1

شاالتياللينا

من حنن و أخريات

جمموعة قصصية

1122دمشق

2

3

اإلهداء

ملن مل يسمح لعصرنا من جرفه مع تيار الال إنسانية

و ارتد عنه خوفا و هربا من احلب إىل ليلك أحب من ادعى عشقه .نفسه

لينا الشاالتي

4

احلب ال يعطي إال ذاته

من ذاته وال يأخذ إال

وهو ال يملك وال يملك

.فحسبه أنه احلب

جربان خليل جربا

5

وجه آخر للحياة

و نشعر بوقع الحياة ذات الطعم .. عندما تتوقف الصياغة للكلمة عند الورق فقط

ليست ,ليس في األحالم فقط مذاق.. العلقم حتى الليس الحلو منها و.. المختلف

عندما تدخل هناك .. يرتغإنما وقع الموقف نفسه هو الم.. األحداث جديدة العهد بنا

لتجدها بصغر حجمها و نحولها تجلس أمام نافذة مليئة بحبات المطر المنهمر كأنه

دوءه و البحر في أوج هبه يباألزرق القاني الش ذات اللون من شالل عيونها

كيف تتحول ألجزاء متناثرة .. المطر ذاتها اتتكسر حب انتتابع اكانت.. صفاءه

تبتسم بصفاء يجعل سريان الدم في األوردة والشرايين يغني وحده .كالبلور المهشم

كانت .. ليصب أخيرا في وعاء القلب فيبتهج و يطرب لمجرد الجلوس جانبها

أخوها متزوج .. أختها متزوجة خارج البالد.. األمأوراقها تخبر أنها يتيمة األب و

كانت قد ردت من منزل حاول تربيتها فعجزوا .. وال يستطيع تحمل نفقتها

.التواصل معها بكل األشكال و الطرق

س مع أحالمها التي كنت أتمنى الدخول فيها فأعرف أن تجل_في الميتم_عادتها هنا

.امما تراه و يتدفق فيهو ما ينعكس على مخليتها بها كيف تهجس

6

ليست .لمن ينظر إليها ذ شهرين كان جمالها أخاذانبسنواتها التسع التي أتمتها م

عت إصبعها للسماء مشيرة لشيء رف .إلى حد ال يوصفة ذكي هي بل .. بلهاء أبدا

أخبرتها أنها حمامة .. عندما نظرت رأيت حمامة تطير وسط التلبد الرمادي ,ما

رفعت بصرها و تمتمت بشفتين ورديتين .. و بيتها كي تكون معهمتعود ألوالدها

رفعت دمية صغيرة متهرئة .. و تناثر شعرها األشقر الطويل حولها.. كلون خديها

ضحكت بصمت و .. ترفض بأي حال كان أن تتنازل عنها أبدا في حلها و ترحالها

نطقت دون وقع للكلمة (..جمان)سألتها من أين لك اللعبة يا .. ضمت إليها الدمية

... كأنما شبهت على الحمامة أبوها الذي ما ضن عليها يوما في حياته حبا(.. بابا)

شغفي لها كوقع قلم الرصاص على ورق الرسم عندما يخط كبرى النقوش ألعظم

هي تلك الدقة المتناهية التحبير لذاك اإلبداع اإللهي ليغدو في ... رسامي الدنيا

هي زخرفة محفورة على جدران األموي يبهرك بصمته ليدخل ... عرضه األخير

ذاك ( جمان... )عقلك في متاهات الذهول لعظمة تأثيره على بصيرتك قبل بصرك

( جمان)تلك حالي بعد دخول ... دون تذوقه حتى منه السحر السرمدي الذي تسكر

. إليها

زواج خالل جهدنارغم و زوجي بسبب ال يعلمه سوى هللا كنت قد حرمت األوالد

توجهنا .. ال طائل من الطب وال األدوية أو العقاقير ,كثر من اثنا عشرة سنةدام أ

7

أسرت اللب لمجرد ( جمان)لكن .. زرت مبان كثيرة للصبية و الفتيات.. نحو التبني

نظرت لزوجي بعد .. مجرد الجلوس معها متعة ما بعدها في الحياة.. النظر إليها

أكد أخوها بعد أن ها للميتم لرؤيتها و تناقشنا بالكثير فيما بيننا وة عدنا فيمرات عد

خالل أشهرلذلك و ,بدا و ما فيه خيرها فهو سعيد بهأنه لن يطالب بها أ للميتم

دخلت ...أخيرا.. نارا حتى صارت بيننا و كنت اشتعل جهزت أوراق التبني

قدمين متسختين فيهما صندل .. يظثياب رثة قلما تقي البرد أو القالمنزل ألول مرة ب

عندما رأتني ابتسمت .. أدخلها زوجي معه البيت .شعر أشعث.. دة مراتمخاط ع

اتجهت نحوي ببطء و خجل .. رفعت يدي أستقبلها أريد أن أحملها.. باستحياء

إذ بها انهمرت دموعي غصبا و.. لتين تمامافضمت رقبتي بيديها الصغيرتين النحي

أمسكت .. و تمسح بأصابعها الصغيرة ما ينهمر من فرحي بها ترمقني باستغراب

ق بريق عينيها عندما نظرت إليها تأل .. يديها داخل يدي و أرشدتها غرفتها

ابتسمت و أخبرتها أنها .. و نظرت إلي كأنما تطلب توثيقا أنها غرفتها نالزرقاوتي

ختارتها عندما كنت ااأللوان التي بكنت قد جهزتها كما تحبها هي و .. لها وحدها

مشطت شعرها .. حممتها و ألبستها بيجامة جديدة بلون الرمان .أزورها هناك

معنا تلتهم ( جمان)جلست .. فترة طويلة أم حرمت الطفل األشقر المنسدل بحنان

8

الطعام بنهم ينم عن مدى الجوع الذي كانت تعاني منه لسنوات ما علم بها سوى

.من ست عشرة سنة و نحن بعد أكثر.. الخالق

طر بغزارة في يوم ما عليك سوى انتظار هطول الم.. أن تشعر بها أو تعرفها

تشعر بها حولك تدفئ حياتك اته المتسارعة فتسير دون مظلة تحت زخ ل شتوي بارد

هو ... شعورك بالقطرة تلتطم بوجهك بسكون... المثلجة بعد سبات دام سنوات

(.جمان)معنى وجود

بعد أن تشاورت و و ذاك تفرغت لها فقط.. عليمها الكتابة في البيتعملت جاهدة ت

.. جدا ةما اعترض أبدا كون حالنا ميسور.. زوجي عن إيقاف عملي ألجلها

رة قبل النوم كان يقرأ لها قصصا مصوأنه حتى .. بها أكثر مني فرح زوجيف

اقتربت بلطف .. اإذ به يبكي و هو يعانقه.. دخلت مرة غرفتها .فتمسك بيده و تنام

قد أسدلت على قلبه كل .. أخبرني كم الحياة حلوة بوجودها.. منه و مسحت دموعه

و ... علم معنى الحنو بعد أسى طويل... حنان الكون الذي فقده وما شعر به سابقا

وجودها لين ...أن البيوت قبور مهجورة دون أرواح أطفال يذهبون و يجيئون فيها

. طعم الحياةلو أذاقتنا أرشدتنا( جمان)ابنتنا ... عمن ,عريكته حدا كبيرا

بعد حلول سنة و نصف من أجمل لحظات الحياة التي تلونت لنا بعد أن كانت

واجهتنا صعوبات كثيرة إال .. المدرسة( جمان)قررنا إدخال ... باألبيض و األسود

9

تحت تأثير أنه و بعد ألي قبلت المدرسة بها بعد اختبار كتابي شديد اجتازته

.بسالسة و صبر.. دهشتنا جميعا

مدرسة و كنت أعمل بالمونتاج على كانت عائدة من ال... في يوم خريفي لطيف

..و تراني كيف أعمل على الحاسب إذ بها تجلس جانبي حاسوبي الشخصي و

بلغت .. طلبت أن أعلمها العمل على الحاسب ثم.. ي أن أخبرها ما أفعلطلبت من

لكنها لم .. ت التعلمأحب .و حصل ما أرادت.. ر الحادية عشرمن العمذاك الوقت

حتى ,خصوصا في األيام الممطرة.. أبداأن تسرح أمام النافذة في تتخلى عن حبها

.. تجلس على الشاطئ تتمعن في الموج الذي يأتي و يذهب.. عندما نذهب البحر

و أن زبد البحر كأهلها .. قبالفهي تشعر به حياتها التي لم تكن ترتاح من الترحال

اكتسبت بل و قط دميتها تفارقما . قط و تأمل عن خبر منهم الذين لم يسألوا عنها

وسيلة التواصل الوحيدة بينها و بين العالم الذين وهما ..ضافة لها ورقا و قلماباإل

!شاراتاإللغة .. موا لغتها قطلم يتعل

و ( بابا)إنما مجرد أن تكتب كلمة .. بكماء.. فتاة صماء( جمان)ال تعجب ف

كم نحتاجها لنستمر و زوجي بحب .. لنا على الورق نشعر بهول حبها لنا( ماما)

(جمان..)جدا.. الحياة المشعة بعد أن لف ضباب انكلترا حياتنا لوقت طويل جدا

.هي حبات النور التي أضاءت سماءنا..يتي و عهودي المكتوبةهي جزء من حر

11

أحبت الكلمة رغم عدم .. الجمل المتراصة ذات المعنى.. الحروف( مانج)أحبت

مذ كانت في لكن مصابها .. حاولنا معالجتها.. قدرة حبالها الصوتية النطق بها

الزلت أذكر دخولنا لعيادة .ظلمات ثالث و قبل أن تبصر عيناها نور الحياة األول

االنتظار شاب لم فة غرمعنا في عندها كان, طبيب مختص بأمراض السمع

يرتدي .. جميل المحيى.. نظارة سوداء حالكةيضع .. يتجاوز الثالثين من عمره

ثم تنبهت لسماعة األذن الطبية .. يحمل عكازا حديديا.. سرواال بنيا و قميصا أزرقا

.. كان يصيخ السمع لما حوله و ابتسامة ال تفارق وجهه أبدا.. في األذن اليسرى

ال أريد نظرة .. ال تشفقوا علي : "عرفت من ابتسامته أنه يقول. .هادئ.. لطيف

أبصر نور الحياة و عوضني هللا بأن ..حبيبتي فأنا بالرغم من فقد.. ثاء لحالير

حكمة أنطق أحرف ال.. و رغم قلة سمعي .اق الهواء حوليأستمتع به عبر استنش

ليس الجمال أن نسمع و ..دليل الحكمة يا بشر الدنيا و الصمت.. أكثر من غيري

حتى الجماد له ... بل أن نلمس و نستشف و نشعر بمن هم حولنا و ما حولنا.. نرى

بالبصيرة تستطيع . تم البصيرة و تعيشون على البصرد يا من فق به حروفه الخاصة

تشعر لتستمتع بشذاها قرمزية اللون, ةمخملي أن تشعر بدنياك كملمس جورية

فنجان قهوة تحتسي فيه على شرفة دمشقية عتيقة ريفيخبنفسك في صباح

ذاك راودني "... لي روح يا من ماتت أرواحكم منذ زمن بعيد إن. الصباح

11

يوصل رسائله عبر الهواء أن يريد حقا لكأنه ...حساس و تلك األفكار سكنتنياإل

خيه ت أعلى وقع كلما يقظت مما أنا فيهاست .ذي نستنشقه بذات غرفة االنتظارال

.انتهاء المعاينة ا بذلكعلنمسك بيده مالذي خرج من عند الطبيب لي

.. كيف ترى العالم من حولها؟ ال يهمني كيف يراها هو ...ترى (..جمان)تأملت

كيف يمكن لصوتها أن يكون ! دون أن تسمع صفيرها ةعليله لها نسمة بل ما تعني

كيف تتخيل أصواتها و ..يرعندما ترى العصاف! جذابا عند نطق األحرف و الكلمات

ما يعزف داخلها؟ أعرف أن لها عالمها الخاص الذي تتخيل أصواته و كلماته و

ترسم سيمفونياته بطريقتها الفريدة كما كان موزارت يؤلف نوتات لتراتيل أدهشت

.العالم حتى يومنا هذا

بتها في لع.. كنت قد لمحتها تدمع قرب النافذة دون بكاء يسمع ...يوم خريفي جميل

تركتها دون أن .. قلم يقص ألمها على ورق قد تبلل من بحر عينيها.. حضنها

دخلت غرفتها وكانت نائمة .. ل من ساعتينق بعد أ, أن أنفرها خوفا من منها أقترب

تعانق دميتها كمن تخاف على كنز ثمين من الياقوت و .. دون أن تغطي نفسها

م يسبر أحد حتى نحن أغواره ميق الذي لالمرجان أن يسرق من بحرها اللجي الع

فإذا بورقها .. نظرت قرب الشرفة التي انعكست أشعة الشمس البرتقالية عليه ,أبدا

12

ففضول األم أكبر من جبال .. لم أستطع منع نفسي من القراءةف مسند عليه قلمها

.األنديز العالية

اض سنوات ما كتب فوق الورق هو أصل حياتها و ما تتذكره عن أهلها و م

يرة وهي ذات كانت مغرمة بأبيها الذي أعطاها ذات مساء اللعبة الصغ.. طفولتها

الذي توفي فيه ذات اليوم ا للبيت في يوم مثلج وهودئعا وقتها كان, األعوام الست

ساعدتها أختها التي أما. ةجد ما يرد البرد عنه بحاله الفقيرمن أثر الحمى ألنه ما و

رمق د تكسب ما تس مل خادمة لدى البيوت لو كانت تع حرفعلى تعلم بعض األ

أخذها بعيدا و خطبها بالد بعيدةالسن من في مجيء رجل كبير حتىالعائلة به

تراها هذا إن ما مازالت تشتاقها و تتمنى آن.. عنها أبدا يسمع عاد أحد مامعه و

أحبها فقد هم التيزالت األخت على قيد الحياة؟ أما شقيقها الذي تزوج من بنت حي

و رفضت أن تحمل هم أخته صاحبة العاهة و التي لم تحمل عناء مسايرتها أو الحن

.الميتم بعد أن فقدت أمه عقلها أودعهاعليها و أذعن هو لهذا األمر ف

لم تكتفي بضربها .. قاسية متجرئة كانت :بالنسبة للألم و بحسب ما وصفتها ابنتها

ا مرة جراء شدها من أمام النافذة تنتظر أبيها عله يجلسها و نعرها وقد خلعت كتفه

.في حضنه و يداعبها ثم يضعها في السرير على األرض لتنام

13

أكانت تعتقد أن أمها تمازحها و تضحك لها؟ أم علمت معنى الرعب و ... ترى

.لتقيتها بعد سنتين في الميتمإكيف كتبت الخوف لمجرد النظر إليها؟ ثم

...بالبكاء يقرأ ما جعلني أجهشلسحب الورق من بين يدي .. بكائيسمع زوجي

ن أزوجها أن أعلمها خير تعليم و أدعو أ دما قرأ ذلك و تحققنا منه أصريت علىعن

.لمن يحبها و يقدرها

و الزلت.. ما زالت حتى اليوم ال تفارقها لعبتها المهترئةبعد كل تلك السنوات

يستطيع أحد حرماننا من أجمل ماض لنا عبر ال .تلكحتى اليوم أحترم رغبتها

سنين كئيبة عنخصوصا أن وجودها أزاح جبال الجليد .. أشخاص أهدونا قلوبهم

.طويلة

الشمس تدفئ قلبك ابتسامة منك تجعل .. ال تقسو على نفسك فتقسو الدنيا عليك)

غلبت عليك مة قد تجد أن النع سف.. أحب الناس كما تحب نفسك .مهما علت همومه

عتقادك أن الموت الرحيم في ليجدك هو بعد ا إن لم تفتح قلبكالحب لن تجد .النقمة

(.ظلم البشر مقابل

26-12-2009

14

أسبوعان فقط أخبرته بكل ما ..لذي ينتظره حقاا ما .. اليوم يريدون الرد.. نم منذ أسبوعينألم

يمن نفلت حبالهتلؤلؤ العين أن كاد ..لكن ال رد... ت كيف بدى وقتهايرأ ..لدي

ت ما تذكر ..ساعات فقط و تنتهي جميع أوجاع الروح ..يفأمسكت بزمام نفس

صدفة بعد كل تلك السنوات أخرجت مكنونات تلك ال و كيف حصل قبل أسبوعين

توقعت منه أحد ..بكل هدوء و تؤده.. دون خوف أو وجلداخل البحر اللجي

كأن األرض ما كانت العدول و الخوف -ثانيا.. ما أنه سيعترف بكل ما لديهإأمرين

أحس بنفسي على األرجوحة كطفلة صغيرة ال !!اآلن حدث فعاليهذا ما أ !قبال

لكن ال بد من انتهاء الوقت أخيرا لتعود للبيت عندما .. أبداتريد أن توقفها لتنزل

.فاالحتماالت في حاالت النزع مرفوضة في السنن الكونية... تبدأ الشمس بالغياب

إذ بهماو .. ينظر من نافذة مكتبه كان..و المطر ينهمر خارجا أحد أيام الشتاء

.مر جد هامألالحديث معه على عجل و بخوف كبير نطلبات

.لعدول عن تهورهالكلمها ..نرجوك اتصل بها: يلفاس

نرجوك ..للمرة الثانيةو ال تريده.. ستقبل بالزواج من شخص ال تعرفه: مارال

.كلمها

15

أزعجها .. تتحدث بترهات ال نفقه منها شيئا.. دون وعي تتصرف إنها :سيلفا

.هرالكالم المثار حولكما هذه المرة حتى باتت تبتعد عنا بشكل ظا

ن عنه؟الذي تتحدثا ما: نظر بذهول

لتدالاحتقنت وجنتاه .. حقاأوجس الخيفة فثان دعلم عمن تتح.. بدأ يشعر بالتوتر

بدأ العرق يتصبب .. على نار اشتعلت فجأة داخله ال تخمدها مائة سيارة إطفاء

أحقا ما يسمع؟ ستذهب بعيدا عن ناظريه؟ ..ناحية الجبهة سببه بدء ارتفاع الضغط

قد صبغ اللون الرمادي أجزاء صغيرة من خصالت ..و في أواسط العقد الرابعه

عيناه ..لما فوق المرفقين لونت الشمس بياض وجهه و يديه ..شعره األسود

يقطن بأحد .. من عائلة برجوازية مهندس ..عسليتان تشوبهما خضرة خفيفة

طويل ..و أحذيته ابهذو ذوق جيد في انتقاء ثي.. المحيى جميل ..األحياء الراقية

يشرف على لأكثر من عشر سنوات ذجته موانفصل و ز.. القامة بطول محبب

لم يتزوج بعد ذلك خوفا من تكرار الفشل رغم وجود .. والديه الطاعنين بالسن

من األشخاص جعلهما ..بذاك القرار تفكيرال تهمحاولدون لكن... حوله الصديقات

يتفوه بترهات تجعل من حولهفالظهور يحب.. وجودهم بإثبات لمغرمينا

كبير أنه صادق و يتصرف بطبيعته مدحه لنفسه.. دالح قنمعجباته تف.. ينزعجون

حتى جعلني أتربص ..د الواجب و الوفاء بالوعود لكن عبثا تجدهيدعي ر ..كثير و

16

أثار ثائرتي .. بأغلب األحيانأكرهه كثيرة ما جعلني اتبسبب سخاف به التنكيل

تمنيت اليوم ..ثر بعدم رده على رسائل معايدة أو اتصال ضروري بسبب العملأك

.بسبب ما أصابني منه لبالذات قبل إعطاء الرد أن يرسل هللا عليه حجارة من سجي

.. أكمل من حيث بدأتالكثير مما مررت به جعلني أصر على أن ..بالنسبة لي

جعل من يراني يتمنى التودد يئكبريا.. أكبر مما عرف عني بإصرارعدت لعملي

..ات الحياة لن و لم يوقفني قبال وال مستقبالأي مطب من مطب ..عبثا حاولوا.. مني

لم .. كتب عن المنطقثم ألست ممن يتوقفن ليذرفن الدموع على قارعة الطريق

.سابقاذي تعرضت له األلم ال أتقبل فكرة دخول أي رجل حياتي بعد

.. بمعنى متبادل ناأول مرة التقت عينا ما زلت أذكر.. لثة هاهي الثا.. سنتانمضت

جعل ... مذ نظر إلي أول مرة.. أذقهما منذ زمن لمخفقان قلب .. أحسست برعشة

من هو؟ كيف تجرأ , النوم يعافني مدة أسبوع كامل و أنا أحاول معرفة مصابي منه

جعلني ا معنا؟ ذاكعلى الوقوف بتلك الطريقة و التبحر بعيني دون وجل ممن كانو

أبعدت ..بعد غياب عنه لمدة خمسة عشر يوم كاملة أتجنب النظر إليه طوال الوقت

لم أعد أستطيع الحقة فترة لكن في.. جاهدة تحاول.. أي فكرة عنه بشكل قاطع

كم تمنيت أن أستيقظ ليال على رنين .. حتى بات معي في حلي و ترحالي ... إبعاده

.. لكن عبثا_ هو حب القرن العشرين_ معي بأي أمر كان الهاتف يطلبني ليتحدث

17

أن أبقى متأملة وجهه و ذقنه المشوبة .. أن أضبط ياقة سترته بيديكم وددت

كان يخفق قلبي معظم األحيان كبحارة مركب لم يرى وطنه . باللون الفضي الرائع

رفعه عن روحه ت مرفأ شاطئه؟ هل تعلم كيف يشعر عندما يرى.. منذ دهور غابرة

آمال منها .. من تركها تنتظره.. أصدقائه.. ظهر مركبه لتطير به يلقى أهله

إلى أن جاء يوم.. مكانلم أدع ذلك ظاهرا علي قدر اإل.. استمرار عهدهما المقدس

.من اجتماعنا معه مباشرة روجناخ دعن و المار سيلفافيه سألتني

!وحيدة داخل القاعةإليك كأنك ال كيف كان ينظر هحظيتل ألم: سيلفا

.لم أسمح ألبعد من ذلك.. أعلم بأننا نستلطف بعضنا ..كانت تقولها بخبث جميل

من ؟: أجبت

...فيرسن: المار

!عنه انلذي تتحدثا ما ..بالعته ماأصبت ماأبلهاء تتحدث أم أنك: أجبت

ك أمام هتوقفبأو نظراته لك لم يبق أحد من الحاضرين إال تهامس عن كيفية : سيلفا

.مطوال

تعمل موظفة في ر قليل ذوق مثله أن يفك.. يستحيل على برجوازي متبجح: أجبت

.شائعاتحديث الب يدها مباشرة دون أن يجعل نفسه سيطل! إن حدثو ..قسمه في

؟يديه التي سبب اشتعالهاالنار من تلكالدخان اماذا لو أراد هو هذ: سيلفا

18

من طبقةأني اال تنسي.. كلمة واحدةفيه فلتحرقه وحده إذا فلن أثير حديثا: أجبت

.أبدا كهذه بخطأ اجتماعية مرموقة و مركز أبي ال يسمح لي أن أقع

...متأكدة ..ليست المرة األولى: المار

لم آت ..دوامة الخيال لن أدخل.. ليس هذا مجاال للنقاش: قطعت الحديث عليهما

.علمعمل فأتألبل ..هنا ألحب أو أبحث عن زوج ثري تافه

لكن لم تكن لتنتهي عند فيرسن أو .. داخلية عنديعلى الجبهة ال أقلهأنهيت النقاش

صاعقتها األخيرة أننا متزوجان .. سمعي أقاويل تافهةمل ىتناه فقد, ممن حولي

يظن نفسه الدون .. انتباهه ن ولم يعرهن حاولن رميه بشباكهيخصوصا من ..سرا

في ة الكافية ألنظر لهكذا أمر غير متاح لدي كنت بالالمباال.. جوان الوحيد هنا

.والدتي و أصدقائي حاولوا جاهدين تزويجي دون جدوى.. الوقت الحاضر أبدا

المهاترات هو إذعان مني أنني أضمركنت أجد أنني إذا تحدثت معه إلسكات تلك

.يادئبضد م هو شيء.. له شيئا

رغم استماتتي كي ال أقع ..فعال فقد كنت مميزة عنده ...سأكون صريحة أكثر

..ذهلت قبل أن أستطيع الرد! بيفي الرابع عشر من شباط اتصل ف ..فريسة قلبي

شيئا ..ةالال متناهيجعلني أدخل دوامة المشاعر .. كانت الحجة غير مقنعة أصال

.. الكبرياء المدلل منيو كان الصمت الصارخ منهف.. فشيئا جعل مسيره في قلبي

19

و كثر أ األلمل من يتحم ف ,أو لعبة العض على األصابع ميضةكأننا في لعبة الغ

نا ينتظر اآلخر ليقول أو يأتي بأقل كل م .. سيكون الرابح في الجولة الصبر

.تصرف يدل على ما بداخل اآلخر

يوم يعلن هل يأتيثم ماذا؟ كيف سننتهي؟ :كثيرة هي األيام التي تساءلت فيها

ي اتصال منه بأحد الليالي أم سيأتين سني الجهل؟أهي كأن شيئا لم يكن؟ زواجه

ليفيض الفرات أخيرا على كل تلك األراضي القاحلة ليغنيها بعد جفافها و تشقق

أرضها القاحلة؟

ن بين تعلمون كيف أحالم المراهقات الوردية وأملهن أن من يردنه سيتقدم ليحمله

اآلن واحدة ها أناو ...بهن كنت أستخف ... يديه لتكن ملكات القلب دون منازع

.منهن

ة هريا و خوفا في الحقيقة من تكرار يكنت أجد الحجج الواه.. تقدم لي الكثيرون

ن يمسك ألحد من أكيف أسمح .. جدا نيخيفتعدم معرفتي بالشخص ..جديد فشل

سقوطي في هوة ال سبب هو كان, بالنسبة لي !يدي أو يتعدى خطوطي الحمراء

.قرار فيها

إن كان الحجر لن .. أن من أعرفه وال أعرفه سواءأيقنت أخيرا بعد معرفتي به

كي... أخبرت سيلفا و مارال لتفرحا بي أو باألحرى.. ينطق فلن أتوقف أكثر

21

ما .. دون جدوى.. لكنهما حاولتا ثنيي عن قراري بشتى الطرق .. ينتواسيان

عل جبل طارق أن يهتز ..غضبي من إلخباره دون علمي لخوفهما نيلجأجعلهما

.من جديد أمجادها ر اسبانيا و يعيدحر يو ينشأ جيشا

أين هي اآلن؟: فيرسن

.حمقها تصحيححاول .. نرجوك اتصل بها اآلن ..تستعد للعودة للمنزل: مارال

بركانه كان مستعدا لينفجر و يبيد األرض عن بكرة .. حاول أن ال يظهر قلقة

.لتهدئتهما تظاهر ببعض البرود ..أبيها

.هونا عليكما اآلن.. بالتأكيدتلك خياراتها لكني سأحاول نصحها : نفيرس

ساكنا من هول فيها يحرك تزيد أو تنقص لمبعد خروجهما مضت خمس دقائق

الطريق كنت على .. على شاشة هاتفي المحمول يومضرأيت رقمه .. المفاجئة

.م آلخذ سيارة أجرةالعام أه

.آلو: أجبت

!كيف الحال :فيرسن

...قد خرجت توا من المكتب ..أهناك مشكلة ما! .. حمدا هلل: مستغربة

.أريد محادثتك اآلن: مقاطعا

...ي العودة للمكتب أمعل إذا : أجبت

21

.سأنزل مباشرة ابقي حيث أنت: مقاطعا

.حتى وصوله اردة ذاهلةبقيت ش.. أقفل الخط دون أي زيادة أو نقصان

.تفضلي بالركوب ..سيارتي من هنا: فيرسن

..فذاك ما كان ينقص ترهات من يريدون لغط الحديث ..أبدا: أجبت مصعوقةكال

.سنركب بالحافلة

!ماذا: مشمئزا

.إذا تفضل بالحديث هنا: أجبت

.كما تريدين اركبي الحافلة: قال ثمصمت برهة

يكن يعلم أين لم حتى هو ..أوقف حافلة ليست توصلنا ألي مكان قريب من بيتي

كمن رمى نفسه .. اعترتني رعشة كبيرة تسلل الخوف و الرعب نفسي ..وجهتها

.. يصل األرض ليشعر بقوة االرتطامس أعلى برج للعالم وال يعلم كيف أو متى من

كطفلة للمرة األولى أرتعد منه.. كان حديثه عصبيا جداما سيحدث بجسده؟

أنير حاولت أن ..ومصغيرة تخاف العتمة ليال في غرفتها من ظهور شبح الن

بعد مضي ,خفف من حدتهسرير عله يواسي الموقف ويالضوء الصغير جانب ال

.أحدنا مع اآلخر فيها من عشرين دقيقة ال يتحدث أكثر

.ك يريحكاحسنا يمكنك أن تتكلم اآلن إن كان ذ: توليب

22

.حتى نجد مقهى ننزل فيه: فيرسن

ك الطريقكنت أعرف أين يودي ذا بتمعن و نظرت إليه

.أي مقهى تستطيع الجلوس فيه من الزمن لن تجد هنا على طول ساعة: توليب

.. السيارات بشدة و عنف طتابفتخي كأن إشارات المرور تعطلت جميعها نظر إل

.هائال سيطيح بكل الحافلة إعصاراأحسست

.سننزل هنا أرجوك: ندهت بصوت عال

.على تلك المباغتة متفاجئ ينظر إل

ستبقى هنا أم ماذا؟: وتي مبتعداجاءه ص

توقف إذا به ينزل ي.. و السائق ينتظر سرعة قراره هرآني من النافذة أنتظر

ونحن ليس اآلنلكن ..يةفلسطينالتنطق شجرة الزيتون أن كنت أنتظر ..جانبي

الطريق يخلوا كان ..كما طريق ظهر البيدر عند تساقط الثلوج على مفترق زلق

حتى نصل أقرب موقف حافلة يحتاج و, عدا بعض البيوت من كل حياة بشرية

.كثر من ربع ساعةأل

أين نحن اآلن؟: فيرسن

.سيدي بوحامدطريق : أجبت

23

سبب حنقك علك تخبرنيسنبدأ بالمسير حتى تهدأ أعصابك : فباغتهنظر مذعورا

.المفاجئ

؟أيضا جانب أي ال تعلمين لهو .. ستتزوجين حقا من شخص ال ترغبينه: فيرسن

لم أدري كم بقينا ننظر ..كأن الطامة حلت بكامل ثقلها علينالران صمت ثقيل بيننا

قرب المسافة بيننا ينم عن .. بعضنا البعض دون أن يقطع علينا أحد ما نحن فيهل

أيطوقني بذراعيه مانعا إياي من اإلقدام على أي حمق .. شخص قد فاض به األمر

.د مناأو جنون يودي بحياة أي واح

ك بي؟ما هم , لكن .....لم تستطيعا معي صبرا ...ها.. أخبرتاك: أجبت

...قلت أنك لن تقبلي أن يلمسك شخص ال تعرفين: فيرسن

ستمشي أم ستبقى كما سور الصين في مكانه؟: توليب

رائحة .. بيده الضخمة مكررا سؤاله يمسك مرفقأ وقبل أن أشعر بهول المفاجأة

صوته الهادر .. أحسست بقلبي كأنه زلزال ياباني عنيف.. ألنفينفسه زكية وصلت

سيقولها .. قاطبة إلي مهما كانتيروشيما التي ستحرق جميع السفن كقنبلة ه

إال أني انتظرت شفاهه .. صحيح؟ كنت أنظر إليه رغم هول الموقف و ألم يدي

ها ماسات صع كمن تنتظر حلول المساء لترى قبة السماء الجميلة تر.. لتتحرك بها

24

الهائج كما صوت موج البحر عشقت.. ا ما تحب أي أنثى ارتداءهتقطف منه

. حديثه اآلن

هذا ما أثبته لي .. وال أعرفه في بيدق واحد من أعرفه: مكر حواءو بهدوء أجبته

.نيما عاد الفرق يهم ف ...أنت

بقي يحدق . .ادلهمت عليهالسماء من كأن صاعقة لالدم يختنق داخل وجنتيه رأيت

من حنجرته التي بان أنه استصعب بلع ريقه بي دون أن ينفلت حرف واحد

بدأنا نبتل دون أن يهدئ ذلك من الثورة .. بدأ المطر بالهطول غزيرا.. خاللها

.. رغم قسوة يده كانت حنونة!.. صدقوني.. سمعت دقات قلبه.. الفرنسية داخله

.في موقفهنسبة لرجل مثله و ... رقيقة

كنت أكره جل الشعر للرجل بشكل _ عن شعره سلت حبات المطر آثار الجل غ

.. ألول مرة أعشق بكل ذاك الحمق المتناهي.. وبدأ الشيب بالظهور أكثر_ عام

أو يشعر بي اآلن؟.. ة رأيته فيهاأراه وسيما أكثر من أي مر

اهات بين كل تلك التف ؟ ألم تسأل نفسك أبدا كيف احتملتكإلى متى أنتظر: توليب

ذات كون معا في ن؟ ألم تشعر بنفسك كيف تكون حواسك حين نالمعتوهي الزمالء

جاءني إن .. فجأة وجهك غير مالمحتكيف تتصرف إن وجدت أحدا قربي تالمكان؟

ها نحن ..!ت المكالمةفي أي شأن كانو أم امرأة كان تستميت لتعرف رجل اتصال

25

ن بين ذراعي رجل ال أعرفه ألكو على مفترق طرق اآلن أحدهما يوصلني

ك ساكنا حتىهذا ما كنت لتحر اللوفحمدا هلل ,اآلخر يصل فيما بينناو .. غيرك

كنت تنتظر باهلل عليك؟ ما .اآلن

.فعليبنفسه على ما شاعرا من قبضته حاول المقاطعة بعد أن أرخى يدي

قبلت .. كلماتك دون أن أقاطعك.. أمجادك.. استمعت لكل حماقاتك: استطردت

.قاطعت حديثي اآلن سأوريك ظهري و على الدنيا السالم ألن ..سخيف أعذارك

..اآلن فتكمل حياكة السجادة ني من تمسك خيوط النولإ.. ا نظر إلي غير مصدق

حياته سيرتعود و ت أهو ..غيب عنه دون رجعة أبداأ يعقله و قلبه لم يحتمال رؤيت

الطوافحجاج الأم أحبني كما يحب ؟ساعة رحيلي بعيدا عن ناظريه كما كانت

أقام ألجلها صرحا يعد ف تاج محللملكته ملك الهند ( أكبر)كعشق مأ ,البيت العتيقب

.من عجائب الدنيا السبع

تعلم يقينا كيف أشعر تجاهك فال تخبرني أنك كنت تخاف من أن أصد : توليب

لؤماتنتفض كنت . .جلي كيف تلمع عيناك لدى رؤيتي في ردهات العمل ..طلبك

بع من بين الماء أن تنها فعال عل صد كنت أتق.. إن لم أرحب بك أو أنتبه لوجودك

حتى كنت تدعو هللا أن ..فتروي األرض بعد طول جدب الصخور بعد شتاء طويل

26

علو صوتك ... ثانية واحدة تمسك بي أبدا كي ال أغيب عن ناظريكل كقف بجانبأ

ماذا كنت لتسمه؟, نا بذاك كل اآلهات المكبوتة لديكلعندما أمر جانب مكتبك مع

كنت أعشقهما رغم ..سحبت نظارة الشمس بعيدا عن عينيه ..بتؤدةاقتربت منه

لكنهما تخفيان بحرا يريد أن يثور بعد هدوء الماضي ليعطي جاذبا هماعتاوس عدم

ة و نسيمه تمنيت أن يجرفني وحيدة في عرضه الواسع بين أمواجه الرائع.. أخاذا

.. رأيت دالفين تتراقص فرحا.. الذي ترتد له الروح بعد سبات شتوي طويل بيننا

دمعة في .. حتى شمس الغروب عدلت عن الذهاب للنوم.. ترحب بقدومي إليه

تمنيت اللحظة عاصفة ترمي .. إحدى عينيه تخاف من تعكير صفو بحره الهادئ

.بعد نأي طويل اترد الروح فين.. شاطئهبقاربي بين أحضان

لعدسات الالصقة بدال من النظارة بعد كل تلك السنين التي ا اختياركتظن : أكملت

بدال البنطلونات الرسمية بالجينزهو مجرد تغيير؟ إ يذكر مضت عليك دون تغيير

جيل الشعر يمنع ! للموضة؟ أم تخفيض وزنك بسبب ارتفاع الضغط فقط إتباعا هو

أني كنت صاحبة كل تلك جنبلت ماذا ستخبرني ؟اءتطاير شعرك بوجود الهو

ممن حولك من الصديقات بهمسها اتالمسببات و التغييرات التي ما فتأت الكثير

.دون أن تلقى الصدى المحبب لديكسابقا بأذنك

27

,جلس على قارعة الطريق ..لم تقوى قدماه على حمله أكثر.. بي بقي صامتا يحدق

.. لست اسما على قائمتك: أتممت بهدوءرد إال أني خفت عليه من الب ...صراحة

أمستعد على ردم برجك ..بل اسم يتوج منتصف ما بقي من صفحات كتاب عمرك

ندس المعماري أم لم تعد خارطة الطريق تعنيك و ليكن ما هالذي عمرت أيها الم

: ستقول في نفسك ..من سلبيات العولمة و االنهيارات االقتصادية في العالم يكون

نت المساهمة الوحيدة لشراء أسهم الماضي اك.. كثيرات هاغير.. األمر بسيط"

في كرسي ا سيرأبعد أن كنت .. األفضل شتريسأ.. لسوقا ةمن عزل نيلتخرج

و أصبحت أسهميعت الست براغب كبير إن ب ..ب ألكثر من عشر سنواتمدول

"اآلن هالغير

أرجوك ..كفى: فيرسن

ت ودد نظرت بعينيه نظرة.. جثوت قبالته.. م فوق شفاهيترتس بسمة كنت أبكي و

تمنيت أن .. ؤيتي أبكي ألول مرة مذ عرفنيرأنه قال خاللها شيئا سوى استغرابه

ماغه د فتال فيأريد أن أدخل .. أدخل روحه ألعرف ما يحدث نفسه به اآلن

ما . .ما يدور في مخيلته ةترجمفأالحق الومضات الكهربائية علي أحصل على

أردته أن يمسك بي .. كنت أصمت لبرهات دون أن يجيب.. سيكون قراره األخير

لجمت فمه و جعلت رياح البحر لم أتوقع أن وقع كلماتي أ.. ثو يهزني بقوة ليتحد

28

.. أشرعة مركبي لم تعد تنجدني داخل معمعة موجاته القوية أن فجأة حتى تعلو

.. لذات أفلتت زمام الكلمات منيلوقت بافي هذا ا .يفقدني صوابي.. الصمت يثيرني

.ما ستؤول األحوال بعد هذا.. خوفي الشديد من المجهول.. ضقت ذرعا

اقتربت .. أصبحت لسعات الهواء باردة جدا و المطر لم يتوقف أو يهدأ ثانية واحدة

...رفعت ياقة سترته خوفا عليه من البرد.. منه

..تركتهن وراءك في طريق الضياع علك تشعر بحال من اإلقطاعيأيها : توليب

علي .. كأن النظام الجديد جردك من كل أرض كانت لك ليأممها لمن أهنتهن قبلي

قد , أمرك فين اآلن بالقبول أو الرفض فانظر الرد قبل مضي أسبوعين م

.كالطريق من هنا إن أردت العودة أو اتصل بإحداهن لتقل ..تأخرت

المرة األولى ..بقي يقنع نفسه أنه كابوس ال غير ..كان كمن خسر كامل ثروته

.. ة يديهارق .. ها العسليتانيتخضل عين ..ب فتاناوجهها جذ ..التي يراها فيها تبكي

.. نطق لسانه و شلوا حركته.. جعلوه بحال سبات سريري.. كالمها الهادئ الالذع

أراد ضمها ..بيده أراد مسح دموعها ..اختفت جميعها حركة الحبال الصوتية لديه

امرأة .. ذي لم تفارقه ابتسامة أنثى تعبت ظلمهتقبيل ثغرها ال ..بشدة إلى صدره

قرأته من األلف ..متناهي حتى غباءه الال.. حماقاته.. عجرفته.. احتملت وقاحته

حالة لكن ... أبدا رأة قبلها أن تفك طالسمه بهذه الطريقةاملم تقدر ... حتى الياء

29

تحت هدير المطر وكل جاءه صوتي ..صابته فجأة حولته لصنم خوفوالشلل التي أ

ارة لداخل كنت قد أعدت النظ .. منا مبتل حتى الثمالة من دموع السماء الطاهرة

ني أجد كلمة تتوه منه تريح سألته عل .. بقيت ممسكة بيده دون وعي مني.. كفه

.كلينا

األبهر لدي؟ تتحكم ت العيش في أصري حتى لم دخلت عنوة لشرايين دمي : توليب

الكرت األخضر دون حق كما سلب المغول سمحت لنفسك بسلب ,بقوة ضخ الدم

كل أمر ي معالدماغ عند فتال فيتدور في .. يقظتي.. أصبحت حلمي .بغداد ةمكتب

ستمالكي؟ الك الحق بو أموال آباءك أم حسبت أني أرض أجدادك !يدور في ذهني

ثق ..حتى اآلن لي حياتك أذهلك كما الفن األندلسي في زهوهدخو ..أرجوكأجبني

أن الحب عندي كما دخول اليهود لفلسطين ليسوا بخارجين من مسجدها األقصى و

فهل أنت قادر على .. ال بمتخلين عن هيكل سليمان المزعوم حتى تقوم الساعة

احتماله؟

بتعد عن ناظريه رويدا أبدأت .. غصبا جر قدمي أابتعدت عنه .. هألفكار تهترك

.أبكي مع السماء على ما ألم بناكنت .. لم أستطع.. راهحاولت أن ألتفت أل.. رويدا

لكن .. عله لحق بي يخبرني بشيءخلفي بقيت أنظر للطريق .. ركبت الحافلة

حاولت أن أبتسم أمام األهل .. دةعدت للبيت وحي.. انتهت الكلمات الطريق انتهى و

31

في السهرة قدر اإلمكان لكن ما أن أصبحت على وسادتي حتى و أن أجاريهم

ما زلت أضم يدي أتذكر من خاللها كيف شد على يدي ال .. بكيت بحرقة شديدة

لكن إلى متى؟.. يريد تركها

يلحق بها أن, أراد أن يجيبها.. بقي جالسا ألكثر من ثالثة أرباع الساعة يفكر

.نته قوتهوخا لم تحمله قدماه.. ليخبرها برده

هل أريد وقتا أكثر بعد مضي كل تلك السنوات حتى ! أسبوعان فقط: حدث نفسه

ألول مرة في .. لت أشعر برعشة يدها عندما أعادت لي النظارةماز ريد؟أقول ما أ

أريدها دونا عن أي امرأة .. حياتي أشعر بنعمة المطر عند مالمستها أرضا عجفاء

دقات قلبه و كيف تشع عينيه لدى رؤيتها تدخل تذكر .. صادفتها مرة في حياتي

ضحكتها التي تجعل نهاره يرقص طربا كحفلة .. المكتب لتحدثه بأمر العمل

كانت جوارحه .. كم تمنى أن يحدثها عن أحاسيسه.. صغيرة داخل مقهى اسكتلندي

حتى في هذه اللحظة خانته جميع صاالت األوبرا التي .. تتحرك دون وعي كامل

كل المعزوفات التي فكر بها ليال كثيرة هربت عالماتها .. دورها بوجهه أقفلت

خانته حباله الصوتية من تراتيل أجمل .. الموسيقية لتترك الصفحات فارغة

.المعزوفات العالمية

31

سبب تأخره؟ ! حاولت معرفة أين سيارته.. عند وصوله البيت استقبلته أخته فزعة

ه بمنشفة يجفف البلل الذي لحق أتت.. ا حرف واحدلم هو مبتل هكذا؟ دون أن يأتيه

تمدد أغلق باب غرفته و.. لم خائر القوىما كان منه سوى أن صعد السالف.. به

تجاهد أجنحته ...عصفور.. على فراشه ينظر من نافذته على لون السماء الكئيب

ما همه شدة القطرات رغم .. الصغيرة حتى يصل عشه ليدفأ محبوبته و صغاره

هو ذو حظ يجازف ألجل من يعشق؟ وصل أم ال ,إال أنه يخاطر.. حجمه الصغير

جل ما كان .. قي حتى غافله النوملم يعلم إلى متى ب! أجهش بالبكاء. وفير فعال

وس بقي يهل .. صوت أخته يطلب الثلج لخفض حرارته المرتفعة هعيتناهى إلى سم

مع موجات الحمى المترددة بكلمات غير ذات معنى سوى أن اسمها تكرر دائما

.على جسده المنهك

لم تستطع االتصال به و .. بقي الحال على ما هو خالل العشرة األيام التالية

حتى .كانتا تأتيان بأخبار تقدم شفاءهاالطمئنان عليه إال عبر سيلفا و مارال اللتين

ده ذلك بحال الورود و الهدايا جعلتا اسمها متصدرا فيها عسى أن يفي أرسال ماعند

. من األحوال

ما الذي : أمام المرآة أحدث نفسيبدأت . اليوم المشهود... اليوم هو الخامس عشر

ر حقا؟ بم يفك .. هو في إجازة مذ تركته تحت المطر آخر مرة.. ينتظره حتى اآلن

32

أم سيبقى في مكانه متأثرا بالصدمة حتى يرتدي .. خطوة ما؟ لألمام أم للوراء أيتخذ

فال أهتم بكل ما .. ض تحت التراب؟ أأذهب إليه و أجلس جانبه في مرضهاألبي

!األمر سيانأن حولي؟ أم

أهم الرتداء ثيابي احتفاء مني ألحدد مصيرا طال عليه األمد كل تلك األسئلة و أنا

أنه سيأتي .. كنت أفكر كما النهايات السعيدة في أي فيلم أمريكي.. كما تزعم والدتي

تحملني ألنهي األمر على أخرى, ي الموضوع و نكون سعيدين أخيراهلدارنا و ين

ذي ال أعرفه فإما سعيدة أو ي سافرت بعيدا مع الأن ية حيثغرار التراجيدية اليابان

.. لقمة أبداواحدنا ا غليبط الثلوج الباردة ال كل منا تائه في جبال األلب وس .شقية

الواجب يدعوا أن .. ناقوس الخطر يدق إنه.. توسعت حدقتا عيني فجأة أمام المرآة

.يبش بهم أهلي و يرحبون.. إنهم هنا ,اآلتيةننزل الملجأ لحين انقشاع الحرب

.عليك تقديم العصير لهم.. أسرعي هيا إنهم هنا: والدتي

.. ال أقوى أن أحمل الصينية بين يدي .. لن أستطيع المسير حتى: أحدث نفسي

عن كل .. عنه حتى.. ععن الجمي.. بعيدا عن هنا للفرار.. أردت الهرب من النافذة

.. يتوقف الدماغ عن إعطاء أمر إفراز األدرنالين لساعة فقط أردت أن. األفكار

هابالجواب الصائب ألكمل حياتي بشكل.. رب أرجوك مدني بالقوة يا.. ساعة واحدة

الرسل و أن القدر أعلم أن زمن المعجزات قد انتهى منذ عهد األنبياء و .. صحيحال

33

ما الذي سيحصل لكن .. مكتوب في اللوح المرقوم قبل خلق األرض ومن عليها

؟هل علي الدخول إليهم اآلن.. فعال

قطع .سوى تفكيري كيف أصبحت صحته اآلنخالل مدة جلوسي لم أعي شيئا

جعل قلبي يهتز بين األضلع لكأن كل كنت أرسمه و علي رنين الهاتف فجأة ما

بين ن عاقر الخمر حتى الثمالة و يهذيأحدث نفسي كم.. رآه و سمع صوته جالس

هو؟ أكيد؟: حناياه

.....أجبتها.. خالتك تسأل عنكم: والدي

أخذتني مخيلتي بعيدا حيث ..لم أسمع كلمة بعد ذلك.. سرحت بكامل ذهني بعيدا

موجود لفارسين يتبارزان لنيل يدها أحدهما ةكمعرأميرة تقف وسط ساحة أكون

ألن طريقه لم يأت بعدفاآلخر ذله ألخذها بالد ما بين النهرين أمادون جهد سيب

أما األميرة, محفوفة بالمخاطر و ساحرة عجوز تضع له العوائق في طريقه إلي

.ت تنتظر العد التنازلي حتى اآلنما زالف

.صحوت مرتعدة على يد والدي تهزني بسؤاله المباغت

أموافقة على ما أشترط عليه بيننا أم ستضيفين .. تي الصغيرةما رأي حبيب: أبي

(!توليب)عزيزتي شيئا ما

34

و .. خانتي مقلتي فجأة.. جلت ببصري على من حولي.. نظرت إليه بعد غفلتي

...صمت

10 / 7 / 2009

35

الثقب األسود

لفضاء تلك المنطقة الكونية في ذاك ا يتبادر إلى األذهان... عندما نسمع باسمه

هو ذاك الفراغ المجهول الذي يبتلع كل (. الزمكان)الواسع كما فسره علماء ناسا

ما يأتي إليه حتى الضوء ليرسله إلى بعد آخر وعوالم منسية مجهولة أو إلى مقبرة

هو ذاك الظالم المتقع المخيم على الفضاء كفم وحش مروع يأكل كل ما .محتومة

.المجهول الكامل العمى و األصم يجده أمامه ليستقر في جوفه

إال أن فلسفته تكشفت لدي عندما جالست مكاني ذاته ألرشف صباحي من مدخل

.القدير وحده يعلم منتهاه ...هوته ببضعة قطرات مرة أبدأ بها نهارا

المطر يتقاطر من سماء رمادية اللون لكأن الغيوم تغسل أدرانها ... في ذات المكان

اللون . جدا, كي تحفظ األخيرة سرها في غياباتها العميقة جدا و تودعها األرض

األخضر عاد لرونقه بعد صيف طويل و الحقيقة باتت معراة عن أغصان فقدت

. أوراقها المصفرة التعبة من أسرار حملتها فترة طويلة أنهكتها حدا ال يوصف

هم سببا من أجل تاركة بصري يبحث في البعيد عله يف... جالسة وحدي في المقهى

سبب أو ال سبب إلى أن قطع الساقي تفكيري حين أحضر فنجان قهوتي التي أحبها

دون سكر أو إضافات تجعل نكهتها و صفاء لونها يختفي كما عجوز تجمل نفسها

36

بمساحيق تعتقد أنها تقتل مرور الوقت و تتصابى كي تهرب من سني عمر لن

.تخبو تجاعيده مهما حاولت

أبدأ برشف قطرات الندى من ثغره إال أنني و دون وعي مسبق أصبحت هممت أن

... سطحه األسود الصافي الذي يعكس تماما, أنظر مباشرة إلى الفنجان أمامي

و بين كل ما , كبوابة سوداء كبيرة جدا تحجب ما بداخلها حتى القعر الالشيء

لوقت ال أعلمه فإذ تأملت ذاك الفراغ. ينعكس على سطحها القاتم الداكن و الصغير

, أفكاري, بحدقة عيني تتشكل سطحا آخر على تلك البقعة كمدخل يريني ذاتي

كانت إعصارا مخيفا حملني إلى . و ما أستطيع إبداعه أو أن أكونه حتى, ذكرياتي

شعرت بطاقة تحرضني ألمد إصبعي . فضاء نفسي الواسع الذي لم أكتشفه بعد

عميقا حتى نهايته المخيفة و التي ال أعلم إلى فأخترق ذاك الكون الواسع و أصل

. أين ستودي بي علي أجد تعريفا ما في تلك المنطقة الغير مكتشفة بعد داخل عقلي

... لكأن الزمن توقف فجأة, فراغ... شعرت بها تسحبني دون مقاومة مني إلى

أو ال ينبعث منه أي شرارة . أشعر بشيء ما ينسل مني و يدخل جوفه الالنهائي

ليس لي ظل منعكس وال , لم أعد أرى ضوءا حولي أو أسمع صوتا حتى... إشارة

. سوى أني أتنفس فقط و أني ما زلت موجودة... حولي جهة ةانعكاس لذاتي في أي

بت أتحرك في كل اتجاه ... ثغرة ما... أحاول البحث عن بقعة ضوء صغيرة

37

سكون قاتل حد ... ء آخرال شي... ظالم ال محدود. دون جدوى ألي شيء... ممكن

.الجنون

ركنت فجأة فقد هدني التعب و أنا أحوم حول الال مكان الذي غرقت فيه رغما

أصبحت أعي أني أسبح في عمق محيط لجي ال أعلم ماهية الخروج منه ... عني

ال أعلم إن كنت في وضعية , عدت إلى نفسي و هدأت قليال. الركود... سوى ب

بدأ تفكيري يعمل بروية . إال أني ال أشعر بجاذبية جسدي أبداالجلوس أو الوقوف

لن أهدر طاقتي على خوفي من الال , و أنني في محض خيال و سأستيقظ منه فجأة

ال أعلم كم من الوقت لكن فجأة تبادر , سكن روعي... طويال صمت , سكت. شيء

.بالصور أناس و حاالت للبشر لم أعيها ق... إلى خاطري أشياء كثيرة

هل الكفيف يعيش ذات األمر؟ ترى ... تلك الظلمة الحالكة حد مفارقة الروح للجسد

كيف يسبح خياله في تصور أشكال الطيور و مناظر الشجر؟ ما هي تصوراته عن

شكل الجبال و الجداول المتفجرة منها؟ ما يعنيه الربيع له إذا أراد استحضاره في

أبدا؟ كيف يترجم لنفسه نبض الحياة التي ما عدنا مخيلته التي لم ترى الربيع يوما

هل حاولنا يوما السماح له بأن يعبر عن مخيلته نحن المبصرون نقرأها اآلن؟

أم أننا سنستهزئ به ألنه سيتكلم عن خيال محض بعيد حتى عن مخيلة أي ... لنا

فسنا و ن ال نعير مشاعرهم أو كالمهم حقه كي نقنع أنأ... هكذا نقتلهم. طفل كان

38

أجل نحن , ن التواصل معهم صعب؟ بينما نحنأ إذ مساكين محيطنا بأنهم

. من ال نملك أي وسيلة تعبير أو تواصل المبصرون

الصمم؟ هل من أهذا ما يعنيه :ثم تبادر إلى ذهني المتعب ...ران علي صمت قاتل

كون الس! فقد سمعه يعيش بزنزانة منفردة ال حركة فيها و ال دبيب لنمل يسمع

الذي شيء رائع فهو يصقل النفس البشرية و يصلها بالسماء إال أنها في ذاك الحد

. توصل صاحبها لجرف سحيق ال قرار فيه... هي ضرب من الجنونأنا فيه اآلن

إن كان األصم يرى الطير حوله كيف يصوغ عقله له صوت تلك ... ترى

رجم له دماغه صوت إنسان كيف يت. المخلوقات التي تشبع صباحاتنا بألذ موسيقى

أحبك؟ تلك الكلمة البسيطة الجلل التي مللناها نحن السامعون من كثرة ما : يقول له

كيف يعمل عقله على تخيل خرير الجداول أو عزف قطرات . بيننا فقدت معناها

كيف حفيف الشجر يترجم على سلمه الموسيقي؟, وجهه الحي تالمطر ما إذا المس

تكلم حقا أو أن نفسي التي بين جنبي هي التي تتكلم و تفكر ال أعلم إن كنت أ

حاولت أن أصرخ عل صدى صوتي يرتد و يؤنسني في ظلمة وحشتيف... عني

لكن ما من , قد ابتلع جسدي الغض الطري حياو قبري ي فيكأنالتي أحسست فيها

عنى اآلن فقط شعرت بم. شيء أتاني سوى السكون يلف المكان حولي كيفما اتفق

إن من يفقد لغة اللسان يكون قد فقط اإلحساس . أن يكون الخرس مصيبة اإلنسان

39

ستبقى الحبال الصوتية تعطي ... مهما حاول التعويض بالمداد و البردي. بذاته

رغم أن معظم من حولنا قد أصابهم ... أدق حالة لما نشعر به و توصله لمن حولنا

أن تستطيع . ديقهم رغم سالمة بصرهمالصمم رغم سالمة سمعهم و بات العمى ص

التكلم مع أقرب الناس إليك و أن تخبره ما يعتريك في أسوء حاالتك هي هبة ال

في زمن ... نقدرها إال عند الكذب و النفاق و التملص ممن هم بحاجة إلينا فقط ألننا

ال نريد سوى أن ننفس عن .ال نهتم فيه سوى ألن نعيش كل يوم بيومه و كفانا

.فنتأفف و ندعي انشغالنا بما ليس عندنا... منا و عندما يريد الغير إصغاءناأل

أحسست أن عقلي قد فرغ من كل فكرة ممكنة أن تسلي عني ذاك ... هدأ روعي

هل يوجد . الغياب عن الواقع و أنني بت في هوة سحيقة تسبح بي نحو المجهول

غرب لنا؟ أ من الممكن أن رها العوالم أخرى حقا كما تصورها السينما و يصد

أكتشف عوالم عجز علماء الفلك و رواد الفضاء عن الوصول إليها؟ تناثرت

ي حاولت أن أحرك يدي عل , عشوائية ,أفكاري كما ذرات الطيف من حولي مبعثرة

أدركت وقتئذ أنني عبارة . عبثا جهدي قد ذهب... أجمعها و أعيدها سيرتها األولى

أي حس بقي . إنني مجرد جسد و رأس فقط... و أطرافها. اعن معاقة فقدت أذرعه

الحمد هلل )لدينا عندما نرى ذوي اإلعاقات سوى أن ننظر بشفقة و نقول ألنفسنا

أ حقا تلك العبارة كافية ألن نشعر بما يعتريهم و (. الذي عافانا مما ابتلى به غيرنا

41

كأس ماء بيد فيها خمسة أن يشربوا ... هم ال يستطيعون عمل األشياء بشكل طبيعي

أصابع كما نفعل نحن؟ أن ال يستشعروا جمال الطبيعية بخطى أقدامهم أو برد الثلج

فهو ينسكب منهم نهم شيء ال يقدرون على التقاطهو لذته أيام الشتاء؟ إن انفلت م

هم يقدرون معنى السعادة فعال أما . كما الحياة تنساب من بين أيدنا نحن األصحاء

تبيح الشكوى و نرمي ما تبقى في قمامة بيوتنا و نرتدي عجزنا النفسي نحن فنس

.داخل منازلنا و ننسى أننا معافون في أبداننا

كصفاء السماء في يوم صيفي ال يحمل في أفقه ... عقلي ال يحمل أية أفكار اآلن

ال أعلم المدة التي بت فيها على تلك الحال و كأنه ... سوى قرص الشمس الذهبي

أو نقاط , أحرف, ال كلمات... وانة انتهت مما عليها و بقيت تلتف على فراغأسط

هو العقل ذاته و قد , هو الجنون بعينه. صفحة بيضاء فقط.... تتجمع مع بعضها

أتراها نهاية العالم أم نهايتي؟ . فرغ شحناته السالبة جميعها و أتبعها بالموجبة أيضا

باهلل عليكم؟ أمن مجيب فيوقظني؟ أمن كيف بدأت في كل هذا؟ كيف أنتهي منه

مجيب فيرشدني؟ إلى أين يأخذني ذاك الثقب األسود في فضاء الخالق؟

أترى روحي قد فارقت جسدي حقا و ... مللت األسئلة دون العثور عن إجابة واحدة

استذكرت من الالشيء . أنني في البرزخ أرزح في كل تلك المتناقضات داخلي

أحببت النظر إليها أكثر من ... ت النظر إلى السماء ألجلهانجمة القطب التي عشق

41

مضيئة دوما ... فقد كانت بالنسبة لي تستمد قوتها من ذاتها ال من غيرها... القمر

هي الدليل الموثوق في الصحراء و التي . ال تتغير أو يقل سطوعها مع أيام الشهر

هي عشقي التي . القمر هي الشيء الثابت دائما عند ظهور. بها يستهدي من يتوه

. أأتمنها سري... تسمع بكائي... أتلذذ بالنظر إليها في سهري و تؤنس وحدتي

.وحدها ترى انسكاب الدمع من مقلتي

... حاولت استذكارها جاهدة فهي مالكي الحارس في غياهب الجب الذي وقعت فيه

بقيت أدعوها و . علها تظهر لي و ترشدني إلى الطريق داخل الظلمة التي أنا فيها

يحاول عقلي استحضارها ... أناديها و أنا داخل ذاك الفضاء األسود الال متناهي

قبل أن أصل إلى قعر تلك الهوة السحيقة التي ربما ترمي بي إلى أرض المفترسين

و الجهلة و آكلي لحوم بعضهم البعض أو ربما تجعلني في مملكة آمنة مترفة

.ال أملك الحس بالزمن. كن فآمن على نفسي أخيرابجمال الطبيعة و طيبة المس

ثم ... بعد برهة ازدادت اتساعا... لي تجلىت بدأتنقطة بيضاء شبه معدومة الرؤية

ما لبث إحساس باالنجراف نحوها إال أن ازداد كمن يهبط من على األفعوانية دون

.بتيهوادة و ال يوجد مكابح أو شيء أتمسك به خوفا من أن أسقط فتكسر رق

سمعت نداء قلبي و عرفت مدى عشقي لها في كل تلك الليالي التي ال بد و أنها

كانت تتجلى لي لتسمع غزلي بها أو تسمع آهة تصدر مني فجاءت تسعفني من

42

عاد لي صوتي ثانية عندما مررت . ضياعي في ذاك الجرف المخيف و المهيب

نها جاءت لمساعدتي رغم كل بجانبها و هي تتألق فقد أخبرتها كم أنا شاكرة لها أ

لمست أحد أشعتها البراقة فأحسست بدفئها يمر من . الخطر المحدق لدخولها الثقب

.بين أصابعي و يا له من شعور ال يوصف بالحس باألشياء

على صوت هاتفي النقال ينبهني أن الوقت قد حان كي أتوجه نحو صحوت فجأة

... بأشعة الشمس الضئيلة أيام الشتاء.. .نظرت حولي متمعنة بكل شيء... عملي

ثم ندهت ... حركت قدمي ألتأكد أني بخير. بزخات المطر التي يعبق بها نهاري

الساقي أطلب منه فاتورة الحساب و عندما أجابني بالقبول تأكدت أنني لم أفقد

هل كل تلك األفكار تتالت فجأة لمجرد النظر لتلك البقعة ترى .قدرتي عن الكالم

عكس شيء حقا؟ إنما هي مجرد بقعة داكنة السوداء داخل فنجان قهوتي و التي ال ت

ملهمة لكل من يحاول أن يبحث عن فكرة ليبدأ , جميلة فعال. وقعت عليها عيناي

. أو يحاول إيجاد نفسه في زمن بات الضياع فيه شيء اعتياديا. بها طريقا ما

البشرية التائهة في دورة أرضنا من يجد نفسه هأن و ذلك وصلت لحقيقة زماننا

و من ذوي االحتياجات , خارج عن المألوف, مختل العقل, اآلنية فهو غريب

.الخاصة فعال

Lina Al-Shalati

09/12/2011

43

!أو لست الرجل

تلك لعنتي التي ألقيتها , أيا كان ذاك الشخص.. األنس بعدي مع أحد غلن تستسي

يا من لم تؤمن يوما بالحب من .. أنت. كنا ليعليك مذ طلبتك من العزيز القدير س

.أصبحت لها رهينا و مسلوب اللب, النظرة األولى

بكل .. ظهرت أمامه فجأة.. الرجل الذي لم تستعص يوما عليه امرأة قط: هو

لم هي بالذات ؟ ما المميز فيها ! بساعات فقط .. أنوثتها الحية لتجعل منه رجال آخر

و يعرفهن يفقنها جماال و يفضن أنوثة .. م أن من عرفهندونا عن بنات حواء ؟ رغ

!صاخبة

فجأة و دون .. رغم مضي أكثر من أسبوعين على مجيئها مكتبه.. لكأنه البارحة

رحب بها و قد بادره قلبه . طلبت رؤيته ألمر هام, نة العينينمحتق, إعالن مسبق

انتفت .. فجأةسرى الدم في جميع أوصاله بسرعة بركان فيجي , بخفقان سريع

البسمة عن محيياه عندما قابلته عيناها الدامعتين و رموشها المبتلة حد الثمالة دون

.صوت بكاء

هو الرجل الذي يحسب له كل ! أجل.. طلب إليها الجلوس و قد تسلل الرعب قلبه

لم تجعل له . بل و عليها! يخاف منها هي.. حساب مذ دخوله حتى انتهاءه من عمله

لكأنه .. يتفوه بشيء فقد بادرته بكلمات شعر فيها بتوقف الزمن من حوله بادرة أن

44

الصمم قد حجبه عن كل ما حوله عدا صوتها المتشنج الخارج من حنجرة ملت

.الصمت و الصبر على جفوته

.دون أن تنبس ببنت شفه.. ستسمعني فقط: هي

و الحركة كان مسلوب اإلرادة .. لم يستطع لسانه أن يتحرك بحرف واحد أبدا

.تجاهها

كنت .. أما زلت تذكر يوم وقفت مسلوب الحيلة تحدق بعيني من تلك الزاوية: هي

!ترتدي بنطاال رماديا و قميصا أبيضا

..طبعا.. أنا: هو

أم زال؟ , أكنت تحاول معرفة ما إذا كان تأثيرك على السيدات كما هو.. وقتها: هي

ى ذات المنوال؟ كنت ساذجة ألنني أم كنت تقضي أوقات فراغك مع جميعهن عل

نصبت . سمحت لك استعمار قلبي و احتكار األبهر فيه توزع الدم في كيف شئت

نفسك ملكا على مكنونات عقلي و كياني حتى بت ال أكلم رجال في غيابك خوفا

ما عرفت .. صدقني سيدي.. لكأني تحت جناحك و انتهى, ال فرق.. عليك أو منك

كنك جعلته يتسلل داخلي كما جنية األطفال تأتيهم ليال بهدايا ل.. الحب يوما

ال أنت تركته .. نصبت نفسك ملكا على قلب. تفرح قلوبهم رغم تفاهتها.. صغيرة

وال أنت أعلنته مملكتك األبدية؟ بت أعشق , بسيادته مستقال بخراب سببته فيه

45

بح مزاجي متقلبا جدا حتى لم أعد آنس من البشر أحدا و قد أص, الوحدة في غيابك

سوى أنني آكل لمجرد إطعام جسدي الفاني في .. و مذاق الطعام لم أعد أشعر به

فة حقيقة واحدة تجلت أمامي ما استفدته من وجودك داخل شرايني هو بمعر. النهاية

األمة و الخالق الواحد \الحب الحق يدل على الحب السرمدي بين العبد": بوضوح

كم كتمتها جوارحي حتى ! ما رأيت قط كقسوة قلبك :وم ألقول لكأتيت الي." األحد

, أعلنها على المأل و دون خوف منك.. ما عادت تطيق وجودها بين الحنايا

ما عاد له .. حتى السراب, الصحراء باتت جرداء حتى من أشباه الواحات المرئية

انظر . رضإنك جلف أكثر من أشد الناس قسوة خلقوا على هذه األ. ضرورة فيها

نفسك سيدي كيف كنت و ما أصبحت عليه ساعة رضيت بي في حياتك التي كانت

تحولت إلى شخص إن نظرت في مرآتك لم تكن لتتصور أن .. باألبيض و األسود

لم , تود أن أسمعك ما يجعلك مطمئنا لي.. كل مرة كنت تقابلني بها. تكونه أبدا

! علني أشعر أنني أتنفس ذات الهواء معكبينما ضننت علي بما يج.. أبخل بها عليك

علني .. تمنيت أن أكون علبة سجائرك الموضوعة في جيب قميصك ناحية قلبك

أحسد سيجارتك التي تحملها بين أصابعك و , أسمع دقاته كيفما حللت و ارتحلت

.. التي ال تستغني عنها و تالمس شفتيك اللتان أنتظر منهما أن ينطقا اسمي يوما

ع بحرقه كما تحرقني دون أن تهتم من أنه يضر بك أو تذي كنت تستمدخانك ال

46

أم كنت لعبة ! الطالب لألنثى.. المبادر! أو لست الرجل. يضر بغيرك و يقتلك

فآثرت .. جديدة لم تستطع حل لغزها و سبر غورها رغم وضوحها و التزامها بك

بل ألريك .. علي لم آت هنا ألضع ضعفي نقطة. أسهل.. التراجع و اللهو بأخرى

و قلة حيلتك من دون أن تتفوه بكلمة بسيطة تشعرك , مدى ضعفك, تشويه ذاتك

و أن مشاعرك و قلبك الذي يسكن بين حناياك مازال ينبض , حياتك, بإنسانيتك

ال .. إنما أعجب لكم معشر الرجال.. ليس ذاك عيبا أو نقصا لفحولتك صدقني. فيك

.. في آخر مطافكم! لتصبوا جامها علينا. .تشربون من الحياة سوى قسوتها

.تخرجون بال ناقة وال جمل

و هو ينظر إليها بعينين ... صمتت و هي تحاول جمع شتاتها و إمساك دمعها

حاول بخالل صمتها أن يجمع بضعة .. زائغتين و أحرف الهجاء مبعثرة أمامه

بصورة أنثى عجز عن التعبير ألن ضعفه تراءى له جليا ... لكنه فشل... أحرف

تنبه لصوتها المخنوق يتمم له الهدم . أحبها بشغف دون أن يقدر ذاك قبل اللحظة

سأتركك وحدك اآلن و لست :الثلجي الذي أغرقه و جعله في ذالك الجرف العميق

إال أني أطلب منك أن تقصد البحر و تتأمل .. نادمة عما جئت ألجله أو ما قلته لك

و يفتح بصيرتك التي , يلين قلبكل أن يأتيك ذاك بالصواب عسى.. فيه قدرة الرحمن

خيم هناك و تأمل لوحة إلهية تدلك على , اصعد جبال عاليا.. أو. عفا عنها الزمن

47

معنى الحياة و أن الكبر داخلك هو ال شيء أمام ما تبصره عيناك من إبداع نحن

التي تبدءون النقر " ررفقا بالقواري"ستعرف عندئذ معنى . أمامه أعجاز نخل خاوية

فهي أخيرا ستتحطم بين يديكم معشر المريخيين , ال يهم.. عليها أو فيها

ريثما تحصل . أبدا.. لن تنفع دمعة أو كلمة أسف تحيينافقط عندها , الصندوقيين

ربما تجدني ! رةعلى إجابتك و تعود روحك حياتها السوية لترى بوضوح و بصي

.أعرف أنك لن تظلم غيري بعدها إال أني ..لترابا ..أو يواري التراب

من عينيها اللتين ذاق ... وقفت برفق و ودعته بدمع ينسكب دون كلل أو ملل

حتى أنه لم يعرف ماهية .. كان مخدرا كليا, بسببهما الخمر ألول مرة في حياته

حتى الساعة التي قضتها مواجهته معها و هو يسمع دون أن , الدقيقة, اللحظة

سانه بكلمة واحدة يدافع فيها عن نفسه أو يكبح غضبها بلباقته و كياسته ينطق ل

ما أخرجه .. لم يطق عقله الصورة التي خلفتها لديه.. بعد رحيلها. المعهودتان عنه

بقي مزاجه .. أصبح يرمي كل ما أمامه بكل االتجاهات.. عن تحفظه في كل شيء

.سه و منهاحتى قرر الهروب من نف, سيئا طوال أسبوعه ذاك

لم يخبر أحدا عن المدة الني .. فالتخييم عادة غير متأصلة لدينا.. قصد البحر

جعل كيانه كما الذي ما , لعدم قدرته على فهم ما حصل له فجأة.. سيغيبها

بعشوائيتها المطلقة تشبه بعثرة , لعبة األحجية ذات المكعبات الملونة" السكربتس"

48

ال يعرف كيف يحل معضلتها .. رته لمن حولهو حتى تصرفاته و نظ, نطقه, فكره

.و تبقى المكعبات مبعثرة كل في اتجاه مختلف

داعبت نسمات البحر وجهه و .. عندما المست قدماه الرمل الناعم للمرة األولى

تخللت ثيابه كما تداعب األم طفلها و يحاول األخير أن يحوم حول رقبتها باشتياق

.كبير

و ها هو اليوم الثالث يهم باألفول عنه .. من ثالثة أيام لم يمض على وجوده أكثر

نظر بين قدميه اللتان يالمسهما دفء ماء البحر و حنوه على الرمل .. كما البارحة

انهمرت منه .. هي تارة قوية و أخرى ضعيفة.. المتشبع من ماءه حتى الجوف

هو , ه يتحسس الدمعمد يد... و تتالت األخريات على وجهه.. اثنتان.. دمعة.. فجأة

ألم نخلق بشر سواسية لم يحق لهن .. و ما المعيب في ذالك, رجل يبكي... يبكي

عاملها بكل ما أوتي من برود و سطوة . البكاء و حرمنا ما يريحنا على أنفسنا

جعلها داخل .. الرجل التي تشربها في عمره و سنواته التي تعدت العقد الرابع بقليل

ما فطن ذهنه بسبب , ظنا منه أنها ستعود طيعة إليه.. عيدا جداصدفته ليقذفها ب

عجرفته وال عملت مخيلته حتى على رسم ذاك السيناريو الذي قلب حياته رأسا

.على عقب

49

هل آذاها حقا؟ أغرس خنجره فيها و استقر في صميمها؟ أيمكنه العودة إليها؟

أن اسمها .. في عروقه أيطلبها اآلن و يخبرها كيف أنها تسري منه مجرى الدم

. الذي لم يقو يوما على أن ينادي به تلفظه كل مسامة في جسده الجاف و العفن

أيستقبله قلبها إن طرق بابها؟

لم . للمرة األولى في حياته يفقد السيطرة و التحكم بقراراته أو اإلتيان بخطوة

واء على تصرف معها دونا عن األخريات اللواتي عرفهن في حياته من بنات ح

و بنى حائطا كما في برلين بينهما؟ لم يفعل كل , ذاك النحو من الجفاء الغير مبرر

.المضللة.. سحقا ألجوبتكم المعادية.. هذا بنفسه؟ أيتها األسئلة البلهاء

بدأت تتألأل أمام .. كان الغسق قد تالشى لتحل بدال عنه أولى نجمات المساء

لمرة األولى يتنبه لوميضها الذي يجعل حواسه ل.. ناظريه كما عيناها العسليتان

تذكر كيف ينبئه قلبه بمقدمها كما .. حيث تكون قبالته.. جميعها تعمل باتجاه واحد

عندها ترتعد أوصاله شوقا كما األرض لثلج الشتاء بعد .. الطير قبيل هطول المطر

دها الباردة حتى أن شفاهه تتلعثم و هو يمد يده مصافحا ي. و قيظ, حر , طول جدب

كم تمنى أن يبقي يدها بين يديه و يبقيهما محتجزتان ألطول فترة , آآآه.. أيام الشتاء

لكن عجزه عن إظهار مشاعره تجاه األنثى بقيت .. ممكنة خوفا عليها من البرد

تبا لمجتمع علم الرجل ما يخصه فقط من العقد . حائال عن أن تفيض كما الفرات

51

لقد جعل من كبرياء ! جعله يتغافل عن حق الطرف اآلخر فيهما .. بين آدم و حواء

ما يؤذي و يكسر ذاك الضلع .. أوالد آدم و عنفوانهم يطغيان على تصرفاتهم

الحامي لقلوبهم و يكون سببا لينغرس في أفئدتهم و يقضي عليهم و يجعلهم

.يحرمون لذة تذوق الشعور بالحنو و طعم الحياة الحلو

هي ساهرة كل ليلة تنادم ذات النجمة التي .. ه رغم بعدهما؟أما زالت تشعر ب

تشكوه لخالق األكوان؟.. تبصرها عيناه

باتت عندها القبة السماوية الداكنة و هي تموج ببحر متأللئ .. استلقى على ظهره

أين كان من كل ذاك؟ أعمى , أروع صورة نظرت إليها عيناه حتى اآلن.. ال نهائي

.أحمق, غبي.. البصيرة فعال

و رفعت السماء بغير عمد نراها ثم , أسألك يا من خلقت السبع الشداد.. أي رب

مع أنثى بات وجودها بالنسبة إلي .. أن تعطيني من أمري رشدا.. زينتها بمصابيح

.اسمها هو جل ما يذكره لساني بعد تمجيد اسمك يا إلهي. كما الروح داخل الجسد

. أن قلبه سيتوقف من كثرة ألمه على من يعشقها شعر بحرقة الدموع ما جعله يظن

عندها عكست اإلنارة البعيدة خلفه موجات البحر و هي .. اعتدل في مجلسه مجددا

تداعب قدميه و ترسل حبات الرمل الدافئة المحملة ببعض األصداف الصغيرة تارة

صدره طفق به.. لم يستلذ به قبال.. عندها شعر بحنو غريب, منه و أخرى إليه

51

لها وقع يبعث كل قلب قتلته يسمع هدير البحر معزوفة إلهية ألول مرة.. بكل ود

غاب عن كل ما حوله عدا غناء البحر و حنو الرمل و دموع يشعر . الدنيا القاسية

.معها بحريته الكاملة رغم حرارتها التي تلسع وجنتيه

كما األم .. لمغلقينضوء لطيف بدأ يتسرب و يداعب جفنيه ا, صوت نورس البحر

كان نائما على . الحنون على ولدها بعد سهده المضني يصارع مرضا عضاال

لكأنه .. أحس ذاك الصباح أن نبض الحياة يتغلغل داخله بعد موت طويل.. الشاطئ

ذو , بأيام قليلة فقط قضاها يسبح و يتأمل في ملكوت الودود.. بعث من جديد

.العرش المجيد

بعد مضي عشرون يوما عن تلك المحادثة التي و إليها... للمنزلقرر العودة أخيرا

ما أن وصل منزله . و هي فقط... يريد العودة إليها هي... قلبت كيانه عن بكرة أبيه

حتى سارعت أصابعه ضغط أرقام جوالها و أذنه تسمع رنين الهاتف متلهفة لسماع

شجر الربيع يتفتح قلبه كما... موسيقى جدول الربيع بعد شتاء قارص موحل

بقي يناظر جواله فترة , دون مجيب... مرة أخرى... ال إجابة. برعما تلو اآلخر

ما أن يترك ... بقي ألكثر من ساعتين يتخبط مع ذاته. من الزمن عل صوتها يأتيه

يتنقل بين غرف البيت واحدة تلو األخرى و يحلم ل اظر النافذة الكرسي حتى ين

ستضفى بهجة على قصره المظلم الكريه الذي ال حياة , داخلهكيف ستكون تنقالتها

52

حاول تهدئة نفسه و النظر للتلفاز عله يضيع بعض الوقت لحين اتصالها ... فيه

.عبثا كل ما يفعله... به

اتيحه تزمجر من شدة لهفته أنه عاجلته قدماه نحو الباب للخروج و عالقة مف

مكان لمنطقة التي تقطن بها لكن ليس كان يعلم ا... سيذهب باحثا عن منزلها

حتى وصل الذي تقطنه عائلتهامنزل السأل بعض المحال عن ... المنزل بالتحديد

جلس داخل السيارة و قلبه يرتعش كطفل صغير في أول . إلى منزل أنيق و بسيط

... ماال يكاد يشعر بهما من شدة البرودة التي لحقت به ,يداه... يوم له في المدرسة

... شدة الرعشة التي انتابته لم يقو على فتح باب السيارة ليخرج منها منأنه حتى

يقرع جرسه و تراه أن تحمالنه حتى يصل باب المنزل لتحامل على قدميه

ال ستلجم لسانها الفرحة و ستقف مشدوهة ...ال, ستقفز إليه تتعلق برقبته... عيناها

ا و يضمها إليه ليخبرها كم يحتاج حينها سيمد يده يمسح دمعه, و تبكي من الفرح

أخذ ... لم يتم أفكاره إذ أنه أصبح قبالة باب المنزل... نورها لتضيء عتمة أيامه

ثم آخر حتى عانته يده لضغط جرس اإلنذار الذي لم يعلم ما سيحصل .. نفسا عميقا

.بعده

53

العتبة هل هم موجودون في المنزل؟ ال بأس سأبقى مجالسا... بقي دقيقة دون إجابة

ثم هم بالقرع مرة أخرى فما كان من الباب سوى أن فتح على . حتى يأتوا

.مصراعيه و وقف قبالته سيدة في العقد السادس من العمر تقريبا

نعم: السيدة

سيدتي... مساء الخير... مس... م: هو

هل أنت أحد أصدقاء آدم؟... مساء النور: السيدة

.شهد ...اآلنسة ...أتيت ألرى.. .لكنني... ال يا سيدتي... ال: هو

لم يتنبه ما كانت ... صمتت السيدة عند الباب و اتسع محجر عينيها و صمتت

.ترتدي

أ أنت ينال؟: السيدة

كيف عرفت : و بدأت نفسه التي بين جنبيه تسأله و تجيب عنه... وقف مشدوها

ى دمعها ينساب لكن ما أن تمعن بوجه السيدة حتى رأ! مباسمي؟ ال بد أنها أخبرته

.على وجهها

.من فضلك و أغلق الباب خلفك.. تفضل يا بني: السيدة

54

شعر برهبة و خوف ... بقي ينظر إلى عتبة الباب دون أن تستطيع قدمه تجاوزها

بد ال ... ال ؟ أم هناك خطب ما أسوء؟أهي متوعكة... اهناك شيء م... شديدين

.أنها ستظهر اآلن هي بخير

فأمسك رجله بيده حتى يرفعها , تخبره أن يدخل للمرة الثانية (السيدة)سمع صوت

... عندما أغلق الباب خلفه و نظر إلى الداخل. فوق العتبة ليجبرها على الدخول

وجد نفسه أمام ردهة أنيقة في يسارها سلم خشبي أنيق يرتقي لألعلى و يمينه

ل ستنزل درجات السلم ه, حمالة ثياب نحاسية عتيقة الطراز مذهلة للعين بنقوشها

لترى من الطارق في هذه الساعة؟ أم هي مجالسة ألهلها؟ ال بد و أنها نائمة في

بدأت خطواته تتجه نحو ضوء .مثل هذا الوقت إذ ال أصوات أقدام تنزل السلم

وصل إلى الغرفة . و مازال يناظر ما حوله ليرى أين تسكن حبيبته فعال... أمامه

يجاريها بالعمر تقريبا أو يكبرها ببضع (سيدا)و وجد . ..(السيدة)حيث تجلس

... متشعث ,و شاب وسيم ذو عيون زرقاء و شعر كستنائي فاتح.... سنوات فقط

.دون اهتمام قد ترك لحيته تنمو... ضعيف الجسم

لكن ما أن المس جسده الكنبة حتى تنبه للسواد الذي , للجلوس (السيد)دعاه

نطق دون وعي سوى أنه .. م يسعفه عقله بأية فكرة إطالقال... يتشحون به جميعهم

55

عذرا على إزعاجكم في مثل هذه األوقات ... يبدو أن الوقت غير مناسب: منه

...إال أني أتيت كي أرى كريمتكم اآلنسة شهد و أن_ صمت برهة_

أما . بدأت بالبكاء و زوجها يحتضنها و هو يبكي أيضاأن سوى (األم)فما كان من

ة كم أنه سيتلقى ل (ينال)فظن ... ما جعله يهب واقفا... فلم يتحمل الموقف... (مآد)

توجه إلى غرفة أخرى غاب فيها لدقائق ثم عاد الشاب إال أن... تعلمه درسا قاسيا

قدمه , شيئا مستطيل الشكل متوسطا في الحجم و ملفوفا بعناية فائقةيمسك بين يديه

.تتناثر فوق العلبة بعصبية و قطرات دمعه هإلي

لقد نت طوال الواحد و العشرين يوما الماضية؟باهلل عليك أين ك... تركتها لك: آدم

أين كنت؟... جعلتني أفعل ذاك بنفسي و بها

ه مباشرة منبها إلى مدى حنق و ألمعقلو ( ينال)قلب كان صوته ينفذ لداخل

منه بما يدور حوله في دون علم هسبب مدى األذى الذي... أمامه جل الواقفالر

تضعف دقات قلبه... شعر أن عقله يرفض العمل... فيها اآلن اللحظات التي هو

ي غاب ذما ال من أكون؟ ماذا فعلت؟: هسأل نفسنظر إليهم و ات يو ب... تدريجيا

ذاتي كي عني خالل الواحد و العشرون يوما؟ ألم تكن نصيحتها لي أن أبحث عن

مني أن أترجم خطأي بتأمل ملكوت هللا حتى أعود لبأجدها هي؟ أ ليست من ط

إليها طاهرا من أي دنس قد يحرمني حبها مدى الحياة؟

56

تالقت نظرته... ه و نظر إلى أهلها من حولهإلى العلبة التي أصبحت بين يدي نظر

فكر أناس متألمون حقا من خطب جلل لم يرد أن ي ان يرى أمامهك... و أخوها معا

أبشع مخلوق يدب على هذه كرة أن مكروه قد حصل لها سيجعل منهن فإ... ما هو

.شرقها و غربها, األرض بطولها و عرضها

!هل أستطيع أن أسأل أين شهد: ينال

من ه صدى صوتهو يرتد علي لكأنه يحدث نفسه... ما من سميع... ا من مجيبم

.خرساء, بكماء, جدران صماء

لسبع و األرضين السبع أين هي شهد؟أستحلفكم بخالق السماوات ا: ينال

.هي بين يديك... هي بين يديك يا بني: ألبا

... يس يراها وال هو ممسك بيدهال... ه؟أين هي بين يدي... لم يستوعب ما قيل له

شم رائحة يستطيع أن ي... لكن... ليست في حضنه وال يسمع صوت مشيتها

.هي رائحتها حقا... عطرها

.ي أنها بين يدي؟ فأنا ال أراهاما تعني يا سيد: ينال

.قد أخبرتنا أن نعطيك هذه العلبة ألنها بهذا ستكون دائما بين يديك: ماأل

باتت ... من دون أن يعي ما الذي تفعله أنامله... أعاد النظر للعلبة الملفوفة مجددا

خوف ... برهبة شديدة... تفتح ورق اللف بخوف يديه تعمل غصبا عن إرادته و

57

كانت علبة من الفضة الخالصة منقوشة بشكل دقيق . في حضنه يضعه من مجهول

كان يعلم عشقها للفضة من كثرة ما كانت ... جدا مفرغة ليظهر منها علبة زجاجية

كانت , من ثياب ترتدي من خواتم و أساور فضية تتناسب مع ما كانت ترتدي

لعلبة بذهول إذ أنها بقي يتأمل ا. سلب لبه تختار بعناية و ترتدي أزياءها برقي

كانت دقيقة الصنع و وجد مفتاحا صغيرا معلقا في إحدى زواياها ليفتح قفل ذاك

... ما أن أدار المفتاح حتى فتح الغطاء نصفه. الكنز الذي يجعلها تكون بين يديه

هل هو ينظر إليها ... شهق بقوة... فمد يده يمسكه بين أنامله ليراها بين يديه

!من غير الممكن... أن تكون هي استحالة... فعال

فضها و , زجاج الكريستال الذي كانت تحويه وجد ورقة صغيرة داخل العلبة فوق

:بدأ يقرأ ما فيها

و بما أنك ... أعلم أنك ستأتي لكن لم أعلم الوقت بالتحديد... إليك وحدك أكتب

النحل أحببتك كحب... هو الذي لن أراك بعده أبدا... تسلمت رسالتي فالوقت

عند ... في كل شجرة أمر أمامها... جعلتني أرى جمال الدنيا من حولي... للعسل

في حنو , عندما أنظر ألمي و أبي كنت أراك... النظر لكل غيمة في زرقة السماء

ألمحك ... عند تغريد عصافير السماء كنت أسمع صوتك.. أخي كنت أشعر بك

لذي يلفح وجهي عندما أسير في أشم عطرك مع النسيم ا... على صفحة الماء

58

إال أنك لم تراني ... ألمحك تنظر إلي مع كل نجمة تظهر في المساء...خطواتي

... ألجل أن ترضي غرور رجل تهتم به أنثى... يوما إال من خالل فحولتك فقط

رأيتني من خالل حالة حب سطحي جعلك تخرج من قمقمك لتصبح حرا أبدا من

ي و جعلتني أشكرك أنك كنت جالد... معنى لحياتي ألنك جعلت شكرا... كل قيد

أقدر لك تعليمي عن ... دون إذن مني شراييني به أدمن قسوتك كدواء لحب حقنت

و ألني أحببتك و جعلتني ألتزم بحبك رغما عن ... القناعة التي ال نرضى بها أبدا

ظرت هو لك حتى إذا ن... إرادتي أهديك قلبي الذي مل صمتك و تعب انتظارك

أن تحتفظ بهذا ... ابنتك أبدا مستقبال/ إليه علمت أنك لن تسمح ألحد أن يؤذي ابنك

الشيء الصغير مني هو تعهد منك أنك لن تؤذي المرأة التي سترتبط بك بعدي ما

كم تمنيت أن ألفظ حروف اسمك في أذنك عند مساء (.ينال)هو لك وحدك . حييت

.صيفي تحت قبة الماس

من القلب

شهد

أن يحفظ داخل علبة كريستال ي أرادتهو قلبها حقا؟ هي الت... كان في العلبة قلبها

كانت قد أوصت بها خصيصا له و طلبت من أحد صياغ الفضة أن .نع تعفنهمت

59

لتهديه لحبيب فشل عن أن يعبر عن حبه لجبنه و خوفه من أن يقدم ... يشغله يدويا

.من الجحيم إلى النعيمعن خطوة واحدة فقط تقطع به الصراط

بقيت أربعة ... لم تشكو أبدا من أي ألم في قلبها... لم تكن تعاني من شيء قبال: ماأل

.اليوم هو السابع على وفاة طفلتي الصغيرة... أيام في المشفى و توفيت بعدها

كانت تردد في المشفى أنها كتبت شيئا ما و طلبت من أخيها أن ينفذ ما : باأل

أصر على تنفيذ وصيتها و لم (آدم)نستطع أن نقوم بذلك عند وفاتها لكن لم... فيها

بما أنك حضرت فال بد أنها لم تخطأ باختيار و... نكن نعلم أين نجدك وال من أنت

...الشخص الذي أرادت

لكنك لم _ يبكي بشدة_بقيت تنظرك و هي على يقين أنك ستأتي ... ؟أين كنت: آدم

.تظهر أبدا

من ياقة ممسكا به ليجده األخير أمامه (ينال)ة األخ حتى غافل ت لهجاحتدم

و ما أن رأى ... عاجله بلكمة قوية جعلت أنفه يزف بشدة قميصه و يهزه بشدة و

ما فعل حتى ابتعد عنه و هو يبكي و كان أبوه قد قام من مجلسه ليهدئ من (آدم)

و إن ,صل قلبها ليد قاتلهابين يديه و نفذ وصيتها و أو روع أخ ثكل أخته الصغيرة

أريد أن تنتهي ... فما ستكون ردة الفعل؟ ليته يقتلني اآلن... علم أنه سبب موتها

أن تتوقف رئتي عن ضخ األكسجين و أن يتجمد الدم في العروق... حياتي اآلن

61

, كانت رقيقة على أمها, ة في منزل بات مسكنا لألشباح فقطالضحكسبب كانت فقد

إال أنها رحلت بكل ما تعنيه كلمة الرحيل لطيفة المعشر ألخيها ... يهاحنونة على أب

.من معنى

إذ أن الطعنة الخرساء ينزف بشدة لكنه لم يهتم بمدى األلم الذي لحق به (ينال)كان

هدية منها إليه جعلته يفقد الشعور بمعنى إليه عبر علبة صغيرة التي وجهت

ث يتوقف معها الشعور بكل ما حولك و هي إصابة الرصاصة للقلب حي... األلم

هي الواحد و العشرون غراما الذي نفقده عند . ترى شاشة بيضاء أمامك ليس إال

خروج الروح من الجسد ليصبح كل شيء حولنا مشبع برائحة الموت و الرطوبة

هي حنو , هي قلب سيحتفظ به دون أن يخونه ما دامت رئتيه تتنفسان... العفنة

, رين محاولة منه أن يردم هوة غياب ابنتهم التي كان سبب مذبحهاعلى شيخين كبي

رفقا )هي رد جميل بسيط تجاه أنثى جعلت منه رجال شبه متكامل يعرف معنى

(.بالقوارير

.يا أنشودة األلب... إليك يا شهد

28-1-2.11

61

رصاصة تسأل القتيل؟

لذي جعل سمعي قويا حد أن أتنبه ال أعلم السبب ا... سمعت صوته يتجهز من بعيد

له فإذا بي قد تنبهت لطفل من بعيد و سمعت نفسي أصرخ بعزم و قوة أن يبتعد

كان صغيرا ال يتجاوز الست سنوات و يبكي من الرعب ... فأنا ال أعلم اسمه

ذاك البريء المرتعد ... لم أرى حولي أي أحد أو أي شيء عداه... المتهالك حولنا

تحركت قدماي غصبا عن إرادتي و وجدت . يعلم حقا ما يجري الفرائص و ال

نفسي أتجه بأقصى سرعة ممكنة أريد أن أمسكه بعيدا عن المرمى الذي يعج

بمئات المتراكضين الذين يحاولون الفرار و قد غشي قلوبهم الخوف و الهلع من

فسي اصطدمت بأحدهم و كدت أسقط أرضا لوال أنني تداركت ن. جراء ما يجري

لم , لم أعد أسمع شيء أو أرى سوى هدفي الذي يجب أن أصل إليه... بأعجوبة

أحسست بالهواء حولي ... أنتبه أن الهطول كان قويا جدا فكيف لم أسقط بسببه بعد

, بدأ ينفذ و أن الساعة هي ثوان ضئيلة فقط ستحدد مصيرا ال أريد أن أراه أبدا

حملته كمن يحمل . لهما من قوة تحملكانت قدماي تسعفانني بكل ما بقي . أبدا

ضممته بحب األب , يا هللا كيف أتيت لي بالقوة كي أصل إليه... ريشة بين يديه

.على ابنه رغم أني ال أعرفه و لم أره سوى اآلن

62

ما زال يبكي و ... كنت أسلك طرقا ما عهدتها قبال... ال أعلم في أي اتجاه أذهب

نقي شعور جعلني أتمسك بالحياة ال لنفسي بل هو يشد ذراعيه الصغيرتان حول ع

لم أحفل بنفسي بل أريد الوصول حتى نقطة الهدوء ... كي ال أره متهالكا أمامي

اختبأت مرة خلف تلك الحاوية و تارة وراء جدار أو بقايا حائط ... كي أضعه هناك

ا حاولت تهدئته حتى ال يسمع لنا صوت رغم أنه من الصعب أن تسمع أصواتن. ما

ال أملك ساعة لكني قدرت الوقت . تحت وابل الرصاص و القصف الذي نحن فيه

في حدود الثالثة بقليل و كان يجب أن أجد طريقة حتى نرسو على شاطئ آمن

.قريب

زحفت , أمسكت بالصغير أخبره أن يكون هادئا... هدأت األصوات فجأة من حولنا

مجرد سكون , ه فلم يكن هناك حركةببطء أتبين من خلف الحائط الذي تسترنا وراء

لكن نقطة النهاية ال ... كنت أعلم أنها مجازفة كبيرة. ينبئ بعاصفة هوجاء كالمعتاد

تبعد عني سوى فراسخ قليلة علي الوصول إليها بطريقة ما دون أن تتأذى أمانة

.حملتها في عنقي سأسأل عنها يوما ما

حملت الصغير , يع المجازفة بالعبورانتظرت دقائق طويلة حتى تبينت أنني أستط

همس في أذني ... تبينت أنه قد بلل سرواله فقد كان يرتجف من الخوف... بين يدي

نظرت إلى عينيه فإذا . بصوت يرتعد و شفاه مبتلة من دمع صامت أن ال أتركه

63

براءة ما رأيتها قبال تنبع من مقلتين خضراوين و دمع ينساب على خد متسخ من

.ار المتناثر في األجواءأثر الغب

لم أكن قد تزوجت بعد و ال أعلم عن األطفال إال ما عهدت من أبناء أخي الصغار

و همست له أن , قبلت جبينه, ضممته إلي بشدة. عندما يأتون لزيارتنا في الصيف

ال يخاف فلن أتركه أبدا و بقلبي دعوت القدير أن يعينني حتى أصل بمالك له على

.ألماناألرض بر ا

تناهت , ركضت أناشد المساعدة ممن هم عند نقطة النهاية... أخذت نفسا عميقا و

و تتالت حتى باتت زخاة قوية أوليتها ظهري ... ثم الثانية.. إلى سمعي أوالهم

أحسست بقيمة عقرب الثانية في . خوفا على روح من أمر ربي أمانة بين يدي

فمعنى , قاربها إال أن لسعته أشد و أقوىالساعة ذاك الذي يسير بسرعة عن باقي ع

.اللدغة الواحدة منه تنهي أسوأ صورة أو تكون بداية أسوأ حياة

شعرت بأيد تلتقط الطفل مني ففتحت عيني أبصر أين أنا فإذا هم أصدقائي و أناس

عرفتهم قد سحبوني نحوهم و أخذوا الطفل مني يستودعوه مكانا آمنا حتى نجد

.لجأ بيته حتى يشب ذويه أو يكون الم

أخبرت الجميع أن ... كانت تتجهز ألحد ما... سمعت ذات الصوت مرة أخرى

أردتهم أن يختبئوا , يبتعدوا عن بداية نقطة النهاية ألنها تعاود تجهيز نفسها ثانية

64

راودني ذاك الشعور مجددا حيث أردت أن أنظر إليها علي أعلم من . بعيدا عنها

و بعد أن أبعدت أحدهم من أمام عينيها , اتجاه تريد هذه المرةأين ستبدأ و في أي

كي ال يقع أسيرا في حبها فتقتله إال أنني أحببت المجازفة بمغامرة معها لنفسي هذه

!يا ألنانيتي... المرة

وجهت وجهي قبالة عينها الكحيلة فإذا بسهم ذهبي اللون يتراقص من مقلتها قد

فيكون سهما لنشابه السحري الذي يزف رعشة الحب حمله ملك الحب بين يديه

أحسست بها بطيئة تتراءى بين . بين شخصين بلحظة مباغتة لتبدأ أسطورة جديدة

... و تخبرني أنني لك اآلن... عيني واضحة كمن تعلم مسبقا عند من يكون سكناها

.استقبلني بقلبك فأنا شريكتك في هذه الحياة, ملكك يا حبيبي و بين يديك

توقفت .. بل ناعمة الملمس آسرة النظرة, لم أشعر بقسوتها... كانت دافئة جدا

... أين أنا اآلن؟ أين ذهب الجميع... لم أعد أرى شيئا, األصوات من حولي فجأة

أشعر بدفء غريب هل عاد ... هل هناك من يسمعني... مازلت هنا ال تخافوا

, ال أشعر بصوتي. وج عن جبالناذابت الثل... الربيع؟ انتهى كانون الثاني أخيرا

هل ... حاولت تحريك يدي علي ألمس مصدر الدفء المفاجئ في طرفي األيسر

... تبت يداك قد أصبتني حقا في مقتلي... كان فعال الطرف األيسر؟ ناحية قلبي

.لكني رأيت من فوهتك حياتي يا حبيبتي

65

دني أن أتماسك و كنت أهتز بطريقة ما و أصوات من حولي تناش, عاد لي سمعي

أخبرتهم أن ... أحدهم يطلب المساعدة, أخرى تريدني أن أنطق بالشهادتين

لم هم مرتاعين ... رجوتهم أن يهدءوا فما من قلق علي بعد اآلن, يضعوني جانبا

.إلى هذا الحد

إال , رأيت األحمر يغطي وجه صديق لي و آخر يديه ملطختان بلون قان جميل

وضعوني على األرض و . ي و ركنوا إلى إحدى الحاراتأنهم انصاعوا إلى رغبت

كلمات تدعوا البتول و , أصوات تكبر... صوت الموت يحوم حولنا و آهات تترد

و أخرى تناشد إخوانها أن يتيقنوا قبل أن , عيسى عليه السالم أن يذهب بالءهم عنا

. يهلكوا

و أنا أمر بوجوههم رأيت مسيرتي معهم, نعم... كنت أنظر إليهم بطريقة غريبة

كيف تعرفت على فارس طبيب جيد ترك أهله و مساعدة , تمر أمامي بكل ما فيها

... كنا في الثانوية معا, والده في أرضه إرضاء ألب أراد ولدا ذو مكانة مرموقة

أما . كان ذو شخصية مرحة جدا... استذكرنا جميع الفروض.. درسنا أسوأ المواد

يراني الذين عهدت فيهم الثقافة و القوة في الحديث يدرس خالد فهو من أبناء ج

أجل فهو فلسطيني المنشأ عربي ... التاريخ و يتكلم العبرية و العربية و االنكليزية

متمكن من المناقشة عندما يريد أن يسكت أحدهم دون أن يهينه فقد كان , الجنسية

66

حيينا فقد تعودنا أن نلعب مع بالنسبة إلى توم و هو ابن البقال في . المنطق منهجه

بعضنا أيام الطفولة عندما يأتي به والده إلى الدكان كي يساعده لكنه كان يقضي

معظم وقته معي نلعب بكرات الزجاج و نركض لنمسك بعضنا البعض و نتسلق

شجرة التوت نأكل منها ما نشاء من غير حساب هو من أبرز دارسي المحاماة

ل ولدا عمتي و الذين تربيت معهما على المر قبل الحلو في جوان و أخوه ينا. اآلن

دقائق الحياة التي مررنا بها أحدهما درس التسويق و اآلخر يختص في العلوم

. كيف كبرنا... آه. السياسية

الحياة ليست سنوات عجاف و أعوام رخاء فقط بل هي عبارة عن يوم أو ... أجل

أن الجسد يخسر واحدا و : "تذكرت مقولة. دقائق نعيشها نحسبها دهورا, بعض يوم

كم أنا خفيف الوزن , "عشرون غراما فقط من وزنه بسبب عودة الروح إلى بارئها

... عاد الصوت مجدا يندد بي أن انطقها. اآلن أشعر أني في الفضاء وال وزن لي

.ثم غابت األصوات عني تماما, هيا انطق الشهادتين

كأمي و قد زفت عروسا إلى مثواها بسبب مرضها مذ رأيت خالتي و التي أحببتها

ال . هللا كم اشتقتك يا خالتي... ها هي ذي قادمة باتجاهي, سنوات 6أكثر من

جدتي تقرأك السالم فقد . مازلت كما أنت شديد البنيان! جدي... أصدق ما أراه

67

ت رفضت الزواج بعدك ألنها ال تريد رجال تبدأ معه من حرف األلف بعد أن أنه

.األحرف األبجدية معك

جزء من لسعاتها حتى يتم نقلنا من عالم األحياء إلى عالم ... بل, كانت ثوان فقط

خالتي . النور حولي في كل مكان... هل البرزخ مهيب إلى هذه الدرجة... األرواح

أريد أن أخبر أصدقائي و أهلي عن . يا هللا... لهم وجوه جميلة جدا... من هؤالء

.صحيح ال أستطيع العودة.... جدي دعني أقول لهم عنكماهذا أرجوك

و بسببك فقط توقفت ... كل هذا بسببك أنت أيتها الفاتنة فمن فهوتك نرى السرمدية

ترى هل يختار القتيل قبل أن ينطلق أو بعد أن يرى النور : عن سؤال رصاصك

عن طريق فوهتك؟

27/11/2011

68

نهاياتالبعثرة

إذ شاتاء بااردة قوياة ورياح ال.. ف أمام شرفته في الصباح البااكرأنهى روايته و وق

كاناات ابتسااامته رائعااة .منهااا ةباااألوراق تتطاااير أمااام ناظريااه دون أن يمسااك بأياا

عيناه إحادى مان ساقطت ماساة.. للتان أحبتهماا كثياراظاهرة تزيين وجنتيه ا ةازبغم

ة علاى حريا د الحصاولألناه يريا ...علاى حريتهاا تاهرواي طااير أوراقت و هو يرى

فااي السااماء حاارا يطياارتاارك لااه الباااب مفتوحااا ل طااائر فااي القفااصك روحااه تمامااا

لتهماه إلطعاام منه بكثير قد ت غيره أكبر طيورفي السماء لكنه ال يعلم أن ,الواسعة

أن ينهي كل شخص جازءه الخااص أراد. في العش البارد جياع ا المنتظرينأوالده

.انتهت حياتهك الرواية بعد أن من تل

.. بعضهم سيستمتع بالقراءة فقاط.. صل أليدي من لن يهتموا بها و يرموهاسي منهاف

ينهيهاا تراجياديا مانهم مان , ون لكن لان يصالوا لنهاياة أباداو يبدءآخرون سيفكرون

كاان و فني كل ماا نهتها لهقد أ إال أن يد القدر, ية أو سخافة حالمة رومانسيةأساوم

و رغم ضوءها الباهت إال أنه جلس يحادق مان خلاف بالتحليق بدأت الشمس.. لديه

رغم فراغات النسيج الدقيقة في الساتارة إال ب أنه أيقن.. قرصها األصفر الستائر في

نجاان القهااوة شارب ماان ف .حجااب وهجاك أيتهااا المحرقاة الساااطعةأنهاا تساتطيع أن ت

مازال يخااف نام فأن يبقى مسيطرا على أن ال يحاول جاهدا الباردة فوق المكتب و

69

بهاا محااوال طباق جفنياهذي عاف تركاه فاي أي لحظاة أات الكابوس األسود المن ذ

بقي نظره على آخر ورقة فوق الطاولة الصغيرة البنية التي بادأ ...الراحة من تعبه

.لونها بالزوال متأثرة بقدمها

م من دموع ؟ أمن مداد مثقلة بكل ما ألقيت به عليك.. ثليأنت أيضا مرهقة م: رافي

حبااال صااوتية؟ ةصاارخة ميتااة مااا عااادت تملااك عالمااات موساايقية لتنطااق بهااا أياا

أفاي الساالل المهملاة؟ .. فالريح ستحملك و تقرر مصيرك مع من ستكونين.. اذهبي

حتاى أم بين يدي من لن يعرف أن يزيد عليك ثقال مهما حاول؟ أو في أحد الادروج

.مع الزمن ةتخرجي مهترئ

حملات الاريح آخار تعباه التاي بقيات تتقاذفهاا ه تلاك اللحظاة عنادما قد غلبا كان النوم

.. مع صدره المتعب كما زفراته تتصاعد و تهبط.. رضاألسماء و البين الرياح ما

لم يكن ليهتم أين؟ مع من؟ كيف؟.. مع كل ما مر به

فتح عينيه و .. من فوق فراشه جراء سقوطهاألرض يرتطم بشعر بثقل جسمه فجأة

زالات مفتوحاة مناذ الصاباح لسا في العتمة التي يتخللها ضوء النافذة التي مابقي جا

حااول .. ما زال كابوسه يحيط بهالته القوية داخل عقلاهف يعي بعد أين هو لم .الباكر

مترنحاا و جاهاد نفساه حتاى وقاف .. لم يستطع.. أن ينظر في ساعته لمعرفة الوقت

خوفاا .. لم يشرب يوما واحدا في حياته الذي كاملة و هو كأنه قد شرب زجاجة نبيذ

71

الغرفاة الصاغيرة الضاوء فأناارت وصال لمفتااح . فياه يشبه والدهأن يعيد ماض من

نظر ألول مرة منذ شاهر .. ذي أعمى بصره لدقائق حتى اعتاد عليهفجأة ضوءها ال

كروساو نروبنساوكأناه ل.. تقريبا في المرآة المعلقة على الحائط المشقق في الحماام

باادأ يدناادن بأغنيتهااا .ذات المنظاار المشاارد.. المهجااورة علااق فااي الجزياارة عناادما

فرساااايعيونهاااا الخضاااراء كحااادائق .. أحاااب صاااوتها المخملاااي لكااام.. باااالالوعي

.ح قلبه عليها مذ سمعها أول مرةالتي تفت الطفوليرنين ضحكتها .. الواسعة

كام كانات ...يةتحساس شاعيراتها القاسا.. الخشانة ذقناهوضع صابون الحالقاة علاى

لايس لاه اآلن ساوى شافرة .. يدها حريرية الملمس عندما كانت تمررها على وجهاه

.الحالقة الحادة تحنو على وجهه المرهق

إذا بعلقام الادموع ينازف داخال .. لم يعاد ينظار فاي المارآة.. مرارةبوجد نفسه يبكي

الحوض بلون قان ن األحارف بلحان كلون شفتيها البضتين اللتين كانتاا تخرجاا ذأخا

غسل وجهه بماء بارد كان يمار .في أرجاء المنزل كاملة تعزف أوبرامتناسق كأن

عباار الصاانبور المهتاارئ كمااا ماارت حياتهمااا لتتوقااف فجااأة بلااف رأس الصاانبور

.فتتوقف المياه دون أن تبقى قطرة واحدة هاربة كما لحظاتهما

71

دون .. ا المعتااادة دون سااكرعلااى نااار هادئااة كمااا دقااائق حياتااه بطيئااة سااوى قهوتهاا

كيااف تسااتطيعين اجتراعهااا إنهااا : سأأألها مأأرةتااذكر صااوتها عناادما .. حليااب مكثااف

كالحنظل تماما؟

إال أننا نستمتع بكل رشفة فيها؟.. أليست الحياة بذات الطعم: درىسي

برموشاها الساوداء الطويلاة التاي .. بحنو جذب قلبه لتكاون ملكتاه أبادا و نظرت إليه

لم تكن كبااقي .. تناسق الخلق اإللهي فيها.. بقي يتأمل وقتها كل ما فيها.. أسرت لبه

إنمااا رآهااا الساايدة األولااى لجمهوريااة حياتااه .. الفرنساايات ذات قااوام تااوب مودياال

حائط اللوفر موناليزا و يتسابقون إليها معلقة علىالكما يعشق العالم لوحة ..األبدية

يلاف .. كال مسااء.. بين يديه كل ليلاة كانت زاموناليال إال أن, دون اسطاعة مساسها

.خصرها بيديه ليغفو

رسااي البيضااء ساتكون بكال بسااطة ف ورود ليلة ستزهر فيهاا لم يتخيل أبدا أن أول

.بشر تحكمه السنن اإللهية نهاية اعتيادية كأي قدر مكتوب على أي

رأيتناي فيهاا هال أحببتناي مان المارة األولاى التاي: سألتهرأتها عيناه ة مر آخر في

هناك؟

!ال .....حقيقة: رافي

...و قطبت حاجبيهاإليه و قد لوت شفتها السفلى فنظرت

72

بادأت كلماة الحاب تعصاف ماذ .. مناذ الطفولاة البااكرة.. بل قبال ذلاك باأعوام: رافي

ياتي حتى تبينت مالمحاه كاملاة عنادما طيفك يغزو ح أرى بدأت حينها, أرجاء بيتي

و. ين أضلعي و أسرته داخل عينيك و عذب صوتكسلبت مني قلبي من ب

.. حماال محفظتاه كمااا اآلن و التااي تحااوي بضااعة فرنكااات طباع قبلااة علااى خاادها ثاام

ة ماذ ذاك ليلا كال فايكماا الجلدياة و دساها فاي جيباه و خارج وضع حمالة المفااتيح

.الوقت

ع قباةة البرد ما جعلاه يرفابناء صفعته بقسوة نسمة ثلجية قارصعندما وصل باب ال

عنادما تركهاا.. ات المتتاليةمكان من قوة الصفعسترته الصوفية ليقي وجهه قدر اإل

ببيجامتهاا التاي .. هادئاة ,ماا زالات جميلاة .يجادهاال توقع أن يعود فما ... كما اليوم

شعر بعدمية رائحاة وقتها فقط استلقى جانبها لي.. انئمستغرقة بنوم ه.. اقبلون الدر

...دون روحها ثقل جسدهاأحس ب.. فقط برودة يدهالمس ..نفسها الشهية

, اللاون ةافشاف ,المليئة بقناديل جميلة األلوان كأنها خلجان البحر.. الدنيا هي غريبة

ما أن تقترب منها لتساعد بهاا حتاى تباغات جلادك لساعة حاشاى أن .. المنظر و بهية

الادموع التاي أللام وفحاين تنظار مكاان اللدغاة تاذكرت ا.. مناك أبادا امهءعالتبرى

لذعااة الخاال التااي صاابوها علااى بسااتبقى مخيلتااك تشااعرك .. بقياات تباغتااك وقتهااا

.الكي ألم كم اعتصر قلبك حتى بات يتوقف من شدة.. الجرح

73

مازالت مبتلة حتاى الثمالاة .. اءية من كرم السمالشوارع مسق .. وصل ساحة مارتيو

نظر بعشاق .. هاعلي اإللهي الذي بذخمن الجود الكمية الكبيرة فهي لم تستوعب بعد

عانقات .. كمن يودع أمه لحظاة سافر مفاجاأ و يغياب طاويال عنهاا إلى الساحة أمامه

خطواتاه .ظهاره و اتجاه نحاو مطاار المغاادرة ثام أدار لهاا.. نظراته كل زاوية فيها

ا تساير بجانباه إال صاورتها عنادم.. ذكرياتاه شابه ممحياة.. أفكاره عشاوائية.. هادئة

.. من شوارع الليل الفرنساية و ممان يكوناون بهاا سك بيده بشدة معلنة له خوفهاوتم

لتبقااى ضاااغطة علااى يااده بأصااابعها الناعمااة .. يطمئنهااا أنااه لاان يتركهااا أباادا كااان

حياتاه فاي .. لها أنه بجانبهاا مؤكدايبقى ممسكا بها بقوة ة مع يده الرجولية فتشابكالم

.قلبه أسير دائم إلرادتها.. فقطمدنها

وقاف عناد عاامود إناارة .. رومانساي حاالم أياام الشاتاء.. شارع مارسييه طويل جدا

لوحتاه األبدياة التاي يتأمال كال تفصايل دقياق فياه كمان يبصار.. يسارةينظر يمنة و

فهاو .. العاالم أجماع ما كان ليبيعها بأموال وال جاواهر أو قصاور.. سرقت منه بغتة

.. يشاعر بأنفاساها فاوق صادره.. انبهاامن تارك غنااه و فااحش ثاراء عائلتاه ليحياا ج

يسمع دقاات قلبهاا تعازف طرباا عنادما تكاون .. شعرها المنسدل على وجنتيه بجانبه

صامتة تنظر إليه بكلية ذائبة و انصهار أشد من انصهار الحديد فاي أعلاى درجاات

74

ال لون رفع بصره ناحية السماء فرآها سوداء كما فحم المناجم. المراجل ه فيغليان

.وال حتى نجمة واحدة.. ال حياة ا وفيه

عيناي ينال تريدين أن تفرحيني بماسة صغيرة تقار حتى أنت بت بخيلة علي : رافي

بااأمس ناايأل أو تجااافيني اآلن, ال تضاانين علااى األرض بقطاارة واحاادةيااا ماان .. بهااا

كانات تحباك أكثار مان أي شايء آخار فقاد كنات تازينين شاعرها !كحاجة إلى حنو ال

مااا كااان و أنفهااا باااللون األحماار المخملااي تلااونين وجنتيهااا.. باايض الاادافئاأل بناادفك

و .. ني أعشقها حاد الفنااءجعلت .في مثل هذه األوقات من السنة يزيدها حالوة و ألق

أنااك اشااتقتها اآلن؟ أكيااد ألساات تلبسااين عليهااا الحااداد! تشاايحين وجهااك عنااي اآلن

ال تتركينااي لوحاادتي .. ببتهااا حقاااإن كناات أح .لعيونهااا التااي لاام تملااك يومااا.. يمثلاا

!أرجوك

جلس على الرصيف بعد أن أوهنه البرد و المساير ألكثار مان سااعتين فاي شاوارع

.. أخرج لفافة تبغ و هو الذي كره الدخان و رائحته طيلة عماره.. كانا يجوبانها معا

كال نفاس كماا يحتارق هاو شاوقا و فهو يحترق مع, صديقه الوحيد اآلنإال أنه بات

.تذكره كم هي بعيدة عنه ا عند كل نفس يتنفسه أو خفقة قلب بين حناياهألم

لاام يكاان .. الرابعااة و خمااس و ثالثااون دقيقااة بعااد منتصااف اللياال.. نظاار فااي ساااعته

حياث األرض لام البكااء الاذي اجتاحاه فجاأة فقاد وجاه بصاره إلاىالدمع دافئا بقادر أ

75

هااي , ن يمسااكهاأ داه فاايتاارددت يا, ت تعلااق عليهاا و حيااث وجاادهانادف القطاان باادأ

تلااك المجاهاادة المتشاابثة !ثها صااباحاأليساات ماان كااان يحااد .. يااا للسااخرية ...ذاتهااا

قد رشح من البلل و خف حملهاا صباحا ما كان يثقلها ...آآآه !السطح البني األملسب

.قليال

رفاع .. أكثر من ثلث ساعة بأحادياث متضااربة داخال جنبياه بعد شرود و تأمل داما

عله يقرأ نهايته بعاد أن ما تبقى من نوتات موسيقية عليهاحتى يمعن النظر ب الورقة

دمااوع بهسااتيرية تنبااع ماان الصااميم و بااه يضااحك إذ. شااها بااأم عينيااه ماان شااهريعا

على وجهه كما الجدري يشاوه الوجاوه بقدوماه ليتارك عالماة هاالذعة تحفر أخاديد

.تدل على أن صاحبه عانى أوجاع الدنيا كلها

ة نايالنظر والدموع تحتلهاا مساتوطنة ثمعاودت عيونه .. كان مكتوب مؤلم مفرح ما

عقلاه .. أكثار فاأكثر دون أن يادري بالكلماات يمعن النظر.. فريقيةاجم الماس اإلكمن

إال أنه يتفوق علاى أساتاذه رغام بسااطتها حديثا يريه لوحة فنان مبتدأ يمزج األلوان

.لوفر جانب لوحة العشاء األخيرالليكون مكانها حائط و قلة خبرتها

.. شاكرا علاى سانوات حباك كلهاا ":من كلمات خطها مداده هي ما بقي على الورقة

شكرا على زمن البكاء , .. وتناقضات سمائها ,اصحوتهغيمها, .. شتائها بخريفها,

76

حبيبتاي .. شاكرا ألناك أحببتناي.. شكرا على الحزن الجميال.. مواسم السهر الطويل

"سيدرا

.. رجعاةفونية التي عزفها يوم عودته إليها ليجد الروح قاد غادرتهاا دون السيم ذات

لاام تفااارق البساامة شاافتيها اللتااان .و ال حتااى دمعااة واحاادة.. دون أوجاااع.. دون ألاام

إلاى التاراب ليتركاه تراباا هقبلهما ذاك اليوم األخير قبل أن يعاود التاراب الاذي أحبا

ال يمكان إعادتهاا تاذكرة.. الرحيال قاد حاانت فقاط ألن وقا.. تذروه رياح شتاء بارد

عنااد قاطبااة والعااالم أرجاااء تلااك الرحلااة الوحياادة فااي كاال لمكتااب السااياحة و الساافر ف

ألي .. ال عاودة مناه طياك تاذكرة التجااه واحاد إجبااري جميع وكاالت السفر التي تع

.سبب كان

و دمعتاه, دلاةمته جفونه ال ,يديه, بيض تحل زائرة على الورقةاألقطن البدأت ندف

رغ مان أياة حيااة من شدة صقيع ليلة الميالد في شارع مارساييه الكئياب الفاا جمدت

.بشرية تلوح فيه

دم .. هامدة ال حياة فيها في صباح المايالد عناد شاروق الشامس الفااترة جثتهوجدوا

: قال أحدهم يحدث صاحبه الذي كاان يطلاب اإلساعافف.. أزرق في عروق ضامرة

منهاا فكاان موتاه لم يتحمل الطعنة مسكين, ن ظلم أنثىشق مات قهرا مال بد أنه عا

.أرض المعذبين... يا صديقيهذه هي فرنسا ...إيييه. محتما

77

علم أن نهايته قبله من مات حبيبه :لنطق بأحب الكلمات لديه (رافي)كان سمعه إن

.. حافلااةا ذات الاآلخاار ليركباا ياال أحاادهما ياادل علااى قاارب نهايااةألن رح.. وشاايكة

. معا.. دائما.. فيجتمعا أبدا

10/ 22 / 2009

78

ستائر خرق اء

إنما عند النظر من زوايا موشور .. ليست باالسم الالمع الذي يوحي بقراءتها

سأعطي . يف المنبعثةكل منا سيرى معنى مختلف لها كما نرى ألوان الط... أبيض

الحب ل فيه قد أغفل نتيجة روعة كم منا فكر بتفصي, و العبرة هنا مثاال متكررا

".. شكسبير"قصة الكاتب االنكليزي الشهير , "روميو و جولييت" ة كما فيبالقص

عن ازها فعال أنهأهم ما يمي إنما من ..عندما تذكر هذه الحالة يذكران كحبيبين فقط

! مفاجأة .ألسطورة دون رابط مقدس يجمعهمافي خرافة ا زوجين لم يبقيهما كاتبهما

تطبق و تذكر حتى األجيال للتصور و كن ذاك ما جعل منها األسطورة الباقيةل

.حقيقي تائر الحمقاء التي طغت على أساستلك أحد الس, القادمة

ا لم يعشق؟ سؤال من من .. فلنذكر ستارة أخرى.. إن لم يكن اإلقناع قد أزاح شيئا

أو بقي مع من أحب بعد من جمعه هللا بمن أحب فعال؟ ...لكن. جميعنا... غبي حقا

أن ... ة أو ألف؟ الحال هوكم من مائ لكن, "ديوج"منكم من سيقول .. الزواج؟ أعلم

ليس سوى مرآة معدنية ترينا التشوه .. نقع في فخه أو يختاره القلب من نحب و

خوفنا من إبعادها عنا خشية البقاء وحيدين منعزلين من ... الحاصل فينا فقط

حتى البكاء هو ما يجعلنا كما , االشتياق و معنى الفراق.. األلم.. الشغف.. المشاعر

79

الهائم بجماله قرب صفحة النهر حتى وقع فيه و مات غرقا لشدة خوفه" نرسيس"

.هو... و تعلقه بذاك الجمال الذي كان

أن و أن نبتعد عن صورتنا فقط أو عمن يرينا أنفسنا دون تشوهاتها.. شأننا جميعا

سنتنبه لمن يروننا , إن أبصرنا مليا حولنا مرات و كرات. سنسقط أخيراننتبه أين

ليجعلونا نرى روعة .. فقط بسيطة.. ذ أمد بعيد و ينتظرون منا إيماءة بسيطةنم

.الحياة الحقيقة المغطاة بتفصيل رهف جدا أدمغ بسبب نرجسيتنا ألنفسنا

مكان الذي أتردد عليه مذ أما أن يكون ذات ال... عايشتها بنفسي بأشكال مختلفة

.. أنتظر فيه شخصا لم يحضره سوى مرتان فقط... أكثر من أربع سنوات

من سنين و تحجرت الشرايين حتى ما ظني على ألذ رعشة لقلب كنت فقدتهاسيوق

أيامي ...واحات ا ليتحول صحراء الربع الخالي إلىعادت الدماء تسري فيه

آلن هي مرتع لقبائل تحل و او لة فتية حتىتالشت ولم يبقى فيها ناقة وال نخ

ردد بصري مع أي نجم قد يدلني الجرداء أ توقفت مرارا تحت سماءها. ترتحل

دون الحصول على شيء سوى حر " ما يحدث هنا؟"أسأل نفسي .. على وجهة ما

و نخز بردها القاتل ليال دون أية نهارا دون وجود ما يقيني منها شمسها الحارقة

تهدي فيه غريبا مسافرا يقطعها مشيا برمالها الالذعة و الناعمة المحتكة إشارة

81

حتى بات شيئا يعتاد المرء عليه كما رياحها الرملية التي .. بقدميه المتقرحتين

.تعمي األبصار

شرب من أعذب ينابيع األرض أل يعينإن تنبهت باكرا لوجدت أجمل سهل تراه

و أتمتع بسماء صافية بغيوم بيضاء ,شهدته قبال لية في فصل ربيع ماالجب هامياه

كما ندف القطن و أشتم رائحة األرض البضة بعشبها الندي و أرتوي من قطرات

أرتقي بمقلتين المتراكمة على ورودها المختلفة و عندما يحين المساءالندى

لي ة على بساطها المخمناعستين خجولتين ألرى روعة الماسات المتأللئة المزين

عت بكليتها حول دري أبيض كبير تأبى حوريات البحر إال أن الواسع و التي تجم

ه حتى تفنى و تصير زبد بحر يبقى يرغي و يطوف شطئان العالم يخبر نتعشق

.الخالق في لوحة كونية معجزة بحق إال قصة عشق عذرية بريئة لجمال ما أبدعه

كومي "ن متابعة أجمل مسرحية لكل منا ستائره الغبية التي تمنعه م... أجل

.و بكاءها, ضحكها, مرها, بحلوها" ميلودرامية\تراجيدية

ن الماء الذي نشرب ما عاد يرويناو أ أحسسنا أننا فراشة خسرت أجنحتها كم مرة

ائر مرعبا خوفا من أن بات نوم الط .سبب نشربه حتى و ألي, أو فيه خطب ما

أن يتوقف الباقي من يومي ... ور بقلبي بحقيختنق فيموت؟ أريد الشعل ينقطع نفسه

تذروها .. عند لحظة الفرح دون دمعة واحدة؟ فعندما نتوقع أن اللحظة جاءت

81

ها داخل صندوق خزفي أن نحتفظ بلنا ليسمح .. الرياح دون رحمة أو رجاء يسمع

ألن فصول حياتنا لم تكن بالترتيب الصحيح , صغير نريده أن يدفن معنا في النهاية

.ا جزاء بما فعلته أيديناأبد

كم صفعة ". المستيقظة أخيرا"بينما أصف نفسي "... متشائمة حذقه"سيقال عني

بت أبحث عنه حتى مكاني معربة بشكل صحيح. علمعلى الوجه بعد بقي لي؟ ال أ

في جوامع الكلم و قواميس اللغة العربية حتى انتهى بي المطاف داخل معاجم

و مازلت أبحث حتى أجد لي , و سنسكريتية, أوردية, يةفارس اللغات المختلفة من

الدار الصحيحة آخر المهم أن تكون... ا و إن كان كعش طائر في جدار دارمكان

.المطاف

طع كتابة سطر و ال تأخبرتني إحدى صديقاتي و هي كاتبة أنها مذ تزوجت لم تس

لت البكاء المر داخل مقلة م ررغغيراصة أبدا؟ ابتسمت حقا و دمعي حتى جملة مت

الجميلة التي أتيحت لك لم تريدين حبس أجمل لحظات كتابتك على صفحة الحياة "

و أيامها إلى مداد و بردي يفنى مع , ساعاتها, ا ملموسة بدقائقهاهحروف أن تعيشي

حتى يتسنى لك ملئها على الورق فيما أيامك الحاضرة بسعادتكاكتبي ...األيام

يله و أسكن نار رء سوى أجمل ذكرياته مع شخص أدفئ لحين ال يتبقى للم.. بعد

"كفانا ما كفانا صدقينيو , صافيجوارحه ببرد إلهي نقي و

82

أردتها أن تكون كما جدتي عندما كانت في المستشفى و هي تناهز السبعين من

ال ككهل جار عليه زمانه و أصيب بعلل .. العمر بقوام محني تنظر إلى جدي

بل ذاك الشاب ذي الخامسة و العشرين ... الشيخيالسكر و نقص النظر

يفتر ثغره عن ية وته العسكر يرتدي بز .. شعر ذهبي.. طويل القامة...ربيعا

عندما تمعنت النظر .ا و هي ابنة الستة عشر ربيعا فقطذة أسرت لبهابتسامة أخا

طرق جدي عاشقة مسحورة لم تعلم أن بداية عذاباتها يوم في بريق عينيها وجدتها

حرب و برغم ما عايشته من جحيم ويالت الف, ب بيتهم خاطبا قلبها قبل يدهابا

أسفرت عن خمسة .. لذة و حالوة بقربه وجدتها إال أن .. منصبه التنقالت بسبب

... ن جار عليها ما يناهز األربعة و الخمسين سنةاشباب و فتاتان أنستها تمرد زم

و أنه ما فكر أن يتخذ عشقها .. أحب غيرها أبداأخبرتني أنه ما خانها يوما و ال

.صرامته كعقيد بارزلرغم أنها خافته بسبب .. ذريعة ليكسر قلبها أو يذل أنوثتها

. داألبيض بارد الجس السرير ما ترك يدها أبدا و هو فوق. ادههي ملكة قلبه و فؤ

كانت تدمع , مساءفيها في يوم صيفي بارد الرأته ته اليوم أكثر من أول مرة أحب

و , بريق عينيه, ما تبقى لها دون وجود صوته على ألنها لم تكن تعلم كيف ستعتاد

حنوه؟

83

وننظر حولنا للحياة الجميلة ونتنفس بحرية .. يوما ما سنجد طريق المنزل ناجميع

متى تختفي األصوات من حولي حتى أسمع , دون خوفنا من االختناق المفاجئ

تلك الضحكات حتى أسمع صوت ضحكتي أنا؟ اشتقت صوتي أنا؟ متى تتوقف

ال عين نفسي فقط أو كما يريدني .. الوقوف أمام مرآة نظيري ألرى نفسي بعينيه

عدا األهل و ... جميل أن نرى أنفسنا بنظر من يحبوننا على عالتنا. الغير أن أكون

.ألنهم بجميع الحاالت يحبوننا كما نحن أقرب األصدقاء

اإللهية إلى أن تغيير صديقتي موعدنا للذهاب حيث اعتدت مذ أربع قادتني القدرة

شخصه ال أعلم ... بل ألرى من ينتظرني.. ال كي أنتظر من لن يأتي ,سنوات

أن يتقدم , و أذكره لكم و أنا أحاول حبس آخر دمع لي فعال؟ جل ما أتمناه كأنثى

مام رائحة الخبز و أ يغرف قلب الفقير ني بصراحة بت أشتهيها كماي ليكلممن

ن يأتي آمال أن يقدم صاحب المخبز تحديدا ما يسد رمقه و يطلب منه أ... منظره

.إليه كل يوم فيأخذ حاجته

تبني قلب مل التمزق على أرصفة , العطف, قوني إنها أبسط مثاال على الحنو صد

ن النبض باردة و معدة خاوية و عقل بات ال يعلم من الدنيا سوى تمني التوقف ع

.جدا.. بلحظة قريبة جدا

84

ال أرى سوى أغصانها العارية و أنامللت الوقوف تحت المطر وحيدة في غابة

,أحدها سيجدينني نفعا أبدا أمامهرغم يقيني أن ال أحاول رسم سيناريوهات مختلفة

لكن كما . فالمكتوب هو ما سيحصل فقط و عنفواني كامرأة يقف عائقا كبيرا جدا

و قلب تشبع , يدين باردتين, عقل شارد, دون نوم"... يني شرف المحاولةيكف"يقال

بالرهبة و الخوف من أن تلتقي نظراتنا أو تمضي الجلسة دون أن ينبس ببنت شفة

حرب العراق دون تسد رمقي أو أعود أدراجي كأم ثكلى فقدت آخر أطفالها في

.ران بوقت خاطئأنه خرج وحيدا يلعب مع أوالد الجي فقط... سبب واضح

أوهام اليقظة من أجمل ما يشجع اإلنسان على المضي قدما رغم أي إحباط يمكن

الطريق من هنا يمكنك "لكن كما أخبرني أحد أصدقائي يوما , أن يقابله من الغير

فهمتها و تجاهلتها ". ك مبكىبأحدهم ليقتلك و يجعل من قبر يأو أن تتصل... العودة

لكن مازلت أتأمل ... يودي به لعذاب جهنم و بئس المصيرخوف من يعلم أن القتل

.فعفو هللا موجود

لست أعلم نهاية واضحة لما بدأته سوى أني تجرأت فجأة على كتابة ما تسميه

, تتنفس, كأنثى تريد أن تشعر أنها موجودة لكني" تتمة مجموعتي الثانية" صديقاتي

.. معزوفة لي ترسط فقد ... ها هيتحس أنها محط اهتمام شخص يريدها فعال ألن

بل ألني , أحسست عندها كيف يتوقف الهواء عن ورود الرئتين ال كي أموت

85

يمكن لكل من تصله . هللا وحده يعلم منتهاها كما جعلها تبدأ... شعرت بحالوة لثوان

ليس .. أسطري أن يفكر في نفسه و خياراته و األسطح العاكسة التي تريه ما خلفه

و كل من يريد أن يرضي غروره على . و ما ليس أبعد من أنفهفقط وجهه

... فلن أتصل بأحدهم ليقتلني... هو شيء ما على قارعة الطريق فقط... حساباتنا

بل ! ال كي أعود للخطأ ذاته ثانية ,سأبدأ من جديد. بح واضحا أماميطريقي أص

. أن تستهدف قلبه و يبقى الحب رصاصة لن تسأل يوما قتيلها قبل. لتفاديه مستقبال

05-02-2010

86

غباء األميرة

راحت األميرة تلملم ورودها وتنسج من اللؤلؤ عقدا جديدا تتزين به ألميرها الجديد

ائر دون أن توقف الريح ترقص مع الست... بقيت تنتظره طيلة الليل ولم يأتي,

تحت وسادتها باألمس كانت قصائده المنثورة على طاولتها و .األميرة صراخهم

,عطره, ياسمينه, حروفه... السفر إليه هي سلوى ليلها وعالمها الذي لم تمل

مفردات ال تستطيع حروف الشوق إليه أن تترجمها أو تحكي هي وهوائه

ببعض حروف ال تكتب له أسرارها أو أن تجاريهحاولت مرارا أن فقد. أسرارها

كانت تذوب شوقا لحروفه .ل حروفهيقتل حيرتها وصمتها بجما دوما لكنه, أكثر

يتجرأ أحد من قبل أن يكتب عن ما, اقها اللؤلؤ والماسأن يهديها عش ودت فقد تع

, هوإال عينيها أو أن يهرب إلى حجرتها دون أذنها ويكتب عن تفاصيل ال يعلمها

ين على فراشها ف المرات ينشر الياسمن طيفه كان يراودها كل ليلة آالهي تعلم أ

.كي لها أسرارهاويح

؟ رحل عنها لم و ؟أفال يدله قلبه عليها ..هي اليوم مشتاقة للون الفجر في عيونه

عطرها؟ لم حل و كل أحالمه فييراودها تراتيل األحرف األخيرة بينهما كيف ر

؟بقي في المدينة رحل و

87

هي أميرة مدينة م ينبت الياسمين في حديقة قصرها ول هي حتى ال تعلم لماذا

فتحت باب !لكل البيوت والطرقات في مدينتها نذر الياسمين نفسه و قد, مينياسال

حبيبها بين علها تجد, ب أحد الخدم لتطرق أبواب المدينةت ثوتوشح غرفتها و

.أسوارها وعلى أرصفتها

واألميرة تسير بكليتها هنا تعويبدء الليل يبدو مظلما خارج القصر فالكالب

هي المرة األولى ...فترشوا الطرقات بدال من السجاداقد ياع الجوحدها لترى أن

تعلم يوما أن الحياة لم تكن ... ذانا األميرة أبواب المدينة دون استئالتي تطرق به

انت تعلم كنا ال تشبه رفاهية القصور وال األواني الذهبية على مائدتها إال أنها ه

.جيدا طريقها إليه

منتظرة بقيت .ميرة سراجها وسألت روحها أن توقظهعلى باب منزله أطفئت األ

لكنها حين, ودها ويجعله يشتاق إليهاتحت شرفته عسى أن يحمل عطرها سر وج

:صوته يردد أحد قصائده قتربت سمعتا

يتها األميرة ال تبكي الليلة أ

يذوب الندى على خدودك ال تبكي يا عاشقة

تصبح نيران العرب بين يديك ورود صغيرة و

ال تبكي فباألمس كنت طفلتي

88

اليوم أنت أجمل أميرة و

أنت الطيف يسرح بين العربان كجواد لم تتعبه الصحراء

ولم تجعله مرارة القهوة أن ال يحمل وروده

أنت اليوم أميرة

ليست يا حبيبتي كل من تسكن القصور أميرة و

خدودك بلون الشمس

كحل عربي في عيونك و

ل أميرةأجم )هال(فأنت يا

من هي هذه األميرة التي يحدثها , في نفسها ضطربت األميرة وبدء الرعد يصرخا

؟ ألم يخونني كيف لهذا األحمق أن يعشق غيري و !لست أنا األميرةأو ؟ في شعره

.أميرة... أنني عشقته وجعلته يعشقه يكف

علم من عاشق ال ي فكم, الخائن ذاك ت تمزق أوراقبدأ عادت األميرة لقصرها و

ا هيقص يجيد من الهوى سوى ترهات وال (أحبك)من عشقه سوى تراتيل حروف

ففي كل . في نهاية كل ليلة ن ماتت أميرتهإ كل يوم كما ألف ليلة وليلة دون اكتراث

يكتب لها بضع حروف تنسيها أو يجد حمقاء أخرى ليلة سيعشق أميرة جديدة

أيعقل أنه لم :ضطرابها بابدأت األميرة تسأل نفس .ضعفه وتكتم عنه غروره

89

, إلي حرف ال يحمل شوقه ن داخل أوراقهكيف له أن يكتب لغيري ويدو ؟يحبني

؟هل يعقل أن تكون المشاعر بهذا الثمن البخس

.يا له من كاذب... لمرات أن حروفه هي أغلى شيء لديهلم يقل لي ماليين ا أو

هم هي سحر الليل وعشق عون أن حروفبة من يد أصحاب المشاعر المعل هم هؤالء

من يرون في عطر الياسمين تاج المدينة هم فعال كتاب مهرة يتقنون كل ,القمر

.وما أسهل كتابتها الحروف فما أكثر... فنون الحياة وخصوصا الخداع والهجر

رفضت كيف لي أن صدقت بوحه و :باتت األميرة تجلد روحها بعشرات األسئلة

أهرب من قصوري ألكون معه في حروفه تجعلني كيف كانت ؟كل الدنيا ألجله

عرفت أن الحياة ال تقاس إال بكل ما هو حقيقي فقط اليوم, لي من حمقاء يا !كوخ

.فقط هو مدائن أكون أنا أميرتها ...وأن الحب هو عطر المساء

مدونة ( هال)أعادت األميرة جمع ما تبقى من أوراق ذاك العاشق لتجد حروف

.ار المدفئة تحتضن أوراقه وهذيانهللنوم أخيرا بعد أن جعلت نستسلمت ا, فيها

ستفاقت األميرة لتجد رسالة عشق جديدة من عاشقها في الصباح وكمثل كل يوم ا

ستهزاءت تقرأها باالرسالة وبدأ فتحت ,الياسمين انغصعلى أحد أت التائه قد لف

فقد ...خاطرة فقطكن ته لم ترسالإال أن ,فقد نفض عنها النوم كل وهم الكلمات

:بصوت متعال ت قراءتهابدأف, أسطرسبقها ببضع

91

حبيتي األميرة

مك فقط كأميرة على حروفي وأشواقياليوم لن أدون أس

أدع أسراري تخبرك عن شوقي لعينيكبل س

نيمدعن لون السماء حين تشرقين على

على سمائي وقمري كأجمل أميرة

بتياليوم حبي

لن أناديك أميرتي

عندي أجمل من كل أزهاري وأشواقي فهو سأدعوك باسمكبل

)هال(أحبك

يا أجمل أميرة

؟سمك حبيتي هو أسم األميرةوهل يعقل أن ال يكون ا

71-2-2002

91

فقد اإلحساس

هي , غائبة عن كل ما حولها.. نسيت اإلحساس بالبرد تماما.. لم تكن تشعر بشيء

عد يداها و الحارة التي تذيب الثلج و تساحقا وحيدة في مكانها إال دموعها المالحة

لم يعد , فقد قتلتها وحدتها ,في محاولة منها إنقاذ ما يمكنها بإبعاد األبيض من حوله

.عقلها يحتمل أنه سيتركها وحيدة لعتمة الليل بسرير بارد

هاهو التراب بدأ يختلط بدموع السماء البيضاء و يعكر نقاءه بعد نحيب مالئكي دام

من األرض هي وحيدة في تلك البقعة . فقد تضافرت السماء مع ألمها.. متتالية أليام

و الرياح تحمل الثلج بكل اتجاهاته المختلفة لترتطم ال حبيب معها وال قريب

.بوجهها كصفعات تحاول إيقاظها مما هي فيه

و راحت تمرغ وجهها بتراب األرض و شهقت بحرقة الثكلى.. وصلت إليه عندما

إال أن غصة تحول دون إتمام .. تهمهم له في أذنه, انحنت لتقبله.. السماءرحمة

.ترانيمها له

نسيت كيف بقربه و.. لديها بالوقت ألنها معه توقف الشعور.. اثنتان.. هي ساعة

هو . يكون الشعور بالبرد و هي تحاول تدفئته بكليتها خوفا من أن تؤذيه دموعها

كدفء شمس الربيع بعد شتاء د ضباب دام لسنواتعمن جعل لحياتها ذاك النور ب

.قطبي طويل

92

.. سكنته.. حركته.. كيف يتنفس.. مراقبته أثناء نومه.. همها الوحيد الجلوس مقابلته

.تملهاكل ذاك و كأنها تشاهد أحد أفضل أفالمها دون أن

يظهر عليه من . .جاءها صوت تعرفه تماما و تعلم مدى غضبه و قلقله عليها

.الثلج حتى وصل إليها كم سار في شة مخارج حروفهعر

إلى متى .. لقد انتهى.. إلى متى تعذبين نفسك و تقتلينني معك.. إلى متى: الصوت

.كفانا.. ما زلت إلى جانبك.. ؟ أرجوكث عنك هنا؟ متى توقفين نحيبكسأبقى أبح

.. إنه يناديني ..يبكي طوال ليله.. إنه يشعر بالوحدة.. أبدالن اتركه هنا وحده : هي

.أسمعه.. يريدني جانبه

السنوات الماضية حتى يعلم تماما كم عانت خالل .. اقترب منها و هو يشفق حالها

شدها نحوه بعنف عاشق يخاف على . لكن ما باليد حيلة. لتم شملهما معاا

, يحبها جدا أكثر من أي شيء آخر في هذا الكون هوف بشدة ضمها إليه.. هتمعشوق

.ألنه يتجرع ذات األلم..شعر بألمهاهو ي

أعلم صدق معاناتك حتى . هنا ما انتهت الحياة ها.. ما زلت موجودا معك: الصوت

لكن العالم ما , شعرت بنفسه يختلط بجميع ما حولك.. ضممته إليك.. رأيته قربك

.انتهى بعد

93

ما زلت .نفتاق الذي لن يضمده الوقت أبداسيبقى ذاك اال.. قلبي برحيلهاخذ : هي

كنت أسكر لمجرد رؤيته يغمض عينيه .. نعومة بشرته, سه قربيأسمع صوت تنف

كانت تلك األشهر معه .. أضمه لصدري حتى ال يشعر بوحدته.. و رأسه بين يدي

.لمحة بصر خاطفة.. ثوان فقط

تشنج .. بيديها العاريتين.. أصبحت تعبر عن كامل غضبها بضربه كيفما اتفق

حرقة قلب تذيب القطبين .. الجارح الذي يخلع القلوب من أمكنتها صوتها و بكاءها

.و تغير جغرافية األرض عن بكرة أبيها جميعهما

.. قبل رأسها.. احتواها بين ذراعيه كي تهدأ.. وةطاع من ق تأمسكها بكل ما اس

.راجيا إياها أن ترحمهما.. يديها.. جبينها

ي و يكفين.. هناجدا بارد الجو , جوكأر.. أرجوك.. علينا العودة إلى البيت: الصوت

.أيضا خسارتك هلن أتحمل بعدففقده

.. كان بكامل ضعفه البشري.. ر و البكاءنظرت إليه بعينها المتعبتين من كثرة السه

أولم يكن بجانبها حين .. لقد أحبه كما عشقته هي, عرته المحنة بصورته الكاملة

س هو األمل الذي تمنياه بعد رحلة طويلة أبصرت عينيه النور ألول مرة؟ أولي

انتظراه معا بكل دقيقة؟ عاشا الرحلة مذ بدأ يركل في رحم أمه .. لمحاولة اإلنجاب

94

أي مدرسة يرتاد؟ .. الترتيبات التي ستكون له. حتى الصرخة األولى عند مقدمه

.حتى زوجته.. أصدقاءه

متصلبا باردا .. الغض أصبح الجسد.. عين رمشت.. بثانية واحدة انتهى كل شيء

و تبقى شاهدة قبره هي .. ليدفن بذلك أحالمهما معه تحت األبيض.. بين أيديهما

.الشيء الوحيد الذي يدين عذابهما و ما آلت إليه أحوالهما

هو النزع األخير ... ناظر والديه لهو ألم ال يعلم مداه إال من رآه مإن وفاة الولد أما

أمسكا ... نجر ألب شهد كل حركة و سكنة البنههو طعنة خ, ألم سهرت و ربت

سهد عيناهما ألجل أن يراياه ... حماله عند أول بكاء له... بيده عند الخطوة األولى

.يكبر

.إال أن القضاء و القدر كان أسرع إليه منهما

95

لوحة إلهية

غيوم مصبوغة بلون بنفسجي جميل بعد مغيب الذهبية خلف الجبل الوحيد الظاهر

ت في تلك وريقات زهر الكرز تعبق رائحتها الزكية كيفما اتجه .. أمام الرائي

تحمل أوراق الزهر .. هسمات باردة تشفي كل معلول من علتتحملها ن, البقعة الغناء

جدا لكأن الناظر إليها يحسبها ارائق ااألبيض الذي تشربت وريقاته لونا زهري

ب األخضر المندى و المختلط بتراب رائحة العش. سنونو المهاجرةالأسراب

األرض الرطب بعد ذوبان ثلج الشتاء تجعل جوارحك متنبهة لتأمل لوحة الجمال

اإللهي التي مهما حاول أشهر رسامي العالم صهرها بمزيج ألوانهم على قماشهم

أن , ليها حتى تزين جدرانهم الفاخرةاألبيض و جعل من يدفع أغلى األثمان ع

أن .اس قد مات فيناوا عبق تلك الطبيعة التي توقظ أي إحسيستشف يستشعروا أو

يسمعوا نبضات األرض من خالل قوة تدفق الدم القاني داخل شرايينها و أوردتها

كانت الجداول تفيض عذوبة بفضة رقراقة ما رأيت مثل . بعد موسم سبات طويل

.فتنتها قبال

فافتر ثغره عن بسمة دافئة و هو , اءتعلقت عيناه بنجمة قد ظهرت وحدها في الفض

تلك الماسة تبادله الغزل ,يستشعر مع كل رمشت عين ما حولهمستلق على ظهره

هي حبيبته ظهرت وحدها حتى تنفرد بشرودها داخل بريق ... بوميضها المتكرر

96

هل كان سيعرفها أو ينظر إليها بعشق إن كانت بين األخريات؟ . عينيه العسليتين

غارت عليه من ... كون األولى في الصفحة الكونية الظاهرة أمامهأرادت أن ت

.غيرها

.. و يصف الجمل حتى اغرورقت عيناه بقي يحدث نفسه بكل الكلمات و األحرف

أنى له قلب يحبه بعدها؟ كيف يهدي كلماته ألنثى أخرى؟ لون عينيها المائل

.ثم نومه هصحوتللرمادي مازال يالحقه في

هو أخوه يساعده على الجلوس ... غه قرب الرحيلكاره صوت أجش يبلقطع حبل أف

جلس في المقعد األمامي في السيارة التي بدأت مسيرها ... داخل كرسيه المدولب

وضاء و عائدة إلى الشوارع المزدحمة المتسارعة في تسابقها مع العصر من ض

.دون وعي أو بصيرة فيها ازدحام البشر الذين يركضون

شهر المحال و ألأسماء , كيزه على األضواء المتسارعة و الالفتات المضيئةكان تر

الحارات الضيقة بين األبنية التي تخلو , السوبر ماركات الشهيرة منها و الصغيرة

ة واقعة ال غالبيتها من اإلنارة مما يصعب على المرء أن يمر خاللها خوفا من أي

بهيئتها التي تعطيك األضواء الثالثة بقي يتأمل شارات المرور... تحمد عقباها

إن كان الوقت يعطيك ذات الشارة ... ثم تسير, تستعد, مة إياك متى تتوقفمعل

97

الواضحة ما كنت رأيت أحدا يموت دون أن يعلم حتى يتهيأ و يودع من يحبونه

.قبال

التي حلما ( فيجي)هو أسبوعان في جزيرة ينشده معها بعد حفل الزواجكل ما كان

.ائما بارتيادهاد

ارتباطهما األهل مباركةبرضى و ثالث سنوات حتى حازا كثر منألبقيا معا

ممانعة هذا حادة التي ما كان لها سبب أصال لعدا ذكر المنازعات ال, أخيرا

أي سبب ! تضاربةفيها م سوى أنهما ال يليقا ببعض ألن مصالح العائلتين... الزواج

.تافه هذا

ساعده أخوه في جلوسه و أكمل وحده .. هما وصال البيتأن فتنبه عند المنعط

رفض أن يكمل معه األخير إلى إال أنه ,استقبله كبير الخدم.. الدخول للمنزل

ارتدى بيجامته . فتركه رئيس الخدم و قد شعر أنه في مزاج غير جيد غرفته

و رفع _ تلك التي أهدته إياها قبيل يوم الزفاف_ الخمرية ذات النقشات البيج

وال في سقف الغرفة جسده بيديه كي يتمدد فوق السرير و قد حملقت عيناه مط

في يوم الزفاف ليتسنى له رؤيتها عند عليه صورتهما الواسع الذي طلب أن تلصق

.آخر لحظة يغلق فيها جفناه و عند أول نظرة في صحوه صباحا

98

هدايا زواجهما التي , إذا جلت داخل غرفته فجل ما تراه هو صورها في كل مكان

,سريرهثوب زفافها المعلق على مانيكان جانب , رفض التخلي عنها بأي شكل كان

.حوله كيفا التفت كل أشياءها

انتظرا ما يناهز , (فيجي)بعد أربعة أيام من وصولهما فقط, مضت سنة مذ فقدها

.الثالث سنوات حتى تتركه وحيدا بعد أيام فقط

ينساب فوقه .. دي رداء نوم حريري بلون المرجانأيقظته صباحا و هي ترت

عكس على لون عينيها الرماديتين ني كان, عرها الكستنائي حتى منتصف الظهرش

داخل أروقة لوظر إلى رائعة من روائع مايكل أنجألوانا تجعل المتأمل فيها لكأنه ين

كب ليروا الرأجبرته على اإلسراع في تناول الفطور حتى يلحقوا . الفاتيكان المشعة

من فرط نشاطها كان يتابعها بإمعان كما يتابع مشاهدوا .أسواق الجزيرة الجميلة

و يبتسم عند كل حركة تقوم بها و هو ما .. كرة التنس تحرك الكرة بين المضربين

تتناسب فهي ما بين الخزانة تنتقي ثيابا .. يزال في جالسا في السرير يكمل إفطاره

لخزانة لتبحث عن شيء تتم تبرجها ثم تعود ثانية ل مرآةو ما بين ال.. و السوق

في همو تبقى تحدثه برقة و تترجاه أن ال يتأخرا عن الركب فهم ينتظرون.. آخر

... أنه أنهى فطوره قبل أن ينتهي, جل ما تذكره فعال. قاعة االستقبال لبدء المسير

فاقترب منها .. تتم زينتها وقام ليقف خلفها ينظر عبر المرآة آلية حركة يديها و هي

99

كية بكل ما يملك من أنفاس يشم رائحتها الز, و أحاط خصرها بكل قوة بين ذراعيه

فاستكانت , أحست فعال بما يجول في خاطره.. ال يريدها أن تنفلت منه أبدا ,الدنيا

بين ذراعيه و قد شدت على يديه أن يبقيا مكانهما أكبر وقت ممكن و قد بدأ بطبع

إال أن رنين هاتف .. الت على عنقها بحرارة ما شهدتها براكين العالم جميعهاالقب

أن يرتدي أسرع ما يمكن و ستسبقه حتى هفطلبت من... غرفة أيقظهما مباغتاال

.قاعة استقبال الفندق

, هاركبا الحافلة المخصصة لهم و بدأت بتصوير كل ما يمر أمامها و يلفت انتباه

أن ال ( فيجي)الرحلة و هو شخص من سكان رهم قائدأم.. حتى وصلوا السوق

يبتعدوا عن بعضهم و إن حصل ذالك فبطاقات الفندق معهم و أعلمهم أين سيجدون

على أن ال يتأخروا بعد الساعة .. ة و من أين يركبون سيارة أجرة للعودةلالحاف

فالسوق مكان مخيف .. الخامسة مساء ألن في ذاك خطر كبير على حياتهم

.رتزقة هنا بعد الساعة السادسة مساءللم

لم ... الحادية عشرة صباحا اربهاعق تعندما بدءا المسير كانت الساعة قد قارب

عندها إما ليريا المعروض أو يشتريا شيئا مع \عة إال توقفا عندهيتركا بائعا وال بائ

ا أن أخبره... الخامسة إال ربعاعندما نظر إلى ساعته كانت .التقاط الصور قربهم

.كب و يعودوا للعشاء في الفندقعليهم العودة سريعا إلى الحافلة حتى يلحقوا الر

111

سلكا طريقهما بين المحال و بائعي الخضار حتى تراءت لهم الحافلة فصاح بأعلى

إال أنه . ما و لوح بيده أنهم ينتظرونهماله تنبه قائد الرحلة.. وته أنهما قد وصالص

لمتجولين ما كان من أحدهم إال أن أطاح بعربته تجاههما اجتياز بعض الباعة ا عند

ما كان من ف, المساعدة بالجزع و بدأت تصرخ طالبةهي فوقع أرضا و أصيبت

أخبرها أن تصل للحافة .. الرجل إال أن صرخ فيهما بلغة غير مفهومة يطلب شيئا

ددا و قد عندما عاد للوقوف مج.. في الطرف اآلخر لكنها أبت تركه و اقتربت منه

نظر ناحية الرجل الذي مازال يرفع مسدسه ... التوى كاحله بشدة من أثر السقوط

و أن الرجل و بدأ بالترجمةن قائد الرحلة قد وصل إلى مكان العراك كا... أمامهما

... لشرطةسمعت أصوات سيارات ا ...و بينما الجدال قائم يريد المال الذي يملكانه

وجد نفسه يصحو في .ثم ران صمت عميق... ثانيةال... و سمع صوت أول طلقة

.مقعدا دون حراك, إحدى المستشفيات ليعود بعدها من شهر عسلهما وحيدا دونها

.لتأخذ منك ما تعطيك ...ما خلقت إال... يا صديقي هذه هي الحياة

111

ما ال نتخلى عنه

ال تندمل الجراح بسرعة

نا ألبعد مما نتصوركرتنا تأخذتبدأ ذا

نراه سابقا لم تبين لنا ما

ي وعورة هذا كمن سبقونا فمجددا لن تزل قدمنا .. لن نعود لكل هذا ثانية :و نقول

.الزمن الذي ال يرحم

.لست أنا : قولن وأمام المرآة أنفسناكذب على ن

و أوردتنامنجرفين وراء تدفق الدم في .. نفكر فيه مرارا و تكرارا بالالوعي

بل األلم بكل أشكاله و نتق ...و أرهف تصبح مشاعرنا أرق ,شراييننا بسرعة هائلة

نخاف .ت ما عرفناها قبالنقع في زال ل ة نتعلم الصبر و نتجاوز أخطاءنا السابق

د يصبح العقل يفكر بكل ما هو غير موجو ..اندولكربة الطريق وح للوحشة ةعودال

النار الذي يمتعنا وسط خط معنا في من ليسوا نحاول االستعانة ب .و ربما يكون

.م إصابته لكل حاسة و كل شبر فيناصوت رصاصاته و نتلذذ بطع

إلى األيام عدمية صفاء و ننسى لعبة القدر و... استمرارها للمستقبل السعيدأمل ن

فينسوننا في آخر يظهر شيء قديم يعيد لهم الذاكرة فجأة ...ربما .مال نهايتها

.هم همماضيإلى لعودة الطريق ل

112

أم يجب أن نرى سخرية القدر أمام ؟ة واحدةو لو مر عندما يريدها المرء ؟أتتحقق

يكون آخر ما فو تحترق دموعنا داخلنا .. ألمنا ادها مع من يحيطون بنا ليزدنجاح

نقبل بكل ما يقدم لنا بل .جأتها طعنة مميتة لن تحيينا أبداتبقى من خفقة قلب قد فا

ننهي عذاباتنا كما تفعل النار لتنهي لهبها بأكل نفسها قبل أن تأكل ما يحيط بعدها ل

. بها

لكنني .. لم ؟ فأنا شبه عليمة بك(: حواء)لست سائلتك كغيري من بنات ... سيدي

م نظاما ؟ أفوضى لحياة رجل ما عرف الفوضى( حواء ) أخلقت لتكون : أسألك

لرجل ما عرف معناه يوما؟

إنما . يؤثر و يغير فيه بطريقة أو بأخرى... هي وجود يحتاجه :بكلتا الحالتين

موسك كيف هي داخل قا (.سلبا كانت أم إيجابا)و يحتاجها بكافة أشكالها طريقة ه

أقف عاجزة أمام مفرداته .. أهاب منطقه الملغم.. الذي عشقت التبحر في متاهته

الصفحات ال تخبرني لسطور و خائفة مما تخفيه من معان جريئة ضمن ا... الحادة

أشعر بها(. ال لغط فيها حقيقةو أن قولك ك الصراحة المطلقةرغم إدعاء)بها

ث حتى نفسي التي بين رغم سجنك لها و بطلب غير صريح منك إلي بأال أحد

.جنبي بها

113

ستوجدها ..كانت أبدا ساعة ماأو رة لوقت أهي العقارب المسي .. أخبرني عزيزي

عدواه ستحاسب على انتشارو هي سبب ظهوره دون علمها داء أم دواء ل ؟حواء

!يوما

ليكونا إن أخطأت يوما أو كانا في محطة القدر دون علمهما( مآد)أيتغاضى عنها

بتعذيب منتقما ,حاقدا عليها... فيتركها ساخطا لها! ةواحد باتجاه ال يحملهما لناحية

؟أخرى هربا من ألم سابقتها

و انتهى كل ... أم هو السؤال المستحيل الحل ه إجابته؟هذ أ..... سؤال لسؤال

!كفىف.. وهذه هي الحياة... كما بدأشيء هنا

أو .. السابق كله رغ فيه الحقديف لنكون مجاال.. ل أخطاء ارتكبها غيرنالم نتحم

د انتقام من مجر ل فقط.. حقا لم نكن من ارتكبنا حمقه حتى الحتمال سماع رد

!بداعي أنه شفاءنا على تناولهمجبرين العلقم نتائجه مرارة كدواءمل نتح الماضي

ظاهر لبكاء قلب ما برأ جراحا سببهاال رغم ضحكنا تعودنا الوحدة و العزلةأ

اختيار خاطئ كنا سببه يوما دونما التفكير مليا ,اندفاع تهور الشباب فينا, طيشنا

.بما سيجعلنا نؤول إليه

و العودة للطريق دون ( الحياة و الحب)دوما في مادتي سقوطنا د اعتدناأالننا ق

.و انتهى.. نزيف ظاهر أو صوت مذبوح مسموع على المأل

114

دون كلمات تحمل ألف معنى؟ كيف هي .. دونما إيماء... أجبني دونما صمت

؟(حواء)و ما تكون له ( آدم)الحياة؟ ما هو الحب؟ من هو

115

مجتمعنا واضح

أو أنها , باردة القلب, دون مشاعر: ر المجتمع ألنثى على أنهاعندما تتوجه أنظا

لكأن أصابع االتهام تنهش بها كما ذئاب ....رجل يكمل معها دربها حتى اآلن دون

.الليل في يوم ثلجي قارص البرودة بأحد الجبال و قد اصطادت غنيمة ثمينة

ب حد الموت؟ أم أعليها االنتحاب ليل نهار حتى يتأكد من حولها أن ليلها كئي

مالحقتها لكل رجل تستلطفه هو دليل أنوثة فيها؟ بل سيتهمونها بالمجون و

!األعمال الفاحشة حتى

متى سننتهي من متاهة الثرثرة و الهمز و اللمز التي تحدوا بمجتمعنا نحو هوة

(!ألنه ذكر يستطيع فعل ما شاء: )متى تنتهي عبارة... سحيقة ال قرارا بها

.. هي حرف ناقص بأعين الناس_ سببها عادات المجتمع البالية_مطلقة ن الألو

أو يزيد و مازالت علما أن سبب زواجها أنها وصلت حد السادسة و العشرين

أو يجب ! أو ميولها الجنسية خاطئة, ولهانة؟ و هذا حرام فهي إما عاشقة ! بكرا

التي ن فيهم عائلتها ون حولها بمأن تقبل بمن ارتضوه أهلها لها حتى تسكت كل م

؟ و بعد عدد من األشهر تطلق المسكينة و (ديمقراطيين)اعتقدتهم المذبوحة خطأ

ا هي تالم ألنه ,أي عار جلبته السم عائلتها!.. و لديها طفل أيضا... دون ذنب منها

!هي من زوجت نفسهامن قبلت أن تتزوج بل و

116

.صحيح! و أنها تذكر منذ قرون.. مسألة قديمة ستقولون

في الكنيسة ونيجلس ون لحديث شيخ جليل أوأمام التلفاز يستمععائلته جلس من لم ت

نساءهم و عن أنبياءنا و كيف كانوا يرفعون من قدر موعظة قس واليسمع

يخص زواج لكن ما أن تحل طامة بهم ألجل أمر... يستوصون بهم كل الخير

ال يصح فعل ذاك ألنه ليس من .. اهكذا هو مجتمعن: يقولوابناتهم أو عملهن حتى

...بتلك حتى ال تتقول عليك األقاويل تقومال ... العادات و التقاليد

عملها يتطلب منها االحتكاك مع كافة ,صدقوني... ال تفعل ما يشين أبدا رغم أنها

,انالبشر أو مشروع عمل لها داخل الجامعة يتطلب عدد طالب و من ضمنهم شب

عهم فليس جميل أن يراك الناس تضحكين مع أحد؟ فقط ضمن لكن ال تخرجي م

ال .. المدرسة إلى البيت /من الجامعة , ثق بأي رفيقة أبداال ت.. أفهمت! الجامعة

!بينما أخوها على هواه يعيش.... تحتك بمن حولك كثيرا

طالب و طالبة و ن الجامعة التي تضم أكثر من ستة آالفما الفرق بي :سؤالي هنا

السيتي مول الذي يضم أقل العدد؟ و في كال المنطقتين ال يوجد خلوة بينهم و بين

فهم ال يثقون في ... أمام خلق هللا كلهم يجلسون؟ أو ليسوا أهلنا من ربونا؟ إذا

!أنفسهم و بقيم تربيتهم لنا

117

أي مجتمع ذاك الذي يحرم أن تحب أرملة أو مطلقة أحدا غير متزوج؟ لكن أهله

فعليه بالبكر فقط ( يقبل فمه سوى أمه)تماما ألنها ليست بكرا و ابنهم لم رافضون

و ستبقى المسكينة بعقدة رهاب من ! سنة ال يهم 00أو 20و إن كانت تصغره ب

أن تحب أحدا و أن ال تبوح بشيء مخافة المذلة أو النظرة الشزر التي ستحظى بها

حتى من قبل مجتمعها كله ... ا لهواهمن قبله ألنه سيعطيها ظهره أو يراها مطمع

.فذاك الحق باإلعجاب و المشاعر داخلها ليس حقا لها

و ... فذاك أن زوجته ال تشبع عينه و تنقص من واجباتها تجاهه... إن خان الرجل

إما كانت عاشقة للجديد أو أن ال حق لها سوى أن تبقى .. إن تزوجت هي بعده

و ... ن تحت رحمة األخ و الصهر و العم و الخاللتربية أوالدها بين أربعة جدرا

ليوروها التراب أخيرا بجانب أو حتى في قبر زوجها ... هلم جرة سيدي على ذاك

.نفسه

شريعة الغاب أرحم من شريعة خلقها الناس و حادوا عن كل الكتب السماوية فيها

ما يراه ... عدناأصبحت حياتنا حول ما يجب أن يراه الناس ال ما يس... حد الهاوية

أن تتطبع المرأة بصفات زوجها و إن ... اآلخر مناسبا لنا ال ما نريده نحن ألنفسنا

...كانت خاطئة كليا هو فرض عين

118

لست ممن يقفن ضد الزواج التقليدي و ال ممن يحق لهن تشريع الزواج بطرق

ال محالة ما يبدأ بالخطأ سينتهي )لكن مهما كانت الوسيلة .. أخرى ممن يحبون

(.بخطأ أكبر

كون أرملة أو ما ال يفهمه أحد و تفهمه السيدة التي كتب نصيبها في السماء بأن ت

غيرها حلت المصيبة ب و إن... ال دخل لها فيه مطلقة و حتى عانس هو شيء مقدر

(.حوالينا وال علينا)أو ( يا حرام)فتلك

دة وردة مهما عال شوكها الور)صدقوني مهما كانت األنثى تدعي القوة ستبقى

فهي بأمس الحاجة لمن يزيح شوكها ليعتني بها ( لتخفى عبقها و جمال أوراقها

ليشرب من الندى المتساقط عن أوراقها .. بحنان و دفء ينسيانها أشد عذاباتها

صباحا ليعرف معنى القلب العذب الذي تحمله بين حناياها بعدما أرق الليل البارد

.كل سهاد لها

عفويتنا و ما يمحىخوف من إظهار مشاعرنا و حساب أدق تفاصيل حركاتنا ال

أن تبكي يا سيدي أنثى بين يديك فهي تعشقك و .. طفال فينااألتبقى من براءة

عيش حتى آخر نفس فيها بجانبك و أنت تحيط هي تحب ال... راك مالكها الحارست

119

و لو لم تكن ... سمعهخصرها بيديك بقوة حتى تكون أنغام قلبك هي آخر ما ت

.من أمر هللا ألهدتك إياها راضيةالروح

فأنت تاجها .. أن تنظر إليك بعينيها الخجلتين فهي ستنتظرك حتى آخر رمق لها

و أنها , مودة, كلمة طيبة: كل ما تحتاجه منك, الذي جعلها ملكة شرعية في قلبك

أخبرني يا موالي أين . الهواء الذي تتنفسه أنت لتبقى تنبض بكامل معاني الحياة

!أين األحجية الصعبة فيه... العيب في ذاك

... هي كلمة من حرفان يتشكالن من أصعب معادلة على وجه الكرة األرضية: حب

فيها رغم بساطة تعويض المجهول... لهاحتى الفالسفة و العباقرة عجزوا عن ح

. و حتى البالبل, الكناري, لتصبح أجمل عش لطائر الشحرور

هي معضلة ... أن يمسح أحدهم دمعنا لمجرد أنه أحبنا على عالتنا كما نحبه

أن تبوح أنثى مكسورة الجناح بمشاعرها هي مذلة أمام كل ... العولمة اآلن

خرق ألحد قوانين حقوق المرأة أن تعجب إحدانا برجل ما يعتبر... وليالمجتمع الد

دى مجالت السيدات الهابطة و التي و عليك بالتتمة داخل أخبار إح... و المجتمع

.يقرأها حقا الرجل صاحب المجلة أوال

111

أن تفصح المرأة عن غضبها من أوالدها و زوجها و كثرة الضغوط ممن حولها

أما أن يتملص الرجل من مسؤولية البيت و يهجر أطفاله فهي ( جريمة ال تغتفر)

(.مسألة فيها نظر)

من األلف الذين يحترمون 0 – 7م ما بين أعتذر من الرجال الذين ه... صراحة

أعلم أنه ... و أحد أصدقائي منهم حقا... نساءهم بصدق و يعلمون حق هللا فيهن

رغم علمك بما قاسيت منكن أنتن , شكرا صديقتي العزيزة: يقول سيستهزئ و

فأي نيشان سأضعه في .. النساء إال انك لم تبغضينا حقنا نحن األقل من األقلية حتى

.له من فخر و يا... تبتي اآلنمك

و ليس عيبا أن نحب و نهوى هو عيب زمان بات المال و الشهوة أهم عناصره

عادات جاهلية ما كانت على زمن تحديد مصائرنا بيد مجتمع يرزح تحت ... !فينا

.هي التشريع بين أيدي أكبر قضاتنا... أنبياءنا

أتصرف على سجيتي و بطيش س.. بأعلى الصوت أقولها و ليكن ما يكون... أحب

و ألنه جعلني أشعر .. ألني أراه رجال في نظري.. مدروس و محبب ألجلهشبه

.كل مجهود حتى أجعله يبقى ألجليو إن تطلب األمر .. بذلك

العيب بمجتمعنا الواضح كما الطريق الوعر ... ما من عيب في قلوبنا و بصائرنا

صطياد فتعلمي سيدتي كيفية ا... تاريخيغطيه ضباب ما شهدته إنكلترا قبال عبر ال

111

سيرتك و إن أحببت أو لم تحب سيبقى مجتمعنا في. تكسبين رضاهف الرجل باحترام

.األقاويل عليك في نهاية المطاف و تقول

بعقل و قلب شغوفين يحبان الحياة بحلوها و مرها .. كوني أنت كما يجب أن تكوني

.لسالمو على جميع البشر من حولك ا. و كفى

06-28-2010

112

معنى الوحدة و االنتظار

كيسا تشتري لي ,نتهاء عملها إلى هنابعد ا اعتدت في كل مساء المجيء مع أمي

أرجوك ماما و أمسك بتالبيب .. ماما بالون برتقالي :و أكرر عليها الفشارمن

.ا و أشدها بقوة حتى تستكين ليتنورته

ال أمل الصعود على درجها الحديدي ذي , الزحلقةخولي للعب أن أبدأ أحببت عند د

مرارا و تكرارا ألشعر بعدها بهول سقوطي من على سطحها المكشوطالطالء

األملس ما يجعل قلبي يهبط بفرحة عارمة و ضحكة كانت أمي تهواها من طفلها

.بتين من آثار دوام عملها الطويلذي األعوام الستة لترد علي بعينيها التع

لم تكن على المقعد تشاهدني و أنا ألعب معظم األحيان كانت أمي تبقى جالسة في

. اذهب و العب أنت فأنا أراقبك أنني مرهقة من العمل: تقول ليفهي .. تلعب معي

لم تكن مشكلة ... نادرا ما يكون هناك أطفال أللعب معهم في ذاك الوقت من المساء

.الوحيد عند والدي ذلك و ألنني قد اعتدتمن أن ألعب وحدي ف

مفمعظمهال تسمح أمي أن أقترب من أوالد الجيران كثيرا كانا يخافان علي ف

حتى لكأن , شيئا شائعا عندي اللعب مع ذاتي لذا أصبح... بسنوات عدة يكبرونني

.أبدا و لم أعد أراه أبدا بعد ذاك اليوم, ظلي بقي صديقي المفضل لفترة ما

113

ال تتسلق ( جود: )تقول تبقى تنبهني دائما و, بحذر و خوفنت عيونها تشاهدني كا

كانت .. ال ال ال ال ال..حاتواألرجال تركض بين , ال تتأرجح بقوة( جود), الشجرة

بعض . تهددني دائما بحرماني المجيء مرة أخرى إلى الحديقة إن لم أطع أوامرها

!كيف ألعب برها أني كبير و أعلمفأخ.. األحيان أكون منزعجا جدا منها

أحببت الرسم على الرمل ألشكال مختلفة أو أحرف تعلمتها في المدرسة مع

معلمتي التي علمتني كيف أحب المدرسة في أول يوم لي فيها بعد إحساسي الغريب

( غنوه)حتى وصلت الصف و قابلت معلمتي ي انسلخت عن بيتي و ابتعدت عنهأن

رت لي من األكالت اللذيذة حتى بت ال أنقطع كم اشت.. اللطيفة ذات الصوت الهادئ

مرة كانت طويلة مذ آخر مضت أيام مجددا كم أشتاق لرؤيتها.. عن المدرسة أبدا

إطراءهاما زلت أذكر , الصف تجعلنا نلون على دفاتر الرسم وترى مهارتنا في

حتى.. على لوحتي التي عدت بها للمنزل و علقتها أمي على الحائط قرب سريري

نمت وقتها و أنا سعيد و . أن أبي أعجب بها حقا و أخبرني أنه يريد واحدة لمكتبه

. لمدرسة في اليوم التاليب اللصباح حتى اذهمشتاق

كما جرت العادة أن أتزحلق أوال و نحن في الحديقة مع أمي و أبيبضعة أيام من

بوجهي ما األرجوحة ألستمتع عند دفعها عاليا بنسمات عليلة ترتطم أصعدثم

فجأة ... يطربني فرحا و أضحك ملئ قلبي استمتاعا بذاك الشعور الحالم من النشوة

114

حتى ساحة الرمل ألرسم من مخيلتي الصغيرة توقفت عن األرجحة و ركضت

رة التي ترى األحالم شيئا حقيقيا و تخط يدي خرابيش مختلفة و أحرف متكس

.ها حديثاتمتعل

حتى أبي , إال أنها تمتنع دائما... عب معي على الرملكنت أتمنى من والدتي الل

سوى أني أرى هي وال أعلم ما( الجريدة)يجلس جوارها يقرأ فيما يسميه الكبار

.صفحات بيضاء مخطوط عليها باللون األسود

اذهب و العب ف, متعبان من العمل و أمي و يخبرني أنه ينظر إلي بطرفه مبتسما

, عليك اللعب حتى تكبر... ال تهتم بنا... صغيرة الجميلةمع ذاك الطفل أو تلك ال

أم أنك تعبت و تريد العودة للمنزل؟, هيا يا صغيري

أفر هاربا لأللعاب مجددا خوفا من انتهاء أجمل , كنت عندما أسمع كلمة المنزل

خربشت على رمل اليوم بعد أن تزحلقت و تأرجحت و ذاك . حلم لي عند كل مساء

يبدو أني أطلت اللعب عليه, ارلم لم انتقلت بعدها على القرص الدو الحديقة ال أع

علما أن ... كوني صغير و أردت اللعب فقط.. فقد انتابني دوار لم أحسب له باال

فنهرني من العودة لتلك اللعبة المؤذية .. أبي وبخني مرة ألني ركبته و تقيأت عليه

القوس الحديدي الصغير الحجم ذو قتمباشرة تسل لكن في ذاك اليوم بعده. ثانية

بأن أعلق قدمي بين درجتين بشقوتيما جعلني أخرج ... المهترئالطالء األصفر

115

لوالدي فينظران البنهما البطل المقدام كما أسي لألسفل و بت أصرخ فيه و أقلب ر

.م الكرتون التي اعتدت مشاهدتهافي أفال

من بين تتفتفل تعبت من حملي سوى أن إحدى ساقي , ال أعلم ما حصل تماما

.و سقطت على رأسي مباشرة... الدرجتين

.. اإلسعافي يصرخ طالبا أبب إذتماما تحت رأسي و دافئما شعرت به هو شيء

و أمي تبكي ث مع أحد ما بعصبية متناهيةذي يتحدصوت أزرار جوال أبي ال

... ظلمة حالكة كنت في لم أسمع بعدها شيء أبدا.... اعدةالمس بجانبي و تطلب

كنت أخاف ... حتى أني حاولت أن أنادي على أمي لتنير لي الضوء داخل غرفتي

... يسحبني بعيدا من حضن أمي و حنو أبي أو أكلنيي من وحش النوم أن يأتي و

! مجددا( غنوه)أو لعلني ال أرى معلمتي

ضوء كالفراشة الوحيدة قرب, وجدت نفسي في الحديقة وحيدا... عندما صحوت

وال , أبي لم أجد أمي أو.. رفيقات تلعبن معها الحديقة تحوم وحدها دون أبويها أو

.فأنا أصحو دائما في ذات المكان و بنفس الوقت. أطفال في ذاك الوقت من المساء

لعبت األرجوحة و تزحلقت .. لشجر يتعرى من ثيابه الخضراءالجو لطيف و بدأ ا

لكني لم أصعد على القوس ... ت على الرملرسم ,حتى مللت الصعود و الهبوط

, فما زال رأسي يؤلمني حتى اليوم, الحديدي مرة أخرى خوفا من السقوط مجددا

116

تعودت الكتابة ... الوحدة مللت. إن رأتني أمي أن تنهرني و تغضب عليخفت

ألعود فأجلس , مذ أصبحت وحيدا, على الشجرة العريضة الموجودة في الحديقة

إال أنها لم تعد ... إلى المنزل نتهاء أمي من عملها لتصحبنيأنتظر ا سيعلى الكر

كم مضى من األيام التي تحسبونها أنتم . و لم أرى أبي أبدا مذ ذاك اليوم... تأتي

سمعت أبوها , لةكانت هناك فتاة صغيرة جميما إال أنه في يوم ... الكبار ال أعلم

ناديتها فلم ... ب منها اللعب معيوجدت نفسي أركض إليها أطل( كنانة)يناديها

حتى ظلي لم يكن عاودت مناشدتها اللعب معي فقد مللت الوحدة القاتلة! تجبني

انتباهها ركضت نحوها أريد أن أمسك يدها و ( كنانة)عندما لم تعرني ... يظهر لي

أجهشت ... إذ بيدها تتفلت مني دون أن أدركها ...أشدها ناحيتي للعب معي

بقيت أبكي و أصرخ أني أريد . شعرت بخوف كبير دون أمي و أبي. ..بالبكاء

بدأت ... ت نحويدون أذن تصغي إلي أو أحد يتلف , أريد الذهاب للبيت... أمي

د على أشجار الحديقة و تصطك األغصان شبه تاألمطار حولي تكثر و الهواء يش

أول شعور لي رغم أنني أذكر, ة المطرلم أشعر حتى بقطر.. لم أبتل , العارية

.. بارتطام حباتها على رأسي و وجنتي و كم كان أبي خائفا من أن أتبلل و أمرض

لكنه كان فرحة عارمة لي أن تالمس حبات المطر وجهي و أفتح فمي فأرتوي

.أما اآلن فأنا ال أشعر بها أبدا ..منها قدر ما أشاء

117

يقة و يضعها في السيارة يحملها و يركض بها خارج الحد( كنانة)إذ بوالد التفت و

.و هي ترفض مغادرة الحديقة

لكن ما من .. أصرخ و أبكي و أنتحب! ال أحد, بكل االتجاهات... نظرت حولي

!أحد يسمع

توجهت , أصبحت جفوني تطبق على بعضها... ن أنهكتني الدموع الحارقةبعد أ

ل أمي ع جلست عليه أنتظر, ي الجلوس عليهنحو الكرسي الذي اعتاد أبي و أم

ة لحملي بين يديها الحانيتين ني من خارج سور الحديقة فتدخل متلهف ارتأتي اآلن فت

النوم و هي تداعب شعري تعيدني لسريري في المنزل و تحكي لي حكاية قبل

.حتى أنام

على الكرسي ذاته أطبقت , غلبني النوم.. بين االنتظار و الوحدة و الخوف

سمعت بكاء بالقرب مني تماما على ذات . أعلمكم من الوقت نمت؟ ال ... جفوني

تبكي بحرقة ! إنها أمي... عندما رفعت بصري... الكرسي الذي كنت ممدا عليه

المجردة من كل حياة يمكن أن تدب ... وهي تنظر إلى األلعاب الصارخة بالوحدة

.. لم تأخرت علي .. حبيبتي( ماما): صرخت من فرحتي, فيها في المساء المتأخر

( ماما)خائف أنا يا ... أرجوك أعيديني إلى البيت(.. ماما)ت خائفا وحدي يا كن

إذ بيدها تمر خالل يدي .. عندما اقتربت منها محاوال مسك يدها. أرجوك

118

لم ...نظرت إليها و قد همت بالرحيل وحدها... الصغيرتين لصبي الست سنوات

خائف وحدي ...أرجوك, نيال تتركي... ماما... أمي :تسمعني إذا؟ بدأت الصراخ

اشتقت حضن ... لقبالتك لي قبيل النوم... اشتقت لصرامتك معي, أحبك ماما... هنا

.أبي و حمله إياي بين يديه الكبيرتين الدافئتين

نزلت من على الكرسي أتبعها حتى حال باب الحديقة بيني و ,لم تكن تسمعني أبدا

تي لم أعد أشعر بها بعد ذاك اليوم بين خروجي وراء أمي أمسك بيدها الدافئة ال

.أبدا

بدموع ... دون حنان... بال أمل... فقد اعتدت أن أكون وحيدا.. لم أعد أبكي بعدها

.ه أحد غيرييسمعال بكاء و

01-15-2010

119

من نحن؟

أمر جانبها دوما دون أن تلتفت إلى شخص معين .. نهارها و ليلها, كانت تجالسه

ثم اليوم ... ظننته سيأتي, جذبت انتباهي من قرابة الشهر .من المارين أمامها

.لكنها ما زالت تجالسه. دونما أحد... الذي يليه.. التالي

ثم , صورة.. تجرأت مرة من خلف زجاج نافذتي و سمحت لنفسي بتصويرها

أردت ... حتى باتت هاجسي بأن ألتقط لها صورا.. و تتالت علي األمور, أخرى

....و كيف تنظر لم حولها.. إلى أين تترقب... ما لديها.. عما فيها... البحث فيها

كنت قد التقطت صورة الفتاة الصغيرة في الشارع و التي نلت بسببها جائزة

ألشخاص عميت , أن ألتقط صور بشرية, هذا هو عملي... صحيح! عالمية

ة و أحداث رؤيتهم النهماكنا الشديد بمدنية فاني نبصائرنا التي في الصدور ع

ما عدنا نرى ما يحوم .. و المتصارعة المزعجة, المتتابعة, العصر المتسارعة

منسيون تماما مبعدون من إطارا .... فهم, بيننا من بشر و أناس رغم قربهم منا

.لوحتنا للنظر

كنت أحسبها .. صراحة.. بت على حالي هذا قرابة الشهر إال أيام معدودات

مها أتظاهر أنني أصور بعض الورود من الحديقة و فقد مررت أما... عمياء

, ما أبدت حركة أو سوء مني... الفراشات المتطايرة حتى ألتقط لها صور قريبة

121

لوال أن صبيا صغيرا ال يتجاوز الخمس سنوات مر من خلفي و سمعته يصيح

, و بصوت مرتعش.. فابتسمت و أومأت برأسها. صباح الخير يا عمة: بفرح

.تليق بك حقا, اح الخير ميركو جميلة هي ثيابك الجديدةصب: لطيف

فإذا بنسمة , هو أنني بقيت واقفة كأعجاز النخل الخاوية دونما حراك, جل ما فعلته

ما كان مني سوى أن . هواء ناعمة أحسست معها بحرارة بدأت تنساب على وجنتي

تها لؤلؤة من كيف غافل... عدت أدراجي محاولة تذكر نظرتها عند رؤية الصبي

و مازالت ابتسامتها تالزم شفتين خطت سنون حياتها عليهما ما يدل , إحدى مقلتيها

نظرة إن أردت تسميتها أو وصفها فلن . على عمر يقارب السبعين يزيد أو ينقص

أوفيها حق أنثى وال حتى امرأة تعلمت لغة الصمت مبكرة عن قريناتها عند عجز

.األحرف عن الوصف

نظرت إلى المرآة , كنت أتخبط في ذاتي كما لم أكن قبال, خولي سكنيعند د

لذا قررت أن أخرج الصور من رحمها األسود إلى نور , دونما نتيجة.. مرارا

هي المرة األولى التي أجهض رحم آلة ... لم أتعجل ذاك األمر قبال, الحياة

المرة األولى التي ... تصويري قبل أوانها رغم أنها تتحمل كثيرا من الصور بعد

!أعي فيها معنى المخاض المبكر

121

متمنية أن تجف المعلقات ... شيء ما جعلني أدور البيت دونما هدوء أو سكينة

داخل غرفة المخاض الحمراء اللون ذي الرائحة النفاذة لألنوف من جراء المواد

و جدية وجودها المستخدمة في التحميض قبل أن تبلغها أرضة ال علم لي بمنشأها

كان علي انتظارها حتى اليوم . سوى في النفس البشرية التي جبلت على العجل

شيء ما ... و ما استقر جسدي فوق الفراش هنيهة, ما أطبق جفني لحظة. التالي

على , استرعى اهتمامي كي أنظر إلى منزلها علي ألحظها في مكانها مجالسة له

. العتيق الطراز لكنه ينم عن ذوق جميل و مهذب, الخشبي اللون... ذات الكرسي

و ال , لم أرى بيدها كتاب أو سبحة, كلما رأيتها كانت ثغرها يهمهم بشكل دائم

ربما هي ترانيم تحفظها من زمنها ... سمعت صوت مذياع أو رائي علها تردد بعده

تخرج من لكن لم أسمع لها نوتة و لو شاذة... عن ظهر قلب تخطر على بالها فجأة

.عساها مصابة بإحدى األمراض العصبية التي يصاب بها كبار السن. بين شفتيها

جل ما ظهر أمامي هو نصف وجهي من .. أردت رؤية نفسي, توجهت نحو المرآة

وقفت طويال . خالل الضوء المنسل من انعكاس القمر في تلك الليلة عبر شرفتي

محاولة فهم سر , كسة في المرآة مطوالبدأت أتحدث مع ذاتي المنع... أنظر نفسي

ما الشيء الذي استرعى اهتمامي ! ذاك االهتمام بسيدة عجوز ربما هي خرفه تماما

استقبلتني أرقى دور العجزة التي تمتلئ ... إن أردت. رغم وجود سيدات مثلها! بها

122

ت بها النمسا إذ أنها ستصبح ذات أهمية ألنني سأجعل دورها تظهر بأشهر المجال

إنما في حالتي مع ... المحلية و العالمية و ستستقبل الهبات من كل حدب و صوب

كنت كمن ترى مستقبلها عبر بلورة السحرة و تقرأ بكل ... المجهولة... تلك السيدة

.ثقة و وضوح أوراق التاروت المخيفة

دئ جلت بمخيلتي و أنا أبتدع كافة المواقف التي من الممكن مساعدتي على أن أبت

عساني أجد مكمن الحيرة التي جعلت فيه النوم ... معها حديث يجعلني أتقرب منها

من ذا الذي تنتظره مجالسة شرفتها ال تخالفها إال قليال و بخطوات ! ثم, يتخلى عني

.ضعيفة جدا

ما أن المست غرفتي أول أشعة الدفء حتى بت أتراكض نحو الغرفة الحمراء

باح الميالد يسعى نحو شجرة الرب عساه يجد ما الملغومة كطفل صغير في ص

بينما ال أعلم حقا ما , إنما الفرق بينه و بيني؟ أنه يعلم مسبقا ما سيجد... تمنى

.سأرى عند تلك الشجرة السحرية الغريبة التي أتتني من بالد العجائب

لجحيم و بدأت أجمع كل ما تم تعليقه على ذاك السلك الرفيع الشبيه بالحافة ما بين ا

عدت مسرعة حتى غرفة ..... الحقيقة و الخيال, الماضي و المستقبل, النعيم

نسيت الشعور بالبرد في أكتوبر من ذاك _الجلوس و جلست متربعة على األرض

123

و جلست أصف لوحات ال علم لي بكنهها أو كيفية تسييرها لي نحو بحر _ الوقت

.الذبح من الوريد حتى الوداجي لجي لم أحسب أن خوض غماره سيكون مؤلما حد

بسمة ال تفارق ثغرا مل الكالم و صفصفة األحرف المتملقة لبشر نسوا نعمة

عينان عسليتان أصفى من شهد , اإلصغاء و التي بها تحيى القلوب الضامرة فينا

جبال األلب فيهما براءة طفل لم نعد نشهدها في معظم أطفال اليوم اللذين تفتحت

بضع خصالت ... ى أشواك القنوات الفضائية و الرائي المشوه لعقولهمبراعمهم عل

من شعرها الفضي اللون و التي برزت من تحت غطاء رأس مجركش بألوان

ترابية صافية تناسب بشرتها القمحية اللون تدل على عزة نفس المرأة تحملت من

إيمان و ثقة ندر وجودهما لديها , حنونة, دافئة... مشاهد حياتها ما يشيب له الولدان

بين البشر في عصر التكنولوجيا و السرعة و حب المال و اللهاث خلف دنيا لن

.أبدا... تعطينا ما نتمناه أبدا

بعد أكثر من ساعتين جلوسا على األرض و بعد أن أحسست فجأة بألم حاد في

تها مذ أناظر شرفتها التي ما مل, حاولت الوقوف متوجهة نحو النافذة... ظهري

... مضى وقت لم أعلمه بوقوفي... عرفتها و انتبهت حينها لوجودها كجارة لي

مخيف حد أن قلبي بات يتوقف عن ... بشعور مرعب حقا... فجأة شعرت بنفسي

اقتربت منها ... عدت أنظر للصور المصفوفة فوق بالط المنزل, ضخه لألبهر

124

إن أراد لمصفوفة عجيبةإال و أنا أنظر لم أدرك ... تلتها أختها... خطوة... الهوينة

ركضت الهثة نحو آلة ... أو أرخميدس حلها ما توصال لمثل تراتبيتها فيثاغورث

سيدة مسنة بكل حركة و ... التصوير و التقطت صورا لتلك المصفوفة العجيبة

لمقلة تغافل صاحبتها ببضع قطرات من الرحمة ... لكل نظرة و رفة جفن... سكنة

اللمسة الحنون من يد , لهية التي تجد طريقها عبر تجاعيد وجه نسي معنى الثغراإل

.وحتى ابنة, ولد, زوج

أحدق بلوحة تمنيت لو أن دانتي أو , جلست على األريكة أضم ركبتي بين يدي

... لو أن شكسبير و حتى غارسيا: بت أهذي, أنجلو كانا موجدان ليبديا رأيهما بها

أو عبارة سيصفون زمنا باتت , كلمة, بأي جملة! ذاك المشهد كيف سيعبران عن

/ ابنة ملى هرم والدهم / دور العجزة فيه أرق و أحن على وحدة عجائز من يد ابن

فكان األيسر و األسهل للتملص من مسؤولية رد جميل بسيط بإرسال , والدتهم

لوسيلة لكسب الرضى و هي الواجب و ا... زيارة في المناسبات... بطاقة في العيد

.الود دون حمل عبء ما تملص األب و األم منه يوما

بقيت شاردة بما رسم على أرض الغرفة من صور و قلبي يخفق على غير هدى

و رنين الهاتف لم , نصف النهار انقضى... ساعتان... بما ال أستطيع تفسيره

125

لم أكن ... الذاكرة يتوقف حتى أن الرسائل الصوتية لم يعد لها مكان إضافي في

...غائبة عن الشعور بالزمان و المكان... عابئة بكل ما حولي

... بشرود بالغ, نظرت دون أن أعي إلى ما تراه عيناي... تك تتك... تكك... تك

نظرت ... ماء يرتطم بكل ما يصادفه و هو يتساقط من عيون السماء... جو رمادي

.ت قد حان لخروجي من زوبعة الالوعينحو الحائط فإذا ساعته تخبرني أن الوق

ثالث ساعات واقفة فيها على قدمي أدندن ألحانا مختلفة بسرور و خوف

ارتديت , إال أنني آثرت المجازفة بما أوحاه لي عقلي و وافقه عليه قلبي... يتملكني

فستانا بلون النبيذ األحمر و حذاء مخمليا أسود اللون و حملت معي ما استغرق

قطعت الشارع و يدي ... كان رذاذ المطر الخفيف منعشا... عات من وقتيثالث سا

الخوف ... يخفق الفؤاد لسبب ال أجهله, ال تكادان تحمال ما فيهما رغم خفة وزنه

وقفت أناظر ... و بدأ الخدر يتسلل ألطرافي... يتملكني و أصابع يدي تتجمدان

أفضل؟ كنت كمن يذهب هل أنقر نقرا؟ أم أضغط جرس الباب , الخشب أمامي

كيوم الحساب بين يدي الرب و لم يبق لدي , لمقابلة تحدد مصير حياته بكاملها

. بقي قلبي متوجسا من مجهول! فهل... سوى قطع الصراط المخيف حتى أنجو

جمعت ما بقي في من شجاعة فقرعت , أخذت نفسا عميقا... تعدت التاسعة مساء

126

إن كان وقت نومها ألني لم أرها تجالس نافذتها خوفا من أن أزعجها.. الباب بيدي

.اليوم

ال أعلم لم انتابني خوف ... بعد برهة تجرأت و ضغط الجرس, عدت للقرع ثانية

أن يكون سوء قد مسها أو أن فضولي أدى بي للتدخل بحياة سيدة ما أرادت

ظهري و بعد برهة أدرت. يا لتفاهتي حقا... مجهوال أن يعبر ذاك الجسر إليها

نحو باب ... نظرت مرة أخيرة إلى الخلف, نزلت الدرجات عائدة إلى منزلي

فما كان من قدمي إال ... علي أرى نورا منبعثا يدل أنها استجابت للطرق... منزلها

أن قادتاني مجددا نحو درجات السلم المهترئة ألجلس على إحداها و قد وضعت

أمعن النظر و أرهف السمع ... أنظر حوليبدأت . الطبق الذي كنت أحمله جانبي

.بكل شيء

ما الذي تطرب له و كيف ... خطر إلى ذهني أن أرى بعيني ما تراه عند جلوسها

أله جمال مختلف؟ هل الطريق من شرفتها تحوم فيه المالئكة ! األفق من شرفتها

او من خ... فإذا هو مظلم... التي ال نراها من شبابيك منازلنا؟ نظرت نحو منزلي

.بارد كالقطب المتجمد, ساكن كما الليل في الصحراء... ال نبض فيه... الحياة

أمي و أبي اللذين تركاني , ال أعلم كيف هاجت مشاعري... صرت أبكي و أبكي

أحباني ... ألصحو بين أحضان أم عجوز و أب هرم, وحيدة بعمر الست سنوات

127

قته الصحيحة خوفا من شعوري جدا إال أنني لم أحاول إظهار الحب لهما بطري

رغم االحترام الكبير و المشاعر التي اضطرت , باأللم عند فقدانهما في وقت ما

في تلك اللحظة تناذر . ألني لم أغفر لوالدي قط تركهما إياي. لدفنها داخلي لهما

فحان وقت ... إنما رسالتهما هي التي انتهت... إلى ذهني أنه لم يكن لهما ذنب

لذا أحببت أن . ن جحيم األحالم إلى واقع سرمدي ال نصب فيه و ال تعبرحيلهما م

يكون لكل لحظة في حياتي صورة أحتفظ بها حتى يتسنى لي رؤية من سأفقد

لذا ... ما حاولت التعرف على الحب ألن يقيني ثابت أني سأفقده يوما ما... مستقبال

تفرغت . حفالت و أصدقاءآثرت البعد عن كل ما يتعلق بتلك الكلمة من صالت و

لها تعبير يحي ضمير أناس نسوا أنهم يحملون , للسفر و التقاط صور ذات معنى

.نفسي( أنا)و منهم ... قلوب تخفق بي أضلعهم

ألب , صورا ألمهات يعشن على رغيف خبز ال يذقنه ألن أوالدهن أحق به منهن

ته تجاه سمسرة الدواء في يحمل بين يديه طفلته التي اجتاحها شبح الموت لقلة حيل

شيخ على . مجتمع جشع و دموعه تدين عنجهية االحتكار و شجعه بكل صورها

بل ألنهم استنزفوه كفيء شجرة ... ال لقلة حيلتهم... قارعة الطريق رماه أوالده

تركوها و رحلوا , استظلوا تحتها و عند حلول الشتاء عليها و تعريتها من أوراقها

128

معروفا أنها أظلتهم و أطعمتهم ثمارها حتى اشتد عودهم و ما حملوا لها, عنها

........أصبحوا ما هم عليه اآلن

لم أعلم سبب اجتياح تلك الجنود الجرارة ... كنت أبكي و أنا مجالسة درجات بيتها

من ذكريات و محطات طفتها بخالل حياتي القصيرة و التي لم أتجاوز فيها الثامنة

أو أنني أحتاجه ... أشعر يوما أن الدمع يحرق إلى هذا الحد لم... و العشرين بعد

كي أخرج ما أحبسه من مشاعر حقد لبشرية حمقاء و قسوة أناس يهيمون في مدنية

.سلبت الرحمة من أفئدتهم و المنطق من عقولهم

فلم ألتفت لهما لوال أن الصغير ركض نحوي و , مر ميركو و أخوه من جانبي

قد نقلت المشفى , هي ليست هنا: ه أنني لم أسمعه ينادينيلمس يدي عندما تنب

.عصر هذا اليوم

لم أعلم سببا النهيار ثلجي باغتني و جعلني أبكي بشهقة كبيرة كمن خسرت عرش

أي مشفى؟ فأجابني : أمسكت يده البضة الصغيرة و سألته بصوت مخنوق, روما

ال ال : و أكمل بصوته الطفولي, تمنيت حينها فقط لو أني لم أكبر قط. ببراءة أين

ورفع عينيه الزرقاوتين نحو القبة السماوية و هو ... هي اآلن نجمة في السماء

أهذا . أحسد المالئكة ألنها معهم و بين ظهرانيهم, إنها هناك تنظر إلينا: يضحك

طبق لحم محمر؟ دون أي تردد و ألني لمست من نبرة صوته مدى حبه لها و

129

أعطيته الطبق و ... الحب لفرحه أنها مازالت تراقبه من األعلى كيف ترجم ذاك

, ألنك عرفتها خيرا مني, ألنك أحببتها أكثر مني... كان لها و هو لك اآلن: قلت له

تفاهة ماض .... ألنك شعرت بلمستها و حنوها وهو الشيء الذي حرمت منه بسبب

.و ألم يعتصر داخل حناياي قلتها. و مشاغل حياة ال معنى لها, لم أنتهي منه يوما

توجهت بقدمين كأنهما حديد صلب ال يرتفعان لماما من على اإلسفلت الذي تفوح

و ركبت سيارتي متوجهة نحو المستشفى ... العنجهية, الكره, منه رائحة االمبالة

كنت أرتعش من شدة ... فقادوني نحو براد الموتى, تياش روشكامان: أسأل عنها

لذي تعنيه لي هذه السيدة العجوز التي لم أعلم اسمها قبل أقل من ما ا... الخوف

ال بد و أنك ابنتها؟ طفقت أنظر إليه و عالمات الذهول : سألني الممرض.. ساعة

و لم يكلف الممرض نفسه عناء النظر إلى ... آثرت الصمت... تطفر من وجهي

.وجهي للتأكد مما أصابني و ال إن كنت قد عدت عليه بجوابي

و يالها من _عندما فتح إحدى أبواب المبرد الشبيهة بخزانات الصاالت الرياضية

لم , سحب المنصة التي عليها الجثمان كمن يفتح علبة سردين_ سخرية في التشبيه

يعبأ إن كان هذا سيزعج جسدا غادر من توه دنيا األحالم و الترهات عائدا موطنه

: باغتني بصوته األجش. ل مغطى باألبيضوقفت أنظر إلى شيء طوي... األصلي

لم تعد رجالي , سرت رعدة قوية. سأكشف الغطاء عن وجهها و أتركك معها برهة

131

ثغر يفتر عن ابتسامة ... قادرتان على حملي عندما رأيت وجه أبيض و ليس قمحيا

عادت بي ... وجهها كان لشابة ال لعجوز تناهز السبعين من العمر... سكينة و وقار

ماض كنت قد هربت منه منذ زمن طويل حيث تركت بعده وحيدة أصارع إلى

... و بكيت... قبلت جبينها المثلج... اقتربت منها. حياتي دونما اهتمام أو رعاية

ألم قد قطع أوصالي و دمر شراييني و تركني خربة كما قانا و ... حرقة... بندم

ي لم يبقى منها سوى أعمدة أحسست بنفسي مدينة بابل المهجورة و الت... غزة

لكن أين األهمية فيها؟... متآكلة و حجارة مهدمة توصف باآلثار المهمة

لكنها كانت ماضي الذي لم أمسك به يوما أو أعش لحظته بهذا ... لم أعرفها حقا

. الوعي القاتل المدمر

من ... .علمت حقا... أين نحن؟ من نكون؟ في تلك اللحظة فقط تراءى لي مستقبلي

.أنا..... هي

08/10/2011

131

وقت ضائع

ليعود االتصال زر يضغط تارة.. بيده الهاتف يحرك بقي.. ساعته في مطوال نظر

بدأ .أبدا يتغير لم أشهر مذ حاله.. و تارة يطارد أفكاره عبر النافذة مجددا فيطفئه

لم العالم هذا في حوله اعم تماما غائبا ببصره يسرح.. أرقه ازداد.. الوزن يخسر

تماما به تشعر أنها موقنا كان فقد منه قريبة تكون عندما جسده لحركات بهيتن يعد

تتكلم حين يراه من كل لدى مسموعا طربا عيناه ترقص.. بوجودها قلبه يخفق كما

ثلجية عواصف من يعتريه بما ليخبرها الجرأة تخونه .أذنه يناجي صوتها يسمع و

عنه بعيدا بالفرار تلوذ خوفا من أن تعرفه أن يريدها ال ما شيء من خائفا تذروه

بعث وحدها.. نعم.. وحدها اسطاعت بعدما مظلما باردا الفاره قصره له تاركة

من حققه ما بكل الفرحة طعم من ألذ لديه الموت بات عجاف سني بعد ..فيه الدفء

.أرقه.. همه.. حزنه.. فرحهل تهتم أنثى دون وحيدا نجاحات

ذكر لمجرد يسكر بات حتى عشقها في أغرقه ما كأنثى كبريائها بشدة عالما كان

تتعمد مادعن توتره شدة من أضالعه يمزق قلبه ضربات سماع تستطيع.. اسمها

يجعلها حديث أي بدء أو األرض على بحذائه األرض ضرب يحاول.. تجاهله

فتحاول جميعاصافيا يشفي علله إلهياعسال عينيها لون من ليرشف إليه تنظر

أن دون الرائق بحرها في يغرقه ما محببان حياء و بغنج نظراته تجنب بدورها

132

ليس و نفس ابرض غرقا االنتحار معنى عاش فقط اآلن.. .حتى نقاذاإل يطلب

.مجبرا

سألها (... إيالف) ؟خلسة بينه و بين ذاته اسمها لفظ يعشق كما به أتشعر أتحبه؟

(. عهد والميثاقال هو)بته بعنفوانها المعروف عنها فأجا.. ة عن معنى اسمهامر

حركة شفتيها كمن نوم مغناطيسيا على أنغام يذكر تماما كيف أصابه الذهان عند

... حيدا يستمتع بتلك المعزوفاتسلم موسيقي ساحر في صالة أوبرا كبيرة و

ما ارح جهها جراء أمارات وجهه السإليه بخبث أنثى و قد اعترى الحياء و تنظرف

.أعادها لمكتبها بهدوء تاركة له أحالم يقظته

إنما.. السبل من الكثير لديه كانت القادمة؟ حياته ينبوع يراها كما فارسا أتراه

تقبل لن أنها ثانيةل تفكيره لمجرد نهياراال حافة حتى يدفعه حياته سابق من خوفه

.قلبه

عبر يأتيه صوتها عل بصرهب لثمه و قلبه بشغاف إليه نظر.. الهاتف رنين جاءه

و األصدقاء فجميع.. للخروج يدعوه صديقه إنه الحظ خانه.. االتصال شبكة

.المعتادلنفي كسأل عنها فجاءه الجواب با.. مجتمعونالصديقات

يحترم فكان إحداهن مع الحديث أكثر إن إليهلمجرد أن تنظر بغيرتها موقنا كان

.معه األمر ذات حترامهاا التام لعلمه الحديث ينهي و مشاعرها

133

هربا معهم يخرج و ثيابه يرتدي جعله ما الهاتف على صديقه إلحاح عاده للواقعأ

.من كل األفكار التي ترمي خناجرها إليه دون رحمة تطفئ غليان الدم في األبهر

حاولتا.. سكنه يوما طيعاتست لم الذي الملتاع قلبه عن يعلمن صديقاته من اثنتان

دخل انتهت السهرة و أن ما لكن ,قدر المستطاع ذلك تمثلف.. فرحا لهجع هدتيناج

..آخره حتى ظهره أعلى من سرت قشعريرة هتخالج.. وحدته مدى أحس حتى بيته

نحو غرفته نافذة من نظر.. بالسرير جسده ارتطم ثيابه كاملب و غرفته صعد

تشتعل التي.. العطشى لألرض اإللهي العشق بومضات المضيئة الدامعة السماء

مناجاة سمع .البالية أرجاءه العشق نار أضرمت التي كقلبه األخرى و الفنية بين

طربا يهتز و كيانه يعصف كما.. المتكرر الرعد بقصف األرض لحبيبته الحبيب

الناعم البرد مع المطر حبات طرق .بطرف عينها له تبتسم صورتها رتذك ردمج

.مضت سنوات عشر دام موت بعد هحيات كدخولها غرفته شباك على

.. أجل! معها يبكي السماء قطرات تحت ليقف الشرفة نحو تجرانه قدميه وجد

عندما أبدا بيتهوفن يبك ألم.. مشاعر و أحاسيس يملك أال.. البشر من أليس.. يبكي

في آخر أيامه بعد أن بات السمع شبه معدوم إليه معزوفاته ألحب عشقا يتعذب

؟لديه

134

بها ينطق التي كلماته.. به يتحدث الذي صوته هي حياته من تبقى لما بالنسبة

ترحال بعد ستقرارلال ترنو التي نفسه و ذاته.. الفرح و باأللم الشعور هي.. لسانه

ما شغاف تملئ التي أين ...لكن أنثى تتمناه ما كل لديه بعمره رجال يجدي عاد ما

لجافة بماء المطر الذي طال غيابه و متى تفرح واحات الصحراء شبه ا ؟حناياه بين

.أكثر من نمو نبات الحنظل حول ضفافها

حديقتهم بتراب ممزوجا المطر رائحة بغرفته تعبق.. سريره في ارتمى و ثيابه بدل

و سريره الباردة وسادته يشاطرها أن يريد بمن يفكر أخذ.. السماء عطر و

؟عطره هي تذكر هل.. عطرها رائحة تذكر.. الثلجي

.. العينين عسلية.. البشرة حنطيه و ثيابها ختياراب متزنة.. لبه آسرة.. بسمتها ذةأخا

.وحدها منها ذوقها تستلهم الفرنسية األزياء دور لكأن.. اكسسواراتها

.أخيرا النوم غافله حتى يعلم ال.. يفكر لبث كم

من ذقي لم.. نعاسه على الحرب المنبه رنين أعلن عندما صباحا السادسة الساعة

وضع أن بعد المرآة أمام وقف.. منها األربع تتجاوز لم ساعات بضع سوى النوم

كل صباح عند ذقنه و وجنتيه يالطف الذي الناعم الوحيد الشيء.. الحالقة رغوة

نبات كل الفرات كما فتجرف الخشنة الحالقة شفرة بعدها لتأتي الزمن من عقد منذ

إرهاق آثار يمحى عله بارد بماء وجهه غسل .رأفة دون ضفافه عن محصول و

135

ستفكر األلوان بأي! هي.. سترتدي فيما التفكير محاوال الخزانة نحو توجه.. جفنيه

مدبرة منزله من طلب.. ثيابه يبدل و يجرب ساعة نصف من أكثر مضى اليوم؟

...حتى قهوة فنجان أي مرة يتجرع لم أنه األخيرة تنبهت !سكر دون قهوة كوب

.عمله عن تأخر أنه على حثها و ذهولها تجاهل أنه إال مصابها علم قد و إليها نظر

التي تلهم كل مفكر و الزكيةأو رائحتها ةليس حبا بحبيباتها المر قهوته شرب

.فقط ألجلها طعمها مرارة متجاوزا تحبها نلم حبا بل... كاتب و حتى عازف

.. بعد وصلت قد تكن لم مكتبه وصل ينحو .. ليراها سيارته يقود مسرعا خرج

ساعة أعلنت ثم منه بإجازة أنها ظن.. النهار نصف مضى أبدا؟ تتأخر ال هي

شهر لمدة بسفرها يخبره أذنه في صديقه همس سمع! العمل دوام نتهاءا المكتب

وال واحدة ... هناك ذويها مع فسافرت للزواج طلبها عائلتها قريب و أن اسبانيا إلى

.هناك تبقى أو تعود كانت إن تعلم قاتهاصدي من

عن عيناه توقفت ...و ثقل الجاذبية صدره في األكسجين اتذر بعدمية أحس

حتى ينطق أو.. يشعر.. يسمع يعد لم .قدميه في وضعت الدنيا أثقال كأنل.. الرؤية

.بالموافقة وعي دون رأسه هز ف بخير كان إن صديقه سأله. بآهة

ومطارق تنهال دراكا ...حنين بخفي عائدا.. صباحا أتى ثحي من خارجا اتجه

.على رأسه الذي بات ال يشعر بثقله بين كتفيه

136

كيف!.. لكن .نآخري ألسبوعين نقاهة له طبيبه طلب ثم أسبوعا الحمى الزمته

.عودة دون رحلت ربما أنها يقينا وعلمه األخير األسبوع سيقضي

نتهازا حاولت صديقاته إحدى أن حتى ..جدوى دون عنه التخفيف صديقه حاول

بعد نفسها على ةئمنكف و مهزومة فانتهت تلك ضعفه حالة بقلبه تفوز علها الفرصة

ال الرصاصة و.. أشواق و كلمة يكون أن قبل.. أخالق الحبأن : "أخبرها أن

".فورها من قتلت أصابت متى.. تسأل أن دون تصيب فهي ..أبدا تكذب

عينيه بريق مات.. حواسه تذبل و جسده يهزل ومازال لنقاهةا انتهاء على يومان

داخل أحد القارصأيام الشتاء المدفأة كحطب يحترق قلبه مازال و الخضراوتين

تبدأ عندما السل كمريض بات .البيوت في ناحية ما من جبال األلب العالية الوعرة

.جسده عن باالنفصال روحه

المتصل تخبر مدبرة منزله سمع.. الهاتف رن اعندم دقائق عشر و الرابعة الساعة

.صاحيا دالسي كان إن سترى أنها

في هنا ستل كأن و.. مريض كأن آلمها.. عادت أنها يخبره صديقه صوت جاءه

.قدومه حين استبقائها محاولة صديقه أمر و قاطعه..... .العمل

لنفسه ينظر نأ دون وجهه غسل أن بعد رياضية بيجامة ارتدى.. السماعة أغلق

أن هو فيه فكري ما جل و مسرعا سيارته قاد! حليق غير هو.. حتى المرآة في

137

لم يهتم سوى أن ...أبدا سيكون ما يعلم لم.. فقط رؤيتها يريد .بما تعنيه له يخبرها

.يلتقي بشمسه بعد ظالم حالك دام أسابيع بدقائق و ثوان قاتلة

حتى البناء خارج يقودها أن نهم طلب و بصديقه اتصل ساعة نصف من أقل

.يراها

.عقد مذ غيرها أنثى غوره تسبر لم الذي بحره مكنونات يديها بين يرمييريد أن

به أودى تعس بمعذب لتلتقي الحشد بين من إخراجها جهد بعد صديقه استطاع

.الهالك حد عشقه

هلصديق نظرت .ةمظل ةأي اأحدهم يملك ال.. دافئ ثلجب اممزوج اشديد المطركان

.شيئا تفهم أن دون ودعها الذي

قبال أحد يلفظه لم كما اسمها لفظ الذي الصوت ناحية نظرت"... اشتقتك إيالف"

من أخذ السهر.. عليه باد التعب كان.. الصيف فراولة بلون وجنتيها جعل ما أبدا

عينيه بريق خبا ..عهدته كما الذقن حليق غير أشعث.. مبتلة ثيابه ..عينيه جمال

كما استيطان استعمره و جسده أصاب قد التجفاف لكأن مخيفتين مغارتين في

.لعقود هنداالنكليز لل

عليه شديد المرض أن علمت ما.. له جرى عما تسأله مصدقة غير إليه نظرت

سمعت.. أمه فراق يخاف طفل بشدة ضمها.. ذراعيه بين بغتة أخذها .الحد لهذا

138

فجأة من مخدرة شبه أصبحت.. وعه فوق جبينها الباردو أحست حرارة دم بكاءه

.. زوجة أطلبك ": و فاجأها بقوله األزهار رحيق تجمع كنحلة يدها لثم ..الموقف

؟ أتمطرين نفسي سكنت نفسا يا بي أتقبلين.. أعيشه وقت منلي تبقى لما شريكة

أنهي أرجوك قوليها و (إيالف)على صحرائي ما يحيها بعد جفاف سنين؟ اآلن

".طاعونا أنهكني في بعدك عني

.. بعد أن ألقى بثقل جبل طارق عليها و ارتاح هو من عبئه... إليه نظرت ذاهلة

الرصيف فتوسدت جسدها حمل عن قدماها خانتها.. بعقلها أخذت السماء صاعقة

. ..سنتان انتظرتك: "الباردتين يديها بكلتا رأسه حضنت أن بعد واحدة بعبارة تلومه

!"اآلن لمف

دون حبس الذي صوتها مكان الرعد صوت أخذ.. بكائها المطر شدة حجبت

أخيرا اليمنى يدها رفعلت ت زائغة البصر بعينين محتقنتينكم بقيت من الوق ..رجعة

.األيمن بنصرها زينت قدتدلهم الطامة عن ماسة ف إليه

تجعل لحظة أن مؤلم كم هوو .. معنى ضياعه! قيمة الوقت... عرف لحظتها فقط

.الخوف من سعادته كابوسا لم تبق من حياته

139

دون لكن يدري منهما أحد ال الوقت؟ من كم.. الطريق قارعة على جنبا جلسا

فقد تركا العزف لحبات السماء المرتطمة على زجاج .. .بينهما يعزف واحد حرف

.السيارات و أرصفة الطريق الخاوية من أي حياة بشرية

72 - 72 – 2002

141

الفهرس

وجه آخر للحياة -5 أسبوعان فقط -41

الثقب األسود -55 أو لست الرجل؟ -15

رصاصة تسأل القتيل -14 بعثرة النهايات -16 ستائر خرق اء -76 ةغباء األمير -61

فقد اإلحساس -14 لوحة إلهية -15

ال نتخلى عنه ام -414 مجتمعنا واضح -411 معنى الوحدة و االنتظار -442 من نحن؟ -441 وقت ضائع -454