94
ساننوق ا ميزان الديمقراطية وحقة_فيميس الحركة ا1

دولة الحركة الإسلامية في السودان

  • Upload
    -

  • View
    328

  • Download
    17

Embed Size (px)

DESCRIPTION

لقد أثار تطبيق حكومة الإنقاذ الوطني السودانية الإبن الشرعي للحركة الإسلامية السودانية للديمقراطية وحقوق الإنسان جدلا واسعا داخل السودان وخارجه مما فتح الباب واسعا لمجموعة من الأقلام والكتاب لتسليط الضؤ علي تجربتها في الحكم وقد توصلت أغلب هذه الكتابات بما فيها هذا البحث لفشل التجربة فشلا ذريعا في النقطتين الأساسيتين (الديمقراطية وحقوق الإنسان) , و

Citation preview

Page 1: دولة الحركة الإسلامية في السودان

الحركة اإلسالمية_في ميزان الديمقراطية وحقوق اإلنسان

1

Page 2: دولة الحركة الإسلامية في السودان

الحركة اإلسالمية_في ميزان الديمقراطية وحقوق اإلنسان

2

: يوسف عبد هللا ريحانتأليف

Page 3: دولة الحركة الإسلامية في السودان

الحركة اإلسالمية_في ميزان الديمقراطية وحقوق اإلنسان

3

بسم هللا الرحمن الرحيم

المقدمة

م الحالة 9191يونيو 03عندما إنطلقت المارشات العسكرية تدوي في فضاء تلفزيون السودان يوم الجمعة البالد, كان سمع وبصر الشعب السوداني متحفزا المتكررة في المشهد السوداني إعالنا عن تغير عسكري في

لتلقي الخبر اليقين, واألسئلة الحيري ال تكف تسأل عن مآالت الوضع الجديد.

وقد كنا في ذلك العهد صغارا لم نبلغ الحلم بعد, وإن كنا في نهاية سني الطفولة, والتي دعتني بما تبقي لها .ه؟من وراء الوقت عن ماهية هذا اإلنقالب وعمن يقف عندي من عهد ووفاء, لطرح سؤال برئ بلغة ذلك

وال أكاد أجزم بأن عموم اإلسالمين قد كان لديهم علم بذلك اإلنقالب, إال أن فطنة الشعب السوداني بجميع طوائفه وإتجاهاته, قد بدأت تتكشف عندها خيوط نسجتها مع بعضها البعض علي المستوي الشعبي, بعيدا

إلي في آخر المطاف ى, أدت التنظيمات السياسية األخر ودهاليز عما كان يجري من تكهنات داخل أروقة كشف الخطوط العريضة عن كنه هذا اإلنقالب..فكان جواب سؤالي هو:

إنهم...اإلسالمـيون؟؟

ولئن طلب مني علي المستوي الخاص رسم صورة عما تبادر إلي ذهني عن هؤالء القادمون الجدد, فان تفاصيل هذه الصورة سوف تكون كما يلي:

الخيل, يحملون سيوفا وسهاما وعدة حرب بدائية, يعتمرون عمائم بيض, رجال ملتحون, يمتطون صهوات المشهد. يرها من تفاصيل تصلح لذاتيتحدثون لغة عربية, وغ

وقد عزز من رسم هذه الصورة, ما قرأناه في المدارس عن السيرة النبوية وسيرة الصحابة الكرام, وتاريخ الثورة المهدية وأتباعها الدراويش.

ومن هو عمر ,من هو حسن الترابي لم أكد أعي بعد بخاطري وأنا في بواكير عمري تلك الصورت لو قد جاسببا أساسيا في والتي كان عدم إحكام العالقة بينهماالبشير, وما هي العالقة بين اإلثنين )المفكر والقائد(,

قد أخذت من تفكيري , كما ال أنكر أن هذه الصورة السودانية ةنقالب ضرب وحدة الحركة اإلسالميأخطر إ الكثير, وإمتدت في ذهني لبعض الوقت.

Page 4: دولة الحركة الإسلامية في السودان

الحركة اإلسالمية_في ميزان الديمقراطية وحقوق اإلنسان

4

لقد كانت ثورة اإلنقاذ الوطني إبنة الحركة اإلسالمية حلما تعلق بخيوطه الكثير من أبناء السودان, ليصيغ الحياة ثيرين بإستثناء في هذه الحالة, ويصبغها بمنهج إسالمي يوازن بين مطلوبات الروح والمادة, ولم أكن كما الك

شروعالم)الكثير من حاالت التناقض في تقاذمت األحالم, بعد أن ظهرت ولكن وبعد سنوات من عمر التجربةإبراز المشروع اإلسالمي الذي اإليفاء بمطلوبات الروح والمادة, الذي من مهامه الرئيسية بعد و الحضاري(,

اء الراشدون( في ثوب حداثي معاصر في شكله, تراثي أصيل في جوهره, يمثله نموذج )الرسول الكريم+ الخلفمما أبرز مفردات الديمقراطية وحقوق اإلنسان وجعلها حاضرة كعناوين بارزة, كلما تبادر إلي الذهن كيفية بناء

الدولة في العصر الحديث.

( قد نجحت بدرجة مقبولة في وما أظن أن التجربة في النقطتين األساسيتين )الديمقراطية وحقوق اإلنسانإحداث توازن بين الرصيد الفكري والنظري الذي أسسته الحركة اإلسالمية قبل قيام إنقالبها, والرصيد العملي

التطبيقي المتناقض الذي كان ملئ السمع والبصر داخل السودان وخارجه.

في الحكم كأطول فترة حكم يقضيها نظام منذ أما في الفترة الزمنية التي مكثتها دولة الحركة اإلسالمية )اإلنقاذ(في أخري خيرا, وأصابت في بعض األيام جرت الكثير من المياه تحت الجسر, أصابت فقد إستقالل السودان,

شرا كثيرا.

إال أن المشروع وكنتاج طبيعي لتغير شكل الحياة مع مرور الزمن كسنة ربانية, مع عدم تجديد دماء المشروع , وما ضرب الحركة اإلسالمية من إنشقاق كاد يذهب بريحها, مع عوامل أخري متعلقة بطبيعة شكال ومضمونا

الدولة السودانية السياسية والثقافية والفكرية, ذات التضاريس الوعرة, ساهمت جميعها إلي حد كبير في إحداث خلل بالمشروع فضعف وشاخ وأصابه الوهن.

حدثت جدال واسعا داخل السودان وخارجه, مما إستدعي النظر..ثم فكان البد من دراسة هذه الحالة التي أإعادة النظر في كل المشروع, أو في واحدة من جزئياته, ألخذ الدروس, وإستلهام العبر, وذلك ألن ما خلفه

المشروع من آثار مدمرة علي المواطن والوطن, كان أكبر مما يتصوره عقل, أو يتكهن به شخص.

البحث المتواضع الذي أركز فيه علي نقطتين أساسيتين )الديمقراطية وحقوق اإلنسان(, وإني إذ أكتب هذا وعلي التناقض البين بين الفكرة والتطبيق ال أدعي إحاطتي بكل جوانبه, وال أدعي لنفسي تفردا في قضية تناولها

من لا أظن أنه من قبلي مفكرون وكتاب كثر, مثلي ومثلهم كنقطة في محيط أو دون ذلك, ولكني علي مالواجب علي وعلي غيري البحث في جوانب القصور التي الزمت المشروع وما أكثرها وما أفظعها من باب

(, حتي ولو تكررت العناوين وتشابهت التفاصيل فإن الذكري تنفع المؤمنين.رحم اهلل امرأ أهدى إلي عيوبي)

Page 5: دولة الحركة الإسلامية في السودان

الحركة اإلسالمية_في ميزان الديمقراطية وحقوق اإلنسان

5

في جوانب القدرة واإلبداع والصنعة اإللهية ولقد مهدت لهذا البحث المتواضع في الفصل األول, بإبراز, وذلك بإبراز , ودقة الصنعة التي تنتظم الكون بسمائه وأرضهفكرة الخالفة معذلك اإلبداع , وإتساقالخلق

معاني الخالفة واإلمامة, وما ورد فيهما من معاني ودالالت, ثم تسليط الضوء علي الخلفية التاريخية عن الحركة السودانية المعنية في المقام األول بالبحث, وذلك بالقاء الضوء عليها وعلي تاريخها في بعض العهود اإلسالمية

حتي وصولها مرحلة الدولة.

أما الفصل الثاني فقد ركزت فيه علي أهمية الدين في قيام الحضارت وبناء الدول, وبما أن مشروع دولة الحركة أو هكذا ق حضاريوإحياء ديني في األساس, ومنصة إنطال اإلسالمية )المشروع الحضاري( مشروع بعث

يفترض أن يكون, فقد أشرت إلي التاريخ الديني المرتبط بالدولة السودانية منذ عهود الممالك المسيحية واإلسالمية وصوال إلي الثورة المهدية ثم الحكومات الوطنية وقوفا عند دولة الحركة اإلسالمية )اإلنقاذ(, مع

علي وجه ت بها الحركة اإلسالميةحركات التحرر واإلحياء الديني التي الزمت المنطقة, وتأثر ذكر لبعض الخصوص.

الجوانب الفكرية النظرية, والمجهودات التأصيلية اإلسالمية لمفهومي فيه فقد تناولت أما في الفصل الثالث, والتي كانت علي إتفاق ياوخارج يالالديمقراطية وحقوق اإلنسان من قبل بعض مفكري الحركة اإلسالمية داخ

بدرجة عالية معهما, ثم اإلنطالق في الفصل الرابع للنظر في الجوانب التطبيقية العملية, وتبيان التناقض الذي .كبر في التطبيقوبصورة أ ,ظهر جليا سواء في الفكرة

ثغرات في -الحركة اإلسالميةإفادات د.عبد اهلل النفيسي الذي إعتبر في كتابه ) في هذا اإلطار فندتوقد فكريا وعمليا, وهو الطريق(, أن الحركة اإلسالمية السودانية تلتزم نهجا إستراتيجيا في تعاملها مع الديمقراطية

, مما يرجح كفة التعامل التكتيكي أكثر من اإلستراتيجي, وفقا لما ما أثبتت الكثير من المواقف عدم صحته يمقراطية للحركة اإلسالمية من مصالح. تقتضيه الظروف, وما تحققه الد

ثم أشرت في آخر الفصل لألسباب التي أدت إلي فشل دولة الحركة اإلسالمية في تطبيق الديمقراطية وحقوق اإلنسان, وإنعكاسات هذا الفشل علي المواطن والوطن.

ي أني قد إعتمدت علي بعض المراجع المتوفرة في الشبكة اإللكترونية, من كتب وبحوث كما أود أن أشير إل فعليكم مراجعته إذا أردتم لإلطمئنان. علي سبيل المثال,قرطبي بعض منها غير متوفر علي ترقيم, كتفسير ال

ت, وقد بذلت فيه وعلي العموم فان كتابة بحث لموضوع هام ومعقد كالذي تناولناه, ليس من السهولة كما ظننقدر إستطاعتي, فإن وفقت فمن اهلل, وإن أخفقت فمن نفسي والشيطان, وهو بين أيديكم مطروح للنقاش

والمراجعة, وبيني وبينكم كل أدوات التواصل, وإني لمتسع الصدر لكل اآلراء واإلنتقادات التي قد توجه له,

Page 6: دولة الحركة الإسلامية في السودان

الحركة اإلسالمية_في ميزان الديمقراطية وحقوق اإلنسان

6

إلحترام المتبادل وسالمة الصدر منبسطة بيننا ومتقبل لكل نقد موضوعي أو غير موضوعي مادامت مساحات ا إنشاء اهلل.

يوسف عبد اهلل ريحان

م3390أغسطس 91األربعاء

هـ9101شوال من العام 7الموافق

Page 7: دولة الحركة الإسلامية في السودان

الحركة اإلسالمية_في ميزان الديمقراطية وحقوق اإلنسان

7

الفصل األول

تمهيد

يحصيه ألن محدودية نوتعالي في خلقه فنحن نجد نظام وإبداع اليستطيع عقل بشري أاهلل سبحانه بدع لقد أوما ك )لي ذلوأسرار هذا اإلبداع وقاصرة ألنها ال تملك األدوات التي تؤدي إالعقل عاجزة عن سبر أغوار

(.أوتيتم من العلم إال قليال

كب السيارة ا لكو انسبة الخطا(, فعرف ما يطلق عليه العلماء )فالنظام الكوني كله يسير وفق منظومة ربانية الت ,غاية في اإلبداع تجري وفق نظام ودقة ربانية ,الكون وحتي قيام الساعةاهلل ن خلقمنذ أو فالك واالنجم واأل

وجبال ونباتات وحيوانات ا من بحارمرضه ومافيهأو بسمائه وعلي ذات النسق بقية أجزاء الكون الال منتناهي ال عظيم وقدير هو اهلل.إ أن الذي خلق كل هذا ما هولي حقيقة إ ذلك كله قودنالي ,وفضاء

بداع الدال علي موجده.التي تدلنا علي التدبر والتفكر إلكتشاف هذا اإليات ن الكثير من اآلآوفي القر

:علي التدبر في الكون ثيات التي تحفهنالك الكثير من اآل

التي تجري في البحر واألرض واختالف الليل والنـهار والفلك إن في خلق السموات ) فالمولي عز وجل يقول:ا من كل دابة وتصريف بما ينفع الناس وما أنزل الله من السماء من ماء فأحيا به األرض بـعد موتها وبث فيه

(البقرة(961آليات لقوم يـعقلون )الر ياح والسحاب المسخر بـين السماء واألرض

ا إن في ومن آياته يريكم البـرق خوفا وطمعا ويـنـز ل من السماء ماء فـيحي به األرض بـعد موته قول تعالي )وي (الروم(31ذلك آليات لقوم يـعقلون )

:لي التدبر في النفسالتي تدل عيات ومنها اآل

ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر رب ي وما أوتيتم من العلم ), (الذاريات(39وفي أنفسكم أفال تـبصرون )) ( وضرب لنا مثال 77أولم يـر اإلنسان أنا خلقناه من نطفة فإذا هو خصيم مبين )), (اإلسراء(98إال قليال )

( 71ليم )( قل يحييها الذي أنشأها أول مرة وهو بكل خلق ع 79ونسي خلقه قال من يحي العظام وهي رميم )واألرض ( أوليس الذي خلق السموات 93الذي جعل لكم من الشجر األخضر نارا فإذا أنـتم منه توقدون )

( 93إذا أراد شيئا أن يـقول له كن فـيكون ) ( إنما أمره 99بقادر على أن يخلق مثـلهم بـلى وهو الخالق العليم ) .يس((90فسبحان الذي بيده ملكوت كل شيء وإليه تـرجعون )

Page 8: دولة الحركة الإسلامية في السودان

الحركة اإلسالمية_في ميزان الديمقراطية وحقوق اإلنسان

8

:يات التي تدل علي التفكر في مخلوقات اهللومنها اآل

هم من والله خلق كل دابة من ماء ) :يقول تعالي هم من يمشي على رجلين ومنـ هم من يمشي على بطنه ومنـ فمنـ النور((18يمشي على أربع يخلق الله ما يشاء إن الله على كل شيء قدير )

جناحيه إال أمم أمثالكم ما فـرطنا في الكتاب من شيء ثم إلى رب هم وما من دابة في األرض وال طائر يطير ب ) , وغيرها الكثير من آيات التفكر واإلبداع اإللهي.(األنعام(09يحشرون )

من خرجانب آلي إامل في آيات الكون والنفس إلي التامل في آيات أخري لننظر ذا نظرنا بعد التإلذلك فو ,النمل والنحل عالم علي سبيل المثال ال الحصر والذي نخص منه ,عالم الحشرات لهي فيجوانب األبداع اإل

لوجدنا نظاما عجيبا ينتظم مملكة كل منهما علي حدة.

مئات الف الشغاالت وعدة ي مملكة النحل توجد الملكة وآفف ,داري بديعيقوم علي ترتيب إ فالنظام هنا وهناكوالشغاالت والجنود ناث و الذكور واإلل والتي تتكون من الملك والملكة أوكذلك في مملكة النم ,من الذكور

ئمة عليه كل من مملكتيهما تتبع االنسان هذا النظام القاإذا و ,عضاء المملكتين دور يؤديهولكل واحد من أ ن يكون هنالك نظام بشري بهذه الدقة.لتمني أ

الئكة في السماء,مسجد له ال, وأفي األرض نساناإل اهلل فإستخل ,وخلقهتقن صنعه وأبدع اهلل وبعد أن أ ب لغضب من الفساد الموج ن تصون الحياة وتحفظهانها أم بالتكاليف التي من شأليقو وكرمه وسخر له الكون,

خرة.اهلل وسخطه في الدنيا واآل

لهي الذيانية تتسق مع اإلبداع اإلن الخالفة ظاهرة ربليس فقط من منطلق أ خالفهنا تنبع أهمية اإلستومن رض وفقا للمنهج اإللهيألر اعماإل تكليف رباني بل كذلك لكونها كما اشرنا انفا, ينتظم الكون بسمائه وأرضه

.الربانيةواهي وامر والنشرائع والنظم وجملة األبال

وما ) نبياءنسان بلغه منهج اهلل عبر الرسل واألحياة كامل ملزم به كل إم هي منهج ن الخالفة بهذا الفهوبذلك فإعث رسوال ) بين حتى نـبـ دم عليه بدا من هبوط سيدنا آ يلنساني الطو عبر التاريخ اإل اإلسراء((98كنا معذ

أن )ونحن نستطيع ان نقول حتي ختام الرسالة عبر سيدنا محمد صلي اهلل عليه وسلم حتي قيام الساعة ,السالمجوهر فلسفة النظام اإلسالمي يتمثل في نظرية الخالفة اإلسالمية التي تحق مبادئ ومقاصد اإلستخالف اإللهي

وإذ قال ربك .)رض..العمران فاهلل سبحانه وتعالي قد إستخلف اإلنسان لعمران األمانة لإلنسان في حمل أأمانة خري قد حملألن هذا اإلنسان دون المخلوقات األالبقرة(, (03) ل في األرض خليفة للمالئكة إن ي جاع

ها وحملها إنا عرضنا األمانة على السموات ختيار والمسئولية )اإل واألرض والجبال فأبـين أن يحملنـها وأشفقن منـ

Page 9: دولة الحركة الإسلامية في السودان

الحركة اإلسالمية_في ميزان الديمقراطية وحقوق اإلنسان

9

( فكان حمله المانات العمران إختيارا وكان قيامه بهذا العمران األحزاب (73اإلنسان إنه كان ظلوما جهوال ) 9ختيارا ال تسخيرا كما هو حال غيره من المخلوقات(.إ

التفريط في لم ينفرط عقد هذه المعالم ويحدث): مة فإنهبمثابة الوعاء الجامع لأل همية الخالفة التي هيوفي أعمار الغربي لرمز الخالفة اإلسالمية وتحطيمه لوعاء وحدة األمة ودار ستسالمية إال باسقاط اإلالفرائض اإل

سالمية فريضة عادة دولة الخالفة اإلم( األمر الذي يجعل من اليقظة اإلسالمية إلي إ9131-هـ9013اإلسالم) 3من الفرائض(

بالنسبة لالمة.هية الخالفة وذلك مما يدل علي أ

-كرها في القران الكريم:الت الخالفة والخليفة التي ورد ذ فما هي معاني ودال

تية:ة نجد المعاني اآليلهذه اآل 0...( ففي تفسير القرطبيوإذ قال ربك ): يقول تعالي

اهلل عليه وسلم الذي ( بمعني خالق, وقد قيل في معني االرض انها مكة, وذلك من حديث النبي صلي جاعل ) رواه بن سابط قال: )دحيت االرض من مكة( ولذلك سميت ام القري

ما معني خليفة يكون بمعني فاعل أي يخلف من كان قبله من المالئكة في االرض, او من كان قبله من غير أ ن.المالئكة, وقيل يجوز ان يكون خليفة بمعني مفعول اي مخلف, والخلف )بالتحريك( من الصالحي

( في قول بن مسعود وابن عباس وجميع اهل التاويل آدم عليه السالم وهو خليفة خليفة ما المقصود بكلمة )أ اهلل في امضاء احكامه واوامره.

م بل تتعداه إلي ذريته من دم عليه السالعلي عدم وقف الخليفة علي سيدنا آ خريكما دلت بعض اآليات األ((, 36)ص: يا داوود إنا جعلناك خليفة في األرض وذلك مصداقا لقوله تعالي : ) بياء والرسل والصالحينناأل

( اي يجعل 88-....النوروعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنـهم في األرض وقوله تعالي ) .منهم خلفاء الي غير ذلك من اآلي

ه الكلمة وتنفذ به ية اصل في نصب امام وخليفة يسمع له ويطاع لتجتمع بهذه اآلطبقا لقول القرطبي فان: )و ( انتهي.احكام الخليفة

بهذه المرتبة من األهمية فان الحركات اإلسالمية الحديثة لم تكن غافلة عن أهمية إقامة ولما كانت الخالفةلحين صواحد حيث ظلت هدفا يرواد المجددين والم لمسلمين في صعيدسالمية التي تجمع شتات االخالفة اإل

ة رمز الوحدة ن الخالف)إن األخوان يعتقدون أ: ورد محمد عمارة حديثا لالمام البنا في هذا السياقأوقد

Page 10: دولة الحركة الإسلامية في السودان

الحركة اإلسالمية_في ميزان الديمقراطية وحقوق اإلنسان

10

أمرها سالمية يجب علي المسلمبن التفكير في االسالمية ومظهر اإلرتباط بين أمم اإلسالم وإنها شعيرة إ 1(هتمام بشانهاواإل

ها هدف سامي البد من تحقيقه فقد إختلفت في همية الخالفة كونفقت جميع الحركات االسالمية علي أتوإن إ بتداء من الدولة, وبين من يرون إقامتها تدرجا إليها )الخالفة( بالقفز علي المراحلالوسائل بين من يسعي إ

سالمية وذلك في واقع تباعدت فيه الشقة بين التيارات والنظم اإلالقطرية التي هي بمثابة النواة إنتهاء بالجامعة ختالف توجهاتها التي تحكمها.سالمي علي إالسائدة في العالم اإل

بدا بتحقيق ن تفالطريق إلي إقامة وإستعادة الخالفة اإلسالمية المحققة لفلسفة اإلستخالف اإلسالمية...البد أ)...ثم تنطلق من الدائرة الوطنية إلي الدائرة القومية فالدائرة اإلسالمية ة دولو عدهذا النموذج في دولة إسالمية أ

8(سالمالمحققة لوحدة األمة دار اإل

كما جاء في ا لم تغب عنهاسالمية )النواة( حاضرة في ذهنهولة اإلسالمية السودانية ظلت فكرة الدإلوالحركة ا)أما مرحلة اإلنتشار فكنا نريد بها النفاذ إلي مواقع النفوذ :الترابي المتعلقة بإستراتيجية اإلنتشار إفادات د.

عندما إنخرطنا في حركة المجتمع كان البد من خطوة جادة أخري نحو أهدافنا وتطبيق برامجنا, .والتوجيهوهو ساحات المؤثرة في مصير البالد,وكانت إستراتيجية اإلنتشار هي خطتنا لذلك, وهو إنتشار شامل, وفي ال

6(تمهيد لمراحل متقدمة من التمكن بمعني والية السلطان وإستكمال كل أبعاد المثال اإلسالمي للمجتمعا إندماجهال تدعم فكرة والتي خوان المسلمين التاريخية مع التنظيم العالمي لألوذلك علي الرغم من تجربتها , كما شاع ايضا في فكر وسلوك سالمنتهي إلي قائد مركزي يدير شئون دار اإلتي تفي كيان الخالفة اإلسالمية ال

الحركة اإلسالمية في إدارة الدولة السودانية, قربها من المدرسة الفرنسية ذات الصبغة الفدرالية, وبعدها عن المدرسة البريطانية األقرب إلي تمثيل المركزية.

ننا سنركز في هذا السياق ي معني الكيان الجامع )الخالفة( إال أشارات فإعلي الرغم مما تقدم ذكره من إال أنه اربها فكارها وتججملة أ سالمية السودانية والتي تعبر عنطرية التي تديرها دولة الحركة اإلعلي الدولة الق

لك ال وإن كان ذفي ظل دولتها )المشروع الحضاري(, طلقت عليهالتاريخية وعن برنامجها اإلسالمي الذي أ لخالفة التي هي الهدف اآلخير من قيام الدولة.ألهمية ا يدل بحال إغفالها

تميزت دون الحركات األخري علي مستوي الداخل السوداني والخارج العربي لسودانيةا إن الحركة اإلسالميةها مع النظم تاضالسابقة التي خ الي تجاربهبالكادر البشري المؤهل أكاديميا وتنظيميا باإلضافة إ واألسالمي

)فان ما ن العقباتم ثيرجتياز الكا مكنها فيما بعد من إدارة دولتها وإالديمقراطية والشمولية علي حد سواء مملحركة حزبية عقائدية ن تهيايتوافر للحركة اإلسالمية السودانية من عناصر إلدارة الدولة والحكم لم يسبق قط أ

Page 11: دولة الحركة الإسلامية في السودان

الحركة اإلسالمية_في ميزان الديمقراطية وحقوق اإلنسان

11

عشرات فهي حركة هيات ... فريقياو تقليدية أقدمت علي تسلم السلطة باإلنقالب في العالم العربي أو إ 7(دارة والجهادالكوادر في كل مجال من اإلقتصاد إلي الفنون ومن اإلعالم والسياسة إلي التعليم واإل

يمية ودفعها ظبطاقة دفع قوية ليس فقط بدفع كوادرها التن دارة دولتها التي ولدتإمهد لها الحقا من وذلك قدذلك بالنفس الديني نقالبها, بل كبة من عهد إالديمقراطية الثالثة القري واخر عهدالشعبي الذي ظهر في أ

التطبيق ختبار إل تراتها األولي علي الرغم من تعرض هذا الميالدبصورة أوضح في فو به تتسموالروحي الذي إنسان وصون حريته الدينية واإلنسانية التي تتفق جملة مع إحترام حق اإلتوافق مع القيم والمبادئ يلالعملي

سالمية من خالل تجربتها نموذجا يحتذي.ان لم تضرب فيهما الحركة اإلاللذ

من تحقيق نموذج مال العراضأفضت عدة عوامل فيما بعد من إضعاف الدولة أو علي األقل من ضمور اآلوقد بالثورية التي كان لها الدور األكبر في تغذية ورفع سقف تسم التغير , خاصة وقد إحكم الراشديحتذي في ال

بتبايناته صطدمت سريعا بالواقع السوداني المعروفوالتي إ ,ادة التنظيم والمؤمنين بهمال والتطلعات لدي قاآل صال فيما في زيادة بؤر الصراع الملتهب أخري دورا هاي لعبت هي األوالت ,المتعددة الدينية واإلثنية والثقافية

جيج الصراع في وتأ السودان جنوبعدة نواحي كان أبرزها إنفصال والذي تمظهر في ,اجيجيهالسودان وتأ .دارفور

اخلية رتباط بين مكوانتها الدة في معاقلها الداخلية وهو فك اإلهم الذي ضرب الحركذلك فضال عن العامل األي تناثر حبات لأدي في آخر المطاف إمما ,الدولةدارة فكار في شكل إجملة من الرؤى واأل نتيجة خالفات في

من ضمن ثالث قوياأل بخالف يعتبر هو (,م9111وطني عام -)شعبي لي شقينالخرز بإنقسام الحركة إ .لها الحركة في تاريخها منذ الميالد نقسامات تعرضتإ

وقت مبكر في سالمية في تاريخها الطويل وبمسمياتها المختلفة خاضت غمار العمل العام منذوالحركة اإلصناف قد تجرعت الحركة في تلك الفترات الوان وأو ,(الثقافية...الخ-الدعوية-مجاالته المتعددة )السياسيةالمال حتي قبل مجئ طعم بريق السلطة و في المقابل كما ذاقت ,نعدام الحريةعدة من الكبت والتضيق وإ

ني الحق اما تمثله رمزية الصالة من مع خر معلي حينا وذاقت طعام معاوية حينا آفصلت خلف ع ,نقاذدولتها اإلوذلك بعيدا عن تكوين ,طة والثراء والترفطعام من السلوالمبادئ والقيم المعنوية السامية وما تمثله رمزية ال

زالت. موقف في قضية شغلت المسلمين طويال وما

ن الغرض تيبا زمنيا( فإحداث تر حدة من معانيه )ترتيب لألطار الحديث عن التاريخ والذي هو في واوإن كنا في إهداف معرفية ذاتية بحتة بغض النظر عن الفوائد المرتجاة منه مما يدخله كتابة وقراءة التاريخ قد يكون بأ من

Page 12: دولة الحركة الإسلامية في السودان

الحركة اإلسالمية_في ميزان الديمقراطية وحقوق اإلنسان

12

لحياة والسعي للتطور والتجديد أن يقرأ التاريخ ألخذ ا جدي في مسيرةاألو , ولكن األوفقففي دائرة التر ستشراف المستقبل.ستخالص الدروس لبناء وإالمواعظ والعبر وإ

سالمية السودانية لم تستفد كثيرا من تاريخها ن الحركة اإلأ الشديد وتأسيسا علي ما سبق فإننا نجد ولألسف دبع قتضيأو باإلثنين معا مما إ ,أو بقراءته ولكن بدون فهم وتأمل ,ةوذلك ربما لعدم قراءته بالصورة الكافي

بلغ مثال علي ما بها في العهد المايوي أوربما تجار ستخالص الدروس والعبر,ذلك عدم القدرة علي إستنباط وإ ذكر.

اصلة حتي وأخيرا المف ,ثم المشاركة في النظام ,لمصالحةفا ,ضةر االمعفقد تقلبت الحركة في ذلك العهد بين م.9198نهيار النظام بثورة شعبية في ابريل إ

والتي كانت الحركة طرفا م, 9170نقالبية التي قادتها الجبهة الوطنية محاولة اإلما المعارضة فقد توجت بالأم فقد أدت إلي 9177ة حما المصالتهت إلي الفشل وإستشهاد بعض خيرة منسوبيها, أنأصيال فيها والتي إ

كانت قد ما المشاركة ف, أثره مجموعة ليست بالقليلة من جسم الحركةي صفوفها خرجت علي إإنشقاق كبير فكتوبر في إ فقد كانت خصما علي مشاركتها ,ن مكاسبمع نظام عسكري شمولي ومع ماحققته للحركة م

الحكم ام مايو بعد زيارة بوش للسودان وإيعازه بإبعاد اإلسالمين من خيرا المفاصلة مع نظ, ثم أم9161 م.9190قوانين سبتمبر وتجميد

ثلة خاصة نقاذ الماربة اإلستفادة منها في تجن من الممكن اإلنه كاوالناظر لهذه التجارب آنفة الذكر يجد أتعزيز مفهوم الديمقراطية من ثم كالسودان, و طراف مترامي األ بلد البات العسكرية فينقلمتعلق منها برفض اإلا

كفكر وكبرامج عمل يشكل صمام أمان لبلد متعدد األديان والثقافات واإلثنيات بالطريقة ية سالمالحركة اإل لديبعيدا عن اإلقصاء وسياسة تهميش حر, ام ديمقراطيعبر فيها كل هذه المكونات عن نفسها في نظالتي ت

.الكثير والتي تجرع الوطن من ويالتها طراف سياسيا وثقافيااأل

وتعزيز ثقافة ي في جو ديمقراطي معافيالتنظيمية وإعالء قيمة الشوري وحرية الرأ باإلضافة إلي بناء المؤسساتنشقاق والتفرق وات إحترازية من اإلفراد التنظيم كخطروح اإلخاء بين أشاعة التسامح وتقبل الرأي اآلخر وإ

وذهاب الريح.

إلصالح إن كانت موجودة اوالت اقوي من محالداخلية والخارجية لربما كانت أ نقاذولكن الظروف المحيطة باإل ساس.في األ

Page 13: دولة الحركة الإسلامية في السودان

الحركة اإلسالمية_في ميزان الديمقراطية وحقوق اإلنسان

13

ن هنالك الكثير من العوامل التي ظهرت علي إال أن المتامل لمسيرة دولة الحركة اإلسالمية الحالية يجد أ في السودان يكبر , ولئن ساهمت دولة اإلنقاذ في تحطيم الكيانات الوضاعاألالسطح ساهمت في تعقيد

فرزت التجربة واقعا جديدا , فقد أ)وطني+شعبي( ساألخري من نفس الكأ, وتجرعها هي تحادي()األمة+اإلللمحاوالت المتكررة إلستقطاب , وذلكرزت فيه الكيانات القبلية بصورة أكبر مما كانت عليه قبل اإلنقاذب

السلطة , باإلضافة إلنفتاح شهوة وإدخالها في دائرة الصراع السياسي ية وتجيرها لمصلحة النظاملهاإلدارات األهاما ال يقل التي لعبت دورا و القبيلة( -السلطة-)المال وثو كما سماها د/التجاني عبد القادر ثالوحب المال أ

نية وصورة التنظيم ومن ثم الدولة.هتزاز بإعن العوامل األخرى في

) الميالد يةالتاريخ دورةال يخ لم تكن حالة شاذة في تدرجها فيتجربة اإلنقاذ كتجربة إنسانية في سياق التار إن اإلفول(-اإلزدهار –

سم المولود الجديد ثورة م وإ9191يونبو 03السودانية هو ولئن كان تاريخ ميالد دولة الحركة اإلسالمية( األفول -دهار اإلز التاريخ ) ةفإن تحديد المراحل األخرى في دور ,ة السوداني، ومكان اإلصدار جمهور اإلنقاذ

حتما حسب وستختلف نتائجه ,إلى نظر يحتاج, الشيخوخة ( -الشباب ) طبيقا للمراحل العمرية لإلنسان أو ت .سواء كان في صف المواالة أو الحياد أو المعارضة ,ا صاحب كل رأيهاألرضية التي ينطلق من

Page 14: دولة الحركة الإسلامية في السودان

الحركة اإلسالمية_في ميزان الديمقراطية وحقوق اإلنسان

14

مراجع الفصل األول

66ص –هل اإلسالم هو الحل(..محمد عمارة..دار الشروق / )9

70 ص -/ نفس المصدر3

نسخة إلكترونية -الجزء األول –(يتفسير القرطب)/ 0

70ص -محمد عمارة- (هل اإلسالم هو الحل)/ 1

70/ نفس المصدر 8

دار -الطبعة األولي-الحامديحسن الترابي آراؤه وإجتهاداته في الفكر والسياسة(لـ محمد الهاشمي )/ 6 11ص -المستقلة للنشر

( نسخة إلكترونيةعبدالسالم المحبوب -الحركة اإلسالمية_دائرة الضوء خيوط الظالم)/ 7

Page 15: دولة الحركة الإسلامية في السودان

الحركة اإلسالمية_في ميزان الديمقراطية وحقوق اإلنسان

15

الفصل الثاني

والدول ثر الفكرة الدينية في بناء الحضاراتأ

ثر الفكرة الدينية في أ) :شروط النهضة ببواب كتابه لمفكر الجزائري مالك ابن نبي في أحد ألقد عنون االفكرة أثرليصير العنوان لهذا الباب: ) نوان كثيرا فإقتبست الفكرة و عدلت فيهاراق لي الع, ف(ةتكوين الحضار

(.الدينية في بناء الحضارات والدول

صلة وثيقة من حيث ا العنوان ذات يصالها من هذلي أن الشعور العام والفكرة المراد إو ويبدو من الوهلة األالدولة خاصة ونحن بصدد الحديث عن ,همية ودور الدين وما يحمله من قيم روحية لصنع الحضارة والتاريخأ

(.والذي كان عنوانه األبرز )المشروع الحضاريالسودانية, التي صنعتها الحركة اإلسالمية

لهم دور فعال كان ,فول الحضاراتميالد وأخ والمهتمون بالعوامل التي تؤدي إلي فجمع غفير من كتاب التاري .هميته في بناء الحضارةعلي مفاهيم هامة في معني الدين وألقت الضؤ وبارز في تشكيل األفكار التي أ

ية : فهي تسجيل ما الثانالدينية , وأ ولي : فبميالد الفكرةفمالك بن نبي يقول: )إن الحضارة تولد مرتين أما األ 9(حداث التاريخفس أي دخولها في أهذه الفكرة في األن

حيث أشار إلي أن )بدايات البناء الحضاريعملية إلي أهمية الدين في أشار المؤرخ البريطاني هـ.ج. ويلز كماالمعابد شيئان متالزمان متآنيان علي كر التاريخ, فاألمران يسيران جنبا إلي جنب, وبداية المدن الحضارة وظهور

3(التاريخهي مرحلة المعبد في

التي تبنتها المدرسة العلمانية عدم الفصل بين السياسة والدين, و في أهمية نفس المعني يشير غاندي بقوله وفيمة نظها ...كل طفل في مدرستنا يدري األذا فصلت السياسة عن الدين فقدت معنا: )إوالشيوعية علي السواء

بإحساسات جديدة وبآمال جديدة ولكننا أيضا في حاجة إلي ن بالده تتقد السياسية في الهند ويعرف كيف أ .يمان الديني(الضؤ الثابت المستقر ..ضؤ اإل

بدا من ,الذي صاغه أكثر من أربع وعشرون ألف نبي ورسول علي مر التاريخ اإلنساني وال شك في أن التاريخالحضارات فكرة الدين وأثره في بناء , يدعم صلي اهلل عليه وسلمدم عليه السالم ختاما بسيدنا محمد سيدنا آ

, الديني والدنيوي في ي والماديبميزان دقيق وازن بين الروحالتي تتميز الحضارة اإلسالمية والدول, وباألخص

Page 16: دولة الحركة الإسلامية في السودان

الحركة اإلسالمية_في ميزان الديمقراطية وحقوق اإلنسان

16

جئنا نخرج الناس من عبادة العباد ي بن عامر في قوله لملك الفرس: )ربع اعبر عنه ن واحد, بالطريقة التيآ .(ق الدنيا إلي سعة الدنيا واالخرةلعبادة رب العباد ومن ضي

لي نفس الكثير من المدلوالت التي تشير إ هنالك تلي التفسير الديني للتاريخ كانوعلي هذا النحو الذي يميل إ المعني.

( لتؤكد بما اليدع مجاال للشك تعزيز سامية في اإلعمار )بناء الحضارةالخالفة نفسها بمعانيها ال منها فكرة تية :عاني عدة من اآليات اآلي في بناء التاريخ والذي نجده في مالمفهوم الدين

وإذ قال ربك للمالئكة إن ي جاعل في األرض خليفة قالوا أتجعل فيها من يـفسد فيها فالمولي عز وجل يقول : )ماء ونحن نسب ح بحمدك البقرة( (03ونـقد س لك قال إن ي أعلم ما ال تـعلمون ) ويسفك الد

نا في الزبور من بـعد الذ كر أن األرض يرثـها عبادي الصالحون ) ويقول :) االنبياء( (938ولقد كتبـ

ركانبقاء وتدعيم أو بناء في القدرة بمعناه المادي والروحي فيه للدينالذي كان تدل علي الدور هذه المعانيو آلالف السنين مقارنة تمتدالممتدة علي مستوي العالم ما كان لها أن كثير من الحضارات ال الحضارات, بل إن

وقد ,أو باألحري غير موجودة فيها باألساس ,ن فكرة الدين حاضرة في مكوناتهالم تكلو خري مع حضارات أإلي قيام الدين(التي تتمثل فيها قيم ) دولة الباطل ساعة ودولة الحق)اإلسالميين أن كثيرا في مقوالتشاع

القدماء تلك التي لم تعرف الدين نه حتي في حضارة المصريين من الخير أن نذكر هنا أولذلك فإنه: ) ,(الساعةن في حالتها المزدهرة ي علي وجه الزمن تبق, قد إستطاعت أاذجة المختلطة قبل التوحيدال في صورته السإ

, حضارة اليونان أو حضارة الرومان ل كثير مما بقيتهطو , وهي فترة أمن السنين شبه متصلةف خالل بضعة آآلارة الفراعنة ستمرار حضوقد يكون السبب األكبر في إ ,ورتها الحديثةروبا في صوهي أضعاف ما عاشته حضارة أ

ها بقدر ما يعيشون لدنايهم ولقد خرتهم كما تصورو ريين القدماء كانوا يعيشون آللمصن اأ ,تلك القرون الطوالفبقيت علي مر الزمن, كما تركوا آثار عملهم المادي اليدوي و نحتا, بناء أابدهم ومقابرهم من الحجرقاموا معأ

ر أن نزكرها ألنها تلقي التي النزال نزرعها بعدهم حتي اليوم, وتلك صورة من الخي ,رض والري والحياضفي األحيد سالم تلك التي تجمع بين الدين في صورة من التو الضؤ علي ما يمكن أن يكون من مستقبل لحضارة اإل

تم اهلل به نعمته علي الناس وبين الدنيا في صورة من العمل الذي يبني الحضارة والعمق والضياء الروحي الذي أوهذا هو سر تميز الحضارة اإلسالمية مقارنة مع .0رض(علي األ ويقيم دعائمها ويحقق كلمة اهلل بالعمران

ديان لم تعالج مفهوم الحضارة وقدرة الدين في الدفع بها في طريق التقدم واالزدهار.حضارات أخري وأ

Page 17: دولة الحركة الإسلامية في السودان

الحركة اإلسالمية_في ميزان الديمقراطية وحقوق اإلنسان

17

يعا مدنياهم وآخرتهم جصحابها لذاتها فانها حضارة متكاملة يعيش أسالمية )فاما عن طبيعة الحضارة اإلن الحضارات التي تجمع بين المادة والروح والتي يعطي الدين فيها نمطا متكامال لحياة لمنا أيضا أوالتاريخ يع

1(الروحية...مثل هذه الحضارات هي أقرب الحضارات إلي البقاء والخلود اليوم المادية وحياة الغد

بعهد الخالفة الراشدة سالم بدا بدولة سيدنا محمد صلي اهلل عليه وسلم مرورالذلك فإن العصر الذهبي لإللعلمية الكبري سواء في الدولة األموية أو العباسية أو غيرها والتي برز فيها أعالم في دبية وامرورا باإلشراقات األ

بن رشد, أبوحنيفة, مالك, الشافعي, وأحمد بن حنبل, الغزالي, إ ؛الفكر والعلم واألدب كاالئمة األربعةسالمية التي غزت العالم ان لهم الفضل في بناء الحضارة اإلغيرهم الكثير ممن كبو تمام و الخوارزمي, المتنبي, أ

وتركت بصمات التخطئها عين.

سالمي الكثير حيث حرر الفكر اإل ,في فترات سابقةفادت منها لطريق حتي للحضارة الغربية التي أبل مهدت ا .عراف المتمسحة بالدينالخرافة وأثقلتها التقاليد واأل من المعتقدات التي سيطرت عليها

السؤال لي الذهنالقلوب وكانت حاضرة كلما تبادر إ فئدة التي المست شغافألوقد ظلت تلك الفترة مهوي لتصال بالتاريخ والرجوع إلي الجذور قدم وبناء الحضارة والتي لن تتم إالباإلللت عن السبيل والطريق الذي يؤدي

سالمي للتاريخ والذي يعتمد وهذا التفسير اإل .فإنه )لن يصلح آخر هذه األمة اال بما صلح بها أولها( األوليي رض تحقيقا لمعنطاقة دفع روحية تخلق وتحفز علي إعمار األ المذهب التحسيني ليضع الدين بما يحمله من

ختلفت والمسيحية علي األقل في الفكرة الدينية وإن إ ديان كالهيوديةليتفق مع التفسيرات األخري لأل ,الخالفة معها في التفاصيل.

من وعد اهلل إلبراهيم كتسبوهأساس أنهم شعب اهلل المختار الذي إ فالديانة اليهودية يقوم تفسيرها للتاريخ عليجعلك أمة اريك, فأ رض التي)قال الرب البرام )إبراهيم( إذهب من أرضك وعشيرتك ومن بيت أبيك إلي األ

8(رضن العنيك, وتتبارك جميع قبائل األلعة واباركك وأعظم إسمك, وتكون بركة, وأبارك مباركيك, وأمعظي

في مركز عظم القائموالتي تشير إلي أن : )المسيح هو النور األنفس الفكرة نجدها في الفكر المسيحي 6(ي الحياة معني ويعطي التاريخ هدفلي العالم, وهو الذي يضفي علت إنسان آالتاريخ, الذي ينير كل إ

-081) كل من أوغسطين , وقد عبر عنهافكار تدور حول مركزية المسيح ودوره في التاريخوهي جملة أوحنا كلفن , م( في )الكوميديا االلهية(9039-9368م( في كتابه )مدينة اهلل(, وكذلك دانتي )183

(.م9731-9637(, وجاك بوسيه )م9831-9861)

Page 18: دولة الحركة الإسلامية في السودان

الحركة اإلسالمية_في ميزان الديمقراطية وحقوق اإلنسان

18

للتاريخ والتي ترتكز علي الدين وإن عبر عنه في خري التفسير الديني للتاريخ واحد من التفسيرات األتبر ويعا محمد صلوات اهلل وسالمه عليهم براهيم وسيدنا موسي وسيدنا عيسي ختاما بسيدنشخص كل من سيدنا إ

.جمعينأ

حيد التفسير الديني للتاريخ لهو الو ن إال أ ي للتاريخ غير التفسير الديني,خر هنالك تفسيرات أن كانت وإ عظم الحضارات التي سادت العالم علي مر القادر علي تفسير التاريخ اإلسالمي وبروز حضارته كواحدة من أ

.التاريخ

سالم الذي بعث به سيدنا محمد صلي اهلل عليه وسلم في جزيرة ركه اإلثر العظيم الذي توليس بأدل من األالتي وسمت و ,وبيئتها الصحراوية والجبلية ذات التضاريس الوعرة الجاهلي،وتراثها العرب بعادتها وتقاليدها

.بصفات الشدة والجلد والقدرة علي مواجه الصعابساكن الجزيرة العربية

راءة وتفسير التاريخ في خري التي التعتمد علي الدين في قر إلي عدم قدرة النظريات األلي حد ما يشيوهذا إالمختلفة فإنه نحاء العالم كبري التي حدثت في جزيرة العرب وإمتدت في أنبجاسات الات أو اإلتفسير اإلنقالب

و غيرها فإن دبلوماسية أالسياسية وال-قتصادية والجغرافيا)يمكننا دون جدوي إستنفاد مخزون التفسيرات اإل 7(هذه العقيدة ائمة عليإنتصار اإلسالم مستغلق علي األفهام بدون اإلسالم, كعقيدة وكجماعة ق

و علي )الفعل تي تقوم علي )الفعل وردة الفعل( ألقد كانت نظرية )التعارض( لهيجل علي راي مالك بن نبي والرنولد توينبي كانت هي النظرية المفسرة لكثير من التحوالت التاريخية, لقد فسرت هذه ا ألوالفعل المضاد( تبع

إستجابة لتحدي إقتصادي نتجت عنه النظرية اإلشتراكية.على الرغم من ية الفكر الماركسي والذي تعتبره النظر ه إنعكاسات خطيرة علي قتصادي الذي كان ماثال في جزيرة العرب وهو الربا والذي كانت لأن التحدي اإل

عنها نظرية اإلقتصاد اء فقط ليعالج قضية إقتصادية نتجتالمجتمع آنذاك فال يسعنا أن نقول إن اإلسالم ج سالمي مثال.اإل

ليه كل خص ملهم يعتبر المركز الذي تعود إعتبار )نظرية البطل( ل توماس كاراليل التي ترتكز علي شواليمكن إبعدنا سيدنا محمد صلي اهلل عليه وسلم إذا أ ن كان هذا الشخص هوالتاريخ حتي وإ التحوالت الهامة في حركة

النبوة والرسالة والوحي من اهلل.عنه بعد

كما قال المفكري اإلسالمي الفرنسي روجيه جارودي, الممتدة كن أيضا إعتبار بروز حضارة اإلسالموال يمة( والتي أشار إليها مبراطوريتين الفارسية )الوثنية( والرومانية )الكتابيابها نتيجة للصراع القائم بين اإلسببإرجاع أ

( في أدنى األرض وهم من بـعد غلبهم 3بت الروم )( غل 9الم ): )حداث بقوله تعاليالقرآن الكريم في سياق األ

Page 19: دولة الحركة الإسلامية في السودان

الحركة اإلسالمية_في ميزان الديمقراطية وحقوق اإلنسان

19

( بنصر الله ينصر من يشاء 1( في بضع سنين لله األمر من قـبل ومن بـعد ويـومئذ يـفرح المؤمنون )0سيـغلبون ): بل السبب العميق وراء ذلك يتعلق بعواملالروم( سببا كافيا لبروز حضارة اإلسالم, (8) وهو العزيز الرحيم

9()كانت أسبابا داخلية مرتبطة بجوهر اإلسالم نفسه

ثر العظيم في ا عن الضؤ الديني الذي كان له األن يقوم بعيدالتفسير التاريخي لإلسالم اليمكن أن لذلك فإ تفسير هذا التاريخ العظيم.

عاد الخالفة سالمية حضارة تقوم علي فرد يفهم السبب وراء جدوي وجوده في الحياة ويدرك ابفالحضارة اإلو تعتبر الدنيا وما تقدم فيها من أعمال الخير أ خريإلي حياة أساسية من الدنيا هي العبور التي تجعل الغاية األ

نما ة إعمار وبناء الحضار صالح األعمال واإلفان ما يقوم به الفرد من لذلك و الشر هي نتيجتها الحتمية, هلل سبحانه وتعالي والتي تصب في آخر مر به اهو إلتزام ما أ ؛بمعني قدسي سامي تصالهتسب بعدا قدسيا إليك

ن يعبر عن معاني الصالح والبعد عن الفساد.اء بحياة الفرد وبكل ما من شانه أرتقالمطاف في إتجاه اإل

اهلل سبحانه والمسخر له الكون, وإن هتمام بالفرد االنسان المكرم من الم يتعدي اإلومفهوم الحضارة في اإلسالفرد كثر منها نظرية في المعرفة( فان سلوك الك بن نبي هي )نظرية في السلوك أي مكانت الثقافة علي رأ

التي ترتقي وتطور وامر والنواهي ال يصدر منه فعل ينافي مفهوم ومدلول الحضارةالمسلم الملتزم المتمثل لأل الحياة.

والسنة الكريم وهذا مايدركه المسلم من النصوص الدالة علي المفاهيم الحضارية التي وردت في ثنايا القرآن المطهرة.

:ستخالف في االرضالمتعلقة باهمية الصالح كسبب لإل نجد المعاني الحضاريةف

نا في الزبور من بـعد ) االنبياء(. (938الذ كر أن األرض يرثـها عبادي الصالحون )ولقد كتبـ

:المتعلقة بذات الفرد ها في المعانيكما نجد

ممن خلقنا تـفضيال على كثير ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البـر والبحر ورزقـناهم من الطي بات وفضلناهم ) .االسراء((73)

:نسانية الساميةبالمعاني اإلكذلك والمتعلقة

يا أيـها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقـبائل ) همية التعارف بين الشعوب:المتعلقة بأ .الحجرات((90أكرمكم عند الله أتـقاكم إن الله عليم خبير )لتـعارفوا إن

Page 20: دولة الحركة الإسلامية في السودان

الحركة اإلسالمية_في ميزان الديمقراطية وحقوق اإلنسان

20

هم وقولوا آمنا ) والمتعلقة بحوار األديان: وال تجادلوا أهل الكتاب إال بالتي هي أحسن إال الذين ظلموا منـنا وأنزل إليكم وإلهنا وإلهكم واحد ونحن له مسلمون )بالذي أنزل .العنكبوت( (16إليـ

نكم أال نـعبد إال الله و قل ) والمتعلقة بالعالقة بين األديان: نـنا وبـيـ ال يا أهل الكتاب تـعالوا إلى كلمة سواء بـيـآل (61أنا مسلمون )نشرك به شيئا وال يـتخذ بـعضنا بـعضا أربابا من دون الله فإن تـولوا فـقولوا اشهدوا ب

(عمران

تهم دوقد ولتم الناس د)متي استعب :سيدنا عمر بن الخطاب رضي اهلل عنه التي عبر :والمتعلقة بالحرية اإلنسانية 1امهاتهم احرارا(

وتـعاونوا على البر والتـقوى وال تـعاونوا على اإلثم ) :المتعلقة بعالقة الفرد مع المجتمعبالمعاني الحضارية و .المائدة((3والعدوان واتـقوا الله إن الله شديد العقاب )

93)ان اهلل يحب اذا عمل احدكم عمال ان يتقنه( :وعالقته بالعمران

, فإن استطاع أن ال تقوم حتى يغرسهاقامت الساعة و في يد أحدكم فسيلةإن ) :وعالقته بالبيئة

.قتالع الشجرا الرسول وصحابته للجيوش من عدم إ, وفي وصاي99(فليغرسها

دخلت النار في هرة حبستها, فال هي أطعمتها, ن امرأة إ: )حاديثفقد صحت األ :بالحيوان في عالقة المؤمنو فشكر اهلل فغفر له, -بذل جهدا حتي سقاه-...وإن رجال سقي كلبا93(ركتها تأكل من حشاش األرضوال هي ت

في كل ): البهائم, فقال لهم رسول اهلل صلي اهلل عليه وسلم وعجب الصحابة أن يكون لهم أجر في رعاية هذهواهلل لو سقطت بغلة في العراق ) يث سيدنا عمر بن الخطاب في عظم المسئولية:, وفي حد90كبد رطبة أجر(

91لني اهلل عنها لم لم تسوي لها الطريق ياعمر(لسأ

التي و ,لي التفسير الديني الذي فسر الحضارات العظيمة التي نشأت في قارة آسياوجدير بالذكر اإلشارة إكالدور العظيم الذي قامت به كل ,خريمن الحضارات األ من حيث األثر باقلسادت فيها حضارات لم تكن

ين كان حاضرا حتي في دن الدفع. بل إوإكسابها قوة وطاقة هندوسية والبوذية في الدفع بهامن الديانات ال العظيم. ثرها واضحا في فنهم ورسمهم وتاريخهمصر والتي كان أالحضارات القديمة التي خلفها فراعنة م

Thomasاالنجليزي توماس كاراليل منها مدرسة) ,خري في تفسير حركة التاريخأوقد برزت مدارس

Carlyle والذي ذهب الهمية دور )البطل( الفرد في صناعة التاريخ, كذلك المؤرخ الفرنسي جول ميشليJules Michilit (9719-9971والتي إ ) مة في تفسيره لتطور الدولة ت علي دور الجماعة وإرادة األز تكر

فرنسا والحداث الثورة الفرنسية. في

Page 21: دولة الحركة الإسلامية في السودان

الحركة اإلسالمية_في ميزان الديمقراطية وحقوق اإلنسان

21

98*كذلك كان لكل من فولتير وديدرو ومونتسكيو وفيخته وفيكو دور بارز في تفسير حركة التاريخ

لتميزها بالقدرة حالة نشاذ فولالتي تنتهي باإلو في دورة بن خلدون التاريخية سالميةلقد كانت الحضارة اإلو علي تجديد نفسها.

عتباره المحيط الجغرافي الذي قامت عليه دولة الحركة , بإالذي هو مثار البحثولقد خطي السودان م بموجات متدفقة من هذا المدد الديني التجديدي والذي شمل المنطقة العربية علي وجه العمو اإلسالمية,

.فضال عن تجاربه الداخلية علي الخصوص

ها علي التحرر, في وقت يقاظ الهمم وحثساسي في إلمستوي العام كان لجمال الدين األفغاني الدور األفعلي احركته السياسية صطبغت وقد إ ,ستعمار البغيضكانت فيه أغلب المنطقة إن لم يكن معظمها يرزح تحت نير اإل

أرجو أن يكون سلطان جميعهم ي)ولكن :هدافها العليا بصبغة دينيةالداعية لوحدة األمة وإصطفافها نحو أ 96(الدينن ووجهة وحدتهم القرآ

علي نواحي اخري ( الذي ركز جهوده 9138-9911صالح من بعده تلميذه محمد عبده )لواء اإلستلم ثم إل في )جمع محمد عبده بين االصالة والمعاصرة وتناو :فقد ,فغاني ذات الطابع السياسيتختلف عن سلفه األ

في الجانب اإلجتماعي و ,عتقادمه بجانب اإلتفكيره الجوانب الوطنية واإلجتماعية والتربوية باإلضافة إلي إهتما مة وذلك عن طريقرورة تقوية الروح الجماعية في األلي ضوح الجماعية وعيوب المجتمع ودعا إهتم بدراسة الر إ

( الذي نظر 9133-9919كواكبي ). ومن ثم جاء عبدالرحمن ال97سالمية(التربية التي تقوم علي القيم اإل وجزها في:إلي إنحطاطها وتخلفها والتي أ دتوإلي األسباب التي أمة اإلسالمية في أمر األ

سباب دينية كالجمود والزهد في العمل./ أ9

مة من حرية القول والعمل./ أسباب سياسية كحرمان األ3

99(س علي النفوس/ أسباب خلقية كاإلستغراق في الجهل وإستيالء اليأ0

يدفع المسلمين إلي العمل وعدم ن أ) :امت دعوته علي( والذي ق9109-9970قبال )ومن ثم جاء محمد إ 91(حتفاظ بالذات والشخصيةالتواكل وإلي القوة واإل

صالحية تعمل بخطة إ م( والتي تميزت9113-9991ديس في الجزائر )وعلي ذات الطريق كانت دعوة بن با نحراف ويسير به في واإلظة الحاضر ما يعصمه من الذلل خذ من عظة الماضي ومن يق)يأ :علي تكوين جيل

33(طريق المستقبل المشرق

Page 22: دولة الحركة الإسلامية في السودان

الحركة اإلسالمية_في ميزان الديمقراطية وحقوق اإلنسان

22

مدرسة مام حسن البنامدرسة اإل ,برز في هذا الجانبن نشير إلي المدرسة األي هذا الجانب أاليفوتنا فو نحاء الوطن العربي بمسمياتها ائتها الكثير من المدارس في شتي أخوان المسلمون( التي خرجت من عب)األ

خصوصيات.ببعض المتازت عنها ثرت بها وإتأ خري التيمختلفة واألال

-سالمية )الفونجنبتة( واإل-علوة-المسيحية )المقرةما علي مستواه الخاص فتاريخ السودان منذ الممالك أمتدت منذ ذلك التاريخ مرورا وهي الصفة التي إ ,لتؤكد علي الصلة الوثيقة لهذا البلد بالدين ,دارفور(-المهدية

, ستلهمت ثورتها العظيمة من عهد رسول اهلل صلي اهلل عليه وسلم وخلفائه الراشدينالتي إ بالثورة المهديةه الركبان لما رفع راية الجهاد وأعلن القبائل ووقف من خلفه الرجال وسارت بدعوت فتوحدت خلف المهدي

مع شكل ضعا لتتماشيقامها وو هدي طابعا دينيا بالتراتيب التي أضفي عليها المالحرب علي اإلستعمار, ولقد أسالميا فقد )كان المهدي يحاول عن قصد أن يبني مجتمعا إول الدولة في بدايات عهد اإلسالم وصدره األ

ه إن زمنه مندرج من زمن الرسول وإنه يأخذ نظمه وتقاليده من عصر الرسول. وقد عبر المهدي عن هذا بقول 39(ثر الرسولعماله ايقتفي في أ

ه وثقافاته والممتد عراقالشعب السوداني المتباين في أ ةوحدروع صورة لأ المهدية رةقد شكلت فترة الثو و .نفصاله جنوبا وشماالقيا قبل إفريكأكبر مساحة عربيا وإ

)فخليفة المهدي االول من غرب السودان, وقائد القوات النجومي من شمال السودان, وقائد فرقة الجهادية واالمير عثمان دقنة من قبائل البجة في الشرق, وامير الشمال من اهل بربر حمدان ابو عنجة من الجنوب,

الشيخ محمد الخير,وهكذا وهكذا....وجنود الثورة من شتي بقاع السودان من الجنوب ومن الغرب بجانب اخوانهم من الشمال والوسط والشرق.

ية الكاملة, وتوحدت المشاعر الوطنية, في القرن التاسع عشر ووسط وهج نيران الثورة ولدت القومية السودانو 33وامتالت القلوب بالعزم االكيد علي التماسك والتالحم(

رة وفي المعارك التي خاضدتها في أم وما كان للتضحيات العظام وصور الفداء التي حدثت في عهد الثو ن تتم لوال رايات الدين التي رفعها المهدي.دبيكرات و كرري أ

نتهاء بمجموعات االخوان المسلمين , إحكومات الوطنية ذات القاعدة الدينية العريضةلاجاء عهد حتي نقاذ(.بها حتي وصولها مرحلة الدولة )اإلختالف المراحل التي مرت وعلي إ ,بالسودان بمسمياتهم المختلفة

قطعة عن تاريخها من لة شاذةلم تكن حا لذلك فان مسيرة دولة الحركة اإلسالمية السودانية المعنية بالبحث, هم مكوناته االساسية.ن أنساني العام الذي شكل الدي, وال عن التاريخ اإلالخاص

Page 23: دولة الحركة الإسلامية في السودان

الحركة اإلسالمية_في ميزان الديمقراطية وحقوق اإلنسان

23

ألن )وذلك؛ الدولة ونماء لبناء كذلك ساسيأ بنفس القدرو فانه ,ساسي في بناء الحضارةوإن كان للدين دور أالجهود, ويوجهها نحو غاية واحدة, الدين بطبيعته يقضي علي صفات األثرة والتنافس والحقد والحسد ويوحد

الكثير فيه سالمية وحققت , وهذا ما إستثمرت فيه الحركة اإل30(وبذلك تقوي الدولة, وتزداد قوتها علي قوتها .من النجاح

علي ذات ,سالمية الشرعية والتي تربت علي كنفها وتحت بصرها وسمعهابنة الحركة اإلنقاذ إفقد سارت اإلغلب فترات تقلبها في التاريخية المختلفة, ومن المهم أن نذكر أنها كانت وفية في أ مراحلها المعاني والقيم عبر

سالمية التي رفعتها وبذلت الوسع لتنزيلها من سياقها النظري للسياق العملي ميادين العمل العام لشعاراتها اإل التطبيقي.

كثر صدقا ووفاء قبل قيام دولتها من بعده, أ ن تنظيمها وحركتها قد كاناإ ؛ولن نكون مجانبين الحق إن قلناوهذا ماتؤكده مسيرتها التي كانت متماسكة وعصية علي التفرق البائن بحظوظ الدنيا كما حدث من بعد في

ثرا. لفة شكال ومضمونا عن سابقاتها األقل أمفاصلتها الشهيرة المخت

جتازتها فلن نجد تفسيرا لصمودها كل العظام التي إ وبالعقبات نقاذا للظروف المحيطة بمسيرة ثورة اإلذا نظرنوإوالذي رجاع ذلك للخطاب الديني الذي تبنته, بدون إستقالل السودانسنوات حكمها كاطول فترة حكم بعد إ

وجعل تمع السوداني, وتحيد المتبقي منهستقطب لها مجموعات كبيرة من المجوفقت في التعبير عنه مما إسالمي قد تعرض في فترات الحقة للتشكيك في جزر معزولة, وإن كان مشروعها اإل فيالمنوائين لها يعيشون

(.!م للسلطة والجاهنواياه الحقيقية حول هل هو )هلل! أ

إن طالق صفة المتدين علي الشعب السوداني, فانه ليس من العسير إ ,أعاله السودان تاريخنطالقا من وإلذلك حزابه ذات الصبغة الدينية التي رفعت لق قواه الحية التي تعبر عنها أنطومن مأمن منطلق تاريخه كان ذلك

الدستور االسالمي ( لكل من -الصحوة االسالمية–سالمية )الجمهورية االسالمية شعارات دينية وتبنت برامج إ طيلة فترات فيه األحزاب سالفة الذكر كانت والذي والجبهة االسالمية(, -واالمة -)الحزب االتحادي

الحزب علي مقارنة مع مجموعات اليسار السوداني وفي مقدمتهااأل حكمها ومعارضتها صاحبة الصوتفي صناعة و ستقالل ة في صياغة تاريخ السودان بعد اإلن كانت له مساهمات مقدر الشيوعي السوداني والذي وإ

كونه رغما عنو رها, إال أنه بغي وأنقالبات والمشاركة في الحكومات عبر العملية الديمقراطية الثورات واإلعلي األقل اثير داخليا, نه لم يكن بنفس الت, إال أكثر تنظيما علي مستوي القارةاألكبر و األالشيوعي الحزب

غلب جماهير الشعب السوداني لمباينته للدين علي مستوي الفكرة والتطبيق.للفكرة الراسخة في أذهان أ

Page 24: دولة الحركة الإسلامية في السودان

الحركة اإلسالمية_في ميزان الديمقراطية وحقوق اإلنسان

24

ن الحركة الشيوعية ظاهرة شاذة في سياق النظرية الدينية يري أ لمفكر الجزائري مالك بن نبيوإن كان ا ساس )فمن هذه الناحية تعتبر في األوف الذاتية المالزمة لنشؤها والظر ةوذلك للتناقض البين بين الفكر ,للتاريخ

المؤمنين ولكن هنالك شيوعية واقعية, هي في جوهرها نشاط ,الشيوعية النظرية قبل كل شئ هي فكرة ماركسالمدفوعين بنفس القوي الداخلية التي دفعت غيرهم من المؤمنين في مختلف العصور, أولئك الذين شهدوا

31(مولد الحضارات

ما هلل هلل(, وإن كانت لقيصر و رالديني للتاريخ يهزم فكرة علمانية الدولة المبنية علي فكرة )ما لقيص إن التفسيرن الدولة, لم تستطع هذه الدول الحكم, والذي يقصد به عزل الدين عاني في لمتبنية للنهج العلما بعض الدول

وذلك لعمق التاثير الديني في جميع مفاصل الحياة. ,تطبيق الفكرة بتفاصيلها

كما , أو إن الدين كان ومازال هو العامل األهم في بناء الحضارات وقيام الدول, وما عدا ذلك فهو حالة نشاذ المفكر الجزائري مالك بن نبي. ليه إأشار

Page 25: دولة الحركة الإسلامية في السودان

الحركة اإلسالمية_في ميزان الديمقراطية وحقوق اإلنسان

25

مراجع الفصل الثاني

عبد الصبور شاهين..دار الفكر للطباعة -شروط النهضة(..مالك بن نبي..ترجمة عمر كامل مسقاوي)/ 9 88صوالتوزيع والنشر بدمشق.

938ص -التفسير الديني للتاريخ..محمود الشرقاوي..الجزء األول/ 3

367ص / نفس المصدر0

367/ نفس المصدر ص 1

961/ نفس المصدر ص 8

996/ نفس المصدر ص 6

31, صم9198-وعود اإلسالم..روجيه غارودي..دار الرقي بيروت..مطبعة مدبولي القاهرة..الطبعة الثانية /7

01ص / نفس المصدر9

الصحابة", باب عدل النبي اورده محمد بن يوسف الكاندهلوي في "حياة .....الخ(.متي استعبدتم الناس)/ 1 صلي اهلل عليه وسلم وأصحابه

أخرجه ابو يعلي والطبراني وصححه األلباني(...اهلل يحب اذا عمل احدكم عمال ان يتقنهإ/ )93

, فإن استطاع أن ال تقوم حتى يغرسهاقامت الساعة و في يد أحدكم فسيلةإن )/ 99

رواه البخاري في األدب المفرد...(فليغرسها

عن ..(ركتها تأكل من حشاش األرضن امرأة دخلت النار في هرة حبستها, فال هي أطعمتها, وال هي تإ)/ 93 أبي هريرة متفق عليه

رواه البخاري ...في كل كبد رطبة أجر()/ 90

..)واهلل لو سقطت بغلة في العراق لسألني اهلل عنها لم لم تسوي لها الطريق ياعمر(./ 91

Page 26: دولة الحركة الإسلامية في السودان

الحركة اإلسالمية_في ميزان الديمقراطية وحقوق اإلنسان

26

63مجلة العربي ص -اكاديمي جزائري-د/ناصر الدين سعيدوني-(المعرفة التاريخية اشكالية)/ إنظر في 98 م(.3339فبراير -81عدد

مشكالت الحضارة عند مالك ابن نبي(..محمد عبدالسالم الجفائري..الدار العربية )نقال عن كتاب / 96 31ص للكتاب

39ص -نفس المصدر/ 97

08ص -نفس المصدر/ 99

08 ص -نفس المصدر/ 91

13ص –نفس المصدر / 33

-علي الميرغني( د.محمد إبراهيم أبو سليم-بربر-الخالفة-العلماء-بحوث في تاريخ السودان )األراضي/ 39 80ص -الطبعة األولي-دار الجيل

991/ نفس المصدر ص 33

70 / بن خلدون..نقال عن التفسير الديني للتاريخ ص30

81ص -/ شروط النهضة31

Page 27: دولة الحركة الإسلامية في السودان

الحركة اإلسالمية_في ميزان الديمقراطية وحقوق اإلنسان

27

الفصل الثالث

نقاذ بين التنظير والتطبيقاإل

التنظير

بعث الرسل نسانية , ولقد كان ية اإلنبياء والرسل لهداكمة اهلل سبحانه وتعالي في خلقه أن بعث لهم األمن ح و من الغفلة.عاني الدين في النفوس مما قد يطرأ عليها من النسيان أتي تتجدد معلي فترات ح

نسان من تراب وماء ونفخ فيه من روحه وميزه بالعقل ليتفكر في ملكوت السماء خلق اإل واهلل سبحانه وتعاليرة وباطنه لئال تكون له الحجة غ عليه نعمه ظاهسبه وسخر له الكون وأواالرض وليدرك حقائق المعرفة باهلل, وكرم

علي اهلل.

و نبي إال بعض, فما قبض اهلل رسوال أعضها الصلها واحد من اهلل ولكنها تكمل وتتمم بوالرساالت السماوية أسالم لة اإلحتي ختم الرسالة ببعثة سيدنا محمد صلي اهلل عليه وسلم برسامن الرسل, وبعث آخرا علي فترة مته أ علي ماسبقه من كتب وجعل نبيه وأن الكريم( مما طر )القرآ هاتكفل اهلل بحفظ اصولالرسالة الخاتمة, التي

شاهدة علي األمم.

وة السالح بقسواء سالمية علي توهجهها وقدرتها علي الثبات من الهجمات التي غذتها حافظت األمة اإللقد و نسان اإل ولكن غفلة مة حياتها ويوجه مسارها,يصيغ لأل ن كان وما زال هو الذين القرآألوذلك م بقوة الفكر,أ

دت عن الدين الذي هو عندما بع ,مة الحضاريفي مسار األ نحرافمصدر اإل , كاننسيانوبما جبل عليه من سبيل النهضة والرفعة.

تحريف في تفسير معانيه منفانه لم يسلم ,ن الكريم من تحريف في حرفه وكلماته وترتيبهوإن سلم القرآ م من غيرها.م بغير قصد من أهل الملة أاء كان ذلك بقصد أومدلوالته من كثيرين سو

دراك المثال الذي مثلته فترة سالمي وجه بالكثير من العقبات إللتاريخ اإللذلك فان تنزيل النص علي الواقع في اك عضود والتي عبرت عن معاني لي ملل الخالفة إن تتحو قبل أوذلك (,الخلفاء الراشدينالرسول الكريم+)

ما نزل علي سيدنا محمد صلي اهلل عليه وسلم.ل امة وفقالقرآن الحقيقية وترجمت حياة األ

شكالية لدي (, مثلت إالمثال والواقع)نفصام بين ناصعة البياض والتي لم يكن فيها إه الفترة الولقد مثلت هذمما جعلها في نظر الكثيرين فترة خاصة تدخل ,علي منوالها سي بها والنسجأاوالت الصادقة للتالكثير من المح

Page 28: دولة الحركة الإسلامية في السودان

الحركة اإلسالمية_في ميزان الديمقراطية وحقوق اإلنسان

28

ضعف الهمم عن تحقيق , مما أوالتقليدسي )المستحيل( وبالتالي ال يصلح اإلستدالل بها في مقام التأ في دائرةختص من الوجاهة قياسا علي ما إ ناتميزهم ع مفهومن كان لراهن, وإسالمي للدولة الحديثة في الوقت الج إنموذ

, فان لها من لذي يستصحب القرون الآلحقةتجاه المقابل ااهلل سبحانه وتعالي ذلك القرن, فإنه وفي اإلبه .قوف والتأمليضا ما يستدعي الو التميز أ

لفضل ذلك القرن الذي نصر الرسالة والدعوة وقدم التضحيات ووقف تجاه األول يشير المولي عز وجلففي اإلخلف رسول اهلل صلي اهلل عليه وسلم ولم يحد عن الطريق حتي إكتمل الدين, اولئك الذين يقول فيهم المولي

هم ورضوا عنه والسابقون األولون من عز وجل: ) المهاجرين واألنصار والذين اتـبـعوهم بإحسان رضي الله عنـى لقد تاب الله عل التوبة(, )(933وأعد لهم جنات تجري تحتـها األنـهار خالدين فيها أبدا ذلك الفوز العظيم )

هم ثم تاب عليهم النبي والمهاجرين واألنصار الذين اتـبـعوه في ساعة العسرة من بـعد ما كاد يزيغ قـلوب فريق منـ)عليكم :حديث الشريففي ال رسول اهلل صلي اهلل عليه وسلم قولفي التوبة(, و (997إنه بهم رءوف رحيم )

, وإن كان ذلك في شأن الصدر األول من 9بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين عضوا عليها بالنواجذ(خيرية وإن لم يكن علي قدرهم فان لهم من الميزات ما تدل علي من القرون, جاء بعدهم سالم فان لمناإل

هون قوله تعالي: ) فيوذلك ما جاء األمة حتي قيام الساعة ر أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتـنـ كنتم خيـهم المؤمنون وأكثـ آل (993رهم الفاسقون )عن المنكر وتـؤمنون بالله ولو آمن أهل الكتاب لكان خيرا لهم منـ

صلي اهلل عليه اهلل رسولقول في الواقعة(, و (13( وثـلة من اآلخرين )01ثـلة من األولين ))وفي قوله: ران(, عمإن اهلل يبعث لهذه األمة على رأس كل مائة سنة ) :قولهفي , و 3)أمتي كالغيث اليدري أوله خير أم آخره( :وسلم

خيرية األمة أولها وآخرها.علي تؤكد , وغيرها من آثار0(دينها من يجدد لها

صطفاء الرباني وإمتيازه ي اهلل عليه وسلم حالة خاصة بما إمتاز به من الوحي والرسالة واإلن كان الرسول صلوإبالكمال البشري, فإن صحابته رضوان اهلل عليهم قد كانوا أوفياء في اإلستمرار علي ذات النهج الذي سار عليه

الخلفاء الراشدين )سيدنا أبوبكر, وسيدنا عمر, وسيدنا فترةمما أكسب ,وحتي بعد مماتهالرسول في حياته صفة اإلمتداد لذات فترة سيدنا محمد صلي اهلل عليه وسلم. عثمان, وسيدنا علي(

اشدين(, فان ما الخلفاء الر لفترة القياسية )الرسول الكريم+ليها بان هذه الفترة كما أشرنا إوعلي الرغم من أاء في شتي ضروب الفكر ن لم تكن علي قدرها فقد كانت بها ومضات وتجليات قادها علملحقها من فترات وإ

, والتي غذت معي الفتوحات اإلسالمية وغيرت مرجعيات كان يحتكم دب وغيرها من ضروب العلموالفقه واألنت الحضارة االسالمية هي اك ن يبني حضارة, يوميمكن أ روع ماأ سالم ويقدمل أن يلمع نجم اإلليها قبإ

خذته عنها من علوم كانت واحدة تعيش في ظالم القرون الوسطي بما أن كانت س الذي أضاء الروبا يوم أالنبرا من منطلقات نهضتها.

Page 29: دولة الحركة الإسلامية في السودان

الحركة اإلسالمية_في ميزان الديمقراطية وحقوق اإلنسان

29

, أضحت ن كانت رائدة التغير الحضارين عن دينهم خفتت حضارتهم وأضحت بعد أولكن لما بعد المسلمو ء وبدلوا عزها ذال.ااألعدن غذاها في زيل األمم بعد أ

, منذ مضي فيها قرابة الثمانية قرونأن أندلس بعد ن األسالم مالمسلمون وال التاريخ كيف خرج اإلوالينسي ودب الخالف وبعد المسلمون وذلك لما شاع الترف (,م9113 -هـ 917( حتي )م 793 -هـ 19العام ) شاعر:العنها أو كما عبر ,عتصام بحبل اهلل المتينعن اإل

دتضــعــا ومـهــد فيتمــــعــاء مـــمس * أســــــــدني في أرض أندلــــا يزهـــمم

األسد صولة نتفاخا إ في غير موضعها * كالهر يحكي ألقاب مملكة

خر سقوط آ حتي طت بالد المسلمين دولة..دولة,حتي سق , غزوة تلو أخري,و المتالحقةثم بموجات الغز سالم.معاقل اإلمعقل من

يقودها المفكرون ,حياء الديني مالبثت بعد الخفوت تنهض وتضئ من جديدولكن ثورات التجديد واإل, وإن كان من إيجابيات لإلستعمار فإنما 1(العلماء ورثة األنبياءن هم ورثة األنبياء )والمصلحون والعلماء الذي

لي شرنا إوالتجديد, مما أبرز مدارس وتيارات عدة لإلصالح أورفع لواء التغير مة للنهوض تفز به روح األسبما إ بعض منها في فصل سابق.

غزوا ثورات األحياء والتجديد, ر لبالد اإلسالم حتيغزو التتا امنت منذالتي تز الفترة ولقد واجه المسلمون فيلبعض جه مع بعضهم انفسهم في موامة أبناء األليجد أ ,عسكري وبقي الفكريعسكريا وفكريا حادا, فخرج ال

وبين تيارات التقليد ,فكار المستعمربين تيارات التغريب التي إستقت مرجعيتها من أ ,بعد جالء المستعمر مثل لشكل الدولة الذي يمكنها من النهوض والبعث من جديد.حول الخيار األ ,سالميوالتجديد اإل

نتاج طبيعي لتطورها عبر التاريخ إستلزم في اة كولكن تغير المكان والزمان وما يستلزمه من تغير لشكل الحي عادةاصر ومقومات الدولة الحديثة مما إستلزم بالضرورة إتجاه المقابل تطور المفاهيم واألطر التي تشكل عناإل

(, وتضيف صالة والمعاصرةيدة تمزج بين القديم والجديد )األسس جدتشكيل مشروع النهضة وبنائه علي أإعترف اإلسالم )القرآن والسنة(, فقد لمسلمينن كان من مرجعيات غير التي عند اعه وإاليهما كل ماثبت نف

المولي عز وجل, فيعطي ما عنده ويأخذ نسان الذي كرمه نسانية تخدم اإلبالفضل لكل صاحب فكرة أو تجربة إعليها مصداقا لقول رسولنا عليه أفضل ذا لم يمس مسلمة من مسلمات المسلمين المتفقماعند اآلخرين إ

8.(الحكمة ضالة المؤمن فحيث وجدها فهو أحق بها) تم التسليم:الصالة وأ

Page 30: دولة الحركة الإسلامية في السودان

الحركة اإلسالمية_في ميزان الديمقراطية وحقوق اإلنسان

30

يدي وتتوحد الجهود لبناء الوطن , فاذا ولما إستقلت بالد اإلسالم عن المستعمر كان الرجاء أن تتكاتف األ سالميفي الملمات, وأضحي أصحاب المشروع اإل عات تدب بين الفرقاء كأنما قدر األمة اال تتوحد إالابالصر

ضيق عليهم مساحات الحرية.تغرباء في وطنهم تالحقهم سياط السلطة و علي وجه الخصوص,

كثر وعيا منا بذات المستعمر تأثرا بتطور مفهوم الدولة الذي هو أ ان الخلف )الحكومات الوطنية( ليسوقد كية زدواجعلي الرغم من إختالف المعني وإ (حقوق االنسان -يمقراطيةالد)برز مفاهيم أ, مما بحقوق المواطنيين

كثر تضررا من تها موضع قبول وإستحسان من أطياف واسعة من اإلسالميين األلعالمعايير, بالصورة التي ج .العربي واإلسالميفي العالمين ارسة السياسيةغيابها عن المم

وتبيان ,نسانالديمقراطية وحقوق اإلسالمي لمعاني للمفهوم اإلصل عبر وتأجرت مجهودات فكرية ثرة ت كماسالمي الدراسات لتشمل خصائص التشريع اإلتسعت ادلة بين المواطن والدولة, كما وإالحقوق والواجبات المتب

ة جتماعي, ولكن إتسعت للتعبير عن المفاهيم األخري في الحياة اإلالمميزة ليس في المجال السياسي فقطقل إن صالتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين ادية والثقافية وغيرها من منطلق قوله تعالي: )قتصواإل

ذلك ألهميته وللخلل , فجانب السياسيالنصب علي التركيز علي األنعام(, وإن كان جل اإلهتمام قد إ(963), وللظن الذي قارب الحق شيئا في أن تأخر األمة ثرها بهي وتأانب األخر عتراه ولتعلق الجو البين الذي إبسبب )أزمة الحكم( التي الزمت األمة بعد الخالفة الراشدة إال من بعض اإلستثناءات نما كان وإنحطاطها إ

شراقات المتفرقة هنا وهناك. واإل

حقوق االنسان( ووضعها في –الديمقراطية والنظرية لتحقيق هذه المعاني ) لذلك فان المجهودات الفكريةالثابت )القرآن+صحيح السنة( في إطار ستنباط المعاني والمدلوالت من النصإطارها الصحيح من خالل إطار التطبيق, وما +الخلفاء الراشدين( في إ)الرسول الكريمــل رض الواقع السنة العمليةالتنظير, وما ترجمته علي أ

لهو اإلطار الذي الذي إحتل جل إهتمام ,مة وخلفها الصالحي ظهرت في سلف األلتمن التجليات ا اوافقه .في العصر الحديث حياء الدينيرجال اإلصالح واإل

ن, يبالتعريف بالمصطلحين األساسيفي الجانب األساسي المتعلق بالبحث, بتدر الحديثنوسلمدرسة اإلسالمية علي وجه بين مفكري ا تقارب وتوافق )الديمقراطية+حقوق اإلنسان(, وما لحق بهما من

في الجانب النظري, ثم إنعكاساتها أو مدي تطبيقها في الجاني العملي الحقا. الخصوص

الديمقراطية: ( وهي كلمة يونانية تعني حكم Democracyظ نفسه أي )الديمقراطيةننطلق في هذا السياق من اللف

(Demo) الشعب(cracy) ول درجات المعرفة ينشأ الذي هو أ )حكم الشعب( سموداللة اللفظ أو اإل

Page 31: دولة الحركة الإسلامية في السودان

الحركة اإلسالمية_في ميزان الديمقراطية وحقوق اإلنسان

31

خري, فالمفهوم المفهوم اإلسالمي من ناحية أ تفارق في فهم المصطلح بين المفهوم الغربي من ناحية في مقابلتقوم علي مفهوم لتي يكيف مفهوم الديمقراطية )حكم الشعب( ليجعلها في مقابل )الشوري( ااإلسالمي ينشأ مما ,نطاق الحاكمية هذا النطاق, أي الشوري داخل المسلم فيها يمارس ي والت)الحكم هلل( الحاكمية

من لتقارب مسلمة لمالمسة هذا ا وذلك ا البعض,مهمع بعض كن بالمقدور تكيفهمالم ي بين المفهومين خالفدراية وفي شكل المؤسسات التي من كانت في شكل التراتيب اإلن أهم المسلمات في العقيدة اإلسالمية. وإ

ب لبذل مجهودات فكرية ليست طر المفكرين والكتاضخاللها يتم التطبيق العملي للفكرة )الديمقراطية( لم تخر فيما ليس له عالقة اإلسالمي التي أخذت من تجارب اآلالعديد من السوابق في التاريخ همية لوجود بذات أمن باب )الحكمة ضالة المؤمن أنا وذلك ,(..الخنظام الدواوين –و قريب بالدين )حفر الخندق أ من بعيد

6حق الناس بها(.وجدها فهو أ

اإلسالمي الذي ناه اليمكن تكيفها مع المفهومشكالية التي بدات مع التعريف وداللة النص ومعلذلك فان اإلسالمية للديمقراطية ي مافيها من التعسف إضافة صفة اإلليه, ولربما تقتضي عملية التعديل والمقاربة علأشرنا إ

بعض أفراد التنظيم التي إستحدثها ةفي السابقكما حدث سالمية(, ليصير اللفظ الجديد هو )الديمقراطية اإلوقد تولد عن ) جتماعيةاألفكار اإلشتراكية ودعاويها في العدالة اإلاإلسالمي في السودان ممن إفتتن ببعض

لية عائدا بها نحو أصول الفكر فكار سيد قطب الكار غير تيار الجهاد والعزلة طور أالمدرسة القطبية تي 7(سالمياليسار اإلـ )شتراكي. وقد سمي هذا التيار باإل

, والتي ستخدام من عملية المقاربة مع المفهوم الغربيواعتقد أن استخدام كلمة الشوري لهي أهون في اإل ليا تعسفا لم يعتد عليه السمع, باإلضافة إنشتنسب صفة اإلسالم للمصطلح )الديمقراطية اإلسالمية( مما ي

ذلك فان لفظ )الشوري( ليعبر عن إنتصار اإلسالميين علي األقل للمصطلح اإلسالمي الذي يعبر عن هوية يهمني أن أؤكد أنني لست من المولعين باستخدام الكلمات األجنبية )كالديمقراطية ونحوها( ) فإنه, مةودين األ

ستعمال المصطلحات اإلسالمية للتعبير عن القيم والمفاهيم, فهذا هو تعبير عن معان إسالمية. بل إني أؤثر إلل 9(األليق بالتعبير عن ذاتيتنا وتميزنا.

في تشكيل بعض جوانب الفكرة )الديمقراطية( الفضلكر اإلسالمي د.الترابي, علي رأي المفإلسالم وقد كان لثم انتشر الفكر ومن سالمي )فكرة األجماع( )ن التراث اليوناني )األثيني( واإلالتي تشكلت عناصرها مو

ستمد شيئا من ذكر الديمقراطية في الفكر اليوناني وأن لم تكن فيه فاضلة على حكم إالديمقراطي الذي الصفوة ذات الحكمة ،ولكن سالفة الممارسة الديمقراطية في بعض المدن اليونانية وأثر معاني الشورى والبيعة

, 1(ء وال الكنيسة، أن يحكم الشعب ال يحتكر السلطة الملوك وال النبالالديمقراطيفي اإلسالم نشر الفكر سالمية بدا من التعامل مع الديمقراطية )الفكرة والتطبيق( حتي ولو لم تجد الكيانات اإل األمر آخرفي إال أنه

Page 32: دولة الحركة الإسلامية في السودان

الحركة اإلسالمية_في ميزان الديمقراطية وحقوق اإلنسان

32

األخري بذات أدوات يه في الخالف علي أمل تعديلها هي النقطة الجوهر لم تنص علي )حاكمية اهلل( .للديمقراطية ميسالمع المفهوم اإل جماع( لتتوافقالديمقراطية )اإل

سالم السياسي علي التاكيد علي الديمقراطية كخيار ضروري للمارسة السياسية ولقد أكدت اغلب مدارس اإلم سبيال سالنف ومفهوم )خالفة المتغلب( التي أجازها كثير من علماء اإلوللتنافس السلمي الحر بعيدا عن الع

حركة اإلسالمية إنقالب ال كيان األمة, والذي لم يستطعنة والحفاظ علي قفل باب الفتلللتنافس السياسي, قفلت, وال علي كيان األمة باب الفتنة فالمن تحقيقه, ( لحكم السودانالمتغلب الذي حملته )خالفة

حافظت.

سالم في العصر الحديث, حتي غدت الفكرة محل إجماع لم للديمقراطية الكثير من مفكري اإل طمانوقد إجماع اآلن علي القبول بفكرة التعددية, الممثلة في األحزاب )نالحظ أن ثمة شبه إ فنحن يليشذ عنه إال القل

السياسية. حتي نذهب إلي أنه ليس بين الفقهاء أو المفكرين الذين يعتد بهم من عارض فكرة التعددية السياسية 93(لقرضاويفي المجتمع اإلسالمي. من شيوخنا محمد عبده ورشيد رضا إلي شلتوت والغزالي وا

قد عرف كرهه لإلستبداد وحبه للشوري والديمقراطية التي ال تتعارض وال فالشيخ محمد الغزالي عليه الرحمه)فالفساد السياسي عندنا له اثر اكبر من :تمس مسلمات المسلمين, بل يري أن األستبداد معيق لنهضة األمة

السياسي سيعيق نهضتهم ما بقي هؤالء الساسة ولذلك أحب أن يلتفت المسلمون إلي أن الفساد غيره, , وإن كان الشيخ يفضل كغيره أستخدام لفظ الشوري 99(المستبدون وما بقي حكم الفرد واألستبداد السياسي

بديال عن الديمقراطية ويشدد علي إلزاميتها )فإذا قلنا أن األسالم دين ديمقراطي, فكلمة ديمقراطية يونانية يدور عليه التطبيق هناك هو ضمان المصلحة بتحكيم أكبر قدر ممكن من أولي األصل, والمحور الذي

األلباب, وإشراكهم في إتخاذ القرار, ومنع األستبداد الفردي, ومنع إستطالة واحد علي الناس بفضل مال أو سالمية الكاتب( فإذا كنا نحن لم نصل في إجتهاداتنا اإل-غيره..)وهذا ما يتفق ومقاصد الشريعة اإلسالمية

إن الشوري غير ملزمة للحاكم, فإن ي, بل بقي عندنا لألسف من يقول لوضع برامج ووسائل لتطبيق الشور المصطلحات التي تجئ من الخارج ستنتصر, ما دمنا نحن ضد الفطرة وضد األصل الذي هو عندنا وهو

درا لحكم معصوم, وانما الشوري...والشوري, لماذا كانت أصال عندنا؟ ألن الواحد اليمكن أن يكون مصولذلك فانه ال بأس من أستخدام اللفظ الغربي إذا كان يتفق وروح 93الجماعة هي التي التجتمع علي ضاللة(

اإلسالم )فاذا كان األربيون قد وصلوا بمنطق الفطرة للكسب العقلي, بشئ من التجارب, اليعارض القيم 90(ع عندي من هذااإلسالمية, وانا تبنيته باسم اإلسالم, فال مان

Page 33: دولة الحركة الإسلامية في السودان

الحركة اإلسالمية_في ميزان الديمقراطية وحقوق اإلنسان

33

والننكر أن الديمقراطية ية الحديثة يقول في الديمقراطية: )يوسف القرضاوي أحد أهم أعالم الحركة اإلسالمود. السلطات وحرية للصحافة وتعدد جهزة رقابية وفصل بينعت بما قدمت من ضمانات دستورية وأستطاإ

ن تشد من أزر المستضعفين ن وأيظافر المستبدللشعوب بحقها في مواجهة الحكام أن تقلم أ حزاب وتوعيةلأل ن توطد دعائم الحريات العامة بواسطة البرلمانات والنقابات وحرية الصحافة وغيرها من المؤسسات.وأ

كل ما يقوي خذ منهافيد من هذه التجارب والضمانات وتأن تستحق الدولة المسلمة بل من واجبها أن من وإأنها اهتدت لي ما ذكره في ميزة الديمقراطية: ), ويضيف إ91(مبدأ الشوري ويقف في وجه الطغاة والمتجبرين

إلي -إلي صيغ ووسائل, تعتبر -خالل كفاحها الطويل مع الظلمة والمستبدين, من األباطرة والملوك واألمراءرين, وإن لم تخلوا من بعض المآخذ والنواقص, التي أمثل الضمانات لحماية الشعوب من تسلط المتجب -اليوم

إن المعركة األولي للدعوة اإلسالمية, والصحوة , ويقول في الحرية: )98(ال يكاد يخلو منها عمل بشري, فيجب علي كل الغيورين علي اإلسالم أن يقفوا صفا معركة الحريةاإلسالمية, والحركة اإلسالمية في عصرنا هي

لي النقطة التي يعلن فيها إلي أن يصل إ, 96(يها, والدفاع عنها, فال غني عنها وال بديل لهاواحدا للدعوة إلوبوضوح ال لبس فيه وقوفه مع الديمقراطية الحقة التي تتقف مع اإلسالم في تقيد إيدي الظلمة والطغاة من

المطالبين بالديمقراطية بوصفها وأنا من العبث بكرامة اإلنسان التي كفلها وضمنها له الحق تبارك وتعالي: )الوسيلة الميسورة, والمنضبطة, لتحقيق هدفنا في الحياة الكريمة, التي نستطيع فيها أن ندعوا إلي اهلل وإلي

اإلسالم, كما نؤمن به, دون أن يزج بنا في ظلمات المعتقالت, أو تنصب لنا أعواد المشانق...كما أنها تحقق الكرامة, وحقها في إختيار حكامها, ومحاسبتهم, وتغيرهم إن إنحرفوا, دون حاجة لشعوبنا كذلك حياة الحرية و

97(إلي انقالبات أو اغتياالت أو نحوها. علي أن تكون هذه الديمقراطية المنشودة

غلبها بما حوته من مبادئ تتفق أو اإلسالميين الذين إنتصروا لقيم الديمقراطية أبرز احد راشد الغنوشيالشيخ أما قد أشار إلي المجهودات الطيبة التي , فالحقوق األساسية للفرد المسلم والتي نصت عليها المواثيق الدوليةمع

حرجا والتي لم تر ) ,(إبراز البديل اإلسالمي في تنظيم الحياة علي مستويات الفرد والمجتمع) :عملت من أجلدولة مدنية من كل وجه وال عالقة لها بحكم رجال الدين الحكم سالميعة علي إعتبار دولة اإلفي تقنين الشر

الثيوقراطي..ومما يدخل في هذا التقنين الصياغات التي قدمها إسالميون لحقوق اإلنسان وحرياته العامة ن, وكشفوا والخاصة, وقد بينوا مواطن اللقاء واإلختالف, بينها وبين الميثاق الغربي أو العالمي لحقوق اإلنسا

وسع حتي وإن إختلفت األصول التي تستمد منها الحقوق والواجبات في اإلسالم عن ن مواطن اللقاء هي األأكما ويعيب علي بعض اإلسالميين نقدهم للديمقراطية وبين مدي بعدهم عن 99مثيالتها في المنظومة الغربية(

رية وللشوري ولآلليات التي تنقلها من )حاجة األمة المتأكدة للح :تفهم قوله تعالي )وأمرهم شوري( ويؤكد علي

Page 34: دولة الحركة الإسلامية في السودان

الحركة اإلسالمية_في ميزان الديمقراطية وحقوق اإلنسان

34

في تجربتنا نجازات الديمقراطية وأبرز جوانب القصوري المستوي العملي, مما يعد أعظم إالمستوي النظري إل 91التاريخية(

سالمية العريض في واقع الحياة العملي لمفاهيم تيار الحركة اإل الذي يعتبر الرائد في التطبيقو الترابي أما د.والتي الشوري والديمقراطية النظر إلي حاالت اإلتفاق واإلختالف في معرض حديثه عن لفتفقد سية, السيا

: أساسية فروقاتخمس ب حددها

أن الديمقراطية في المفهوم الغربي تمارس غالبا في سياق حكم ال ديني. الفرق األول:

أن الشوري في اإلسالم ليست ممارسة سياسية معزولة, وإنما هي نظام حياة. الفرق الثاني:

.أن السيادة في الديمقراطية الغربية هي التي تستند في النظرية الدستورية إلي الشعب الفرق الثالث:

شهوات بين نظام الشوري ونظام الديمقراطية الغربية, أن األخيرة تنطوي علي طالقة الهوي وال الفرق الرابع: السياسية من قيود األخالق.

33*أن ديمقراطية الشوري أدعي لضمان وحدة المؤمنين من ديمقراطية الغرب. الفرق الخامس:

الديمقراطية, من غير إحداث ددت األطار اإلسالمي الذي تعمل من خاللهقد ح وهذه الفروقات الخمس جدل حول مشروعيتها من عدمه, والتي أخذت حيزا لم يكن باإلمكان تجاوزه, لوال هذه المجهودات

الترابي إلي تبني كما أشار د.والمقاربات التي أصلت وقننت هذه المصطلحات, ووضعتها في إطارها الصحيح. لجبهة االسالمية تدعوا في السياسة بالحسني وتتحاكم الي ن االجبهة اإلسالمية للديمقراطية سبيال للحكم؛ )إ

سنة االنبياء الذين دعوا قومهم اال اكراه وال ارهاب وان يعمل كل علي شاكلته ومكانه ويصبر -الديمقراطية 39(وينظر لمن تكون عاقبة الدار

الديمقراطي من األنظمة سترداد النظام في إ التطبيقية سالمية السودانيةالحركة اإل مجاهدات في جانبأما ترسيخ الدستورية ان الحركة جهدت في) :فانه يشير إلي العسكرية والديكتاروية التي مرت علي السودان

يف غلوائه مرة بعد و تخفديمقراطي ومقاومة النظام القهري أسترداد النظام الالديمقراطية, وأسهمت بفعالية في إالسيما في بالد -صالحي وصدقه وفاعليتهلمشروعية البرنامج اإل انها تري الديمقراطية ضمانمرة....وذلك أل

بتجاوب الطاقات ال زعها مؤثرات خارجية ال تريد لها إصالحا, وتنتظرها إصالحات كثيرة ال تتأتي إكالسودان تتنانه يري أ ة وتنظيمها إالممارسة السياسيلن كان الرجل يؤمن بالديمقراطية سبيال ل, وإ33(صليةالشعبية الحرة األ

الشعب ال تتنزل فيه الديمقراطية الكاملة من حيث هي حكم قديما )اليونان( وحديثا منشأ المصطلح في الغربفما كانت تعني حكم )لم تكن الديمقراطية في الفكر اليوناني القديم تحمل كل ظالل الكلمة المعاصرة, فـ

Page 35: دولة الحركة الإسلامية في السودان

الحركة اإلسالمية_في ميزان الديمقراطية وحقوق اإلنسان

35

فلسفي السياسي يؤخرها في التقديرأو يناظرها إلي , وكان النظر الالشعب الرشيد, بل حكم الدهماء من العامةمناهج حكم الحكماء زمرة أو فردا, ولم تعرف اليونان بالطبع الديمقراطية التي نعهدها اليوم, بل عرفتها في

مجال ضيق ممارسة مباشرة في دولة محددة(, أما حديثا وبعد إتساع رقعة الكيانات, فان الديمقراطية )لم تعد كما ويري أن الغرب غير صادق في التطبيق إذ تغلب 30المباشر الصادق قطعا عن إرادة الشعب(هي التعبير

زدواجية في المعاير و التي تجعل من الديمقراطية حقا مشروعا ومشاعا للغربين وحقا مقيدا يمارس وفق عليه اإلغلبهم في ذين يقع أالما يفضي من مصالح وما يحقق من مكاسب وما يكرس من وصاية الغرب علي اآلخرين

نسان والديمقراطية والتعددية شعارات مرفوعة عاليا ولكنها في حق عالم اإلسالمي )والحرية وحقوق اإلالية العوبة غربية هي ما , ولربما هذه النظرة التي تجعل من الديمقراط31(ت حق يراد بها باطلالمسلمين كلماسالمية السودانية لتعين خيار التغير بين خياري الترابي يترك الباب مفتوحا أمام الحركة اإل جعلت الشيخ

ن تكون مطلقة التقبل جنوح السلطة الديمقراطية إلي أ)والحركة بية العسكرية:نقالة أو اإلالديمقراطية السلميكم اهلل في مصالح موقوف علي حبشهوة المنفعة مهما كفكفت منها التحفظات الليبرالية بل السلطان عندها

يا ما كانت عيوب الممارسة عرف االجتماعي في عمل الصالحات وأزاء دور الضمير الفردي والالعباد ومحدود إسرع تلفا من جراء الديمقراطية حيثما كانت بالنسبة إلي نظريتها فالحركة تعلم أنها في السودان أشد زيفا وأ

و لديمقراطية بإستخفاف أفلذلك ال تتنكب الحركة ل إلمبريالي الخارجي,لخلل السياسي الداخلي والتدخل اا الترابيهذا النهج وما تبعه من تبني د.و 38(ن االصالح كله ودائما ديمقراطي المنهجولكنها التتوهم أ ,غدر

خانة ويجعله هو اآلخر في نفس وتطبيقه, نقاذ(, مايقدح في فكرهة )اإلسالمية السودانيإلنقالب الحركة اإل زدواجية( في مفهوم الديمقراطية في إطار الفكرة والتطبيق.الغربيين في التعبير عن )اإل

علي بها يؤكد والتي ,ة عن نفس المعاني السابق ذكرهاببعيد فكارا رائعة ليستأ عبدالوهاب األفنديكتور د ولأهمية الديمقراطية للمشروع اإلسالمي الذي تتبناه الحركة اإلسالمية سبيال لتحقيق معاني وقيم اإلسالم في

ن ن تكون الدولة المثالية اليوم, أو الدولة المثالية في كل زمان ومكان, اليمكن أن تكو مكن أ)وال ي :الحكميجب أن تكون منارة للحرية والتعددية اليدخلها دولة المسلمين, وذلك ألن )36(هذه الدولة إال ديمقراطية

, كما ويحرض 37(قهر وال تعتمد علي القوة االبذلك القدر المحقق لمبدأ الجماعة واألمة والمالزم لمفهومهاج ووضعه نصب األعين )وفي هذه األثناء فإن معركة المسلم ذ مشروع اإلسالمي لتحقيق هذا النمو أصحاب ال

. وفي جو الديمقراطية وحق كل فرد في أال يقهر واليجبر علي أي شئيق هدف واحد: يجب أن تتركز علي تحقج ق دولته علي صورته اقتداء بالنموذ الحرية هذا سيتيسر للمجتمع ان يجد نفسه ويطور موقفه االخالقي ثم يخل

39النبوي(.

Page 36: دولة الحركة الإسلامية في السودان

الحركة اإلسالمية_في ميزان الديمقراطية وحقوق اإلنسان

36

حقوق اإلنسان في اإلسالم:

ولقد نسان دون خلقه مصداقا لقوله تعالي )إلهيا منحه اهلل لإل همية حقوق اإلنسان في اإلسالم كونها حقاتبرز أسالم وهو يبني حضارته التي ق هذا البحث كيف أن اإلشرنا في سيا(, ولقد أ( اإلسراء73) كرمنا بني آدم

أهمية حتي رات التي عرفت في التاريخ منذ اآلف السنين, كيف كان يولي وجدت لها مكانة مرموقة بين الحضا, وكيف كان سيدنا عمر بن الخطاب وهو يتوجس ت هرةمراة عذببالحيوان, وكيف أنزل اهلل من العقاب علي إ

سوي لها نه لم ياب اهلل له يوم القيامة عن بغلة إذا سقطت في العراق بسبب أمن عظم المسؤلية ويخاف من عقالتعرض له وعدم اكيفية توفير سبل الراحة لهو الطريق. فان كان هذا هو إهتمام اإلسالم حتي بالعجماوات

سالم الذي كرمه المولي عز وجل.بالسؤ, فكيف هو حق اإلنسان في اإل

ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البـر والبحر ورزقـناهم من نسان لينطلق من قوله تعالي )ن تكريم اإلسالم لإلإاإلسراء( وهذا التكريم لتندرج تحته الكثير من الحقوق (73ت وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تـفضيال )الطي باعز وجل لم يجعل ن الموليالخوض في تفاصيلها يلزم التنبيه إلي أسالم. ولكن قبل صلها وبينها اإلالتي ف

اخري ومنهيرها مما ظهر في فكر الديانات األو غالعرق أو الطبقة أالتكريم لبني اإلنسان تفصله حواجز الدين أو اليهودية التي تنظر لآلخرين من غير اليهود كانما هم حيوانات سخرت لخدمتهم )وقد صور التلمود غير اليهود

بأنهم حيوانات في صورة إنسان, هم حمير, وكالب, وخنازير, بل الكلب أفضل منهم, ألنه مصرح لليهودي في بل يعطيه للكلب األعياد أن يطعم الكلب وليس له أن يطعم )األجانب( وغير مصرح له أيضا أن يعطيهم لحما,

31(.ألنه أفضل منهم

ن له من الحقوق والواجبات ما لآلخر أيا كان دينه أو عرقة أو طبقته فهو مكرم من منطلق إنسانيته وإنسان فاإل .رغما عن تلك التبايانات

ر أمة أخرجت للناس تأمرون ختصها بها المولي عز وجل )ميزة هذه األمة الخيرية التي إوإن كان من كنتم خيـهون عن المنكر وتـؤمنون بالله تكسب التميز فقط وال (آل عمران( فان هذه الخيرية ال993) بالمعروف وتـنـ

مة ث هذه الخيرية المسئولية تجاه اآلخر باعتبار أن األخرين, بقدر ما تور تكبر علي اآلال والشعور باإلستعالء أالبشرية لتخرج من دائرة الظالم إلي دائرة خري من منطلق هدايةولها عليهم تحقيق الشهادة علي األمم األورس

مم وتفقدشهودها علي األهي الخاصية التي بدونها تفقد األمة أسباب وجودها وأسباب سالمي, وهذهالنور اإلن وسنة نسان التي عبر عنها القرآحقوق اإلسالم الحقيقية والراقية في رعاية القدرة علي التعبير عن معاني اإل

الرسول الكريم.

Page 37: دولة الحركة الإسلامية في السودان

الحركة اإلسالمية_في ميزان الديمقراطية وحقوق اإلنسان

37

والتباينات التي وجدت عند اآلخرين سالم اليقيم وزنا لهذه الفروقات الدينية والعرقية والطبقية,لذلك فان اإلن حرفت سبحانه وتعالي يوم أ ن اليهود والنصاري فقدوا التميز الذي فضلهم به الموليوالقرآن يذكرنا كيف أ

وقالت اليـهود عزيـر ابن الله وقالت النصارى المسيح ابن ) :خرين بغير حقوإستعلت علي اآل معني الخيريةصاري (المائدة(, لذلك فان اليهود والن99)وقالت اليـهود والنصارى نحن أبـناء الله وأحباؤه (التوبة(, )03)الله

عن اآلخرين, مما أدي بهم الحقا إلي التعامل الإلنساني مع وهمهم بالتميز بالفهم الديني الخاطئ الذي أصليبية سابقا, وتعامل اليهود مع الفلسطنيين سابقا والحقا(, والذي يعتبر بعيد كل ج الحروب الخرين )نموذ اآلعها ديان من ينابييتوافق مع الفطرة السليمة التي أكدتها األ نسان حسب ماعد عن مفاهيم التكريم الالئق باإلالب

نسانية عبر التاريخ.الصافية وحسب ما أكدته االعراف اإل

سالم عبر تاريخهم من الغلو ين باإلنتماء لهذه األفكار وال يطبقها, ولقد سلم أهل اإلأما اإلسالم فانه ال يد خرين بسبب الدين.الديني الحاد الذي يهضم حقوق اآل والتطرف

لحرب التي التخضع في كثير من األحيان لمعايير سالم حتي في حاالت اوذلك ما عبرت عنه قيم وأخالق اإلهداف السامية النبيلة, وفي وصايا سيدنا محمد صلي اهلل نحراف بعيدا عن األأخالقية تضبط سلوكها من اإل

عليه وسلم لجيوش المسلمين الكثير مما يعبر عن مراعاة هذه الحقوق.

ع إستعباد الناس أو السيطرة عليهم أو استغالل خيراتهم إنما سالم نفسها لم تكن بدافوالحرب التي خاضها اإلورعاية حقوقهم وحرياتهم في التدين والشعائر وتحرير المقدسات وتهيئة المناخ المناسب ساسها تحريرهم كان أ

ين قد تـبـين الرشد من ) :لها لتعبر عن نفسها في جو معافي بعيدا عن العنف واالكراه ال إكراه في الد قل يا أهل ساس التعاون المشترك: )أقرة(, ولتؤسس لقاعدة الحوار بين أهل األديان علي ( الب386)الغي

نكم أال نـعبد إال الله وال نشرك به شيئا نـنا وبـيـ وال يـتخذ بـعضنا بـعضا أربابا من الكتاب تـعالوا إلى كلمة سواء بـيـحيان لتبدو آل عمران(, وإن كانت الحرب في بعض األ (61اشهدوا بأنا مسلمون )دون الله فإن تـولوا فـقولوا

خرين, ولذلك فانه ليس من الغريب غير ما ذكر فانما ذلك لرد عدوان أو ردع ظالم يعتدي علي حقوق اآلعلي فيه من نسان لما ظهراإل تح البالد التي ساد فيها الظلم وأهينت فيها حقوقسالم بترحاب وهو يفيستقبل اإل أن

ذين كانوا كان العرب يستقبلون كمحررين من قبل أولئك ال) :قامة العدل, فقدالتسامح ونصرة المظلوم وإ 03(و سياسي أو مالحقة دينيةضحايا إضطهاد إجتماعي أ

التفاضل بين بعاد التميز و بين بني البشر وتستلزم بالضرورة إساسيات تكريم بني آدم لتقتضي المساواة إن من أستثناء خص به اهلل سبحانه وتعالي عباده إستنادا إلي بعدهم أو قربهم منه, وإن كان هذا اإلالناس باستثناء ما

هرية, اظكثر منها معاير مادية أ من عبادهختص به بعضا المولي عز وجل وما إ إال يعلمهااليقوم علي معاير

Page 38: دولة الحركة الإسلامية في السودان

الحركة اإلسالمية_في ميزان الديمقراطية وحقوق اإلنسان

38

وبالتالي غير شيئا غير محسوسا المشار إليه تعتبر التقوي وبهذا التحديدي مكانها القلب, تقو ن الوذلك أل التقوي مكانه, ذات المعني ينطبق علي النفاق فالنفاق كما نسانيةمعلوم ليتميز به اإلنسان عن أخوه في اإل

ن كانت كذلك لمنعت هذه وإال إ ,وبالتالي فان الحقوق ال تقوم علي قاعدة البعد أو القرب من اهلل القلب,ي عباده سبغها اهلل علوالمنافقين علي السواء لكفرهم بأنعم اهلل الظاهرة والباطنة التي أ من الكافرين قالحقو

.09)لو كانت الدنيا تسوي عند اهلل جناح بعوضة ما سقي منها كافر شربة ماء( :المتقين والمنافقين

نسان من قاعدة تكريم اهلل له بغض النظر اإلر اهلل ليقيم ميزان العدل لحق واملذلك فان اإلسالم إلتزاما وإتباعا أل عن الدين.

نسانيته وليس من منطلق عرقه وهذا ما بينه الرسول وهو كذلك ليعترف بحق اإلنسان وتكريمه من منطلق إمر عليكم عبد , )عليكم بالسمع والطاعة ولو تأ03الكريم صلي اهلل عليه وسلم: )الفضل لعربي علي عجمي(

الرق وكيف جعل سس التي تحارب أيما إهتمام بحرية اإلنسان وكيف وضع األ هتمإ فاإلسالم ,00حبشي(وما كان لي اهلل سبحانه وتعالي سواء في القصاص: )ل اإلستعباد قربة يتقرب بها العبد إنسان من ذتحرير اإل

ال يـؤاخذكم الله باللغو (, أو في اليمين )تحرير رقـبة مؤمنة لمؤمن أن يـقتل مؤمنا إال خطأ ومن قـتل مؤمنا خطأ فـ سط ما تطعمون أهليكم أو في أيمانكم ولكن يـؤاخذكم بما عقدتم األيمان فكفارته إطعام عشرة مساكين من أو

والذين يظاهرون من نسائهم ثم يـعودون لما قالوا فـتحرير رقـبة من قـبل ( أو في الظهار )كسوتـهم أو تحرير رقـبة الخلفاء ةيات. وكذلك في السنة النبوية القولية والفعلية وسن( المجادلة(, أو في غيرها من اآل0)أن يـتماسا

.ثار التي تصب في ذات المعنيالراشدين الكثير من اآل

ية وأعالء العنصر و الجنس وضد إثارة النعراتللون أساس اهذا المنطلق ضد تميز الناس علي أ سالم منفاإل )إن نفخ نار النعرة العنصرية ال يلجأ إليه إال واحد من ثالثة: القبلية

ه ومروءته.بته ليستعيض بها عما فقد من رجولتية, فهو ينوه بنسشخص تافه يعرف من نفسه فقدان الكفا

رتفاع بالناس إلي المثل الفاضلة فرتع معهم في شهواتهم وجاراهم في أهوائهم ليجاروه أو رجل فاجر أعياه اإل فيما يهوي.

فمه أو رجل مغرور يحسب, عن ضالل في الفهم, أن جنسا أفضل من جنس ولونا أكرم من لون, فهو يمأل 01واإلسالم يكذب أولئك أجمعين( ,فخرا بقومه

التي سالم مليئة بصور التسامح والمحبة حياة المسلمين خاصة في الصدر األول من اإل ينا كيف كانتولقد رأ )حادثة سيدنا ستثناءاتس الوالء فقط هلل ولرسوله وليس ألي فكرة أخري, ولئن ظهرت بعض اإلساتقوم علي أ

Page 39: دولة الحركة الإسلامية في السودان

الحركة اإلسالمية_في ميزان الديمقراطية وحقوق اإلنسان

39

ختص إنسان عن بلوغ درجات الكمال التي التي تفسرها عدم قدرة اإلسيدنا بالل بن رباح(, أبوذر الغفاري معن نقص ن مرد ذلك ناشئ عشريته, فإ عليه وسلم رغما عن بسيدنا محمد صلي اهلل بها المولي عز وجل

اليميز الناس من م ساللذلك فان اإل ,سالم حتي اليدع لها السبيل لتحيا من جديدوقد عالجها اإل نسان,اإل و العنصر.منطلق الجنس أو اللون أ

ية ال تتعارض ذا كانت هذه التقسيمات تقسيمات وظيفواإلسالم كذلك اليعترف بتقسيم الناس إلي طبقات إال إخري وهضم الل طبقة ألذاف أو إستحقار أو إعستضتعالء أو إسإ وأن ينشأ عنها تمايز أ الحياة من دون ةوطبيعلي اهدا حتي يصحح هذا الوضع ويعيده إبل يعمل ج ,سالم وال يقر عليهلك مما ال يعترف به اإلقها, فان ذحقو

كان الرسول صلي اهلل علي وسلم وخلفائه الراشدين نصيرين للطبقات ها المولي عز وجل. فقد حالته التي يرتضيالتي صار البعض منها أنجما في سماء ,)أهل الصفة( لمع نجم هذه الطبقاتلمعدمة والفقيرة والمسكينة, فا

)ليخرج الناس من عبادة :مثلة في التضحية والفداء وتمكين الدين الذي جاءضربوا أروع األ , وقداإلسالم لي سعة الدنيا واالخرة(.رب العباد ومن ضيق الدنيا إ العباد لعبادة

والطبقية التي تضع فروقات تمايز بين الناس قطاعيةالنظم اإلني قد عاني الكثير في تاريخه من نساوالمجتمع اإل)أما نظام الطبقات فلم يعرف , منها علي سبيل المثال النظام الطبقي في الهندوتهضم حقوقهم دون وجه حق

نة بشرف اإلنسان من في تاريخ أمة من األمم نظام طبقي أشد قسوة وأعظم فصال بين طبقة وطبقة وأشد استهال...وألف فيه قانون مدني الهند دينيا ومدنيا, وخضعت له آالفا من السنين وال تزاعترفت به النظام الذي إ

عليه البالد وأصبح قانونا رسميا ومرجعا دينيا في حياة البالد ومدنيتها وهو المعروف اآلن بـ تتفقوسياسي إبقة الكهنة ورجال (البراهمة, ط9. يقسم هذا القانون أهل البالد إلي أربع طبقات ممتازة وهي)""منوشاستر

08(.شودر رجال الخدمة (1ويش رجال الزراعة والتجارة. ) (0( شتري رجال الحرب. )3الدين. )

ا والذي قسم المجتمع الي طبقات منه وكذلك النظام الطبقي في اروبا الذي ساندته الكنيسة وقننت وجوده,انة بالفالحين وبحقوقهم حيث درجة اإلستهاألمراء والفرسان ورجال الكنيسة والعمال والفالحيين, وقد بلغت

كان الفالح يتبع األرض أينما ذهبت، بمعني أنه إذا بيعت األرض تباع بمن عليها من الفالحين، فالفالح ليس )ندلعت علي اثره ثورات شعبية با إسب ذلك كان وقد 06(في الحياة سوى أن يخدم األمير ويفلح األرض له حق

ولما كان تناسي جماع )ق لإلنسان أضحت محل إتفاق وإست عليها بعد ذلك حقو س, وتأريقت فيها دماءأهذه الحقوق التي كانت انف 07(حقوق اإلنسان وازدراؤها قد أفضيا إلى أعمال همجية آذت الضمير اإلنساني

من كل رد حريات مطلقةنسان ومع ما فارقت فيه الدين بالتركيز علي منح الفلحقوق اإل يثمرة الميثاق العالمالف )ومما يدخل في هذا التقنين تخكثر من نقاط اإلفان نقاط التالقي بينها واإلسالم أ ,خالقيقيد ديني وأ

ف, ختالاصة, وقد بينوا مواطن اللقاء واإلالصياغات التي قدمها إسالميون لحقوق اإلنسان وحرياته العامة والخ

Page 40: دولة الحركة الإسلامية في السودان

الحركة اإلسالمية_في ميزان الديمقراطية وحقوق اإلنسان

40

صول التي تستمد منها الحقوق والواجبات في وسع حتي وإن اختلفت األوكشفوا أن مواطن اللقاء هي األ 09(.اإلسالم عن مثيالتها في المنظومة الغربية

ريمة جل التضحية سبيال لنيل الحقوق في حياة كلقد إشتهرت الثورة الفرنسية وأصبحت مثاال يضرب من أجتماعية أهدافها السياسية واإلقتصادية واإل هذه الثورة لها الحرية, حيث حققتيسودها العدل والمساواة وتظ

عوض النظام الجمهوري الملكية المطلقة، وأقر فصل السلطات وفصل ) :علي السواء, ففي الجانب السياسيتم القضاء على النظام القديم، وفتح المجال قتصادي ), وفي اإل)أ(الدين عن الدولة والمساواة وحرية التعبير

عتماد إذف الحواجز الجمركية الداخلية، و قتصاد من رقابة الدولة وحوتحرير اإل تطور النظام الرأسماليلمتيازات إتم إلغاء الحقوق الفيودالية و , وفي الجانب اإلجتماعي ))ب(المكاييل الجديدة والمقاييس الموحدة

جتماعية م والعدالة اإلية وإجبارية التعليالنبالء ورجال الدين ومصادرة أمالك الكنيسة كما أقرت الثورة مبدأ مجان 01.)ج(وتوحيد وتعميم اللغة الفرنسية

نجلترا يوم أن ناضلت حتي منحت حقوقا صيغت في الميثاق العظيم )الماجن كارتا( في عهد كذلك كانت إتحقيق المساواة الملك لويس, ولم تشذ روسيا التي قامت فيها الثورة البلشفية التي تحققت نتائجها علي نحو )

شتراكية والعمل قطاعية وتحقيق اإلنواحي والقضاء على الرأسمالية اإلفئات الشعب كافة من جميع البين رزح في وقت لي المحيط الذي كان يسي بقية أجزاء العالم الممتد من الخليج إ, والنن13(شتراكي الموحداإل

دم التضحيات الجسام حتي حقوقه وقجل نيل من األوقات تحت اإلستعمار األروبي البغيض والذي كافح من أ االستعمار من بالده.خرج أ

, نفاكرناها آنسان للتمايزات التي ذ ه لحقوق اإلليه اليستند في نظرتلذلك فان اإلسالم إستنادا إلي ما أشرنا إ, إنما يقيمها علي أساس التكريم اإللهي لإلنسان وليس ألي و طبقةعرق أو لون أ وسواء كانت تمايزات دين أ

ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البـر والبحر ورزقـناهم من الطي بات وفضلناهم مصداقا لقوله تعالي: )خر شي آ اإلسراء(.(73على كثير ممن خلقنا تـفضيال )

لي ج في رؤيتها التجديدية بين األصالة والمعاصرة, إتمز سالمية التي ا دعي الكثير من مفكري الحركة اإلوذلك ملتعبر عن حقوق اإلنسان ولتقيمها علي أساس )المواطنة( نسانية, تستوعب كل التمايزات اإل وضع صيغة جديدة

ساس للحقوق والواجبات وليس غيرها.كأ

التي تعتبر في ) :تور المدينةولقد كانت واحدة من المرجعيات الثابتة التي بنيت عليه الفكرة )المواطنة( هي دسنظر المؤرخين والباحثين والقانونيين من أهم وثائق التاريخ العربي اإلسالمي، باعتبارها أول أشكال التنظيم

نتماء الديني لرعايا الدولة دون النظر إلى اإل السياسي واإلداري واالجتماعي للدولة، أرست مفهوم المواطنة

Page 41: دولة الحركة الإسلامية في السودان

الحركة اإلسالمية_في ميزان الديمقراطية وحقوق اإلنسان

41

الدولة لجميع رعاياها، ومن المعروف أن في التكاليف الدنيوية تجاه المساواة روالقبلي، من خالل طرحها لشعا 19(المساواة هي أولى مقدمات المواطنة المؤسسة على الحرية والديمقراطية في العرف اإلنساني المعاصر

طار العام للعالقة بين جميع المكونات بما يحفظ الحقوق والواجبات سس )دستور المدينة( ليضع اإلحيث أ .والعالقات المتبادلة بين الجميع

كان نوعها يا زت ببعدها عن التمييز والعنصرية أو العصبية أسالم التي تميإن اإلطار العام لحقوق اإلنسان في اإلوسنة الخلفاء الراشدين, فنجد النبوية, ن الكريم والسنةتنطلق من المفاهيم واألفكار الرائعة التي عبر عنها القرآ

ني آدم وحملناهم في البـر والبحر ورزقـناهم من الطي بات وفضلناهم على كثير ولقد كرمنا ب هذا في قوله تعالي: ) اإلسراء(.(73ممن خلقنا تـفضيال )

يات أخري تضمنت علي جملة من حقوق لتضع اإلطار األهم وتؤسس الفكرة التي فصلت في آية هذه اآلإن و سان منها:ناإل

/ حقوق قانونية:9

الحق في الحياة:

نا على بني إسرائيل أنه من قـتل النساء(, )(31وال تـقتـلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما )) من أجل ذلك كتبـفكأنما قـتل الناس جميعا ومن أحياها فكأنما أحيا الناس نـفسا بغير نـفس أو فساد في األرض

وال تـقتـلوا أوالدكم خشية التكوير(, )(1( بأي ذنب قتلت )9وإذا الموءودة سئلت )(المائدة(, )03)جميعا لهم كان خطئا كبيرا )إمالق نحن نـرزقـهم وإي وال تـقتـلوا أوالدكم من إمالق نحن (, )( اإلسراء09اكم إن قـتـ

((االنعام989)نـرزقكم وإياهم

: ومنها الحق في الحرية

حرية اإلعتقاد:

ين قد تـبـين الرشد من الغي ) ( 3( ال أعبد ما تـعبدون )9قل يا أيـها الكافرون )(البقرة(, )386)ال إكراه في الد ( لكم دينكم ولي دين 8( وال أنـتم عابدون ما أعبد )1( وال أنا عابد ما عبدتم )0وال أنـتم عابدون ما أعبد )

الحرية الدينية لمن : )قرر ن الحرية الدينية قدالقرضاوي إلي أن اإلسالم في شأ ر د.شاأ وقد .الكافرون((6)نصاري والمجوس وسمح لهم بحرية اإلعتقاد وحرية التعبد وحرية يعيش في كنفه من مخالفيه كاليهود وال

ته ورجسيته مثل طعمة مايؤمن هو بحرم, بل سمح لهم أن يتناولوا من األمرهم بهفيما تأ لي شريعتهماإلحتكام إ 13(لحم الخنزيرما داموا هم يعتقدون حله. وهي قمة في التسامح لم يصل اليها دين

Page 42: دولة الحركة الإسلامية في السودان

الحركة اإلسالمية_في ميزان الديمقراطية وحقوق اإلنسان

42

ليف والنشر:حرية التعبير والتأ

وحرية القول والرأي مصونة, بل األمر في نظر اإلسإلم ودولته أكبر من كونه حرية, القرضاوي: ) قال د. وفيها 10(ت ال من باب الحقوق والحرياتوالواجبا من باب الفرائضفهي في النظر اإلسالمي

:والحركة حرية العمل

غير فاعال بمشيئته أن يتحرك بل من تكاليفه)الحركة من حقوق اإلنسان الواجب رعايتها, و العمل إن حريةوفقها علما أو يحصل رزقا أو يصل أحدا ليكسب األرض ويسعى يضرب فى له أن. متحركا غير ساكن عاطل

ومن آياته أن )سيرة فى األرض وصية من القرآن : وال تجذبه روحا من مشاهدات أو يلقى بآيات اهلل فى الكونقل سيروا في األرض ثم انظروا ), 11(سورة العنكبوت (33)اآلية (ن خلقكم من تـراب ثم إذا أنـتم بشر تنتشرو

بين )كيف فإذا قضيت الصالة فانتشروا في األرض وابـتـغوا من فضل الله ), األنعام( (99كان عاقبة المكذ .(( الجمعة93واذكروا الله كثيرا لعلكم تـفلحون )

م, تحت عنوان 9199المسلمين الصادر في وقد وردت هذه الحقوق مجتمعة في دستور جماعة األخوان عتقاد وعدم كفالة حرية المواطن في اإل): ( والتي جاء فيها6األهداف السياسية والدستورية, في المادة رقم )

جتماع والتنظيم وحماية دمه كراهه في الدين وضمان حرية المواطن في التعبير عن رأيه وحريته في الحركة واإلإ 18(منزله ومراسالتهوماله وعرضه وحرمة

التحرر من اإلستعباد:

ير من آيات القرآن الكريم ما يثبت محاربة اإلسالم للرق, والحث علي تحرير اإلنسان منه, وردت في الكثقـتل وما كان لمؤمن أن يـقتل مؤمنا إال خطأ ومن ): نذكر منها علي سبيل المثال اآلية التي وردت في القصاص

ن قـوم عدو لكم وهو مؤمن مؤمنا خطأ فـتحرير رقـبة مؤمنة ودية مسلمة إلى أهله إال أن يصدقوا فإن كان م نـهم م نكم وبـيـ يثاق فدية مسلمة إلى أهله وتحرير رقـبة مؤمنة فمن لم يجد فـتحرير رقـبة مؤمنة وإن كان من قـوم بـيـ

ال يـؤاخذكم الله باللغو في ) اء(,..سورة النس(13فصيام شهرين متتابعين تـوبة من الله وكان الله عليما حكيما )ما تطعمون أهليكم أو أيمانكم ولكن يـؤاخذكم بما عقدتم األيمان فكفارته إطعام عشرة مساكين من أوسط

رة أيمانكم إذا حلفتم واحفظوا أيمانكم كذلك كسوتـهم أو تحرير رقـبة فمن لم يجد فصيام ثالثة أيام ذلك كفا , وغيرها الكثير.المائدة( (91يـبـي ن الله لكم آياته لعلكم تشكرون )

را(حرا)متي استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أ :بقوله سيدنا عمر بن الخطاب رضي اهلل عنه وقد عبر عنها

Page 43: دولة الحركة الإسلامية في السودان

الحركة اإلسالمية_في ميزان الديمقراطية وحقوق اإلنسان

43

في التقاضي لنظام عادل:الحق أال تـعدلوا يا أيـها الذين آمنوا كونوا قـوامين لله شهداء بالقسط وال يجرمنكم شنآن قـوم على) :نظام يقيم العدل

المائدة(, ويحارب الظلم ففي الحديث (9اعدلوا هو أقـرب للتـقوى واتـقوا الله إن الله خبير بما تـعملون )وما ) :)يا عبادي إني حرمت الظلم علي نفسي فال تظالموا(, ويحارب إضطهاد وإستضعاف اإلنسان :القدسيا أخرجنا من هذه تـقاتلون في سبيل الله والمستضعفين من الر جال والن ساء والولدان الذين يـقولون ربـن لكم ال

النساء( (78يرا )القرية الظالم أهلها واجعل لنا من لدنك وليا واجعل لنا من لدنك نص

/ حقوق إجتماعية:3

الحق في المساواة وعدم التميز:

, )الفضل 16دم وآدم من تراب(آل )كلكم :ساس العرق ففي الحديثي أ, وال علساس الدينفال تميز علي أهل سلمان منا أ) ,19(قيل يا رسول اهلل، من أكرم الناس؟ قال: أتقاهم) ,17لعربي علي عجمي إال بالتقوي(

,فال يفضل اهلل عباده علي أي أساس شكالها, بل ينبذ اإلسالم العنصرية وكل أساس الطبقةوال علي أ 11(البيت، وهو أمان للتمتع بحرماتهم بعضهم من بعض السواء بين بنى اإلنسان صدر عن خلق) :, فإنإال أساس التقوي

، والتميل ميزان العالقات بينهم بشرا يطفف فال األصل يستوى أن وذلك. للوحدة المأمونة وحرياتهم ، وحصان الطوعى والتكليف المطبوع القدرى الخلق ولئن كان البشر بأصل. بالحق يمايزهم له كفة إال لفضل كسبهم

شاءوا تساووا وإن وإن الكسب ودرجات على مقامات الهدى فى الدنيا بالتنافس يبتلون فإنهم سواسية المشروع, وقد وردت هذه الحقوق بذات المعني أيضا في دستور األخوان 83(الدين والدنيا ىسبقا ف تفاضلوا شاءوا

89(شاعة العدل وتوفير المساواة للمواطنين أمام القانونإ(: )93م, في المادة )9199المسلمين

/ حقوق سياسية:0

جماع حقيقي والتي تقوم الشوري الحقيقية التي تصدر عن إ :إقامة الشوري والديمقراطية التي تتفق مع اإلسالمنـهم ) :علي اإللتزام باجماع المسلمين وال تحيد عنه والذين استجابوا لرب هم وأقاموا الصالة وأمرهم شورى بـيـ

الشوري(, وال تسوغ للتسلط وال للتفرد في أتخاذ القرار ثم تصبغ عليه صبغة دينية (09ومما رزقـناهم يـنفقون ), والحقوق 83علي ضاللة( مر)التجتمع هذه األمةي األبالمفهوم الذي يجعل الشوري معلمة وليست ملزمة ألول

ختيار الحاكم إى والمساواة وحرية المواطنين في إقامة الحكم اإلسالمي القائم على الشور ) التي أساسها: 80(وممثلي األمة وحقهم في النصيحة واألمر بالمعروف والنهي عن المنكر دون تسلط أو إرهاب

Page 44: دولة الحركة الإسلامية في السودان

الحركة اإلسالمية_في ميزان الديمقراطية وحقوق اإلنسان

44

الحق في ورعاية الحقوق والواجبات وتنظيمها, ومنها الحريات السياسية في التعبير والتجمع والتظاهر, و ر أمة أخرجت للناس تأمرون ) :لإلماممر بالمعروف وتنهي عن المنكر وتنصح المعارضة السلمية التي تأ كنتم خيـ

هون عن المنكر وتـؤمنون بالله ولو آمن أهل الكتاب لكان خيرا لهم منـ هم المؤمنون وأكثـرهم بالمعروف وتـنـ .أو تسعي لعزله بالطرق السلمية 81, )أعظم الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر(آل عمران( (993الفاسقون )

وإن كنا بصدد تناول تجربة الحركة اإلسالمية في الحكم ومدي إلتزامها باإلجتهادات التي وثقتها في مؤلفاتها,في مقال صدر نسان ن إلي المواقف النظرية من حقوق اإليالطيب زين العابدفقد أشار د. عن حقوق اإلنسان,

(, في جانب: تجربة الحركة اإلسالمية السودانية في مجال حقوق اإلنسان بين النظرية والتطبيقله بعنوان: ), والتي أشار إلي مصادرها النظرية والتي رغما عن أفكارها الجيدة المواقف النظرية من قضايا حقوق اإلنسان

, ولقد حصر تلك المراجع في:التي وردت فيها, إال أنها لم تجد حظها من التنفيذ

, والذي أشار لهذه الحقوق في فصل: )األهداف السياسية م9199دستور جماعة األخوان المسلمين كتبت بعد أن استولت الحركة والدستورية(, كما أشير إليها أيضا في وثيقة السودان لحقوق اإلنسان التي

: المرأة بين تعاليم الدين وتقاليد أكثر د. الترابي في مؤلفاته, كما فصل فيها اإلسالمية على السلطة في السودانوهو المرجع األساس للحركة اإلسالمية في تأصيل مشاركة المرأة في ,(م9191)الدار السعودية: المجتمع

(؛ م9197العمل العام؛ قضايا الحرية والوحدة، الشورى والديمقراطية، حوار الدين والفن )الدار السعودية: (؛ قضايا التجديد: نحو منهج أصولي م9199(؛ تجديد أصول الفقه )م9193د الفكر اإلسالمي )تجدي

(؛ كما ألف بعض الكتب المنهجية تعرض فيها لبعض حقوق اإلنسان مثل: اإليمان وأثره في الحياة م9113) (.م3331(؛ التفسير التوحيدي )م3336(؛ كتاب السياسة والحكم والنظم السلطانية )م9191)

الذي يقرأ هذه المؤلفات يجد أن الدكتور الترابي يؤمن بمبادئ حقوق ) :الطيب زين العابدين أنوقد ذكر د.اإلنسان المتعارف عليها عالميا ويبحث لها عن نصوص دينية من القرآن الكريم والسنة النبوية ليقنع الجماهير

بها اإلسالم التجربة الغربية. وقد تقدم في ذلك المسلمة أن هذه الحقوق ال تتعارض مع تعاليم اإلسالم بل سبق 88(.على معظم معاصريه من قادة الحركات اإلسالمية في العالم اإلسالمي

اإلسالمية أن نشير إلي تميز الحركة ,والننسي في هذا الجانب المتعلق بالحقوق اإلنسانية التي كفلها اإلسالموتحريرها من أغلب التقاليد المنسوبة للدين في اإلسالم(, لمرأةاحقوق ) إبراز في د. الترابي ومفكرها الرئيسي

بل أثبت ,دون النساء يها علي عدم إختصاصها بالرجالالتي بين ف نها براء, ولقد أشار لهذه الحقوقوالدين مل الله بـعضهم على بـعض )الر جال قـوامون على الن ساء بما فض :المساواة بين اإلثنين إال فيما إستثناه الشرع

Page 45: دولة الحركة الإسلامية في السودان

الحركة اإلسالمية_في ميزان الديمقراطية وحقوق اإلنسان

45

( النساء, وذلك بقول: )وقد قررت الشريعة باصولها السوية للمرأة أهلية وحرية مثل 01وبما أنفقوا من أموالهم)86.ما للرجل(

بالرأي, سواء كان ذلك ,اركة في الشأن العاموقد أورد د. الترابي جملة من هذه الحقوق, كحق المرأة في المشفإن كان ذلك في حال السلم, فإن لها حق المشاركة أيضا النصيحة ألولي األمر, أو اإلنتخاب للمثلي األمة,بأو

,اورفضقبوال شأنها الخاص كألحق في أختيار الزوج )مشافهة أو كتابة(, , ذلك فضال عنفي حال الحربمن حقوق أوردها في كتابه: )المرأة بين أصول الدين وحقها في العمل, وبناء األسرة بالتشاور مع الزوج, وغيرها

.وتقاليد المجتمع(

Page 46: دولة الحركة الإسلامية في السودان

الحركة اإلسالمية_في ميزان الديمقراطية وحقوق اإلنسان

46

مراجع الفصل الثالث

رواه اإلمام أحمد وأبو داود والترمزي وإبن ماجه ...(شدين...ألخعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الرا)/ 9

عمروا بن عثمان مرسالرواه بن عساكر عن - .()أمتي كالغيث اليدري أوله خير أم آخره/ 3

رواه أبو داود في سننه...اهلل ليبعث لهذه األمة..,الخ( )إن/ 0

رواه أبو داود والترمزي وإبن ماجة وإبن حبان...(العلماء ورثة األنبياء)/ 1

رواه الترمزي وإبن ماجه عن أبي هريرة...(مؤمن...الخ/ )الحكمة ضالة ال8

/ تمت اإلشارة إليه6

379ص د. الترابي-(التطور والمنهج والكسب-اإلسالمية في السودانالحركة )/ 7

من فقه الدولة في اإلسالم مكانتها..معالمها..طبيعتها..موقفها من الديمقراطية والتعددية والمرأة وغير )/ 9 918ص -دار الشروق..الطبعة األولي-د. يوسف القرضاوي -( المسلمين

دار -م3331الطبعة الثانية -حسن الترابي -( ة بين األصول وسنن الواقعالسياسة والحكم النظم السلطاني)/ 1 03ص - الساقي

76ص -..فهمي هويدي..مركز اإلهرام للترجمة والنشر..الطبعة األولي(اإلسالم والديمقراطية) /93

المعهد -الغزاليفي مدارسة أجراها األستاذ عمر عبيد حسنة مع محمد -(كيف نتعامل مع القرآن) /99 918ص -الطبعة األولي-العالمي للفكر اإلسالمي

996ص / نفس المصدر93

998/ نفس المصدر ص 90

01للقرضاوي ص (فقه الدولة في اإلسالممن )/ 91

907/ نفس المصدر ص 98

918/ نفس المصدر 96

Page 47: دولة الحركة الإسلامية في السودان

الحركة اإلسالمية_في ميزان الديمقراطية وحقوق اإلنسان

47

916-918/ نفس المصدر ص 97

)نسخة إلكترونية(لشيخ راشد الغنوشي..الجزء األول ا -( الحريات العامة في الدولة اإلسالمية)/ 99

/ نفس المصدر91

ورقة علمية قدمت بمعهد الدراسات السياسية -(الشوري والديمقراطية: إشكاالت المصطلح والمفهوم) /33واإلستراتيجية بالخرطوم إبان تقديم مشروع السودان الدائم لمجلس الشعب السوداني في أيلول/ سبتمبر

(03-09-31-39-37)ص -م9191

9199يناير 91عقد في الخرطوم في / خطاب الترابي في المؤتمر الثاني للجبهة الذي 39

393ص -د.حسن الترابي -التطور والمنهج والكسب(-الحركة اإلسالمية في السودان/ )33

(93ص -(الشوري والديمقراطية: إشكاالت المصطلح والمفهوم) /30

997في الفكر والسياسة ص الترابي آراؤهحسن / 31

371ص -حسن الترابيد. -التطور والمنهج والكسب(-الحركة اإلسالمية في السودان) /38

979ص -دار الحكمة لندن -عبدالوهاب أحمد األفندي-نحو رؤية جديدة(-)اإلسالم والدولة الحديثة /36

991 / نفس المصدر37

976-978/ نفس المصدر ص 39

969ص -الديني للتاريخ نقال عن التفسير/ 31

01ص ديروجيه غارو سالم( وعود اإل) /03

...(شربة ماء منها كافر )لو كانت الدنيا تعدل عند اهلل جناح بعوضة ما سقي/ 09

رواه الترمزي والبيهقي...)الفضل لعربي علي عجمي(/ 03

رواه البخاري...)عليكم بالسمع والطاعة ولو تامر عليكم عبد حبشي(/ 00

910ص -نهضة مصر للطباعة والتوزيع والنشر -اإلسالم واإلستبداد السياسي..محمد الغزالي /01

16ص ماذا خسر العالم بإنحطاط المسلمين..أبو الحسن علي الحسني الندوي )نسخة إلكترونية(./ 08

Page 48: دولة الحركة الإسلامية في السودان

الحركة اإلسالمية_في ميزان الديمقراطية وحقوق اإلنسان

48

الحرة الموسوعة ويكبيديا / نقال عن06

عن الموسوعة.نقال -ديباجة الميثاق العالمي لحقوق االنسان()/ 07

. )نسخة إلكترونية(الشيخ راشد الغنوشي -الحريات العامة في الدولة اإلسالمية()/ 09

الحرة. الموسوعة ويكبيديا نقال عن )أ, ب, ج(/ 01

/ نفس المصدر13

السرجاني.شراف راغب إ-(سالم)قصة اإل/ نقال عن موقع 19

11ص القرضاوي (فقه الدولة في االسالم)/ 13

11المصدر ص / نفس 10

960-963ص الترابي-(السياسة والنظم السلطانية/ )11

م9199دستور جماعة األخوان المسلمين الصادر في / 18

أخرجه أبو داود وأحمد في مسنده...دم وآدم من تراب()كلكم آل/ 16

تقدم زكره/ 17

رواه مسلم(...قيل يا رسول اهلل، من أكرم الناس؟ قال: أتقاهم) /19

رواه الحاكم في المستدرك, والطبراني, ضعفه الجمهور, وحسنه الترمزي ...(سلمان منا أهل البيت)/ 11

910ص -(النظم السلطانية الترابي)السياسة و / 83

م9199دستور األخوان المسلمين / 89

رواه الترمزي والحاكم...(التجتمع هذه األمة علي ضاللة)/ 83

8 المادة رقم-م9199دستور األخوان المسلمين / 80

/ 88 رواه أبو داود والترمزي وإبن ماجه ...)أعظم الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر(/ 81تجربة الحركة اإلسالمية السودانية في مجال حقوق اإلنسان بين النظرية ) للطيب زين العابدين بعنوان:-مقال

Page 49: دولة الحركة الإسلامية في السودان

الحركة اإلسالمية_في ميزان الديمقراطية وحقوق اإلنسان

49

المرأة / 86. (والتطبيق م.3333هـ/9139الخرطوم -مركز دراسات المرأة-د. حسن عبداهلل الترابي -بين األصول والتقاليد

Page 50: دولة الحركة الإسلامية في السودان

الحركة اإلسالمية_في ميزان الديمقراطية وحقوق اإلنسان

50

الفصل الرابع

التطبيق

قتضت حكمة اهللنساني عامة, حيث إنبياء المتعاظم في التاريخ اإللي دور الرسل واأل, إشرنا فيما سبقلقد أتجدد ببعث حياء يالروحية لدي البشر, وكان هذا اإل معاني الدين والقيم ,ن يحيي علي فتراتسبحانه وتعالي أ

بمثابة الدليل واألثر لسماوية لتكون نزل اهلل الكتب اوليس جملة واحدة, ولقد أ نبياء علي فتراتالرسل واأل الناس من بعدهم. بها نبياء ليهتديالحي حتي بعد موت األ

, مصداقا لقولو بمن سبق من الرسل هكتبباهلل ومالئكته و نه يمان المرء وال يزال منوطا ومرتبطا بايماكان إوإن والمؤمنون كل آمن بالله ومالئكته وكتبه ورسله ال نـفر ق آمن الرسول بما أنزل إليه من رب ه الحق تبارك وتعالي: )

ن من يماهذا اإل, فإن (البقرة (398بـين أحد من رسله وقالوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربـنا وإليك المصير )لدين الذي شكل ا ,نسانيالوثيقة بالتاريخ اإل علي صلته يدع مجاال للشك, بما ال ؤكدالوصف لي االمسلم بهذ

ال نجد إنفصام بين الدين اإلسالمي والقيم فإننا هم, لذلك ن لم يكن هو العامل األ, إاصرهعنأهم حد أمكارم : )إنما بعثت ألتمم اإلنسانية الخالدة عبر التاريخ والتي تجئ مصداقا لقوله صلى اهلل عليه وسلم

نتهاء إالسالم, إمتدادا للهدى الرباني من لدن سيدنا آدم عليه ,بل نجدها على العكس من ذلك 9(األخالقم, فقد تكفل ، ولما كان الدين اإلسالمي هو الدين الخات عليه سلم خاتم األنبياء والرسلبسيدنا محمد صلى اهلل

ن آخر ثات لدينبعاألن الباب قد قفل أمام أي إ وذلك, ( بالحفظالقرآن)كتاب المسلمين اهلل سبحانه وتعالى ل غير الدين اإلسالمي.

لى اهلل عليه وسلم كرسول وكنبي خاتم, هو المعين الذي إلسالم الذي عبر عنه سيدنا محمد صولقد كان معين ا .تعبيرأصدق وأروع كتبها التي عبر عنها القرآن بسكبت فيه خالصات األديان السماوية برسلها وأنبيائها و

خلود القران الكريم قدرته قتضي من بين يديه وال من خلفه, ولقد إ فالقرآن هو كتاب اهلل الذي ال يأتيه الباطل سالمية علي المستوي الخاص والمستوي األعم.مة اإلابة علي األسئلة الملحة التي تهم األجعلي اإل

منذ ذلك التاريخ وحتي +الخلفاء الراشدين(الكريم لي فترة )الرسولإن تنزيل النص علي الواقع قياسا عإال المبينة له ن والسنة الفترة القياسية في التطبيق للقرآنشا جدلية بين المثال والواقع الذي مثلته تلك اليوم, قد أ

جتهادات الالحقة بعد ذلك التاريخ وحتي اليوم.من ناحية, ومن ناحية أخري اإل

Page 51: دولة الحركة الإسلامية في السودان

الحركة اإلسالمية_في ميزان الديمقراطية وحقوق اإلنسان

51

لقتأ, و وتحولت لملك عضود بعد وفاة سيدنا علي رضي اهلل عنه ,الرشدفالخالفة الراشدة قد ضلت طريق هـ بين سيدنا علي كرم 09بثقلها علي األمة فتناوشتها المحن من كل جانب, ولقد شكلت موقعة صفين الفتنة

بالقيم نحرف مسار الخالفة عن طريق الرشاد المفعم , حيث إاهلل وجهه وسيدنا معاوية رضي اهلل عنه منعطفا هاما)ولست أدري لماذا لم ينتبه المؤرخون إلي هذه الواقعة, :رحلة جديدة هي مرحلة العقللي م, وإنتقل إالروحية

ل ماإلي طور القيصرية, الذي يسوده ع التي حولت مجري التاريخ اإلسالمي, إذ أخرجت الحضارة اإلسالميةه , إال أن3(الدالة علي أفول الروح يه بوادر الفتورالعقل, وتزينه األبهة والعظمة, في الوقت الذي بدأت تظهر ف

أن +الخلفاء الراشدين(, إالالكريم مة قياسا علي فترة )الرسولعلي الرغم من هذا الجمود الذي أصاب األأن األمة اإلسالمية يمكن أن تصاب بفترات ,أكدت بما ال يدع مجاال للشك هنالك ومضات وتجليات قد

دد لها ر المطاف التموت, فكيف تموت والمولي عز وجل قد تكفل لألمة بمن يجإنحطاط إال أنها في آخ 0مر دينها(علي راس كل مئة عام من يجدد لها أمة )يبعث اهلل لهذه األ :دينها

ر القرآن والقرآن الكريم كتاب اهلل الخالد قد كان له الفضل األول في المحافظة علي حيوية األمة, ليس باعتبافقد كان الرسول صلي اهلل شاد الناس سبل الهداية والرشاد, ر قط, ولكنه أحياها كذلك بالتأسي وإذكرا متلوا ف

, والمؤمن نفسه ال يكون مؤمنا فقط بما وقر في 1()كان خلقه القرآن :م المؤمنين عاشةم كما قالت أعليه وسل شره, إنما كمال اإليمان ال يتم خيره و خر وبالقدر واإليمان بكتبه ورسله وباليوم اآلقلبه من إيمان وتوحيد اهلل

يمان ما وقر في القلب وصدقه العمل(, وقد )فاإل :الدنيا تحقيقا لخالفة اهلل في األرضال بالعمل الصالح في إن سفارا( ال ينتفع بالقرآحمل أ)كالحمار ي :ن يكونير اإلنسان من أن الكريم في مقام الذم تحذي القرآورد ف

ه لتحكم وتضبط حياة ومعاش الناس, ولئن كان تمام أمر المؤمن قائما ومكتمال بتكامل والينزل قيمه ومبادئ خري, إنما يؤدي إلي خلل بائن وخطير., فإن إي إختالف بين اإلثنين مما يرجح كفة علي األالعقيدة والشريعة

وبحبها للشهوات من النساء ,مارة بالسؤوبالنفس األ ,هوية علي إتباع الاإلنسان مجبول ت نفسولما كانسدي تتناوشه نسانن اهلل سبحانه وتعالي لم يترك اإلواالموال والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة...الخ, فا

ان بالعقل إلدراك نسالخير, ومنذرين من الشر, وميز اإلنبياء مبشرين بإنما بعث إليه الرسل واأل ,قوي الشر اط المستقيم.لي الصر الخيار األسلم الهادي إ

المعروف والنهي عن المنكر والتعاون علي مر بعلي دعائم تصون تماسكه باأل قامهاهلل المجتمع المسلم وأ وانشأمر باقامة العدل والشوري والتواصي بالحق والصبر, وأمر والة األ البر والتقوي واالعتصام بحبل اهلل المتين

كمل المفصل السامية التي جاءت علي الوجه األ سالماني اإلغيرها من معو بسط الحرية والحقوق ورعايتها,و 8(كتاب اهلل وسنة نبيه ,ما تمسكتم بهما لن تضلوا ركت فيكم أمرينت) :ةفي القرآن والسن

Page 52: دولة الحركة الإسلامية في السودان

الحركة اإلسالمية_في ميزان الديمقراطية وحقوق اإلنسان

52

ث, فانه تبرز سالميين اليتيمة في الحكم خاصة في العصر الحديجانب التطبيق العملي في تجارب اإلنه في إال أ, حتي بعد قراءتها وإعادة إسقاطها علي ليها سابقارنا إشالفترة القياسية التي أتلك لي قضية نفسية بالنظر إ

لي الجوهر , بالصورة التي تنفذ إو التراث والحديث, أمع قدرة علي تكيف القديم والجديد الواقع من جديد,ئة بين قرن وقرن, الطبيعة الناشختالفات مع تسليمنا وإيماننا التام باإلوذلك من غير إضرار بالثوابت واإلصول,

ممتدة حتي قيام سالم , علي إعتبار أن رسالة اإلخرونفان حكمة اهلل إقتضت االيقفل الباب ويستثني منه آة التي بتالءات وبروزها باشكال وصور جديدة تتفق وسنة الحياة الجاريتجدد اإل يعني بالضرورة الساعة, وهذا

بتالءات سيرا المجال مفتوحا لمن يتصدي لهذه اإلغير والتبدل, مما يجعل ساسها وطبيعتها وقانونها التمن أ مة وخلفها الصالح. ء الراشدين( ومن تبعهم من سلف األ+الخلفاالكريم علي خطي )الرسول

صدر األول ولم تنس في المقابل شارت لخيرية ال, قد أن الكريم والسنة المطهرةولقد ذكرنا كيف أن القرآ( وثـلة من اآلخرين 01ثـلة من األولين ): )تعالي قولهالتي تلتها حتي قيام الساعة, إهتداء بالمؤمنة جيال األاتون سالم من الذين يا محمد صلي اهلل عليه وسلم في اإلشارة إلي أخوانه في اإلوفي قول سيدن ,(الواقعة (13)

أصحاب النبي صلي اهلل عليه وسلم له: أولسنا إخوانك؟ قال: بل وددت أنا قد رأينا إخواننا فقال من بعده: ), وكذلك في قول سيدنا محمد صلي اهلل عليه وسلم: )أمتي كالغيث ال يدري أوله خير أم 6(أنتم أصحابي

7.(آخره

لي نبيها المولي عز وجل في القرآن وبما أوحي به إستحالة( قد عالجهالنفسية )اإل شكاليةاإل هذه لذلك فانالنفسية سيدنا محمد صلي اهلل عليه وسلم بسنته المطهرة, وإال فان هذه الفترة إن كانت بتلك النظرة

نفس الفكرة التي لي حد كبيرس, وهذه تشبه إساألغير قابلة للتطبيق في ا فترة نهاإن هذا يعني أ, ف)اإلستحالة(ال في خيال فكرة ليس لها وجود إ , وهيسابقا اليهأشرنا إطين في كتابه: )مدينة اهلل( التي أوغسدارت في خيال

وغسطين, أي أنها فكرة غير واقعية وبالتالي غير قابلة للتطبيق, وذلك الفهم يحدث فتور ويضعف الهمم لدي أخفاقات القاتلة, ثير من اإلالك بل تداري به بعض هذه التيارات ,ستالم الحكمبعد إ بعض التيارات اإلسالمية

اإلسالميفإن النظرة المثالية التي نتجت عنها علة نفسية تتمثل في إستحالة تنزيل المشروع , وبناء علي ما سبق على أنه مثال خيالي ال يكاد )ال ؛المشروع إذا قدم كما قال د. الترابي, كان باإلمكان تفاديهافي الحكم,

يتحقق إال لمجتمع المالئكة، أو عبر مجاهدات أجيال كثيرة تتكامل فيها منجزات اإلسالم، ولعرضناه كما واقعيا، ولبسطنا بين الناس صورة المجتمع السني األول الذي كان مجتمعا تلوح فيه التطلعات نحو القيم العليا،

ل كان يحتوي ويشتمل على كثير من القصور عن ذلك المثال، وكانت فيه طوائف على ولكنه بواقعه الماثل بالفعوهذه الصورة الواقعية مختلف مراحل الطريق، منهم الظالم لنفسه، ومنهم المقتصد، ومنهم السابق بالخيرات.

Page 53: دولة الحركة الإسلامية في السودان

الحركة اإلسالمية_في ميزان الديمقراطية وحقوق اإلنسان

53

وه كما تحقق، وال التاريخية لألنموذج السني األول تجعل اإلسالم أقرب مثاال للناس، وتزيد أملهم في أن يحقق 9.(مثاليته توجسهم من بعد

حق عن جدارة لقب ستعمر بن عبد العزيز الخليفة الذي إسالم كيف خرج سيدنا ولقد رأينا في تاريخ اإلوإنحرفت بها إلي التي ساقت الخالفة ,مويةلة األشتهر بعدله, كيف خرج من رحم الدو الخليفة الخامس الذي إ

ستقر في العهد الذي تلي عهد وراثيا, علي عكس ما إصبحت بعد ذلك ملكا عضودا غير طريق الرشاد وأكيف خرج األئمة األعالم , و1(ذا هلك كسري فال كسري بعدهسول الكريم والذي لم يقر عليه اإلسالم: )إالر

با لهدي حمد بن حنبل( روادا في الفقه والفكر والدعوة يوم كان الحكم مجانأ -الشافعي -مالك -)أبو حنيف سالم.اإل

باب التأسي عينها تلك الفترة منأن تضع نصب د أالب ,نو سالميمجهودات الالحقة التي يتبناها اإللذلك فان ال .نسج علي منوالهاوال بها قتداءواإل

تي نحاول تقصي تجربتها ومالبسات نقاذ( والا بصدد الحديث عن دولة الحركة اإلسالمية السودانية )اإلولئن كنم الذي شكل منطلقاتها الفكرية سالوال بمنهج اإلالتطبيق محاكمتها أ فانه يلزم في جانب ,شكالية تطبيقهاإ

ختارته طوعا سبيال لسير تنظيمها ودولتها الحقا.وإ

لكثير من المفكرين قديما وحديثا إلي العامل األهم الذي كان السبب في اإلنحطاط الحضاري الذي شار افقد أ مهاأل العامل السياسي هي اإلستبدادالمتمثلة في حيث كانت وماتزال )أزمة الحكم( ,سالميةأصاب األمة اإل

فالفساد السياسي عندنا له أثر أكبر من غيره, ولذلك أحب أن يلتفت المسلمون إلي أن ا االنحطاط )في هذواإلستبداد الفساد السياسي سيعيق نهضتهم ما بقي هؤالء الساسة المستبدون وما بقي حكم الفرد

)أمة يستأثر بها وذلك ألن فمتي ما إستسلمت األمة لحاكم مستبد كان السقوط الحضاري ,93(السياسيوبمعني أ ,99(حاكم, أو ظالم مستبد, أمة ال يوثق بها أصال أن تكون قابلة للحياة واإلمتداد وصناعة الحضارة

, حديثا جانبتها قديما وسارت في غير طريقهاحتكام الخالفة )الدولة( لقواعد الرشد التي آخر في عدم إدبيات العصر من عدمه والتي رسخت في تاريخ اإلسالم وإستقرت في أ القواعد التي ذكرناها في الرشد وبتطبيق

, في إطار الموائمة بين و مفارقته للمثالنقف لنتبين مدي موافقة التطبيق أ فاننا ,الحديث )الحكم الراشد(, والتي أضافت إليها نكه ومذاق خاص متازت بهما الحركة االسالمية التجديديةاللتان إالمعاصرة صالة و األ

سالمي الطابع لمفهوم الدولة الحديثة.إ

Page 54: دولة الحركة الإسلامية في السودان

الحركة اإلسالمية_في ميزان الديمقراطية وحقوق اإلنسان

54

تقوم فيها الدولة علي القواعد التي , و العصر الحديثهم مقومات الحكم الراشد في ونبتدر القول بإإلشارة إلي أ تية:اآل

/ الديمقراطية.9

/ الحرية.3

/ المؤسسية.0

/ القانون والعدل.1

/ الشفافية والبعد عن الفساد.8

ساسيات الحكم الراشد وأعتقد أن هذه القواعد الخمس يمكن إيجازها وإختزالها من غير إخال إذا قلنا إن من أها التي كفل (االنسان مراعاة حقوق)وعلي ,نظاما للحكم (الديمقراطية)في العصر الحديث هي التي تقوم علي

هتمام بها.اإل سالم وشدد علياإل

نسان تقع معاني الديمقراطية وحقوق اإل ين كانتدولة الحركة اإلسالمية )اإلنقاذ( وأ ولكن ماذا حدث في تطبيق في قاموسها العملي.

لم نسان( وحقوق اإل -العدل والمساواة -حريةال -ن هذه المعاني )الديمقراطيةولربما يجدر بنا اإلشارة الي أء والتقدير, ولم تسلم كذلك حتفاارئا لم يحظ بالقدر الكافي من اإلال ضيفا طتكن في تاريخ السودان الحديث إخر اتها المتفق عليها لتخدم في آخرجتها من سياق, أو أو حورت معانيهامن األيدي الخبيثة التي أعدمت أ

األكثر جرأة في إمتهان مقارنة مع مثيالته ة والذي يعتبرسالمي, وباألخص تنظيم الحركة اإلالمطاف تنظيم معينوتندرج تحتها الكثير من ,ليهما فيما سبقهذه الحقوق, ولنا أن نلحظ التناقضات في نقطتين أساسيتين أشرنا إ

ول أو العصر الحديث وهما:الراشد سواء كان ذلك في الصدر األالتفاصيل التي تصب في معين الحكم

/ الديمقراطية.9

نسان./ حقوق اال3

ولنبدأ في تناقضات التطبيق مقارنة مع المثال.

الديمقراطية:وافق د.الترابي وما خطه قلمه والذي ستدالالت من فكر فمن حيث الفكرة قد أوردنا في سياق هذا البحث إ

Page 55: دولة الحركة الإسلامية في السودان

الحركة اإلسالمية_في ميزان الديمقراطية وحقوق اإلنسان

55

ينا توافقا تاما بينها يها علي مستوي العالم العربي واإلسالمي, ولقد رأسالمية ومفكر ارآء أغلب قادة الحركات اإلوهي ,مثل في تنظيم الممارسة السياسية في عالم اليوماألالخيار مضامين التي تعتبر الديمقراطيةوبين ال

راطية والشوري والتي وصلت إلي نتيجة مفادها أن نقاط الديمقطار المقاربة بين محاوالت تأصيلية عملت في إوردها في سياق خط الحركة الف, وإن كانت بعض األفكار التي أتخكثر من نقاط اإلاإلتفاق بين اإلثنين أ

فلذلك ال ) :الخيار الديمقراطيخري غير خيارات أ أي مامير والتي ترك فيها الباب مفتوحا أورؤيتها لعملية التغ 93ح كله ودائما ديمقراطي المنهج(صالركة للديمقراطية باستخفاف أو غدر ولكنها التتوهم أن اإلكب الحتتن

تالميذه بالبعد عن بعض تهم فيها, خاصة بعد أحداث المفاصلة األخيرة والتي إقد قدحت الحقا في مصداقيتهالترابي د.ادة ظهور ففي هذه اإلمية والتي تعتبر الديمقراطية من أهمها, ولنا أن نلحظ سالأهداف الحركة اإل

وسع في التعامل عن الممكن ليحقق لحركته مقدارا أ كثر منه بجلباب المفكر, والذي يبحثبجلباب السياسي أونظن ي تغير يتجاوز طريق الديمقراطية,احها مستقبال من رهق التبرير ألر اليضيق عليها مساحات العمل, كما أو

بإعتبارها فاداتال نريد أن نتعامل مع هذه اإلوإن كنا في نفس الوقت نظير,أنه نجح في ذلك نجاحا منقطع الولكنها وإن ,ستثناءاتفي باب اإل تقع كما أثبتت أغلب كتاباته, نهاأل الترابي, وذلكتمثل األصل في فكر د.

ستقر وما الي ممارسة التنظيم اإلسالمي كانت كذلك فقد كانت إستثناءات خطيرة, أعتقد أنها خلفت أثرا ع عليه فكرها الثابت.

والتي فتحت الطريق لغير ,ليهاالمشار إ كارفء التظيم وفي مدي تاثرهم بهذه األعضافي رؤية أ وقد وجدنافكر الترابي الذي أشرنا إليه, وأعتقد أن أوضح مثال علي هذا التماهي تماهيا شبة تام مع الخيار الديمقراطي,

)"... فأنا والتي قال فيها: رحمه اهلل مامياسين عمر اإلسالمي الشيخ التنظيم اإلإفادات نطق بها أحد أبرز قادة ن سالم، لفالقوى الدولية المعادية لإلالم! سلو لم يصل الي الركب، فلن يقوم إ دموي.. حيث كنت أري أن الدم

90".سالميين للسلطةتسمح، بالطرق السلمية بوصول اإل

األفكار التي دارت داخل التنظيم وفي مجلس عند , سنقففي هذا السياقلتبيان هذه التناقضات الفكرية و والتي تلخصت في رأيين إثنين م,9191/ يونيو/03يب وجهات النظر إستعدادا إلنقالب اإلنقاذشوراه لتقل

في اآلتي: (الفريق األول)تلخصت آراء حيث ,يمثلهما فريقان

الحرية أصل اإليمان, وسابقة للوحدة في أصول فقه الحركة منذ ميالدها, فهي إذن مبدأ أول وليست *أوال: قيمة فرعية, واإلنقالب العسكري سيقبض الحرية بالضرورة ولو مؤقتا.

العسكرية, إال أن صحائفها ما العالم كله كانت ضحية اإلنقالباتالحركة اإلسالمية في السودان, وفي *ثانيا: ال في سائر الدنيا بيضاء من إقترافه.تز

Page 56: دولة الحركة الإسلامية في السودان

الحركة اإلسالمية_في ميزان الديمقراطية وحقوق اإلنسان

56

ظلت الحركةاإلسالمية في كل خطابها بما في ذلك خطب األمين العام الرئيسية في مؤتمرات الجبهة *ثالثا:اإلسالمية الكبري تؤكد أن الجيش ينبغي أن يباعد بينه وبين السياسة, وأال تدفع المغامرة حزبا أو فردا الرتياد

لجيش ولو عنصرا ضابطا يجنب البالد الفوضي, أو عضوا ملتزما يوفي خطوات الحركة المحظور. أما دخول ا نحو التمكن, فيقضي حذرا ونظرا أعمق.

والذي تلخصت (الفريق الثاني)الحجج المضادة تفرض نفسها بقوة؛ وهي التي يمثلها * وفي المقابل كانت آراؤه في اآلتي:

بر الديمقراطية قيمة والحضارة قيمة, ولكن الحضارة قيمة أعلي, وإذا في العالم القوي المسيطر المستك *أوال:ولدت الديمقراطية إسالما فقد هددت القيمة األدني القيمة األعلي, وأن اإلضطهاد الذي تعانيه حركات اإلسالم

ا ستوأد في كل العالم والصمت المطبق من جانب ما يعرف بالعالم الحر يؤكد أن الديمقراطية التي تنجب إسالم فورا.

الديمقراطية سادت في العالم بعد الثورة والعنف والحرب األهلية, ونحن نريد لها أن تسود بثورة بيضاء, *ثانيا:وفي القرآن سياقات الجهاد موصولة بسياق الحكم, فالمؤمنون متي بلغوا الحكم أو إقتربوا منه وقع عليهم

ابتالء الجهاد.

اطية في السودان بـ)مزكرة الجيش( واألجل الذي شرطته علي رئيس الوزراء هو لقد خرق عهد الديمقر *ثالثا: إنقالب كامل األركان خرق كذلك قسم الجيش بإجتناب السياسة وطاعة القائد العام رئيس الوزراء.

.المحبوب عبد السالم(-أنظر الحركة اإلسالمية دائرة الضوء خيوط الظالم*)

ين:تإثن ولنا في هذين الرأين مالحظتين

التي صدرت من البعض في )يمثلها الفريق األول( التي عتراضاتفي جانب اإلرأينا فقد ففي المالحظة األولي, ليست إعتراضات لوجدناهانقالب, انت تدور في التنظيم تقليبا لالرآء وتمهيدا لعملية اإلالمشاورات التي ك

إذا , وذلكسالميةجسد الحركة اإل في بالقوة التي يهتز لها التنظيم فتحدث فيه تصدعات كما حدثت من قبلسة الحركة اإلسالمية وتاريخها في مقتل, والذي ر نقالبي الذي المس فكر ومماقارناها باقرار وإلتزام الخيار اإل

لتزام الخط الديمقراطي فكرا إبرز في ارها األبباعت ,خريمثيالتها من الحركات اإلسالمية األ نبي به شتهرتإحادثة كان من المفترض أن تحدث إهتزازات في التنظيم أقوي من سابقتها إن لم نقالبأن اإلوممارسة, لوجدنا

من قبل نقالبتكن تماثلها علي أقل تقدير, وهذا يعني من ناحية أخري أن اإلعتراضات التي تصدت لفكرة اإلعتراضات لم تكن إعتراضات مبدئية بقدر ما كانت إ يم )الذين لم يسمع لهم صوت بعدها(,بعض منتسبي التنظ

Page 57: دولة الحركة الإسلامية في السودان

الحركة اإلسالمية_في ميزان الديمقراطية وحقوق اإلنسان

57

ي خر ر بعين لحسابات الربح التي يمكن أن يجنيها التنظيم في حال نجاح اإلنقالب, وتنظر بالعين األتنظووجوده, وهذا ثار تهدد بقاء التنظيم من آن يخلفه لحسابات الخسارة في حال فشل اإلنقالب وما يمكن أ

ستراتيجي يدور حيثما دارت مصلحة الحركة دون مراعاة اضات مبنية علي فهم تكتيكي وليس إعتر يعني أنها إ لقضية الديمقراطية من الناحية المبدئية.

عتراضات لم يعلو صوتهم الحقا أن األشخاص الذين صدرت منهم هذه اإل فقد وجدنا أما في المالحظة الثانية,خطها الجديد مما ساعد العملية نقالب, بل سايروا الحركة في اإل التي صدرت منهم قبل فكاربنفس األ

مراجعات لم تحدثبل كر علي مستوي التنظيم, هتزازات تذ المضي قدما بدون عقبات أو إنقالبية علي اإلذا وذلك بالطبع إ ,كل لحم الخنزير للمضطرح الوضع الجديد الذي كان بمثابة أفكرية جادة ومبكرة لتصحي

نقالبية.يم اإلسالمي في إضطراره لتنفيذ العملية اإلصدقت نوايا التنظ

, لم تعضده سالميةر طارئ في فكر وممارسة الحركة اإلماإلنقالب علي إعتبار أنه أ ن تبريروهذا يقودنا إلي أم من علي الرغ ,ديمقراطيةالتي كانت بعيدة كل البعد عن معاني الالممارسة السياسية التي تلت اإلنقالب و

ومن األشياء رتضته الحركة لنفسها.توجب الرجوع السريع للمنهج الذي إضطرار مما كان يسإنتفاء أسباب اإلالتي تثير اإلستغراب في هذا الجانب المتعلق بإنقسام اإلسالمين في مجلس الشوري والمكتب السياسي, حول

مين أظهرت تناقضا في المواقف, بين من يدعون جناح )القصر( تأيد اإلنقالب أو ورفضه, أن مفاصلة اإلسالالذي يدعوا إلي عدم التفريط في الدولة, حتي ولو أدي ذلك لخرق الدستور, واإلنحراف عن مسار الحركة

المتفق عليه مسبقا, وبين من يرون الرجوع إلي قواعد اللعبة الديمقراطية, وطرح المشروع بكلياته للشعب ليقرر التي يقررها هذا الحكم, حتي لو إضطرت تبعاتلتحمل ال بعد ذلك اإلستعدادمن ثم و ويحكم له أو عليه, فيه

ذلك, وهذه هي المدرسة التي يمثلها جناح السوداني إذا قرر الشعب قيادة الدولةالحركة إلي التنحي عن أيدوا اإلنقالب وحيازة السلطة )المنشية( المحسوب علي الشيخ الترابي, ومكمن اإلستغراب في أن الذين

بالقوة, بعيدا عن شروط الديمقراطية, كالشيخ يس عمر اإلمام, وقفوا عند المفاصلة مع تيار اإلنفتاح والحريات مواقفه األولي, وفي الجانب اآلخر الذي رفض اإلنقالب علي الديمقراطية التي و قناعاته علي العكس تماما من

ن, وقفوا عند سالمية األساسية, كـ عثمان خالد مضوي, وأحمد عبدالرحمتماهت مع أطروحات الحركة اإلمع مما يجعل ذلك متصادما يرفض اإلنفتاح, أو يتعامل معه باسلوب تكتيكي مرحلي, الذي المفاصلة مع التيار

ا بعدا شخصي علي ما يبدوا م(9111كسب المفاصلة بين اإلسالميين )مما أ قناعاتهم األولي قبل اإلنقالب,ولم يشذ عن الظاهرة إال البروفسير الطيب زين العابدين الذي كان ومازال, رافضا للخيار أكثر منه مبدئيا,

العسكري ومناوئا له.

Page 58: دولة الحركة الإسلامية في السودان

الحركة اإلسالمية_في ميزان الديمقراطية وحقوق اإلنسان

58

ن كان لها من , وإفتراضاتلي الديمقراطية من قبل الحركة اإلسالمية كانت قائمة علي إع نقضاضإن تبريرات اإلن يحدث وليس بنية علي فكرة ما يمكن أنها كانت تبريرات ماليقين, ألنها لم تصل درجة الوجاهة وقتها إال أ

نظمة والخصومة التي واجهتها الحركة اإلسالمية من األعلي فكرة ما حدث, ولم نجد في تاريخ الكيد السياسي فيدفعها في , ما يعضد هواجسها ستبدادية التي مرت علي السودان مقارنة بمثيالتها في الجوار العربي )مصر(اإل

د التنظيم وتهديد نقالب تأمينا لنفسها والوطن, وبالتالي فإنه ليس هنالك من معقولية في فكرة تهديإتجاه اإلقلب النظام ووأد ما يبرر لها ,تنظيم الحركة االسالمية في الجيشلي التشكيالت المناوئة لوجوده إستنادا إ

ي التنظيم منذ , هو ما استقر عليه رأالسلطة والتمهيد لهستالم سالمين إلالديمقراطية, وذلك ألن تهيئ اإلكرة الجيش بتداء بمذ إ مر الالحق الطارئ, وهو األمر الثابت في مقابل األضيقةالدائرة اللثمانينات ولو في ا

خري يقين, وهذين السببين علي ما يبدو مع أسباب أفتراضات وليس إنتهاء بتخوفات اإلسالمين التي قلنا أنها إلتها والتي كان من المفترض منها سالمية في ظل دو ركة اإلقة متعلقة بشكل الممارسة السياسية لتنظيم الحالح

نقالب, وهو من يحكمه من غير وصاية عليه بعد إنتهاء األسباب التي أدت لإلرجاع الخيار للشعب في تقرير إكي مع الديمقراطية بما ال يدع مجاال للشك التعامل التكتي اوضحيل م يحدث فعال في الوقت المقرر له,ما ل

.و بغيرهق الخيار الديمقراطي أسالمية مصالحها عن طرير الذي يحقق للحركة اإلبالقد

ولكن إذا تجاوزنا البكاء علي اللبن المسكوب, وكنا علي إتفاق حذر مع األسباب التي ساقها تنظيم الحركة فإن النجاح الحقيقي لإلنقالب بالنسبة لإلسالمين بالذات أو كما قال محمد اإلسالمية لتبرير اإلنقالب,

، والنجاح الفني ليس )نجاح اإلنقالب( ن نجاح الثورة أكبر من مجرد استالم السلطةإالمختار الشنقيطي: )تهدف إلى تحرير الناس ال إلى ا كان أهله يحملون رسالة أخالقيةمعيارا للنجاح المبدئي، خصوصا إذ

كل البعد ةمن ممارسات غريبة وبعيدالسياسية فان مالحق بالممارسة وإنطالقا من هذا المعيار , 91(إخضاعهم عن معاني الديمقراطية والشوري, المتجذران بقوة في فكر الحركة, يرجح كفة فشل الثورة وليس نجاحها.

الترابي في رؤيته لإلصالح السياسي األشمل يري أن ر اإلسالمي د.كخري فان المفهذا من ناحية ومن ناحية أ)اإلصالح والجهاد عند الحركة مشروع أشمل بكثير من أن يحتويه تصور إلنقالب فني ينصب خليفة أو أميرا

ومنهج الحركة االسالمية ما يشير إلي توبة عن طار المراجعات لفكر قد صدر عنه الحقا في إو ,98(صالحاتقديم جلهايحقق األهداف التي يمكن من أ ولم سالمية,هج الحركة اإلفكر ومنم, الذي طعن 91يونيو نقالبإ

الترابي في كتبه بعد المراجعات التي دونها د. , وبالتالي فإنه إذا قرنال المبدأ والفكرةصتنازالت تمس أة عبر التداول السلمي للسلطقناع ما يرجح كفة وإكتسبت من المعقولية واإل, م9111الشهيرة المفاصلة

ستعجال فيها إل شارهدي من إفادات أصدر عن الصادق الم إلي ما ,نقالبيالطريق الديمقراطي وليس اإلمراجعات اإلسالميين في كتابه ) براهيمإليها إشارات د. حيدر إ ذا أضفنا, وإنقالبكة اإلسالمية في اإلالحر

Page 59: دولة الحركة الإسلامية في السودان

الحركة اإلسالمية_في ميزان الديمقراطية وحقوق اإلنسان

59

لديمقراطية وليس وأدها ن نقض الديمقراطية يتطلب المزيد من اأ( من السودانيين كسب الدنيا وخسارة الدينالذي لم يتزحزح عن موقفه البارز سالميللقيادي اإل ليها في نفس الوقت الموقف الثابتبالمرة, وإذا قرنا إ

ما ترتب عن كذلك ليهاالطيب زين العابدين ومازال, وإذا قرنا إ.د.نملة القيادي ألالنقالب قيد أ الرافض, وما نتج عنها من طارها الصحيحظيم الحركة اإلسالمية من وضع األشياء في إنتاإلنقالب من عدم قدرة

للشك فداحة الفكر دركنا بما اليدع مجاالزم, ألر والوضع اإلقتصادي المتأنفصال للجنوب وصراع درافو إلمناخ العملي ن يؤثر علي اوما يمكن أحة السياسية والسودانية علي وجه الخصوص, نقالبي علي السااإل

ر سالبة.ثاالتطبيقي وما يمكن أن يتركه من آ

قادة الحركات أغلب تفق عليه إ إن الفكر والسلوك اإلنقالبي الذي مارسه نظام الحركة اإلسالمية, يتناقض مع ما ووضعهما والديمقراطيةبين الشوري التي إجريت مقاربات ال يتناقض كذلك معو ,سالمية في العصر الحديثاإل

لخيار الذي لي ذلك االنظري )المبدئ(, وكيفية الوصول إسالم في الجانب يتنافي مع اإلالذي ال طارفي اإلال تناقض فيها بين علي المستوي )المنهجي(, بالطريقة التيوتحقيق ذلك رين خثبت نفعه من تجارب اآل

.ا جاء علي سبيل الذم ال المدحلطالمالهدف والغاية تميزا عن المبدأ الميكافيلي الذي

سالمية الكثير من الخاص المتعلق بتنظيم الحركة اإل ويتن كان ذلك علي المستوي العام فان علي المسوإتتضمنه من معاني سالمية ضد الديمقراطية وما البعد النفسي في وجدان الحركة اإل الحاالت التي تعبر عن

واضحة وفاضحة سالمية لراينا تناقضات لحركة اإلنظرنا في تاريخ تنظيم ا ماإذا اننا , فنسانالحرية وحقوق اإل .علي ما تقوم به اآلن

سالمية السودانية للديمقراطية مما يخرجها من عدم قدرة وتماسك رؤية الحركة اإل آنفا يوضح ما ذكروعليه فان بقوله: زين العابدين إلي هذا التناقض الطيب شار د.وقد ألي دائرة الخط التكتيكي, ئرة الخط اإلستراتيجي إدانقالب هو الطعن في صدقية الحركة بالنظام الديمقراطي الذي ظلت ستالم السلطة عن طريق اإلإوالمشكلة في )

96(تنادي به وتعمل من خالله

قراطية علي كرنا لمفهوم الديمالحركة كما ذ ما يؤكد علي ترسيخ من مسيرتهافي الجانب المشرق وإن كان, وفي المستوي حسن الترابيد. ساسيخاصة في كتابات مفكرها األض منه لي بعالمستوي النظري الذي أشرنا إ

ن الخاص المتعلق بتنظيمها واآلخر العام المتعلق بالدولة السودانية في العملي كما أكدته مسيرتها في الشأدورها المحوري في ثورة إكتوبر وشعبان وفي عمل النقابات بعض منها وباألخص ليإ , نشيرفترات بعينها

.زاهة والشفافيةنالتي حازت عليها في الوقت الذي كانت العملية الديمقراطية فيه تتمتع بال ,تحادات العمالوإ

Page 60: دولة الحركة الإسلامية في السودان

الحركة اإلسالمية_في ميزان الديمقراطية وحقوق اإلنسان

60

صبح مثاره وما طبقته ومارسته بون شاسع, أليلمح فيه تناقضا بينا بين ما دعت إما في الجانب العملي الذي نأعد بين طرفين يدعي كل واحد منها أنه األحق للتعبير عن معاني الحركة اإلسالمية التي كانت محل جدل فيما ب

جماع في وقت ما.إ

ظيم التي ظل تن العملي التطبيقي لي عدة سوابق تبين حالة التناقضويمكن اإلستدالل في هذا الجانب العملي إ وقات متفرقة من عمرها ومنها:أ التعاطي مع الديمقراطية في عيشها فيسالمية السودانية يكة اإلالحر

الحالة االولي:

ن خاليا األخوان المسلمين م الفاشل الذي قام به الرشيد الطاهر مع مجموعة م1/99/9181إنقالب معلما رئيسيا ومحطة 9181/ 99/ 1ويمكن اعتبار محاولة الرشيد الطاهر االنقالبية الفاشلة يوم ) بالجيش:

كان الرشيد مرشدا عاما للحركة نهاية الخمسينات، فقد اريخية مهمة في مجال صناعة القرار الحركي الداخلي.توكان فيما يبدو رجال طموحا واسع الخيال، مياال إلى المبادرات الفردية، والمغامرات السياسية، غير عابئ

.بالرأي العام الحركي

إلى تلك المحاولة االنقالبية المتهورة، التي دفع ودفعت الحركة ثمنها وربما كانت هذه الخلفية هي التي دفعته 97.فادحا

الحالة الثانية:

ن لم تعترف به صراحة , وإخوان المسلمين فيهالذي ثبت تورط حركة األم 8/1/9178إنقالب حسن حسين *و نجاحه أ عليا عتمادإ قبل جالء نتائجه النهائية نقالبباإل عترافعدم اإلب تنظيمية تتعلق بتأمين وضعهالدواعي

رفض الخروج من السجن بعدما أطلقت ميني علي ما يبدو هو الذي حدا بدكتور الترابي, وهذا الوضع التأفشلهمثله مثل إنقالب نميري, حسب إفادات المهندس احه, علي إعتبار أن هذا اإلنقالبسلطات سجن كوبر صر

99*عبد الحليم الترابي.

الحالة الثالثة:

مع القوي نذي تحالف فيه األخوان المسلمو والم المعروف في إعالم نميري بـ)المرتزقة(, 3/7/9176إنقالب توقيع الصادق المهدي مع النميري المصالحة هذا التحالف بعدنفض قبل أن ي ,نظام نميريالوطنية ضد

.م9177 سودانتالشهيرة في بور

Page 61: دولة الحركة الإسلامية في السودان

الحركة اإلسالمية_في ميزان الديمقراطية وحقوق اإلنسان

61

الحالة الرابعة:

عثمان لم تكتمل بسبب تردد د.والتي ,م9198لإلطاحة بجعفر نميري في مارس األخوان المسلمين محاولة 91.عبدالوهاب وزير الطاقة األسبق

الخامسة:الحالة دي علي نظام ة علي التعوهو الحالة األكثر وضوحا واألكثر جرأم 03/6/9191نقاذ نفسه نقالب اإلإ

تبريرات في آخر المطاف , إال أنها موضوعية غيرو موضوعية أبرر له بحيثيات يديمقراطي منتخب والذتبريرات غالبا ما تصلح داخل م السلطة, ولذلك فهي ستالي تنظيم إذا قدر له إمكن أن يسوقها أي إلنقالب

وليس خارجه. تنظيمال

الحالة السادسة:حول م.9111/ ديسمبر93إنقالب مجموعة الرئيس )القصر(, علي مجموعة الشيخ الترابي )المنشية( في

الصراع علي وذلك بالطبع ما صرح به الطرفين وإن بدارض الواقع, أ قاتها عليفكار وتطبيجملة من الرؤي واأل بعيدا عنها البعد الشخصي. , وإن لم يكنصراع علي السلط والكراسي, في شكل عكس الصورة التي ظهر بها

الحالة السابعة:

ذ بالمحاولة م, والمعروف في إعالم نظام اإلنقا3331الحاج آدم علي نظام اإلنقاذ مارس محاولة إنقالب د.الحاج آدم فيما بعد يصبح قائد المحاولة اإلنقالبية د., أن فيها ت العجيبة والغريبةالتخريبية, والتي من المفارقا

وخروجه من منظومة, بعد أن صدر عفو بحقه لم يشمل بقية األفراد المشاركين في اإلنقالب نائبا للرئيس, .قياداتهحد أبرز الذي كان أ حزب المؤتمر الشعبي

الحالة الثامنة:

ذه المحاولة وما يميز ه م,3393المحاولة اإلنقالبية الفاشلة لمجموعة ود إبراهيم علي نظام اإلنقاذ نوفمبر متهمين بالمحاولة إذ ينتمي أغلب ال ,اوليس من خارجه ةالحاكم ةاإلسالمي الحركة تنظيمأنها جاءت من داخل

وساهموا في تثبيت أركانه. الذين دافعوا عن النظام المجاهدين, بل كانوا من أبرز هالتنظيم

سالمين في نفة الذكر توضح أن الفكر اإلنقالبي لم يكن فكرا أو منهجا طارئا في تاريخ اإلاالت آوالحم وليد الصدفة, إنما كان اإلنقالب فكرة راسخة في 9191يونيو 03نقالبها الناجح في, ولم يكن إالسودان

بالتالي فانه , و عد التاريخ المحدد لقيامهو حتي بقت المناسب والذي كان من الممكن أن يكون قبل أنتظار الو إسالمية التي تلتزم من الحركات اإل ةسالمية السودانية واحدأن الحركة اإل النفيسي فيد.فادات يمكننا أن نقرأ إ

Page 62: دولة الحركة الإسلامية في السودان

الحركة اإلسالمية_في ميزان الديمقراطية وحقوق اإلنسان

62

اإلسالمية( من موضوع الديمقراطية تفاوتا يتفاوت موقف )الجماعات ) :تبعا لقوله بالخيار الشوري الديمقراطيوهذا هو موقف )حركة اإلتجاه ,كبيرا ما بين اإللتزام المبدئي )اإلستراتيجي( بها والتعددية السياسية التي تعنيها

تصدق هذه المقولة في الغالب ن, يمكن أ33(اإلسالمي( في تونس و )الجبهة اإلسالمية القومية( في السودانبصورة ,عددةتالترابي, ودساتير الحركة اإلسالمية المالنظري, الذي عبرت عنه كتابات د.الفكري طارفي اإل

بل دلت علي أكثر من ذلك بكثير إذ تدل ثورات تصدق في اإلطار العملي التطبيقي, أوضح مما يمكن أنالتي و ,بيا, إنتهاء بمصربدأ بتونس, مرورا بلي م(3399-م3393) الربيع العربي التي إجتاحت المنطقة العربية

, والتي صعد فيها تيار األخوان المسلمون الحرة النزيهة الشعبإرادة حملت اإلسالمين للحكم بقوة الصندوق و أكثر ديمقراطية من اأنه مل التكتيكي مع الديمقراطية, دلت علي, المتهم من قبل النفيسي سابقا بالتعابمصر

تيار الحركة اإلسالمية السودانية التي جاءت للحكم عن طريق اإلنقالب.

نها تلتزم لي أن توصيف الحركة اإلسالمية علي أكرها تشير إان كل الحاالت السابق ذ ف وتأسيسا علي ما سبق كثر.تدقيق أتحقيق و لي النفيسي بحاجة إد. فاداتفي التعاطي مع الديمقراطية حسب إ ستراتيجيإلالخط ا

فان شكل ,نقاذ(قبل قيام نظام دولة الحركة اإلسالمية )اإل فكر وممارسة الحركة اإلسالمية ن كنا قد أشرنا إليوإكثر وضوحا من سابقتها في البعد عن الخيار الديمقراطي شكال سياسية بعد قيام دولتها قد كانت أالممارسة ال ومضمونا.

اذ تتمثل في تدرج التنظيم قبل اإلنقاذ من تنظيم أو نققيام اإل (قبل وبعد)والفرق الجوهري بين التجربتين م, ثم تطوره 9181المي عام سة تتمثل في المطالبة بالدستور اإلحري جماعة ضغط صغيرة بمطالب محدودباأل

م حدثا عالقا بالذهن كثورة حتي اليو والتي كانت وال زالت ,م9161كتوبر الحقا إلي العب أساسي في ثورة إتحادي كجبهة لك كتنظيم معارض مسلح مع حزبي األمة واإلستبداد وحكم العسكر, ثم مشاركا بعد ذضد اإل

نقالبية رته الجهادية والنضالية بمحاولة إم, والتي توج بها التنظيم مسي9170معارضة ومناهضة لنظام مايو م 9177ذات النظام الشمولي تحادي في حزب األمة واإل من فائهمع حلعلي نظام مايو, ثم مشاركته مسلحة

ي الديمقراطية الثالثة في حكومة إئتالفية إنفضت هي خر مشاركة له فوالذي إنفض بعد المصالحة, حتي آ خري بعد ذلك.األ

عد أن قام ب ,يةساسي في الساحة السياسأما بعد قيام اإلنقاذ فان تنظيم الحركة اإلسالمية كان هو الالعب األم, 9191في يونيو نقض عليهم بانقالبها بعد أن إقصاء ممنهجة لجميع االحزاب التقليدية وغيرهبعمليات إ

تجدر اإلشارة إلي أن الحركة ,سالمية في ظل دولتها مع الديمقراطيةوقبل أن نخوض في تعاطي الحركة اإلي منذ قيامها في منصف القرن العشرين لنبوة, أسن ا قتربت منين وصولها مرحلة الدولة كانت قد إسالمية حاإل

Page 63: دولة الحركة الإسلامية في السودان

الحركة اإلسالمية_في ميزان الديمقراطية وحقوق اإلنسان

63

المية قد وصلت سم, وهذا يعني أن الحركة اإل9191م حتي قيام اإلنقاذ في العام 9181ديدا في العام وتحرث سياسي مقدر في شتي ميادين العمل العام, مع تربت تجربتها من النضج, وذلك مع إقمرحلة الدولة وقد إدولتها كان ظل ن الحركة االسالمية في, وهذا يعني بالضرورة أعين في التنظيم ال تخطئهور نجاحات كبيرة وتط

التي استقرت في الديمقراطية وحقوق اإلنسانكثر تعبيرا عن معاني من المفترض أن تكون أكثر تماسكا وأربي الع رجالخا مستويو علي مستوي الداخل السوداني, أسواء كان ذلك علي ,دبيات وكتابات مفكريهاأ

يدية التي عبرت عن جتهادات والمقاربات الفكرية التي عملت علي تكيف المفاهيم التقلومنها اإل ,سالميواإل, ووضعها في إطار حداثي معاصر من غير إخالل بالجوهر سالمشكل الدولة اإلسالمية في الصدر األول من اإل

ا يعني أن فترة دولة الحركة اإلسالمية ومكان, وهذسالم لكل زمان المضمون, مما يؤكد علي صالحية اإلو أ)اإلنقاذ(, كان من المفترض أن تكون من أكثر فترات التنظيم إشراقا وتعبيرا عن أشواق اإلسالمين علي األقل

شواق السودانين علي العموم.إن لم تكن أ

نفسهم, أسالمين بعض اإلمن حتي ولكن علي العكس مما كان يفترض, فقد خيبت هذه الفترة آمال الكثيرينساسية للتنظيم, وهو ما يدخل في الجدلية التي نحن بصدد تناولها والتي ث لم تستطع التعبير عن الفكرة األحي

تتعلق بجدلية: )المثال والواقع(.

قد فشلت التطبيقي للديمقراطية الجانب العمليسالمية في لقول أن الحركة اإلفانه مما الشك فيه ا ولذلكمالئم لممارسة سياسية سس النظام الديمقراطي وما يتمخض عنه من مناخ علي تقويض أريعا, بل عملت فشال ز

نقالبها المشار اليه.راشدة حتي إذا إستثنينا إ

ه يعبر عن تطلعات الشعب ويعبر عن خياراته في التطبيق تعنى دستور متفق علي فإن كانت الديمقراطية ولذلكية المشروعة, وما يتضمنه من حريات عامة منظمة بالقانون وليست لمالسياسية بالطرق العية الممارسة في كيف

ية، مع الحق لمساواة والنزاهة والشفافوا ةلاليات تتسم بالعدإمكانية التداول السلمي للسلطة بآمقيدة له، مع ر وغيرها من حقوق يكفلها أي في التجمع والتوالى والتظاهر, وحريات في الرأي والفكر والدعوة واإلعالم والنش

الحركة القدر المفترض أن تكون عليه دولةنظام في إطار العلمية الديمقراطية, فان ذلك لم يكن بنفس اإلسالمية بالذات.

لنضال الشعوب وهو المحطة األخيرة واألهم التي تنقل جد أنه كان وما زال هدفا أساسيافبالنظر للدستور نأفضل بكثير مما كانت عليه، إلى واقع آخر مغاير ,يتسم بالكبت والظلم واإلستبدادتلك التطلعات من واقع

فهو الوثيقة القانونية التي تنظم الممارسة السياسية بحيث يجد فيها كل فكر وكل برنامج مكانه في الخارطة يةلملمتطلبات العا آللية اإلجماع السلمي, ووفقا السياسية التي تحسم الخيارات المتعددة المتباينة وفق

Page 64: دولة الحركة الإسلامية في السودان

الحركة اإلسالمية_في ميزان الديمقراطية وحقوق اإلنسان

64

)الديمقراطية الليبرالية تحترم خيار األقلية علي عكس غيرها من -39الديمقراطية علي األقل في األدني المتعارف عليه. الديمقراطية الشرقية التي تقف عند اإلجماع(

كانت قضية الدستور الدائم هي القضية األبرز والتي أثارت جدأل وما ة الحركة اإلسالميةفي ظل حكم دولفية كقانون الطوارئ عن القوانين اإلستثنائ ستور دائم يتم في مناخ حر بعيدا زالت حول كيفية التوافق على د

زالت تعمل ، وفي ظل مناخ تستقر فية األحوال األمنية في البالد التي لم تتمتع بالهدوء, حيث ماواألمن الوطني األساسية في المشهد السياسي السوداني. ن سمته المد والجزر بين المكوناتفي مناخ ساخ

م باعتباره 9119ونفذنا إلى دستور ,الغيب في حكم ن الدستور الدائم باعتبار أنهولكن إذا تجاوزنا الحديث عأول محاولة جادة من قبل الحركة اإلسالمية في ظل دولتها ) اإلنقاذ( في وضع األساس األهم في العملية

لوجدنا هذا الدستور نفسه لم يسلم من إنتقادات من أطياف واسعة من المعارضة, بل ,الديمقراطية ) الدستور (وهذا ,أو حول تفسيرات وردت لم يتفق حولها ,ل صياغات لم يتضمنهاومن بعض اإلسالميين أنفسهم حو

ولكن على العموم يمكن الحكم علي دستور م,3338عام الفي سحب كذلك على التعديالت التي تمتينإذا طبقت ذكرا طيبا م بأنه دستور جيد فيما يتعلق بالحريات التي كفلها والتي كان من الممكن أن تجد9119

كما يجب.

ستبشر به كمحاولة من السهل ن جهد في صياغة الدستور وبعد ما ألكن على غير المتوقع وبعد كل ما بذل مو ، فقد كان الدستور هو ضافة إلستيعاب المستجدات الطارئةأو إ منوالها وترميمها وتعديلها حذفا البنيان على

ور وأجهض بقانون الطوارئ سئ م حيث عطل الدست9111أول ما لحقه معول الهدم في مفاصلة اإلسالميين السمعة.

لذلك فإنه إن كان الدستور أبو القوانين ليس له القدرة على الدفاع عن نفسه ضد كل من يعتدي عليه باعتباره ، فال بكاء على التطبيق العملي لها إذا كان الدستور عرضة ليها في العملية السياسيةيحتكم إالوثيقة التي

ات ليس في مصلحتها الذاتية الضيقة تحكيم الدستور، فالحركة اإلسالمية السودانية للتالعب به من قبل جهفي ، ألنها العلمية السياسية ويقيم الحريات كانت الحركة األكثر وعيا بما يمكن أن يتمخض عن دستور ينظم

نها كتيار أل ها,نعدامواألكثر تضررا من إ ,ستفادة من الحريات التي كانت متاحةتاريخها السياسي كانت األكثر إن تعمل في مناخ , ال يمكن أاالتحادي ( –حديث في وسط أحزاب تقليدية كانت مهيمنة على الساحة ) األمة

تها، عملت على إجهاضها ليس فقط فيغير المناخ الديمقراطي, فبدال من تعزيز الديمقراطية في ظل دول من ممارسة.ب( ولكن فيما تال ذلك الوضع اإلستثنائي ) اإلنقال

Page 65: دولة الحركة الإسلامية في السودان

الحركة اإلسالمية_في ميزان الديمقراطية وحقوق اإلنسان

65

بهذا الوضع الذي يجهض الديمقراطية بالقوانين التي فصلتها على مقاسها بما الحركة اإلسالمية ولقد تنقلت يخدم مصلحتها الذاتية والحزبية .

، ويمكن للحريات عين بقانون آخر هو قانون الطوارئولذلك فان الدستور كله يمكن أن يجهض في غمضة ،ويمكن أن تجهض بقانون الصحافة وبالرقابة عليها عبير والفكر والنشر واإلعالم مثال التي كفلها الدستور من الت

قانون النظام العام، ويمكن لحق و واإلعتقال التحفظي أن يعتدى علي الحريات الشخصية بقانون األمن الوطنيوالتي في من قبل السلطات عليه وقف نشاط االحزاب والجماعات إذا لم يتم التصديق التجمع والتظاهر أن ي

, وفي المقابل نجد أن ما تتمتع به الحركة اإلسالميةإلى الفوضى وتهدد األمن نها تؤديالغالب ترفضها باعتبار أليات العمل مع آوإزدواجية المعاير في التعامل كتنظيم وجماعة وأفراد, يوضح مدى التناقض الحاكمة,

الديمقراطي وأساسياته.

:ي للديمقراطية في النقاط التاليةكلة التطبيق العملويمكن تلخيص مش

األمن الوطني ...إلخ( –مشكلة قوانين: )الطوارئ -9

مشكلة تفسير القوانين: ) فماذا نعني بالحرية مثال ...إلخ(-3

وتقاطع المصالح ...إلخ ( –واألشخاص –ة لة تطبيق القوانين: ) تتعلق باإلرادمشك-0

التي يرجع اليها في حسم الخالف: )المحكمة الدستورية(.مشكلة في المؤسسات -1

فمن ناحية القوانين أشرنا إلى قوانين الطوارئ واألمن الوطني والنظام العام وغيرها التي اشتهرت في أدبيات ونحن على حسب ما نعلم أن بعض هذه ا لقوانين كقانون الطوارئ مثال ,المعارضة بالقوانين المقيدة للحريات

لتي يعمل فيها النص ، ولكن اإلشكالية ليست في النص ولكن في الحاالت ابه في كثير من دساتير العالم عمليم جدال واسعا حول دستورية أو عدم دستورية هذه 9111ثارت عملية تعطيل الدستور والبرلمان ويطبق, فقد أ

معلوم أن القوانين تعدل , ففة والنظام العامالقرارات, أما بالنسبة للقوانين األخرى كاألمن الوطني وقانون الصحاواإلضافة متى ما اقتضت المصلحة العامة ذلك، فكيف يستقيم عقال أن تظل مثل هذه القوانين تعمل أبالحذف

تعديال يجعلها محل حتى بعد بلوغ دولة الحركة اإلسالمية بضع وعشرون عاما من عمرها دون أن تلغى أو تعدل تفاق.قبول وإ

فماذا نعي بالحرية مثال؟ وما ,ن ناحية تفسير القوانين فقد ضاعت بين مطرقة الحكومة وسندان المعارضةأما مسوف نجد تفسيرات ومعاني متباينة للحرية بين تنظيم مقدارها ؟ فلتعريف الحرية مثال, هي حدودها ؟ وما هو

ليس ا مشاعا,نها حقفبينما تعنى المعارضة بالحرية أ ،الحاكم وتنظيمات المعارضة مثال الحركة اإلسالمية

Page 66: دولة الحركة الإسلامية في السودان

الحركة اإلسالمية_في ميزان الديمقراطية وحقوق اإلنسان

66

يمكن أن للحرية لحكومة الحركة اإلسالمية أن تمنحه حينا وتأخذه حينا آخر, فإن تفسير الحركة اإلسالميةدي إليه من مهددات أمنية وغيرها من تفسيرات تدفع بها الحكومة في وجه المطالب يقابل معنى الفوضى وما تؤ

من الجناح اآلخر المعارض. المتكررة

أما مشكلة التطبيق فتتعلق باإلرادة وبتقاطع المصالح بين ما هو ذاتي وما هو تنتظيمي أو حزبي وبين ما هو عام، اإلعتراف ، لم تبرح محطةجميع األطراف الحاكمة والمعارضة فمثال قضية هامة كقضية الفساد معترف بها من

ربما بسبب ولوغ لدة للتصحيح, أو ار وهذا يوضح ضعف وإنعدام اإل ,ةبالمشكلة إلى محطة عالج المشكلوهي فرضية تتمتع بقدر وافر ,ا للتنظيم الحاكمفساد يمكن أن تحدث حرج بعض أعضاء التنظيم في ملفات

من المعقولية.

أما من ناحية المؤسسات الدستورية )المحكمة الدستورية( فهي مؤسسات ال تتمتع بالمصداقية من قبلنشاها التنظيم الحاكم في ظل ظروف غير طبيعية ال تتمتع بمناخ حر مما , باعتبارها مؤسسات أالمعارضة

لقضايا محل الخالف بطريقة تطمئن إليها جميع وبالتالي عدم القدرة علي التعامل مع ا ,يدخلها في دائرة الشك طراف.األ

لي خروج إحتوته دون أن يصفحات الدفاتر التي إ والمحصلة النهائية لكل ما سبق ذكره اال يتجاوز الدستور .ق لينظم الحياة السياسية في شتي مناحيهاطلالهواء ال

يستمد بأنه نظام ديمقراطي في كل سانحة إتهام له يرد على المعارضين تنظيم الحركة اإلسالمية الحاكموقد ظل قتراع في ظل ، وكلمة صناديق اإلودانير عن رأي و إجماع الشعب السقتراع التي تعبشرعيته عبر صناديق اإل

, رتباطا وثيقا بالغش والتزوير, بل أصبحت مرتبطة إالنظام الحاكم كانت وال زالت تثير الكثير من الشكوك والريبةنتخابات الرئاسة التي مرت على السودان في ظل النظام لم يكن كل إونستطيع القول وبكل سهولة أن معظم إن

جاءت كل انتخابات االنقاذ في ) :فقد لم تحظ بالقدر الكافي من النزاهة والشفافية والصدق ,الحاكممطعون في نزاهتها وحيدتها مما اضطر األحزاب السياسية األخرى لمقاطعتها م3393، م3333، م9116

وعندها كنا في م9116، وأذكر أنه عندما جاءت أول انتخابات رئاسية وبرلمانية في 33(وعدم القبول بنتائجهاالتالعب والتزوير يتم تحت سمع وبصر اللجان أذكر كيف كانودمدني, بدايات المرحلة الثانوية في مدينة

الزائفة. علي شرعية النظام بعد ذلك ليؤكد بها, تغض الطرف عنهاي والت المفترض نزاهتها,

أو نتخابات الرئاسة عند محطة إالتشكيك في عدم نزاهة وشفافية اإلنتخابات لم تقف ومعلوم أن عملية وكل ما يدخل فيه معنى نتخابات النقابات والطالبعلى إحتي ، بل سارت كذلكالبرلمان في فتراتها المختلفة

نتخاب.اإل

Page 67: دولة الحركة الإسلامية في السودان

الحركة اإلسالمية_في ميزان الديمقراطية وحقوق اإلنسان

67

والتي المعارضة بين فصيل التنظيم الحاكم وفصائل في أن االنتخابات التي كانت تجري وإن كان من المفارقةطبيعية نتيجة أويدخل في دائرة ردة الفعل ال ,تهام مغرض أو مغالى فيهاإل , ممايجعلتزويرتهام بالاإليكثر فيها

نفس الداء لم تسلم من ة,نتخابي, فإن إنتخابات تنظيم الحركة اإلسالمية الحاكمة الخاصلعدم كسب الرهان اإل أمانة الحركة اإلسالميةنتخابات ن هذا النموذج ظهر بشكل واضح في إ. وأعتقد بأالذي يمارس مع اآلخرين

غازي صالح الدين مع االستاذ علي عثمان محمد طه الذي كسب الرهان بطريقة أثارت د.والتي تنافس فيها -م3393الحقة من العام في أوقات وك الكثيرين ممن شهدوا السباق اإلنتخابي بينهما, و ظهر ذلك جلياشك

وقد اتهمت فيها جهات ,الزبير محمد الحسن هانها د.ركة اإلسالمية التي كسب ر نتخابات الحم من إ3390م البعض بالطعن في نتخابات, وتقدبممارسة أالعيب في اإل اإلسالمي, جهات أخري محسوبة على التنظيم

.لم تكسبها إال أنها ,نتخابات مرة أخرىالطعن الذي أعيدت بموجبه اإل ت هذه المجموعةكسب صحتها, وإن

حاكم وأصبح أكثر كرة عندما خرج حزب المؤتمر الشعبي من منظومة التنظيم الفي أوقات مب كذلك وحدثتتهامات للمؤتمر الوطني بالفساد وتزوير إرادة الناخبين في االنتخبات التي شهدتها الساحة شراسة في كيل اإل

تهامات مغالى فيها فقد العملية وإن بدت في أول األمر إ تهامات علىوهذه اإل, السياسية على كافة قطاعاتهاتتمتع بدرجة عالية من الصحة والمعقولية خاصة بعد أن أصبحت تثار داخل تنظيم الحركة , الحقاأصبحت

المية وتبادل أعضئها االتهامات بعضهم البعض.اإلس

تظهر وأعتقد أن الديمقراطية أو الشورى المبنيتان أساسا على فكرة اإلجماع وإن كانت فكرة اإلجماع الكمي األحيان على فكرة االجماع الشورى التي تقوم في كثير من , التي تختلف عنبصورة أوضح في الديمقراطية

فإن كانت هذه العملية وبالتالي ، فإن عملية االنتخاب هي األساس الذي يمكن أن يعبر عن اإلثنين معا، النوعي ,نها تصبح كالمسجد الضرار ال معنى وال لزوم لهااالنتخابية ال تتمتع بالنزاهة والشفافية وعرضة للتالعب فإ

.بأن نظامها السياسي قائم عليهألنها أسست على غير الذي يدعي تنظيم الحركة اإلسالمية الحاكم

لقد تنكرت لي تنكر الحركة لكل تراثها المعني بالديمقراطية نظريا وعمليا: )وقد أشار د. الطيب زين العابدين إلكل أطروحاتها عن الحريات األساسية بصورة غير مسبوقة 9191ستالمها السلطة في إالحركة اإلسالمية عند

خاصة بعد أن بقيت في الحكم ثالث وعشرين سنة هي األطول ألي نظام في لدى القوى السياسية األخرى،ات العسكرية، إلى تعطيل الدستور وحل السودان. عمدت حكومة اإلنقاذ من أول يوم لها، مثل كل اإلنقالب

البرلمان ومجلس السيادة الحاكم، وحظر أنشطة األحزاب السياسية ومصادرة ممتلكاتها وإلغاء تراخيص الصحف ومصادرة ممتلكاتها، وحل النقابات العمالية واالتحادات المهنية، وحجرت تماما على حرية التعبير

30.(والتنظيملقد أوضحت تجربة الحركة اإلسالمية في الحكم وفي التعاطي مع الدستور الذي أقرته أجهزتها التشريعية، أنه ال

Page 68: دولة الحركة الإسلامية في السودان

الحركة اإلسالمية_في ميزان الديمقراطية وحقوق اإلنسان

68

تضمنها, ال يمكن أن يوصف يكفي لقيام حكم راشد مهتدي بأحكام دستور مقبول في األفكار والقوانين التي يجه بعقبات في التطبيق لنظري إلى اإلطار العملي والذي وو النظام بأنه نظام دستوري مالم يتجاوز اإلطار ا

يلزم تطويره وتعديله بما يرسخ المفهوم الديمقراطي كواقع عملي مطبق، وهذا بالضرورة له عالقة هوالممارسة, فإن، فليس من العمر ة الحاكم والتي هي اآلن في عقدها الثالثبالفترة الزمنية التي قضاها تنظيم الحركة اإلسالمي

هي بعيدة عن معاني الديمقراطية من المنطق وال المعقول وبعد كل هذه السنين أن تظل الحركة في الحكم و التي أصبحت من مطلوبات الحكم الراشد في العصر الحديث.

:نسانحقوق اإل

نسان بيق والممارسة فان تطبيق حقوق اإلبق عن التناقض البين للديمقراطية علي مستوي التطذا تحدثنا فيما سإ ولربما التناقض البين في التطبيق العملي للديمقراطية لربما يعطي التنظيم في السوء, لم يكن باقل من سابقتها

علي العكس تماما في جانب ولكن ,ن يقدمها لتاكيد ديمقراطيته المزعومةالحاكم بعض الدفوعات التي يمكن أارنات ال من باب المقالضعف بحيث من الصعب الدفع بها إ ن الدفوعات منفان الذي يبدو أ ,نسانحقوق اإل

تظهر التنظيم الحاكم خري لافيا السودانية لجهات أالتي تحيل المتابع لهذا الملف وتاخذ نظره بعيدا عن الجغر رافة بالمعارضين مقارنة مع غيره. كثرباعتباره األ

ة تجعل المقارنة بهذا الشكل غير موضوعي ,فروقات الجغرافيا والثقافة والدينالتي ال تراعي إن هذه المقارنات ا يدعي أصحابه ها مشروعالمية الحاكمة باعتبار لي صدر تنظيم الحركة االس, وغالبا ما ترتد سهامها إوغير مقنعة

هي علي كل حال مقارنات و ,ختبارع سقف الرقابة عليه ويضعه تحت اإلنه مشروع رسالي وحضاري مما يرفأعتراف هو السيئ, والثاني هو االسوأ, وإن كانت هذه المقارنات تعتبر إ ولضعك بين خيارين ال ثالث لهما: األت

ا يعبرون عن المعاني الحقيقية ن كانوا حقحاكم بالممارسات التي ال تشبه اإلسالمين إضمني من التنظيم ال سالم.لإل

لخصوص وجه اوالذي نقصد به علي ,خرولكن إذا وقفنا قليال عند إمتهان حقوق اإلنسان من جانب الطرف اآلسم السودان يتصدر القائمة في هذا الجانب, الطرف الغربي الذي لطالما إتهمنا بانتهاك حقوق اإلنسان وجعل إ

كرها بتاريخها لتنظيم الحاكم الذي يدمغها هو اآلخر باالزدواجية في المعاير ويذ خري لدفوعات اثم رجعنا مرة أ ليه:اإلشارة إي القضية البد من سود في التعامل مع الشعوب, لوجدنا تباينا فاأل

كثر حرصا منا علي مراعاة حقوق اإلنسان أ , وجدناهخريظرة عنصرية دونية للشعوب األنن الغرب بومنها أسالم كدين , ولقد أشرنا فيما سبق أن اإلها من اآلخرينانوحرم ,وتطبيقها علي الوجه األمثل علي مواطنيه

رسي جميع هذه , والذي أنساني جانب الفكرة والتطبيق لحقوق اإلزدواجية فعن هذه اإل هبعدب زيتمي وكحضارة

Page 69: دولة الحركة الإسلامية في السودان

الحركة اإلسالمية_في ميزان الديمقراطية وحقوق اإلنسان

69

لي رمنا بني آدم( ولكن وعند رجوعنا إالحقوق علي قاعدة راسخة من منطلق قول المولي عز وجل: )ولقد كن حقوق نظمة التي تكرم شعوبها وتمتهاأل تلك لوجدناه علي العكس من ,التنظيم الحاكم في مجال التطبيق

إن كان ثنين, و , وهذا جوهر الخالف بين اإلنسانيةلوجدناه األكثر إمتهانا لحقوق شعبه في الكرامة اإل ,خريناآل سالم يرفض الصورتين مجتمعتين.اإل

ةسالمينة الداخلية بين تنظيم الحركة اإلفان في المقار ,وغيرها من فروقات اتختالفاإل هذه ولكن بعيدا عنمتسع من المساحات التي بامكانها تبيان ,نظمة التي حكمت السودان من قبلمن األالحاكم و رصفائه

.السوداني الفروقات حتي بالداخل

ي نظام علختيار ع اإلقسالمية لو مع نظام الحركة اإل ارنةنظمة لعقد المقهذه األ حدب منا إختيار ألولئن ط تية:وذلك لألسباب اآل ,لراحل نميري عليه الرحمةا

فبينما يقوم نظام نميري علي يدولوجيا,بين أحزاب عقائدية تقوم علي أنقالاألحزاب التي وقفت خلف اإل اوال: .سالميةعلي أيدلوجيا إ قام سالميننظام اإل (, فانشيوعية وبعثية)شتراكية أيدلوحيا إ

حكمت السودان, م حازت علي نصيب االسد من بين األنظمة التي ثنان في الحكالفترة التي قضاها اإل ثانيا:ازت في المقابل علي الكثير من اإليجابيات مما جعلهما ن ح, وإخطاءوهي قد إقتضت بالضرورة تراكم أكثر لأل

خري.األكثر إثارة للجدل من بين األنظمة األ

با ي جانب نظام نميري كانت ومازالت أحداث الجزيرة أشراسة النظامان في التعامل مع المعارضين, فف ثالثا:, باإلضافة لكثافة المعتقالت حداث قصر الضيافةباإلضافة أل نقطة سوداء في سجالت حكمها, كثرأ

, مع نفصال الجنوب, وإصراع دارفور لها كر التاريخوالسجون, أما في جانب نظام الحركة اإلسالمية فسيذ ن كانت بهماي ضيق وإالقضايا في إطار أمن ومعالجة ,مع الخصوم الشرس التعاملفي شتراكها مع نظام نميري إ

خري.تكاد تنفذ من خاللها الخيارات األنوافذ صغيرة ال

سواء كان ذلك ,كتساب الشرعية الشعبية بالتدرجتدرج النظامان من عتبة اإلنقالب العسكري نحو إ رابعا:الموالية له(, حدة الوطنية( المؤتمر الوطني واألحزاب )حكومة الو -شتراكيكة )اإلتحاد اإلبتوسيع دائرة المشار

, بغض النظر عن نزاهتها و الدوائر الجغرافيةرة سواء كانت علي مستوي الرئاسة, أنتخابات مباشأو عن طريق إ و عدمها.أ

, هو أن الحركة اإلسالمية ساخرة بتسامة صفراءيثير الدهشة ويتيح مساحة واسعة أمام إ مر الذيوالغريب في األن الفكري الكبير بينهما مما جعل أغلب قادتها وذلك للتباي ,ول للنظاماألقد كانت في أغلب ذلك العهد العدو

Page 70: دولة الحركة الإسلامية في السودان

الحركة اإلسالمية_في ميزان الديمقراطية وحقوق اإلنسان

70

ظام الراحل نميري سالمين مع ندهشة في أن تجربة اإلكثر ترددا علي معتقالت وسجون النظام, ومكمن الاأل النسج عليتيان بما يخالف نهجها وليس ب, كان من األولي األومقاومته باعتباره نظاما دكتاتوريا قابضا للحريات

.منوالها, كما ذكرنا ذلك من قبل

ختصار المراحل والقفز عليها حتي , إسالمية في ذلك العهد الذي مهد للتنظيم الحقافقد تطور تنظيم الحركة اإلحزاب التقليدية حينا من األصبح رقما اليستهان به في معادلة الحركة السياسية السودانية التي سيطرت عليها أ

ته في بيت شألي حد كبير قصة سيدنا موسي ونن مع نظام نميري في مجملها تشبه إسالميوقصة اإل الدهر,مين والعالمين ببواطن اإلمور بتاريخ الحركة اإلسالمية وباألخص في فترة سالولقد ذكر قريب لي من اإل فرعون,

رغما عما بينهما من فروقات مين سالت علي عهد نميري مقارنة بنظام اإلنسان والحريان حقوق اإلنميري, أنسان من نظام نميري. ة علي إمتهان حقوق اإلكثر جرأدلوجية, إال أن نظام اإلسالمين كان األيوإختالفات أ

ية مما سالمية ليست راضية عن نظام الحركة اإلونحن في هذا الحكم نتجاوز التقارير الصادرة من جهات غرب ,سالميةع ولتجارب معارضي نظام الحركة اإلذا نظرنا للواق, ولكن إيصبغها بعدم الحيادية في إصدار األحكام

التي تؤكد بما اليدع مجاال للشك أن نظام الحركة اإلسالمية المتصدرا األول لقائمة لوجدنا الكثير من الشواهد نسان في السودان.أكثر منتهكي حقوق اإل

ان المعني بالدراسة علي وجه الخصوص, تفسر سر وإنتهاك حقوق اإلنسان في المنطقة عل العموم, وفي السود , إليالكثير من المعارضين في الدول العربية واالسالمية علي اختالف مرجعياتهم الفكرية وااليدلوجية توجه

ن كان بعضها ويحتوي أفكارهم وإمن والحضن الدافئ الذي يحتويهم التي يجدون فيها المالذ اآلالبالد الغربية كبير بقيمة العدل التي هي كقيمة إنسانية يمكن مراعتها حتي لي حد إ ذكر, وذلك يتطرفد والموغال في التشد

علي ملة اإلسالم, وهذا يعني أنها قيمة تتجاوز فروقات األديان وان يكونفيهم أ تخرين الذين ال يشطر من اآليم اإلنسانية, وإنه لمن القسالم متمما ومهذبا لجميع هذه م, وإن كان اإلسالوال تقف فقط عند حائط اإل

سيدنا محمد صلي اهلل عليه وسلم ليه ج النجاشي النصراني حينها الذي أشار إي نموذ لالجدير ذكره اإلشارة إ نه )الملك الذي ال يظلم عنده احد(.بأ

الحقوق التي يضمنها الغرب علي االقل لمواطنيه إن لم يكن حتي لآلخرين الذين يلجاون إليه لهي ما هذه أ كثر مما عندنا مراعاة وتطبيق. أ

:هتداء بالهدي النبوي الشريفدولة القانون والعدل علي الجميع إن تطبق الإن من حقوق المواطن علي الدولة أزدواجية بحيث يطبق القانون علي , أما ما نراه من إ31(يدها تاهلل لو ان فاطمة بنت محمد سرقت لقطعأيم و )

Page 71: دولة الحركة الإسلامية في السودان

الحركة اإلسالمية_في ميزان الديمقراطية وحقوق اإلنسان

71

أفـتـؤمنون ببـعض الكتاب في قوله: ) مه المولي عز وجلكالتبعيض الذي ذ خرون,ثني منه اآلالبعض ويست سالم في شئ.(, فليس هذا من اإل98(البقرةوتكفرون ببـعض

نقصده ال نعني به العدل فقط في القضاء, بل العدل بمفهومه الشامل الذي يتضمنومفهوم العدل الذي و العرق اوالجهة, فالجميع متساوون من منطلق علي أساس الوالء للتنظيم أ التكافئ في الفرص دون تميز

سف فان تور في الجانب النظري )المواطنة أساس الحقوق والواجبات(, ولكن ولألسودانيتهم كما قررها الدسهو هبة نظيمن الت, وجدنا تعامل نظام الحركة اإلسالمية مع اآلخرين علي إعتبار أفي الجانب العملي التطبيقي

أو ن حزبهم هو حزب اهلل المختار,اهلل للشعب السوداني, أو علي إعتبار أن أعضائه رسل العناية اإللهية, أو أنعكاسات سالبة في ا في الرؤية والممارسة كانت لها إوجد فيهم تعاليمما أشعرهم بالتميز وأ أنهم نهاية التاريخ,

التطبيق.

ساسه يمنح العضو بطاقة اإلنتماء للتنظيم اإلسالمي تكسب تميزا علي أ ولقد شهدت الممارسة الفعلية كيف أنمكين(, ولم تقف هذه الميزات علي هل الخبرة والدراية )سياسة التر من الميزات حتي ولو لم يكن من أكثي

ات منحت كسبت داخل التنظيم نفسه ميز اإلسالمي في مقابل اآلخرين احزاب وافرادا, بل أعضاء التنظيم أ, لم نتماء التنظيمياإل مما جعلت )القبلية والجهوية( خريعض وحرمت من البعض اآلخر لدخول إعتبارت أللب

متال بالنفعين.لكسب التميز داخل تنظيم إ افياكيعد وحده

ن )ليس الحد من أ فذاذيم والذي عبر عنه أحد قادته األ( من قبل التنظمر توقف عند حد )المنحت األوليفي الحقيقة إال الفضل ن لم يكن ذلكوإعضاءه(, ه الفضل علي أالتنظيم, بل التظيم هو من لفضل علي

للبعض في حين أن أغلب الذين قدموا أكثر مما أخذوا من إجل قيام وتثبيت الدولة المفترض إسالمية وجهتها غلب هؤالء لم يكونوا في , فان أمال ولم تفي بمطلوبات )هي هلل هي هلل ال للسلطة ال للجاه(والتي خيبت اآل

التنظيم والذي لم يرضكور, ما حد المنح والعطاء المذ ضاءه(, أعن له الفضل علي أدائرة )بل التنظيم هو منا كيف ضيقت لقد وجدما عند االخرين من حقوق, و حتي به خذإلي الحد الذي يأ جاوزهسالمي بل تاإل

السجون والمعتقالت علي مصراعيها لكل معارض بواباألرزاق, وصودرت األموال والممتلكات, وفتحت أالصحافة والحريات والحصانة من عالم و ساته التي يمكن أن تهز األرض التي يقف عليها, وإحتكر اإللسيا

متي ما عن للتنظيم منه خري ن والتي يمكن أن تاخذ هي األيخر وحق العمل, وترك النذر اليسير لآلعتقال اإل خطرها عليه.

ل الذي هو من لوازم الحكم ومن أهم السودان من هذه السياسات وعدم تطبيق القانون والعدولقد تجرع المية, وذلك ببروز سحقوق اإلنسان, تجرع الكثير مما إنعكس عليه بأكثر ما إنعكس علي تنظيم الحركة اإل

Page 72: دولة الحركة الإسلامية في السودان

الحركة اإلسالمية_في ميزان الديمقراطية وحقوق اإلنسان

72

ن كانت هي , وإللثروةالعادل م التوزيعدلقضايا الهامش الناتجة من ع نتصارحركات مطلبية إنتظمت من أجل اإلدخل الدولة في صراع جديد لم يكن في للتعبير عن هذه القضايا, مما أليست مؤهلة بالقدر الكا األخري,

نهكتها الصراعات.ل في جسد الدولة السودانية التي أحاضرا من قب

ن ما يفترض أاس الحقوق والواجبات, كس, والمواطنة التي هي أعاني المساواة, والعدلممفردات و لذلك فان سالمية.دولة الحركة اإل تكون, لم تكن هذه المعاني جميعا حاضرة في تطبيق

المدنية وغيرها من حقوق(, من األهمية بمكان, فان الحقوق -المساواة -ن كانت لهذه الحقوق )العدلوإا, ولم يكن حق شعوبهنظمة في عبارة )حقوق اإلنسان( غالبا ما إرتبطت في الذهن باإلنتهاكات التي تقترفها األ

ستثناء في هذا الجانب.السودان والسودانين بإ

مت لإلسالم من من ممارسات ال ت سالمي الحاكمكان يتم في معتقالت النظام اإلإلي ما بالضرورة وهذا يقودنا , دلة والبيناتالتي كانت تتم لم تكتمل فيها األ عتقالن الكثير من حاالت اإلذلك ألبعيد بصلة, و وقريب أ

طياف واسعة من الشعب والذي وجد رفضا واسعا من أ, تقال التحفظي(عوإال فما الذي أنتج بدعة )اإلن كان ولم يقترف جرما يستحق العقاب, وإ السوداني. فكم معارض للنظام باللسان وليس بالسنان اودع السجن

والقوانين واألعراف الدولية, والتي م والمنطق السليم سالالذي قررته قوانينهم حقا مشروعا أقره اإلهذا الجرم هله فيعلي األقل في النص إن لم تكن في التطبيق, فكم من رب أسرة أوعائل لها, أو معينا أل جماعهي محل إ

ثار التي تمتد السجن الشهور والسنوات من غير اإللتفات إلي اآلودع زمن الفقر والضنك وضيق المعاش, أذي المادي والمعنوي الذي يالقيه في أمس الحاجة إليه, وذلك فضال عن األتجاوز المعتقل آلخرين ممن هم لت

المعتقل في معتقالت النظام.

أورد / علي السيد هذا القانون ورد عليه بمقال قانوني متخصصولقد فند القيادي اإلتحادي واألستاذ المحاميإن الشريعة اإلسالمية كغيرها من الشرائع المتقدمة لها ضوابط ومعايير محددة ال يجوز فيه الدفوعات اآلتية: )

هم هذه الضوابط هو ما منصوص عليه في دستور اإلسالم نفسه ذلك أالخروج عنها عند وضع التعازير و للحاكموضوع لها إجراءات أن القران الكريم عندما وضع الحدود وضعها بطريقة حديثة جرائم معرفة تعريفا محددا وم

المحاكمة ومحدد طرق إثباتها وهذا أول ضابط يجب إن يتقيد به أولي األمر عند وضعهم للتعازير أن تكون الضابط وحده ينفي جرائم محددة ومعرفة سلفا وموضوع لها إجراءات المحاكم ومحدد لها طرق اإلثبات وهذا

يمة غير منصوص عليها وغير معرفة وغير محدد عتقال التحفظي بحسبانه عقابا علي جر ويدحض شرعية اإل . أركانها سلفا وطرق إثباتها

ستصحاب والعرف ستحسان والمصالح المرسلة واإلل أدواته في التشريع القياسي واإلثم إن اإلسالم وباستعما

Page 73: دولة الحركة الإسلامية في السودان

الحركة اإلسالمية_في ميزان الديمقراطية وحقوق اإلنسان

73

خذ أازير ذلك إن دستور اإلسالم يحرم يضع ضوابط عديدة يجب أال يخرج عنها أولي األمر في تشريع التع –غتيابهم ويضع إض اإلسالم التجسس علي المسلمين و الناس بالشبهات بل ويدرأ حتي الحدود بالشبهات ويرف

عتقال هي كلها أمور تتناقض مع مفهوم اإلللمسكن حرمة وال يعاقب إال علي الفعل الظاهر والثابت بالبينة و 38.(اك حرمات خلواتهمنتهإمعلومات بالتجسس علي المواطنين و ع التحفظي الذي يبني علي جم

إنما كانت لحماية المجتمع من األذي نتقام, إن العقوبة في اإلسالم لم تكن في يوم من األيام للتشفي واإلسالم في العقوبات الحدية كعقوبة شرب الخمر والزنا مع اآلدوات قارنا آداة تنفيذ العقوبة في اإل ذاوالفتنة, وإ

سؤال للنظام الذي يدعي ن شاسع, وهذا يطرحيثنلوجدنا الفرق بي اإلفي المعتقالت والطرق التي تستخدم التي و م العقوبات السياسية؟ ولي في التفيذ! العقوبات الحدية أيهما األ, وأهتمامأيهما األحق باإل سالم:تطبيق اإل

ساس.أغلبها حقوق مشروعة في األ

عتقال التحفظي والممارسة الفعلية للنظام ن اإلشبهات, ولكن الشبهات في قانو بالسالم تدرأ إن الحدود في اإل ليم.المعارضين بينات توجب العقاب األ تجاه

تجربة الحركة اإلسالمية السودانية في مجال حقوق اإلنسان ) بعنوان: نسان مع مقالسنقف في حيز حقوق اإلو هذه كثروضوحا عن ين العابدين الذي عبر فيه بصورة ألطيب ز للبروفسير/ ا 36(بين النظرية والتطبيق

.نتهاكاتاإل

-العدالة -ساسيةالحريات األ -طيةلي عدة افرع هي )الديمقراد قام الكاتب بتقسيم هذه الحقوق إولقفي الجزء المخصص للديمقراطية, فإننا ستدالالتالحقوق االقتصادية( وإن أوردنا بعض هذه اإل -المساواة

والمساواة.ساسية والعدالة سنركز علي الحريات األ

تهاكات علي الرغم نقلية النظام الحاكم ما يؤكد علي إمنية وسيطرتها علي عفي جانب الممارسات األ كرولقد ذ النظام, وهي علي لها القدرة علي حماية إنتهاكات ن كانتمن خطورتها إال أنها تبدو للتنظيم ال تسوي شيئا إ

يطبق القانون ن المدان في ظل النظام الذي ب بسيط هو أيها صفة القانونية لسبن يطلق علكل حال ال يمكن أالعامة, يقدم بعد اإلعتقال وبعد اإلجراءات الراتبة في عتبار تطبيق القانون يحقق المصلحةوال يخشي النتائج بإ

ستقدام محامي ليقوم بالدفاع عنه, ولكن عدم تقديم م للقضاء للبت في قضيته ويحق له إن القانوني, يقدالشأن كان النظام متيقنا من سالمة موقفة للمحاكمة يدل علي عدم مشروعية اإلعتقال من األساس, وإال إدان الم

سالمية الحاكم: نظام الحركة اإل القانوني لقدم هؤالء المعتقلين للمحاكمة, وفي ذلك يقول الكاتب في توصيفمهمتها في التعامل مع المعارضين وأسست جهازا حزبيا لألمن من عناصر غير مهنية وغير مدربة مارست )

إلسقاط دولة اإلسالم الوليدة في السودان!ولم ينجو بقسوة وعشوائية بحجة أنهم يتآمرون مع قوى خارجية

Page 74: دولة الحركة الإسلامية في السودان

الحركة اإلسالمية_في ميزان الديمقراطية وحقوق اإلنسان

74

ثم ,بتداء بجرائم خطيرةإقاالت العشوائية التي يتهم فيها عتوبعض أعوانه بعد المفاصلة من اإل الشيخ الترابيالشيخ عتقال, وفي جانب إإنتهي(لى محاكمة ويطلق سراحه دون تبريرتمر الشهور الطويلة دون أن يقدم إ

سف الشديد لحركة من تضحيات, وما أبرز من قيادات كانت ولألخر رغما عما قدم لالترابي وعدم نجاته هو اآلبه وهذا السلوك الذي ال يعبر وال يش هي من القي به في السجن ولم ترعي له حرمة وقدرا رغما عن كبر سنه,

ع رسالي, ولكنها في جانبها سالمين يدعون قيادة مشرو ن يصدر من إ, لم يكن يتصور أسلوك السودانينالشيخ نفسه نأن تكون تكفيرا عن ذنوب الندعي أ ن تكرهوا شيئا وهو خير لكم(, نرجواأ )وعسي اإليجابي

ل عن كل المشروع.و كان ببعيد عنها يوم أن كان المسؤل األ

ومع ذلك أجاز لي ما يؤكد ذلك: )ما في جانب القوانين التي أشرنا إلي تحصن النظام بها فقد أشار الكاتب إأالتي تخير النظام أعضاءها البرلمان قانون األمن الذي يعطيه كافة هذه الصالحيات وأفتت المحكمة الدستورية،

بعناية، بصحة ذلك القانون. وكما يحدث في معظم الدول الشمولية تمدد جهاز األمن في صالحيات النقابات المؤسسات األخرى مثل وزارات الداخلية والمالية والنفط والعالقات الخارجية واإلعالم وأجهزة شؤون

جهزة التي ولقد أشرنا كيف أن جهاز األمن كان ومايزال من األ, إنتهي(تحادات والجمعيات الطوعية وغيرهاواإلما يتبع ذلك من سلطة و ما فيها من نفوذ و للتنظم أو غيرهم, لإلنتماء إليها ليمني الكثير من الشباب المنتمين

يثير لعاب الكثيرين. وضع مالي مميز,

مية كبرى يستحقها العدو والصديق "وال قيمة إسالالكاتب: ) إليها شارالعدالة والتي هي كما أ ما في جانبأ(، وهي في ذات الوقت مبدأ 9يجرمنكم شنآن قوم على أال تعدلوا إعدلوا هو أقرب للتقوى" )المائدة:

ديمقراطي أساسي تنص عليه كل مواثيق حقوق اإلنسان. ورغم مقوالت النظام الكثيرة عن العدالة والمساواة إال ت النظام في تأمين نفسه من كل خطر يظن أنه يهدده، وما أكثر مخاوف أنها في واقع الحال خضعت لمعادال

والنهي عن مر بالمعرف إنتهي, وفي هذا هدم لمبدأ األ(النظام من كل نقد يوجه إليه أو احتجاج يصدر ضده!لتامرن بالمعروف ولتهون ) بها سالم عن عدم الصدعانا اإلالتي نه سالميةالمنكر والنصح لولي األمر الفريضة اإل

اليت , وهي كذلك تبين )ي37(فيدعوا خياركم فال يستجاب لهم عن المنكر او ليسلطن اهلل عليكم شراركمام السمع, وكف عن هواجس تجريم األشخاص والهيئات التي تشير صاخ النظباالمكان احسن مما كان( لو أ

كبر من تنظيم ان السودان الذي يجمع السودانين أفن لم تكن مشفقة علي المشروع, وإلي مواطن الخلل حتي إنتهاكات التي أما في قضية دارفور وفي اإل غلبه السياسة,مات في وطن يتعاطي أواحد ضمن مجموعة من تنظي

تفقت كل لجان تقصي إوقد نتهاكات تستحق المحاسبة: ), فقد أشار بروف/ الطيب زين العابدين إلي إتمت بهاولجنة ,ولجنة األمم المتحدة م,3331من لجنة دفع اهلل الحاج يوسف في أرفور، بدالحقائق حول أزمة دا

تحقيق نتهاكات جسيمة لحقوق اإلنسان تستحق الإالجنائية الدولية، على أن هناك المدعي العام للمحكمة

Page 75: دولة الحركة الإسلامية في السودان

الحركة اإلسالمية_في ميزان الديمقراطية وحقوق اإلنسان

75

بواب فتحت أ, ولنا أن نشير إلي أن أزمة دارفور كانت من األزمات التي إنتهي(القضائي ومحاسبة المسئولينالذين بينوا مواطن الخلل يضا منثيرين ليس فقط من الذين هم في اإلقليم المنكوب, ولكن أالجحيم علي الك

كانت تنتظر الوقت المناسب بواب لتدخالتودعوا إلي معالجات مبكرة للقضية التي إستفحلت وفتحت األ نفها في المشاكل الداخلية. لحشر أ

قامتها ستالمها السلطة والتي أإلول كان منذ أيامها األفقد ق العدل والقانون والمساواة, مجانبة التنظيم لتطبيأما نقضاء حتي بعد إ السنوات ذات العدد, ولم يعدل عنها من عمر النظام خذت, ألسياسة محكمة وممنهجة وفقا

خري التي لم تعد األعديالت أخري أشرنا إليها )باالعتبارات تمن ن حدثت فيها من عمره, وإ هذه السنواتوأخلت الحكومة بمبدأ متال بالنفعين( وفي ذلك يقول الكاتب: )لكسب التميز داخل التنظيم الذي إ كافية

العدالة والمساواة بين المواطنين حين تبنت بصورة رسمية سياسة "التمكين"، أي تعيين منسوبيها في وظائف و مديرا لجامعة أو مديرا لمؤسسة اقتصادية أو خدمية ال يكون الدولة القيادية لذلك قل ما تجد وكيال لوزارة أ

عضوا في الحزب الحاكم. الطريف أن بعض منسوبي الحكومة أصدروا مجلة لعدة سنوات باسم "التمكين" إنتهي.(تروج لذلك المبدأ غير العادل

لم يشهد تاريخ السودان منذ )نه: هامة وهي ألي نتيجة وقد أشار بروف الطيب زين العابدين في خاتمة مقاله إنتهاكات لحقوق اإلنسان أكثر مما شهدها تحت حكم سلطة اإلنقاذ، وال عجب أن صدرت إستقالل اإل

ق اإلنسان حتى أصبح عشرات اإلدانات لحكومة السودان من المنظمات الحقوقية والدولية في مجال حقو إنتهي.(عن حقوق اإلنسانولية التي تتحدث في كل التقارير الد االسودان بندا ثابت

والسؤال الذي يفرض نفسه على الشخص المراقب هو: كيف تنكرت )ويواصل د. الطيب زين العابدين بقوله الحركة اإلسالمية السودانية على أطروحاتها المتقدمة في مجال حقوق اإلنسان؟ وقد كانت مؤهلة بحكم

وتنظيمها القوي الممتد في أنحاء البالد كوادرها عالية التعليم،التزامها الديني بالقيم اإلسالمية السمحة، وبتوفر وتراثها الشوري الفاعل، وتمكنها من السلطة لفترة طويلة أن يكون أداؤها في مجال حقوق اإلنسان هو األحسن من أي نظام آخر مر على السودان. ولكن ما حدث هو العكس فلماذا؟ إجابتي هي باختصار أن الحركة جاءت

كان خاصة بعد أن وجد نفسه محاصرا ريق إنقالب عسكري همه األول هو تأمين نفسه في السلطة بأي ثمنبطبمعارضة داخلية وخارجية متزايدة؛ وأتيحت له سلطة مطلقة دون محاسبة من أية جهة كانت سياسية أو قضائية

نظيمي ينصرونه ظالما أو مظلوما وال وقيض اهلل له أتباعا كثر مطيعين بسبب والئهم الديني والت, أو تنظيميةيسألونه لماذا فعل أو لم يفعل؛ واستغل مناصب الدولة ومواردها المالية في تأليف قلوب المعارضين والبعيدين

إنتهي(.وتقوية آصرة األعضاء المنتسبين

Page 76: دولة الحركة الإسلامية في السودان

الحركة اإلسالمية_في ميزان الديمقراطية وحقوق اإلنسان

76

بت والئها منذ نسان والصادر من شخصية ثإن هذا المقال الخاص باإلشاراة إلي إنتهاكات النظام لحقوق اإلعلي المستوي النظري, والتي أثبتت تجربة فكار الحقيقية التي أجمعت عليها الحركة اإلسالميةوقت مبكر لال

مسيرة دولته قد فارقوا مسارها, فإن هذه سالمي خالل العملية أن الكثير من أعضاء التنظيم اإل سالميناإلمن األساسيات وليس الفروع, فكار تدل علي المدي الذي فارق فيه التنظيم الطريق, في مجاالت تعتبر األ

نقاذ وحتي بلوغها عقدين تكتسب قدرا كبيرا من المصداقية, ذلك أن الكاتب منذ قيام اإلفادات وهذه اإل, مدافعا ومنافحا عنها, حتي افكار, بل كان وفيا لها, مؤمنا بصحتهمن عمرها لم يشهد له تغيرا في األونصف

فاعيل.تنظيم اإلسالمين األن فعل الزمان بإقتنع بها الكثير الحقا بعد أ

لم يكن أحد يتصور أن يصدر عن السودانين مثل هذا السلوك الفظ المتسم بالعنف والغلظة وعلي العموم فانه الحركة اإلسالمية بالذات هذا السلوك تجاه اآلخر الذي يخالفنا الرأي, ولم يكن أحد يتصور أن يسلك تنظيم

المتناقض, من منطلق إنتمائه للشعب السوداني ناهيك عن إنتمائه لإلسالم, هذا الشعب الذي تشكلت شخصيته عبر التاريخ الطويل, والذي رسخت فيه صورة الشعب السوداني كشعب محب للسالم, كاره للعدوان,

شهامة, يعفو عند المقدرة, وال يستأسد علي الضعفاء, وال تحجبه يأبي الضيم والظلم, ذو أنفه وإباء وكرم و هل نبات الوطن المتسع بأفكيف تبدلت هذه المالمح بين ليلة وضحاها, لتضيق ج لعفو,الدماء عن التجاوز وا

السودان.

:عمرو بن األهتم التميمي أو كما قال الشاعر

ـق تـضـي ـال الر ج أخالق ولـكـن ***ـابـأهـله بالد ضـاقـت ما لعمرك

أو كما قال األديب السوداني الطيب صالح في تساؤالته الحيري عن أرباب النظام اإلسالمي:

أال يحبون الوطن كما نحبه ؟)

إذا لماذا يحبونه وكأنهم يكرهونه ويعملون على إعماره وكأنهم مسخرون لخرابه ؟

تمي الى أمة مقهورة ودولة أن ,لبرد في عظامي واليوم ليس باردا ، أحس احرار في بلد حر س هنا بين قوم أأجل، ولو كان أمثال هؤالء عندنا لقتلوهم أو سجنوهم أو ر مون رجالهم ونساءهم وهم أحياءأنظر إليهم يك ,تافهة

. شردوهم في اآلفاق

، وتميت األرض وتحيي اآلفات وأنت تذبح الخيل وتبقي العربات من الذي يبني لك المستقبل يا هداك اهلل 39(؟

ن إن ملف حقوق اإلنسان يعتبر من أخطر الملفات التي أرقت مضجع التنظيم اإلسالمي الذي لم يستطع أ ي دقيقخالقأسالمي في ميزان وضع التنظيم اإلرق كذلك المعارضين الذين ذاقوا ويالته, و أته, و اسؤ بها يداري

Page 77: دولة الحركة الإسلامية في السودان

الحركة اإلسالمية_في ميزان الديمقراطية وحقوق اإلنسان

77

لالسف لم يوفق في التماهي و نهج اإلسالمي, الذيمتباع الالتنظيم إدعاء فرض عليه أعباء إضافية إنطالقا من إ دعاه وما طبقه. مع ما إ

األسباب التي ادت الي فشل التجربة:ملية توليف لعناصر ثالثة لمفكرالجزائري مالك بن نبي لبناء الحضارة, بعد إجراء عكرها اسباب ذ أهنالك عدة

سالمية تقوم قلنا إن الحضارة اإل يضلع والذالزمن(, وإن كان اإلنسان أهم هذه األ -التراب -هي: )اإلنسانضارة عليه الحهو الحيز الذي تقوم لرض( التراب )األ نعلي فرد يفهم السبب وراء وجوده في الحياة, فا

لمدي الزمني الذي ما الزمن فذو عالقة بال الذي خلق منه اإلنسان, أصوالدولة, وهو من قبل ذلك األلمعرفة السر سئلةمن بناء الحضارة, وهذه تطرح عدة أنسان للتحديات وتطويعها بما يمكنه يستجيب فيه اإل

نجاحات في التنمية وتحقيق معدالت وقات وجيزة فقط من تحقيق الذي إستطاعت به بعض الدول وفي أ .خرياهية اإلنسان, والسبب الذي تأخرت به بعض الدول األواضحة لرف

من الوجاهة, فان بعض الدول ن كان لهذا السبب وف المحيطة بكل دولة تختلف عن األخري, وإفلربما الظر هزيمتها من الواليات المتحدة بها اليابان بعد قسي من الظروف التي مرتبينت أنه ليس هنالك ظروف كانت أ

مايو 9في هزيمتها من الحلفاء, والمانيا بعد م9118 أغسطس في العالمية الثانيةالحرب في نهايةاألمريكية صبحتا قاسية وفي فترة زمنية وجيزة حتي أمن تجاوز ظروفهما ال لدولتاناستطاعت هاتان , فكيف إم9118ن في مقدمة الدول. وقد فسر المؤرخ اإلنجليزي أرنولد توينبي في جانب اإلستجابة للتحديات وحتي اآلالحقا

)حين يحدثنا عن الشعوب التي هاجرت إلي أعالي النيل إبان العصر الحجري أو الهروب منها؛بتطويعها من رارفي اللنها قد عمدت إك الحين, ألالجديد؛ فلم تستطع أن تحدث تغيرا ذا بال في شرائط حياتها منذ ذل

ي خوانهم الذين كانوا يعيشون في الوادي المنخفض فقد آثروا مواجهة التحدي, الذقسوة التحدي, أما إمتحضر م به الطبيعة والمناخ فغيروا بذلك شرائط حياتهم تغيرا تاما, ونجحوا في إقامة أول مجتمع هواجهت

مالك بن نبي خري علي راي ة األيحد العناصر الحضار أ عة,لحاالت مجتموهذه ا 31.(شهده التاريخ التراب(. -نسان)اإل

كفيلة بصعودها كما صعدت والتي مر عليها خمس وعشرون عاما كانت ,نقاذ بالذاتفي جانب حكومة اإلأما نقاذ( وبعد أن ركة اإلسالمية )اإلغيره, فكيف فشل مشروع الحدول علي مستوي العالم الغربي و ال كثير من

لتبرير الفشل, بمكان ن )الظروف المحيطة( لم تعد من الوجاهةوالتي أشرنا إلي أ الالطو اتالفتر مرت عليهوالتنمية واألمن, والتي كانت من أسبابها ف فشل مشروعها حتي من تحقيق وضع مقبول في المعاش فكي

نسان.إلناصره الديمقراطية وحقوق اهم عالحقيقية أزمة الحكم الراشد الذي من أ

Page 78: دولة الحركة الإسلامية في السودان

الحركة اإلسالمية_في ميزان الديمقراطية وحقوق اإلنسان

78

نسان يرجعة في تطبيق الديمقراطية وحقوق اإلمن األسباب الهامة التي أدت إلي فشل التجرب كذلك أن وأعتقدجانب المن نهيارها إن هي قامتإفقدها و وهاجس والمحافظة عليها من جانب, إلي تجذر فكرة قيام الدولة

ومن ثم المحافظة عليها ولو تباع إي منهج لقيام الدولة,ك إي طريق وإ, مما دفع اإلسالمين إلي سلو خراآل بطريقة الغاية تبرر الوسيلة.

بصور الكبت قد كان حافال ,غلب فتراتهعربي في أفي العالم الالتاريخ السياسي للحركات اإلسالمية و كثر للمضي قدما لوضع حد لمعانتها الطويلة التي كان سببها مما دفعها أالذي وقع عليها, واإلضطهاد والتضيق

الرئيسي الحكومات الوطنية التي جاءت ما بعد اإلستعمار.

ث نظري كثيف تمثل في المؤلفات التي أطرت لشكل الدولة ت الحركات اإلسالمية لمرحلة الدولة بإر ولقد تهيأاإلسالمية في العصر الحديث, والتي منها المقاربات واإلجتهادات التأصيلية التي ذكرنا بعضا منها في جانب الديمقراطية وحقوق اإلنسان, والتي بينت نقاط التالقي واإلفتراق بين المفاهيم الغربية واإلسالمية, باإلضافة

ث عملي تطبيقي والذي كانت الحركة اإلسالمية السودانية أعمق تجربة وإحاطة به من مثيالتها في الجوار إلر العربي والمحيط العالمي.

وأعتقد أن خطة الحركة اإلسالمية لإلنتقال من مرحلة اإلنقالب إلي مرحلة الشرعية الدستورية, وبسط الحريات األزمة الوطنية قبل اإلنقالب, كان باإلمكان تحقيقها لوال الظروف بعد تأمين األوضاع التي ساهمت في تعميقوالتي كانت من والتي أبطأت عملية اإلنتقال, أو أوقفتها تماما, التي فرضت علي السودان داخليا وخارجيا,

, بحيث لو تعرض لها أي نظام آخر لما وجد القدرة الكافية للتصدي لها كل إي تلك الظروف الصعوبة بمكانيم الحركة اإلسالمية في الحكم, وذلك بالطبع علي إفتراض صدق توجه هذه السنوات الطوال التي قضاها تنظ

التنظيم إلحداث هذا اإلنتقال الديمقراطي.

في عدة ميادين بفضل كوادرها األوضاع الصعبة, وتحقق لها النصرمن وقد تغلبت الحركة علي الكثير منه السند القوي للشعب السوداني مع المشروع اإلسالمي, والذي وجدت التنظيمية, وبفضل الوقفة الصلبة

ي تنظيم آخر مر علي حكم السودان. لذلك فان الفاتورة الباهظة التي دفعها تنظيم الحركة الذي لم يتحقق ألاإلسالمية لتثبيت دولته والتي جعلت من كل الساحات المفتوحة, لحسم الصراع بين الفرقاء ساحات لبذل

دماء واألرواح, قد جعلت من تنظيم الحركة اإلسالمية التنظيم األكثر تقديما للتضحيات, واألكثر تعرضا الللضغوطات, واألكثر تحقيقا للمنجزات اإلقتصادية من بين جميع األنظمة الوطنية التي جاءت بعد اإلستقالل,

ووجدت منه تضامنا منقطع النظير, وذلك باإلضافة إلي المستقبل المشرق الذي وعدت به الشعب السوداني, السلطة بعد مخاض عسير, شعرت بأنها األحق , ونتيجة لذلك, وبعد تمكنها منفكل هذه الحاالت مجتمعة

Page 79: دولة الحركة الإسلامية في السودان

الحركة اإلسالمية_في ميزان الديمقراطية وحقوق اإلنسان

79

لميراث الدولة السودانية, وشاع في أدبياتها؛ )نجضت نجضت, ما تدوها بغاث الطير(, هذا الشعار الذي والحفاظ ن الوجاهة ما يتفق مع نواياها الحقيقية في حيازة السلطةترجمته سياسة التنظيم العملية, ووجدت فيه م

.عليهاقد ,الخاص وقد أكون مخطئا في ذلك علي حسب إعتقادي ن مشروع الدولة لدي الحركة اإلسالميةإولذلك ف

وإن إجتمعت كلها في فكرة قيام الدولة ,مر بثالث حاالت كل منها يسير في مسار مختلف عن اآلخروالحفاظ عليها أطول فترة من الزمن, وهذه اإلتجاهات تمثلها ثالث فئات داخل تنظيم الحركة اإلسالمية

والموالين لها:

الفئة األولي:

المخلصين, وهي الفئة األكثر والء لمبادئ التنظيم الفكرية, واألكثر تهيئة لتقديم نفسها لحماية فئة التابعينتصادية والتنموية, ت اإلقالمكتسبات, والتي أهما الدولة نفسها, وما إستتبعها من المنجزات في شتي المجاال

العليا للتنظيم, والتي من تلقاء القيادات نحراف المسارلتبعات إ وإن كانت هي األخري األكثر تضررا وتحمالفي فت عضد الكثير من هذه الفئة وذلك للتناقضات ,وقات الحقة من عمر التنظيمكان لها تأثير كبير في أ

الواضحة التي ظهرت في المشروع, والتي جعلت من شعار )هي هلل هي هلل ال للسلطة ال للجاه(, شعارا أجوف, التعبير الفئة األكثر قدرة علي ,في نفس الوقت هذه الفئة يراد بها الباطل, وإن كانتبل صار ككلمة الحق التي

في مرحلة المفاصلة الشهيرة مع جناح القصر بزعامة الرئيس البشير هامن اعن هذا الشعار, وقد وقف بعض وعلي عثمان بحجة المحافظة علي الدولة.

الفئة الثانية:

قيادات المؤتمر الوطني, القصر( و لحركة اإلسالمية في الشق اآلخر )جناحا الصف األول من وهي فئة قياداتوهي مجموعة من القيادات ذات نظرة واقعية براجماتية, تنظر لمشروع الدولة بإعتباره الحلم الذي تحقق, وقد

نفس الطريقة ال تتهيأ الظروف مرة أخري إلستعادته إذا خرجت الدولة من عباءة التنظيم سواء كان ذلك الخروج بالتي جاء بها التنظيم )اإلنقالب(, أو بغيره من وسائل الديمقيراطية او اإلنتفاضة الشعبية, ولقد أدت هذه النظرة

للمشروع, إلي الكثير من اإلنحرافات في مسار الحركة اإلسالمية, حيث أصبحت الدولة هي الغاية في ذاتها , مما التنظيم, فانها تصبح ال جدوي لهالي اإليفاء بمطلوبات وليس الوسيلة التي متي ما تحقق عدم قدرتها ع

يستدعي النظر في وسائل أخري تؤدي الغرض المطلوب, وياليتها علي عالتها لو كانت نهجا للحفاظ علي ولعدة أسباب من الزمن, وجيزة بعد فترةو الدولة ولو بنكهة إسالمية وإن لم تكن بذات الطموح األول, إال أنها

دولة, مما جعل الدولة في مشروع الا بمرتبط بأشخاص أكثر منه إرتباط أصبح الحفاظ علي الدولةفإن بعينها,

Page 80: دولة الحركة الإسلامية في السودان

الحركة اإلسالمية_في ميزان الديمقراطية وحقوق اإلنسان

80

مسألة حياة أو موت, وهذه الفئة أكثر الفئات واقعية في تسير دفة الدولة بالطريقة التي تجعلها تستأصل نظرهمب الروحي للمشروع قد كان ضحية لهذه الفئة, وهي كل من يقف في في طريقها, وقد وجدنا كيف أن األ

, وإن كان فيها عدد مقدر من الخاصة الذاتية مصلحتهامع المصلحة العامةتتشكل من خليط, تختلط عندها الصادقين.

الفئة الثالثة:

األولي يسوا كالفئةفئة النفعيين, وهذه الفئة تضم جمع غفير ممن أرتبطت مصالحهم الخاصة بـ)الدولة(, وهم لتها علي تشبع به رغباتهم في السلطة, وبقدر الذي قدرالب )المخلصين(, حرصا وإخالصا لمشروع الدولة, إال

)المؤلفة قلوبهم(, :, وأصدق تعبير يمكن أن توصف به هذه الفئة هوأهدافهم الخاصة بأقصر الطرقتحقيق بل حتي بعض أفراد الصف األول الذين خاصة أصحاب اإلنتماءات القبلية, أو الحزبية السابقة, أو التجار,

وهذه الفئة عكس سابقتها إذ ال تشكل مسألة الدولة حدث عندهم إنقالب في األفكار والرؤي بعد قيام الدولة, ن المراحل تنقضي بإنقضاء مصالحها, مما يدفعها في إتجاه لها مسألة حياة أو موت, بل تمثل لها مرحلة م

: )هي للسلطة هي هو , وشعار هذه الفئةا)الدولة( أو عدمه في وجود البحث عن بديل آخر يحقق لها مآربها للجاه(.

التي تقف وراء الفشل في تطبيق الحقيقية بابساأل وبعد كل ما ذكر فمازال السؤال يطرح نفسه, عن طار العملي التطبيقي.طار النظري الفكري إلي اإللهما من اإلونق الديمقراطية ورعاية حقوق اإلنسان,

نسان يرجع عدة وق اإلعتقادي فان السبب الذي يقف وراء الفشل في تطبيق الديمقراطية وحقعلي حسب إ كر منها: سباب نذ أ

سباب تتعلق بالمحيط الثقافي:أ

ثر بها ويؤثر فيها, والبيئة المح الفكرية والثقافية والتي يتأوالبيئة هي التي تتشكل فيها المإبن بيئته, نسان هوفاإلوهي من الرسوخ بمكان بحيث أضحت هي نقالبية,الثقافة اإلها سيطرة السياسية في السودان معروف عنأن هنالك ,ثرر والتأفي جانب التأثي ذكر المفكر الجزائري مالك بن نبي األصل ودونها هو اإلستثناء. وقد

, يمحو ثقافة وهوية المستعمرن يوطن ثقافته فيها و , حيث يستطيع المستعمر أعمار(ست شعوبا لها )القابلية لإلستفادة ن كان من الممكن اإلوطمس المعالم الحقيقية للذات, وإ وبانستجابة سلبية تكمن في الذه تعني إوهذ

نسان وتنمية شكل الحياة بالطريقة التي تحقق الرفاه لبني بما يمكن من تطوير اإل الوافدة ه الثقافاتمن هذة واسعة ن الثقافات تتميز بالمرونة بحيث تتداخل مع بعضها البعض مع ترك مساح, علي إعتبار أجميعا البشر

Page 81: دولة الحركة الإسلامية في السودان

الحركة اإلسالمية_في ميزان الديمقراطية وحقوق اإلنسان

81

يجابية التي تعمل علي لي الكيفية التي تتم بها اإلستجابة اإلأخري, وهذا يقودنا مباشرة إللتميز بين كل ثقافة و فتاخذ منها المفيد وتطرح الخبيث, ولذلك فان المعني المراد إيصاله هو كيفية اإلستعداد فلترة كل ثقافة وافدة

ئ طبيعي فال تثير الكثير عتبارها شإليها من هذا المنطلق بإنقالبات والتي ينظر لتغير اإلستجابة السلبية لثقافة اإللصد والرفض, قوي من عامل اكان أ ,ت التجربة العملية أن عامل الجذب إليهاحيث أوضح ,من التساؤالت

ثارها لها وآثبتت فشالتي تتجاوز هذه الثقافة والتي أ يجابيةومن ثم العدول عن اإلستجابة السلبية لإلستجابة اإل ي.خر الحياة السياسية وما يمكن أن تتجاوزه إلي جميع مفاصل ومناحي الحياة األ القاتلة علي

تي تعتبر فكرة صل الثقافة التي تعمل ضد ثقافة الديمقراطية والخري لوجدنا تأرنا الي الجوانب األذا نظوإوبالنظر للمنظومات السياسية صيل في تعريف وممارسة الديمقراطية, وفي هذا الجانب التداول فيها جزء أ

عليها )مجموعات المتصوفة(, والتي تسيطر و الدينيةوباألخص التشكيالت الحزبية, أو المجتمعية )القبائل(, أومازال ري بعده(, وسيطرة وجوه معينة كانذا هلك كسري فال كسمها اإلسالم )إجميعا فكرة التوارث التي ذ

زمة عدم فان هذه الثقافة قد ساهمت وبدون أدني شك في تعميق أمور فيها, م اإلبعضها حتي اليوم ممسكا بزماعلي لسودانية التقليدية والحديثةن كانت جميع المنظومات افي البيئة السودانية, وإيمقراطية توطن ورسوخ الد نقالبات العسكرية والقبول بالديمقراطية والتعددية سبيال لتنظيمعلي رفض اإل تفقتقد إ ,المستوي النظري

, والذي يقودنا مباشرة الي لي الجانب العمليترجم إليبعد هذا الرفض لم يبرح مكانه الحياة السياسية, إال إن خري ومنها:سباب األاأل

تتعلق باالرادة: سبابأخري البنادق, واألهر الدبابات وفوهات لي الفترة الزمنية التي حكم فيها العسكر بعد المجئ علي ظنا إنظر فاذا

ر علي الحكم المدني الذي ما التي دان الحكم فيها وخضع لمعاير الديمقراطية, فاننا ندرك عدم صبر العسكبل نتقاد الموجه من قيه مرة تلو االخري, ولذلك فان اإلات العدد إال وينقض علو ن يمكث السنوات ذلبث أ

ن الحركة االسالمية كانت في تلك سي حقيقة أاتني ,سالمية للديمقراطيةالمحسوبين علي نظام الحركة اإلالتبريري الذي , بنفس المبدأاليوم نتقاداتالفترات جزءا ال يتجزأ من هذه األنظمة السابقة التي توجه إليها اإل

يكن منكم بخطيئة فليرمها بحجر(, أما حالة عدم الصبر فمتعلقة بأسباب تتعلق يبرر به لالنقالب )من لم , إن ي نظام ديمقراطي حكما موضوعيانية كافية حيث يحكم بها علي أعطاء فترة زمعدم القدرة علي إباإلرادة و

راطية للوقوف عند نظام الحركة اإلسالمية فان محاوالته ذا تجاوزنا العهود الديمقكان الحكم له أو عليه, أما إزازات عنيفة كان أحد آثارها م مدني لم تكن صادقة وقد تعرضت إلهتلي نظالإلنتقال من نظام عسكري إ

ذلك جليا في المدي الزمني الذي إستغرق التسع م, وقد ظهر9111شهر في رمضان شقاق اإلسالمين األنإخر وعطل هض هو اآلج, والذي سرعان ما أم19نقالب والمشهور بدستورول دستور بعد اإلسنوات لوضع أ

Page 82: دولة الحركة الإسلامية في السودان

الحركة اإلسالمية_في ميزان الديمقراطية وحقوق اإلنسان

82

المفكر(, وتفاصيل )القائد( ومجموع الشيخ الترابي ) الرئيس البشير ةثر خالف بين مجموع, إبقوانين الطوارئنتقال من حالة الحكم ن عدم اإلستعداد النفسي للنظام لإليو جوهرها تبهذا اإلنشقاق في جانب من مظهرها أ

.العسكري للحكم المدني

نتخابات, نزاهة اإلفي التطبيق في جانب عدم رادة التي تدل علي إنعدام اإللي الكثير من الشواهد ولقد أشرنا إوعدم بسط الحريات, وعدم القدرة علي بناء دولة العدل والقانون, وفي إنعدام المؤسسية, والتداول السلمي

نغالق واإلحالل القيادات بطريقة سلسة تنهي حالة التمحور والذي يرسي قاعدة متينة لكيفية إبدال وإ للسلطة,ج الطائفي في ثوب جديد والذي لطالما جاء علي سبيل نموذ مترس حولها القواعد, وتعيد الحول شخصيات تت

ذم أحزاب الوسط التقليدية )رمتني بدائها وإنسلت(.

سباب فكرية:أ

مفكر ن النسان, ففي حين أمقراطية وحقوق اإللي حاالت التناقض الفكري التي الزمت تناول الديلقد أشرنا إتفاق وتماهي مع الترابي قد عبرت أغلب كتاباته عن إجه د. سودان وخار برز للحركة االسالمية في الاألول واأل

الذي تناول القضية ووضعها في اإلطار الذي اليتناقض مع اإلسالم, بل دلت كتاباته علي الفكر التجديديسالمي والغربي في بين المفهومين اإلن حدثت تقاطعات صغيرة , وإرساءه لهذه الحقوقسبق اإلسالم وإ

ختالف, من نقاط اإلكثر الغنوشي أن نقاط االتفاق بينهما أراشد ل, والتي كما قال شيخ/ لح والمدلو المصطمقراطي ما خري للتغير, غير الخيار الديي خيارات أواسعا أمام أ بالترابي والتي فتح فيها البا فان كتابات د.

تفاق مع مثال في قضية اإلفنحن نجده عنده,لي عدم تماسكها في الجانب النظري يقدح في الفكرة ويشير إوعلي صعيد القيادة السياسية في سياق الجماعة تصبح المشاركة أو الشوري )أو ) الديمقراطية نجده يقول:

وفي الجانب اآلخر الذي يتفق فيه مع الخيارات األخري ,03(الديمقراطية( من مقتضيات الدين الالزمةن االصالح كله ودائما التتوهم أ): ومن ثم رؤية تنظيمه التي نه يشير إلي رؤيته, فإنقالبيوتحديدا الخيار اإللي الترابي, كما تشير إ ا علي فكر د.كرناه, وهذا يشير كذلك إلي تأثير البيئة التي ذ 09(ديمقراطي المنهج

كبر لحسم خياراته تبعا للظروف, مما أتاح له الحقا التحرك بارتياح أهتنظيمه علي فتح خيارات مستقبلية لتقدر طار الفكري والنظري الذي غالبا ما يسبق الممارسة العملية التطبيقية.يطة به طالما وضع لهذا التحرك اإلالمح

كيف شعبي(, -لي فصيلين )وطنيم وإنشقاقهم إ9111ولقد وجدنا الحقا أي بعد المفاصلة بين اإلسالمين لي الحكم المدني, وذلك لتغير والتحول إ, بإعتباره نصير اي العامعاني حزب المؤتمر الشعبي من إقناع الرأ

نقالب,نظيم اإلسالمي الذي شاركه في اإلنقالبية ثم مطالبته الحقا للتفي التخطيط والتنفيذ للعملية اإل لسابقتهفكار الجديدة مثار تهكم وتشكيك في , مما جعل هذه األتحولالهذا بالعدول عن الممارسات التي عطلت

Page 83: دولة الحركة الإسلامية في السودان

الحركة اإلسالمية_في ميزان الديمقراطية وحقوق اإلنسان

83

ن الساحة السياسية لو كانت يرين )كلمة حق يراد بها باطل(, وإن كنت أعتقد أجعلها عند الكث , وصحتهاالترابي وحزبه والتي بنيت علي الشيخ تخضع لقواعد الديمقراطية الحقة والتي من لوازمها الحرية, فان معارضة

بالفعل لألسف ما لم يحدثوهذا ,لي عقول وقلوب الكثيرينت يمكن أن تصل إمواقف وبينات واضحة, كانسالمين داخل وخارج السودان عن من الجانب اآلخر فان الكثير من كتابات بعض اإل, أما أرض الواقع علي

ي )الديمقراطية االسالمية(, ما لزامية الشور عدم )إبالذات بفكرة , والمتعلقلثقافة التسلط كرسالفكر الذي ي .والتجبر لططار فكري جديد للتسإلأسست , التي م وعمق أكثر المشكلةز أ

سباب نفسية:أ

والتي نسان, ي والغربي للديموقراطية وحقوق اإلسالمربات التي حدثت بين المفهومين اإللي المقالقد أشرنا إن كانت الديموقراطية في كثير من معناها تعبر عن معاني العدل أجازت الكثير من نقاط اإلختالف بينهما, وإ

هدار ثروات الشعوب مما يجعل نفوذ الحكام والبطش بالرعية وإبح والحرية والمساواة, وتعمل علي ك, ليه سابقالفاء الراشدين( الذي أشرنا إالختجاه نموذج )الرسول الكريم+في إ الديموقراطية بهذا المعني تسير

ا صنع عقدة نفسية لدي فان هذا النموذج كما ذكرن ,ثنان في القوالب التي ظهرا بها هنا وهناكوأن إختلف اإلا النموذج الذي هتداء بهذاإل (إستحالة)صعوبة أو باألحري سالمي تتمثل في الكثير من أصحاب المشروع اإل

صلي اهلل عليه وسلم, مما كان له سالم التي نزل بها الوحي علي سيدنا محمد اإل مثل لرسالةيعتبر التطبيق األالتي وذلك ألنها صورت تلك الفترة كما صور أوغسطين مدينته رادة لصنع التغيير,أكبر األثر في تكبيل اإل

الذي يعبر عن نه هوريم+الخلفاء الراشدين(, رغما عن أن تجاوزنا نموذج )الرسول الكوإ. سماها )مدينة اهلل(لتباين ج الغربي رغما عن اكثر من غيرنا, فإن النموذ سالمية, والذي يجب أن نلتزم به أصالتنا وهويتنا وثقافتنا اإلأ

صحاب ذنا لتطبيق الديمقراطية وحقوق اإلنسان, علي الرغم من أننا أيجابية تستفبين اإلثنين لم يصنع ردة فعل إ قتداء.كثر صرامة في التأسي واإلرض علينا معايير أخالق تفرسالة ومبادئ وقيم وأ

تغير طالما لم , لم ولن يالتنفيذسالمي بطئا وتراخيا في وتلك العلة النفسية قد أورثت أصحاب المشروع اإل (.إن الله ال يـغيـ ر ما بقوم حتى يـغيـ روا ما بأنفسهم تتغير النفوس )

سباب تتعلق بانعدام القدوة:أ

أكثر حظا من األجيال الالحقة التي نشأت وتربت في (اإلنقاذ)لقد كانت األجيال االولي من اإلسالمين قبل الديمقراطي الذي ساد في بعض الفترات, والذي كان له مردود السياسي بسبب المحيط وذلك , نقاذكنف اإل

Page 84: دولة الحركة الإسلامية في السودان

الحركة اإلسالمية_في ميزان الديمقراطية وحقوق اإلنسان

84

ويره, مساحات واسعة لبناء الصف وتط تأثر بهذا المحيط, وبما وفره من إيجابي علي تنظيمها, بما أكسبه منوذاق اإلسالمين بالذات فترة من الزمن,هي األخري ديكتاتورية والشمولية التي سادت ال سهامكذلك بسبب و

بالحقوق كثر وعيا من غيرهماألوجعلهم , ألكثر تضررا من غيرهم بهذا المناخا جعلهممما من شواظها الكثير, وإقتدي بهاموزا بارزة تأثر ر ما جعلهام ,هذه الحقوق في دفاع قياداته عن وقد تمثل ذلك األساسية لإلنسان,

نقالب والثورة , فقد نشأت في جو اإل(نقاذاإلبعد ) حقةالال جيالاألما , أالسوداني أبناء الشعب الكثير منافعا نحو تلبية ندائها كثر تدوطبول الحرب والجهاد والتي كان أبناء الحركة اإلسالمية األ والشعارات البراقة,

أبناء الحركة اإلنقالبية علي عقول ثقافةوسيطرة الفكر وال في إنتشار اهمواإلنضمام تحت لوائها, مما س , ولم تحدث فيه أينقاذاإلعليه جيل محيط وبهذا الشكل هو الذي نشأسالمية, ولذلك فان هذا الاإل

, مع إمكانيةلسلطةه لم/ محمد سوار الذهب والذي وبعد إستالم ثها من قبل المشيردحإستثناءات كالتي أكما حنث قيادات الحركة اإلسالمية ,خري للشعب بوعد لم يحنث فيهقام بارجاعها مرة أ ,ستمرار فيهااإل

إنعدمت في قتداءيشكل حالة جديرة باإلمما بإرجاع السلطة إلي الشعب كما كان متفقا عليه من قبل تنظيمها .نقاذ الحاليةقيادات اإل

الذي لم تقم للسبب وتربت علي كنف اإلنقاذ, فقدت القدوةت تي نشأسالمية الوأعتقد أن أجيال الحركة اإلبل علي العكس من ذلك كرست قتداء, ج صالح لإلال السابقة لإلنقاذ من تشكيل نموذ فيه القيادات من األجي

صبح الشبابحتي أ (,السلطة) بيب السلطة, كرست للتشبث بهان بتالتلك األجيال التي يمسك أغلبها اآلرات التي رفعها الشباب علي عكس ما كان يفترض, وقد ظهر ذلك جليا في المذك الكبار فيهاكثر زهدا من أ

.في وجه الكبار

, علي فترة من الزمن ا رغما عن التضيق الذي مورس عليهمجيال التي سبقتهولئن صبرت هذه األجيال علي األان النظام وحمايته والزود ركي تثبيت أغيرهم من فئات التنظيم فصالة من الرغم من أنهم تيار أصيل بل أكثر أ

اليجدي نفعا مع ذي قد والك في مصداقيته, ن مرد ذلك الصبر ربما حفاظا علي المشروع المشكو عنه, فإعاطي السياسي مع الخصوم لي سلوك راديكالي في التالتيارات غير اإلسالمية األخري مستقبال, مما قد يؤدي إ

تتسم نقاذي لم يتهيأ نفسيا للعب هذا الدور, ولربما نظرته للمشروع والتيعلمنا أن هذا الجيل اإلخاصة إذا كثر عن السلوك الديمقراطي مستقبال. ببعض القداسة ما قد يبعده أ

إنعكاسات الفشل في التطبيق:دائرة الوعي فيه تسعتفي التعليم والتكنولوجيا وإ نساني,المجتمع اإلي فلقد حدثت تطورات هامة ومتسارعة

ما وجدت سانحة إال , هم الفئات الحية من المجتمع بها حتللدرجة التي أض اإلنسان والديمقراطية حقوقب .متي وجدت إنحرافا في تطبيقها مطالبة بهاوتقدمت لل

Page 85: دولة الحركة الإسلامية في السودان

الحركة اإلسالمية_في ميزان الديمقراطية وحقوق اإلنسان

85

بدعا أو إستثناء من هذه التطورات, فقد تطور فيه المجتمع, ولم يعد بتلك الصورة النمطية السودانولم يكن , بالطاعة والوالء , وتدين الفئات األخريلي الحراك السياسي واألجتماعيالتقليدية التي تسيطر فيها فئة معينة ع

يعي لتغير شكل الحياة قد إعتراها هي كنتاج طبوإن كانت هذه الصورة النمطية التي رسخت فترة من الزمن, .ري التغيراألخ

ن ليس ثمة تغير قد طرأ علي شكل الحياة, بالصورة التي لم تعد فيها الصورة القديمة هي فال أحد ينكر اآلن أألحزاب, وال المجتمع هو نفسها, فال السودان كما كان معروفا من قبل هو السودان, وال األحزاب هي ا

مشروع اإلنقاذ نفسه هو ذات المشروع الذي خطط له من قبل, فقد طرأت عدة قضايا , وليس المجتمعفي كما ساهمت قضايا أخري جابية في شكل الحياة ومسارها,ساهمت في إحداث إشراقات وإختراقات إي

في إحداث اإلنحرافات. الجانب اآلخر

أو , إستيعابها يكمن في عدم القدرة علي النخب الحاكمة , فإن خطأآنفة الذكر عن وضوح هذه التغيرات ورغما تحقق المصالح العليا للوطن.تجاوب معها بالطريقة التي ال ي عدم القدرة عليحر باأل

ستقالل قد سيطرت عليه ثقافة اإلنقالبات والتي ما أعطت يامه بعد اإلد أشرنا إلي أن السودان في غالب أفقين, وطيلة هذه الفترات العصيبة التي لم توطن فيها فرصة للحكم المدني إال وإنقضت عليه ولو بعد ح

, فقد ظل السودان محافظا علي وحدته, متماسكا في نسيجه حقوق اإلنسانالديمقراطية ولم ترع فيها ها ثار آ فإنسالمي, في ظل النظام اإلبصورة أشد ولكن لما تكررت الحالة عصيا علي التفرق, اإلجتماعي,دة, جيال الجديعبء الملقي علي كاهل األلكثرة ال ,وراء ذلك مدمرة, ولربما يرجع السبب كانت وإنعكاساتها

القديم الذي وجه حياتها ردحا مما جعلها تنفجر في وجه التراث والتقليد من الضغوط المزيد ملتحالتي لم تمقراطية وعدم مراعاة حقوق في عدم تطبيق الدي من غيره من الزمن, أو لربما لتورط نظام الحركة اإلسالمية أكثر

اإلنسان بالصورة التي بلغ بها السيل الذبي,..فوقع اإلنفجار.

كما جاء ذلك في ديباجة الميثاق العالمي ,النسان الكثيرمع اإلنساني من عدم مراعاة حقوق إولقد عاني المجتلحقوق اإلنسان: )لما كان اإلعتراف بالكرامة المتأصلة في جميع أعضاء األسرة البشرية وبحقوقهم المتساوية الثابتة هو أساس الحرية والعدل والسالم في العالم,

ولما كان تناسي حقوق اإلنسان و إزدراؤها قد أفضيا إلى أعمال همجية آذت الضمير اإلنساني(03

اإلستبداد ببعيد عن هذه اآلعمال الهمجية التي أفضت إلي قاطبة كما المجتمع اإلنساني السودان لم يكنو فاألكبر, بدأ من ..فاألكبرمن األصفر به , تدرجت عليه كبيرة لتطبيقنعكاسات الفشل في افلقد كانت إ ,والظلم

التي قامت بعمليات إحالل وإبدال والمعنوي بسبب سياسة )التمكين(, األفراد الذين لحقهم األذي المادي

Page 86: دولة الحركة الإسلامية في السودان

الحركة اإلسالمية_في ميزان الديمقراطية وحقوق اإلنسان

86

أكبر األثر في فقد الكثير من اتاريخه الحديث, مما كان لهفي من قبل واسعة النطاق لم يشهد السودان بمثلها ن لم يوالوا النظام, وعملوا علي معارضته سلما األذي بالكثير من الذي تحقألالخبرات الوطنية والكفاءات, كما

فصلت من العمل بشبهة معارضة النظام أعدادا ضخمة من عناصر القوات النظامية ومن قيادات و ), حربا أوة المدنية ومن مؤسسات التعليم العام والعالي، ولم تبد أسفا لقطع أرزاق أسرهم، واستحدثت مواقع سرية الخدم

كما كاساتع, وإن كانت هذه اإلن00(ح"لإلعتقال والتعذيب أطلق عليها المواطنون مصطلح "بيوت األشبا ت نفسها بال معين أو نصير.بين ليلة وضحاها وجدو لي األسر التي كثيرا منها قد تعدت األفراد إ أشرنا

هاما لتماسك أهل عامال ثم إمتد األذي لمنظومات المجتمع وقواه الحية وأحزابه التي كانت في يوم من األيامالسودان علي إختالف إثنياتهم وجهاتهم, وبتطبيق سياسة فرق تسد, إنقسمت األحزاب وتفرقت أيدي سبأ

الكثير منهم مغادرة الوطن وضاق عليها تراب الوطن وأرضه, بعد أن أضحت خالفاتهم عصية علي الحل, فآثر الوطن إال من قيادات اي كاد يخلو فيهلدرجة التإلي ا الجراحات, حتي وصل بنا األمر خارجه علي ليتوحدوا

واآله. نالتنظيم الحاكم وم

ولقد كان ظن الحركة اإلسالمية الحاكمة, أن الرياح سوف لن تنقلب عليها يوما ما لتدخلها هي األخري في من ألفه دائرة اإلنشقاقات, والذي دخلت فيه بأقوي إنشقاق أخرج علي إثره المفكر والمنظر األول للمشروع

إلي يائه.

إليه الناس, إذ تم إستبدالها ولم يقف األمر عند األحزاب, التي لم تعد كما كانت الحضن الدافئ الذي يلجأوالتي تناستها ,01نها منتنة(اإلسالم ورسوله الكريم )دعوها فإ باإلنتماءات القبلية والجهوية الضيقة التي ذمها

دوما عكس التيار. سبحن يإ هكأنما قدر ,إال السودان في العصر الحديث المتحضرة الكثير من المجتمعات

ولقد رأينا كيف بدأ مشروع اإلنقاذ إسالمي الوجهة, إلتف حوله وحول شعاراته الكثير من فئات الشعب السوداني, شأنه في ذلك شأن الكثير من حركات التحرر والتجديد التي نشأت في السودان وخارجه, ولم يكن

مشروع تناقضات بينة بين الفكرة والتطبيق, فذابت الفوارق بين القادة واألتباع, وبين أجيال الحركة بال اإلسالمية, فتقاربت الكتوف, وإتضحت األهداف والوسائل, وقدمت جميع فئات الشعب السوداني شيبا

لقاطرته الحقا السير علي نساء ورجاال الكثير من التضحيات حماية للمشروع اإلسالمي, الذي لم يكتب وشباباجه المشروع تحت شعار: نفس الخط الذي كانت تسير عليه في البدء, فتبدلت الوجه اإلسالمية التي كانت تو

من سبق(, ليصبح الصدق وحده ال يكفي للتدرج في التنظيم إن لم يكن يتبعه إنتماء )العبرة بمن صدق وليس ب قبلي متين.

Page 87: دولة الحركة الإسلامية في السودان

الحركة اإلسالمية_في ميزان الديمقراطية وحقوق اإلنسان

87

السودان, فلم يعد اإلسالم هو معيار اإلنتماء, تماشيا مع ما قاله لقد تهتك النسيج اإلجتماعي في د/القرضاوي:

يا أخي في الهند أو في المغرب

أنا منك أنت مني أنت بي ال تسل عن عنصري أو نسبي

إنه اإلسالم أمي وأبي

, كما قال الشاعر السوداني:هو اإلنتماء لوطنولم يعد ا

فايداني** يكفي النيل ابونا والجنس سودانيجعلي وشايقي ودنقالوي شن

فضاق الواسع, وإتسع الضيق, وأضحي اإلنتماء القبلي هو الذي يحدد قدرتك علي التمتع بالحقوق في دولة الحركة اإلسالمية.

كان هو اآلخر عالمة فارقة في الفشل في إدارة البالد, وإدراة التنوع, و في القدرة صال جنوب السودانفإن إنعلي التعايش, رغما عن إختالفات الدين والثقافة, ولذلك فانه إن لم يكن لإلسالم القدرة علي إستيعاب هذه

تعبير عن نفسها, فليس اإلختالفات مجتمعة, بالصورة التي يجد فيها كل دين, وكل ثقافة, مكانها الالئق في الفرضية ال تتمتع بالحجة التي , وهيفشل فيه اإلسالمكون قد هنالك من دين يستطيع النجاح فيما يمكن أن ي

أكدها المنطق والتاريخ, أما واقع اليوم فهو واقع يمثله؛ إسالم بال مسلمين, ومسلمين بال إسالم.

في مشارق األرض ومغاربها, في يوغسالفيا والشيشان وإن كان يروق لنا كمسلمين ونحن نري إضهاد المسلمينفرضتها نفصال والحكم الذاتي, كإستثناءاتإلامعهم في مطالبهم ب سالم, أن نتعاطفما, وغيرها من بالد اإلر وبو

صل والتعارف او ت, في مقابل األصل الذي يرسي التعايش ويمد حبال الحبال الود نقطاعستحالة التعايش وإإنما يبدوا لنا هنا جين ما يدعوا للوقوف والتأمل: فبيالنموذ ن فيبين بني البشر ويدعوا للتوحد, فإ فعوتبادل المنا

الرسمي والشعبي علي وجه الخصوص, فظاعة اإلضهاد ينالمستويلسودان وفي غيره من بالد العالم علي في ا, فان الذي يبدوا هنا في علي سبيل المثال ال الحصر والظلم الذي يقع علي المسلمين في هذ الدول الثالث

, هو ظلم المسلمين إلخوانهم في الطرف اآلخر من الوطن, فأصبح جنوبا السودان وفي اإلتجاه المقابلالجنوب في نا, مما أستقطب ألهلهنا وهنالك مظلومين ظالمينمضطهدين وهنا مضطهدين, المسلمون هنالك

الرسمي علي وجه الخصوص.و الشعبي في مستواه لتعاطف العالميا في الشق اآلخر من الوطن

Page 88: دولة الحركة الإسلامية في السودان

الحركة اإلسالمية_في ميزان الديمقراطية وحقوق اإلنسان

88

ننا النستطيع أن نقرأ إنفصال الجنوب, وإشتعال الصراع في دارفور وشرق السودان وغيرها, وإبراز ولذلك فإقضايا الهامش التي تبنتها الحركات المسلحة, دون إرجاع ذلك لغياب معاني الحكم الراشد, وغياب الحرية

ولما كان تناسي حقوق اإلنسان وازدراؤها قد أفضيا ) عن ميدان السياسة في ظل نظام الحركة اإلسالمية والعدالةدارفور الضمير الوطني في الصراع ب , فقد آذت هذه اإلنتهاكات(إلى أعمال همجية آذت الضمير اإلنساني

العالمي.و إلسالمي او

نعكاساتها السياسة, فان إ ميدان في لتي أشرنا إليهاكاسات الخطيرة, واعوإن كان لفشل التطبيق هذه اإلن أشد مما ذكرنا بكثير. اإلقتصادية,

ي إتسمت ب )بعدم النضج(, السببوالت سياسة النظام الخارجية في أيامه األوليل ففي الجانب اإلقتصادي كاناإلسالمية, وفتح حدوده لكثير , والتي لم يكن سببها فقط تبني النظام للشريعة في جر الكثير من المشاكل عليه

من اإلسالمين من خارج السودان, ودعمه للمنظمات اإلسالمية, بل كان لسجله السئ في في مجال حقوق , سببا آخر في تدهور عالقاته مع الغرب, وإذا أضفنا إليها موقفه من حرب الخليج اإلنسان, وقبض الحريات

ر عليه كإقتصاد هش وناهض بحاجة إلي الدعم الذي فقده بسبب التي أثرت علي عالقاته العربية أيضا, مما أثقا, مما أذم وضعه اإلقتصادي هذه السياسات. وذلك فضال عن فاتورة الحرب الباهظة, وإنفصال الجنوب الح

أكثر.

وانخفض سعر صرف وفي ظل هذا الوضع تدهورت المشاريع الزراعية, وتدهور الوضع المعيشي, وزاد الفقر, في شتي مجاالتها المختلفة. محلية مقابل الدوالر, وزاد التضخم, وتأزمت األوضاع اإلقتصاديةالعملة ال

كاسات خطيرة عإن عدم تطبيق قواعد الحكم الرشيد في دولة الحركة اإلسالمية )اإلنقاذ(, كانت له إنولذلك فأصبح من الضروري أكبر من أن تحتويها صفحات, وهي كما أوضحت التجربة من الخطورة بمكان, بحيث

العدول عنها بما يفضي إلي حالة من اإلنفراج السياسي واإلجتماعي واإلقتصادي, من ثم مراجعتها من جديد, و والتي أضحي الوطن في أمس الحاجة إليها.

Page 89: دولة الحركة الإسلامية في السودان

الحركة اإلسالمية_في ميزان الديمقراطية وحقوق اإلنسان

89

مراجع الفصل الرابع

رواه البخاري...(األخالق)إنما بعثت ألتمم مكارم / 9

83ص -نبيضة( مالك بن شروط النه)/ 3

سبق اإلشارة إليه/ 0

. رواه مسلم/ )كان خلقه القرآن(1

مالك في الموطأ...(لن تضلوا ما تمسكتم بها كتاب اهلل وسنة نبيه )تركت فيكم أمرين/ 8

وددت أنا قد رأينا إخواننا فقال أصحاب النبي صلي اهلل عليه وسلم له: أولسنا إخوانك؟ قال: بل أنتم )/ 6 مسلمرواه ...(أصحابي

سبق اإلشارة إليه/ 7

م عن تطبيق الشريعة اإلسالمية9190ندوة للشيخ الترابي عام / 9

..متفق عليه.()اذا هلك كسري فال كسري بعده/ 1

918ص- كيف نتعامل مع القرآن()/ 93

981ص-/ نفس المصدر99

371ص -الترابي-المنهج والتطور والكسب(-الحركة اإلسالمية السودانية)/ 93

(91/93/3330)أخبار اليوم / 90

محمد الشنقيطي-(الحركة اإلسالمية السودانية مدخل إلي فكرها التنظيمي)/ 91

377ص -( د.الترابيالتطور والمنهج والكسب-الحركة اإلسالمية في السودان)/ 98

مقال للطيب زين العابدين-/ خطايا قاتلة في مسيرة الحركة اإلسالمية96

محمد المختار الشنقيطي-(مدخل إلي فكرها التنظيمي-السودانيةالحركة اإلسالمية )/ 97

Page 90: دولة الحركة الإسلامية في السودان

الحركة اإلسالمية_في ميزان الديمقراطية وحقوق اإلنسان

90

/ سبتمبر(صحيفة 8/ )مقال عبد المحمود نور الدائم الكرنكي بعنوان )دور األخوان المسلمين في إنقالب 99 م(3393سبتمبر 6هـ الموافق 9100شوال 91عدد الخميس -اإلنتباهة

/ نفس المصدر91

901ص -الطبعة األولي-د.عبداهلل النفيسي -الطريق ثغرات في-الحركة اإلسالمية/ 33

/ د/ الطيب زين العابدين )الديمقراطية التوافقية(39

( تجربة الحركة اإلسالمية السودانية في مجال حقوق اإلنسان بين النظرية والتطبيق/ الطيب زين العابدين )33 مقال

/ نفس المصدر30

.رواه البخاري..(يدها تت لقطعاهلل لو ان فاطمة بنت محمد سرقأيم و )/ 31

م(3331نوفمبر99علي السيد/ -صحيفة اخبار اليوم/ 38

(تجربة الحركة اإلسالمية السودانية في مجال حقوق اإلنسان بين النظرية والتطبيق/ )36

فيدعوا خياركم فال يستجاب لتامرن بالمعروف ولتهون عن المنكر او ليسلطن اهلل عليكم شراركم)/ 37 رواه السيوطي في الجامع الصغير, وقيل حسن..(لهم

مقال للطيب صالح/ 39

33ص -دار الفكر سورية-الجزء األول-شبكة العالقات اإلجتماعية-ميالد مجتمع/ 31

33لترابي ص ا -الشوري والديمقراطية /03

371ص -الدكتور حسن الترابي-التطور والمنهج والكسب-الحركة اإلسالمية في السودان /09

/ الميثاق العالمي لحقوق اإلنسان.03 تجربة الحركة االسالمية في مجال تطبيق حقوق اإلنسان()/ مقال الطيب زين العابدين..00

حديث -)دعوها فانها منتنة(/ 01

Page 91: دولة الحركة الإسلامية في السودان

الحركة اإلسالمية_في ميزان الديمقراطية وحقوق اإلنسان

91

الخاتمة

األجيال عبر كفاحها اا الطويلة, والتي سطرت فيهموحقوق اإلنسان خالل مسيرتهلقد واجهت الديمقراطية ولقد واجهت الطويل ضد القهر والظلم واإلضهاد, الكثير من العقبات حتي وصلت إلي ما وصلت إليه اليوم.

ات من ثور الحقا الذي نشأ فيه المصطلح, وما أعقبهاالمسار التاريخي والجغرافي فقط, كذلك, ليس في المقابل, الذي واجه اإلسالمي في اإلتجاه كذلك بما واجهته)الثورة الفرنسية(, بل كـإرتبطت بها إرتباطا وثيقا

ثم إرساءها علي أرض الواقع ثانيا.ومن الكثير بحثا عن نقاط اإلتفاق مع الفكرة أوال,

الذي إجتهد في هضم هذه ك, يختلف إختالفا جوهريا عن المحيط فالمحيط الثقافي والسياسي هنالم تخلو من عسر المجادلة, إال أنها أجري عليها عمليات توليف ومطابقةالمصطلحات الوافدة عليه, بعد أن

قد أضحت بعد مرور السنين, مصطلحا مألوفا, بل طغي كذلك حتي علي المصطلحات المتوطنة في الثقافة .مثال )الشوري(كـالعربية واإلسالمية

ه المقاربات الفكرية بمخاض عسير, مما كان لها في الجانب اإليجابي من رفد المكتبة العربية ولقد مرت هذواإلسالمية بالكثير من المؤلفات التي صدرت عن مدرسة الحركة اإلسالمية علي وجه الخصوص, والتي وصلت

سانية رته التجارب اإلنإلي نتيجة مفادها؛ أن الديمقراطية وما تتضمنه من حقوق اإلنسان, وعلي حسب ما أظهج األمثل الواجب اإلقتداء به, كنظام حكم أثبت جدواه في إتاحة فرص أوسع عبر القرون, لتمثالن النموذ

كبح جماح المتسلطين والمتجبرين.ركة, وتنظيم الحقوق والواجبات, و للمشا

ر جيدة, ومتفق حولها بدرجة إالأن الديمقراطية وحقوق اإلنسان, رغما عما أكدتاه في اإلطار النظري من أفكا .التماهي مع اإلطار العمليعالية, إال أنهما لم يكونا بنفس القدر من

وإن كانت الديمقراطية هي حكم الشعب, فإن هذا التعريف أثبت عدم جدواه, حتي في المكان الذي صدر فيه الطبقي, الطبقات التي من حقها المصطلح ونشأ, فتاريخيا وجدنا كيف أن اليونان القديمة قد حدد فيها النظام

ممارسة الديمقراطية, واألخري التي ليس من حقها ذلك, ومازالت هذه النظرة ينظر بها حتي اليوم, حيث تري من حقوق لإلنسان, لم تتهيأ لها بعد بعض الدول لتطبق الغربية, أن الديمقراطية وما تتضمنهكثير من الدول

علي المسار الصحيح للديمقراطية لتناقض الذي يبين سيطرة اللوبيات الصغيرةهذا ا كما وقد أظهر الغرب فيها, طموحاتها السياسية واإلقتصادية. بها قلتحق , ووسائل اإلعالم,في حركة المال هاتحكمب

Page 92: دولة الحركة الإسلامية في السودان

الحركة اإلسالمية_في ميزان الديمقراطية وحقوق اإلنسان

92

ول ج القياسي )الرسفي إتجاه النموذ ركة تجديدية إجتهدتأما بالنسبة للحركة اإلسالمية السودانية كحالمحتوي والمضمون, وعلي ه في قالب حداثي ال تناقض فيه بين إخراج الكريم+الخلفاء الراشدين(, ومحاولة

ج مع ذلك النموذ إلسالمين, لتتفقإعتبار أن قيم الديمقراطية وحقوق اإلنسان في غالبها كما أثبتت مقاربات ابتها في عهد دولة اإلنقاذ, تجر اة, فإنسط الحريات, ويكف أيدي الطغالذي يقيم العدل, ويرسي الحقوق, ويب

جا جدير باإلقتداء.حقوق بالطريقة التي تصنع بها نموذإرسائها لهذه ال عدم يؤكد عليما

وإن كان معني التجديد يدور حول معني نفض الغبار, وإجالء الصدأ عن األصل, وإبرازه من جديد, فان تجربة لم يكن بها أصل ليجدد, إنما كان لها بنيان مشوه اليصلح تجديده في ظل دولتها التطبيقية الحركة اإلسالمية

ج جديد تماشيا مع اإلجتهادات السابقة والالحقة, والتي تدخل نما إجتثاثه من أصوله وإقامة نموذ والبناء عليه, إفكري والنظري ن وخارجه, والتي حددت اإلطار الفيها إجتهادات اإلسالميون أنفسهم, داخل السودا

للديمقراطية وحقوق اإلنسان.

وإن لم يكن من أمل يرتجي من الذين ظلوا في الحكم منذ تفجراإلنقاذ, وبعد أن أوضحت تجربتهم فشال ذريعا في مجال تطبيق الديمقراطية وحقوق اإلنسان, فان األمل معقود علي األجيال الجديدة من الحركة

اذ, إلنها شاهدة علي التجربة وصانعة لها, وأكثر إلماما بما اإلسالمية, تلك التي نشأت وترعرعت في ظل اإلنقحدث لها, وإن كانت قد نشات في ظل محيط ثقافي وسياسي عمل في اإلتجاه المضاد للديمقراطية وحقوق

ر بهذه البيئة, إال أن في اإلنعكاسات السالبة الناتجة عن هي األخري غير مأهلة بحكم التأث اإلنسان مما يجعلهالتطبيق, الكثير مما يحفز للنهوض بالمشروع اإلسالمي من جديد, ذلك المشروع الذي يعبر عن الحركة فشل ا

اإلسالمية ومشروعها التجديدي المبني علي قواعد الحكم الرشيد في الممارسة السياسية.

إختالف وهذا بالطبع ال يلقي حجر المسؤلية عليها وحدها, بل كذلك علي األجيال الناشئة األخري علي توجهاتها, والتي إرتفعت عندها معدالت الوعي بهذه الحقوق, مما يمكنها مع بعضها البعض من التعاون

المشترك والبعد عن الشقاق الذي إستشري فترة من الزمن وعمل علي هدم الوحدة الوطنية, وإنعكس بالكثير من الظواهر السالبة التي لم يجن منها الوطن غير الخراب.

تحدث ارجه, أن تهيئ نفسها لتغير شامل لك علي تيارات الحركة اإلسالمية, إن كانت في الحكم أو خوالبد كذبه عمليات إبدال وإحالل واسعة النطاق داخل تنظيماتها, والتي يحبذ أن تتم وفقا آلليات العمل الديمقراطي,

وإن كان ذلك مما يجب حدوثه ور,سوف يجتثها ويقتلعها من الجذ وإال فان النوع اآلخر من التغير اإلقصائيج يشجع األجيال علي اإلقتداء به, فان علي ع المدني واألحزاب, مما يشكل نموذ في جميع منظمات المجتم

الدولة مسئولية أكبر إلحداث هذا التغير.

Page 93: دولة الحركة الإسلامية في السودان

الحركة اإلسالمية_في ميزان الديمقراطية وحقوق اإلنسان

93

ير صوص, إلي الكثوفي السودان علي وجه الخ ,لقد أدي اإلنقالب علي الديمقراطية وحقوق اإلنسان في العالمدت إلي ردات فعل عنيفة, وجعلت السودان وشعبه لم يتذوق طعم اآلمان واإلستقرار رة, فأآذق الخطمن الم

يقف حمام الدم.سحتي اليوم, فما يخرج الوطن من حرب حتي ويدخل في أخري, واهلل وحده يعلم متي

, والذي من سبعة آالف عامنساني منذ أكثر إن شعب السودان العريق والضارب بحضارته في عمق التاريخ اإلساهم علي مر التاريخ في الحضارات اإلنسانية التي أثر فيها وتأثر بها, والذي ساهم كذلك في التاريخ

بما ظل يقدمه من دعم المنابر الدولية المهتمة بهذه الحقوق, وبما و الحديث, في إرساء السلم واألمن العالمي, إلقليمية والمحلية, التي ترعي حقوق اإلنسان, وترسي دعائم ساهم به من تأسيس المنظمات الدولية وا

الديمقراطية, فان هذا الشعب يستحق أن تهيئ له حياة كريمة تليق به كإنسان, عاني الكثير من فقدان قيم ومعاني الديمقراطية وحقوق اإلنسان.

Page 94: دولة الحركة الإسلامية في السودان

الحركة اإلسالمية_في ميزان الديمقراطية وحقوق اإلنسان

94