير من الحiiاالت؛ فiiإن األمiiة "الهندية " نشأت وأصبحت واقعا بعد إنشاء "الدولiiة الهنديiiة"، وظهورهiiا في الواقiiع. ولقد كان معروفا منذ البداية، أن األمة الهندية لن تكون أمة متجانسة ثقافيiiا كمiiا في النموذج األوروبي. دولة الهند؛ يوجد فيها عدة مئات من اللغات ( وهناك دراسة تقول

)، منهم ستة عشر لغiiة رسiiمية. والدولiiة فيهiiا، كال من723أن عدد اللغات في الهند الديانات الصغيرة والكبيرة، وبها من السكان ضiiعف مiiا يوجiiد ببالد االتحiiاد األوروبي. وعلى عكس الiiدول األوروبيiiة فقiiد صiiورت الهنiiد على أنهiiا متجانسiiة، بينمiiا لم تبن الدول األوروبية إطالقا على فكرة أن يكون لسكانها تاريخ مشiiترك وثقافiiة مشiiتركة. هذا التصور األوروبي عن الهند قد تزعزع في العقiiود األخiiيرة، وألول مiiرة يوجiiد من

يتفهم هذا الواقع.

؛ إال أن1947 بالرغم من أن باكستان انفصلت، وأصبحت دولة قائمة بذاتها، عiiام الهنiiد بقى بهiiا الكثiiير من عناصiiر التمiiايز واالختالف. مثال، المتحiiدثون باللسiiان

) في جنوب الهند؛ يشعرون أنهم تحت سiiيطرة الشiiمالDravidian (*"الدرافيدّي" Indianالهندو- أوروبي، ويحتجون خاصة على كل محاولة تريد اعتبار اللغiiة الهنديiiة(

Languageامiiالحية النظiiؤمن بصiiق بين من يiiلغة قومية. وهناك أيضا خالف عمي ( ) المتواجد في الهنiiد وأخiiرون من يعارضiiونه.Caste (*الطبقي، المسمى "الكاستا"

ولكن بالرغم من أن الكثير يعلن أنه من المعارضين له، إال أنه نظام شiiديد العمiiق، ومن الصعب القضاء عليه. في مساحات كبيرة تقع على أطراف مناطق الغابات في

امانيوال والرستين عالم اجتماع امريكي مازال يكتب حتى اآلن، ويعمل مديرا لمعهد فيرناند ** برايودل، وهو تابع لجامعة بينجهامتون في والية نيويورك. متخصص في االقتصاد االجتماعي،

ويكتب في الشئون التاريخية والحضارة – المترجم من المتفق عليه عند باحثوا اللغات والتاريخ، إن اللغات الدرافيدية كانت هي المستخدمة في **

شبه القارة الهندية، ثم إضطروا هؤالء الى الرحيل إلى الجنوب بواسطة القادمون المتحدثون مليون يتحدثون بحوالي160باللغة الهندية، وذلك قبل ألف عام من الميالد. اآلن يوجد حوالي

) ،Mayalalm)، والميااللم (Telugu) ، والتلوجو(Tamilسبعين لغة درافيدية منها: التاميلي() - المترجمKannadaوالكانادا(

يوجد في الهند نظام إجتماعي طبقي يقسم المواطنين إلى أربعة طبقات، أو فئات، أعالها **) - المترجمSudra) وهم عادة رجال الدين، وأقلها السودرا(Brahmanالبراهمان(

36

Andhra (*) و"انiiديرا بiiرادش"Assam (*قطiiاعي "أسiiام" Pradeshلii؛ يقات( )، جنبiiا إلى جنب مiiعNaxalitter (*عقائديون ماركسيون، تحت اسم " الناكساليتر"

المضطهدون من السكان األصليين- ولهم تعاطف محلي كبير؛ إلقامة نظام اجتماعي عادل، غير نظام "الكاستا"، ومجتمع تزول فيه الطبقiiات االجتماعيiiة. وفى الشiiمال

)، وكiiذلك في الشiiمال الشiiرقي في إقليمPunjabالغiiربي في إقليم "البنجiiاب" ( ) توجiiد حركiiات تحiiرر مسiiلحة. وفى الجنiiوب يشiiعر الكثiiير منAssam"أسiiام" (

"التاميل" في الهند - وهم أكiiثر من خمسiiين مليونiiا – بالغضiiب من الطريقiiة الiiتي ترسم بها سياسة البلد األم، بالنسبة لعالقتها مع "سرّي النكا". إلى جانب هiiذا، فiiإن الهند تعانى من مشاكل حدودية مزمنة مع باكستان والصين. وجيران الهند الصiiغار -

)- ينظiiرون إلى القiiوةSri Lanka)) و "سiiرّي النكiiا" (Nepalخصوصiiا " نيبiiال " العظمى األقiiرب إليهم، على أنهiiا تتصiiرف بوحشiiية وبدائيiiة غiiير مiiبررة في حiiل

مشاكل الحدود.

ولكن في نفس الوقت؛ فإن الهند دولة فيدرالية، تسمح بنظام حكم محلى متسع. هذه الالمركزية في الحكم، جنبا إلي جنب مع النظرة السائدة التي تعتبر أن الفiiروق الثقافية هي أكثر األمور طبيعية في الحياة البشرية؛ كاف بما فيiiه الكفايiiة ألن يقلiiل الضغوط لدرجة أنه ال يوجiiد خiiوف آني؛ أن تعiiانى الهنiiد من نفس المسiiتقبل الiiذّي عاناه االتحاد السوفيتي، أو يوغسالفيا السابقين. على أّي حiiال، فسiiوف يظiiل خطiiر التقسيم قائما، وانه متوقعا، لمثiiل هiiذا الخليiiط من الحiiديث والقiiديم المتواجiiد في

الهند.

ال يحتiiiاج الفiiiرد أن يiiiترك بومبiiiاّي؛ ليكتشiiiف أن سiiiؤال "والرسiiiتين" (Wallersteinةiiذه المدينiiه. فهiiؤاال في محلiiة، سiiد كدولiiود الهنiiة وجiiعن حقيق (

المليونيiiة في الحقيقiiة تحiiوى أهم السiiمات المتناقضiiة، الiiتي يتمiiيز بهiiا المجتمiiع الهندّي: ففيها نجد فروقا تدمى القلب بين قالئiiل من األغنيiiاء، وغالبيiiة من الفقiiراء (لحسن الحظ ؛ يوجد فريق آخر آخذ في التزايد من الطبقة المتوسطة). وفيها لغات كثيرة مختلفة يتحدث بها قاطنو المدينة الذين لهم أصول تنتمي إلى أماكن وثقافiiات مختلفة. وفيها الطقوس الهندوسية الممعنة في القiiدم، تمiiارس جنبiiا إلى جنب مiiع طقوس حديثة. وعلى سبيل المثال نجد من يعبر عن حداثته خالل إعالنiiات "الiiواقي

). ويبدو للمتأمل أن هناك شيء آخiiر مختلiiف؛Masalaالذكرى" وأفالم "الماسال " ( هو الذّي يجمع بين السكان، وليس االشتراك في اقتصiiاد السiiوق. إن بومبiiاّي يمكن أن يطلق عليها بحق مجتمع متعدد، فمن الصعب أن نقiiول أن المجموعiiات الكثiiيرة

)atheisticalالمكونة للمدينiiة لهم ثقافiiة مشiiتركة. في المدينiiة تجiiد العلمiiانيون ( ) الiiذين يسiiتمتعونLibertarian) ، والمتحiiررون (fundamentalistواألصوليون (

بكل ملذات الحياة، والمتزمتون النباتيون. وفيها نجد كال من اليهودّي والجiiريجي في

إقليم في الشمال الشرقي من شبه القارة الهندية – المترجم **إقليم يقع في الجنوب الشرقي في الهند وهو مجاور لمدينة مادرس – المترجم ** الناكساليتر مجموعة من المتمردين عددهم بين أربعة اآلف وخمسة، وهم مسلحون يناضلون **

من أجل إنهاء نظام الكاستا، وتعتنق الجماعة الفكر الشيوعي ومبادئ ماوتسي كونج الزعيمالصيني - المترجم

37

انسجام كامل تمكننا من القول أنه، ليس هناك من يعتiiبر ذلiiك مشiiكلة. إن بومبiiاّي مجتمع عالمي، ومعقد، يجعل الزائرين المسiiاكين يجاهiiدون ألن يجiiدوا لiiه تصiiنيفا. دعنiiا إذا نبiiدأ من البدايiiة؛ بتحليiiل بعض األحiiداث، والوقiiائع التاريخيiiة، الiiتي ثبتت

وتكررت في كتب التاريخ بحيث نجد من الصعوبة بمكان أن نتساءل عنها.

II

عندما غرس أحد ممثلي األسطول البرتغالي، وهو ببزتiiه العسiiكرية، العلم و دوميiiني" (1534الملكي في عام �iiميالدية، في أرض "أن Anno Dominiتيiال ، (

تسمى اآلن بومباّي، كانت هذه الجزيرة الرطبة يقطنها صيادون السمك فقط، الذين ال نجد لهم أثرا اآلن. ولم يخطر على بال، أو كان في قدرة هؤالء الصيادون مقاومiiة القiiادمين. وعلى خالف مثالئهم من الهولنiiديين في أركiiان أخiiرى من العiiالم؛ لم يضiiطر البرتغiiاليون إلى دفiiع ملئ اليiiد من حبiiات الكiiرات الزجاجيiiة البراقiiة، ثمن للمدينة. ولم يتصور أحد منهم؛ أن هذه الجزيرة الرطبة المتسiخة، ستصiiبح ذا قيمiة

)، وجiiزر "االوركiiني" (Shetlandتiiذكر، بنفس الطريقiiة مثiiل جiiزر "شiiتالند" (Orkney(s)بيiiنرويجي الغiiاالسكتلنديتين، اللتان - في تاريخ آخر- بددهما الملك ال (

باهiiداءهما كمهiiر لزوجتiiه. ، وتقريبiiا بمثiiل هiiذه الطريقiiة بيعت "نيiiو امسiiتردام" (Nieuw Ameterdamمهاiiيروا اسiiبثمن بخس، دراهم معدودة لالنجليز. الذين غ (

Newمن "نيو امستردام" إلى " نيو يورك" ( York) "وركiiتشريفا لدوق "ي (Duke of York)"انيiiارلز الثiiكتلندّي "شiiك االسiiات الملiiاّي من ممتلكiiبحت بومبiiوأص .(

Charles II) " عندما تزوج من أميرة "براجنزا (Braganza 1661) البرتغالية عام. ) هiiو احiiد ألقiiابBraganzaوفى يومنا هذا فان اسم المدينة البرتغالية "براجنزا" (

العائلة البرتغالية المستخدمة كثيرا في بومباّي. والحiiاملون لهiiذا اللقب؛ ال يسiiتطيع إنسان تمييزهم من هنود آخرين ذو أصول هندية نقية يسiiكنون بجiiوارهم و يحملiiون

). Patel) و"باتل" (Singhأسماء مثل " سنج" (

في عهد الملك " شارلز الثاني"، وأميرة براجنزا "كiiاترين"؛ تزايiiد عiiدد السiiكان إلى خمسiiين ألiiف نفس، كلهم ذابiiوا وال يبiiدو لهم أثiiر تقريبiiا. وفى مطلiiع القiiرن

نسمة، وأصبحت المدينiiة مينiiاء مهم لتصiiدير850000العشرين، كان عدد السكان الصiiوف، والمiiواد األخiiرى المهمiiة اقتصiiاديا إلى اإلمبراطوريiiة البريطانيiiة. وفى المقابل؛ حصلت بومباّي على الكثير من المباني الرائعة، والتي تعطى المدينة نكهiiة تميزها. وربما يكiiون ذلiiك أحiiد األسiiباب الiiتي تقلiiل من عiiدد النiiاقمين على فiiترة االستعمار في باقي أنحاء الهند. هؤالء الماليين العشرة الذين يقطنون بومباّي اليوم؛ ال يحسون إطالقiiا أن محطiiات القطiiار ذات الهندسiiة المعماريiiة الفيكتوريiiة، تمثiiل

عناصر ثقافية غريبة ال صلة لها بهم.

ال يمكن ألحiiد يحمiiل ذرة من المصiiداقية، أن يiiزعم أن بومبiiاّي هي من نتiiاج الحضiiارة الهنديiiة القديمiiة. فالمدينiiة وليiiد شiiرعي لعصiiر التحiiديث. وهى مدينiiة

)، ال أقiiلToronto) و "تورنتو"(Kingstonحضارية، تماما مثلها مثل "كينجستون" (

38

الهiiارب من الغاضiiبين عليiiه؛ أراد التخفي في أحiiد*وال أكثر. ولو أن سلمان رشدّي أزقة بومباّي الخلفية، فلن يكون ذلك اختيارا ذكيا. الجميع سيتعرفون عليه، لقد رأوه في التليفزيون، وفى الصحف. وبالمناسiiبة فiiإن الهنiiد؛ كiiانت من أوائiiل البالد الiiتي منعت نشر كتابه "آيات شيطانية". كان ذلك مراعاة لشعور األقلية المسلمة الكبيرة العiiدد الموجiiودة في الهنiiد. إن الiiذّي يمiiيز بين بومبiiاّي والمiiدن الكبiiيرة الحديثiiة األخiiرى، هiiو أننiiا نواجiiه فيهiiا مدنيiiة هنديiiة، أّي مدنيiiة بأسiiلوب هنiiدّي، أو"مدنيiiة

) لو رغبنا في إطالق المصiiطلحات. وهىMaharashtra modernityالمهراجا"( المدنية الحديثة، المتفاعلة بعمق، مع العادات الثقافية الهندية الممiiيزة. تمامiiا مثiiل المدنية النرويجية المتواصلة مع، والنابعiiة من المسiiيحية. الiiتي ال تلiiتزم بiiالطقوس الكنسية، وتبدو فيها آثار من ثقافة الفالحة، والرومانسية، وحب الطبيعة. فمثال عندما يحاول م�ص�نع "الواقي الذكرّي" (الكندوم) تسويق بضاعته - التي اختاروا لها بالتأكيد،

- فإنهم يفعلون ذلك بأسلوب فج، ال حياءKama Sutraاسما هنديا: "كاما سوترا" فيه؛ حتى يقال عنهم أنهم ممن يجيiiدون مiiا يصiiنعون. والحقيقiiة أنiiه أسiiلوب يبiiدو عموما طفولي، ال يثير أّي إسكندنافي، نشأ، وترعرع مع أنواع "الكنiiدوم" المختلفiiة،

الناعمة منها والمنزلقة والمعقمة وأصناف ال حصر لها.

مثلها مثل كل األماكن الحديثة، فإن بومباّي تتميز بكال من المعiiالم المتواصiiلة مiiع كiiل مiiا هiiو عiiالمي، والمحليiiات الiiتي لم تمسiiها يiiد المدينiiة. الكثiiير يمكن ربطiiه بالمجتمعات الحديثة األخرى- مثل الهندسة المعمارية للفنادق، واالختنiiاق المiiرورّي، وثقافة االستهالك، ولغة التسويق، واإلعالنiiات، والكثiiير الكثiiير من عالمiiات المدنيiiة األخرى – بينما على مستوى آخر فيمكن اعتبار أن كل شيء في بومباّي محلى مائة في المائة. فليس هناك أّي مدينة كبرى أخرى يتشابه نظامها المرورّي تماما مع، مiiا هو موجود في بومباّي. وال توجد أّي مدينة كبرى أخرى بها رائحة مiiزيج التوابiiل، مiiع رائحة عادم السيارات، مع رائحة البحر في الشوارع. وال توجد أّي مدينة كبرى أخرى تسو�ق األخبار من خالل الصحف، بنفس الطريقiiة المتبعiiة في بومبiiاّي. ومثiiل هiiذا؛الكثير مما يمكن ذكره. إال إنني أريد أن أطيل النظر قليال في "المنطقة الحدودية" (

Interfaceالتي يتالقى فيها المحلي والعالمي، والتي يمكن أن يكون من الصعوبة ،( بمكان إيجiiاد مصiiطلحات دقيقiiة لوصiiفها. وذلiiك ألننiiا تعودنiiا أن نفكiiر في عناصiiر المتشiابه والمختلiف بأسiلوب اسiتبعادّي: أمiا أن يصiبح الكiل متشiابه، أو متماثiل (الحظ أن بومباّي ليست مثاال لكل الهند، أنها كأّي مدينiiة كiiبرى أخiiرى)، أو يوصiiف الكل بأنه مغiاير ومختلiف (تiذكر أيضiا أن بومبiاّي مدينiة هنديiة متفiردة، وال يمكن مقارنتها بأّي مدينة أخرى). وحتى نفهم الحالة الثقافيiiة في بومبiiاّي؛ فسiiوف يكiiون

من الضرورّي أن نعتبر أن كال الجانبين صحيحين في نفس الوقت.

وكما المدن الكبرى األخرى في العالم، فiإن بومبiاّي فخiورة بiان تكiون المكiان الذّي يلتقي فيه الشرق والغiiرب. مiiا هiiو شiiرقي، أو مiiا هiiو غiiربي؛ فiiذلك مسiiألة نسبية. وبالطبع فكل المiدن الكiبرى تحiاول وصiف نفسiها بأنهiا في المنتصiف بين

سلمان رشدّي ، هو كاتب قصة بريطاني من أصل هندّي ، من بومباّي. وقد أفتى الزعيم الديني **اإليراني الخميني بأحلية دمه، بعد صدور روايته "آيات شيطانية في لندن – المترجم

39

المشرق والمغرب. براغ، ونيويورك، وهونج كونج، وسiiنغافورة، وبiiرلين، وإسiiتانبولمن بين تلك المحاوالت الناجحة في هذا التصنيف.

عند الحكم على بومباّي من مكiان موجiود اقiرب إلى الغiرب – أوسiلو مثال- سiواء كان بمنظور نسبى أو مطلق، فإن بومباّي توصف من أوجه مختلفة كثiiيرة أنهiiا ذات

Mumbaiطابع شرقي. المدينiiة سiiميت على اسiiم اآللiiة الهنiiدّي "مومبiiاّي دفي" (Deviوتدور معركة في األروقة الرسمية، يؤيدها السكان؛ لتغيير اسم المدينة إلى ،(

)،marathi)، والماراثية (Hindi"بومباّي". واللغة الرسمية في المدينة هي الهندية ( علما بأن الذين يفهمون اإلنجليزية أعiiدادهم كبiiيرة تقiiارب الiiذين يعرفiiون الهنديiiة.

)، وعiiادم السiiيارات، والعiiرق، و"ورنيش" تلميiiعCardamomرائحiiة الكزبiiرة ( )، كل هذا يشمه اإلنسان في الشوارع. الكثير من األفiرادnellikاألحذية، والقرنفل (

يرتدّي مالبس سiiوف تثiiير االنتبiiاه خiiارج محيiiط "جيتiiو" األجiiانب في مiiدن أوروبiiا الشمالية. اللوحات البراقة، التي تكاد تخطف البصر، الiiتي تسiiوق أفالم لهiiا أسiiماء غير مفهومة، لكل من ال يعرف الهندية. وأكiiثر صiiعوبة لكiiل من ال يمكنiiه من نطiiق

) ولiiو لمiiرةDevanagariحiiتى حiiرف واحiiد من حiiروف اللسiiان "الiiدفانجارّي" ( واحدة. الصحف والمجالت التي تباع على األرصفة، والمكتوبة بعiiدة لغiiات، تنشiiرها

) الصحفية، وعناوينها مكتوبة بعiiدةNewspaper-Wallahمؤسسة "أخبار– والله" ( )،marathi)، واإلنجليزيiiة، والماراثيiiة (Hindi)، والهنديiiة (Urduلغiiات: "األردو (

). مواقiiف السiiيارات والiiتي تبiiدوgujerati)، والجوجراتيiiة (Sindhiوالسiiنديهية ( وكأنها من الماضي السحيق، وذلك بسبب اسiiتراتيجية الهنiiد الصiiناعية، الiiتي سiiنت القوانين لحماية المنتج المحلى، واالكتفاء الذاتي. أحiد النتiiائج الكثiiيرة لهiذه العزلiة

Premier للسiiيارة العاديiiة هنiiاك، " برمiiير بiiادميني" (89الطويلة، أن موديل عام Padminiراه فيiiدقع أزلي، تiiر مiiيبدو وكأنها سيارة إنجليزية من األربعينيات. فق ،(

omniكiiل مكiiان، وفى كiiل لحظiiة ( presentاء قلبiiع أحيiiفة جميiiعلى أرص .( ). في الصباح الباكر يلتف النiiاس، والجiiزءShedالمدينة، يعيش الناس في عشش (

) وهم ينظفiiون أسiiنانهم. ومنguttesاألعلى من أجسامهم عاريا، حول المزاريب ( حين آلخر، يضطر الماشي في الطريق، أن يتخطى أحد األجساد الراقiiدة، بينمiiا هiiو

Narimanفي طريقiiه إلى احiiد المكiiاتب المكيفiiة الهiiواء، في "مجمiiع ناريمiiان"(point.(

ولو استطاع إنسان لبضع لحظات، أن يتناسى هذه القاعدة الفقيرة، الiiتي تحيiiط بالرفاهية والثراء من كل جانب. ولو أنه استطاع أيضا، تناسى تلك السiiمات الهنديiiة األصيلة في المدينة؛ فسوف يكتشف بسiiهولة، أن بومبiiاّي بهiiا كثiiير من المشiiترك، بينها وبين المدن الكبيرة. ومثلها مثل جميع المدن األخرى؛ فسوف تجد فيهiiا الكثiiير

)،Bangkokمن السيارات الخاصة. وتلوث الهواء فيها يماثل نظيره في "بiiانكوك" ( علما بأن وصول السيارة إلي الهدف أفضل قليال، دعنا نقول أنها تتشابه تقريبiiا، مiiع

). أسعار األرض، وإيجار المنازل، شديدة االرتفiiاع في قلبManhattan"مانهاتن" ( المدينة. إنها أقل منها في طوكيو، ولكنها مرتفعة إلى حد أن الكثير من المحالت في

)، يضiiطر أن يعiرض بضiiاعته منColabaقلب المدينة التجارّي، المسمى "كوالبا "( المالبس على مشاجب قائمة على الرصيف، مليئة بصفوف من البناطيل، والفiiانالت

40

:India). في كتابiه الحiديث عن الهنiد(T.Shirtالمعروفiة باسiم "تي شiيرت" ( A Million Mutinies Nowاتبiiف الكiiردون اآلن "، يصiiد : ماليين المتمiiأو " الهن ،(

)، وهو ذو األصل الهندّي والحiائز على جiائزة نوبiل لآلداب،V.S.Naipaul"نايبول" ( زيارة ألحد المحامين الناجحين يسكن في قلب المدينة بومباّي، يقول المحامي: أنiiه يرتدى أبهى الح�الت الجميلة، ويتابع ما ينتج من أحدث "الموديالت"، مثله كiiأّي رجiiل من الطبقة المرفهiiة الغنيiiة في مجتمiiع عصiiرّي. إنiiه يملiiك سiiيارة، وفيiiديو، وكiiل األجهزة الكهربية الحديثة، لكنه أب لثالثة أوالد، مضiiطرون إلى السiiكن في مسiiاحة

متر مربiiع. حجiiرة حوائطهiiا رقيقiiة، رقiiة الiiورق لدرجiiة أنهم يسiiمعون شiiخير25الجيران ليال.

)، وأمسiiتردام؛Bogota سويا مع مدن أخرى، مثل عاصiiمة كولومبيiiا "بوجوتiiا" ( فإن بومباّي واحدة من األماكن الرئيسية في العالم للمخiiدرات. وأقiiوال شiiعبية من

" قد كتبت على لوحات مزينةFuture is Black when Sugar is Brownمثل " ببعض الجماجم. وظاهرة أخرى يالحظهiiا الجميiiع هي انتشiiار االيiiدز، ولألسiiف فiiإن المسئولون في الجهiiات الرسiiمية بiiدؤوا متكاسiiلون في اتخiiاذ خطiiوات لمكافحتiiة واالهتمام بالمشكلة. ولألسف الشديد فقد أصبح من المعiiروف، أن عiiدد ضiiخم من مومسات المدينة حاملون للفيروس، وقادرون على نقله ونشره. وتبعا ألحد الخiiبراء في هذا المجال، وهو بطبيعة الحال منزعج لهذا التطiiور، يقiiول: في بiiدايات األلفيiiة الثالثiة؛ فسiوف يكiون بالهنiد حiاالت مرضiية من اإليiدز، أكiثر من كiل بالد العiالم

مجتمعة.

وعلى العكس من ذلك، فإن بومباّي بها جiرائم قليلiة نسiبيا. صiحيح أني قiوبلت بجسد غارق في دمائه، ملقى على احد األرصفة صiiباح يiiوم أحiiد، لكن تبعiiا ألقiiوال الكثير من األفراد الذين شاهدوا الحادثة، أنه لم يكن حريصا، وأظهر النقiiود الكثiiيرة التي كان يحملهiا أمiiام هiؤالء المجرمiiون، في سiiاعات متiiأخرة من الليiiل. وكزائiiر للمدينة؛ فنادرا أو أبدا ما يشعر اإلنسان أنه مهدد. وهiiذا مiiا يمiiيز بومبiiاّي عن مiiدن

) الكندية، ونيويورك األمريكية. والنصف تقريبا،Kingstonأخرى، مثل "كنجستون "( ) بعiiد حلiiول الظالم، هم منColabaمن هؤالء الذين يقابلهم اإلنسان في "كوالبا" (

الذين يرتدون أحد األزياء الرسمية المتعiiددة، والبiiاقي عبiiارة عن بiiائعي منشiiطاتجنسية، أو بائعات هوى.

ال توجد بالنرويج مدنا كبيرة يمكن مقارنتهiiا ببومبiiاّي، وبالتiiالي ال يمكن لiiنرويجي أن يتصور سهولة السيطرة على كل ما يفعله سكان بومبiiاّي. ولنiiا أن نتصiiور كيiiف سيكون الحال لو سن� المسئولون النرويجيون قانونا، يفرض اسiiتخدام خiiوذة وقايiiة الرأس، عند قيادة الدراجة، أو قانونا يفرض على العاملين في مراقبة أماكن انتظiiار

السيارات أسلوب للتعامل مع الناس بأدب وبشاشة.

III

في بومباّي توجد أيضا عناصر" شرقية "، ال يمكننا بأّي حiiال من األحiiوال أن نصiiنفها وكأنها نتيجة تطوير محلى، أو انحراف بسيط عما هو سiiائد من مصiiطلحات عالميiiة.

41

المثال الواضح في هذا المجال، هiiو تقiiييم البشiiر اجتماعيiiا، وتصiiنيفهم في طبقiiاتCasteمتمiiايزة، والمسiiمى ب" نظiiام الكاسiiت" ( Systemيرiiه غiiحيح أنiiص .(

ملموس، ويصعب على العين الحديثة في المجتمع أن ترصده، ولكن ليس صحيح أنiiه تام االختفاء والتنكر. خالل عالمات وإشارات، تبiiدو لمن هم من خiiارج المجتمiiع غiiير منظورة، يستطيع الهندّي أن يشير إلى مظاهر تواجد هذا النظiiام. هiiذا ينطبiiق أيضiiا

Bodyعلى مiiدن كبiiيرة مثiiل بومبiiاّي، وخليiiط من" لغiiة الجسiiد"( Language،( وأسلوب ارتداء الثياب، وتعبيرات الوجه؛ غالبا مiiا تكiiون كافيiiة للتصiiنيف. وفى كثiiير من األحيان؛ تكون نوعية العمل الذّي يقوم به الفرد، دالiiة على انتمائiiه الطبقي في" نظام الكاست". وعلى سبيل المثال؛ فلن يوجد الكثiiير من أعضiiاء الطبقiiات الثالثiiة العليiiا من يقبiiل وظيفiiة كنس، وتنظيiiف الشiiوارع، بغض النظiiر عن مiiدى حiiاجتهم

ودرجة فقرهم.

في النظام الديني االجتماعي الهندّي يقسم المجتمع إلى أربعة طبقات اجتماعيiiة)Castes) "رئيسية، أو أربعة "فارنا (Varnaمونهاiiة، يسiiوآالف من طبقات فرعي ،(

)، وكل "جاتي" تنتمي إلى أحد الكاست األربعة الرئيسية. الطبقiات، أوJati"جاتي" ( ) أو رجiiالBrahminالكاسiiت الثالث األعلى، في هiiذا النظiiام، هم: "البراهمiiة" (

) أو طبقiiة العسiiكريين والمحiiاربين، و"فايشiiيا" (Kshatriyaالدين، و "الكشتريا" (Vaisya)أو طبقة التجار ورجال األعمال،هؤالء يعتبرون وكأنهم ولدوا مرتين (Twice - born) "وأنهم انقياء "أطهار ،(Pure) "ودراiبينما الطبقة الرابعة "الش .(Sudra؛(

). وهنiiاك أكiiثر من مئiiةunpureفيعتiiبرون من "األنجiiاس" أو الغiiير طiiاهرين ( وخمسون مليونا من مسلمي الهند، دائمiiا مiiا يصiiنفون من "الشiiودرا"، أو من هiiذه الطبقة النجسة. ويوجد أيضا خارج نظام الكاست هذا ماليين عديدة، ليس لهم جذور هندية، أو ألّي سبب آخر؛ يفقدون انتمائهم الطبقي. لقد كان البريطiiانيون هم الiiذين

". ذلiiك ألن لiiو فiiرض أنuntouchableأطلقوا اسم "الذين ال يجب لمسهم" أو " أحد أفراد الكاست العالية لمسهم؛ فعليه أو عليها، أن يتطهiiر، وذلiiك خالل طقiiوس

تطهيرية شاملة، حتى يستعيد نقاءه، وطهارته.

هiiؤالء الiiذين ال ينتمiiون إلى "كاسiiتا" معينiiة، هم الiiذين أعiiاد المهاتمiiا غانiiدّي )، وهي تعني بالهندية أبناء اللiiه. وطiiالبHarijansتعميدهم، وأسماهم " هاريجنز" (

غاندّي بتمثيلهم بنسب معينة في المؤسسات الرسمية. هذه السياسة ووفiiق عليهiiا، وعمل بها، ولكن مازالت الهند فيهiا الكثiير ممiا ال "كاسiتا " لهم. وهiؤالء والسiكانل إليهم تنظيiiف المiiراحيض ودورات الميiiاه. أمiiا بالنسiiبة Éiiوك� األصiiليون هم الiiذين أ لألوروبيين؛ فقد اعتبروا دائما فرعا من "الكاسiiتا" العاليiiة، بiiالرغم من أنهم يiiأكلون كال من الخiiنزير والبقiiر، وبiiالرغم من أن كثiiير منهم أشiiعث أغiiبر، ورث الثيiiاب،

)، ويتiiدفقون إلى أمiiاكن مختلفiiة من البالدHippiesسiiائحون يتصiiرفون كiiالهيبز ( راغبين في التجارب الدينية، وكل ما هو مجاني. هذا السلوك هو الذّي قلل من شان

هذه الطبقة، بعض الشيء.

إلى أّي� مدى يعتبر نظام "الكاست" مهما في هنiiد اليiiوم؟ دعiiني أجيب بهiiذه الطريقة: الجميع يعرف إلى أّي� "كاسiiتا" هم ينتمiiون. وإلى أّي� مكانiiة في المجتمiiع

42

) الهiiرميhierarchyبالتقريب تتواجد هذه الطبقة، في هiiذا النظiiام "الهiiيراركي" ( المتشابك والمعقد. ولكن؛ وعلى الرغم من ذلك، فإن هنiiاك الماليين من الهنiiود من يعتبرون نظام الكاست غير مالئم، وال يمكن أن يكون صالحا لعصرنا. وهنiiاك الكثiiير من القوانين التي تناهض النظام، وتحترمها جميiiع األحiiزاب السياسiiية، على األقiiل،

على الورق.

ويمكننا قولها بطريقة أخرى، وبالتالي يصبح الموضiiوع أكiiثر تعقيiiدا. فعنiiدما نشiiرLouis"لiiويس دومiiونت" ( Dumomt" هiiثروبولوجي، كتابiiتاذ األنiiأس (Homo

Hierarchiousامiiت"، عiiام الطبقي "الكاسiiانية" عن النظiiة اإلنسiiأو "الهيراركي " ؛ مiiرت فiiترة من الiiرفض، في أوسiiاط الجنiiاح االشiiتراكي من المثقفين1968

المناطقة المبعثرين في مؤسسات الهنiد المختلفiة. لقiد زعم "دومiونت" أن نظiام الكاست أساسيا، وال يمكن مقارنته بأّي نظام طبقي، أو طائفي في أّي مجتمع آخiiر. ذلك ألن الثقافة الهندية مبنية على أسلوب هيراركي للتفكير. بأسلوب آخر، لقد كان يعنى أن الهنود يعتبرون الفروق في الجودة والقيمة اإلنسانية بين طبقة "البراهمة"، وطبقiiة "الشiiودرا"، هي شiiيء "طبقي بيولiiوجي"، يصiiاحبهم عنiiد الiiوالدة. فنظiiام�م® من معiiالم الثقافiiة الهنديiiة، وليس نظiiام تقسiiيم الكاسiiت إذا؛ يجب اعتبiiاره م�عÖل طبقي اجتماعي، وعلى عكسنا نحن الغربيون، وتبعا لنظرة "دومونت"، الذّي يعتقiiد أن أسلوب الغربيين الفكرّي مبنى على "الفردية " العميقiة المتأصiلة؛ فiإن الثقافiة

). فiiالهنود ال يقيمiiون وزنiiاholisticالهندية تتمiiيز بأسiiلوب تفكiiير "جمiiاعي كلى" ( لحقوق الفرد، ولكن يركزون على حقوق المجتمع ككل، و يعتبرونه وكأنه كiiائن حي، حيث كال من القدمين والiiرأس، لهمiiا مكانتهمiiا، ووظيفتهمiiا الخاصiiة. و"الشiiودرا"- وهم الطبقة السفلى في طبقات الكاست األربعiiة- يعتiiبرون في هiiذا التشiiبيه مثiiل

) في الiiدين الهندوسiiي.Orthodex"األقدام"، وذلك لو اعتبارنا النظرة المحافظة ( وحتى غاندّي نفسه، كان يمثل الفرد في المجتمع كقطرة من بحر. وهي التى تصiiبح غير ذات قيمة أو معنى؛ لو اعتبرناها منفصلة، عن البحر الذّي يحتويها. وكiان غانiiدّي¦ من كiiل، تiiابع أيضا ، وهو الذّي أراد إعادة تشكيل نظام الكاستا؛ يعتiiبر الفiiرد جiiزءا

بدرجة كبيرة للجماعة.

) ) لم ينتظiiر إال قليال. فقiiد جiiاءDumontرد الفعل عن نظiiرة وتحليiiل "دومiiونت"مان" ( Geraldاألنثروبولوجي "جيرالد بر� Berremanورiiان، بروفيسiiم ) ]جيرالد بر�

أمiiريكي معاصiiر، متخصiiص في مقارنiiة الثقافiiات، ويiiدرس علiiوم األنثروبولوجيiiا االجتماعية الثقافية، في جامعة بركلي – المترجم[ وهiiو متخصiiص أيضiiا في الشiiأن الهنiiدّي، أوضiiح أن المصiiدر الرئيسiiي لمعلومiiات "دومiiونت"، كiiان مصiiدرها من "البراهمة". وبالطبع فإن هؤالء لهم مصiالح شخصiية خاصiة، في أن يعطiوا انطبiاع

)Berremanبiأن الجميiع قiد رضiي، وقبiل بهiذا النظiام. ولقiد تعiرف "برمiان" ( شخصيا بالكثير من الهنود من الكاست الiiدنيا، الiiذين لم يكونiiوا سiiعداء، أو متقبلين

Alfredلهذا األسلوب في تقييم البشiر. ومثiل "الفريiد كروبiر" ( Kroeberذّيiال ( سبقه، ذهب "برمان" بعيدا عن الحقيقة. لقد أدعى أن نظiiام الكاسiiتا موجiiود أيضiiا في الواليات المتحدة األمريكيiiة. ففيهiiا نظiiام طبقي اجتمiiاعي يصiiنف البشiiر على أسiiاس وراثي. فقiiد صiiنف هiiذا النظiiام كال من الهنiiود الحمiiر، والسiiود، في فئiiة

43

impureاألنجاس ( categories.رىiiولكن الحقيقة أن هذا الموضوع له قصة أخ .( وبالتأكيد فإن من المهم أن نذكر في هذا المقام، أنiiه ال يوجiiد في الحقيقiiة مقiiاالت علمية، تشرح لماذا ال يسجل الباحثون الغربيون نقiiدهم لمنظiiور البراهمiiة، وتiiأثيره الكبير في المجتمع، والثقافة الهندية؟ ربما يكون تفسير ذلك هو: إن البراهمة، وهم عادة الكاست المتعلمة الكاتبة، لهم أسلوب في تحليل الظiiواهر االجتماعيiiة يتشiiابه مع أساليب علم االجتماع. وبالتالي فإن ذلك يعطى نظرتهم قدرا من التفهم واإلقناع بطريقة مباشرة، ألنهiiا تتوافiiق مiiع أسiiلوب التفكiiير في البحث العلمي السiiائد في

الغرب.

القول بiiان نظiiام "الكاسiiت" أصiiيال في الثقافiiة الهنديiiة، من الممكن أن يكiiون مضلال. بالتالي علينا أن نتفحص هذا القول في ضوء هند اليوم. فلو كان األمر هكiiذا، كمiiا يقiiول البراهمiiة؛ فسiiوف نالحiظ أن الكثiiير من الهنiiود ال يشiiاركون في هiiذه الثقافة الهندية. وسوف يكون من السهل أن نوجه عناية البروفيسور"دومiiونت" إلى قسم ما يكتبه القiiراء، في أّي صiiحيفة من صiiحف الهنiiد, كiiل يiiوم تقريبiiا تجiiد من يراسلون الصحيفة، ويشتكون، وينتقدون التفرقة في المعاملiiة، بسiiبب االنتمiiاء إلى كاستا دنيا (ويمكن التعرف على طبقة الكاست من اسiiم عائلiiة القiiارئ). في نفس الوقت نقiiرأ رد رئاسiiة التحريiiر، الiiتي دائمiiا مiiا تنتقiiد، وتكتب صiiراحة: إن الدولiiة الهندية تقل قدرتها على اإلنتiiاج والكثiiير من حيويتهiiا بسiiبب "إيديولوجيiiة الكاسiiتا" البالية. كذلك فإن كثير من المطبوعات الشعبية الباحثة عن اإلثارة فيهiiا مiiا ينم عنعدم الرضا لنظام الكاستا، لدرجة أن رسوما وأقواال سiiاخرة، يتنiiاول فيهiiا البقiiرة (

Cow- Jokesةiiه غالبيiiد فيiiرأة في بلiiات الجiiى درجiiل أقصiiالطبع يمثiiذا بiiوه .( هندوسية، تتجاوز السiiت مائiiة مليiiون (مiiا يقولiiه المiiدافعون عن النظiiام: أن هiiذه النكت الساخرة يفهمها القارئ ويعتبر أنها فقط للفكاهة، وتتجاوز الواقع. وهiذا يiiبين مدى سيطرة، وعمق الفكر الديني في المؤسسات). إلى جانب حقيقة أن الكثيرون من القيiiادات السياسiiية, ورجiiال األعمiiال، والمثقفين في الهنiiد كiiانت نشiiأتهم وإنتمائهم إلى كاستا متدنية، وذلك يمثiiل عiiدد ال بiiأس بiiه، من الiiبراهين الiiتي تؤيiiد الفرض القائل أن آليات أخرى غير الكاستا هي التي تقرر مكانة الفرد في المجتمiiع. ولكن في نفس الوقت فإن إعالن لطلب زوجة في صحيفة "الصنداّي تيمز الهنديiiة"

)The snaday Times if Indiaغالبا ما نجده يصنف الناس تبعا للكاستا، مثال نجد ( االعالن التالي : رجل أعمال "براهيمى" مهذب، ومحترم يبحث عن سiiيدة "براهميiiة

" جميلة. وينتظر دائما، أن والدّي الفتاة هما اللذان يجيبان نيابة عنها.

لم يكن من غير المتوقع؛ أن تكiiون إحiدى الروايiiات الiتي كتبت باإلنجليزيiiة ألحiد الكتاب الهنود، هي أحد أهم المساهمات الحديثiiة، لتحليiiل وتوصiiيف تركيبiiة "نظiiام

)، والروايةVikram Seth). الكاتب هو"فيكرام سث" (Caste systemالكاست" ( ). جاءت الرواية طويلة ضخمة، ويصف نظامA Suitable Boyهي "فتى مناسب"(

)، يقول: إنه نهر عiريض متسiiخ طويiiل، يجiiذب إليiiهGangaالكاستا كنهر "جانجا" ( النفايات والغذاء أثناء انسيابه. يتلوى بكسل واضح خالل المدن، والحقول، والغابات، والمستنقعات. يستولى على أنهارها الكبيرة والصغيرة ، نهر يحتوى على كiiل شiiيء

متناقض، وهو عالمي وهندّي، كالهما في نفس الوقت.

44

�تiiاب من أمثiiال "نiiايبول" ( )،R.K.Narayan)؛ و"نارايiiان" (V.S.Naipaul مثل كSalmanوسiiiلمان رشiiiدّي ( Rushdie) "ترّيiiiون مسiiiو"روهنت ،(Rohinton

Mistry) "؛ فإن "فكرام سث(Vikram Sethينتمي إلى مجموعة كبيرة من هنود ( NRIالمهجiiر أو (Non Resident Indians)رونiiالميون، منتشiiاب¦ عiiت¦ . وهم ك

وموزعiiون في أنحiiاء كثiiيرة من العiiوالم الناطقiiة باإلنجليزيiiة، من "اوكالنiiد" (Auekland) "ونجiiونج كiiو"ه ،(Hong Kong) "كوiiان فرانسيسiiإلى "س ،(San Francisco) "و "فانكوفر (Vancouver.(ا هذه الiiة يقيم البعض منهم حينiiمجموع

)،Calcutta)، و"كالكتiiا" (Bombay)، و"بومبiiاّي" (Delhiمن الiiدهر في "دلهي"( والصفة المشتركة والمميزة لهم؛ أنهم كلهم ثنائي الخبرة والثقافة، وعالقتهم بالهنiiد عالقة متجددة، ولهم معرفة مباشرة عنها. ولكن في نفس الوقت ينظرون إليهiiا عن

)،Califernia)، أو" كاليفورنيiiا" (Terontoبعد من محالت إقiiامتهم، في "تورنتiiو" ( أو " لندن". و"فيكرام سiث" ليس إسiتثناء من هiؤالء، هiو يكتب عن بالده األصiلية،

لكن كتاباته الشعرية يصعب تصنيفها بأنها من شعر المهجر، وكذلك كتاباته األخرى.

العنصر المحورّي ألحد المجلدين اللذان تأتى فيهما روايته، هiiو النظiiرة المتحiiيرة للفتاة الصغيرة "التا" إلى مستقبلها المحتوم كزوجة. ثم تتبلور األحداث، ويبقى أمام الفتiiاة ثالثiiة اختيiiارات جديiiة: األول صiiبي جميiiل ذكى، وقعت في شiiباك غرامiiه وعشقه، لكنه مسiiلم، وبالتiiالي فإنiiه خيiiار مسiiتبعد من ناحيiiة العائلiiة. الثiiاني أحiiد الشعراء وهو ذكى أيضiiا، و جiiذاب، لكنiiه حiiالم مشiiرد الiiذهن وانطiiوائي. المرشiiح

، وهب حياتiiه لصiiناعة*الثالث عادى، مثلiiه مثiiل كثiiير من النiiاس، يمضiiغ ال"بiiان" األحذية. و"التا" فتiاة صiغيرة، غiير مجربiة، ومiترددة، وزوجiات أخواتهiا الناضiجات

)، دائما ما كانوا يقولون لهiiا: إنiiكCalcuttaالمجربات الذين يعيشون في "كالكتا" ( .يقصiiدن بiiالطبع إختيارهiiا*قد اخiiترت اللiiون الخطiiأ في "السiiارّي" الiiذّي ترغبينiiه

للمسiiلم كiiان خطiiأ. لiiذا لم يكن من الغiiريب، وال مثiiيرا للعجب؛ أن تقiiرر اختيiiار العريس الذّي عنiده عمى ألiوان. لقiد تنiازلت عن حقهiا، وتخلت عن حiبيب قلبهiا، الولد المسلم. ببساطة؛ ألن مثل هذا الزواج سوف يخلiiق مشiiاكل لعائلتهiiا ال يمكن حلها. وتبعا لذلك فإنهiiا حiiرة االختيiiار، داخiiل إطiiار هي نفسiiها لم تختiiاره. ولكن أال

نفعل نحن جميعا نفس الشيء؟

حكاية "التا"، والرواية، تبين لنا الكثير من القيم الهندية المعتiiادة. أوال وقبiiل كiiل شيء، تلك القيم التي لها شان، عندما نتحiiدث عن اسiiتقرار وتماسiiك العائلiiة. من منظور شمال أوربي، فiإن هiذه القيم والمبiادئ ال تتiواءم، وال تتصiالح، مiع مجتمiع

) وهيmeritocracy (*حiiديث، يضiiع متطلبiiات من الفرديiiة، و"المريتوقراسiiى"

) في كثير من اللغات الهندية ويسمى "بيدا" في التاميلية.Paanنبات البان، يسمى "بان" ( ** يمضغه الناس في الهند بغرض تطهير الفم والحنجرة والنفس، و يقدم للضيوف كجزء من كرم

الضيافة، لكن مضغه اصبح يمثل عادة مزعجة، ألن الكثيرون يبصقونه في االماكن العامة فيلتصق - المترجمبأحذية المشاة

السارّي، هو لباس السيدات المشهور الهندّي الغير مخيط – المترجم ** المريتوقراسي، نظام اجتماعي، يعتمد على تقييم الفرد على حسب قدراته، وكفائته، واسلوبه **

في الحياة، وليس على اساس حسبه ونسبه، في المجتمع. ويطلق ايضا على النظام السياسيالذّي يكون أساسه العدالة االجتماعية- المترجم

45

متطلبات تقييم البشر على أساس قدراتهم وكفاءتهم الذاتية. ولكن هل من اإلمكiiان لمجتمع مؤسس على تقييم وتصiiنيف اجتمiiاعي مiiوروث، وترابiiط عiiائلي قiiوى، أن

) قiiد أبiiانت إنهiiاmodernityيصبح مجتمع حديث بحق؟ اإلجابة هي: إن المعاصرة ( كائن متعدد الرؤوس. وأنه - على سبيل المثال- ليس من الضرورّي أن يبنى مجتمعا

)، أو حتميiiة قدريiiة، حiiتىcalivinisticحiiداثيا على أسiiاس فلسiiفة "كالفينيiiة" ( يستوفى متطلبات الرأسمالية. إن هذا ال يعنى بالضرورة أن أّي نظام قيم�ي ثقiiافي، ال يمكنه أن يتوافق ويتصالح بسهولة مiiع الرأسiiمالية والحداثiiة، وقiiد شiiاهدنا أمثلiiه على ذلك في مجتمعات افريقية. ولكن المقصiiود أنiiه من الممكن أن توجiiد حلiiول مختلفة، لتلك التحديات التي يتطلبها المجتمع الحديث. ويجب مالحظة انiiه ليس من األكيد أن منظومة القيم الغiiرب – أوروبيiiة، واألمريكيiiة الشiiمالية هي صiiاحبة األداء األفضل، وهى األفضل من الناحية الوظيفية. هنiiا أيضiiا يجب التأكيiiد على حقيقiiة أن

)، أو العدالiiiةmeritocracyالتنiiiافس الحiiiر بين األفiiiراد، و"المريتوقراطيiiiة" ( االجتماعيiiة ، وتعلم األفiiراد العطiiاء، هي األسiiس الiiتي تخلiiق النمiiاء، والرخiiاء االقتصادّي. وذلك ألن هذه القيم والمبادئ هي التي تجعل األفiiراد يبiiذلوا أقصiiى مiiا

في وسعهم وطاقتهم.

عم إن الديمقراطيiiة البرلمانيiiة هي شiiرط أساسiiي للتطiiور، لكن التجربiiة لقiiد ز� اليابانيiiة المبنيiiة على خليiiط من مبiiادئ المنافسiiة الفرديiiة، والعالقiiات األسiiرية، واإليديولوجيiiة المؤسسiiاتية اإلقطاعيiiة؛ قiiد بiiرهنت على أنهiiا "التلميiiذ األنجب في الفصل". و كذلك فإن كوريا الجنوبية؛ أصبحت مجتمعiiا صiiناعيا، حiiديث بحiiق، تحت نظiiام يميiiني® شiiمولي. وان شiiيلي حققت بعض التطiiور، والنمiiو االقتصiiادّي؛ تحت

)). Pinochetرئاسة الديكتاتور اليميني "بينوشه"

هذه المدنية الهندية – مثلها مثل المدنية اليابانية – مزيج من إيديولوجية تنافسية فردية شديدة، بينما يبدو فيها ويطغى التزامات الفرد للمجتمiiع. والمجتمiiع يمكن أن

)، أو الطائفiiة الدينيiiة. بالتiiالي؛ وفي مثiiل هiiذاCasteيكiiون العائلiiة، أو الكاسiiتا ( المجتمع، يصبح جلب رأس مال لالستثمار األمر أسهل منه في مجتمiiع يتكiiون فقiiط من أفiiراد منعiiزلين ال تiiربطهم أيiiة روابiiط. يiiبرهن على صiiحة هiiذا، الوضiiع في

)، حيث تظهiiر فيiiه كiiل ايجابيiiات التماسiiك، والترابiiطMauritius"موريشiiيوس" ( العائلي في المجتمع الرأسمالي. الكريوليون مثال، وهم األفiiراد الموريشسiiيون ذوّي األصول األفريقية لم يسiiتطيعوا إنشiiاء أّي مؤسسiiة تجاريiiة أو صiiناعية، بينمiiا على العكس، استطاع الهنود. كان ذلك بأن يتوحد األخوة واألبناء ويجمعiiون أول رأسiiمال كافي؛ لبداية المؤسسة. يتعاون بعضهم مع بعض، ليس اقتصاديا فحسب؛ ولكن بكل الطرق األخرى. هكذا يصبح الفرد فيهم نغمة في سيمفونية. كiل فiرد يفعiل مiiا فيوسعه؛ ليوفر ألقربائه عمل، ومكان لإلقامة. يمكننا أن نصف هذا بمحابiiاة لألقiارب (

nepotismلiiرفض مثiiهل أن نiiع، ومن السiiويكون الوصف هو األقرب إلى الواق ،( �فضل ويقدم قبiiل هذا التعامل أخالقيا، فهو نظام يبدو تمايزّي، فأّي فرد من العائلة؛ ي آخرين، من الممكن أن يكونوا أكثر كفاءة منه، ويحتاج العمiiل تخصصiiه. لكن، على

مثل هذا القول يجيبك أّي� هندّي: ولكن، كيف تنظر إلىÓ لو لم أهتم بعائلتي؟

46

نظام الكاستا الطبقي، والعائلة، يلعبان دورا أساسيا – بالتأكيد- في خلiiق مجتمiiع تشيع فيه عدم المساواة، والتمايز بين البشر. فيiiه يرتبiiط مسiiتقبل الفiiرد، ارتباطiiا وثيقا؛ بانتماء عميق مiوروث إلى كاسiتا، والى طائفiة، ممiا يخلiق بصiورة منتظمiة فروقiiا عميقiiة بين األفiiراد. ولكن من قiiال أن المسiiاواة، أو الديمقراطيiiة، قواعiiد

أساسية لبناء مجتمعات تكون منتجة وعصرية؟

توجد دائما طرق مختلفة لتجنب، أو إعادة تعريiiف، لنظiiام الكاسiiت الطبقي في الهند، فالنظام مرن، ويطور نفسه بطرق مختلفة، ليتiiواءم مiiع العصiiر. وهiiو كiiذلك ينتج فئات، وطوائف لهiا صiفات متجiددة ، تشiبه نظiام الكاسiتا. في أحiد إعالنiات

Theطلب الiiزواج، في صiiحيفة " صiiنداّي تيمiiز الهنديiiة" ( Sunday Times of India"iة الiiة، أو فئiiتظهر أحد أصناف الكاستا الحديثة المهمة. إنها طبق ،(NRIأو ،"

"حاملوا الكارت األخضر"، وهؤالء هم األفراد الذين يحملون تصريح لإلقامة، والعمiiل في الواليات المتحدة األمريكية. أفراد هذه الفئة من الممكن أن يحصلوا على نقiiاط

عالية في السلم االجتماعي، ربما مثل البراهمة في بعض األوساط.

إنه من الممكن لنظام الكاستا - في صورة أو أخiiرى- أن يبiiدى كال من: القابليiiة للحياة، والقدرة على األداء، واإلنتiiاج، في الدولiiة الهنديiiة الحديثiiة. لكن؛ وقبiiل كiiل شيء، يجب أن يكون لدينا أسiiلوب تنظيمي، يجعiiل من الممكن؛ أن نقسiiم مجتمiiع غير منظم، إلى مجموعات، أو طوائف فرعيiiة، واضiiحة المعiiالم. في نفس الiiوقت؛ فإن المقاومiiة لهiiذا النظiiام، في زيiiادة مسiiتمرة. أحiiد األسiiاليب للتفكiiير في هiiذا السياق – والذّي سوف أناقشه الحقا- هو، إن إيديولوجية أوروبية غربيiiة، أو أمريكيiiة شمالية عن الحداثة، ال ترتكز أساسا على الحقوق المدنية، وتكافئ فرص الفiiرد في سiوق العمiل، سiوف تكiون عiامال من العوامiل، الiتي تخلiق مقاومiة، ضiد نظiام

الكاستا، وتخلق أيضا قومية مدمرة، مثل هذا النوع المتواجد في الغرب.

توجد مجموعات ضخمة من الهنود ال يعتنقون منطق نظiiام الكاسiiتا، وال يعيشiiون في ظله، بiiالرغم من صiiحة القiiول أنهم يتiiأثرون بiiه. الكثiiير قiiد تزوجiiوا من خiiارج كاسiiتتهم، أو طبقتهم االجتماعيiiة، وبعضiiهم تiiزوج من األديiiان األخiiرى، والكثiiير ال يمارسون أّي طقوس دينية. حقيقة هم يحسبون على النظام، لكن بعدما يزيد العiiدد، ويصبحون كثر؛ فإنه من السهل أن يمارسوا حياتهم خارج نظiiام الكاسiiتا. خاصiiة لiiو أقاموا في مدينة عالميiiة كبiiيرة مثiiل بومبiiاّي. على أيiiة حiiال؛ فiiان نظiiام الكاسiiتا،Éقا وشائج شiiبه القiiارة الهنديiiة. وهمiiا �رت والهندوسية الهيراركية الهرمية، هما اللذان ي

اللذان يعطيانها، النكهة المميزة، ويجعلونها متميزة عن اآلخرين.

IV

مع نظام "الكاستا" الفاعل والمؤثر، وبiiه ؛ فiiإن بومبiiاّي مدينiiة مختلفiiة عن المiiدن أوروبا، أو أمريكا الشمالية. لكن هنiiاك الكثiiير من التشiiابه، الكبرى، التي نعرفها في

47

في بعض الجوانب،(ومع بعض االستثناءات، يمكننا اعتبار نيويورك، في الحقيقiiة، هي بومباّي الواليات المتحiiدة). فهي مدينiiة سiiريعة اإليقiiاع، شiiديدة الحيويiiة، مزدحمiiة لدرجة الهرج والمرج، معقدة، ومن الصعب فهمها، أو تحليلهiiا. بومبiiاّي، ربمiiا، تكiiون واحدة من ثالثة، أو أربعة مدن في العالم، فيها يصعب على الفرد؛ أن يشعر باالنتماء القiومي اإلقليمي. المدينiة عiدد سiكانها أكiثر قليال من واحiد في المائiة فقiط، من مجموع سكان الهند. لكن قيمتها االقتصiiادية، والثقافيiiة الحضiiارية، تزيiiد كثiiيرا عمiiا تمثله هذه النسبة من عدد السكان. كدولة مستقلة فسوف تصبح "بومباّي – الكبرى"مركiiز من مراكiiز القiiوى، في جنiiوب آسiiيا. وربمiiا يمكن تشiiبيهها بسiiنغافورة (

Singaporeةiiد، نيابiiتقالل عن الهنiiد باالسiiالب أحiiأوهونج كونج. إلى اآلن، لم يط ،( عن المدينة، لكنه من الطبيعي؛ أن نتوقع حدوث ذلك، في أّي وقت من األوقات.

), القائل: "الشرق شرق، والغرب غرب، والRudyard Kipling (*"روديارد كيبلينج" يمكن ان يتالقيا"، كان مخطأ. فالشرق والغرب يتقابالن يوميا، ومجرد زيارة سiiريعة للنiiدن أو بومبiiاّي، تؤكiiد ذلiiك دون جiiدال. و"كيبلينج" هiiذا، هiiو الكiiاتب الiiروائي

Jungleالبريطاني، الذّي كتب سلسلة كتب عن الغابة ( Booksوىiiد أقiiوكان أح .( المثاليين المدافعين عن اإلمبريالية البريطانية، في الحقبة الفيكتورية المتأخرة.

-Indo لقiiد كiiانت الهنiiد في نظiiرة " كيبلينج"، يمثلهiiا الشiiمال "الهنiiدو- أوروبي" (European) "دّيiiفقط. أما الجنوب "الدرافي (Dravidian or Draviدثiiالمتح ،(

باللغة الدرافيديiiة، فلم يأخiiذه في الحسiiبان. لقiiد كiiانت بومبiiاّي عالميiiة، أكiiثر من "كيبلينج". فالشرق والغرب لم يتقابال في أهم ميناء هندّي فحسب، بل تقابلت اثiiنين

من أكبر، وأعرق حضارات العالم: الحضارة الدرافيدية، والحضارة الهندو- أوروبية.

)، وهم غالبيiiة السiiكان؛ يتحiiدثون لغiiة "هنiiدو-Marathi المتحiiدثون بالماريثيiiة (-Indoأوروبيiiة" ( European) "ةiiة "الهنديiiة اللغiiوهى من نفس عائل ،(Hindi،( ) الباكسiiتانية. بينمiiا المدينiiة بومبiiاّي قiiد جiiذبت إليهiiا اآلالف منUrduو"األردية" ()، والمتحiiiiدثين باللغiiiiة "الكاناكيiiiiة" (Telugu)، والتولوجiiiiو (Tamilالتاميiiiiل (Kannakaة يعطىiiذا في الحقيقiiار. هiiوب ذو الطقس الحiiادميين من الجنiiالق ،(

انطباع مثير، ومشوق، للمتحدثين باللغات األوروبية التي لهiiا جiiذور هنiiدو- أوروبيiiة، عندما يستمعون إلى أهل المدينة، ويراقبون مiiا يقiiال ويحiiدث. ومن المهم ذكiiر أن الفروق بين أجزاء الهند "الدرافيدية"، واألخiرى "الهنiدو- أوروبيiة"، هي الiتي يشiير

Immanuelإليها "إيمانيول والرستين" ( Wallersteinانتiاءل إن كiدما يتسiعن ،( دولة الهند موجودة، ويجيب باإلنكار. إن الكثير من هنود الشمال، هم الiiذين يرغبiiونفي التفرقiiiة، ويعتiiiبرون أن هنiiiاك فروقiiiا ثقافيiiiة مهمiiiة بين "المهرشiiiترا" (

Maharashtra) "و "الكارنتكا ،(Karnatakaةiiد على أن الالتينيiiو يحاولون التأكي ،( )Latin) "كريتيةiiiiتركة في "السنسiiiiول مشiiiiة، لهم أصiiiiة، والهنديiiiiواليوناني ،(

. كان والده مدير مدرسة الفنون في1865روديارد كيبلينج، كاتب انجليزّي ولد في بومباّي عام ** ، حيث شغل عدة مناصب مهمة، وكتب1880الهور. تعلم في انجلترا، ثم عاد الى الهند عام ) . أدين بأنه كان مدافعا قويا عنJungle Booksالعديد من الروايات منها سلسلة كتب الغابة(

) . منح جائزة نوبل لآلداب والثقافةJingoismاإلمبريالية والسياسة القومية الهجومية المتعجرفة( – المترجم1936، وتوفي في عام 1907عام

48

Sanskrit) "بينما التاميلية ،(Tamili) " والتلوجوية ،(Teluguةiiان إلى عائلiiينتمي ،( لغويiiة مختلفiiة تمامiiا. ولiiو أردنiiا اسiiتخدام تعبiiيرات أخiiرى، فنقiiول أن األوروبiiيين الشماليين، ينتمiiون إلى نفس اإلطiiار الثقiiافي الموجiiود في دلهي وبومبiiاّي، وليس

).Madrasاإلطار الثقافي لهؤالء القاطنين في "مدراس" (

فى خطوط موازية لذلك القول؛ فقد أراد المiiؤرخ، والبiiاحث في مقارنiiة الثقافiiات،Georges"جiiiورجس دومازيiiiل" ( Dumezilيينiiiبرهن على، أن األوروبiiiأن ي ،(

الشماليين لهم أصول ثقافية مشتركة مع الهنiiود الشiiماليون. ففي دراسiiته المثiiيرة للجدل، والتي أثارت ضiiجة في األوسiiاط العلميiiة، حiiاول "دومازيiiل" أن يiiبين بiiأّي أسiاليب تتفiق الثقافiة األوروبيiة، والثقافiة الهنديiة. لقiد حiاول أن يثبت، أن هنiاك

)،Brahmanعالقiiة، وتشiiابه واضiiح، بين اآللهiiة الكالسiiيكيين: الهنiiدّي "بiiراهمن" ( )، وهي الiiتي تعiiنىRaj). وذلiiك أن الكلمiiة "راج" (Jupiterوالرومiiاني "جويبiiتر" (

¦ بiiالالتيني،Rex"الملك" بالهندية القديمة، والكلمة "ركس" ( )، و تعiiنى الملiiك أيضiiا يعiiودان، في األصiiل، إلى نفس الظiiاهرة الثقافيiiة في أسiiلوب تسiiمية اآللهiiة، وأن المنطق لنظiiام الكاسiiتا الهنiiدّي؛ تالحظiiه، وتكتشiiفه بسiiهولة، في النظiiام الطبقي

Stundالروماني، الذّي يصنف الناس تبعiiا ألنسiiابهم ( Societyك فيiiد ذلiiثم بع .( ) األوروبي القiiديم. وبالنسiiبة لألوروبي الiiذّيFeudalالنظiiام الطبقي اإلقطiiاعي (

يدرس اللغة الهندية، فسوف تكون مفاجئة له، أن يiiرى كم� المشiiترك بين اللغiiتين،صحيح إن الكلمات، على وجه العموم، مختلفة تماما، لكن البناء اللغوّي والiiتركيب (

Syntax.كذلك القواعد، سوف يجد فيها تشابه غريب ،(

هذا النوع من التوازّي، بين الثقافiة الهنديiة والثقافiة األوروبيiة؛ نعرفiه اآلن بأنiه نتيجة لشiيء واحiد؛ شiiيء مختلiiف تمامiiا، إنiiه التشiابه النiiاتج من اختالط، وتقابiiل الثقافات. إنها العولمة الثقافيiة والكريوليiة. أكiثر من أّي� وصiف آخiر؛ فiإن بومبiاّي تتميز بأنها مدينة األجانب، وكانت دائما كذلك، ولذلك فإن فيها درجة غiiير عاديiiة من التسامح، وقبول اآلخر. وأّي زائر ليس بيده؛ إال أن يالحiظ الiود واالنفتiiاح في وجiوه كل من يتعامل معهم ويقابلهم، فمن المتسولين الذين يقبعون على أرصفة الطiiرق،

Narimanحiiول ناطحiiات السiiحاب، المتواجiiدة عنiiد نقطiiة االلتقiiاء "ناريمiiان" (Pointاiiهم، وزودوهiiدوا أنفسiiوحتى أعضاء أعلى الطبقات المتوسطة، الجميع أع ،(

بقiiدر محiiدود من اللياقiiة، الالزمiiة للتواصiiل، عنiiدما يتقiiابلون مiiع ثقافiiات شiiديدة االختالف، حتى ينجح أداء المجتمع ويتواصل. وعندما يسألون عن البلد الذّي أتى منه األجنiiبي، فiiإنهم يفعلiiون ذلiiك؛ لخلiiق موضiiوع مشiiترك للحiiديث ليس إال، وال يسiiتخدمونه لتكiiوين حكم مسiiبق. وهم ال يناقشiiون الiiدين ونظiiام "الكاسiiتا"، في العلن. فقط يكتفون بإطار يحتوّي على آراء، ومعارف أساسiiية، للثقافiة المشiتركة، التي يسiiتخدمها ويفهمهiiا البسiiطاء. لكن في بيiiوتهم، ومiiع أصiiدقائهم، والمقiiربين؛ يكون الحوار واآلراء أكثر عمقا وغنى. أما في الشارع فيستعملون مصطلحات، كثيرا ما تذ�كر بمصطلحات تستعملها األوساط النخبوية في الثقافات األخiiرى. في بومبiiاّي�نسiiى وتنتهي يستطيع الفرد المساومة في األسعار، أو يكو�ن صداقة بسرعة البرق، ت بنفس السiiiرعة، ويبiiiدأ في تحسiiiس البضiiiائع، ويتكلم عن الطقس، ويسiiiأل عن الشiiوارع والطiiرق. ولكن، على العكس؛ فعلى المiiرء أال يتوقiiع أن محادثiiه سiiوف

49

يبادله الحماس، عندما يناقشه في الiiدين أو في نظiiام الكاسiiتا، وال يجب أن يكiiونواثقا أن محادثه سوف يغير من أسلوبه المتحفظ.

)، وهو الجزء من بومباّي الiiذّي يقصiiده معظم السiiياح، تجiiد فيiiهColaba"كوالبا" ( من وقت آلخر زوار من عرب رياضة الجولiف القiادمون من شiبه الجزيiرة العربيiة المحافظة، لقضاء أجازتهم في بومباّي. وترى الرحالة ذو الثياب الرثة، القادمون من أوروبا واستراليا وشمال أمريكا. الذين يحاولون بكiiل الوسiiائل، التهiiرب من الiiدفع، حتى تكون إقامتهم ارخص ما يمكن. إلى جانب هذا فإن بومباّي، خالل تاريخها البالغ ثالثة مائة عام؛ قد استقبلت مجموعات من الالجiiئين الiiدينيين، واسiiتقبلت البiiاحثين عن الحظ ، والتجار، وكذلك - خاصة فى السنوات األخiiيرة- النiiازحون بسiiبب سiiوء اقتصادهم، من أماكن لم يعد لهم فيها مكان مناسب للحياة والرزق. وفيها تجد أتباع

), الiiذين طiiاردهم القiiادةJainism (*) و "اليانيiiة"Parseeالiiديانتين "الفارسiiية (¦، وآمنiiا، حيث يعيشiiون بحريiiة اإلسالميون- كل في منطقته- قد وجدوا مكانا مناسiiبا في بومباّي. هؤالء تمركiز تواجiدهم حيث يiؤدون طقiوس ديiانتهم، وذلiك حiول مiا

Towersيسمى "برج الصمت"(( of Silenceرب قلب، الذّي يقعiة. و قiiهم المدين )، الذين اعتنقiiوا ديانiiة ازدهiiرت قبiiلZarathustraيمثلون آخر أتباع "زارادشت" (

كال من المسيحية واإلسiiالم. وكمiiا اسiiتطاع يهiiود أوروبiiا في العصiiور الوسiiطى أن يجدوا ملجأ في أراضى هولندا المسموح فيهiا بحريiة العقيiدة، وكiذلك فى الشiمال األفريقي، ومؤخرا في الواليات المتحiiدة األمريكيiiة؛ فiإن "الزارادشiiتيين" فiروا من بالد "فارس" (إيران الحالية) في األلفية األولى، وما بعدها، وأصبح الكثير منهم رجالأعمال أغنيiاء، في قطiاع الشiمال الغiربي من شiبه القiارة الهنديiة "جوجiيرات" (

Gujerat)"تراiiiiو"ماهرش ،(Maharashtra) "ترّيiiiiون ميسiiiiف "روهنتiiiiويص .(Rohinton Mistryالكاتب الكندّي ذو األصول الهندية الفارسية، في روايته "يالها ،( ) هذا الوسط الفارسي، ويقدمهم علىSuch a Long Journeyمن رحلة طويلة" (

أنهم ناس منفتحiiون للمدنيiiة، لكن تiiوجهم فiiردى، وبالتiiالي فهم غiiير قiiادرين على التأثير السياسي، وبالتالي ضعفاء، سهل النيل منهم. لكنهم مع ذلك استطاعوا البقاء واالستمرار في بومباّي، التي تمثل مدينiة كبiيرة عالميiة، وهم فيهiا ال يبiدون شiواذ غربiiاء، بiiل جiiزء ال يتجiiزأ من نسiiيج مجتمiiع مدينiiة مزدحمiiة بأمشiiاج من األديiiان، ومجموعات عرقية، وطبقات من الكاستا، وحتى أفiiراد تجiiاوزوا العرقيiiة وذابiiوا في

بواتق ثقافية رمادية اللون.

بومباّي بها أيضا آالف عديدة من السيخ الذين هاجروا من إقليم البنجiiاب ليعملiiوا فيها سiiائقي تاكسiiي، ومحiiامون، ورجiiال شiiرطة، وأطبiiاء. وبiiالرغم من أن نصiiف سكان بومباّي من الهنود؛ إال أنه يوجد بها على األقل سبع ديانات، ممثلة بوضوح في المدينة، ومنها المسيحية واإلسالم والبوذيiiة واليهوديiiة. والمدينiiة تمiiوج بiiالمتحررين والخiiاليين من كiiل أحكiiام مسiiبقة. ومليئiiة بالتنiiافس، والفiiروق الطبقيiiة، واآلمiiال الكبiiيرة الباحثiiة عن النجiiاح. والنظiiرة الفاحصiiة يمكنهiiا أن تلحiiظ رجiiال إعالنiiات

)، والبiiذالت الحريريiiة المفضiiلة لiiديهم،Rolexناجحون، يلبسون ساعات الرولكس(

اليانية دين هندّي، نشأ في القرن السادس قبل الميالد، وقوامه تحرير الروح بالمعرفة وااليمان **وحسن السلوك – المترجم

50

جنبiiا إلى جنب، مiiع أنiiاس آخiiرون، ال يملكiiون إال المالبس الرثiiة، الiiتي يرتiiدونها، والوعiiاء البالسiiتيكي الiiذّي يجمعiiون فيiiه الصiiدقات. "إنiiه الغiiنى الفiiاحش والفقiiر المدقع". جملة تسمعها من أّي من أفراد الطبقiiة المتوسiiطة، وهiiو يهiiز كتفيiiه دون اكتراث، ومتسائال "ماذا يستطيعون فعله، غير هذا. القليل جiدا ممن قiابلتهم؛ كiانت "المارثية" هي لسان أمهم، رغما عن إنها هي والهندية، هما اللغتiiان الرسiiميتان في

). قال احد سائقي التاكسي: إن عليiiه أن يتعلمMahrashtraإقليم "المهاراشترا" ( ستة، أو سبعة لغات، حiiتى يكiiون جiiاهزا للتفiiاهم، مiiع زبائنiiه المختلفين. من بينهم العبوا الجولف العرب، الذين ال يعرفiون لغiة أخiرى غiير العربيiة. كiل ذلiك يiذكرنا بمدينiiة نيويiiورك، حيث من العiiادّي، أن الفتiiاة الiiتي تخiiدم الزبiiائن، في محiiل من

محالت "ماكدونالد"، ال يأتيها من يتحدث اإلنجليزية إال نادرا.

هنiiiاك البعض من قيiiiادات طائفiiiة السiiiيخ، من يحiiiاول أن يصiiiور السiiiيخ في المiiؤتمرات العالميiiة، وكiiأنهم طبقiiة واقعiiة تحت اضiiطهاد منظم، وإن وضiiعهم ال يطاق. وبالتالي فمن الواجب أن يكون لهم دولiiة مسiiتقلة، بأسiiرع مiiا يمكن. ولكن في بومبiiاّي، ال تجiiد سiiيخيا واحiiد، يعطى مثiiل هiiذه الصiiورة. ولiiو قارنiiا األتiiراك

) في ألمانيا، بهم كمثال؛ فسوف يتiiبين لنiiا، أنHannoverالمقيمون في "هانوفر"( الكفة ستميل للسiiيخ، فiiالكثير من السiiيخ، من يعملiiون في مؤسسiiات تسiiمح لهم بلبس زى� موحد رسمي (يونيفورم). ونادرا ما يرى المرء، إناس واثقين من أنفسهم، ومندمجين في المجتمiiع مثiiل السiiيخ في بومبiiاّي. محاولiiة الحiiديث عن االضiiطهاد الديني في مدينة مثل بومباّي ال معنى له. تمامiiا كمiiا لiiو اسiiتمعنا إلى حiiديث بعض السياسيين النرويجيين، ومحاوالتهم سiiن قiiوانين، إللغiiاء أمiiاكن انتظiiار السiiيارات،

بدعوة الحفاظ على البيئة.

الساحة، التي تمتد من "تاج محل"، المعلم األثرّي المعiiروف عالميiiا، والiiتي تقiiع )، تعتبر أكثر األماكن زيارة من السياح في بومباّي. هناكColabaفي نهاية "كوالبا"(

تجد من يبيع كروت البريد للبناء الجميل، ومنهم من يمثل العشرون كارت، كل رأس بالنرويجيiiةKefir)، ويعني اللبن الرايب "كفير"(Lassiماله. آخرون يبيعون "السي"(

واإلنجليزية). والسائح األوروبي الذّي يريد أن يجربه يجب أن يكون واثقا ثقiiة عميiiاء في قدرته على الهضم. وهناك تجد رجiiال دين يضiiعون حليiiة من الفضiiة أو الiiذهب

) على جبهتهم، يتسiiولونtikasعلى شكل دائرة صغيرة تسمى بالهندية "تيكاس" ( بأدب. وهناك من السائحين األجانب يشربون المياه الغازية، ويأكلون "األيس كريم"، يرتiiدون قمصiiانا زاهيiiة األلiiوان. وسiiائحون من الهنiiود بلحiiاهم الكثiiة، ونظiiارات الشمس. وثالث سيدات يبيعون ريش الطاووس لكل من يرغب في اقتناء مثل هiiذه األشياء. وتجد رجال عجوزا قابض على عنق كيس رمiiادّي اللiiون منتفخ، ويسiiأل كiiل المiiارين إن كiiان لiiديهم رغبiiة في رؤيiiة ثعبانiiه "الكiiوبرا" وهiiو يiiرقص على أنغiiامقيثارته. وفى نهاية الساحة قوس النصر، الواضح للعيiiان، يعلiiوه كتابiiة باإلنجليزيiiة "

The Gate Way to Indiaأو "بوابة الهند"، وهو القوس الذّي أقيم في مناسبة " ) للهنiiد عiiامMary) والملكiiة "مiiارّي" (GeorgeVزيارة الملك "جورج الخiiامس" (

د�رسÖ التفاصiiيل1911 �iiدما تiiا، لكن عنiiبوابة تبدو عن بعد وكأنها "قوس نصر" عادي . من قرب؛ فسيجد المرء تأثير واضiiح وكبiiير للفنiiون الشiiرقية، السiiائدة في القiiرن

51

. وقiiوس النصiiر هiiذا،*السابع عشر( وبكثير من الثقة يمكن القول أنهiiا "جوجرتيiiة" يمكن أن يعطى صiiورة عن الكريوليiiة الثقافيiiة. هiiذه الكريوليiiة، هي الiiتي تعطى

بومباّي الرائحة والنكهة الخاصة المميزة لها.

معالم اإلمبراطورية البريطانية تبدو أوضح في بومباّي عنهiiا في نيويiiورك. ويبiiدو ذلك طبيعيا؛ عندما نأخذ في الحسiiبان، أن فiiترة سiiيطرة اإلمبراطوريiiة البريطانيiiة استمر لفترة أطول بكثير في الهند عنها في المستعمرات األمريكية الشiiمالية. لقiiد كان لقب الملكة "فيكتوريا" الشرفي إمبراطورة الهند. ومعiiالم الحقبiiة الفيكتوريiiة،�لقى بظاللها الواضحة علي بومباّي، مثلما هي في أطراف لندن الفيكتورية. مازالت ت

Theمكتب البريiiد الرئيسiiي، ومحطiiات القطiiار الرئيسiiية، و"متحiiف أمiiير ويلiiز" (Prince of Wales Museumكل ذلك أمثلة شديدة الداللة على المعمار، والفن ،(

الفيكتiiورّي، الiiذّي شiiاع في مiiا قبiiل القiiرن الماضiiي. صiiحيح أن سiiيارات النقiiل العمومية الحمراء ذات الطابقين قد جاءت بعد الحقبة الفيكتورية، ولكنها تذكرنا بiiأن المستقبل الهندّي والبريطاني، كان مترابطا بشدة، وعلى مدى فترة طويلiiة. ورغمiiا

) الشiiiهيرة: "الشiiiرق شiiiرق، والغiiiرب غiiiرب، الKiplingعن مقولiiiة "كيبلينج" ( يلتقيان"، فقد نشiأ انسiجام وتوافiق متبiiادل، من البدايiiة بين البريطiانيين والهنiiود. فالنظام الطبقي البريطاني قد تناغم وتوافق بسiهولة، مiiع نظiام الكاسiiت الهنiiدّي. كالهما كان نظاما هرميا متسلسال، سواء كiiان في تiiأثيره السياسiiي، أو بiiالنظر إلى

) البريطاني،gentlemanشفرة السلوك الطبقي الراقي الصحيح. إن "الجنتلمان" (pukkaيطلق عليه الهنود "بوكا صاحب" ( Sahib.ترمiل المحiيد النبيiويعنى الس ،(

وهو في نظر الكثير من الهنود الرجل الذّي يسلك سلوكا راقيا اجتماعيiiا، ويعتبرونiiه مثاال لشخصية رجل من الكاست العالية. أما كون� البريطانيون أجانب، لم يكن يمثiiل ذلiiك شiiيئا غiiير عiiادى في الهنiiد، حيث كiiانت أجiiزاء كبiiيرة من البالد، في كال من

)، فيMaghalsالشمال والجنوب، قد غزاها وحكمها قiiادة مسiiلمون من المغiiول ( فترات تاريخية سابقة. بالطبع ال يعنى ذلiiك أن كiiل الهنiiود أحبiiوا اإلمبرياليiiة، فiiذلك¦ عن الحقيقiiة، لكن السiiيمات البريطانيiiة الممiiيزة في هنiiد اليiiوم؛ يصiiعب بعيد جدا اعتبارها "عناصر غريبة" مثلما تعتبر في بلد إفريقي، مثال. اإلنجليزية هي لغiiة هنديiiة األصل، وتاريخها ليس جديد على أية حال. لقد استخدمت في أجزاء من الهند، سواء من البريطانيين، أو الهنود، على مدى أكثر من ثالثمائة سنة. لكن اإلنجليزيiiة الهنديiiة¦ في لهiiا طابعهiiا المحلى الملحiiوظ، ليس في طريقiiة النطiiق فحسiiب؛ بiiل أيضiiا

Ivor "إيفiiور لiiويس" ( يحiiاولالمفiiردات. Lewisئونiiص في الشiiوهوالمتخص ،( الهندية، في كتابiiه الممتiiع، الغiiنى بالمعلومiiات، الiiذّي أسiiماه: "صiiاحبس، نiiابوبس

)، وعنوان الكتاب كلماتSahibs , Nabobs and Boxwallahsوبوكس واللز" ( هندية يمكن ترجمتها إلى: السادة، األغنياء الموسiiرين، ورجiiال األعمiiال، يحiiاول أن يبرهن؛ أن اإلنجليزيiiة الهنديiiة، لهiiا طابعهiiا الخiiاص. فاللغiiة قiiد تطiiورت، لكiiل من�نحت كلمiiات جديiiدة، مبنيiiة على الكلمiiة الم�سiiتعمÉرين والم�سiiتعم�رين، مiiرة بiiان ت اإلنجليزية األصلية، ومرة أخرى بأن تحول الكلمة الهنديiiة األصiل إلى اإلنجليزيiiة. إن

، مدينة غرب الهند، لها شاطئ طويل على بحر العرب، عاصمتهاGujaratجوجرات ** من االجزاء الشمالية الغربية من بومباّي، وهي من اكثر المناطق1960جاندهناجار، وتكونت عام

الصناعية انتاجا وتصنيعا – المترجم

52

" (كاش- وهيCashهناك الكثير من الكلمات اإلنجليزية التي لها أصل هندّي مثل: "" (دÉن- وهو الضجيج الشديد الذّي يصيب بالصمم)، و"Dinنقود تدفع نقدا وفورا)، و"

Pariah"و ،(دّيiiتا الهنiiام الكاسiiوذين، في نظiiة المنبiiرد من طبقiiو فiiه- وهiiباري) "Widowيرون منiiiرف الكثiiiات ال يعiiiوهى كلم .(ةiiiة األرملiiiدو- وهى الزوجiiiوي) "

مستعملي اإلنجليزية اليوم أن أصلها هندّي.

¦، وذلك ألن المقصود منه هiو تجديiد..,Sahibsلقد كان كتاب " " المذكور، عمال رائعا كتiiاب أعتiiبر بحiiق ذروة في بحiiوث اللغiiة - بiiالرغم من عiiدم توثيقiiه- وهiiو كتiiاب

)، الiiذّي كتبiiه كال من الضiiابط العسiiكرّي (Hobson-Jobson"هوبسن- جوبسiiن" (Oberst) "ولزiiiiنرى يiiiiه" (Henry Yules) "ورنلزiiiiور "أ.س.بiiiiوالبروفيس ،(

A.C.Burnells وعنوان1996، ثم مؤخرا في 1939، وأعيد طبعه في 1886) عام . الكتاب "هوبسون- جوبسون"؛ يدل على طبيعة، واتجاه مiiا فيiiه. هiiذا التعبiiير أصiiله مأخوذ من موكب شهر يتم في شهر محiiرم من كiiل سiiنة، الiiذّي تنظمiiه الطوائiiف الشيعية. وفيiiه يضiiربون صiiدورهم، ويلطمiiون خiiدودهم، ويصiiيحون "يiiا حسiiن! يiiا حسين!" ، وذلك ذكرى لشهداء المسiلمين العظiام "الحسiن" و "الحسiين"، أحفiاد محمد النiiبي (صiiلى اللiiه عليiiه وسiiلم). وقiiد كiiان أحiiد الجنiiود اإلنجلiiيز، في وقت االستعمار، يشاهد هذا الموكب، الذّي يمثل أحد الطقوس الشيعية؛ فكتب إلى قادتiiه مبديا تعجبه، قائال: "إن هناك جمع من أبنiiاء البلiiد، سiiائرون في مiiوكب كبiiير، تحت�سiiمع وكأنهiiا، "هوبسiiون- جوبسiiن". وأضiiاف الشمس المحرقة، يصيحون بألفiiاظ ت

): إن هiiذا الكالم، يمكن أن ينطiiق بطiiرق أخiiرى،Burnell) و"برنل" (Yule"يوال" (-Hossy)، و"هوسiiي-جوسiiي" (Hossen-Gosseenمثiiل "هوسiiين- جوسiiين" (

Gossy) "مiiiم- سوسiiiاليون "سوسiiiه البرتغiiiا يمكن أن ينطقiiiبينم .(Saucem-Saucem) "والهولنديون ينطقونها "ياخشوم- باخشوم ،(Jaksom-Baksom .(

إن استيعاب اللغiiة الهنديiiة للغiiة اإلنجليزيiiة بسiiهولة؛ يمكن أن يرجiiع إلى الفلسiiفةTheالدينية الهندية. حيث ال نجiiد فيهiiا إطالقiiا الحiiديث عن اإللiiه "الواحiiد" ( only

one)"يرiiالم، ولكن عن "الكثiiيحية واإلسiiد في المسiiذّي يوجiiال ،(The many.( ) و"بiiiiراهمن" (Vishnu) و"فيشiiiiنو" (Shivaفباإلضiiiiافة إلى اإللiiiiه "شiiiiيفا" (

Brahmanير منiiد الكثiة- يوجiوهم اآللهة المتواجدون في أشكال متعددة مختلف -( اآللهة الهندية األخرى. والمسيح (عليه السالم) الموجود في الديانة المسiiيحية واحiiد من هؤالء، وهو شائع ومعروف، خاصة في مناطق الشاطئ الغربي الجنوبي للهند. و ربما بنفس الطريقة- التي في كل درجاتها تبنى على "االختالف" وليس "التماثiiل" – استطاع المجتمع الهندّي استيعاب اللغiiة اإلنجليزيiiة، دون أن يفقiiد الهنديiiة. وبنفس

)، واللغات الهندية األخiiرى الباقيiiة. إنGujarati (*الطريقة استوعب "الجوجيراتى" المجتمع الذّي يعتبر نفسه ان له ثقافة واحدة نقية متفردة، وليست ثقافات متشابهة متمازجة، هو فقiط المجتمiع الiذّي سiiوف يواجiه صiعوبة في امتصiiاص واسiiتيعاب عناصر ثقافية أخرى، دون االحساس بفقدان هويته. لهذا السبب؛ فiان مجتمعiا مثiل

) لغة تنتسب إلى أحد مجموعة اللغات الهندية. وهي مشتقة منGujaratiالجوجيراتية( ** مليون انسان، على األخص في مقاطعة جوجيرات.45) ، ويتحدث بها Sanskritالسانسكريت(

)– المترجمDevanagriوتكتب في صورة الحروف "الدفانجارية" (

53

المجتمع النرويجي، يiدور فيiه حiوار العقالني سiخيف، عن "ثقافiة نرويجيiة نقيiة"، مقابل "ثقافة أجنبية" وافدة مستعارة. ولهذا السبب أيضا، فقiiد يعتiiبر في بلiiد مثiiل النرويج، أنه شيئا مثيرا للدهشة – حيث اعتاد الناس علي لغة واحدة- أن يوجiiد كاتبiiا هنiiiiiiiiiiiiiiiiديا، يكتب رواياتiiiiiiiiiiiiiiiiه باللغiiiiiiiiiiiiiiiiة اإلنجليزيiiiiiiiiiiiiiiiiة.

)Hobson-Jobsonالوثiiائق الiiتي ذكiiرت في الكتiiابين "هوبسiiون- جوبسiiون" (Sahibsو"صاحبس، نiiابوبس، و بوكسiiواللز" ( , Nabobs and Boxwallahs؛(

تقدم لنا أيضا بعض خصائص اللغة اإلنجليزية. فالكتابان يذكران الكلمات التي أصiiلها�خدمت في بريطانيا العظمى، على نطاق واسiiع. هندّي، ثم اقتبستها اإلنجليزية، واست

Anthonyوقد كتب األديب اللغوّي "أنتونى بiiورجس" ( Burgess،ةiiعن اإلنجليزي ( لغiiة أمiiه، فيقiiول: إن عظمiiة هiiذه اللغiiة؛ تكمن في قiiدرتها على اقتبiiاس كلمiiات جديiiدة، من كiiل أنحiiاء العiiالم، وتحiiولهم إلى كلمiiات إنجليزيiiة. في نفس الiiوقت،

)، وتستبعد أيضا، تفاصيلDead Structural Woodتستبعد " لبنات البناء الميتة" ( القواعد الدقيقة، التي أصiiبحت زائiiدة عن الالزم. وبالمقارنiiة على مسiiتوى اللغiiات األوروبيiiة؛ فاإلنجليزيiiة، الiiتي بiiدأت كلغiiة كريوليiiة في فiiترة الشiiاعر اإلنجلiiيزّي

Geoffrey"جيوفرى شوسر" ( Chaucer) )، أّي منذ القرن الرابiiع1345-1400) �ط�عÉم نفسiiها عشر الميالدّي، ظلت مثال جيد يدل على اسiiتمرارها كلغiiة كريوليiiة، ت دوما، بكلمات من لغات أخرى. خالفا للفرنسية - التي س�نت القiiوانين للحفiiاظ على مفرداتها نقية، خوفا من تأثير اإلنجليزية عليها- استعارت اإلنجليزية مفردات جديiiدة،

Oxfordمن كiiiل ناحيiiiة. في الطبعiiiة الكاملiiiة لمعجم اوكسiiiفورد ( English Dictionay , OED دiiي "الروس" (700) نجiiا المعجم الفرنسiiة. بينمiiف كلمiiأل

Larousseاج )؛iiرد ال يحتiiيكتفي باحتواء ع�شر هذا العدد. في نفس الوقت فإن الف العديد من المفردات اإلنجليزية؛ ليعبر عما يريد، بطريقiiة مفهومiiة. فهiiل كiiان ذلiiك مجiiرد صiiدفة أن اإلنجليزيiiة أصiiبحت لغiiة عالميiiة ذات قواعiiد شiiديدة السiiهولة، ومفردات مرنة؟ بالتأكيد فإن ذلك لم يكن صدفة. إن تذكرة الدخول للغة اإلنجليزيiiة جد رخيص، خاصة في صورتها الشiiمال أمريكيiiة، الiiتي وصiiفت بقiiدرتها على إنتiiاج مناطق تواصل، بينها وبين لغiات محليiiة متأصiلة الجiiذور. ولكن كiل شiiيء لiه ثمن

– يشمل ذلك كريولية اللغة- فكثير من صور اللغiiة اإلنجليزيiiة المعروفiiةيجب دفعة عالميiiا، تفتقiiد المترادفiiات والعمiiق، وهي ال تفiiرق بين "التجربiiة المشiiتركة"،�ها أن تزهو به، أكثر بكثير من �مكن و"المعرفة الضمنية". وبالطبع؛ فإن بومباّي، بها ما ي النظiiام الطبقي "الكاسiiتا". فمثلمiiا في نيويiiورك، فiiإن بومبiiاّي بهiiا صiiناعة سiiينما ضخمة. وهناك بعض البرامج الخفيفة، التي تستدرج المشاهد؛ بأسئلة لللهو وإضiiاعة الiiوقت، فيطرحiiون السiiؤال: مiiا هي المدينiiة الiiتي تنتج أكiiبر عiiدد من األفالم في

)، ولكنHollywoodالعالم؟ والمقصود بالطبع أن تكiiون اإلجابiiة هي: "هiiولي ود" ( اإلجابة الصحيحة في الواقع، هي بومبiiاّي. وبالنسiiبة لكثiiير من الهنiiود؛ فiiإن صiiناعة السينما المشرقة المليئة بالزينة، هي بالضiبط الiتي تعطى بومبiاّي جاذبيتهiا القويiة

Masalaوسiiiحرها الخiiiاص. تسiiمى األفالم الهنديiiiة "أفالم الماسiiiال" ( Films،( والماسال كلمة تطلiiق على خليiiط من البهiiارات المختلفiiة. واالسiiم يiiبين أن الفيلم الهندّي الجيد، يجب أن يحتوى على "القليل من كل شيء" :عنف، صراع قوى الحق والباطل، تصوير ألسلوب حياة الطبقات العليا، غرام وعشق تذوب له القلوب، وقبل

54

كل شيء، األغاني الiiتي تأسiiر الوجiiدان. وبالتأكيiiد يمكننiiا القiiول بأسiiلوب مiiؤدب، وبنظرة متمعنة، أن األفالم الهندية تعتبر؛ بالنسبة للماليين من المiiزارعين، والعمiiال الiiذين يقضiiون سiiاعتين من كiiل أسiiبوع في السiiينما، في الحقيقiiة "هiiروب من الواقiiع". وتعتiiبر أيضiiا تجسiiيدا، وتحقيقiiا ألحالمهم، السiiاكنة في أعمiiاق أعمiiاقهم. فهناك الحلم عن حياة سعيدة مريحة، فيها انتصiiر على منافسiيه، وفiاز؛ ليس فقiط بأميرة أحالمه، أو أمير أحالمها، بل بنى أيضا، بيت جميiiل كبiiير، وحصiiل على مالبس جيدة، مصنوعة من أفضل الخامات. هذه األحالم، المتواجدة جنبا إلى جنب، مع واقع اقتصادّي ميئوس منه، موجود في الكثير من القرى والمدن الهندية؛ يمثالن العiiامالن األساسيان اللذان يجذبان أعداد ضخمة، غير معلومة العدد من الشباب – خاصiiة من الذكور- إلى بومبiiاّي كiiل عiiام. الممثلiiون في األفالم كثiiيرا مiiا يبiiذلون كiiل مiiا في وسiiعهم؛ ليعيشiiون هiiذه األسiiاطير عن الرفاهيiiة واليسiiر، في أوقiiات فiiراغهم، ويحاولون تحقيقهiiا في واقعهم المiiادّي. تجiiد الكثiiير منهم؛ ضiiيوف منتظمiiون على فندق "تاج محل" العالمي، والذّي يعتبر أحد أفضل، وأجمل الفنiiادق في العiiالم. من

) عن أداء الفيلمLakhناحية أخرى، الممثلiiون من الiiذكور، يتقاضiiون أربعين "لخ" ( الواحد. واللخ كلمة هندية، وهiو يسiاوى مائiiة ألiف روبيiiة (الروبيiiة الهنديiiة تسiاوى

كرونiiات نرويجيiiة، والكرونiiة النرويجيiiة تعiiادل تقريبiiا سiiدس دوالر). أمiiا4تقريبiiا "لخ" مع الشكر والحمد. هiiذا االختالف15الممثالت اإلناث، فتتقاضى الواحدة منهم

¦، على األقل من وجهiة نظiر الرجiال. وللمقارنiiة؛ في األجر يقبلونه ويعتبرونه طبيعيا فإن البائع في المحالت، يتقاضى مiا بين ألiف، وألiف وسiبعمائة روبيiة في الشiهر، بينما يتقاضى المزارع ما بين ثالثمائة، وخمس مائة روبيiiة في الشiهر. هiذه األرقiام كثيرا ما يذكرها الصحفيون، والكتاب من األوروبيين، واألمريكيين الشماليين؛ للتدليل على صحة زعمهم، التي تقول: إن الطبقة المتوسطة ال وجود لها في الهند. لو دخل فiiرد إلى قاعiiة فنiiدق "تiiاج محiiل" الرائعiiة؛ فسiiوف يقابلiiه الجميالت من النسiiاء،

Sareeيiiتزينون ب" سiiارّي" ( , Sari،ات اآلالفiiذهب بمئiiمن ال Ùرّي، وحلىiiحري ( يرافقهم رجال في بذات حريرية، في جيوبهم محافظ مليئiة بكiروت الiدفع البنكيiة. بينما يجد الزائر خiiارج الفنiiدق شiiحاذون جالسiiون، وقiiد أضiiناهم الجiiوع وأفقiiدهم أسنانهم. وربما ال يصدق أحد؛ أنهم قد تعلموا بضع جمل، بالعديد من مختلف اللغiiات األوروبية، أملين أن تثير إعجاب الزوار حتى يتصiiدقون عليهم بروبيiiتين. لقiiد تحiiدث الكثiiiiiiiiiiiiير منهم معي باإليطاليiiiiiiiiiiiiة، وال أدرى مiiiiiiiiiiiiا السiiiiiiiiiiiiبب. المشiهد الموصiوف، يمثiل طiرفي نقيض. لكن هنiاك الماليين من الهنiود يعيشiون بأسلوب مختلف. هؤالء ليسوا أغنياء، لكنهم ليسوا فقiiراء. ليس لiiديهم القiiدرة على أن يتناولوا وجبiاتهم فى "تiاج محiل"، لكنهم يسiتطيعون الجلiوس واألكiل في أحiد مقاهي المدينة الكثيرة، الجيدة. ال يملكون مرسيدس مستوردة، ولكن ربما؛ يملكون

Premierسيارة مستعملة، من إنتاج الهند المحلى "بريمiiر بiiادمينى" ( Padmini،( ). يملكون هاتف بiالمنزل، أو ربمiا عنiدScooterأو دراجة بخارية خفيفة "سكوتر" (

) يعلق عليهiiا صiiورVitrineالجيران. يملكون "تلفزيون" ودوالب ذو واجهة زجاجية ( ألفراد األسرة. الكثير منهم يرتبط بالiiدين ارتباطiiا عمليiiا؛ يiiأكلون قليال من اللحiiوم، ويشربون "البيرة" في أوقات متفاوتة، ولكن بطبيعة الحال يتبعون "أسiiلوب طهiiارة معين"، تصفه لهم كاستتهم التي ينتمون إليها. أغلب العائالت، يعلمون أبناءهم تعليما

55

عاليا، وكذلك يتعلمiون لغiتين أجنبيiتين، أو أكiثر. البعض يتحiدث عن أن هiذه الفئiة مليiiون من البشiر، ولكن لألسiiف، يكتب عنهم أقiل170المتوسiiطة تمثiiل حiوالي

القليل خارج الكتب األدبية. وهم بالنسiiبة للصiiورة األوربيiiة التقليديiiة المتوارثiiة عن شبه القارة، يمثلون الخروج عن القاعدة والمنطقة الرماديiiة. لكنهم يحطمiiون هiiذه¦ الصورة النمطية الجامدة، ويشكلون صعوبة للباحث الذّي يريد أن يطلق وصفا أمينiiا

أخالقيا مبسطا،¦ يصف به شبه القارة الهندية.

فكرة وموضوع الفيلم الهنiiدّي تحتiiاج إلى تعليiiق. ربمiiا نسiiتطيع القiiول أنهiiا تمثiiل "ماسال أخالقية"، أّي إنها؛ تمثل مجموعة مختلطة من النصائح، واإلرشادات األخالقية السلوكية. كل األفالم الهندية الشائعة والمشهورة تقريبا؛ تتناول العالقة، بين الiiزواج

Loveعن طريق الترتيب والفiiرض على األبنiiاء، وبين "زواج الحب" ( marriage،( والبعض يعتقد أن هذا هو موضiiوع أكiiثر من نصiiف األفالم. أغلب هiiذه األفالم تنتهي بحصول كال من الحبيبين على اآلخر، أو بأسلوب آخر، التقاء الحبيبين، وكمiiا يقولiiون بالعربية ينتهي "نهاية سعيدة". و نادرا ما يiiأتي الفيلم بحبيiiبين، قiiد تالقيiiا رغمiiا عن إرادة ورغبiiة الوالiiدين. المخiiالفون للنظiiام االجتمiiاعي، عiiادة مiiا يقiiدمهم الفيلم؛ كمتغiiربين تiiابعين للعiiادات األوروبيiiة، أو مiiدمنين خمiiر، لهم لحى كثيفiiة قبيحiiة، ويطلقون الضحكات بأسلوب مزعج، وكثيرا ما يحيطون أنفسهم بشقراوات كاسيات عاريات. من هذا المنطلiiق يمكننiiا القiiول إن صiiناعة السiiينما الهنديiiة، تشiiارك في تخدير الناس، وتخوفهم من تفسخ الغرب، وما يمثله الغرب من خطورة، على القيم

الهندية السامية.

الصورة المرسومة حiiتى اآلن ليسiiت كاملiiة، فالوسiiط االجتمiiاعي المحيiiط، الiiذّي�عرض في أفالم "الماسال" دائما ما يكون من الطبقة العليا. البطل والبطلة يروحون ي ويعودون، دخوال وخروجا؛ بين أثاث جميل، و"تراس" متسع ممتد، يشiiربون األنخiiاب من المشروبات الغير كحولية، ويتبادلون جملiة أو جملiتين باإلنجليزيiة، عنiدما يحلiو لهم ذلك. يتحركون في سياراتهم، ويشاهدون التليفزيiiون. ومن الطiiبيعي؛ أن يكiiون البطل من الباحثين عن المناصب العليiiا في الهيئiiات الحكوميiiة، وغالبiiا مiiا يرتiiدى

)، وهiiو الiiزى الشiiعبي الهنiiدّي.Dhoti"البذلiiة" السiiوداء، عوضiiا عن الiiدوطى ( رسالة األفالم إذا، معقدة وليست بسيطة. وهذه األفالم، التي يشiiاهدها الماليين من¦ الفقراء، واألقل فقرا، من الهنود، في عمiوم شiبه القiارة الهنديiة. ويشiاهدها أيضiا هنودا مهاجرون، في باقي أنحاء المعمورة، حيثما وجiiدوا. خالصiiة الرسiiالة هي، إنiiه من الجيiiد أن يكiiون اإلنسiiان متمiiدينا يعيش عصiiره. لكن؛ ليس معاصiiرا بأسiiلوب ينسiiلخ منiiه االحiiترام للعiiادات والتقاليiiد الهنديiiة. تعليقiiات من مثiiل: هiiل رأيت أو سمعت بمثل هذا األسلوب من قبل؟ انظر إلى هiؤالء الiذين يشiربون "الويسiكي"، ذوى اللحى الكثيفة، والياقات العريضة، عرضها مثل طائرات الiiورق الكبiiيرة، هiiؤالء¦، إلى جiiانب أنهم سiiيئون. لقiiد إنقلعiiوا من جiiذورهم، ¦ واضiiحا يخطiiأون خطiiأ كبiiيرا ويتشبهون باألوروبيين. إنهم يظلمiiون أنفسiiهم. إنهم متعiiالون، يطلقiiون الشiiعارات

¦ مثل أعضاء هيئة إدارة الحفاظ على اللغة النرويجية القديمة. الكبيرة، تماما

56

في عصرنا الحالي، وعندما تختلط الثقافات المختلفة، فدائما مiiا يحمiiل اللقiiاء بين طياته، عنصرا من عناصر المواجهة والخالف، بين الحداثة والعادات والتقاليد. وغالبiiا

) االجتمiiاعي منdecadenceمiiا يبiiدو ذلiiك، وكأنiiه تبiiاين بين التحiiرر، والتفسiiخ (¦ من ناحية، وبين األمان والمحافظة واالحترام من ناحية أخرى. والهند ليست استثناءا هذه الناحية. ومثلما حدث في النرويج؛ عنiiدما تحiiدث أفiiراد من فريiiق "ال.. لالتحiiاد األوروبي"، عن النرويج وكأنها دولة مختلفة. كان محتiiوى خطiiابهم، مثلمiiا يقiiال في أفالم "الماسال" الهندية. قالوا: نريد أن نكون حداثيون، ولكن ال نريد أن نكون تابعين نفقد مبادئنا. و نريد أن نفعل األشياء بطريقتنا وأسلوبنا. ذلك يعنى في الiiنرويج أنiiه؛ يجب الحفاظ على الزراعة، والصيد من البحر، بالرغم من عدم جدواها اقتصاديا. أما في الهند، فإن احترام األسرة، والديانة، يجب أن يبقيان على قيد الحيiiاة، رغمiiا عن أن النiiاس بiiدءوا في لبس البiiدالت المكونiiة من ثالثiiة أجiiزاء، ويسiiتخدم التليفiiون المتنقل الالسلكي. كثيرا من المجتمعات يiiدور فيهiiا مثiiل هiiذا الحiiوار، في داخلهiiا،

وبين أفرادها.

الكريولية تجلب الواقعية. في إحدى الليالي، تناولت الغiiداء، بصiiحبة أحiiد العiiاملين في جامعة بومباّي، في فندق "تاج محل"، وهو الiiذّي بiiه أحiiد أفضiiل المطiiاعم في العالم. اسم الرجل، ما كان ألحد أن يخطأ، في التعiiرف على انتمiiاءه الطبقي. لقiiد كان براهيمي، أّي من طبقة المتدينين الهنiiدوس، وبالتiiالي فقiiد أدهشiiني، أنiiه أمiiر

)، المعمولiiة من لحم البقiiر، و بجانبهiiا كأسiiا من النبيiiذBiffبوجبiiة من "الiiبيف" ( األحمiiر. لم يكن الرجiiل من المرتiiدين الكiiافرين، فلم يiiألو جهiiدا في تبيiiان أهميiiة محافظة الهنود على عiiاداتهم، وتقاليiiدهم، في العصiiر الحiiالي، وذلiiك ألن المدنيiiة، والحداثiiة أوشiiكت، أن تمسiiك بزمiiام األمiiور كلهiiا في البالد. وخلفنiiا جلس عازفiiا

)، يعزف مقطوعات موسيقية، لi "لينiiون" (Smokingللبيانو، يرتدّي "السموكينج" (John Winston Lenon) "و"ماكرتيني ،(Paul Mecartney) "من فرقة "البيتلز (

The Beatles،وليiاح فضiالبريطانية. بعدما أكلنا، وشبعنا لم أستطع أن أكبح جم ( سألته عما إذا كان طبيعيا أن يأكiiل "لحم البقiiر"؟ أجiiاب وهiiو يضiiحك من أعماقiiه، موضحا أن كل "البيف" الذّي يقدم في المطاعم الهنديiiة هiiو من "لحم الجiiاموس"، وليس البقر، وبالتالي فال مشاكل مع الدين. أما النبيذ األحمر فيمكن اعتبiiاره – على العكس- ضريبة المعاصرة العملية. ويمكن تشبيهه مثل الويسكي االسكتلندّي الiiذّي

يضاف إلى القهوة االسكتلندية.

IV

هل الهنiiد قوميiiة واحiiدة؟ ال، ولن تصiiبح أبiiدا كiiذلك، لiiو كiiانت المقارنiiة بالمعiiايير األوروبية. إنها "بساط مiiزركش"، يiiزدحم بiiالكثير من طبقiiات الكاسiiتا، واألعiiراف، واللغات، والعادات، والتقاليد المختلفة. الهند بلد له تاريخ ممعن في القiiدم، وشiiديد

). نظام الكاستا، التدين، الفوارق االجتماعيiiةN.S.Naipulالتنوع، كما قال "نايبول"( بين الطبقiiات، الخالفiiات بين الشiiمال والجنiiوب، وبين الهنiiدوس والمسiiلمون، اإلحسiاس بالضiخامة وجنiون العظمiة السياسiي، بكiل هiذا التiاريخ الiثرّي؛ تصiبح

57

¦. هذا التiiاريخ الiiذّي لم ينتج فقiiط، مجتمعiiا مليء بمختلiiف مشاكل الهند أكثر تعقيدا األعراق والكاستا، ال يمكن التحكم فيه وإدارته فحسiب؛ بiiل خلiiق في نفس الiوقت تفسيرات مختلفة، من جميع فئات المجتمع. ومن الطبيعي أن يكون لكل فئiiة منهم، فهم وتفسير للتاريخ بأسلوب خاص بهم. عندما كتب "نiiايبول" عن فiiترة صiiباه، في

)، ووصف رحلته إلى الهند؛An Area of Darknessكتابه " منطقة من الظالم" ( بأسiiلوب مليء بiiالمرارة، لم يكن وقتهiا، يتفهم جiذور الهنiiود العميقiة، في التiiاريخ واألساطير. لكنه عندما كتب كتابه "الهند: مليون متمرد، اآلن"؛ حينها كiiان "نiiايبول" أكبر سنا، وأقل حدة. لقد أصiiبح أكiiثر تفهمiiا ألهميiiة األسiiاطير، ودرجiiة تأثيرهiiا في المجتمع الهندّي. لكنه؛ لم يكن هناك شك في أّي جiiانب ينحiiاز ويتضiiامن. إن الiiذين يستحقون االحترام في الهند، من وجهة نظر "نiiايبول"، هم: العقالنيiiون والمتiiدينون والمفكiiرون. وتبعiiا لفهم "نiiايبول"، فiiإن المبiiادئ اإلنسiiانية، واإلدارة العقالنيiiة الموضوعية، هما فقط، القادرين على وضع نهاية؛ لتفجر العنف، الذّي ساد البالد في

فترات عديدة وعلى مدى سنين طويلة.

وبعدما سافر نايبول إلى كل مكان في الهند، وعلى مدى عiiام كامiiل، ازداد قناعiiة، أن هذه البلد متعددة الرئات التي تتنفس بها، ومعقدة التركيب، ذو مساحة شاسiiعة. يمكنها فقط، أن تصبح دولة، عندما يكiiون هنiiاك درجiiة كبiiيرة من التكامiiل المiiرن، والالمركزية. في نفس الوقت يجب أن تقودها حكومة مركزيiiة، تأخiiذ في الحسiiبان القيم والحقوق اإلنسانية. هكذا تبين له األمر، بينما كiiان يجلس في فندقiiه المكيiiف الهواء، المبنى في فiiترة االسiiتعمار، عنiiد شiiالالت الميiiاه في كشiiمير، وحيث كiiان يستطيع أن يتمدد بعيدا عن الغبار والوسخ. هكذا بدت له البالد وكأنهiا اكتشiاف غiير معقول، فيها يختلط المتماثل، وغير المتماثل، بأساليب غربية، شديدة الغرابiiة. فيهiiا يجiiد المiرء، العiادات والتقاليiiد شiiديدة االختالف؛ تتواجiد جنبiiا إلى جنب. والفiروق

)، المدينiiةMadrasالجغرافيiiة والمناخيiiة، بين جبiiال الهمااليiiا، وبين "مiiادرس" ( الكبيرة الرطبة؛ تماثل الفiiروق االقتصiiادية بين الطبقiiات. وهي بنفس االتسiiاع، بين دخل مخرج أفالم في بومباّي والقابع في قصر مشيد متسع، وبين دخiiل الشiiحاذون،¦ االختالف الذين يحيطون بحائط حديقته ذات السور األبيض الطباشiيرّي. هنiاك أيضiا الثقافي العميق، بين طقوس أبناء الكاستا الiiدنيا، في قiiرى البنغiiال، وبين المسiiجد اإلسالمي في القرى المجاورة. وفيها تجد دور العرض الصغيرة في المدن الصiiغيرة ومبنى المهندسون الشامخ في نيودلهي. والهنiiد مشiiهورة بوجiiود العiiدد الكبiiير من الفقراء، لكن في نفس الوقت؛ بها اكبر طبقة متوسطة في العiiالم. والبلiiد معروفiiة بأنهiiiا مiiiوطن الهنiiiدوس، لكن يقطن فيهiiiا الماليين من المسiiiلمين، والسiiiيخ،

)، والفارسiiيين، واليهiiود. ونظiiام الكاسiiتاJainsوالمسيحيين، والبiiوذيين، واليiiانيين ( الهندى معiروف أنiه المنتشiر في شiبه القiارة، لكن هنiاك أيضiا، جماعiات عديiدة

تحسب خارجه، بطريقة أو بأخرى. وفي الهند ستة عشر لغة رسمية.

"نايبول" يعتبر، أن التمرد والعنف الداخلي كله، يوحي بإشارة ايجابية، تiiدل على أن البالد في طريقها، إلى الخروج من فترة االحتالل الطويلة. إذا فهي تمر بفترة يقظiiة من ثبات عميق. يقول: "إن هذه الوحدة الهنديiiة، كiiانت اكiiبر من مجمiiوع أجزائهiiا.

58

ف�تهiiا بأنهiiا مصiiدر العديد من هذه الممارسات العنيفiiة؛ قiiد زادت الدولiiة قiiوة، وع�ر�للقانون، وحقوق المواطنة، والعقالنية".

مثل هذا القول، ال يجب أن يساء فهمه على أنه توجiه في اتجiاه الiدفاع عن العنiف والقتل. و"نايبول" يوضح مراده فيضيف: "إن العنف والمآسي التي حدثت من قبiiل، بصورة منتظمة في الهند؛ لم يحرك لها السياسيون إصبعا لمنعها. ومن حسن الحiiظ أن اليiوم؛ يعتiبر العنiف، على العكس من ذلiك، أنiه اعتiداء". ويأمiل "نiايبول"، أن القيم، والمبادئ اإلنسانية العامة، سوف تتغير. وتصبح كما هiiو في البالد المتحضiiرة. وذلك بعد انتهاء المواجهات التي يتم فيها، لألسف؛ استعمال العنiiف، للقضiiاء عليهiiا، بأسiiاليب وحشiiية. فiiإلى اآلن، فiiإن قيمiiة حيiiاة الفiiرد رخيصiiة في الهنiiد. حiiتى التسiiعينيات، من القiiرن العشiiرين؛ مiiازال أهiiالي، وأطفiiال الضiiحايا، ينتظiiرون

)، بعدUnion Carbideالتعويضات من الشركة األمريكية الشمالية "يونين كربيد" ( )،Bhopal، في "بوبiiال" (1984كارثة تسرب الكيماويات السامة، التي وقعت عام

ومات فيها عدة آالف. وكثيرا ما يالحظ القارئ المiiدقق، خiiبرا صiiغيرا محشiiورا في الصفحات الداخليiiة للجريiiدة، وليس عنوانiiا رئيسiiيا في الصiiفحات األولى، أن بضiiع مئات من البشر قد ماتوا ، نتيجة تسمم، نتج عن شربهم "كحول الميثانول" (يسiiمى أيضا كحول الخشب)، الذّي إشتروه من مصنع محلي للخمور. وذلك عنiiدما شiiاركوا

في إحدى الحفالت، التي أقيمت في القرية.

)، الذّي يتحمل جزءا كبiiيراBJP-Party ولحسن الحظ، فإن الحزب القومي الهندّي ( من مسئولية انiiدالع الحiiروب الدينيiiة، وفقiiا لكثiiير من اآلراء؛ لم يحصiiل على تأييiiد شعبي، أو مكانة سياسiiية مسiiيطرة بين القiiوى السياسiiية، في السiiنوات األخiiيرة،

. إن النصiiف1989وحتى انتهي "نايبول" من كتابة آخر كلمة في كتابه خريiiف عiiام األول من التسعينيات، في القرن الماضiiي؛ قiiد شiiهد ازدهiiار مجموعiiات هندوسiiية قوية، تهدف وتعمل من أجل تغيير الدولة المبنية، على مبادئ المواطنiiة، الموجiiودة حاليiiا، إلى دولiiة هندوسiiية. ويبiiدو للمراقiiبين؛ أن أّي من االنفصiiاليين في الشiiمال والجنوب، أو الثوريين المتمردين، أو األصوليين من السياسيين في دلهي، لن ينجحوا

في الوصول إلى أهدافهم، الداعية إلى سياسة غير منطقية.

وبغض النظر عما سيكون الحل لمشاكل الهند، التي تتشابك مع بعضها البعض؛ فإن�بنى على أسiاس ثقiافي قiومي، يسiاوى ويعiنى انتحiار لألمiة أّي دعوة، أو إصالح، ي الهندية تماما. و هذا متفiiق عليiiه، بين كiiل المعلقين، والمالحظين األجiiانب، ومعظم الهنود. لكن، وعلى الرغم من ذلك االتفاق، فقد ظهiiرت في العقiiود األخiيرة قوميiiة هندوسية قوية، مبنية على مبادئ ثقافية هندوسية، تتلخص في فكiiرتهم عن "هنiiدو-

)، التي تعنى أن دولة المواطنة، يجب أن تستبدل بدولة مبنيiiة علىHindutvaتفا" ( مبادئ هندوسiiية. هiiؤالء القوميiiون الهنiiدوس، منظمiiون في كثiiير من المؤسسiiات الكبيرة، ويطلق عليها أسماء ذات داللة ثقافية، لكنها في الواقع العملي، تقوم بiiدور المؤسسات السياسية، أو على األقiiل تتضiiامن معهiiا. كمiiا هiiو حiiادث في "الحiiزب

) المؤسس حديثا. ولو أردنiiا المقارنiiة فiiإن تiiأثيره في الحيiiاةBJPالقومي الهندّي" (Jean-Marieالسياسية الهنديiiة، يشiiبه تiiأثير "جين مiiارى لوبiiان" ( Le Penفي (

59

، مثiiل الخاليiiاBJPالساحة السياسية الفرنسية. ويمكن اعتبار هذا الحزب الهندوسي السرطانية التي تنذر الجسد الهندّي بتدمير ثقافته السياسية.

وعلى نفس المنوال، يزعم بعض الصحافيون ذو النظiرة القصiيرة واألفiق الضiيق، وبمعلوماتهم القليلة، ينطقون باسiiم أمiiراء الحiiرب الصiiرب، فيiiدعون أن الكراهيiiة والعداء بين األعراق في البلقان يعود إلى عiiدة قiiرون ماضiiية ،(بينمiiا في الحقيقiiة؛ فiiإن الوقiiائع تؤكiiد أنiiه لم توجiiد أّي كراهيiiة بين الصiiرب والكiiروات قبiiل القiiرن العشرين). ومثل ذلك أيضا، تجiد بعض الكتiاب، مiزودين بمصiادر معلومiات رديئiة، وفقدوا شiiعورهم بالمسiiئولية، يزعمiiون أن المسiiلمين والهنiiدوس، كرهiiوا بعضiiهم البعض، وبصفة مستمرة ودائمة، منذ أول غزو جاءهم من الغرب من قبل المسلمين

في القرن الثالث عشر.

من حسن الحظ، أن قليل من المتخصصين في الشأن الهندّي من الهنود، من يتفiiق مع وجهة النظiiر هiiذه. صiiحيح أنiiه قiiد تواجiiدت بعض الخالفiiات، والمواجهiiات، بين المسلمين والهندوس؛ إال أن السالم والتسامح كانا همiiا الحiiال بينهمiiا، عiiبر فiiترات زمنية طويلة، وفى كثiiير من المنiiاطق. يتضiiح ذلiiك في كال من المظهiiر الخiiارجي، فالمسiiلمون والهنiiدوس يشiiبهون بعضiiهم البعض، ممiiا يؤكiiد أنiiه، قiiد حiiدث بينهم اختالط جيiiني. وكiiذلك التشiiابه في العiiادات والتقاليiiد واللغiiة. "األردو" هي لغiiة المسلمون األساسية، وتكتب بالحروف العربيiiة، بينمiiا "الهنiiدّي"، وهى تمثiiل اللغiiة

). منDevanagariالقومية للهنiiود في الشiiمال؛ فتكتب بحiiروف "الiiدفاناجارى" ( ناحية الرسم والكتابة، يبدو وكأن اللغتين ال قرابة بينهما، وان كال منهمiiا قiiائم بذاتiiه، ولكن في القرى والمدن الصiiغيرة، حيث يعيش كال من الهنiiدوس والمسiiلمين جنبiiا

إلى جنب؛ سرعان ما يكتشف المرء، أن لغة الحديث بينهما عمليا متطابقة.

إن نفس فكرة؛ أن الهند مجتمع واحد، أّي كيان سياسي قائم بذاتiiه، عمرهiiا حiiوالي قرن واحد ونصف فقط من الزمان، وحتى فترة معقولة، في بدايات القiiرن التاسiiع

�طلق كلمiiة "هنiiدّي" ( ) على أّي فiiرد من سiiكانHinduعشر؛ كان من المعتاد أن ت شبه القارة. ومفهوم، أن كل من يعتقد بالدين الهندوسي، ينتمون إلى طائفة واحiiدة منفصلة دينيا وسياسيا؛ هو مفهوم ذو تاريخ نشiiوء حiiديث. تقليiiديا؛ فقiiد اسiiتخدمت التعبير "هنiiدّي"، لتمiiايز بين طبقiiات "الكاسiiتا" المختلفiiة. وكiiان من الطiiبيعي، أن يكون للمسلمين، والمسiيحيين، "كاسiتتهم"، وطبقiاتهم االجتماعيiة في مجتمعiاتهم المحلية. هذا النظام تiأثر بعقيiدة "الوحiدة العنصiرية"، ومiا نتج عنiه؛ من تخصiيص نوعيiiة العمiiل، بين الطبقiiات المختلفiiة. و بالتiiالي، فiiإن الطiiرح الiiذّي يتحiiدث عن التساوّي والتماثل، يعتبر من مستورد المصiiطلحات الدخيلiiة على المجتمiiع الهنiiدّي. فكرة "الهندوتفا"، يزعمون أنها نظiام اجتمiاعي، عريiiق قiديم، لكنهiا في الحقيقiة، فكiiرة مسiiتحدثة، اسiiتوحيت من القومiiيين العرقiiيين، يحiiاولون محاكiiاة المثiiال األوروبي. إنهم يحاولون تغيير العالم، ذو األقطاب المتعددة، ذو االختالفات البسiiيطة فيما بينهم، إلى عالم، أقطابه قليلة العدد، لكنها ضخمة الحجم، مثلهم مثiiل القوميiiة اإلثنية األوروبية تماما. يستطيع المرء؛ أن يتصور رحلة طويلiiة، يصiiل مiiداها حiiوالي

)، في أقصiiى الغiiرب الiiنرويجي،Bergenألف كيلو متر، تمتiiد من مدينiiة "بiiرجن"(

60

)، العاصمة السiiويدية، وذلiiك قبiiل انفصiiالStockholmوحتى مدينة "ستوكهولم" ( ؛ فسوف يكتشف المiiرء1840الدولتين، وإنشاء الممالك المستقلة، دعنا نقول عام

أن كل واد صغير له لهجته الخاصة به، ولكن سيكون من المستحيل عليiiه، أن يقiiول بدقiiة، أين تنتهي اللهجiiات النرويجيiiة، وأين تبiiدأ اللهجiiات السiiويدية. اليiiوم، وبعiiد حوالي قرن ونصف، من رسم الحدود، وخلق القوميات؛ فإن اختالف اللهجiiات، أقiiل كثيرا، شرق وغرب الحدود. ولكن يمكن للمرء؛ أن يحدد بسهولة، أين توجد الحiiدود، بين اللغة النرويجية، والسويدية. لقد كان عالما مكiiون من مجموعiiات كثiiيرة، بينهiiا اختالفات بسيطة، حولته الحدود إلى عالم، أجزاءه قليلiiة، لكنهiiا ضiiخمة. مثiiل ذلiiك يريد القوميون الهندوس أن يفعلوا، وذلك بإزالة الفروق بين الهنود. و بهذا األسلوب، يدفع كل من ليس هندوسيا، الثمن باهظا. ويصiiبح الشiiرخ بين أفiiراد المجتمiiع أكiiثر

عمقا مما كان عليه.

في مثل هذا المقام، يمكن أن يكiون طبيعيiا، أن نلقى بiاللوم على االسiتعمار، في فهم ظهور، وتطور، وكبر، هiiذه الحركiiات الهندوسiiية المسiiلحة المتطرفiiة. وكiiذلك فهم تسييس مبادئ الدين. لكن، مثل هذا التحليل، يكون سطحيا غير متعمق. صحيح أن البريطiiانيين، كiiانوا نشiiطين في رص صiiفوف جماعiiات، في مواجهiiة جماعiiات أخiiرى. وذلiiك باسiiتعمال أسiiلوب "فiiرق- تسiiد"، ولكنهم، أّي البريطiiانيون، كiiانوا مستفيدين اكبر فائدة، من أال تقع مواجهة بين الهندوس والمسiiلمين. ويظiiل تحليiiل

Peter"نايبول"، يشاركه الباحث المتخصص في الشئون الهندية "بيتر فان در فير" (Van der Veerاركiiدما يشiiايبول": عنiiول "نiiوال. يقiiهو األفضل، وهو األكثر قب ،(

الفرد في مجتمع ضخم متعدد، يبiiدأ في التنبiiه واالهتمiiام بالهويiiة. وبسiiبب الحداثiiة وديناميكية المجتمiع؛ تبiدأ السياسiة إلى تبiني العرقيiة. فعنiدما يiذهب الطفiل إلى المدرسة؛ ويتعلم عن تاريخه، تتطور لغة، يعبر بها عن ثقافته، فيزداد عمق اختالفهiiا، وتمايزها عن الثقافات األخرى. وهنالك، يترسخ في ذهن الفرد منطقا؛ يذكر بنشiiوء القومية األوروبية، ويألف معادلة "أمة واحiiدة، تسiiاوّي مكiiان واحiiد، تسiiاوى ثقافiiة

؛1947واحدة، تساوى دولة واحدة". بعد ما انفصلت باكستان، كدولة مسiiتقلة عiiام تزايد عدد الهنود الذين ينظرون إلى العالقة بين المسiiلمين، والهنiiدوس نظiiرة غiiير وديiiة، وغiiير قابلiiة للتصiiالح. لقiiد تناسiiوا تمامiiا، كiiل التiiاريخ المشiiترك، والثقافiiة المشتركة، وبنiiاء االقتصiiاد وتقاسiiمه. وبiiدأ كال من الطiiرفين، في قiiراءة الماضiiي، والحاضر، داخل إطار تفسيرّي؛ يولد إحساس، بأنهم غير مقبولين من الطرف اآلخر، وأن حقiiوقهم قiiد غبنت. ومن المثiiير للدهشiiة والسiiخرية معiiا، أن تزايiiد القوميiiة الهندوسية؛ صاحبه تزايد في حاالت "زواج الحب"، وبدأ وكأن لهما نفس الجذور، في

فكر الفردية، و المساواة.

الحركات التمرديiة، والنزاعiات العرقيiة، ظiاهرة حديثiة. ولقiد اختiار "نiايبول" أن يفسرها بأسلوب متفائل بقدر اإلمكiiان. يقiiول : عنiiدما تتعiiرف، وتحiiدد، الجماعiiات المضiiطهدة حقوقهiiا؛ فمن الطiiبيعي أن يحصiiلوا عليهiiا سiiريعا. وربمiiا يكiiون ذلiiك صحيحا، لو تحدثنا فقط عن حركات التمرد، من الجماعات فاقدّي الكاسiiتا، أو من ال

61

كاستا لهم، وكذلك السكان األصليون، والميلشيات المسلحة من اليساريين المسماةNaxalitter"النكسiiاليتر" ( guerrillaودiiيين الهنiiا إلى القومiiو نظرنiiولكن، ل .(

عموما؛ فسوف يبدو الوضiع مختلفiا، في هiذه الحالiة. فنحن ال نتعامiل مiع جماعiة تطiiالب بحقiiوق متسiiاوية فحسiiب، لكنهiiا في الحقيقiiة جماعiiة تطiiالب بالسiiيطرة

) علىMughalsالكاملiiiiة. إن البعض منهم بiiiiدأ في إطالق اسiiiiم "المغiiiiول" ( المسiiiiiلمين، الiiiiiذّي يiiiiiوحى بiiiiiأن الهنiiiiiود المسiiiiiلمين، غiiiiiزاة أجiiiiiانب. الطرح الذّي يذهب إلى أن الهندوس، هم الفئة السيدة في الهنiiد، وأن المجموعiiات األخرى، نازحون غير مرحب بهم، أو أنهم على أقل تقدير فئة ثانوية، قد قوّي شوكة من يتبنونه في الفترة األخيرة، وبطرق مختلفiة. يحكى سiiلمان رشiiدّي، عن مiiؤتمر

اب الهنiiود، أقيم في لنiiدن عiiام �iiت� ، حيث شiiارك العديiiد من رواد1982لألدبiiاء والكاب الهنiود، أن أديبiا هندوسiيا، بiدأ محاضiرته بقiراءة قصiيدة بالسiنكريتية. ثم �iت� الك أضاف: إن كل األدبiiاء، واألكiiاديميين، من الهنiiود سiiوف يفهمونهiiا. يضiiيف رشiiدّي:اب هنiiود من كiل األوسiiاط. مسiيحيون، فارسiiيون، �iiت� "وفي قاعة المؤتمر، تواجiد ك مسلمون، سيخ، ولم يكن احد منا، قد نشiiا في وسiiط سنسiiكريتي، لكننiiا في نفس الوقت، كنا جمعيا عالي� الثقافة والتعليم نسiiبيا. إذا، مiiا هي بالضiiبط رسiiالته، الiiتي

أراد أن يوصلها لنا؟ ربما أراد أن يقول: إنكم في الحقيقة، لستم هنودا !".

مساهمة مهمة، في تقويiiة، وتiiأجج الشiiعور القiiومي الهندوسiiي، كiiانت، وال شiiك،-1987)، في الفiترة مiا بين Ramayanaإذاعة المسلسل التليفزيوني "رامايانiا" (

. هذا المسلسل السنسكريتي الكالسيكي، والذّي ح�وÚل إلى "مسلسiiل درامي1988 حلقiiة؛ قiiد أمiiد النiiار بiiالزيت (78)، وتiiدور أحداثiiه في Soap-Operaاجتماعي" (

gave water to the mill) "انiiتين "البيوريتiiع للمتزمiiوة دفiiوأعطى ق ،(Puritansعiiوأيقظ شعورا جماعيا للثقافة القومية الهندوسية، بين الهنود في جمي ،(

أنحاء البالد. لقد ساعد المسلسل المؤسسات الثقافية، في خلiiق قوميiiة هندوسiiية، انتشرت بشكل واسع ،على مستوى الهند. وبالطبع أمكن استغالله، واالسiiتفادة منiiه سياسيا. وتبعا لباحثين، في شئون وسائل اإلعالم؛ فإن حوالي مائة مليون هندّي، قiiد تابع هذا المسلسل، بطريقة أو بأخرى، وباسiiتمرار. في هiiذا المسلسiiل التلفزيiiوني "رامايانا"، ذ�كرت الجماهير المشاهدة له، عن أماكن في الهند، تعتiiبر مقدسiiة، تبعiiا

)، حيثAyodhyaللطقوس الدينية "السنسكريتية". أحiiد تلiiك األمiiاكن "أيودهيiiا" (�عتقد أن اإلله الهندوسي "رام" ( )، كان قد و�لد فيه. وكiiان "أيودهيiiا" بالفعiiل؛Ramي

هو المكان الذّي بسiiببه؛ وقعت مواجهiiات بين المسiiلمين والهنiiدوس، بالتحديiiد في ، وذلك عندما بدأ كال من الهنiiدوس، والمسiiلمين، من اسiiتخدام المكiiان1855عام

لبناء معبد، أو جامع.

بهiذه الخلفيiة؛ ليس من الغiريب إذا؛ أن تسiتمر، وتتصiاعد وتiيرة المواجهiة، على مدى سنين عديدة، بين الهندوس، والمسلمون. وقاد المواجهات سياسيون، أقiiل مiiا

، حيث تم1992يمكن وصفهم به، أنهم غير مسئولين. وبلغت المواجهiiة ذروتهiiا في تدمير المسجد في "أيودهيا". لقد كانت جمهرة من الهندوس، المشتعلين غضبا، هم الiiذين هiiدموه، حجiiرا من بعiiد حجiiر. لقiiد اعتiiبر الماليين من الهنiiدوس، أن وجiiود

62

المسجد، في هذا المكiiان، يعتiiبر إهانiiة للهندوسiiية، و من المفiiروض أن يكiiون فيالمكان معبدا، تشريفا لإلله "رام".

هدم المسجد في "أيودهيا"، أطلق الشرارة األولى، لبدأ مواجهات عنيفة ومتعiiددة، . وأعتقiد المراقبiون األوروبيiون، ولفiترة1993بين الهندوس، والمسلمين في ربيع

طويلة، أن الدولة الهندية لن تستطيع أن تتماسك. لقد شبهوها – ربمiiا - بيوغسiiالفيا السابقة. لقد نسوا بسرعة؛ أنه أبدا، لم يظهر مثاال واحدا، من القيادات الهندية رفiiع شiiعار: أن الهنiiد، يجب أن تكiiون دولiiة وحيiiدة الديانiiة، أو العiiرق. إن القومiiيين

، وهم يمثلون رأس حربiiة، متواجiiدون في مكانiiة ال يحسiiدونBJPالهندوس، بقيادة وا بهزيمiiة سiiاحقة، في �iiيÉ عليهiiا. وتقiiدمهم اآلني، يمكن أن يقiiف، ويقiiاوم. ولقiiد م�ن

¦، فلiiو أرادت الهنiiد أن1993االنتخابات المحلية عام . ولنا أن نأمiiل أال يعiiودون أبiiدا تستمر كأمة واحدة؛ فعليهiiا أن تكiiون أمiiة، في دولiiة تحiiترم الفiiروق، دون تفضiiيل طائفة على أخرى. إن هiiذا يخلiiق تنوعiiا للعiiادات والتقاليiiد، ويiiثرى المجتمiiع، حيث تختلط طوائفه المختلفة بعضهم ببعض بماليين الطرق، واألساليب. لقد كان هذا هiiو

Tagoresالحلم الكبير لi " تاجورس رابينiiدرانس" ( Rabindranathائز علىiiالح ( جائزة نوبل. ويمكننا قول أن "هند المستقبل"، تعتمد على أن يكون الهنiiدوس وغiiير الهندوس؛ قادرون خلق تحالف مستقر، بالرغم من الحدود الدينية، واللغويiiة. تعتمiiد الهند أيضا، على أن يقوى المجتمع المدني في البلد. وهو مجتمع شديد الحيويiiة، في المدن الكبرى مثل: بومباّي، ومدراس، وكالكتا. لكنه ضiiعيف جiiدا، في بiiاقي أرجiiاء البالد. وال يجب أن تنخدع الدولة الهندية؛ وتحتiiذّي بالمثiiال القiiومي الغiiربي، وعليهم أن يتذكروا، قاعدتهم القوية، تتمثل في الفيدرالية، والالمركزية. وأخيرا؛ فiإن الدولiة الهندية، تحتاج إلى قيادات سياسية، تتقبiiل وتشiiجع، التعدديiiة الثقافيiiة، داخiiل أطiiر نظام سياسي مشترك، يستطيع أن يحتضن التنوعiiات الثقافيiiة، دون أن يزنهiiا على مiiيزان القيم والتحضiiر، ثم يضiiعها في مسiiتويات مختلفiiة. إن الهنiiد تملiiك كiiل

Masterالمقومات التاريخية؛ لنجاح هiiذه "المعزوفiiة الرائعiiة" ( Piece– اiiولكنه .( لألسف- فيها أيضا المقومات التاريخية، لحدوث مآسي الحروب األهليiiة، لiiذلك فiiإن من الضرورّي، التذكير مرارا وتكرارا، أنه من الخطأ، وتزييف للتاريخ، أن تعتبر الهنiiد

دولة هندوسية. هذه الدولة الشبه قارة، لم تكن أبدا كذلك.

الفقر، والرائحة الكريهة العفنة، تلفح وجiه السiائر في شiوارع بومبiاّي. لكن معظم الذين يقابلهم المرء، من المملوءين باألمل، البادئون في مشاريع. أو دعنiiا نقiiول أن عندهم حلم يحفظ لهم طاقة االستمرار. هناك الكثير ممن يسيرون في مالبس رثة، يلتصق أجزائها بعضiiها ببعض. لكن هنiiاك عiiدد كبiiير من يمشiiى في ثيiiاب متكاملiiة نظيفة. والكثiiير من يرتiiدى مالبس أنيقiiة، خاصiiة من النسiiاء. إن بومبiiاّي هي أرض األحالم، والقلعة الحصينة للفردية في الهند. وهي المكiiان الiiذّي يحج إليiiه الراغبiiون

) أقل منهiiاrickshaw-wallahsفي تحقيق الحلم الهندّي. فيها، تجد "عربات اليد" ( في كالكتا. وهنا تجد عدد أكبر من سائقي التاكسي. إنه هنiiا في بومبiiاّي، وليس في أّي مكiان آخiر، يجiد المiرء خليطiا من شiركات إعالن، وشiركات طiيران، وبنiوك، واستوديوهات األفالم، والمراكز التجارية، التي تجذب أصحاب المواهب إليها. وكذلك تغرى المواهب الجديدة، بتجريب حظها. هناك الكثير من اآلملين، و حiiتى اليائسiiين،

63

من القوى العاملiiة من غiiير المتخصصiiين، الiiذين هم على اسiiتعداد كامiiل، لتقiiديم جهودهم بأسiiعار زهيiiدة، ال تiiذكر. فلiiو أراد اإلنسiiان أن يغسiiل مالبسiiه، أو ينظiiف حذاءه، أو ينقل غذائه اليومي، من منزله ليوصiiله إلى محiiل عملiiه، وذلiiك من خالل

dabaنظام نقiiل يiiدوى معقiiد يسiiمى "دابiiا" ( systemةiiل حقيبiiأو أراد أن ينق ،( ثقيلة، من المكان "أ" إلى المكان "ب"؛ فما عليه إال أن يقiiف في الشiiارع، ويهمس بطلبه في الهواء. أو حتى تبدو الحاجة إلى المساعدة على وجه�. بعiiد لحظiiة واحiiدة سيجد رجال راغبا في خدمته، يقف أمامه، وهو آمل في أجر زهيد، يدفع له لقاء ذلك. واألجر بالفعل زهيiiد، بiiالرغم من المغiiاالة في طلبiiه، عنiiدما يكiiون طiiالب الخدمiiة أجنبيا. حتى أعضاء الطبقة المتوسiiطة، يسiiتعينون بالخiiدم، بiiالرغم من أن هiiؤالء – ربما – يبلغ دخل األسرة فيهم، ال يزيد عن ألف كرونة نرويجية في الشهر. ولiiو قيiiل أن هناك فروق عميقة بين الطبقات، فذلك حقيقة، لكن ذلك يجعiiل المجتمiiع سiiهل االنسياب، ديناميكي، مليء بالمتغيرات. بومباّي، يمكن وصفها بأّي وصiiف آخiiر، غiiير أن توصiiف، بأنهiiا مجتمiiع من اليائسiiين، والقiiدريين، الiiذين ينظiiرون للواقiiع نظiiرة متشائمة، الزاهدين فيه. واآلملين أن تكون حياتهم األخرى، بعiiد البعث هي األفضiiل. وهم أفضل بكثiiير؛ ممiiا يحiiاول "مروجiiو اإلشiiاعات" أن يقiiدموهم على أنهم مثiiال

)، المتواكل اليائس.Typical Indianللهندّي (

في نقاط االختالط، والتالقي الثقافي، مثل بومباّي؛ فiiإن من المسiiتحيل، أن يكiiون اإلنسان، أو المجتمع، أصوليا متزمتا، معتiiدا بثقافتiiه؛ دون أن يتفتت ويتشiiرذم. في أّي مكان يتجه الفرد إليه الفرد في بومباّي؛ فسوف يرى، على األقiiل، معلمiiا ثقافيiiا واحدا، أساسا ال يعبر عن دين فiرد، أو طائفiة معينiة، أو عن خلفيتهم الثقافيiة. هiل يمكننا أن نقول ببساطة: أن ذلك هو بالضبط ما جعل األصiiوليين المتزمiiتين، من أن يستشيطوا غضبا. ويتصرفون بجنون؟ بعد سنة من آخر زيارة لي، لبومبiiاّي، نشiiرت وكاالت األنبiiاء العالميiiة، خiبر عن معiارك، ذات خلفيiiة دينيiiة، في شiiوارع المدينiiة. وكانت أحداث "أيودهيا" المأساوية، هي الملهمة لها. نظريا فإن مثiiل هiiذه المعiiارك يستحيل حدوثها، ذلك ألن التعددية الدينية، واإلثنية، همiiا الرئتiiان، اللتiiان تتنفس بهم المدينة. وبومباّي ال يمكن أن تصبح، إال مكانiiا للقiiاء وتعiiايش الثقافiiات، والكريوليiiة الثقافية. هذه المعارك التي انiiدلعت، ال يمكن أن تكiiون قiiد انiiدلعت؛ تبعiiا للمنطiiق السائد في المدينة. ولكنها اندلعت؛ نتيجة أيديولوجية، تتحدث "حدود" بين الطبقiiات، و"طهارة" تتميز بها إثنية عرقية عن أخرى. هiذه األيديولوجيiة، غريبiة على بومبiاّي،

ولو أعيد إحياءها؛ لسبب ذلك إغماءة دائمة، وموت أكيد للمدينة.

***

64

المقال الثاني

موريشيوس: االنسالخ والمعجزة

I

Indiraدولة صغيرة عظيمة". جملiiة قالتهiiا "انiiديرا غانiiدى" ( Gandhiةiiالزعيم ( ). وقبلهiiا، كتب عنهiiا الكiiاتب األمiiريكيMauritiusالهنديiiة، عن "موريشiiيوس" (

Mark"مارك توين"( Twainدماiا عنiيوس نموذجiذ موريشiد أتخiيبدو أن الله ق" ،( خلق الجنة". بعد ذلك اتخذ القائمون على مجiiال السiiياحة المزدهiiرة هiiذه الجملiiة،¦ على مطبوعاتهم التسويقية. بiiالطبع هiiذه شiiعارات حمالت إعالنيiiة ورفعوها شعارا سياحية، والحقيقة أنه؛ يصعب على اإلنسان، أال يأخذ بجمiiال "موريشiiيوس" الرائiiع، عندما يقضiiى فiiترة فيهiiا. ولiiو اسiiتطعنا أن نغض الطiiرف عن شiiعارات السiiياحة،فيمكننا تشبيه "موريشيوس" بالجزيرة المتوسطية األسبانية "كوستا ديiiل سiiول" (

Costa del Sol) "واألخرى الفرنسية "كوت دى أزور ،(Cote d`Azurوالحقيقة .( أن موريشيوس جنة في الجنوب تهفو إليها النفس. مجتمعها مسالم، متعدد األعراق. ولكنهiiا في نفس الiiوقت، واحiiدة من أكiiثر أمiiاكن العiiالم الداعيiiة لالسiiتغراب، والسخرية. وهي من أكثر أماكن العالم المعقدة التركيب، المليئة بالمتناقضات، التي

عضiiوا في كال من "الكومنiiولث الجديiiد" (،يمكن تصورها. وإال، ماذا نقول عن دولةNew Commonwealth) "و"الفرنكوفونية ،(La Francophonieة، حيثii؟ دول(

عامiiا على180يجب دبلجة األفالم األمريكية شمالية إلى الفرنسية، رغما عن مiiروراعتبار اإلنجليزية اللغة الرسمية، وحيث تكون الوحدة النقديiiة للبلiiد هي "الروبيiiة" (

Rupeeمiiل اسiiلة، تحمiiهم سلسiiق بعضiiول عنiiف حiiة، يلتiiول عن دولiiوماذا نق .( )؟Francoise – Mootoosamy – Yaw Tang"فرانسوا- موتوسامى – ياوتنج" (

بلد يتعايش، وتتوافق فيها، أربعة أديان كبiiيرة. تنiiدمج في توافiiق عجيب غiiريب مiiع بعضها البعض. وماذا نقول عن بلد، فيها تتحدث مجلة مطبوعة باللغة الفرنسية، عن أفالم هنديiiة؟ كiiل هiiذه المتناقضiiات موجiiودة في جزيiiرة مسiiاحتها حiiوالي ألفى

كيلومتر مربع، ويقطنها حوالي مليون إنسان.

المجتمع الموريشيوسي، مجتمعiiا يشiiبه في حبكتiiه، السiiجادة المزركشiiة الجميلiiة، المكونة من أطياف، وخيوط عديدة، من عiiادات، وتقاليiiد ثقافيiiة مختلفiiة، نسiiجت، غالبا، بأساليب تخدع أّي زائر أجنبي. في التسiiويق السiiياحي اإلعالمي، يسiiتخدمون

¦ مصطلح" Uneأحيانا Societe a` L`arc en cielوسiع قiجملة تعنى "مجتم ،" قزح"، وذلك حتى يعلم األجنبي أن "موريشيوس" مجتمiiع غiiنى بiiاأللوان واألطيiiاف.¦ على طلبات مؤسسiiات المسiiتعمر في نفس الوقت، فإن بحوثا علمية أجريت، بناءا البريطiiاني المتكiiررة، قiiد حiiددت ثالث مشiiاكل رئيسiiية للبالد. هiiذه المشiiاكل

65

االجتماعية هي: االعتماد الكامل على إنتاج وتصدير السكر كأساس للدخل القiiومي.ر عن �iiالثانية: هي التزايد الضخم في عدد السكان. الثالثة هي: التناقضات اإلثنية. عب ذلiiك "نiiايبول" في مقiiال لiiه، خفيiiف الظiiل، عنونiiه� بعنiiوان سiiاخر، كتب يصiiف

The"موريشiiiيوس" أنهiiiا: "غرفiiiة الحجiiiز المزدحمiiiة" أو( Overcrowded Barracoonدiده بعiiفي المقال عبر عن انطباعات عن "موريشيوس"، تولدت عن .(

زيارة لها، في بداية السبعينيات من القرن الماضي، وشبهها بمسقط رأسه، ومكiiان ). قال إن كالهما، يحوى مجتمعا غريب األطوار، شديدTrinidadطفولته "ترينيداد" (

الالعقالنية. في كالهما، يجد المiرء السiوقية والخشiونة. ويجiiد نشiأة خليiiط غiiريب متفرد من األجانب، ال أصول لهم وال جذور. مثلهما مثل مiا رأى في طفولتiه وصiباه اللذان قضاهما في "ترينيiiداد". لقiiد الحiiظ أن المسiiتقبل الiiوظيفي الواعiiد لمعظم الموريشسيين هو: تعلم التمريض، حiiتى يتمكن، هiiو أوهي، من بنiiاء أمiiل الحصiiول

على وظيفة، يحتاجها العالم الخارجي.

Burtonهذا ما قاله "نايبول" ، أما األنiiثربولوجى "بورتiiون بنiiدكت" ( Benedict؛( ¦ في عام وفيه هذا التحiiذير: "إن1965فقد كان له رأى آخر. من ناحيته كتب تقريرا

الخطوط الفارقة للخالفات بين األعراق في "موريشيوس" آخذة في التغيiiير، (....)، وخطورة الخالفات والمواجهات بين األعراق في تزايد" . بعد سنتين فقiiط؛ تiiبين أن "بندكت" كان على حiق. في االنتخابiات الشiعبية العامiة، على مبiدأ االسiتقالل من

في المئة من السكان ضد االسiiتقالل.44، صو�ت 1967بريطانيا، والتي أجريت في لقد خiافوا من أن يجعiل ذوى األصiول الهنديiة، الiذين يمثلiون المجموعiة العرقيiة�منع الحديث باللغة الفرنسية، وحيث األكبر؛ من موريشيوس "الهند الصغيرة"، حيث ي يضطرون النساء إلى لبس "السارى"، وهو زى النساء التقليدّي في الهند. لقiiد كiiان

) ذو األصiiول المريشيوسiiية "جاتiiان دوفiiال" (Creolشiiعار السياسiiى الكريiiولى (Gaetan Duvals) "في تلك الفترة هو: "مالبارنو با أووال (Malbarnu Pa Ule،(

ومعناها، يمكن ترجمته إلى "إننا لسنا ذيال للخنزير الهندّي". وفى وقت االنتخابات ما حوله، والذّي كان وقتا مليء باإلضرابات، وقد ع�بر عن ذلك بأسiiاليب مختلفiiة، منهiiا

-Portالمظiiاهرات، واإلضiiرابات، الiiتي انتشiiرت في العاصiiمة "بiiورت لiiويس" (Louisطرiiرعى، واضiiاس صiiير من النiiقط كثiiا سiiرى. وفيهiiاكن أخiiوفى أم ،(

المسiiئولون إلى إعالن حالiiة الطiiوارئ. ومiiا هiiو إال وقت قصiiير حiiتى أصiiبحت ) القومية الضiiيقة. منmythologyالصدامات وحكاياتها جزء مهم من الميثولوجيا (

ناحية أخرى؛ تولدت القومية الموريشيوسiiية نتيجiiة لهiiذه النزاعiiات، الiiتي أوضiiحت للموريشيسيين، مدى أهمية تعايش األعراق المختلفة، في سالم مع بضiiعهم البعض. ومن هiiذا التصiiور والتجربiiة؛ مiiازال الجيiiل الجديiiد، حiiتى يومنiiا هiiذا، يتحiiدث عن

) التي وقعت في نهايات الستينيات.Les bagarres raciales"النزاعات العرقية" (

؛ استطاع الموريشسيون أن يعiiالجوا كال من المواجهiiات1968ومنذ االستقالل عام العرقية، والمشاكل األخرى، بطرق ديمقراطية ذكية تثير اإلعجاب. لقد كانت الحرية الكاملiiة هي القاعiiدة؛ في كiiل من: الiiدين، والتعبiiير، والصiiحافة المزدهiiرة. و فى العديد من المرات، كiان على الحiزب الحiاكم، أن يتنiازل سiلميا عن السiلطة بعiد االنتخابات. أما االقتصاد، الذّي اعتمد على تصiiدير السiiكر كمنتج قiiومي وحيiiد؛ فقiiد

66

تطور في اتجاه السiiياحة، وصiiناعة النسiiيج. واليiiوم يوصiiف المسiiتوى االجتمiiاعي، واالقتصادّي في الجزيرة، بالحسن. والكثير من المجموعiiات اإلثنيiiة المختلفiiة، تجiiد نفسها في عمليات تقارب وانسجام، مع المجموعات األخرى. وحiiتى هiiذا االنسiiجام

3.5أيضا، كان موجودا قبل أن يتحسن االقتصاد. أما تزايد عدد السiiكان الiiذّي كiiان في المائiة. واآلن تتماثiل1.4في المائة، في منتصف السiتينيات، فقiد تنiاقص إلى

نسبته مع مستوى دول غiiرب أوروبiiا. ويسiiتطيع الفiiرد اآلن أن يتجiiول مطمئنiiا في الشوارع الجانبية، حتى وقت متأخر من الليل، وحتى لو مشي وهو يرتدّي الشiiورت، بعدما حرقته شمس النهار، ولiiو تخiiوف البعض، من كالب نصiiف مستأنسiiة، والiiتي يمتلكها جزء ال بأس به من الموريشيسيين؛ فمiا عليiiه إال أن يتجنب أحيiiاء الطبقiات المتوسiiطة. أمiiا كالب الطبقiiة العاملiiة الفقiiيرة، فهي في الحقيقiiة أضiiعف من أن

) التي يمتلكها عiiائالت الطبقiiةShepherdتهاجم، وأكثر جبنا من كالب "الشيفرد" ( الغنيiiة. وبالتiiالي فعلى هiiؤالء، الiiذين يؤمنiiون بiiأن البالد المختلفiiة عرقيiiا هي بالد مصiiطنعة، وتمثiiل خطiiورة على شiiعوبهم، وعلى شiiعوب البالد المحيطiiة بهم، في أرجiiاء المعمiiورة ؛ عليهم أن يعيiiدوا النظiiر، بعiiد التأمiiل ودراسiiة الديمقراطيiiة المسiiتقرة على خiiط االسiiتواء، الiiتي تتكiiون من "موزاييiiك عiiرقي"، كمiiا في

موريشيوس.

الموريشسيون مضيفون كرمiiاء لألجiiانب. والكثiiير منهم يتحiiدث الفرنسiiية بدرجiiة جيدة. ويعيشون في أحد أجمل الجزر االستوائية في العالم، حيث تجد شواطئ ذات رمال بيضاء كالطباشير، ونخيل جiiوز الهنiiد، يتمايiiل مiiع النسiiيم الرقيiiق، واألشiiجار حاملiiة األزهiiار القانيiiة الجميلiiة، وجبiiال كثيفiiة الخضiiرة، وحقiiول قصiiب السiiكر الخضiiراء، الiiتي يتمiiاوج طلعهiiا. وهكiiذا فiiإن كiiل يiiوم يمiiر، يفقiiد كال من "بiiورتن

Burtonبنiiiديكت" ( Bernedict) "ايبولiiiو "ف.اس.ن (V.S.Naipulيئا منiiiش ( مصداقية نبوءاتهم عن موريشيوس.

مجتمعا مثل المجتمiع الموريشيوسiي ، ربمiا ينiير الطريiق، ويعطى بعض اإليضiاح، لمجتمعات أخرى، جذورها أكثر امتiiدادا في العمiiق، عن كيفيiiة تطiiوير المجتمعiiات،�فiiرض عليهم. فبiiالرغم من موقعهiiا في ظiiل متغiiيرات من المدنيiiة، والحداثiiة ت الجغرافي؛ فإن موريشيوس تمثل جزءا ال يتجزأ من العالم الحديث. فهي مع كل من

)، واستراليا.Tierra del Fuegoقارتي أمريكا (من أالسكا وحتى "تيرا دل فوجو" ( فمنذ البداية المبكرة، كان المجتمiiع الموريشيسiiى جiiزءا من االقتصiiاد الرأسiiمالي، الذّي اتسم بطبيعة عالمية، بالرغم من أنهم يمثلiiون جiiزء صiiغير نسiiبي من التعiiداد�سس بقصد تغطيiiة الحاجiiة العالميiiة السكاني للعالم، وبالرغم من إن هذا المجتمع أ لطريق تجارى إلى الشرق، وكذلك تغطيiة حاجiة البالد األوروبيiة من السiكر. وعلى عكس مجتمعiiات آسiiيا، وأمريكiiا الجنوبيiiة، وأفريقيiiا، الiiتي وقعت تحت سiiيطرة االستعمار، فقد كان المجتمع الموريشيسى، مجتمعا متحررا اجتماعيا، عنiiدما طبقت فيه النظم الرأسمالية. ولذا يمكن أن يقال، إن المجتمع الموريشيسiiى قiiد تمت لiiه

) ، وكان منذ البداية "سن في ترس ضئيل"، في ماكينةglobalisedعملية العولمة ( عالمية تدور وتعمل. العبيد، الذين أصبحوا بعiiد ذلiiك يسiiتأجرون الهنiiود، ويشiiاركون

67

في اإلنتاج للسوق العالميiiة. ومنiiذ اللحظiiة األولى الiiتي وضiiعوا فيهiiا أقiiدامهم فيالجزيرة؛ شاركوا في مسيرة االقتصاد العالمي .

II

Milanاعتبر "ميالن كوندرا" ( Kunderaيكيiiية، التشiiالروائي الفرنسي الجنس - ( gunpowderالمولد والنشأة - أن قلب أوروبا أو مركزها، يقع عند "بiiرج البiiارود" (

tower) "دان "فكالفiiفي مي (Vaclav-Square) "راغiiة "بiiبمدين (Prahaدiiفق .( كانت طرق التجارة العالمية الكبiiيرة، الiiتي تربiiط بين الشiiرق والغiiرب من ناحيiiة، والشمال والجنوب من ناحيiiة أخiiرى؛ تتقابiiل وتتقiiاطع فيهiiا، هكiiذا اعتقiiد "ميالن".

عندما جئت أنا، ألول مرة إلى موريشيوس؛ اخترت شقة مكونة من حجرة واحiiدة،و ) (وتنطiiق "روزيiiل"،Rose-Hillكiiانت مقابلiiة لموقiiف الباصiiات في "روز- هيiiل" (

الفرنسي، وتشديد الجزء األخير من الحروف)، ولقد تبين لي فيما بعiد أنiiهRبحرف كان اختيارا موفقا. هناك وجiدت نفسiي بحiiق في قلب موريشiيوس. هنiiاك تتقابiiل

Cureالباصات التي تتجه إلى الجنوب، حيث مدينiiة "كiiور بيب" ( pipe،يرةiiالمط ( ومزارع الشiاّي علي الهضiiاب وسiiفحاها. وعلى مiiرمى حجiiر من هنiiاك، يقiع أيضiiا

) في الجنiiوبTamarin)، و"تامiiارين" (Flic-en-Flacالشاطئ في "فلكن فلiiك" (الغربي. ومن هناك توجد الباصات التي تتجه شiiرقا، إلى الجامعiiة في "ال ردويت" (

Le Reduit) "براء في "فالكiiكر الغiiرى السiiوحتى ق ،(Flacqدiiة نجiiوفى النهاي .( )، والتي تبعد فقiiط نصiiفPort-Louisعاصمة موريشيوس الرطبة "بورت لويس" (

ساعة تحت المنحدر.

Flyعلى خريطة العالم؛ فإن موريشيوس تعتبر "فضلة ذبابة" ( Shitإنiiذلك فiiول .( الزائر ال يتهيأ نفسيا للقراءة عنها، وسوف يiiدهش، عنiiدما يصiiل إليهiiا. البعض منهم

و�ن® مجهiiرّي" ( �iiرة "كiiمى الجزيiiأسmicro-cosmosةiiغير" لدراسiiل صiiو"معم ،( العالم. دعنا نأخذ طقس موريشيوس مثاال، يبين المتناقضiات. في العاصiمة "بiورت

درجة. وفى المدينة التالية لهiiا في24لويس" يكون متوسط درجة الحرارة السنوّي �ب" ( درجة. في "بورت لويس"، نادرا ما17) يكون الرقم cure pipeالكبر "كور- بي

تهبط درجة الحرارة إلى ما دون العشرين، حتى في فصل الشiiتاء، أّي في الشiiهور�ب"؛ فإن درجة الحرارة المعتادة في الليل، من مايو، وحتى سبتمبر. أما في "كور- بي فهي حوالي عشر درجات. وهناك تجد من السiiكان الكثiiير قiiد اشiiتروا مدفئiiة. أمiiا الفقراء منهم فيكتفون بمiiا تجمiiع لهم المؤسسiiات الخيريiiة من األغطيiiة الصiiوفية. مثل هذه الفروق، يمكن مالحظتها بسهولة، وتصبح أكثر وضوحا عنiiدما تكiiون رحلiiة

)، ال تسiiتغرق أكiiثر منmotorwayالسiiيارة حiiتى الطريiiق الرئيسiiي للسiiيارات (�ب" تمطر السماء طوال العام، ومقيiiاس سiiقوط المطiiر نصف ساعة. في "كور- بي

1000 مليمتر في المتوسط ، بينما نجد هذا الرقم في "بورت لويس" ،3500هناك مليمتر. بالتالي يمكننا تفهم األسباب التي تدفع المواطن "الفرانكو موريشيوسiiي" (

Franco Mauritian،"ب� )- ومعظمهم من األغنيiiاء - والiiذّي يعيش في "كiiور- بي

68

يمتلك بيتا صغيرا على الشاطئ. الشاطئ الذّي يبعiiد عنiiه سiiاعة واحiiدة بالسiiيارة،حيث يقضى فيه معظم فصل الشتاء.

أما بالنسبة لتعدد المظاهر الثقافية؛ فiiإن المشiiهد أكiiثر إثiiارة للدهشiiة. في "كiiور-�ب"، تجد عائلة قد بنيت في حديقة منزلها نسiiخة من "بiiرج ايفiiل" يصiiل ارتفاعiiه بي

)، التي تقع غرب العاصمة؛ يجد المiiرءCassisإلى ستة أمتار. بينما في "كاسيس" ( ) مقامiة هنiاك. ولiو توجهنiا جنوبiاNotre-Dameنسخة من كاتدرائية "نوتر- دام" (

)، الiiتيGrand-Bassinفي الجزيرة؛ فسوف نجد المياه المطهرة "جراند باسين" ( يتوجه إليها الهنود في رحلة حجهم، أثناء احتفiiالهم السiiنوّي، المعiiروف باسiiم "مهiiا

Mahaشيفاراترّي" ( Shivaratri Calebrationدiiوالذّي يعتقد بعضهم، أنه يوج ،( ، وتنطiiقGangesمجرى سرّي ما تحت األرض بينه وبين النهiiر المقiiدس"جانجiiا" (

Gangaاالديش، بالهنديةiiد وبنجiiكانت قد نشأت. و"جانجا" نهر يقع في شمال الهن ( )، تبعiiدBuckingham" و "بكينج هiiام" (ABCويقدسiiه الهنiiدوس. دور العiiرض "

إحداهما عن األخرى فقط عشر دقائق مشiiيا على األقiiدام. إحiiداهما تعiiرض األفالم األوروبية، والشمال أمريكية، المدبلجة إلى الفرنسiiية، واألخiiرى تعiiرض فقiiط أفالم

Café"الماسال" التي تصiiنع في "بومبiiاّي" الهنديiiة. أمiiا في " قهiiوة الصiiين" ( de Chine،ةiiه من أطعمiiا تقدمiiة مiiد في قائمiiل"؛ فتجiiة "روز-هيiiالمقامة في مدين ،(

�نز" ( )، والوجبiiة الكريوليiiة " دابسCarris) والكiiارى (brianisالوجبات الهندية "بريdaubesدى بوسون" ( de poissonةiiوالوجبة البطاطس المقلية على الطريق ،(

minesالصiiينية "مينس فiiريتس" ( fritesهورiiي المشiiق الفرنسiiانب الطبiiبج ( ). بعضiiا من هiiذا التعiiدد والتنiiوع، ينسiiحب على اللغiiةentrecotes"االنتروكوت" (

الكريولية؛ فمعظم كلماتها في الحقيقة، مقتبسة من الفرنسiiية، لكنهiiا تحتiiوى أيضiiا )،hindi)، و"الهنديiiiiة" (Bhojpuriعلي كلمiiiiات من اللغiiiiات : "البهوجبريiiiiة" (

). بعض اللغويiون حiاولواtamilian)، و"اإلنجليزية"، و"التاميلية" (urduو"األردية" ( أن يبرهنوا على أن تركيب قواعد اللغة، فى "الكريولية الموريشيوسiiية" – وهى في الحقيقة مختلفiة كثiيرا عن الفرنسiية – مشiتقه من لغiة افريقيiة. لغويiون آخiرون يعتبرون اللغة الكريولية، بiiدال من ذلiiك، أحiiد الiiدعائم الiiتي تiiدعم قiiول: أن ثقافiiة موريشيوسiiية متفiiردة، نشiiأت بكاملهiiا من لقiiاء، وتالقح الثقافiiات الiiتي كiiونت

الموريشيوسيين أنفسهم.

ما الذّي يعرفه النرويجي العiادّي عن موريشiيوس؟ إن أكiثر من تسiع سiiنوات من االهتمiام بشiئون موريشiيوس، فiإني أعتiبر نفسiي مiؤهال؛ للقيiام بعمليiة تصiنيف تقريبية. المجموعة األولى من النرويجيين ال يسiiتطيعون التميiiيز بين "موريشiiيوس"

). وهناك مiiا هiiو أسiiوأ، فقiiد وجiiدت بعضiiا، ال يسiiتطيعMartiniqueو"مارتينيكو" ( ). الفئة الثانية، تضم هؤالء الذينMauretaniaالتمييز بين موريشيوس وموريتانيا" (

يعرفون عن موريشيوس أنها جزر جنوبية جميلة. أو ربما، مجموعة من الجiiزر، دون¦. ثم يأتي هؤالء الذين يسiiتطيعون تحديiiد مكiiان الجزيiiرة أن يعرفوا أين تقع جغرافيا على الخريطة، وتتiiأتى تلiiك المقiiدرة ألسiiباب مختلفiiة، مثiiل أن يكiiون عiiامال على سiiفينة تجاريiiة (وذلiiك اعرفiiه معرفiiة مباشiiرة)، أو يكiiون لiiه اهتمامiiات خاصiiة

)، أو"الiiدودو" (Drontenبالجغرافيiiا. والقليiiل منهم يعiiرف تiiاريخ "الiiدرونتن" (

69

Dodoترiiل ويتبخiiذلك الطائر النادر الذّي يشبه األوزة، وال يستطيع الطيران، يتماي ،( بطريقiiة أثiiارت فضiiول البحiiارة الهولنiiديون، عنiiدما كiiانوا يرونiiه على الشiiاطئ فيطاردونه بالهراوات حتى المiوت؛ إلى أن انقiرض. اليiوم نجiده فقiط محنطiا في

Tronالمتاحف العلمية. هذه الفئة من النرويجيين تشمل: الكاتب "تiiرون اوجiiريم" (Øgrimذلكiiاك. كiiتعملة هنiiة المسiiالذّي أثارت انتباه، وشدته إليها اللغة الكريولي ،(

Jon"يون ميتشل"( Michelet) "تادiiان شارسiiو "ي ،(Jan Kjærstadذان زاراiiالل ( موريشiiيوس، وكتبiiا عنهiiا كتبiiا، بiiنيت مادتهiiا على أسiiس معرفيiiة اكتسiiبت من

Leموريشيوس. لقiiد اختiiار "يiiون ميتشiiل" بطال لروايتiiه القصiiيرة الiiتي أسiiماها "Coconut،".(الكريول) أو "جوز الهند"، من أفراد الهجين الملونين الموريشيوسيين

بينما نقل "شارستاد"، في الحقيقة؛ النرويج إلى موريشيوس، ذلك في روايتiiه الiiتي سماها "المغامرة الكبرى". إلى جانب هؤالء؛ فمن الذين يعرفiiون عن موريشiiيوس، كثiiير من أعضiiاء األرسiiتقراطيين، الiiذين اسiiتغلوا فرصiiة وظيفتهم، الiiتي حتمت تواجدهم في "زامبيا" و"بتسوانا" أو "زمبابوّي"، وقضiiوا عطلتهم من العمiiل، لمiiدة أسبوعين، في الجزيرة. لكن "كثيرا ما تخدع المظiiاهر؛ فموريشiiيوس ال تتماثiiل في الحقيقة مع "جiiزر الكناريiiا"، رغمiiا عن أن كثiiيرا من السiiائحين النرويجiiيين سiiوف

يعتقدون ذلك .

بالرغم من أن البحارة العرب اكتشفوا الجزيرة منذ زمن طويiiل، إال أنهiiا ظلت غiiير مسكونة حتى وضعها البرتغاليون على خريطتهم في القرن السادس عشر. لقد حدد

Cape ofالبرتغاليون موقعهiiا على الخريطiiة تقريبiiا، بين "رأس الرجiiاء الصiiالح" (Good Hope) "اiiفي جنوب أفريقيا، ومدينة "كالكت (Calicutاiiة، واعتبروهiiالهندي (

محطiiة جيiiدة في الطريiiق إلى الهنiiد. وظلت الجزيiiرة لiiوقت قصiiير، في قبضiiة االستعمار البرتغالي، تبعهم بعد ذلك الهولنديون، الذين استعمروها لعشرات السنين.

هiiاجمتهم الفiiئران، وكiiانوا قليلي العiiدد، وتمiiرد عليهم العبيiiد،1710وفى عiiام وأصابتهم األمراض المختلفة، مما اضiطرهم إلى "غلiق المحiل"، وهجiرة الجزيiرة.

) الجزيرة. وأطلقوا عليها اسiiمbaptizedوبالطبع قبل أن يطفئوا األنوار "ع�م�د�وا " ( ). إلى جانبMaurits Van Nassauأميرهم، وريث العرش "ماريتس فان ناسو" (

Jawaهذا؛ قضوا علي طائر "الدودو"، واسiiتوردوا "الظiiبي الجiiاوّي" ( Hortومن .( المهم ذكر، أنهم توسعوا في زراعة قصب السكر، ونظام العبيد. وكالهما بدا واضiiحا في تiiiiiiiiiiأثيره على تiiiiiiiiiiاريخ الجزيiiiiiiiiiiرة، على مiiiiiiiiiiر الiiiiiiiiiiزمن.

-Ile، أخذت"موريشiiيوس" اسiiم "إيال- دى- فiiرانس" (1814 وحتى 1715من عام de-Franceولiiيين من ذوّي األصiiهولة من الموريشيوسiiد بسiiتى اآلن نجiiوح ،(

فرنسية، الذّي يتحدث عن هذه الفترة بحنين وشوق. خاصة عندما كiiانت تحت إمiiرة`Maheحاكم الجزيiiرة "ماهiiا دّي لبوردنيiiاس" ( de labourdonnais) (1735-

). في هذه الفترة، كانت هناك زيادة كبيرة في تجiiارة العبيiiد، وإنتiiاج السiiكر،1747 وتزايد السكان. وفى تلك الفترة أيضا، أصبح المجتمع الموريشيوسي؛ مجتمعا متعددالثقافiiات بحiiق. اسiiتقدمت العبيiiد من الشiiاطئ الشiiرقي األفiiريقي، ومدغشiiقر (

Madagaskarثروةiiية، ذوّي الiiتقراطية الفرنسiiوكان مالكيهم، من الطبقة األرس .( والممتلكiات القليلiة. إلى جiانب هiؤالء العبيiد، جiاء عiدد واضiح الكiبر من الهنiود،

هاجروا إلى الجزيرة واشتغلوا في البيع، واألعمال اليدوية في الفترة ذاتها.

70

وفي فترة االضطرابات أثناء الثورة الفرنسية؛ فإن كثيرا من األرستقراطيين، الiiذين شiiعروا أن الiiزمن قiiد أدار لهم ظهiiره، وأن الغوغiiاء قiiد بiiدءوا في السiiيطرة على األمور في فرنسا، وهي حالة أتاحتها الديمقراطيiة، ولiذا فiإن شiد الرحiال يجب أن يتجه إلى المستعمرات. موريشيوس، أو كما سموها " إيال دّي فرانس"، كانت بصفة خاصiiiة الوجهiiiة المفضiiiلة، لمثiiiل هiiiؤالء النبالء القلقين. هنiiiاك مiiiازال "النبالء" "األرستقراطيون"، محترمون. ومن المتوقع أن يظل هذا الوضع فترة طويلة. وهناكمن الظواهر- في عدد أصابع اليد- ما يؤكد صحة هذا التوقiع. منهiا نمiو طبقiة من "

gens de couleur ة1780" أو "الملونين"، منذ بداية عامiذه الجماعiوما تاله. ه من الملونين المهجنين قد لعبiوا دورا شiديد الخصوصiية في تطiور، ونمiو المجتمiع الموريشيوسي الحديث. لقد كان هؤالء هم الطبقة العرقية الوحيدة التي نشiiأت في موريشiiيوس، ودافعت عن "الموريشيوسiiية". وبiiالرغم من أعiiدادهم القليلiiة إال أن تأثيرهم على الحياة العامة، كان كبiiيرا، وشiiديد الوضiiوح. فمن حين آلخiiر، يسiiتولي على المرء انطباع، أن كل المصورين والصiiحفيين في موريشiiيوس، يحملiiوا ألقابiiا،

)، وتمثل الفرنسية لسانهم، إلى جانب بشرتهم بنيiiة اللiiون،Michelمثل "ميشيل" ( ). ويمكن تفسiiير ذلiiك، بiiأن أبنiiاءCafé`-au-laitمثل القهوة "األوليiiة" الفرنسiiية (

�نجبiiوا من إمiiاءهم ، لم يكن لهم الحiiق في أن يرثiiوا آبiiائهم. مالكو المزارع، الذين أ وبالتالي؛ وبدال عن األموال، حاول اآلباء أن يعطوهم حقوقهم في صورة قسط وافiiر

من التعليم.

لم �iiس� عندما خسر نابليون حروبه، كان من بعض الشروط التي فرضiiت عليiiه، أن ي "إيال-دّي- فiiiرانس" للبريطiiiانيين. وهكiiiذا اسiiiترجعت الجزيiiiرة اسiiiمها األصiiiلي

، سiiادت أيديولوجيiiة1814موريشiiيوس، وولى عليهiiا حكiiام جiiدد. ولكن في عiiام مح للفرنسiiيين المقيمين �iiام، سiiير الحكiiالتعدد الثقافي في الجزيرة. وكذلك بعد تغي فيها باالحتفiiاظ بملكيiiة أراضiiيهم، ووعiiدهم البريطiiانيون بiiأن يسiiمح لهم ممارسiiة

Charlesثقiiافتهم، ولغتهم، ودينهم بحريiiة. وهiiذا ربمiiا، مiiا دعiiا "شiiارلز داروين"(Darwin امiiيوس عiiانت1839) إلى االستياء عندما زار موريشiiرة كii؛ من أن الجزي

تبدو فرنسية، بلرغم من كونها مستعمرة تابعة للتاج البريطiiاني. والى اآلن، لiiو أنiiه زار الجزيرة األسiiبوع الماضiiي، لقiiال نفس القiiول. حiiتى يومنiiا هiiذا، فiiإن مظiiاهر الثقافة الفرنسية، والتiiأثير الفرنسiي على الجزيiiرة، أكiثر وضiوحا، منiiه عن التiiأثير

Codeالبريطاني. والقانون هناك خليiiط من القiiانون البريطiiاني، و"كiiود نiiابليون" (Napaleonوبالرغم من أن اللغة اإلنجليزية كانت لغة اإلدارة، على مدى أكثر من .(

عام؛ إال أن الفرنسية، مازالت هي الغالبة، والمنتشرة. واليوم، يمكن للمرء أن180 يرى ذوو البشرة الورديiiة، والبنيiiة، والسiiوداء، جiiزءا ال يتجiiزأ من سiiكان الجزيiiرة. وكلهم كاثوليiiك، اتخiiذوا الفرنسiiية لغiiة كتiiابتهم. وممiiا يثiiير االهتمiiام أنiiه؛ حiiتى

الموريشيوسيون ذوى األصول الهندية، يتحدثون الفرنسية أفضل من اإلنجليزية.

، لكن الحاجiiة إلى األيiiدّي العاملiiة، للعمiiل في1839 ألغيت العبوديiiة رسiiميا عiiام المزارع؛ اضطرت البريطiiانيين لتوجيiiه نظiiرهم للهنiiد، الiiتي كiiانت مصiiدرا ال ينفiiد

Coolieللعمالiiة الرخيصiiة من غiiير المتخصصiiين ( labourا بينiiترة مiiوفي الف .( ، أغرى البحارة البريطiiانيون، الماليين من فقiiراء الهنiiد، بعقiiود عمiiل1840-1917

71

جذابة – (بعض البiiاحثون يعتقiiدون أن الهنiiود قiiد خiiدعوا واجiiبروا على السiiفر مiiع)، و"جويانiiا" (Natal) و"ناتiiال" (Fijiالبحارة) - حتى يهاجروا إلى كال من: "فيجى" (

Guyana) "و"ترينيداد ،(Trinidadةiiاء مختلفiiو"موريشيوس". لقد جاءوا من أنح ،( من الهنiiد. اليiiوم يفiiرق الموريشيوسiiيون، بين المتحiiدثين بالهنديiiة القiiادمون من

) - وهم الذين في الحقيقة غالبiا مiا ال يسiتطيعون شiرح مiا يعنونiهBihar"بيهار" ( )، وهي اللغة الشiiائعةMarathaحتى بالهندية - وبين الهنود المتحدثين "بالماراثية" (

)،Tamil). كiiذلك يفرقiiون بين "التاميiiل" (Maharashtraفي إقليم "ماهرشترا" ( ). ويضiiافDravidian)، القادمون من الجنوب "الدرافيiiدى" (Teluguو"التلوجو" (

) وbrahminإلى ذلك بالطبع، الفiiرق بين المسiiلم والهندوسiiي، وبين "البراهمiiا" (). Shudra"الشودرا" (

وفى النصف األول من القرن العشرين، جاء إلى الجزيرة مجموعiiة عرقيiiة أخiiرى، تiiداخلت في النسiiيج السiiكاني في موريشiiيوس. هiiؤالء كiiانوا عبiiارة عن آالف الصينيون، الذين عبروا البحر الهندّي الجنوبي، ومعظمهم كانوا من منطقة "كiiانتون"

)Canton.رةiiiتقرار في الجزيiiiال إلي االسiiiارة ، ثم آل بهم الحiiiة التجiiiلمزاول ، ( اليوم، يتكون المجتمع الموريشيوسي من أكثر قليال من مليiiون من السiiكان. وذلiiك

ألف من أصول أفريقيiiة، وأصiiول280حسب تعداد منتصف التسعينيات. من هؤالء، مهجنة مختلفة، وهؤالء يسمون الكريوليون. وهناك حوالي، عشرون ألفiiا من أصiiول فرنسية، وقد كiiانوا في الحقيقiiة أكiiثر من هiiذا العiiدد، لكن الكثiiير منهم هiiاجر إلى

ألف مسلم170جنوب أفريقيا وأستراليا، في فترات التحرر الموريشيوسي. وهناك من أصول هندية، وثمانية وعشرون ألiiف صiiيني. أمiiا البiiاقي، والiiذّي يمثiiل حiiوالي

نصف سكان موريشيوس، فهم من الهنود.

ألiiف) على سiiبيل50) (حiiوالي Tamilولكن ماذا يعنى أن تكiiون هنiiديا؟ التاميiiل ( المثiiال، ال يعتiiبرون أنفسiiهم أعضiiاء في نفس الفئiiة العرقيiiة، الiiتي انحiiدر منهiiا

Gangesالمتحدثون بالهندية من منطقة "سiiهل جiiانج" ( -plainذينiiات الiiوالفئ .( انحدروا من "الكاستا" الدنيا، غالبا ما يؤلفون أحزابا، مخالفة لتلك التي ينشئها أفراد "الكاستا" العالية. وهناك، فروقا ضخمة، بين المدينة والقرية. ولو حاولنا اإلجابiiة عن السؤال: كم هو عدد المجموعات العرقية في موريشيوس؟ فلن نجiiد إجابiiة سiiهلة،

ودقيقة.

أكثر صعوبة من ذلك، أن نحاول البحث، عن اآلثار العملية في الواقع الحياتي، النiiاتج من انتساب المiرء العiرقي في موريشiيوس. ويمكن طiرح أسiئلة من صiنف: هiل االنتساب العرقي، هو العامل الرئيس الذّي يحدد نوع العمل الذّي يستطيع المرء من الحصول عليه؟ وهل تقرر الكاستا نوعية األصدقاء؟ أو تقضى بنوعية الحي السiiكني الذّي يمكن للمرء أن يقطنه؟ أو تحدد له نوعية شريك حياته، عندما يريد الiiزواج؟ أو تسمى له الحزب السياسي الذّي يجب أن يصوت له؟ وهل الكاستا، هي التي تكون عقيدة المرء، فيما يخص السؤال عن الحياة بعد الموت، أو البعث؟ وما هي الكيفيiiة التي تكون عليها العالقة، بين المجموعات العرقية، والطبقات االجتماعية؟ وما الiiذّي يتغiiير في المجموعiiات والهويiiات العرقيiiة، عنiiدما يتحiiول المجتمiiع، إلى مجتمiiع

72

صناعي؟ ليس هنiiاك إجابiiة سiiهلة يسiiيرة ألّي من هiiذه األسiiئلة. والسiiبب هiiو، إن التضاريس االجتماعية، تتغiير بسiرعة أكiبر بكثiiير من سiiرعة رسiiم الخريطiة، منiiذ لحظiiة بدايiiة الرسiiم. إن المعلومiiات المكتوبiiة، في الكتب العلميiiة المختصiiة،

، القائلة بأن تصنيف األعمال في موريشيوس لiiه قاعiiدة1985والمنشورة قبل عام عرقية، ليس صحيحا. والذين كتبوا هذه المعلومات قالوا إن الهنود هم عمال صiiناعة السكر، وإن الكريوليين هم الصيادون والعمال اليدويون، وهكiiذا. وهiiذا ليس دقيقiiا. والصحيح، إن صناعة السياحة، وصناعة الغزل والنسيج، هما أكبر م�وظÉفiiانÉ للعمالiiة، في الجزيرة. وفيهما، يجiiد المتأمiiل أن جميiiع األلiiوان، واألطيiiاف، والiiديانات، كلهiiا

ممثلة، ومنتشرة. وذلك لو غضضنا النظر، عن أن البعض أكثر تمثيال، من آخرين.

III

"تعيش موريشيوس على قصب السiiكر، والهمiiز واللمiiز لبعضiiهم البعض". هiiذا مiiاMalcolmكتبه الشiiاعر الموريشيوسiiى "مiiالكوم دى شiiازل" ( de Chazalفي (

الخمسينيات من القرن الماضي. كانت هذه المقولة إجابة عن سؤال وجه� لiiه: مiiاذا يعنى "االنتساب العرقي" بالنسبة لiiك؟ ليس من الصiiعب أن نتفiiق على: إن خلفيiiة اإلنسان، من حيث لون البشرة والدين والثقافة؛ لها نفس األهمية في هذه الجزيiiرة الصغيرة اآلمنiiة كمiiا هي في جنiiوب إفريقيiiا، أو البلقiiان. لكن الموريشيوسiiيون لم يجهiiدوا أنفسiiهم في محiiاوالت االنتسiiاب إلى عiiرق معين، كمiiا فعiiل الرؤسiiاء اليوغسالفيون، كال في فترة قيادته، بiiدال من ذلiiك؛ فقiiد أكiiدوا على أن يفصiiلوا بين خلفية الفرد الثقافية وبين حقوقه السياسiiية. رسiiميا ال توجiiد مجموعiiة عرقيiiة لهiiا حقوقiiا ممiiيزة أكiiثر من أى مجموعiiة عرقيiiة أخiiرى. لقiiد وزعت مقاعiiد البرلمiiان بطريقة تحفظ حق كل مجموعة عرقية أن تكون ممثلة بطريقة عادلة. هiiذا التنظيم الذّي ينظر إلى االنتساب العرقي على أنiiه عiiامال ال يجب أن يكiiون مهمiiا، وجiiد من ينتقiiده، بطبيعiiة الحiiال. فواقiiع األمiiر، ومiiرة بعiiد مiiرة؛ أثبتت نتiiائج االنتخابiiات أن االنتسiiاب العiiرقي والطiiائفي هiiو العامiiل األهم الiiذّي على أساسiiه ينتخب معظم الموريشيوسيون، وإن الفروق العرقية الطائفية بين المجموعات المختلفiiة، لم تفتiiأ نابضة بالحيiiاة. هiiذه الحقيقiiة ال يمكن للغiiريب اكتشiiافها؛ إال بعiiد إقامiiة دائمiiة في

الجزيرة ، على األقل لعدة شهور.

في الحياة اليوميiiة يiiذهب الهنiiود والمسiiلمون والكاثوليiiك والبوذيiiون دون احتكiiاك تقريبا. فهم يعملون معا، ويأكلوا وجبة الغiiداء سiiويا، ويناقشiiون الخطiiوط العريضiiة للسياسة وهم يشربون القهوة في وقت االستراحة. ولكن، دعني أسأل سؤاال: مiiتى رأيت هنديا مدعوا في حفلة عشاء "فرانكو-موريشيوسية"؟ إنه مازالت – ولحد اآلن

gen)- ينظiiر إلى دعiiوة "ملiiون" (1994( de ceuleurةiiاء من عائلiiإلى العش ( بيضاء، وكأنها "تحرر زائiiد"، وجiiرأة، رغمiiا عن كونiiه يحمiiل نفس الدرجiiة العلميiiة،

) الiiتيsterotypeويتحدث بنفس "لغiiة البiiدن" تمامiiا، مثلهم. األحكiiام المسiiبقة ( يحملونها بالنسبة للملونين؛ مازالت تنبض بالحيiiاة، بiiالرغم من إلغاءهiiا رسiiميا على الiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiورق. وبالرغم من أن هناك اتفاق على قواعد سياسية مشتركة، وعالقات توافقية مقبولiiة

73

بين جميع الموريشيوسيين، إال أن الخالفات مازالت عميقة بينهم. وفى الحقيقة فiiإن الدين ال يخلق مثل هذه الخالفiات، فهم يسiتبعدونه من المجiال السياسiي، دون أن يiiرى أحiiد أن ذلiiك يمثiiل مشiiكلة. وعلى العكس فiiإن الخالف على اللغiiة ينiiاقش بانفعال، وعاطفة جياشة، وألم شديد. ويظهر ذلك في الحيiiاة العمليiiة ومتطلبiiات ال يمكن التغاضي عنهiا أو إهمالهiا. مثال: إنiه من الضiرورّي اتخiاذ قiرار الختيiار اللغiة اإللزاميiiة في المiiدارس، كiiذلك أّي لغiiة يجب اسiiتعمالها في اإلذاعiiة والتليفزيiiون. وعلى أيiiة حiiال يسiiتقر االختيiiار، ويكiiون الحiiل؛ فسiiوف تجiiد – دائمiiا- جماعiiة، أو جماعات؛ تشiعر بiأن حقوقهiا قiد هضiمت. وتجiد من السياسiيين من يسiتغل هiذا الشiiعور بiiالظلم بغiiرض الحصiiول على مزيiiد من أصiiوات المنتخiiبين. هiiذا الخالف

) قiiرارا باتخiiاذMMMاللغiiوّي وجiiد حكومiiة تتبiiنى حلiiه، واتخiiذ حiiزب "إم إم إم" (�د غضب وانزعاج للمتحiiدثين1982"الكريولية" لغة قومية، وذلك عام . هذا القرار ول

باللغة "الهنiiدو- موريشيوسiiية"، وكiiان لiiه تiiأثير قiiوى في والدة انقسiiام بين أفiiرادالحزب في العام التالي مباشرة.

اإلنجليزية، وهى اللغة الرسمية المتخذة قديما والتي مازالت باقية، ال خالف عليهiiا، فال توجد مجموعة عرقية في موريشيوس تمثل اإلنجليزية لها لسان األم، وال يوجد – بالتالي- من له مشاعر مرتبطة بهذه اللغة، سواء سلبا أو إيجابا. وهم يعتبرونهiiا لغiiة

).greyعملية، وليست لغة بيروقراطية رمادية (

أما بالنسبة للغة الفرنسية ففيهiiا اختالف. "الفرانكiiو-موريشيوسiiيون" الملونiiون ( leagens de cadeurة فيiiاة الثقافيiiون في الحيiiازالوا يتحكمiiذين مiiوهم ال – (

الجزيرة- مازالوا يستخدمونها، وبالتالي مازالت الفرنسية تزداد انتشiiارا في وسiiائل اإلعالم. وبالطبع؛ ليس الجميع مرتاح وسعيد بهذا الحال. وكثير من الموريشيوسiiيين من أصiiول هنديiiة يربطiiون الفرنسiiية بعهiiود االضiiطهاد والعنصiiرية، وبالتiiالي فهم يفضiiلون اسiiتخدام اإلنجليزيiiة، بiiالرغم من عiiدم إجiiادتهم لهiiا. ولكن، اإلنجليزيiiة والفرنسية ال يتحدث بهما في داخiل الiبيوت أكiثر من اثiiنين ونصiiف في المائiiة من الموريشيوسiiيين. فاللغiiة العاميiiة هي "الكريوليiiة"، أو "المورسiiية" كمiiا يسiiميها اليساريون، هي التي تأتى قبل أّي لغة أخiiرى. والمعiiروف أن اللغiiة الكريوليiiة هي: اللغة التي نشأت وتكونت من استعمال العبيد لها كوسيلة للتواصiiل، ومعظم ألفiiاظ هذه اللغة مستعارة من الفرنسية. وفي الوقت الحالي فهي اللغiiة الشiiائعة بين كiiل�عامل كلغiiة الرجiiل الفرنسiiي البسiiيط، فهي ليسiiت المريشيوسيين، لكنها مازالت ت "اللغة الفرنسية"؛ بل "تقريبا فرنسية" تنطق بطريقة سيئة. قد استعارت من اللغiiة الفرنسية القواعد األساسية، وهي التي كان يتحiiدث بهiiا القiiادمون حiiديثا إلى البالد في القرن التاسع عشر. وحتى يومنiiا هiiذا فiiإن معظم الموريشيوسiiيون – باسiiتثناء يسiiاريو الثقافiiة- متفقiiون على أن "الكريوليiiة" هي الوسiiيلة العمليiiة للتخiiاطب الشفهي، لكنها تعتبر "لغة بربرية" إذا ما استعملت في الكتابة. ويأتي إلى جانب هذا

الحقيقة المرة، أن الكريولية ما فتأت مرتبطة بالمجموعة العرقية: الكريوليون.

وعلى هذا فإن الهنود والمسلمين الذين يحتقرون الكريوليiiة، وال يحبiiون الفرنسiiية؛ يتحولون إلى الحديث باإلنجليزية تلقائيا. ليس هذا فحسب، بل يبدأون في إحياء لغiiة

74

أسiالفهم، سiواء كiانت "أوردو"، أو "هنiدّي"، أو "تiاميلي"، أو حiتى "عربيiة". آالف كثيرة من مسلمي موريشيوس انضموا إلى حركات إسالمية مركز ثقلها متواجد في الشiiرق األوسiiط، وليس في شiiبه القiiارة الهنديiiة. ويتبiiع ذلiiك؛ تعريiiف انتمiiائهم الحضارّي وتاريخهم، ويقدمون أنفسiiهم للجهiiات اإلحصiiائية السiiكانية على أن لغiiة

أجدادهم هي "العربية"، وليست "األوردو"، أو "الهندّي".

نظريا، هناك خمسة عشر لغة مستعمل في موريشiiيوس. وأّي محاولiiة لتبiiني لغiiة قومية مشتركة، تبدو ميئوس منها. تماما كما هو الحiiال في البرلمiiان األوروبي. في الواقع العملي فإن مشكلة اللغة أكiiثر يسiiرا من تلiiك الصiiورة، ففي أعمiiاق معظم الموريشيوسiiيون عقيiiدة متفiiق عليهiiا، وهى إن "الكريوليiiة" هي اللغiiة المشiiتركة القومية، وذلك على المسiiتوى الشiiعبي، وليس الرسiiمي. وهم متفقiiون أيضiiا على وجوب االحتفاظ بمكانة اللغتين الفرنسية واإلنجليزية كلغات ثقافية، ورسمية. أما ما يبقي من جدال في مشكلة اللغة، وما يجعل الحوار يحتiiد والمناقشiiة تشiiتعل؛ فهiiو السياسة. إن اللغة ليست رمزا من الرموز، إنها تمثل الهوية الثقافيiiة لإلنسiiان أكiiثر من أّي شiiيء آخiiر. القيiiادات الهنديiiة المعروفiiة - من حين آلخiiر، وبعiiدما يبiiدون انتمائهم العرقي في بيوت الثقافة- دائما ما يحاولون اإليحاء بأن "البهجابورية" (وهى أحدى لهجات اللغة الهندية) في الحقيقة؛ هي لغة أمهاتهم، وهى التي يجب الحiiديث بها، ولو تركوا بناتهم يتحدثون بالفرنسية، أو الكريوليiiة، فسiiوف يiiتركون في الحiiال

لبس "السارّي"، ويرتدون "الجينز"، ويدخنون الماريجوانا.

مثل هذه القول يتوافق مع هوى عائالتهم المقيمة في الهند، ويمثل برهiiان على أن أبناءهم لم ينسوا أبدا لغة جداتهم. وبالرغم من العلم بأن لغة منسية يمكن أن تقiiوم بعمل أساسي في تكوين الشخصية الثقافية - كما في الحالة االيرلنديiiة؛ إال أن هiiذه القضية اللغوية في موريشيوس، مازالت أداة يستخدمها السياسيون الiiذين يرغبiiون في توسiiيع قاعiiدتهم االنتخابيiiة. ويبiiدءون في رفiiع شiiعارات: "الحiiدود"، و"النقiiاء العرقي"، وقيمة اإلنسان التي تزداد كلما استطاع أن يتمسك بما يميزه، ويتفiرد بiه،

عن اآلخرين.

ولقد حاولت دراسة هذه الظاهرة لفترة ليست بالقصيرة. وذلك في التسعينات من القرن الماضي، عندما عدت إلى موريشيوس- بعiiد سiiنوات عديiiدة- بغiiرض مقابلiiة¦ المعارف، وفي نفس الوقت "الدراسة المبدئية". لقiiد كنت بطبيعiiة الحiiال متشiiوقا

إلى معرفة إلى أّي درجة حدث التغيير؟

IV

في التiiو واللحظiiة الiiتي يiiنزل فيهiiا الفiiرد من سiiلم طiiائرة "شiiركة الطiiيرانAirالموريشيوسية" ( Mauritiusريبiiرحلة بومباّي- الطريق الرئيسي القديم لته (

الهiiيرويين للبالد؛ يكتشiiف أن زمن جديiiد قiiد حiiل. التغيiiير الiiذّي حiiدث في مطiiار ) كبير. المبiiني األسiiمنتي الرمiiادّي الصiiغير، الiiذّي لم يكتمiiلPlaisane"بليسان" (

بناءه بعد، والذّي تعود أن يرحب بكل القادمين: "أهال وسهال في موريشيوس"، أصبح اآلن مبنى من ثالث طوابiiق من الزجiاج واأللومiiنيوم، ويسiمى "مطiار السiيد سiiي

75

Sir Seeweosagur Ramgoolam Internationalوساجور رامجوالم الدولي" (Air port) "وiiديم "فورنبiiة القiiمة النرويجيiiار العاصiiاحة مطiiو بنفس مسiiوه ،(Fornabuتيiiات الiiني بعض الالفتiiداخل المبiiأو مطار القاهرة الدولي القديم، وب ،(

تنظم الحركة، وسير متحرك ينقل حقائب المسافرين.

أما رحلة التاكسي من المطار وحتى "روزهيل"، فهي تؤكد االنطباع األول بأن تغيير كبير قد حدث. فذلك الطريق القديم الصغير الضيق غير المسiiتوى؛ يبiiدو وكأنiiه قiiد اختفى. فبعدما كان غالبا ما يعج بشiiاحنات مليئiiة بقصiiب السiiكر، وسiiيارات النقiiل العام المزعجة ذات الرائحة العطنة الكريهة، اللتان كانتا تجوبان بصعوبة أزقة القرى الملتويiiة الضiiيقة، متجهiiة إلى المنiiاطق الiiتي بهiiا حقiiول الشiiاّي حiiول العاصiiمة

)؛ يبiiدو اآلن بiiدال منiiه طريقiiا إسiiفلتيا سiiريع للسiiيارات (Curapipe"كiiورابيب" (motor Wayمقسم إلى أربع حارات، ويمر في مسار يلتف حول مزارع القصب ،(

خارج المناطق المأهولة بالسكان، ينقل المسافر على طول الجزيiiرة وعرضiiها، في زمن قياسي. أما التاكسي فقد كiiان جديiiدا، مريحiiا ومiiزود بكiiل من راديiiو سiiيارة، وجهاز لتبريد الهواء. "هذه السiiيارات لم تكن موجiiودة في موريشiiيوس منiiذ خمس سنوات خلت"، كانت هذه مالحظiiتي الiiتي ابحت بهiiا لسiiائق التاكسiiي، الiiذّي أومiiأ برأسه موافقا، ثم أضاف: "يبدو أنك غiادرت موريشiيوس منiذ خمس سiنوات، لقiد

حدث تطور هائل في هذه الفترة القصيرة".

، كiان السياسiيون1986 عندما قدمت إلى موريشيوس ألول مiرة في أوائiل عiام والمعلقون الصحفيين والكتاب يبدون التشاؤم من تزايد نسبة العاطلين عن العمiiل، وتزايد تصدير العمالة الرخيصة إلى الخليج العربي، بعقود استعبادية. وعندما غiiادرت الجزيرة في نهاية السنة، كانت أعداد العاطلين عن العمل تقارب الصفر. وفي فترة إقامتي هناك، خ�لقت حوالي خمسين ألف فرصة عمل جديدة، كانت موزعiiة أساسiiا في مجال الفندقة وصناعة النسيج. هذا العدد من فرص العمiiل، يعتiiبر كبiiيرا قياسiiا إلى تعiiiداد سiiiكان يصiiiل إلى حiiiوالي المليiiiون. واآلن يسiiiتورد قطiiiاع البنiiiاء

الموريشيوسى أيدّي عاملة ماليزية.

هiiذه المعجiiزة الموريشيوسiiية شiiارك في والدتهiiا الكثiiيرون: سياسiiيون كفء، ومهندسون نشطون، وبنى تحتيiة تiؤدى الغiرض لنظiام تعليمي تركiه البريطiانيون، ومناخ وشواطئ جميلة تجذب السiiياح، وقبiiل هiiذا وبعiiده؛ اسiiتقرار سياسiiي. هiiذه�شكر عليها أحiiد؛ إال الموريشسiiيون أنفسiiهم. باسiiتمرار تتزايiiد العوامل مجتمعة ال ي أهمية صناعة السكر، وتiiزداد المسiiاحة المزروعiiة حiiتى قiiربت من نصiiف مسiiاحة

.1880الجزيرة، وهى الصناعة التي تنمو نموا يذكر منذ أعوام

كiiانت رحلiiة من1986التطiiور طiiال مسiiتوى األسiiعار أيضiiا، ففي عiiام التغيiiير و روبية (الروبية الموريشيوسية في ذلiiك الiiوقت160المطار إلى "روز هيل" تتكلف

روبيiiة300 كرونة نرويجية)، نفس الرحلة في التسعينيات تتكلف 0.58كانت تعادل كرونة نرويجيiة)، ويمكن قiول:0.40(الروبية الموريشيوسية تعادل في التسعينيات

روبية على السائح أن يدفعها أجرة لنفس المسافة، حتى يثبت للسائق أنiiه400إن ).VIPشخصiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiية غiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiير عاديiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiة (

76

في نفس الوقت فقد زادت المرتبiiات بمعiiدل أكiiبر من زيiiادة األسiiعار. ففي بدايiiة رحلتي إلى "روزهيل" الحظت وجود مركiiزان كبiiيران للتسiiوق، يتخصصiiان في بيiiع

كان من العiiادّي1986األثاث المنزلي واألجهزة الكهربية المنزلية. وفى نفس العام أن يكiiون للعائلiiة متوسiiطة الiiدخل بعض الخiiدم. فمثال عائلiiة طiiبيب، أو محiiامى، تستطيع استئجار بستاني متفرغ، و"فتiiاة مطبخ" تسiiاعد العائلiiة في نظافiiة الiiبيت،

فقد أصبح ذلك مكلفا إلى درجة اضطرت العائلة1992وإعداد الطعام. أما في عام لشiراء أجهiزة كهربيiة متعiددة، مثiل غسiالة مالبس، وغسiالة صiحون، و"شiافطة تراب" أو مكنسة كهربيiiة، لتسiiتعين بهم على أعمiiال المiiنزل، الiiتي يتiiوجب عليهم القيام بها بأنفسهم بدال من الخدم. ويجب التوقف هنا لشكر نظام التقسيط المريح في الدفع، حيث يستطيع المرء شراء كiiل شiiيء تقريبiiا، ويiiدفع أقسiiاطه الشiiهرية على فترة تتراوح بين سنتين أو ثالثiiة. هiiذا النظiiام سiiمح للجميiiع شiiراء األجهiiزة . وحتى الخدم، أصبحت لهم القدرة على اقتناء الغساالت الكهربية. وفي مدة زمنية ال

) القومي الدخل ازداد العشر سنوات )Gross National Product -GNPتتجاوز دوالر أمريكي. 3000 كان دخل الفرد 1994إلى ثالثة أضعاف تقريبا. وفى عام

شعارات العدالة االجتماعية، التي تصدرت الخطiiاب السياسiiي الموريشيوسiiى في السبعينيات والنصف األول من الثمانينات من القرن الماضiiي؛ قiiد تبخiiرت واختفت. األحزاب األربعة الرئيسية، ال تجد من بينهم من يتحiiدث عن التiiأميم لقطiiاع اإلنتiiاج. "المنظرون ذوى اللحى"، المنتشiرون في الجامعiات، لم يعiودوا ينتقiدون العiائالت العشرة الفرانكو- موريشيوسية، التي أحكمت قبضتها على صناعة السiiكر، ولم يعiiد المرء يسمع كلماتهم الالذعة المريرة ضiiدهم. وال تجiiد اآلن من يشiiتكى ويتiiأوه من انخفاض راتبه في صناعات النسيج. وال تجiiد من يعتiiبر السiiياحة صiiورة جديiiدة من "استعمار جديد" كمل كiiان في السiiابق. موجiiه السياسiiة اليمينيiiة الiiتي هبت على

�تب لها النجاح العظيم، و"ال احد يستطيع انتقاد النجاح" ( You can'tموريشيوس؛ كargue with success.(

جرى انتخاب برلماني، دون أن يدفع الصiiحافة العالميiiة لكتابiiة،1991 في سبتمبر حتى ولو عنوان واحد عنها. لماذا، وماذا تكتب الصحافة، لو مرت االنتخابiiات دون أن تطلق رصاصة واحدة، وطبق النظام البرلماني بحذافيره؟ وكiiان ذلiiك االنتخiiاب هiiو

. لم تكن1968الخامس منذ اسiتقالل موريشiيوس من االسiتعمار البريطiاني عiام انتخابات سلمية فحسب، لكن لم يشiiوبها إال – إن وجiiدت- بعض الشiiعارات الدينيiiة

MSMالصiiغيرة. في هiiذه االنتخابiiات ائتلiiف الحزبiiان الكبيريiiان (Mouvement Socialiste Mauricien)زبiiع حiiتراكية"، مiiية االشiiة الموريشيوسiiأو "الحرك ،

.MMM ( Mouvement Militant Mauricien)"الحركة العسكرية الموريشيوسية واقتصiiادّي ليiiبرالي حiiر.،وعلى عكس داللة اسميهما، توجه الحزبان اتجاه سياسiiي

PMSD (Parti Mauricien Soceialوكذلك فعلت المعارضة المكونة من حزبي: Democrate) رiديمقراطي"، واآلخiتراكي الiي االشiأو "الحزب الموريشيوس PTr.

77

( Parti Travailiste أو "القائمiiة العماليiiة"، الiiذّي يقابiiل حiiزب العمiiال في( .*النرويج

هذان الحزبان األخيران اسiiتطاعا أن يجعال االنتخابiiات؛ انتخابiiات عرقيiiة، وذلiiك من خالل شعارات ملتهبiiة، ومعركiiة انتخابيiiة خشiiنة، وسiiاخنة. رفعiiوا شiiعارات، مبنيiiة أساسiiا على "التحiiذير من اإلسiiالم". والخiiوف من اإلسiiالم لiiه جiiذور قويiiة لغiiير المسiiلمين، أيضiiا في موريشiiيوس. ذلiiك ألن البعض يعتiiبر "الجبهiiة العسiiكرية

) حزبا إسالميا. وقد اختلiiق أحiiدهم إشiiاعة كاذبiiة، ونشiiرهاMMMالموريشيوسية" (في القiiرى الهنديiiة. تقiiول اإلشiiاعة: إن ابن رئيس الiiوزراء "أنiiيرود جوجنiiاوثس" (

Aneerood Jugnauthsقد تزوج من فتاة مسلمة. لكن ذلك لم يكن كافيا للهنود ( لنزع رئيس الوزراء من كرسي الحكم. فكما قيiiل بشiiكل متكiiرر: "ال احiiد يسiiتطيع

). You can`t argue with successانتقاد النجاح" (

"رو�ت رويال" و"روزهيل"، وهما الشارعان الرئيسيان، تصيبهم الهستيريا والتشتت؛ ليلة عيد الميالد، فما هي إال ساعات قليلة وتغلق المحالت أبوابها. و"صiنابير الميiiاه"

)Water holesال المتعجلينiiق، تعج بالرجiiول الطريiiرة على طiiيرة المنتشiiالكث ( العطاشiiى، وهم يشiiربون أثنiiاء تسiiوقهم. محالت المالبس، والمحالت الiiتي تiiبيع األجهزة الكهربية "الهاى – فاى" والموالت الضخمة، كلها مليئة بالزبائن، وتبدو كخاليا النمل، وال يقل عنهما المركزان التجاريان اللذان أنشiiا حiiديثا. ووسiiائل المواصiiالت متوقفة، واألرصفة وكأنهiا علب السiردين، وخiارج مبiنى المحافظiة "بالزا"، يصiتف

Sapinsبائعي شجرة عيد الميالد، لبيع األشجار، من نوع "سابينس دى نويiiل" ( de Noelفiiهذا المشهد يعتبر مثير لزائر إسكندنافي، يمشى بينهم البسا قميص "نص .(

كم"، ويتصiiبب العiiرق من جبينiiه، بينمiiا أعiiداد من أشiiجار عيiiد الميالد تختفي مiiع )Patisserie unicمشتريها. ومن محل مفضل لدى يسمى "الباتسيريا المتميزة" (

اشتريت خمسة كعكات من الصنف الذّي أفضله، وهى عبارة عن كعكiiة على شiiكل Rogerمخروط مغطاة بالكريم وجوز الهند. بعد ذلك دخلت إلى "روجر ليم فiiونج" (

Lim Foong (حيث) "ديالiiوين أيiiه " كiiدته في دكانiiف منضiiا خلiiان واقفiiكCoin Ideal.نواتiiذ خمس سiiا، منiiلقد حقق أرباحا كثيرة نسبيا، منذ آخر مرة زرته فيه ،(

بضiiاعته توسiiعت وزادت أصiiنافها بوضiiوح، والحظت انiiه يعiiرض الكثiiير من أنiiواع الخمور المستوردة، على ما يبدو أن حركة بيعه لم تتأثر بافتتiiاح محiiل منiiافس على

مسافة قصيرة فقط.

بعد رحلة صعبة تجواال في شوارع الكريسماس؛ استقرت قدمي في "قهوة فرنسا")café de Franceد أغلىiiذا المطعم من أحiiل. هiiيء يأكiiل على شiiتى أحصiiح (

رفة معلقiiة خارجiiة في الهiiواء الطلiiق، وتطiiل مطاعم المدينة، وهو يتميز بان له ش�Routeعلى شiiارع "روت رويiiال" ( Royaleولiiمى "بiiة تسiiاك طلبت كعكiiوهن .(

)، وهى تشبه الكعكة النرويجية الكروية التي تشبه القبة.Bol renverseرنفيرسه" (

حزب العمال النرويجي هو حزب اشتراكي ديموقراطي، وهو الذّي أقام الدولة النرويجية ** الحديثة، وكان يحصل على ما يقارب نصف عدد المنتخبين، إال أن أسهمه قد قلت في العقدين

األخيرين إلى ما دون الثالثون في المائة – المترجم

78

وطلبت أيضا الطبiiق الصiiيني المشiiهور، وهiiو عبiiارة عن أرز مفiiروش على سiiطح Chopالطبiiق، ومغطى بخضiiار ممiiزوج بالصلصiiة (الصiiوص) الصiiينية الممiiيزة (

Suey) "وبينiiمونه "سiiوع يسiiيرة من نiiإلى جانب هذا نصف لتر ب .(em Sopinn labyer) "وبينiiية "شiiه بالفرنسiiم يقابلiiو اسiiوه ، (une chopine de biere(

Pilsenerوباإلنجليزية "بلسiiنر" أو"الجiiر" ( or lager beerفحiiدأت في تصiiوب .( Le" (األكسiiبرس) وجريiiدة "L'expressجريiiدة " Mauricien،(يوسiiموريش) "

األولى صiiباحية والثانيiiة مسiiائية، والجريiiدتان عiiادة مiiا يحتويiiان على مiiادة جيiiدة للقiiراءة، إال أنهمiiا في ذلiiك اليiiوم كانتiiا ال تقiiرأن. العنiiوان الرئيسiiي للجريiiدة "موريشيوس" عبارة عن عنiiوان وجiiداني ديiiني، يسiiتعرض تiiاريخ عيiiد الميالد، أمiiا الجريدة األخرى " اكسبرس" فيحتوى معظمها على إعالنات موضوعة في إطiiار من الزهiiور، لتسiiويق بضiiاعة تتناسiiب مiiع هiiذا الiiوقت ذو الطiiابع الiiروحي: إعالنiiات للشمبانيا، والويسكي المستورد خصيصا الحتفاالت عيد رأس السنة الميالديiiة، ولعب

)، وأطعمة مرتبطة "بالكريسماس"، كماMake upأطفال الكترونية، وأدوات زينة ( توجد أيضا أطعمiiة حالل خاصiiة بمناسiiبة الكريسiiماس خاصiiة للمسiiلمين، وأجهiiزة "ستريو"، وأجهزة اتصاالت من نوع "واك مان"، ومكانس، وغساالت، وأجهزة مطبخ كهربية أخرى. جنون الشراء واالندفاع نحوه؛ ليس أقل في موريشيوس منiiه في أّي

أنشiiأ وزيiiر التخطيiiط نiiوع جديiiد من1992مكiiان آخiiر في العiiالم. وفي صiiيف السندات ليشجع الناس على التوفير، لكن إلى اآلن لم يكتب له النجاح.

كثير من الموريشيوسيين، يعتقدون أنهم أحسن حاال من ذّي قبل السنوات الخمسة Alineالماضية. "ألين جيوفرى" ( Geoffreyزواج إلىiiد الiiمها بعiiالتي تحول اس -(

كiiانت1986"ألين ريوكس"، لم تكن مرتاحة لألوضاع تماما. حين تعiiرفت بهiiا عiiام عاطلة عن العمل، وتقيم هي وابنتها عند أمها في شقة متواضiiعة، وفي نهايiiة العiiام ساعدتها في إيجاد عمل بiراتب قليiل عنiد احiد المعiارف، الiذّي كiان يiدير مصiنعا صiiغيرا لتفصiiيل القمصiiان. أمiiا اليiiوم فقiiد تiiزوجت وانتقلت مiiع زوجهiiا إلى شiiقة جديدة، وتعمل في عمل ذو راتب جيد في بiiار للواجبiiات السiريعة، في أحiد مراكiز التسوق الكبيرة، التي أنشiiئت مiiؤخرا في الجزيiiرة. وأسiiرتها اآلن تمتلiiك تلفزيiiون ملون، وجهاز "ستريو"، والجهازان اشتروهما بالطريقة الموريشيوسية المعتiiادة، أّي

)، وبiiالرغم من هiiذاSergeبنظiiام التقسiiيط المiiريح. "ألين" وزوجهiiا "سiiيرج" ( التحسن؛ يعتقدون إن موريشيوس مازالت بها مشكلة عظيمiiة، هي سiiيطرة الهنiiود الكاملة على الهيئات الحكومية تحديدا. فبغض النظiiر عن المiiؤهالت الجيiiدة العاليiiة التي يحملها الفرد؛ ال يستطيع الحصول على عمل محترم في الهيئات الحكومية، لiiو أنه كان من "الكريول". نفس التنهيدة يسiiمعها الفiiرد، بصiiورة متكiiررة، من معظم

"الكريوليين"، فهم يؤمنون أنهم لم يحصلوا على نصيبهم العادل من هذه الرفاهية.

ويمكن أيضا سماع االنتقاد للحالة التي وصلت إليها "موريشيوس" من فريiق آخiر.¦، "روالند" ( ) – وهو "فرانكو- موريشيوسى" متوسط العمiiر، ذو نشiiأةRolandفمثال

أرستوقراطية- يلخص تصiوره للعiالم عنiدما يiزعم بثقiة متناهيiة، أن رحلiة انحiدار Jean Jacquesوهبوط الغرب؛ قد بدأت. وبالتحديد عندما نشر "جين جاك روسو" (

Rousseau) ،"اعيiiالعقدة االجتم" (Le contract Socialابiiبح الكتiiذّي أصiiال (

79

المقدس للثورة الفرنسية. ذات ليلة جلست معiه خiارج منزلiه، المبiiنى في جزيiiرة تملكها العائلة. جلس يدفئ كؤوس "الكونياك" بين بطن كفبه، بينمiiا كنiiا مشiiغولون بتتبع األسماك، التي تسبح في المياه المحيطة بضiiوء بطاريiiة جيب صiiغيرة. سiiهرنا في تلك الليلة بما فيه الكفاية، وتiiركت للسiiاني العنiiان، وحiiاولت توضiiيح إن فكiiرة

) الجنس األبيض يمكن أن تفهم في ضiiوء أّي سiiبب آخiiر غiiيرhegemonyتفiiوق (¦: إن اللiiه هiiو من ولى العطاء االلهي. ولم يكن "روالند" متأخرا في رد الفعل؛ قiiائال

الفرنسiiية،1789) الحكم. وإن ثiiورة Clovis.Iأول ملك فرنسي "كلوفيس األول" (Theكانت جريمiiة بشiiعة، في حiiق "عقيiiدة التثليث المقدسiiة" ( Holy Trinity.(

"روالند" ينتمي إلى أقلية آخذة في االنكماش والتضاؤل، في موريشiiيوس. وهي في الحقيقة مجموعiiة من "الفرانكiiو- موريشيوسiiيين"، الiiتي – على قiiدرا اسiiتطاعتها- تفكر، وتسلك في الحياة، وكأن الثورة الفرنسية لم تقم، ولم تحدث. عندما استقلت موريشيوس اختار الهجرة إلى "جنوب أفريقيا" الكثير منهم ، والبعض الكثiiير اآلخiiر، تعiiايش مiiع الوضiiع الجديiiد دون مشiiاكل كبiiيرة، ولكن البعض القليiiل منهم - مثiiل

"روالند"- اختار، وفضل العزلة.

قبل أربعون سنة كانت عائلة "روالند" تمتلك خمسين ألف مiiتر مربiiع من الغابiiات، وهى ارض كافية إليجارها لخمسين مستأجر. وتمتلك أيضا ممتلكiiات ضiiخمة أخiiرى؛ كافية لتشغيل خمسiين أخiرى من الخiدم. اليiوم، معظم هiذه المسiاحة قiد بيعت،

) بجنiiوبDurbanوالمتبقي من أفiiراد العائلiiة الiiذين لم يهiiاجروا إلى "دوربiiان" ( Ilotأفريقيا، تحصنوا في جزرهم الخاصة. وهiiذه الجزيiiرة تسiiمى "إلiiوت فورتiiير" (

Fortierد" أالiiتطيع "روالنiiاك يسiiة، وهنiiرب قريiiتبعد حوالي ثالثة كيلو متر من أق ( يiiذكره أحiiد بiiالتطور السياسiiي واالقتصiiادّي الiiذّي أدى إلى تغيiiير اجتمiiاعي في موريشيوس. وال يذكره أحiد بiأن األعiراق المختلفiة من الموريشيوسiيين قiد حلiوا المشاكل التي اعتبرهiiا البريطiiانيون والفرنسiiيون؛ مشiiاكل مستعصiiية على الحiiل، وهي أن يقبل بعضهم العيش مع البعض األخر. أما بالنسبة لi "روالند" وأمثالiiه، فiiإن المعركة قد خ�سرت، وإن "البربريiiة قiiد انتصiiرت". والبربريiiة الiiتي يقصiiدونها هي نفسiها؛ الiتي دفعت آبiائهم للهجiرة من فرنسiا، معارضiين للديمقراطيiة الوطنيiة، وحكم األغلبية، أثناء الثورة الفرنسية. وها هو"رونiiدال" يسiiتكمل مقاومتiiه لهiiا، على األقل، في منزله. أثناء تناول الغداء، أشارت أمه العجiiوز- وهى سiiيدة فظiiة تقiiارب الثمانين من عمرها- إلى التليفزيون قائلة: "اآلن وبينما نحن نأكiiل الطعiiام األوروبي

) في المطبخ،Jugnauthالجيد والنبيiiذ الجيiiد، يجلس رئيس الiiوزراء "جوجنiiاوث" ( dall)، و "الiiدال بiiورى" (farathaومعه زوجته أمام "فرن الغاز"، يبتلعا "الفراثة" (

puri:ولiiا، وغمغم يقiiه مؤمنiiدها رأسiiز ولiiاك هiiابعه.. أوف". وهنiiا بأصiiويلتقطه ( "الخطأ في هؤالء إنهم يفتقدون الذوق الرفيع والجاذبية، وتلك هي المصيبة".

هذا الصلف "األرستوقراطى" قد خسر منذ زمن طويل، والناس من مثiiل "روالنiiد" يمثلون طبقة منقرضة، أو "هابطة" لو أردنا استعمال مصطلحات "كiiارل مiiاركس". عائلة "روالند" لم تستثمر النقود بعد بيع الممتلكات. وإذا كان صiiحيحا مiiا يقiiال: إن الكريولي لو أمتلك عشرة روبيiات ينفiق خمسiة عشiر، بينمiا الهنiدّي ينفiق سiبعة فقط؛ فإن من الصiiحيح القiiول: "إن الفرانكiiو- موريشيوسiiى" من أمثiiال "روالنiiد"

80

ينفق عشرة آالف على الويسكى، وتعيين بستاني، أفضل من أن يشترى أسiiهما فيMaxرأسمال مصنع للنسiيج، مثال. وال يحتiiاج المiرء إلى "مiiاكس فiبر" ( Weber(

(عiiالم االجتمiiاع األلمiiاني) ليعلمنiiا أن مثiiل هiiذه الطبقiiة خاسiiرة في "االقتصiiاد¦. وهiو مثiiال يمثiiل المسiتقبل: "مiiالن أوديiiا" ( الرأسمالي". مثال آخر مخالف تماما

Malenn Oadiahمتخصص في علوم االجتماع السياسي، وكان من أعضاء حزب ( ،1986الثوريين المسلحين. وكنت حينئذ قد بiiدأت في دراسiiتي الميدانيiiة في عiiام

بينما كان هو يعد أطروحة للدكتوارة عن النقابات العمالية، وفرص زيادة تأثيرهiiا في المجتمع. وهو اليوم من كتاب الصحف، ويكتب تعليقات ومقiiاالت نقديiiة. وفى نفس الوقت، فهiiو مسiiئول عن تطiiوير "سلسiiلة فندقيiiة"، ومiiع بعض الiiزمالء أنشiiأ بيتiiا للخبرة. وتبعا لتصiiور "مiiالن"؛ فiiإن موريشiiيوس تواجiiه مشiiكلتين كبiiيرتين، تمثالن عائقا في سبيل تطوير االقتصاد. ويجب التغلب عليهما لو أريد النجاح لتنفيذ المرحلة

األولي لتصنيع الجزيرة.

المشiiكلة األولي تتمثiiل في التعiiارض بين: نظiiام تعiiيين أهiiل الثقiiة والمعiiارف (Cleintism) ةiiراد العائلiiوأف (nepotismاءة أوiiل الكفiiيين أهiiة، وتعiiمن ناحي (

) من الناحيiiة األخiiرى. وهiiذا بiiالطبع يiiؤدى إلىmeritocraey"الميرتوقراطيiiة" ( ضعف في كفاءة األجهزة والهيئiiات الحكوميiiة، ممiiا يiiؤدى بهiiذه الهيئiiات إلى عiiدم القiiدرة على المنافسiiة، ودفiiع مرتبiiات مجزيiiة، مثلمiiا هiiو الحiiال في المؤسسiiات الصناعية المختلفة. أما المشكلة الثانية فإن الناس في الجزيرة أمامها طريق طويل

organizationلتعليم "الثقافة المؤسسiiية"، أو "ثقافiiة المؤسسiiات" ( culture.( لعشiiر سiiنوات أو تزيiiد، تiiردد على سiiمع النiiاس؛ أنهم ال يصiiلحون لشiiيء، وهم

)، وأصiiبحوا تiiابعين خاضiiعين لسiiيدهم األبيض (inferiortyالدونيiiة" ("يشiiعرون بwhite patrons.ئوليةiiوبالتالي فهم لم يتعودوا على أخذ المبادرة، وتحمل المس ،(

وهذا ينسحب أساسا على الكريوليين. فلو أعطنا موقعا قياديا ألحد الكويولiiيين؛ فلن يعرف كيف يتصرف، وال يستطيع اتخاذ قرار، وذلك سهل الفهم ألنiiه ببسiiاطة، كiiان

دائما تابعا طائعا، ولم يمارس إعطاء أوامر أبدأ.

هل تحليل "مiiالن" هiذا؛ صiواب؟ في صiباح اليiiوم التiiالي أخiذت "األتiiوبيس" إلىCase"كiiاس نويiiال" ( Noyaleاiiريت فيهiiتي كنت أجiiماكون الiiة السiiوهى قري ،(

دراسات ميدانية في فترة سابقة؛ حتى أطلع على التطورات التي أحiiدثتها المعجiiزةالموريشيوسية في مثل هذه األحياء الشعبية.

في "كاس نويال"، كان كل السكان تقريبiiا من الكريiiول. ومن النظiiرة األولي بiiدت، وكأنها كمiiا كiiانت من قبiiل لم يحiiدث بهiiا أّي تطiiور لألسiiف. األتiiوبيس القiiادم من

) توقف- كما كان دائما- بصوت متهالك، أمامQuatre- Bornes"كواترا- بورنس" ( بناء وحيد من الصفيح، مجهiiز بهiiوائي للتلفزيiiون يعلiiوه الصiiدأ، ومثبت على سiiطح

)، وهوPrerre Lim chansيغطيه الصدأ أيضا. وقريب من ذلك، "بيير ليم شانص" ( محل لبيع احتياجات المنزل اليومية، لم ينل نصيبه من مختلف األصناف التي يبيعهiiا، ومن الiiترتيب والنظافiiة. في الصiiباح تأتيiiه النسiiاء لشiiراء مiiا يحتاجونiiه من أرز

81

وصiiابون. ويiiأتي السiiماكون من بعiiد العصiiر لشiiراء عشiiرون سiiمكة من سiiمك ) والبiiيرة، وهنiiاك يتجiiاذبون أطiiراف الحiiديث ويتجiiادلون.Matelots"المتلiiوت" (

) المتهالكiiة. وتiiرىTontonsوهنiiاك تiiرى وسiiيلة النقiiل في األزقiiة "التونتiiون" ( األطفال الذين تغيبوا عن المدارس ينتشiiرون هنiiاك معظم اليiiوم، حيث يؤكiiد ذلiiك انعدام وجود مكان أفضل في الحي لقضاء أوقات فراغهم. وعلى الجiiانب اآلخiiر من الطريق؛ يجلس الرجال في مجموعات صغيرة، تماما كما كiiان من قبiiل. تحت ظiiل

) يتبiiادلون السiiجائر بينهم. وعلى اليمينBanianشجرة ضخم من نiiوع "البانيiiان" ( من المحل، تقف النساء عند مضخة المياه يتبادلون األخبار. وصiiاحب المحiiل نفسiiه

)، الiiذّي كiiانSinglet"بيير" يقف خلف "الديسiiك" بقميصiiه التحiiتي أو الصiiديرّي ( يرتدى مثله منذ خمس سنوات، وهو يبيع األرز والبيرة والبالستر والسمك المجفiiف،

)، ونبيiiذSpecialوالويسكى الرخيص المصنوع من السiiكر، ويسiiمونه "سبسiiيال" ( Malagaالفاكهiiiiة األرخص من الويسiiiiكى، ويسiiiiمونه "ماالجiiiiا فرانسiiiiيس" (

Francaisمك أغلىiر من سiوع آخiوت"، ونiمك "المتلiداع، وسiويبيع حبوب الص ،( ). أما عن "بيير" نفسه، فقد قلت أسنانه عنMatineesسعرا يسمى "الماتينيس" (

ذّي قبل. واللون األحمر الذّي غطى بشرته تحت الجفن األسفل لعينيiiه؛ يشiiهد على بدء مرحلة الشيخوخة. هذه السنين الiتي مiرت، جعلت من الصiعب على�، التعiرف

عليه.

).Coote هذه الصعوبة، وجدتها في التعرف على أسرتي المضيفة سiiابقا، "كوتiiا" (¦، ويبدو عليهم اإلجهiاد أكiثر من ذّي قبiل، ومiازالوا ¦، وأكثر فقرا لقد أصبحوا أكبر سنا يقيمiiون في مiiنزل من ثالث حجiiرات، دون كهربiiاء أو مiiاء تصiiل إليهم. ومiiازالت الحشائش العالية تحيط بالمنزل، كما هو معتاد. وبعد دقائق من الترحيب الحار النابع من القلب، وإبداء الفرحة بالهدايا، أحسست وكأنني لم أغب عنهم أبiiدأ. بعiiد دقiiائق معiدودة؛ تiiذكر األوالد الجملiiة الiتي رددوهiا من قبiiل: "مسiتر تومiiاس من فضiiلك

) فما فتأت رأسiiه مملiiوءةJacqueاعطني بعض الدراهم". أما أبنهم األكبر "جاك" ( بأحالم اليقظة، عن المشاريع التجارية الغير قابلة للتحقيق، التي تحتاج أمواال طائلiiة

لتحقيقها.

الكريوليون، أو الكريول، يحفظون جمل يرددونهiا كثiيرا إلى درجiة الملiل:"ال تتعب رأسك بالفكر، فذلك ال يعود إال بوجع الرأس". "ال تفكر كثيرا، ودع الخلiiق للخiiالق".

و"كن لطيفiiا وكريمiiا". النiiاس في حي السiiمك،،"اشiiرب وألعب بالكiiارت" شديدو اللطف والبشاشiiة، ال حiدود للطفهم وبشاشiiتهم. ال يتعiاركون أو يتجiiادلون، يساعدون بعضهم البعض بالمال على قiiدر مiiا يمتلكiiون. يiiدعون كiiل من يقابلونiiه للزيارة، واألكل. ويقضون سiiاعات طائلiiة مiiع بعضiiهم البعض. وربمiiا تكiiون أنمiiاط السلوك هذه، هي التي جعلت قطار التطور يفوتهم. أسiiلوب حيiiاتهم ال ينسiiجم، وال يتصالح أبدا، مع المجتمع الصناعي، الذّي يبعد عنهم ساعة واحiiدة فقiiط بiiاألتوبيس. والكريوليون- أبناء العبيد- هم الخاسiiر األكiiبر، في "التحiiول الموريشيوسiiي". رغمiiا عن ادعاء الكثير منهم السiiعادة بمiiا لiiديهم. ولكن هiiل لiiديهم العسiiل والزبiiد؟ من الصعب اإلجابiiة بنعم. إذا؛ هiل تحليiiل وتشiخيص "مiiالين" لحiiالتهم؛ فيiiه شiiيء من

الصحة؟ هذا الذّي ال جدال وال شك فيه.

82

V

ذات مساء استوائي الطقس، جلسنا في شiiقة "مiiالين" الحديثiiة، الiiتي تقiiع وسiiطالمدينة "روز-هيل"، وبiiدأنا في تجiiرع كiiؤوس البiiيرة المثلجiiة من نiiوع "العنقiiاء" (

Phoenix Lager) "ةiiوع "الماتنيiiجائر من نiدخن السiiا نiiا كنiوبينم ،(Matinees،( )، ونشعل السيجارة من األخرى؛ سألت "مالن" عمiiا يتوقiiع555و"ثالث خمسات" (

لمسiiتقبل االشiiتراكية في موريشiiيوس، فقiiد كiiان مiiا يثiiير دهشiiتي أنiiه ال يوجiiد اشتراكيون في الجزيرة، رغما عن مظاهر الفقر. وبالطبع البد وان ذلك يمثiiل واقعiiا مثiiيرا لفكiiر االشiiتراكيين القومiiيين. وعلى مiiا يبiiدو إن موريشiiيوس الiiتي اختiiارت "النظام الليiiبرالي"؛ قiiد نجحت في تطبيقiiه نجاحiiا فائقiiا، لدرجiiة أن معظم النiiاس

راضون به.

وجاء جواب "مالن": أوال، ليس صiحيحا تمامiiا أن الرأسiiمالية تطبiiق بشiكل كامiiل وعميق في موريشيوس". واستطرد: "مازالت أيديولوجيا "دولiة العدالiة االجتماعيiة والرفاهيiiة" موجiiودة، وكثiiيرة االنتشiiار هنiiا". التعليم المجiiاني، والعمiiال لهم نفس الحقiiوق مثiiل نظiiائرهم في البالد األوروبيiiة، وحريiiة التعبiiير بصiiورة كاملiiة، أيضiiا موجودة. والالمركزية في اإلدارة. ولiذا فiإن تشiبيه موريشiيوس بسiنغافورة - كمiا يحلو للبعض أن يفعل، خطأ جسيم. "ثانيiiا، وعلى سiiبيل المثiiال، إن من الجنiiون أن نحدث الناس عن عالم طوبوّي، تزول فيه العالقة بين "اإلنتاج"، و" القوى المنتجiiة". إن الناس يرغبون؛ أن يمتلك كل فرد منهم منزلة. ويريدون حمام دافئ في الصباح. ويشiiاهدون أفالم يiiوم الثالثiiاء في منiiازلهم، بiiاأللوان. ويتمنiiون أن تمتلiiك األسiiرة؛

) أيام اآلحاد. مثiiلFlic-en-Flacسيارة صغيرة تحملهم إلى شاطئ "فيليك فالك" ( هiiذه األمنيiiات وغيرهiiا؛ يجب أن يحترمهiiا المجتمiiع، ولكن على الفiiرد أن يعمiiل لتحقيقها. وأن يأخذ في الحسبان، أنه توجد أولويات". الهiiوة كبiiيرة بين الفقراء واألغنياء، وهي مازالت كبيرة، وإن كiiانت آخiiذة في االنكمiiاش، والمثقفiiون الموريشيسiiيون مiiنزعجون من "اآلثiiار االجتماعيiiة والثقافيiiة"؛ لمثiiل هiiذا التغiiير المتسارع. لقد أصبحت موريشيوس بلدا صiناعيا. وهي تصiiنع بدرجiة أكiبر من كثiiير من البالد األوروبيiiة، بمiiا فيهن الiiنرويج. ولكن قطiiاع كبiiير من المواطiiنين، مiiا فتiiأ أسiiلوب حيiiاتهم عميiiق االختالف؛ عن ذلiiك األسiiلوب المتمiiدين، رغم دورة عجلiiة الزمان. وكثير من الناس، من بدأ في سكب دموع الحزن على الماضي، ماضiiي مiiا قبل التسعينيات من القرن الماضiiي. حيث كiiان يسiiمح وقتهم للقiiاء مباشiiر ألفiiراد العائلة واألصدقاء وجها لوجه، ال يحتاجون للتليفiiون المحمiiول المتنقiiل، وال لمفكiiرة تذكرهم بالمواعيد. حين ذاك كانت األتوبيسات أقل نظافة وسiiرعة عنهiiا اآلن، ولكن كان يسمح للراكب أن يجلس في المعقد الخلفي، ويتلذذ بتiiدخين سiiيجارته. وبينمiiا بائعو الفول السوداني يتجولون خالل األتوبيس؛ لiiبيع أكيiiاس صiiغيرة معبiiأة بiiالفول المملح المحمص، التي ال يزيiiد سiiعرها عن روبيiiة واحiiدة. وهم يعرضiiون بضiiاعتهم بطريقة رديئة؛ وكأنهم يفرضiونها عليiك. من بضiع سiنوات صiدر قiرار بمنiع بiائعي الفول السوداني من الدخول لوسائل النقل العام. ولكن ما هي إال فترة قصيرة، وما عاد أحد يقيم وزنا للقانون، "وعادت ريما لعادتهiا القديمiة"، وهiذا هiو الطiبيعي في موريشiiيوس. الطالق أصiiبح شiiيئا عاديiiا في المدينiiة. ومشiiاكل المخiiدرات زادت

83

وتضخمت منذ بداية التسعينيات. واليوم، وبالرغم من اختفاء الهيروين تقريبiiا، يعتقiiد أنه قد استبدل بمخدرات مصنعة مستوردة. أيضا، أعلن مؤخرا في موريشiiيوس أول حالة "إيدز". وفي بعض الحاالت والمواقiiف، تiiذوب الفiiروق العرقيiiة. وذلiiك عنiiدما يعمل الهنود، والمسلمون، والكريول في نفس المكان، فيصبح من الصعب االحتفاظ بالمسiiافات بينهم. إنهم في نفس القiiارب، ويعملiiون نفس العمiiل، ومضiiطرون للتعاون مع بعضهم البعض. وفى كثير من األحوال، تم الزواج فيما بينهم. هذا التطور

يمكن أن يمثل في الواقع، بداية النهاية للتفرقة العنصرية في موريشيوس.

بين المجموعiiات العرقيiiة المختلفiiة في موريشiiيوس كثiiير من "المشiiترك" من الناحية الثقافية. الغالبية منهم، لهم "لسان" واحiiد: "الكريوليiiة". اللغiiة الiiتي و�لiiدت ونشأت في عهد االستعباد، والتي تطورت أساسا من الفرنسية. أما اللغات الهنديiiة،

)، فهي في تراجع واضمحالل. الموريشيوسيون- بوجiiهBhojpuriمثل "البهجبورّي" ( عام؛ يشاهدون نفس البرامج التلفزيونية. ويقرأون نفس الصiحف المنشiورة باللغiة الفرنسiiية. ويرسiiلون أطفiiالهم إلى نفس المiiدارس. ولهم تخصصiiاتهم في نفس الوظائف في أسواق العمiiل. كiiل هiiذا لم يكن من قبiiل؛ عنiiدما كiiان الهنiiود عمiiال صناعة السكر. والكريوليون صيادو سمك. حيث مجموعات من العمiiال، وأخiiرى من

الصيادين، عاشت معزولة، واالتصال بينهم قليل.

في نفس الوقت، فهنiاك توافiق واسiع على أن تبقي موريشiيوس، مجتمiع متعiدد األعراق. وبالرغم من أن الهنود، يمثلون األغلبيiiة من حيث العiiدد، لم يحiiدث إطالقiiا أن طالبوا باقي السكان ليصiiبحوا هنiiودا. التخويiiف القiiديم - الiiذّي يسiiتخدمه بعض السياسيين الماكرين المتسلقين- من مثل: "الكاثوليكي المؤمن، سيضطر بناتiiه إلى لبس "السارّي"- لباس المرأة الهنديiiة، لiiو فiiاز خصiiومهم السياسiiيون باالنتخابiiات، وجاءوا إلى الحكم"؛ أثبتت التجارب االنتخابية أنه أصبح غير فعال. بل تعتبر مثل هذه�بني على التسiiامح، األقوال مجنونة تماما. األمة الموريشيوسية- لو جاز هذا التعبير- ت والتعدد، والعيش المشترك جنبا إلى جنب. وفي محاولة إيجiiاد رمiiوز ثقافيiiة قوميiiة يقبلها الجميع؛ حاول السياسيون إيجاد حلiiول وسiiطية، تم التفiiاهم واالتفiiاق عليهiiا، حتى ال تقدم موريشيوس للعالم وكأنها ذات مجموعات عرقيiiة مختلفiiة. المشiiاهير، والمناسiiبات الiiتي اسiiتخدمت في فiiترة االسiiتعمار، تسiiتخدم اآلن كرمiiوز قوميiiة مشتركة. وال تجد في موريشiiيوس عمومiiا، من يتحفiiظ على فiiترة االسiiتعمار. أمiiا اللغة اإلنجليزية، فهي مقبولة من الجميع، ومتعارف عليها لتكون هي اللغة القوميiiة. وهذا بالرغم من عدم وجود مجموعة عرقية تكون اإلنجليزية بالنسبة لهم هي لسiiان األم. وفي نفس الiiوقت فكiiل المجموعiiات العرقيiiة مiiدعوة لالحتفiiاظ بعiiادتهم،�سiiيت تقريبiiا؛ يمكن تعلمهiا في وتقاليدهم، التي تمiيزهم. اللغiات الشiرقية، الiتي ن المiiدارس كلغiiة أجنبيiiة. وفى السiiنوات األخiiيرة افتتحت مراكiiز ثقافيiiة افريقيiiة، وصينية. أما الراديو والتلفزيون؛ فيتم إرسال البرامج بسiiبع أو ثمiiان لغiiات مختلفiiة.

-) مثال نسiiبتهم الTeluguورغما عن أن الفiiرد يتبiiع أقليiiة عرقيiiة- "الiiتيلوجويون" ( تتجاوز اثنين ونصف في المائiiة من السiiكان؛ إال أن الجميiiع لهم حiiق في مشiiاطرة

وقت اإلرسال.

84

Vive شiiعار الموريشيوسiiيون هiو: "يعيش التعiدد واالختالف" ( la difference.( Jean) الموريشيوسى "جين مارجوت" (Archbishopوحديثا حذر رئيس األساقفة (

Margeotاiال: "دعونiها، ثم قiع بعضiدمجت مiد انiزح" قiوس قiمن أن ألوان "ق ( نحتفظ بiiاأللوان منفiiردة، فiiإن "قiiوس قiiزح" الموريشيوسiiي بiiديع الجمiiال". وفي¦؛ يiiدعوا المجموعiiات العرقيiiة المختلفiiة موريشiiيوس ال يجiiد المiiرء سياسiiيا واحiiدا عالنية؛ للزواج المختلط، طiiوال فiترة حكمiه الخمسiية. ولكن مiiا الiذّي يحiiدث في الواقع؟ الذّي يحدث هو؛ إن أعداد الزيجات المختلطة تتضاعف في كل عقiiد، وذلiiك

. ويمثiل الiزواج المختلiط اآلن عشiرة في المائiة من كiل الزيجiات. أّي1960منذ قوميiiة ينتمي إليهiiا طفiiل هiiو ثمiiرة زواج "كريiiولي- هنiiدّي"؟ هiiل تضiiيف األم من ثقافتها؛ أكثر مما يضيف األب؟ أم إن األطفال يصبحون كريوليون رغما عن الجميiiع، ألن الثقافة الكريولية أكثر انفتاحا ومرونة، من الثقافة الهندية؟ وأّي مشاكل نفسiiية؛�صiiنف تتطور عند الفiرد، عنiiدما يفقiد "هويتiiه العرقيiiة"، بينمiا يعيش في مجتمiع، ي

الناس فيه أساسا على االنتماء العرقي؟.

كثiير من الموريشيوسiيين يعتقiدون أن الiزواج المختلiط؛ محكiوم عليiه بالفشiل. وعندما أعلنت رغبتي في دراسة هذه الحاالت، أخبرني أحد المعارف بحزن وألم: إن

Leأفضل مكان لدراسة الزواج المختلط هو كوبرّي "لو بونت دى ريiiدويت" ( pont de Reduitةiiان الجريمiiو مكiiيوس؛ هiiو األعلى في موريشiiوبرّي، وهiiذا الكiiه .(

المفضiiل لالنتحiiار، لكثiiير ممن قضiiى عليهم القiiدر بiiالحب الممنiiوع المحiiرم، منالشبان والشابات الصغار.

تمامiiا مثiiل كثiiير من الiiدول األخiiرى، ينقسiiم الموريشيوسiiيون بين محiiافظين، مالمح "الوحiiداثيين. المحiiافظون يسiiعون إلى التعiiرف على قiiرى آبiiائهم، وتحديiiد

culturalالثقافية" ( featureرونiiداثيون ينظiiوالبحث عن جذورهم العائلية. الح ،( إلى المسiiتقبل، وال يجهiiدون أنفسiiهم في أّي من األحiiوال؛ بiiالبحث المضiiني عنجiذورهم وأصiولهم. نأخiذ على سiiبيل المثiiال الكiiاتب الصiiحفي "جلiiبرت اهiنى" (

Gilbert Ahnee) "إنه يدخن سجائر "جيتان ،(Gitaneالفرنسية، ويشرب القهوة ( ) اإليطالية، وهو مثقف ولد في قلب المدينة "روزهيل"،ekspresso"االكسبرسو" (

يقول بلهجته الباريسية، التي اكتسبها أثناء دراسته هناك: "أيجب على� أن أبiiدأ رحلiiة البحث عن أصلي؟ ويجيب بالنفي. ويستطرد قائال: "أنظر إلى�- "اهنى" يتمiiيز بحiiو�ل

goldenخفيف في عينيه، وشعر متوج، وبشرة خمرية ( skinلiiه مائiiعر ذقنiiوش ،( لiiز" (الالحمرار- إن جذورّي موزعة على األقل بين ثمانية بالد: بداية من مقاطعة "و

Wales) "اجنiiiدة، و"برتiiiة المتحiiiرب المملكiiiفي غ (Bretagneمالiiiفي الش ( )Calcutta) في الصiين، و"كالكتiا" (Cantonالشiرقي الفرنسiي؛ إلى "كiانتون" (

في الهند، هل يجب على� إذا؛ أن أبدأ البحث عن مولiiد آبiiائي وأجiiدادّي؟! إنiiه العبث بعينه"، ويحرك ذراعيه يائسا ثم يشعل سيجارة "جيتان" جديدة بلطف.

VI

في موريشيوس كما في كل األماكن الحديثة، يجد المرء تقاطع بين تيارين: أحiiدهما )- الiiتي تعiiنى الجهiiاد- مثال؛ اتخiiذ رمiiزهlalitعالمي، واآلخر محلي. حزب "الليت" (

85

المطرقة والمنجل الطويل، الذّي يستعمل في موريشيوس لقطع قصب السكر؛ بدال من الرمiiز الشiiيوعي المطرقiiة والمنجiiل المعiiروف، وذلiiك بiiالرغم من اعتنiiاقهم

. الفرقة الموسيقية المحليiiة تغiiنى باللغiiة*) المتحفظةTrotskyism"التروتسكية" ( ). واالسiiم مشiiتق من اسiiمSeggaeالكويوليiiة، ويسiiمون موسiiيقاهم "السiiيجا" (

Bob)، الiiتي اشiiتهرت على يiiد "بiiوب مiiارلى" (reggaeموسiiيقي "الريجiiا" (Marley) "يجاiiة "السiiيقي المحليiiبعينات، والموسiiفي الس (Sega .(ذهوiiل هiiمث

Mixedاألشكال المختلطة ( Formsاءiiل أنحiiا في كiiد مثلهiiا، نجiiة ثقافيiiالمتالقح ( العiiالم. لكن الiiذّي يمiiيز الثقافiiة الموريشيوسiiية؛ أنهiiا ناشiiئة من ثقافiiات كثiiيرة ومتنوعة. ويبدو أن كل تيار منهم وكأن جذوره قiiد جiiاءت من الخiiارج عiiبر البحiiار. وربما يمكن القول: إن ثقافة الجزيiiرة ربمiiا تكiiون مولiiود شiiرعي، شiiديد االرتبiiاط

inferiorityبالخiiارج. وعiiادة مثiiل هiiذه الثقافiiة؛ مiiا تعiiانى من "عقiiدة النقص" (Complexونiiروز" أو رحالت روبنسiiون كiiة "روبنسiiا لروايiiأو عقدة جمعة تبع) - (

Danielللكاتب دانيال دفور ( Deforةiiد ثقافiiديدة في تقليiiالتي تولد الرغبة الش -( المدن المركزية العظيمة. ومع ذلك فإن الهنود في موريشيوس، يؤمنون أنهم شيء آخر غير الهنود في الهنiiد. والكريوليiiون واثقiiون من أنهم ال يسiiتطيعون أن يصiiبحوا فرنسيين، أو أفريقيين أبدا. كذلك الفرانكiiو- موريشيسiiيون؛ متفقiiون على أنهم، لن يصبحوا فرنسيون. لكن هذه المعرفة؛ ال تمنع شوق االنتساب إلى أوروبا، عنiiد كثiiير من الموريشيسiiين. وال يتوقiiف هiiذا الشiiوق لالنتسiiاب؛ عنiiد ذوى البشiiرة الملونiiة فحسب، بل يتعداه إلى آخرين. وربما تكون الحقيقة هي المقولiiة: "إن موريشiiيوس تواجدت عن طريق الخطأ؛ ثمانمائة كيلو متر شرق مدغشقر، وإن مكانهiiا الطiiبيعي الiiiiiiiiiذّي أريiiiiiiiiiد لهiiiiiiiiiا بدايiiiiiiiiiة هiiiiiiiiiو البحiiiiiiiiiر المتوسiiiiiiiiiط". إن موريشيوس ابن شرعي: للمدنية الحديثة، وللمبتكرات التكنولوجية التي ساهمتفي إيجiiiiiاد المكتشiiiiiفات العظيمiiiiiة. وهي ابن شiiiiiرعي لi "المركنتليiiiiiة" (

mercantilismة عنiiروة األمiiز ثiiة لتعزيiiالع، الالزمiوهى السياسة ذو الثالثة أض ،( طريق زيادة الزراعة والصناعة والتصدير. هذه السياسة التي اتهمها المiiؤرخ "أريiiك

) بأنها كانت ضرورية لتعاظم الرأسمالية الصناعية. و"أريكAric Williamsوليم" ( Capitalismوليم" هو الذّي ألف كتاب "الرأسمالية والعبوديiiة" ( and Slavery،(

Trinidadوالiiذّي أصiiبح بعiiد ذلiiك أول رئيس وزراء "ترينيiiداد وتوبiiاجو" ( and Tobagosكانiiا سiiيوس لم يكن بهiiإن موريشiiاريبي؛ فiiزر الكiiوعلى عكس ج .(

كنت أول مرة. ولقد بدت للبعض حينهiiا، أن موريشiiيوس العiiذراء، أصليون عندما س�هي مثال رائع للجنة الطبيعية - روايiiة الحب الشiاعرية المرهفiة "بiiول وفرجينيiiا" (

Paul et Virginieاردين دىiiاتب "بيرنiiو، الكiiاك روسiج Þوارّيiد حiالتي كتبها أح ( Bernardinسانت بيرز" ( de Saint- Pierres.اسiiذا اإلحسiiخير مثال يبين ه -(

وتبدو موريشيوس للبعض اآلخر؛ بوتقة انصهار لسالطة الفواكه العرقية، التي تعطى صورة للمدنية ووجوهها الكثيرة المدهشة، حيث تذوب العديد من السiiمات بiiالبعض

قائما بذاته، عن وعى وقصد.الثقافية في بعضها البعض، بينما يحتفظ

)1940- 1879التروتسكية، مذهب سياسي شيوعي متطرف. ينسب إلى "ليون تروسكي"( ** الثورّي الروسي، وكان يدعوا إلى ثورة عالمية شاملة في السياسة واالقتصاد واالجتماع. وأصبح

المذهب يطلق على كل مذهب اشتراكي متطرف.- المترجم

86

هل موريشيوس أمiiة؟ تبعiiا لالسiiم فiiإن اإلجابiiة هي: نعم، في نفس المرتبiiة مثiiل الواليiiات المتحiiدة األمريكيiiة، والجمهوريiiة الفرنسiiية، وكينيiiا. لكن لiiو قارناهiiا ببالد أخرى كثiiيرة - مثiiل معظم البالد األوروبيiiة؛ فسiiيكون من الصiiعب اسiiتنباط، تiiاريخ واحد واضح، وغير ضبابي لألجيال الحديثة. فال يمكننا مثال، الحديث عن قرابة، ورباط دم، وجذور عرقية؛ يمكن نسبها إلى أّي مكان واحد. السياسيون والمثقفون يعملiiون¦ بجد واجتهاد لخلق أساطير مشتركة، ورمiiوز قوميiiة مشiiتركة، ومشiiاعر قوميiiة دأبا

. والiiدرس الiiذّي يمكن تعلمiiه من*موحدة. باختصiiار يحiiاولون خلiiق: "أمiiة واحiiدة" الحالة الموريشيوسية هو؛ إن بناء األمة الواحدة، يكون أفضل لو كiiان طبيعيiiا، وغiiير مخطط له، فليس في مقدور أحد أن يخلق شعور قومي مشترك باستصدار قiiوانين رسمية، والحال في ألمانيiiا الشiiرقية يؤكiiد ذلiiك. وبiiدال من محiiاوالت الخلiiق؛ فiiإن الشعور القومي المشترك للموريشيسيين قد أخذ خطوات واسiiعة في التبلiiور، دون أن يخطط لذلك أحد. ولقد ساعدت في ذلك األحداث العنصرية العرقية، التي وقعت في الستينات، من القرن الماضي، والتي أوضحت للنiiاس أهميiiة التعiiايش في ظiiل "التسامح العiiرقي". سiiبب آخiiر ال يقiiل أهميiiة في تبلiiور الشiiعور القiiومي تلقائيiiا، ووصiiوله إلى قمم عاليiiة جديiiدة، هiiو: االوليمبيiiاد المصiiغر الiiذّي أقيم في "البحiiر

1985الهندّي" في ثمانينات القرن الماضiiي. في هiiذه الفiiترة، مiiا بين أواخiiر عiiام ؛ حصلت الدولiiة الموريشيوسiiية – دون محاولiiة منهiiا- على أول شiiعار1986وعام

قومي لها. كان ذلك عندما مات مؤسس الدولة "السيد سي وساجور رام جiiوالم" (Sir Seewoosagur Ramgoolamو أول رئيس وزراءiiذا، هiiوالم" هiiرام ج" .(

لموريشيوس، والذّي أصبح بعد موته؛ رمزا طيبا، إلى درجة أن كل الموريشيوسiiيون قبلوه كرمز لدولتهم. ورغما عن أنه لم يسلم أثناء حياته؛ من الهجوم عليه وانتقiiاده. قيل عنه إنه الزعيم األوحد للهنود، وأتهم بالفساد الذّي لم يحصن نفسه ضده، واتهم

). ولكنold man dominion)، وأنه "فرعون عجوز" (nepotismeبالمحسوبية ( اآلن، يتحدث عنه الكريوليون والفرانكو- موريشيسيون باحترام عظيم. يرجعون إليiiه بناء الجسور؛ بين العادات والتقاليiiد المختلفiiة. وعنiiدما أجiiريت لiiه "طقiiوس حiiرق

) في القصر العظيم "جiiاردن دّي باميليموسiiس" اختiiير بiiذكاءcrematingالجثة" ( مقطوعة موسيقية مناسبة لوداعه. لقiiد كiiانت ألحiiد مiiؤلفي الموسiiيقي ذو األصiiل

) البولندى- الفرنسiiي. وهكiiذا أصiiبح "رام جiiوالم"Chopinالمزدوج، إنه "شوبان" (رمز التسامح، والتوافق الموريشيوسي.

إن مiiا يمiيز الموريشيوسiiيون هiو أن كiل واحiد من مثقفيهم متعجiiل لبنiiاء األمiiة، يريدون اإلبقاء على التعدد الثقiiافي بالطريقiiة الموريشيسiiية، ويريiiدونها اآلن وليس

)؛ عنiiدما رغب في التغيiiيرMMMغiiدا. إنهم هم الiiذين عارضiiوا حiiزب "ثiiرى إم" ( الثقافي. أراد هiذا الحiزب أن يستصiدر قiانون يتخiذ الكريوليiة لغiة قوميiة. وكiان

** Gemeinschaftباأللمانية، تعني تجمع بشرّي نشأ بطريقة طبيعية، ونشأت بينهم روابط وعالقات اجتماعية عضوية، تتصف بأنها عالقات وروابط قرابة ونسب متبادلة وقوية ووجدانية.

.societyوالمصطلح ال مقابل له في االنجليزية والنرويجية، ويستعاض عنه بكلمة "مجتمع" أو وربما تكون أفضل ترجمة له بالعربية هو "أمة واحدة" (كبيرة أو صغيرة) - المترجم

87

موقفهم من هذه السياسة، أنها سياسiiة غiiير مقبولiiة بiiالمرة، ومثلوهiiا بقiiرار يتخiiذ بتخفيض الدعم عن األرز، الذّي يأكله الجميع. في مثل هذا االتجاه، الذّي ال شعبية له في السياسiiة الثقافيiiة، ومحiiاوالت فiiرض الثقافiiة الكريوليiiة من خالل قiiوانين، ومراسيم؛ يحاول "الماوّي" – (نسبة إلى ماوتسي كونج الزعيم االشتراكي الصiiيني)

) طيلة فترة االستقالل، أن يبذل جهداDev Virahsawmy– "دف فيراهساومى" ( مضاعفا بمفرده؛ لتغيير السياسiiة الثقافيiiة. "فيراهسiiاومى" شiiاعر وبiiاحث، حصiiل

كتب أطروحته العلمية عن اللغة الكريوليiiة،1966على جوائز في الدراما. في عام ) باللغة اإلنجليزيiiة، واسiiتمر يعiiرض دواوينEdinburghفي الجامعة في "ادنبره" (

شعر "يوتوبى" بالكريولية، وفى هذا تناقض بما فيiiه الكفايiiة. لكنiiه، على أيiiة حiiال، تناقض من الممكن قبوله، والتسامح فيiiه؛ على عكس مشiiروعه، الiiذّي ينiiادى فيiiهبالوحدة الدينية. منذ سنتين أحضر "فيراهساومى" البخور، وأحد تماثيiiل "كريشiiنا" (

Krishna) "في كاتدرائية "بورت – لويس (Port-Lauis) "دواليii؛ ليحتفل بعيد "ال(Diwaliامسiiد في الخiiهرين، وبالتحديiiد شiiود. وبعiiد الهنiiور" عنiiد النiiو "عيiiوه ،(

والعشرين من ديسمبر، أّي في عيد ميالد المسيح (عليه الصالة والسiiالم)؛ زين بيتiiه) بالكiiافور (Kalimaiبتماثيiiل "بiiوذا"، ومهiiد ممشiiى حiiتى أقiiرب "كاليمiiاى" (

Cappherتا" األدنى منiiراد "الكاسiiه افiiو"الكاليماّي" هو المكان الذّي يضحي في .( الهنود تبعا لعقيدتهم.

الذّي غاب عن بال "فيراهساومى" وهو في عجلة من أمره، أن موريشiiيوس مليئiiة بالمتدينين المؤمنين، وهؤالء يتوجهون إلى قياداتهم الدينيiiة؛ لتلقي الهدايiiة والرشiiاد بدال من توجههم إليه. وكiiانت النتيجiiة الطبيعيiiة لمحاوالتiiه في بنiiاء جسiiور الوحiiدة الدينية؛ هي المرارة واأللم. بعدها بدأ عمق االختالفات العرقية يظهر للعيiiان، ويؤكiiد على إن الوجiiه األخiiر للتسiiامح الطiiائفي، يمكن أن يكiiون لiiه نفس التiiأثير في

المجتمعات متعددة األعراق واألديان.

VII

محاوالت السياسيون والمثقفون كانت تسير جنبiiا إلى جنب؛ إليجiiاد توافiiق وتنiiاغم، بين الثقافات المختلفة، وربما نتيجة لذلك، تظهiiر وتنمiiو ثقافiiة جديiiدة في المشiiهد االجتماعي. هذا التطور ليس هو نفسه؛ ما يطلق عليه األحiiزاب السياسiiية "احiiترام العiiادات والتقاليiiد" في شiiعاراتهم االنتخابيiiة، أو الiiذّي يسiiميه المثقفiiون "التعiiدد

الثقافي".

هiiذه الثقافiiة الخاصiiة يمكن وصiiفها: إنهiiا ثقافiiة ليس فيهiiا - على األقiiل؛ سiiب ). إنهاLenin)، أو "لينين" (Vishnu"المسيح" (عليه الصالة والسالم)، أو "فيشنو" (

ثقافiiة، تقبiiل وتiiرحب بترجمiiة القiiرآن إلى الكريوليiiة، وان يiiرقص رئيس الiiوزراء

88

). أمiiا الواقiiع الجامiiد، فهiiو ذات طiiابعSega) "السiiيجا" (Jugnauth"جوجناوث" ( اقتصادّي. فمجتمع موريشيوس، في الطريق إلى االندماج في نظام اقتصادّي خiiاص موحد وموجه، والمصانع تترجم بعد وقت قصير. وتكون النتيجiiة في صiiورة مسiiاكن

). وواقيiiات حمiل ذكريiiة، وكوكiايين،levisوفيالت، وبناطيiiل من ماركiة "ليفيس" ( )، وآخر المنوعات الغنائية التي يقدمهاSylvester Stalloneو"سيلفستر ستالون" ( ). إنها في الحقيقiiة يبiiدو وكiiأن ثقافiiة أمريكiiا الشiiماليةMTVتليفزيون الموسيقي (

تزيiiل التنiiاقض واالختالفiiات بين األوروبي، وروح الجماعiiة الiiتي نراهiiا في سiiلوك المجتمiiiiiiiiع اآلسiiiiiiiiيوّي واإلفiiiiiiiiريقي في موريشiiiiiiiiيوس... ربمiiiiiiiiا؟! ساكنو موريشيوس، هم من بين أكثر الناس حداثة، ومدنية في العالم. وفى الحقيقة�تب تاريخهiiا بدقiiة؛ من أول فإن تاريخ الجزيرة يبدأ مع تاريخ الحداثة والمدنية. لقiiد ك يوم في مراجع متاحiة، وال يوجiد فيiه فiترات منسiية، أو ضiبابية، غنيiة باألسiاطير، وأبطiال تiاريخيون. كiل مiا في الجزيiرة متسiم بثقافiة معروفiة التiاريخ، وموثقiة. الروايiiات والقصiiص واألسiiاطير "الهنiiدو- موريشيوسiiية"، والكريوليiiة، عن األيiiام الخوالي؛ دائما ما تصف وقائع وردت بدقة، وتفصيل، في المصادر التاريخيiiة. أسiiماء الجبال، والقرى هي نفسها التي مازالت تسiiتعمل حiiتى اآلن. القصiiص واألسiiاطير التي تروى عن " أصول وجذور األفراد" - وبوجه عام، فiiإن جميiiع "ماكينiiات الكالم"

)- الLevi-Straussالتي تتجاوز حقiiائق التiiاريخ، حسiiب تعبiiير "ليفي سiiتراوس" (تصلح للعمل، وال اإلقناع"؛ فتاريخ الطوائف كلها واضح، وشفاف ويعرفه الجميع.

على العمiiوم فiiإن هiiذا مشiiهد من الصiiورة، ولقiiد ذكiiرت من قبiiل كيiiف نسiiيت وأصبحت حوادث الصدامات العرقية التي وقعت في الستينيات من القiiرن الماضiiي في عداد األساطير للجميع. رغما عن ذلك فإن االنتسiاب العiرقي مiازال هiو األهم، الطوائف المختلفة دائبة المحاولiiة لجلب تiiاريخ لهiiا، والمحافظiiة عليiiه من قبiiل أن تنقطع الروابط مع التاريخ القديم، ويصبحوا ال جذور لهم. كثير منهم يتوجه بقلبه إلى الهند. آخرون يتطلعون إلى فرنسا، في بحثهم عن جذور ضiiاربة الجiiذور واألعمiiاق، في محاولiiة لتأصiiيل هiiويتهم الشخصiiية. أمiiا الصiiينيون فهم مiiازالوا حiiديثو العهiiد بالجزيرة، ولم يتركوا الصين إال منذ زمن قصير، وبالتالي لم يتولiiد لiiديهم إحسiiاس، وحاجة إلى إعادة االتصال مع وطنهم القديم. (على عكس السود في العالم الجديد، يوجد حوالي ثالثمائة ألف مواطن ذو نشأة افريقية – كلية كانت أم جزئية- يتوجهiiون بفكرهم ناحية أفريقيا). بعض الهنود الموريشيسيين يحجiiون إلى الهنiiد؛ في محاولiiة

Collإليجiiاد نسiiب لهم، بعiiد أربعiiة أو ربمiiا خمسiiة أجيiiال. "كiiول فينكاتاسiiامى" (venkatasamyوانiiه، تحت عنiiه من نفسiiخر فيiiاال يسiiواحد من هؤالء، كتب مق (

مثير وساخر: "عند أهلي كونتا كينتير"، في نهاية المقال اضطر لقبول نتيجة محاولتهAndhraالسخيفة، في البحث عن موطن آبiiاءه، في أنiiدير بiiراديش ( Pradesh،(

حيث وبعد جهد جهيد، ومرور فترة زمنية طويلة، وجد قرية يمكن أن تشبه الوصiiف الذّي وصف له عن موطن آبائه. تلك القرية كانت تمثل فقط فردا واحدا من عائلتiiه المتشعبة. ولم يجد أحدا في أهiiل القريiiة من سiiمع عن؛ أو علم بأحiiد يحمiiل اسiiم "فينكاتاسامى". ولم يجد في القرية أحدا يعiiرف موريشiiيوس. ولم يقابiiل أحiiدا قiiد

أظهر سعادته، عند لقاء "أحد أبناء القرية المفقودين"، والذّي عاد إليها في زيارة.

89

ربما تكتفي أعداد كبيرة من الموريشيوسيين بوصفهم أبناء للحداثiiة والمدينiiة، بiiدال من البحث المرهق عن األصول العرقية، ويكتفiiون باإليمiiان بإيiiديولوجيات عصiiرية. في السبعينات كانت األفكار االشتراكية قوية، لكن في الوقت الحاضر؛ فiإن األفكiiار المرتبطة بالرأسمالية الفردية، واتخاذها أساسا للتطور، هي التي يدور حولها الحوار،

بشكل منفرد تقريبا، في محافل الحوار العامة.

وإلى جiiانب هiiذا يجب ذكiiر، إن أعiiدادا ضiiخمة جiiدا من الموريشيوسiiيين يعتiiبرون أنفسهم متدينون، ويمارسون الشعائر والطقوس الخاصة بدياناتهم المتوارثiiة، وهiiذا ينطبiiق على المسiiيحيين والهنiiود والمسiiلمين. على كiiل حiiال فiiإن عناصiiر تكiiوين الثقافة الموريشيوسية شديدة التعقيد. وهو مجال شديد اإلثارة والحساسية، ويتكون من منظومة فيها يختلiiط، كال من: العiiالمي والمحلي، وترتبiiط "العiiادات والتقاليiiد" المحلية، بثقافiة المنشiأ، وتiأتي في النهايiة العالقiة بين الثقافiة العرقيiة، والثقافiة

الكريولية.

حاليا بدور الحديث بين الموريشيوسيين حول إن "لسان اآلباء" يمثiiل مصiiدرا هامiiا للهويiiة، لكنهم وبالتأكيiiد؛ ال يميلiiون إلى الiiذهاب في البحث عن تiiاريخ النشiiأة إلى أعماق سiiحيقة، فضiiال عن اإلحسiiاس بالحاجiiة إلى االنتمiiاء لثقافiiة عرقيiiة. "مiiالن

) هو احد األمثلة لموريشيوسي يتبنى ويتعامل مع المدنيةMalenn Oodiahأودية" ( بشكل جاد. يقول: إن الكريولية هي لسان آبiاءه، وسيسiأل الكثiير: ألسiت أنت من "التاميل"؟، وستكون إجiابتي: نعم إن أصiولي من التاميiل، لكن والiدّي� تحiدثا معي دائما بالكريولية، وأجiiدادّي تحiiدثوا بلسiiان معظمiiه كريiiولي، بiiالرغم من معiiرفتهم¦، لمiiاذا إذن أذهب إلى الiiزمن السiiحيق في محاولiiة إليجiiاد جiiذور؟! للتiiاميلي أيضiiا¦ تصور خاص في تعريف مصطلح "زواج مختلط". إنه متزوج من فتاة "مالن" له أيضا لها خلفية هندية، وبالرغم من أن هنود الشمال والتاميل في جنiiوب الهنiiد، يعتiiبرون طوائف عرقية مختلفة في موريشيوس؛ إال أنه ال يرى أن حالته تعتiبر زواج مختلiط.

) وأنا، تربينا سويا في نفس المدينiiة،Adiيقول في وصف حالته االجتماعية: "آدّي" ( ودرسنا في نفس الجامعة، ولنا تقريبا نفس الخلفية االجتماعيiiة، فمiiاذا يعiiنى "زواج مختلiiط" في هiiذه الحالiiة؟ أين هiiو االختالط؟ فكiiر "مiiالن"، الiiذّي يعتiiبر أن هنiiاك عوامل أكثر تأثيرا وأهمية من االنتماء العرقي؛ مازال غiiير شiiائع. ولكن االحصiiائيات تقول: إن نسبة الزواج العرقي المختلط زادت، من واحد في المائة، إلى عشرة في المائة، في فترة عقدين فقط. أفراد الطبقة المتوسiiطة في المدينiiة، غالبiiا، هم من يعبرون الحiدود للiزواج. وفى هiذا المقiام يجب أن نiذكر أن وجiود ظiاهرة الiزواج

المختلط ال يلغي حقيقة وجود متطرفون وأصوليون من الذين يضعون الحدود.

¦ في "سiiرايفو" ( ¦ جiiدا ¦ عاديا ) و "بلجiiراد" (Sarajevoلقد كان الزواج المختلط شيئاBeograd) "ربiiو"زغ (Zagrebالفياiiة في يوغسiiرب األهليiiك الحiiع ذلiiولم يمن ،(

السiiابقة. وهiiذا ال يلغي وجiiود متطفلiiون من أيiiديولوجي النقiiاء العiiرقي؛ يرفعiiون عقيرتهم ويطلقون تحذيراتهم: إن عاداتنا وتقاليدنا آخذة في االنهيiiار في حالiiة زوال الحدود. من مثل هؤالء يوجد في موريشiيوس أيضiا، لكن إيديولوجيiة نقiاء األعiراق

في الجزيرة، لها إطار من اللياقة، على األقل يتبع قانون ونظام.

90

�سiiس عند التأمل في واقع الحالة الموريشيوسية؛ نجد: إن القاعدة الثقافيiiة الiiتي أ عليها المجتمع؛ تقول بأن ثقافاته قد وردت إليه من مناطق مختلفة من العالم. ومثل هذه المجتمعات، غالبا ما يظهر فيها نتائج هذه المؤثرات الخارجية. الموريشيوسيون يتعلمون في مدارسهم الكثير عن أوربا (الحق بعد ذلك، جاء التعليم عن الهنiد) أكiثر

د اإلعجiiابومما يتعلمون عن مجتمعهم الحالي. �iiهذا أدى بهم إلى احتقار لغتهم، وول باللغiiات العالميiiة، الفرنسiiية واإلنجليزيiiة. ويشiiاهدون األفالم األوروبيiiة، والشiiمال أمريكيiiة، والهنديiiة، في كال من التلفزيiiون والسiiينما. وال يوجiiد هنiiاك الكثiiير من السمات الثقافيiiة، أو العiادات المحليiiة، الiتي يفخiiرون بهiا، ويربطونهiا إلى "األمiة الموريشيوسية". فرق الكرة المحلية تتخذ أسماء غربية، مثiiل: "ألiiبيون برومiiويتش

Westالغربيiiة"( Bromwich Albion) "وندرالندiiو "س ،(Sunderlandيرiiوالكث .( منهم أقiiام في بالد غنيiiة غربيiiة أوروبيiiة، وأمريكيiiة، فiiترات تiiتراوح بين القصiiيرة والطويلة، ومعلوماتهم عن هذا الجزء من العالم غزيiiرة، خاصiiة عن المiiدن الكiiبرى

باإلضافة إلى هذا فإن موريشiiيوس، جزيiiرة صiiغيرة معزولiiة، يقطنهiiا حiiوالي فيها. المليون من البشر، ويعتمiiدون أساسiiا على ثالث مصiiادر للتصiiدير: صiiناعة السiiكر والنسيج، والسياحة. والسوق العالمي موجiiه® إلي هiiذه النشiiاطات الصiiناعية الثالثiiة في الجزيرة. الموريشيوسيون اليوم شديدو االنفتاح، ولن تجد هناك أحiiدا ينكiiر هiiذا

الوصف.

"موريشيوس"، والجملة القائلة؛ "ليس هنiiا أوربiiا، لكنهiiا جنiiة على أيiiة حiiال"، هي كلمات تجiiرّي على ألسiنتهم، ويسiمعها األجنiiبي بطريقiة متزايiiدة أينمiا حiل، فقiد تبلiiورت نتيجiiة لثقiiافتهم المتiiأثرة بالثقافiiة العالميiiة بدرجiiة كبiiيرة، في مختلiiف المجiiاالت. وبمثiiل هiiذه األقiiوال يضiiع الموريشيوسiiيون بالدهم في مكانهiiا على الخريطة العالمية. وهم فخورون بتقديم بالدهم وثقافتها ألّي أجنبي، أستراليا كiiان أم

فرنسيا، أو أّي أحد آخر يزور بالدهم.

من ناحية أخرى، فهم يعتiiبرون إن تصiiنيف اآلخiرين لهم، كنتiiاج للثقافiة واالقتصiiاد العiالميين، أو تصiنيفهم على أنهم منتج من مخلفiات االسiتعمار؛ ضiربا من ضiروب اإلهانة لهم. والموريشيوسiiيون يسiiتعلمون اللغiiات العالميiiة الفرنسiiية واإلنجليزيiiة، لكن هاتين اللغتين لم يجدا انتشارا محليا واسiiعا. فاللغiiة اإلنجليزيiiة الموريشيوسiiية ذات مفردات محدودة وجافة ورسمية، إنهiiا لغiiة مؤسسiiات الدولiiة. أمiiا الفرنسiiية الموريشيوسية فهي أدبية، وشiiاعرية مجازيiiة، وتتسiiم باسiiتعمالها لمفiiردات ميتiiة، ومصطلحات لغوية قديمة، هذا إلى جانب مفردات كريوليiiة مندسiiة في لغiiة اآلداب واإلعالم. أما المعلومات العالمية- سواء كانت في أجزاء منها أو كاملة- فالبد لها من�ت أقدامها، وسرعان ما تتبخر وتطير مiiع �ثب تأصيل محلي، وإال فلن تصمد طويال، وال ت الرياح، تماما كما يحدث في كل أنحاء المعمورة. فى بعض الحiiاالت؛ يتم امتصاصiiها في تراكيب لغوية موجودة أصال؛ دون أن يصيبها تغيiiير محلي ملحiiوظ. وفى حiiاالت أخرى؛ يتسبب امتصاصها اختالف عميق في الداللة. "المحلي" و"العالمي"؛ دائما مiiا يكون لهم تأثير "توافقي – تبiiادلي"، وذلiiك ألن الحiiرف الiiذّي ال أصiiل لiiه، ال يمكن مالحظته إال في حاالت؛ حيث يحتوى السياق على عناصiiر رسiiت وثبتت محليiiا. لiiذا

91

فالحديث عن "تغريب الثقافة" يصبح قليل األهميiiة، بغض النظiiر عن مصiiدره الiiذّيجاء منه.

عندما يحاول المرء التعرف، والتفرقة؛ بين ما هو عالمي، وما هو محلي، سريعا مiiا يقع في مشاكل. تماما مثل من يقوم بمحاولiiة الجمiiع بينهمiiا. مثiiال بسiiيط، فبينمiiا كنت أكتب مالحظاتي لهذا الجزء من الكتاب؛ في أطiراف ليلiة يiوم رطب من أيiام شهر فبراير، شربت حوالي نصiف لiتر من قهiوة "اسبرسiو" (وهiو النطiق المحلي لقهوة "اإلكسبرسو" اإليطالية، التي تشبه القهوة التركية والمصiiرية) حiiتى أسiiتطيع

) (وهiiوrummyالتركيز بعد حفلة غداء ثقيلة. وفي ذلiiك الحفiiل؛ لعبنiiا "الiiرومي" ( عبiiارة عن أسiiلوب خiiاص للعب بiiورق اللعب المعiiروف) قبiiل األكiiل، بينمiiا كiiانت

Pop"موسيقي البوب" ( musicة منiiا منبعثiiالفرنسية، والبريطانية تعصف بأذانن ( -). وفى الصiiالة، فiiوق مائiiدة الطعiiام؛ علقت "صiiورةStereoأجهiiزة "السiiتريو" (

Elizabeth) للملكiiة "الiiيزابيث الثانيiiة" (Portraitجزئيiiة" ( IIةiiة بريطانيiiملك ( العظمى. وكانت الحفلة منفتحة، ومثiiيرة، شiiربنا فيهiiا البiiيرة والويسiiكي المصiiنوع

Curryمنزليا من السكر. أما وجبiiة العشiiاء فكiiانت "كiiارى بوسiiون" ( Pwason،( وهى وجبة محلية مكونة من السمك المقلي واألرز.

مثل هذه الحفلة، كان فيها عناصر، يمكن للمرء التفرقة بين ما هiiو محلي، ومiiا هiiو عالمي. لقد كان المضيفون مشغولون بذلك. يسألون هiiل سiiمعت هiiذا األغنيiiة من قبل؟ هل هذا المغiني معiروف عنiiدكم في الiنرويج؟ وهكiiذا. سiiألوني لiو كنت قiد أحببت الطعام، أم أنه قد بد لي غريبiا؟ وسiألوني عمiا، إن كiان الiنريجيون يلعبiون "الiiرومي" بنفس الطريقiiة الiiتي يلعبiiون بهiiا؟ لقiiد ناقشiiنا مكونiiات "المطبخ

Leالموريشيوسي" ( Cuisine mauricienneةiiره: أهنديiiمن حيث أصل عناص ،( هي، أم فرنسية، أم صينية كانتونيiiة (أّي من مدينiiة كiiانتون الصiiينية)، أو ربمiiا أيضiiا تحتوى عناصر جنوب شرق أفريقيiiة. و حiiددنا نقiiاط تواصiiل، بين عiiالمهم المحلي، وعالم آخر يبعد كثيرا عنهم، يقع في أقصى الشمال األوروبي. ولقد أشار المضيفون إلى أن بعض الوسائط كانت عبارة عن عناصر مقتبسiiة من ثقافiiات عالميiiة. وعلى ذلك توافقنا على؛ إن ما هو عالمي؛ يمكن ربطه، ودمجه بiiالواقع المحلي، الiiذّي في

�نتج "أسلوب مشترك"، بغض النظر عن أصله ومكان مجيئه من العالم. النهاية ي

هنiiاك مسiiتو آخiiر من التفسiiير والتحليiiل؛ يمكنiiه توضiiيح العالقiiة بين "العناصiiر الثقافيiة" و"بعiدها المعنiوّي". بالتأكيiد فiإن البعiد المعنiوّي لتعليiق صiورة الملكiة "إليزابيث" في موريشيوس؛ سيكون مختلفا عما لو كان في منزل لعامل في مدينiiة

) البريطانية، وممارسة لعبة الورق قبل تناول الطعام؛ سيكونSheffield"شيفلد" ( لها خواص من المرح، والطرافة؛ عما يكiiون في أمiiاكن أخiiرى من العiiالم. الثقافiiة�رى في ضوء معناها المحلي، وعلى الباحث عن العالمية يكتمل معناها بداية؛ عندما ت كيفية تأثير العناصiر العالميiة؛ أن يبحث عن تأثيراتهiا االجتماعيiة. إن وعي الفiرد أو المجتمع بإنتمائه المزدوج، إلى "مجتمع عiالمي" وآخiر "محلي"، يiترتب عليiه نتiائج متراكمة شديدة التشiابك، في المجتمعiات العصiرية المعقiدة. وفي هiذه الحiاالت؛ تنتج تناقضات ومشاكل من الضرورّي حلها وتفكيكهiiا. في مثiiل هiiذه الحالiiة سiiوف

92

يتحتم على الفiiرد أن يكiiون إنتمائiiه؛ إمiiا أن يكiiون محليiiا معiiزوال، أو فاقiiد الهويiiةوالموطن واألصل.

هذا أسلوب واحد فقط من أساليب التحليل، لدراسة "عولمة الثقافة". وهو أسلوب مختلف عنه في حالة "اإلمبريالية الثقافية"، ففي الحالة األخiيرة، تأخiذ نقطiة بدايiiة التحليل اعتبار تعريف "القوة الثقافية"، وتنطلق من تصور ممiiوه زائiiف، يiiؤمن بiiان التواصل الكثيف بين الثقافات ال يفيدها. وزاوية ثالثة للمعالجiiة؛ يمكن أن تتمثiiل في

Classical"نظرية االنتشار الكالسيكية" ( diffusion Theoryارiوهو علم انتش - ( السمة الثقافية- حيث يدرس الباحث االجتماعي كيفية انتشار البناطيiiل "الجيiiنز"، أو انتشار موسيقي "البوب"، أو الكمبيوتر المحمول، على سبيل المثiiال؛ ثم يبiiدأ في "التحليل النوعي"، وينسبه إلى سياقه المحلي. بعد ذلك يحiiاول اإلجابiiة عن سiiؤال: لماذا تنتشر بعض الظواهر الثقافية، بسهولة في جميع أنحاء العiiالم؛ بينمiiا ال يحiiدث ذلiiك للبعض األخiiر؟ ال أحiiد من هiiذه االسiiتراتيجيات البحثيiiة يمكن اسiiتبعادها في

البحث والتحليل.

إن وضع الحدود، ونشأة وازدياد المصطلحات المحلية؛ نتيجة طبيعية لعولمة الثقافة. أغلب الموريشيوسيون لم يكتشiiفوا أنهم موريشيوسiiيون قبiiل سiiفرهم للخiiارج. أو قيل أن علموا إن موريشيوس بلد يتحتم عليه المنافسة مiiع بلiiدان أخiiرى؛ لتسiiويق بضiiائعهم، ومنتجiiاتهم. الكثiiير من الموريشيوسiiيون لم يكتشiiفوا أن لهم "سiiمات مشتركة" كثيرة، وواقع مشترك؛ قبiiل الخiiروج ومقابلiiة غiiير الموريشيوسiiيين. بعiiد ذلك اكتشiiفوا أنهم شiiيء مختلiiف عن الهنiiود، أو الكريوليiiون، أو المسiiلمون. لقiiد

أيقنوا ببساطة أنهم موريشيوسيون.

مثال معبر، ويحتوى على الكثير من سiiمات "عولمiiة وكريوليiiة الثقافiiة"، و"أقلمiiة سوقية" للعادات الموسيقية المحلية، وهو الموسيقي األفريقيiiة الكالسiiيكية ال تبiiاع، وليس لها سوق في باريس؛ بينما يبiiاع في بiiاريس موسiiيقي البiiوب، الiiتي يعتبرهiiا الفرنسي أنهiiا موسiiيقي تنتمي إلى الموسiiيقي األفريقيiiة. ومن ناحيiiة أخiiرى؛ فiiإن الموسيقي التي ذكرت أخiiيرا؛ تبiiاع في "السiiنغال" أيضiiا، فهي تمنح السiiكان بعض اإلحساس بالفخر والتباهي، عن طريق إحساسهم بالوحدة القوميiiة النظريiiة، وذلiiك لمعرفتهم إن نفس الموسيقي محبوبة، ومنتشرة في باريس. العامل المشترك هiiو: قiiانون السiiوق العiiالمي، وميكانيكيiiة العiiرض والطلب، وبين هiiاذين يمكن للمiiرء

الحركة، وخلق شعار له صبغة محلية.

مثل الكثير من األشiiكال الثقافيiiة المعاصiiرة؛ وصiiلت إلى موريشiiيوس الموسiiيقي على وجiiه التحديiiد، وذلiiك عنiiدما بiiدأ أحiiد الموسiiيقيون1988العالميiiة، في عiiام

)؛ أن يiiدمج "إيقاعiiات الريجiiا" (Segaالموهوبiiون، من م�غiiنى� أغiiاني "السiiيجا" (Reggae Rhythmsةiiيقي المحليiiواع الموسiiد أنiiيجا" هي أحiiفي أغانيه. و"الس (

"الفرنسي- أفريقية"، والتي لم يحدث فيها تغير يذكر، في العشiiرين سiiنة األخiiيرة. هذا الموسيقي الشiاب، وأفiراد مجموعتiه الغنائيiة، أطلقiوا شiعورهم؛ ثم جiدلوها، ولبسiiوا طiiواقي مقلمiiة من الصiiوف. وهiiو الiiذّي أطلiiق مصiiطلح "السiiيجا" على

Rasإيقاعات "الراستا" الجاميكية القديمة. وهو نفسه المغiiني "راس نiiاتي بiiابى" (

93

Natty Baby) "الذّي ولد في "جامايكا (Jamaicaا منiiا ومحبوبiiبح معروفiiوأص ،( كل الشباب في مختلف األعمار، بعد ما استخدم إيقاع "السيجا". اليوم "راسينتاتان"

)Racinetatane) "و"راس ميلنزا ،(Ras Melanzèوآخرين؛ يتحدثون عن شيوع ( هiiذه الموسiiيقى في األسiiواق العالميiiة. "راسiiينتاتان" هiiو اسiiمه الفiiني، ويغiiني

)، الiiتي تعتiiبر أصiiل موسiiيقاه. أمiiاRacinesالموسiiيقي الفرنسiiية "راسiiينيس" ( ) أقiiiام فيMalagasy) فهiiiو أمiiiير مدغشiiiقرّي (Ratsitatane"راتسiiiيتاتان" (

"موريشيوس" كمغنى؛ في القرن التاسع عشر بضع سنين، بعدها اكتسiب صiفة - ال Rasيسiiiتحقها- بطiiiل أسiiiود أسiiiطورّي. أمiiiا بالنسiiiبة للفنiiiان "راس ميلiiiنزا" (

Melanzè) "ركب. "راسiني مiم فiا اسiفاسمه أيض ،(Ras) رّيiو اللقب األمهiه (Amharic title) "للملك األثيوبي "راس تافارى (Ras Tafari) "أو "هيالسيالسى (

Haile Selassieالذّي أقتبسه المغني الجامايكي األصل، وأصبح اسم شهرته في ،( )؛ علىRasموريشيوس، بعد عشرين عامiiا. ويمكن للمiiرء أن يفهم كلمiiة "راس" (

Rasأنهiiا تعiiنى العiiرق والسiiاللة بالكريوليiiة. وفى الحقيقiiة فiiإن "راس ميلiiنزا" (Melanzè."تعنى "عنصر مختلط" أو "خليط عرقي (

Rasفي أحد البرامج التليفزيونية؛ تحiiدث "راس نiiاتى بiiابى" ( Natty Babyعن ( موسيقي السيجا"، وكأنها من أصل موريشيوسي؛ قiiال: إنهiiا موسiiيقانا. ومثiiل هiiذا األسلوب استفز احد الصحفيين المتخصصين في الفنون الجميلة، وجعله يكتب مقاال ينتقده بشدة يذكره بالحقيقة: إن موسيقي "السيجا" كانت مجرد اقتباس كامل، من

Bobموسiiيقي الفنiiان "بiiوب مiiارلى" ( Marleyرقiiروف. والفiiاميكي المعiiالج ( الوحيد؛ هو أنهم استعملوا اللغة الكريولية في األغاني. وعالوة على ذلك فإن كال منiموسيقي "السيجا" و"الريجا" أقل جودة. وأنهى المقال بوصية لقرائه؛ أن يسمعوا ل

). هذا بالطبع لم يرق لi راسMiles Davis) و"ميلز دافيس" (Mozart"موزارت" ( ناتى بابي" ورد بكلمات مهينة للصحفي، ولكن على ما يبدو أن ال أحد من الناس قiiد صدقه. هذا الحوار الذّي دار، وتبادلوا فيه اآلراء؛ يجد المرء فيه بعض العناصiiر الجديرة بالتأمل. إن السمة األكثر أهمية - في رأيي؛ ليس في كون هذه الموسiiيقي محليiة األصiل ثم أصiبحت منتشiرة وتم تسiويقها عالميiا، وليس في أن أصiلها في الحقيقة "جاميكا". السؤال المهم الذّي يجب طرحه هو، كيف لمثل هذه الموسiiيقي أن تثiiير تسiiاؤالت في المجتمiiع عن االنتمiiاء واألصiiالة؟ فالصiiعوبة الiiتي تواجiiه مجتمعات تعمل على الحفاظ على - أو إنشاء- مجتمع له هويتiiه الخاصiiة، في عصiiر تذوب فيiiه كiiل "الثiiوابت"؛ هي التفاعiiل النiiاجح مiiع المجتمiiع العiiالمي. وفى نفس الوقت االحتفاظ بمستو معين من الهوية المتميزة. وفى موريشiiيوس اسiiتطاعوا أن

يخلقوا ويعيدوا إنتاج هويتهم المحلية دون إغالق الباب؛ في وجه العالمية.

***

Yanقمت بزيارة "يان بوليه" ( Boulléوالدة، في فلتهمiiوزوجته، وأبنتهم حديثة ال ( Cureالرحبiiiة، القريبiiiة من "كiiiورا بيب" ( Pipeةiiiب إلي الطبقiiiان" ينتسiiiي" .(

"الفرانكiiو- موريشيوسiiية". هiiذه الطبقiiة عاصiiرت االنهيiiار التiiدريجي في قiiوتهم، وسيطرتهم السابقة. السiiيطرة الiiتي كiiانت دون منiiازع. وكiiان ذلiiك في ثمانينيiiات

94

القرن الماضي. إنهم لم يعودوا أسياد الجزيرة، بالرغم عن كiiونهم مiiازالوا يعيشiiون في بحبوحiiiة من العيش. اآلن فiiiإن الهنiiiود هم الiiiذين يسiiiيطرون على السiiiاحة السياسية. أما الصينيون فيستولون على أهم العناصر االقتصادية، أما في ناحية الفن والثقافة؛ فتأتي مشاركات مهمة، من جميع الطوائف العرقية. وفي حالة "يان" فإنiiه ببساطة؛ استبدل الخدم، باألجهزة الكهربيiiة المسiiاعدة في المطبخ، وسiiائر أعمiiال

المنزل. ولحسن الحظ فهو قليل الحنين إلى الماضي.

مشيت معه على طريق مفiiروش بالحصiiى يقسiiم المسiiاحة الخضiiراء إلي اثiiنين، أبلغني أنه سوف يسافر بعد بضع شهور إلى مصiiيف العائلiiة؛ على شiiاطئ "بوسiiته

)، ليقضى شهور الشتاء هناك. قلت دون أن أوجه الكالمPoste Lafayetteالفيتا" ( إليه خاصة: "إن الموريشيوسيين يتمiiيزون بشخصiiية وروح خاصiiة، ليسiiت عاديiiة".

وجاءت موافقته الفورية على قولي.

المثير لالنتباه اليوم؛ إن الكثير من الموريشيوسيين يتفقون على مثل هذا الرأّي. منذ خمسة عشر عام مضت؛ كان أكثر من ثالثة أرباع السكان، ينصحون أبناءهم

بالهجرة خارج موريشيوس، حتى يجدوا الفرصة السانحة.

***

95

المقال الثالث

ترينيداد: الكريولية في أعلى درجاتها ؟

؛ تحديد مالمح هويتي"..... شيفا نايبول ( ).Shiva Naipaul"كل يوم يتو�جب على®

I

تصور العامة عن األنثروبولوجي : أنه قصاص أسiiاطير، وإنسiiان غiiير منظم غiiريب¦ إستكشاف قبيلة هندية ¦ بيده مطواة، محاوال األطوار، يمشي في الغابات البكر، حامال¦ يسجل مiiا جديدة. بعد ذلك يكتب مالحظاته في وريقات، ثم يبدأ باالستنباط. وأخيرا كتب، في بحث متخشiiiب الكلمiiiات، ملiiiيئ بالمصiiiطلحات الiiiتي ال يفهمهiiiا إال المتخصصون، الراغبون في المعرفة عن كيفية المعيشة عند الهنود الحمر، و ما هي أنمiiاط سiiلوكهم. وبالمناسiiبة فiiإن جميiiع الكتب عن األنiiثروبولوجي؛ كiiانت تسiiمى

)، الiiتي تعiiني ورقiiة بحثيiiة.Monographلسiiبب أو آلخiiر دائمiiا "مونiiوجراف" ( وفي الواقiiع اآلن؛ فiiإن معظم األنثروبولوجiiيين هم من النسiiاء. مثال في الواليiiات المتحدة األمريكية - وهي دولة رائدة ومسيطرة أيضا، في علوم األنثروبولوجيا- كiiان

عاما عندما حصiiل39)، عمره Davidاالسم الغالب في الئحة اإلحصاء هو "دافيد" ( على شهادة الدكتوراة، وغير متزوج وليس عنده أطفiال، ولم يحصiل على أّي عمiل أكiiاديمي عنiiدما تخiiرج، وبiiدأ في البحث عن عمiiل . أمiiا اليiiوم فمعظم أسiiماء

)، وهي سiiيدة بلغت من عمرهiiاSusanاالنiiتروبولوجيون يمثلiiه اسiiم "سiiوزان" ( أربعون عاما عندما حصلت على الدكتوراه، وهي غير متزوجة، وليس عندها أطفال، وحاصلة على عمل أكاديمي. هكذا الحال في الواليات المتحدة. أما في النرويج، فيأيام الفقر، كان الحال متقiiارب. اإلسiiم الغiiالب في القائمiiة، ربمiiا كiiان "سiiفين" (

Svein.الiiكان عمره ثالثون عاما عندما حصل على الماجستير، وليس عنده أطف ،( الحال اليوم قد تغير؛ فاالسiiم السiiائد في القائمiiة نسiiائي، وربمiiا يكiiون "توريiiد" (

Turidة فيiiتها الحقليiiعمرها ثمانية وعشرون عاما، وهي أم غير متزوجة، ودراس ،( موضوع "اندماج األجانب في مؤسسة لرعاية أصحاب المشiiاكل النفسiiية والعقليiiة،

في المدن النروجية".

حقيقة؛ إن الزمان يجرّي بسرعة، والظروف تتغير. وعندما شرعت في دراستي في، وعلمت أن حقل الدراسiiة سiiيكون في "ترينيiiداد" (1989األنثروبولوجي في عام

Trinidadورiئلة وصiتي أسiواردت على مخيلiي. وتi؛ أصبت بخوف سرّي في نفس( كثيرة. كيف ستكون النتيجة لو أني بiiدأت في مقارنiiة الثقافiiة المجتمiiع الترينيiiدادّي

) (الكلمiiة ليسiiت مشiiتقة منTrinidadianبثقافiiة مجتمعنiiا؟، "الترينيiiداديون" ( أو عقيدة التثليث في المسيحية)، وبطبيعة الحال لم يكونوا نصiiفTrinity"ترينتي"

عراه، وال أميiون، وال أعضiاء في طائفiة يقiدم أفرادهiا الخنiازير المشiوية الكاملiة قرابين لآللهة. وفي "ترينيداد" ال توجد أفاعي سiiامة، أو عنiiاكب تمص الiiدماء أثنiiاء سيرك في رحلة قصيرة أو طويلة، في الغابات، حتى لiiو حiiاولت البحث عنهم. ومiiع ذلك فإن النصائح التي سمعتها تقول: ال تiiذهب إلى الغابiiات، ألن مهربiiو المخiiدراتالخطiiرين؛ يختiiبئون فيهiiا. وبوجiiه عiiام فiiإن "التيرينيiiداديين" يلبسiiون "الجيiiنز" (

96

Jeans"والنظارات الشمسية، ويسمعون موسيقى "الصول" األمريكية من "ستريو ( سياراتهم الخاصة، ويتبادلون النكات السiiاخرة المازحiiة عن الطفيليiiات الiiتي تعيش في أمعاء رئيس الوزراء. والترينيداديون بوجه عام يثقون ويفخرون بأنفسهم؛ لدرجة تجعل معظم الزائرون يحسون بذلك، عندما يتبادلون الحديث معهم. وخالل الحiiديث يقiiiدمون للمسiiiتمع نظiiiريتهم الخاصiiiة عن مجتمعهم، ذو الثقافiiiات المتعiiiددة. مiiا الiذّي يمكن لألنiثروبولوجي أن يفعiل هنiiاك ؟ سiiؤال راود مخيلiiتي في البدايiiة. األنiiثروبولوجي العiiادّي ذو الفكiiر الكالسiiيكي، الiiذّي يجiiرّي وراء فكiiرة مiiا يسiiمى ب"الثقافة النقية األصلية"، أو الذّي يبحث عن مكان وقبيلة لم تiiدرس من قبiiل، لن يجد هناك ما يفعله، فكل تاريخ "ترينيداد" قiiد د�رس، وتم وصiiفه وتحليلiiه، من قبiiل

�تبت مقاالت علمية " "essaysالمتخصصين، سواء كانوا أجانب أو ترينيداديون. لقد ك ) بiiالكالب؛Pictonعن األسبان وعجزهم. وعن عالقiiة محافiiظ الجزيiiرة "بيكتiiون" (

حيث أطلق النار عليهم وقتلهم، عندما أقلقوا نومه بالليل. وعن مغنو "الكاليبسiiو" (Calypsoةiiالسابقون األوائل. وعن حاكم الجزيرة البريطاني، ووثائق الوالء والتحي (

)، حيث سجلوا فيها - عن طريق الخطأ وعدمQueen Victoriaللملكة "فيكتوريا" ( الفهم؛ شiiكرهم العميiiق لهiiا، ألنهiiا صiiاحبة الفضiiل والشiiرف في جلب العبيiiد إلى الجزيرة في أول مiiرة. ولقiiد كتب روايiiة واحiiدة على األقiiل عن كiiل نقطiiة تحiiول بارزة، في تاريخ الجزيرة. بعد الحرب العالمية الثانية ، كثرت أعداد األنثروبولوجيين األجانب الذين زاروا الجزيرة. وكiiان أغلبهم من الراغبين في دراسة ما تبقى من "الثقافة األصiiلية"، عنiiد المجموعiiات أو الطوائiiف من ذوّي األصول األفريقية أو الهندية. وقد وجدوا مثل هذه الدراسات األنثروبولوجية

Trinidadالحديثة األولى لترينيداد، بعنiiوان "القريiiة الترينيداديiiة"( Villageتيiiال ،( ) و "فرانسiiيز هرسiiكوفيتس" (Melville، لمؤلفهiiا "ميلفيال" (1947نشiiرت عiiام

Frances Herskovitsداديين ذوّيiiاح أن الترينيiiة بإيضiiوقد اهتمت هذه الدراس .( Afroاألصول األفريقية ( - Trinidadiansعiiفات، مiiير من الصiiيشتركون في كث ،(

األفريقiiيين في غiiرب أفريقيiiا. أمiiا أول الدراسiiات الiiتي تحiiدثت عن الهنiiود في )، باسم "الهنود الشiiرقيونMORTON KLASSترينيداد، فكانت لi "مورتن كالس"(

) إثبات أن ذوّيEast Indians in Trinidadفي ترينيداد" ). وحاولت، كسابقتها؛ األصول الهندية في ترينيداد؛ ما زالوا يتشابهون مع أجدادهم، من ثالث أو أربع أجيال

Uttar)، أو "أوتار برادش" (Biharسابقة، الذين تركوا "بيهار" ( Pradeshاiiوهم ،( إقليمين من األقاليم في شبه القارة الهندية. أما هدفي من دراسة الثقافة واالجتماع في ترينيداد؛ فقiiد كiiان شiiديد االختالف. وبiiالرغم من سiiهولة الiiزعم، بiiأني أهملت مواضيع كثيرة؛ إال أن دراستي كانت ذات موضوع مميز. لقiiد كنت أهiiدف إلى بيiiان،¦ بوجiiه خiiاص، البحث "كيفية تفاعل وتطور مجتمع مثل هذا مع المدنية". وكنت راغبا في العالقة بين الترينيداديين ذوّي األصول الهنديiiة، وبين الترينيiiداديين ذوّي األصiiول األفريقيiiة. لهiiذا لم يشiiغلني مالحظiiة أن الطريiiق السiiريع المسiiمى "تشرشiiل -

Portروزفلت"، الذّي يمتد من المطار إلى "بورت أوف سiiبان" ( of Spainانiiك ( على درجiiiة أعلى في الجiiiودة، من أّي طريiiiق يمكن أن تجiiiده في الiiiنرويج. ولم يشغلني عدد المصانع، التي كانت مصفوفة على جانبي الطريق. لقد أديت "الiiواجب

.Stالمدرسي"، وبينت الفرق بين "ترينيداد" و "سiiانت تومiiاس"( Thomasوهي ،(

97

Virginأحدى جزر البحر الكاريبي، فيمiiا يسiiمى بiiالجزر العiiذراء ( Islandوبينت .( )، وهي أيضiiا أحiiدى جiiزر الكiiاريبيAntiguaالفiiرق بين ترينيiiداد و "أنiiتيجوا" (

المستقلة. ترينيداد لم تكن جزيرة نمطية من جزر جنوب البحر الكاريبي؛ التي تتميز بأشجار النخيل الكثيرة المنتشiرة في تلiك المنطقiة. ولم يكن أهلهiا مجiرد "أفiرو- كiiاريبيون"، يرتiiدون القبعiiات الواسiiعة، المصiiنوعة من البiiوص والمثiiيرة لشiiهية

Banianتصiiويرهم، حيث كiiانوا يرقiiدون تحت شiiجر "البنيiiان" ( Treeوiiوفي ج ،( خانق من الرطوبة على الشاطئ الرملي. وكنت على علم سابق؛ إن ترينيداد سوف

) األمريكيiiة، والقiiرى الهنديiiة.Brooklynتبدو للزائر، وكأنها خليط من "بiiروكلين" ( ويمكن للمرء أن يقرأ في المرشد السياحي، أن ترينيiداد بهiا واحiد من ثالثiة طiرق شiiiiiiiiاطئية من اإلسiiiiiiiiفلت. و اآلخiiiiiiiiران، في فiiiiiiiiنزويال وتكسiiiiiiiiاس. مساء يوم ما قبل العiiودة إلى الiiنرويج؛ جلسiiت مiiع كiiاتب ترينيiiدادّي يiiدعى " كيم

Kimجونسiiون" ( Johnsonارّيiiراز المعمiiه، ذات الطiiرفات منزلiiدى شiiفي أح ،( ). وكنiiاVictoria"الفيكتورّي"، الذّي ينسب إلى عهiiد الملكiiة البريطانيiiة فيكتوريiiا (

نناقش احتماالت وصول رئيس وزراء من أصول هندية إلى حكم البالد. وكنت أنا من ) أمامهBasdeo Pandayالمعتقدين بأن الرئيس العام للنقابات "باسديو بانداّي" (

فرصiiة ذهبيiiة، حيث إن شiiعبية رئيس الiiوزراء – في ذلiiك الiiوقت "روبنسiiون" (Robinson) "دهور. ولكن "كيمiiدة من التiiة جديiiجلت درجiiد سii؛ ق(Kimفiiاختل (

معي، وقال: لو وصل هذا المتسلق "بانداّي" إلى الحكم؛ فسوف تقع حربا أهلية. ثم¦ ليحضiiر كiiوبين من تابع القول مردفا، يريد تفنيد تحليلي السياسي، بينما كiiان ذاهبiiا البيرة:"إنه من المحزن قولها؛ لكن مثiiل هiiذا التحليiiل السياسiiي ال يمكن أن يصiiدر

من مواطن ترينيدادّي المولد، وال حتى يمكن أن يقبل؛ حتى على سبيل المجاملة.

II

مسافة قصiiيرة هي الiiتي تفصiiل بين ترينيiiداد، وأرض أمريكiiا الجنوبيiiة. وهى الiiتي ). وفي يوم مشرق بغير غيوم؛The Spanish Mainيسمونها "اسبانيا الرئيسية" (

) والقوس الشريطيThe Dragon’s mouthيستطيع المرء أن يرى " فم التنين" ( ) في الشiiمال الغiiربي.Chaguaramasللساحل الفنزويلي، من "شiiاجواراماس" (

¦، لكنها تكاد ال تiiرى لiiو قسiiناها بالمعيiiار القiiارّي، فكiiل وترينيداد جزيرة كبيرة نسبيا شيء – كما هو معiiروف- نسiiبي. والجزيiiرة تعتiiبر دولiiة عظمى؛ لiiو قiiورنت بجiiزر

) الصغيرة الهولندية. وكذلك لiiو قiiورنت بحiiزام الجiiزر المنتشiiرةAntillesالعنتيل ( ) شمال ترينيداد. وكثير من سكانVirgin Islandوالممتدة من "الجزيرة العذراء"( )، وSt.Vincent)، و"سiiانت فينسiiت" (Grenadaالجزر الصغيرة، مثل "جرينادا" (

) كiiانوا يرحلiiون إلى ترينيiiداد، على مiiدى قiiرن ونصiiفBarbados"بربiiادوس" ( القرن، آملين في حرية أكثر، وحياة مليئiiة باإلثiiارة والجاذبيiiة، والرفاهيiiة. فالتصiiور الرئيس عن "ترينيداد" عند سكان هذه الجiiزر أنهiiا مكiiان صiiاخب، ملئ بالضوضiiاء، ومسبب للضغوط، واإلجهاد. ولو تولد عند أحد القراء أّي شك في هذا التصور؛ فiiإني

98

Idependenceأقترح عليه، أو عليها؛ أن يقض نهار يiiوم، في "ميiiدان االسiiتقالل" (Square.هiiiiiiiiiiiأم عينيiiiiiiiiiiiرى بiiiiiiiiiiiمع، ويiiiiiiiiiiiوف يسiiiiiiiiiiiوس ،(

Christofferحصiiiلت "ترينيiiiداد" على اسiiiمها من "كريسiiiتوفر كولiiiومبس" (Columbus امiiداها1498). وهو الذّي اكتشف الجزيرة أثناء رحلته الثالثة عiiثم أه ،

). البعض يرجعiiون هiiذا االسiiم إلى عقيiiدة الثiiالوثIsabelإلى الملكiiة "ايزابيiiل" (Holyالمقدس المسيحي ( Trinityالiiوبعض آخر يعتقد إن األسم له عالقة بالجب ،(

الثالثة الواقعة في الجنوب الشرقي، وهي أول ما قابل "كولومبس" عندما أبحiiر في اتجiiiiiiiiاه الغiiiiiiiiرب، وعلى امتiiiiiiiiداد سiiiiiiiiاحل أمريكiiiiiiiiا الجنوبيiiiiiiiiة. بالرغم من اسمها وموقعها الجغرافي؛ فإن ترينيداد بالتأكيد ليست مثiiل دول امريكiiا الالتينية األخرى. صحيح أن الجزيرة ظلت من المستعمرات األسiiبانية لثالثiiة قiiرون، لكنهم اعتبروهiiا صiiغيرة وقليلiiة األهميiiة في األمبراطوريiiة األسiiبانية، حين ذاك.

)، واسiiتعملها األسiiبانOrinocosفالجزيرة تقع على الممر البحرّي "اورينوكiiوس" ( لغiiرض واحiiد تقريبiiا. اسiiتعملوها كقاعiiدة لغiiزواتهم الفاشiiلة؛ في البحث عن

)، تلiiك المدينiiة األسiiطورية، الiiتي أعتقiiد األسiiبان أنهiiاEldorado"األلiiدورادو" ( موجودة، في مكان ما داخiل األراضiي األمريكيiة الجنوبيiة. ولمiا لم يفكiر أحiد في االستثمار الزراعي هناك؛ ظل عدد سكان ترينيiiداد ثالثمائiiة نفس فقiiط، حiiتى عiiام

1784. الروابط بين ترينيداد، والبالد الناطقiiة باالسiiبانية في أمريكiiا الجنوبيiiة؛ قiiد انقطعت بشiiكل فجiiائي ومحكم، في السiiنوات العشiiر األخiiيرة من القiiرن الثiiامن عشiiر الميالدّي. في البداية شهدت المسiiتعمرة هجiiرة مكثفiiة من المiiزارعين الفرنسiiيين اإلقطاعيين، عندما سمعوا في باريس أن الثوريين يعiiتزمون القضiiاء على العبوديiiة. لiiذا رحلiiوا من الجiiزر التابعiiة لفرنسiiا في تلiiك المنطقiiة، ومعهم العبيiiد. هiiؤالء المهاجرون لقوا ترحاب من القيiiادات الرسiiمية االسiiبانية، واسiiتقر بهم المقiiام في ترينيداد، وأنشأوا قاعدة من المؤسسات والهيئات، التي ما زالت تعتiiبر مركزيiiة في

))، وCarnivalالدولة الترينيدادية. من أهم هذه المؤسسات و الهيئات "الكرنفiال" ؛ كiiانت1962 وحتى االستقالل في عام 1797). ومنذ عام Calypso"الكاليبسو" (

ترينيداد مسiiتعمرة بريطانيiiة. ولكن بiiالرغم من تعiiدد الثقافiiات في الجزيiiرة؛ فiiإنالثقافة فيها تنتسب إلى ثقافة المنطقiiة الكاريبيiiة، أّي إلى ثقافiiة "الهنiiد الغربيiiة" (

West Indian Culture Reigonعiiم ¦ ). وعند االستقالل؛ اتحدت الجزيرة سياسيا¦Tobagoجزيرة مجاورة تسمى "توباجو"( )، وهي جزيرة أقل نشiiاطا، وأكiiثر هiiدوءا

من ترينيداد، ذات التعدد الثقافي والعرقي. ومنذ هذا الحين؛ سميت الدولة "ترينيدادTrinidadوتوباجو" ( and Tobagoم ليسiiذا األسiiتقالل. هiiاء واالسiiد اإلنشiiعن (

مفضال وال منتشرا في كال من ترينيداد وتوباجو، وذلك ألنه يiiذكر السiiكان بالماضiiي، الiiiiiiiiiذّي كiiiiiiiiiانوا فيiiiiiiiiiه تiiiiiiiiiابعين وخاضiiiiiiiiiعين للمسiiiiiiiiiتعمر. من منتصiiف القiiرن التاسiiع عشiiر الميالدّي؛ أصiiبحت ترينيiiداد أحiiد االقiiاليم األكiiثر رفاهية، في الهند الغربية البريطانية. واستيقظت الجزيرة بعد ثالث قرون من اليأس في ظiiل الحكم األسiiباني. وأصiiبحت جزيiiرة متطiiورة، ومزدهiiرة تتمiiيز بالنشiiاط والحيوية واآلمال. وخالل القرن الثامن عشر كله، وجزء ال بأس به من القiiرن الiiذّية إلى أوربا. وبعد الحروب النابليونية يليه؛ كان السكر يمثل أحد أهم البضائع الم�صد�ر�

99

ر �iiار، وخ�يiiا وراء البحiiا فيمiiات فرنسiiتقبل ممتلكiiول مسiiات، حiiدارت المفاوض ) الكنديiiة، أو األحتفiiاظQuebecالفرنسiiيون بين االحتفiiاظ بمقاطعiiة "كويبiiك" (

Guadeبiiالجزيرة الكاريبيiiة "جiiودا لiiوب"( loupe.دادiiمال ترينيiiة في شiiالواقع ،( ورغما عن إن مقاطعة "كويبك" لها مساحة تماثل مساحة نصف غرب أوربا كلiiه؛ إال أن الفرنسiiيين فضiiلوا األحتفiiاظ بجزيiiرة إلنتiiاج السiiكر، في البحiiر الكiiاريبي. وجاء إنتاج السكر متأخرا في ترينيداد، وذلك إلنشغال االسبان في البحث المتواصiiل عن الiiذهب. كiiذلك في بiiذل المحiiاوالت المسiiتمرة؛ إليجiiاد المدينiiة االسiiطورية

El"األولدرادو" ( Doradoكiiولهم في تلiiيطر على عقiiذلك األمل الغبي، الذّي س .( الفترة. وبينما شهدت مسiiتعمرات السiiكر األخiiرى، مثiiل "باربiiادوس" و"جامايكiiا"؛ هبوط في االنتاج بسبب تدهور خصوبة التربة، كانت ترينيداد عبارة عن غابة بكiiر لم تحرث بعد. وذلiك ممiا جعiل الجزيiiرة مكiiان جiذاب، في النصiiف األول من القiرن التاسع عشر. وفي العقود األخiiيرة من القiiرن التاسiiع عشiiر؛ شiiاركت ترينيiiداد في الطفرة الكاكاوية العالمية، وجذبت عمال مستأجرين من كل أنحاء المنطقiiة. وخالل

Portالقرن العشرين؛ تعاظم دور وأهمية الميناء الترينيiiدادّي "بiiورت أوف سiiبان" (of Spain) "وكذلك ميناء "سان فيرناندوس ،(San Fernandosربiiاء الحiiوأثن .(

العالمية الثانية؛ بنى األمريكان قاعدة عسكرية على الجزيرة. واختلف الترينيiiداديون على قبولهiiا، لكنهiiا على األقiiل جلبت ألبنiiاء الجزيiiرة آالف من فiiرص العمiiل ذات الراتب الجيد. وفي نهاية األربعينيiiات اكتششiiفوا البiiترول. وفي النصiiف األخiiير من السبعينيات ارتفع سعر البترول عاليا، وتعاظم النمو االقتصادّي، وتراكم رأس المiiال

) أن يطلق تصريحEric Williamsإلى درجة أمكنت رئيس الوزراء "أريك ويليامز" (¦ عندما سئل عن التنمية، يقول: "ال مشiiكلة في التمويiiل". وهiiو تصiiريح كiiان سiiابقا¦. وقبل نهاية السبعينيات، وقدوم السiiنوات الصiiعبة في الثمانينيiiات؛ كiiان ألوانه قليالالترينداديون يتداولون بعض النوادر، عن أقربiiاء أو جiiيران؛ سiiافروا إلى "ميiiامي" (

Miamiاءiiلشراء البصل. وكان الموظفون الصغار والعمال يستطيعون السفر لقض ( عطلة الصيف في "باربادوس"، أو "تورنتو"، أو "نيويورك"، أو "ميامي". وبالرغم من الضiiائقة االقتصiiادية الiiتي حلت بiiالبالد، وازديiiاد معiiدل العiiاطلين عن العمiiل في الثمانينيات؛ فإن متوسiiط دخiiل الفiiرد تسiiاوى تقريبiiا؛ مiiع دخiiل الفiiرد في الiiدول الصiiناعية. واسiiتمرت الجزيiiرة في اسiiتقبال تيiiار من المهiiاجرين الغiiير شiiرعيين،القiiادمين من أنحiiاء مختلفiiة من منطقiiة الكiiاريبي، خاصiiة من جزيiiرة "جويانiiا" (

Guyana.األقل تقدما، يحدوهم األمل في العمل و االستيطان في ترينيداد (

) في نواحي شتى. ماCultural Road crossتعتبر ترينيداد "مفترق طرق ثقافي" ( نوع هذا المفترق الثقافي؟، ربما يمكننiiا بيانiiه وتوضiيحه بمثiiال واقعي وهiو مفiترق طرق موجود في واقع الجزيرة. إنه الطريق الرئيسiي الشiرقي، الiذّي يمتiiد ملتويiiا

¦ خالل المنطقة الشرقArimaمن "بورت أوف سبان"، وحتى مدينة "أريما" ( )، مارا غربية القديمة. هذا الطريق يمكن وصفه بأّي شيء؛ إال أن يقiiال أنiiه "جميiiل"، فهiiو رطب، وذو رائحiiة عطنiiة كريهiiة. وهiiو عبiiارة عن شiiريط أسiiفلتي يربiiط منطقiiة المiiدائن في شiiمال ترينيiiداد. اآلت تنبيiiه السiiيارات السiiائرة فيiiه؛ ال تتوقiiف عن¦ كمثلiiه اإلزعاج. والهواء مشبع بالتراب وعوادم السيارات. والجو العام محموم؛ تماما

) أثنiiاء سiiاعة الراحiiة في الظهiiيرة. كال جانبيiiه مليئiiةManhattenفي "منهiiاتن" (

100

بمحطات البنزين المتالصقة، وورش الصناعات الخفيفة، وصواني مفترقات الطiiرق، ) ذات الطالء الفiاقع الخiاص، ومحالت بيiع جميiعRum Shopsومحالت "الiروم" (

أصiiناف البضiiائع، ودور عiiرض األفالم، ومصiiانع صiiغيرة، وأكشiiاك الفاكهiة، وبيiiوت مكونة من طابق أو طابقين، ومراكز تسوق ضiiخمة، و"صiiاالت الiiدهون" األمريكيiiة من "ماكدونالiiد" و" الكينج برجiiر" وغيرهiiا، ومطiiاعم الوجبiiات السiiريعة الصiiينية، ومدارس ودور عبادة، باالضافة إلى مكاتب للعمل بiiنيت بهندسiiة معماريiiة؛ ينقصiiها التنسيق والجمال. "الميني بص"، وسيارات التاكسي الiتي يلتiف بهiا شiريط أصiفر

) على لوحتها المعدنية الخاصiiةHيميزها - والتي يمكن التعرف عليها بقراءة حرف ( بالرقم- يتصارعان بشراسة؛ مiع السiيارات الخاصiة، على امiاكن االنتظiار. ومعظم السيارات من موديالت صنعت في بداية الثمانينيات، وهي الفترة الiiتي تiiذكر المiiرء

بنقطة التحول؛ إلى عصر الطفرة البترولية.

لو أن المرء، قاد سيارته في اتجاه الشرق، من "بورت أف سبان"؛ فسiiوف يشiiاهد¦ من األحيiiiاء العشiiiوائية، حيث جiiiزء ال بiiiأس بiiiه يقiiiع؛ في "الفن تال" ( حشiiiدا

Laventilleانiiتركز في "سiiتي تiiطة؛ الiiة المتوسiiازل الطبقiiاهد منiiوف يشiiوس .( Sanجiiوان" ( Juanيرiiق غiiاجرون بطريiiكنها المهiiتي يسiiة؛ الiiش المؤقتiiوالعش ،(

شرعي، والتي تبعد مسافة مiiرمى حجiiر، عن المسiiاكن الفiiاخرة في "فالسiiيان" (Valsayn) "وسوف يمر السائق بحي "الكوربة .(Curepe) "اiiة "توتنابونiiومنطق ،(

Tunapunaايينiiائعي الكوكiiا من بiiا فيهiiيز بمiiتي تتمiiة. والiiة الهنديii؛ ذات األغلبي( والمافيiiا؛ وذلiiك قبiiل أن يصiiل إلى األحيiiاء الرحبiiة، "األلiiدرادو"، و "تاكiiاريجوا" (

Tacariguaع علىiiتي تقiiة، والiiطة المزركشiiة المتوسiiوت الطبقiiد بيii؛ حيث يج( )، الiiتي كiiانت تمثiiلArimaالطريق الرئيسي. بعد ذلك يصل السائق إلى "أريمiiا" (

مدينة مهمة أثناء "طفرة الكاكاو"، وذلك عندما تحولت ترينيداد إلى زراعiiة الكاكiiاو، الذّي إزداد الطلب العالمي له. ولكنها اآلن مدينة هادئة ال حراك فيها. البنiiاء الجميiiل

).Angosturaالالفت لالنتباه حقا؛ في كل هiiذه الناحيiiة، هiiو مصiiنع "أنجوسiiتورا" (Pompidouوهiiو بنiiاء يشiiبه "مركiiز بومبيiiدو" ( - senter.دهشiiارّي المiiالتج (

ة"( ).Angostura Bitterوالمصنع ينتج الجعة، أو البيرة، المسماة "انجوستورا الم�ر�

هذا الطريق الذّي يصل طوله إلى ثالثين كيلو متر؛ عبiiارة عن منطقiiة تجاريiiة، وهiiو مفتوح لمرور جميع السيارات، وفي نفس الوقت بiiه مسiiاكن، ويتلiiوى خالل الجiiزء الشمالي من ترينيداد بقبح شديد. ويعتبر مثiiال واضiiح على، وتحiiذير من، الكريوليiiةالiiتي تفتقiiد التخطيiiط. وعنiiدما يصiiل المiiرء إلى نهايتiiه، حيث "ميiiدان الكوربiiة" (

Curpe Junction،امةiiالعوادم السiiواء المليء بiiك، من تنفس الهiiد أنهii؛ يكون ق( وربما يسقط مغشيا عليه.

"ميدان الكوربة" هو ملتقى الطرق األكثر أهميiiة في ترينيiiداد. وهiiو الiiذّي يقiiع في قلب الناحية المتمدينة، والمسiiكونة أساسiiا من األفريقiiيين. ولكن بiiه نسiiبة تتزايiiد وتكبر من الهنود. في هذا المكان؛ ال يوجد مغزى من التميiiيز بين المiiدن المختلفiiة، وذلك ألنها مترابطة، وينقصها الجمال والتنظيم. هذا إلى أن يصل المرء إلى "ميiiدان

Independenceاالستقالل" ( Squareدانiمى "ميiان يسiذّي كiوهو الميدان ال ،( Marineمارين " ( Squareعiiه تقiiأثناء االستعمار. وكان يعتبر الميدان األهم؛ ففي (

101

المحالت الكبرى، ومبنى البريiiد الرئيسiiي، والمحطiiة الرئيسiiية للقطiiارات، والهيئiiة العامة للجمارك، والمحالت التجارية األخرى. ومازلنا حتى اآلن نلمس فيiiه العظمiiة، حيث ترى تماثيل المشاهير، والحديقة الكبيرة، وقiiريب منiiه البنiiك المركiiزّي، الiiذّي يتكون مبناه اإلدارّي من برجين رفيعين قبيحان الشكل. اللذان سرعان مiiا أسiiماهم

Deafyالسكان المحليون، وع�م�د�وهم؛ باسiiمي "دافي ودومي" ( and Dummy،( أول رئيسين للوزراء في الجزيرة، وذلك تكريما لهما.

من يزور ويشاهد "ميدان االستقالل"؛ يتولiiد عنiiده االنطبiiاع؛ أن مدينiiة سiiاحلية في الغiiرب األفiiريقي، قiiد نقلت إلى ترينيiiداد. البنايiiات الiiتي بiiنيت مiiؤخرا في عهiiد االستعمار؛ تصدعت واجهاتها، وكثير منها ترك خاليا بعد إعالن اإلفالس. وفي الجانب

Rumالمطل على البجر، نجiد محالن أو ثالث لiبيع الخمiور، تسiمى "روم شiوب" (Shopsامiiو بانتظiiتي ترسiiمن السفن، ال ¦ )، وعلى ما يبدو أنها ما زالت تحقق أرباحا

¦ تنبعث منهiiا رائحiiة عفنiiة، ويزورهiiا رجiiال على شواطئ ترينيداد. ولكنها تبدو أوكارا فقدت أسiiنانها من الهiiرم، والقواعiiد من النسiiاء الفقiiراء. وفي المواجهiiة؛ أنشiiأت

). الضوضاء تصم اآلذان، وعلى ماMini Busمحطة استثنائية مؤقتة "للميني بص" ( يبدو أن السائقين يحاولون جذب الزبائن، وذلك بتشiiغيل جهiiاز التسiiجيل بالسiiيارة، وإذاعة موسيقى صاخبة، وبالتiiالي يصiiبح من المسiiتحيل تجiiاهلهم. وعنiiدما نعلم إن خمسiiة عشiiر منهم، يتسiiابقون على جiiذب االنتبiiاه؛ ال يحتiiاج المiiرء إلى كثiiير من الخيال حiiتى يعلم النتيجiiة. والرحلiiة في التاكسiiي أيضiiا تجربiiة ال تنسiiى. ليس ألن السائقين يدغدغون قوانين المرور فحسب؛ لكن أيضiiا صiiوت الموسiiيقى الصiiاخبة،

الذّي ينغرز في أعماق الجسد، ويكاد أن يوقف القلب عن الخفقان.

الجانب اآلخر من الميدان - الذّي كان في األصل طريق رئيس محفiiوف باألشiiجار (baulevandانتiiتي كii؛ يقوّي إحساس المرء، بأنه متواجد في إفريقيا. المتاجر ال(

يوما ما تحقق أرباحا؛ أغلقت اآلن، كلها تقريبا. أمام واجهتهiiا، تصiiطف البائعiiات من ربات البيوت على الرصيف، يعرضن للبيع أصناف قليلة من البضiiائع المختلفiiة. يبعن الفاكهة ونظارات شمسية، وثمار جوز الهند، ومالبس من كل صنف، وكتب مدرسiiية مستعملة، وقصص للجيب، وشiiرائط الموسiiيقى المستنسiiخة، والفiiول السiiوداني، واألقالم الرخيصة، وذلك إلى جانب علب التبiiغ طبعiiا. العائiiد من هiiذا الiiبيع؛ بiiالطبع ضئيل، ولو كان االنطباع الوحيد، الذّي يأخذه الفرد عند زيارة ترينيداد؛ مقصiiور على انطباعه من زيارة "ميدان االستقالل"؛ لغادر الجزيرة، وهو يعتقد أنه كان في احiiدى

البالد الفقيرة البالية.

لإلجابة عن سؤال عن الكيفية، التي بها تحول "ميدان االستقالل" في فترة زمنيiiة ال تتجاوز عدة سنوات قليلة إلى مكان، يبدو وكأنه مكiiان كiiئيب متسiiخ؛ يتحصiiل عليiiه المرء من زيارة عشرة أماكن على وجiiه التحديiiد، في الجزيiiرة. إنهiiا مراكiiز الiiبيع، والموالت الحديثة التي بنيت على الطراز األمريكي. فلقد أصبحت ترينيداد في فiiترة¦ تأسس على "السيارة الطفرة البترولية في السبعينيات من القرن الماضي؛ مجتمعا الخاصة، وجهاز التلفزيون"، أو بمفردات أخرى مجتمع استهالكي بني� على اسiiتعمال "التقنيات الحديثة". وكمiiا هiiو حiiادث في الواليiiات المتحiiدة األمريكيiiة؛ فiiإن داخiiل

).Modern Barbarismالمدينة، هو أول ضحايا "البربرية الحديثة" (

102

¦ من المدينة فحسب، لكنه أيضا؛Curpe Junchen"كوربة جنكشن" ( ) ال يعتبر جزءا يعتبر جسرا بين الشمال "األفرو- كاريبي"، والجنوب "الهندو- كiiاريبي"، الiiذّي توجiiد فيه المحطة األخيرة، لكثير من المواصالت العامة القادمة من الشمال والذاهبة إلى

)، وهي محiل والدة الكiاتب المعiروفChaguanasالجنiوب حيث "شiاجيواناس" ( ). وهiiو إلى جiiانب هiiذا؛ الواصiiلة بين الشiiمال،V.S.Naipaul"ف.س. نiiايبول" (Samو"سiiام فرنiiادز" ( Fernaudsةiiبه مدينiiتي تشiiة، الiiة الجميلiiوهي المدين ،(

) التي تعتبر العاصمة الثقافية للنرويج، في نظر بعض النرويجيين.Bergen"برجن" ( وهو أيضا موصال إلى حقول البترول في الجنiiوب. وأخiiبرني أحiiد المرشiiدون الiiذين صاحبوني في تجوالي في المدينiiة: "إن هiiذا الميiiدان يقiiع؛ عنiiد الحiiد الفاصiiل بين "جانب الكوكايين"، و"جانب الماريجوانا". وهو بذلك يريد بيان مدى التباين الصiiارخ؛ بين المدينiiiة والقريiiiة. ففي الجiiiزء الشiiiمالي من الجزيiiiرة حيث "العصiiiريون"

) في الجنiiوب؛ فمiiا فتiiأوRusticيسiiتخدمون الكوكiiايين، أمiiا "البسiiطاء السiiذج" ().Mariguanaيدخنون ماريجوانا (

وفي مفترق الطرق ذاته؛ يسمع المرء ضوضاء عالية، ويشم رائحة ليسiiت مريحiiة، لكنه مكان شديد الحيوية. به بالطبع، مكتب بريد، ويوجد بنiiك أو أثiiنين على مقربiiة،

Disneyوشركة سياحية تنظم رحالت نهاية األسiiبوع إلى "عiiالم ديiiزني" ( world( و"كاراكiiاس" العاصiiمة الفنزويليiiة. وبiiه أيضiiا؛ محطiiة كبiiيرة متسiiخة للتاكسiiيات، وال"ميني بص"، ويوجد هناك محالن مظلمان لبيع الكحوليات، بكiiل منهمiiا طاولتiiان

)، وبiiه مطعم صiiيني للوجبiiات الجiiاهزة "تiiاك أواّي" (Formicaمن "الفورميكiiا" (Take awayار فيiiار النiiة، انتشiiرعة عاليiiرت بسiiاعم انتشiiذه المطiiل هiiومث .(

¦، يحiiوّي الهشيم، بعدما امتلك العامiiة السiiيارات الخاصiiة. وبiiه مطعم أكiiثر احترامiiا طاوالت، وتنسدل على جدرانه ستائر مقلمة. ويشاهد المرء أمام الشركة السياحية؛ أكiثر أمiiاكن اللقiاء تفضiiيال، وهiو الفiرع المحلي لسلسiلة مطiاعم "كنتiiوكي فريiiد

). وعلى مسافة ليست بالكبيرة؛ يقع المحلKentucky Fried Chickenتشيكن" ()، حيث يiiبيع المغiiني"سiiيمون سiiاندّي فiiورد" (SANCHالموسiiيقي "سiiانش" (Simeon Sandiford) "ةiiiاع المعدنيiiiول اإليقiiiاني "طبiiiأغ (Steel drums،(

)Calypsoوكاسيتات واسطوانات مدمجiiة؛ مسiiجل عليهiiا موسiiيقى "الكاليبسiiو" (التي أداها هو وفرقته. بعد ذلك بمسافة قصيرة؛ يقع "سوبرناتشرال سوبرماركت" (

The Supernatural Supermarketارقiiبر، أو خiiوهو بالتأكيد ليس خارق الك ،( الطبيعة – كما يوحي األسم- بمقارنته بما تعودنا عليه من محالت عادية، يوجد مثلهiiا في جميع أنحاء العالم. وفي السنوات األخiiيرة بiiدأ – وغiiيره من المحالت األخiiرى – في بيع " أقدام الدجاج"، بغرض عمل "شوربة" منها، ويعتبر ذلك مؤشiiر على مiiدى األزمة االقتصادية التي مرت بها البالد، بسبب الهبوط الحاد في أسعار البترول. وبعد مسافة قصيرة؛ يجد المرء "ملهى ليلي"، معتم شديد الiiبرودة ككiiل المالهي الليليiiة

في ترينيداد.

وعلى امتداد الرصيف؛ تتناثر اكشاك لبيع أّي نوع من أّي شiiيء. هنiiاك يمكن للمiiرء Theأن يشiiiترى الصiiiحف الموضiiiوعية الثقافيiiiة الرزينiiiة مثiiiل "الجارديiiiان" (

Guardian)"بريسiiiiو"األكس ،(Expressير من المجالتiiiiذلك الكثiiiiد كiiiiويج .( Theاالسiiبوعية الغiiير موضiiوعية، وجرائiiد االثiiارة، مثiiل: "القنبلiiة" ( Bomb،(

103

Sunday)، و"صنداّي بنش" (Blastو"االنفجار"( Punch) "يرورiiد تي مiiو"تي آن ،(T’n’T Mirror) "و"ذاهيت ،(The Heatوأخريات، كلها تشترك، في التخصص في ،(

نشر الفضائح السياسية، والتشهير، ونشiiر اإلعالنiiات للبiiاس البحiiر النسiiائي. وعلى امتداد الرصيف يمكن للمرء أيضا؛ شراء حبات المانجو، والفواكه األخرى. وكثيرا مiiا تأتي شاحنة بمجرورة؛ مليئة بثمار جوز الهنiiد، حيث تسiiتعمر مiiدخل الطريiiق. وفي ترينيداد يشربون ما بداخل جوز الهند من سائل، ولذا يحصدونه قبiiل النضiiوج التiiام، حيث يحتوّي في هذه المرحلة من النضوج؛ أكبر كمية ممكنة من ماء جوز الهنiiد. ثم بعد ذلك يبiiدأون في أكiiل اللحم، الiiذّي يكiiون في هiiذه المرحلiiة جيالتيiiني القiiوام،

)، ولiiه مiiذاقOystersورقيق طرّي، إلى درجiiة كبiiيرة. ويشiiبه تقريبiiا؛ "المحiiار" ( خاص طيب؛ ال يتشابه مع أّي شئ آخر في العالم. وفي الشارع أيضiiا، في كشiiك أو

Homeاثنين؛ يبiiاع "ايس كiiريم مiiنزلي" ( madeذاقiiة، ومiiودة عاليiiو ذو جiiوه ،( طيب. وعلى امتداد الطريق، وفي كل مكان استراتيجي؛ يجد المرء بائعي "الضiiبلز"

)doubles"و"الضبلز – ينطقونها هكذا بصيغة الجمع- هي المثيل السم "سبيسيال .( )Spessial) "جقiiiبع من "السiiiارة عن اصiiiو عبiiiنرويجي. وهiiiال (Susage؛ في(

) و "الكتشiiوب"، وشiiرائح منmustardسiiاندويتش، ويضiiاف إليiiه "الماسiiترد" ( البصل الطازج، وسالطة. كل ذلiiك ملفiiوف في لفافiiة؛ من خiiبز مصiiنوع من دقيiiق يسiiمى "دقيiiق البiiازالء" ]"دقيiiق البiiازالء" هiiو طحين القمح العiiادّي، مضiiاف إليiiه مطحون البازالء الصفراء، ومعالج بالبخار، ويضاف إليه الكثير من التوابل، ويباع بمiiا يعادل نصف دوالر أمريكي في فترة آواخر التسiiيعنيات – المiiترجم[. والترينيiiداديون مثلهم مثل األمريكيون الشماليون؛ يهتمون بالنظافة الصحية إلى درجة الهوس. وكل

األطعمة التي تباع في الطريق مغطاة، إما بالبالستيك أو القماش.

"كورية جنكشن" يعتبر مفترق طرق بحق. إنه مكان يعبره أالف الترينيداديون يوميا، معظمهم يشترّي شيئا ما؛ ثم ينتقل من مكان إلى آخiiر بسiiرعة. هنiiاك من يشiiترّي طابع بريد، أو"ضلبز"، أو جريدة، أو زجاجة كوكاكوال، أو تذكرة أتiiوبيس.. إلى آخiiره، ورغمiiا عن إن الترينيiiداديين مشiiغلون إلى درجiiة مرضiiية، بiiالفروق بين األفiiريقين والهنود؛ إال أنه ال يجد المرء مظهرا، أو اسلوب تعامل في "كوربiiة جنكشiiن"، يتحلى بصفة عنصرية. الجميع هناك يتبعون الحكمة: "كل شئ لكiiل أحiiد". وهنiiاك ال يوجiiد

)، أو معابد هندية من أّي نوع. والمطاعم هناك ال تحوّيSoul Clubs"نواد روحية" ( . ولو أراد امرّيء اكتشاف*قائمة وجباتها، التي تقدمها، على وجبات من "لحم البقر"

بعض االعتبارات اإلثنية فعليه أن يبحث بعيiiدا عن هiiذا المفiiترق "كورنiiة جيكشiiن". والحiiق يقiiال؛ إن أمiiاكن كثiiيرة من"ترينيiiداد"، تتماثiiل مiiع هiiذا المفiiترق من هiiذه الناحية. ولiiو إن هنiiاك مجتمiiع يسiiتحق لقب "بوتقiiة االنصiiهار "؛ فسiiيكون بالتأكيiiد

)،Chaguanas"ترينيiiداد". فقiiط، علينiiا أن نسiiمع اسiiماء األمiiاكن: "شiiاجيوناز" ( )، "بورت أوف سبان"Carenage)، "كارندج" (San Fernando"سان فيرناندو" (

)Port of spain) "دiiسانجرا جران" ،(Sangre Grande) "تينiiانت اوجسiiس" ،(Saint Augustine) "ادiiفيس أب" ،(Fysabad) "ايروiiم" .(Mayaroسiiبرنس" ،(

)، "توكو"Tunapuna)، "تونابونا" (Matelot)، "ماتالوت" (Princes Townتاون" ()Toco) "وسiiهوف" ،(Huevos،ةiiبانية، وإنجليزيiiول أسiiماء، من أصiiذه األسiiه .( أكل لحم البقر تحرمة العقيدة الهندوسية – المترجم **

104

وفرنسية، وهندية، وكاريبية. بينمiiا السياسiiية السiiائدة، والمسiiيطرة في الجزيiiرة - وهي من أصل أفريقي - لم تسمى اسم مكiiان واحiiد يiiدل عليهiiا. ففي ترينيiiداد، ال يجب أن تقع مثل هذة الخطيئة. على العكس تماما؛ فiiإن غيiiاب األسiiماء األفريقيiiة،

يؤكد لهم، انتهاء سمات عصر العبودية، من لغة وتاريخ.

كل شئ في ترينيداد جديد، وحiiديث، ومرهiiف كيس. والشiiيء الوحيiiد، الiiذّي يiiذ�كر بعصر ما قبل "كولومبس" الكاريبي، هو أسماء بعض األماكن مثل: "شاجو أراماس"

)Chaguaramas) "اiiiiو"أروك ،(Arouca) "اكاراiiiiو"شاكاش ،(Chacachacare.( )) يد�عون انتسابهم إلى الهنودArimaوهناك مجموعة بشرية قليلة العدد في "أريما"

الحمر. وفي كل عام، يحتفلiiون بتتiiويج ملكiiة جمiال الكiiاريبي. لكن ليس هنiiاك منيأخذ أقوالهم، على محمل الجد.

�ف. يتكونiiون من فiiريقين، من األفريقiiيين، يصل عدد سكان ترينيداد إلى مليون وني والهنود، بنسبة متقاربة، وإلى جانب ذلك بعض® كثير من "الملونين"، أو ذوّي األصiiول

Mulattoالمهجنة ( or mulattاتجiiوهم ناتج زواج األبيض واألسود. وبعض آخر ن .( ) عالوة على بعضdouglasزواج "إفiiiريقي- هنiiiدّي"، ويسiiiمونهم الi"دوجالس"(

الصينيين واألوربيين، وبضعة آالف لبنانيون، وسوريون. أما لقب "كريولي" فيستخدم محليا لكلمة "ترينيدادّي"، بإستثناء الهنiiود الخلص. وكiiل مجموعiiة من المجموعiiات األثنية، يمكن تقسيمها إلى تفرعات تحتية، لو أرادنiiا ذلiiك. و"األفiiرو– كiiاريبيون"، أو األفريقيون، جزء منهم كاثوليكي المعتقد واآلخر بروتسiiتانتي، وفي الفiiترة األخiiيرة، تحiiiول بعضiiiهم إلى اإلسiiiالم. ومن بين الهنiiiود، نجiiiد الهنiiiدوس، والمسiiiلمون، والمسحيون. أمiا في المنطقiة الرماديiة، من حيث التوصiيف االثiني، ففيهiا األبيض المائل للسمرة، من السوريين واللبنانيين، وبعض من المهجنين، شاهقي البيiiاض، أو

)، وآخرون ذو لون غامق. ولو تساءلنا: هiiل الi"حمiiر"، أو ال"ردس"،Reds"حمر" ( بيض أم سود، أم ال هذا، وال ذاك؟ فلن نجد جiiواب واضiiح عن السiiؤال. كiiذلك فiiإن

)، ليست واضiiحة وغالبiiا مiiا يجiiدdouglasالعالقة؛ بين "الردس"، و الi"دوجالس" ( المرء، ثالثة أجناس، أو أكثر، في شجرة عائلة الترينيداديين. إلى جiiانب ذلiiك، هنiiاك فئة اثنية غامضة، الغامق منهم غالبا ما سيكون أصiiوله اسiiبانية. صiiحيح أنiiه، كiiانت هجرة من فنزويال إلى ترينيداد؛ إال أنها كانت محدودة، ولم تسiتطع تكiiوين مجموعiة اثنية كاملة. والiiذين يiiد�ع�ون منهم، أنهم من أصiiول اسiiبانية؛ ال يتحiiدثون األسiiبانية، وليس فيهم مالمح أسiiبانية. وحiiتى أسiiلوب حيiiاتهم، وعiiاداتهم، ليسiiت أسiiبانية، أو أمريكية التينية. وعلى ما يبدو، إنهم من أصول هندية، أو من أصول مختلطة. ويعتقiiد أن كلمة "اسباني" ،مصطلح يطلق على الهندّي، الذّي مر بعمليiة "كرولiة" تامiة، أو جزئيiiة، في الجنiiوب. البعض منهم ربمiiا عiiاش فiiترة في "فiiنزويال". والبعض اآلخiiر

أطلق شاربه، ويبدو من على مسافة، وكأنه جنوب أمريكي.

تعتبر ترينيداد "بوتقة صهر"، و"مكiiان لقiiاء"، األعiiراق القادمiiة من أمiiاكن مختلفiiة.¦، مصدرة للقوى العاملة، لفترة عiiدة عقiiود. مثلهiiا وفي المقابل، كانت الجزيرة أيضا

Newفي ذلiiك، مثiiل كiiل المنطقiiة الكاريبيiiة، ويمكن اعتبiiار "نيويiiورك" ( York( االمريكية الشمالية، هي المدينة الكاريبية االكبر في العiiالم، وتليهiiا ربمiiا "تورنتiiو" (

Torontoة، عنiiiامي االمريكيiiiدن، وميiiiة، وال يجب أن تغيب لنiiiمة الكنديiiiالعاص (

105

القائمة. ويمثل حلم الهجرة، لكثير من الهنود الغربيبين، أكiiثر من أمiiل لiiدافع مiiادّي أقل. إنها تعني لهم أيضا؛ خروج من العزلة، وانضمام إلى العiiالم الحقيقي الiiواقعي،

المتواجد خارج المنطقة الكاريبية.

)، وصiفا آمiالهمNaipaulالكاتبان، األكثر شهرة في "ترينيداد"، األخiوان "نiايبول" ( ) فيV.S.Naipaulفي الهجرة من ترينيداد في كتابiiاتهم. كتب "ف.إس. نiiايبول" (

الستينيات من القرن الماضي، أنه قد نسي إغالق المدفأة ذات ليلiiة، في شiiقته في لندن، واستيقظ في منتصف الليل، وهو سابح في عرقه من هذا الكابوس، الذّي فيه رأى، أنه قد رجع مرة أخرى إلى ترينيداد االستوائية الحارة. أما أخيه الصiiغير "شiiيفا

Shivaنiiايبول" ( Naipaul) "دياiiه "فيiiل من أخيiiه أفضiiف بأنiiذّي وصiiال ،(Vidia( ككاتب، ومات وهو صغير جدا بالذبحة الصدرية، كتب عن احدى زياراته في الطفولة

):Oxfordإلى "بورت أوف سبان"، بعد عدة سنوات من انتقاله إلى "أوكسiiفورد" ( "إنiiه كiiابوس يالزمiiني ، بمجiiرد مجiiيئ هنiiا، يتولiiد عنiiدّي الشiiعور بiiأني وقعت في

المصيدة، وأني لن استطيع الفكاك منها مرة أخرى، وإلى األبد".

ترينيداد ليس بها ثقافة وتقاليد؛ يمكن أن توصف بأنها "نقيiiة" أو "أصiiيلة". الجزيiiرة كانت حديثة منذ البداية، وال توجد هناك خطiiط للتغيiiير. الترينiiداديون، وبغض النظiiر عما إذا كiانوا، "كريiول" أو غiير ذلiك؛ فiإنهم يسiتطيعون الحيiاة في أّي مكiان في

Kentuckyالعالم، ما دام بiه محiل "كiانتكي فريiد تشiيكن" ( Fried Chicken،( و"بار" بجانبiiه. والتخiiوف من األوربiiيين، والصiiورة السiيئة لهم، الiتي يجiiدها المiرء

)، ال وجود لها تقريبiiا في ترينيiiداد. وسiiيجد المiiرءJamaicaمنتشرة في "جاميكا" ( )،Barbadosبديال عنها، النمط المؤدب والقبول، مثلمiا هiو أيضiا في "بربiادوس" (

الجزيiiرة الiiتي ال تبعiiد كثiiيرا عن ترينيiiداد. والترينيiiداديون فخiiورون بiiأنهم أكiiثر المجتمعات حداثة ومدنية في العالم، وال يعتقدون أن هناك مجتمع آخر يمكن اتخiiاده كمثiiال يحتiiذّي بiiه. أمiiا نظiiرتهم الدونيiiة، فهي موجهiiة إلى الفالحين البسiiطاء في القرى، التي لم تتعلم نمط الحياة في المدن الكبيرة، حيث الدهاء، والفطنiiة، وخفiiة الدم، والمادية. يطلقون نكاتهم الساخرة على أهالي الجزر الصغيرة، الiiذين لم يiiرو

Cocainفي حيiiاتهم طiiابور انتظiiار اتiiوبيس، أو "بلiiورة كوكiiايين" ( Crystal.( ومعضلة الترينيداديون تظهر؛ عند سؤالهم عن تسمية هوية لهم، مختلفة عن هiiؤالء القرويiiون. الكثiiير من الترينيiiداديين المشiiهورين، هم أبنiiاء لرجiiال جiiاءوا من هiiذه

Theالجiiزر الصiiغيرة. مغiiني الكاليبسiiو الشiiهير "ذا ميiiتي سiiبارو" ( Mighty Sparrow) "اداiiرع في "جرينiiأو "البلبل العظيم"؛ ولد وترع ،(Grenadaذلكiiوك .(

Uriahرئيس نقابات العمiال المشiهور "أوريiا بiوز بتلiر" ( Buzz Butlerوليس .( )، الحائز على جائزة نوبل، وهو منDerek Walcottبأقل منهم، "دريك والكوت" (

.ST"سانت لوسيا" ( Luciaواiiولكن الترينيداديون يعتبرون إن هؤالء منهم، وليس .( من تلك الجزر الصغيرة.

ولعiiل أحiiد أهم األسiiباب؛ لشiiرح تلiiك الثقiiة بiiالنفس، والحيويiiة الiiتي يتمتiiع بهiiا الترينيداديون، هي إن الجزيiiرة لم تكن "مجتمiiع عبيiiد". تجiiارة العبيiiد لم تحiiدث إال لفترة عقدين من الزمان، بعدما اسiتعمر البريطiانيون الجزيiرة، الiتي كiانت خاويiة

106

تقريبiا من السiكان، وبعiد ذلiك تiوقفت هiذه التجiارة ولم تسiتمر. وبiدال من ذلiك أصiiبحت ترينيiiداد، ومكثت، مجتمعiiا من المغiiامرين الحiiالمين، بواقiiع مiiادّي جيiiد، قادمون من كل حدب وصوب، خاصة من منطقة الكiiاريبي، ولكن قiiدموا أيضiiا، من

كل أركان العالم. إنها ترينيداد الحديثة المتمدينة.

III

األوربي الذّي تعود أن يعيش في مجتمع لiiه تiiاريخ، ولiiه فعاليiiة دائمiiة، باتبiiاع عادات وتقاليد يصاب بالدهشة، ويقع في ورطة، عند محاولته مقاربة ثقافتiiه بثقافiiة مجتمع، كل شئ فيه قابل للتفاوض، وديناميكي. فيمكن للهنود أن يصبحوا "كريiiول"

لو أرادو، فال أحد يفرض عليهم ممارسة عاداته وتقاليده، على األقل نظريا.

Claudeعندما جاء األنiiثروبولوجي الفرنسiiي المعiiروف "كلiiود ليفي – سiiتروس" (Levi - Strausاiiان حينهiiة - كiiإلى البرازيل، في الثالثينيات، كمدرس في الجامع (

صiiغير السiiن- وصiiف المجتمiiع بأنiiه "مجتمiiع انتقiiل مباشiiرة من "البربريiiة" إلى)؛ دون أن يسiiiiiiiلك طريiiiiiiiق الحضiiiiiiiارة (decadence"االنحالل االخالقي" (

Civilization) "ودريلالردiiه "جين بiiذّي قالiiا، الiiابه تمامiiذا الكالم يشiiوه .(Jean Baudrillardاiiاء حكمiiا نتجنب اعطiiة. ولكن دعنiiدة األمريكيiiات المتحiiعن الوالي (

مماثال، جامدا يقاس بالمعيار األوربي، عن ترينيداد. وذلك ألنه توجد قوى خالقiiة، في كل عناصر هذه المجتمعات الحديثة. مما يجعiiل مجتمiiع من هiiذا النiiوع، ليس بأقiiل

حيوية وابداع من مجتمع آخر عريق الحضارة، مندمج بها.

V.Sكتب "في. إس. نiiايبول" ( Naipaulه، فيiiدى رحالتiiذكرات إحiiفي م ( Theالكiiاريبي - الiiتي اسiiماها "الممiiر المتوسiiط" ( Middle Passageعن - (

ترينيداد ما يلي: "هذا البلد لم يخترع أبiiدا أّي شiiيء – ولكن كiiانت لهiiا القiiدرة علىرض فيلم �iiدما عiiه؛ عنiiايبول" أنiiر "نiiال، ذكiiط". وكمثiiرى فقiiمحاكاة المدنيات األخ

) في ترينيiiداد، ذهب رجiiال المدينiiة لمشiiاهدة الفيلم،Casablanca"كازابالنكiiا" (وعنiiدما انتهى العiiرض، خiiرج كiiل الرجiiال يقلiiدون البطiiل "همفiiرّي بوجiiارت" (

Humphrey Begartذلك؟iiرود، أليس كiiرد قiiيته، مجiiه ومشiiلوب تعاملiiفي اس ( تساءل "نايبول" بتهكم واحتقار.

�سمح للمرء أن يصل؟ إلي أّي درجة، من قصر النظر، ي

صحيح أن الترينيداديين يقتبسiiون األفكiiار الجديiiدة، والعiiادات، والتقاليiiد المختلفiiة؛ بمنتهى السiiرعة. ولكن، من الصiiحيح أيضiiا، أنهم يعيiiدون تشiiكيلها بسiiرعة الiiبرق، فتصبح وكأنها صنعت بأيديهم. في نهاية القرن التاسع عشر، كان معظم الترينيدايون يتحدثون لغة كريولية لها أصول فرنسية. وذلك يرجع إلى تعدد المستعمرين على مر تاريخ الجزيرة. وحول بداية القiiرن، أصiiبح واضiiحا لهم، شiiيئا فشiiيئا، إن جزيiiرتهم، أصiiبحت جiiزء من امبراطوريiiة عظمى. وإن تiiاج العiiرس جiiوهرة، تتالأل في سiiماء

) نiiالتVictoriaالعالم السياسية. وكمiiا ذكiiر فiiإن الملكiiة البريطانيiiة "فيكتوريiiا" ( "شiiرف" – إن جiiاز التعبiiير – جلب العبيiiد، واجتiiاحت الجزيiiرة، موجiiة من "حب

) مباشiرة بعiد مiوت الملكiة. ولiذلك غiير الترينيiداديونAnglophileاإلنجليزيiة" (

107

لغتهم إلى اإلنجليزية، وفي غضون بضع سنوات، في نهاية الحiiرب العالميiiة الثانيiiة، كiiان من الصiiعب على المiiرء أن يجiiد أحiiدا منهم يتكلم الكريوليiiة. وخالل القiiرن

Trinidadianالعشرون تطورت اللغة "االنجليزية الترينيداديiiة"( Englishبحii؛ ليص( لها شكل محلي خاص، وبه بالطبع تعبيرات وأمثال شiiعبية، ولهiiا طريقiiة خاصiiة فياألداء والقواعiiد. البعض يعتقiiد أنهiiا مختلفiiة كثiiير عن "األنجليزيiiة الفصiiحى" (

Standard Englishكiiة". عالوة على ذلiiة كريوليiiلدرجة وجوب وصفها بأنها "لغ ( فإن االنجليزية الترينيدادية قد حiiافظت على بقايiiا من الفرنسiiية في تiiرتيب الكالم،

Itمثل: " have rain" حىiiة الفصiiا هي باالنجليزيiiبينم ،(ةiiرت بالعربيiiلقد أمط) "there is rain“ أو ،"It is rainingةiiبر ترجمiiتي تعتii(إنها تمطر بالعربية)، وال ”

Ilلفظية من الفرنسية " y a de pluieةiiة، إن اللغiiوال أحد يستطيع القول بثق ." الترينيدادية ليست انجليزية، وأن يتعامل معها وكأنها لغة مبتدعة وال يجب احترامهiiا،

رغما أن هناك بعض التعبيرات، التي تثير مثل هذا االعتقاد.

مثل آخر على أساليب إعادة "التشكيل الثقافي"، هو تطiiور موسiiيقى "الكاليبسiiو". بiiدأت عمليiiة تشiiكيل وبنiiاء هiiذا النiiوع من الموسiiيقى، بعمليiiة خلiiط وذوبiiان

) الفرنسiiي، والموسiiيقى الغiiرب افريقيiiة. وفي طريiiقChansonلi"الشانسون" ( البنiiاء، تم تطعيمiiة بنبضiiات، جiiاءت من هنiiا، وهنiiاك. وفي الثالثينيiiات من القiiرن

�دخلت أقسام "األبواق النحاسية"، و "الجاز الراقص"( ). وفيSwing Jazzالماضي، أ ) قويiiا. وفي التسiiعينيات انتشiiر نiiوعReggaeالسiiبعينيات كiiان تiiأثير "الريجiiا" (

)، وهو عبارة عن موسيقى راقصiiة، من النiiوعSoca"الكاليبسو" المسمى "سوكا" ().Discolhequieالذّي تلعبه الفرق في المرقص (

من المستحيل إمكانية عزل أوفصل؛ أّي عنصر من عناصر "الكاليبسو"، ليقiiال عنiiه إنه ابن األرض الترينيدادية. ولكن، وفي نفس الوقت، من المستحيل القiiول إن هiiذا العنصر أو ذاك؛ قد جاء من مكان مختلف. وربما يكiiون "الكاليبسiiو"، أفضiiل من أّي مثال آخر يصلح في التعبير عن االنسان في ترينيداد، فالكاليبسiiو موسiiيقى شiiديدة االيقاع، وقوية، ومثيرة للجدل، تعتمد على التو واللحظة. والكاليبسو القiiديم ال يريiiد أحد، سماعه اآلن، فالجديد هو المطلوب دائمiiا.وفي ترينيiiداد يiiؤثر مغنiiو الكاليبسiiو الجيدون على القيم السياسية،ويعبرون عن الرأّي العiiام في فiiترة مiiا. دعiiني اذكiiر

مثاال واضحا على ذلك.

أثناء الحرب العالمية الثانية؛ القى التواجد االمريكي في ترينيداد شعور مختلiiط. من ناحية، فقد جلب االمريكيiiون فiiرص عمiiل للترينيiiداديين. ولكنهم من ناحيiiة أخiiرى،

Lordخطفiiوا نسiiائهم. في األربعينيiiات، كتب مغiiنى الكاليبسiiو "لiiورد إنفiiادر" (Invaderدىiiرت على مiiة، انتشiiة – أغنيiiا فنيiiذون ألقابiiو يتخiiكل مغنو الكاليبس -(

)، وهي تعبر عن الحسرةRum and coca-colaطويل، سماها "روم وكوكاكوال" ( واليiiأس، لرجiiال ترينيiiداد، الiiذين شiiعروا أن نسiiائهم بiiاعوا أجسiiادهن للجنiiود

األمريكيين. يقول مقطع من االغنية:

They buy rum and Coca-cola

108

يشترون الروم والكوكاكوال

Go down Point Cumana

يتمركزون في شارع "كومانا"

Both mother and daughter

األم والبنت كالهما

Working for the Yankee doller

يعملون من أجل دوالر اليانكي

رقت، من مغiiني أمiiريكي وفرقتiiه باسiiلوب وقح. حيث أعiiاد �iiاغنية "إنفادر" هذه س غنائها في موسيقى هادئة تناسب العائالت، وحققت األغنية نجاحا باهرا في الواليiiات المتحدة االمريكية. ولجأ "إنفادر" إلى القضاء مطالبا بحقوق الملكية والتأليف، وبعiiد سiiنوات طويلiiة من المثiiابرة، في أروقiiة أجهiiزة العدالiiة، تمكن من الحصiiول على

تعويض مالي.

) مثل هذهThe Mighty Sparrows واجهت "ذا ميتي سباروز" (1965وفي عام Jeanالمشكلة، في أغنية الكاليبسو الناجحة "جين أند دينiiا" ( and Dinahولكن ،(

في هذه االثناء، كiان االمريكiان قiد رحلiوا من الجزيiرة، وأراد المغiني الترينيiدادّي"سويت مان" أن يثأر منهم، يقول في أغنيته لحبيبته السابقة:

تستطيعن الرجوع إلى� لكن هذه المرة بشروطي

لقد ذهب اليانكي وعاد "سبارو"

وأصبحت هiذه األغنيiة "جين آنiد دينiا"، رمiزا السiتقالل ترينيiداد، من كiل التسiلط والهيمنة األجنبية. فلقد عادت كرامة الرجال في ترينيداد إليهم. وجاءت ثiiاني واقعiiة

Ericمهمة، في نفس السنة. فقد سعى "أريك وليام" ( Williamةiiلتكوين "الحرك ( (PNMالشعبية القومية" ( (People National Movementدفهاiiان هiiتي كiiال ،(

االساس، قيادة المسiiتعمرة إلى االسiiتقالل التiiام، والحقيقي. فهiiل هiiذا شiiعب من"القرود" وأشباه الرجال؟ مثل هذا الوصف ال يمكن، وال يجوز قوله.

احدى العالمات المميزة، التي تبين قدرة الترينيداديون على االبداع، والبناء الثقiiافي، البد وأن تكون الفرق المعدنية الموسيقية. وهي التي يعتبرونها – عن غير حق- أكiiبر اختراع في تاريخ الموسيقى، في القiرن العشiرين، حيث يiزعم بعض الترينيiداديون

ذلك.

المنحدرون من العبيد، الiiذين أحضiiروا للعمiiل، في "بiiورت أوف سiiبان"، أو "مينiiاءSteelاسبانيا"، كانوا هم من أول من اكتشفوا موسiiيقى الفiiرق المعدنيiiة ( band

music.ةiترول الفارغiل البiوالباحثون مختلفون في شخصية أول من "قرع برامي .(

109

لكن، كلهم متفقiiiون على االقiiiل إن هiiiذه الحادثiiiة، وقعت في "تالل الفن تيال" (Laventille Hillsراء، حيثiiه حي الفقiiوم بأنiiوهو قطاع من المدينة، يوصف الي .(

تنتشر الجريمة، ويتزايد عدد االمهiiات غiiير المتزوجiiات. وحيث ينتشiiر بيiiع "بلiiوراتCocaineالكوكiiiايين" ( Crystalls) "ارلمiiiبر "الفين تيال"، "هiiiويعت .(Harlem(

ترينيداد. وهارلم هو حي الفقراء في "منهاتن" بمدينiiة نيويiiورك االمريكيiiة، كمiiا هiiو معروف. ولو كان كiiذلك، فليس من الغiiريب أن ينتشiiر فيiiه الفقiiر والجريمiiة، وأن تسود فيه ثقافة الخروج على القانون، بدال من ثقافة الطبقة المتوسطة التي تحiiترم

.Stالقانون، التي نجiiدها ونالحظهiiا في منطقiiة "سiiانت كلiiير" ( Clairانتiiو"س .( كلير" هو الذّي يرجع إليه اختراع الطبول المعدنية الموسيقية، دون أدنى شك.

بدأ استعمال براميل البترول المعدنية – المنشور جزء منها- كأآلت موسيقية؛ عندمابدأت ثقافة الكرنفال الترينيدادّي في االنتشار. وكانت موسيقى "التiiامبو – بiiامبو" (

tamboo bambooاتiiدما منعت الجهiiيقية. وعنiiره الموسiiد أهم عناصiiتمثل أح ( ميالدية، أصبحت ما1884الحكومية المسئولة، استعمال الطبول األفريقية في عام

سمي بفرقة "تامبو – بامبو" أحد العناصر المكونة في الكرنفال. ومثلت آالت اإليقاع هذه بديال شعبيا لفرق الكاليبسو المطورة. وكانت آالت "التامبو– بiiامبو"، عبiiارة عن اسطوانات من البوص االستوائي مختلفiiة األطiiوال، وكiiان المiiؤدّي يضiiرب األرض؛بإيقاعiiات معينiiة. واكتسiiب مiiؤدو هiiذا النiiوع من الموسiiيقى صiiفة "جiiامت" (

Jamettes.ةiiرقي في المدينiiرم"، من الحي الشiiف مجiiل نصiiني "عامiiوالتي تع ،( وفي الحقيقة؛ فإن السiiلطات البريطانيiiة المسiiتعمرة، حiiرمت موسiiيقى "التiiامبو- بامبو" في العديد من المناسiiبات، وذلiiك لكونهiiا غiiير محترمiiة، وبسiiبب اسiiتعمالها أدواتها كسالح، في معارك نشبت في نهاية الكرنفال، عنiiدما يفقiiد النiiاس تiiوازنهم، بسبب الخمر. وحول الحرب العالميiiة األولى تقريبiiا؛ ط�عÉمت فiiرق "التiiامبو- بiiامبو"

الهولنiiدّي الفارغiiة. وأثنiiاء* بiiأآلت إيقiiاع أخiiرى من "المالعiiق"، وزجاجiiات "الجين" الحرب أثiiريت آالت اإليقiiاع والiiدق، بصiiورة متالحقiiة سiiنويا تقريبiiا؛ بiiأجهزة إيقiiاع جديدة. إنهiiا صiiناديق البسiiكويت المعدنيiiة، الiiتي انتشiiرت بين الفiiرق الموسiiيقية،

)، وذلكBiscuit Drum Bandsلدرجة أنها كانت تسمى "فرق طبول البسكويت" ( في الثالثينيات من القرن الماضiiي. هiiذه الفiiرق أصiiبحت تعiiرف فيمiiا بعiiد، "فiiرق

Trinidadاإليقاع المعدنية". كتبت صحيفة الطبقة المتوسطة "جارديiiان ترينيiiداد" (Guardianةiiفي تقريرها، عن أخبار الكرنفال تصف الموسيقى بأنها صاحبة: "درج (

ضوضاء غير معقولة شديدة االزعاج، تلك التي تنطلق من الرقائق المعدنية".

كل هذه االكتشافات الموسيقية - التي كانت سiلطات المسiتعمرة شiديدة الحiرص على تشجيعها، حiiتى تسiiتمر في تحiiريم موسiiيقى اإليقiiاع المسiiتعملة في افريقيiiا السوداء- لم تكن تكفي، إلقناع سكان الحي الشرقي، لدرجiiة مشiiاركته الموسiiيقية في الكرنفال. وبدأ فنانو موسيقى "الكاليبسو"، في تخصيص جزء خiاص آلالت النفخ في فرقهم، وجزء آخر للقرع على الطبول البرميلية، وبذا استطاعوا تقديم موسيقى متناسقة ومتناعمة، ال تستطيع فرق البسكويت تقديمها. وأثناء الحرب؛ ط�و�ر اسلوب

جين"، هو اسم لمشروب كحولي، به نسبة عالية من الكحول مثل الويسكي، ويشرب غالبا **مضافا اليه تونيك - المترجم

110

القرع على الطبiiول، وبiiدأ اسiiتعمال مiiا سiiمي "الشiiاكوش"، أو "المقرعiiة"، وهي عبارة عن عصا بآخرهiiا رأس تقiiرع بهiiا الطبلiiة بiiدال من األصiiابع. وهنiiاك من علiiق عصيان خشبية في صندوق البسكويت الفارغ، وغنى أغنيiiة لألطفiiال، سiiميت "عنiiد

Maryمارّي حمل صغير " ( Had a Little Lambاiiرع بعصiiوكان الصندوق يق ،( معدنية. هiiذا االكتشiiاف البسiiيط، انتشiiر بسiiرعة الiiبرق، وأصiiبحت األغنيiiة قطعiiة

)، أو أكiiثر. بعiiد ذلiiك، نسiiقت العلب، والجiiرادلOctaveموسiiيقية في "ثمانيiiة" ( المعدنية، ذات الحجومة المختلفة، في توافق وتآلف، من أفراد لهم ملكiiة موسiiيقية مرهفة. ومن البداية، اتقنت الفرق الموسيقية، مساحة كبيرة من األصiiوات. وأصiiبح العمق الموسيقى متآلف، ومنسجم، واستطاع جذب المستمعين إليiiه؛ عنiiدما بiiدأت أول "فرقة معدنية"، عزفها، أثناء االحتفال بالسالم، بعد نهاية الحرب العالمية الثانية

. وحتى اآلن؛ نسمع هذه الموسيقى، وكأنها قرع على المعدن. ومiiازالت1945عام الفiiرق الموسiiيقية، تطورهiiا من الناحيiiة الموسiiيقية. عنiiدما زار كiiاتب الiiرحالت

Patrickاالنجلiiيزّي "باتريiiك لي فiiيرمور" ( Leigh Fermorةiiداد، في نهايiiتريني ( االربعينيات، ذكر هذه الفiiرق الموسiiيقية، وكتب في ذكريiiات زيارتiiه لi"هضiiبة الفن

Laventilleتيال" ( Hillsعiiا قطiiة، وكأنهiiدو ألول وهلiiاآلالت الموسيقية هناك، تب" ،( غيار سيارة ص�دÉئة، وعند التمعن فيها فإن بعضiiها بالفعiiل، هiiو ذلiiك". لقiiد اسiiتعمل

) اكثر اآلالت تعقيدا وهي "التوك –Fish-Eyes Olivierالمغنى "فيش أيز أوليفر" ( )، الiiتي تغطي مسiiاحة أربعiiة عشiiر، نوتiiة موسiiيقية....،Tock-Tockenتiiوكن" (

والصوت الذّي انبعث تجاه طبلة اآلذن يسبب الصمم. ربما لو بعدنا عنه كيلiiو مiiترين يمكننا سماعه دون ازعاج، ولكن الموسيقى كانت، دون شiiك، هي قطعiiة موسiiيقية

Johannمن الموسيقى األلمiiاني "بiiاخ" ( Sebastian Bachانتiiروف، وكiiالمع ( دون أّي تغيير ولو صغير. ومنذ ان عزفت القطعة الموسيقية لi "باخ"، حفظها صبيان

الشوارع في الحي الشرقي وكانوا يعزفونها، فيما يحفظون من موسيقى.

ومنذ ذلك الحين، انتشiiرت فiiرق الموسiiيقى المعدنيiiة. وتكiiاد اليiiوم أن تكiiون، هي الرمز الوحيد، الذّي يوحد الدولة الجزيرة، ويتفق عليه الجميع. والكثiiير من متعهiiدّي الحفالت، من ذوّي األصiiول الهنديiiة يحبونهiiا، وامتiiد حبهiiا إلى أوسiiاط الطبقiiة المتوسطة. ويمثل تقبل هذه الموسيقى، في أنحاء العiiالم المختلفiiة، سiiعادة كبiiيرة

Antonyللترينيداديين. "انتوني بروسبكت" ( Prospect،نiiدم في السiiرجل متق ،( ع ويصiiنف، Éiiج�م� وعلى المعاش، يقضiiي وقتiiا كبiiيرا، في عمiiل غiiير مiiدفوع األجiiر، ي قصاصات من الجرائد القديمة، والمقاالت المكتوبة، عن موسيقى الكاليبسو. ويروّي عن تجاربه الموسيقية، عندما عمل مiiع فرقiiة "كازابالنكiiا" في انجلiiترا، يقiiول: "لم

قطعة موسiiيقية،1812يكن الجمهور مصدقا لنا، عندما كنا نقول أننا، يمكنننا عزف على برميل بترول فارغ. ولقد عزفناها بالفعل ثمانية مرات، والقينا ترحيب كبiiير من

الجمهور، وتصفيق حاد، وفي النهاية حملوني على االكتاف تعبيرا عن اعجابهم".

الكثير من قائدّي الفرق الموسيقية األخرى يروون مثل هذه الرويات، ويقولiiون أنهم جميعا قوبلوا بترحيب بالغ، في أّي مكiiان عزفiiوا موسiiيقاهم فيiiه. وربمiiا يكiiون في

111

ذلك بعض الحقيقة، بالرغم من إن الترينيداديين مشهورين بحب التفiiاخر، والتبiiاهي.�قiرع في نفس الiوقت، يعطي إن التأليف والتنسيق بين خمسين إلى ستين برميل، ي صوتا مدهشا. ويعزف الموسيقيون مقطوعات موسيقية، تحتاج إلى جهiد كبiير، دون

استعمال صفحة واحدة من النوتة الموسيقية.

التاريخ عن موسيقى الفرق المعدنية، يعطي فكرة عن المجتمع الترينيiiدادّي، ويiiبين بعضا من هويته. على مدى بضعة عقود، أصبحت الموسيقى "تقليد قومي اجتماعي"

)national traditionتىiزف حiازال يعi؛ وال يوجد قالب موسيقي محلي قديم، م( اليوم. من الطبيعي أن الترينيiداديين يعلمiون عن الكاليبسiو الكالسiيكي منiذ بدايiة القرن، إال أن هذه األغاني تعتبر غير مناسبة للiiوقت الحiiالي. الكاليبسiiو الحiiالي لiiه كلماته، والموسيقى التي تتناسب مع العصر. والقاعiiدة األساسiiية في ترينيiiداد هي: "كل شئ، يمر عليه عشر سنوات، يقابل بحذر". ولكن، ربما يكون االستثناء الوحيد- هو موسيقى الفرق المعدنية. وهي أيضiiا ينالهiiا التجديiiد الiiدائم. وهنiiاك اتفiiاق غiiير مكتوب: إن أّي فرقة معدنيiiة، ال يجب أن تشiiمل آالت أخiiرى غiiير البراميiiل، وآالت اإليقاع. هذا االتفاق بالiiذات؛ يحافiiظ الترينيiiداديون عليiiه، على غiiير العiiادة من حب

التجديد.

المثير لالنتباه هو، إن الموسيقى المعدنية، وهي التي تعتبر اختراع ترينيدادّي أصiiيل- أو على األقiiل هكiiذا ينظiiرون إليهiiا؛ كiiانت نتيجiiة واضiiحة للداللiiة، على تواصiiل الترينيدايون مع األجانب. ويمكن وصف الكاليبسو في بدايته، أنiiه نiiاتج صiiهر "تقليiiد

) الفرنسي، والموسيقى األفريقية. وعلى نفسChanson Traditionالشانسون" ( المنiiوال، فإنiiه يمكن اعتبiiار الموسiiيقى المعدنيiiة، أنهiiا نiiاتج كiiل من: اإلبiiداع الترينيدادّي، والموسيقى الكالسكية األوربية، والكاليبسiو، والحiرب العالميiة الثانيiة. ودور الحرب في هذا المجال أنه، عندما عبأ االمريكيون متاعهم، ورحلiiوا أخiiيرا، من

) تركiiواChaguaramasالقاعدة األمريكيiiة المتنiiازع عليهiiا، في "شiiاجواراماس" ( عددا كبيرا من براميل الزيت الفارغiiة. وبiiدون هiiذا الحiiدث المفiiاجئ، فiiإن تطiiوير

اآلالت الموسيقية منها، ربما يكون من الصعب التفكير فيه.

IV

المظهر الخارجي وأسلوب التعامل مع اآلخiiرين ذات أهميiiة كiiبرى مثiiل االبiiداع في مجتمiiع زرعت فيiiه الفرديiiة، والتجديiiد. مجتمiiع ليس عنiiده حiiد أدنى من احiiترام "الموروث األصiيل"، مثiل النسiب، أو األلقiاب الرسiمية. إن الترينيiدادّي يبiذل من العطاء الكثير؛ لو تعامiiل اآلخiiرون معiiه بiiاحترام، ولiiو اسiiتطاع الفiiرد على التعبiiير بأسiلوب مهiذب، وكلمiات رقيقiة مشiجعة. من أحiد أهم "الشخصiيات" التقليديiة،

Theالمشهورة في الكرنفال الترينيدادّي هي شخصiiية " Midnight Robberأو ،" ، الذّي يرتدّي زيا خاصا أثناء االحتفالت في الكرنفال. وهو رجل*"لص منتصف الليل"

يمتاز بسرعة البديهة، و"خفiة الiدم"، و"طالوة اللسiان". كiان هiذا قبiiل أن يقضiiي االتجار والiiتربح بالكرنفiiال؛ على المiiواهب الفرديiiة. يقiiوم "اللص"، حiiول منتصiiف الليل، بتعيين ضحيته، ثم يشرح له وللحضور، باسلوب مهذب طريiiف، لمiiاذا اختiiاره

يقابلها، أو يماثلها في العربية، شخصية "الحاوّي" في الفلكور الشعبي- المترجم **

112

هو بالذات ليسiرقه. بعiد ذلiك يضiحك النiاس بسiعادة، ويجiودون بسiخاء، بمiا فيجيوبهم من نقود صغيرة، يقوم هو بجمعها.

يمكننا القول، أنه قد أصبح – تقريبiا، من الiواجب القiومي، أن يحافiظ الترينيiدادّي، على مظهره الخارجي األنيiiق. وبiiالرغم من أن الجزيiiرة، لهiiا طقس اسiiتوائي حiiار ورطب؛ إال إنه من النادر ما تشم رائحة العرق من أحدهم. وفي المدارس يتعلمiiون:¦ من أن يكون غير مهذب. وبiiالطبع من األفضiiل أن أن يكون األنسان غبيا، أقل سوءا

يكون االنسان ذو مظهر حسن وذكيا، في ذات الوقت.

كثير من النساء السود، يصففن شiiعورهن، ويiiدهنون البشiiرة بالكريمiiات المبيضiiة.�لت1970) جارتي السiiوداء، إنiiه حiiوالي عiiام Julieأخبرتني "جولي" ( ك �iiدما شiiعن ،

Blackحركiiة "بالك بiiور" ( Power mov،ةiiاء المدينiiا في انحiiر افرادهiiانتش ،(. ينشرون الوعي بين البنات، يرددون: "لو أنك استعملتÉ مواد تكiiوين البشiiرة، فإنiiك تصiiبحين عiiدوة لجنسiiك. ويؤكiiد ذلiiك أنiiك غiiير فخiiورة ببشiiرتك السiiوداء". وفي منعطفات الطرق - خاصiiة في العاصiiمة "بiiورت أوف سiiبان"، كiiان بعض الشiiباب يحملون جرادل ميiiاه، يسiiكبونها على البنiiات، الالتي لiiو�ن شiiعورهن، حiiتى يفسiiدو عمل الصبغات الملونة للشعر. وفي العقود األخيرة لم يصبح من الغريب، أن تلفلف

Redبعض االناث شعورهن، يتشبهن ب"المiرأة الحمiراء" ( Womenوهي البنت ،( )، وقiiد اصiiبحت رمiiزا لألنوثiiةmulatteالناتجiiة من زواج مختلiiط، أبيض واسiiود (

والجاذبية، في ترينيداد.

أحiiد نقiiاط النقiiد، من وجهiiة نظiiر الكريوليiiون هي: إن الترينيiiداديين من األصiiول الهندية، يفتقدون الذوق الرفيع. مثال، فاللون المحبب إليهم في دهان منازلهم، سواء بالداخل أو الخارج، هو اللون الوردّي الفاقع، المعروف بين الكريولين باسiiم "كiiولي

) أو الوردّي البارد.Coolie Pinkبينك" (

حس� الدعابة والفكاهiiة، عنصiiر رئيس، لفهم ترينيiiداد. الدعابiiة، تسiiرى خالل األدب الترينيدادّي، المسموع منه أو المكتiiوب، وربمiiا على وجiiه الخصiiوص "الكاليبسiiو". من الممكن أن يكون البعض منه، نقد سياسي، أو فكاهiiة نابيiiة مسiiتهزءة، أو حiiوار ساخر خفيف الظل، وغالبا ما يجد المرء عنصر دعابي في أغنيات "الكاليبسو". وفي حالة النكات الساخرة - مثلمiiا يحiiدث بين الiiدنماركيين والسiiويديين والنرويجiiيين –الiiتي يطلقهiiا الترينيiiداديون على البالد األخiiرى، يصiiفون "الجiiويين" (أهiiل جويانiiا.

Guyana .ادوسiiل بربiiيين" (أهiiة، و"البربادسiiدم األمانiiبع (Barbados،اءiiبالغب ( و"الجامiiiاكيين" بiiiالعنف والوحشiiiية. ومن الناحيiiiة األخiiiرى، فهنiiiاك من يصiiiف الترينيداديين بأنهم يستغلون المناسبات الصغيرة قبiiل الكبiiيرة، للضiiحك، والتفكهiiه.

اب األعمiiدة، في الجريiiدة الجاميكيiiة "دالي جليiiنر" ( �iiت� Dailyواحiiدا، من أحiiد كGleanerوا؛iiاميكيين اجتمعiiكتب في هذا الموضوع: "لو أن اثنين، أو أكثر من الج ،(

�قتiiل واحiiد منهم". والترينيiiداديون مشiiهورون بالتفiiاءل، وعنiiدما كiiانت فسiiوف ي "ترينيداد وتوباجو" تستعد للتأهiiل لiiدخول مباريiiات كiiأس العiiالم لكiiرة القiiدم عiiام

، اشترى كثيرون منهم تذاكر سفر إلى ايطاليا، قبل الزمان بزمان. وقد كiiانت1995 ايطاليا هي الدولة التي اقيمت بها مباريات الكiiأس في ذلiiك العiiام. ولألسiiف، فiiإن

113

الفريق الترينيدادّي إنهزم أمام الواليات المتحدة، وخرج من الدورة ولم يذهبوا نهائياإلى ايطاليا.

�ه، والميل إلى عدم التفكير فيما سيأتي به الغد، يعiiترف والقدرة على الدعابة والتفك الترينيداديون، بأن ذلك الزمة من صفاتهم. المثال األشiiهر على ذلiiك، هiiو الكرنفiiال السنوّي الذّي يقميونه. وهو عبارة عن حفiiل شiiعبي، غنiiائي، راقص، غiiني بiiاأللوان. ويشترك فيه مئات اآلالف بمالبس خفيفيiiة، وهم نصiiف مخمiiورون. وعنصiiر اإلثiiارة الجنسية في الكرنفال؛ حاضرا، كما هو متواجد على مدار السنة. والرقصiiة المحليiiة

)، تعبير واضح للرغبة الجنسية. إنها عبارة عن حركاتWinningالمسماة "وينينج" ( عنيفة مبالغ فيها، تمثل الرقود سويا. وهي رقصiiة منتشiiرة، ومحببiiة للجنسiiين، في

موسم الكرنفال، وفي غيره من األوقات.

Bertrandقال "برتراند رسل" ( Russellروف، "إنiiاني المعiiالفليسوف البريط ،( المثقف هو ذلك الشخص، الذّي يمكنiiه التفكiiير في شiiيء آخiiر غiiير الجنس، لمiiدة نصف ساعة في اليوم الواحد". "وتبعا لهiiذا، يمكن القiiول، أنiiه؛ ال يوجiiد الكثiiير من

Westالمثقفين في الهند الغربية"( Indiesامعي فيiiتاذ جiiتنتاج أسiiكان ذلك اس .( ¦ على قول "رسل". األدب األنجليزّي، بناءا

). وهiiوLimingالترينيiiدادييون يمارسiiون نشiiاط طiiوال العiiام، يسiiمونه "ليمينج" ( نشاط ممiiيز، يمكن وصiiفه بأنiiه "فن قتiiل الiiوقت". أوقiiات الفiiراغ، يقضiiونها؛ في

Rumمحالت الروم ( Shopsاكنiiوارع، وفي امiiفة الشiiوف على ارصiiوفي الوق ،( أخرى مثiiل بيت أحiiدهم. هنiiاك يتقابiiل الفتيiiان، وفي بعض األحيiiان بعض الفتيiiات، يحاولون قضاء وقتهم في فعل غير نافع، حيث يشربون، ويطلقiiون النكiiات، يلعبiiون البلياردو، يiiدخنون الماريجوانiiا، أو ببسiiاطة ال يفعلiiون شiiيئا على األطالق. وعنiiدهم

قدرة كبيرة في التفنن في ذلك. وهكذا تصهر الدعابة، واالناقة، واالبداع، معا.

معظم المجتمعiiات البشiiرية بهiiا مiiا يiiذكر ب"الليمينج". مثال، في مجتمiiع مدينiiة ) النرويجيiiة، يقضiiي البعض وقت الفiiراغ في شiiربTrondheim"ترونiiدهيم" (

Homeالكحوليات، المصنعة في المنزل ( madeذه*)، ويتسامرون بكالم فارغiiوه ، مجرد أمثلة قليلiة. لكن في مجتمiع المدينiة في ترينيiداد فiإن "الليمنج"، لiه مiذاق خاص. فهم يضعون شروطا صارمة دقيقة، وجمالية، حتى توصiiف جلسiiة "الليمينج" بالناجحة. لذا فإن الترينيداديين، دائما ما يقولون إن الليمينج يمثل جزءا مهما هويتهم القوميiiiة. وجلسiiiات الليمينج الجيiiiدة تتمiiiيز بكiiiثرة النقiiiود، الiiiتي تصiiiرف على المشروبات. وتتميز بنوعية المعلومات، التي يتبادلها المشiiتركون، من حيث لطفهiiا، وقدرتها على اإلضحاك، وفائدة المعلومات التي بهiiا، وأن الجلسiiة تنتهي دون إهانiiة احدهم أو إغضابه، أو توجيه كلمة مؤلمة له. وجوالت مثيرة من لعبة الورق "البوكر"

)Poker) "ةiiة مراهنiiأو "حلق ،(Pool) "دومينوiiة الiiأو "لعب ،(Dominoأو "أول ، ( allفiورز" ( foursزدادiiة. وتiiة الليمينج ناجحiل جلسiك، يمكن أن يجعiأّي من ذل ،(

الجلسة نجاحا، لو حدث أثناء الليمينج، شيء غير متوقع، مثل أن يأتي أحد األصدقاء، ) وتعني" خمر صناعةHimkok and Skitpratتقال بالنرويجية "هيم كوك" و "شيت برات" ( **

منزلية ليس على درجة عالية من الجودة، وكالم فارغ – المترجم

114

)، أو"ماراكiiاس بiiاّي" (Carenageويدعو المجموعة للذهاب معiiه إلى "كارينiiدج" (Maracas Bayترحiiدهم يقiiر، أو إن أحiiاطئ البحiiوا "الليمينج" على شiiليتم ،(

مشاهدة فيلم في السينما، أو إن أحدهم يعرف امرأة، يمكن زيارتها في بيتها، أو أن ) الغiiير قانونيiiة، أوCockfightيخبرهم أحد، عن مكان تقام فيه "معركiiة الiiديوك" (

أن هناك بالقرب من الجماعة مشاجرة عنيفة. وفي المقابل، تكون جلسة "الليمينج"�مونها بأقل الiiدرجات؛ عنiiدما تتسiiم بالسiiلبية، وعiiدم النشiiاط والملiiل، فاشلة، ويقي كذلك لو انتهت بiiإيالم، واهانiiة أحiiدهم، أو مشiiاجرة بينهم . عنiiد حiiدوث مثiiل ذلiiك

Theيقولون lime has no juce."ة ، أو "هذه ليمونة ليس بها عصيرiiوالليمون التي ليس بها عصير أمر يسبب الكآبة والحزن.

عندما يشارك الترينيدادّي في "الليمينج"؛ فمن الواجب عليه أن يكون منفتحiiا، لكiiل االقتراحات. إن أعظم انتهاك، يمكن أن يأتي بiiه الفiiرد في "الليمiiنيج"؛ أن يبiiدأ في الشكوى، من واجباتiه المفروضiة عليiه عملهiا. مثiل الشiكوى من إلتزاماتiه ناحيiة وظيفتة أو أسرته، أو شيئا من هذا القبيiiل. وعنiiدما تكiiون "الليمiiة" ناجحiiة، فإنiiه ال يجوز ألحد أن يستأذن ويغادر الجلسة، بغض النظر عن إلتزاماته. في أسوأ األحiiوال، ولو انتسب المرء منهم إلى طبقة اجتماعية محترمة، فكل ما يسiiتطيع فعلiiه هiiو أن يطلب المiiنزل بiiالتليفون، ويسiiتأذن للتiiأخير. وال يجب أن يفiiارق أحiiدهم الجماعiiة، فمفارقة الجماعة مكروهة؛ قبل أن يستمتع الجميع، وتهبط درجة حiiرارة االحسiiاس

باالحتفال.

في الحياة العامة الترينيدادية، ال يوجد أمر "شiiديد الجديiiة"، ويستعصiiى على ، شiiاهد أهiiل الجزيiiرة (الدولiiة) ألول1995السخرية، والضحك. في أغسطس عام

)،Black Muslimsمرة، "إنقالب". وذلك عندما قامت جماعة "المسلمون السود" ( بمحاولiiة عiiزل أول رئيس للiiوزراء، ونصiiف أعضiiاء الحكومiiة. وتسiiببوا في خلiiق فوضى، اكبر كثيرا مما تعود عليها الترينيداديون. في هذه العملية؛ قتل بعض األفراد، وأصيبت رجل رئيس الiiوزراء برصاصiiة، ونهبت بعض المحiiال، ومiiرت أيiiام شiiديدة اإلثارة، لم يكن فيها معروفا من الذّي يدير "ترينيداد وتوباجو". بعiiد ذلiiك، تم القبض

) وشركاءه، وعادت األمور إلى مجرياتهاAbo Bakrعلى زعيم االنقالب "أبو بكر" ( المعتادة. وبعد يومين اثنين، من االنقالب؛ بدأت أول النكات عن "أبي بكر" للظهiiور، والتداول. كان مضiمونها السiخرية، على رئيس الiوزراء، الغiير محبiوب. مثiل هiذه الواقعiiة، يمكن أن توصiiف، في بعض البالد األخiiرى، بأنهiiا ال طعم لهiiا، وال مغiiزى؟ وبالتأكيد، يمكن وصف الحالة؛ بحالة مماثلiiة لهiiا في الiiنرويج، فيهiiا نتصiiور أن بعض

Groالثوريين اليائسين هددوا حياة "أم النرويج"، "جرو هارلم برونتالنiiد" ( Harlem Bruntland(السابقة) بعد أن اختطفوها.....*) رئيسة الوزراء

ه، واطالق النكiiات؛ تجعiiل بعض الزائiiرين �iiة في حب التفكiiة الجامحiiالرغب يعتقدون أن الترينيداديين مجتمع مادّي، يجرّي وراء اللذة المؤقتiiة، وال يتحملiiون أيiiة�

جرو هارلم بورنتالند، هي نفسها التي عينتها االمم المتحدة رئيسة لمنظمة الصحة العالمية، بعد ** اعتزالها السياسة في النرويج، وهي طبيبة أصال، لكنها انخرطت في العمل السياسي وتفرغت له

– المترجم

115

مسؤولية في الحياة، وال يساورهم أّي� منغصات. والحقيقة إن الواقع اكثر تعقيدا مما يبiiدو للوهلiiة األولي، وللنظiiرة السiiطحية. صiiحيح إن "الليمينج"، والكرنفiiال، وحب السخرية والفكاهة، والعبث، يمثل جزءا مهمiiا، من الواقiiع الحيiiاتي الترينيiiدادّي، إال

)، التي ول�دت "عقليiiة تنافسiiية" (indnvidualismأنه هناك واقع آخر من الفردية (Competitive mentalityارسiiiدما يمiiiع. وعنiiiد المجتمiiiرة في جسiiiمنتش ،(

الترينيداديون "الليمنج" ، فكأنهم يقولون لبعضهم البعض، أو لكiiل من يiiراقبهم: إننiiا أحiiرار، ال تسiiتطيع مسiiؤوليات األسiiرة، أو العمiiل، أو الدراسiiة‘ أن تتحكم فينiiا، أو تقهرنا. "الليمنج" في جزء منه؛ تعبiiير عن الهiiروب من واقiiع مجتمعي، وهiiو صiiمام أمان لضمان االستمرار، وفي جزء منه، عبiارة عن عالج نفسiي، من الشiعور بوخiذ الضمير، عنiدما يضiطر االنسiان الحيiاة، في واقiع يفiرض عليiه التنiافس، في كiل شiiيء. والليمينج يعiiبر عن التضiiامن، والحريiiة في ذات الiiوقت، ويسiiاعدهم في مواجهiiة الجهiiد الال إنسiiاني المتوقiiع بذلiiه في اليiiوم اآلتي. حيث ينتظiiر من الفiiرد

)، يفعل المعجزات، فيThe Midnight Robberالقيام بدور "لص منتصف الليل" ( واقعة الحياتي الصعب. فعلى الرجل- وهو الجنس المسيطر في ترينيiiداد، أن يكiiون مبiiدعا، وشiiجاعا ذو عزيمiiة، ال يفلهiiا الحديiiد؛ حiiتى يتغلب على واقiiع تنiiوء بحملiiه الجبiiiال. وينتظiiiر منiiiه المجتمiiiع أن يكiiiون هiiiو، النبيiiiل الشiiiريف النiiiاجح ، أو

ال"سوبرمان".

كتب "درك بيكرتiiون"، بiiاحث اللغويiiات؛ يصiiف " بiiورت أوف سiiبان": "إنهiiا مدينiiة امريكيiiة سiiقطت من السiiماء فجiiأة، على خiiط العiiرض التاسiiع في البحiiر

) المصiiغرة، الiiتي تجاهiiد درجiiة حiiرارة حiiولDetroitالكiiاريبي. إنهiiا "ديiiترويت" ( الخامسة والثالثون، ودرجة رطوبة تبلغ التسعين، حiiتى تحقiiق الحلم األمiiريكي". إن التركيبiiة الطبقيiiة اإلجتماعيiiة الغiiير محiiددة، وتلiiك القiiدرة على التطiiور السiiريع، والمزيج المتراكب من األعراق المختلفة؛ أعطى الترينيداديين نموذجهم الخiiاص من

). الجميع يعرف أفرادا سافروا إلى العالمAmerican Dream"الحلم األمريكي" ( Kimالخiiارجي، ونجحiiوا وتفوقiiوا هنiiاك. كتب الكiiاتب الiiنرويجي "كيم يونسiiون" (

Johnsonتي فيiiألت زميلiiداديون: "سiiد الترينيiiد عنiiوح المتزايiiذا الطمiiعن ه ( الدراسة في الجامعة اإلنجليزية - وهي التي حصiiلت على أفضiiل الiiدرجات في علم االجتماع، وتفوقت على جميع طلبة الفصل الدراسي- عما تنوّي فعلiiه بعiiد الحصiiول على الدرجة العلمية الجامعية. أجابت إنها ليست متأكدة بالضiiبط، "لكنهiiا تتوقiiع أن تصبح أخصائية إجتماعية، أو شيء مثل هذا. اخصiiائية اجتماعيiiة فحسiiب؛ لiiو كiiانت هذه الفتاة من ترينيداد، ألجابت عن نفس السؤال، بالقول إنها تريد أن تصبح "كارل

) جديد، أو شيء كهذا". Karl Marxماركس" (

"العقليiiة التنافسiiية" منتشiiرة في كiiل منiiاحي الحيiiاة في ترينيiiداد، وصiiفة اإلبداع ولدت في المكان المناسب. إنهم يحاولون دون توقف إيجاد مجiiاالت جديiiدة للتنiافس، وباالضiافة إلى التنiافس في الحصiول على درجiات عليiا في المiدارس،�مiة في والحصول على تخصص مميز في الحيiiاة العمليiiة، والحصiiول على جiوائز قي مجال الرياضة، والفرق المعدنية الموسيقية، أو غناء "الكاليبسو"؛ فهناك كميiiة كبiiير من مسابقات األسئلة التي تقدم في الراديiiو والتلفزيiiون. وعالوة على ذلiiك فهنiiاك

116

مسابقة جمال واحدة أو أكثر في الجزيرة، تقام اسبوعيا، في عطلة نهايiiة االسiiبوع. حتى في اجتماعات "الليمنج" والكرنفال – اللذان لهما طبيعة تعمiiل ضiiد المنافسiiة القوية - تجدهم يتنافسون. فمن العادّي في اجتماع الليمينج، وجiود مسiابقة إلختيiiار

)، دون السقوطRumمن األقدر على االستمرار في شرب أكبر كمية من "الروم" (مخمورا.

الترينيدادّي المتفوق هو، الذّي يستطيع التنiiافس في كثiiير من المجiiاالت، في آن واحد. وهو الذّي يجب أن يكون ناجحا في اغتنiiام كiiل مiiا تشiiتهيه النفس، وذلiiك

إلى جانب نجاحة والتفوق، في عمله التخصصي.

)، بدأEric Williamsالمؤرخ الترينيدادّي، المعروف عالميا؛ "أريك ويليامز" ( نشاطه السياسي في منتصف الخمسينيات من القرن الماضiiي، بإلقiiاء سلسiiلة من

Woodfordالمحاضرات، في "ميiiدان وودفiiورد" ( squareذّيiiدان الiiو الميiiوه ،( Speakersيمكن اعتبiiاره "سiiبيكرز كiiورنر" ( Corner،"دثونiiأو "ركن المتح ،(

لمدينة "بورت أوف سبان" ]يوجد "ركن المتحدثون" في حديقة "هايد بارك" اللندنية المشهورة، ويعتبر هذا األخير هو األول من نوعه، ويفتخر به البريطiانيون، ويعتبرونiه دليال على ريادتهم في مجال حرية التعبير، والديموقراطية – المiiترجم[. هiiذا الiiركن عبارة عن حديقة صغيرة، تقع مواجهة للبرلمان الترينيiiدادّي، وظلت ألكiiثر من مائiiة عiiام المكiiان الiiذّي يتم الحiiوار فيiiه، ويتم تبiiادل األفكiiار بين أفiiراد الشiiعب. كiiان "ويليiامز" يتحiدث في كثiير من المواضiيع، فمiرة يتحiدث في الفلسiفة السياسiية

-1795)، أو حiiتى كتابiiات "كارليiiل" (Platon)، أو "أفالطiiون" (Lockeلi"لiiوك" (1881،Thomas Carlyleوعيiiادة الiiول إلى زيiiامز" الوصiiدف "ويليiiان هiiوك .(

السياسي، وفهم الذات؛ عند المواطن العادّي. وكiانت أهم مواضiيع محاضiراته، عن اإلمبريالية، والعبودية، واالستغالل. وكiiانت أحاديثiiه تقابiiل بترحiiاب شiiديد، وتصiiفيق حiiار، وكأنiiه أحiiد فنiiانو "الكاليبسiiو" القiiدماء، الiiذين ينتمiiون إلى طبقiiة العمiiال (البروليتاريا) في مدينة "بورت أوف سبان". "ويليامز" نفسه لم يكن فiiارع الطiiول، وكان خجوال، ذو صوت خفيض، يستعمل أجهزة لزيادة القدرة على السمع، ودائما ما يرتدّي ح�لة¦ رمادية بسيطة، لكن شخصيتة تسiiتدعي االحiiترام. ودائمiiا، مiiافتئ يiiبرز رغبة الترينيداديون في نيل االحترام بين األمم. وأن توضع ترينيداد، في مكانه عالمية الئقiiة، تتسiiاوى مiiع اآلخiiرين في المنزلiiة الثقافيiiة. لiiذا فقiiد كiiان دائم االنتقiiاد

-Happyللترينيiداديين، الiذين يفكiرون بعقليiة اسiطورية بسiيطة ( go- lucky.( ل� في تنظيم سياسiي، وثقiافي، جiدّي للبالد. وبسiرعة حصiل �iودائما ما طالب، وأم الiiدكتور " ويليiiامز" على لقب " ثiiالث أذكى رجiiل في العiiالم". ولم تمض إال برهiiة

قصيرة ، بعدها تم اطالق النكات الفكاهية الدعابية، على ذلك.

- كثيرا مiiا1981طوال فترة تواجده في ترينيداد، كان "ويليامز" – الذّي مات يتهم ناخبيiiه، بعiiدم الجديiiة، والنظiiام، واالنضiiباط. وعنiiدما بiiدأ سiiعر البiiترول في االنخفاض، وبدأ الهبوط في الدخل القiiومي لترينيiiداد؛ كiiان يقiiول لناخبيiiه، محرضiiا على العمiiل، والجiiد: "عiiودو إلى أعمiiالكم، الحفiiل قiiد انتهى". بينمiiا دعiiا زمالئiiه األروبيين لزيiiارة ترينيiiداد، ليتعلمiiوا من الترينيiiداديين كيفيiiة االسiiتفادة من الحيiiاة،

117

وذلك عندما شارك في مؤتمر سياسي أقيم في أوربا. على كل حال، فقiiد كiiان هiiو نفسه قادرا، على الحياة باالزدواجية الترينيدادية. فهو ترينيدادّي قح، رغما عن كونiiه

يبدو، في بعض األحيان؛ كما لو كان ناظر مدرسة، حازم وعجوز.

االنسان ذو التجربة الواسiiعة، الحكيم، المتفائiiل، الiiذّي يعiiرف فن االسiiتمتاع بالحيiiاة؛ هiiو النمiiوذج المفضiiل، والمحبب عنiiد الترينيiiداديين، أيiiا كiiان طبقتiiه االجتماعية. من هؤالء، من له جذور من عصر العبودية، التي ولدت "فكر المقاومة"، الذّي ترجم في الغضب، والتشكك في "الرؤساء"، من أّي نوع. وترجمها بعض آخiiر، في التأكيiiد على الهويiiة القوميiiة. وفي ترينيiiداد - كiiأّي مجتمiiع حiiديث؛ فiiإن آداب السلوك، والتخطيط، أساسيان في بناء المجتمiiع . والشiiعار القiiومي المرفiiوع هiiو: "النظام، واالنتاج، والتسiiامح". وبiiالطبع ليس غريبiiا أن نسiiمع شiiكاوّي تقiiول، "من الصعب إكمال، أّي عمل هنا في ترينيداد، وذلك آلنه ال يوجiiد من يفكiiر ببعiiد نظiiر". هذا الشعار، "النظام، االنتاج، التسامح"؛ تجiiده في كثiiير من منiiاحي الحيiiاة - حiiتى أثناء الكرنفال والليمنج؛ سواء حرفيا أو مجازيا. وفي كل المحالت، تقريبا، التي تقدم

Rumالمشروبات، المسماة بمحالت الروم ( Shop،ةiiات حائطيii؛ يجد المرء معلق( ظاهرة للعيان مكتوب عليها: "ممنiiوع الفiiاحش من القiiول!". وفي ترنييiiداد يعامiiل "الشذوذ الجنسي"، على أنه "انحراف سيء، وبغيض"، وكذلك تتحاشى المطبوعات االسبوعية الكتابة عن المواضيع الجنسiية، رغمiا عن إمتالؤهiا حiتى الهiامش بصiiور بنات ترتدّي "البكيiني". وفiرق العiزف المعدنيiة، المكونiة من الشiباب المشiاغب، يعزفون مقطوعات موسيقية كالسيكية، رغبة منهم في نيiiل االحiiترام والقبiiول، من

الهيئات الثقافية.

في المجتمع الترينيدادّي؛ فإنه من المهم أن يستطيع المرء "السiiباق على كال الحصانين" أو "ضرب عصفورين، أو أكiiثر، بحجiiر واحiiد"، بغض النظiiر عمن يكiiون. عندما مات المؤرخ الترنيدادّي الماركسiiي المحiiترم، المiiدافع عن حقiiوق األفارقiiة

، اسiiتغل الحادثiiة الحزينiiة1989) في لنiiدن ربيiiع C.L.R.James"س.ل.ر جiiامز" ( ) فعلق قائال:The Mighty Sparrowمغنى الكالييسو المشهور "ذا ميتي سبارو" (

"جامز وأنا، كالنا سويا، نمثل كل ألوان الطيف، في الثقافة الترينيدادية".

ذات يوم أحد قائظ الحرارة؛ أخذت تاكسي قاصدا استاد رياضي في "كiiاروني" (Caroni،"بانiiورت أوف سiiة من "بiiيختفي بين حقول قصب السكر. كانت الرحل ،(

حتى "كاروني"، تستغرق فقط نصف ساعة، إال أن المiiرء يشiiعر أنiiه قiiد انتقiiل من Kinshasaقارة إلى أخرى، مغايرة تماما. نصحني أحiد ضiيوف "مقهى كينشاسiا" (

Pub)"الواقع في أحد أركان حي� "كوربة"، قائال: "إنه "بروكلين ،(Brooklynأقرب ( من "كاروني"، رغمiا عن إن "كiاروني" تقiع على بعiد خمس دقiائق من "كوربiiة "، فالحي على الجانب اآلخر من طريق السiiيارات، على بعiiد خمس دقiiائق فحسiiب. وفهمت مغزى قول الرجل، حيث كان يريد القiiول: ال داعي لزيiiارة "كiiاروني"، فهiiو مكان ال يعجب أحد. وأضاف قائال: "يقابل المرء أفرادا كثiiيرين، نشiiأو وترعرعiiو في "بورت أوف سبان"، أو"أريما"، قد زاروا عدد كبيرا من الجزر المجاورة لترينيداد، أو

118

)، وأيضiiا نقابiiل من قضiiى اجiiازة نهايiiةTorontoزاروا "نيويiiورك"، أو"تورنتiiو" ( ) العاصiiiمة الفنزويليiiiة، إال أنهمCaracasاالسiiiبوع في رحلiiiة إلى "كاراكiiiاس" (

فخورون بأن أقدامهم لم تطiiأ "كiiاروني". ذلiiك ألن "كiiاروني"، وهي الiiتي تقiiع في الجانب اآلخر من النهر، تمثل لهم البربرية. يصفونها، بأنها قرية متربة غبرة ، وكئيبة. إنها مليئة ببشر اسنانهم سيئة، وذوقهم ردئ في اختيار المالبس. إنiiاس لم يسiiمعوا أحiiدث أغiiاني "الكاليبسiiو"، ولم يشiiاهدوا أحiiدث االفالم من "هوليiiود"، متسiiخون وجهلة، ومن األفضل للمرئ أن يتركهم وشأنهم. إن سكان "كاروني" ليسوا قرويون فحسب، انهم أيضا ينتمونِ إلى مجموعة عرقية أخرى. إنهم هنود، وفوق ذلiiك؛ فiiإن معظمهم هنود "وثنيون" ويجب علينا إعادتهم مرة أخرى إلى القبور!". نطiiق بiiذلك أحد المعارف، يوم أن حقق المرشح لرئاسiiة الiiوزراء الهنiiدّي الترينيiiدادّي، نسiiبة ال بأس بها من األصوات. إن احتقار الترينيداديون السود؛ للهنiiود، وألسiiلوب تفكiiيرهم؛

ليس له حدود.

لمدة طويلة كان من الممكن عمليا، للكريوليين الترينيiiداديين تجاهiiل الهنiiود. فقد استمسك الهنود باألرض والزراعة، وفضلوا االقامة في القiرى الiتي بنوهiا على األسلوب المتبع في شمال الهند، على أفضل تقدير. كانوا فقراء، أميiiون، ونiiادرا، أو أبد؛ لم يتجرأو على زيارة المدينة، ومن الطبيعى أال يستطيعون الحديث باالنجليزيiiة، ولو بكلمة واحدة، ولم يشاركوا في الحيiiاة العامiiة. والiiذين كتبiiوا مiiذكرات رحالتهم عن ترينيداد، من االجانب، في النصف األول من القرن العشرين، لم يذكروا الهنiiود،

ولو بكلمة واحدة، مما يدلل على عزلتهم التامة.

اآلن؛ الوضع مختلف تمامiiا. فمنiiذ الخمسiiينيات من القiiرن العشiiرين، حسiiن الهنود وضعهم، في المجتمع الترينيدادّي. صحيح أن عمليiiة التصiiحيح جiiرت ببطء،إال إن خطواتهiiا واثقiiة وثابتiiة واكيiiدة. اآلن، أصiiبحت االنجليزيiiة، أو اللغiiة الكريوليiiة الترينيدادية، هي لسان جميع الهنود تقريبا. وهم يتعلمون نفس العلوم، التي يتعلمهiiا الترينيداديون اآلخرون، والكثير منهم يعملون في مؤسسات الدولة، ومن وقت آلخiiر نجد عددا ال بأس به من الوزراء، من أصول هنديiiة، وكثiiير من العiiاملين في الجيش الحاصلون على درجات علمية عالية منهم، يكتبون عن تجاهل المجتمع لهم، وتجاهل ثقافتهم. ويصفون كيف احتقرهم السود، واستهزأو بهم، واستبعدوهم من المشiiاركة في الiiوطن. وكيiiف أن السiiود كiiان يسiiيطرون على كiiل شiiيء، وأن لهم "الخليج

والشاطئين".

�حضر منذ صدور قرار بتحريم العبودية ومنعها، وحتى الحرب العالمية األولى؛ أإلى ترينيداد مائتي ألف هندّي في محاولة يائسة إلثبات صحة اعتقiiاد "كولiiومبس" (

Columbusاءتiiتي جiiد، والiiق إلى الهنiiف الطريiiد اكتشiiه قiiا أنiiتي زعم فيهiiال ،( متأخرة أربعة قرون كاملة. هؤالء الهنود تم إغراءهم- أو اختطافهم بواسطة البحiiارة االروبيiiون، كمiا يقiول بعض البiiاحثون – بعقiود عمiل، للعمiل في مiiزراع القصiiب،

)، وBiharلتعويض العبيد. جلبiiوهم من منiiاطق مختلفiiة في الهنiiد، مثiiل: "بيهiiار" ()، و"تاميل نادو" (Maharashtra). و"مهرشترا" (Uttar Pradsh"أوتار براديش" (

Tamil Naduوغيرهم. بالرغم من أن العبيد - بعد تحريرهم – قد اتيح لهم العمل ،(

119

بأجر في الزراعة، إال أن أحدا منهم لم يiرغب، في العمiل في الزراعiة. وإلى يومنiا هذا؛ فإن العمل في الزراعة، مرتبiiط في وعيهم بالعبوديiiة، والترينيiiدادّي األفiiريقي يفضل البطالة، والبقiاء دون عمiل؛ على الiذهاب إلى الحقiل، لقطiع وجمiع عيiدان

قصب السكر.

يصل عدد الترينيداديون من ذوّي األصول الهندية اليوم، حوالي نصiiف مليiiون. ولو افترضنا أن الهند هي بالفعل موطنهم، وفيها تمتد جذورهم؛ فإننا نستطيع القiiول أنهم شiiديدوا البعiiد عن مiiوطنهم. ليس جغرافيiiا فحسiiب؛ لكن ثقافيiiا أيضiiا. ذكiiر

) في أحiiد كتبiiه: "إن أشiiدV.S.Naipaulالكiiاتب الترينيiiدادّي " ف.إس.نiiايبول" (�سiأل السiؤال المعتiiاد: المواقف صعوبة، التي يتعرض لها، في رحالتiiه، هي عنiiدما ي

Where you come fromؤالiiذا السiiة على هiiد جئت؟ االجابiiأو من أّي بل ،? Westالسiiiهل، في منتهى التعقيiiiد بالنسiiiبة لي. إن قلت أني "هنiiiدّي غiiiربي" (

Indian) "دiiرب الهنiiظن الناس أني ربما جئت من "غ ،(West of Indiaكiiوذل ،( ألني أشبه الهنود، وليس هنود امريكا الغربية (الهنود الحمر). ولو اجبت بأني "هنiiدّي من الكاريبي"، فسوف يتساءل كثيرون عما لiiو أن الهنiiود في الكiiاريبي يشiiبهونني. وأخيرا، لو قلت إني "هندّي شرقي" من "الهند الغربية"، فسوف تبدوالقصة، وكأنهiiا لعبة معقدة، للكلمات المتقاطعة". وعندما كتب كاتب ترينيiiدادّي آخiiر - وهiiو "سiiام

Samسيلفون" ( Selvonدiiد"، لم يكن يقصiiبح واحiiجملة "ثالثة، ال يمكن ان تص -( عقيدة التتليت في المسيحية، لكنه كان يقصد: هندب ترينيدادّي، وترينيدادّي، وهندّي

، وليس هنiiاك أّي شiiك في أن؛ تعريiiف أو تحديiiد، هiiذه الهويiiة،*غربي من الكاريبييكون صعبا فهذه الهوية أصعب الهويات تعريفا في عالمنا الحالي.

األفراد في ترينيداد الكريوليiiة، مسiiتقلون، وفرديiiون، وأذكيiiاء سiiريعو الفهم، وعصريون حداثيون ، ومهذبون، ومصقولون، وهم سiiود مسiiيحيون. أمiiا النiiاس في الهنiiد، فهم ليسiiو سiiود، وهم متعiiاونون، ويتمسiiكون بالعiiادات والتقاليiiد، وليسiiوا

تكiiونت المجتمعiiات الكاريبيiiة دائمiiا، من ثالثiiة أقسiiام:.مسiiيحيين، وهم ريفيiiون، واألبيض. أما الهنود ، ولiو أنهم من ناحيiiة اللiiون لهم بشiرة بنيiiة إال Éي� �ن األسود، والب

أنه، ليس من المناسب، وضعهم في هذه القائمة.

لكن مiiا الiiذّي يجب فعلiiه من ناحيiiة الهنiiود حiiتى يشiiعرون بالمواطنiiة في ترينيداد؟ المجتمع الترينيدادّي، مجتمiع رائiد مبiدع، ويوجiد بiه الكثiير من إمكانيiات تشكيل االبداع. أحد هذه اإلمكانات، أن يحاول المرء الذوبان في المجتمع. وكان هذا

Seepersadإختيار "سيبرساد نايبول" ( Naipoulديادهارiiاتب "فيiiد الكiiو والiiوه ،( Vidiadharنايبول" ( Naipul) "يفاiiوالكاتب "ش ،(Shiva Naipoulبةiiوبالمناس .(

فإنه، كان بطل القصة الiiتي كتبهiiا أبنiiه "ف.إس.نiiايبول"، وسiiماها "مiiنزل لألسiiتاذAبيسواز" ( House for Mr. Biswas"وiلقد جاهد األب، حتى خرج من "الجيت .(

التقليدّي، وأحسن تعلم االنجليزية، والكتابة بها، كما يفعل األفريقيون. وبعدها حصiiلTrinidadعلى عمiiل في صiiحيفة "جارديiiان ترينيiiداد" ( Guardian.حفيiiكص (

)، الذّيSt. Jamesوبالقرب من نهاية حياته، اشترى منزال في حي "سانت جامز" (

الهندّي من الكاريبين شاع تسميته بالعربية في هندّي أحمر – المترجم **

120

يقع في غرب مدينة "بiiورت أوف سiiبان". وهiiو أول هنiiدّي ترينيiiدادّي، كتب قصصiiا أدبية باالنجليزية، وهiiو أيضiiا يمثiiل أحiiد أفiiراد الجيiiل األول من الهنiiود، الiiذين تمت كرولتهم. فقد كان يشرب الكحوليات، وال يمنعه دينه من أكiiل "السiiجق"، المحتiiوى

حتى يغيظiiه، ويسiiخر*على لحم البقر، خاصة عندما يكون بالقرب منه أحد البراهمة منه. ولقiiد غiiرز في عقيiiدة أبنiiاءه، أن الثقافiiة االنجليزيiiة، والتعليم االنجلiiيزّي؛ هiiو

األفضل.

لقد تحول غضب الهنود واحساسهم بالتفرقة والقهiiر في ترينيiiداد إلى عقيiiدة مسيطرة، ونمط حياة. ومثل هذه العقيدة، يقابلها المرء كثيرا في ترينيداد. مثال؛ أحد أساتذة الجامعة في علم االقتصاد وادراة االعمال، من الذين أعرفهم، رسخت عنiiده هذه العقيدة، وسيطرت عليه؛ لدرجة أن جعل من وظيفتiiه: أن يكiiون غاضiبا ناقمiا، من هiiذا الظلم الواقiiع على الهنiiود، والiiذّي اعتiiبر نفسiiه أحiiد ضiiحاياه. في احiiدى الليالي، جلست معه، وصديق آخر في "تراس" الشرفة، نحتسي كؤوسا من البiiيرة. قال لي: لقد تحطمت أعصابي، هل تتفهمني؟ بعiiدها، بiiدأ في سiiرد مiiا ذكiiره "ف. إس. نايبول" في كتاباتiiه، الiiتي عiiبر فيهiiا عن سiiخطه على المجتمiiع، في لحظiiات غضبه. ثم أردف األستاذ الجامعي يقول: "نحن الهنود التوجiiد أمامنiiا أيiiة فرصiiة، وال

)Kimأحد يحاول مساعدتنا، الجميع يحتقرونا .. أتعرف؟ وصوب بصiiره إلى "كيم" ( وإلي�، ثم قال قبل أن نبiiدّي أّي تجiiاوب، أنتم ال تعرفiiو حقيقiiة الوضiiع، وليس لكمiiاخبرة وتجربة، بالنسبة لي فأنا زائiiر غiiريب عن ترينيiiداد، أمiiا "كيم" فهiو "ملiiون" (

Coloured،نيفه ليiiه، وتصiiترة من حديثiiد فiiنشأ في أحضان عائلة متوسطة. وبع ( )، وهي حبiiوب تسiiببCrackو"كيم"، أخiiذ سiiيارته، وذهب ليشiiترّي "كiiراك" (

االدمان، وفي السنوات األخيرة كان تiiدميرها على ترينيiiداد اكiiبر بكثiiير، ممiiا سiiببه انخفاض سعر البترول. هنالiiك، نظiiر "كيم" إلى® مiiداعبا، وقiiال: "اآلن تعiiرف لمiiاذا

تحطمت أعصابه".

الطريق اآلخر الذّي يجب أن يسلكه الهنود حتى يشعروا بالمواطنة، هو أن نلح - على حق؛ أن يكون المرء هنiiديا، ويأخiiذ في االعتبiiار التقاليiiد الهنديiiة، في الحيiiاة العامة في ترينيداد، تماما مثل التقاليد األفرو- كاريبيiiة. وأن نحiiدد نسiiبة للهنiiود في الوظائف الحكومية، وهكذا. هذه االستراتيجية نiiالت أعiiداد كبiiيرة من المؤيiiدين في السنوات األخيرة. ولكنها في الحقيقة يمكن أن تقود ترينيداد، ذات يوم، إلى نزاعات اثنية قاسiiية. إن االعتقiiاد بالسiiيطرة من فئiiة معينiiة في المجتمiiع، يزيiiد من حiiدة األزمة. وبوجه عام يزيد من نزعة األفiiراد، أو الجماعiiات، إلى الشiiك واالرتيiiاب في

) المرضية.Paranoiaاآلخرين، أو حتى إلى حالة "البارانويا" (

محاوالت السiiنوات األخiيرة، الiiتي هiiدفت إلى خلiiق، وصiiناعة هويiiة "هنiiدو- ترينيدادية"، ذات طابع هندّي، ولكنهiiا عصiiرية حديثiiة في آن واحiiد، تبiiدو وكأنهiiا حال عمليا جيدا، إال أن المشككون المتشائمون سوف يصفوا هذه الصحوة الهندية بأنها –

البراهمة اسم الكاستا الهندية من رجال الدين، وهم يمثلون أعلى طبقة في قائمة الطبقات **االجتماعية – المترجم

121

ل® سياسiiية ليس لهiiا عالقiiة، من قiiريب أو بعيiiد، بالهنiiد، �iiرد حيiiك- مجiiدون ش والهندوسية، والتقاليد الهندية. ذلك ألن "مهندسو الثقافات"؛ الذين يقومون بمحاولiiة احيiاء العiادات والتقاليiد الهنديiة، سiوف يقومiون باختيiار العناصiر، الiتي تتوافiق، وتتناغم مع أسلوب الحياة الغربية العصرية. ولن يحدث أن يقترح أحدا اعiiادة الحيiiاة

) الطبقي الهنiiدّي.Castل"الجاتينية"، وهي فئة عماليiiة ترتبiiط بنظiiام "الكاسiiت" ( ) - وهو قائد الطبقiiةPanchayatولن يطلب أحد أن يعيد الحياة لنظام "البانشي" (

االجتماعيiiة، أو الكاسiiت – الiiذّي مiiات ودفن وانتهى تمامiiان منiiذ الحiiرب العالميiiة الثانية. كذلك لن يوجiiد، من يحiiاول أن يقنiiع صiiغار الفتيiiة والفتيiiات الهنiiود، الiiذين يتحiiدثون االنجليزيiiة، بiiأن يلتحقiiو بفصiiول دارسiiية، لتعلم اللهجiiة المحليiiة الهنديiiة

). وهي اللهجiiة الهنديiiة المحتقiiرة، حiiتى فيBhojpuryالمسماة ب"البوجبiiورّي" (الهند نفسها.

إن التقاليد الهندية الترينيدادية، كانت دائما محلية الصنع والنشأة. و"الهونiiدة" في الهند الغربية، تتميز بالكريولية بدرجة اكبر مما يريiiد المتشiiددون االعiiتراف بiiه، في كثير من األحيان، وبها الكثير من الصفات الكريولية. مثال الiiزواج "المiiرتب لiiه"، يتم بسالسة، ويتم بنسبة قليلة في الجزيرة. وال أحiiد يفكiiر في االعiiداد، والتخطيiiط له، على عكس الحال في الهند، حيث يمثل العمiiود الفقiiرّي للحيiiاة االجتماعيiiة فيالهنiiد. أيضiiا، محليiiا انتجiiوا موسiiيقى "البiiوب" الهنديiiة، المسiiماة "شiiتنيز"(

Chutneys) اعiiiتمع بإيقiiiذكر المسiiiوهي ت ،(rhythm"وiiiيقى "الكاليبسiiiموس ( الترينيدادية، وتشبهها في كل من الشكل والموضوع، لدرجة أن البعض يخلط بينهما. ومعظم الهنiiود الترنيiiداديون؛ اقتبسiiوا اسiiماء مسiiيحية انجليزيiiة. أمiiا "الصiiليب

) - وهiiو الرمiiز األهم في العقيiiدة الهندوسiiية؛ فقiiد اهمiiلSwastikaالمعقiiوف"( استعماله تمامiiا في المعابiiد الترينيداديiiة، وهiiذا بiiالطبع من نتiiائج الحiiرب العالميiiة الثانية. ومؤخرا أصبح من غiiير المهم على االطالق للهنiiود الترينيiiداديين، التسiiاؤول

) منbiharianعن أصولهم وجذورهم الهندية، وال أحiiد يسiiتطيع تميiiيز "البهiiارّي" ( ) منهم. والشiiيء الوحيiiد المتبقي من نظiiام "الكاسiiتا"، هiiوTamilian"التاميلي" (

درجة معتدلiiة من االحiiترام، يكنهiiا البعض لعiiائالت "البراهيمينيiiة"، والiiتي ال يتجiiاوزعددها أصابع اليد الواحدة.

الحقيقة هي؛ إن الهنود الترينيداديين، قد بدأوا الدخول في عمليiiة "الكرولiiة"، منذ اللحظة األولى التي وضعوا فيها أقدامهم في السفينة، التي نقلتهم عiiبر البحiiار. على السفينة كان من المستحيل عليهم، أن يتمسiكوا بالمقدسiات، من حيث األكiل والنظافiة، والiتي كiانت تنظم العالقiة بين الطبقiات المختلفiة من الكاسiت. فمنiذ اللحظة األولى على السفينة، أصبح جميع األفiiراد، والفئiiات، متسiiاوون في القيمiiة. ولقد علمهم اسلوب العد والتسجيل، المتبع على الشاطئ، من قبل ركوب السفينة؛ نوعا من القدرة على االبداع المفيد لهم، في ترينيiiداد العصiiرية، البلiiد ذات الحداثiiة الكبيرة. عند التسجيل، استطاع اآلالف منهم، تغيير اسماء العائلiiة، وبالتiiالي الطبقiة

االجتماعية، التي كانوا ينتمون إليها في الواقع.

122

كال األخوان "نايبول"، اكتشفوا إلى أّي درجة وصلوا إليها، في مجال البعiiد عن الثقافة الهندية، وذلك عنiiدما زاروا الهنiiد الحقiiا، واصiiبحوا على أرضiiها. فعنiiدما زار الهند "فيديا نايبول"، بحثا عن جذوره في الستينيات؛ وجد مجتمعا، يبiiدو في الظiiاهر

) الترينيداديiiةChaguanasأنه مشترك في بعض صفات، مجتمع قرية "شiiاجوناز" ( التي نشأ بها، مثل المالبس، والطعiiام، وحب الحلويiiات الiiتي بهiiا كثiiير من السiiكر، وبعض الزينة، والتذوق. لكن خلف هذا التشابه الظاهرّي، سترت عنه "هند" مختلفة، بدت له "منطقة تغشاها الظلمات"، وذلك عندما كر عائدا إلى "موطنه" في انجلترا، محiiل اقامتiiه. لقiiد كiiانت "هنiiد"، حيث البقiiر المقiiدس، عiiادات وتقاليiiد الكاسiiتا،

). وهاتiiان العقيiiدتان، بالنسiiبة لiiه،dharma (*), و"الiiدارما"Karma (*و"الكارمiiا" قضايا غير مفهومة، وال مقبولة. إن جنسيته، في حالة ما إذا كiiانت لiiه جنسiiية، فهiiو "كريولي من الهند الغربية"، أو هو رجل انجليزّي ببشرة بنية، وفي كل األحiوال فهiو

ليس هنديا.

Shivaأخاه األصغر "شيفا نايبول" ( Naipaulةiiتعداد لمواجهiiكان أكثر اس ،( الحقيقة، عندما سافر إلى الهند بعiiده بعiiدة سiiنوات. مiiع هiiذا لم يسiiتطع أن يخفي شعوره بالعجب، إنه لم يقابل أحد في الهند يعامله على أنه هنiiدّي. وذلiك رغمiا عن أنه، لم يمض أكثر من ثالثةن أو أربعة أجيال، منذ أن هاجر آبائة من قiiريتهم "بيهiiار"

)Bihar) "اiiنÖ �ت )،Patna)، الهندية. وعنiiدما قiiدم نفسiiه ألحiiد البراهمiiة األعلى في "ب سمع منه القول: إن اسمه مضلل. وشرح البراهيمي مغزى ذلك قائال: االسم الهندّي األصيل، يدلل بدقة عن "الكاست"، التي ينتمي إليها الفرد، وكذلك يiiدل على مكiiان مولده، ومن أّي قرية جاء، وهكذا. وأضiاف الرجiل بدقiة: أمiiا أسiiمك فال يiiدل على

شيء من هذا.

يتبقي للهندّي، الذّي يستوطن "الهند الغربية"؛ بعض الخيارات المختلفiiة، غiiير الذوبان، واقتباس ثقافة األغلبية، واالنغالق والتقوقiiع، داخiiل كiiل مiiا هiiو هنiiدّي، من

)؛ الحظنiا بضiعةCaroniعادات وتقاليد هندية قديمiة. خالل رحلتنiا إلى "كiاروني" (أمثلة على ذلك. اختير االستاذ الرياضي ليكiiون مكانiiا، تقiiام فيiiه حفالت "الiiروك" (

Rockهورةiiة مشiiرق محليiiالكبيره. وكان هذا االحتفال، هو األول من نوعه، وبه ف ( ومحبوبة. وفي بطاقة الiiدعوة، كiiان ميعiiاد البiiدء محiiددا بالسiiاعة الثانيiiة بالضiiبط. وبالطبع حضرنا نحن الشمال أوربيون، الساعة الثانيiiة تمامiiا. فوجئنiiا بأننiiا الضiiيوف

Disالوحيiiدون، الiiذين حضiiروا في الميعiiاد المحiiدد لبiiدأ العiiزف الموسiiيقي is Trinidad time, yuh knowرحiiكان هذا ما قاله لنا منظم الحفلة، محاوال ش ، .

,This is Trinidad timeسبب عدم تواجد ضيوف آخرين. وطبعا كان يقصد قول "You knowة، أال تعلمiiد الترينيداديiiذه هي المواعيiiة: "هiiني بالعربيiiتي تعiiوال ،"

ياصديقي. ولم ينس أن يرفع ساعده برهة، ليرينا الساعة الجميلة، غالية الثمن، التي تلف معصمه. وبدأت الحفلiiة، وعiiزفت على التiiوالي حiiوالي، خمس فiiرق أدو فيهiiا

الكارما" هي عقيدة هندوسية، تذهب إلى إن عمر اإلنسان، في مرحلة معينة من خلقته؛ يترتب **عليها صورته، في المرحلة التالية المستقبلية، وهناك كارما جيدة، وأخرى سيئة – المترجم

الدارما" في العقيدة الهندوسية، تذهب إلى إن نظام الكون السرمدّي، تقوم عليه، وتحفظه **اآللهة- المترجم

123

Gunsموسiiيقى "روك" قiiوّي االيقiiاع، مقتبس من فرقiiة "جiiنز أنiiد روزز" ( ,N, Roses) "بلينiiوفرقة "لد س ،(Led Zeppelinةiiمال امريكيiiة، وشiiرق أوربيiوف ،(

أخرى. وكان الذّي أدهشنا هو، إن كل الموسiiيقيون تقريبiiا، كiiانوا هنiiودا، بشiiعروهم الطويلة. وكان ذلك ينطبق أيضا، على المتفرجين المعجبين. ورغمiiا عن أن ترينيiiداد بلد تمتاز بحiiرارة الجiiو؛ إال أنهم تركiiوا شiiعورهم تطiiال الكتiiف، شiiعروهم الكثيفiiة السوداء الكاحلة، والبناطيل "الجينز" النظيفiiة، ومعiiاطف الجيiiنز المنقiiوش عليهiiا،

) منHard Rockرسوم للنسور والجماجم، التي تتماثل مع فرق "اإليقاع الشديد" ("الهيبز"، التي شاعت في ذلك الوقت، وكان الجميع تقريبا، من الهنود الترينيداديين.

"هيبز" هندية! في أّي مكiiان غiiير ترينيiiداد يمكن للمiiرء أن يتوقiiع وجiiودهم؟ التفسير المنطقي لتلك الظاهرة سهل. الهنود الiذين نشiأوا في ترينيiداد اليiوم، هم نسخة مختلفة تمامiا عن آبiائهم، لقiد اختلطiوا باالغلبيiة، واقتبسiوا ثقiافتهم. فمنiذ الطفرة البترولية، في سبعينيات القرن الماضي؛ امتلك الجميiiع تلفزيونiiات، والكثiiيرÉل" للبث الفضائي. وأصبحت امكانياتهم الماديiiة، تسiiمح منهم يقتنون "طبق وم�ستقب بالiiذهاب إلى السiiينما، الiiتي تعiiرض افالمiiا امريكيiiة، والكثiiير منهم يسiiكن المiiدن الكبiiيرة، وفي األحيiiاء ذات المسiiتوى االجتمiiاعي العiiالي. وإلى جiiانب ذلiiك، فهم يعيشiiون في وسiiط ثقiiافي تهيمن عليiiه ثقافiiة السiiود؛ السiiود الترينيiiدايون، أو الكiiiاريبيون، أو األمريكيiiiون الشiiiماليون. وفي المiiiراقص الليليiiiة، تلعب الفiiiرق

) من "جاميكا"، أو من الواليات المتحدةdup and rapالموسيقية "دوب & راب" ( االمريكية. وفي الراديو تعزف موسيقى "الكاليبسو" الحديثة دون توقف، كذلك فرق الموسيقى المدرسية هي فرق موسيقى معدنية. صحيح إن أعداد الهنود المشiiاركة، في الفرق المعدنية تتزايد بشكل ملحiiوظ؛ إال أن الجميiiع متفiق على أن هiذا النiiوع من الموسيقى، يرجع في أصله إلى ثقافة السود في "بورت أوف سبان". حتى لغiiة مجالت أخبار السيارات، ولغة اإلعالنات العالمية بوجه عام في ترينيiiداد، هي أفiiرو -

أمريكية.

ليس من الممكن، أو من المرغiiوب فيiiه، لمعظم الهنiiود الترينيiiداديين؛ أن يصiiبحوا نسiiخة متمiiيزة من األفريقiiيين؛ إال انهم- من الناحيiiة األخiiرى، يريiiدون العصرية، ويرغبون في الحداثة. والعصرية والمدنية الهندية، ال تتواكب، وال تتناغم مع

Westايقاعiiات "الهنiiد الغربيiiة" ( Indiesةiiة مرفوضiiيقى الهنديiiاألفالم والموس .( باطالق، وتصفها الطائفة السوداء، المسيطرة على مقدرات المجتمع؛ بأنها موسيقى

Hardوثقافة غبية متخلفة. ولذا فإن الشباب الهندّي يتماهى مع "الiiروك الشiiديد" (rockومiiوكل ما يمثله من شعارات. والمعروف أن موسيقي اإليقاع القوى هي الي (

اكثر الموسيقى انتشار على مستوى العالم، وال يمكن وصفها بأّي حiiال من األحiiوال أنهiiا موسiiيقى خاصiiة بالسiiود، فمن المعiiروف إن جiiذورها اشiiتقت من موسiiيقى "الجاز". وعازفوا هذه الفرق كلهم تقريبا من البيض، ويظهرون العنصرية للسود، لذا فإنه ال ضير إذا؛ أن يعتبر الهنود انفسهم، شيئا مختلفا عن السود. وهذا السiiلوك في الحقيقة، ال يتوافق مع العصرية والحداثة، التي يسعون إليها. وعلى كل حال فيمكننا استنتاج إن الهنود يعتبرون هذه الموسيقى، تمثل عنصرا، ورمiiزا للمدنيiiة، والتحضiiر

الهندّي، وهذا بالنسبة لهنود الهند العربية.

124

المجتمiiع الترينيiiدادّي مجتمiiع متماسiiك، وال خiiوف عليiiه من التمiiزق، نتيجiiة للنزاعات العرقية - وهم في هذه الناحية، يرددون الكثير من الفكاهiiة، والتنiiدر على البعض- لكن سوف يكون من الخطiiأ لiiو أننiiا اعتبرنiiا، أن العالقiiة بين الترينيiiداديين األفارقة، والترينيiiداديين الهنiiود ليسiiت شiiديدة الiiبرودة بوجiiه عiiام. ورغمiiا عن أن الكثير من االفريقيين مصممون على قول إن الكثير من أصدقائهم األقiiربين هم من الهنود، إال إني ال أعرف ترنييدادّي واحد من أصول افريقية؛ ينظiiر بiiاحترام واعجiiاب بالثقافة، والعادات والتقاليد الهندية، أو على األقل ينظر إليها بطريقة ايجابية، وحب. أحiiد نشiiاطات الليمنج العاديiiة، الiiتي يقيمهiiا الكريوليiiون، تنكiiون من الiiذهاب، أوال لدورة تدخين "الماريجوانا" حتى ينعدل "مزاجهم"، ثم يذهبون إلى سينما هندية بعiiد

ذلك، ليضحكوا حتى "يستلقوا على ظهورهم" من الضحك عل االداء الهندّي.

الهنود هم الجانب األضعف في المعادلة، إال أنهم يرفضون النظر إلى أنفسهم )، في أحيiiiان متفاوتiiiة؛ علىNegroبنظiiiرة دونيiiiة. يطلقiiiون اسiiiم "نيجiiiرو" (

الترينيداديين األفارقة. ويعتبرون أنهم غير طاهرون، وثنيون، وغير جادين ال يتحملiiون المسؤولية. والخوف الجنسي من الرجال السود قوّي. حيث يشاع في ترينيداد - كما في بقية أرجاء العالم – أن السود، أكثر فحولة، وذّي قدرة عالية في األداء الجنسي،تزيد عن اآلخiرين. تقiع "جامعiة الهنiد العربيiة" على مiرمى حجiر من "كiاروني" (

Caroni،راتiد من المiود. وفي العديiبابها الهنiو�ن معظم شiوهي القرية التي يك .( سمعنا رجاال هنود يشتكون من دراسة البنiات الهنiديات في الجامعiة. ويتسiاءلون " في ماذا ستفيدهم الدراسة الجامعية؟ سؤال شائع يسiiوغون بiiه حجتهم، ثم يتبعونiiه باشارة واضحة، لما يعتقدون أنه االجابة الصحيحة: البنات تريد الدراسة في الجامعة

حتى يتاح لهن االختالط مع الفتيان السود، وبدون شعوراألسرة.

كل طائفة منهم، لها وجهة نظر في الطائفة األخرى. ومن ناحية الترنييداديون األفارقة، فكثير ما يسiiمع المiiرء: إن الهنiiود ليس لiiديهم أّي سiiبب للشiiكوى. إنهم يملكون اربعين في المائة من مساحة الجزيرة (وهي معلومiiة غiiير صiiحيحة). وأنiiه، لديهم تلك العقلية الهندية التجارية، والبخل، مما جعلهم يسيطرون على التجiiارة في البالد. ومن ناحيتهم، فإن الهنود يزعمون، أنه من المستحيل الحصiiول على وظيفiiة، في مؤسسات الدولة (وهذه أيضا معلومة خاطئiiة). وان سياسiiة الدولiiة االقتصiiادية

دائما ما تميز األفارقة الترينيداديون.

أمiiا الواقiiع فيقiiول، إن كiiل من، المسiiاواة االقتصiiادية من حيث الiiدخل، والتقارب الثقافي، والفروق بين الطائفتين، يتناقص تدريجيا، وكل عام تقريبiiا. وتبعiiا ألحدث احصائية، عن مستوى المعيشة، فإن متوسط دخiiل الفiiرد الهنiiدّي، يتسiiاوى اآلن، مiع دخiل االفiريقي. وفي غضiون سiنوات، ربمiا، يزيiد متوسiط دخiل الفiرد الهنiiدّي، في حiiال مiiا فتiiأ التطiiور بنفس الدرجiiة. لكن، هiiذا التغيiiير ال ينعكس بالضرورة؛ على العالقات االثنيiiة بين الطiiائفتين. وطالمiiا بقي شiiعور الهنiiود، بiiأنهم "أقليiiة"؛ فسiiوف يسiiتمرون في الشiiكوى، من أّي ظلم، وقiiع عليهم، أو لم يقiiع. وطالمiا أن الهنiود، ال يسiمحون لبنiاتهم من الiزواج، من االفارقiة السiود، فسiوف

يستمر االفارقة في وصف الهنود، بأنهم أعداء الحرية، وأنهم طائفة من المافيا.

125

يمكن وصف الطائفتين بأنهم؛ منفتحتان، ومنغلقتiiان، في نفس الiiوقت، ولكن بأساليب معاكسة تماما. األفريقيون منفتحiiون اجتماعيiiا، ومنغلقiiون ثقافيiiا. يقبلiiون أعضiiاء جiiدد في الطائفiiة. ونiiادرا مiiا يعترضiiون على زواج أبنiiائهم، من الطوائiiف األخرى، سواء هنود، أو صينيون، أو من ذوّي اللون الفاتح. كل شروطهم هي، حسiiن السير والسiiلوك فحسiiب. وفي المقابiiل، ال يحبiiون اعiiتراض الهنiiود على ثقiiافتهم. والبعض منهم ال يعترف، بأن الثقافة الهندية الترينيدادية، ثقافة أصiيلة. مثال يقولiون،

) الذّي يخبزه الهنود، مiiا هiiو إال؛ نiiوع من خiiبز "الشiiاباتي" (rotiإن خبز "الروتي" (Chapati،لiiون القمح الكامiiه مطحiiتخدم فيiiبز يسiiوع من الخiiو نiiاباتي" هiiش"[ (

ويفرطح حتى يصبح رقيقا جدا، ثم يخبز ويسوى في فرن خاص- المترجم[، وهو أحد).bakeالمعجنات "األفرو– ترينيدادّي"، التي يسمونها "باكا" (

مثل هذه المناظرات، واالدعاءات، ليست عادلiiة في المطلiiق، ولكن بهiiا شiiيء من الحقيقة. أما بالنسiiبة للهنiiود، فهم يتقبلiiون بiiالترحيب، النبضiiات الثقافيiiة الجديiiدة،

beenبالرغم من عiiدم اعiiترافهم بiiذلك. لقiiد تم "كiiرولتهم" ( creolisedألفiiب ،( طريقiiة، وطريقiiة. الكثiiير منهم، اقتبس لغiiة الجسiiم، األفiiرو- ترينيداديiiة. أمiiا من الناحية الثقافية، فهم أقرب لثقافة الهند الغربية، منها للهنديiiة. إال أنiiه اليجب القiiول بأن، عملية "الكرولة" كانت شاملة كاملة، فمiiازال الكثiiير من الفiiروق. على سiiبيل المثال، هناك من يقiول، إن كiل مرضiى األيiiدز- تقريبiiا، في الجزيiiرة؛ هم من ذوّي األصول األفريقية. لiiذا، عنiiدما يiiزعم أحiiد األفريقيiiون، أن الهنiiود مثلهم تمامiiا، من حيث اتيان المواقعiiة الجنسiiية، الغiiير شiiرعية، الiiتي تتم بمن يلقونiiه مصiiادفة، من النساء، وأن الهنود مدعو طهر، وتقوى؛ هم منافقون. يكون هذا إدعiiاء مشiiكوك في

صحته، وفي صدقه، إن لم نقل كذبا بواح.

إنفتاح الهنود الثقافي، يضعفه، ويقلiiل من تiiأثيره؛ انغالقهم االجتمiiاعي، الiiذّي هو بنفس الدرجة من القiiوة. الوالiiد في العائلiiة الهنديiiة، ال يiiرغب في زواج إحiiدى

). وحيث أن مؤسسة "األسiiرة"، لهiiا اعتبiiار ووزن، عنiiدnegerبناته، من "زنجي" ( الهنود، أكبر مما هو عند االفارقة؛ فiiإن القليiiل جiiدا، من بنiiات الهنiiود، من يiiدفعهم شعورهم باالستقاللية، ويمتلكن العزيمة الكافية؛ لإلقدام على مثل هذا الزواج. رغما عن غياب نظام "الكاستا" الطبقي، في ترينيداد. ورغما عن إن كل الزواج، بين هنود ترينيداد، هو زواج حب، وليس زواج اجبار؛ فإن البنات الهنديات، يلتزمن بiiالزواج من الفتيان الهنiiود، ومن يجiiرأ على الiiرفض؛ فعليiiه دفiiع الثمن. والكثiiير من المشiiاكل العاطفيiiة الدراميiiة الحديثiiة، في ترينيiiداد، تعiiالج هiiذه القضiiية، "الحب الممنiiوع – المحرم". والثمن المشار إليه، هو "شقة الزواج". فعندما يسير المرء بسiiيارته خالل قرية "هندو – ترينيدادية"؛ فسوف يالحظ إن الكثير من البيوت قد بنيت، وبها أعمدة خرسانية، في الطابق العلوّي. السبب في ذلك هو، إن رب األسiiرة الهنديiiة، يهiiدف إلى بناء شقة، في الطابقة العلiiوّي، عنiiدما يiiتزوج أحiiد أبنائiiه. وهكiiذا، يتمكن االبن المتزوج حديثا، أو االبنة، من السكن فيه، خالل سنوات الزواج األولى، وحiiتى يتمكن من شراء بيت مستقل له. وكما قيل، فإن الزواج رغما عن رغبة االسرة، يكون ثمنه عدم الحصول على شقة الزواج. أما بالنسiiبة للطائفiiة "األفiiرو- ترينيداديiiة"، فهم ال

يفكرون بهذه الطريقة، فالبنسبة لهم، فإن الحرية أفضل، وأهم، من "األمان".

126

أعiiداد غفiiيرة من الهنiiود الترينيiiداديين، واقعين بين رحى المتناقضiiات، بين التقاليد والحداثة العصرية، بين "الهوندة" و"الكرولة"، وبين "األمان" و"الحرية". في المدينة نجد، الكثير من الهنود، قد تم كرولتهم إلى حiiد بعيiiد. ولكن القiiرى، مiiا فتiiأ الكثiiير منهم، يعيشiiون في عiiاداتهم، وتقاليiiدهم، من حيث العيش في أسiiر كبiiيرة العدد، تكون فيها السيطرة، والقيادة المطلقة؛ لألب. ولو أردنiiا المنiiاظرة: إنÖ كiiان، كiiل المصiiابين بااليiiدز تقريبiiا، هم من االفارقiiة الترينيiiداديين؛ فiiإن معظم محiiاولو االنتحار؛ هم من الهنود. بالطبع من الفتيات الهنiiود. وطريقiiة االنتحiiار الشiiائعة، هي عن طريiiiق ابتالع كميiiiة من سiiiم الحشiiiرات. هنiiiاك نiiiوع معين يسiiiمى محليiiiا

)، وهو في الحقيقة منتشر بدرجة كبيرة، إلى حد أنGramoxone"جراموكسون" ( )،Indian Tonicبعض الخبثاء من أهل المدينة، يتفكهون، ويسمونه "انديان تونك" (

المشروب المفضل الهندّي. وتبعا ألحد األخصائيين النفسيين، في مستشiiفى "سiiانSanفيرناندو" ( Fernandoرخةiفإن تفسير محاوالت االنتحار، يجب اعتبارها؛ ص ،(

استغاثة، طلبا للمساعدة والنجدة. محاولو االنتحار من الفتيات، يبتلعون السiiم، وهم يتوقعون أنهم، سوف يحملون إلى المستشفى بسiرعة، حيث تغسiل أمعiائهم، وتتم نجدتهم، ويستمر بقاؤهم على قيد الحياة. سألته، وكأني ساذج ال أفهم: ما هو الدافع لهذه المحاولة إذا؟ وجاءت االجابة: إنهiا تعبiiير عن عiدم القiدرة على التحمiل، لقiد أسيئت معاملتهم من األسرة، وض�غط عليهم لعدة سنوات، واآلن ال يريiiدون المزيiiد، "إن ذلك كفاية". في الواقع، إنه من شiiديد الصiiعوبة، واإليالم، للفتيiiات المراهقiiات الهنديات، رؤية جيرانهم من البنات "األفرو- ترينيداديين"، يمارسون منتهى الحريiiة، ويفعلون بالضبط؛ ما يرغبiiون هن� فعلiiه أيضiiا. بنiiات األفارقiiة، أمiiامهم االختيiiارات: يiiتزوجون من يرغبiiون في الiiزواج بهم، أو يسiiتمتعون بالحيiiاة من غiiير زواج، ولهم اختيار العمل لو أحبو ذلك، ولهم االنتقال من كنف األسرة، والعيش في أحياء أخرى

) في الواليات المتحدة االمريكية،Miamiفي ترينيداد، أو حتى العيش في "ميامي" (أما هم- البنات الهنديات – فيبقون تحت سيطرة رب األسرة.

من الممكن القiiول، إن محiiاوالت االنتحiiار؛ قiiد سiiاهمت في دفiiع االسiiرة الهنديiiة، على معاملiiة بنiiاتهم بأسiiلوب أحسiiن نسiiبيا، بالتiiدريج، لكن الوصiiول إلى الحريiiة الكاملiiة، واالعتمiiاد الحقيقي على النفس، يحتiiاج إلى ثiiورة ثقافيiiة. أحiiد المآسي هي، إن مادة "جراموكسون"، قد طورت من تركيبتها الكيميائيiة، فأصiبحت أكiiثر قiiوة في السiiنين األخiiيرة، واآلن يمiiوت البعض منهiiا، وإن لم يقصiiد المiiوت بإبتالعها عند الرغبة باالحتجاج، وتكون المراهقة قد خططت فقiط لغسiيل االمعiاء

التي تنجو بعدها.

بالرغم من حصiiول الهنiiود في ترينيiiداد على تعليم عiiالي، ومسiiتوى معيشiiة أفضل، ومن الممكن في نهاية المطاف أن يiiأتي رئيس وزراء منهم؛ إال أن الحقيقiiة الواقعة هي: "ترينيداد وتوباجو" كانت، وستظل جزيرة " أفرو – كاريبيiiة". كتب أحiiد

Davidمغنو الكاليبسو، هو "دافيد رودر" ( Ruddirدةiiاغنية يحاول فيها توفير قاع ( لبدء الحوار المجتمعي رسميا، يصiiف فيهiiا ترينيiiداد بأنهiiا "مفiiترق طiiرق"، "نقطiiة تالقي" بين االمريكتين من ناحية، وبين آسيا وافريقيا من الناحية األخرى. وفي نهايiiة السبعينيات من القرن الماضي غنى أحد المغنون األخرون احiiدى أغiiاني الكاليبسiiو،

127

ولقد حدثت ضجة كبيرة عندما حiiاز على الجiiائزة السiiنوية، في مسiiابقة الكاليبسiiو )، واألغنيةBlack Stalinالغنائية. المغني كان له اسم مثير لألنتباه، "بالك ستالين" (

Caribbeanاسiiمها "وحiiدة الكiiاريبي" ( unityةiiا باالنجليزيiiول كلماتهiiوتق ، ( الترينيدادية:

D(th)em in one race - D(th)e Caribbean man

From d(th)e same place - D(th)e Caribbean man

D(th)ey mad d(th)e same trip – D(th)e Caribbean man

On d(th)e same ship – D(th)e Caribbean man

وتعني بالعربية :

إنهم جنس واحد – الرجل الكاريبي

من مكان واحد – الرجل الكاريبي

كانوا في رحلة واحدة – الرجل الكاريبي

على سفينة واحدة – الرجل الكاريبي

"ستالين األسود" هذا، أو "ستالين" فقط كما يناديه أصiiحابه؛ رغب في اعiiادة الحياة، ألحد االفكار القديمة التي نادت بوحدة الكاريبي. وحملت رسالة مضمونها إن

)، و"جويانiiا" (Barbados)، و"باربiiادوس" (Jamaicaالناس في كل من "جاميكا" (Guyana) "و"ترينيداد ،(Trinidadوة، ولهم نفسiiوالجزر الصغيرة بينهما، هم اخ ،(

التاريخ. لكن الهنود شعروا أنهم مستبعدون من هذه القائمة، ولم يتفهموا مقصiiده. لقد اعتبروا أن االغنية التي غناها "ستالين"؛ تعطي االنطباع أن كل منطقة الكiiاريبيكنت من احفاد العبيد، وذلك ما ال يقبلونه. وفي كل مناسبة يوضiiحون، ويؤكiiدون، س� إن الهنiiود لم يشiiاركوا األفارقiiة نفس السiiفينة. وأنهم ال ينتمiiون إلى نفس العiiرق مثلهم، بل إن كثير منهم كانوا يعتبرون ذلك اهانة شديدة موجهة إليهم. وسواء كiiان قصد "ستالين االسود" استبعاد الهنود، أو ادماجهم في نفس "العiiرق الواحiiد" الiiذّيأل "سiiتالين" في أحiiد بiiرامج الراديiiو الiiتي ذكره، فذلك اهانة في الحالتين. ولقد س� استضiiافته؛ عن مقصiiده، فقiiال "لم يخطiiر على ذهiiني الهنiiود عنiiدما كنت اكتب االغنية". وهكذا تأكد للهنود، إن إحساسiiهم باإلسiiتبعاد واإلحتقiiار من جiiانب السiiود؛ كان صحيحا. وفي هذه الحالة فإنiه من األفضiل، أن يسiتبعدوا من شiرف الحصiول

على لقب "احفاد العبيد".

في أوقiiات مختلفiiة يسiiجل تiiاريخ ترينيiiداد محiiاوالت تكiiوين جبهiiة سياسiiية مشiiتركة، بين الهنiiود و السiiود. وفي بعض االحيiiان يكتب لهiiا النجiiاح، ولكن لفiiترة

)، أو حركة "الوعي�Black Powerقصيرة. أما الغالب فمصيره الفشل. "بالك بور" ( ؛ حاولت ضم واجتذاب عناصiiر هنديiiة إليهiiا، إال أن1970األسود"، التي شكلت عام

الحماس كان ضعيف. حاولت القيiادات السياسiية، اعتبiار؛ كiل من لهم بشiرة غiير

128

)، أو ال"مiiوالت"redsبيضاء، يعتبرون سود، حتى هؤالء الذين لهم بشرة "حمراء" ()mulattاiiة، تمامiiمام إلى الحركiiدادّي- وعليهم االنضiiالتعبير الترينيiiأّي الهجين ب - (

كما حدث في الواليات االمريكيiة المتحiدة. ولكن الحiال في ترينيiداد كiان مختلفiا، فترينيداد بهiا أجنiاس وأعiراق، أقiل تنوعiا منهiا، في الواليiات المتحiدة االمريكيiة. وكiانت النتيجiiة أن القليiiل من "الحمiر" انضiiم اليهم، وشiiارك معهم في تظiاهرات حركة "البالك بور". أما الهنود الذين تعاطوا مع الحركة، كانوا أقل بكثير، لقد اعتiiبرو أن وصفهم أنهم سود كiiان سiiخيفا. إنهم يفضiiلون المiiوت على أن يقiiال عنهم إنهم

سود.

VI

كلمiiا مiiر الiiزمن، وبiiدأت األجيiiال الهنديiiة الناشiiئة في إدخiiال "الiiبيض المقلي" و"الهامبرجر"، إلى اجسادهم، دون أّي شiiعور من وخiiذ الضiiمير؛ كلمiiا زاد نسiiيانهم

)، ونسiiيانهم أنiiه أحiiد قصiiيدتين منBahagavadgitaلكتiiاب الi"بهاجافادجيتiiا" (Songالشعر الديني، يسiiميها الهنiiود "أغنيiiة الiiرب" ( of the Lordرiiا مiiوكلم .(

Disneyالزمن، وزاد تفضيل االجيiiال القادمiiة، قضiiاء العطلiiة في "عiiالم ديiiزني" (world) "اسiiعلى سفرهم إلى "فاران (Varanas،تيiiة الiiة المقدسiiحيث المدين ،(

يحج الهندوس إليها؛ ليتطهروا في مياه نهر "الجiiانج". ومن الناحيiiة األخiiرى، فكلمiiا زادت رغبة الجيل الجديد في البعد عن الطقوس؛ كلمiiا زادت صiiيحات المتشiiددون في القوة، والشدة، عند الحديث عن حiiدود االبتعiiاد عن التقاليiiد، والطهiiارة. ولكن، وعلى مiiا يبiiدو - على أيiiة حiiال- فiiإنهم يجاهiiدون لالنتصiiار في معركiiة حكم عليهiiا بالخسارة. إن هناك القليل، أو قل ال شيء، من التجارب الحياتية الواقعية، ما يشiiير إلى إن الهنود الترينيدادين في عصiiرنا الحiiديث، يريiiدون إحيiiاء الثقافiiة الهنديiiة، أو استيرادها، تماما كما تمارس في الهند. لم تعد الهند مiiوطنهم ، وهم يعلمiiون يقينiiا،إن مستوى معيشتهم أفضل من مسiiتوى معيشiiة أقربiiائهم األبعiiدون في "بيهiiار" (

Biharود، فيiiود، والسiiائم بين الهنiiدار القiiإن الجiiك، فiiالرغم من ذلiiلكن، وب .( ترينيداد، ربمiا يظiل قائمiا وال يهiدم. على كiل حiال؛ فiإن االختالفiات الثقافيiة بين

الطائفتين، آخذه في التناقص.

بعض القطاعات من المجتمع، ومن الحكومة، تنبهت إلى إن أسلوبهم الحiiالي في محاولة بناء أمة موحدة ذات هوية واحدة، ليس إال وصفة للiiنزاع العiiرقي. ذلiiك ألنه بوجiiه عiiام فiiإن كiiل الشiiعارات القوميiiة الحاليiiة في "ترينيiiداد وتوبiiاجو"، هي شiعارات وضiعها السiود. وكخطiوة أولى للتوحيiد؛ أعلن المسiؤلون عن اوركسiترا موسيقي، اسموه "االوركسترا القiiومي"، يعiiزف موسiiيقى هنديiiة، وذلiiك من خالل

). وبالطبع، فiiإن هiiذا الحiiدث لiiوBWIAشركة الطيران القومية "بي دبليو أّي أيه" ( كان قد حiiدث منiiذ عشiiر سiiنوات فقiiط؛ إلعتiiبر عمال شiiديد الغرابiiة. أيضiiا، يمكن

) القiiومي في "الهنiiدCricketاالشارة إلى إن الكثير من العبي فريق "الكريكيت" ( الغربية"، هم من الهنود. وأنه، عندما حاول مصنع قومي للبiiيرة االعالن عن منتوجiiه في اعالن تلفزيوني، اسiiتعمل األغiiاني الهنديiiة فقiiط. هiiذه الخطiiوات البسiiيطة، ال

تستطيع منع نزاع عرقي، لكنها، على أية حال، يمكنها التقليل من حدته.

129

لقد عايشت ترينيداد، منذ الحرب العالمية الثانية، وعلى وجه الخصوص االربiiعCulturalعقود االخيرة، "عملية ثقافية" ( Processرائبiiبر غiiا أكiiيمكن إعتباره ،(

المدنية والمعاصرة. فكلما أصبح االنسان اكثر "فردية"، وكلما ضعفت الروابط الiiتي تربطه بالعائلiiة والجiiذور المحليiiة؛ كلمiiا زاد الحiiديث حiiرارة، عن المجتمiiع الواحiiد األصيل النقي. وكلما تشiiابهت البشiiر على المسiiتوى الثقiiافي؛ كلمiiا زاد اهتمiiامهم بالتمiiايز، والتفiiاخر، والتبiiاهي، فيمiiا بينهم. دعنiiا نأخiiذ على سiiبيل المثiiال مسiiابقة

)Chutneyالجمال الهندية، ومسابقة إعداد أصناف جديدة من وجبات "الشiiوتني" ( ).Chaguanasالغنية بالتوابiiل الهنديiiة، اللiiذان يقامiiان في مدينiiة "شiiاجواناس" (

إنهمiiا متطابقتiiان تقريبiiا، مiiع مسiiابقة الجمiiال الكريوليiiة، واسiiتعراض الكاليبسiiو الموسيقي. الفارق بينهما بسيط ضئيل. لكن، كالهما يحiiاول اظهiiار، وتأكيiiد جنسiiه. وكiiذلك نسiiتطيع ذكiiر المسiiلمين الترنيiiداديين، فهم يحتفلiiون كiiل عiiام بمiiوكب

)، وذلiiك في ذكiiرى تiiأبين شiiهداء االسiiالم الحسiiن والحسiiينHosay"الحسiiين" ( (رضي الله عنهما)، بأسلوب يبدو مخجال، ومهينا للمسiiلمين، في أّي مكiiان آخiiر في العiالم القiديم. يتكiiون المiوكب من شiiباب راقص، وموسiiيقى شiiديدة الوقiع على األذن، تشبه كثيرا، موسيقى الكرنفاالت األخرى. أسلوب األداء في االحتفاالت واحiiد

لكل الطوائف، الفارق أنهم كلهم؛ يحاولون التأكيد على اعراقهم، وانتماءآتهم.

نتيجة لذلك تولد "حالة"، يiiزداد فيهiiا كال من، الهنiiود الترينيiiداديين، واألفارقiiة الترينيiiداديين؛ تشiiابها وتقاربiiا في الناحيiiة الثقافيiiة، لكن الفiiوارق العرقيiiة بين

الطائفتين تزداد وتقوّي.

) يعiiود إلىethnicity هiiل مiiازال هنiiاك من أحiiد، يعتقiiد أن "الحس العiiرقي" (الفروقات الثقافية؟!

Lloyd"للويد بست" ( Bestصiiعر، متخصiiرجل بشوش الوجه، رمادّي الش ( في علوم االقتصاد، وسياسي سابق، يسكن أحد البيوت المتناثرة عشوائيا، والمبنيiiة

Lateعلى االسiiلوب المعمiiارّي "الفيكتiiورّي المتiiأخر" ( Victorianالقرب منiiب ،( .Stالجامعة في "سانت أوجستين" ( Augustineسiiو مؤسiل هiذا الرجiان هiك .(

)، وهiiو حiiزب يiiرفض أن يعiiترف بأهميiiة "العرقيiiة " فيTapiaحiiزب "تابيiiا" ( السياسiiة. وكiiانت العقيiiدة السياسiiية للحiiزب "تابيiiا"؛ ليبراليiiة، ديموقراطيiiة،

، وهمiiاULF و PNMاجتماعية. ولكنه، لم ينأى بنفسiiه بعيiiدا عن الحiiزبين الكبiiيرين يمثالن على التوالي: السود، والهنود. وبiiالرغم من إن الجميiiع في ترينيiiداد، يتحiiدث بلطف ومودة عن الحزب؛ إال أنهم في نفس الوقت، يعتبرونه مثاليا بعيد عن الواقع، وال أمiiل في تحقيiiق مبادئiiه. واآلن، فiiالحزب موجiiود على الiiورق، فحسiiب. وعنiiد تفكرّي في الحالiiة الترينيداديiiة بiiرز السiiؤال: أليس من الغiiريب أن مجتمعiiا اختiiار التغيير، والتطوير، والحداثة، خالل كل تاريخه، مثل المجتمع في ترينيداد؛ ال يسiiتطيع تجiiاوز الخالفiiات الهادمiiة، بين الهنiiود واألفارقiiة؟ أجiiاب "للويiiد بسiiت" على هiiذا السؤال بقوله: إن االختالف بين هاتين الطiiائفتين الكبiiيرتين، أصiiبح وكأنiiه "عقيiiدة، وعادة ثقافية" في ترينيداد. وأضاف، "أقiiرأ مثال مiiا كتبiiه "فيiiدا نiiايبول"، في قصiiته

130

بيسواس" للسيد تمت،A House For Mr. Biswas(*"منزل مقابلة عند وذلك ،( بين "بيسواس" والسود األفارقة في مدينة "سانت جiامز"، في مشiهد حيث ينتقiل "السيد بيسiiواس" (وهiiو الشخصiiية الiiتي تجسiiد "سيبرسiiاد نiiايبول" إلى المدينiiة:

)، وكانت هiiذه هي المiiرة األولىNegre"القاطنون اآلخرون هناك، هم من الزنوج ( للسيد "بيسواس" التي يجاور فيها السود، فهو لم يعش من قبiiل أبiiدا مجiiاورا لهiiذا الجنس، وقربهم منه قوى هذه األحاسيس الغريبة، االسiiطورية، الiiتي تولiiدت عنiiده عندما كان بالمدينة . لقد كان أكلهم له رائحة اللحم، وطريقiة معيشiتهم تبiدو أقiل

نظاما وترتيب، والنساء تحكم الرجال".

بالرغم من كل ذلك؛ فإن األمل كبiiير، أن العالقiiة بين الهنiiود والسiiود، تiiزداد تحسنا بوجه عام. يقول "للويد بسiiت": "إن الiiذّي نشiiاهده اليiiوم، ليس إال "عمليiiة

douglaisationدجولة" ( Process) "دوجالiو "ال ،(The Douglaةiت كلمiليس ( شاذة، في قائمiiة الهويiiة العرقيiiة الترينيداديiiة. إنهiiا تعiiني الفiiرد ال "ال منتمي"، أو "ليس هذا، وال ذاك"، بمعنى ليس افريقيا أو هنديا. أو يمكن القول أنه الفرد المكون من "هذا، وذاك"، أّي نصف هندّي كاريبي، أو نصiiف إفiريقي كiاريبي. وأصiل كلمiة

) مقتبسiة من اللهجiة الهنديiة، المسiماة اللهجiة "البهجبوريiة" (Dougla"دوجال" (Bhojpuriوتعني "المولود الغير شرعي"، أو "ابن الحرام"، ومقصود منها االزدراء ،(

واالحتقار، بالتأكيد. ولكنهiiا تiiرددت كثiiيرا، في األدب الترينيiiدادّي. وأجiiد – يسiiتطرد "بست"- إن أفضل وصف ل"الدوجال" في اآلدب والفنiiون، هiiو الiiذّي ورد في أغنيiiة

"،split me in two بعنوان "1961من أغنيات ال"كاليبسو" ، التي غ�نت في عام أو "اشطرني إلى شطرين". مغiنى الكاليبسiو نفسiه كiان من الiدوجال، أراد تحiiذير المسؤلين في ترينيداد، لو قرروا ارسال ابناء الجزيرة إلى البالد األصiiلية، الiiتي جiiاء منها آبائهم. البعض سوف يعيiiدونهم إلى الهنiiد، والبعض اآلخiiر إلى افريقيiiا، ولكن ،

,Wellإلى أين سوف يعيدونني؟ "حسiiنا، سiiوف يضiiطرون إلى شiiطرّي نصiiفين" (they will be obliged to split me in two،وفي المقطع التالي من األغنية .(

يصل المغنى الجرّيء إلى وصف حالة، من حاالت النزاع العرقي. لقد كiiانت النتيجiiة بالطبع، كمiiا هiiو متوقiiع: "عنiiدما أبحث عن ملجiiأ عنiiد االفريقiiيين، أو عنiiد الهنiiود،

يطردوني قائلين: اذهب إلى من هم من جنسك".

Lloydيعتقد "للويد بست" ( Bestةiأنه، ليس من الضرورّي أن تجرى عملي ( )، لسكان ترينيiiداد، بiiالمعنى الحiiرفي للكلمiiة. وذلiiك ألنDouglarising"دجولة" (

عملية الدجولة الثقافية، تتم فعال بسرعة. مثل هiiذه العمليiiة الثقافيiiة، ربمiiا يمكننiiا ). لكن هذه اللفظة تعني شiiيئا أخiiر في ترينيiiداد.Creolisationتسميتها "كرولة" (

)، أو التكامل مع أسلوب حياة األفرو- ترينيداديين، وهمto fitفهي تعني "التكيف" (الفئة الغالبة. ويعتقد "بست" أن التأثير ذاهب في كال الطريقين".

ويضيف "بست": أما بالنسبة لي فيساورني بعض الشك، إنه من الواضiiح إن االفريقيين - مع مراعاة بعض االستثناءات، ال رغبة لiiديهم في االقتبiiاس من الهنiiود. لناخiiذ الطعiiام، على سiiبيل المثiiال، مiiا هي الوجبiiات المعتiiادة في ترينيiiداد؟ إنهiiا

هذه القصة ترجمت إلى العربية، ونشرتها الهيئة العامة للكتاب في القاهرة – المترجم **

131

)، والiiدجاج مiiعDoubles)، و"الiiدبلز" (rotis)، و"الروتيس" (Callaloo"الكااللو" ( األرز. "الروتيس" و "الدبلز" أكالت هنديiiة؛ وال أحiiد ينكiiر ذلiiك. أمiiا "الكاللiiو"، فهiiو خليط من هنا وهناك، تماما مثل ترينيداد نفسها". عند ذلك تولiiدت عنiiدّي رغبiiة في

Kentakyقiiول : إن الوجبiiة الشiiائعة في ترينيiiداد هي "كنتiiوكي فريiiد تشiiيكن" (Fried Chicken"بست"iولكني تماسكت، وأقفلت فمي ولو لمرة واحدة. كانت ل (

مالحظة مهمة فعال، فبدال من مجتمع ألوان طيفه متفرقة، يرى هو "كومبوت فاكهة" ، أو "سلطة فاكهiة"، حيث ال توجiد حiدود واضiحة، وتكiiون المنiiاطق كلهiا رماديiiة. والسبب في أن "الدوجال" يمثiل بالنسiبة لهم شخصiية محتقiرة، ذلiك أنiه بالضiبط

يحطم الصورة الواقعية الواضحة، حيث الجميع إما "كريول"، أو "هنود".

حiiتى اآلن لم يصiiادق التiiاريخ على تحليالت "للويiiد بسiiت"، فiiالبرغم من إن عملية الدمج، والتوحيiiد الثقiiافي تتم بسiiرعات متزايiiدة؛ إال أنiiه ليس بالضiiرورة أن يكون الناتج "كل مذاب"، عند الحديث على مستوى "الهوية". على العكس :إنiiه من الطبيعي، في مثل هذه الحاالت أن تكون "الهوية العرقية" و"التقاليiiد"، لهمiiا أهميiiة أيديولوجية. إن السمك ال يحس بحاجته إلى الماء، قبل أن تخرجه منهiiا. ومن ناحيiiة أخرى، فإننا ال نستطيع استبعاد امكانية وجود، نوع معين من السمك، يتعلم بالتiiدريج التنفس في الهواء، وبعد فترة ينسiى البيئiة المائيiة، الiتي كiانت تمثiل بالنسiبة لiه حاضنته. وفي حياتنا العملية، كانت كiiل اشiiكال الحيiiاة مرتبطiiة بالمiiاء، منiiذ مئiiات

) مiiتريب، إلىamphibianالماليين من السiiنين، حiiتى جiiاء أول كiiائن "برمiiائي" (الشاطئ الطيني الضحل، حيث يقبع أمل "للويد بست" لترينيداد.

ترينيiiداد بهiiا كiiل "العناصiiر التاريخيiiة"، لكي تصiiبح مجتمعiiا يiiزرع وينشiiأ "المختلف"، أو "الكريولي"، من المناطق الرمادية. إنها عناصر مختلطiiة، والتنiiاقض فيما بينهما هو الذّي يعطي الجزيiiرة حيويتهiا الرائعiة. فلمiاذا إذا ال نتوقiع أن يتمكن

الهنود واألفارقة، من الذوبان سويا؟

هناك العديد من االجابiiات على هiiذا السiiؤال، وإلى اآلن اسiiتطاعت ترينيiiداد االستفادة كثيرا من قدراتها االبداعية. في ترينيداد كل شيء ممكن، لكن يجب فعلiiه

"،The Middle Passageبمظهر فخم. وعندما كتب"ف.إس. نايبول"، في قصته " أو "الممر المتوسط"، إن السود في الجزيرة سiiوف يسiiتمرون في اعتمiiادهم على أفالم اآلخرين، وكتبهم، وبضائعهم"؛ فإنه نسiي� إن هiذه المنتجiات األجنبيiة، هي في الحقيقiiة، كiiانت عناصiiر ابتدائيiiة، صiiهرت معiiا، وأعطت سiiبيكة جديiiدة تمامiiا، في الجزيiرة. لنأخiذ على سiبيل المثiال السلسiلة الطويلiة من القصiور المتراصiة في

Maraval"طريق مارافiال" ( Roadةiبان"، المعروفiورت أوف سiة "بiفي مدين ،( باسiiم "السiiبعة العظمى". يحتiiل قمiiة هiiؤالء السiiبعة، "قلعiiة – سiiتولميير" (

Stollmeyer Castleتوحى من "الفنiiوهي عبارة عن قصر خرافي، جميل، مس ،( )، بناه مهاجر أيرلندّي، في مطلع القرن العشرين.Gothic Inspirationالقوطي" (

Whiteالمنزل التiالي المسiمى "هiويت هiول" ( Hallوiر األبيض"، وهiأو "القص ،( قصر خصص لسكن رئيس الوزراء، وهو عبارة عن مبنى رصiين، كالسiيكي، حiديث،

). بينمiiا مiiنزلVeneziaيبدو وكأنiiه مبiiنى "فينيسiiي�"، نسiiبة إلى مدينiiة البندقيiiة (

132

). أمiiا "مiiنزل امبiiارد" (monastery)، يiiذكر بالiiدير(Archbishop"المطiiران" (Ambard House) "اردiiيون امبiiاعي"لوسiiب إلى االقطiiذّي ينسiiال ،(Lucian

Ambardوiالي هiiبيت التiة. والiiية األوربيi؛ فقد بنى على الطراز والهندسة الفرنس( Mille"ميال فليورز" ( Fleurs،يكيiiهو عبارة عن بيت من الخشب، كريولي كالس ،(

وبه زينة، ورسوم، والهندسiة الفيكتوريiة ، إلى جiانب فتحiات التهويiة الكبiيرة. أمiاHayesمiiنزل المطiiران االنجيلي المسiiمى "هiiايس كiiورت" ( Courtةiiأو"باح ،(

هايس" ؛ فهو منزل يخلط بين الهندسة المعمارية االنجليزية، والفرنسiiية، في فiiترةQueen’sاالحتالل. بينمiiا "كويiiنز رويiiال كولiiدج" ( Royal Collegeةiiأو"الكلي (

الملكية"، التي تعتبر أفضل مدرسة ثانوية، يمكن وصفها بأنها بنiiاء ألمiiاني، بiiني� في عصر النهضة. ويظهر فيه تأثير العمارة الفيكتورية بشكل واضح. ومن الواضح أننا لو قارنا هذه القصور باألصل األوربي، فسوف توصف بأنها نسخ مقلدة. لكن، لiiو تأملنiiا بتمعن، في هذه السلسلة من القصور، لوجدنا إنها "أصiiل" وليسiiت تقليiiد. وسiiوف تبين لنا قiدرة الترينيiiداديون المدهشiة، المتفiردة، في المiزج بين المتشiابه، وغiiير المتشابه. إن هذه القدرة، هي بالضبط التي تميز الترينيداديون، وهي الiiتي تؤكiiد أن أّي حكم مسبق على الجزيرة يقول: أنها قفزت مباشiiرة من البربريiiة إلى الرفاهيiiة دون المرور بطريق الحضارة الشاق العسير؛ سيكون حكما خاطئا. ولو فعiiل المiiرء

ذلك فإنه سيكون كالقارئ لتضاريس في خريطة غير صحيحة.

***

هiiل من الممكن أن يجiiد المiiرء "حiiنين إلى الماضiiي" في بلiiد يتوجiiه إلى المستقبل مثل ترينيداد؟ االجابة هي: نعم، بالتأكيد. الحنين إلى المستقبل هو السائد المنتشر في الحقيقة. وذلك في صورة اجiiترار أحالم يقظiiة، عن ماضiiي اسiiطورّي، ومستقبل مثمر يزداد إشراقا. ماضÂ مازال يiiؤمن بسiiحر المعاصiiرة والحداثiiة. لكن البعض من الترينيiiداديين، يصiiيبه شiiعور بiiالقلق، وتتقiiاطر حبiiات العiiرق من جبينiiهعندما يذكره أحدا بطفولته. بينما بعض® آخر، يتملكه شعور حار من "الميالنوكوليiiا" (

melancholy.أو الحزن العميق ،(

والحiiنين إلى المجتمiiع التقليiiدّي الماضiiي موجiiود أيضiiا، خاصiiة بين الهنiiدو- ترينيداديون، أما اآلخرون من السود فلم يألفوا أبدا مجتمعا تقليديا. ذات يوم أخiiذت تاكسي مشاطرة مع احدى الصحافيات الترينيداديات، الiiتي تقيم جزئيiiا في ميiiامي.

). كانت الصحافية منChaguanasاتجهنا إلى الجنوب، قاصدين مدينة "شاجوناز" ( أصول هندية، واخذت تمعن البصر في حقول قصب السكر، التي كiiانت تمiiر بجانبنiiا مر السحاب، وكذلك تلك البيوت الصغيرة المتقاربiiة من بعضiiها البعض، حيث جلس الفالحiiiون تحت ظالل الشiiiجر، يتبiiiادلون الحiiiديث وهم يلعبiiiون بiiiأوراق اللعب، "الكوتشينة". صاحت الصحافية: "من الممكن أن أتمنى مثiiل هiiذه الحيiiاة". سiiألتها متعجبiiا: أعتقiiد انiiك ال تعiiنين مiiا تقiiولين. لكنهiiا نفت، مصiiممة على تأكيiiد رغبتهiiا. وشرحت اسباب ذلiك قائلiiة: "لقiد نشiأت وترعiرعت في مثiiل هiذا المكiiان، حيث األمان، والجذور العائلية الرابطة، والتي فقدتها منذ زمن، لقد رأيتها في تلك الiiبيوت المنتشرة هنا وهناك، حيث يعرف الجميع مكان سكنه، وحيث ال توجد أسiiرار، وحيث

133

دفع، بمiا �iه ثمن يجب أن يiيئ لiل شiيقبلني الجميع، على الصورة التي أنا عليها". ك في ذلك الحرية. ولكن السؤال هو: هل بالفعل سوف تقبل الصiiحافية هiiذه الحيiiاة،

عندما يبدأ المسرح في رفع الستار؟

وقبل أن يغير التاكسي اتجاهiiه إلى "شiiاجوناز"، تiiدخل السiiائق في الحiiديث يذكرنا بإن البالد تمر اآلن بمشكلة اقتصادية، قائال: "يجب أن نتذكر أننا نمiiر بمرحلiiة ركود اقتصادّي اآلن". وبادرته بالسiiؤال عن مشiiكلة البطالiiة، ومشiiاكل الكوكiiايين، وتزايد العنف والجريمة، وكيف تواجه الحكومة متطلبات الحiل. أجiاب: "لقiد وصiلنا قاع البئر تقريبا". نعم، بالتأكيد فإن وضع ترينيiiداد اليiiوم، يبiiدو ال أمiiل في اصiiالحه. ولكن من ناحية أخرى، فإن المشاكل ليسiiت بهiiذا العمiiق، ومن الممكن اصiiالح مiiا

فسد.

***

المقال الرابع

بروكسل: من يرغب في الموت من أجل أوربا؟

بروكسل مدينة ليس لها هوية واضحة؛ لو نظرنا إليها بعين استكشiiافية. فنحن "،Bruxellesالiiiنرويجيون ال نعiiiرف كيiiiف نتهجى اسiiiمها. اسiiiمها بالفرنسiiiية "

". أمiiا طريقiiة التهجي النرويجيiiةBrussel"، وباأللمانيiiة "Brusselsوباإلنجليزيiiة " " فهو مطابق لمiiا في الهولنديiiة، ولكن النطiiق الiiنرويجي للكلمiiةBrusselلألسم "

"، التي تنطق "بروسل". على كل حال، بروكسiiل هيBrusselفمثله في األلمانية " تلك المدينة التي نعرفها بأنها المدينة التي يمر بها المرء حين يركب القطار الiiدولي¦ ¦- لو أراد السفر من العاصمة الهولندية "امستردام" قاصدا الليلي – وربما يكون نائما العاصمة الفرنسiية "بiiاريس". وهكiiذا نراهiا، مدينiiة غiiير ممiيزة الهويiiة، بال حiدود

واضحة، لم يكن المرء ليقصدها لذاتها.

سبب مثل هذا الحكم القاسي، يقع وزره؛ ليس على المدينة نفسiiها بiiل على الدولة ككل. فكيف تكiiون عاصiiمة لدولiiة ال تريiiد أن تصiiبح دولiiة، وال تعطي المiiرء االنطباع بمظاهر الفخر، وال الثقافة؛ التي ينتظرها الزائر، من عاصمة أوربيiiة؟ يمكن للمرء وصف "اوسلو"، العاصمة النرويجية، بأنها مدينة ليست كبيرة أو مهمiiة. وأنهiiا ليست محببة إلى كثير من النرويجيين. ولكنها، على األقiiل؛ فهي تحiiوّي: سiiفينة من

)، والمتحف الشعبي المفتوح، ومدرج القفز والiiتزلج علىVikingسفن "الفيكينج" ( الجليد، وطبيعتها الساحرة،. وكذلك فهي بالتiiالي؛ تعطي صiورة عن الiنرويج، وتعiبر

.¦ عنها رمزيا

134

"بروكسل" على العكس من ذلك، فهي مدينة ليس لها دولة، وال تجمع قiiومي يلمسه المرء. ويقال، إن هناك بلحيكيا واحدا فقط في العالم، وهiiو الملiiك "بiiودوين

)، الذّي كان يقدم نفسه في اللقاءات الدبلوماسية بلغتين. ولوBoudouin Iاألول" (¦؛ لما أصابني بالدهشة، وذلك ألنه اليوجiiد من يمكن أن يكiiون كان هذا القول صحيحا

¦. من هiiو المثiiال البلجيكي؟ هiiل هiiو "هiiيركول بiiويروت" ( Herculeمثiiاال بلجيكيiiاPoirotوiiتي"؟ أو هiiا كريسiiص "أجاثiiأخوذة من قصiiية،المiiممثل الحلقات البوليس (

)؟ أو "جين – كالود فiiان دامiiا" (Maigret)، و"ماّي جرت" (Simenon"سيمنون" (Jean- Cloude Van Damme؟ هل يوجد بلجيكيون مشهورون آخرون، يمكن أن(

يمثلون البلجيك؟ ال تسألني، فأنا ال أتذكر ما اسم رؤساء وزرات البلجيك. وذلك ألنiiه عند الحديث عن رئاسة الiiوزراء في البلجيiiك؛ فيجب اسiiتعمال ألفiiاظ الجمiiع. إنهم

)،Walloon)، والثiiاني "والiوني" (Flemingثالثiiة رؤسiiاء وزارة. واحiد "فلمنكي" ( .1993أما الثالث فهو "فيدرالي"، حيث أن البلجيك أصبحت دولة فيدرالية منذ عiiام

ويحكي في التiiاريخ الحiiديث جiiدا أن الثالثiiة زارو "طوكيiiو"، واسiiتقبلوا في نفس الوقت، بينما ال يعرف أّي منهم ميعاد وصول اآلخرين، واليعرف سبب الزيiiارة. هiiذه

¦ ومتفرقون. الحادثة اكدت انطباع اليابانيون أن األوربيين مفككون تماما

ومن خصوصية البلحيiiك وبروكسiiل؛ أنهمiiا يقعiiان على الحiiدود الفاصiiلة، بين أوربiiا الالتينيiiة، وأوربiiا الجرمانيiiة. على نفس المنiiوال الiiذّي يمiiيز مiiدن أوربiiا

)، وWien)، و"فيينiiا" (Bratislava)، و "براتيسiiالفا" (Prahaالمتوسطة: "بiiراغ" ( )، وكلهiiا تقiiع في مفiiترق الطiiرق، بين الجiiانب "السiiالفي"Krakow"كراكiiوف" (

)،Sarajevo)، و "سiiرايفو" (Istanbulواآلخر"الجرمiiاني". وكiiذلك "اسiiطانبول" ( المدينتان اللتان تفصالن بين الجزء المسiiيحي، و اآلخiiر االسiiالمي. وكiiذلك مiiدينتي

)، اللتiiان يفصiiالن أوربiiا الالتينيiiة عنTrieste)، و "تريستا" (Ljubljana"ليوبليانا" ( أوربا السالفية والجرمانية. والمiدن الiتي تقiع خiارج مiiا يسiمى اآلن "ألمانيiiا" على

)، و"بروكسiiiل"، و"لوكسiiiمبرج" (Maastrichtحiiiدودها الغربيiiiة:"ماسiiiترخت" (Luxembourg) "و"ستراسبورج ،(Strasbourg،تركةiiكل هؤالء لهم سمات مش .(

في أن كل منهم لها طبيعة مركبiiة، من حيث اللغiiة، والiiدين، والهويiiة. وأنهم هكiiذا؛Theمنذ أن أنشأ ووحد "كiiارل العظيم" ( Great Karlةiiة الرومانيiiاالمبراطوري" (

المقدسة"، المكونة من البلدان المختلفة، والتي سميت الحقا باألمة األلمانيiiة. وهي ) بأنهiiا ليسiiت مقدسiiة، وليسiiت رومانيiiة، والVoltaireالiiتي وصiiفها "فولتiiير" (

امبراطوريiiiة. وفي بعض األقiiiوال يiiiذكر: إن الحiiiدود ذات األهميiiiة السياسiiiية والعسiiكرية، بين ألمانيiiا وفرنسiiا، قiiد نشiiأت في ذلiiك الحين. وإن أحفiiاد "كiiارل

)، كiiان أحiiدهما يتكلم األلمانيiiة،Louis) و "لiiويس" (Lotharالعظيم"، "لوثiiار" ( واآلخر يتكلم بالفرنسية. على هذه الخلفية فإن من عجائب التiiاريخ هي، إن الشiiارع

Euroالذّي به الفندق، الذّي يحمل أسم "القرية األوربية" ( Villageدقiiو الفنiiوه -( الذّي تعودت النزول فيه عند زيارتي لبروكسiiل- لiiه اسiiمان مختلفiiان: األول شiiارع

)، والثاني "كارل دّي جروتيالن"Boulevard Charlemagne"بولفارد شار ماجنا" ()Karel de Grootelaan.(

عبر التاريخ فإن هذه المدن؛ التي تقع في المفترقiiات، هiiوجمت، وحوصiiرت، وغزيت، ووقعت رهينة، وقسمت كغنائم حرب، وسويت مiرارا بiاألرض. وهكiذا عنiد

135

اعادة رسم الحدود الجديدة؛ نشأت حدود غير مرضiiى عنهiiا، ومتنiiازع عليهiiا، وذلiiك عند المكان نفسه الذّي رسiiمت فيiiه الحiiدود الفرنسiiية - االلمانيiiة تقريبiiا، وبعبiiارة

) الكiiاثوليكي، والبروتسiiتانت. وبالتiiالي ولهiiذاPavaأخiiرى بين التiiابعين لi"البابiiا" ( السiiبب كiiان من الطiiبيعي، أن تولiiدت من حين آلخiiر، بiiواعث ومحفiiزات لحiiروب

تم1695تحرير، وتسيير غiiزوات، تكiiاثر فيهiا القتiiل، واالغتصiiاب. وفي نهايiiة عiام ) في بروكسل، نتيجة للقذف المكثف والمركزGrand Placeتدمير "جراند بالس" (

Ludvigلمiiدة يiiومين كiiاملين، من جيش "لiiودفيج - الرابiiع عشiiر" ( - XIVمن ( ¦ للمدينة، طوال سنين القرن الثiiاني عشiiر. ولهiiذا المرتزقة. هذا الميدان كان مركزا فقد أختير هذا المكان؛ القامة االتحاد األوربي. فال يوجد اماكن في مناطق أخرى في أوربا؛ تنال التأييد والتوافق التام عليها بين األعضاء؛ مثل هذا المكان. في "سiiتراس

)، مiiا يiiذكر المiرء بتiiاريخLuxembourg)، و "لوكسمبورج" (Strasbourgبورج" ( المدينة. كل االتصاالت المكتوبة تقريبا تتم بالفرنسية، بينما لغة الحiiوار تتم بمختلiiف،¦ اللهجiiات األلمانيiiة. وفي بروكسiiل على وجiiه التحديiiد، يصiiبح الوضiiع أكiiثر تعقيiiدا¦. أغلب القاطنين بالمدينة، هم من المتحدثين بالفرنسية، بينمiiا تقiiع المدينiiة وتشابكا في الجزء الذّي يتحiiدث الهولنديiiة، (وهنiiاك بعض الفلمنكيiiون الiiذين يزعمiiون أنهم يتحiiدثون "الفلمنكيiiة"، ولكنهم ال يسiiتطيعون البرهنiiة على أن لهجتهم تختلiiف عن الهولندية). واللغة الفرنسية والهولندية لغتiiان متوازيتiiان من حيث االسiiتخدام. حيث لوحiiات الطريiiق، واإلعالنiiات، تكتبiiان بiiاللغتين. وفي بعض الحiiاالت نجiiد بعض العنصريين القوميين، يقومون بiiرش اللوحiiات، في محاولiiة لطمس اللغiiة األخiiرى.

-Antwerpenمثال: لوحة طريق تبين اإلتجiiاه "انت فiiيربن – انفiiرس" ( Anvers( طمست فيها الكتابة الفرنسiiية، بحيث ال يسiiتدل على االتجiiاه إال السiiائقون، الiiذين

يقرءون الهولندية.

بروكسل مدينة، تتميز بالعظمة المتكلفة، والمتغطرسة. فعندما دمرت معظمGrandالمباني الكبيرة في "جرانiiد بالس" ( Placeرةiiا مiiكانها في بناءهiiدأ سii؛ ب(

¦. وفي عiiام ، كiiان الميiiدان يعج بالزينiiة1699أخرى، وتم ذلك في وقت قصiiير جiiدا والزخiiارف. وأصiiبح مركiiزا تجاريiiا ملiiيئ بأغنيiiاء اليهiiود، والفرنسiiيين، واأللمiiان، واألسبان. واليوم؛ فإن الميدان "جراند بالس" يعطيiiك نفس االنطبiiاع، الiiذّي تعطيiiه الشيكوالته البلجيكية. ينتاب المرء انطباع الغنى والقوة والعظمة، وبعد تذوق القليل، يصاب بسرعة بإحساس الشبع، وثقل في البطن، والرغبة في الغثيان. وبوجiiه عiiام؛

)، الiiتي تتمiiيزGothicفإن الميدان مليء، بالمباني المبنية على الطراز "القوطي" ( باالبراج الهرمية، ذات القمiة العاليiة الرفيعiة، ومقiابص االبiواب المطليiة بالiذهب، والزجiiاج الملiiون المزخiiرف، واألعمiiدة المرمريiiة المزخرفiiة، واألسiiقف منحiiدرة

الجانبين.

رحلة قصيرة مشيا على األقدام، خالل قلب العاصiiمة بروكسiiل؛ سiiوف تثبت للمرء، إن ميدان "جراند بالس" ليس متفرد الخواص والسمات. فالمدينة كلها مليئة بالناس، واألبنيiة الضiخمة الفخمiة. وقiد كiانت المدينiة في فiترات متواليiة مركiزا

) - وهم األسiiبان الiiذين توطنiiوا هولنiiدا،Brabanterإلقامة األغنياء "البرابiiانتيون" ( وكذلك االمبرياليون البلجيك. والمدينة تعج بتماثيل الفرسان، والحدائق المعتنى بهiiا،

)- وهiiو رمiiز الخصiiوبة-Phallicوبهiiا الكثiiير من األنصiiبة التذكاريiiة ل"فاليiiك" (

136

الموضiiوعة في امiiاكن اسiiتراتيجية من الحديقiiة، والقصiiور واالبiiراج المبنيiiة على الطراز "القiوطي المتiiأخر". ومشiكلة البلجيكيiiون- لiو وجiد من ينطبiiق عليiiه هiذا االنتساب – هي في الواقع؛ الشعور العميق بالعظمة والفخر، الذّي ال يجد المiiرء لiiه إشارة، أو تصديقا على أرض الواقع. فهiذه التماثيiل والنصiب التذكاريiة، تحتiاج إلى واقع وتاريخ يذكر بها بشكل مستمر. والبلجيكيون ليس عندهم أعيiiادا يحتلفiiون بهiiا، لكنهم على أقل تقدير راغبiiون في إقامiiة االحتفiiاالت ألنفسiiهم. عنiiدما يظهiiر أحiiد الشخصيات البلجيكية في نشرات األخبار العالمية، فذلك ال يرجع إلى إن البلجيكiiيين انفسهم، هم الذين فعلوا شيئا يستحق الذكر، أو يثير االهتمام، فاالخبار التي نسمعها

1985اآلتية من البلجيك هي أخبار االتحiاد األوربي، أو أخبiار حلiف النiاتو. في عiام Éسiiل- هiiيزل" ( جاءت أخبار مثيرة حقا؛ من أكبر ستاد للكرة في بروكسل، ستاد "هي

Heysel- Heiselذّي الiiروّي األعمى، الiiف الكiiاال مهم للعنiiك مثiiأصبحت بعد ذل ،( طائل منه. ففي مناسبة نهائي "كأس أوربا"؛ اشتبك مشجعوا فريق النادّي االنجليزّي "أرسنال" مع مشجعي نiiادّي "جوفنتiiوس" االيطiiالي، في معركiiة حاميiiة الiiوطيس. والنتيجة أكثر من "دستة" من االيطاليين؛ أصبحوا في عداد الموتى. مثل ذلك وغيره أصبح مألوفا لدى البلجيكيون، فلiiو حiدث شiiيء تهتم بiiه نشiرة األخبiiار عنهم؛ فiإن

األجانب هم المتسببون فيه والصانعون له.

من ناحية أخرى فإن بروكسل مدينة جميلة وجذابة، معروفة باحتوائهiiا أفضiiل المطاعم األوربية. وبها أنواع البيرة ذات الطعم الرائع المميز األصيل، التي لها نكهiiة

). وفي الحقيقة فإن لها طعم ألiiذ؛Raspberries) و "التوت" (Cherries"الكرز" ( مما تعبر عنه الكلمiiات. ومركiiز المدينiiة لطيiiف وجميiiل، ويغص بالسiiائحين. أزقتiiه صغيرة، مليئة بمحالت تبيع انiiواع كثiiيرة مختلفiiة من البضiiائع، ويغلب عليهiiا الطiiابع

األوربي القديم، الذّي يتجلى في كل تفاصيله.

عندما ينتقل المرء إلى بعض األحياء الواقعة في الشمال الغربي من المدينiiة؛¦، عن فسوف يقابل "بروكسل" أخرى مغايرة. وهذا هو في الحقيقة مiiا يعطي جوابiiا مشكلة الهوية عند البلجيكيون، وكiiذلك عنiiد المدينiiة. هiiذه األحيiiاء تمثiiل بروكسiiل االتحاد األوربي، وليست بروكسiل البلجيكيiiة. المنطقiة المحيطiة ب "رونiiد- بiiوينت

-Roundروبرت شومان" ( Point Robert Shumanا العلم األزرقiiبح فيهiiيس ( الغiiامق المرصiiع بiiالنجوم الذهبيiiة، وذلiiك هiiو علم اإلتحiiاد األوربي. أمiiا "روبiiرت شومان" فهو وزير الخارجية الفرنسية االستراتيجي، والذّي يعتبر العقل المدبر، وراء إنشiiاء إتحiiاد "الفحم والحديiiد"، "األلمiiاني – الفرنسiiي". االتحiiاد الiiذّي كiiان نiiواة

-European Free Trade Ass"الرابطة األوربية للتجارة الحرة"، المسماة باالفتا (EFTAذاتiiدون بiiذين يرتiيين الiiهذا الحي يتميز بعلم االتحاد األوربي، والبيروقراط (

رمادية، مزينة برباط العنق األنيقة. هذا إلى جانب، إن الحي يمتلئ بمطاعم صiiغيرة لتقديم السندويتشات. ويتميز الحي أيضا بالوجوه الجادة في مشيتها النشيطة. هناك يتواجد معظم مكاتب مفوضية االتحاد األوربي. وفي مختلف المبiiاني ذات المسiiتوى المتميز؛ يتواجد حوالي عشرون ألفا من الموظفين، الذين يحاولون جاهiiدين؛ توحيiiد القوانين والنظم، ألوربا الغربية. وللعلم، إن محافظة اوسلو وحدها توظف عiiددا من

الموظفين يزيد كثيرا، عن عدد موظفي مفوضية االتحاد األوربي.

137

هؤالء البيروقراطيون، هم الذين سماهم واعتبروهم، قادة الجماعات الشiiعبية في الiiiنرويج الرافضiiiين لالنضiiiمام إلى االتحiiiاد اآلوربي؛ العiiiدو األهم. هiiiؤالءالبiiيروقراطيون، أغلبهم من ذوّي االتجiiاه السياسiiي "الiiديمقراطي- االجتمiiاعي" (

Social Democratدماiiة. وعنiiية األوربيiل المفوضiات عمiiتراكم واجبiiوعليهم ت ،( يتنقل المرء، بين تلك األروقة والدهاليز الرمادية في بروكسiiل؛ يقابiiل الكثiiير منهم،

) ذات المذاق السيء، ويحترمون قرارInstant Coffeeيشربون "القهوة الفورية" ( منع التدخين. ويكون حينها من الصعب إذا، بل من الجنون؛ أن نضع هiiذه المؤسسiiة في الئحiiة الكراهيiiة. صiiحيح إنهiiا تبiiدو مملiiة، وربمiiا رماديiiة غiiير محiiددة المالمح الوظيفية، ولكن، هل هذه المفوضية مؤذية وشiiريرة؟ ربمiiا قiiد يكiiون من المقبiiول كراهية أن يكون المرء ناقدا لمعiiدل النمiiو االقتصiiادّي، والتبiiادل التجiiارّي المكثiiف، وثقافة االستهالك، والميiiل إلى االحتكiiار، واسiiتغالل الiiدول الفقiiيرة. لكن "منظمiiة

) – وهي عبارة عن اتحاد تجارّي بين االتحاد األوربيEEAالتجارة واالقتصاد األوربية"()EU)والمنظمة األوربية للتجارة الحرة (EFTA.اطiiذا النشiiل هiiا مثiiل إليهiiلم يوك -(

لكن هل هذه الوحدة السياسية، هي هيئة ادارية وقورة تبذل أقصى مiiا في وسiiعها؛ لتقليل التأثيرات السلبية لقوى السوق العارضة؟ فلسفة الوحدة األوربية تتشابه مiiع

Habermas"فلسiiفة هابرمiiاس" ( Philosophyعبة الفهم، ويمكنiiا صiiفي إنه ( .*وصفها بأنها مملة إلى أقصى درجة. لكنها، وبدون أّي شك؛ نافعة ألصحابها

المشروع المسمى "التكامiiل والوحiiدة األوربيiiة" ملiiيئ بالتناقضiiات العميقiiة يقينا، وال يوجد من األوربيين من يتوافق معه، أو يعارضiه بالكامiل. صiحيح إن هنiاك اتفاق، على إعطاء الجنوب األوربي الفقير، نفس الفiiرص المتاحiiة للشiiمال األوربي الغني. ولكن، يوجد عدم توافiiق على إرادة البعض، في اسiiتبعاد البالد الفقiiيرة حقiiا في العالم، وهي التي تبiiدأ من المغiرب مiiرورا إلى الجنiiوب. إنiiه مشiروع للتجiiارة الحiiرة يعتمiiد آليiiات إزالiiة عوائiiق الجمiiارك، وتسiiهيل المنافسiiة، ولكنiiه في نفس الوقت يحاول ضمان االحتفاظ واستمرارية النظم المحلية. إنه محاولiiة لخلiiق هويiiة أوربية مشتركة، بينما األطراف المتفاوضة على ذلiiك عبiiارة عن دول قوميiiة. أوربiiا

deبوجiiه عiiام مكونiiة من دول، وهي كمiiا سiiماها الiiرئيس الفرنسiiي "ديجiiول" (Gaulle) "ةiiة األوربيiiدول الفيدراليiiال" (Europe des Partiesتiiوهي ليس ،(

فيدرالية واحدة. هذا، و في نفس الiiوقت، أوضiiحت الجهiiود المبذولiiة في محiiاوالت التوحيد، أنها تقوى النزعة القومية المحلية. وإن هذه الحركiiات القوميiiة المحليiiة، ال¦ تنشأ كرد فعل مباشر؛ لمحاوالت توحيد المسار البيروقراطية فحسب؛ بل تنشأ أيضا جزئيا، نتيجة مباشرة، من محاوالت التوحيد، على أساس قومي متعصب. وفي كثiiير من األحيان، نجد أقليات تلجأ إلى بروكسل لتطiiالب بiiاالعتراف بحقiiوقهم كأقليiiات. وتطالب بمعاملتهم بنفس األسلوب، الذّي تعامل به القوميiiات األخiiرى، الiiتي تمثiiل

األغلبية.

عنiiدما يجiiرّي الحiiديث عن بروكسiiل وعالقتهiiا باالتحiiاد األوربي، فiiإن من السiiهولة بمكiiان؛ اعتبارهiiا مدينiiة مناسiiبة ألن تكiiون عاصiiمة أوربiiا. المدينiiة في

)؛1929تذهب نظرية "هبرماس"، أو فلسفة "هابر ماس"، الفليسوف االشتراكي األلماني (ولد ** إلى أنه من الضرورّي أن يقدم السياسيون تعهدا باالشتراكية االجتماعية، وذلك في المجتمعات

التي يغلب فيها سيطرة العلم والتكنولوجيا- المترجم

138

الحقيقة، ال تملك رمزا لحدود قومية تفقده. إلى جانب ذلك، فهي تمتلiiك بنيiiة تحتيiiة مثالية، من الحدائق والقصور، وتماثيل الفرسان، واألبنية التذكارية. وكل هذا، يجعلها مدينة مناسبة، ألن تكون مركiiزا ممتiiازا لتجمiiع سياسiiي؛ سيصiiبح عiiدد سiiكانه في

المستقبل القريب بين أربع وخمسمائة مليون إنسان.

II

منذ عدة سنوات اجتمعت مجموعة من رؤساء الطهiiاة، من عiiدد من البالد األوربيiiة الكبيرة، في "إجتماع طارئ" عقد في بروكسل. مناسبة هiiذا االجتمiiاع هي مناقشiiة التهديد المتزايد؛ الiiذّي يواجiiه "عiiادات الطهى القوميiiة"، النiiاتج من محiiاوالت دمج مزيد من البالد األوربية إلى االتحاد، والiiتي يعتقiiدون أنهiiا تحملiiه. لقiiد إرتiiأى هiiؤالء الطهاة، إن قائمة الطعام األوربية المستقبلية؛ سiiوف يختلiiط فيهiiا المفضiiل، وغiiير المفضل من الطعام، دونما سابق إنذار. وأنه من الممكن؛ أن يتوقع المرء، مخاطرة أن يأتي اليوم، الذّي تقiدم لiه وجبiات من مثiل؛ الفطiائر المحشiوة بشiرائح اللحم

)، وهيtagliatelle)، ويقدم بجانبهiiا "التاجليiiاتال" (Steak-and-Kidneyوالكالوّي ( نوع من "الباستا" اإليطالية، وإلى جانبهم السلطة اليونانية. وهذا من طبيعته، وبدونشك؛ سوف يزيح من قائمة الطعام المعتادة، وجبiiات من مثiiل الi"سiiاور كiiروت" (

Sauer Krautوهو الطبق األلماني من الكرنب المخلل المعروف، وكذلك الوجبة ،( )، الiiذّي يحiiوّي قطiiع من الiiدجاجCoq-au-Vinالفرنسية المعروفة "كوك أو فين" (

المطبوخة بالنبيذ. نعم، لقiiد توقiiع المشiiاركون في اجتمiiاع قمiiة الطهiiاة؛ إن هنiiاك عالمات واضحة تؤكد: إن "فن الطهي القومي" مهدد بالتحلiiل واإلنiiدثار. لقiiد ارتiiأى الطهاة، إن أكبر خطر يواجiه قائمiة الطعiام األوربيiة، هiو أن تصiبح وجبiات فاقiدة المعالم، ذات مقiاييس موحiدة فاقiدة األصiالة، ودون جiذور ممتiدة لثقافiة الطهي

-Eruoالمعتiادة، والخاليiة من التمiيز والمiذاق الخiاص. "اسiلوب الطهي األوربي"(Cuisineهل يمكن أن يخطر ببال أحد شيئ أبغض من ذلك؟ !(

هل هذا هو الطريق، الذّي ستسلكه مختلف الهويiiات األوربيiiة الكثiiيرة، في محاولiiة توحيد آوربا؟ اإلجابة عن هذا السؤال، هي: "نعم"، و "نعم – ال"، و "ال"، كلها إجابات

واقعية. ودعني أوضح بما يلي.

في أحد المؤتمرات، التي عقiiدت في لنiiدن منiiذ عiiدة سiiنوات، تحiiدث الفليسiiوفErnestاالنiiتربولوجي "ارنسiiت جلiiنر" ( Gellnerاس فيiiد: "النiiال بالتحديiiوق ،(

مختلف بقاع األرض سيواصiiلون التعبiiير بألسiiنة وأصiiوات مختلفiiة، ولكنهم – بوجiiه عام- يقولون نفس الشيئ". وفي نفس اتجاه اسلوب الفكر هذا، زعم مiiؤرخ الفكiiر

)Historians of Ideas) "األمريكي "فرانسيس فوكاياما (Francis Fukuyama( - الذّي كان اثناء ذلك يعمل في إدارة الرئيس األمريكي السابق جiiورج بiiوش االبن-

، وأنiiه لم يعiiد بالعiiالم اآلن*إن التاريخ قد وصل إلى نهايته عند "الفلسفة الهجيليiiة" ايديولوجية معمقة تقابلها. إذا، تبعا لi"جلنر" و "فوكويامiiا"؛ فiiإن العiiالم يقiiترب من

Homogenizingتكiiوين مجتمiiع واحiiد. حيث تتم "عمليiiة مجانسiiة" ( Process( للثقافة العالمية، وإن المدنية والحداثة؛ قد انتصرت كما يزعمون، إننا أصبحنا نتشابه أكثر فأكثر، في كل أركان المعمورة. المعارف الiتي نتلقاهiا في المiدارس اصiبحت

) – المترجمHegelنسبة إلى الفليسوف والمفكر األلماني "هيجل" ( **

139

N (*)، وحتى "ناورو"Narsassuaq (*متشابهة ومن نفس الصنف، من "نارساسوق"auru.البضائع االستهالكية التي نستهلكها يوميا، جاءت من نفس االسواق العالمية .(

ونحن نرتبط بأسواق العمل، ذات الطابع المشترك والمتشiiابه. إن هiiذه االختالفiiات الثقافية األساسية، التي أشارت إليهiiا "بحiiوث في الثقافiiات" في القiiرن العشiiرين الماضي، التي اهتم الباحثون ببيانها وتحليلها قد اختفت. هذا ما يشير إليiiه "جلiiنر" و "فوكوياما"، وغيرهمن ممن يفكرون مثلهم. هذه العملية تتسارع في آوربiiا الغربيiiة، من خالل توحيد المقاييس والمعايير الناتجة من وضع الخطط السياسية واالقتصادية

المشتركة.

في نفس الوقت الذّي تجرّي فيiiه عمليiiة التوحيiiد؛ يظهiiر باسiiتمرار التمiiايز، وتبiiدو الفروق الثقافية داخل المجتمعات الحديثة. هذا يخلق توترا، نتيجة لمحاوالت التوحيد الثقافي المتزايدة من ناحية، وظهور اختالفiiات ثقافيiiة جديiiدة من الناحيiiة األخiiرى.

التوتر الذّي يصاحب نمو الهوية األوربية الموحدة الجديدة.

الوضع في آوربا مشوش وغiiير واضiiح. في آوربiiا الشiiرقية اسiiتحوذ على مواطنيهiiا الحديث عن "الهوية االثنية"، وذلك بعد سقوط النظام القديم، بينما تجرّي في آوربiiا الغربية محاوالت، ورسiiم خطiiط دقيقiiة لخلiiق وتطiiوير هويiiة قوميiiة موحiiدة. وفي الغرب نرى ردود أفعال رافضة، للمحاوالت التي تسiعى لخلiiق وإيجiiاد هويiiة آوربيiiة موحدة مشتركة، مشابها للرفض الحادث في شرق آوربا تماما. ومثلما هو في شرق آوربا؛ تقابل هذه المحاوالت باعتراض، ونداءآت، ورفiiع شiiعارات "التمiiيز الثقiiافي"، و"التاريخ الحضارّي"، و"المبادئ السيادية"، وغيرها من شعارات مشابهة، في الغرب

اآلوربي.

وكما هو في أوربiiا الشiiرقية، فقiiد اكتشiiف العديiiد من مواطiiني آوربiiا الغربيiiة، إن الشعور القومي المتزايد، ال يتوافiiق بالضiiرورة مiiع التضiiاريس المجتعيiiة في وقتنiiا الحاضر. ولهذا بدأ أصحاب الميول االقليمية واالثنية، في محاولة استكشiiاف، تصiiورا جديدا التحاد أوربي متعدد القوميات، غالبا ما يكون مغايرا لمفهوم الدولة، ونادرا مiiا يكون معارضا لبروكسل. أحد األمثلة، هم المزارعiiون الفرنسiiيون. والمثiiال الثiiاني؛

)Cataloniaالحركiiات االنفصiiالية االقليميiiة، في القطiiاع المسiiمى "كاتالونيiiا" ( االسباني- الفرنسي، الذّي يقiiع في الشiiمال الشiiرقي من اسiiبانيا. والمثiiال الثiiالثiالذّي يمكن أن يذكر، إن البعض في الحزب اليميني االيطالي المتطرف، المسمى ب

Lega"لجا نورد" ( Nord،يرiiوب الفقiiالذين يطالبون بعدم تتقديم أية معونة للجن ،( الiiذّي يمثiiل عالiiة على الشiiمال االيطiiالي، ويمكن فصiiله، واقتطاعiiه من ايطاليiiا.

ويصفونه بأنه عبارة عن "لحم موتى" مليء بالجراثيم، متواجد في جنوب البالد.

هاتان العمليتان المشار إليهما، من سقوط النظام الشرق أوربي، ومحاوالت التوحيد¦ شديد االنفتاح باعتبار انتساب الفرد. وخلقا اسئلة في االتحاد األوربين قد خلقا وضعا¦"؛ ¦"؛ أم "باسكيا عند الحديث عن االنتماء. هل يعتبر الفرد في إقليم "الباسك" "أوربيا¦"؟ وهiiل من الممكن أن يكiiون الثالثiiة، جميعهم؟ وهiiل ينتسiiب اليهiiودّي أم "اسبانيا لبلدتiiه الصiiغيرة، أم للقوميiiة البولنديiiة، أم لليهiiود المنتشiiرين في المهجiiر؟ او إن

مدينة في الشمال الغربي لi "جرين الند"- المترجم **مدينة في الجنوب الشرقي من شمال استراليا- المترجم **

140

المرء بعد كل ذلك؛ يعتبر أوال وأخيرا، "مواطن عالمي"؟. مثل هذه االسئلة ليس لهiiااجابات عملية واقعية.

التأرجح بين "محو الحدود"، ورسiiم "حiدود جديiiدة"؛ غالبiiا مiiا يأخiذ مسiار الحركiة الموجية، بين صعود وهبوط. وكل الجماعiiات – عرقيiiة كiiانت أم غيرهiiا، تبحث عمiiا يمكن تسميته "نقاط اتزان طبيعيiiة"، بين العزلiiة، والتواصiiل مiiع اآلخiiرين. ولكنهiiا، وفي نفس الiiوقت؛ تطiiالب بحقوقهiiا في الiiثروة، وتiiرغب في التفiiرد بهiiا، وعiiدم�قبiiل "الدولiiة مشاطرة اآلخرين. وفي الحاالت الضبابية الغiiير واضiiحة، ال يمكن أن ت القومية" بهذه المفارقات. ويبدأ الفرقاء بالمناداة برسم الخريطة من جديiiد، وتخiiط الحدود من جديد. ولو أن مدلول "الدولiiة"، سiiيكون لiiه قيمiiة أقiiل داخiiل "الوحiiدة

)؛ فهل ستصبح حدود "الباسكيون" تحد "دولة الباسك" الغiiير مقسiiمةEUاألوربية" ( في كال من الجانب االسباني، والجانب الفرنسiiي دون إعالن هiiذه الدولiiة الجديiiدة؟ وربما يميل قاطنوا المدينة في الدانمارك إلى مشاركة أعمiiق، مiiع أبنiiاء المiiدن في ألمانيا، عنها مع الفالحين الدانماركيين، ودون أن يسبب ذلك مشاكل سياسية. وعلى هiiذا المنiiوال؛ فiiإن الوضiiع السياسiiي في كiiل من أوربiiا الشiiرقية والغربيiiة، على التوالي؛ سوف يتشابهون في جiiانب مهم. وسiiوف تصiiبح صiiورة هiiذه المتوازيiiات، مشابهة للمأساة التي حiدثت في يوغسiالفيا: "الدولiة الiتي بين الشiرق والغiرب"، والتي تمزقت، وتحولت إلى شظايا، نتيجiiة للتناقضiiات بين: "القوميiiة العرقيiiة" من

) من الناحيiiة األخiiرى.Supranationalناحيiiة، و"الفيدراليiiة القوميiiة المتطرفiiة" ( وبين: "لبيرالية السوق"، و "مركزية التخطيط واتخاذ القرار". وبين : "المدينiiة" و " القرية". وبين "النظام البرلماني" و "نظام الحزب الواحد". مثiiل هiiذه المتناقضiiات كائنه في كل القارة األوربية، رغما عن ظهورها الحالي في يوغسالفيا فقiiط، والiiتي صاحبها ذلك العنف الشديد. االختالف اآلخر المهم له عالقiiة بi"القوميiiة اإلثنيiiة"، لiiوأخذ في االعتبار النظرة إلى الوحدة األوربية كمشiروع للهويiiة؛ فمعظم "حركiات" (

movementsةiiات إثنيiة"؛ هي "حركiiعارات "الهويiiع شiتي ترفiالشرق أوربية، ال ( قومية". إنهم يرفعون شعارات "روابط الدم"، و "روابط االصول العرقية" (باأللمانية

Blut und Bodenاهiك تجiيرون الشiة، ويثiة ونذالiويتعاملون مع األجانب بخس ،( األقليات، ويطالبون بدولة مؤسسة على "االصول العرقية"، أو دولiiة إثنيiiة. ويتشiiابه مع هؤالء حركات أوربا الغربية مع فارق واحد: إن هؤالء ال يطالبون بدولة إثنية نقيiiة. و"الوحدة األوربية" تقدم الوعiود لبiدائل مختلفiة من المؤسسiات السياسiية، الiتي بالتأكيد؛ ال يمكن تحقيقها. إن السؤال عن "قومية" ما، "تكiiون أو ال تكiiون"؛ ال يجب فهمه على أنه يتطابق مع السؤال عن "حصول المiiرء على وطن من عدمiiه". وهiiلمن الممكن أن تتوافiiق وتتصiiالح "ثقافiiة القوميiiة"، مiiع "العالميiiة السياسiiية" (

Political Cosmopolitismذهiبح هiiذ تصiiذا؛ حينئiفي داخل االتحاد؟ لو حدث ه ،( الوحدة عظيمة ورائعة. و لكن هل هذا قابل للتحقيق؟ ذلك موضوع آخر. ولحiiد اآلن؛ فإن محاوالت خلق هويiiة أوربيiiة مشiiتركة؛ تصiiادمت مiiع الشiiعور القiiومي المحلي القiiوّي، عنiiد مجموعiiات ال يسiiتهان بحجمهiiا. ومiiع ذلiiك ال يجب أن ننسiiى إن في

المقابل توجد مجموعات كبيرة أخرى تشجع المشروع.

تقريبا، وبغض النظر عن شكل الوحدة الiiذّي يتخذونiiه؛ فiiإن محاولiiة تكiiوين الهويiiة األوربية الجديدة يجب أن يأخذ في االعتبار وجود القوميات المحلية، سواء كان ذلiiك

141

بالتوافق والتصالح معها، أو مواجهتها ومقاومتها. وحتى اآلن؛ فإن االنتساب القiiومي،¦ في عقيدة ووجدان الكثير من األوربيين الغربيين. ويتوقiiع ¦ أساسيا مازال يمثل مكونا – ربمiiا- أن تقiiل أهميتiiه في المسiiتقبل. الكثiiير منهم هم أوال وقبiiل كiiل شiiيء، دانمiiاركيون، أو ايطiiاليون، أو أسiiبان، وهكiiذا. وبعiiد ذلiiك، يمكن لهم قبiiول كiiونهم

)، وكiiiل هiiiؤالء أوربيiiiون.Andalusian), أو "اندلسiiiيون" (Jutes (*"جوتيiiiون"Helmeutالمستشار األلماني السابق "هيلمiiوت كiiول" ( Kohlان؛iiبة لأللمiiبالنس (

Jacquesأهم من "جاك ديلور" ( Delorرئيس المفوضية األوربية ،(*رiiودعني اذك) هنا إن "القومية العالمية االنسانية" قد اصبحت "موضة قديمiiة"، قiiد يخجiiل البعض، ويتشكك في االنتساب إليها كبديل، لi"الهوية القومية"، على األقiل حiتى اآلن. ولكن على المرء أن يكون دائما حامال ألمل عiiودة حب االنتسiiاب إلى "الهويiiة االنسiiانية"

مرة أخرى.. لكن في الوقت الحالي فالصورة تبدو كئيبة).

كايدولوجية نشأت "القومية" في أوربا نهاية القرن الثiiامن عشiiر، ففي تلiiك الفiiترة بدأت األمم في التكون على أرض الواقع. وكانت القاعدة االساسية الفكرية في هذا

)، وغiiيره منHerder) – كمiiا وصiiفه، وكتب عنiiه "هiiردر" (tradition"التقليiiد" ( األوربيين- إن "القومية" تعنى؛ تجمع بشرّي له مسiiتقبل محiiدد سiiلفا، يوصiiلهم إلى مصير مشترك. هذه المجموعة البشرية ال يتحقق وجودهiiا الفعلي كقوميiiة؛ قبiiل أن يصل وعيهم إلى مضمون رسالتهم التاريخية. وجiiه من هiiذه الرسiiالة التاريخيiiة قiiد

Nationalتبلiiور في سiiنوات القiiرن التاسiiع عشiiر في صiiورة "الدولiiة القوميiiة" (State) "بمعني "نظام ،(System.ةiiدة ثقافيiiرّي" وحiiع البشiiون "التجمiiه يكiiفي ،(

وتمثل "الدولة" وحدة سياسية، وكالهما في توافق مع اآلخر. وخالل القرن العشرين سادت، وانتشرت هذه األفكار بكثافة، كانتشار طفيل المالريا في دورة دم المريض، أو كانتشار النار في الهشيم. وخالل سنوات ذلك القiiرن؛ اصiiبح العiiالم كلiiه تقريبiiا، مكونا من تلك الوحدات السياسية القومية، أو "الدول القوميiة" نتاجiا لهiذه االفكiار والنظريات. (مع مالحظة أنه مازالت إلى اآلن توجد تجمعات بشرية صiiغيرة موزعiiة هنا وهناك في أرجiاء العiالم). ومعظم سiكان المعمiورة مرغمiون على العيش في "الدولة القومية". وبذا؛ فإننا مضطرون ألن نصبح "مواطنون" في تلك الدولة. ولكن هذا ال يعني بالضرورة، أن "الدولة القومية" سiiتظل قائمiiة على امتiiداد المسiiتقبل.

)، عالم االجتماع السياسي البريطانيAnothony Giddensيصف "انتوني جيدنز" ( the pre-eminent power container, of ourالمعاصر؛ الدولة القومية إنها: (

eraأو "محتوى القوة الفائقة في عصرنا الحالي". إن "القومية" عنوان مهم، لكن ،( ). وتحت هiذا العنiوانGlobalizationهناك عنوان آخر مهم هiو اآلخiر:"العولمiة" (

محتوى يقول: إن الفكر الثقافي، والقiوة السياسiية االقتصiادية، المرتبطiة بالحiدود¦ فشيئا. االقليمية؛ تتناقض وتضمر شيئا

الجوت" قبائل جرمانية استوطنت الدانمارك الحالية، ومنهم انحدر الدانماركيون الحاليون الذين ** يعيشون في أرض الدنمارك الرئيسية الواقعة في الشمال الغربي من أوربا ولها حدود مع ألمانيا-

المترجم جاك ديلور" يعتبر األب الروحي للوحدة األوربية. وهو مهندس توسيع الوحدة األوربية مع الشرق **

األوربي. وهو م�قترح عمله االتحاد، "اليورو". وهو الذّي أقنع المستشار األلماني "كول"؛ بتخليالمانيا عن المارك األلماني، واستعمال اليورو عوضا عنه - المترجم

142

III

في وقتنا المعاصر يوجد الكثيرون ممن يتبنى فكر الباحث االجتماعي"دانيiiال بلiiز" (Danial Bellsاتiiام بواجبiiبة للقيiiغيرة؛ بالنسiiوهو يعتبر إن "الدولة القومية" ص .(

معينة، وكبيرة بالنسiiبة للقيiiام بوجبiiات أخiiرى. وإن جمعيiiات ومنظمiiات "المجتمiiع المدني"؛ التي تاسست في فترة ما بين الحiiربين العiiالميتين، تعتiiبر رائiiدة، باعتبiiار القiiدرة على القيiiام بالواجبiiات الصiiغيرة على الدولiiة المiiذكورة أوال. وفي عصiiرنا الحالي يتزايد عدد المؤسسات والمنظمiات؛ الiتي تختلiiف أهiدافها، وتقiدم الحلiiول نيابiiة عن الكثiiير من الiiدول القوميiiة. أمiiا بالنسiiبة للواجبiiات الiiتي تعتiiبر "الدولiiة القومية" اكبر من أن تتولى القيام بهiiا، في جميiiع أنحiiاء العiiالم تقريبiiا، فقiiد ألقيت على كاهل "الدولة القومية"، واجبات كثيرة وبدرجة متزايiiدة، منiiذ الحiiرب العالميiiة الثانية. وبخطوات متسارعة ومتنامية، سلبت "الدولة القومية" واجبiiات من األسiiرة، والكنيسiiة، والمحيiiط المجتعي القiiريب. وبiiذلك فiiإن تطiiور المجتمiiع في الiiوقت

Maastrichtالراهن؛ قiiد توجiiه إلى اتجiiاه معiiاكس. وفي "اتفاقيiiة مiiا سiiترخت" (Treaty) "ةiiااليديولوجية االداري"i؛ تقرر فيما سمى ب(Management Ideology(

محاولة معالجة هذا التطور. حيث تحاول االتفاقيiiة، الجمiiع بين "المركزيiiة" القويiiة، و"الالمركزية" المرنة؛ التي، ربما، تماثلها في القوة. وبالتالي، وبهذه الطريقة؛ يمكن لالقاليم المفردة، ونظام آوربا الموحدة؛ أن يقويان على حسiiاب "الدولiiة القوميiiة". وفي هذه الحالة، يمكن أن يضعف االنتساب القiiومي لسiiكان القiiارة األوربيiiة، على المiiدى الطويiiل نسiiبيا. وبعiiد مiiرور فiiترة من الiiزمن، تقiiل العائiiدات، الiiتي يمكن للمواطن الحصول عليهiا من الiدول القوميiة. وبiذلك تفقiد الدولiة القوميiة قوتهiا،

بالنسبة لمواطنيها.

من ناحيiiة أخiiرى، يوجiiد بعض الشiiك؛ في أن تتم مصiiالحة وتوفيiiق بين: "الهويiiة األوربية" الجديدة، وبين "القومية". ومن الجائز جدا أيضiiا، أن يبقى بعض الشiiك في أن تصبح أوربا - أو االتحاد األوربي لو أردنا الدقة – قومية واحiiدة. ولكن حiiتى اآلن؛ فإن بناء القوميiiة، لم يعلiiو كثiiيرا. وهiiذا يشiiير إلى أن الكثiiير من مواطiiني االتحiiاد األوربي، قiiد قiiل شiiعورهم باالنتمiiاء ألوربiiا، عمiiا كiiان عليiiه قبiiل توقيiiع اتفاقيiiة ماسترخت. لقiiد حiiاولت هiiذه االتفاقيiiة أن تخلiiق "مشiiاركة مكثفiiة متزايiiدة" عنiiد مواطني الدول االعضاء، وكان رد الفعل االساس على هذا البرنامج هو: "يجب علينا

التمسك بهويتنا القومية، مهما كان الثمن!.

ما الذّي يتبقى فعله حتى يشعر المواطنون أنهم أوربيiiون؟ العمiiل االكiiاديمي الجيiiدلوصف تاريخ أوربا، الiiذّي قiiام بiiه المiiؤرخ الفرنسiiي "جين- بابتيسiiت دوروسiiلز" (

Jean- Baptiste Durosellesال،1994) (توفىiiوحمل اسم؛ "أوربا من االنفص ( في الماضي إلى الوحدة في المستقبل"، وقد طبع هذا العمل في احدى عشرة لغة،

Jacqueوقدم له "جاك ديلور" ( Delor.ك الحينiiرئيس المفوضية األوربية في ذل ( هذا العمل يوضح، على أية حال، الروايات النافعة والمفيدة، الiiتي يمكن اسiiتخدامها

Jacquesواالستفادة منها. وكما كتب "جiiاك ليiiه جiiوف" ( Le Goffةiiفي مقدم ،( Fareسلسلة كتب جديدة، صدرت بست لغات، وعنوانهiiا " L Europeتىiiأو "ح ،"

143

نصنع أوربا"، كتب يقول: "أوربا دون تاريخ، سوف تكون يتيمة وحزينة. ألن يومنا هiiومولود األمس، ومستقبلنا هو ثمار الماضي".

هذا الكالم رائع الجمال، لكن علينا تذكر: إن هذا التاريخ ليس برئ سياسيا. كiiل® من؛ سلسلة كتب "لي جوف" وكتاب "ديروسس"؛ يبينان مدى أهمية ايجاد، تiiاريخ موحiiد للقارة األوربية، حيث يكون المشiiترك األوربي غiiالب على القiiومي، وحيث يكتسiiب التمايز المحلي واالقليمي قيمiiة كبiiيرة، ولكن "الدولiiة القوميiiة" تقiiدم نفسiiها؛ هي

). هذا التطور مستمر فيhistorical Parenthesisأيضا على أنها "إرث تاريخي" ( الحدوث بالرغم من اتخاذ تدابير قومية مناهضة له، وهذا يتطلب من صانعي الوحiiدة األوربية أن يخلقiiوا "مشiiترك أوربي"؛ مناقضiiا ألّي آخiiر. هiiذا اآلخiر سiiوف يسiiمى بالتأكيد؛ "الال أوربي". وبنiiاء على ذلiiك فiiإن الحiiدود األوربيiiة المشiiتركة مiiع تركيiiا، والمغرب، وايران؛ سوف تعتبر حدود "العالم المتحضر". وإن مواطني العiiالم خiiارج هذه الحدود، سiiوف يمثلiiون "اآلخiiر"، الiiذّي عليهم منافسiiته، واالتحiiاد في الحiiرب ضده. وأخيرا؛ فسوف تعiiزز السiiالم بين األلمiiان، والفرنسiiيين بعiiد جهiiد مؤسسiiي طويiiل، وبعiiد شiiعور قiiومي زائiiد دام طiiويال. وبعiiد ذلiiك يبقى "اآلخiiر"؛ هم "غiiير

األوربيين"، وهم "العدو المشترك" المحتمل مواجهته، في أّي وقت، وألية ساعة.

في نفس الوقت؛ فلن تستطيع أية� دولة أوربية منفردة؛ أن تمأل الفراغ الرمزّي، بعiiد تآكiل "الiدول القوميiiة". وذلiك ألن التمiايز الثقiافي األوربي الحiiالي مiiازال كبiiيرا. وسيكون من الصعب، ومن غير المرغوب فيه، محاولة إيجاد "رمiiوز قوميiiة" فاعلiiة ومحببة إلى كل أعضاء األمة األوربية الجديiدة. وإن ذلiك سiيكون مثiل من يريiد أن يصنع وجبة طعام "ايطالية – بريطانية"، تكون مقبولة وم�رضية، لكل من البريطانيين وااليطاليين. والحقيقة هي؛ إنiiه لن تكiiون هنiiاك أيiiة فائiiدة، من جعiiل الiiدانماركيين واليونانيين لهما نفس نمط المعيشة وإن مثل هذا االقتراح؛ سiiوف يثiiير حفيظiiة كال من الدانماركيين واليونانيين، وسوف يدفعهم بالتعامل معه بعدوانيiة مباشiرة. لمثiل هذه االسباب، والمماثلة لها؛ فسiوف تضiطر الوحiدة األوربيiة، في بدايiة األمiر، أن تبقى كنفدراليiiة من دول ذات سiiيادة، وذلiiك سiiوف يضiiعف الشiiعور باالنتسiiاب القومي، وفي نفس الiiوقت يفهم على أنiiه، وفiiاء للدولiiة القوميiiة. وسiiوف يرتبiiط المواطنiiiون في أوربiiiا، مiiiع بعضiiiهم البعض، عن طريiiiق الروابiiiط االقتصiiiادية، والسياسية، وسوف يعتمدون في المجالين على بعضهم، وستبقى الفiiروق الثقافيiiة، واللغوية، تميزهم. وهكذا سيصبح كل المواطنين "أقليiات"، هiذا لiو أردنiا اسiتعمال التعابير اللغوية القديمة، التي يستعملها القوميون. ولذا فiiإن فكiiرة الدولiiة األوربيiiة القومية الكالسيكية الواحدة – بتعبير آخiiر، فكiiرة محوالحiiدود الثقافيiiة والسياسiiية؛ تصبح مستحيلة عمليا. وسوف يصiiاب المiiرء بضiiغوط نفسiiية عنيفiiة، في معارضiiة زمالئiiه في البرلمiiان األوربي، أو عنiiد المiiوردون الحتياجاتiiه اليوميiiة المعيشiiية االساسية، من أجهزة المنزل، وحتى األطعمiiة المختلفiiة. إن هiiؤالء الفيiiدراليون في االتحاد األوربي يجاهدون في السباحة ضiiد التيiiار، فجميiiع اسiiتطالعات الiiرأّي تiiبين بجالء، إن مواطني اإلتحاد األوربي قليلوا الرضا عن الوحدة، وفي نفس الiiوقت غiiير راغبين في الدعوة إلى "الدولة القومية". ورغما عن ذلك فإننا ال نسiتطيع تجنب، إن الدولة القومية، تتنiiاقص أهميتهiا، في كiلÂ من الواقiع العملي، أو في تشiكيل هويiiة الفرد. إنها تصبح في المستوى المتوسط بين المحليiiة واالقليميiiة، وكمiiا عودتنiiا في

144

القرن الماضي؛ تطiiالب المiiواطن دائمiiا، بكامiiل الوفiiاء في انتمائiiه، أصiiبحت اآلن "واحدة" فقiط من الفiاعلين. صiحيح أنهiا مiiا زالت فاعiل مiiؤثر، إال أنهiا لم تصiiبح وحيiiدة. وبطبيعiiة الحiiال؛ اصiiبح النiiاس في أوربiiا، منشiiغلين بi"أوربiiا الموحiiدة"، كظاهرة ومشروع، طالما إن القرارات التي تمس حياتهم، تتخذ في بروكسل. وبعiiد أن صوت الدانماركيون لاللتحاق بالسiiوق األوربيiiة؛ إزدادت توجهiiاتهم نحiiو الشiiئون األوربية في الحوارات الدائرة في المجتمع الدانماركي بالتأكيiiد. وهكiiذا ازداد توجiiه الدانماركيون إلى الجنوب وليس الشمال، وعنiiدما يتحiiدث المiiرء عن "اسiiكندنافيا" في الدنمارك ال يقابله إال هiiز الكتiiف، وعiiدم االكiiتراث فحسiiب. ذلiiك ألن الشiiمال واسكندنافيا اضمحل وجودهم- إال على الخارطة- من الواقع الدانماركي، بينما يمثiiل

االتحاد األوربي الواقع الذّي يعايشونه يوميا.

رغمiiا عن اعتقادنiiا أن الوحiiدة األوربيiiة لن تصiiبح "دولiiة قوميiiة" كالسiiيكية موحiiدة، وسiiوف تتحiiول بسiiرعة إلى تجمiiع أقiiل ترابطiiا تحiiترم فيiiه الفiiروق بين أعضاءه؛ إال إنها؛ سوف يتزايد فيهiiا تiiبرير الحiiروب ضiiد المجتمعiiات والiiدول الغiiير أوربية، التي يظن أنها تشكل خطرا على المصالح األوربية. وسوف تتالشiiى الصiiورة القديمة ألوربا كقوة غير عسكرية بين قوتان عسكريتان همiiا األكiiبر، وذلiiك لسiiببين مهمين: أولهما أنه يوجد اآلن على الساحة العالمية قوة عسكرية واحiiدة بعiiد تفكiiك االتحاد السوفيتي، وثانيهما إن محاوالت بناء قوة عسكيرية أوربية موحiiدة قiiد بiiدأت

، كخطوة في طريق تطوير السياسة الخارجية المشتركة.*منذ زمن طويل

من ناحية أخiرى، إنiiه من الخطiأ وصiف االتحiiاد األوربي بأنiiه إمبراطوريiiة - في أّي مرحلiiiة من المراحiiiل. وتشiiiبيه االتحiiiاد األوربي باالمبراطوريiiiة الرومانيiiiة، أو االمبراطورية "األلمانية – الرومانية"، أو حتى ب"الرايخ الثالث الهتلرّي"؛ هiiو تشiiبيه يحمل في طياته محاولة التشهير واالساءة. وذلك ألسباب عدة؛ من بينهiiا، إن القiiوة األوربيiiة الحاليiiة ناتجiiة عن انضiiمام الiiدول عن رغبiiة وارادة، وليسiiت عن طريiiق القصر، ونحن نرى السالفيون يقفون في طابورا طiiويال، في انتظiiار االنضiiمام. وإن هذا يمثل فارق واضح ومهم. كذلك فإن الثمن الذّي يجب دفعiiه عنiiد قبiiول الوحiiدة في آوربiiا، هiiو الحiiدود الخارجيiiة للiiدول. وهiiذه معادلiiة صiiفرية، بمعiiنى أننiiا كلمiiا استطعنا الحصول على توافق وانسجام داخل أوربا؛ كلمiiا الحظنiiا تغiiيرا واضiiحا في الحدود الخارجية. وهكiiذا تصiiبح من أهم الواجبiiات االخالقيiiة ألّي مiiؤمن باإلنسiiانية؛ ليست محاولة المحافظة على الوحدة في مستو أقل ارتفاعا- شiiعوبية، أو أقليميiiة، أو محلية- فحسب، ولكن عليه أيضا تشجيع روابط الiiوالء للتوسiiع، وتخطى الحiiدود إلى الخارج. وذلك ألن الوحدة التي تعد بها أوربiiا الجديiiدة، هي وحiiدة بين جماعiiات بعينها، وليست وحدة شاملة، فما زالت المغرب وموريتانيا وموريشيوس متواجiiدون خارج هذا النطاق. والمواقف السياسية التي يراد اتخاذهiiا، يجب أن تنبiiع من قاعiiدة أخالقية، وليس على أساس قومي، أو عنصرّي، أو مصiiالح خاصiiة أخiiرى. ويجب أن تتعاطف مع األحداث السيئة التي تقع في بومباّي الهندية، تماما مثلمiiا تتعiiاطف مiiع األحداث السيئة الiiتي تقiiع في برمنحهiiام المدينiiة البريطانيiiة. مثiiل هiiذه المواقiiف

يشير الكاتب إلى أن الكثير من الدول األوربية، حتى من خارج االتحاد األوربي، هم اعضاء في **حلف الناتو بما فيهم النرويج وتركيا - المترجم

145

األخالقية، والتي اصبحت تظلل حدود جغرافية عشوائية على الخريطiiة؛ ربمiiا تكiiونقد أصبحت أقل واقعية وتطبيقا مما كانت عليه لفترات طويلة.

إن القومية؛ تذهب إلى إن الحدود الثقافية، يجب أن تتوافق مiiع حiiدود الدولiiة. ولiiو أراد المرء الربط بين مثل هذه العقيدة، والواقع االجتماعي المعقد؛ فسiiوف تتiiوالي المشاكل بسرعة. وذلك ليس لوجود أقليات- المتواجدة تقريبiiا في كiiل دول االتحiiاد األوربي- ال يستطيعون البقاء أعضاء في األمة الواحدة، لهم نفس القيمiiة االنسiiانية، وليس أيضا بسبب نشأة مجموعات قومية متطرفiiة في أوربiiا فحسiiب؛ ولكن أيضiiا بسبب إن المزيد والمزيد من الظواهر الثقافية آخiiذة في التالشiiي، وأنهiiا لم تصiiبح

مرتبطة بحدود االقليم.

الدول والكونفدراليات عبارة عن كيانات اقليمية سياسية، لهiiا حiiدود فيزيقيiiة، يعiiبر عنها على الخريطة بخطوط متقطعة حمراء، وعلى األرض تمثل بمحطات للجمارك، ويفضل تزويدها بحراسة مسلحة، وكذلك بمعابر حدوديiة تحت ادارة عسiكرية. ومنÖلف كثيرا من المعارف، التي تسiiاهم في نمiiو الهويiiة الشخصiiية، جانب آخر، فإننا نأ والتي ال يحدها أكشاك الجمارك والثكنiiات العسiiكرية. هiiذه الثقافiiات، الiiتي يتزايiiد فقدانها لالنتماء إلى المكان؛ صبت في صالح مواطن أوربا الشرقية السiiابقة. وذلiiك

) الشمال أمريكيiiة،Propagandaعندما أتيح لهم االستماع، إلى الحمالت الدعائية (Radioمن خالل محطiة "راديiiو أوربiiا الحiiرة" ( Free Europeا عن إرادةiرغم ،(

قياداتهم القوميين، الذين تمنوا لو أن ذلك غير ممكن.

إنiiه ليس من الدقiiة في "أوربiiا اليiiوم" - والسiiباب عديiiدة، أن نتحiiدث عن القiiارة األوربية على أنها "مجموع من الثقافات". األربيiiون، وفي كiiل أنحiiاء القiiارة؛ يتزايiiد بينهم "المشترك". الحدود الداخلية تنمحي، والثقافة األوربية يتم كرولتها أكثر فأكثر. وهذه العمليات تتم بسبب التفاعل المتزايد، والتأثير في بعضهم البعض. هذا بالضبط هو الذّي أخاف رؤساء الطهاة في بروكسل، وخشوا نتيجتiiه. كiiذلك وبتiiأثير عمليiiات العولمة العامة، يمكن لسكان مدينة أثينا اليونانيiiة،مشiiاهدة نفس األفالم، والقiiرآءة عن نفس األحiداث العالميiة، وسiماع نفس أغiاني "البiوب"، الiتي يسiمعها سiكان

ÖهÉم" ( ) الهولنديiة، مثال. أيضiا وأخiيرا، بسiبب محiاوالت معiايرةArnhemمدينة "آرن القوانين القومية، وتطوير السوق المشتركة للبضائع، وسوق العمiiل، ورأس المiiال،

المتواجد في الوقت الحالي.

)، المتعلق بكال منNational Cultureإن محاولة إقصاء مفهوم "الثقافة القومية" ( "االقليمية" و"العولمة" - هذه األخيرة لها عدة مظاهر ووجوه - قد نiiالت القليiiل من االهتمام، في الحوار الدائر عن القوميات األوربية. وقبل كل شiiيء، فهنiiاك حقiiائق؛ أعطيت القليل من األنتباه والمالحظة. إن "التمايز الثقافي الداخلي" في حدود دولة ما، قد يكون أكبر من "التمايز الثقiiافي الخiiارجي"، أّي بين دولiiة وأخiiرى. في مثiiل هذه الحاالت يصبح من المناسب- دون شك؛ الحديث عن "ثقافiiة المدينiiة" األوربيiiة المشتركة، التي تبدو بكل وضوح؛ مخالفة ل"ثقافة الريف". وإلى جiiانب ذلiiك، فiiإن تزايد التمايز الثقافي، في كiiل مكiiان على حiiدة؛ يولiiد ويكiiبر. ويتواجiiد التمiiايز بين

146

) ]في كل دولة توجد "ثقافة عامiiة" مسiiيطرة،Subcultures"الثقافات الفرعية" ( يوجد داخلها "ثقافات فرعية". كمثال: الثقافة النوبية، والثقافiة البدويiiة الموجودتiiان داخل الدولة المصرية العامة المسيطرة - المترجم[ من كل نوع. وكiiذلك التخصiiص

) تصiiبح مجiiردTransnational) المتخطية للحدود القوميiiة (networkوالشبكات ( عناوين فحسب. مثال امرأة دانماركية يمكنها- إلى جiiانب كونهiiا دنماركيiiة- أن تكiiون باحثة في علوم البيولوجيiiا، وسiiحاقية، ومحبiiة لموسiiيقى "الجiiاز". وفي مثiiل هiiذه الحالة، فإن هذه المرأة؛ تشارك الباحثين في علوم البيولوجيا، والسحاقيات، ومحبي موسيقى الجاز، في كل أنحاء العالم. بينما ال تشارك الدانماركيون اآلخرون في تلiiك الصفات بالضرورة، وبغض النظر عن "المكان" الذّي تقيم فيه. إلى جانب ذلك يiiأتي "رأس المال المعولم"- الذّي انتشiiر، ليس في أوربiiا وحiiدها فحسiiب؛ لكن في كiiل

أنحاء العالم. ورأس المال هذا، يساهم في إضعاف "الدولة" أيضا، أمام مواطنيها.

البعض من البiiاحثين، يعتقiiد إن هiiذا االتجiiاه في التطiiور؛ سiiيكون هiiو الغiiالب والمسيطر، ويتوقعiون أن األفiراد في المجتمعiات االنسiانية، سيصiبحون بالتiدريج؛ أقل ارتباطا بالمكان. وإن مجموع أفكارهم المكونة لهiiويتهم، يمكن أن يجiiدونها في

Cultural (*أّي مكان تقريبا. وعندما يتسارع تiiأثير "األنتروبيiiا الثقافيiiة" Entropy( بين األفراد والمجتمعات؛ فسوف يسهل عليهم تحقيق أحالمهم وطموحاتهم، أو نيiiل متطلباتهم بأساليب مختلفة متزايiiدة. وذلiiك بغض النظiiر عن مكiiان تواجiiدهم على الكiiرة األرضiiية. وتخصiiص وتمiiايز "الثقافiiات الفرعيiiة" هiiذا؛ سiiوف يبقى، ويiiزداد تطورا، وفقا لهذا االسلوب من التفكير. وفي الوقت نفسه، سiiوف يتنiiاقص؛ ارتبiiاط

هذه "الثقافات الفرعية" بمحل االقامة، على وجه مستمر.

بالرغم من إن "العولمة"؛ يصاحبها ضعف ارتباط "الثقافة" بi "المكiiان"؛ إال أن هiiذا، ال يعني بالضرورة، أن البشر، سوف يغيرون كثيرا ممiiا بأنفسiiهم. الحقيقiiة الناصiiعة هي: "إن التغيiiير يحiiدث رغمiiا عنهم". وذلiiك ألن "سiiوق العمiiل" تتنiiاقص خواصiiه المحلية بطريقة مستمرة. ويجد المرء نفسه مضطرا لالنتقال لسiiوق العمiiل، الiiذّي يحتاج مؤهالته الوظيفية، والتي – على العكس- ال يحتاجهiiا سiiوق العمiiل، في محiiل

ميالده، ومكان نشأته.

نعم، كلما زادت واتسiiعت "الالمحليiiة"، في الشiiبكة المعلوماتيiiة، والتجiiارة البينيiiة، والمؤسسات االجتماعيiiة؛ كلمiiا قiiل وتنiiاقص مقiiدار الشiiعور باالنتمiiاء القiiومي، أو االقليمي، أو الفيدرالي، في تكوين هوية الفرد. واالتحiiاد األوربي، على مiiا هiiو عليiiه اآلن، ال يملك القدرة على فعل الكثير، في مثل هذا الصiiنف من العمليiiات. مواطنiiو النرويج، مثال، مندمجون في الشبكة المتخطية للحدود القومية، تمامiiا مثiiل مواطنiiو دول أوربا الغربية اآلخرين. هذا رغما عن االستفتاء الشعبي الخاص بانضمام النرويج

، وكانت نتيجته سلبية. وتبعiiا لهiiذه النتيجiiة لم1972للسوق األروبية، والذّي تم عام تنضم النرويج للسوق األوربية حتى اآلن. وألن العولمة يمكن أن تحمiiل تiiأثيرا أقiiل، مهما فعلت- وفي أّي مكان كنت في العالم؛ فمن الممكن أيضiiا االعتقiiاد إن االتحiiاد األوربي له قدرة ضئيلة، على تطوير "الهويات القومية" ثقافيا. فمiiا الiiذّي يسiiتطيعه

"االنتروبي الثقافية" مصطلح يطلق على معدل انتشار المعرفة بين األفراد والمجتمعات **البشرية- المترجم

147

االتحiاد األوربي من تقديمiه وفعلiه؟ اللهم خطiط ليسiت عمليiة، لصiناعة هويiة، ال تحمل إال شعارات فارغة المضمون. إن هذه االعالم الزرقiiاء، ذات النجiiوم الذهبيiiة، المتناثرة عليها، والتي ترفرف في كل اركان شوارع "الحي األوربي" في بروكسiiل، ما هي إال شiعارات فارغiة المضiمون تحiاول الوصiول إلى شiيئ ذو داللiة. مiا هiو المشترك بين مواطiiني االتحiiاد األوربي؟ أوال وأخiiيرا، هiiو: قiiانون تنظيمي، وسiiوق عمل، وسوق بضائع،... مشتركة. عندما يتكون فريق كرة قدم واحiiد أوربي، وعنiiدما يموت أول جنiiدّي لهم، من أجiiل أوربiiا؛ حينئiiذ فقiiط، يولiiد األسiiاس لثقافiiة أوربيiiة مشتركة، تكون منغرسة، في عمق وجدان المواطن األوربي. إن هذه المنتجiiات من "التشابهات الثقافية"، و"المشاركات االجتماعية"، التي تحدث اآلن، عبر حدود الدول القوميiiة، لهiiا تiiأثير ضiiعيف، أو ليس لهiiا تiiأثير يiiذكر، على عمليiiة تطiiوير االنiiدماج

)، واألديبSiemensاألوربي. إن كال من مهنiiiدس الكهربiiiاء األلمiiiاني "سiiiيمنز" ()، والفليسiiiوف األلمiiiاني "شiiiوبنهاور" (Shakespeareاالنجلiiiيزّي "شكسiiiبير"(

Schopenhaur؛ أصبحوا رموزا في الثقافة العالمية. أو بمعنى آخر؛ أصبحوا "عالم( رمزّي"، ال ينتمي إلى أّي مكiان، وال حiتى أوربiا. وبالمناسiبة، فإنiه من السiخف أن يقiiال إن األيرلنiiدين الiiذين تقiiع بالدهم في أوربiiا، لهم ثقافiiة وتiiاريخ مشiiترك مiiع

اليونانيون الذين تقع بالدهم أيضا في أوربا.

VI

إلى حiiد اآلن فiiالبراهين والحجج؛ تشiiير إلى إن العولمiiة، أو النشiiاطات العiiابرة للحدود؛ لها تأثير حاسم في تكوين "الهوية الفرديiة"، اكiثر حسiما ممiا لi "االنiدماج

األوربي". ولكن هل هذا صحيح؟

دعنا نفحص عن قرب االسباب التي تبين أن هذه البراهين، غير مقنعة.

أوال، ألن عملية التكامل األوربي؛ قiiد خلقت حس قiiوّي بالهويiiة. وذلiiك بأنهiiا ولiiدت نظيرها المقابل، في، ومع، ترعiiرع اإلقليميiiات األوربيiiة. في التسiiعينات من القiiرن

) االمريكيiiة، تقريiiرا مطiiوال عنNewsweekالماضiiي؛ كتبت مجلiiة "نيوزيiiك" ( االنiiدماج األوربي. في مقدمتiiiه قiiالت، إن عمليiiiة االنiiiدماج في االتحiiiاد األوربي، والخطiiط المرسiiومة المتعلقiiة بالهويiiة، قiiد انتجت تزايiiدا في االقليميiiة االروبيiiة. واالقليمية يمكن أن تكون "قومية" في مظهرها – تماما كما هو الحال مiiع الحركiiات

). لكن داخiiلGeorgia) و"جورجيiiا" (Sloveniaاالثنية، كما حدث في "سلوفينيا" ( االتحاد األوربي؛ فإنها ليست كذلك. ففي االتحاد األوربي يفضلون التوجه نحiiو اتخiiاذ عناوين الفيدرالية عن الالمركزية السياسية والالهوية الحرفية، عن التوجه إلى اقامة دول ذات سيادة لها وزارة خارجيتها، وفرقتها الخاصة بهiiا لكiiرة القiiدم. والمؤمنiiون بالوحدة األوربية، في بروكسل بدأو في األخiiذ في الحسiiبان "التشiiابه في التنiiوع"، بiiدال من "التجiiانس الثقiiافي". وكiiان ذلiiك نتيجiiة تزايiiد عiiدم الرضiiا، من اتفاقيiiة

"ماستريخت"، التي بالتأكيد تحوّي االساس للتوجه إلى كال البعدين.

148

األمiiر الثiiاني، إن التجربiiة العمليiiة في مجiiال الهجiiرة العالميiiة، قiiد أوضiiحت أن المشكلة؛ لست متعلقة تماما بالمكان – أو الدولة، الذّي يقيم فيiiه االنسiان األوربي،

فالجميع يفضلون عدم الهجرة، والبقاء في أوطانهم.

األمر الثالث واالخير، إن عمليات التكامل والتوحيد االقتصادية؛ سiiوف تولiiد "نمiiاذج ثقافية" ال يمكننا التنبؤ بأنماطها. لكن ذلiك، سiوف يiؤدّي إلى تقiارب األوربiيين مiع

بعضهم البعض في مختلف الدول.

هل أنا اآلن اناقض نفسي؟ دعنا إذا نرى.

)، والرياديين اآلخرين في علوم تطويرVico)، و"فيكو" (Herderبالنسبة لi"هردر" ( "االيديولوجية القومية الحديثة"، فقد كانت واجبiiاتهم، مختلفiiة عن التحiiدّي الحiiالي. في حالتهم كانت "الدولة القومية" غير موجiiودة، وبالتiiالي صiiح أن نiiبرهن بطريقiiة مقنعة. إن معظم الشiعوب األوربيiiة كiانت مختلفiة، ولهم كiل الحiiق في االحتفiاظ بصiiفاتهم المتمiiيزة. كiiانت هiiذه "القوميiiة" المبكiiرة تحiiوّي في طياتهiiا عنصiiرا ديمقراطيا قويiiا، حيث إنهiiا شiiملت الفالحين، في الصiiورة المرسiiومة في مخيلهم، للقومية الموحدة. أفكار وحجج "هردر" عن حق تقرير المصير، يمكن أن تأخذ اليiiوم كوجهة نظر؛ تقiiول بiiأن األقليiiات الثقافيiiة (في الدولiiة القوميiiة) لهiiا الحiiق في أال�متص" في األغلبية. وهو لم يقل بإن "الدولة القومية"، يكiiون من شiiروط "تذوب، وت تكوينها؛ الثقافة الموحدة و الوحيدة. وقد كانت ألمانيiiا في فiiترة حيiiاة "هiiردر"، لهiiا لغة وثقافة مشتركة، لكنها لم تكن دولة. وبالتiiالي ووفقiiا لهiiذا الفكiiر، فإنiiه لم يكن من الضرورّي بناء "دولة قومية"، للحفاظ على الثقافة. والمطالبون باحترام هوياتهم

وغيرهم، يمكن اعتبارها مطلب البقاء*) ، واالندلسيينHebrides (*من "الهيبريدين" حياتهم الثقافية، واالحتفاظ بهويتهم الثقافية، وال تعiني بالضiرورة أن تكiون مطiالب

لالنفصال، وإقامة دولة خاصة بهم.

باسلوب آخر، يمكننiiا القiiول: إن هiiذا يعiiني أن االنتمiiاء إلى المكiiان واالرتبiiاط بiiه، سوف يبقى مطلبا مهما لمعظم سكان أوربا، ال شك. وذلك رغمiiا عن ضiiعف ووهن "الدولiiة القوميiiة". وهiiذا االنتمiiاء من الممكن أن يكiiون "واقعiiا ماديiiا"، مiiدركا¦"، مرتبطiiا بصiiورة ذهنيiiة، كأوربiiا بiiالحواس، كأوسiiلو مثال. أو يكiiون مكانiiا "مجiiردا الموحدة، مثال. أو مرتبط بفكiiرة لحقiiوق االنسiiان، أو غيرهiiا. هاتiiان الصiiورتان من االنتماء، ال تلغي بعضها البعض. وكما هو في كثير من المجاالت األخiiرى، يوجiiد مبiiدأ

"هذا، وذاك"، أفضل من مبدأ "هذا أو ذاك" خاصة عند التعريف بالهوية.

عندما قررت الدانمارك، الدخول في ما سمي حينها "السiiوق األوربيiiة المشiiتركة"؛ خشي� الكثيرون من الدانماركيين، من هجوم مكثف من الباحثين عن العمل من أهل

) في الجنوب االيطالي. ولكن مثل هذا الهجوم لمSicily or Siciliaجزيرة صقلية ( يتحقق إطالقا. إنني مازلت أذكر هؤالء البريطانيون، الذين قابلتهم في أحiiد النiiوادّي

"الهيبريديون" هم سكان جزيرة في شمال االطلنطي غرب اسكتلندا، ويسميها االسكتلنديون ** "الجزر الغربية"، ولها تاريخ طويل من االستعمار من االسكندنافين واالنجليز وغيرهم. وهي تابعة

اآلن للتاج البريطاني – المترجم االندلسيون هم سكان مقاطعة "االندلس"، أو أندوليسيا كما يسميها االسبان، وهي المقاطعة **

التي احتلها العرب لبضع مئات من السنين – المترجم

149

الليلية، في العاصمة الهولندية "امستردام"، منiذ عiدة سiنوات، وكiانوا يعiبرون عنحظهم العiiiاثر ألنهم اضiiiطروا إلى مفارقiiiة "أحبiiiائهم" في "مرسiiiي صiiiيد" (

Merseysideأس منiiة. حيث إن اليiiول االنجليزيiiة ليفربiiاء في مدينiiوهي مين ،( حصولهم على عمiiل هنiiاك؛ قiiد اضiiطرهم للرحيiiل. من المعتقiiد، أن معظم البشiiر

حسiiبHeimatمرتبطون بقوة بi"مكان" نشأتهم، أو "الوطن" الذّي ولدوا فيiiه، أو التعبير األلماني. إن شدة الحاجة هي فقط، التي تدفعهم إلى فراقه، والرحيiiل عنiiه. ذلك رغما من إن الواقع يقول أنهم يستطيعون التنقiiل حيث يرغبiiون، في أّي مكiiان في أوربا الغربية الغنية. ونحن هنا في النرويج، نرى نفس الميل، عند أهiiالي الغiiرب والشمال النرويجيين، حيث يفضل السكان في تلك المناطق التشiiبت بiiالعيش على المنحدرات الجبلية والجزر النائية، عن حياتهم في المدن، حيث الراحة الماديiiة أكiiثر

Éيiد" ( Finnتوفرا نسبيا. وهل من أحد يتiذكر وزيiر العمiل الiنرويجي "فÉنÖ ل Lied؟( ذلك عندما كتب مساعدوه تقريرا عن" سوق العمل النرويجي"، في الثمانينيiiات من�بiiدوا اسiiتعدادا القرن الماضiiي، حيث ذكiiروا فيمiiا قiiالوا: إن النرويجiiيين عليهم أن ي لتغيير محل االقامة، بوتيرة اكبر من ذّي قبل. وذلك ألن فرص العمل سiiوف تتواجiiد في أمiiاكن أخiiرى. حينهiiا قوبiiل الiiوزير ومسiiاعدوه بموجiiة عنيفiiة من االعiiتراض واالضرابات. وكiانت إجابiة "االقليم" النرويجيiة صiاخبة، تقiول بلسiان واحiد: "هiذا المكان هiiو الiiذّي انتمى إليiiه"!. هiiذا االنتمiiاء المحبب إلى نفوسiiهم، والقiiريب من قلiiوبهم، لم يكن عالميiiا، أو قوميiiا، لقiiد كiiان "محليiiا". والصiiقليون، أبنiiاء الجنiiوب االيطiالي الفقiير، هم أيضiا متخوفiون، أو كiارهون، لمغiادرة محiل ميالدهم. وربمiا

)، عن رحيلهم إلىPalermoيفضiiلون االنتقiiال إلى عاصiiمة "صiiقلية" "بiiالرمو" (�ورهوس" ( ) المدينة الدانماركية، واألفضل لهم بالطبع أال يغادروا قريتهم.Århus"أ

هكiiذا، إن "االقليميiiة" ال تحمiiل في طياتهiiا "تغيiiير كيفي" في هويiiة الفiiرد، ولكنهiiا تحمل بعiدا سياسiيا وتنظيميiا. "االقليم" يعتiبر "قيمiةمجردة"، مثلiه مثiل "األمiة"، و"القومية". لكنiه تجريiد، فيiه يحس المiرء إنiه أقiرب إليiه من "األمiة"، في بعض

ذات التركيبة المعقدة من الهويiiات االجتماعيiiة،*الحاالت. ففي "الصندوق الصيني" والتجارب المشتركة، التي تعتiiبر نقiiاط تالقي األفiiراد، ويمكننiiا هنالiiك الحiiديث عن المستويات: أوربا، الدولة، المنطقة واألقليم، القرية، أو الحي ومحiiل االقامiiة. فعلى أّي مستو من هذه المستويات؛ سوف يشعر المرء بشعور من التناقض، تماما مثلمiiا يشعر في نفس الوقت بشiiعور اإلنتمiiاء. ففي أول بiiادرة لغiiزو الكiiرة األرضiiية من

) بالتأكيiiد على شiiعار الهويiiة.Tellusالفضiiاء الخiiارجي، فسiiوف يقiiوم "تيلiiوص" ( الجديد هنا هو الحقيقة القائلiiة: إن أوربiiا قiiد مهiiدت طiiرق جديiiدة، كiiانت من قبiiل محفوظة للدولة، وإن مكانة الدولiiة اآلن، قiiد اهiiتزت وضiiعفت، وافسiiحت المجiiال لإلقليم. التجiiارب والiiذكريات الiiتي كiiانت من قبiiل، تفسiiرعلى أنهiiا قوميiiة؛ يمكن تفسيرها اآلن بأنهiا أوربيiة، أو اقليميiة. وسiوف يصiبح تعليم الفرنسiي- مثال، ليس

Occita (*فرنسيا بل أوربيا. وبيت الطفل الفرنسي، الواقiiع في اقليم "األوكسiiتان"

"الصندوق الصيني" تعبير نرويجي يطلق على كل شيء به الكثير من المكونات بداخله، معقدة**التركيب، وفيه الكثير من االختالط، ويقابله في اللهجة المصرية "جراب الحاوّي"- المترجم

"اوكستانيا" هي منطقة تمتد على أماكن في الجنوب الفرنسي وشرق أسبانيا وشمال غرب **إيطاليا، ويتحدث أهلها اللغة االوكستانية - المترجم

150

nارب لمiiذكريات والتجiiا عن إن الiiرغم "¦ ) لن يقال عنه أنه فرنسي، بل "اوكسiiتانياتتغير، إال أنها سوف تسمى، وترتبط باسم "أمة رمزية" جديدة، وهكذا تفسر.

أعلم أن الكثيرون من القراء النرويجيين؛ سيعتبرون هذا النوع من التفكير والمنطiiق عبارة عن محاولة فكرية هوائية، مفرغة، السمين فيها. والسiiبب في الiiرفض لمثiiل هذا االسلوب في التفكير عن "الهوية"، ربما يرجع إلى أنهم يعتقدون أن "األمة" لهiiا مiiدلول "واقعي" أوال وأخiiيرا، وأنiiه ال توجiiد إال هiiذه الطريقiiة لكتابiiة "التiiاريخ الشخصي". هؤالء سوف يفاجئهم الزمان بواقع جديد يلمسونه خالل سنوات ليسiiت كثيرة العدد، حينها سوف يضطرون إلى استعمال القوة في محاولة رسم التضاريس

المجتمعية الجديدة في خريطة قديمة.

مثل هذا التطور سوف يسعد الكثير من اعضاء األقليiiات الثقافيiiة، ذلiiك ألن تطiiوير أوربا الغربية في اتجiاه التعiدد الثقiافي في وحiدة سياسiية، يمكن أن يحiررهم منالحالة التي يكونون فيها أقلية. ويكون الهiiدف هiiو أن تصiiبح منiiاطق مثiiل "ويلiiز" (

Wales) "اiiا، و"كاتالونيiiفي بريطاني (Cataloniaتقلةiiاطق مسiiبانيا؛ منiiفي اس ( ) ]نورفولك، مقاطعة في شرق انجلترا، وهiو أيضiاNorfolkتماما، مثل "نورفولك" (

اسم مقاطعة مستقلة في والية "فريجنيا" بالواليات المتحدة األمريكيiiة - المiترجم[،Laومقاطعiiة "المنشiiا" ( Mancha،ةiiدة البريطانيiiاب الوحiiبانية، على حسiiاالس (

والوحدة االسبانية على التوالي، هذه الوحدة تم اضiiعافها بiiدخول بريطانيiiا واسiiبانيا االتحاد األوربي. وهذه المناطق الiتي يعتبرونهiا أقليiiات مستضiiعفة، ومسiتخف بهiا،

سوف تصبح لها نفس "القيمة"، وتقع في نفس مستوى المناطق األخرى.

رغما عن المحاوالت الجارية لمساواة األقليات األوربية باألخرين، فسوف يبقى جiiزء من األوربيين يشعرون أنهم أقلية مطرودة، ومعزولة دائمiiا. أكiiثر من خمسiiة عشiiر مليونiiا من مواطiiني االتحiiاد األوربي أجiiانب، يضiiاف إلى ذلiiك سiiبعة ماليين من أبناءهم، وهؤالء ليس لهم "مكان" كبيرا أو صiغيرا، يمكن إنتمiائهم إليiه؛ غiير أوربiا. هل هذا يعني أن هويتهم الثقافية، محكوم عليها بعدم "االنتمiiاء المكiiاني"، وأنهم لن يجدوا أبدا "مكان" تمتد فيه جذور انتماءهم؟ سؤال صعب، فلقد رأى اليهود، بiiالرغم من مرور العديد من مئات السiiنين من الهجiiرة؛ إن فلسiiطين هي بيتهم المناسiiب. وعلى نفس المنiiوال، سiiوف ينظiiر مسiiلمو بريطانيiiا إلى الهنiiد وباكسiiتان، وينظiiر مغاربة فرنسا إلى المغرب والجزائر، على أن هذه البالد تمثل بالنسبة لهم "مكiiان"، أو "منظمة حدودية"، ينتمون إليها كمواطنون. مثل هذا التوجه يمكن أن يصبح واقعا وممكنا، بالرغم من فراغ ذلك "الموطن" الغريب، من أّي أحد يتشابهون معه ثقافيا، مثلما كiiانت "اسiiرائيل االسiiطورية" مفرغiiة تقريبiiا من اليهiiود، على مiiدى فiiترات

طويلة ممتدة.

على الiiرغم من أن عمليiiات العولمiiة، والثقافiiات العiiابرة للحiiدود، ليسiiت شiiرطا ضروريا للحفاظ على "االنتماء المكاني االقليمي"، أو "االنتماء المكiiاني – الزمiiاني" في المنفى؛ إال إنهمiiا يهيئiiان الظiiروف لiiذلك. إنهمiiا يجعالن االنتقiiال من "سiiانت

) في الواليiiات المتحiiدة االمريكيiiة، إلى "ولفرهiiامبتون" (St.Vincentفينسiiنت" (Wolverhampton،ابقاiiه سiiان عليiiا كiiفي برمنجهام االنجليزية، مريح وسهل مم (

ويخلق شعورا بانعدام الحدود المشتركة في واقع معترف به.

151

تعتبر "العولمة" عمليiiة من "الرتبiiة الثانيiiة"، لوقارناهiiا بالعمليiiة الiiتي تجiiرّي حاليiiا Socialالمتعلقة باالندماج، ولذا فإنها- أّي العولمiiة – ال تخلiiق "مشiiترك اجتمiiاعي"

Community) "إنها فقط تنشأ "تشابه ثقافي ،((Cultural Similarityو"بدائل ،( abstractنظريiiة" ( alternativesةiiة بعمليiiوم العولمiiة، تقiiاالت خاصiiوفي ح .(

Social"تحلiiل اجتمiiاعي" ( desintegrationيعiiة"، وتوسiiرق بين "العولمiiوالف .( الحدود السياسية- االقتصادية، يتمحور في إن "التشابه الثقافي"، ال يصiiلح أن يكiiون أساس كافي لتجارة مشتركة موجهة. ومن ناحية أخرى، فإن العولمة ال تiiنزع الفiiرد من موطنه ومحل ميالدة، وتتيح لألفراد الحفاظ على تعلقهم الوجداني بأمiiاكن تمتiiد فيها جiiذورهم، رغمiiا عن تواجiiدهم بعيiiدا عنهiiا. يرجiiع ذلiiك جزئيiiا إلى أن؛ وسiiائل االعالم الحديثة تتيح لهم التواصل مع اخبار الوطن، وجزئيا إلى إن األوطiiان األصiiلية للمهiiاجر تتغiiير تiiدريجيا، في اتجiiاه التشiiابه مiiع البلiiد المضiiيف، حيث إن الفجiiوة الثقافية بين "بومباّي" المدينة الهندية – مثال، والحي الشiiرقي في لنiiدن تضiiيق، وال تبدو وكأنها مستعصية على الحل. إذا فالعولمة تخلق قواسم ثقافية مشتركة، وتبiiنى الجسور. إنها تجعiل التواصiل ممكنiا ويسiيرا، خالفiا لمiا كiان عليiه سiابقا. وبهiذه الطريقة تصبح العولمة "مادة زلق" تيسر تداخل عمليات التكامل االقتصادّي، اآلخذة

في التزايد في العالم.

الشiiعور القiiومي واالثiiني، من الممكن أن يصiiبحا "عامiiل اعاقiiة"، لبعض وجiiوه العولمة، المرغوب فيها، مثل "االنتروبيا الثقافية العامة"، وهي التي خشيها رؤوسiiاء الطهاة، الذين اجتمعوا في بروكسل. وفي كل أركان أوربiiا؛ نجiiد "مثقفiiو و موظفiiو الدولة"، يقضون الساعات الطويلiiة من يiiوم عملهم، في محiiاوالت المحافظiiة على اللغة المحلية من "االنتروبي"، خوفا من التهديد المستقبلي الممكن، من نشوء "لغة

Euroأوربا" ( Speak،دة الجنسiiية، فاقiiة قياسiiدت – لغiiتكون- إن وجiiتي سiiال ،( )Eruo Cultureتعمل في أضيق الحدود الثقافية، وبالتحديد تلك "الثقافة األوربية" (

البيروقراطية، ذات الطابع التجارّي. نشوء ونمو هiذه اللغiة، الiتي يمكن النطiق بهiا )؛ يمثiiل تهديiiدا حقيقيiiاGellnerبألسنة مختلفة – على حد تعبير ومفردات "جلنر" (

للتعدد الثقiiافي األوربي في مجiiاالت مختلفiiة. وبiiذلك تختفي معظم "المتشiiابهات" لصالح "القواسم المشتركة"، التي تضiiيع خصوصiiيتها ومعالمهiiا. وبمiiا أن العمليiiات الثقافية المتخطية للحiiدود، تأخiiذ على عاتقهiiا أن تجعiiل التواصiiل ممكنiiا، متخطيiiة حواجز الحدود المنشiiأة، فiiإن لغiiة التواصiiل هiiذه تواجiiه المخiiاطر أن تصiiبح "لغiiة

) ]اللغة البدائية أو ال"بيدجن" هي لغة تواصل بين افراد ليست لهمPidginبدائية" ( لغة مشiتركة، ومن صiفاتها أن بهiا مفiرادات من لغiتين أو أكiثر. ومثiال على ذلiك

Pidgin English،ينيةiiوانئ الصiiار في المiiا التجiiق بهiiة، ينطiiوهي رطانة انجليزي : وتستخدم في األغراض التجارية بين الصينيين واألوربiiيين، وغiiيرهم ممن ال يجيiiدون

)،Esperanto (*االنجليزية الراقية – المترجم[ جزء منها مصطنع مثiiل "االسiiبارنتو" وآخر سطحي ضحل، وم�عو®ق، وبال ضمان، وهي مؤقتة تستخدم لتخدم غرضا مؤقتiiا،

dellaفحسiب. في كتابiه الرائiع "محاولiة ايجiاد لغiة مشiتركة للثقافiة األوربيiة" (

االسبارنتو: هي لغة مصطنعة، المراد منها أن تكون وسيلة تواصل بين البشر من مختلف ** الثقافات ومختلف البالد، وضعها الطبيب د. اسبارنتو االيطالي للتواصل مع مرضى ليس لهم نفس

اللسان، أو القدرة على التخاطب – المترجم

152

Lingua Perffeta nella Cultura europaوفiiاتب، والفيلسiiتنتج الكiiاس ( ) االستنتاج التالي:Umberto Eco)"اومبرتو اكو" (1932اإليطالي (ولد في

"أوربا متعددة اللغات، ال تعني أوربا بها األفراد يتحiiدثون عiiدة لغiiات بطالقiiة، لكنهiiا تعني- في أحسن األحوال؛ أوربا مكونiiة من أفiiراد، يتحiiدث كiiل منهم لغتiiه الخاصiiة عنiiدما يتقiiابلون، ومiiع ذلiiك يفهمiiون لغiiة المتحiiدثين في الحiiانب المقابiiل، الiiذين يتحiiدثون لغiiة جيiiدة، ومiiع ذلiiك يفهمiiون - ولiiو بقليiiل من المجهiiود- "المضiiمون" و"الموروث الثقافي"، الذّي يعبر عنهم األفiiراد بلسiiانه، وكأنمiiا يتحiiدث إلى والديiiه،

وأفراد مجتمعه الذّي نشأ فيه".

) ينتقد فكرة محاولة انشاء لغiiة أوربيiiة مشiiتركةEcoعلى هذا األساس فإن "اكو" ( مصطنعة، مثل "االسبرانتو" أو االنجليزيiiة "البدائيiiة"(بيiiدجن)، وذلiiك ألن مثiiل هiiذه اللغات تكون فاقدة السياق، وبالتالي فهي فقiiيرة المضiiمون. ويتiiابع "اكiiو" القiiول:

) جذورها الثقافية؛ ايطالية، لكنها كانت اكiiثر غiiنىDante"إن لغة الشاعر "دانتي" ( وكماال من تلك اللغة الالتينية العالميiiة، الiiتي اتخiiذوها بiiديال لهiiا". ولiiذا فهiiو يقiiترح لألوربيين محاولة التعود على اللغات الحية، التي يجرى الحديث بها بطريقة طبيعية، حيث يستخدم معظم األفiiراد لسiiانهم الخiiاص، بiiدال من محاولiiة ايجiiاد لغiiة اوربيiiة

مشتركة ينطق بها الجميع.

التليفزيون الشمال األمريكي، وموسيقى "البوب" الحديثة، يكونان أمثلiة جيiدة على اللغة المشتركة المؤسسة على القواسم المشiتركة، بiدال من التجiارب المشiتركة. تذكرة الدخول رخيصة، فهي تستدعى أقل ما يمكن من المقدرة الثقافية، للمشاركة والتوافق معها، والتعبير عنها بالغ السهولة لدرجة إن مجال تأثيرهiا كبiiير جiدا. وهiذا يبدو بوضوح، مختلفا عن التعبيرات الثقافية، التي توحي بها السiiمفونية الرومانسiiية

) الiiتي يحتiiاج المiiرءMahler (*السiiابعة، للمؤلiiف الموسiiيقي النمسiiاوّي "مiiاهلر" دراسiiة معمقiiة ألسiiلوب أداء الموسiiيقى الكالسiiكية الرومانسiiية اآلوربيiiة، لفهمهiiا واالسiiتمتاع بهiiا. ولiiذلك فإنiiه من الصiiحيح القiiول؛ إن اشiiكال التعبiiيرات الثقافيiiة الشعبية المتخطية للحدود، يمكن أن تهدد العiiادات والتقاليiiد المحليiiة، ذات الجiiذور العميقة، وذات التفiiرد في الخiiواص، وذات التعقيiiد الكبiiير. وفي الiiوقت الحاضiiر ال يوجد في االتحاد األوربي انتاجا يمكن اعتباره تهديدا، ولiiه تiiأثير ثقiiافي كبiiير، فiiذلك ينتج في الواليات المتحدة األمريكية. وعندما أصدرت فرنسا قانونا يحرم اسiiتخدام

؛ لم تكن اللغiiة1994الكلمات الغiiير فرنسiiية، في االتصiiاالت الرسiiمية ربيiiع عiiام الهولنديiة، أو األلمانيiة، أو االسiبانية، أو االيطاليiة هي المقصiودة بiالمنع، باعتبارهiا¦ رئيسيا؛ بل كان المقصiود الثقافiة الشiعبية الشiمال امريكيiة، الiتي اعتبروهiا عدوا المهدد الرئيس للفرنسية. وأيضا داخل االتحاد األوربي، فإن الثقافة الشعبية القادمiiة من الواليات المتحدة االمريكية، هي التي تكون المشكلة الكبرى، في مواجهة التعدد

الثقافي، والتقاليد األوربية، وذلك عند محاولة الحفاظ عليها.

وكما هو معiiروف؛ فiiإن "اوربiiا" شiiيء "مغiiاير" و"مختلiiف" عن الواليiiات المتحiiدة األمريكية. ولو اعتبرنiiا إن "الواليiiات المتحiiدة االمريكيiiة، هي ابنiiة أوربiiا المتمiiردة،

"جوستاف ماهلر" مؤلف موسيقي، عاش في المانيا، وكانت أشهر اعماله تسعة سيمفونيات **من طراز الموسيقى الرومانسية المتأخرة، التي سادت في القرن التاسع عشر – المترجم

153

الغير ناضجة؛ فسiiوف يعتiiبر –بالمثiiل- العiiالم االسiiالمي، األخ غiiير الشiiقيق، وغiiير الموثiiوق بiiه ألوربiiا المسiiيحية. إن النظiiر إلى العiiالم اإلسiiالمي على أنiiه "التهديiiد

). فاالعتقاد الiiذّي يمكن قبولiiه،Paranoidاألكبر" ألوربا، يبدو مضحكا، و"بارانويد" ( هو العكس تماما، أّي إن أوربا تمثل اكبر تهديد للعiالم االسiالمي. إن أوربiا أغiنى بال حدود، وأقوى عسكريا، ومتحالفة مع القوة العسكرية واالقتصادية األولى في العالم، تحالفا أقوى بكثير من أّي دولة اسالمية تحلم بالحصول على مثله. هذا رغمiiا عن أن االسالم في صعود رمزّي، منذ أواخر القرن العشرين، وهiiذا ممiiا ال شiiك فيiiه. ففي بروكسل، كما في كثير من المدن األوربية الكبرى، ينمو الوجiiود االسiiالمي بسiiرعة، تتجاوز االضعاف، من أّي أقليات دينية أخرى. وربما نسiiتطيع القiiول أنiiه مقابiiل كiiل أوربي يصبح ملحدا، يأتي إلى أوربا مسلما. أيضا يمكننiiا القiiول إن العiiالم االسiiالمييبدو مليء بالثقة بالنفس، وعالي القامiiة عن أوربiiا، القiiارة المجروحiiة المتهالكiiة (

Skade Skutte = Woundedوالمتناقضة، على األقل عندما نتحدث عن العقيدة ( الدينية. إن تزايد األصولية االسالمية، وتقدمها في كثير من األراضiiي األوربيiiة، يمكن النظر إليه واعتباره؛ رد فعل على أصiiولية أخiiرى، هي أصiiولية "الليبراليiiة واقتصiiاد السوق". وبدال من بذل محاوالت تقiiارب بين أوربiiا، والبالد االسiiالمية، تكiiون مبنيiiة على االنفتاح واالحترام، نرى تزايد االستقطاب، والمخاطر، حيث يحاول كال الطرفين

) اآلخiiر، في محاولiiة لتقويiiة تماسiiك وحدتiiه المجتمعيiiةdemonizing"شiiيطنة" (الداخلية.

إن األصiiولية االسiiالمية في البالد االسiiالمية تعتiiبر بالنسiiبة لهiiؤالء، الiiذين Gefundenesيجاهiiدون من أجiiل بنiiاء هويiiة أوربيiiة "هديiiة السiiماء" (باأللمانيiiة

Fressenيينiiعور األوربiiة شiiتعمالها لتقويiiتي يمكن اسiiالتهم الiiدوا ضiiد وجiiلق .( بi"المشترك األوربي"، إنهiiا بشiiعة بالدرجiiة المناسiiبة، ومرعبiiة بالدرجiiة المناسiiبة،

وتمثل صورة كريهة لعدو الخطر منه، وتوجد بها البعد التاريخي.

مثل هذا االستقطاب الiiذّي ينمiiو خالل عمليiiة بنiiاء الهويiiة األوربيiiة، لن يخiiدم عiiدة ماليين من األوربiiيين الiiذين يتواجiiدون في أوربiiا اآلن. عشiiرة مليiiون من مواطiiني االتحiiاد األوربي، هم من المسiiلمين، وليس لهم أّي مكiiان داخiiل أراضiiي االتحiiاد األوربي يمكن اطالق اسم "إسالمي" عليه. وربما يمثل ذلك عامال مهم- موجiiود في الفكر األوربي، عندما تختلق العوائق في طريiiق عضiiوية تركيiiا في االتحiiاد األوربي. ذلك ألنه، لو حصلت تركيiiا على العضiiوية األوربيiiة؛ فسiiتفقد أوربiiا بiiذلك "التنiiاقض الرئيس"، أو "اآلخر"، الذّي يمثله ذلك المسلم البربرّي؟! ففي حال إنضiiمام "رجiiل أوربا المريض" في االتحاد األوربي، فسوف يجعل ذلك حدود أوربiا غiير واضiحة، وال متمiiيزة. لiiذا فiiإن السiiؤال عن عضiiوية تركيiiا في االتحiiاد األوربي أهم بكثiiير من السؤال عن عضوية الiiنرويج في االتحiiاد، ]الiiنرويج إلى حiiد اآلن ليسiiت عضiiوا في

،1972) وذلك احتراما لنتيجة استفتاء شiiعبي اجiiرى في عiiامي Euاالتحاد األوربي ( فيهما رجحت كفة الرافضون لالنضمام – المترجم[ فعضوية النرويج لن تغiiير1995

كثيرا في هوية االتحاد، وذلiiك ألن مالمح الiiنرويج االساسiiية هي: شiiعب أبيض، نقي أصيل، ومسيحي. وهذه األوصاف سiiوف تقiiوّي الهويiiة األوربيiiة؛ فحسiiب. إن أوربiiا

�وصف بأنها قارة بيضاء، طاهرة نقية، ومسيحية. ت

154

V

�ا"؛ إلى قول "واجبنا". وبأسلوب آخر، ما هو Éن لقد آن األوان للتحول من ترديد قول "إ الذّي يتوجب على أوربا، وبالتحديد االتحاد األوربي، من دور تلعبه، بالنسiiبة لi"صiiورة

)، وإلى إعادة بناء الهويةCollective self -imageالذات" في "الوعي الجمعي" ( االجتماعية والثقافية، بحيث تتناسiiب مiiع احتياجiiات العصiiر؟ بوجiiه عiiام فiiإن أوربiiا اليوم، ال تستطيع اإلشارة إلى هوية جديدة. بعض الوجوه الخاصة المهمة في تحديiiد الهوية، أصبحت اآلن غير مرتبطة إطالقا بالحدود الجغرافية، وال إلى الحدود األوربية؛ بينما ستكون أنماط أخرى مرتبطة بمحل االقامة، والحدود القوميiiة واالقليميiiة. هiiل حدث تغير نوعي موضوعي في الشعور باألنا، عندما تفتح أوربiا لتصiبح سiوق عمiل مشترك للجميع؟ أعتقد شخصيا أنه لم يحدث. بينما حدث- من ناحية أخرى، تغير في هوية الفرد، وذلك عندما دخلت هiiذه الفiiترة الجديiiدة الiiتي و�جiiد فيهiiا سiiوق عمiiل متطور، فيه يستطيع البشر اختيار عملهم ومحل اقامتهم بأنفسهم. لكن هذا التطiiور

لم يجد تطورا مقابال في االتحاد األوربي.

ومن ناحية أخرى، هل استطاع اتحاد اوربي كنفدرالي حقا أن يضiiع شiiروطا مالئمiiة إلزالiiة القوميiiة الiiتي تركiiز على االنتمiiاء، بحيث يجعiiل جزئيiiا االنتمiiاء االقليمي والمؤسسات االقليمية االجتماعية واقعا ممكنا؟ وهل سيصبح انتماء المواطنiiون في االتجاه الغير محiiدد جغرافيiiا؟ لكن، وهي لكن كبiiيرة، فiإن االتحiiاد األوربي كمiا هiو�و�ن منطقiiة اآلن، وكما سوف يكون، وحدة سياسية محiiددة، ووحiiدة اقتصiiادية سiiتك تكون في حالة تنافس مع باقي العالم، ومن ناحية األمن السياسي سiiوف يتحiiدثون بدرجة متزايدة عن الحلول العسكرية المشتركة. إلى اآلن لم يحiiدث ذلiiك، لكن من الممكن أن يتطور االتحاد األوربي في االتجاه، الذّي أخاف الكاتب والمفكر النرويجي

Johan (*"يوهiiان جiiالتنج" Galtungولiiبعينيات، وهي أن يتحiiبط في السiiبالض ( لiiو تم مثiiل هiiذا المشiiروع؛ فيجب علينiiا*االتحاد األوربي إلى "قوة عظمى" أوربيiiة

الحكم عليه بالفشل، وذلiك في حالiة مiiا إذا اسiiتبدل الهiدف االنسiاني من انشiائه بآخر، يتمثل في "قوميات شوفونية"، تصiiاحبها "ايديولوجيiiة عالميiiة". ولiiو أردنiiا أن تكون "الثقافة األوربية" وثيقiiة االرتبiiاط بااليديولوجيiiة االنسiiانية، وحقiiوق االنسiiان، فمن الواجب والصحيح أن يتواجد كثير من القيادات األوربية المرموقة في "نيروبي"

)Nairobi) "الكينية، و "بيونج يانج (Pyongyangزورونiiالكورية الشمالية؛ هناك ي ( السجون، ويدافعون عن حرية التعبير، والعدالة االجتماعية – وهي القيم العليا للثورة الفرنسية. وفي ضوء ما قيل عن عولمة الثقافة، فإن من الواضح أيضا أن "العiiادات

والتقاليد األوربية الثقافية" ال يحدها حدود سياسية أوربية.

ما المضمون الذّي يمكن أن تحتويه هوية أوربيiة مشiتركة؟ االجابiة يمكن أن تحمiل جميiiع األقiiوال. بالمقارنiiة مiiع الiiنرويج، أو أحiiدى القوميiiات األخiiرى؛ فiiإن "أوربiiا

يوهان جالتنج" مفكر سياسي واجتماعي نرويجي، استاذ في الجامعة ومؤسس معهد بحوث **- المترجم1930السالم، ولد في

في رأّي بعض الباحثين، فإن تعبير قوة عظمى يحمل في طياته بعض السلبيات، حيث تمارس **القوى العظمى السيطرة على اآلخرين، ويفتقد العدل – المترجم

155

الموحدة" عبارة عن "بناء ثقافي"، والفكرة عن "هوية أوربية مشiiتركة"، هي فكiiرة ايديولوجية في المقام األول. ولذا علينا االتفاق على إن "أوربا الموحدة"، هي عبارة عن "نظرية" أو "بناء نظرّي". وبالتالي فإن كثiiير من الغمiiوض يحيiiط بهiiذا التعبiiير، فالتعريف األوربي ألوربا، يتراوح بين تعريف من يسiiمون بالتيiiار اليسiiارّي العiiالمي،

)، حيث يعرفiiون أوربiiا بأنهiiاPuritanicalالذّي له نظرة نقدية اخالقية طاهرة نقية ( ذلك المكان من العالم، الذّي حدثت فيه: المجازر، والعنصiرية، والiدمار البيiئي. أمiا الجانب اآلخر، فهم يعرفون أوربا بأنها، القiiارة الiiتي تحiiترم القiiانون، وتحافiiظ على الفن والiiتراث، والفلسiiفة واالنسiiانية، وحقiiوق األفiiراد، والتقiiدم والتطiiور العلمي

والتكنولوجي.

اننا نرى أنه لمنتهى السخف، ذلك الزعم الذّي يزعمه بعض مؤرخiiو االتحiiاد األوربي، بأن "أيرلندا" و"اليونان"، مشتركتان في التاريخ والثقافة، بينما "تركيا" و"اليونان" ال يوجد بينهما مشترك. الحقيقة الناصعة هي: إن الحدود الجغرافيiiة، لم تكن يومiiا مiiا، متوافقة مع الحiدود الثقافيiة. ولiو أردنiا الحفiاظ على أقiل مiا يكiون من النزاهiة، واألمانiiة الفكريiiة، فإنiiه من الضiiرورّي األخiذ في االعتبiiار هiذه الحقيقiة، عنiiد بنiiاء

وصناعة "مشترك أوربي".

ال اللغة، وال الدين؛ يصلحان أن يكونا اساس لرسiiم حiiدود آوربiiا، فهنiiاك أوربيiiون ال يتحدثون لغة أصلها "هندو- أوربية" والعكس بالعكس. وكذلك يوجد مسيحيون، وغiiير

مسيحيين في داخل أوربا وخارجها.

صحيح إن شعارات "االنسانية"، و"النقiiد الiiذاتي"، و"حقiiوق االنسiiان"، هي اخiiتراع أوربي. لكننا يجب أن نتساءل: هل هذه القيم تطبق في أوربا باسلوب أفضiiل، منهiiا في اماكن أخرى من العالم؟ أال يكون من وجه عدم التضامن والتكافل؛ الiiزعم بiiأن هذه القيم، هي أوربية، وال يتقاسمها معها بعض االماكن األخiiرى في العiiالم؟ خاصiiة

إذا ما اعتبرنا، إن هذه القيم والمبادئ عالمية، وليست أوربية؛ فحسب.

هل الماركسية هي "خاصة" أوربية؟ إنها كذلك بالتأكيد، فهي مسئولة عن كل ما هiiو رائع، وهي أعلى درجات االنسانية، لكنها وفي نفس الوقت مسئولة؛ عن كل مiiا هiiو فظيع وال انسiiاني في تاريخنiiا القiiريب، ولقiiد اسiiتعملت وسiiيلة من وسiiائل القمiiع

والتعذيب السياسي.

) العقالنية الراشiiدة هي خاصiiة أوربيiiة؟Bureaucraticهل الديمقراطية، واإلدارة ( ربما تكiiون كiiذلك، لكن في هiiذه الحالiiة؛ فسiiوف نضiiطر- بعiiد فiiترة قصiiيرة من الوقت- ان نقبل الشمال األفريقي، بقبوله في العائلة االوربية أيضا، وأن "نيوزيلندا"

)New Zealand.يجب أن تحتل الصدارة في القائمة األوربية؛ اآلن، وحاال (

�عرÉف كل مiiا هiiو لألسف، لدينا في الوقت الحاضر وقائع في التاريخ، تثبت إن أوربا ت أوربي، على خلفية لون البشرة أو المظهiiر الخiiارجي، وعلى هiiذا االسiiاس يسiiتبعد

فيما يستبعد؛ الشمال األفريقي واألقليات األخرى.

) تؤسiiس علىCommunitiesصiiحيح إن جميiiع "المجتمعiiات االشiiتراكية" ( استبعاد "اآلخرين"، بدرجات متفاوتة من االنغالق واالنفتiiاح. ومن ناحيiiة، نجiiد أمثلiiة في التاريخ األروبي، لكل من االنفتاح المتسiامح، والمحiاوالت الجiادة إليقiاف ومنiع

156

نمو الفاشية االثنية، ومن ناحية أخرى نجد أيضا توثيق تاريخي لتعريiiف؛ يصiiف أوربiiا بi"الحصiiن" و"النافiiذة". والمiiذابح الوحشiiية، وغسiiيل األدمغiiة، واسiiتبعاد األقليiiات

Typicalوالمهاجرين كل ذلك أيضا "خاصة أوربية" ( Europianاiiد أيضiiولكن نج ،( أمثلة على حمايiiة األقليiiات والمهiiاجرين ومحiiاوالت لiiربطهم بiiالمجتمع، والتواصiiل

الملزم معهم.

كل هذه التعريفات والصفات األوربية، يجد الباحث من الوقائع التاريخية مiiا يiiدعمها، بالرغم من التناقض الكبير فيما بينهما. وربمiiا في هiiذا الغمiiوض، وهiiذه التناقضiiات

يكمن "المشترك األوربي" ؟

Edgar (*قال الفليسوف والمفكر الفرنسي "ادجار مiiورين" Morin امii1987) ع، �بنى على انقاض "الكولوسiiيم" Colos (*وقبل انهيار حائط برلين: إن أوربا يجب أن ت

seum،"ازiiران الغiiوحائط برلين. ومن الطبيعي أن يكون تاريخ أوربا هو تاريخ "أف ( و"االمبريالية"، و"محاكم التفتيش"، لكنه أيضiiا تiiاريخ "فلسiiفة الشiiك" و "العقالنيiiة الواقعية"، و"النقد الذاتي"، والجهاد في سبيل تحقيiiق العدالiiة. وعنiiدما كتب العiiالم

Blaise (*الفرنسي المشهور "بليز باسكال" Pascal،رiiيئ آخiiإن الحقيقة هي ش: ( ) أعطى مفهومiiا مغiiايراPyrenees (*يقع في الناحية األخiiرى من "جبiiال البرينiiيز"

للمألوف في ذلك الوقت، وأيقظ الممكن أن تكiiون لهiiا نفس "القيمiiة االنسiiانية" و "الثقافة المتحضرة" مثل قيمنا وثقافتنا، رغما عن كونهم يبدون مختلفون عنiiا. هiiذه الرؤيiiة االنسiiانية المتحضiiرة يجب أن تكiiون هي نقطiiة البدايiiة، ومكiiان االنطالق الطبيعي لبناء أوربا مشتركة. حيث إن مفهوم "أوربا مشتركة" سiiوف يiiأتي متالزمiiا أن تبنى مثل هذه الهوية الثقافية – لو أردنا لها النجاح، على قبول " االختالفات" بدال من اعتبار "التماثل والتشابه" وحينئذ علينا إختيار "التعدد الثقافي" و"التسiiامح" قيم جوهرية عند محاولة خلق هوية أوربية مشتركة جديiiدة. وسiiوف يiiترتب على هiiذا – بالضرورة – متطلبات تغيير في السياسة الخاصة بالمهاجرين والمهجiiرين الالجiiئين،

والتي يجرى تطبيقها في الدول األوربية في الوقت الراهن.

تاريخ أوربا حابل باألحداث المختلفة، ويمكن للمرء توضيح إن كiiل من "التسiiامح" و )، و"التضامن"، لهم جذور عميقiiة في التiiاريخ األوربي، ومنdualism"المشاركة" (

المهم استخدامها كقاعiiدة لبنiiاء "أوربiiا اليiiوم". إن هiiذه الفرصiiة ال يجب أن نiiدعها تفوتنا، سواء كiiان على مسiiتوى االيiiديولوجيا أو على مسiiتوى الواقiiع العملي. قiiال

Axel"أكسل يانسن" ( Jansenهiiدى مقابالتiiنرويجي، في إحiiالكاتب والروائي ال ،(

وتخصص في علم االجتماع1921ادجار مورين" فيلسوف ومفكر فرنسي معاصر ولد في باريس **– المترجم

بعد الميالد في روما، وكانت ساحته70،72"الكولوسيم" مبنى مدرج عمالق بنى بين عامي ** تستخدم في إقامة حلقات المصارعة بين االنسان والوحوش، وهنا يرمز للوحشية والهمجية –

المترجم ) د�رس الرياضيات والفيزياء،1662، ومات1632"باسكال" عالم فيزيائي فرنسي ( ولد في **

وكتب في الفلسفة والدين، واشتهر بتجاربه على السوائل، ووضع نظرية االحتماالت – المترجم "البرينيز" سلسلة جبال تمتد على الحدود الفرنسية االسبانية من المحيط االطلنطي وحتى **

البحر األبيض المتوسط وهي بذلك تحد أوربا عن شبه الجزيرة االيبيرية والشمال االفريقي –المترجم

157

االذاعية: "إن اختيار سiiوق أوربيiiة مشiiتركة أفضiiل بكثiiير من اختيiiار ميiiدان حiiرب أوربي"، وكان ذلك اشارة إلى الحiiربين العiiالميتين األولى والثانيiiة. وهنiiا يكiiون من الضiiرورّي أن نهمس في اآلذان: "يجب أال نشiiجع مهندسiiو بنiiاء السiiوق األوربيiiة المشتركة؛ أال يقدموا على هدم "برج بابل المعلق"، الذّي يمكن أن يبiiدو لهم وكأنiiه احدى استعارات العهد القديم الرائعة، من الكتاب المقدس، في المشiiترك األوربي. ال يجب إطالقا وأبدا؛ أن تبنى الوحدة األوربية، على حساب التعدد اللغوّي والثقiiافي، ويجب أن يجمiiع أسiiاس مشiiروع البنiiاء، بين "المسiiاواة السياسiiية" و "التنiiوع

الثقافي".

إن أفضiiل "أسiiطورة خلiiق" يمكن تقiiديمها ألوربiiا اليiiوم، ربمiiا تكiiون هي نفسiiها) وابنiiه "إكiiاروس" (Daidalosاألسiiطورة اليونانيiiة القديمiiة عن "ديiiدالوس" (

Icarusرهمiiد تم اسiiدالوس" قiiه "ديiiاروس" وأبيiiطورة إلى إن "اكiiوتذهب االس .( Minotaur'sووضعهم في شبكة ومتاهة اآللiiه "مينوتiiايروس" ( Labyrinthتيiiال (

) اليونانيiiة. واسiiتطاع األب "ديiiديالوس" صiiناعةKretaبناهiiا في جزيiiرة "كريتiiا" ( أجنحة لهم، حتى يطiiيروا ويهربiiوا من تلiiك المتاهiiة، ولزقiiوا األجنحiiة في ظهiiورهم بالشiiمع، وطiiار األب على ارتفiiاع منخفض في السiiماء، وبiiذلك اسiiتطاع النجiiاة والخروج من محبسه، والوصول إلى موطنه بسiiالم. أمiiا االبن "إيكiiاروس" الممتلئ بالرغبة والنشوة بسبب قدرته على الطيران، فقد اتجه في وجهة السiiماوات العلى. بعد فترة من الطيران قرب من الشمس، وساح الشمع الذّي كiiان يلصiiق األجنحiiة،

) الiiتي اتصiiفhybrisوبالتالي سقط في البحر ومات. هذه "الغطرسة" (باليونانيiiة بها "إيكاروس" هي رمز لخاصة وصفة، ربما يكمن فيها اكبر مواطن القوة والضعف، في الثقافiiة األوربيiiة. نحن ال نسiiمع كثiiيرا عن حكمiiة، وعقالنيiiة، وواقعيiiة األب "ديدالوس"، التي أوصلته إلى النجاة واستمرار الحياة، بينما – وعلى العكس- أصiiبح "إيكاروس" رمزا دينيا يعبد، يرمز إلى حب االنتصار على العجز، والقصور، واالغiiراء، والشiiهوة القتحiiام المجهiiول. بiiدون أفiiراد مثiiل "إيكiiاروس" سiiتكون الحيiiاة أقiiل خطورة؛ لكنها ستظل قابعة في مكانها ال تتقدم أيضا، ولiiو اسiiتطعنا أن نجيiiد النقiiد الiiذاتي، ونفهم التنiiاقض الiiذّي تحتويiiه االسiiطورة عن "إيكiiاروس"، من البطولiiة

والمأساة في ذات الوقت؛ فسوف نتقن صناعة "المشترك األوربي"

***

عودة إلى بروكسل، إلى ميدان "روند بوينت روبرت شومان"، أو ما يسمونه بiiالحي )، الذّي كiiان مبiiنى مليء بمكiiاتبBerlaymontاألوربي، حيث تقع "برالّي مونت" (

المفوضiiية األوربيiiة إلى عهiiد قiiريب، ثم أعيiiد إلى السiiلطات البلجيكيiiة، الiiتي لم وحتى يحين ذلك، فإنه سiiيبقى هنiiاك مثiiل الجمجمiiة.تستطيع اتقان كيفية استغالله

الفارغة. هذا المبنى يبدو متهالك لو شاهدناه عن قiiرب، لقiiد واصiiل الحيiiاة منiiذ ان كانت "برالّي مونت" تمثiiل قلب أوربiiا الغربيiiة، وألن الكثiiير من مكiiاتب المفوضiiية األوربية تقع في هذه الجهiة، فiإن الميiiدان دائمiا مليء بالمكتبiiات، ومحالت الهiدايا التي تiبيع مختلiف البضiائع الiتي تحمiل شiعار االتحiاد األوربي، من اكiواب لشiرب

-Tالقهiiوة، والفiiانالت من طiiراز "تي شiiيرت" ( Shirtلiiتي تحمiiاعم الiiوالمط ،(

158

مختلف االسماء من ايطالية، ويونانية، وفرنسية، وكذلك الفنادق الiiتي يتحلى مقطiiع).Euroاسمها األول بالمقدمة "يورو" (

Kittyوفي حانة "كيتي أو شي" ( O'Sheaرالّيiiالقرب من "بiiع بiiتي تقiiال ،( مونت" ال تجد من يتحدث الفرنسية ولو بكلمة واحدة، من العاملين. هنiiاك يقiiدمون البيرة االيرلنديiiة ذات المiiذاق القiiوّي، الiiذّي بiiه بعض المiiرارة، والمسiiماة بi"بiiيرة

)، وفي أحد أركان المحل تلفزيون يعرض برامجIrish Stout and Bitterستوت" ( العبو "البلياردو" وهم يلعبون "سنوكر"، على شاشة المحطة التلفزيونيiة البريطانيiة المشهورة "بي بي سي". في مساء ذلك األربعاء، يمكن للمرء سماع ثالثة لغات في المجال السمعي، ويتعرف عليها، إال أن الهولندية ليست احiiداهن. وفي المقابiiل لي رأيت أحد البلجيكيون، من األصول الفلمنكيiiة، وهiiو يرشiiف كiiوب البiiيرة "سiiتوت" االيرلندية، ومثل هذا المشهد نادر الحدوث في مثل هذا الحي، إال أن الرجل كان من موظفي المفوضية األوربية. كان يقول: لقد مللت الحوار الدائم عن اشكال التعريف بالهوية، سواء المحلية أو االقليمية، أو القومية، ولذلك فهiiو يشiiارك في الحiiوار عن العالقة بين المتحدثين باللغتين الفلمنكية والهولنديiة، من الهولنiديين. إنهم يتحiدثون نفس اللغة، ويأكلون نفس أنiواع األطعمiة، وغالبiا مiا يشiتركون في نفس العقيiدة والدين، ألن الكثير من سكان هولندا من "الكاثوليك". وعندما سiiألته عمiiا إذا كiiانت خطة االندماج، التي يرسمها االتحاد األوربي سوف تصلح إلزالة الحدود بين اللسانين الهولنiiديين، أجiiاب بأسiiلوب حاسiiم: ال مجiiال لiiذلك. واسiiتطرد: "الفلمنكيiiون الهولنديون ال يحبون أحد غير أنفسهم، ولو رغبوا في تعلم لغiiة أجنبيiiة، فسيفضiiلون تعلم االنجليزية، أو دعنا نقول: سوف يختiiارون لغiiة أخiiرى غiiير الفرنسiiية، وعنiiدما

يتحدثون عن هولندا، ال تلمس أّي إشارة لحب وال ود وتعاطف".

وسألت: "هل هناك من يرغب في الموت دفاعا عن أوربا؟ كانت اجابiiة "الفلمنكي" الهولندّي: ال، إنه انسان مسالم، ويحترم النفس االنسانية، سواء كانت نفسه هiiو، أو أنفس األخرين. ومواطني االتحاد األوربي اآلخرين، حتى هؤالء الذين يتعطشون للدم اكثر من صديقي هiiذا، فiiإنهم غiiير متحمسiiين، وال سiiعداء بمثiiل هiiذه الفكiiرة. أمiiا بالنسبة لي، فإني أقول: أنا ال اسiiتطيع إطالق رصاصiiة واحiiدة؛ على أّي انسiiان منجحافل األفارقة الجائعين، الذين يصارعون المiiوت اثنiiاء عبiiور "مضiiيق جبالرتiiار" (

Gibraltarأو "مضيق جبل طارق" كما يسميه العرب، اآلن، أو في أّي لحظة في - ( المسiiتقبل. وأهمس أيضiiا: أنiiا لسiiت راغبiiا في المiiوت من أجiiل اسiiكندنافيا، أو النرويج، أو حتى اوسiiلو، فهنiiاك الكثiiير من االشiiياء المهمiiة الiiتي يمكن أن يضiiحي

بنفسه االنسان من أجلها، أهم بكثير من الموت دفاعا عن المكان.

159

الجزء الثالث

المقال الخامس

"عقKKدة جمعKKة" :في االقتصKKاد السياسKKي، عنKKدماتلتقي الثقافات

Robinson) هو خادم "روبنسiiون كiiروز" (Friday (*" جمعة" Crusoe،يطiiالنش ( المتطلiiع ألن يتعلم منiiه. كiiانت واجباتiiه تقتصiiر علي جمiiع الحطب، وقلiiع النباتiiات المتسلقة، وعمل الشاّي، تبعا ألوامر سيده "روبنسون". وتبعا للرواية فإن "جمعة"، يمثل اإلنسان البسيط المتخلف. لكنه استطاع أن يطiiور بالتiiدريج، سiiلوك متحضiiر، تعلمه من سيده بالطبع. سيده ،الذّي بلغ درجة من العلم، والمهارة العملية، والحس المنطقي، مستو عال؛ لم، ولن يبلغه "جمعة". سلوك "جمعة" المتحضر هذا، مقبول عند سيده، ألنه يذكره بسلوكه هو. أما، أين ولد "جمعة"، ومن أّي ثقافة جاء؟ سؤال

، هي شخصية روائية ، أبدعها الكاتب الروائي اإلنجليزّي "دانيل دفوس" (Fridayجمعة، أو **Daniel Defoesفي روايته الشهيرة "روبنسون كروز". فيها سمي " كروز " خادمه المخلص (

األمين المطيع "جمعة". واختار اسم جمعة ألنه قابله أول مرة يوم الجمعة – المترجم

160

) في روايته. إال أن "جمعة"Daniel Defoesلم يجب عنه الكاتب "دانيال دفوس" ( هiiذا، فiiتي نصiiف عiiار، أو نصiiف كiiاس، يقiiف مشiiدوها، عنiiدما يiiرّي العديiiد من

المعجزات، التي يصنعها سيده المعلم. والرواية تعكس غرور الحضارة اإلنجليزية.

، يمكن تشiiكيلها،*بالنسبة لi"روبنسون"، فiiإن "جمعiiة" يمثiiل "مiiادة خiiام إنسiiانية" ويمكن ضiiبطها، وترويضiiها؛ بحيث تتعلم األطiiر والقواعiiد، في ثقافiiة "روبنسiiون" المتحضرة، والتي يمكن بالتدريج أن تكتسب بعض الصفات، واألساليب، التي يتصف

بها السيد "روبنسون".

"روبنسون" هو الذّي يعلم "جمعة "، صناعة األسلحة المتطورة المتفوقiiة. ومن هiiذا¦ علي "جمعة"، وله السiiيادة الرمزيiiة. وبعiiد الطريق؛ فإن "روبنسون" يسيطر تماما وقت ليس بالطويل، فسوف يبدأ "جمعة" بالشعور بالخجiل، من لغتiه ، وأدواتiه في الزراعة، وعقيدته التي ورثها، وحتى ثيابه المعتادة. أما من ناحية "روبنسiiون"، فهiiو ال ينظiiر إلي "ثقافiiة جمعiiة" إال بدونيiiة، أو علي األقiiل بالالمبiiااله. وتiiدريجيا؛ يبiiدأ "جمعiiة" في اإليمiiان أنiiه، ال يسiiتطيع الحيiiاة، إال من خالل "روبنسiiون". بسiiرعة¦، هو من صناعة "روبنسiون"، الiبيت الiذّي يأويiه، يكتشف، إن كل شيء حوله تقريبا

األدوات التي يستعملها، والطعام الذّي يأكله.

H (*الخادم "جمعة " خفيض الجناح، مسلوب القدرة، أو ما يسمي بi " العبد الهجيلي"egelian Salveتوّيiiل إلي مسiiه، لتصiiالذّي ال تساوره أحالم، بأن يرتقي بقدرات ،(

قدرات سيده، وعلي أفضل حال فإن له؛ أن يأمن علي حياته، في كونiiه قانعiiا، بiiأن¦، يبدّي إعجابه بتفوق سيده. يكون عبدا

Inferiorty (*"عقدة جمعة"، أو"عقiiدة النقص" Complexة إليiiرة الدونيiiوالنظ ( النفس ، هي الحالiiة النفسiiية الiiتي تكiiون عليهiiا األمم، الiiتي رزخت تحت االحتالل،

missionsوضغوط الرجل األبيض ولحضارته التبشيرية ( civilisatricesنواتiiلس (

، تعني المخ اإلنساني عند الوالدة، وهو الBlank slate"المادة الخام اإلنسانية"، أو باإلنجليزية: ** يحوّي أّي علم ،أو فك. وهي مقابلة للفظة "األمي" في اللغة العربية. واألمي في اللغة العربية

تعني، الذّي يشبه الوليد، يخرج من بطن أمه، ال يعلم شيئا. وأصل الكلمة مأخوذ من الالتينيةTabula Rasaالمترجم -

) مواصفات لإلنسان المسلوب اإلرادة،Hegelوضع الفيلسوف األلماني المعروف "هيجل"( ** الفيلسوف األلماني، له تأثيرGeorg Hegel (1770 – 1831 )الذليل الخاضع. و"هيجل" هو:

عميق علي الفكر األوربي، وأهم ما عرف به العملية ذات الدرجات الثالث في المنطق الجدلي،¦، "الدراسة الفلسفية1816والتي قدمها في كتاب "علم المنطق" ( ). ومن أعماله الكبيرة أيضا

) . وفيها يصف تطور فكر اإلنسان،The Phenomenology of Mind -1807لتطور العقل ( من الشعور واإلدراك خالل اإلدراك الذاتي، البرهان، والروح. أما الدين فهو الحقيقة المطلقة –

المترجم يعرف علماء النفس "عقدة النقص" – هناك فرق بينها، وبين الشعور بالنقص – علي أنها **

استعداد ال شعورّي مكبوت، ينشأ من تعرض اإلنسان لمواقف كثيرة متكررة، تشعره بالعجز والفشل وقلة الحيلة. أما الشعور بالنقص، فيصيب المرء عندما يدرك أن به نقصا؛ جسميا، أو

عقليا، أو اجتماعيا، أو اقتصاديا، سواء كان هذا النقص حقيقيا، أو متوهما. والشعور بالنقص حالة¦، ويعترف بها – المترجم نفسية، يدركها المرء إدراكا مباشرا

161

طويلة. إنها من أهم اآلثiiار الثقافيiiة، الiتي تصiiاب بهiا األمiة، الiتي رزخت تحت نiiير االستعمار. وهي في نفس الوقت، أحد وجوه الهيمنة األوربية، التي نادرا مiiا تنiiاقش من الناحية النظريiiة. إن من آثارهiiا خلiiق شiiعورا باحتقiiار النفس، واإلعجiiاب الغiiير منطقي بعالم المستعمر: لغتة، مالبسة، طعامه، أسلوب حياته، عقيدته الدينية، وكل األسiiاليب التكنولوجيiiة الiiتي يتبعهiiا. هiiذه العقiiدة غالبiiا مiiا تiiؤدّي إلي اإلذعiiان واالستسالم، بجانب الجمود وعدم المباالة. بالنسبة لi "جمعة" يشعر أنiiه تائiiه بiiدون

"روبنسون"، وفاقد الحيلة، ال يستطيع الفعل.

كثiير من قيiادات الحركiات الشiعبية التحرريiة، في البالد الواقعiة تحت االسiتعمار، يعملiiون جاهiiدين علي تحريiiر المواطiiنين من هiiذه النظiiرة الدونيiiة إلي النفس، ويحاولون تشجيع الموروث، والمحلي، وما يفترض أنه أصiiيل، من خالل بيiiان فضiiله

علي المستورد.

Decolonisingوبين المثقفين أيضiiا،¦ من يiiذهب إلي القiiول تحريiiر العقiiل ( the mind) "وiiiوجي وا ثيونجiiiور "نجiiiير البروفيسiiiب تعبiiiعلي حس - (Ngugi Wa

Thiongoهiiا يمثلiiول مiiرغب في قبiiافي، وليس منهم من يiiتعمار الثقiiمن االس – ( الماركسiiية ، ويبiiدّي رغبiiة في اعتناقهiiا،*"روبنسiiون"، أو تبiiني أفكiiار" نجiiوجي"

واتخاذهiiا أيديولوجيiiة لتطبيقهiiا في افريقيiiا. بينمiiا نiiرى مثقفين آخiiرين يعتiiبرون Cultureالماركسية أحد أكبر أدوات "روبنسون" تأثيرا؛ إلنتiiاج "األدمiiان الثقiiافي" (

addiction "تراوسiود ليفي – سiوالحفاظ عليه. كتب " كل ، ( Claude Le’vi – Strauss،إن النظرية الماركسية الشيوعية العقيمة، هي إحدى سخريات التاريخ": (

. هنا يجب أن نجرّي محاولة للتدقيق في المفاهيم؛ فلiiو اسiiتطاع*التي تولد التغريب الكينيون، علي سبيل المثال، أن ينشiiروا األيديولوجيiiة الماركسiiية في أفريقيiiا، فهم بذلك ال يقعو في إطار "عقدة جمعة"، ألنها تعتبر حالة نفسية مرضية، وليست واقiiع مادّي ناتج من نقل الثقافة من الشiiمال إلي الجنiiوب. فاإلنسiiان المصiiاب بi"عقiiدة جمعة "، هو الذّي يصل إلي حالة "االعتماد الكلي" - أو"اإلدمان"، علي طرق تفكiiير، ليسiiت نابعiiة من ذاتiiه، ومن داخلiiه. إن أعiiراض هiiذه العقiiدة هي احتقiiار الiiذات،

والخجل من النفس، وليس اقتباس فكر أو مهارة "روبنسون"، ورجال أمته.

"مورويشيوس" الجزيرة الصiiغيرة، الدولiiة، شiiديدة التعقيiiد اثنيiiا، وبهiiا ديمقراطيiiة متجiiذرة، لكنهiiا مثiiال للمجتمiiع الiiذّي حiiل بiiه االسiiتعمار سiiابقا. لقiiد حصiiلت "موريشيوس" علي استقاللها الرسمي، منذ أكثر من ثالثiiة عقiiود، لكنهiiا بعيiiدة كiiل البعد من التحiiرر من االسiiتعمار. هنiiاك يقابiiل المiiرء صiiباح مسiiاء، كال من "عقiiدة

جمعة"، وتعدد النبضات القادمة من الخارج.

مثال علي انتشار " عقدة جمعة "، هو عالقة الموريشيسون باللغiiة. معظم السiiكان يتحدثون لغة كريوليه ذات أساس فرنسي، وهو لسان األم. ولكن، اللغة التي تحظي

نجوجي"، روائي من أصل كيني، وأستاذ في جامعة كاليفورنيا األمريكية. تركزت أغلب أعماله **علي وصف فترة ما قبل االستعمار في أفريقيا– المترجم

الميل إلتباع األنظمة الغربية، في كل شيء، بما فيها الثقافة والعادات والتقاليد – المترجم **

162

بالوجاهة االجتماعية، هي الفرنسية واالنجليزية. ولقد حدث أن الكنيسة الكاثوليكيiiة، والمثاليون من المثقفين الراديكالين؛ حاوال تعليم الناس القراءة والكتابiiة بالكريوليiiة في محاولiiة لمحiiو أميتهم، لكن الجمهiiور رفض ذلiiك، رغمiiا عن عiiدم وجiiود من يستطيع التعبير عن نفسه بأسلوب جيد بالفرنسiiية بينهم، وصiiمموا على أن يتعلمiiوا القراءة بتلك اللغة. لقد اعتبروا إن اللسان الذى ورثوه من أمهiiاتهم ال يناسiiب مثiiل هذا الغرض. والكثير من الموريشيسiiين يترسiiب فى أعمiiاقهم إن "الكريوليiiة" لغiiة

)،Patoisليسiiت محترمiiة. إنهiiا لهجiiة محليiiة فحسiiب، وليس لهiiا قواعiiد للكتابiiة ( ويقولون إنه ال يمكن الكتابة بها. ومثال آخر على انتشiiار عقiiدة الدونيiiة هiiو؛ ال أحiiد من الموريشيسiiين يحمiiل لقب، أو "اسiiم عائلiiة" افiiريقي، وتلiiك هى "عالمiiة روبنسون". إنهم يعتقدون أن هiذه األسiiماء األفريقيiiة، تiiدل على أنهم احفiاد عبيiiد. وهذه الظاهرة موجودة، سواء كانت فى البحر الهندى الكاربى أو الواليiiات المتحiiدة�قوم بالبحث الميiiدانى في "ترينيiiداد"، قiiابلت بiiاحث اللغiiة األمريكية. وعندما كنت أ

Gordonالمعiiروف "جiiوردون روهلهiiر" ( Rohlehr) ةiiول الغينيiiو ذو األصiiوه ،(Guyanaزiiسألتة عما إذا كان لقب "روهلهر" شائع فى غينيا؟ كانت اإلجابة أن ه ،(

¦: ال يوجد عائالت في غينيا تحمiiل هiiذا اللقب، ثم كتفية تعبيرا عن عدم االكتراث قائال أضiiاف " ربمiiا كiiان هنiiاك أحiiد األلمiiان، الiiذّي امتلiiك بعض العبيiiد، وكiiان يلقب

"روهلهر"، ومن بعده حملت األبناء واألحفاد اللقب.

) المتطرف، في االنتخابات الحكوميiiة، فيMMMفي بداية الثمانينيات نجح الحزب ( موريشوس. وبنiiاء على ذلiiك شiiكل حكومiiة، كiiانت قوميiiة، أرادت أن تقضiiي علي "عقiiدة جمعiiة" بقiiرار حكiiومي. قiiررت حينئiiذ، أن تiiذاع األخبiiار في التليفزيiiون بالكريوليiiة. وعنiiدها ثiiار النiiاس، وطiiالبوا أن يراجiiع القiiرار، وتعiiاد اذاعiiة األخبiiار بالفرنسية مرة أخiiرى، رغمiiا عن إن الكثiiيرون منهم ال يجيiiدونها، إال أنهiiا مiiا فتiiأت تسiiiيطر عليهم. هiiiل يعiiiود ذلiiiك إلي أن الفرنسiiiية هي لغiiiة روبنسiiiون؟ وأن الموريشيسيون واقعون في غرام "عالم روبنسون" بال أمiiل؟ ليس بالضiiرورة. أحiiد التفاسير الحديثة التي توضح االجابة، وهو تفسير يقول به الكثiiير من الموريشيشiiين أنفسهم، هو: إن اللغة الفرنسية ذات فائدة أكثر من الكريولية. وذلiiك ألنهiiا عالميiiة، وإن كثير من الكتب األدبية، والعلمية، مكتوبة بها. وإنها إحدى اللغات األساسiiية، في

Organisationمنظمة الوحدة اإلفريقيiة ( of African unityه عنiوفي دفاع .( ) يتساءل:Sydney Selvonالفرنسية، كتب الصحفي المحترم "سيدني سيلفون" ( )، والiزعيم "جيفiارا"Castroأيجب علينا أن ننكر علي الرئيس (السابق) "كاسترو"(

)Guevara استخدام لغة المستعمر؟ (

أمiiا من ناحيiiة انتشiiار موسiiيقي "البiiوب" الحديثiiة، وهي الiiتي تعتiiبر "أجنبيiiة"، و"غربية"، مثل اللغة الفرنسية، فقد كان لiiه تiiأثير مغiiاير في الهويiiة المحليiiة. هiiذه

Jacquesالموسiiيقى – من "جiiاك بiiرل" ( Brel) "اiiإلي "مادون (Madonnaدii؛ ق( اسiiتعملت وعiiزفت في مناسiiبات وطنيiiة، ويعتبرهiiا الموريشيسiiيون أحiiد مكونiiات عالمهم الثقافي. ومن حين آلخر، يعيدون تصميم بعض موسيقي "البiiوب" العالميiiة، بحيث تتناسب مع بعض المحليات، التي يتميزون بها، وتثير عنiiدهم الفخiiر واالعiiتزازبهويتهم. مثال علي هذا، هiiو مiiا صiiارت إليiiه صiiورة الموسiiيقي العالميiiة "ريجiiا" (

163

Reggaeرنiiات من القiiر الثمانينيiiية". ففي اوآخiiا "موريشيوسiiتي اعتبروهiiال ،( ). هiiذهSe’gaالماضي؛ بدأ بعض الفنانون المحليون في عزف موسيقي "السiiيجا" (

)Reggaeالموسiiيقي األخiiيرة، يمكن أن تختلiiط علي األذن؛ بموسiiيقي "الريجiiا"( الجاميكيiiiة، لiiiو اسiiiتبعدنا الكلمiiiات. وهي تعiiiبر عن مشiiiاكل الطبقiiiة العاملiiiة الموريشيوسiiية، وأحالمهم، وأشiiواقهم. وهي الiiتي أدت إلي فخiiرهم، وشiiعورهم

). إنهم فيnu lamizikبالذات. والبعض منهم يسمي هذه الموسيقي "موسيقانا" ( هذه الحالة، ليسوا في حاجة إلي " روبسون"، ال يحتiiاجون إال إلى إعجiiاب الجمهiiور

بالموسيقي.

تحرير النفوس من "عقدة جمعة "؛ يتطلب من الشعوب، التي كانت مسiiتعمرة؛ أن يؤمنوا بقدراتهم الذاتية. وعليهم خلق نقiiاط تiiوازن، بين ثقiiافتهم المحليiiة، وثقافiiة المستعمر السابق، وكذلك بين ثقافتهم، والثقافة العالميiiة. وهiiذا التوجiiه الالزم بعiiد التحرر من االستعمار؛ يعتبر أكثر أهمية، من تأميم مزارع السكر. وهiiو عمiiل يتطلب

زمنا أطول إلنجازه.

II

Kwameفي صiiiالة انتظiiiار مكتب الiiiرئيس الغيiiiني األسiiiبق "كiiiووم نكرومiiiا" (Nkrumahدة، يمكنiiا المتحiiس إلفريقيiiروحي والمؤسiiوهو الذّي يعتبر األب ال - (

للمرء مشاهدة لوحة زيتية، بألوانها الزاعقة، التي رسمها أحiiد الرسiiامون الغiiانيون. في اللوحة صور، لثالث قوى قبيحة؛ علي أفريقيا الجديدة، واجب مقاومتها، والقضاء عليها. القوة األولى تمثل "الرأسمالية"، فيها رجiiل يحمiiل حافظiiة نقiiود، وتعiiبر عن االسiiتغالل، واالسiiتحواذ علي الiiثروات. ثم يiiأتي "المبشiiر"، وهiiو يحمiiل الكتiiاب¦، يiiأتي دور "األنiiثربولوجي "، المقدس بين يديه، وهذا يمثل غسiiيل األدمغiiة. وأخiiيرا

Meyerالiiذّي يحمiiل نسiiخة من كتiiاب "مiiير فiiورتس"( Fortes– انiiو"إيف ، ( Evansبريتشiiارد" ( Pritchard) "ريقيiiي األفiiام السياسiiوان: "النظiiه العنiiول ، (

African Political Systemsدافعiوهذا يمثل المنظر للنظام الرأسمالي، والم ،( عنه.

لقد تم وصف العالم تشكيله، إلى درجة شاملة ومعمقة؛ علي أيدّي كتiiاب أروبيiiون، وأمريكيiiون شiiماليون. وكiiل مiiا كتبiiوه يمثiiل وجهiiة نظiiرهم، ولiiذا يجب فحصiiه، وتمحيصه، والسبر في أعماقه. وفي بعض األحيان يجب استبدال الكلمات، والجمiiل؛ بأخرى جديدة. وفي أحيان أخرى يجب تغيير بعض التفسيرات، وأحيانا يجب أن تلقيابÂ من أمiاكن أخiرّي، Öiت� في مزابل التiاريخ. وذلiك حiتي يمكن وصiف العiالم من ك¦ فكريiiا وعقالنيiiا، ويسمع لوجهات النظر المختلفiiة. هiiذا العمiiل الiiذّي يعتiiبر تحريiiرا ومشروع اشترك فيه العديد من الكتاب، والمفكرين والمثقفين، علي امتiiداد القiiرنالعشiiرين. وأهم من عرفiiوا في هiiذا المجiiال، وأفضiiلهم، هiiو "فiiرانتس فiiانون" (

Frantz Fanon ) في كتابه .(Peau Noire, masques blancs:وترجمته " " . كiiذلك كتابiiه "المiiدانون في1952"بشرة سوداء، وقناع أبيض"، الiiذّي نشiiر عiiام

. هاذان الكتابان1961 ) ، الذّي صدر عام Les damne’s de La terreالعالم" (

164

قدما تحليال نفسيا لعقدة النقص، ونظرة السود الدونية للنفس، وهمiiا كتابiiان مiiازاال جديرين بالقراءة، بالرغم من مرور زمن ليس بالقليل علي إصدارهما. وعلى ما يبدو

)، مازال صالحا، ولم يعف عليه الزمن. فما زال يوضiiحFanonفإن تحليل "فانون" ( كم التناقضات الناشئة، في فترة ما بعiiد االسiiتعمار، وقiiدرة مشiiروع تحريiiر العقiiل

منها.

في كتابiiه األول - علي وجiiه الخصiiوص؛ يقiiدم "فiiانون" تحليال لi"عقiiدة جمعiiة"، وتميزت فكرته بالتطور والمرارة. كتب: "من حين آلخر، تصيبي الدهشة من مiiديرّي المدارس، والعiiاملين في المؤسسiiات الحكوميiiة في المسiiتعمرات، ممiiا إذا كiiانوا يفهمون وظيفتهم الiتي يقومiون بهiا في المiدارس، إنهم ، وعلي مiدّي عقiدين من الزمان؛ يجاهدون لوضع برامج تسعي لتحويل الرجل األسود، إلي رجل أبيض ثقافيا، وفي النهاية ييأسون، ويقولون للرجل األسود: إنiiك ببسiiاطة لiiديك "عقiiدة التبعيiiة"

للرجل األبيض".

)، وهي جزيiiرة تقiiع فيMartinique ولد "فانون" وترعرع، في جزيرة "مارتينك" ( البحر الكاريبي استعمرها الفرنسيون ألهميتها في زراعة وإنتاج السكر. ولكنه قضiiي

)، ولذا فقد كان يiiرّي أن العالقiة بين السiودAlgeriaحياته الناضجة في " الجزائر"( والبيض، هي عالقة غير متوازنة في القوة، ويرّي ذلك في جميع مناحي الحيiiاة. هiiذا االختالل، في موازين القوى، يشمل العالقiiة بين المiiرأة السiiوداء، والرجiiل األبيض، وبين المرأة البيضاء والرجل األسود. المرأة السوداء، تظن أنهiiا أصiiبحت ذات قيمiiة إنسانية؛ عندما يقبلهiiا الرجiiل األبيض لتشiiاركه الفiiراش. والرجiiل األسiiود يثiiأر من الرجiiل األبيض، عن طريiiق مشiiاركة المiiرأة البيضiiاء الفiiراش. كالهمiiا نشiiأ في ، وتشبعا بمحيط مجتمعي، حيث كل ما فيه من صناعة الرجل األبيض. يقول "فانون": "من الواضح إن العنصرية هي التي صنعت "الiiزنجي"، وأن عنصiiريه الرجiiل األبيض هي التي مازالت مسيطرة علي السود في العالم. بالنسبة له، فقد كiiان يتمiiني أني يرى "مجتمع مستقبلي"، حيث ال يوجد يهوديا، أو يونانيا، يمارس الرجل األبيض فيهم "التمييز العنصرّي". وفي كتابه "المدانون في العالم" يتصور إن مثiiل هiiذا المجتمiiع يمكن إيجiiاده، عن طريiiق القiiوة والعنiiف. هiiذا الكتiiاب، هiiو الiiذّي كتب مقدمتiiه

Jeanالفيلسوف الفرنسي المعروف "سارتر" ( – Paul Sartreاiiواعترف فيه ، ( أن آثار الجروح، التي تخلفت بعد استعمال العنف، ربما ال يمكن إزالتها إال باسiتخدام

العالج العنيف.

¦، وكiiانت عندما كتب "فانون" كتابه "بشرة سوداء وقناع أبيض"، كان حينها شابا ثائرا أماكن كثيرة من العالم ترزح تحت استعمار الدولة األوربية. وحينهiiا لم تكن حركiiات التحرر، والمطالبة بالحقوق المدنية في الواليات المتحدة األمريكية، قادرة علي رفع رأسiiها، وإعالء صiiوتها بعiiد. وكiiان الهنiiود، في كال من أمريكiiا الشiiمالية والجنوبيiiة، صامتين خاضعين مستسلمين، ولم يتبق من احترامهم للذات إال القليل، المبعثر هنiiا وهناك . وكانت أدبيات ما بعد االستعمار، التي كتبت - من الشاعر الروائي واألسiiتاذ

Chinuaالجiiامعي الiiنيجرّي "شiiينو أشiiبيه" ( Achebeةiiة األمريكيiiإلى الروائي ،( ) - لم يكن لها تأثير في ذلك الحين، وهي التيToni Morrison"توني موريسون" (

165

بينت الشiعور الiداخلي لكثiiير من الجماعiات الiذين كممت أفiواههم. وكiل حيiiاة "و�؛ تعريiiف ووصiiف �iiذين أبiiفانون" في الحقيقة مرت، ولم يتحقق نصر كبير لهؤالء ال الرجiiل األبيض لهم، فقiiد مiiات " فiiانون" وعمiiره سiiتة وثالثiiون سiiنة من مiiرض

"اللوكيميا"، وذلك قبل وقت قصير من انتصار الثائرون في حرب الجزائر.

أعمال "فانون" األدبيiiة قiiرئت من عديiiدين بعiiده ، وخاصiiة من أدبiiاء ينتمiiون إليS (*البالد الحارة ، ولكن لم يكن لهم تأثير سياسي كبير. لقد أعجب "سليمان رشدّي"

alman Rushdie،ريةiiه للعنصiiملها تحليلiiتي شiiاءآت الiiبعزيمة "فانون"، واإليح ( Edward (*الغير مرئية في انجلترا. وكذا، فعل "ادوارد سعيد" Saidدiiوظهر النق .(

Gayatr (*لسلوك الرجل األبيض جليا، في كتابات الكاتبة الهندية "جياترّي سبيفاك"i Spivakهiiوا بتحليالتiiذين أعجبiiوكتابات ونقد الكثير من المثقفين والمفكرين، ال ،(

) ،Master – Slave Dialecticsالعميقة في الحديث عن: "جدلية العبد والسيد" ( وكيiiف يشiiكل االسiiتعمار الم�سiiتع�مرين، ويحiiولهم إلي خاسiiرين، يحملiiون "عقiiدة النقص"، أو النظرة الدونية ألنفسهم. ولو أن شيئا قد غير احاسiiيس "غiiير الiiبيض"، ضد الرجل االبيض؛ فانه – بالتاكيد- ليست الكتابات، انما هي الحiiروب. أقiiرب مثiiال واضح علي ذلك هي حرب الخليج الثانية. وذلك عندما دمر الغiiرب، بقيiiادة الواليiiات المتحدة األمريكية؛ أجزاء¦ كبيرة من بغداد عقابا لصدام حسين، الiiذّي اعتiiبروه "غiiير

.*مطيع"

¦ لما توقع الكثيرون، ومن بينهم "فانون" نفسه، فإن "الرأسمالية العالمية" قد وخالفا ساهمت، في تقصير المسافة بين السود والبيض، بشكل عام. ذلك ألن الصiiفوة من رجال األعمال رأوا، إن أكبر إمكانيات فرص التربح هي في آسiiيا، وإن هنiiاك أسiiبابا شiiديدة األهميiiة تفiiرض، رفض فكiiرة وجiiوب سiiيطرة الرجiiل األبيض. وبiiذا، فiiإن العنصرية، واألحكام المقولبة الم�سبقة، لم تعد ذا فائiiدة ماديiiة (وبiiدون أّي مطالبiiة، فإن طبقة رجال األعمال في جنوب أفريقيا – األغلب منهم – عارضوا "نظام الفصل

Apartheidالعنصرّي" ( Systemادّيiiالنفع المiiود بiiفقد تبين لهم أنه نظام ال يع ،( لهم).

اسلوب " فانون" في التفكير والتحليل، ربما يكون قد ساهم – علي عكس ما أراد – في توسيع الفجوة، بين ذوّي اللiiون الفiiاتح، واآلخiiرون من ذوّي اللiiون الغiiامق، من البشر. لقiد كiان تركiيزه الشiديد علي "المتناقضiiات" بينهم، واشiiارته إلي العمليiiة الجراحية (درس "فانون" الطب)، التي تتم في التواصل بين البيض والسiiود؛ والiiتي

– المترجم1947سلمان رشدّي روائي انجليزّي، من أصل هندّي. ولد في بومباّي ** إدوارد سعيد كاتب وأستاذ جامعي أمريكي من أصل فلسطيني . من أهم ما كتبه "االستشراق"، **

– المترجم2003و"الثقافة األمبريالية"، توفي عام جياترّي سبيفاك، استاذة جامعية، وناقدة أدبية، ومنظرة ماركسية، ولدت في كالكتا الهندية عام **

. انتقدت االستعمار بعنف في كل كتاباتها – المترجم1942 ، اجتاحت الواليات المتحدة االمريكية، بالتحالف مع بعض البالد2006وفي أبريل من عام **

االوربية - خاصة بريطانيا- العراق. ومازالت العراق تعاني من االحتالل، وذلك لنفس الغرض الذّي لم يتحقق – على حد تصور حزب المحافظين األمريكي، بقيادة الرئيس السابق جورج بوش االبن

– المترجم

166

صورت السود، وكأنهم مخلوقات ذات قيمة أقل، وبالتالي فإنه سiiاهم في إثبiiات أن هناك تمايزا. وربما تكiiون كتبiiه نافعiiة من الناحيiiة العالجيiiة، ويمكن اسiiتخدامها في تسمية المشاكل؛ إال أنها تحتاج إلي التطiiوير والتقiiدم بهiiا، لكن ذلiiك لم يحiiدث من الذين اعتنقوها، وبدال من ذلك فقiiد قدسiiت من مثقفي العiiالم الثiiالث ، واعتبروهiiا

"كتبا مقدسة"، تقدم نبوءات مقنعة.

وبذلك يواجه سكان البالد الحارة خطiiر الوقiiوع في الشiiعور " بالدونيiiة"، والشiiعور بأنهم أقل قيمة إنسانية، مهما فعلوا. حتى إذا ما فعلiiوا شiiيئا، يحتمiiل أن يفهم علي أنه من الثقافة األوربية؛ فسوف يحسون بالتبعية. وفي المقابل، لiiو أداروا ظهiiورهم لكل حديث وعصرّي، فقط ألنه أوربي ، وفي محاولة الظهور بمظهiiر االصiiالة؛ فiiإن

تأثيرهم السياسي سوف يكون ضعيفا، ويعجزوا عن اتخاذ القرار في النهاية.

Catch22-typeهذه المعضلة من النوع الكالسيكي، حيث أنiiه "ليس هنiiاك ربح " (or, No – Win Situationومعظم األقليات تواجه، وتعاني، من هذه المشكلة ، (

بشiiكل أو بiiآخر. والمiiاهرون منهم من يسiiتطيع الحصiiول علي "الكعكiiة وطبقهiiا"، بمعني المزاوجة بين " األصiiالة، والمعاصiiرة "، تمامiiا كمiiا حiiدث في حالiiة األقليiiة

) ، الذين حصلوا في العقود الثالثة الماضiiية،Sami (*النرويجية من "قبائل السامي" علي صفوة ذات تعليم عiالي جiامعي، وبيiوت جiاهزة جيiدة الطiراز، ومزالiق علي

Cableالجليiiد، و"كابiiل تي . في" ( T.Vائيةiiات الفضiiير من المحطiiه الكثiiب (. التليفزيونيiiة، وفريiiق موسiiيقي خiiاص بهم. كiiل ذلiiك وغiiيره، عالوة علي التمثيiiل السياسiiي، وفي نفس الiiوقت حiiافظوا علي اعتiiدادهم بالiiذات، والفخiiر بالثقافiiة

المحلية، وساهموا في بناء شبكة واسعة عالمية لترويج منتجاتهم المحلية.

هذه المعضلة اتخiذت تعبiيرات مثiيرة لالنتبiاه في حiوار دار منiذ عiدة سiنوات في أفريقيا. دار الحوار عن اللغة، التي يجب أن يكتب بهiiا األدبiiاء والكتiiاب األفريقيiiون. والمعروف، إن معظم الكتاب األفريقيين يكتبون باللغة التي ورثوهiiا من المسiiتعمر: الفرنسية، أو االنجليزية، أوالبرتغالية، أو األفريكانية. وفي بiiدايات الثمانينيiiات اقiiترح

Ngugiالكiاتب الكيiني " نجiوجي وا تيونجiو " ( Wa Thiongoه منiعلي زمالئ ( الكتاب، الكتابة باللغة االثنية، الiتي تنبiع من الثقافiة األفريقيiة، والمالحiظ أنiه ظiل

Johnيحمل اسiiمه المسiيحي "جiون نجiiوجي" ( Ngugiامiiه أيiiان يحملiذّي كiال ،( االستعمار، وكتب أوائل كتبه باإلنجليزية. ولكنه وبعiiد تيقiiظ، وعمليiiة وعي سياسiiية،

Sonغير اسمه إلي "ابن ثيونجو" ( of Thiongoه، وهيiiان أمiiوبدأ الكتابة بلس ( ) ] الi"جيكويو"، هي إحدى لغات قبائل البانتو (Gikuyuاللغة المسماة الi"جيكويو" (

Bantu،]ترجمiا – المiا في كينيiتخدمة محليiة المسiنيجر. وهي اللغiفي كونجو ال ( ¦ علي، إنه ليس من الضرورّي أن وأشار إلي "اكسندنافيا"، عندما أراد أن يضرب مثال يعزل المرء ثقافيا، لو أنه كتب بلغة محلية صغيرة. وفي سiiبيل هiiذا اإليمiiان لم يعiiديكتب باإلنجليزية ولو سطرا واحدا، ومن هذه الناحية تشابه مiiع " كومiiا نيكرومiiا " (

"السامي"، قبائل تمثل أقلية، في كل من النرويج، والسويد، وفنلندا، وروسيا. يعيشون في ** شمال هذه البالد، ونشاطهم األساسي رعي الوعول، وصيد األسماك، واستثمار الغابات الطبيعية –

المترجم

167

Kwame Nkrumah) "واحيليiiة "السiiون اللغiiترح أن تكiiذّي اقiiه ، الiiمن قبل (Swahili)"والنiiل "البنتiiات قبائiiة من لغiiواحيلي ، هي لغiiالس[ ، (Bantu lan، (

ويتحiiدث بهiiا كثiiير من البالد األفريقيiiة الواقعiiة علي الشiiريط السiiاحلي للمحيiiط الهندّي، من كينيا وحتي شمال موزمبيق – المiiترجم[ هي اللغiiة المشiiتركة ألفريقيiiا

السوداء.

¦، الكاتبiiة "ووال عدد من الكتاب األفريقيين تفاعلوا سلبيا مع اقتراح " نجiiوجي" . مثالWoleسوينيكا" ( soyinka،ؤخراiiل في األدب مiiائزة نوبiiلت علي جiiتي حصiiال ، (

صممت علي أن اللغة االنجليزية تعتبر، إحدى اللغات األفريقيiiة. وبالتiiالي، فiiإن هiiذا الموضوع منتهي بالنسبة لها. وفي حوار سابق عن سؤال: ما هو "األفريقي األصيل"

)Authentic African"؟ امتدح ومجد الكثير من المثقفين، ما أسموه " نجرّي تيود( )negritudeيزiiدهم يمiiوهو تعبير اصطلح عليه، يطلق علي كل ما هو زنجي. وعن ،(

التجارب واألفكار، والثقافة، األفريقية السوداء. وكان من المؤمiiنين بiiذلك، "ليوبولiiد ) الشاعر والمثقف السنغالي. وكذلكLeopold Seder Senghor(*سيدار سنجور

Sen). وحسب ما كتب "سنجور" (Aime Cesaire (*الكاتب واألديب "أيمه سيزاز"ghorا هيiiإن افريقيiiفة؛ فiiق والفلسiiع المنطiiان هي نبiiذات مرة : إذا كانت اليون (

منبiiع "الحس والمشiiاعر". وعلي العكس من هiiؤالء؛ فiiإن الكiiاتب " وول سiiوينكا" لم يقابل هذا المصطلح بالترحاب، واعتبره تعبير مجازّي رومانسي، يشبه*النيجيرّي

ونها المرضiiي النفسiiيون، أو المسiiاجين، فتقيiiدهم ( �iiسÉ �لب Straitالسiiترة الiiتي يJacketديث عنiiة، إلي الحiiر بالحاجiiل يحس النمiiلوب بالغي: وهiiاءل باسiiوتس ،( ) ، أو خصائصه النمرية المتفوقة ذات التميز؟Tiger tudeنمريته (

وتعالت بعض البراهين التي تضحد نظرية "نجوجي"، ووجه بعض النقiiد إليهiiا، وقيiiل إن " نجوجي"، الكاتب والمفكر الجنوب أفريقي، نشأ وترعرع، في بيئiiة حيث كiiانت اللغة االنجليزيiiة، مفروضiة علي تالميiiذ المiدارس، لكن كثiiير من الكتiiاب اآلخiرين، نشأوا في مجتمع الفصiiل العنصiiرّي، الiiذّي شiiجع األفريقiiيين علي اسiiتخدام اللغiiة¦ كاملة، من األفريقيين الجنوبiiيين، لم األصلية. وكان من نتائج هذه السياسة أن أجياال تكن معرفتهم باإلنجليزية كافية للعمل السياسiiي، سiiواء علي المسiتوى القiومي أو العالمي، الذّي يحتاج مستوى متقدم من إجادة اإلنجليزية . ولهiiذا قيiiل إن اسiiتخدام اللغات القومية في اآلداب، أيضا، سوف يعزلهم ويضعف من حجتهم في المناظرات والحوارات مع اآلخرين عالميا. وبالتالي اضطروا إلي: إما تقليiiد "روبنسiون" - وهiذا ما أتبعiه نجiiوجي أيضiiا، أو أنهم يجيبiiون كمiا أجiاب " سiiونيكا"، إن االنجليزيiiة لغiة

أفريقية.

، ويعتبره2001ليوبولد سيدار سنجور: شاعر، ومنظر ثقافي، وسياسي، سنغالي. مات **الكثيرون، واحد من أهم المثقفين األفريقيين في القرن العشرين – المترجم

في الجزيرة1913أيمة سيزار، كاتب وشاعر وأديب وسياسي، فرانكفوني. ولد عام ** – المترجم2008المستعمرة الفرنسية "مارتينك"، الواقعة في البحر الكاريبي مات

،1986. حاز علي جائزة نوبل لآلداب عام 1934"وول سوينكا"، كاتب وشاعر نيجيرّي، ولد ** وس�مي� سفير النوايا الحسنة، لتطوير الثقافة األفريقية وحقوق اإلنسان، وحرية التعبير، من

– المترجم1994اليونسكو عام

168

فكر "نجوجي"، يمثل اتجاه فكر الكثيرون من المثقفين األفارقة. وهiو نiiابع مباشiiرة من أفكار "فانون"، الذّي كان ناقدا لهيمنiiة الغiiرب، واالسiiتعمار الحiiديث. وهنiiا في "اسiiiكندنافيا" فiiiإن "نجiiiوجي" مشiiiهور برواياتiiiه، الiiiتي تiiiرجمت إلي اللغiiiات االسكندنافية، خاصة النرويجية، منiiذ عiدة سiiنوات. وتحiiوّي روايتiiه "الشiيطان علي الصiiليب" هجومiiا عنيفiiا علي، الصiiفوة الكينيiiة الiiتي تفتقiiد حس اإلهتمiiام بهمiiوم الشعب الكيني، وعلي، الروائيين األفارقiiة، الiiذين حiiاولوا نسiiج فن روائي أفiiريقي،

بأسلوب أدبي، طور أساسا من الفن الروائي األوربي.

وتعتبر رواية " الشيطان علي الصليب "، مكتوب قيم في قائمiiة كتابiiات "نجiiوجي"،¦Gikuyu (*وقد كانت أول رواية له يكتبها بلغiة أمiه "الجيكويiو" )، وهي تحiوّي أيضiا

األساليب التي اتبعها في التعبير أثناء معاركه السياسية. وهي أيضا تمثiiل أول كتiiابله، يكتبه تحت اسمه الحالي "نجوجي واثينجو".

معظم البشر يزدادون اعتداال، ويطورون في أنفسهم، ليونة وتسامح، بمرور سنوات عمرهم التي تنقضي. ولكن بالنسبة، لi"نجiiوجي"، فiiالعكس هiiو الiiذّي حiiدث. خالل السبعينيات من القرن الماضي، تطور من إنسان مؤمن بالقوميiiة اإلنسiiانية، إلي أن أصبح حصن غاضب مدجج بالقلم، ينثر كلماته كالقذائف الصاروخية، التي تزداد قوتها

وحدتها، عاما بعد عام.

Óس، حiiدود االنسiiالخ التiiام، من ي �iiوجي" الم�سiiارب "نجiiكروائي، وكاتب في األدب، ق البناء األدبي األوربي. وكمنظiiر، ومحiiاور، وكiiاتب مقiiاالت، فقiiد اكتسiiب "نجiiوجي" قيمiiة، تزايiiدت في كiiل من اوربiiا، وشiiمال أفريقيiiا. كتبiiه الثالثiiة الiiتي كتبهiiا فيالثمانينيiiات من القiiرن الماضiiي، تعتiiبر من القiiراءات المهمiiة. وهي "السiiجين" (

Detained)و ،(Barrel of a Pen وكتاب "تحرير العقل من1983) الذّي صدر ، ). وشملت هذه الكتب، ما بين نقدDecolonizing the Mindاالستعمار الثقافي" (

Karen (*تحليلي لصورة أفريقيا، التي رسiiمتها "كiارن بليكسiن" Blixenومiiو هج( شرس، علي سياسة الرقابة علي الفن واألدب في كينيا، وعلي ما أسماه العنصiiرية العلمية. بعد ذلك أصدر "نجوجي"، مجموعة كتابات قصيرة ، أسماها "تحريك مركiiز

) التي حوت المطالبة بالحرية الثقافية، وكانت درجةMoving the centreالثقل" ( حرارة كلماتها وتعبيراتهiiا – ربمiiا – أعلي من كتبiiه الiiتي سiiبقتها، وكiiانت اهتماماتiiه الرئيسية فيها؛ فضح األوجه الثقافية في االستعمار الحديث، التي تشمل المؤسسات التعليمية، وقطاع الثقافة الجماهيرية، وقطاع الثقافة السياسiية في البالد األفريقيiة. في إحدى كتاباتiiه يقiول: "إن االسiiتعمار الحiiديث، يسiعي دئبiiا لخلiiق نظiرة دونيiiة�عجزها عن الفعiiل، وذلiiك في كiiل �قيد�ها وت للنفس، عند الشعوب المستعمرة، حتي ت

أنحاء القارة األفريقية".

"الجي كويو"، هي لغة قبائل "البانتو"، في كال من "كونجو النيجر"، و"كينيا" – المترجم ** . بعض أعمالها، صورت في1962 – 1885كارن بليكسن، شاعرة، وكاتبة، وروائية، دانماركية، **

) العالمية – المترجمOscarفيلمين حازا علي جائزة األوسكار (

169

هذه النظرة الدونية إلي النفس، هي التي تجعل الحكومات األفريقية، تتبع وتردد مiiا يمليه البنك الدولي، دون مراجعة، أو نقiiد، أو تغيiiير. وتجعلهiiا تقلiiد أوربiiا والواليiiات المتحدة األمريكية، تقليدا أعمى، في جميع المجاالت. وبالطبع فiiإن ذلiiك يiiؤدّي إلي عجز الطبقة المتوسطة، والحكومات، عن حل مشاكل أفريقيا المحلية. وتؤدّي هiiذه النظرة الدونية إلي النفس، إلي احتقار الثقافة المحلية، ونسيانها، واالهتمام بالثقافة األوربيiiة، والتحمس لهiiا. وفي هiiذه الحالiiة األخiiيرة، يسiiكن في عقiiول األفريقiiيين الم�ستع�مرين، كراهية لونهم األسود، ويجعلهم يؤمنون أنهم غير قادرين على االنتصار

بداية. وهذا هو، ماكان "فانون" يتغني به.

�ع�م�رة" في القiiارة األفريقيiiة؛ ال كانت رسالة "نجوجي"، إلي أصحاب "العقول الم�ست تحiiوّي المطالبiiة بعزلiiة ثقافيiiة. وال إعiiادة زرع أفكiiار وعقائiiد رومانسiiية، تتغiiني بi"األصالة األفريقيiiة"، أو أصiiالة الثقافiiة األفريقيiiة. بiiل اختiiار الحiiل األكiiثر تعقيiiدا وصعوبة، وهو محاولة القضاء علي "عقدة جمعة" في هذه العقول. وقد كiiان حازمiiا

تجاه نفسه، وتجاه قراءة، بما فيه الكفاية.

وألن المثقفين والمتعلمين األفريقيين- مثل " نجوجي"- يدينون ألوربا بطiiرق كثiiيرة، ومنها إن أفكاره الخاصة بإنسانية عالمية حقيقيiة، ترجiع جiذورها إلي عصiر التنiويردم التقاليiiد األفريقيiiة، قربانiiا في معبiiد المدنيiiة �iiق� األوربي؛ إال أنiiه ال يجب أن ت المعاصرة. ومن الناحية النظرية البحتة، فإنه يقiiترح علي الiiدول األفريقيiiة، محاولiiة إيجاد أساليب تطور خاصiiة بهiiا، دون أطiiار وقيiiادة من آوربiiا، أو الواليiiات المتحiiدة

)، الذّيArusha Accordاألمريكية واليابان. وفي هذا المقام يذكر "إعالن أروشا" ( التنزاني، وأعلن في المدينiiة الجميلiiةTANUكان عبارة عن برنامج سياسي لحزب

"أروشا"، الذّي هدف إلي تطوير أفريقيا عن طريق تبني االشتراكية.

ليس إذا من خالل "العزلة"، سوف تستعيد أفريقيiiا هويتهiiا الثقافيiiة؛ لكنiiه من خالل تواصل وتفاعل، يتم علي شروط وقواعiiد أفريقيiiة، وليس تبعiiا للشiiروط والقواعiiد األوربيiiة، كمiiا هiiو حiiادث اآلن. لم تكن في قائمiiة رغبiiات "نجiiوجي"، أن يحiiذف

S )، وال روايات " شكسبير" (Milton a Poem (*ويستبعد، مثال، قصائد شعر "ميلتونhakespeareاهماتiiافة المسiiمن مناهج الدراسة في المدارس، ولكنه قصد إض ،(

اب األفارقiiة عليهم �iiت� اإلفريقية في الفن الروائي والفلسفة، إليهiiا. وبiiالطبع فiiإن الك واجب مهم في هذه الناحية، حيث يجب عليهم صياغة "الثقافiiة الشiiعبية الشiiفهية"،

وبلورة الخبرات األفريقية المعاصرة في صياغة أدبية مقبولة والزمة.

إن اإلنتاج الثقافي في عالمنا المعاصر؛ يتبلور في وصiiف الواقiiع، ووضiiعه في إطiiاراب أوربيiiون �iiت� معرفي ذات عنوان محدد. وعندما يكتب عن تiiاريخ وثقافiiة أفريقيiiا، ك

** Milton a Poem) "قصيدة شعر للروائي االسكتلندّي "ويليام بالك ، William Blackتصور ،( فيها الشاعر البريطاني اتحاد روح الكتاب الذين سبقوه، مع أرواح من بعدهم، ليستلهموا منهم

في مدينة جالسكو، ودرس1841الحق، وتصحيح األخطاء. ولد الكاتب الشاعر في اسكتلندا عام في كلية اآلداب، ثم انتقل إلي لندن، وعمل كصحفي، واشتهر بكتاباته األدبية والشعرية. مات

– المترجم1898

170

Joseph(*مثiiل "جوزيiiف كiiونراد" Conradارنiiة "كiiاعرة الدانماركيiiوالش ، ( بليكسن"؛ فiiإن ذلiiك، يفقiiد األفارقiiة الحiiق في تقiiديم أنفسiiهم، وتقiiديم ثقiiافتهم، وتاريخهم، باألسلوب الiiذّي يرضiiونه. وعنiiدما يحiiاول الكتiiاب األفارقiiة اإلشiiارة إلي المراجع األجنبية، فإن ذلك ال يعني أنهم يشيرون إلي كتاب غربiiاء، فحسiiب؛ بiiل إن ذلك يعني، أنهم يفضلون لغات أجنبية، ليست هي لغتهم األصلية. ويمثل هذا التفكiiير

أراء "نجوجي"، وطالب بأن يكتب األفارقة، بلغتهم األم، وتبعا لرؤيتهم هم .

اكتسب األدب األفريقي، معظم جمهوره، في أوربا وأمريكiiا الشiiمالية، بعiiد الحiiرب العالمية الثانية. بالنسبة لi "نجوجي"، فقد وجiiه أواخiiر رواياتiiه للجمهiiور األفiiريقي. وذلك لخلق مناخ ثقة، لبرنامجه السياسي الكالسiيكي، المنiادّي بiالتحرر السياسiي. وقد كتب لهذه اإلستراتيجية النجiiاح والتiiأثير، ففي الثمانينيiiات من القiرن الماضiي، كانت العديد من الكتل البشرية تجلس في القiiرى، وألسiiاتذة القريiiة، يسiiمعون مiiا يقرءون بصوت عال، من األصل المكتوب باللغة "الجيكويiiو" من روايتiiه "الشiiيطان

Theعلي الصiiليب" ( Devil On The Cross) "ارّيiiه، "ماتيجiiوفي كتاب . (Matigariذكرiiان يiiا كiiا مiiتراكي، دائمiiديس اشiiكانت الشخصية الرئيسية، هي ق ،(

النiiاس، بكال من "سiiقراط"، والمسiiيح" (عليiiه الصiiالة والسiiالم). ولiiذا أصiiدرت السلطات في تلك الدولة البوليسiية، أمiiرا بiiالقبض علي هiذا القiديس االشiiتراكي. وبعiiد فiiترة تنبهت السiiلطات إن الرجiiل، هiiو عبiiارة عن شخصiiية خياليiiة، اختلقهiiا

الكاتب في الرواية، بعدها أصدروا أوامر بمصادرة الكتاب.

التذوق التقليدّي لألدب، يشير إلي، إن كال من روايتي "نجوجي"، "ال تبكي يا بiiني"((Weap Not Child) "و"بتالت من الدم Petals of Bloodهiiل من روايتiiأفض ،(

"الشيطان علي الصليب"، و"ماتيجارّي"، علي اعتبiiار أن هiiاتين األخiiيرتين، يتمiiيزان ببساطة البناء القصصي، واستعمال أمثلة ورموز ليست دقيقة، إال إنهما في السiiياق الكيني، اعتبرا أهم من الروايتين األوليتين ذكرا. السiiبب في ذلiiك، يرجiiع إلي أنهمiiا�د�ا رضا، وإشباع نفسي، يصحبهما بعدا اجتماعيا. لقد أحس الكينيون بالفخر، لوجود ول أدباء مرموقين، في بالدهم. وهؤالء وصلو إلي درجiiة متقدمiiة، تحلم األجيiiال التاليiiة

بالوصول إليها.

وصف المشروع األدبي لi"نجiiوجي" بأنiiه جiiزء من مشiiروع أكiiبر، لتحريiiر البالد من نخبة حاكمة فاسدة، أجبرت الناس علي الركوع علي ركبتيها. كان أمل التغيير عنده، في صغار الفالحين والعمال، إال أن كتاباته عن هذه المجموعiiة، وصiiفت بأنهiiا تتمiiيز بأسلوب الكليشهات والطالسم الغامضة. مما أظهiiره وكأنiiه مصiiمم علي أمiiل من المستحيل اإليمان به. ورسiم فقiراء أفريقيiا وكiأنهم رمiزا ال وجiه لiه، في مجتمiع خيالي"( يوتوبي). وأنهم كانوا تعبيرا للمرارة التي يحملهiiا "نجiiوجي" نفسiiه، فكلمiiا زاد اهتمامه بالفكر السياسiiي؛ كلمiiا زادت كراهيتiiه لالسiiتعمار، وللصiiفوة الحاكمiiة األفريقية. وعندما ندرس ما كتبه "نجوجي" عن كيفية خيانiiة هiiذه الطبقiiة الحاكمiiة

من والدين1857يعتبر "جوزيف كونراد" من أفضل الروائيين البريطانيين. ولد في بولندا عام ** . الكثير من رواياته م�ثلت في أفالم،1886بولنديين، والحقا، حصل علي الجنسية البريطانية عام

– المترجم1924وتوفي في عام

171

الفاسدة، للقيم التضامنية اإلنسiiانية، نجiiده يiiذكرنا، في الحقيقiiة؛ بخطiiاب وأقiiوال، العاملين في مجال المساعدات األوربية للiiدول األفريقيiiة، والiiتي يعiiبرون فيهiiا عن خيبة أملهم، ألن األفارقة ليسوا كلهم طيبون، وشاكرون للمعروف. ويمكننا قiiول إن "نجوجي"، حتي اآلن، لم يتخذ الخطوة الكاملة لألمام، في اتجاه إعالن أنiiه "كريiiول

B), وما زالت عقيدته أصولية، مبنية علي " الدم واللحم" (Cultural Creol (*ثقافي"lut – und – Boden .األفريقي (

حiiتي نفهم سiiبب مiiرارة " نخiiوجي " فمن الضiiرورّي أن نعiiرف بعض الشiiيء عن ، وخiiاض تجiiارب1938تاريخ كينيا ، وعن سيرته الذاتية الخاصة. ولد "نجوجي" عام

Newأفريقيا بعد الحرب، منذ حرب التحرير واالستقالل، وحiiتي االسiiتعمار الجديiiد(Colonialism،رiiرب التحريiiال حiiتمرت قليال. أبطiiة، اسiiمرورا بفترة من الحري ، (

والذين ضحو من أجله في الخمسينيات من القرن الماضي، ثم إهمالهم، ولم يعترف بدورهم، وتمت التضحية بهم، واستبدلوا بفئة، وصفت بأنها "برجماتية"، كانوا أصدقاء للسياسة األمريكية المهينiة. وكiانت النتيجiة هي أن الفiروق بين األغنيiاء والفقiراء، تضخمت في كينيا، التي أصبحت تدار من المتعiاونين مiع أمريكiا. ووضiع "نجiوجي" نفسه في السجن لمدة عام، في بداية الثمانينيات من القرن الماضي. وذلك عنiiدما اكتشفت المؤسسة الحاكمة أنiiه قiد أشiiرك فالحين وعمiال، في إحiدى مسiرحياته

). وعالوة علي ذلiiك فقiiد ضiiبطوا فيLimur’uالتي عرضت في قريتiiه "ليمiiورو" ( .Leninمكتبته المنزلية الخاصة أدبيات خطiiيرة، مثiiل كتب "مiiاركس"، و"ليiiنين" ((

�قرأ أسباب هجومه العنيف والمباشر، وفي سياق هذه التجربة التي مر بها، يجب أن تلالستغالل، وأساليب االستعمار الجديد.

في اللقاءات الثقافيiiة الiiتي يشiiارك فيهiiا "نجiiوجي"، يمكن للمiiرء أن يتعiرف علي أحاسيسه باإلهانة، وانعدام الحiiول والقiiوة. ويiiبين إن أفكiiاره، غiiير داعيiiة للتصiiالح بطريقة غير عاديiiة، لكنهiiا في نفس الiiوقت تحمiiل في باطنهiiا ثقافiiة "فiiانون". إن انتقاد السلوك األوربي – أو لiiو أردت القiiول، الرجiiل األبيض؛ قiiد نشiiأ أساسiiا في أوربا، حتى لو قيل إن الناقدين األوربيين اقتبسوا كثيرا من عناصiiر نقiiدهم، من غiiير األوربيين. لقد كانت لغة "نجiوجي"، واألسiلوب الiذّي يفكiر بiه، والمجالت العلميiة، والناشرون لكتاباته، كلها، يمكن للمرء استقصاء أصولها االوربية، لو أراد فعiiل ذلiiك. إن انتقاد "العبودية واالستعباد"، وانتقاد "االستعمار" لم يكن قويا جدا داخiiل أفريقيiiا

�ع�مÉرة ". فحسب، بل كان قويا أيضا في البالد األوربية "الم�ست

وبإعادة النظر في المشكلة، فسوف نجiiد؛ إن إلقiiاء اللiiوم الiiدائم علي االسiiتعمار، وكل ما نتج عنiiه، سiiوف يiiؤدّي إلي فقiiدان القiiدرة علي الفعiiل، واتخiiاذ القiiرارات الصائبة، في البالد الفقيرة. وإلقاء اللوم دوما علي اإلمبريالية، في كiiل مiiرة يحiiدث خطiiأ، فiiإن ذلiiك سiiوف يiiؤدّي إلي عiiدم تحمiiل المسiiؤولية، وعiiدم بiiذل جهiiد في

Morganمحiiاوالت المشiiاركة في الحiiل. "مورجiiان جiiوب" ( Jobاتذةiiد أسiiأح ،( االقتصاد في الجامعiة بترينiiداد، فجiiر� حiوارا قiوّي النغمiات، في األوسiiاط الثقافيiiة

يقصد الكاتب بهذا التعبير إن " نجوجي" لم يعترف، بأن ثقافته مزيج من ثقافات بينها األفريقية **واألوربية – المترجم

172

والسياسية المختلفة في ترينيداد، وذلiك عنiiدما اسiiتعرض الحجج والiبراهين، لiدعمهذا الرأّي. لقد تجاوز صوته حاجز الصوت عنiiدما زعم؛ إن كتiiاب "اريiiك ويليiiامز" (

Eric Williamsماليةiiمي "الرأسiiداد، المسiiروحي لتريذيiiبر األب الiiذّي يعتiiال ،( ، كان واحد من1944 ) ، الذّي نشر عام Capitalism and Slaveryوالعبودية" (

أحد الكتب األكثر شiiرا، في تiiاريخ البشiiرية. اطلiiق هiiذا الصiiوت في جزيiiرة مليئiiة بالنغمات المتفاوتة، والمختلفة، ذات االختالف المزمن. السبب الذّي ساقه "مورجان جوب" هiو، إن هiذا الكتiiاب قiد ربiiط بين تجiiارة العبيiiد من جهiة، وإدارة المiزارع، *وتطورها، وكذلك النمو الصناعي، الذّي ترعرع في العالم الجديiiد المكتشiiف حiiديثا من جهة أخرى. وتبعا لمثل هذا المنطiق، فiإن اآلبiاء في ترينيiiداد هم في األسiiاس، الذين لهم فضل الثورة الصناعية، وبذلك تكون الدول األوربية مدينة لترينبiiداد، وتبعiiا لذلك أيضا فإن بريطانيا العظمي هي التي سرقت ثروة ترينيiiداد. منطiiق "مورجiiان جوب" يتبلور في، إن مثل هذا التنكر وعدم االعتراف بالمسiiئولية، يiiؤدّي بالضiiرورة إلي ضعف الثقة بالنفس، إلي جانب انعدام القدرة علي اتخاذ القiiرارات. صiiحيح إن "جوب" لم يكن موفقا في وصفه لكتاب "ويليامز"، إال أنه في الحقيقة وضiiع أصiiبعه�سiiتعمرت. وهiiذه علي مشكلة فكرية، يمكن أن تكون موجودة في كiiل البالد الiiتي ا صورة أخرى، من الورطة التي تورط فيها "نجوجي"، وهي: على المرء االختيار، إمiiا

أن يكون ذو "أصالة"، أو أن يكون "عبدا تابعا"، أو"جمعة آخر".

)، وهي التي يعتقد أنها أول شاعرة، وكاتبةPhillis Wheatley (*"فيليس هويتلي" أمريكية، من أصول أفريقية، وكانت هي إحدى الجوارّي في مدينiiة "بوسiiطن" الiiتي

) الكالسiiيكية الحديثiiة، وذلiiك في القiiرنSonata (*اسiiتطاعت كتابiiة "السiiوناتا " الثامن عشر. وبعiد كثiير من المحiاورة والمiداورة ، وبعiد كثiير من "لiو"، و"لكن"، اتفق النقاد، علي السماح بنشiiر هiiذه " السiiنوناتات" الiiتي كتبتهiiا "فيليس". كiiانت المشكلة التي سببت هذا التردد، هiiو إن "فيليس هiiويتلي "، كiiانت أول زنجيiiة تنجح في أداء، شiiكل من أشiiكال الفنiiون، الiiتي ال يقiiدر عليهiiا إال من هم من العنصiiر األبيض، وبالتالي عليها دفع الثمن، وهي أمiiام اختيiiارين ال ثiiالث لهمiiا: إمiiا أن تفقiiد

African"روحهiiا األفريقيiiة"( Soulاةiiاولت محاكiiا حiiعم – إنه )، أو يقiiال – كمiiا ز� واستنساخ، الفن األوربي. ولو أنها فعلت مثلما اقiiترح عليهiiا بعض الناقiiدون، وكتبت

قصائد شعر أفريقية كالسيكية، التهمت بأنها بدائية، وتملك موهبة أقل.

ورطة سكان البالد الم�ستعمرة هي من النiوع الكالسiيكي، فلiو أنهم سiلكوا سiلوك أسيادهم، لقيل عنهم أنهم مجرد "قرود"، ال تجيد إال المحاكاة، وبذلك يفقدوا فخرهم بذاتهم، وروحهم. ومن الناحية األخرى، لو أنهم لم يتحلiiو بسiiلوك مسiiتعمريهم، فهم إذا يمتلكون ثقافة متخلفة، أو أنهم ينتمون إلي عنصiر متخلiف، ذو قيمiة أقiل. وفي

المقصود بالعالم الجديد هنا، هما قارتي أمريكا واستراليا. وكما هو معلوم، فإن افريقيا وأوربا **وآسيا يمثلون العالم القديم – المترجم

، وبيعت وهي طفلة عمرها سبع سنوات، للسيد1753فيليس هويتلي"، ولدت في السنغال ** "جون هويتلي". أحبتها العائلة لنجابتها ورقة مشاعرها، وقبلوها عضوه في العائلة، وتربت مع بنات

العائلة كواحدة منهم – المترجمالسوناته، هي قطعة موسيقية مركبة، تؤدّي علي آلة موسيقية واحدة، أو آلتين – المترجم **

173

مثل هذا المحيط ، عاش "نجوجي وا ثيونجو" كل حياته، ولكنه، وبالرغم من كل هذهالتناقضات بداخله، وتكوينه؛ فإنه أصبح مفكرا مهما.

هذا الخطاب الناقد الشديد السلبية، الذّي يستخدمه "نجوجي" في وصف أوربiiا، هiiو في الحقيقة غiiير مكتمiiل العiiدل. ذلiiك ألن، كال من سiiكان البالد الحiiارة والبiiاردة، يمكنهم االسiتفادة من إنقiاص التناقضiات فيمiا بينهم. وبiدال من بنiاء جiدار سiميك يفرق بين "ما هو أفريقي"، و"ما هو أوربي" - كما وقiiع نجiiوجي بسiiهولة في إغiiراء مثل هiiذه األحكiiام – فقiiد كiiان من األفضiiل، أن يكتفي بالعمiiل من أجiiل المبiiادئ والقيم التي يثمنها عاليا. وفي مثل هذه الحالة، سiiوف يكتشiiف إن هنiiاك الكثiiيرون من يشاركونه أفكاره، منتشرون في كiiل أنحiiاء العiiالم، وسiiوف يجiiد من األوربiiيين واألفارقة، من يتعاطف مع مبادئiiه السياسiiية وقيمiiه األخالقيiiة، وعلي أتم اسiiتعداد، في المشاركة في المعركiة، ضiد كiل أشiكال االسiتعمار الجديiد. وربمiا يكiون منالعوامiiiل المسiiiاعدة - في هiiiذه الحالiiiة، أن نسiiiتبدل مصiiiطلح " التغiiiريب" (

westernizationةiiذه الحالiiرية. وفي هiiديث والعصiiبمصطلح "الحداثة"، أو التح ،( أيضا؛ فسوف يفقد المرء إحساسه بالمحاكاة، واتبiiاع خطiiوات العiiدو عنiiدما يطبiiق¦، نظام "الحد األدنى لألجور" للعاملين، و"الحقوق االنتخابية" التي يجب أن تجرّي مثال بحرية كاملة. فال يعني أن انتشار وسيادة كثير من األشكال، والقوالب الثقافيiiة، في أوربا وأمريكا الشمالية؛ أنها خاصة بهم وحدهم، وال يعني أيضا، أن هiiذه االنمiiاط من، ليس القوالب الثقافيiة، أنهiا كiانت سiائدة بالقiارتين طiوال الiوقت. ولنiذكر مثiل®عشiiiوائيا بصiiiورة كاملiiiة، في الiiiنرويج نشiiiأت البرلمانيiiiة، وفلسiiiفة التنiiiوير (

Enlightenment philosophyوالفن الروائي الحديث، والرأسمالية ،والتلغراف ،( والالسلكي، بعد االستعمار، لكنها لم تخلف انطباع عند دون النرويجيين، وشiiعورهم، أنهم حوصروا بقوى شiiريرة. إن الطريiiق إلي التحريiiر ال يمiiر بالضiiرورة، من خالل "الشعور بالدونية"، ولكن، من الناحية األخرى فال يوجد حال أيضا، في تضخيم كارثiiة،

عالقة األفارقة باألوربيين.

من وجهة نظر مختلفة كثيرا، عن تلك التي يمثلها " نجوجي"، هو ما كتبه الفيلسوفTzvetan (*البلغiiارّي المولiiد، الفرنسiiي النشiiأة "تزفتiiان تiiودوروف" Todorov(

دراسة إبداعية، مليئة بالمشاعر واألحاسيس العميقة، عن النتائج الضiiخمة، والثريiiة،Culturalفي "نقطiiة اللقiiاء الثقiiافي" ( Meeting Pointاءiiد إلتقiiوبالتحدي ، (

) كولمبس" ) ، Christopher Columbus"كريستوفر وسكان1506 – 1451 ، Laأمريكiiiا األصiiiليون، في القiiiارة الجديiiiدة. واسiiiمي الكتiiiاب " غiiiزو أمريكiiiا (

Conquete de Ameriqueنجوجي"، فإنه لم يحس أبدا بالعنصرية" iوخالفا ل . ( تؤلم أعماقه، وهو صiiاحب البشiiرة الفاتحiiة، والiiذّي عiiاش مهiiاجرا من بلغاريiiا إلي باريس، وبالطبع واجه طيلة سنوات عمiره الناضiجة ممارسiات المجتمiع من ناحيiة "كراهية األجنبي"، وعايش إحساس "افتقاد الجذور". وأستطيع القول بثقة بالغة، إن هذا النiiوع من البشiiر، هم القiiادرون علي الكتابiiة عن "الهويiiة"، بدرجiiة أفضiiل من

.1939"تزفتان تودوروف"، فيلسوف فرنسي النشأة، ولد في العاصمة البلغارية "صوفيا"، عام **�تاب. وضع نظريته الثقافية، وكتب1963رحل أباه إلي فرنسا منذ عام ، وهناك أصبح من أهم الك

عن اآلداب خالل التاريخ – المترجم

174

المصiiiداقية من غiiiيرهم. وذلiiiك ألنهم يقفiiiون في "منتصiiiف الطريiiiق"، وهم ال يستطيعون "التحكم في المرور"؛ ولكن الرؤيا الواضحة، متاحة لهم بدرجة أكiiبر من غيرهم. فعلي العكس من أكثر كتب التاريخ، التي وصفت مقابلiiة األوربيiiون بالعiiالم الجديد، لم يحاول البرهنiiة علي صiiحة "الوقiiائع" الiiتي حiiدثت في هiiذا اللقiiاء. ولم يحاول إيجاد تفسير أخالقي معين لألحداث. ولكنه، بدال من ذلك حiiاول "تiiودوروف"، أن يفهم ويشرح، كيف أثiر اكتشiاف القiارة، ولقiاء االسiبان ألول مiرة، مiع الهنiود الحمر. وبدال من بذل الجهiiد للiiدفاع عن أخالقيiiات "كولiiومبس" وفريقiiه، ومحاولiiة إيجاد المبررات، فإنه رغب في توضيح، ما رآه وعايشه ،الفريق، وكيف ترجم الواقiiع

وعبر عنه.

لقد أصبح من المعتiiاد أن يقiiال، إن "النهضiiة"، و"المعاصiiرة"، قiiد بiiدأ منiiذ رحالت . وأنها هي التي نسفت خريطة العالم الثانية، الiiتي رسiiمتها1495"كولومبس" عام

كنيسة العصور الوسطي، ورسختها في أذهان الناس. بعد ذلك، وبتوال سiiريع، قiiدمFrancis(*"فرانسiiيس بكiiون" Baconةiiة، و"رينiiه، التنكنوقراطيiiايديولوجيت (

*، وجاء "ميجول سرفانتس"*) الذّي قدم مبدأ الشك Rene Descartes (*ديكارت")Miguel Cervantsاiiديث. أمiiروائي الحiiرد الiiع في فن السiiافه الرائiiباكتش ،(

"كولومبس" نفسه، فلم يكن رجال عصريا، بل كان مثiiاال لرجiiال العصiiور الوسiiطي، زلت قدمه على غير إرادتiiه، في العصiiرية والحداثiiة دون أن يفهمهiiا، أو يفهم شiiيئا

عنها.

كان "كولومبس" شديد التدين، واإليمان بالقدر والجبر. وقد ظل حتي مماته، يحiiاول إثبات، أنه قد اكتشiiف الطريiiق البحiiرّي، الموصiiل إلي الهنiiد األسiiيوية. ولم يسiiمع

Culturalكولiiiiومبس، عن النظريiiiiات الحديثiiiiة، في "النسiiiiبية الثقافيiiiiة " (Relativity.اويةiiانية متسiiة إنسiiون، لكنهم ذو قيمiiر مختلفiiالتي تقول بأن البش ، (

وعندما اكتشفت الهنود، اعتقد في البداية أنه قiiد قiiرب من الجنiiة المسiiيحية، ولم يتولد في رأسه، أّي افتراض يقول؛ إن هنود أمريكا الجنوبية يمثلون "ثقافة أجنبيiiة"، وأن فهمهم فقط فهمهم لألمiور ينطلiق من داخiل إطiر ثقافيiة، تنسiب إلي دينهم أساسا. وبالتالي، فقد اختلط عليه األمiiر في التعiiرف عليهم، وصiiنفهم إلي قسiiمين إثنين، إما جيدون جدا، أو سيئون جدا. ولتوضيح هذه النظiiرة "المعرفيiiة "، بأسiiلوب

) إلي أن "كولiiومبس"، لم يiiر في ذلiiكTodorovأكiiثر عمقiiا، أشiiار "تiiودوروف" (

إلي1561"فرانسيس بكون"، فيلسوف وكاتب، ورجل دولة بريطاني، عاش في الفترة من ** ميالدية. وكان رائدا في وضع فلسفة جديدة للعلم، قائمة علي "المالحظة، والتجريب"، مما1626

ساعد علي تقدم العلوم الطبيعية، والثورة العلمية التي نعيش آثارها الحالية، وساهمت في تطويرالمنهج العلمي البحثي – المترجم

–1596رينه ديكارت"، عالم رياضي وفيزيائي، وفيلسوف فرنسي، عاش في الفترة ما بين ** ، ولقب ب"أب الفلسفة الحديثة"، وما زالت كتبه تدرس حتي اليوم. وهو الشخصية1650

الرئيسية في منهج العقالنية، الذّي قال "أنا أفكر، فأنا موجود" – المترجم مبدأ الشك يدعو اإلنسان إلي التساؤل، لماذا؟ وإلي التفكر في تفسير الظواهر المحيطة به. **

وذلك من أهم ما يؤدّي إلي تطور المنهج العلمي السليم – المترجم ، واشتهر بروايته1616 – 1547ميجول سرفانتس، كاتب روائي أسباني، عاش في الفترة **

المعروفة "دون كيشوت" – المترجم

175

الحين الفروق اللغوية، فقد افترض إن لكل كلمة أسبانية، مقابiiل لهiiا، في الكلمiiات الهندية. واعتبر ذلك قضية مسلم بها، ومفروغ من أمرها. وهو في هذه الحالة، يمثل

أبناء عصره.

من الناحية األخرى، لم يكن الهنiiود مهiiيئون، بدرجiiة أكiiبر من األسiiبان، للحiiوار مiiع )،Aztecs (*اآلخرين، علي قاعدة ثقافية. وبالتماثل مع "كولومبس"، حاول"األزيتك"

البحث في عقائiiدهم ودينهم، في محاولiiة إليجiiاد تفسiiيرا، يمكن أن يشiiرح مجيءH(*هؤالء األغراب. ومن المرجح، أنهم تصورا إن الفاتح األسباني "هيرناندو كورتس"

ernando Cortesلiiهو نفسه اإللة "كيوتاسل كوأت*) Quetzalcoatlذاiiان هiiوك ،( من أسباب سهولة االحتالل، وعiiدم المقاومiiة من ناحيiiة الهنiiود. كiiان هiiذا التفسiiير الثقافي الذّي قدمه "تودوروف" النتصار األسبان، وقدرتهم علي السيطرة. ذلك ألن التفوق العسكرّي األسباني في ذلك الحين، لم يكن - وحده - كاف لتفسiiير الحالiiة، حيث بضiiع مئiiات من الجنiiود، يسiiتطيعون اجتيiiاح المسiiكيك، دون مشiiاكل تiiذكر. خاصة، وإن عملية التواصل بين األزتيكيين، واألسبان، كانت قليلiiة بحiiق، إن لم تكن معدومة في تلك الفترة. كال الجانبين تعامل مع الموقف منطلقا من عقيدتiiه الدينيiiة الخاصة به ، وكال منهما وجد نفسه في "عالم ثقافي" مختلف، بالرغم من المواجهiiة

واالحتكاك المباشر.

راجiiع "تiiودوروف" كم كبiiير من المراجiiع، الiiتي وصiiفت مرحلiiة اكتشiiاف أمريكiiا، والمجموعة األولى المكونة من بضع مئات من البحiiارة، وأوضiiح كيiiف أن األوربiiيين استخدموا مصطلحات نابعة من الثقافة األوربيiiة، الiiتي على أساسiiها قيمiiوا ثقافiiة الهنود، وكانت معيiiارهم في وصiiفها. وينطبiiق هiiذا الكالم أيضiiا، علي دفiiاع "جiiوان

Emmanu)، عن العبودية، ودفاع "الس كاساس" (Juan Sepulveda (*سبيولفدا"el Las Casesواiذين كتبiالفرنسي، والذّي يعتبر أيضا صديقا للهنود. كل هؤالء ال (

�مiiوا الثقافiiة الهنديiiة، من منطلiiق عن هنود أمريكا، أو سiiكان أمريكiiا األصiiليون، قي )، ينبiiني علي إيمiiانهم بiiأن عiiرقهم هiiو أفضiiلEthnocentric"اثنيiiة مركزيiiة"(

األعراق، ومن خالل معيارهم الثقiiافي. بالنسiiبة لi "سiiبيولفدا"، فكiiان منطلقiiه، إن الهنود يحتلون الدرجة األولى، في سلم الiiرقي األوربي، بينمiiا وصiiفهم القس "الس كاساس بأنهم "بسطاء" - ولكن بنغمة فيهiiا شiiيء من اإليجابيiiة – وكiiأنهم يشiiبهون المسحيين. لقiiد وصiiف الفiiاتحون حضiiارة "األزتيiiك"، و"المايiiا"، وإبiiداعاتهما، علي

األزتيكيون، قبائل أمريكا الوسطي من الهنود الحمر. وهم الذين قابلهم األسبان، عندما اكتشف **كولومبس قارة أمريكا الجنوبية – المترجم

، هو القائد األسباني الذّي فتح المكسيك الحالية للمرة1547 – 1485هيرناندو كورتس"، ** األولى. وكان هو أول من قابل الحضارة األزيتيكية – حضارة الهنود، سكان أمريكا األصليين –

المترجم كيوتاسل كوأتل"، هو أحد آلة الهنود، سكان أمريكا األصليون، في الثقافة الدينية األزتيكية ، **

ويرمز للموت والبعث. وكانت عبادته تشمل عقيدة الفداء والتضحية بإنسان. وتقول األساطير الدينية عندهم أنه سوف يعود يوما ما. وعلي ما يبدو أن الهنود ظنوا أن " كورتس " القائداألسباني هو ذلك اآلله الذّي عاد إلي الحياة، وبناء علي هذه العقيدة لم يقاوموه – المترجم

، فيلسوف ورجل دين أسباني، كانت له كتابات لها نزعة1573 – 1489جوان سبيولفدا"، **إنسانية، دافعت عن هنود أميركا – المترجم

176

المنوال المألوف لديهم، مثلما يقارنون، األسواق، والمدن، والثروة، والحصiiون، تبعiiا لiiiلحجم واالتسiiاع، في آوربiiا. وجiiدير بالمالحظiiة، إن البعض – كمiiا فعiiل المبشiiر

) ) –Benardino de Sahangun, 1499-1590االسباني "بناردينو دّي ساهجون أخذ في حسبانه بعض األبعاد الثقافية، لكنهم نظروا إلي "اآلخiiر" من خالل مiiرآتهم، فوجوده "مخالفا" لألوربين. وكما قيل، وتكiiرر إلي درجiiة الملiiل؛ "إن المنتصiiر هiiو

الذّي يكتب التاريخ".

¦ لما كتبه التاريخ ؟ "ادوارد سعيد" ( Edwardهل من الممكن أن يكون الواقع مغايراSaid) "وكتابه "االستشراق (Orientalismقiiد أطلiiاه. ولقiiيذهبان في هذا االتج (

¦ عن: من الذّي يملك حق "التعريف" باآلخر؟ كiiان رصاصة البدء، لحوار استمر طويال " سعيد" مسيحي من أصل فلسطيني، وأستاذ جiiامعي في علiiوم األدب في جامعiiة

)، وهiiو بهiiذه الخلفيiiة يعتiiبر أقليiiة (مسiiيحية) داخiiل أقليiiةColumbia"كولومبيا" ( (عربية) في أمريكا. وفي حوار له مع "سلمان رشدّي" قال ذات مرة: "إن من أحiiد أهم اهتمامiiاتي أن أوضiiح أن البشiiر ليسiiوا ملصiiقون في فكiiرهم، ومiiواقفهم إلي اختالفاتهم، وإلى الكراهية المتبادلة فيما بينهم". ومثله مثل "رشدّي" كالهما، يصiiف

(Hybridنفسه بأنه "هجين ثقiiافي ،(Cultural)"ولiiأو"كري Creol،اءiiا نشiiأيهم ( ولكن حواراتiiه تثبت أنiiه أقiiل تسiiامحا وتصiiالحا. ويتشiiابه في ذلiiك بوضiiوح مiiع

) - الذّي كان منErnest Gellner"نجوجي". في أحد حواراته مع "ارنست جلنر" ( الذين يغضبون بسرعة- انتهى "سعيد" إلى أنة نزع األمانة العلميiiة من كiiل البحiiوث والعلوم األوربية، خاصة األنثربولوجية منها، ولمح إلى أن كل المعرفة المنتجة أوربيا؛ شاركت في خلق إحساس عند الملونين بالضعف والتبعية. وكان"جلنر" هو الذّي بiiدأ الحوار بنقد الذع لكتاب "سعيد" "الثقافة واالمبريالية". وفي نهاية الحiiوار أعلن على

المأل، وبصوت مرتفع أن عالقته ب"سعيد" قد انتهت إلى األبد.

))؛ أوضح "سعيد"، كيف رسم كتiiاب ومؤلفiiوOrientalismفي كتابه "االستشراق" أوربا المنتصiiرون، الiiذين كتبiiوا التiiاريخ، صiiورة "الشiiرق"، وهي صiiورة يبiiدو فيهiiا الشرق مغiايرا ومضiiادا ل مiiا عليiiه الغiرب. وتبعiا للتعريiiف األوربي، إن "الشiرق" العقالني، يؤمن باألساطير، مستبد، وجامد ال يتطiiور، وعلى العكس فiiإن "الغiiرب"؛ يمثل العلم، والعقالنية، والفكر، والديمقراطية، والتطور. ويتساءل "سعيد" بأسiiلوب متشكك، في كتابه، ما هو "الشرق" المقصود؟ إنه يمتد من المغرب، وحتى اليابiiان. وبعض المستشرقون الفرنسيون والبريطiiانيون كiiانوا يحددونiiه بأنiiه منطقiiة "آسiiيا

الصغرى"، ومنطقة الكتاب المقدس، والهند.

ومن األمثلة الكالسيكية، التي تماثل ما تحدث عنها "سiiعيد"، نجiiد مثلهiiا في كتiiابAn"في.إس.نايبول"، "منطقة من الظالم" ( Area of Darknessفiiوفيه وص ،(

رحلته إلى الهند، حيث سافر من انجلترا في سفينة، وبدأ شعوره بأن الشرق قد بدأ، من اليونان الغير منظمة، والغير نظيفة نسبيا، وأضاف: "عنiiدما وصiiلنا اإلسiiكندرية، أحسسiiت إن الشiiرق الحقيقي قiiد بiiدأ". كتب "نiiابيول:" لقiiد كiiان هنiiاك في اإلسكندرية، وليس في اليونان، فقد أحسست إن حiiدود الشiiرق قiiد بiiدأت، النiiاس تتحرك في فوضي، ويسلكون أساليب غير اقتصادية. ويحس المرء باإلزعاج المتزايد

177

شيئا فشيئا، ويتولد إحساس مفاجئ بعدم األمان، وأنه ليس كل البشر إخiiواني، وأنحقائبي كانت في خطر".

يضiiيف "سiiعيد": "إن نظريiiاتهم عن الشiiرق المسiiتبد، والالعقالني؛ قiiد خلقوهiiا ألسباب، منها، محاولة رسم صورة مفزعة للشرق، وذلك دعما لنظامهم السياسiiي، واعتدادا بالهوية األوربية، وخاصة في بريطانيا العظمي وفرنسا. ومنها أيضا، محاولiiة تبرير استعمار المنiاطق "األقiل تطiورا" - بمiا عiرف باالنتiداب- واضiفاء غطiاء أخالقي علية". ويحاول "سعيد" تأكيد وجهة نظره باإلشارة إلي العديiiد من المراجiiع

التاريخية، بما فيها مراجع صدرت حديثا.

) وغير دقيiiق.polemicalمن الطبيعي أن يوصف "سعيد"، في الغرب، بأنة متشدد( لكن في الحقيقة، فقد كان معه بعض الحق. إن من السخف، والمنافي للعقل أيضا، أن يزعم، إن المجتمع المصرّي والتركي، متماثالن مع المجتمع الهندّي، أو الفيتنامي، أو أن يقال: إن الهند وحدة متجانسة. وذلك، في الحقيقة؛ ما انفك الكتاب األوربيiiون يفعلونه، حتى اآلن. ومن جانب أخر، فإنه؛ لم يكن هناك حاجiiة، إلى تعريiiف الشiiرق وتوصيفه، بمثiل هiذه الصiورة النمطيiة الغiير دقيقiة. ولم يكن هنiاك حاجiة ماسiة للغرب تدفع الغرب، لفقد االحترام لألغراب. وفى الحقيقة، فقد وضح اآلن، إن كثiiير جدا من البشر، تتكون لديهم نظرية، وعقيدة نمطيiiة، مقولبiiة عن اآلخiiر "المغiiاير" األجنبي، وإن درجة عدم الوضiiوح والنمطيiiة، تiiزداد كلمiiا زاد البعiiد بين البشiiر. في أنحاء العالم القديم، تعو�د الناس على اعتبار كiiل أفريقيiiا الالتينيiiة، من "المكسiiيك" وحتى "شيلي"؛ منطقة ووحدة ثقافيةن واحدة متجانسة. وكما نبهتنiiا االنثروبولوجيiiة

Ana (*السويدية "أنا فالدس" Valdesاiiإن مابين "أورجواّي" و"جواتيماال" - وهم ( Newمن أمريكiiا الالتينيiiة- القليiiل أو الكثiiير من المشiiترك، كمiiا بين "نيوزيلنiiدا" (

Zealand) "و"زيمبابوّي (Zimbabweتركiiا من مشiiا بينهمiiترك. إن مiiمن المش ( في الحقيقة؛ هو اللغة الرسمية. في كثير من البالد االفريقية يقابل المiiرء الكثiiيرون ممن ال يهتم أن يفرق، بين مختلiiف األوربiiيين، والشiiمال أمريكiiيين. في "جامايكiiا" فقد تعرضت أنا شخصيا لهجوم، ومضايقات شديدة العنصرية، والغلظiة، لم أشiiهدها طيلة حياتي، وذلك بسبب لوني األبيض فحسب. لقد كنت في نظر الجiiامبيون مثiiال واضح، يجسد االمبريالية العالمية، مع العلم بأن النرويج لم يكن لها أيiiة مسiiتعمرات

علي فترات التاريخ، علي خالف واضح، من بعض الدول األوربية األخرى.

أقiiام اتحiiاد الطلبiiة في جامعiiة أوسiiلو لقiiاء حiiوار، عنوانiiه1993وفي خريف عام "الغرب واإلسالم"، ولم يأخذ المسئولون عن اللقاء الحسبان، لالختالف والتنiiوع بين الحضiiور، والمحاضiiرين. في اللقiiاء؛ تحiiدث أحiiد البiiاحثون، عن الحاجiiة الملحiiة للديمقراطيiiة، في البالد اإلسiiالمية. وجiiاء رد الفعiiل سiiريعا، من أحiiد المشiiاركين المسلمين. لقد كانت المشiiاركة عبiiارة عن سiiؤال عن: كيiiف يرفiiع البiiاحث شiiعار "حقوق اإلنسان" نيابة عن الغرب، بينما الرئيس األمريكي "بوش األب" يقiiود حربiiا،

�ا فالدس" انثربولوجية اجتماعية، وصحفية، وكاتبة، معاصرة مستقرة في السويد، ولدت في ** أن أورجواّي، ونتيجة لنشاطها السياسي سجنت وعذبت، من النظام الديكتاتورّي العسكرّي، بعدها

، وحصلت على الجنسية السويدية – المترجم1978استطاعت الهجرة إلي السويد عام

178

فيها أسقطت القنابل علي األبرياء، في بغداد. إن فقدان رؤية، "التنوع"، و"المناطق الرماديiiة"، عنiiد "األغيiiار"، ال ينحصiiر وجودهiiا فقiiط في مجتمعiiات أوربiiا، وشiiمال أمريكا؛ بل إنها موجودة أيضا في المجتمعات الشرقية. وعندما نطلiiع علي دراسiiات الشرقيين؛ فسوف نجد من يصفنا بأننا غربيون، ويرسم صورة مشiiوهة كاريكاتوريiiة للغرب. ومن المعلوم أيضا، أين توجد القدرة علي صناعة التعريفiiات، والتوصiiيفات. إنهم هؤالء، أصحاب الصiiوت العiiالي من رجiiال اإلعالم األمريكiiيين، الiiذين يسiiمون رأيهم ب"الرأّي العام العالمي". وهم الiiذين يقiiررون صiiورة العiiالم، الiiتي تجب أن تسود. وعلي سبيل المثال؛ فالتقويم الذّي يجب أن يسiiتخدمه العiiالم، مفiiروض من الغiiرب. ويلحiiظ المiiرء أن الكثiiيرين في الصiiين ممن يعتقiiدون أنiiه، من المهين

GREENWICHاستخدام تiiوقيت جiiرينتش ( MEAN TIMEيحيiiويم المسiiوالتق ،( نشiiر1993للشهور، وذلiiك دون األخiiذ في االعتبiiار، رأّي اآلخiرين. وأيضiiا في عiiام

Samuelأسiiتاذ العلiiوم السياسiiية األمiiريكي المعiiروف، "صiiموئيل هنتجتiiون" ( Huntington)"ارةiiiiدام الحضiiiiيئة عن "صiiiiاره سiiiiأفك (The Clash of

Civilizations،ةiiارات المختلفiiة بين الحضiiات عميقiiاك تناقضiiوفيها زعم، إن هن ،( وبنiiاء على ذلiiك، فiiإن على الواليiiات المتحiiدة األمريكيiiة، أن تواصiiل االسiiتعدادات للمواجهة، بعد سقوط االتحاد السوفيتي، ونشر ذلiك في المجلiة الدوريiة األمريكيiة

Foreignالمسماة "الشؤون األجنبيiiة Affairsه� �iiوج� ) ). والسiiؤال المشiiروع: لمن ت كلمiiة األجنبيiiة في هiiذا المقiiام؟ هiiل هم من تتماثiiل، هiiوايتهم مiiع هويiiة الواليiiات

المتحدة األمريكية؟

في إحدى المقابالت الحوارية، جاءت أحد أهم المداخالت، من أحiiد اللبنiiانيين الiiذين يقيمون في أوسلو، أشار إلي أنه من الصحيح القiول، إن األوربiيين هم الiذين كتبiوا األدبيiiات عن األسiiيويين، بينمiا كتب األسiiيويون القليiiل عن األوربiiيين، وبiiذلك فiإناألوربiiيين قiiد صiiنعوا ألنفسiiهم قiiدرة أكiiبر، عنiiدما نتحiiدث عن "قiiوة التعريiiف ((

Defintion Power،يرiiوا الكثiiلألخر". وأضاف في المداخلة: لكن األوربيون قد كتب عن كiiل شiiي أخiiر، وأضiiاف أيضiiا، وليس هنiiاك سiiبب، ألن يصiiاب المiiرء بمiiرض

) )، عندما يصبح المiiرء ال حiiول لiiه، والقiiوة، فiiالوهنParanoidاالرتياب والتشكك وغiiير الفاعليiiة والتiiأثير، من الممكن أن يكiiون لهم أسiiباب أخiرى ليسiت شiiريرة. يضاف إلي هذا القول الصحيح: إن اإلمبراطوريات تحاول الدفاع عن نفسiiها، عنiiدما تشعر بأن من استعمرتهم سابقا، قد بiiدأوا في سiiحب البسiiاط من تحت أقiiدامهم. البساط الذّي فرشته هي، لهم، وهذا االنطباع يرونه واضحا: عندما يرون اآلن أفضiiل األعمال األدبية المكتوبة باالنجليزية في وقتنا الحالي قد قام بكتابتها أدباء من الهنiiود

واألفارقة.

يوجد في االمبراطوريات من يضخم الورطة - ورطة اإلمبراطوريات، وهو شiiكل منIntellectualأشكال ما يمكن تسميته "الثأر الفكرّي اإلبiiداعي" ( ( Retaliation،

ففي بدايات التسعينيات من القiiرن الماضiiي، نشiiر الفيلسiiوف والمفكiiر المصiiرّيÉبت بالعربيiiة، تحت عنiiوان �ت "حسن حنفي"، دراسات أدبية تقع في ثمانمائة صفحة، ك

Introduction"مiiiدخل الدراسiiiات والعلiiiوم الغربيiiiة" ( to the Scientific Occidentalism،وهي كتابات تهدّي غير األوربيين، لكيفية دراسة الثقافة الغربية .(

179

علي نفس المنوال الذّي اتبعه الباحثون الغربيون، في دراسة الثقافة الشرقية. وهiiو بذلك جعل الغربيين، والثقافة الغربية، مiادة دراسiة، وليس مصiدر إشiعاعي، يتلقي منه المعلومات، وكأنه يقول كما قال أحد الباحثون االنثروبولوجيون في مناظرة "خذ

حذرك في الحديث، وإال فسوف اعتبرك حالة، وموضوع دراسة".

III

من الواضح أن الحوار الذّي بدأه "ادوارد سعيد"، كiiان لiiه تiiأثير في األسiiلوب الiiذّي يتعامل معه الغربيون مع األجانب. فبالرغم من أحساس المرء أنه تغيiiير طفيiiف، إال أن الخطاب الغربي عن الشعوب التي تحررت، يتسم اآلن بالحذر. اآلن ال يستعملون

) واستبدلت ب"المعتiiاد"Primitivفي خطابهم، تعبيرات مثل "البدائي المتخلف" ()Traditionalتعملونiiة"، وال يسiiات اثنيiiوال يقولون "قبائل اثنية" ولكن "مجموع ،(

). وفي بعض الحاالت يقولiiون أمiiريكي منBlack) إنما" أسود" (Negro"زنجي" ( أصل أفريقي. ولكن، هل هذا تغير في األسلوب والتفكير؛ أم أنه مستحضiiر تجميلي،

ومناورة للتشتيت، وصرف االنتباه ليس إال؟

النظريات التي سiiادت في القiiرن الماضiiي عن المجتمعiiات اإلنسiiانية، كiiانت كلهiiا وبدون استثناء؛ "تطورية"، وذهبت إلى إن المجتمعات تتطور في اتجاه معين. وتبعiiا

�ومت" ( Augusteلi"أوجست ك Comte) ) الفرنسiiي، الiiذّي يعتiiبر1798-1857) األب الشرعي لعلم االجتماع؛ فإن المجتمع، أّي مجتمع إنسiiاني، يمiiر بثالثiiة مراحiiل رئيسة: مرحلiiة األسiiطورة، ومرحلiiة الدينيiiة، ثم مرحلiiة اإليجابيiiة. وهiiذه المرحلiiة األخيرة هي العليا، وفيهiا يحiل "علم االجتمiاع" محiل الiدين، كمصiدر رئيس لرؤيiة

Herbertالواقع الحاضر. وعنiiد "هربiiرت سبنسiiر" ( Spencer) (1820-1903،( وهو أحد أكبر المفكرون البريطانيون تiiأثيرا، في فiiترة نهايiiة القiiرن التاسiiع عشiiر، ويعتبر األب الثاني بعiiد "أوجسiiت كiiومت" لعلم االجتمiiاع، ومؤسiiس علم االجتمiiاع الداروني، أو التطورّي، وعنده، فإن ثقافiة المجتمiع اإلنسiاني تتطiور بiالتوازّي، مiع التطور البيولوجي (تطور األنiiواع)، من خالل التنiiافس، وحiiق األقiiوى. أمiiا " لiiويس

Lewis (*هنرّي مورجان" Henry Morganلوبiiل ألسiلوب مماثiل بأسiفقد عم ( Cultural"كiiونت" حيث أعتiiبر أن "التطوريiiة الثقافيiiة" ( Evolutionةiiر بثالثiiتم (

)،Barbaric، والمرحلiiة "البربريiiة" (Wildمراحiiل رئيسiiية: المرحلiiة "البريiiة") ( وأخiiيرا مرحلiiة "التحضiiر". وكiiانت لهiiذه الدراسiiات أهميiiة كiiبرّي في دعم نظريiiة "فريدريك انجلز" عن مجتمع ما قبل الرأسمالية. وكiiان "مورجiiان" ذو أفكiiار ماديiiة مثل "ماركس"، ويرّي أن التكنولوجيا تمثل قوة دفع رئيسية في التطiiور االجتمiiاعي

الثقافي.

)، عالم اجتماع، وانثربولوجي أمريكي، كان محاميا ثم1881-1818"لويس هنرّي مورجان" ( ** اجتذبه علم االجتماع، ودرس ثقافة المجتمعات القبلية الهندو أمريكية. ثم وضع مؤلفات في أصل

وتطور المؤسسات الحكومية، والممتلكات، وهي مؤلفات امتدحها كال من "ماركس" و"انجلز"،ألنها اعتبرت تصديقا لنظريتهم، في التفسير المادّي للتاريخ – المترجم

180

اليوم ليس من المعيب، السخرية من هiiذه النظريiiات، المليئiiة بالمبالغiiة في تقiiييم ، وهي نظريiiات ال*النفس، وجنون العظمiiة، الiiتي سiiادت في "الفiiترة الفيكتوريiiة"

تتردد في تقديم نظرية متكاملة، عن تاريخ الثقافة اإلنسانية، منiiذ أن نiiزل آبائنiiا من علي األشجار، وحتى وصول كل فرد منا إلي السكن في بيت حديث عصرّي، وأثiiاث�ح�م�ل كال من "هيجل" و"دارون"، نصiiيبهم من المسiiؤولية، جميل. ومن الطبيعي أن ن لمثل هذا الفكر النظرّي السطحي، وأن نشير إلي أن وقت النظريiiات الشiiاملة قiiد انتهي اآلن. عالم اليوم يبدو مقسم إلي أقسام وأجزاء غير منظمiiة، وال يمكن التنبiiؤ بأوصافه. ولقد أصبح شديد الوضوح أن الحياة االجتماعيiiة، ال تiiدار بقiiوانين أساسiiية مشiiتركة. المتواجiiد اآلن، هiiو واقiiع محلي، مشiiوب بالمتناقضiiات في كiiل شiiيء. واألخالق والقيم أصبحت نسبية، تعتمد علي الثقافة المجتمعية، وشiiعارات مزركشiiة

مثل "التطور"، و"التقدم"، لم تعد تنفع لبناء أيديولوجيات.

لألسف فإن هذه النظريات التطورية الخشiiنة، الiiتي تصiiنف المجتمعiiات اإلنسiiانية، وتضiiعها علي درجiiات سiiلم، قiiد ألغيت ظاهريiiا فقiiط. والتفرقiiة بين "البربريiiة" و"الحضارة" التي وضعها "مورجان" و"انجلز"، مازالت تسiiتخدم يوميiiا بوضiiوح، في الحوارات األوربية واألمريكية، عندما يتحدثون عن الشرق األوسط أو روسiiيا، وأيضiiا اليابان، خاصة في الواليات المتحدة األمريكية ، فمن حين آلخر نسمع تعبiiيرات مثiiل "الiiبرابرة" مiiازالوا يمثلiiون صiiورة الحضiiارة المشiiوهة، مثلمiiا قيiiل أثنiiاء الحمالت الصليبية، وأثناء فترات االسiتعمار. إنهم يمثلiون "اآلخiر" الفظيiع، ويعتiبرون تهديiدا

للحضارة، وإنجازاتها العظيمة.

)، فهؤالء بدائيون، وهم وصمة عارthe wildوأما بالنسبة لi "البريين المتوحشين" ( علي الحضارة، ويمكن استبعادهم عن سلم التقiiييم نهائيiiا. بهiiذا اسiiتطاع القiiائمون علي تعليم وتنوير المواطن األوربي؛ أن يرسموا صورة " البiiدائيين" بحريiiة كبiiيرة ، كiiانت أسiiوأ حiiتى من تلiiك الiiتي رسiiموها لi "الiiبرابرة"، كمiiا في حالiiة األتiiراك

والمنغوليين.

لقد استعمل األوربيون، الذين اهتموا بدراسة المجتمعات، هذه المجتمعات البشiiرية لهدفين، يبدو ظاهريiا أنهiا متناقضiة، لكنهiا في الحقيقiة علي صiلة عميقiة ببعضiها

البعض.

الهدف األول، وهو األكiiثر شiiيوعا واعتيiiادا، هiiو اسiiتعمال هiiؤالء "الiiبريين" كصiiورة مفزعة، أو "فزاعة". وعلى سبيل المثال، كتب الرحالة اإليطالي "أمريجو فسبوكي"

)Amerigo Vespucci) (1452 -1512وهو أحد جغرافي عصر النهضة، يصف ،( أحد األماكن في البحر الكاريبي، بأنه مكان حيث " يوجiiد فيiiه بشiiر أكiiثر تخلفiiا من الحيوان"، وحيث " يمارس األبناء الجنس مع األمهات، واألخوة مع األخوات، والرجال مiiع أوالد األخ و أوالد األخت، وكiiل فiiرد منهم يرقiiد مiiع أول من يقابلهiiا". هiiؤالء

)،1901 –1819الفترة الفيكتورية، هي فترة زمنية نسبت إلي الملكة البريطانية " فيكتوريا" ( ** وهي الملكة التي توسعت في عهدها اإلمبراطورية البريطانية، وكانت فترة تتميز باالزدهار

والنهضة األوربية – المترجم

181

"الiiبريون" – كمiiا وصiiفهم "فيسiiبوكي"– ال يرتiiدون المالبس، وليس لهم ممتلكiiات شخصية، وال نظام اجتماعي هرمي، وال ممنوع أو محرم في الجنس أو الدين، "إنهم يعيشون تبعا لقوانين الطبيعة". أما الرسالة التي يراد للنiiاس تعلمهiiا من مثiiل هiiذه الدروس، هي أن يكون المرء مخلصا لقياداته ( مثiiل البابiiا أو الملiiك ) وإال فالنتيجiiة

ستكون كارثية.

الهدف الثاني مغاير، ومعاكس لألول. لقد استخدم بعض األوربيiiون هiiؤالء البسiiطاء،في محاولiiة انتقiiاد ثقافiiة المجتمعiiات األوربيiiة، ونظiiروا اليهم بنظiiرة "يوتوبيiiة " (

utopia) "وحش الطيبiه "المتiو" في كتابiاك روسiان جiل "جiمثلما فع ،(Lebon Sauvageبرهنiiو يiiوال. وهiiال من األحiiوهو مثال شهير لكنه ليس الوحيد بأّي ح ،(

علي إن المتطرفين األوربيين استخدموا، هؤالء البدائيين (أو نiiاس الطبيعiiة) كعامiiل مساعد لهم، في مشروعاتهم الدراسية لنقد مجتمعاتهم. وكذلك فعلت األنثربولوجية

Margaretاألمريكيiiة "مiiارجريت ميiiد" ( Meadهيرة، حيثiiتها الشiiفي دراس ( ) ] جiiزر "سiiامو" هي مجموعiiة منSamoaاسiiتعملت سiiكان جزيiiرة "سiiاموا" (

الجزر، تقع في المحيط الهادّي جنوب خiiط االسiiتواء. نiiالت اسiiتقاللها من نيوزيالنiiد ، وأعلنت جمهوريiiة مسiiتقلة منiiذ ذلiiك الحين – المiiترجم[ كمثiiال، في1962عiiام

محاولة البرهنة علي صحة نظريتها هي، التي وضعتها لتصف بها العالقة بين "الجنس والنشأة"، فيالطبقة المتوسطة األمريكية الشمالية. في كتبها تقدم "الطiiبيعيون"، أو ناس الطبيعة، علي أنهم انقياء أطهiiار، خiiالون ممiiا يثiiير، وممiiا يضiiفي تغيiiيرا علي اإلنسان، وهي الصiiفات الiiتي تتمiiيز بهiiا الحيiiاة المتحضiiرة. وبiiالطبع فiiإن الiiدرس األخالقي، في مثل هذه األوصاف، هو: إن المدنية تمثل خطيئة، وأن هذه المجتمعات

البكر تملك المفتاح لخالص البشرية.

حتي في الدراسiات األنثروبولوجيiة، المعنيiة بدراسiة "التنiوع الثقiافي"، نجiد فيهiا¦ ملحوظا في وصiiف "األغيiiار"، وبأسiiلوب يتحiiيز لألخالق والمبiiادئ األوربيiiة. تكرارا وبالتالي فإننا، عندما نتحiiدث عن المجتمعiiات "البريiiة"، فiiإن ذلiiك يكiiون في إطiiار تجميل أنفسنا، ومحاولة تقويiiة انتماؤنiiا للiiوطن، وانتصiiارا لمعتقiiداتنا األيديولوجيiiة.

وبذلك فإننا، في الحقيقة الواقعة؛ نتكلم عن أنفسنا وألنفسنا.

IV

حاولت عرض بعض األفكiiار، عن جiiوانب مختلفiiة، عن توازنiiات القiiوى المختلفiiة، عندما تختلط الثقافات، أو عند لقاءها. ولقد اهتمت بوجه خاص، بمiiا يسiiمي "قiiدرة

)، وكيف يعرف األوربيون اآلخرين المختلفين عنهمDefinition powerالتعريف" ( من البشر، وكيف تؤثر مثل هذه التعاريف، علي تعريiiف اآلخiiرين ألنفسiiهم؟ وكيiiف¦ في إحiiدى تلiiك الظiiواهر، يكون رد فعل بعضهم؟ وسوف أحiiاول اآلن، التأمiiل قليال التي يمكن اعتبارها مناسبة، وغربية أوربية. وهدفي هو، فحص إمكانية إيجاد تفiiاهم، وتسوية، بين البالد الغنية التي بيدها الهيمنة العالمية، وبين الرغبات المحليiiة للتنميiiة

والتطوير.

182

Sustainable (*مصطلح "التنمية المستدامة" Developmentوح، أينiبين بوضiي توجد " قدرة التعريف". خالل هذه العقود األخيرة، أخذ هذا المصiiطلح بعiiدا سياسiiيا متزايدا. وأصبح أحد عالمات الهوية، في بعض األوساط في بالد العiiالم األكiiثر غiiني، حيث وصiiلت الحiiال إلي حiiد تقديسiiه. الرافعiiون لهiiذا الشiiعار، أو المصiiطلح، والواصفون به لحiل المشiاكل السياسiية واالقتصiادية في العiالم؛ يريiدون تعميمiه عالميا. بمعiiني أنهم يريiiدون فرضiiه علي كiiل المجتمعiiات، دون األخiiذ في االعتبiiار ثقافة هذا المجتمع، وحالة أفراده المعيشية. الواضح أن هذا األسiiلوب، سiiوف يزيiiد

االختالفات المعتادة، بين األغنياء واآلخرين، وسوف يزيدها عمقا، وقوة.

في وقتنا الحالي، نجد الكثير من المثقفين الناقiiدين، والناشiiطين في مجiiال البيئiiة، ). يتحدثون عنPrimitive Peopleمن يوجهون اهتمامهم إلي "الشعوب البدائية" (

زعماء قبائل الهنود، وعن حكمتهم العميقة في التعامل مع البيئiiة. ويiiرددون القiiول:إن القبائل األصلية، أو البدائيون؛ يعيشون حياة صحية متوازنiiة مiiع النظiiام البيiiئي (

Ecological Systemةiiنا من خطيئiiوف يخلصiiذّي سiiو، الiiلوب هiiوإن هذا األس .( المدنية. وبiiالطبع فiiإن هiiؤالء الناشiiطون المثقفiiون، لم يسiiألهم أحiiد إن كiiانوا هم أنفسهم يرغبون في اسلوب حياة، مثلما يفعل الهنود الحمر مثال. والقليل من هiiؤالء

)، وقبائiiiلMelanesia (*المثقفين من يهتم بالتفرقiiiة، بين القبائiiiل في "مالنزيiiiا" ). بين الحركات المناديiiة بالمحافظiiة علي البيئiiة، في أوربiiاAmazon (*"األمازون"

) لهؤالءCynical useوأمريكا الشمالية؛ تولد ميل واضح الستعمال مصلحي� خبيث ( النiiاس البسiiطاء من القبائiiل البدائيiiة. لقiiد اسiiتخدم الهنiiود في أمريكiiا الشiiمالية، والجنوبيiiة علي وجiiه الخصiiوص؛ كشiiهداء الحقيقiiة، في الفكiiر السياسiiي البيiiئي

Modernالحiiديث ( Ecopolitical ideologyدمون علي أنهمiiانوا يقiiحيث ك .( بiiدائيون مiiافتئوا يحiiافظون علي نقiiاءهم، وعلي بiiيئتهم، أكiiثر ممiiا نفعiiل نحن في المجتمعات العصiiرية. ولiiو أحببنiiا اسiiتخدام الفكiiر األسiiطورّي الiiديني "اليهiiودّي –المسيحي"، يمكننا وصف هؤالء البدائيين بأنهم، بشر لم يطiiردوا من "جنiiة عiiدن" (

Eden Gardenتي تعيش عليiiات الiiير من المجتمعiiأن كثiiول بiiو القiiحيح هiiص .( الصيد، وكذلك ممن يعيشون علي التقiiاط وجمiiع الغiiذاء من الغابiiات، هم أكiiثر منiiا احتراما وتقديرا للبيئiiة. ولكن هiiل يعiiني ذلiiك أن هنiiاك درسiiا يمكننiiا تعلمiiه منهم؟

اإلجابة هي نعم بالتأكيد، ولكنه ليس دائما من السهل أن نراه.

) ، أو "المiiامبو"، الiiذين يعيشiiون في الغابiiاتMambuti" أقiiزام المiiامبوتي " ( )، يمارسون عادات معيشية، تبدو في كثير منها غريبة لنا،Zairاالستوائية في زائير (

ومختلفة عن عاداتنا. ارتباطهم الديني بالطبيعiiة متعلiiق بقiiوة بنظiiامهم االقتصiiادّي،

التنمية المستدامة، هي عملية تنمية وتطوير للمجتمع، بحيث نستعمل أساليب حكيمة، في ** التعامل مع الموارد الطبيعية، وال نستنزفها، بحيث تستمر القدرة علي التنمية لألجيال المستقبلية

– المترجم مالنزيا" مملكة دستورية، تتكون من عدة جزر صغيرة تقع في المحيط الهادّي، في الشمال من **

استراليا، وكانت تابعة لها قبل االستقالل – المترجم األمازون هي منطقة غابات نهر األمازون، في أمريكا الجنوبية، في البرازيل، وهي منطقة **

استوائية – المترجم

183

حيث يحصدون الفاكهiiة من الطبيعiiة دون تغiiير، أو تiiدخل كبiiير، في النظiiام البيiiئي )،Subject(األيكولiiوجي) الطiiبيعي. في عقيiiدتهم تعتiiبر "األرض" "شiiيء خالق" (

داخل نظامهم االقتصادّي، ويعاملونها بكل حب وتقiiدير. أمiiا عنiiد جiiيرانهم، وهم من المزارعين، فينظرون إلي األرض والطبيعة بأسلوب مختلف تماما. إنهiا بالنسiبة لهم "عدو"، يهدد حقiولهم المزروعiة وقiراهم. وبالتiالي، بينمiا يحصiد "جiامعوا الثمiار"و"الصiiيادون من الطبيعiiة، فiiإن المiiزارعين يستصiiلحونها، أّي أنهم "يسiiتنبتونها" (

Cultivat it) "فهي إذا بالنسبة لهم "وسيلة ،(object .(

فهل يعني ذلك أن هناك خطيئة قد حدثت، عند التحول من "الصيد، والتقاط الثمار"، إلي "الزراعة"؟ وهل حدث "تغير نiiوعي" تسiiبب في "تحiiول الطبيعiiة"، من كونهiiا "صiiديقة"، لتصiiبح "عiiدوة"؟ تتوقiiف اإلجابiiة بiiالطبع، علي وجهiiة نظiiر الiiرائي. الصيادون، وجامعي الثمار؛ حياتهم قصiiيرة، ومليئiiة بالمخiiاطر، وليس لiiديهم مكiiان ثابت، للمعيشة، وال إمكانية لصنع القهوة ،وال كتب ومكتبة، وال مؤتمرات علمية عمiiا

). Sustainable Developmentيسمي بi"التنمية المستديمة" (

و السؤال اآلن: هل هناك من يرغب في أن تكون حياتiiه كهiiذه؟ صiiعب أن نجiiد من يجيب بنعم. للوهلة األولى سوف يبiiدو أن القبائiiل البدائيiiة، لهiiا نفس وجهiiة النظiiر التي يعتنقها الناشطون في المؤسسات والمنظمات، التي تنادّي بالحفاظ علي البيئة ، وتحسين عالقة اإلنسان بالطبيعة. ولكن، نظiiرة فاحصiiة باحثiiة؛ سiiوف تؤكiiد أنهم يعيشون في عالمين مختلفين تماما. إن عالمنا المعاصر مشوب بالتغيرات السريعة، واإليقاع المتسارع، والتكنولوجيiiا المعقiiدة، وضiiعف الثقiiة، واإليمiiان، بiiأن البشiiرية سوف تستطيع التحكم في مستقبلها ومصيرها، وفي كل هiiذا تغيiiير ضiiخم، وعميiiق

.¦ عن عالم تعودنا عليه، سابقا

من جانب آخر، فسوف يكون من المفيiiد فحص سiiلوك "رجiiل الغابiiة الخiiام"، إزاء التصiiنيع ومنتجاتiiه، والتقنيiiات الحديثiiة، ووسiiائلها لiiو أتحيت لهم. وسiiوف نiiرّي أن الغالبية العظمي، يرغبون في استعمال المنتجات االستهالكية الكثiiيرة، الiiتي انتجتهiiا المدنيiiة والمعاصiiرة. والمالحiiظ أيضiiا أنهم يحiiاولون مشiiاركة المجتمiiع العiiالمي بدرجات متزايدة لكن علي شروطهم الخاصة. ويصبح في الحقيقة تعريف، أو وصف، جماعة معينة، بأنهم "طبيعيون وخام" يرجiiع إليهم، وإلي درجiiة قبiiولهم هم. سiiكان استراليا األصليون مثال، ال يأخذون المشاركة في مشاريع الدولة القومية على محمل الجد. وبالتالي ينتظر أن يوصفوا بالبساطة، والحكمiiة، والطهiiارة. بiiدال من اتخiiاذهم�ستخدموا من قبل. والحقيقة أنهم أصiiبحوا كفزاعة تستخدم، للتخويف واإلنذار، كما ا

أسرّي الحتقار الذات بالنسبة لألسياد.

تقريبiiا، كiiل المجتمعiiات اإلنسiiانية في العiiالم، لiiديها أسiiاطير عن "السiiقوط في الخطيئة" والنقاء المفقود. وفي أوربiiا، حيث كiiان التنiiاقض بين الثقافiiة والطبيعiiة - اللذان مثال زوجا من التعريفiات المهمiة – قiد بiدا، وكiأن البعiد عن الطبيعiة يمثiل "خطيئة". علي هذا األساس، كiبر سiوق األيiديولوجيات، الiتي تعتقiد في أن البشiر الذين يعيشون بتقنيات أقل تعقيدا، ونظام اجتماعي أبسط، هم أقiiرب للطبيعiiة منiiا

184

نحن، الذين نعيش في المجتمعات العصرية. وفي مثل هiiذه الحالiiة؛ يقiiوّي اإليمiiان، بأن اإلنسان يصبح أكثر سعادة، لiو أنiه توقiف عن الحيiاة المصiنعة. ولكنiه؛ سiوف يكتشف حينها أن األشiياء المصiنعة، واألخiرى الثقافيiة، همiا اللiذان يجعالن حياتنiا، ووجودنا، أكثر إنسانية، وأكثر من أن يكون وجودنiiا مجiiرد عمليiiة بيولوجيiiة، يسiiتوّي فيها إنسان الغابة، مع اإلنسان العصرّي. إننا لو استبعدنا الفنون والثقافة من حياتنiiا؛ فلن يبقي لنا إال أقل القليل. ونحن نعلم أنه بدون ثقافة ال يتحصل اإلنسان علي لغة.

Natureوهذا ينطبق علي "إنسان الطبيعة"( Manانiو علي االنسiا هiكم ¦ ) ، تمامiiاالعصرّي.

إن مصطلح مثل "التنمية المستدامة" ال مكان لiiه في أّي نظiiام ثقiiافي غiiير أوربي، فالمصطلح ينحدر منشئه في خط مستقيم من فلسفة المعرفة األوربيiiة. وقصiiد بiiه أن يقوم بمصالحة، نظريiiة التطiiوير والتقiiدم، والغطرسiiة األوربيiiة من ناحيiiة، مiiع المعارف البيئية الحديثة التي سادت في اآلونة األخيرة، والتي جعلتنا نعلم أنiiه توجiiد حiiدود بيئيiiة (إيكولوجيiiة) للتنميiiة، كمiiا أعلن عن ذلiiك "نiiادّي رومiiا"، في منتصiiف السبعينيات من القرن الماضي. عقيدة "التنمية المستدامة" تفترض – كما هو الحال في األيديولوجيات األخiiرى عن التطiiور- إن البشiiر هم المسiiئولون عن مسiiتقبلهم، وأنهم وحiiدهم، الiiذين يتحكمiiون في وجiiودهم الحiiالي والمسiiتقبلي. وهي مرتبطiiة بنظرة إيجابية لكل ما هو جديد، وأن التطور االجتماعي شيء حسن ومرغiiوب فيiiه، وإيمان متفائل بiiأن التقنيiiات الغiiير ملوثiiة للبيئiiة قiiادرة علي قيiiادة المسiiتقبل في طريق فائدة البشرية. على هذا األسiiاس؛ فiiإن نظريiiة "التنميiiة المسiiتدامة" تمثiiل نظريiiة الiiرقي والتقiiدم، في أعلي درجاتهiiا: إنهiiا تأخiiذ بالتقنيiiات الحديثiiة، والنمiiو االقتصادّي، وفي نفس الوقت تصلح ما أفسدته التقنيات في الطبيعة، والتي تسiiببت في حدوثه. لقد أصبح جيلنا الحiiالي يiiؤمن بiiأن إنقiiاذ الطبيعiiة هiiو مشiiروع ثقiiافي. وطبقا للتفكير السائد في أوربا؛ فإن الطبيعة ال تستطيع تعويض ما فقدته، وال إصالح¦ علي ذلiiك، فإنiiه من نفسها، بمعدل يتناسب مع أسiiاليب االسiiتهالك الحاليiiة. وبنiiاءا األساسي، أن تلقي الطبيعة مساعدة عالية التحضر من البشر؛ تحميها من الخضiiوع ثم الموت. بتعبير آخر يمكن القول إنه ال يوجد تعiiارض أساسiiي، بين أفكiiار التنميiiة والتطور التقليديiiة ، واأليديولوجيiiة الiتي تتحiiدث عن "التنميiiة المسiتدامة"، كالهمiا يؤمن بأن اإلنسان وحده، هو الذّي يتحمل مسئولية "مسiتقبله"، وإمكانيiة التخطيiط

لتنميته.

)،Traditional (*أسلوب التفكير السابق سوف؛ يبدو غريبا للمجتمعiiات "المعتiiادة" سiiواء كiiان مجتمiiع من الصiiيادين، أو من جiiامعي الثمiiار، أو من المiiزارعين. إن التفريق بين الثقافة والبيئة الطبيعية المحيطة، الذّي ربما يكون مشترك إنسiiاني في حiiد ذاتiiه؛ يمكن أن يعطي انطباعiiات متباينiiة شiiديدة االختالف، في المجتمعiiات المختلفة المتباينة. عالوة علي ذلك، فإن الفكiiر الiiذّي يiiزعم أن المجتمiiع االنسiiاني يحوّي مليارات من البشر، ال نعiiرفهم، وال يربطنiiا بهم رابiiط، هiiو فكiiر أوربي بحت.

Sustainableلذا، لiiو زعمنiiا أن فكiiر "التنميiiة المسiiتدامة" ( Development(

اختار الكاتب تعبير اإلنسان المعتاد، أو المجتمع المعتاد، بدال من اإلنسان، أو المجتمع، البدائي أو **�تاب األوربيين – المترجم البرّي، الشائع االستعمال عند كثير من الك

185

صالح للتطبيق في كل المجتمعات؛ لكان ذلiiك قصiiر نظiiر، وتبجح وغطرسiiة، تمامiiا مثل الزعم بأن عصر النهضة، وحقوق اإلنسان يجب أن يطبق عالميiiا على الطريقiiة اآلوربية. وبالتالي فإن دعوتنا لمجتمعات "السكان األصليون"، في القارات المختلفة؛ لمشاركة األوربيين، في إنقاذ الكرة األرضية، ليس من قبيل "النسبية الثقافية"، ولن يكiiون مختلiiف عن وصiiفنا لهم، بiiأنهم من آكلي لحiiوم البشiiر. ففي كال الحiiالتين�ستخدم "السiiكان األصiiليون" كرمiiز، وتفiiرض عليهم مشiiاريع أيديولوجيiiة، ليسiiت ي

خاصة بهم وال مناسبة لهم.

بالنسiiبة للعديiiد من سiiكان العiiالم؛ فiiإن مشiiكالت الفقiiر، هي األكiiثر إلحاحiiا من مشكالت البيئة. ولو إن نشطاء المحافظiiة علي البيئiiة، في البالد االسiiكندنافية مثال، انطلقوا إلي غابات غينيا الجديiiدة ليطiiالبون السiiكان المحلiiيين بiiالتوقف عن قطiiع

Ozonاألشجار، حماية لi "طبقة األوزون" ( Layerيرينiiا مثiiبرون إمii؛ فسوف يعت( للغيظ أو مجانين. منذ عدة سنوات ليست بالكثيرة، دعا خبراء أوربا وشiiمال أمريكiiا حكومات العالم الثالث؛ إلتخاذ سياسiiات التنميiiة الصiiناعية، وتحiiديث المجتمiiع بiiأّي ثمن. ثم، وبعد وقت قصير، تسمع هذه الحكومات نفسها النداء باألخذ في الحسiiبان "التنمية المستدامة" للمحافظة على البيئة. وفي كال من الحالتين، هم – األوربيiiون - الذين يتحكمون، في كال من رأس المال والتكنولوجيا. وهم الذين يضiiعون الشiiروط عند التفاوض، وتبادل اآلراء. ويصبح الحديث، عن المشiiاكل واألزمiiات البيئيiiة، مثلiiه مثل الحديث عن الديمقراطية، والتنمية، والحضارة، والدين الصحيح، والتصنيع. وفي جميع الحوارات يحاول األوربيون، والشiiمال أمريكيiiون؛ إجبiiار اآلخiiرين، علي قبiiول شiiروطهم الثقافيiiة. وبسiiبب اختالل التiiوازن في مiiيزان القiiوى، يعتقiiدون أنهم يستطيعون اجتياح بالدهم، وال يلقون باال إلي معرفة شيء، عن احتياجiiات اآلخiiرين،

لمراعاة األحوال الثقافية، واالجتماعية.

ليسiiت الحقيقiiة هي: إن خمس سiiكان العiiالم االغiiني هم: الiiذين ينتجiiون األكiiثر، ويستهلكون األكثر، ويملكون األكثر، ويلوثون البيئة بالدرجة األكبر فحسiiب؛ بiiل إنهم أيضا، هم من يقرر، أّي صورة للعالم ومشاكله، هي التي يجب أن تسيطر. إن البنiiاء الثقافي األوروبي؛ هو الذّي له قدرة التعميم األكiiبر، من كiiل اآلخiiرين، سiiواء كiiانت الثقافة صحيحة، أو غير ذلك. وذلك ألن الدول الغنية، هي التي تمتلك "قوة التعريف،

. Öف �ع�ر� فÖ ، وكيف ي �ع�ر� والتوصيف"، أّي القوة لتعيين ما الذّي سوف ي

هiiل يمكننiiا إذا، القiiول أن الحiiديث عن " التنميiiة المسiiتدامة، هiiو من "اإلمبرياليiiة الثقافية"، مثلما نفرض علي اآلخiرين أن يتحولiوا إلي المسiيحية؟ وهiل نكتفي بiأن يوجه بعضنا، الحديث إلي بعض، في هذا الجزء من العالم الغني؟ مثل هذا االسiiتنتاج

سوف يتبادر سريعا إلي الذهن.

) ، هو اكتشافEcopolitical Thinkingبالرغم من أن "فكر االقتصاد السياسي" ( ) ،Enlightenment Philosophyأوربي ذو منشأين، األول من فلسفة المعرفة (

)، إال أننا يمكنناTechnocratic Ideologyوالثاني من األيديولوجية التكنوقراطية ( قول، أنه صالح للتطبيق عالميا. والسبب يكمن في أنه يعالج المشiاكل، الiتي يعتقiد

186

أنها شديدة األهمية، في أنحاء العالم، سiiواء رضiiينا أم أبينiiا. وليس هiiو مجiiرد فكiiريصلح استخدامه في بعض المجاالت الفلسفية.

لقد فرضت أوربا وأمريكا الشمالية نفسiiيهما علي اآلخiiرين، في الواقiiع الملمiiوس. وقد استمر ذلك خالل بضiiع مئiiات من السiiنين بiiدرجات متفاوتiiة، وذلiiك من خالل: االسiiتعباد والعبوديiiة، والتبشiiير الiiديني، وإدارة المiiزارع والمنiiاجم، وتطiiبيق نظiiام العمل في مقابiل األجiر، واالسiiتعمار، وإنشiاء الدولiة، والتبعيiة من خالل اإلقiراض والمنشآت االقتصiiادية، في مختلiiف أنحiiاء العiiالم، واآلن من خالل الكiiوارث البيئيiiة العالمية. واألفكار الرومانسية التي نحلم بها، عن عدم التدخل ومحاوالت السiiيطرة، والعيش في ظل تعددية ثقافية عالمية تنمو وتزدهiر على حسiب إرادتهiا وظروفهiا، ليست قابلة للتحقيق سياسيا، اآلن على األقل. الجرح واألذى قد وقع وتم، وال يوجiiد لدينا طريق للعودة، إلي العفة والبراءة الiiتي فقiiدت. والغالبيiiة العظمي من سiiكان العالم مشاركون بدرجات متفاوتة في مشiiاريع المدنيiiة والحداثiiة – إنهم مشiiاركون في أعمال نظير أجiiر، يشiiترون احتياجiiاتهم عن طريiiق دفiiع نقiiود في مقابiiل لهiiا، وعليهم واجبات ولهم حقوق داخل الدولة التي يعيشون فيها، وربما يحملون بiiامتالك المرسيدس. ولو اتخذنا المعيار االسكندينافي لقياس الفقر، فإن معظم البشر يمكن تصنيفهم في فريق الفقراء، وأنهم ال حول لهم سياسيا وال قiiوة، إال أن ذلiiك ال ينفي أنهم مشاركون في نظام عالمي قوّي األركان، شديد التماسك محكم، ولو كان ذلiiك

بدرجات متفاوتة.

إن عالمنا المعاصر مائل لالنكماش، وكما يقولون أصبح العالم قريiiة صiiغيرة، ويبiiدو ذلك ظاهرا بطرق وأساليب متعددة. هناك وفرة في: البضائع، والمعلومiiات، وأعiiداد البشر، والقوى السياسية وتنوعها، ورأس المال في كل أنحاء العالم. ارتفiiاع أسiiعار البترول تحدث تغيiiيرا أساسiiيا في اقتصiiاد الiiدول، والسiiجائر النرويجيiiة من ماركiiة

) عاصiiمةBrazzavilleاألمiiير، أصiiبحت معروفiiة، ومسiiتخدمة في "بiiرازفيال" ( ) المدينiiة األمريكيiiة. وأفضiiلDallas"الكونغiiو"، كمiiا هiiو الحiiال في "داالس" (

) الكنديiiة،Vancouverالمطاعم الصينية في العالم يجiiدها المiiرء في "فiiانكوفر" ( وعندما تنشب حرب في الخليج الفارسي (العربي)؛ تناقش تبعiiات الحiiرب، وآثارهiiا في القرى الصينية الصغيرة. ومن الممكن للمiiرء متابعiiة بطولiiه العiiالم في القiiرىالصiiينية الصiiغيرة ومن الممكن للمiiرء متابعiiة بطولiiة العiiالم في "الكiiريكت" (

Cricketةiiدورة مقامiiمباشرة، سواء في التليفزيون الهندّي، أو البريطاني، بينما ال ( في استراليا. وفصائل المقاومة المسلحة في المقاطعة الهندية " انديرا براديش " (

Andhra Pradeshاالiiبح مثiiيرة، تصiiطي المطiiا الوسiiات أمريكiiذلك في غابiiوك ( يحتذّي لكل من الماركسيين األلمان والماويين الصينين في نشاطهم السياسي.

لو نظرنا إلي العالم بمثل هذه النظرة، فسوف يبدو لنا وكأنه دولة واحiiدة. وبالفعiiل فإن الكثير من األسئلة السياسية تأخذ صفة العالمية في تأثيرها. ومن هiiذه األسiiئلة المشكلة البيئية، التي اسiiتحوذت حiiيزا كبiiيرا من مائiiدة الحiiوار االسiiكندنافية. لقiiد أبانت هذه المشكلة، ضعف قدرة البيئة علي التوازن، وحساسيتها للتغيرات، مما ولد

187

وأوحي إلينا أحالم متوالية تراودنا عن "العودة إلي*ذلك شرخا في إيماننا بالمستقبل الطبيعة" كمجال لالستثمار الصناعي. من مثل هذا المنظور أصiiبحت مشiiاكل البيئiiة في أجزاء أخرى من العالم تمثل مشكلة محلية. ولكن يجب التفرقiiة بين مسiiتويات القضية. فمن ناحية، فإن أيديولوجية المشكلة البيئية هي، دون جدال أوربية وشiiمال أمريكية، وبذلك تكون مشiiكلة محليiiة بiiالرغم من انتشiiارها في منiiاطق أخiiرى من العالم المتمدين. ومن ناحية أخرى فإن نفس المشiكلة يمكن وصiفها بأنهiا عالميiiة

) ما فتئواPrephets of doom’s Day (*بامتياز. خبراء البيئة وأنبياء يوم الحساب الحديث عن تلوث البيئة، وأن التغيير السريع في البيئة الطبيعية؛ سوف تكون له آثار كارثيiiة وعالميiiة، علي المiiدّي القصiiير. صiiحيح أنiiه، من المسiiتحيل إلنسiiان غiiير متخصص، التأكد من صحة معلوماتهم، إال أن اإليمان بما يقولون يزداد يوما بعد يوم، خاصة في الجزء الذّي نعيش فيه من العالم، وبنفس الطريقة الiiتي آمن بهiiا النiiاس¦ جiiذريا باألديان من قبل. ودعنا إذا نبiiني علي أسiiاس أنهم علي صiiواب، وأن تغيiiيرا في نظامنا االقتصادّي يحتاج إلي تغيiiير، حiiتي تسiiتطيع األجيiiال القادمiiة، من أبنائنiiا وأحفادنا؛ أن تعيش حياة طيبة مريحة. وبما أن "العiiالم كلiiه" مرتبiiط ومشiiارك في نفس النظام االقتصادّي، فمن المعتقد أن "اآلخiرين" من غiiير األوروبiiيين والشiiمال أمريكيين بالضرورة سوف يكونوا تابعين. هؤالء الذين لم يكتشفوا مصطلح "التنميiiة المستدامة"، لكن عليهم، دعم نفس اإليديولوجية، حتي يمكنهم المشاركة في الحياة

بفاعلية.

علي مiا يبiدو فiإن مثiل هiذا التحليiل منطقي. ولiو إن الصiواب حiالف أنبيiاء يiوم الحساب هذه المرة – لقiiد جiiانبهم الصiiواب في حiiال التنبiiؤ بنهايiiة العiiالم مiiرات سابقا- فسوف نجد أنفسنا، أمام حالة أيديولوجية استثنائية، فيها يتأكد وجوب تطبيق "الفكر األيكولوجي" المناسب، والعملي، عبر أسلوب سلطوّي حازم علي كل أنحiiاء العالم، وبعض النظر عن الفروق في مستوّي المعيشة ، واألحالم واألماني والرغبات

التي يحلم بها ويرغبها الفقراء.

ربما يكون ذلك صحيحا، لكن الموضوع لiiه جiiانب آخiiر متعلiiق بiiالقوة. فيلم الخيiiالSpaceالعلمي األمiiريكي المشiiهور، المسiiمى "األرض، سiiفينة الفضiiاء" ( Ship

Earth.(يةiiرة األرضiiالك) فينةiiا علي األرض في نفس السiiيخبرنا؛ إن البشرية كله ( وبiiالطبع، اقتبسiiت صiiور الفيلم ومشiiاهده، من تكنولوجيiiا الفضiiاء وصiiور لألقمiiار�عتبر "منتج ثقافي"، أو "بناء ثقافي"، صنع الصناعية لألرض. بأسلوب آخر، إن الفيلم ي في أمريكا الشمالية، ال أكثر وال أقل، ولكن المضمون الفكiiرّي الiiذّي يحتويiiه - وهي أن البشرية أسرة واحدة مسئولة عن بعضها البعض- ليس فكرا محليiiا. ولكن، أغلب

أثناء مراجعة هذا الفصل من الكتاب ضربت البيئة اليابان بإحدى قواها، في صورة زلزال مدمر، ** بقوة تقارب التسع درجات في مقياس ريختر، مما أتبع ذلك سونامي أعطب نظم التبريد في

المفاعالت النووية، مما تسبب في وصول درجة الحرارة إلي ما يقارب الثالثة آالف درجة مئوية، وأدّي ذلك إلي انصهار قلب المفاعل وانطالق اإلشعاع. وسبب السونامي حصد اآلالف من أرواح البشر، في كارثة مروعة، وهذا مما يؤكد علي أهمية الحوار في مناقشة المشاكل البيئية واتخاذ

التدابير الالزمة للحماية، والمحافظة على البيئة وعدم تلويثها – المترجم ) تعني كال من: رسول من الله،Prophetفي الثقافة المسيحية األوربية، فإن كلمة النبي ( **

والرجل الفاضل الذّي يستطيع إخبارنا بالغيب والمستقبل – المترجم

188

البشر يعيشون في مجتمعات قريبة، ومحددة، حيث يطغي عليهم شعور إنقاذ أفiiراد العائلة القريبة، علي إنقاذ الكiوكب. ولهiذا فهم يقطعiون األشiجار، ويحرثiون أرضiا معرضة ألن تصبح صحراء بعد عiiدد من السiiنين، ويلiiدون الكثiiير من األطفiiال علي

قدر استطاعتهم، وهكذا. وهل هذا تقدير خاطئ منهم؟

هذا السؤال ليس في محله. ليس في استهالك الصينيون والهنود، الذين يمثلون ثلث البشرية؛ يكمن حiiل المشiiاكل البيئيiiة، من تغيiiيرات حراريiiة، وثقب أوزون. وأيضiiا، ليس في اإلقالل من االستهالك للموارد في الدول األفريقية ودول أمريكiiا الجنوبيiiة؛ يكمن حiiل مشiiاكل التصiiحر، والتغيiiيرات المناخيiiة، فكالهمiiا معiiا يسiiتهلكون من الطاقة، أقل من دولiiة واحiiدة متوسiiطة الحجم، من الiiدول الغنيiiة. مشiiاكل البيئiiة

) الشائعة في الدولConsumption Culturتكمن أسبابها في "ثقافة االستهالك"( الغنية، وليس في الفقراء من البشiiر الiiذين يجاهiiدون لنيiiل حيiiاة الئقiiة. من ناحيiiة أخرى، ليس من المؤكد أن البشر، في البالد الفقيرة، يحبون حياة سيئة كمiiا يعتقiiد. فالبالد الغنية، هي التي وضعت حد الفقر، تبعا لفهمهم وتصورهم عن الفقر والغiiني. لذلك فبالرغم من أن الكوارث البيئية، لها آثار عالمية؛ إال أنه ليس من الضiiرورّي أن نصفها بأنها مشكلة عالمية. فمن خالل قدرة الiiدول الغنيiiة، علي التحكم في رؤوس األموال، والقوة العسكرية، يمكنهم فرض أسلوب الحياة للiiدول الفقiiيرة، رغمiiا عن أن بعض هiiذه األسiiاليب سiiوف تiiؤدّي إلي انحiiدار مسiiتوّي المعيشiiة. ومثiiل هiiذه الضغوط سوف يكون لها نتiiائج سiiيئة في الواقiiع العملي، عنiiدما نأخiiذ في االعتبiiار المبادئ اإلنسانية األساسية في الحياة الالئقة. وربما يكون الحل األنسiiب، بiiادئ ذّي بدء، أن يتخذ الملوثون األكبر للبيئة، قرارات محلية لتغيير أسلوب حياة سكانهم أوال،�ر البيئي والمناخي للكرة األرضية. وإلي جانب هذا، يجب مالحظiiة إن أرادوا منع التغ�ي أنه بالرغم من أن العالم يجب اعتباره مكان واحد، إال أن أجزاءه مصنعة محليiiا، في مجموعات بشرية تعيش في بيئات مختلفة. ولو أردنا النجاح في تغيير أسلوب حيiiاة البشر، فعلينا بداية، األخذ في الحسبان، الموارد البشرية والثقافيiiة، في كiiل مكiiان، علي حده. هذه الموارد مختلفة، وبالتiiالي فiiإن صiiور "التنميiiة المسiiتدامة"، سiiوف

¦، في النرويج، عنها في الهند، علي سبيل المثال. ¦ مختلفة جدا تأخذ أشكاال

إن األسلوب الذّي مازلنiiا نسiiتعمله في كتابiiة "الجغرافيiiا الثقافيiiة"، مiiازال أسiiلوبا عاما، وغير متخصص. فهو ال يقصد منه وصف موضوعي للمجتمعات المختلفiة، إنمiا يقصد به، الداللة علي أن "ثقافة الكاتب"، هي األفضل. أو، إن ذلiiك المجتمiiع، يجب إعادة تشiكيله بأسiلوبنا. هنiا يمكننiا سiرد بعض الروايiات السiاخرة الكثiيرة، الiتي يحكيها البحارة، وأفراد المؤسسات والجمعيات، المنوط بهiiا المسiiاعدة االجتماعيiiة، واآلخرين الذين يتقابلون مع المجتمعات األخرى. هiiذه الروايiiات والحكiiاوّي، بiiالرغم من تنوعها؛ إال إنها متماثلة، و لها مضمون واحد، هو: "هناك ... هنiiاك، في الجنiiوب، يستحيل علي المرء فعiiل شiiيء". وبعiiد ذلiiك نسiiمع عن، مخiiازن السiiمك الجiiاف

)، وعن النiiاس الiiذين ال يحiiترمونLagosالعفنة، علي الميناء النيجيرّي "الجiiوس" ( المواعيد، وعن المطاعم المتسخة، وعن موظفو الهيئات الحكومية الفاسدين، الذين يمثلون عثرة كأداء، في وجه كل محاولة حسنة النية للتطiiوير، وعن بائعiiات الجنس المصابات بمرض اإليدز، وعن أمثلة ال حصر لهiiا، تحiiاول البرهنiiة علي أن الثقافiiات

189

األخرى، أسوأ، وأقل قدرا من ثقافتنا نحن. "إنها، ببساطة، مختلفة نوعيا عن ثقافتنا، ومجتمعاتهم لم تصل بعiiد، إلى مiiا وصiiلنا إليiiه". " وتiiترّي علي أسiiماعنا الحكايiiات الرومانسية، التي تتحiiدث عن "إنسiiان الغابiiة البكiiر"، وكيفيiiة سiiلوكه، والمشiiاريع

التكنولوجيا التي أخذوها عنا.

درجة العجز، التي نجد فيهiiا أنفسiiنا، نشiiأت أساسiiا من المدنيiiة والمعاصiiرة. ولiiذا فالواجب حلها، بوسائل المدنية والمعاصiiرة. وبالتiiالي، فiiإن حiiل الكارثiiة البيئيiiة، ال¦، وسؤالهم النصائح الحكيمة. وال يجب توقع يكون في اللجوء إلي القبائل األقل تمدينا أن "اآلخرين"، المختلفون عنا – سواء كانوا فقراء أم أغنياء – سوف يفكiiرون بنفس أسiiلوب تفكيرنiiا. عنiiدما يتحiiدث األوربيiiون عن المشiiاكل البيئيiiة، ويعتقiiدون أنهم يتحدثون نيابة عن اإلنسانية؛ فهم بذلك، يسلكون عiiادة قديمiiة من حس "المركزيiiة

)، (أو النرجسiiية). في الفكiiر، واأليديولوجيiiة األوربيiiة: لiiوethnocentricاإلثنية" ( استطاع المرء أن يلبس فكرته ثوبا عالميا؛ فسوف يحصد قبول وتصiiديق في داخiiل مجتمعه، هو. ولذا، فعندما تطالب البالد الغنية بi"تنمية مستدامة" في البالد الفقيرة، فإنهم يفعلون، مثلما فعل آباؤهم األوربيون منذ "كولومبس": تفوق تكنولوجي، وقوة عسكرية، يضغطون بها علي اآلخرين إلتبiiاع إرادتهم، سiiواء رغبiiوا أمiiا كرهiiوا. هiiذا األسلوب الغير ديمقراطي، يجب نسيانه، والتخلي عنه، والبدء في البحث عن حلول؛ تستخدم اإلمكانات الموجودة محليا. بiiذلك ينiiال المجتمiiع المحلي حيiiاة الئقiiة، دون تدمير الطبيعة، وتركها خاوية لألجيال القادمiiة. ويجب أن يتم ذلiiك، بغض النظiiر عن

اختالف اآلخرون عنا، وعما إذا كانوا برابرة، أو بدائيون في البرية.

***

بأّي حق يمكننا القول عن أّي ظاهرة ثقافية، أنها ليست غربية؟ ومن ثم نصiiفها أنهiiا ليست أصيلة، وذلك عند مالحظة وجودهiiا في أحiiد البالد الحiiارة في الجنiiوب. وفي محاولة لإلجابة عن هذا السؤال، سوف أعود مiiرة أخiiرى إلى الحiiوار الiiذّي دار بين�اب األفارقة، والذّي كان موضوعه: بأّي لغة يجب علي الكاتب األفريقي أن يكتب �ت الك بها؟ الكاتب الجنوب أفريقي "نجوجي" ومحاوريه؛ ليسوا في الحقيقة مختلفون؛ بiiل متفقون، بدرجة أكبر مما يريدون االعiiتراف بiiه. فiiالجميع يiiؤمن بiiأن تعلم لغiiتين أو أكثر، هو حل عملي إلثراء التقاليد. إنهم جميعا، باختصار، يذهبون إلي مiiا أسiiميه أنiiا

) ، فعندما علم وتيقن "نجوجي" أنهCultural Creolizationبi"الكرولة الثقافية" ( يجيد الكتابة باإلنجليزية، كأّي كاتب إنجليزّي، عندها بiiدأ بالكتابiiة بلغiiة األم المسiiماة�اب اآلخرون، من زمالئه الiiذين لم يحصiiلوا علي تعليم �ت "جي كويو". أما في حالة الك كافي لإلنجليزية، أصبح هدفهم األول هiiو إجiiادة اإلنجليزيiiة، إلي درجiiة تماثiiل اللغiiة

¦"Afrikaans"األفريكانيiiة" ( ). وال يوجiiد سiiبب مقنiiعXhosa (*)، واللغiiة "إكسوسiiا ) قد حالفه الصواب، عندما أشارWole Soyinkaللشك، أن يكون "وول سوينكا" (

"األكسوسا" اسم لقبائل جنوب افريقية، وهم يتحدثون بلغة تسمي باسمهم، وهي إحدى لهجات ** اللغة "األفريكانية"، وهذه األخيرة لها أصول جرمانيةغربية، وهي اللغة المستعملة في جنوب

أفريقيا السوداء، وناميبيا. وهي مشتقة من اللغة الهولندية – المترجم

190

Yor (*إلي أن رواياته تنتسب بخط مستقيم، إلي كال من أساطير آبائه، من"اليوربiiا"ubaا، وليسiiرد بهمiiوإلي كتابات "شكسبير"، إن ما يهم هو ما يفعله اإلنسان الف ،(

من المهم من أين جاءوا.

المقال السادس

بين االحترام واإلهانة :أوروبا والمسلمون

بداية دعنا نعiiترف: على مiiدى أكiiثر من ألiiف عiiام، وفى فiiترات متكiiررة، اعتiiبرت¦ على هiiذا القيادات اإلسالمية والمسيحية، كال منهمiiا اآلخiiر عiiدوها الرئيسiiي. وبنiiاءا قاموا بتشويهه صورة دين اآلخر، واعتبروه ذو قيمة أقل، وأسiiوأ من دينهم. الفiiروق

"اليوربا"، أكبر المجموعات العرقية، في أفريقيا الغربية، وهو أيضا اسم اللغة التي يتحدثون بها **– المترجم

191

الصغيرة بين الديانتين – والتي تبدو ضئيلة لفرد هندوسيا، أو علمانيiiا ال يiiؤمن بiiدين-�فخ فيها، وض�خمت، واستخدمت شرارة بiدء لحiروب اسiتعمارية، وعنiف، ومحاولiة ن سيطرة من كال الطرفين. وأصبح البحر المتوسط - اغلب األوقات- يمثل أهم الحدود¦ مثل بيزنطة (سiiميت بعiiد الجغرافية بين الديانتين. وكان من الطبيعي أن تكون م�دنا ذلك القسطنطينية، واآلن استانبول التركية)، وجزرا مثل مالطة وقبرص- التي تعتiiبر¦ بين أوروبا وآسيا– تمثل مناطق حدودية تختلط فيها معالم الiiديانتين. جغرافيا، حدودا أما من الناحية الثقافية، فكثيرا ما توصف منطقiiة البحiiر المتوسiiط بسiiمات ثقافيiiة مشتركة، مثل: الشرف والعiiار، وسiiلطة الوالiiد في األسiiرة وانتسiiاب األبنiiاء إليiiه،

) في كبح الرغبة الجنسiiية عنiiدparanoidوالتحكم والسيطرة المرضية البارانودية( اإلناث، والرجولة والذكورة، وتقديس األفراد، واإليمان بالمقدس، واالعتقiiاد بالحسiiد¦ أطلق الرومان على البحر المتوسiiط "مiiارا- والعين. ومن الناحية السياسية فقديما

Mareنوسترم" ( Nostrum ) "والتي تعني "بحرنا (Our seaل لهمiiان يمثiiوك ،( حدودا واضحة المعالم. أمiiا على ارض الواقiiع، ففي الثقافiiات الفلكلوريiiة للمنطقiiة الكثير من السمات المشتركة بين ضفتي البحر المتوسط. والكثير فيهiiا ممiiا يوحiiد،

وليس مما يفرق.

المواقف األوروبية – أو قل المسيحية - العدائية لإلسالم بالتأكيد ليست جديدة، رغما عن انه؛ في القرون األخيرة أبiiدى كال من اليهiiود والشiiيوعيين سiiلوكا أكiiثر عدائيiiة ألوروبا من سلوك المسلمين. هذه الصور الخاطئة- الكاذبة في بعض األحيiiان- الiiتي

) والمسلمين عن اآلخر؛ يمكن اعتبارها جديiiدة، فقiiط،1يختلقها كال من األوروبيين ( ألنها تحiiدث في مناسiiبات حديثiiة ليس إال. فهي – إذا - أنمiiاط قديمiiة ترتiiدّي حلiiل حديثة، خاصة بوقتنiiا الحاضiiر، لكنهiiا في نفس الiiوقت تحمiiل صiiفات مشiiتركة مiiع الصورة العدائية القديمiiة، صiiور يتم اسiiتبدال بعضiiها ببعض بiiدرجات متفاوتiiة. هiiذا السبب وحده؛ يبرر استعراض تاريخي سiiريع للعالقiiة بين أوروبiiا واإلسiiالم. فنظiiرة فاحصة للتاريخ تبين أيضا أن المسيحيين كانوا – على األقل- متمiiاثلين في العدائيiiة،

وعدم التسامح مع المسلمين في عصور سابقة.

)،2) تبعا للتقiiويم المسiiيحي الميالدّي (610أسس اإلسالم في عام عشر وستمائة (¦. فالدين الذّي أسسه محمد (عليه الصالة والسالم) انتشر وحقق بسرعة نجاحا كبيرا

ميالديiة. ولم يمض632في كل الجزيرة العربية في حيiاة النiبي الiذّي تiوفى عiام قرنا من الزمان حتى انتشiiر في شiiرق آسiiيا، وشiiمال إفريقيiiا على يiiد من خلفiiوا النiiبي. وتبعiiا لiiذلك فقiiد كiiانت لإلسiiالم بدايiiة مختلفiiة عنهiiا للمسiiيحية، فاعتنiiاق األوروبيiiون األوائiiل للمسiiيحية؛ أدت بهم إلى حيiiاة مثiiيرة للشiiفقة في السiiراديب

)Colosseumالرومانيiiة، أو على مiiدرجات حلبiiات المصiiارعة " الكولوسiiيوم" ( انتظار لدورهم في المصارعة التي تجرى لتسلية السادة. بينما بعد قرن واحد فقiiط من وفاة محمد (عليه الصالة والسالم) انتشر المسiلمون من جبiال "الهيمااليiا" في

آسيا الوسطى، وحتى جبال "أطلس" في الشمال الغربي األفريقي.

وخالل قiiرون قليلiiة أصiiبح اإلسiiالم هiiو الiiدين األهم واألكiiبر في جزيiiرة "جiiاوا" االندونيسية، وفى شبه جزيiiرة أيبيريiiا، أو اسiiبانيا والبرتغiiال ، الواقعiiة في الجنiiوب

192

الغربي األوروبي، وكذلك بين المتحدثين بالتركية، وفى كثير من األمiiاكن من الصiiينوحتى البلقان.

وأصبح اإلسالم له وجiiود دائم، وبدرجiiة محسوسiiة في منiiاطق حiiزام السiiافانا في الغرب األفiiريقي، وامتiiدادا على الشiiاطئ الشiiرقي األفiiريقي أيضiiا. كiiذلك كiiان – ومازال- له وجود ملحوظ في شبه القارة الهندية، مع مالحظة أن بعضا من المناطق التي سيطر عليها المسلمون سiiقطت في أيiiدّي المسiiيحيين، سiiواء أثنiiاء الحمالت الصليبية، أو بعدها، كما هو معروف. ويمكن ذكر، أن جزءا آخiiر سiiيطر عليiiه اليهiiود

Columbus ،(1492بعد الحiiرب العالميiiة الثانيiiة. لقiiد كiiان عiiام " كولiiومبس" (�ز بداية السiiيطرة الجيوسياسiiية األوروبيiiة األكيiiدة (وبعض ميالدية، هو العام الذّي مي الكتاب والمؤرخون يعتبرون هذا العام هو عام بداية الحداثiiة والتطiiور). وكiiان ذلiiك

) – كمiiا أسiiموهم،Moorالعام هو نفسه العام الذّي بدأ فيه األسبان طرد " المور" ( والتي تعنى البرابرة المسلمون- ومعهم اليهود نهائيا من األندلس في أسبانيا. هiiؤالء.¦ الذين اخرجوا من المناطق المسيحية الغير متسامحة، رحلوا إلى مناطق أقل توترا والكثير منهم وجد الحماية في المناطق الواقعة تحت سiiيطرة المسiiلمون. مiiا عiiدا ذلك فإن المسيحيين والمسلمين قد عاشوا، أو تعايشوا، في منiiاطق تابعiiة لبعضiiهم البعض ولفترات طويلiة. وكiان التسiامح هiو السiائد - بغض النظiر عن؛ أن الهiدف األساسي للمسيحيين من استضافة المسلمين كانت الرغبة في تنصiiيرهم، والعكس

صحيح أيضا من ناحية المسلمين.

وبهذه الطريقة تواجدت آخر البؤر اإلسالمية في أوروبا، في اإلمبراطوريiiة العثمانيiiة التي سيطر عليها وحكمهiiا المسiiلمون. ولكن من المهم أن نالحiiظ أن الجiiزء الiiذّي حافظ على سمة التنوع والعالمية، والتعايش الديني في يوغسiiالفيا كiiانت البوسiiنة، وفيهiiا عiiاش الكاثوليiiك، واألرثiiوذكس، والمسiiلمون، واليهiiود، سiiويا مiiع بعضiiهم

)، وكرواتيiا (Serbiaالبعض،على عكس المناطق " النظيفiة عرقيiا " مثiل صiربيا (Croatia) لوفينياiiiiiiوس (Sloveniaاطق لم تكن تحت حكم وإدارةiiiiiiوهي من ، (

المسلمون. وأيضا مازلنا نجد أقليات من المسيحيين األوائiiل في بالد غالبيiiة سiiكانها تحولوا إلى اإلسالم، مثل األقباط في مصر، واألرمن في إيران، والمارون في لبنiiان. ومن الجدير بالذكر أن بعض االضطهاد الذّي تتعرض إليiiه تلiiك األقليiiات المسiiيحية- مثلهم مثل المسiiلمون في البالد ذات الغالبيiiة المسiiيحية - نiiاتج عن خلiiط اإلسiiالم بالسياسة، وكذلك االسiiتقطاب بين أوروبiiا والواليiiات المتحiiدة األمريكيiiة من جهiiة، والعالم العربي من جهة أخرى. وفي الحقيقiiة ال توجiiد أيiiة وقiiائع تاريخيiiة يمكن أن

¦ من المسيحية. تذكر لتدعم وجهة النظر القائلة أن اإلسالم اقل تسامحا

هذا التمدد والتوسع اإلسالمي األول- الiذّي توافiق مiiع االنهيiiار والتفiرق الiذّي سiiاد العالم المسيحي في قiرون مiا بعiد تفكiك اإلمبراطوريiة الرومانيiة الغربيiة– جعiل اإلسالم يصبح المنافس األهم للمسيحية الغربية، اآلن ومنذ القرون الوسطى. كiiذلك كانت المسيحية، تمثل المنiافس والتهديiد األهم بالنسiبة للمسiلمين. وبالتiالي نشiأ على ضفتي البحر المتوسط، ومضيق الدردنيل حالة من العداء، فيها وصiiف كiiل من الطرفين اآلخر بطريقة ساخرة، ومستهزئة، وكثيرا ما استخدموا "األحكiiام النمطيiiة

193

المسبقة " للحط من قدر اآلخر واالنتقاض منiه، أو تجاهiل اآلخiر تمامiا في وسiائل المعرفة السائدة الرسمية. مثال : كم من كتب التiiاريخ النرويجيiiة- الiiتي تiiدرس في

المدارس النرويجية- تتحدث عن الغباء والبالدة التي حلت بالمجتمعات اإلسالمية؟

في العصر الوسيط األوروبي كiانت المجتمعiات اإلسiالمية تضiرب مثال للمجتمعiات¦ والمنتجة. ومثلث فترة العباسيون عصر العرب الذهبي، بiiدون شiiك. المنظمة إدارياالفترة التي بين منتصف القرن الثامن وحتى منتصف القرن الثالث عشiiر الميالدّي (

ميالدية). في هذه الحقبة تكونت الصورة الكالسيكية لإلسالم، وطiiورت751-1258 وتوسiiعت دراسiiات القiiانون، وجمعت ودونت كتب الحiiديث، وتشiiكلت الفلسiiفة

). في هiiذه الفiiترة كiiان الiiزوار األوروبيiiون يصiiفون بالد3اإلسiiالمية المتصiiوفة ( المسلمين بأنها: جبال من الملح ، ونافورات من الزيت، وهبiiة من السiiماء، وتالميiiذ الجنة، والبهارات العطرية، واألحجار الكريمة، والعنiiبر ذو الرائحiiة الزكيiiة، والفاكهiiة

). وكما هو معروف فإن أهم مراكز الفلسفة، والعلم، والثقافiiة4ذات المذاق الحلو ( تواجiiدت في العiiالم اإلسiiالمي. حiiتى الفن اليونiiاني الجميiiل أمضiiى فiiترة "سiiباته الشتوّي" في حضن المثقفين المسلمين، وكان المسيحيون يمثلون "اآلخر" بالنسiiبة لهم. وهكذا أصبح المسيحيون يقارنون أنفسهم دائما بالمسلمين. وأصبح المسiiلمون – بالنسبة للمسيحيين - هم األقربiiون، وكiiانوا المنافسiiون الرئيسiiيون بالنسiiبة لهم. وهكذا أصبح المسيحيون يقارنون أنفسiهم دائمiا بالمسiلمين. ولiو أردنiا قiول ذلiك باستخدام المصطلحات العلمية لقلنا: أن المسيحيين مارسوا "التوفيق" (أو الموائمة

Compliment) " أو " التشبه والمحاكاة ،( matchingكل شيء عند المسلمون .( يريiiدون مثلiiه، بiiل أفضiiل وخiiير منiiه. هiiذا األسiiلوب في السiiلوك واآلليiiة (

mechanismانiiاولت مجموعتiiا حiiة، فكلمiiة لطيفiiفي الحقيقة- يؤدى إلى نتيج –( عرقيتان أن يتمايزوا، وأن يكونا مختلفين كلما زاد التشابه بينهما. هiiذا ينطبiiق –على وجiiه الخصiiوص- على مبiiادئ وقيم األديiiان الحيiiة. عالوة على ذلiiك، فiiإن الحمالت الصiiليبية يمكن أن تفهم على أنهiiا محاكiiاة " للحiiرب المقدسiiة "(الجهiiاد) عنiiد المسلمون. ذلiiك يمكن أن يقiiال رغمiiا عن أن بعض المسiiيحيون- ربمiiا- يفضiiل أن

ينظر إليها أنها رحالت حج.

ولكن كيف نظرت المجتمعات اإلسiiالمية في الشiiرق األوسiiط إليهiiا؟ لقiiد اعتiiبرت الحمالت الصليبية غزوات بربرية بالطبع. وأطلق اسم "الفرنجة" على كل األوروبيين

) ، الiiذين اسiiتطاعوا أن يخربiiوا وينهبiiوا لنصiiف قiiرن قبiiل أن يسiiتطيع قiiواد5( المسلمون تجميع أنفسهم لمواجهتهم. "انظر إلى الفرنجة"، صاح صالح الiiدين وهiiو يحاول حشد المسلمين. وصالح الدين هو القائد الiذّي أصiبح - فيمiا بعiد- في الئحiiة اإلبطال. فهو الذّي حرر القدس قiرب نهايiة القiرن الثiاني عشiرا. "انظiر كيiف أن الفرنجة يحاربون دون كلل أو ملل من أجل دينهم، بينما نحن المسiiلمون ليس لiiدينا

). لقد اعتبر الفرنجiiة متعطشiiين للiiدماء، محiiاربين6أّي حماس أو رغبة في الجهاد( برابرة غير متحضiiرين، مسiiيحيين متطiiرفين قتلiiوا اآلالف من األبريiiاء. وبالمناسiiبة يجب ذكر أن الصليبين لم يقتلوا فقط المسiiلمين، بiiل قتلiiوا أيضiiا معهم مسiiيحيين شرقيين من مختلف الطوائف، الiiذّي كiiانوا أعضiiاء في مختلiiف الكنiiائس والمعابiiد

األثرية، الذين عاشوا جنبا إلى جنب مع المسلمين قرونا من الزمان.

194

بiiالرغم من تخلفهم العلمي، فقiiد اسiiتطاع األوروبيiiون الغiiزاة أن يسiiجلوا تفوقiiا عسكريا على العرب بسببين- هذا التفوق هو الذّي يشرح لماذا لم تنقرض الiiدويالت الصغيرة التي أنشئت في غرب آسيا أثناء الغزو الصليبي والتي حiiافظت على قوتهiiا العسكرية ألجيال عديدة - : السبب األول هو أن عصر االزدهار العربي كiiان قiiد بiiدأ فعال في األفول. كان ذلك حوالي عام ألف ميالدية، فمن ذلك الوقت بقيت كثiiير من النشاطات الفكرية والثقافية للذكرى فقط، والتفاخر بالماضiiي وعظمتiiه، وأصiiبحت المنiiاطق الiiتي ورد ذكرهiiا في "الكتiiاب المقiiدس" تiiدار من األجiiانب من األرمن واألكراد واألتراك. أما السبب الثاني النتصار األوربيiون هiو أن العiرب كiانوا اضiعف سياسيا من الفرنجة. فالنظام السياسي العربي- في ذلك الحين- بني على استعمال األقربiاء وليس األكفiاء، ممiا جعiل من الصiعب بنiاء مؤسسiات مسiتقرة، وخاصiة

). هذا التفوق العسكرّي حافظ عليه األوروبيون، واستغلوه7المؤسسات العسكرية ( لتحقيق الكثير من المتغيرات، والiiتي ظهiiرت أيضiiا الحقiiا في صiiورة اسiiتعمار أمم

)Aztecأخرى أكثر تقدما في بعض المجاالت األخرى، مثل المجتمعiiات "اآلزتيكيiiة"( و "الهنود الحمر" في القارة األمريكية. هذا الضعف في البنية السياسية في النظiiام العربي مازال حتى اآلن، وكثير من المحاوالت والجهiiود الiiتي تبiiذل لتغiiير السياسiiة المركزية في اتخاذ القرار واجهت صعوبات لتحقيقها. هiiذه المركزيiiة هي الiiتي أدت إلي ضعف في مؤسسات مثل منظمة التحريiiر الفلسiiطينية، كiiذلك فشiiل من حين آلخر في جامعة الدول العربية. وكذلك هي التي أدت إلي فشل النiiداءات المتكiiررة إلقامة جبهة موحدة تناهض السيطرة األوروبية. هذه النداءات الiiتي يرددهiiا من حين آلخiiر بعض الميليشiiيات المسiiلحة لبعض اإلسiiالميين. هiiذه النiiداءات الiiتي يخافهiiا شديدّي االرتياب والشك إلى الدرجة المرضية البارانودية من األوروبيين، بالرغم من

بعدها كل البعد من التحقيق على ارض الواقع.

لقiiد تiiركت وحشiiية الحمالت الصiiليبية آثارهiiا ونتائجهiiا الدائمiiة على هويiiة العiiرب الثقافية والسياسية، فأصبحت الغiiزوات األوروبيiiة حكايiiات تحكى تتوارثهiiا األجيiiال، وتدوينها في التاريخ أصبح يذكر األمة العربيiiة عن اإلهانiiة الiiتي نالوهiiا، وظلت هiiذه األحاسيس حية لقرون عديدة تثiiير الرغبiiة في الثiiأر. بهiiذا تشiiكلت الiiروح العدائيiiة للناحية األخرى من البحiiر المتوسiiط. ففي دراسiiة عن تصiiور المسiiلمون للحمالت الصليبية، أشار الكاتب أمين معلوف إلى بقاء هذا التصiiور العiiدائي حiiتى يومنiiا هiiذا في بدايات األلفية الثالثة الميالدية. لقد استخدمت أسماء أشخاص مجهiولين ووقiائع حدثت أثناء الحمالت؛ لفهم وشرح وقائع حالية حدثت في عصرنا الحالي. في الوعي الجماعي العربي مازالت إسرائيل تعتبر حملة صليبية جديiiدة، ويبiiدو أيضiiا ذلiiك في بعض التصريحات الرسمية لبعض المسئولين. وكثيرا ما قورن الiiرئيس عبiiد الناصiiر بصالح الدين الذّي وحد سiوريا ومصiر مثلiه. كiذلك فiان كثiير من العiرب يعتiبرون

حملiiة صiiليبية، ويشiiبهون الهجiiوم اإلنجلiiيزّي1956العدوان الثالثي على مصر عام ).8(1191والفرنسي كالحمالت التي حدثت في عام

وبطبيعة الحال فال معنى ألن نعتبر إسiiرائيل أمiiة صiiليبية، فiiاليهود كiiانوا من أوائiiل ضiiحايا الحمالت المسiiيحية. ولكن هiiذا لينفى بiiالطبع اعتبiiار اليهiiود - مثلهم مثiiل المسيحيين – كمستعمرين إمبرياليين وغازين همجيين، والسبب واضح ومعروف. إن

195

الغيبيات المليئة بحكايات من التiiاريخ عن العصiiر الiiذهبي مiiازالت تسiiوق بسiiهولة، ومازال الناس يشترونها، ومازالت تستخدم في الخطiiاب السياسiiي في هiiذا الجiiزء

Davidمن العالم. في هذا اإلطار يتفهم "دافيد إس. بوج" ( S. Pughرىiاذا يiلم ( أنصار صiدام حسiين شiبها بينiه وبين صiالح الiدين، الiذّي حiرر أجiزاء من الشiرق

1187األوسiiط من سiiيطرة المسiiيحيين عنiiدما هiiزمهم في (موقعiiة حطين) عiiام )، وكال من الحمالت الصليبية والحروب على العراق يتبiiادالن الصiiورة في9ميالدية (

وعي الفرد، ويعتمد ذلiiك على المكiiان الiiذّي يقiiف فيiiه. وبالنسiiبة ألسiiامة بن الدن فعنiiده هiiدف محiiدد: عالوة على إخiiراج الواليiiات المتحiiدة األمريكيiiة من المملكiiة العربيiiiة السiiiعودية، ومواجهiiiة النفiiiوذ اإلسiiiرائيلي، والقضiiiاء على المعانiiiاة في أفغانستان، فإنه يريد إعادة بناء دولة الخالفة مرة أخرى. والخالفة لها خليفة، ويعتiiبر الخليفة "أميرا للمؤمنين"، وأمير المؤمنون عليiiه واجب "ديiiني– سياسiiي". وعنiiدما سقطت اإلمبراطورية العثمانية، وتفككت بعد الحرب العالمية األولى، واتجهت تركيiiا بنفسها تجاه الغرب، بقى عرش أمير المؤمنين ينتظر من يعتليiiه. وحلم ابن الدن أن يiiولى نفسiiه كخليفiiة ألحiiدى الiiدول العربيiiة. بiiذلك يضiiع نهايiiة ليس لقiiرون من

اإلمبريالية الغربية فحسب، ولكن أيضا لقرون من السيطرة التركية .

II

النهضة، والتطور التقني، واالكتشافات العلمية العظيمة هي التي ساهمت في تفiوق أوروبا االقتصادّي والتقني. هذا التفرد والريادة التكنولوجية فقدتها القارة بعد الحرب العالمية الثانية، ولكن هذه المiiرة ليس للمسiiلمين بiiل ألمريكiiا الشiiمالية والشiiرق اآلسiiيوّي. هiiذه النهضiiة األوربيiiة ينظiiر إليهiiا البعض أنهiiا بiiنيت على إرث الحضiiارة العربية، ويعطون المعطيات الوجيهة العتبارهم هذا. هذا ما عبر عنiiه "بيiiتر نورمiiان

) كتب:"أثناء ومع بداية النهضة غزا العرب أوروباPeter Norman Waageفوجا" ( على نطاق واسع، وإن ما نسميه "العصر الحديث" الذّي قد تحقiق في أوروبiiا يمكن

). علiiوم10اعتبiiاره – وأللقينiiا نظiiرة محايiiدة - نتيجiiة إرث الحضiiارة العربيiiة "( الفلسفة، والعلوم الطبيعية كانت قد نقلت – يقينا - من البالد العربية إلى أوروبا في عصورها الوسطى. ولقد ذكر "فوجا" بالتحديiiد الكثiiير من المكتشiiفات التكنولوجيiiة التي جاءت من العالم العربي. هذه الحقيقة نادرا ما تدرس في المدارس األوروبيiiة. ونختار بدال من ذلك؛ أن تiiدمج تiiاريخ تطورهiiا مباشiiرة من العصiiور القديمiiة وخالل العصور الوسطى إلى عصر النهضة . في نفس الوقت نجد انه من الصحيح أن نشير – مثلما أشiiار المستشiiرق األمiiريكي المتحفiiظ والبiiاحث في الدراسiiات اإلسiiالمية

Bernardبرنارد لويس ( Lewisدوداiiان محiiا كiiربي بأوروبiiإلى أن االهتمام الع – ( لقرون عديدة، وظل ذلك حتى اضطروا إلى أن يبنiiوا عالقiiة نشiiطة من هiiذا الجiiزء

). يتiiبين ذلiiك من مخطوطiiات أشiiهر11من العiiالم الواقiiع في الشiiمال الغiiربي( الرحالة في العiiالم العiiربي " ابن بطوطiiة "، فقiiد كتب في منتصiiف القiiرن الرابiiع عشر وصفا لمحل ميالده "طنجة"، المدينة الواقعة في الشiiمال المغiiربي اإلفiiريقي وعلى ساحل األطلسiiي وحiiتى الهنiiد والصiiين، ولكنiiه لم يصiiف ابعiiد من األنiiدلس

اإلسالمية في أوروبا .

196

إن كال من المسيحية واإلسالم ديانiiة عالميiiة، وبالتiiالي فإنهمiiا – باألسiiاس- يريiiدان السيادة الدينية. في هذا المجال فقد تفوق المسيحيون في عصر النهضة- بعد تمiiدد إسالمي كبير أدى إلى أسلمه ماليزيا وإندونيسيا في نهاية العصر الوسiiيط األوروبي.

ميالديiiة أصiiبحت الحالiiة مختلفiiة، فعمليiiا أصiiبحت كiiل القiiارتين1492وبعد عiiام Tierraاألمريكيتين من "أالسكا" في أقصى الشمال، وحتى "تيرا ديل فيجiiو" ( del

Fuegoاطiiب النشiiفي أقصى الجنوب، مسيحية. وكذلك الفلبين في غالبيتها، وبس ( ¦ أو كليiiا مسiiيحيا. فبعiiد عصiiر التبشيرّي المحموم؛ أصبح كثير من اإلفريقiiيين جزئيiiا االزدهار الفكرّي والفني واالقتصادّي العربي، والذّي دام قرون كثيرة، أصiiاب العiiالم العربي ركود وجمود - وإن كان بعض المحللين والمراقبين يiرون أن شiمال أفريقيiا وغرب آسيا سيكنون األوائل في الطريiiق للخiiروج من حالiiة الركiiود الثقiiافي هiiذه- ويشبهون هذه الفiترة بنفس فiترة الركiود الثقiافي الiذّي سiاد أوروبiا في العصiور الوسiiيطة. صiiحيح أن الجيش اإلسiiالمي المغiiولي اسiiتطاع غiiزو الهنiiد في القiiرن السiiادس عشiiر، وصiiحيح أيضiiا أن العثمiiانيين المسiiلمين أرادوا السiiيطرة على المناطق التي كانت قبال مسيحية في شرق جنوب أوروبا - حتى أوقiiف زحفهم على السهول خارج "فيينا" عاصمة النمسا اآلن- إال أن ديناميكيiiة المجتمعiiات اإلسiiالمية في تطوير نفسها كانت قد فقiدت، وسiقطت الثقافiة والفكiر تحت سiنابك طغيiان الطقوس الدينية. أما اآلن فإن األوروبيين المسيحيين هم اآلن الذين يسيطرون على

العالم بالتأكيد.

الصiiورة في العقiiود األخiiيرة من القiiرن العشiiرين نراهiiا قiiد تغiiيرت قليال، فوضiiع اإلسiiالم في العiiالم قiiد وضiiح وقiiوى. والحiiديث هنiiا ليس عن إعiiادة تصiiدير رؤيiiة وتحديث للرسالة – بالرغم من أن ذلiiك يحiiدث أيضiiا بدرجiiة كبiiيرة- بiiل عن حملiiة إعالمية هجوميiiة لمفهiiوم تقليiiدّي للiiدين مغطى بثيiiاب حديثiiة. لقiiد احتiiل اإلسiiالم المكانة الثالثة بين األديان العالمية، وبدأ العالم المسيحي ينظر إليiiه نظiiرة ايجابيiiة بديال لهذه النظرة المتعالية والراغبة في الهيمنة، ويقال أن لكل أفريقي يتنصiiر فiiان هناك عشرة يسiلمون. وبiiالرغم من إن هiذه النسiبة ال تiiدعمها اإلحصiiائيات - وهي زعم يفضل قوله المبشرون المسيحيون- إال أنها توضiح أن اإلسiiالم ينظiر إليiiه من الطرف األوروبي المسيحي كخطر داهم ومنافس رئيسي. وألن المسiiيحية مرتبطiiة باالستعمار في الوعي األفريقي - وذلك صحيح إلى حد كبير- فان الدعاة إلى اإلسالم تكون لهم مصداقية بين الناس، مصداقية يفتقدها المبشiiرون المسiiيحيون ( بiiالرغم من عدم إنكار أن العرب قد مارسوا تجارة العبيد في أفريقيا). إلى جانب ذلiiك فiiان الماليين من المسiiلمين يمثلiiون اآلن جiiزءا من النسiiيج االجتمiiاعي األوروبي، وهم آخiiذون في تنظيم تواجiiدهم، وآخiiذون في التوالiiد والتزايiiد، يبنiiون المسiiاجد في األماكن التي يصرح لهم المسئولون المسيحيون أو العلمانيون، بينما ال توجiiد جيiiوب

مسيحية تفعل الشيء نفسه في البالد اإلسالمية .

وبدرجة صغيرة فان اإلسالم ينتشر أيضا في مناطق لم يكن فيها للدين تاريخ طويل، فالمراقب يمكن أن يرى اآلن أمريكيين شماليين من السiiود لهم خلفيiiات من فiiرق

gospelالموسيقى الكنسية ( korدiiا قiiهورين لهم كاريزمiiوأفراد مسيحيين مش ، ( أطلقوا لحاهم الطويلة وغiiيروا أسiiمائهم إلى "محمiiد على" و "على اكiiبر" وارتiiدوا

197

المالبس البيضiiاء يسiiيرون بهiiا جهiiارا نهiiارا. واالنقالب اإلسiiالمي الiiذّي حiiدث في لم يقم به أهiiل الجزيiiرة المسiiلمون الهنiiود الواصiiل1990"ترينيداد وتوباجو" عام

عددهم ستون ألفiiا، ولكن قiiام بiiه عiiدد ال يتجiiاوز أصiiابع اليiiد الواحiiدة من حiiديثي التحول لإلسالم ممن لهم أصول مسيحية. ومن ناحية أخرى فإن الهجiiرة إلى أوروبiiا أعطت الكثير من المدن األوروبية نكهة وشخصية إسالمية، ويمكن للمرء أن يالحiiظ البعض من أهم مراكز الحوار الفكرّي اإلسiiالمي توجiiد في الحقيقiiة في مiiدن مثiiل

) يحiiدث إلى جiiانب ذلiiك وبشiiكلParis) و"بiiاريس" .(Bradford"برادفiiورد" ( متكرر أن أوروبيين غربيين يتحولون إلى اإلسالم. هiiذه الظiiاهرة لم تحiiدث إال نiiادرا

في أوقات ما قبل الحرب العالمية الثانية.

وهكذا يمكن أن يبدو اإلسiالم وكأنiه قiد بiدأ في اتخiاذ وضiع الهجiوم األيiديولوجي،¦ لقiiرون عديiiدة. وبعiiدما ويقترب من االنتصار على المسيحية، بعiiد أن كiiان مهمشiiا حiiدثت أزمiiة البiiترول في بدايiiة السiiبعينيات من القiiرن العشiiرين؛ وضiiح للبالد اإلسالمية الغنية بالبترول أن بيدهم سالح قوى يمكن استعماله ضiiد البالد المسiiيحية الغنية. وبالصدفة البحتة كiiانت البالد األكiiبر إنتاجiiا للبiiترول بالد إسiiالمية. وانتشiiرت صiiورة شiiيوخ وأمiiراء البiiترول األغنيiiاء، وتكiiررت دائمiiا في الرسiiوم السiiاخرة (الكاريكاتورية) األوروبيiة واألمريكيiة الشiمالية (والتركيiة!). وأصiبح شiائعا في بالد الجنوب الفقير التوجه إلى اإلسالم والبالد العربية، والمسلمون في "موريشiيوس" – الiiذين ينحiiدرون من مسiiلمي الهنiiد- بiiدءوا في ارتiiداء الجالبيب القطنيiiة البيضiiاء الطويلة، ويقولون أن لغة آبائهم هي العربية عندما يجiiرى إحصiiاء سiiكاني. لقiiد بiiدأ العالم اإلسالمي يبدو وكأنiiه " قiiوة عظمى" ثالثiiة بجiiانب الرأسiiمالية واالشiiتراكية. ورغما عن أن البالد اإلسالمية مسiiتمرة في التفiiرق واالنقسiiام؛ إال أنهم يبiiدون في بعض األحيان وكأنهم أمة واحدة تربطهم عناصر قوة. ولقد نالت مأساة األسiiرى في

-1979طهiiران – بعiiدما اسiiتولى رجiiال الiiدين (آيiiات اللiiه) على الحكم في عiiام اهتمiiام وانتبiiاه عiiالمي عظيم( وطبعiiا فقiiد كiiانت الوجiiوه البيضiiاء من الشiiمال األمريكي هي المعرضة للخطر). ويمكن أن يذكر أيضا في هذا السياق أيضا السلوك العدائي الذّي وجه إلى الغرب من قائد الدولة الليبيiة القiذافي (بiالرغم من أنiه في الحقيقة رجل عسكرّي وليس إمام ديiني)، وكiذلك العنiف السياسiي الiذّي صiاحب محاوالت "منظمة التحرير الفلسطينية" العلمانية للتحرر والiiذّي وجiiه إلى المصiiالح الغربية، وإحياء الشعارات الدينية المناهضة للغرب مع الهجوم الشديد على أسiiاليب حياة المجتمعات الغربية االستهالكية المتفسخة. كل ذلك شارك في تكiiوين الصiiورة الحالية المشوشة – لكنها مؤثرة وفاعلة- عن اإلسالم، والتي تظهره كمنافس ومتحد للغرب. ومن اآلن فصاعدا؛ فان المسلمين لن يiiتركوا قiiوى االسiiتعمار السiiابقة، أو اإلمبريالية العالمية المسيطرة اآلن، أن تعتبرهم كما مهمال ال يحiiترم، ولن يقبلiiوا أن يكونوا لقمة سائغة لهم. لقد اثبت الغاضبون الذين ال يهابون المiiوت من المسiiلمون

ميالديiiة أنهم قiiادرون على إصiiابة الواليiiات2001في الحiiادّي عشiiر من سiiبتمبر المتحiiدة - المستعصiiية على النيiiل منهiiا - في قلبهiiا. لقiiد اسiiتخدموا إسiiتراتيجية عسكرية غير معهودة، وال تقليدية، طائرات مدنية، وبعض األفراد المغسولة أدمغتهم

من االستشهاديين.

198

III

لiiو القينiiا نظiiرة محايiiدة - مثال من القiiرى في أفريقيiiا الوسiiطى أو من مجتمiiع هندوسي- من الخارج، فسوف نجد أن هناك من العناصر المتوائمiiة الiiتي توجiiد بين المسيحية واإلسالم أكثر من تلك التي تفرق بينهما. فكل األديان الكبiiيرة الiiتي نبعت من غرب آسيا تعتiiبر إبiiراهيم (عليiiه السiiالم) أب لهiiا، ويحiiترمون نفس الكثiiير من

األنبياء، ولكنهم يختلفون – كما هو معروف- في نظرتهم إلى األنبياء اآلخرين .

بالنسبة للمسلمين فان المسيح عيسى (عليه السiiالم) ولiiد في متواليiiة من األنبيiiاء من ساللة إبراهيم وموسiiى، والبiiاحثون اإلسiiالميون يiiذكرون أن المسiiيح قiiد بشiiر بمجيء نبي من بعده اسiiمه أحمiiد (أو محمiiد). هiiذه الرؤيiiا واالعتقiiاد ليس مقبiiول بالطبع عنiiد المسiiيحيون، فالمسiiيحيون يiiرون أن المسiiيح هiiو المخلص، وابن اللiiه الوحيiiد. ومنiiذ العصiiور الوسiiطى األوروبيiiة – خاصiiة في القiiرن الثiiاني عشiiر- والمسيحيون يدحضون أن هناك نبي جاء بعد المسيح ويأتوا بiiالبراهين والحجج الiiتي تدعم عقيدتهم، وأدانوا واستهزؤوا بالقرآن وبالمسلمين. أما من ناحية اليهود فiiإنهم

مازالوا ينتظرون المسيح المخلص.

الكثير من المصادر والمراجع الالتينية من العصور الوسiiطى األوروبيiiة المكتوبiiة عن اإلسالم تحاول أن تؤكد وتثبت بأسلوب شديد التأثير أن اإلسالم تجد فيه رغبة عارمة للجنس (هنا يجب تذكر أن كتاب هذه المراجع غالبا ما كانوا من الرهبان الiiذين ليس

)، وقبiiول القiiرآن المشiiروط للجمiiع بين أربiiع12لهم حiiق في ممارسiiة الجنس)(�فÉخ� فيiه لدرجiة انiه لم يعiد يمكن التعiرف على وه� ون �iوقت؛ شiات في نفس الiزوج حقيقته. وأصبح الشائع المفهوم أن كل الرجال يستطيعون اقتناء العدد الذّي يرغبونه

) عنiiدما تقتضiiىProstituteمن النساء ، وال مiiانع من اللجiiوء إلى بائعiiات الهiiوى (الحاجة.

وهكذا اتهم المسيحيون الرجال المسلمين – على نحiiو تقليiiدّي- بiiأنهم زنiiاة لدرجiiة شنيعة ورديئة. واليوم فان الصورة معكوسة تمامiا، فالمسiلمون هم الiذين يصiفون األوروبيين بنفس الصورة النمطيiة بiأنهم عبيiد لرغبiاتهم الجنسiية، وخاصiة النسiاء يهبiiون الجنس ألّي طiiالب. في العصiiور الوسiiطى اعتiiبر المسiiيحيون المسiiلمين ماديين، عبيدا لشiiهواتهم الماديiiة، بينمiiا نظiiر المسiiلمون إلى "الفرنجiiة" على أنهم

impure"أنجاس" ( ‘ rottenورةiiوم فالصiiون. اليiiال حس لهم وال شعور، متخلف ( معكوسة تماما.

وفي ناحية المجال العقدّي الديني فقiد ثiار جiدال آخiر. هiل القiرآن وحى من عنiد¦ لدرجiة أنiه ال الله؟ المسيحيون يعتقدون أن األسلوب الiرتيب الممiل للقiرآن سiيئا يمكن أن يكiiون إلهي المصiiدر. هiiذا النقiiد كiiان- بiiالطبع – صiiادرا من المiiدارس الالهوتية (السكوالستية) المحبة للمقارنة بين األديان والتصنيف والمنطق. هذا النقد- يمكن بدون الكثير من الجدال- أن يعتبر راجعا إلى نقص وسوء فهم ألساليب التعبير في النص العiiربي. مثiiل هiiذا النقiiد في الحقيقiiة لiiه مثيiiل في أيامنiiا الحاليiiة،

199

فاألوروبيون يبدون نظرة غير حكيمة بالمرة عندما يواجهون "بأسلوب حياة" مخالفiiا لمiا تعiودوا على رؤيتiiه في المجتمعiات األوروبيiiة. وإن أردت وصiف هiذا السiلوك

). ويقينiiا فiiان مiiترجميethnocentricبكلمiiة دالiiة ومعiiبرة، فهي "النرجسiiية" ( النصiiوص الثقافيiiة للمجتمعiiات اإلسiiالمية في العصiiور الوسiiطى غالبiiا مiiا شiiوهوا

الثقافة والعادات والعقائد اإلسالمية، تماما مثلما يفعل أوروبيون اليوم.

¦ لقد اتخذت أيضا سيرة حياة محمد (عليiiه الصiiالة والسiiالم)، ونشiiأته، ونسiiبه، دليال قاطعا على عدم صحة ما جاء به من علم، فهو ينتسiب إلى إسiماعيل، وذلiك الولiد

) ¦ ). إلي جانب ذلiiك فiiانidolatryyغير الشرعي إلبراهيم والذّي كان هو اآلخر وثنيا¦ غير مقبول بالمرة إذا ما اعتبرنiiا محمد (عليه الصالة والسالم) قد أبدى شبقا جنسيا العقيدة المسيحية هي المعيار. وربما فإن هذه النقطة بالiiذات تجعiiل اإلسiiالم أكiiثر

) الحiiاليين عن المسiiيحية (دعنiiاateisterجاذبيiiة للمiiاديين العلمiiانيين األوروبiiيين (نقول: على األقل بالنسبة للرجال).

هناك شبة أخرى تثار ضد اإلسالم، وهي شبهة حديثة لم تكن ذات أهمية في العصور الوسiiطى، إال أنهiiا اآلن أصiiبحت قضiiية مركزيiiة وأساسiiية، مكانiiه المiiرأة في المجتمعات اإلسالمية. وهذا الموضوع أصبح يتكرر ذكره بكثرة لدرجة السiiخافة، في

الدراسات المتخصصة للمجتمعات اإلسالمية .

فبالرغم من كون انه صحيح أن كثيرا من النساء المسلمات يعتبرون الحجاب محررا لهم ، ألنهم بذلك يتخلصiiون من نظiرات الشiهوة الصiiادرة من عيiiون رجiال نهمiة. وبiiالرغم من كiiون أنiiه أيضiiا صiiحيح، أن بعض النسiiاء الالتي يرتiiدين لباسiiا يخفي الجسم كله، يعتبرونiiه لباسiiا ديمقراطيiiا، ألنiه ال يفiرق بين النسiاء الجذابiة واألقiل جاذبية (وعلى كل حال فان ذلك اللباس لم يأمر به القرآن، فالمiiأمور بiiه أن كال من الرجال والنساء يجب أن يرتدوا مالبس محتشمة ذات وقiiار)، بiiالرغم من كiiل ذلiiك فإنه – دون شك- صحيح أن النساء عموما ال يعاملون في المجتمعات اإلسالمية على أن لهم نفس القدر والقيمة مثiiل الرجiiال(وهiiذا القiiول سيعارضiiه أيضiiا كثiiير من اإلسiiالميين، ألنهم سiiوف يشiiيرون إلى أن "القiiدر والقيمiiة" ال تعiiنى بالضiiرورة " التماثل والتساوّي"). فاإلناث من األبناء يرثون أقل من إخوانهم الiiذكور. و المiiرأة ال تستطيع الزواج من أكثر من رجل واحد، بينما يسiiتطيع الرجiiل الجمiiع بين أكiiثر من زوجة. والنساء عموما ال يسمح لهم – عمليا - بناء "تخصصا مهنيا" ذو طابع مسiiتقل. هذا ال يعنى بالضرورة أن المرأة المسلمة ال يمكن أن تتخذ لنفسها مهنة أو وظيفة ، لكن المقصود أن هناك قيود اجتماعية قوية، وإطار من العرف يحد من قدرة النساء على أن تكون مستقلة اقتصاديا واجتماعيiا عن زوجهiا (أو أبيهiا أو أخيهiا إن لم تكن

متزوجة).

هذه األطر والقيود في الحقيقة لهiiا أصiiول ثقافيiiة من العiiادات والتقاليiiد، وعالقتهiiا بالدين واهية إن لم تكن معدومة. فمن السهل أن نجد آيات في القرآن تعطي قيمiiة

200

(وهiiذا سiiوف يؤكiiد- إن كiiان ذلiiك *ومكانة أكبر للمرأة منها في الكتاب المقiiدس ضروريا- أن الممارسة الدينية ليست مطابقة تماما مع النصiiوص المقدسiiة) . فتبعiiا لما يقوله القرآن فالرجل والمرأة خلقiiا في نفس الiiوقت. بينمiiا في كتiiاب موسiiى األول من التوراة – الجزء الذّي يتحدث عن الخلق- فإن المرأة خلقت من أحد ضلوع

. *آدم

، كمiiا*وفى القرآن – أيضا- فالرجل هو الذّي دعا المرأة ألكل التفاحة وليس العكس هو الحال في التوراة. فضiiال عن ذلiiك فقiiد لوحiiظ أن المiiرأة اإلنجليزيiiة قبiiل عiiام

م لم يكن لهiiا من الحقiiوق أكiiثر ممiiا ستحصiiل عليiiه تبعiiا لتعiiاليم القiiرآن.1860 والمرأة اإلنجليزية – كما هو معروف- " قتلوها صبرا" في تشريعات باليiiة، ولفiiترات طويلة. وكانت هذه التفرقiiة، واإلهمiiال، نتيجiiة لعقيiiدة راسiiخة عميقiiة، بiiنيت على

ظواهر الفروق الجنسية بين الرجل والمرأة.

إلي جانب ذلك فإن بعض األكiiاديميين في "مiiدارس الالهiiوت" ينتقiiدون المسiiلمين لفلسفتهم، ومنطقهم المتنiiاقض. فبينمiiا هم على وجiiه العمiiوم مسiiالمون؛ إال إنهم

) على أسiiس دينيiiة. وفى الحقيقiiة فiiانjihadيiiبررون العنiiف والقتiiال (الجهiiاد – اإلسالميين يستطيعون توجيه نفس االنتقاد للمسiiيحيين وبدرجiiة اكiiبر ملحوظiiة من العبء األخالقي: فكيiiف أن الiiدين المسiiيحي – نظريiiا- يiiدعو إلى المحبiiة، وعمiiل الخير، وحب اآلخرين ، حiiتى األعiiداء، إلى درجiiة أنiiه يiiأمر بiiإدارة الخiiد األيمن لمن يضرب على الخد األيسر، ولكنهم عمليا يشنون حروبiiا دون انقطiiاع على اآلخiرين؟

Normanهذه المالحظة سجلها "نورمان دانيال" ( Daniel، المiiاحث في اإلسiiالب ( ويظهر هذا التناقض بدرجiiة شiiديدة الوضiiوح عنiiدما ينظiiر إلى السياسiiة الخارجيiiة

للواليات المتحدة األمريكية حيث كوابح خلط الدين بالسياسة اقل منها في أوروبا.

IV

إن تصادم الحضارات القائم اآلن بين العالم اإلسiiالمي من ناحيiiة، وأوروبiiا – أمريكiiا الشمالية (أو لنقل الغرب) من ناحية أخرى، له طبيعiiة أخiiرى وشiiكال مختلiiف عمiiا كان عليه في القرون الوسطى. لنعتبر وجهiiة النظiiر المسiiيطرة والسiiائدة اآلن في

ساوى القرآن بين المرأة والرجل في القيمة اإلنسانية، وإن اختلفا في الوظيفة البيولوجية ** واالجتماعية، واالختالف بينهما نتيجة للوظيفة االجتماعية دون المساس بالقيمة اإلنسانية، والحقوق

والواجبات التي يوكلها المجتمع لكل منهما. أما المجتمعات اإلسالمية فحقا وصدقا فقد ظلمتالمرأة في كثير من المناحي – المترجم

وصف القرآن لعملية الخلق المقابل لوصف العهد القديم المذكور، هو "خلقكم من نفس واحدة **وخلق منها زوجها" – المترجم

في القرآن، الشيطان هو الذّي وسوس لكل من آدم وحواء، وكالهما أكال من الشجرة - وليست ** التفاحة – ولم يبين أيهما أكل أوال، أو أيهما دعا اآلخر لألكل، وبالتالي فإن خطأ معصية األمر اإللهي

كان من االثنين، أو من يمثلون الجنس البشرّي، إال أن الله سبحانه، غفر لهما، لكن أمرا بالهبوطوالخروج من الجنة – المترجم

201

أوروبا. النظرة الحالية تعتبر أن التصادم – الواقع اآلن - ليس دينيا، لكنiiه بين مبiiادئ الليبرالية الفردية، والدين المختلط بالسياسiiة (وسiiوف اصiiف ذلiiك الحقiiا بتفصiiيل نسiiبى اكiiبر). وبالنسiiبة لكثiiير من األوروبiiيين؛ فiiان الفiiروق الدينيiiة بين اإلسiiالموالمسيحية ليست هي المهمة، بل إن ما يجب أن يحسب له حساب هو "المعيiiار" (

normativeةiذه الناحيiة. في هiالذّي تقام عليه، أو "اإلطار" الذّي يحتوّي السياس ( فiان أوروبiiيين اليiiوم– عمومiiا- يحiiرزون تقiدما على منتقiدّي اإلسiiالم في العصiiور الوسطى، فiiاألوروبيون قiiد اتخiiذوا العلمانيiiة منهجiiا لحيiiاتهم، وبالتiiالي ال يجب أن يشiعروا بصiدمة من العقائiد اإلسiالمية. كiذلك فهم ليسiوا في حاجiة إلي اسiتنفاذ طاقتهم في محاولة إثبات أن الدين المسيحي دين أفضل، فبإمكاننا اليوم أن نناقش كل الخالفات العقائدية المعقدة بهدوء ودون حساسية. تبعا لذلك فإن األوروبيين مiiع "المثقفين المتحررين" في البالد اإلسiiالمية؛ يسiiتطيعون أن يتوافقiiوا على " قاعiiدة ثقافية علمية" لتفهم األسباب التي أدت إلى نشiiوء "الiiدين السياسiiي" في منطقiiة غرب آسيا، وتفهم أسباب نظرات الغرب العدائية لإلسالم، ونحاول أن ننتقiiدهما في إطار من المرونiiة الفكريiiة، واألخiiذ في االعتبiiار كiiل العوامiiل واألقطiiاب المiiؤثرة، ونتبادل وجهات النظر المختلفة. إن الحرب ليست قائمة بين الغرب واإلسiiالم ولكن بين وجهiiات النظiiر المنغلقiiة المتزمتiiة في كال الجiiانبيين. والواقiiع أن الغالبيiiة من الطرفين مسالمون، ومرحبiiون للحiiوار، لكنهم – لألسiiف- يحشiiرون في وضiiع غiiير

مريح للغاية؛ الغالبية العظمى تريد تجنبه.

دون تفهم ثقافة "اآلخر"، وبدون إيجiiاد قاعiدة من الحiiوار واالحiترام المتبiiادل فiان العديد من األوروبيين واألمريكيين الشماليين- لألسف العميق- يسكبون الiiزيت على النار، واألوروبيون يعلمون جيدا مبiiادئ الحريiiة، والديمقراطيiiة، واالحiiترام المتبiiادل الذّي تبنى عليهم مجتمعاتهم. وهذه القواعد هي نفسها الواجب اسiiتعمالها للتواصiiل

مع "اآلخر".

دعونا – بداية- نقولها بالطريقة اآلتية: تبعا ألقوال المتخصصون؛ فان نباتiiات الiiبيوتالزجاجية حساسة للموسيقى. لو عزفنiiا لهiiا معزوفiiات من موسiiيقى "مiiوزارت" (

Mozart،وiiرع في النمiiالناعمة الهادئة - فرضا؛ فسوف تتفتح أوراقها وتتسع، وتس ( وتخرج أزهارها، وتمأل المكiiان بعبقهiiا المنعش. وعلى العكس لiiو عزفنiiا موسiiيقى"

) الصاخبة - في بيتها الزجاجي الذّي تنمو فيه بسiiكينة وهiiدوء-؛ ألبiiدتJazzالجاز" ( رد فعلها بان تنكمش وتتكور مثل رأس نبiiات الكiiرنب، وتتكiiور، وتبiiدو وكأنهiا نiiدوبا باقية على أنسجة النبات. بنiiاء على هiiذه المعلومiiة ووجهiiة النظiiر الصiiحيحة؛ فiiإن المiiرء ال يسiiتطيع إال أن يسiiأل:" كم من المiiرات عiiزف المسiiيطرون علي أقiiدار النiiاس، والiiذين هم بيiiدهم اتخiiاذ القiiرار، موسiiيقى "مiiوزارت" الناعمiiة الهادئiiة، للتابعين الiiذين ال حiiول لهم وال قiiوة، وال يسiiتطيعون اتخiiاذ قiiرار لشiiيء ذّي بiiال؟ وعلينا أن نتفهم رد الفعل والمقاومة والرفض التي يبديها هؤالء الذين تفiiرض عليهم

األشياء.

وبصفة عامiiة علينiiا توقiiع أن البعض ممن تفiiرض عليهم األشiiياء؛ سiiوف يتحفiiزون ويتخذون مواقف رافضة، رغمiا عن أن "المفiروض" من الخiiارج يمكن أن يكiiون –

202

من حين آلخر- مفيدا لهم، وهم يؤمنون بذلك في أعماقهم. فمثال كل الذين يرفضون (mechanismاالمتنiiiiاع عن التiiiiدخين يفهمiiiiون الميكانيكيiiiiة السiiiiيكولوجية

(psychological.التي يبنى عليها الرفض

لماذا يرفض البشر أن يتقبلوا النصائح الجيدة؟ ألن النصائح تسiiمع وكأنهiiا موسiiيقى اإليقاع الصاخبة المزعجة، فرضت عليهم، وسiiقطت على رؤوسiiهم من الخiiارج. إن مدير العمل – أّي مدير - الناجح هو الذّي يستطيع أن يجعل نظام ومتطلبiiات العمiiل تعiiزف وكأنهiiا موسiiيقى "مiiوزارت" صiiادرة من آلiiة موسiiيقية واحiiدة، وهiiو الiiذّي يستطيع جعل العاملين معه يعتنقون فكرة، وهم يتصورون انiiه فكiiرهم . في سiiبيل ذلك عليه أن يتعلم أن يستمع وليس أن يتكلم فقiiط. وبنفس األسiiلوب من التفكiiير

يقال أن أفضل الكتب العلمية هي التي تجعل القارئ يحس انه نابغة عبقرّي.

إن البشر كثيرا ما يرفضون قبول " شيء" جديد، بالرغم من علمهم بأنه مفيiiد لهم. هذا الرفض يتعلق بخاصة في طبيعة اإلنسان، غالبا ما تسiiمى "الزهiiو" أو "االعتiiداد

challenge to fight orبالذات" أو خاصة "الدفاع عن قضية أو عقيدة يؤمن بها" (maintain a cause: و "تحدى" الجديد، هذه الخاصة يمكن تبسيط وصفها بأنها (

"احترام الذات". ولشرح هذه الطبيعة اإلنسانية، دائما ما يضرب مثال واقعي بشكل منتظم، وهو الحملة القومية ضد التدخين. فبالرغم من إن الباحثين المتخصصين في الطب يجزمون - ومنذ فترة طويلة - بان عادة التدخين ليست صiiحية؛ إال إن انطالق الحملiiiiة رسiiiiميا لم يبiiiiدأ إال في أواسiiiiط السiiiiبعينيات. ففي كثiiiiير من البالد البروتسiiتانتينية _ وفى الiiنرويج أكiiثر من أّي بلiiد آخiiر- اتخiiذت وسiiائل لمحاربiiة التدخين، كان منها منع اإلعالن عن الدخان، وفرض ضiiرائب شiiديدة العلiiو، وحمالت إعالمية متكررة وجهت للفئات العمرية المختلفiiة من مiiراهقين وناضiiجين على حiiد سواء. وفى بداية حمى هذه الحملة، وأثناء الحماس الشديد، قدمت اقتراحات جديiiة في أن يفرضوا رقابة على المطبوعات األجنبية الiiتي تحتiiوى على إعالنiiات للiiدخان والسiiجائر. وفى العقiiدين الفiiائتين – ومiiازالت - تضiiاعفت حملiiة الدولiiة على "الشيطان النيكوتيني"، كثير من األمiiاكن العامiiة في الiiنرويج أصiiبحت "بال دخiiان".

منiع التiدخين تمامiا في جميiع المطiاعم والبiارات. ونتصiور أنهiا2004ومن يونيو مسألة وقت فقط قبل أن يصبح التدخين محرما أيضا في األماكن المفتوحة والبيوت الخاصة. وسيظل وضع يثير الفضول والتساؤل حقا، فسيبقى مسموح بشراء وبيiiع " الiiدخان"، ولكن – ربمiiا- سiiتتكلف علبiiة بهiiا عشiiرون سiiيجارة عiiدة مئiiات من الكرونiiات. ويiiتراوح سiiعر الكرونiiة حiوالي سiiدس دوالر أمiiريكي. وعلى كiل حiال فسيظل موضوع التدخين حاضiiرا في حياتنiiا، ومحiiرم علينiiا أن ننسiiاه أو "ندخنiiه". وسيصبح مثل محاوالت حل قضية البغiiاء، ففي الiiنرويج مسiiموح بiiان تiiبيع الجنس،

ولكن ممنوع أن تشتريه.

كiiل المiiدخنون يعرفiiون أن التiiدخين مضiiر بالصiiحة، وعلى الiiرغم يسiiتمرون في التدخين. لقد مثل هذا لغزا للمسiiئولين في الدولiiة، فبiiالرغم من مiiرور ثالثين عiiام تقريبا من بدأ الحملة اإلعالمية ضد النيكوتين؛ إال أن النتيجة كiiانت متواضiiعة، وعiiدد

. صiiحيح أن1975النرويجيون الذين يدخنون اليوم، فقط اقل قليال ممiiا كiiانوا عiiام

203

بعض التغيرات الديموغرافية قد حدثت، لقد قل عدد الرجال، بينما زاد عiiدد النسiiاء، وأصiiبحت العiiادة بدرجiiة متزايiiدة - مثلهiiا مثiiل الكثiiير من البالد األخiiرى- مرتبطiiة بشرائح اجتماعية من العاملين وقاطني القiiرى والنجiiوع. ورغمiiا عن ذلiiك؛ فمiiازال المسئولون يبررون النتيجة بالقول: "من الصعب أن نرى نتائج ملموسة على المiiدى القصير من هذه الحمالت اإلعالمية، والقرارات العمالقة ضد التدخين" (بغض النظiiر عن انه يمكن أن يكون صحيحا – نظريا- أن عiدد المiدخنون كiان سiيزداد دون تلiك الحمالت اإلعالمية). والواقع اآلن؛ إن النرويجiiيين أصiiبحوا مجتمعiiا في الطريiiق الن يصبح حليفا للتدخين. ويوجد اآلن من يمكن تسميتهم "مدخنو حفالت األنس"، هiiؤالء يعملون ويعانون طوال األسبوع؛ وفي إجازة نهاية األسبوع يحتفلون بتiiدخين علبiiتين من السجائر، وال مانع من بعض كؤوس البيرة. مiiع العلم أن الكحiiول لم يصiiبح بعiiد "الفاكهة المحرمة" بنفس الدرجة التي وصل إليها التiiدخين، وبالتiiالي ال يجلب نفس أجواء البهجة واالحتفال. لقد طور المدخنون – ومنذ فترة طويلة - " هوية جماعيiiة "

Georgقوية وعميقة تتوافق مع قاعدة "جورج سيمل" ( Simmelاعيiiعالم اجتم ، ) والتي تتحدث عن: أن1918 ، 1858وفيلسوف ألماني، عاش في الفترة ما بين

التوائم والتناغم الحادث بين أفراد الجماعة؛ يتوقف على الضiiغوط الخارجيiiة. فنحن كبار اليوم، كنا الجيل األول- وربما يكون األخiiير – الiiذّي اضiiطر اجتماعيiiا أن يiiدخن بعيدا عن األنظار في السر، بداية بعيدا عن أنظiiار آباؤنiiا، ومiiؤخرا بعيiiدا عن أنظiiار

أبناؤنا.

). ففيossi-nostalgiaمثال آخر يوضح الميل البشرّي إلى "الحنين إلى الماضي" ( بلد ع�رفت من قبل باسم ألمانيا الشرقية؛ فiiان معظم األلمiiان فيهiiا على يقين بiiان النظام الحالي أفضل من النظام السابق. رغما عن ذلك؛ يمكن للمiiراقب أن يسiiمع تنهدا عميقا من القلب، وتعبيرات شوق وحنين من بعض هؤالء الذين يعيشون شiiرق الحدود القديمة. رغما عن أنهم ال يقولون أن النظام السابق هو األفضل، ويعiiترفون أن قيمة الفرد لها تقدير أفضل حاليا؛ إال أنهم يشعرون – في النظiiام الحiiالي – إنهم " فتية صغار" بدءوا في التعلم من جديد في وطنهم. مثلهم في هذا مثل المiiدخنون. فمعظم المدخنون يؤمنون أن الحياة بال تدخين هي االختيار الصiiائب لiiو أن اإلنسiiان

مهتم بصحته البدنية .

اليوم، الكثير من المهاجرين القادمين من بالد العالم الثالث إلي البالد الغربية الغنية، يiiرددون من حين ألخiiر:" نعم كنiiا فقiiراء ولكن لنiiا كرامiiة ". اليiiوم البعض منهم ال ينقصهم الزاد، عنiده األمن المiادّي؛ لكن يعيش على الضiمان االجتمiاعي محبطiا ال يحس أن له قيمة. مثل هذه المشاكل االجتماعية الموجiiودة – مثال في حي "جiiرون الند" في القطاع الشرقي من مدينiiة أوسiiلو حيث تiiتركز نسiiبة األجiانب – يجب أن تقرأ وتفهم في هذا اإلطار " االجتمiاعي النفسiي". هiذا التحليiل ينطبiق أيضiا على سكان استراليا األصليين وعلى الكثiiير من الهنiiود في أمريكiiا الشiiمالية. نسiiمع من حين آلخر من يقول: " إن الفروق الثقافية بين المجتمع الحديث والمجتمع التقليiiدّي جد كبيرة، وبالتالي فسوف يظل المهاجرون عالقون في "جيب ثقiiافي" ال قiiاع لiiه، في الوسط بين عالمين. مثل هذا الiرأّي ليس صiحيحا أو خاطئiا على وجiه مطلiق. فهiiو غiiير مطiiابق للواقiiع، عالوة على انiiه قليiiل الفائiiدة لحiiل مشiiاكل االنiiدماج و

204

التواصل. فالمشكلة ال تكمن في درجة االختالفiiات الثقافيiiة، ولكنهiiا تكمن في عiiدد الفرص المتاحة لهم، وهذا هو ما يقرر مدى وكيفية مشاركتهم في المجتمع الحديث. فلو أحس المهاجرون أنهم منهزمون حضاريا وثقافيiiا؛ فسiiوف يتحولiiون في الواقiiع إلى عالة على مجتمعiiاتهم، ولن يشiiعروا بحس التملiiك الشخصiiي لحصiiاد المدنيiiة،وبالتالي يفقدون الشعور بواجب اإلدارة والتصرف بمسئولية تجاه الحداثة وحصادها.

لو أن ذلك الذّي ذكرته حتى اآلن صحيح؛ فان آخر شيء يحتاجiiه العiiالم الغiiربي هiiو اتخاذ موقفا ساخرا مسiiتهزئا من المجتمعiiات اإلسiiالمية. فالمواجهiiة بين "الغiiرب" و"اإلسالم" ليست حتمية، فالحتمية ال تأتى إال بقدر ما يصنعها اإلنسان. لقد ظهر في أجيال سابقة في البالد اإلسالمية قيادات إصالحية، ال يتبعون األسلوب الكهنiiوتي في الحكم، ويتطلعون إلى الحداثة. والمثال القريب الواضح في العصر الحديث هو- دون

شك - جمال عبد الناصر.

ومنذ رحيل عبد الناصر فان العديد من البالد اإلسالمية تعرضت إلحبiiاط تلiiو إحبiiاط، سواء كان محليا، أو فرض عليهم من الخارج. وأقصى ما يقدمiiه الغiiرب للمسiiلمين فقط هو مطالبتهم بأن يكونوا نسخة مطابقة لهم . وأسوأ ما في سياسة الغرب، هو الدعم الغير محدود لسياسة إسرائيل تجاه الفلسطينيين، كiiذلك التعiiاون المزخiiرف

مع الطبقات الطفيلية في المجتمعات اإلسالمية.

ليس من الصعب إذا تفهم رد فعل المسلمين على هذه السياسة. وهو يشبه رد فعل الكاتب على الحملة التي أدارتها مؤسسiiات الدولiiة على التبiiغ والتiiدخين، فلiiو كنت اقبل أن أكون مثلما يريدونني أن أكون، فيجب أن افعiiل ذلiiك بيiiدّي ال بيiiد عمiiرو!. ومثلما يفكر الفرد في الشمال األوروبي من حيث مقاطعة التدخين، يفكر - وبدرجiiة كبiiيرة - كمiiدخن أوال ، ثم بعiiدها يفكiiر كانسiiان؛ كiiذلك فiiإن كثiiير من المسiiلمين

يفكرون كمسلمين أوال. وهذا ينسحب أيضا على الكثير من العلمانيين.

وحتى أبرهن على أن ذلك ليس " شطحة فكريiiة فارغiiة "، فسiiوف أعطى مثiiالين. بعiiد إسiiقاط حكم طالبiiان، واالسiiتيالء على الحكم في أفغانسiiتان، تحiiدثت وزارة

)، وبغض النظiرKabulالخارجية األمريكية عن" تعيين " حكومة في العاصiمة كابiل( عن رأى� األفغاني العادّي في إدارة طالبان للبالد، فان المiiرء رجال كiiان أم امiiرأة لم يكن متحمسا لفكiiرة أن قiiوة عظمى خارجيiiة غريبiiة عنهم سiiوف " تعين" حكومiiة لبالدهم. واليوم نرى الكثير من األسiiباب الiiتي تجعiiل الديمقراطيiiة بثيابهiiا الغربيiiة؛ ليست هي الراجحة في أفغانستان، وسوف يكون من المستغرب أن حكومة أفغانية عنيت بواسطة الواليات المتحدة وبريطانيiiا العظمى، وتحت حمiiايتهم العسiiكرية، ال

).quisling regimeتعامل وال ينظر إليها من معظم األفغان كحكومة دمية عميلة (

" إن السيئ منا أفضل من سيئ أعداءنا " ، هكذا يكون منطق الشعوب المستعمرة (يضم الميم األولى وفتح الثانية )، باستثناء – طبعا – المنتفعين من األفراد المعيiiنين في المواقiiع الحكوميiiة والرسiiمية. لقiiد فسiiرت الحملiiة العسiiكرية المشiiتركة "

على أنها تكiiرارا للحملiiة2003األمريكية – البريطانية "، وجوسهم خالل بغداد ربيع

205

ميالدية. وضح ذلك عندما خiiرج أصiiحاب اللحى1917البريطانية التي تمت في عام من الرجiiال، والمنقبiiات من النسiiاء الشiiيعة، في مسiiيرات وهم يحملiiون األعالم المرسوم عليها صور القيادات الدينية التي تشبه آية الله الخميiiني. وكiiان ذلiiك بعiiد سقوط نظام صدام حسiiين. وسiiيكون الفiiرد منiiا شiiديد الجهiiل بالتiiاريخ العiiراقي،

وبتأثير وقوة اإلحساس باالمتهان؛ لو فوجئ بمثل هذه المسيرات.

لم يكن صدام حسين يقينiiا يمثiiل ضiiمانا لحقiiوق اإلنسiiان - تمامiiا مثلمiiا أن يكiiون التiiدخين يمثiiل ضiiمانا لطiiول العمiiر والصiiحة - ولكن ذلiiك لم يمنiiع الماليين من المطالبة بحقوقهم وحرياتهم. فلو أرادوا التوقiiف عن التiiدخين فيجب – على األقiiل- أن يكiiون ذلiiك بأسiiلوبهم وشiiروطهم، وليس بأسiiلوب الدولiiة، وال منظمiiة الصiiحة العالمية. وعالوة على ذلك فان عددا غير معلوم من العراقiiيين فكiiر بأسiiلوب آخiiر. نعم، لقد كان صدام حسين سiيئا، لكنiه كiان قائiدا قويiا حكيمiا، بiدليل انiه تصiدى للقوى العظمى نفسها. نفس هذا القدر العالي من التقدير واالحترام، هو الذّي يلقاه " فيدل كاسiiترو" في جiiزر الكiiاريبي، ويرجiiع لنفس األسiiباب، وذلiiك رغمiiا عن أن

الكثير من الهنود الغربيين ال يستطيعون التفكير في العيش في كوبا الديكتاتورية.

إن اإلحساس باإلهانة يولد قوة دفع سياسية. هذا الموضوع نادرا ما عiiرض للنقiiاش والحوار، ونادرا ما اعترف به. رغما عن ذلك فهiiو شiiديد األهميiiة؛ لدرجiiة انiiه يiiدفع مثقفiiات، مفكiiرات من المنiiادين بالمسiiاواة بين الجنسiiين يقبلiiون، بiiل يؤمنiiون بأسطورة " الرحم " الالعقالنية. وهو الذّي يجعل أمريكيين سود ذو ثقافة ودرجiiات�علي من قiدر الثقافiة األفريقيiة، �مiيز وت علمية عالية؛ أن يختلقiوا قصiص وروايiات ت رغما عن عدم وجود وثائق تؤكد صحتها. وهو الiiذّي يiiدفع العقالنiiيين من البشiiر إلى التمسك واالستمرار في التدخين المدمر للصحة، يحاورونك ويسلمون بضرره، وبعiiد لحظiiة يشiiعلون السiiيجارة. وفي وقتنiiا الحاضiiر عنiiدما يريiiد الغiiرب الحiiديث عن اإلسالم، فغالبا ما يتحدثون " عن، والى " المسلمين وليس "معهم". وفي عالم كائن فيه صراع على ثروات من احترام الذات، واالعتراف بiiاآلخر وقبولiiه، يسiiتحيل على

مثل هذه الممارسة أن تؤدى إلى نهاية طيبة سعيدة.

V

اآلن ومنذ ما يزيد على خمسمائة عام تقريبا، فان األوروبيين واألمريكيين الشiiماليين يسيطرون على العالم سياسيا، واقتصاديا، وثقافيا. وربما يكiiون قiiد آن األوان لهiiذه السiيطرة أن تنتهي. وربمiا يتم ذلiك إمiiا عن طريiiق الهجiiرة أو عن طريiق انتقiال

). ومiiا على المiiرء إذا إال أن يتمiiنى،13مراكز الثقل االقتصiiادية والجيiiو- سياسiiية (�طiiو�ر، وتواصiiل، مiiا ويأمل، ويرجو، أن تكون مراكز قوى السيطرة القادمة تتبنى، وت هو األفضل في المجتمعات األوروبية واألمريكية الشiiمالية، من حيث مبiiادئ احiiترام الحياة، والكرامة اإلنسiانية، واألنظمiة النزيهiة المتوازنiة، ومبiادئ حقiوق اإلنسiان.

)، و"doubtوليس أدنى أن تتبنى أساليب الفكiiر العقالني المبiiنى على " الشiiك " ( ) التي تؤمن بوجود الخير والشر، والiiتي وصiiفهاdualismثنائية القطبية" (االثينية -

سلمان رشدّي في رواياته بأسلوب أكثر إقناعiiا من كال من أسiiوأ كارهيiiه، أو اقiiرب

206

مهنئيه. ومن المأمول أيضا أن تتعلم مناطق النفiiوذ، والهيمنiiة المتوقعiiة من أخطiiاء األوروبيين، أخطاء® مثل: النظرة التكنوقراطية العمياء المفرطة في التفاؤل، وفقدان الرغبiiة في التضiiامن مiiع اآلخiiر، والشiiعور بiiه، والطبقيiiة، والالمبiiاالة والسiiلبية ، والتنظيم المؤسساتي الزائد عن الحد المولد للضغوط الحياتية، والمسبب لألمiiراض العصبية، وتزايد نسب معدالت الجريمiiة، والعنصiiرية المفرقiiة بين البشiiر، والغiiرور األصولي المتسبب في التعالي على كل فكiiر مختلiiف. في القiiرون األخiiيرة - دعنiiا

) على شiiواطئColumbusنقول الفترة الiiتي بiiدأت يرسiiو سiiفينة "كولiiومبس" ( ميالديiiة، ومiiا تبعهiiا من طiiرد1492العالم الجديد في الثاني عشر من أكتوبر عiiام

المسلمين واليهود من أسبانيا بعد أسiiابيع قليلiiة – لiiو ألقينiiا نظiiرة متأملiiة؛ لوجiiدنا احتمالية كبيرة لبزوغ أقطاب قوى منتشرة في أكثر من مكiiان، وعلينiiا أن نأمiiل أن تكون أكثر إنسانية منها عندما كانت السيطرة األوروبية هي المنتشرة . لكن هiiذا لن يحدث بالتأكيد بأسلوب "طالبiiان" أو" ابن الدن". ويقينiiا لن يتم عن طريiiق قاذفiات القنابiiل األمريكيiiة. والمiiرء يجب أن يكiiون أعمى وأطiiرش، حiiتى يقتنiiع بiiأن هiiذه األساليب سوف تؤدى إلى عالم يكون فيه الجميiiع متسiiاوون في القيمiiة اإلنسiiانية، وأن حقوق اإلنسان قد روعيت ووزعت توزيعiا عiادال على الجميiع. وفي عiالم يجب تكون عملته الدوالر والقنبلة، ولسانه اإلنجليزية بلهجة أمريكية – لن يكون هنiiاك من يسiتغرب أن البعض من الiذين يتعرضiون لهiذه القiوة الغاشiمة ؛ سiوف يكiون رد فعلهم كرد فعل نباتات البيوت الزجاجية عندما نعزف لها موسiiيقى الجiiاز الصiiاخبة:

تضمر ، وتتكور ، وتنغلق، وتتحول إلى كرات جامدة.

وبغض النظر عن مكان بروز مراكز القوة والسيطرة خالل العقiiود القليلiiة القادمiiة؛ فستكون هذه الفترة هي الوقت المناسب لتغيير وتجديد صورة العالم ، وهى الفترة التي بدت فيها إعادة تشكيل العالم. الصورة القديمة السائدة يبدو فيها العالم وكأنiiه مكون من شعوب، وحضارات، وقوميiiات، عالقاتهiiا بعضiiها ببعض محiiدودة جغرافيiiا�مه�، وأسiiلوبه الخiiاص في الحيiiاة. أوروبiا والغiرب وثقافيا، وكل منهم له تاريخه، وقي يمثلون العقل والمنطق، والتقدم، مع قبول أن آخرون قiد يسiاهمون بعض الشiيء. هذه الصورة يجب اآلن أن تختفي، ويحل محلها صورة عالم يتسiiم بالتواصiiل. عiiالم فيه يتداخل األفراد والجماعات، ويكون فيه اتصiiال مكثiiف لكiiل الحiiدود المتصiiورة، وتال قح وتهجين ثقافي، وكريولية فيها تمازج فال نجد حدودا مطلقة، وال غرابة في أن تبقى الشعوب – رغما عن ذلك – لهم تجاربهم وفكرهم المختلف. وهذا طبيعي ألنهم يعيشون تحت ظروف وتأثيرات مختلفة. إن القوى اإلقليميiiة الظiiاهرة حاليiiا واقفiiة على رمiiال تمiiور، وتواجiiه تحiiدى كبiiير في كثiiير من بقiiاع العiiالم من " شiiبكة من القوى" أكثر مرونة ونعومة. ولiو أن مطiالب اآلخiرين - بمiا فيهم المسiلمون – منالعiiiدل، واالحiiiترام، واالعiiiتراف؛ لم تقابiiiل إال بغطرسiiiة ملفوفiiiة بiiiالحرير(

condescending arroganceفمن المؤكد أن العالم سيجد نفسه محشورا في ،( جحيم وسiiعير. وسيصiiبح عالمiiا سiiيئا غiiير مiiريح، كiiئيب ومiiوحش، وال أمiiان فيiiه، وغامض غير واضح. عالم يستبدل فيه اإليمان بالتقدم والتطور بالتناقض واالزدواجية واالضiiطراب، وحيث تسiiتبدل الثقiiة بiiالنفس واألمiiل في المسiiتقبل بiiالقلق وعiiدم

207

وضوح الرؤيا، وحيث يهدد الشك والريبة الثقة المتبادلة بين البشiiر. إن القiiدرة علىاالستماع للغير واحترامه أهم بكثير اآلن،أكثر من أّي وقت مضى.

***

المقال السابع

ال مكان، وال جدران، وال ضوضاء بيضاء: خطوات تجاه عالمXمعروف جزئيا

التنوع الثقافي في زماننا الحالي نجده في المكان الواحد والشخص الواحد، وليس¦؛ أن تتعiiدد بداخلiiه فقط في المجتمعات واألماكن المختلفة. الفرد الواحد يمكن أيضا الثقافiiiات. ولiiiو أردنiiiا الدقiiiة نقiiiول: "إن الشiiiخص الواحiiiد يمكن كرولتiiiه" (

Creolisation.بمعنى أن يكتسب أكثر من ثقافة واحدة ،(

في بعض الحiiاالت تكiiون الهجiiرة هي السiiبب الiiرئيس لتزايiiد كراهيiiة األجiiانب، القادمين إلى مجتمع ألف نسيجا واحدا. وكما هو معiiروف ال يسiiتطيع أحiiد االنعiiزال في المجتمع الواحد، وال يمكن تجنب التواصل مع األجنiiبي. في العقiiود األخiiيرة، من زماننا المعاصر؛ تزايدت الهجرة، وتزايدت وسائل االتصاالت الحديثة. ولقiiد اسiiتطاع¦ االثنان معا، تمزيق النسيج الثقافي في كثير من المجتمعات العالميiiة. وخلقiiا عالمiiا يمكن وصiiفه بأنiiه عiiالم يتiiألف من شiiظايا ثقافيiiة. المعتقiiدات، واآلراء، واألفكiiار؛ تنiiوعت، وأصiiبحت أكiiثر من أّي وقت مضiiى. زد على ذلiiك أنهiiا أصiiبحت ال تنتمي للمكان. ولم يعد من الممكن إنشاء حدود موضiiوعية بين الثقافiiات، أو حiiول مكiiان معين. البشiiر هم الiiذين يقيمiiون الحوائiiط العازلiiة حiiول بيiiوتهم، وحiiول أوطiiانهم ومجتمعاتهم، بل وحول أماكن سiiكنهم وجماعiاتهم المصiiغرة. و بعiد ذلiك؛ يصiiرون على الزعم أن هذه األماكن ذات مغزى، وذات قيمiة، وأنهiا أصiيلة، وأن لهiا جiذور، وأنها نقية ال تشوبها شائبة، من أّي� ثقافة أخرى. ومن وقت آلخر يستخدمون األديان، أو لون البشرة، أو اللغة، أو ببساطة الحدود الطبيعية الجغرافية؛ لتبرير بناء األسiiوار التي تحيط بمجتمعهم؛ ولتبرير الصiiورة العدائيiiة؛ ولخلiiق والء " للiiداخل" واسiiتبعاد

"الخارج".

¦ نحiiاول البحث عن "منطقiiة بينيiiة" ( بiiالتوازّي مiiع هiiذا التطiiور فإننiiا جميعiiاinterfaceتتعايش وتتداخل وتختلط فيها الثقافات، ويسهل التواصل فيها. ونحاول ،(

¦ من "التشiiiابه" و البحث عن لغiiiة مشiiiتركة؛ يمكن اسiiiتخدامها للتعبiiiير عن كال"االختالف"، في حقول التواصل العالمي.

208

في مجتمع نشأت بين أفراده عالقات اجتماعيiiة عضiiوية، وروابiiط وجدانيiiة متبادلiiة ) ويحاط بالحدود، ويلف باألسوار؛ فسiiوفGemeinschaftوقوية، وروابط نسب (

يصبح من الصعب إيجاد مواضيع يمكن الحiiوار، والحiiديث عنهiiا بحريiiة، ودون قيiiود. وسوف يصبح من المستحيل على جميع المواطنين فيه المساهمة، واإلضافات الiiتي تثرّي الحiiوار، ويتم تبiiادل الخiiبرات. لiiذا يصiiبح من واجبنiiا إيجiiاد أرضiiية مشiiتركة

للتواصل والحوار.

¦ نتأمل في أحد قواعد االنطالق، وبعد ذلك نعود مiiرة أخiiرى لفحص ولكن دعونا أوال"األسوار العازلة".

II

األنماط الثقافية الحديثة؛ لها سمة مميزة مهمة، وهي عدم ارتباطها بالمكان. فمiiا ) الجغiiرافي- مثال- لiiو إنHollywoodالذّي سيتغير لو أننا عرفنا موقع "هوليiiود" (

إنتاجهiiا الضiiخم من األفالم المليئiiة بiiاألحالم متاحiiة، سiiواء في "سiiنغافورة" (Singapore) "انوفرiiأو "ه (Hannoverروقiiاك فiiار، إن هنiiذين في االعتبii؟ آخ(

ثقافية من حيث البيروقراطية، واتخاذ بعض الرموز الوطنية. وأنه توجiiد متiiاجرة في¦. في مثل هذا المثال، فiiإن شعارات قومية، منتشرة ومتشابهة، في كل مكان تقريبا األفالم الهوليوديiiة؛ سiiوف تنشiiر أحالمهiiا بين المجتمعiiات واألفiiراد، وسiiوف يقبiiل النiiاس على الحiiديث في مجiiاالت ال تنتمي إلى مكiiان معين. وفي زامننiiا المعاصiiر الذّي نعيشه، سوف نالحظ؛ وجود أنمiiاط ثقافيiiة عالميiiة، تحiiوّي قواسiiم مشiiتركة،¦ إلى جنب مع المشiiترك المحلي، وتمثiiل بالتiiالي تحiiد لiiه. األمثلiiة الiiتي وتكون جنبا سوف أضربها هي؛ المطارات، والفنادق العالمية. إنهما موجودتiiان في جميiiع أنحiiاء

العالم، وهي متشابهة أينما وجدت .

في فنiiدق "هيلتiiون" في نiiيروبي؛ يسiiتطيع المiiرء أن يطلب االسiiتماع إلى "تiiومTomكولينز" ( Collinsاجiiiiiدق "تiiوهو نفس المغنى الذّي يمكن سماعه في فن ،( ) المتواجد في المدينة الهندية "بومباّي"، وفي فندق "رافلس"Tag Mahalمحل" (

)Raffles)) "وروiiاطئ تسiiدق "شiiنغافورة"، وفنiiفي "س (Tesoro Beachفي El"السiiiiiلفادور" ( Salvador ) "لiiiiiكندنافيا هوتiiiiiدق "اسiiiiiأو فن ،(Hotel

Scandinavia) "لوiiفي العاصمة النرويجية "أوس (Osloتيiiيقى الiiونفس الموس .( Philيسمعها المرء في صاالت كل هذه الفنادق، هي لنفس المغنى" فيiiل كوليiiنز" (

Collinsاراتiiذهب إلى بiiل من يiiة"، وكiiوهي الموسيقي التي تنبعث في "الخلفي ،( ¦، ويستعملون لغة الجسد بأسلوب متشiiابه، هذه الفنادق يرتدّي نفس المالبس تقريبا¦ تواجiدوا في "مكiان ثقiافي"، ولiه وربما يتحدثون عن نفس المواضiيع. إنهم جميعiا سiiمة ثقافيiiة واحiiدة عالميiiة، ال يمكن نسiiبها إلى "بلiiد"، أو مكiiان معين. وغiiرف¦ متشiابهة، أو متطابقiة. محiابس صiنابير الميiاه السiاخنة، في دورات الضيوف أيضا الميiiاه، يجiiدونها على اليسiiار، واألخiiرى البiiاردة على اليمين. وفي غiiرفهم يوجiiد

"CNN بوصiة، ويسiتمع الجميiع تقريبiا، إلى محطiة أخبiار أل"14تلفزيiون مقiاس "iة، أو الiiة األمريكيiiاإلخباريB.B.Cلiiة. وفي كiiرة" القطريiiة، أو "الجزيiiالبريطاني "

Miniالغiرف يوجiد "بiار صiغير" ( Barجانبهiiليفون بiiiروبات، وتiه نفس المشiب ( ). Hotel Logoصندوق لعيدان الثقاب، الذّي يحمل " شعار الفندق " (

209

بعiiد اإلقامiiة في الفنiiدق، والخiiروج إلى المدينiiة؛ يكتشiiفون فجiiأة أنهم في أمiiاكن¦ معظم أيام السنة، وفي ¦ باردا ¦. إن كانوا في أوسلو؛ يحس المرء طقسا مختلفة تماما

)Nairobyبومباّي يقابل المرء مشاهد الفقر، ويشم رائحiiة العفن، وفي "نiiيروبي" (¦ عن يواجه المرء جو المدينة الكبيرة الصiiاخبة. ولiiو اسiiتمر المiiرء في السiiير بعيiiدا¦، لكنه عندما يعiiود مiiرة أخiiرى إلى ¦ واتساعا الفندق؛ الكتشف أن الفروق تزداد عمقا الفندق يشعر باألمان، ويحس بأنه في مكان ذو تركيبة مشابهة، وثقافة ال تنتمي إلى¦، لiiو تiiوفر "مكان" معين. نفس هذا الوضiiع نجiiده في كiiل مكiiان في العiiالم تقريبiiا المال الالزم للسفر والتنقل. "الفندق" يمثل الواجهة، والقاسم المشترك، أو "ثقافiiة ثالثiiة"، تصiiل بين األفiiراد ذوّي الثقافiiات المختلفiiة. شiiيخ من دبي، وسiiائحة من السويد، ومندوب مبيعiiات كمiiبيوتر من كاليفورنيiiا، الجميiiع بينهم "مشiiترك واحiiد"، الجميع يعرفون كيفية السiiلوك عنiiدما يشiiاركون في حفiiل االسiiتقبال؛ الiiذّي تعiiده

) الواقع في "بنما". Holiday Inإدارة فندق "هوليداّي إن" (

Thirdمنطقة أخرى ليست " منتميiiة للمكiiان"، ويمكن تسiiميته "الثقافiiة الثالثiiة" (Cultureرىiiوف تiiبرت خاللهم كلهم، فسiiدهم، أو عiiإنه المطار. لو شاهدت أح .(

¦ يلiiتزمون بنفس القiiوانين ¦ متطiiابقين؛ لكنهم جميعiiا أنهم – بالتأكيiiد- ليسiiوا جميعiiا والقواعد األساسية الواحدة. وبعبارة أخرى، من الممكن تعلم القواعiiد والنظiiام في أحدهم، بعدها نستطيع اسiiتخدامها في اآلخiiرين. وبهiiذا المعiiنى نسiiتطيع القiiول إن نيويورك لها ثقافة مماثلة لi "هiiونج كiiونج" و "بومبiiاّي"، ذلiiك ألن مطiiاراتهم تعمiiل

¦ لنمط ثقافي موحد وعام. وفقا

¦ مiiا تقiiع خiiارج وعلى النقيض من محطات السكك الحديدية؛ فإن المطارات، دائما المدينة. وبالتالي فإن موقعها المكاني يشير مباشرة إلى انفصالها عن المجتمع. إنها تمثل "نقاط اتصال" تربط بين مجتمعات مختلفة، أو ثقافات مختلفiiة. وذلiiك ألنهiiا – أّي المطiiارات – ال تنتمي إلى أحiiد من هiiذه الثقافiiات على وجiiه التحديiiد. وبهiiذهالطريقiiة يمكننiiا اعتبiiار "المطiiار"، ومثلiiه "الفنiiادق العالميiiة"، لوحiiة مفiiاتيح (

Swichboardة تقليصiiوم بعمليiiتركة، تقiiم مشiiا قواسiiة. بهiiاالت العالميiiلالتص ( الفروق، في محاولة لمحوهiiا. وذلiiك عن طريiiق توفiiير واجهiiة اسiiتخدام مشiiتركة،

ومجموعة من القواسم المشتركة البسيطة.

Nonفي مقال في كتاب ( - Lieux) "هiiارك أوجيiiي "مiiاتب الفرنسii؛ يصف الك( Marc Augeاiiبعض األماكن، بأنها " أماكن ال منتمية". ويولي أهمية كبيرة لكفاءته (

السلسiiة، والراحiiة الجسiiدية الiiتي تقiiدمها، وإحسiiاس المiiرء فيهiiا بعiiدم االنتمiiاء الشخصي، وآلية السفر فيها، حيث يمتص المرء خالل المطiار وإلى داخiل الطiائرة، دون أدنى احتكاك أو مقاومة. وتذكرة الدخول، أو العتبة الواجب تخطيها، للولوج إلى

)، سعرها جد منخفض. Cultural Competence ( *"الكفاءة الثقافية"

)Nationalismلقiiiiد اهتم المنظiiiiرون، الiiiiذين كتبiiiiوا عن "القوميiiiiiiiiة" ( )، في أحيiiان كثiiيرة عن أهميiiة "محiiو األميiiة"Modernizationو"الحداثiiiiiiة" (

و"التعليم" الجماهيرّي، واعتبروها شروطا ضرورية لتوليد الشعور باالنتمiiاء المجiiرد، إلى المجتمعات األمميiiة. وفي هiiذا السiiياق يiiبرز سiiؤال مهم؛ من الممكن صiiياغته

يقصد بالكفاءة الثقافية بقدرة المرء على استيعاب الثقافة، أو النمط الثقافي الجديد – المترجم **

210

كالتالي: أّي نوع من االنتمiiاء، إن وجiiد، ذلiiك الiiذّي يتولiiد عنiiد المiiرء، أثنiiاء سiiفره بالطائرة، وقضاءه بعض الوقت في الفنiiادق؟ من الواضiiح أن "اإلحسiiاس الiiذهني" بالمسافات، والمناطق؛ يتغير ويتحول إلى "شعور بالزمن"، وحسابات الiiوقت الالزم للسفر. وذلك عندما يتكرر سفر المiiرء بالطiiائرة لعiiدة مiiرات. وفي الواقiiع العملي فليس هناك مكان بعيد في زمن الطائرات العمالقة، أو باألحرى: ال يتم حسiiاب بعiiد

المكان أو قربه؛ عن طريق قياس المسافة.

¦ إيiiاه*تواكبا مع هذا األسلوب من التفكير، كتب "أوجيه" عن عصرنا الحالي، واصفاLaبأنiiه "قمiiة الحداثiiة"( Sur modeniteاء، وينتجiiدم انتمiiا عiiه ينتج دائمiiوأن ، (

"أمكنة" غير منتمية، مثل المطارات، والفنادق العالمية. ويضيف إننا نعيش في عالم فيه "يولد المرء في المستشiiفى، ويمiiوت في المستشiiفى، وفيiiه تواجiiدت "نقiiاط عبور تتزايد يوما بعد يوم، سواء كانت مترفة، أو ال إنسانية، مثل الفنادق العالمية، أو أماكن اإلقامة المؤقتة، والمتنزهات الطبيعية، ومخيمات الالجiiئين، واألحيiiاء القiiذرة؛ التي تنتظiر الهiدم واإلزالiة عن قiريب، الiتي يتطiور داخلهiا شiبكة تواصiل ترتبiط بوسائل النقل العام، وأمiiاكن للسiiكن، وحيث ينشiiأ فيهiiا مراكiiز للتسiiوق، وأجهiiزة صرف آلي للبنوك، وبطاقات ائتمان؛ يتم التبادل التجارّي عن طريقها، ويتم التواصل دون النطق بكلمة واحدة. إنه عالم حيث يكون كل شيء فيه؛ مهيأ لألفراد كiiل على

حدة، وكل شيء فيه مؤقت ولحظي".

في السiiنوات األخiiيرة أولت الدراسiiات األنثروبولوجيiiة االجتماعيiiة؛ الكثiiير من االهتمام للعولمة الثقافيiiة في العصiiر الحiiديث. وعلى سiiبيل المثiiال؛ ألقى البiiاحث

Ulfالنرويجي "أولف هانرس" ( Hannerz)"دودiiابرة للحiiر "العiiالضوء على األس (Transnational Families،وهي العائالت التي يقيم أعضاؤها في قارات مختلفة ،(

والiiتي تعتiiبر تحiiديا للمفiiاهيم األنثروبولوجيiiة التقليديiiة من حيث ارتبiiاط الحالiiة Jonathanاالجتماعيiiة للجماعiiة وهويتهiiا؛ بالمكiiان. أمiiا "جوناثiiان فريiiدمان" (

Friedmanعيiة، وبين السiد الحداثiا بعiع مiفقد وصف التأرجح؛ بين تفسخ مجتم ( وراء راحة البiال؛ بأنهiا أصiبحت صiفة أساسiية لهiذا العصiر. أمiا البiاحث "أرجiون

Arjunأبiiادوراّي" ( Appaduraiدiiا بعiiا مiiماها "جغرافيiiة أسiiور نظريiiد طiiفق ( ) (!)، بينما آخرين مثل "أنتوني جيدنز"Post Territorial Geographyاإلقليمية" (

)Anthony Giddensفقد كتب بطريقة، أكثر نظرية عن النسبية "للحيز المكاني ( ¦ عiiالجت " أنiiه نجiiا االجتماعي" الذّي يخلiiق نتيجiiة الiiiiiتطور التكنولiiوجي. ومiiؤخرا

Anhلونجفا " ( Nga Longvaرiiاع البشiiدكتوراه، أوضiiل الiiا لنيii؛ في أطروحته ( الذين يعيشون بطريقiة مؤقتiة، مثiل العمiال المهiاجرين في الكiويت، حيث أنهم ال يستطيعون؛ حتى شراء أثاث المنزل. وبعض األثرياء منهم يقضي كل حياتiiه الماديiiة

¦ دائمو اإلحساس بأنهم هناك لفترة مؤقتة. في الكويت، ولكنهم نفسيا

Relativisingأما في حالة المطار فإن عملية "نسiiب الحiiيز" ( of Spaceإلى ( "المكان" بأسلوب مادّي وفورّي، وعندما نأتي للواقع العملي؛ فيمكن للمiiرء القiiول:¦ إلى جنب مiiع اإلرسiiال التiiiiiiليفزيوني الفضiiائي، والفنiiادق إن المطiiارات، جنبiiا العالمية، تمثل أحد أهم المصادر التي تسبب "ضعف اإلحساس باالرتباط بالمكان" (

¦ – المترجمNen-Lieux في المرجع 100،101صفحة ** ” المذكور آنفا

211

Delocalisingهiiة. فوجiiالظواهر الثقافيiiاط بiiرر من االرتبiiر؛ التحiiير آخiiأو بتعب ،( التشابه بين المطارات الدولية اكبر بكثير، من الصفات ذات الطابع المحلي للمطiiار

الواحد.

Socialوباعتبار "النظام االجتماعي" ( Systemونii؛ فإن المطار والفندق يختلف( ¦، عن "المجتمiiع المحلي" ( Localتمامiiا Communityبحiiمم لتصiiوهي لم تص ،(

"نظام اجتماعي" له صفة الدوام واالستقرار. إنهiiا تتمiiيز بتiiدفق البشiiر من خاللهiiا. وهي على العكس من سفينة ضخمة، أو سجن كبiiير – على سiiبيل المثiiال؛ ال يمكن

Socialogicalاعتبارهiiا "مختiiبر اجتمiiاعي" ( Laboratory) "غيرiiون صiiأو "ك ( Microcosmذينiiيوف، الiiافرين أو الضiiإن مستخدميها الرئيسيون، هم من المس .(

ينسابون خاللها ويختفون، في غضون ساعات قليلة، أو في غضون يiiوم وليلiiة، على¦ عن هذا المرور السiiريع للبشiiر فيهiiا؛ فiiإن أشiiكال التعامiiل أكثر تقدير. ولكن رغما معهم متطابقiة، من سiاعة إلى سiاعة، ومن يiوم إلى آخiر. وهiذا يعiني؛ إن ثقافiة المطار والفندق متماثلة، وباقيiiة على مiiدى زمiiاني، لكن ليس لنفس البشiiر الiiذين

يحملون في طياتهم، ثقافات مختلفة.

Culturalويمكن اعتبار "النمط الثقافي"( Formةiiو ثقافiiدق؛ هiiللمطار أو الفن ( ¦؛ لغة "البiدجين" (( ، وهي لغiة تواصiل بدائيiة،Pidginالحد األدنى. وهو يشبه تقريبا

¦؛ في أغراض التبiiادل التجiiارّي، بين أفiiراد ط�ور�ت ألغراض محدودة، و تستعمل غالبا من مجتمعiiات مختلفiiة، تتحiiدث بلغiiات مختلفiiة. قواعiiد هiiذه اللغiiة سiiهلة التعلم، والتفاعiiل بين المتحiiدثين سiiطحي، ويسiiير على نحiiو سلسiiل ونiiاعم، حيث ينعiiدم¦، حيث يسiiتطيع المiiرء ¦ إيجابيiiا االحتكاك في تبادل المعلومات. وهذا ما يعطيها وجهiiا

استعمال جميع العمالت الصعبة، وتحترم جميع بطاقات االئتمان البنكية.

(وزيادة في التوضيح، يمكننا القول، إن المطار العiiالمي الiiنرويجي "جiiاردرموين" Gardermoenراءiiه شiiرء فيiiتطيع المiiنرويج، حيث يسiiد في الiiهو المكان الوحي (

) مع الزبد والسكر، بدوالرين أمريكيين، دون مشاكل، وشجار. Walffleفطيرة (

هل بين ثقافة المطارات والفنادق العالمية، وبين االمبريالية الثقافية الغربية عالمة تساوّي؟ وهل هي سمة عالمية للهيمنة الرأسمالية؟ أم أنه من األفضل فهم وتعريف " ثقافة المطار"، على أنها " ثقافة ثالثة "، تعلو وتتعiدى العiوالم الثقافيiة المحليiة؟¦ لوجهة النظiiر هiiذه؛ فiiإن هذا المنظور األخير يبدو وكأنه األكثر إثارة لالهتمام. ووفقا

Nonهiiذه "الال - أمكنiiة" ( – Placesانiiمون لإلنسiiة المضiiخالي ¦ ) تعتiiبر رمiiوزا العصiiرّي. وإن ذلiiك الiiذّي يحiiدث في المطiiارات والفنiiادق، يمكن أن ينظiiر إليiiه،

) في أنقى صورها. وقد تم استبعاد وامتصاص كل آثiiارModernityويعتبر"حداثة" ( ¦، عن التiأثير. ومن المحتوى الثقافي المحلي منها. وفيها يقف الزمان والمكان مؤقتiا

الناحية الثقافية؛ فإن المطارات والفنادق ال جذور وال تاريخ لها، بالتأكيد.

Andyكiiان األنiiثروبولوجي "انiiدّي وارهiiول" ( Warholارةiiاء وطهiiبنق ،¦ ) معجبiiا المطارات، إلى درجة أنه أطلق عليها: إنهiiا أمiiاكن غiiير نجسiiة، قiiد طهiiرت من أّي محتوÂ ثقافي، ألّي فئة من البشر، وال يوجد لها مثيل، في أّي مكان آخر داخل الموقiiع

212

الواحد. إنها تحوّي شظايا بشرية فقط؛ طهiiرت من الجiiذور الملزمiiة، القويiiة، الiiتيتربط اإلنسان بالمكان والزمان الماضيين.

وهكiiذا يمكن اعتبiiار المطiiارات والفنiiادق صiiاالت انتقiiال، أو محطiiة انتظiiار، بين مكiiانين. ومن الطiiبيعي أن المسiiافرين ال يعتiiبرون المطiiار أو الفنiiدق "مكiiان" يرتبطون به. لقد سiiمعنا جميعiiا - وربمiiا شiiاركنا؛ عن حiiوارات تiiدور، عمiiا إذا كiiان¦"، أو دولة معينة، لو كان قد توقف فقط في مطارهiا وهiو المرء يعتبر أنه زار "مكانا في الطريiiق إلى دولiiة أخiiرى. والقاعiدة العامiiة الiiتي يتفiiق عليهiiا النiiاس هي، إن المرور بالمطار ال يكفي، للقول أننا زرنا "مكان" بعينه، أو "دولة" بعينها. ومثل ذلiiك¦، مكث في فنiiدق، حيث أقيم مiiؤتمر مiiا. ففي الحقيقiiة؛ ال يجب أن يقال لو أن أحدا¦، فزيiiارة هiiذه األمiiاكن ال يعطي أيiiة يقال أنه قد زار هذه الدولة أو هذا المكiiان فعال معلومة عن ثقافة المكان أو الدولة. ففي التو واللحظة، التي ندخل فيها المطارات،¦، جiiردت ثقافتiiه من ¦، عالميiiا أو مشارف الفنادق، فإننا نأتي إلى عiiالم مفiiرغ ثقافيiiا القواسم المشتركة للمجتمع، دون تغيير في احتياجات البشر اليوميiiة. هiiذه الثقافiiة المجردة، هي ثقافiiة مكونiiة من شiiظايا، وهي عبiiارة عن عiiالم صiiغير، يتواجiiد في

). a non – placeالهامش بين عوالم أخرى ، أّي أنه "ال - مكان" (

هل هذا تفسير لنظرة البعض للمنتجiiات الثقافيiiة األمريكيiiة، ووصiiفهم اياهiiا بأنهiiا¦ من المجتمعات؛ التي تتمiiيز بكال سطحية ؟ الواليات المتحدة األمريكية تمثل نموذجا

Culturalمن "االلتقiiاء الثقiiافي" ( encounters ) "ةiiو"الديناميكي (mobility( العجيبة. المiواطن األمiريكي يغiير مكiان مسiكنه سiتة مiرات في المتوسiط خالل حياته. والكثير منهم ينتقiiل من السiiاحل الشiiرقي إلى السiiاحل الغiiربي عنiiد تغيiiير العمiل دون أن ينطiق بكلمiة "أف" واحiدة. في مثiل هiذه المجتمعiات، يكiون من الضرورّي إيجاد وتطوير "حدود مشتركة" من التواصل، التي ال تتطلب فترة طويلiiة، أو عميقة؛ للتعلم. ومطلوب من الفرد فيها، أن يكون على اسiiتعداد لخلiiق معiiارف، وأصدقاء جدد، على وجه السرعة، وعلى التواصل مع أفراد لهم خبرة حياتية مختلفة¦؛ أن يشiiعر بالراحiiة واالنتمiiاء، إلى أمكنiiة لم ينشiiا ¦ عن خبرته هو. وعليه أيضiiا تماما

Kurtفيها، وال يتوقع أن يiدفن فيهiا. ولiو أردنiا تصiديق "كiورت فونجiاوت االبن" ( Vonnegut Jrهiiادل معiiذّي أتبiiالذّي يقول: "الصديق النيويوركي هو الشخص ال ، (

جملة واحدة في حفل كوكتيل. أما الصديق المقرب؛ فهو شخص يتحدث معه المiiرء لفiiترة اطiiول من خمس دقiiائق". ولiiذا فيمكن للمiiرء أن يسiiتنبط على ضiiوء هiiذا

األخiiرى، لiiديها قiiوة*القول؛ أن الواليات المتحدة األمريكية والمجتمعiiات الكريوليiiةHorizontalفائقiة في "التوجiه األفقي" ( Orientation.ةiiة ومرنiiفهي منفتح ، (

Verticalولكنهم يفتقدون "التوجه الرأسي" ( orientationير؛iiوهذا النوع األخ . ( .*هو ما نميل إليه، ونتمسك به، نحن األوربيون: "التوجه الرأسي"، أو العمق

المجتمع الكريولي هو المجتمع المكون من مجموعات إثنية مختلفة، نشأت فيه وتمازجت، **¦ له صفات مهجنة – المترجم وكونت مجتمعا

هذه المقولة وهذا الوصف مقتبس من كتابات الباحث في العلوم السياسية واالجتماعية ** )، وكان من أهم كتبه " الديمقراطيةTocqueville) (1859 – 1805الفرنسي " توكيوفيال" (

The old Regime and) و"النظام القديم والثورة" ( Democracy in Americaفي أمريكا" ( the Revolution) من " هامسن ¦ ) وحتى "بودريالرد " (Hamsun) ، وكذلك من دراسات كال

213

)Iver B.Neumanومواكبة لهذا األسلوب من التفكير؛ حاول "إفر. ب. نيومان" (¦ على تجاربiiه الشخصiiية – عالم االجتماع، واألب ألطفال صغار؛ أن يiiبرهن – اسiiتنادا أن األطفال ولدوا في "شمال أمريكا"، بعد ذلك تجرّي لهم "عملية تشكيل حضارّي"

)Zivilisationsprozebمالiiiiبحوا "شiiiiرّي؛ ليصiiiiولهم الفطiiiiتفطمهم من مي ( أمريكيون".

Spontaneousويبرهن على صحة هiiذه المقولiiة؛ باإلشiiارة إلى "الحب العفiiوّي"( love،جقiiات السiiامبرجر، وسندوتشiiتزا، والهiiل: البيiiريعة، مثiiات السiiللوجب

ومشiiروب الكوكiiاكوال. كiiذلك تفiiاعلهم الواضiiح مiiع أفالم اإلعالنiiات، والرسiiوم المتحركة، وغيرها من األشياء المليئة بالحيوية والسiiرعة؛ الiiتي "تiiأتي من هنiiاك" (

Originate from over there.(

�نظiiر مثل هذا األسلوب في التفكير، يمكنه التفسير الجزئي لسiiؤال يiiتردد: لمiiاذا ي )؟ ذلiiك إن الواقiiعAmericanizationإلى العولمiiة الثقافيiiة، على أنهiiا "أمركiiة" (

ف أشiiكاال من �iiي� يقiiول إن أمريكiiا الشiiمالية – وليس غيرهiiا – هي أول من طiiو�ر وك االتصال؛ تصلح لتفاعل مجموعات بشرية، لها أصول ثقافية شديدة االختالف. ولiiذلك نجد، إنه من األسهل تسويق "سلع ثقافية" شمال أمريكية - في كثiiير من األحيiiان – عنها، في تسويق "سلع ثقافيiiة" أوربيiiة كiانت أم آسiiيوية. ذلiك ألن هiذه األخiيرة،

Worldsتتطلب نظiiiiرة معمقiiiiة، في "عiiiiوالم المiiiiدلوالت والمقاصiiiiد" ( of Meaningsيرiiالمحلية، التي يعرفها الصانع األصلي فقط. وذلك ألنهم يملكون الكث (

من الخبرات والتجارب المشتركة. وقد قيل: إن بعض األفكار؛ ال يمكن التفكiiير فيهiا¦؛ فiiإن هiiذه األفكiiار لن تكiiون مناسiiبة للتصiiدير، إال باأللمانية. ولو كان ذلك صiiحيحا وبالتiiالي ال يمكن أن تكiiون عالميiiة. ولقiiد تiiبين أن "اللغiiة اإلنجليزيiiة األمريكيiiة¦ كوسiيلة تواصiل، بين القياسية" هي األسiiهل في التعلم. وبالتiالي تكiون أكiثر نفعiا أفراد لديهم القليل من القواسم المشتركة. وكمiا الحiظ البiاحث اإليطiالي "أمiبرتو

Umbertoأكو" ( Eco)"عiiة المقطiiبالكلمات أحادي" i؛ فإن اللغة اإلنجليزية غنية ب( monosyllables،ةiiطلحات األجنبيiiتيعاب المصiiادرة على اسiiالي فهي قiiوبالت ، (

¦neologismsوقادرة على خلق وإيجاد "مفردات جديدة" ( ). وهذا التفسiiير مختلفiiا¦ إلى عن االعتقاد السابق الذّي يذهب إلى؛ إن هيمنة اللغiiة اإلنجليزيiiة، تعiiود أساسiiا¦ إلى تزايiiد الهيمنiiة االقتصiiادية، ¦، ومiiؤخرا انتشiiار االسiiتعمار البريطiiاني سiiابقا والجيوسياسiiية؛ للواليiiات المتحiiدة األمريكيiiة. هiiذه األشiiكال المختلفiiة، من اللغiiة اإلنجليزية العالمية؛ يمكنهiا القيiام بوظيفiة " قاسiم مشiترك"، لiه عتبiة منخفضiة،¦، والتي يمكنها تسهيل عملية التواصل بين عالمين لهمiiا أسiiلوب سهلة التجاوز نسبيا¦ عن اللغiة اإلنجليزيiة، الiتي ينطiق بهiا مختلف في الحياة. وتتميز بأنها مختلفة كثيرا اإلنجليزّي المولد. في مقال حول التجارة داخل أوربا؛ حذرت "مجلة األيكونومسiiت"

)The Economistدثونiiرين يتحiiيين اآلخiiأن األوربiiاد، بiiانيين من االعتقiiالبريط ( اإلنجليزية. إنهم في الواقع ليسوا كذلك. إنهم؛ تعلموا لغة يقال عنها "إنجليزيiiة كلغiiة

Englishأجنبيiiiة" ( as a Foreign Languageوهي ال تمكنهم من فهم ، (

Boudrillard ) "و "فينكل كروت ،(Finkiel Kroutالمترجم (

214

Speakersاإلنجليزية كما يتحدث بها النiiاطقين بهiiا ( English as Spoken by native .هكذا قالت المجلة ، (

¦ لهiiذا األسiiلوب من التفكiiير، فقiiد يبiiدو للنiiاظر؛ إن "منiiاطق التiiداخل وامتiiدادا المشiiتركة"؛ يمكنهiiا القيiiام بعمليiiة إقالل و إضiiعاف أطiiر التجiiارب والخiiبرات في المجتمع، وكذلك قدراته الخاصة. ولو كانت لغة هوليiود العالميiة هي اللغiة الوحيiدة التي تستخدم للتعبير عن المشاعر واألحاسيس؛ فلن يصiiبح هنiiاك مسiiاحة لمiiا هiiو متفرد، و"مرتبط بالسياق". وربما في مثل هذه الحiiاالت؛ سiiوف يختفي ذلiiك الiiذّي

Jeanأثار اهتمام األنثربولوجي الفرنسي "جان- فرنسiiوا ليوتiiارد " ( – Francais Lyotard ) " ةiiiد الحداثiiiا بعiiiة مiiiمى "حالiiiه المسiiiه في كتابiiiوه عنiiiون ،(The

Postmodern condition.والذّي نشر في أواخر السبعينات من القرن الماضي ،( وفيiiه تصiiور "ليوتiiارد" العiiالم؛ عنiiدما يتزايiiد اسiiتعمال لغiiة الكمiiبيوتر المشiiتركة، الفاقدة للحدود، والتي سوف تقوم بتعريف العiiالم بطريقiiة محiiددة، ويصiiبح العiiالم نتيجة لذلك؛ أحiiادّي األبعiiاد، مسiiتو خiiالي من التضiiاريس. مثiiل هiiذا التطiiور رسiiم

) في دراسته التيMarshall Lcluhanخطوطه العريضiiة "مارشال ماكلوهان" ( نشرت في منتصف الستينيات، عن تiiأثير وسiiائل اإلعالم الثقافيiiة - التلفزيiiون على

وجه الخصوص.

¦ من أن تكون مكوناتiiه هي "اللغiiة"؛ قد يجادل البعض، بالقول: إن العالم أكثر تعقيدا لكن على هؤالء أن يتذكروا إن اإلنسiان بiدون لغiة؛ حيiوان، كمiا هiو معiروف. وإن جميع أشكال التطور في تاريخ البشرية أدت إلى، او اشتقت منها؛ خلق مصiiطلحات جديiiدة، وطiiرق جديiiدة السiiتعمال اللغiiة. إن "الشiiخص؛ الiiذّي يصiiنع األسiiماء"،¦، بما في ذلك في المسiiيحية. ¦، في كل األساطير تقريبا أو"الراوّي"؛ هو فرد مهم جدا البطل، أو اإلله، هو الذّي يعطي األشياء أسماؤها الصحيحة في العالم. ولو اضطررنا إلى أن نبحث عن اسiiم، يمكن اسiiتخدامه من كiiل البشiiر، فسiiوف يتiiبين لنiiا، أننiiا سوف نفقد الكثير. وذلك ألن "الثiiابت"، غiiير المiiرن؛ سiiوف يصiiبح هiiو "المشiiترك

) ، الذّي يسiتخدمه الجميiع. ويكiون بiذلك قضiاءCommon Interfaceالفاصل"( على االختالفiiات، بين العiiوالم الحياتيiiة المتفiiردة، والممiiيزة للتجمعiiات البشiiرية

المختلفة.

غياب التنوع، أو بأسلوب آخر، وضع حدود فاصلة، مشتركة غير متمايزة؛ موجiiود في كل المجاالت. و"دنيا األعمال" الحديثة؛ مثiال واضiح على ذلiك. وبiالرغم من وجiود من يكتب القصص والتسالي للربح والثروة عن كيفية إنشاء عالقة، وعمiiل مشiiترك مع العرب أو اليابانيين؛ إال أننا سiiوف نiiرى أن ثقافiiة العمiiل الرأسiiمالية، هي الiiتي تسود، وتقضي على كثير من الجوانب الهامة من التنوع الثقافي، وال شك. مثال آخر على ذلiiك: الثقافiiة الناشiiئة بين الشiiباب والشiiابات في العiiالم؛ سiiوف نجiiد أنهiiامتماثلة، سواء كان هؤالء الفتيان والفتيiiات متواجiiدون في "باكسiiتان"، و"تيiiوان" (

Taiwan "توفنرiiأو في والية "كاليفورنيا" األمريكية، أو "س ،(* )Stovnerرةiiوم . (

"ستوفنر " حي في العاصمة النرويجية أوسلو يقطنه، ويتركز فيه نسبة كبيرة من األجانب، **خاصة من الباكستانيين – المترجم

215

أخرى فسوف نجiiد أن التمiايز واالختالف، بين هiذه المجموعiات البشiرية، قiد قiل¦ عما كان. كثيرا

، التي تربiiط الماليين من*إن االنترنت، وشبكات المعلومات الالمركزية والالمكانية المسiiتخدمين بعضiiهم ببعض؛ على وشiiك أن تصiiبح المثiiال األهم الiiذّي يمثiiل "ال

. من حيث المبiiدأ، يمكن لمسiiتخدمي*) الثقافiiاتDeterritorialisingمحدودية" ( الحوارات على الشبكات اإللكترونية، والبريد اإللكiiتروني، والخiiدمات اإلخباريiiة على¦ عن جميع األشكال واأللوان الiتي سiاهمت في خلقهiا االنiترنت؛ أن يتواصiلوا رغمiا تواجدهم في أماكن مختلفة في العالم ، والمنطقة الفاصiiلة للتواصiiل تصiiمم بحيث يصبح من غير المهم المكiان الiذّي ولiد ونiiشأ فيiه الفiرد، أو اللغiة األصiلية ( لغiة األم )، أو الشعائر الدينية التي يمارسها ويؤديهiا، أو مiا يأكلiه المiرء في العشiاء، أو كيف تقابل مع شريك حياته، وكيفية تعامله أو تعاملها؛ معiiه. في هiiذه الحالiiة تصiiبح االنترنت هي "القاسiiم المشiiترك" للجميiiع، الiiذين يسiiتطيعون الكتابiiة باإلنجليزيiiة،

وتتوفر لهم القدرة على إمكانية استعمال جهاز كمبيوتر له اتصال باالنترنت.

ولو لم تكن العناوين اإللكترونيiiة معروفiiة المصiiدر؛ ألصiiبح من المسiiتحيل تحديiiد،¦ ¦، أو هنiiديا هوية المواقع الكثيرة، والتعرف على الناشر، ومعرفة ما إذا كiiان أمريكيiiا¦. حتى إن هذا األسiiلوب األخiiير لتحديiiد الهويiiة؛ يمكن تجiiاوزه عن طريiiق أو إيطاليا وضع أسماء متعددة للفرد الواحد أثناء االستعمال. وبهiiذا يمكن لمسiiتخدم االنiiترنت الذّي هو في الواقع "يهودّي محافظ، في األربعين من عمره"؛ أن يعرف نفسه، على

أنه امرأة صغيرة في العشرينات، ملحدة وال تؤمن بالله .

وهكذا يمكن لهذه التقنية (أو التكنولوجيا) أن تجعل مدى وحقل االتصال؛ اكبر بكثiiير مما كانت عليه في الماضي، مثلما فعلت الطiiائرات والقنiiوات الفضiiائية. لكن يبقى الثمن، الذّي يجب دفعه، هو: افتقاد الجذور في الخبرات والتجارب المشتركة، ويفقد البشر بالتالي بعض الشiiعور باإلنسiiانية، وربمiiا تصiiبح أشiiكال التواصiiل بينهم؛ أقiiل¦. االجتماعيات التي تتطور على االنترنت؛ تؤسس على مبدأ "المصلحة ¦ وجماال إشراقا المشiiتركة". وبالتiiالي فهي منزوعiiة من المكiiان، والخلفيiiة الثقافيiiة. وهي بiiذلك

منزوعة أيضا من التجارب المشتركة بين أفراد المجتمع الواحد.

باإلضافة إلى ذلك يمكن ذكر وسائل تكنولوجية لالتصاالت يمكن استعمالها بسiiهولة، ودون عوائق. إن االتصال عبر الفاكس، والبريد اإللكiiتروني؛ أصiiبحت وسiiائل سiiهلة االسiتعمال، تمكن المiرء - وفي غضiون ثiوان قليلiة - من إقامiة اتصiال، كتابiة، أو شفاهة مع أحد معارفه؛ أينما وجد. وبالتالي فقد أصبح التواصل أسهل، وأكثر تكرارا، لكنه عادة ما يكون سطحي، وسريع. وفي حاالت معينة تدعونا التنكولوجيا الحديثة – يمكن أيضا اعتبار برامج "معالجiiة النصiiوص" في الكتابiiة على الكمiiبيوتر، من هiiذه

أّي : الغير مرتبطة بالمكان وال تتوقف على المحيط الثقافي، حيث يشترك الكثيرون في مناطق **جغرافية مختلفة؛ في استخدامها – المترجم

وهي عمليةDeterritorialising"ال محدودية" مصطلح يقترحه المترجم للمصطلح اإلنجليزية ( ** يتم فيها وبها ينعم أصحاب الثقافات المختلفة بالتواصل رغم الفروق والتمايز الثقافي بينهم،

¦ في االكتشافات في مجاالت االتصاالت وتلغى الحدود الجغرافية، وبالتالي الثقافية. وتظهر جلياالحديثة مثل االنترنت، والبريد اإللكتروني – المترجم

216

الوسiائل التكنولوجيiة الحديثiة – إلى تنفيس بعض البخiار؛ قبiل أن يتجiاوز الضiغطدرجة االنفجار. واسمحوا لي أن أطرح السؤال بالكيفية التالية:

Davidالفيلسوف والمؤرخ االسكتالندّي دافيد هيiiوم Humeذiiكتلندا منiiفي اس ( ( اكثر من مائتي عام كان لديهم القليل لتبادل الحديث والحوار عنه، واستمرار الحوار¦ من الiiوقت للتحضiiير لهiiذا الحiiوار ألنهم كiiانوا عدة أيام متتالية. لقiiد أخiiذوا متسiiعا¦ وصiiعب¦ ، ولiiذا يجب إدارتiiه بحكمiiة . هiiذه يعرفون أن االتصال المباشر كiiان نiiادرا¦ من " الندرة والصعوبة قد زالت اآلن، وأن الحالة الiiتي حiiددها وعرفهiiا ووصiiفها كال

) في كتابiiاتهم حيث ذكiiروا " أنLyotard) و " ليوتiiارد " (McLuhanماكلوهiiان ( ) صiiغيرة ومسiiتقلة، بحيث يمكنModulesالثقافة قد قسiiمت غلى " معiiامالت " (

التحكم فيها واستبدالها، حيث أنiه ال يوجiد ترابiط داخلي عميiق يربiط بينهiا . وهiذاأصبح واقع وحقيقة للكثير منا .

ربما يكون من المفارقات القول بأن " النشاطات الثقافية " في عصiiرنا الحiiالي –¦ ، ويصiiفه بiiالتفرد والتمiيز – تعتiiبر ¦ معينiiا وهي عبارة عن اتجاه سياسي يمجiiد تقليiiا مثال على وسائل تقليل الفروق بين الثقافiiات والمقاربiiة بينهiiا ، حيث أن مهندسiiي السياسiiة في مختلiiف الiiدول يسiiتخدمون نفس األسiiلوب ونفس اللغiiة والقواعiiد

للتعبير عن مدى تفرد بالدهم وتميزها .

¦Ski Jumberومثال على ذلك ، فإن " القافز على الجليد " ( ) سواء كان " فنلنديا) " ¦ �ن منSlovanidan" أو " سiiولفانيا ¦ وكبريiiاء قiiومي في أي ) سiiوف يولiiد فخiiرا

¦ ، ويحصiiل على مرتبiiة متقدمiiة في ¦ رياضيا فنلندا أو " سلوفانيا " عندما يحقق نصرا السباق . وفي سياق التحليل الثقافي لهذه الحالة فإنه يمكن مقارنة الفخر والكبرياء¦ من فنلنiiiدا وسiiiلوفانيا ، وكالهمiiiا موجiiiود على نفس القiiiومي ومسiiiاواته في كال

المستوى األفقى .

محكمiiوا التiiذوق الفiiني الرسiiميون العiiالميون منشiiقون في الiiرأّي ، وذلiiك عنCreolised (*الحديث ووصف "الفن الكريولي " Artة ، أوiiأدبي ¦ )، سواء كiiان فنونiiا

أبنية معمارية . وهل يؤدّي هiiذا الخلiiط والiiذوبان للمتشiiابه وغiiير المتشiiابه إلى فن� مثل بيت سويسرّي خارجه حمiiام سiiباحة والقiiط هiiوائي للبث منحط بدائي ؟ تماما الفضائي (دش)، أو لوحة مقلدة من " فن بدائي " معلقة في بيت أحiiد أغنيiiاء الحي الغiiربي من مدينiiة أوسiiلو، او مسلسiiل أوبiiرالي سiiاذج ال يiiراعي المعiiايير الفنيiiة لهوليود . لتصبح نتيجة هذا الخلiiط كمiiا توقعهiiا المتشiiائمون ، من أمثiiال " هربiiرت

Herbertماركوس " ( Marcuse ) " و " أالن بلوم ،(Allan Bloomؤثرiiة تiiثقاف ( فيها " آليات السوق " التي سوف تحلق وتسوّي كل " االختالفات النوعية"، وتنتج لنا عصيدة ناعمة ملساء من " القواسم المشتركة" الiiتي يمكن بيعهiiا في جميiiع أنحiiاء العiiالم، وتكiiون النتيجiiة مثiiل " بيiiع سiiيمفونية بتهiiوفن التاسiiعة في محتiiوى من¦ تكiiون قiiد موسيقى أل " روك اندرول" أو روايات تقع في أعلى قائمة األكiiثر مبيعiiا¦ بحيث تحتوّي على نكات هزيلiiة في الصiiفحة الثانيiiة عشiiر ، ووصiiف وحدت قياسيا للممارسة الجنسية في الصiiفحة العشiiرين؟ أم ان هiiذا الخلiiط الفiiني يجعiiل بعض

المقصود بالفن الكريولي هنا هو : الفن – سواء في المعمار الهندسي أو األدبي – الذّي يختلط **فيه أسلوبين للبناء – معمارّي هندسي أو أدبي – من ثقافتين مختلفتين – المترجم

217

Creolisedالمتفiiائلين يعتقiiدون أن " الثiiiiiiiقافة المكرولiiة " ( Culture" و ( Globalisedالمعولمة" ( Culture، تينiiسوف تحتوّي على ثراء وعصرية مدهش (

وذلك ألنها " مكرولة". ولذلك فإننا يجب أن ندين بiiالشكر للرأسiiمالية ألنهiiا قiiامت) التي ساعدت " النبضات الثقافيiiة " (Lubricantبدور " المادة السهلة الزالفة" (

Cultural Impulsesأن تتقابل وتمتزج وتنتشر ؟ (

III

إن العادات والتقاليد المحلية الغنية ثقافيا؛ يمكن وصفها بأنها أنيقة الزى واألسiiلوب،¦؛ وصفها بالجمود، والشوفونية، والثبات الiiذّي ومصنوعة بدقة. لكنه من الممكن أيضا ال يتغير. وفي الناحية األخرى؛ فإن العادات والتقاليiiد الكريوليiiة، يمكن وصiiفها بأنهiiا سiiطحية، ال مiiذاق لهiiا، وليس لهiiا جiiذور تاريخيiiة، إال أنiiه يمكن النظiiر إليهiiا بأنهiiا ديناميكية، وأنها خالقة، وغير عنصرية، ومبتكiiرة. القنiiاة التلفزيونيiiة الخاصiiة بتقiiديم

)، مثال جيد لعالم الثقافة الكريولية الرأسمالية.MTVالموسيقى، أو "إم. تي. في" (Cacophon (*وعلى ما يبدو؛ إنهم اختاروا عرض العالم اإللكiiتروني " الكiiاكوفوني"

yفي ومضات من األلوان الجذابة. وتلك تبدو وكأنها قطع مجزأة، ال تحمل مضمون ( داخلي. وتبدو وكأنها دعوة للعدمية والنسبية، لكن بداخلها رسالة، مضمونها مناهضiiة العنصiiرية. إن قنiiاة الi "إم. تي. في"؛ تبiiدو وكأنهiiا اسiiتجابة متiiاخرة، ل"حiiوارات

Platosأفالطiiون" ( Gorgias) "قراطiiوف "سiiاول الفيلسiiا يحiiتي فيهiiال ، (Socrateخف أنiiه؛ من السiiة بأنiiعاراته الجذابiiإقناع الناس بلباقته الخطابية، وش ،(

نزعم أن الحقيقة نسبية. وربما ال تعني قناة "إم تي في" قiiول إن الحقيقiiة نسiiبية؛ لكنها تخبرنiiا بiiأن هنiiاك عiدد ال حصiiر لiه من الحقiائق والوقiائع، وإن للفiرد الحiiق المطلق، في اختيار ما يناسبه. و ربما تسألنا: من ذا الiiذّي يعطينiiا الحiiق في الحكم

عليه، أو حق االختيار له؛ تحت مسمى الديمقراطية؟

الفن الهابط، المتواجد في وسائل اإلعالم؛ ال يعلمنا أن العiiالم ال يتناسiiق مiiع بعضiiه¦ للقضiiاء على محiiاوالت إعiiادة البعض بأسiiلوب منطقي، فحسiiب. وال يمثiiل تهديiiدا القديم بأمان وأصالة فحسب. ولكنه يمثiiل "وسiiيلة إغiiراء" لهiا شiiعبية، وتشiيع بين الناس بسهولة. هكذا وصفه الناقد الفني الكاتب النرويجي "أريك فوسنس هانسiiن"

)Erik Fosnes Hansen ) "في روايته الضخمة "ترانيم في نهاية الرحلة (Psalm Journey’s End"نiiوذكر إن انتشاره – أّي الفن الهابط- يمثل خطورة. و "هانس ،(

واحد من كثير من الكتاب الجيدين؛ الذين يأملون في، ويرسمون؛ صورة لعالم، آمن¦. عiالم يسiهل جميل في جوهره، ولiه قاعiدة مبiادئ؛ معiترف بهiا، ومقبولiة محليiا وصفه؛ في نثر، أو قصائد شعر جميلة، وعندما يقرأها البشر؛ ال يشعر أحد منهم، أنiiه

"الكاكوفوني" هي أصوات موسيقية تتكون من مزيج من الموسيقى المزعجة، والخشنة، والغير ** ، والتي بدورها مشتقة منCacophonieمتناغمة وال متوافقة. والكلمة مأخوذة من الفرنسية

أّي صوت - المترجمPhone أّي سيء ، وKakosالكلمتين اليونانيتين

218

¦ خاللها من أول صفحة إلى آخر صiiفحة، دون أن تعطينiiا مستبعد منها، وتحملنا جميعا الشعور، ولو للحظة واحدة: إن في العالم شيء ال نستطيع فهمه، أو إدراكه. شiiيء؛ يتجاوز قدراتنا اللغوية، محاولiiة وضiiع مفهومiiه العiiالمي في سiiياقه الشiiيق. شiiيء®

) لقنiاة "ام.Kaleidoscopeتكون صورته المنعكسة؛ من قطع " الكاليدوسكوب" ( تي. في"؛ أجمل وأفضل من رواية تعطي االنطباع، بiiأن العiiالم ثiiابت ال يتغiiير. ذات

)Jan Kjærstadمرة؛ وصف هذا الميول واالتجاه الكاتب النرويجي "يان شارستاد" (�تاب ومؤلفون القرن العشرين؛ يكتبون كتبهم لقراء القرن التاسع بأنها؛ حالة، حيث ك عشر. وذلك ألن القiiراء في القiiرن العشiiرين يحلمiiون بiiالعودة إلى القiiرن التاسiiع

عشر ...

” سوف تبدو لنا؛ وكأنها "ضوضاء بيضاء" (MTV“النظرة السطحية لشاشة تلفزيون White Noise ) Éد ر� �iiوكأن عاصفة من الب ، (Snow،ونiiة التلفزيiiدو على شاشiiتب (

الذّي لم يتم توليفه على تردد أية قناة إرسالية. أو بوصف أكiiثر دقiiة : كصiiوت نiiاتجعن راديو، ال يجد إرسال يلتقطه.

إنه صوت يشمل كل نطاق الذبذبات في آن واحد، وال يفرق بين مختلف النغمiiات، وبالتالي يصبح غير مفهوم و"كاكوفوني". أو انه – مجازا - تحقيiiق لقiiانون الiiديناميكا

Theالحراريiiة الثiiاني، والمعiروف ب "مبiiدأ االنiتروبي" ( Entropy Principal،( ) الفيزيائيiiة، أوSystemsالذّي يذهب إلى إن "الفروق في درجات حرارة األنظمة (

األجسام المتصلة؛ تتجه نحو التساوّي. أو بأسلوب آخر: التيiiار الحiiرارّي يسiiرّي من األجسام ذات درجة الحرارة األعلى إلى األجسام األقل حرارة، أو الباردة. ويسiiتمر انتقال الحرارة طالما استمر التواصل حتى نصiiل إلى التعiiادل والتسiiاوّي الحiiرارّي.¦ من هذه القاعدة؛ فإن كل إنسان يقيم في المجتمع؛ يتولiiد داخلiiه ميiiل ألن وانطالقا

¦ لآلخرين. وإن ميل المجتمع في اتجاه "االنتروبيا السالبة" Negentro (*يصبح مماثالpyةiiينتج عن "بناء الحوائط العازلة" و " العادات والتقاليد الثقافية". ويجب مالحظ (

أنه بزيادة درجة ورود المعلومiiات، بحيث تصiiبح عiiدة مiiرات اكiiبر من قiiدرة الفiiرد السiiتقبالها، وهضiiمها، يفقiiد المiiرء – من كال الطiiرفين- القiiدرة على التناسiiق مiiع السياق. أو بتعبير آخر؛ عندما يتسع نطاق الترددات والذبذبات إلى حiiد كبiiير، عنiiدها سوف يبدو لنا المجتمع، وكأنه مجزأ، إلى قطiiع منعزلiiة ال تنiiاغم بينهiiا. وبهiiذا يصiiل المجتمع إلى حالة تبدو فوضوية، إال استطعنا تزويد المرء بقدرات استخدام "مفiiاتيح البحث"، بحيث يستطيع التقاط اإلرسال بطريقة هادفة. وبذلك يستطيع كل واحد منا استخدام "مفاتيح البحث"، أو"زر التوليف"، بأسلوبه الخاص، أسiiلوب التوجيiiه الiiذّي يرتضiiيه هiiو. وبالتiiالي سiiوف تختفي قiiدرة وسiiائل اإلعالم الموجهiiة على توحيiiد المجتمع ودفعه اتجاه العزلة، وعندها يفقد المجتمع القدرة على تنظيم نفسه بشكل¦ من وجهiة نظiر جماعي، وتبدأ األفراد في التعامل مع اآلخر، على أسiاس وانطالقiا

واقعية مشتركة.

"االنتروبيا السالبة" يمكن تعريفها بأنها تناقص معدل انتشار وتبادل المعلومات. ويكون بذلك ، **Negentropical Tendencyأو الميل في اتجاه االنتروبيا السالبة، ميل ينتج من وضع حدود

وبناء الجدران بين البشر، والتشبث بالعادات والتقاليد – المترجم

219

الوضع يبدو وكأن به مفارقة، وذلك ألننا تعودنا على التفكiiير بiiان انتشiiار المعرفiiة على صورة "كم غير منقسم"، أسلوب جيد، وسوف يسiiاهم في جعiiل العiiالم أكiiثر¦، ويخلق انتشار معرفي مشترك. وفي الواقع فإن أسلوب انتشار المعلومiiات وضوحا المعاصر؛ يؤدّي في الحقيقة إلى عكس ذلك – إلى انقسام الجمهiiور والiiرأّي العiiام،

World’s (*وإلى "جاشتلت عالمي" Gestaltةiiابع الثقافiiد منiiح. إن أحiiير واضiiغ ( البشرية الكبiير – ربمiا هiو األكiبر– هiو نشiوء الكتابiة. فعنiدما اكتشiفت اإلنسiانية الكتابة، أصبحوا قادرين على جمع وتطوير المعرفة. وأصبحوا قادرون على التخطيط لمستقبلهم، وبطرق كانت تعتبر في السابق من المسiiتحيل. فالكتابiiة تعتiiبر دعامiiة قوية للتفكير: إنها تساعدنا على التذكر، وتعطينا القدرة على تعلية بناء أفكار األجيال التي سبقتنا. وهذه الثورة اإللكترونيiة الiتي نمiر بهiا اآلن؛ يمكن تشiبيهها ومقارنتهiا باكتشاف الكتابة – وهي بالفعل تطور تكنولوجي لها، إال أن النتيجة أصiiبحت مختلفiiة بعض الشiiيء. فبعiiدما كنiiا نعiiاني من شiiح المعلومiiات، أصiiبحت اآلن المعلومiiات، والمعرفة المتوافرة؛ تزداد بشكل ضخم كما ونوعا، وأصبح من الضرورّي علينiiا تعلم

كيفية التعامل معها.

بينما تعامل أجدادنا مiiع كتبهم بحب وعشiiق، حيث كiiانوا عiiالمين بأنهiiا تحتiiوّي على كميات ضخمة من المعرفة التي سوف تجعiل من اإلمكiان السiيطرة على الطبيعiة بأساليب جديدة؛ فإننا اآلن واقعون في دوامiiة عنيفiة شرسiiة من المعلومiات، كلهiا¦ لجذب انتباهنا واهتمامنا. لقد كانت المعرفiiة في السiiابق، بضiiاعة ¦ ونهارا تتصارع ليال محiiدودة المiiوارد، والمعiiروض منهiiا قليiiل، ويمتلكهiiا البعض القليiiل. أمiiا اآلن فقiiد أصبحت المعرفة منتج شiiديد الiوفرة. حيث إن فن طباعiة الكتب؛ قiد خلiiق صiورة معلوماتية متسiمة بالتكامiل، وترابiط المعلومiات. وحيث خلقت القنiوات الفضiائية والشبكات اإللكترونية فائض كثيف، من الروايiiات المتوازيiiة لنفس المعلومiiة. وهiiذا مما جعل من الصعب الحفاظ على مفهوم "الوحiiدة القوميiiة"، و"الثقافiiة القوميiiة المشiiiتركة"، حيث أنتجت التكنولوجيiiiا الحديثiiiة الكثiiiير من "غiiiير المتشiiiابه"،¦، ونسiiتطيع التواصiiل بمختلiiف من المحاضiiرات والمجتمعiiات المتداخلiiة جزئيiiا

والخطابات، وكذلك مختلف من فلسفات اللغة.

¦: إن هنiiاك وفiiرة في المشكلة إذا لم تعiiد قلiiة المعلومiiات؛ بiiل على العكس تمامiiا¦ معرضون إلى امتالء أعيننا إلى المعلومات، تتواجد في الوسط القريب. ونحن جميعا

حافتها؛ بشظايا معرفية تافه، ال مضمون لها، وليس بها أّي ترابط منطقي داخلي.

من الناحية األخرى، فيمكننا، إلى درجiiة كبiiيرة؛ اعتبiiار هiiذه "الضوضiiاء البيضiiاء"، الكاكوفونيiiة، هي أقصiiى تعبiiير عن الديمقراطيiiة. وفي تلiiك الحالiiة، ينبغي علينiiا

** Gestalt.أو"الجشتلت"، كلمة ألمانية لم تترجم، واستعملت في اللغات األخرى كما هي وداللتها أقرب ما يكون إلى : الصبغة، أو الشكل، أو النموذج، أو الهيئة، أو النمط، أو البنية، أو –

¦ "الكل المنظم"، أو "الكل المتسامي". وبالتالي يمكن تعريف الجشتلت بأنه: وهو األكثر استعماال¦ فيما بينها، وفيما بينها كل مترابط األجزاء، باتساق وانتظام. وترتبط أجزاءه المكونة ترابطا ديناميا

وبين الكل ذاته. وتتضمن النظرية الجشتلية في علم النفس على: إن "اإلدراك" من القضايا األساسية لرؤية األشياء أو إدراكها، كما هي على حقيقتها، حيث يقوم التعليم بنقل الكائن؛ من

¦ في غاية موقف غامض ال معنى له، إلى حالة يصبح معها، ما كان غير معروف أو غير مفهوم، أمراالوضوح، ويعبر عن معنى ما، يمكن فهمه والتكيف معه في التو واللحظة – المترجم

220

¦ من استبعاده على أسس فنيiiة وجماليiiة، أو تiiوق وحiiنين التعامل مع هذا الواقع بدال إلى الماضي، أو ببساطة على أساس من الحكم المسبق عليiiه وقولبتiiه؟ ولiiو نظiiر المرء عن كثب إلى ال "إم.تي.في"؛ الكتشف أن القنiiاة، ترسiiل مجموعiiة متنوعiiة¦، لiiذا فiiإن من الرسائل الجمالية واألخالقية. لكنهiiا تقiiدمها في نفس اللحظiiة تقريبiiا

White"الكل المدرك"، هو الذّي يiiiبدو وكأنه "ضوضاء بيiiiiiضاء"( Noiseهiiiiإن . ( "تاريخ ضخم"، لو جiiاز التعبiiير؛ كiiل جiiزء من أجiiزاءه، منسiiجمة، ومترابطiiة بقiiوة، وجليiiة واضiiحة. كلهiiا مضiiطرة لتقاسiiم المكiiان مiiع شiiظايا أخiiرى كثiiيرة. ولiiذا¦ مثل المطiiار، ومثiiل المجتمiiع متعiiدد الثقافiiات، فهiiو يبدو"الكل" غير مفهوم. تماما "منطقة التداخل الحدودية" للكل المشiiترك، المكiiون من أجiiزاء. فيiiه القواعiiد هي نفسها - حتى ولو كان المحتوى مختلف األجiiزاء؛ متشiiابهة، ويمكن اسiiتبدال بعضiiها ببعض. ولiiو تعلم المiiرء اللغiiة االصiiطالحية، إلحiiدى لوحiiات العiiزف اإللكترونيiiة؛�نقiل "المهiارات" من ¦ ت ¦ مثلمiا الستطاع تعلم اللوحiة األخiرى بسiهولة ويسiر. تمامiا

)، في العاصiiمة السiiويديةArlandaمطiiار بومبiiاّي الهنديiiة، إلى مطiiار "أرلنiiدا" ("ستوكهولم".

وبعد فترة قصيرة من نشوء هذه الحالة، تتولد التأويالت والتفاسiiير التقليديiiة، الiiتي تفشل في وصف الظاهرة. وذلك ألن؛ مفتاح الفهم الضiرورّي لوصiفها، ال يكمن في العالقة بين "الكل المدرك" للصiورة، بالنسiبة لألجiزاء المكونiة لiه. إنمiا يوجiد في القواعد واألسس، التي تصف وتحرك كل جiزء على حiده. ولiذلك فiإن التفسiيرات والتiiأويالت التقليديiiة؛ تخلiiق االنطبiiاع بiiأن مجتمiiع المعلومiiات الجديiiدة يفتقiiر إلى¦ لi"الكل". تماما مثل تهiiافت ¦، وجاذبا ¦ منفصال المضمون. وذلك ألنه صمم ليكون خيارا الدببة إلى إناء العسل. و اتباع هذا األسلوب من التفكير يؤدّي إلى أن يبدو "القiiرص

) - أكiiثر سiiطحية، وأقiiل تعقيiiدا منC.Dالمiiدمج" – المسiiمى بiiال"سiiي دّي"( "رواية". والسبب في هذه الرؤية هو أننا ننظر إلى القiiرص المiiدمج، ونتعامiiل معiiه¦ - أّي قiراءة معمقiة؛ بiل على انه رواية. ولكنه في الواقع؛ لم يصiمم ليقiرأ عموديiا

¦ - أّي في اتساعه. إن هiiذا "القiiرص المiiدمج" ( ) مؤلiiفC.Dصمم لينظر إليه أفقيا من عدة وحدات مستقلة، وتبقى وظيفة المستخدم نفسه أن يربط فيمiiا بينهiiا، وان¦. عالوة على ذلiiك، ال ينبغي لنiiا يخلق منها "الكل المدرك" الذّي يناسبه هiiو شخصiiيا تجاهل، إن تكنولوجيا اإلعالم المتعددة، سوف تطور شكلها، وقالبها الخاص بهiiا، بمiiا

فيه من عمق وتعقيد.

هذا االستبدال والتغيير، يمكن وصفه في الواقع العملي؛ بأنiiه ديمقiiراطي ونسiiبي.¦ فوسائل اإلعالم المتحدث عنها ليست وسائل إعالم بالمعنى التقليدّي المتداول؛ فكال من القنوات التلفزيونية الفضiiائية المتعiiددة، وكiiذلك أسiiاليب التواصiiل عن طريiiق

تiiوفر للفiiرد إمكانiiات لم تكن معروفiiة لiiه من قبiiل، وتعطيiiه*الشبكات اإللكترونية حرية االختيiار، والقiدرة على توجيiه اهتمامiه. لقiد ازداد نطiاق "الطiول المiوجي" لإلرسال، بشكل كبير. وكانت النتيجة؛ أن تناقص بشكل متزايiiد؛ عiدد األفiراد الiذين يولفون جهاز استقبالهم على نفس التردد، أو بمعنى آخر، تزايiiدت االختيiiارات أمiiام

لقد وضح صحة هذا الكالم بعد بضع سنوات من كتابته، وظهر تأثير اإلنترنت، وبرامجها، التي ** سهلت عملية التواصل بين أفراد المجتمع الواحد، وبين المجتمعات بعضها البعض، وكان لها دورا

كبير في التواصل بين الشباب الثائر في البالد العربية، وعلى األخص في تونس ومصر – المترجم

221

الفرد الواحد. ولiiذلك فiiإن هiiذا الوضiiع الجديiiد يجعiiل من الصiiعب المحافظiiة علىNational"مجتمع قومي" ( Communityذهiiور في هiiل التطiiوينتظر أن يتواص ،(

التكنولوجيا – بداية كانت الكتب المطبوعة، وهي الiiتي سiiاهمت في إنشiiاء وتكiiوين مفهوم المجتمع القومي، ثم جاءت وسiiائل التواصiiل اإللكترونيiiة. ومن حيث المبiiدأ نفسه - الذّي جعل بقاء "المجتمعات القومية"؛ سوف يكون هو نفسiiه الiiذّي يجعiiل¦. وذلiiك ألن هiiذه التكنولوجيiiا تقiiوم بعمليiiة ¦ مستحيال بقاء المجتمعات القومية؛ شيئا¦ من ذلك ¦، الراسخة في المكان، وتخلق بدال تفتيت لتلك المجتمعات المتماسكة ماديا¦. إنها توفر فرصة نادرة، لطائفة ¦، وأكثر تخصصا ¦ وترابطا مجتمعات جديدة، أقل جمودا واسعة من الجماعات؛ للتعبiiير عن نفسiiها. وسiiوف نجiiد مiiرة أخiiرى نقiiاط تجميiiع وتوحيد. ولن يكون هناك طريق التفافي، للعودة إلى طiiور السiiذاجة والبسiiاطة، وال العودة إلى ماض أسطورّي، عندما كانت الجiiدران تبiiدو طبيعيiiة، والمحافظiiة عليهiiا¦ كبيرة. أمiا في وقتنiا هiذا فiإن بنiاء وصiيانة هiذه الجiدران حينها ال يستدعي جهودا

والحوائط العازلة على ما يبدو يحتاج إلى عزم وجهد كبيرين.

السؤال الذّي يجب إثارته للنظر بعمق في هذا الموضiiوع هiiو: مiiا عiiدد المكونiiات المجتمعات الصغيرة المتنوعة التي نحتاجها لتكوين "مجتمع متناسق"؟ هiذا السiؤال هiiو سiiؤال اسiiتطرادّي وغiiير منهجي، في حiiال طرحiiه في النقاشiiات والحiiوارات الدائرة، حول موضوع "المجتمiiع المتعiiدد الثقافiiات" واألطيiiاف. فمن ناحيiiة، يمكن القول إن مفهوم "مجتمع متعدد الثقافات"، واألطيiiاف. ومن ناحيiiة، يمكن قiiول: إن مفهوم "مجتمع متعدد الثقافات" هiiو مفهiiوم سiiخيف، ومتنiiاقض. ذلiiك ألن تعريiiف "مجتمع" يرجع إلى "قيم مشتركة"، وبالتiiالي درجiiة معينiiة من المشiiترك الثقiiافي.¦ أن: مفهiiوم "مجتمiiع متعiiدد وفي الناحية المعاكسiiة لiiذلك، فهنiiاك من يiiزعم أيضiiا الثقافات" هو مفهوم سiiخيف حقiiا، لكن منطقهم وحجتهم في هiiذه الحالiiة هي: إن كل المجتمعات تحوّي التعدد الثقافي. وذلك ألن النظريات الiتي تتحiدث عن أن كiل المواطنين ألّي من الدول مشتركون في ثقافة واحiiدة مشiiتركة، هي نظريiiات لهiiا

مفهوم خاطئ، من الناحية األيديولوجية.

Jon (*من ناحيته؛ اقترح بiiاحث االجتمiiاع الiiنرويجي "يiiون إلسiiتر" Elsterاiiتعريف ( للمجتمع ووصفه بأنه: حيز مكاني؛ فيه يتوقف المواطنون عندما يرون الضوء األحمر في إشiiارات المiiرور. أّي إنiiه مكiiان يوجiiد فيiiه توافiiق على حiiد أدنى من القواعiiد

واإلرشادات، التي توجه األداء المجتمعي واسلوبه، في الحياة المشتركة.

هذا التعريف قريب من مفهوم جاءت به الثقافة العصرية، حيث لم يعد من المتوقiiع من البشر؛ الذين يعيشون في نفس المكiiان، أن تكiiون لهم قيم مشiiتركة، أو رؤيiiة ومعتقدات مشتركة، أو فلسفة واتجاهات أساسية مشتركة لتوصiiيف الحيiiاة. ولكنiiه وفي الوجه المقابل، يتوجب عليهم أن ينتسبوا إلى مؤسسiiات مشiiتركة، ويلiiتزمون

. وكان أحد الدعائم1940يون إلستر فيلسوف، وباحث اجتماعي نرويجي، ولد في عام ** األساسية في إصدار "موسوعة باكس" التي جمعت الكتابات والدراسات االجتماعية لكارل

ماركس باللغة النرويجية. وفي السنوات األخيرة صدرت له كتب عن دراسات المفكر والمؤرخ ) عن "الديمقراطية في أمريكا"، و "النظام القديم والثورة"1805الفرنسي "توكيوفيال" (ولدباللغة النرويجية – المترجم

222

بمجموعiiة من القواعiiد واألنظمiiة المشiiتركة، ومن الiiواجب عليهم قبiiول "معiiايير مشتركة " لحiiل المشiiاكل الموضiiوعية المشiiتركة. عليهم إذا الوقiiوف عنiiد ظهiiور

¦ عن كونهم محاطون بضوضاء بيضاء. الضوء األحمر، رغما

IV

عادة مiiا تقiiوم الجiiدران بالفصiiل بين "غiiير المتحضiiر"، و"المتحضiiر" بإبقائiiه في¦ مiiا تكiiون الجiiدران الخارج، ولكن في بعض األحيان تقوم بحسبه في الداخل، ونادرا فعالة مائة بالمائة، وال توجد جدران أبدية. مثال؛ جدران مرض الطاعون، التي أقيمت في القرون الوسطى، فشلت في حماية "الجميع" المتواجد في الجانب الصحيح من حيث اإلصابة بالمرض. وكذلك فشل حائiiط بiiرلين في إعاقiiة كال من؛ "راديiiو أوربiiا

)، وبناطيل الجينز من ماركة "ليفيس"(play boyالحرة"، ومجالت "البالّي بوّي" ( levisدرانiiتطع الجiiة. ولم تسiiتراكية المتزمتiiدران االشiiوب في جiiمن إحداث ثق (

والحواجز اإلثنية؛ من منع الزواج المختلط.

جدران الطاعون ظلت قائمة لم تنهدم، لكنها فقدت وظيفتها ومعناها، وذلiiك عنiiدماWallاختفى الطاعون. وفي رواية "جiiدران الطiiاعون" ( of the Plagueتيiiال ،(

تعالج قضية وجود اإلفريقيون الجنوبيiiون في المدينiiة الفرنسiiية الصiiغيرة المسiiماهAndre) ، أفصح الكاتب "أندريه برينiiك" ( carcassonne"كاركاسون" ( Brink(

عن انطباعه قائال: إن الجدران بين البشر تزول وتهiiدم؛ عنiiدما يiiتزاوجون ، وعنiiدما يشعر الزوجان بالمتعة واللiiذة، وعنiiدما يتبiiادل الزوجiiان األبيض واألسiiود المواقiiع.

) أنHippiesويعتقد إن مثل هذا األسلوب في التفكiير، هiو الiذّي حiاول "الهيiبز" ( يشرحوه للناس، في فiiترة الغمiiوض الiiتي أحiiاطت بهم، وذلiiك عنiiدما أعطيت لهم فترات إذاعية، وسمح لهم بكتابة األعمدة الصحفية، وبدأوا في تسويق أفكارهم عiiبر كثير من وسائل اإلعالم، ونقل عنهم أن الممارسة الجنسية المخالفة لما هو مألوف، واستبعاد األعراف والتقاليد االجتماعية، هي التي تجعلهم أكiiثر سiiعادة. ولكن عنiiدما¦ للنفس – إنهم هم فقدوا براءتهم، واكتشiiفوا – على األقiiل أغلبهم، وأكiiثرهم انتقiiادا¦، سواء فيما بين جمiiاعتهم، وفيمiiا بينهم وبين ¦ صلبة جدا أنفسهم الذين أقاموا جدرانا المجتمع، من خارجهم. إن هناك مشكلة معتادة تظهر في كiiل التجمعiiات اإلنسiiانية، إنها حقيقiة ال يمكن إنكارهiا وهي: ليس كiل أفiراد المجتمiع من يقبiل، أو يسiتطيع المشاركة، وذلك ألن كل منهم يصنع جماعته باسلوب متمايز، وفيه يiiرفض مشiiاركة المخالفين. والكثير من هiiذه الجماعiiات يعiiبر عن رفضiiه لآلخiiرين بطiiرق مختلفiiة. والكثير من هؤالء؛ يكرر اقواال يصنف فيها اآلخiiرين، من مثiiل: إنهم ليسiiوا مثلنiiا. أو هؤالء اآلخرون، المقرفون، األنجاس، الكiiافرون، الشiiمال أمريكيiiون، اليهiiود، آكلiiوا لحiiوم البشiiر. إن الiiذّي يجب علينiiا نحن البشiiر معرفتiiه، وتميiiيزه، والخiiوف منiiه

the (*وكراهيته؛ هي تلك " المادة المضiiادة" anti matter،يiiا النفسiiفي تكوينن

يتوقع علماء الفيزياء الفلكية وجود "مادة مضادة" للمادة المعروفة لنا في الكون المحيط، ومن ** خواص هذه المادة أنها تتحد مع المادة العادية فيفنى االثنان وتنطلق الطاقة المتكونة من

اتحادهما. ومن هذا المنطلق إقتبس الكاتب هذا التمثيل- المترجم

223

وهي التي منها يقام أساس بناء المجتمعات. وهي المiادة الiتي نبiنى منهiا بأنفسiناالحوائط التي تعزلنا عن اآلخرين.

¦ سiiوف نجiiد جiiدران. هiiذه الجiiدران متنوعiiة، ال يوجد جدار يبقى لألبد؛ ولكن، دائمiiا سواء في مكiiان تواجiiدها، أو في داللتهiiا. بعض هiiذه الجiiدران تمiiر خالل المجتمiiع، وكثير من بعضها اآلخر ما يمر خالل البيت الواحiiد، حيث تفiiرق بين المiiرء؛ وآخiiرين يهفiiو للiiزواج منهم. وبينiiه، وآخiiرين ال يقبiiل الiiزواج منهم - حسiiب تعبiiير " ليفي

Leviستروس " ( Strause،ؤالءiiو هناك بعض الجدران التي تعزل بين المرء وه . ( الذين يكون على استعداد لقتلهم إذا اضطر لذلك. و بين المرء وهؤالء، الiiذين يكiiون على استعداد للموت ذودا عنهم. وبعض الجدران تفرق بين المرء، وبين هؤالء الiiذين يعمل معهم، وهؤالء الذين يقابلهم أثناء االتجiiار في البضiiائع فحسiiب. وتشiiمل هiiذهالجدران أسوار المدينة القديمة، ومجموعiiة الوحiiدة االقتصiiادية األوربيiiة الجديiiدة (

ECUع أّيiiمع العلم بأنه ال يوجد "جدران مطلقة"، بمعنى أن تكون قادرة على من .( اتصال، فكل الجدران يمكن التسرب منها.

في المجتمعات يضعون قواعد وشروط، تحiiدد نiiوع التواصiiل الiiذّي يمكن أن ينشiiأ. هذه القواعiiد يمكن أن تiiتراوح بين حظiiر الiiزواج من هiiذه المجموعiiة أو تلiiك، إلى درجة حظر الحديث بأسلوب مهذب عن ذلك النظام السياسي عند هiiذه المجموعiiة أو تلك. وفي بعض الحاالت المتطرفة يمكن أن يمنع المiiرء من زيiiارة فئiiات معينiiة من البشر المتواجدين في الجانب اآلخر من الجدار. إن بناء الجدران، هiiو تعبiiير عن الرغبة في تعميق العزلة؛ على حساب التواصل. لكن، وفي نفس الوقت؛ فiiإن بنiiاء الجiiدران في حiiد ذاتiiه يiiبرهن على أنiiه، قiiد تم تواصiiل مكثiiف بين األفiiراد، أو المجموعiiات في ذلiiك الحين. أو أنiiه يiiبرهن على امكانيiiة إقامiiة التواصiiل في المستقبل مع الذين يحتاج المرء إلحاطتهم بجدار حتى يصiiبح متمiiيز الهويiiة. ولiiذلك أقام "الهيبز" جدران، بينهم وبين الطبقة المتوسiiطة - الiiذين هم منهiiا، وحiiاولوا أن يبقو على مسافة منهم. ولقد بنى أتباع "ستالين"، الديكتاتور الروسي؛ جدران تعiiزل البرلمانيiiة والرأسiiمالية، وهي األنظمiiة الiiتي يخشiiون على اتبiiاعهم من إغواءهiiا. واالتحاد األوربي اآلن، يبدو وكأنه مضطر، إلقامة جدار بينه وبين الشرق والجنوب، أو المجموعات البشiiرية الiiتي تهiiدد بهجiiوم مكثiiف، وينiiثرون فضiiالتهم في حiiدائقهم، والذين يتسببون في خلق حالة من الفوضى، في ميزانياتهم القومية المحددة بدقiiة. ومن جانبها تقيم النرويج جدار، بينها وبين أوربا. إن الجiiدران ليسiiت مؤسسiiات في

.¦ الواقع الحياتي فحسب؛ لكن لها أهمية رمزية عميقة أيضا

وعلى سبيل المثiiال، فإنiiه في حالiiة عiiدم السiiماح لتركيiiا المشiiاركة في االتحiiاد¦ على قiiدرتها، على الحفiiاظ، على معiiدل للنمiiو االقتصiiادّي أعلى من األوربي، رغما¦ عن كونهiا على وشiك أن تصiبح ¦ عن كونها دولة علمانية، ورغمiا دول االتحاد، ورغما¦ من ¦ للمقاييس األوربية؛ إال أنه ال يجب على المرء إغفال جانبا مهمiiا ديمقراطية وفقا تفسير الرفض األوربي؛ بأن أوربا ال ترغب، وال تقدر، على فقدان تركيiiا لتقiiوم بiiدور¦ حiiول هويiiة أوربiiا نفسiiها. "اآلخر"، ألن هذا الجدار الرمزّي حول أوربا، يكو�ن جiiدارا وبالتأكيد سوف يتهاوّي، لو انضمت تركيا لالتحiiاد األوربي. وعلى العكس من جiiدران السجن، أو الجدار الذّي يحيط بالثكنة العسكرية؛ فإن الجدار بين أوربا وتركيا، يعiiزل

224

األتiiراك ، ويبقيهم في الخiiارج، أّي ال يسiiمح لهم بالiiدخول، ويiiترك لهم حريiiة بنiiاء¦، سواء مع أو بدون الناطقين بالتركية في أسيا. جدرانهم الخاصة بهم شرقا

على العموم فإن الجدران ليست منيعة، وليست غiiير قابلiiة لالخiiتراق. وفي حالiiة الجدران التي لها تأثير اقتصادّي أو سياسiiي، فقiiد اعتiiبرت من بعض األيiiديولوجيون على أنهiiا مطلقiiة. وقiiد قبiiل البعض صiiحة هiiذا الفiiرض من حين آلخiiر. مثiiل هiiذه¦ عناصiiر من معركiiة األيديولوجيiiة تسiiتنبت عقيiiدة ثنائيiiة في الواقiiع، تتضiiمن دائمiiا

) في حiiزبTamils"الخير" في مواجهة "الشر". في "سريالنكا" يصنف "التاميل" (Ancientالشiiيطان، كمiiا ورد في األسiiاطير السiiنهالية القديمiiة ( Sinhalese

Myths) "لما تقوله "الجبهة القومية ¦ National). ووفقا Front،وiiاد هii؛ فإن المعت( ¦ إن المسلمين وحدهم؛ هم الذين يسيئون معاملة النساء. وهم الذين ينجبiiون أعiiدادا كبiiيرة من األطفiiال. وعلى المسiiتوى السياسiiي؛ فهنiiاك عقيiiدة سiiائدة بين أعلى شخصياته وحتى وقت قiريب؛ تiiذهب إلى أنiiه يوجiد صiراع ال هiوادة فيiiه قiائم بين العالم األول، والعالم الثاني. وهي العقيدة التي أفسحت الطريق في بعض المناطق للمواجهة المعتادة، وذات التاريخ الطويل، بين المسiiيحية واالسiiالم. مثiiل هiiذا النهج في التفكير؛ الذّي يتميز باإليمان بثنائية القطبيiiة، هiiو الiiذّي يتiiوجب على المفكiiرين والمثقفين دحضه وتفنيده. وذلك عن طريiiق تشخيصiiه، وتوضiيح مفارقاتiiه، وتقiديم التفسيرات الجديدة ألحداث الماضي، وتوفير الحقائق الغير معروفة للجمهور، وقبiiل

كل هذا يوضحون لهم حقيقة "نسبية الجدران".

ما زالت الدولة القومية حتى اآلن هي الالعب السياسي األهم، على مستوى العiالم. لكنها آخذة في التراجع، وربما في المستقبل القريب، لن تصبح المرجع األهم لتحديد هوية الفرد، في أجزاء كبيرة في أوربا. والهويات االجتماعية، والمكونات التي تتكون منها مختلف المجموعات التي ينتمي إليها الفرد؛ هما قيد التفاوض . وال ينطبiiق هiiذا¦. إن هياكل السiiلطة الiiتي على أوربا فحسب؛ بل يشمل جميع أنحاء المعمورة تقريبا نعيش في كنفها حاليا، سواء كiiانت سياسiiية أو اقتصiiادية؛ لم تعiiد مربوطiiة، بنفس¦ إلى؛ إن الثقافiiات القوة بالدولة القوميiiة، كمiiا كiiانت من قبiiل. ويرجiiع ذلiiك جزئيiiا ليست قالع مغلقة، ومسيجة بسور يحيط بها غير قابل للتجاوز. ولكنها، أّي الثقافات،¦ ما تكون مثيرة للدهشة. وكمiiا تنساب بيسر، وسرعة، وبطرق ال يمكن توقعها، غالبا في حالiiiة "موسiiiيقى الريجiiiا"، وهي الiiiتي أصiiiبحت ثقافiiiة شiiiائعة في جزيiiiر "موريشiيوس" األسiيوية، بعiدما أصiبحت "موضiة قديمiة" في "جاميكiا" الكاريبيiة¦. وكما أصiبح للمiرء الiنرويجي، الiذّي يعيش بالعاصiمة أوسiiلو؛ بعشر سنوات تقريبا نقاط تماس ثقافية، مع القاطنين في "ترينيداد" الكاريبية، أو "كوااللمبور" اآلسiيوية،

) اآلوربية، أكثر مما لة مiiع جيرانiiه في القريiiة النرويجيiiةVancouverو"فانكوفر" ( )، أو حiiتى مiiع جيرانiiه في الحي الiiذّي يعيش فيiiه، فيLotenالصiiغيرة "لiiوتن" (

العاصمة اوسلو. وكما بينت باألمثلة؛ فإن االنمiiاط الثقافيiiة، والسiiلطات السياسiiية، والقوى االقتصادية؛ كلها في الطريق في إتجاة فصلها ونزعها، من بعدها المكاني، أو،¦ بتعبير آخر: لم تعد بالضرورة مرتبطة بمكان محدد. ولذا فإن جميع الجiiدران تقريبiiا التي تفصل بين البشر اليوم سواء في الداخل أو الخارج؛ أصبحت غير واقعيiiة، عمiiا كانت عليه منذ أربعiة أو خمسiة عقiود، وذلiك عنiiدما رسiiمت الحiiدود بين األقiاليم

والدول.

225

¦ عما وفي مثل هذه الحالة فإن عالمنا المحيط الذّي نعيش فيه؛ يصبح أكثر تعقيدا¦، أو دولiiة قوميiiة حديثiiة. ولم يعiiد من ¦ تقليiiديا ¦ ريفيiiا كان عليه، سiiواء كiiان مجتمعiiا المناسب أن ينتسب المرء؛ إلى "مكان" واحد، أو إلى "جماعiiة" قريبiiة واحiiدة. ولم يعد هناك أسرة واحiiدة، أو قريiiة واحiiدة، أو أمiiة واحiiدة (أسiiرة مجازيiiة)، أو دولiiة قوميiiة واحiiدة (قريiiة مجازيiiة)؛ تسiiتطيع اسiiتيعاب كiiل والء الفiiرد، أو احتiiواء كiiل جذوره، أو تستحوذ على كل أحاسيس االنتماء الثقافية واالجتماعية. وللتوضيح أقiiول¦، يمكن وصفه في نفس ¦، واخترته عشوائيا المثال التالي، يوجد إنسان أعرفه شخصيا الحين أنه: عضوا في "األمiiة الموريشيوسiiية" (الكائنiiة من خالل تميزهiiا عن بiiاقي األمم)، وينتمي إلى "فئiiiة الهنiiiدوس" (إحiiiدى مكونiiiات األعiiiراق األخiiiرى في

) (الموجودة ضمن غيرهاVaish – Categoryموريشيوس) ، وإلى "فئة الفايش" ( من فئات الكاستا – أو فئات الطبقات االجتماعية األخiiرى)، وهiiو من "فئiiة الiiذكور" ( التي تتواجد من خالل وجود نقيضها من فئiiة اإلنiiاث)، وهiiو من "الطبقiiة العاملiiة" (الكائنة من خالل وجود نقيضها من الفئة البرجوازية)، وهو من "فئة سكان المدينة" (المتواجiiدة من خالل تواجiiد نقيضiiها من فئiiة القiiرويين)، وهiiو هندوسiiي الiiدين ( المتواجد من خالل نقيضه من األديان األخرى). لكiiل هiiذه الهويiiات؛ سiiوف توجiiد مناسبة، حيث تكون دائما أحiiد هiiذه الهويiiات؛ هي األكiiثر مالئمiiة للتعبiiير عن هويiiة

¦ منهم هي األكثر مالئمة. الفرد؛ لكنها لن تستمر وتبقي، أيا

إن هذا التدفق المعلوماتي، وهذه المناطق المتداخلة، وتلك التقسiiيمات والتعبiiيرات الiiتي احiiدثتها االنiiترنت، والمطiiارات، والفنiiادق العالميiiة الموصiiوفة أعاله؛ تتوافiiق

¦، مع هذه الهوية المركبة. وتتطابق تماما

في هذه الفترة التاريخية التي نحياها اآلن، حيث نشأت حالة تتميز باالنتشار الكiiثيف¦ بiiأنهم للحداثة والمعاصرة؛ نجiiد بعض األيiiديولوجيين – الiiذين يمكن وصiiفهم حرفيiiا رجعيون- يحاولون إعادة الحياة ألفكار قديمة؛ من الترابط العضiiوّي بين التجمععiiات البشرية، وتلك الجدران العالية الراسخة؛ التي يمكنها اسiتيعاب كينونiة المiرء كلهiا، والتي تسiتبعد الiوالءات الممتiiدة خiارج الحiiدود، والمتقiابالت المختلفiة، والهويiiات المركبة، ومشاكل الهويiiة، إنهم باختصiiار يرفضiiون المشiاركة، ويرغبiiون في إبiiدال سبل المعاصرة والحداثة - التي تتميز بتدفق المعلومات والتطور- ومقاومتها، وذلiiك بوضiiع الحiiدود، ورفiiع شiiعارات النقiiاء الثقiiافي. ويجب االنتبiiاه إلى أنiiه؛ ليس من المسلم به اإليمان، بأنهم يناضلون من أجل قضية محكوم عليها بالخسiiران المiiبين، فمن المعروف أنه لو استطاع امرئ من إقناع عدد كبير كاف من الناس، بأن القمiiر مصنوع من الجبن األخضر؛ فسوف تستقر هiiذه المعلومiiة، بعiiد فiiترة وجiiيزة، وفي

نهاية المطاف ستجدها في الكتب المدرسية.

)؛ تبدو وكأنها هي الصiiفة ذات الترسiiبBipolarityفكرة وعقيدة القطبية الثنائية ( cognitiveاألعمiiق في "البنيiiة اإلدراكيiiة"( structureز فيiiتي تحفiiوهي ال . (

النفس، وتiiدفع إلى توليiiد التمسiiك بالعiiادات والتقاليiiد، واالنعزاليiiة، وإنتiiاج الصiiور العدائية: إنها هي الiiتي تسiiاهم في تفسiiير وتiiبرير الصiiراع بين المسiiيحيين مقابiiل¦)، والشiiمال ضiiد الجنiiوب، الوثنيين، والعالم الحiiر مقابiiل العiiالم الشiiيوعي (سiiابقا وأوربا مقابل الواليات المتحدة واليابان، وأوربا مقابل العرب وأّي آخر بربرّي. ووفقiiا

226

للفكر اليوناني الكالسيكي، فإن اسلوب التفكير ذات الثنائية القطبية مرتبiiط بنشiiأة¦ لi "ليفي االنقسام في اإلنسان إلى جنسين متقابلين (الiiذكر مقابiiل األنiiثى) ؛ وتبعiiا

Leviستروس" ( Straussالتفكيرiiوم بiiذّي يقiiفإن تركيب المخ البشرّي نفسه ال ( ). ومن الجiiائز أن يكiiونdichotomiesداخلنا هو الذّي يقiiوم بصiiناعة "الثنائيiiات" (

¦، لكنه يجب مالحظة أن هناك اختالف واضح ومهم، بين عالم مكiiون من ذلك صحيحا كثير مختلف، وآخر مكون من قليل غير مختلف. األول هو األفضل لالختيار وال شiiك؛

عندما نفكر على أساس إنساني.

¦ لجميع الجiiدران. صiiحيح إن جدار برلين ليس هو الجدار الذّي من شأنه ان يضع حدا أنه قد تم هدمه وسط تصفيق وترحيب من شعوب العالم اجمiiع، ولكن سiiرعان مiiا بiiنيت جiiدران جديiiدة مثلiiه، وبقيت كثiiير من الجiiدران القديمiiة كمiiا هي لم تهiiدم.

)، واسiiتمرارethnocentric)، و"نرجسiiي" (racistالتخاطب بأسلوب "عنصiiرّي" (¦ الصiiحيحة، يعiiني بحiiق؛ انiiه لم يعiiد وجiiود االعتقاد بأن السياسة األوربية، هي دائما

) بين مثقفiiوا البالد الغنيiiة والقويiiة،etiquette"آداب وأخالق المعاشiiرة الطيبiiة" ( وذلiiك عنiiدما يصiiفوا األجiiانب بiiأنهم "كفiiار"، "بiiدائيون"، "نجس". ذلiiك الخطiiاب السياسي المتداول الذّي يتحدث عن األمم األجنبية، والذّي يحمل في طياتiiه إن كiiل

)؛ فعليiiه أن ينظiiف فمiiه بالمiiاء والصiiابون. إنiiهNegroمن يتحدث عن "الزنجي" ( خطاب يبين بوضوح؛ الحقيقiiة القائلiiة، إن الفجiiوة القائمiiة، منiiذ زمن؛ بين األغنيiiاء¦ عن أن العiالم اصiبح "قريiة كبiيرة" إال أن والفقراء، ما زالت هائلة وكبiيرة. ورغمiا¦. هذا التشكيل المحلي للعالم؛ يحمiiل في طياتiiه داللiiة تشكيله وتركيبه ما زال محليا إن المجتمعiiات مiiا زالت محاطiiة بالجiiدران واألسiiوار العميقiiة، الثابتiiة الجiiذور، المرتبطة بالمكان، القارة األوربية في مواجهiiة تركيiiا والعiiالم اإلسiiالمي، والواليiiات المتحدة في الطريق ألن تصبح في مواجهة أسiiيا الشiiرقية، وترينiiداد الكريوليiiة في مواجهة ترينيداد الهندية، والثقافة اإلفريقية األصيلة في مواجهة الثقافة االستعمارية، وهلم جرا. إن محاوالت " توحيد الثقافة" في المجتمع الواحiiد ليسiiت وسiiيلة تiiؤدّي إلى إزالiة الحوائiط والجiدران فقiط، ولكنهiا، وفي نفس الiوقت، وبنفس المقiدار، وسيلة تساعد على بناءها، بطريقة غير مباشرة. وذلك ألن رد فعل محاوالت التوحيد

بالذات"( تثبيت ونمو "االعتداد ) .Self-importance or awarenessيتسبب في إن "الشiiعور بiiاالغتراب"، الiiذّي يتولiiد في المجتمعiiات نتيجiiة للحداثiiة والمدنيiiة،¦، يمكن تفسيره بطريقiiة سiiلبية، واعتبiiاره "غربiiة" أو إقصiiاء ونفiiور، والكرولة أيضا¦ على أنه "حريiiة". ومعظم البشiiر لiiديهم من وكذا يمكن تفسيره والنظر إليه إيجابيا¦ من التفسيرين، السلبي أو االستعداد التكويني ما يكفي ألن يستحضر عند الحاجة أيا

اإليجابي.

***

في المقال األول من هذا الكتiiاب، وصiiفت أسiiلوبان مختلفiiان للكيفيiiة الiiتي نعتiiبر وننظر بها إلى الثقافة: إما أن ننظر إليهiiا مثiiل الشiiعاب المرجانيiiة، أومثiiل المجiiال الكهربي. مثال الشعاب المرجانية مجاز واسiiتعارة، توضiiح اسiiتمرارية الثقافiiة عiiبر التاريخ، والجذور، والحلiiول الiتي تم تجربتهiا لمواجهiة تحiiديات الحيiiاة، والتسلسiل الهرمي، والمجتمع المتقارب الصلد، الذّي له حدود، وعليه إلتزامiiات. و"االستiiiiعارة

227

العضوية" (مثل الجذور، والكائن االجتماعي، وهلم جرا) تقع في قمة النظiام، ضiمن هذا اإلطار من الفهم. أما في حالة االستعارة والمجاز لi "المجال الكهربي" فيرسiiم على العكس؛ صiiورة من عiiالم دون حiiدود واضiiحة، حيث الديناميكيiiة هي الحالiiة الغالبة. الشراكة والتواصل بين مكوناته؛ ليست مرتبطة بالمكان. وفيiiه يكiiون تiiأثير¦ من تiiأثير المكونiiات. مثiiال الشiiعب المرجانيiiة هiiو المحيiiط أسiiرع وأكiiثر وضiiوحا "الحاضر" الذّي يشير إلى "الماضي". أما مثiiال المجiiال الكهiiربي؛ فهiiو "الحاضiiر"¦ على األرجح – الذّي يشiiير إلى "المسiiتقبل". القiiارئ أو القارئiiة – وهiiو اسiiكندنافيا الذّي يعتقد ويؤمن بأن ما يربطه من مشiترك معiك االسiكندنافي الiذّي عiاش منiذ أربع مائة عام مضت؛ أكثر من القواسiiم المشiiتركة الiiتي تربطiiه مiiع األرجنتنiiيين – على سبيل المثال – الذين يعيشiiون اليiiوم (أو المعاصiiرون لiiه) ، فقiiد اختiiار مجiiاز

الشعب المرجانية، والعكس بالعكس في حالة المجال الكهربي.

هذان النموذجان؛ أحiدهما يوضiح الثقافiة في بعiدها الرأسiي (العمiودّي)، واآلخiر يوضح بعدها األفقي. وفي مثال الشعاب المرجانية فإن عالقiiة اآلراء ببعضiiها البعض ومغزاها، قد تكiiونت، وتم صiiقلها على مiiدى عiiدة مئiiات من السiiنين. فيهiiا ترتبiiط¦ مثل معزوفة موسيقية كورالية مترابطiiة. أمiiا في حالiiة الثقافة بعضها ببعض؛ تقريبا المجال الكهربي؛ فإن المعاني واآلراء متواجدة كوسيلة للتواصل، وهي خاصة للحين¦، أمiiا المجiiال الكهiiربي فيخلiiق واللحظة، والمكان. الشعاب المرجانيiiة تصiiنع عمقiiا¦. الشiiiiعاب المرجانيiiiiة تسiiiiلط الضiiiiوء على البعiiiiد "السiiiiينجماتي" ( اتسiiiiاعا

Syntagmatic" ةiة المركبiأو*)، أو التكويني للثقافة، ويعتبرها البعض مثل "الجمل ، مثل سالسل من الجمل المترابطة فيما بينها.

أما في حالة مثال المجال الكهربي، فهو يلقي الضوء على البعiiد "الباراديجمiiاتي (Paradigmaticتي يمكنiiه، والiiة لiiر المكونiiردات والعناصiiللثقافة، أّي على المف (

إنها "أسلوب حياة" في حزمiiة واحiiدة، حيث يمكن اسiiتبدال*استبدال أّي منها بآخر أحد وحداتها أثناء تواجدها واستمرار حياتها، مثل: العمل، أو الوظيفiiة، أو نiiوع الiiزّي واللباس، أو مجموعة االنترنت التي يتواصل معها، أو حتى الدين. وهذا يمكن فهمiiهفي مثل هذا النموذج ، فهو نموذج يتيح لنiا أن نiرى أوجiه تشiابه بين " بiيرجنت " (

Peer Gynt)"نiiهور "إبسiiنرويجي المشiiاتب الiiرحيات الكiiوهو بطل إحدى مس ( Ibsen؛ وشخصية المشعوذ المحتال في إفريقيا الغربية. لقد أشار إلى هذا التشابه(

المخرج "البوركيني" (نسبة إلى بوركينا فاسو) عندما قام بإعداد مسiiرحية "إبسiiن" ). وبهذا األسلوب من التفكير، لن يبدوBurkina Fasoلعرضها في "بوركينا فاسو" (

أنه من غير الطiiبيعي ، أو أنiiه موضiiوع مثiiير لالسiiتغراب والتسiiاؤل: أن يكiiون ثلث )Guangdong"لعب األطفiiال" في العiiالم تنتج وتصiiنع، في إقليم "جوانجiiدونج" (

في الصين، وهو اإلقليم الذّي لم يكن به صناعة على اإلطالق منذ عقدين من الزمان فحسب. أو إن بعض أفضل الروايiiات األوربيiiة مكتوبiiة في جنiiوب إفريقيiiا وأمريكiiا

الالتينية. ** [Cultural Syntagmatic Dimentionالبعد السنتيجماتي للثقافة ، أو البعد التكويني : ]

للثقافة ، ، هو البعد الذّي يعتني بوصف المعنى الكلي وال يركز على مفرداته الثقافية – المترجم** Cultural Paradigmatic Dimensionالبعد الباراديجماتي للثقافة، هو الذّي يعتني : ]

بمجموع الصيغ الصرفية لجذر معين من جذور عناصر الثقافة - المترجم

228

المجتمiiع الiiذّي تم تشiiكيله وتنظيمiiه ، حيث تتغiiير حيiiاة الفiiرد بالكامiiل لiiو قiiام باستبدال عمله ووظيفته؛ يمكن أن يفهم على نحو أفضل في ضiiوء النمiiوذج اآلخiiر،¦ من النمiiوذجين حيث يكون المدخل والعنiiوان هiiو الترابiiط والتوافiiق الiiداخلي. وكال

magnificationيمكن اعتباره " منظار تكبiiير " ( lensاiiرى من خاللهiiيمكن أن ي ( العالم، وال يمكن باستعمال أحiiدهما أن نiiرى كiiل شiiيء. وأنiiه ليس من الممكن أن¦ مثل الشكل الiiذّي رسiiمه نرى األشياء باستخدام المنظارين في نفس الوقت. تماما

The) المكiiون من "األرنب البطiiة" (Wittgenstein (*الفيلسiiوف "ويتجنشiiتاين "rabbit duckارهiiل األرنب، وال يمكن اعتبiiة أو مثiiل البطiiاره مثiiحيث يمكن اعتب (

كالهما في نفس الوقت. واالتجاه الرئيسي في عالمنا اليوم هiiو التحiiول من نمiiوذج "الشعاب المرجانية" إلى نموذج "المجال الكهربي"، أو من "حديقة الحيوانiiات" إلى

"غابة" لو أردنا وقبلنا مثل هذا التعبير.

Creolisedهل ما زالت "الثقافة الكريولية" ( Cultureد إلىiiطحية تفتقiiثقافة س ( العمق، وإن تذكرة العبور إليها رخيصة؟ لقد كانت هذه حجiiة األوربيiiون المعلنiiة في

). لكن فيTocqueville (*وجه الواليiiات المتحiiدة األمريكيiiة منiiذ أيiiام "توكفيiiل" الحقيقة، فإن ذلك يبدو فقط عنiiدما ننظiiر إلى النمiiاذج الثقافيiiة بعدسiiة، أو منظiiار الشعب المرجانية. ولذلك تبدو سطحية، وذات مذاق سيئ. ولو كان المعيiiار أن كiiل العناصر الثقافية متعلقة ببعضها البعض، كمiiا لiiو كiiانت كلمiiات في جملiiة، فسiiوف¦ مثiiل يكون من الواضح أن تبدوا مزعجة، وسيئة الذوق، وغير مألوفة، ومبتذلة. تماما بيت سويسرّي، بني في كاليفورنيا األمريكيiiة، وتحملiiه أعمiiدة رومانيiiة، وبiiه حمiiام سباحة على شكل سمكة إفريقية. لكن؛ وفي حال ما أضاف المرء العدسة األخiiرى؛ فسiiوف يصiiبح من الممكن مشiiاهدة الجديiiد، ونiiرى التشiiابك والجمiiال في نمiiاذج

الثقافة الكريولية.

المراجع

¦ عام 1889-1951"لودفيج ويتجنشتاين" ( ** ،1938) فيلسوف نمساوّي المولد، وأصبح بريطانيا درس ودرس الفلسفة في جامعة كمبريدج البريطانية. له نظريات في فلسفة اللغة ودالالت

التعبير - المترجم )، ولد لعائلة ارستقراطية، وعرف بأفضل ما1859-1805"توكفيل"، مفكر ومؤرخ فرنسي ( **

The)، و "النظام القديم والثورة" (Democracy in Americaكتب "الديمقراطية في امريكا" (Old Regime and the Revolution 1856وفي كالهما ناقش بموضوعية تأثير الثورة ،(

الفرنسية، وذهب إلى أن الثورة لم تقض على الدولة؛ لكنها على العكس، زادت من مركزيتها، في¦ مبكرة في علم االجتماع واالجتماع السياسي - المترجم المجتمعات الغربية. وكتاباته تعتبر أعماال

229

لقد اكتفيت بiiذكر المراجiiع الiiتي وردت باللغiiات االنجليزيiiة والفرنسiiية واأللمانيiiة، واهملت ما دونها من مراجع بالنرويجية، وهي قليلiiة، إعتقiiادا مiiني أنiiه ال فائiiدة من ذكرها، حيث ال يمكن الرجiiوع اليهiiا، بالنسiiبة للقiiارئ في البالد العربيiiة. وفي حالiiة المقال الذّي كتب خصيصا بمناسبة ترجمة هذا الكتاب إلى العربية، وهو مقiiال: "بين االحترام واإلهانة: أوربiiا والمسiiلمون"، فقiiد ذكiiرت المراجiiع النرويجيiiة، وذلiiك ألن

معظمها مكتوب باللغة النرويجية، حتى المترجم منها، وترجمت أسماؤها.

مراجع "الجزيرة الثقافية المفقودة

1-The Predicament of Culture: Twentieth-Century Ethnography, Literature, and Art, James Clifford, Harvard Uni. Press, 1988.

2- Charles Taylors essay, Multiculturalism and the Politics of Recognition, Princeton Uni. Press 1992.

3- Local Knowledge: Further Essays In Interpretive Anthropology (Basic Books Classics) by Clifford Geertz (1983).

4- Postmodernism, Reason and Religion,Ernest Gellner, Blackwell, 1992.

5- Nations and Nationalism (New Perspectives on the Past) by Ernest Gellner and John Breuilly (Paperback - May 15, 2009), Blackwell 1983.

6- Imagined Communities: Reflections on the Origin and Spread of Nationalism (New Edition) by Benedict Anderson (Paperback - Nov 17, 2006) Verso 1983.

7- Nations and Nationalism since 1780: Programme, Myth, Reality (Canto) - Paperback (Oct. 30, 1992) by E. J. Hobsbawm, Cambridge University Perss 1992.

8- National Identity (Ethnonationalism in Comparative Perspective) by Anthony D. Smith (Paperback - Mar 1, 1993), Penguin 1991.

9- The Interpretation Of Cultures (Basic Books Classics) by Clifford Geertz (Paperback - May 19, 1977)

10- The uses of diversity by Clifford Geertz, in Robert Borofsky, Ed., Assessing Cultural Anthropology (1993)

11- Assessing Cultural Anthropology - Paperback (Aug. 1, 1993) by Robert Borofsky, McGraw-Hill 1994.

12- "The superorganic" by A. L. Kroeber, in Kroeber: The Nature of Culture.

13-The Nature of Culture (Midway Reprint) by A. L. Kroeber (Paperback - Aug 1987), Chicago University Press 1952.

14- Cultural Complexity: Studies in the Social Organization of Meaning by Ulf Hannerz (Paperback - May 1993) , Columbia Uni. Press, 1992.

230

Ulf Hannerz introdusert Kreoliseringsbegrepet I sin bok over

15- Being "Dutch" in the Indies: A History of Creolisation and Empire, 1500-1920 (Ohio RIS Southeast Asia Series) by Ulbe Bosma (Paperback - May 6, 2008).

16- Creolization: History, Ethnography, Theory (One World Archaeology) by Charles Stewart (Paperback - Mar 30, 2007)

17- The Creolization Reader: Studies in Mixed Identities and Cultures (Routledge Student Readers) by Robin Cohen and Paola Toninato (Paperback - Oct 15, 2009) 18- Imaginary Homelands: Essays and Criticism 1981-1991 by Salman Rushdie (Paperback - May 1, 1992) 19- Childhood and Society - Paperback (1963) by Erik H. Erikson, Norton 1963 (1950).20- Metaphors of Identity: A Culture-Communication Dialogue (Suny Press: Series in Human Communication Processes) by Thomas K. Fitzgerald (Sep 6, 1993).

مراجع "بومباي: المدنية المفرطة، النموذج الهندي"

231

1- Unthinking Social Science: The Limits of Nineteenth-Century Paradigms; Second Edition, with a New Preface - Paperback (July 22, 2001) by Immanuel Wallerstein. Polity Press.2- Sahibs, Nabobs, and Boxwallahs: A Dictionary of the Words of Anglo-India - Paperback (May 7, 1998) by Ivor Lewis, Oxford Uni. Press.3- Hobson-Jobson: The Anglo-Indian Dictionary (Wordsworth Reference) - Paperback (Dec. 5, 1999) by Henry Yule and A. C. Burnell, Routledge.4- An Area of Darkness by V. S. Naipaul (Jul 9, 2002), Andre Deutsch.5- India: A Million Mutinies Now by V. S. Naipaul (Sep 3, 2010), Heinemann.6- Midnight's Children: A Novel by Salman Rushdie (Apr 4, 2006).7- The Great Indian Novel by Shashi Tharoor (Apr 1989), Penguin.8- A River Sutra by Gita Mehta (Jun 28, 1994).9- Such a Long Journey by Rohinton Mistry (Jun 2, 1992)10- A Suitable Boy: A Novel (Modern Classics) by Vikram Seth (Oct 4, 2005).11- Imaginary Homelands: Essays and Criticism 1981-1991 by Salman Rushdie (May 1, 1992).12- Religious Nationalism: Hindus and Muslims in India by Peter Van Der Veer. University of California Press 1994.13- Caste in Contemporary India: Beyond Organic Solidarity - Paperback (Aug. 1985) by Pauline Kolenda,Waveland14- Homo Hierarchicus: The Caste System and Its Implications (Nature of Human Society) by Louis Dumont (Jan 15, 1981), Uni. Of Chicago Press. 15- Caste and Other Inequities: Essays on Inequality - Hardcover (Jan. 1, 1979) by Gerald D. Berreman, Meerut Folklore Institute.16- Entretiens avec Didier Eribon (Collection Folio/essais) (French Edition) by Georges Dumézil (1987), Gallimard. Many of the writer books found in English.

مراجع "موريشيوس: االنسالخ والمعجزة"

232

1- Overcrowded Barracoon - Paperback (May 12, 1984) by V.S. Naipaul, Andre Deutsch.2- Paul et Virginie by Henri Bernardin de Saint-Pierre (Aug 21, 2008), Livre de poche.3- Malcom de Chazal Petrusmok : radioscopie d'un roman mythique by Christophe Chabbert (Sep 1, 2001), Gallimard. -- Sorry, doesn't exist in English4- Exils (CRI 89) (French Edition) - Unknown Binding (1991) by Gilbert Ahnee.5- Le bal du dodo - Paperback (Jan. 1, 2000) by Geneviève Dormann, Albin Michel.6- Le coconut: Roman - Hardcover - Import (1988) by Jon Michelet. -- in Norwegian. 7- Mauritius: Problems of a Plural Society by Burton Benedict (1965), page 67 (Her Majestys Stationery Service.8- Capitalism and Slavery by Eric Eustace Williams (Oct 14, 1994), North Carolina Uni. Press 1944.9- Mauritius: Democracy and Development in the Indian Ocean (Profiles/nations of contemporary Africa) - Hardcover (July 11, 1991) by Larry W. Bowman, Westview.10- Eriksen, Thomas Hylland. 1998: Common Denominators: Ethnicity, Nation-Building and Compromise in Mauritius. Oxford: Berg.

مراجع "ترينيداد: الكريولية في أعلى درجاتها"

233

1- Trinidad Village by Frances Herskovits (Jun 1964), Monographes, Alfred A. Knopf 1947.2- East Indians in Trinidad: A Study of Cultural Persistence by Morton Klass (Oct 1987), Colmbia Uni. Press 1961.3- The Loss of El Dorado: A Colonial History - Paperback (Apr. 8, 2003) by V.S. Naipaul, Andre Deutsch 1969.4- The Middle Passage by V. S. Naipaul (Jan 8, 2002), Andre Deutsch 1962.5- The Mimic Men: A Novel by V. S. Naipaul (Aug 14, 2001), Andre Deutsch 1966.6- A House for Mr. Biswas by V. S. Naipaul (Mar 13, 2001), Andre Deutsch 1961.7- Fireflies (Twentieth Century Classics) - Paperback (Feb. 1, 1996) by Shiva Naipaul, Alfred E. Knopf 1970.8- The Traveller's Tree: A Journey Through the Caribbean Islands by Patrick L. Fermor (Jan 3, 2005), John Murray 1950.9- A Morning at the Office (Caribbean Modern Classics) by Edgar Mittelhölzer (Jun 25, 2010), Penguin 1979 and 1952.10- Liming in Trinidad: The art of doing nothing, Thomas Hylland Eriksen, Folk, vol. 32 (1990). This article can be found on the internet site: http://folk.uio.no/geirthe/Liming.html11- THE MURDERS OF BOYSIE SINGH - Hardcover (1962) by Derek BICKERTON, Arthur Barker 1962.12- India in the Caribbean by David Dabydeen (Jan 1987), Hansib 1987.13- Beyond the Dragon's Mouth - Paperback (Mar. 4, 1986) by Shiva Naipaul, Hamish Hamilton 1985.14- Us and Them in Modern Societies: Ethnicity and Nationalism in Mauritius, Trinidad and Beyond (Scandinavian University Press Publication) by Thomas Hylland Eriksen and Bruce Kapferer (Jul 1, 1993)15- Modernity : An Ethnographic Approach : Dualism and Mass Consumption in Trinidad - Paperback (Apr. 19,Berg 1994) by Daniel Miller.

مراجع "بروكسل: من يرغب في الموت من أجل أوربا"

234

1- The End of History and the Last Man by Francis Fukuyama (Feb 28, 2006), The Free Press 19922- Six manieres d'etre europeen: Essais (Bibliotheque des sciences humaines) (French Edition) by Henri Mendras Dominique Schnapper (1990), Gallimard 1990.3- Inside European Identities: Ethnography in Western Europe (Ethnicity and Identity) - Paperback (Jan. 1, 1993) by Sharon Macdonald, Berg 1993.4- Europe: A History of Its Peoples by Jean-Baptiste Duroselle (and R. Mayne as translator to English (Nov 12, 1990)5- Penser l'Europe by Edgar Morin (Oct 10, 1990), Gallimard 1987.6- The Search for the Perfect Language. Umberto Eco. London: Wiley-Blackwell 1997.7- Uses Of The Other: ""The East"" in European Identity Formation (Barrows Lectures) by Iver B. Neumann (Nov 1, 1998) University of Minnesota Press 1998

"مراجع "عقدة جمعة: عن االقتصاد السياسي عندما تتالقى الثقافات

235

1- The Wretched of the Earth by Frantz Fanon, (Mar 12, 2005), Grove Press. Richard Philcox (Translator from French), Jean-Paul Sartre (Preface), Homi K. Bhabha (Foreword)2- Black Skin, White Masks by Frantz Fanon (and Richard Philcox, translator from French) (Sep 10, 2008), Paladin 1970.3- Moving the Centre: The Struggle for Cultural Freedoms (Studies in African Literature Series) by Ngugi wa Thiongo (Jan 18, 1993), Heinemann.4- Detained: A Writer's Prison Diary by Ngugi wa Thiongo (1987), Heinemann 1982.5- Decolonising the Mind: The Politics of Language in African Literature (Studies in African Literature Series) by Ngugi wa Thiongo (Jul 18, 1986), James Currey.Decolonising the Mind: The Politics of Language in African Literature by Ngugi wa Thiongo (Oct 15, 2009)6- Barrel of a Pen by Ngugi wa Thiongo (Dec 8, 1983), New Beacon Press.7- Weep Not, Child by Ngugi wa Thiongo (Jul 30, 2009), Heinemann 1967.8- Petals of Blood by Ngugi wa Thiongo and Moses Isegawa (Feb 22, 2005), Heinemann 1977.9- Matigari: A Novel (African Writers Library) by Ngugi wa Thiongo (and Wangui Wa Goro, Author, Translator (Feb 1998), Heinemann 1989.10- Orientalism by Edward W. Said (Oct 12, 1979), Pantheon 1978.11- Culture and Imperialism by Edward W. Said (May 31, 1994), Chatto & Windus 1993.12- In Other Worlds: Essays In Cultural Politics by Gayatri Chakravorty Spivak (May 25, 2006), Routledge 1988.13- The Clash of Civilizations and the Remaking of World Order by Samuel P. Huntington (Jan 28, 1998) An Area Of Darkness by V. S. Naipaul (1966), Andre Deutsch 1964 14- On human diversity: Nationalism, racism and exoticism in French thought. By Tzvetan Todorov, Boston: Harvard University Press.15- The Invention of Primitive Society: Transformations of an Illusion - (Routledge 1988) by Adam Kuper.16- Dreamtime: Concerning the Boundary Between Wilderness and Civilization by Hans Peter Duerr (Mar 1987) Satyricon. Essays und Interviews. ( Neue Folge, 346). - Paperback (Jan. 1, 1985) by Hans Peter Duerr

"مراجع "بين االحترام واإلهانة: أوربا والمسلمون

236

Ordet «europeere» brukes her og ellers med overlegg, og nordamerikanere regnes

ikke som europeere.

كلمiiة األوربيiiون تسiiتخدم هنiiا وفي أمiiاكن أخiiرى من هiiذا المقiiال. وال يعتiiبر

األمريكيون الشماليون، أوربيين.

- 1Med Nord-Amerika stiller saken seg nemlig noe annerledes; der var både

kunnskapene og de folkelige fordommene i forhold til islam svake før 11.

september 2001, og et av de mest konservative islamske regimene, nemlig Saudi-

Arabia, er stadig en av USAs viktigste alliansepartnere i Vest-Asia.

- بتعبير شمال أمريكا فiإن الموضiوع يختلiف بعض الشiيء، ذلiك أن المعرفiة1

واألحكام المسبقة الشعبية عن اإلسالم، كانت أضعف من مثيلتها األوربية في مiiا

قبiiل الحiiادّي عشiiر من سiiبتمبر، وأن أحiiد أكiiثر األنظمiiة اإلسiiالمية محافظiiة،

المملكة العربيiiة السiiعودية، تعتiiبر أهم حليiiف للواليiiات المتحiiدة األمريكيiiة في

شرق آسيا.

2- Den muslimske tidsregningen, som bygger på månen og ikke solen, begynner i

år 622 v.t., som var tidspunktet for Muhammads flukt fra Mekka til Medina.

- التقويم اإلسالمي للشهور والسنين، يعتمد في الحساب على دوران القمiiر حiiول2

االرض ، وال يعتمد على دوران األرض حول الشمس. والسنة القمرية تقل بأيiiام عن

السنة الشمسية (حوالي أحد عشر يوما تقريبiiا). والتقiiويم العiiربي يسiiمى التقiiويم

الهجرّي، وقد أعتبر في عهد الخليفة الثاني لرسول الله ،عمر بن الخطاب، واعتبرت

بiiالتقويم622الهجرة من مكiiة الى المدينiiة بدايiiة لهiiذا التقiiويم، وهiiو يقابiiل عiiام

الميالدّي المستعمل في أوربا وفي كثير من أنحاء العالم.

3- Kari Vogt: Islams hus, s. 101. Oslo: Cappelen 1993.

- "كارّي فوجت" (كiiارّي فiiوجت، هي أسiiتاذة جامعيiiة متخصصiiة في االسiiالم في3

الجامعiiة النرويجيiiة في العاصiiمة أوسiiلو، ولهiiا العديiiد من الكتب الiiتي نشiiرت

بالنرويجية، ولها رأّي إيجiiابي فيمiiا يخص االسiiالم- المiiترجم) :" الiiبيت االسiiالمي"،

.1993 النسخة النرويجية، نشره الناشر "كابلن" عام 101صفحة

237

4- Se også Albert Hourani: De arabiske folks historie. Oslo: Gyldendal 1994.

- انظر أيضا كتاب "تاريخ العرب" للكاتب البرت حوراني. ولقد تiiرجم هiiذا الكتiiاب4

.1994إلى النرويجية ونشره الناشر النرويجي "جيلدنضال" عام

5- Riccoldo da Monte di Croce (13. århundre), sitert etter Norman Daniel:

Islam and the West: The Making of an Image , Oxford: Oneworld 1960/1993, s.

154.

- "ريكولدو دا مونت دّي كروسا"، القرن الثiiالث عشiiر الميالدّي، مقولiiة نقلت عن5

"نورمان دانيiiال" وذكiiرت في كتiiاب "االسiiالم والغiiرب: صiiناعة الصiiورة"، نشiiرته

.154، صفحة 1993، وعام 1960جامعة "أكسفورد": في سلسلة عالم واحد عام

6- Sigurd Jorsalfar, bemerker David S. Pugh, ble omtalt som en «frankisk konge»

av araberne (Pugh: «Saddam og Saladin», Samtiden 2-95).

- يذكر "دافيد بوج"، في كتابه "صدام حسين وصالح الدين"، أن العرب أطلقا اسم6

"ملiiك الفرنجiiة" على "سiiيجورد يورسiiالفار" (االقتبiiاس من "مجلiiة العصiiر" الiiتي

ينشرها قسم العلوم االجتماعية واألنثروبولوجيا في الجامعة أوسلو، ويشiiرف عليهiiا

، العدد الثاني).95مؤلف هذا الكتاب، صفحة

7- Amin Maalouf: Les croisades vues par les Arabes (Paris: J.-C. Lattès 1983).

8- Maalouf, op. cit.

9- Maalouf, op. cit.

10- Pugh, op. cit.

11- Peter Normann Waage: Når kulturer kolliderer. Et essay om islam og Europa

med Salman Rushdies Sataniske Vers som utgangspunkt, revidert utgave, Oslo:

Aventura 1993 [1989].

- "بيتر نورمان فوجا"، "عندما تتصادم الثقافات"، مقال في كتاب عن عالقة11

االسالم بأوربا، بعد نشر كتاب سلمان رشدّي (الكاتب البريطاني) لكتابه " آيات

). 1989/(1993شيطانية"، النسخة المنقحة، أوسلو، الناشر" أفنتورا"

12- Bernard Lewis: The Muslim Discovery of Europe, London: Weidenfeld &

Nicolson 1982.

238

13- I dette og følgende avsnitt trekker jeg store veksler på Norman Daniels studie

av middelalderkristnes perspektiver på islam; Daniel, op. cit.

Mange argumenterer for at det økonomisk-teknologiske tyngdepunktet faktisk har flyttet seg fra Nordatlanteren til Stillehavets asiatiske kyst, uten at de fleste europeere har oppdaget det.

- في الفقرة التالية، والفقرة التي تليها، استعملت واستنبط الكثير من دراسات13"نورمان دانيلز" عن اإلسالم، السابق ذكرها.

الكثيرون يقدمون الحجج والبراهين على أن مراكز الثقل االقتصادية والتكنولوجية قد انتقلت بالفعل من منطقة شمال األطلنطي إلى الشاطئ األسيوّي للمحيط

الهادّي، دون أن يشعر أو يكتشف، معظم األوربيون ذلك.

مراجع "ال مكان، وال جدران، وال ضوضاء بيضاء .. خطوة نحو عالمواضح نسبيا"

239

1- The Consequences of Modernity by Anthony Giddens (Mar 1, 1991), Polity 1990.2- Global Culture: Nationalism, Globalization and Modernity: A Theory Culture and Society Special Issue by Mike Featherstone (Jul 3, 1990), SAGE 1990.3- Non-Places. Introduction to an anthropology of supermodernity. By Marc Augé. London: Verso 2009 (1991).4- Globalization: Social Theory and Global Culture (Published in association with Theory, Culture & Society) by Roland Robertson (Aug 28, 1992), SAGE 1993.5- Cultural Complexity: Studies in the Social Organization of Meaning - Paperback (May 1993) by Ulf Hannerz, Colmbia Uni. Press 1992.6- Cultural Identity and Global Process (Published in association with Theory, Culture & Society) by Jonathan Friedman (Dec 9, 1994), SAGE 1994.7- Kuwait and its migrant workers : exclusion and dominance in a plural society, Anh Nga Longva, Institute and Museum of Anthropology, University of Oslo, 1993.8- In limbo: Notes on the culture of airports, Paper presented at the workshop "The Consequences of globalisation for social anthropology" 2nd EASA Conference, Prague 30 Aug--3 Sept 1992. Thomas Hylland Eriksen and Runar Døving Department and Museum of Anthropology University of Oslo.Enternett Link: http://folk.uio.no/geirthe/Airports.html9- The Postmodern Condition: A Report on Knowledge (Theory and History of Literature, Volume 10) - Paperback (June 21, 1984) by Jean-Francois Lyotard, Manchester Uni. Press 1986.This is a translation of the original book in French: La condition postmoderne, Seuil 1979, Paris.10- Closing Of The American Mind - How Higher Education Has Failed Democracy And Impoverished The Souls Of Today's Students by Allan Bloom (1987), Simon & Schuster 1987.11- Understanding Media: The Extensions of Man by Marshall McLuhan and Lewis H. Lapham (Oct 20,

1994), First published of McGraw-Hill 1964.12- In the shadow of the silent majorities by Jean Baudrillard, Semiotext(e) 2007 (1982).13- Open Sky by Paul Virilio. London: Verso 2008.14- The Wall of the Plague - Paperback (Nov. 14, 1985) by Andre Brink15- Globalization: The Key Concepts, by Thomas Hylland Eriksen. Oxford: Berg 2007.

الكاتب عن نبذة

( اريكسن هيالند توماس النرويجي، أستاذ( Thomas Hylland Eriksenالكاتب هو ، جامعة في واالنثروبولوجى االجتماعية العلوم معهد في االنثروبولوجى قسم ورئيس

240

( “UiOاوسلو . العلمية( للدورية ناشر وهو .”Samtidenالنرويجية المعاصر زمننا أو : ) ) جنوب مجتمعات بين تجمع كثيرة الحقلية أو الميدانية االجتماعية وبحوثه دراساته

. لموريشيوس، خاصة دراسات وله وأوروبا والنرويج، الكاريبي، ومنطقة أسيا، شرق . النرويج ) ( في واألقليات بروكسل، ترينيداد، ، الهند بومباّي

باللغة مؤلفا عشرين من أكثر وله والكتابة التأليف في النشاط شديد والمؤلف . كتب ثمانية باالنجليزيه أيضا كتب قد و لالنجليزية منها البعض ترجم النرويجية، . نختار كتبه من و المتحدة والواليات المتحدة والمملكة النرويج من كال فى نشرت

- : العناوين بعض

البشرية .-1 المجتمعات في االجتماعية التطورات عن سؤال2-. األعراق و الطوائف متعددة المجتمعاتأنثروبولوجية ) (. -3 نظر وجه من العرقيةلنشوءها ) (. -4 المسببة العوامل و معناها القوميةالثقافي ) (.-5 و االجتماعي اإلنسان تطور في التاريخي التطور6-.) عليها ) وما لها ما العولمة( Creolizationالكريولية )-7

االنترنت على صفحته على اإلطالع يمكن و

http : // Folk.Uio.no/geirth

االلكتروني بريده على به االتصال [email protected]ويمكن

الصفحة في الجامعة في العلمى وانتاجهم الباحثين مجموعة على اإلطالع ويمكناالنجليزيه

http://www.culcom.uio.no/english/

مختصرة عن المترجمةنبذ

241

االسم : محيى الدين بسيوني عبد الغنى، حصل على بكالوريوس العلوم في الكيمياء . وأثنiiاء الخدمiiة العسiiكرية1971و الفيزيiiاء – جامعiiة عين شiiمس، القiiاهرة،عiiام

؛ حصiiل1976- 1972كضابط احتياط في قوات الدفاع الجوّي في الفiiترة مiiا بين .1974على دبلوم الدراسات العليا في الفيزياء اإلشعاعية من نفس الجامعiiة عiiام

وبعiiد االنتهiiاء من الخدمiiة العسiiكرية، عiiاد إلى مجiiال التعليم كمiiدرس للفيزيiiاءوالكيمياء في المدارس الثانوية.

هاجر من مصر، وتوقف في لندن سiiنتين، قبiiل انتقالiiه إلى الiiنرويج1978في عام )M.Scمع زوجته النرويجيiiة وإلى اآلن يقيمiان في أوسiiلو. حصiiل على الماجسiتير(

في الكيمياء العضوية (التحليلية): "استخالص، وتنقيiiة، ودراسiiة الiiتركيب الكيميiiائي للمواد "عديدة السكريات" ، أو البولي ساكريد، الموجودة في الفطiiر. بعiiدها عمiiل

) تخصiiص "تصiiميمD.Scفي الصناعة، وأثناء ذلك حصل على الدكتوراه في العلوم ( و تطiوير طiرق التحليiل الكيميiائي"، في معهiد بحiوث صiناعات الiورق والغابiات. وعمل في الرقابة على منتجات األلبiiان، وصiناعة الiورق، والمستشiفيات، ومعامiiل التحليل الكيميائي العضوّي لرقابة درجة التلوث البيئي. أثنiiاء ذلiiك حضiiر العديiiد من الكورسات القصيرة لدراسة تشغيل أجهزة التحليiiل الكيميiiائي الحديثiiة وخاصiiة فيل �iiددة، ومثiiة متعiiؤتمرات علميiiارك في مiiل الطيفي. شiiوجرافي والتحليiiالكروموت �وكل إليهiا البحث عن طiiرق تحليiiل أقiل تلويثiiا للبيئiiة، في النرويج في اللجنة التي أ

صناعة الورق في البالد االسكندينافية.

اآلن (متقاعد) ويعمل "مستشار علمي" ل"مجموعiiة علiiوم النرويجيiiة"، إلى جiiانب الترجمة من النرويجية إلى العربية، والتفرغ للكتابiiة في تفسiiير اآليiiات العلميiiة في القiiرآن الكiiريم. نشiiر أول روايiiة تiiترجم من النرويجيiiة إلي العربيiiة مباشiiرة،

نشiiر2009. وفي عiiام 1998"المطرودون من بيت إسiiرائيل"، في القiiاهرة عiiام )، وفيiiه15050- إيiiداع: 2009كتiiاب "والiiذاريات ذروا – سiiوبر نiiوفي القiiرآن" (

دراسات في دالالت لغة القرآن العلمية والتفسير العلمي للقرآن الكريم. هiiذا دفعiiه إلى متابعiiة البحiiوث العلميiiة دراسiiة في كثiiير من العلiiوم مثiiل األحيiiاء، الفلiiك، التكنولوجيا الحيوية، وأيضا اللغiiة العربيiiة مiiع تركiiيز على معiiاني مفiiردات القiiرآن. وشارك في ترجمة ما يقارب األربعين صفحة في كتاب (تحت الطبع) عن "العولمة" سوف ينشره المركز القومي للترجمة، مقال "العولمiiة واإلرهiiاب" من االنجليزيiiة ،

ومقال " العولمة والسياسة الخارجية" من النرويجية.

الكتاب هذا في

– األنثروبولوجيا علم من علمية أسس على يحلل أن النرويجي الكاتب يحاول" مفترق- أسماها نقاط في تتقابل عندما المختلفة الثقافات بين العالقة االجتماعية

242

" ومختلفة، متنوعة ثقافات فيها تجتمع دول أو مدن عن عبارة وهي ، الثقافات طرق . ويستعرض الوطن نفس في أقليات أو مختلفة، شعوب من أفراد بين كانت سواء

واالقتصادية، السياسية، الناحية من اللقاء، عند تنشأ التي المشاكل بعضواالجتماعية.

: هو الكتاب هذا إن أهمها لعل العربية، والمكتبة العربي للقارئ أهمية الكتاب ويمثل ( المتقاربة اإلسكندنافية اللغات احدّي النرويجية اللغة من يترجم علمي، كتاب أول

. ) يطلع أن له يتيح سوف بالتالي؛ وهذا، العربية إلى مباشرة الواحد األصل ذاتأوربا - - بين العالقة نماذج في االستعمارية غير أوروبا مثقفي بعض نظر وجهة على

. األخرى والثقافات المنتصرة

الحضارات صراع، أو صدام، حتمية عن يتحدث الذّي البعض مع يتفق ال والكاتبالحضارات. بين االندماج و والتفاعل التعاون، وأهمية ضرورة يرّي و والثقافات

محاوالت أساس على وليس الثقافية النسبية أساس على المختلفة والثقافات . الندماج الطبيعي الناتج هو الثقافي الثراء إن يرى و بينها والتفاضل المقارنة

أن القول يستطيع ال منصف، مثقف أّي� أن ويرّي المختلفة، والثقافات الحضارات، - - من، أخذت استثناء دون كلها فالثقافات ونقية، معزولة ثقافات الحالية الثقافات

. البعض لبعضها وأعطت

- في جديد أنه نظن الكتاب مقاالت قراءة في متعة العربي القارئ يجد سوف و" - الكريولية الكاتب أسماها اجتماعية وظاهرة شيق موضوع عن العربية المكتبة

. Creolizationالثقافية") شديد( وصفا إليه ينقل حيث الرحالت أدب من فيه وسيجد . وتحليل اجتماعية، فلسفة يجد وسوف مختلفة وثقافات لمجتمعات والعمق، الدقة،

. . الكتاب هذا في انصهرت قد العلوم من كثيرا وأن سياسي اجتماعي أنثربولوجي

: الكريمة اآلية مع تماما يتفق الكتاب موضوع ولعل

"ÓنÉ ف�وا إ ار� �iiع� Éت ل� ل Éiiائ� ¦ و�ق�ب ع�وبا �iiش Öم� اك �iiنÖ �ى و�ج�ع�ل �نث رÂ و�أ �iiن ذ�كÚم م� اك �iiنÖق� ل ا خ� ÓiiنÉ اس� إ Óiiه�ا النÞ ي� �ا أ ي

Éير® " ب Éيم® خ� Óه� ع�ل ÉنÓ الل �مÖ إ Öق�اك �ت ÓهÉ أ �مÖ عÉند� الل م�ك Öر� ك� أ

243