في دروس

الكريم القرآن علوم

1

الكريم القرآن علوم في دروسالكتاب:الثقافية ةاإلسالمي المعارف جمعيةنشر:

والترجمة للتأليف نون مركزإعداد: اإلعداد

اإللكتروني: _اإلسالمية المعارف شبكة

www.almaaref.org الطبعةاألولى:

هـ1435 – م2014

© محفوظة الطبع حقوق جميع

2

اإلسالمية المعارف سلسلة

في دروس القرآن علوم

الكريم

إعدادوالترجمة للتأليف نون مركز

3

4

الفهرس11 المقدمة

19 في تمهيدية مباحث: األول الدرس(1) القرآن علوم

21 الدرس محتوى21 القرآن معنى- 123 القرآن أسماء- 227 القرآن حقيقة- 329 القرآن أوصاف- 435 في تمهيدية مباحث: الثاني الدرس

(2 )القرآن علوم

37 القرآن لغة- 140 وتاريخها القرآن علوم نشأة- 241 القرآن علوم تعريف- 342 القرآن علوم موضوع- 443 القرآن علوم دراسة فائدة- 544 القرآن علوم تدوين -653 (1ي )الوح: الثالث الدرس55 الوحي معنى- 156 القرآن في الوحي- 258 النبوي الوحي أنحاء- 3

5

59 النبوي الوحي أقسام- 461 المحمدي الوحي- 569 (2 )الوحي: الرابع الدرس71 الوحي ضرورة- 172 ووقوعه الوحي إمكانية- 273 حصوله وكيفية الوحي حقيقة- 374 النبوي الوحي استمرارية عدم- 476 الوحي كتاب -577 الوحي حول شبهات- 687 (1) القرآن نزول: الخامس الدرس89 النزول معنى- 189 القرآن نزول في األقوال- 291 التدريجي النزول فوائد- 392 النزول أسباب تعريف- 493 النزول وشأن النزول سبب بين الفرق- 593 النزول أسباب معرفة فوائد- 694 السبب؟ خصوصية أم اللفظ عمومية- 795 النزول؟ أسباب أحاديث اعتبار مدى- 8

101 (2 القرآن ) نزول: السادس الدرس103 القرآن من نزل ما أول -1105 القرآن من نزل ما آخر- 2107 القرآن في اآلية- 3117 (3 القرآن ) نزول: السابع الدرس119 القرآن في السورة- 1123 والمدني المكي- 2126 )سورة (86 المكية السور نزول ترتيب127 (سورة (26 المدنية السور نزول ترتيب

128 حسب وكلماته وآياته الكريم القرآن سور عددوالمدنية المكية السور تقسيم

133 (1) القرآن جمع: الثامن الدرس135 مقدمة135 الله صلى النبي حياة في القرآن جمع أدلة- 1

وسلم وآله عليه

6

138 صلى النبي رحيل بعد القرآن جمع أدلة- 2وسلم وآله عليه الله

147 (2) القرآن جمع: التاسع الدرس

149 عليه طالب أبي بن علي اإلمام جمع- 1 السالم

153 ثابت بن زيد جمع- 2153 الجمع واقع- أ153 الجمع خصائص- ب154 الجمع مصير- ج159 (3) القرآن جمع: العاشر الدرس161 كعب بن أبي جمع- 1163 مسعود بن عبدالله جمع- 2165 أخرى مصاحف- 3171 (4 ) القرآن جمع: عشر الحادي الدرس173 المصاحف اختالف- 1174 المصاحف توحيد واقع- 2177 العثمانية المصاحف خصائص- 3179 العثمانية المصاحف مصير- 4180 القرآن جمع مسألة في الصحيح- 5187 ) القرآن قراءات: عشر الثاني الدرس

1)189 التفصيلي المحتوى192 القراءات اختالف أنواع- 1193 القراءات حصر- 2196 القراءات قبول مقياس- 3197 والقرآن القراءات بين الفرق- 4205 المصحف رسم: عشر الثالث الدرس207 ورسمها العربية اللغة تطور- 1208 صلى الله رسول عهد في العربية رسم- 2

وسلم وآله عليه الله209 العثماني المصحف رسم- 3210 المصحف رسم في ومناقضات مخالفات- 4211 المصحف نقط من أول- 5212 المصحف شكل من أول- 6

7

217 (1) القرآن إعجاز: عشر الرابع الدرس219 اإلعجاز معنى- 1220 المعجزات تنوع فلسفة - 2220 القرآن في التحدي- 3223 الخاص التحدي - القرآن إعجاز أبعاد من- 4229 ) القرآن إعجاز: عشر الخامس الدرس

2) 231 الغيب عن اإلخبار- 1232 علمية حقائق عن الكشف- 2234 البيان - والبالغة الفصاحة- 3238 الفني التصوير - 4245 القرآن صيانة: عشر السادس الدرس

(1 )التحريف عن247 التحريف معنى- 1248 التحريف أقسام- 2249 المسألة في اإلمامية علماء آراء - 3253 التحريف عن القرآن صيانة إثبات أهمية- 4261 القرآن صيانة: عشر السابع الدرس

(2) التحريف عن263 القرآني الدليل- 1265 الروائي الدليل- 2267 العقلي الدليل- 3268 القرآني اإلعجاز- 4268 التاريخية الشواهد- 5275 عن القرآن صيانة: عشر الثامن الدرس

(3) التحريف

277 التحريف وقوع في شبهات291 الناسخ: عشر التاسع الدرس

(1) والمنسوخ293 النسخ معنى- 1294 ووقوعه النسخ إمكان- 2296 والمنسوخ الناسخ معرفة ضرورة- 3296 والتخصيص النسخ بين الفرق- 4297 النسخ شروط- 5

8

303 ) والمنسوخ الناسخ: العشرون الدرس2)

305 النسخ أقسام- 1307 النسخ أنحاء- 2308 النسخ في شبهات- 3310 والمنسوخة الناسخة اآليات عدد- 4315 المحكم: والعشرون الواحد الدرس

والمتشابه317 المحكم معنى- 1318 المتشابه معنى- 2318 متشابهات آيات وجود تحقيق- 3320 والمتشابه المحكم معرفة ضرورة- 4321 القرآن؟ في المتشابهات وجود أسباب- 5322 متشابهات وأخر محكمات آيات من نماذج -6331 التأويل: العشرون و الثاني الدرس333 التأويل - معنى1335 القرآن في التأويل- 2338 تعالى؟ بالله مختص القرآن تأويل هل- 3

345 ومراجعه الكتاب مصادر

9

10

المقدمة

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، وسالم على عباده الذين اصطفى, محمد وآلهالطاهرين، واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين إلى قيام يوم الدين.

إذا التبست عليكم الفتنقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: " كقطع الليل المظلم, فعليكم بالقرآن, فإنه شافع مشفع، وماحل مصدق، من جعله أمامه قاده إلى الجنة، ومن جعله

خلفه ساقه إلى النار، وهو الدليل يدل على خير سبيل، وهو كتاب فيه تفصيل وبيان وتحصيل، وهو الفصل ليس بالهزل،

وله ظهر وبطن، فظاهره حكم، وباطنه علم، ظاهره أنيق، وباطنه عميق، له تخوم، وعلى تخومه تخوم، ال تحصى عجائبه

وال تبلى غرائبه، فيه مصابيح الهدى ومنار الحكمة، ودليل على المعرفة لمن عرف الصفة، فليجل جال بصره، وليبلغ الصفة

نظره, ينج من عطب، ويتخلص من نشب, فإن التفكر حياة قلب البصير, كما يمشي المستنير في الظلمات بالنور،

.1"فعليكم بحسن التخلص وقلة التربص

من الضرورة بمكان أن تركز األمة اإلسالمية اليوم على هذا التعريف الذي قدمه نبي اإلسالم صلى الله عليه وآله وسلم للقرآن، وال سيما أن البيئة

المعايشة للمسلمين لم تلوث إلى هذا الحد الذي تلوثت به اليوم, منسحب سوداء متراكمة، وقطع الليل المظلم. فصحيح

، طهران، دار الكتب4الشيخ الكليني، محمد بن يعقوب: الكافي، تصحيح وتعليق علي أكبر الغفاري، ط 1 ، كتاب فضل القرآن، باب في تمثل القرآن وشفاعته ألهله،2هـ.ش، ج1365اإلسالمية, مطبعة حيدري،

.599، ص2ح

11

أننا نجد القرآن ومنذ الخطوات األولى التي تلت تحول الخالفة اإلسالمية إلى السلطنة الطاغوتية, قد تحول في الواقع إلى زائدة كمالية، وخرج

بشكل رسمي، وإن لم يكن ذلك بشكل اسمي عن المجال الحياتي للمسلمين, إال أن ما حدث في جاهلية القرن العشرين من خالل عمل

األجهزة السياسية واإلعالمية المعقدة، يعد أخطر من ذلك بمراتب، وأكثربعثا على القلق بال ريب.

ولكي يعزل اإلسالم عن الحياة، فإن أكبر وسيلة وأكثرها أثرا, هي: إخراج القرآن عن المجال الذهني والقلبي والعملي لألمة اإلسالمية. وهذا بالتأكيد ما عمل عليه المتسلطون األجانب، والعمالء الداخليون لهم, سالكين هذه

السبيل عبر االستعانة بشتى األنماط والوسائل.

إن القرآن هو الكتاب المقدس، والنور، والهدى، والفرقان بين الحق والباطل، والحياة، والميزان والشفاء، والذكر، الذي ال تتم له هذه الخصال

بشكل عملي, إال إذا تم قبل كل شيء استيعابه, فهما، وتطبيقه, عمال.

لقد كان القرآن في عصر الحكم اإلسالمي في الصدر األول، هو القول الفصل والكلمة األخيرة، وحتى كالم الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ,

فإنه يجب أن يعرض عليه. وكان حملة القرآن، يتمتعون بمكانة مرموقة في المجتمع، بعد أن كان الرسول صلى الله عليه وآله وسلم قد أعطى

"أشراف أمتي: حملة القرآن، وأصحاباألمة التعليم القائل: , فكان استيعاب القرآن, علما وعمال، يشكل قيمة واقعية. وللعثور1"الليل

على حل لكل مشكلة حياتية يجب الرجوع إلى القرآن، ولقد كان القرآن مالك قبول أي حديث، أو أسلوب، أو مدعى، ومعياره. وكان عليهم أن

يعرفوا الحق والباطل من وجهة نظر القرآن, ليشخصوا نماذجهماومصاديقهما في ميدان الحياة.

ومنذ فقدت القوى الحاكمة على المجتمعات المسلمة القيم اإلسالمية،واغتربت

ابن بابويه، محمد بن علي بن الحسين)الصدوق(: معاني األخبار، تصحيح وتعليق علي أكبر الغفاري، 1 هـ.ق/1379الط، قم المقدسة، مؤسسة النشر اإلسالمي التابعة لجماعة المدرسين بقم المقدسة،

.178، ص1هـ.ش، باب معنى أشراف األمة، ح1338

12

عنها، ورأت في القرآن, وهو الناطق بالحق وفرقان الحق والباطل عقبة في سبيلها، بدأ السعي الحثيث إلبعاد كالم الله عن ميدان الحياة، ووجد

عقيب ذلك الفصل بين الدين والحياة االجتماعية، والتفريق بين الدنيا واالخرة، والتقابل بين المتدينين الواقعيين وأهل الدنيا المقتدرين، وأبعد

اإلسالم عن مركز إدارة مجاالت الحياة االجتماعية للمجتمعات المسلمة، ليقتصر على المساجد والمعابد والبيوت وزوايا القلوب، وهكذا وجد الفصل

بين الدين والحياة, بكل ما عاد به من خسارة وعلى المدى الطويل.

ومن الطبيعي أن القرآن قبل أن يتم الهجوم الواسع للمتسلطين الغربيين والصهاينة، وإن لم يكن موجودا في المجال الحياتي بالمعنى الحقيقي, إال أنه كان يحتل مكانة في أذهان المسلمين وقلوبهم، على تفاوت بينهم في

ذلك، غير أن الهجوم الغربي والصهيوني في القرن التاسع عشر لم يستطع أن يتحمل حتى هذا القدر أيضا. إنهم ال يستطيعون أن يتحملوا

ا استطعتم﴿وجود القرآن الذي يصدر بكل وضوح أمر: وأعدوا لهم مباط الخيل ة ومن ر ولن يجعل الله﴿، ويصدح بقول: 1﴾من قو

، القرآن الذي يريد للمؤمنين أن2﴾للكافرين على المؤمنين سبيال يكونوا إخوة في ما بينهم، أشداء غضابا على أعدائهم، مثل هذا القرآن ال

يمكن أن يتحمله المتسلطون الساعون للسيطرة على أزمة أمورالمسلمين، ونهب كل شيء لديهم.

إن هؤالء المتسلطين أدركوا بكل وضوح أن القرآن، رغم هذا الحضور غير الكامل في حياة األمة، لن يسمح لتسلطهم ونفوذهم أن يسلكا سبيلهما

المنشودين، لذا فقد وضعوا خطة حذف القرآن بشكل كامل، وطبيعي أن ال تمتلك ولن تمتلك هذه الخطة تطبيقا عمليا, ذلك أن الله تعالى قد وعد

األمة اإلسالمية بحفظ القرآن دائما، على

.60سورة األنفال، اآلية:: 1.141سورة النساء، اآلية: 2

13

أننا ال نستطيع أن نغض النظر عن نتائج ذلك السعي الواسع األبعاد الذيتم من قبلهم في هذا الصدد.

ألقوا اليوم نظرة على ميدان حياة المسلمين، فأين تجدون القرآن؟ هل تجدونه في أجهزة الحكومات؟ أم في النظم االقتصادية؟ أم في تنظيم

العالقات والمناسبات بين الناس بعضهم مع بعضهم اآلخر؟ أم في المدارس والجامعات؟ أم في السياسة الخارجية والعالقات بين الدول؟ أم في تقسيم الثروات الوطنية بين فئات الشعب؟ أم في أخالقية المسؤولين

في المجتمعات اإلسالمية، وكل فئات الشعوب التي تتأثر بهم قليال أو كثيرا؟ أم في السلوك الفردي للحكام المسلمين؟ أم في العالقات بين

الرجل والمرأة؟ أم في األرصدة المصرفية؟ أم في أنماط المعاشرة؟ أم في أي مكان من الحركة العامة واالجتماعية للناس؟ ولنستثن من كل هذه الميادين الحياتية: المساجد، والمآذن، وأحيانا بعد البرامج التي ال تعد شيئا من اإلذاعات رياء وخداعا لعامة الناس. ولكن، هل جاء القرآن لهذا فقط؟

لقد كان السيد جمال الدين قبل مئة سنة يبكي ويبكي لهذا األمر، حيث عاد القرآن يقتصر على اإلهداء، والتزيين، والتالوة في المقابر، والوضع

على الرفوف... ولكن، ماذا حدث في المئة سنة هذه؟ ترى أال يبعث وضعالقرآن لدى األمة اإلسالمية على القلق؟

إن الحديث كله يتركز على أن القرآن كتاب حياة اإلنسان، إنسان الالنهاية، اإلنسان المتكامل، اإلنسان ذي األبعاد، اإلنسان الذي ال حد لتكامله... إن

هذا الهادي والمعلم لإلنسان قادر على أن يرعاه في كل العصور، وأن نظام الحياة الالئق باإلنسان، إنما يتعلمه اإلنسان من القرآن ال غير، وأن

األساليب التي يجب أن يتبعها ليرفع عن كاهله أنواع الظلم، والتفرقة والفساد، والجهل، والطغيان، واالنحراف، والدناءة، والخيانة التي ابتلي بها

خالل تاريخه الطويل فكانت عقبة في سبيل رشده وتعاليه, كل هذه األساليب إنما يمكن أن تكون عملية في ظل الهداية القرآنية والمخطط

الذي طرحه الكتاب السماوي للحياة اإلنسانية.

14

إن العودة إلى القرآن، هي عودة إلى الحياة التي تليق باإلنسان، وهي المهمة الملقاة على عاتق المؤمنين بالقرآن، وفي طليعتهم العارفون به،

ون. وإن العودة إلى القرآن، شعار لو يطرح والعلماء، والمبلغون الديني بشكل حقيقي وجدي, الستطاع أن يقدم الفارق بين الحق والباطل. ومن

هنا، يجب أن ال تتحمل الشعوب اإلسالمية وجود تلك القوى التي ال تريد أنتقبل مسألة العودة إلى القرآن.

إخواني المسلمين! أخواتي المسلمات! إننا بعد أن ابتلينا كذلك بالبعد عن القرآن، وأصبنا بآثار التآمر ضد القرآن من قبل األعداء العالميين، قد ذقنا طعم العودة إلى القرآن. وإن انتصار الثورة اإلسالمية العظيمة في إيران، وإقامة نظام الجمهورية اإلسالمية, ليعدان من اآلثار المباركة الكبرى لهذه

العودة.

إن هذا الشعب ليشاهد اليوم في أفق حياته، وفي عالقاته االجتماعية، وفي شكل حكومته ومحتواها، وفي مناقبية قادته، وفي سياسته الخارجية،

وفي نظام التعليم والتربية لديه، يشاهد في كل ذلك لمعات من التعليم القرآني... إن الذي هب علينا لحد اآلن, إنما هو نسيم في جنة القرآن... إال أن الطريق أمام السعي والحركة ما زال مفتوحا للوصول إلى بحبوحة هذه

ة الواقعية .1الجن

ومن هذا المنطلق سعى مركز نون للتأليف والترجمة إلى استنفار الجهود والطاقات إلصدار سلسلة دراسات تعنى بدراسة القرآن الكريم وعلومه، واستكشاف معارفه ومقاصده، وإيصالها إلى أذهان طالب العلوم الدينية

دروس في علوموالمثقفين بأسلوب تعليمي هادف, فكان هذا الكتاب "" أحد الجهود المبذولة على هذا الطريق.القرآن الكريم

من كالم لإلمام الخامنئي دام ظله، من كتاب الفكر األصيل، القسم األول"ضرورة العودة إلى القرآن". 1

15

ويتوخى هذا الكتاب تحقيق األهداف التالية: - تعزيز االرتباط الروحي والوجداني والفكري بالقرآن1

الكريم.- معرفة علوم القرآن الكريم ودورها في فهم القرآن.2 - توظيف هذه المعرفة في الكشف عن معارف القرآن3

الكريم ومقاصده. - تسهيل عملية تناول مباحث علوم القرآن الكريم, بأسلوب4

تعليمي هادف.

ولتحقيق هذه األهداف، جرى اعتماد تقسيم كل درس إلى سبعة أقسام،هي:

موضوعات الدرس: وهي تتضمن ما سيتناوله الدرس بالبحث- أوال:والدراسة.

أهداف الدرس: وهي مستقاة من األهداف العامة للكتاب- ثانيا:ومرتبطة بها ارتباطا توظيفيا، وتتوخى تحقيق كفايات الدرس.

محتوى الدرس: ويجري فيه دراسة العناوين المطروحة في أول- ثالثا:الدرس، مع مراعاة تحقيق األهداف المطلوبة منه.

األفكار الرئيسة: وتتضمن خالصة األفكار المطروحة في الدرس.- رابعا:

فكر وأجب: وتحوي نمطين من األسئلة االختبارية )أجب بصح- خامسا:أو خطأ/ أجب باختصار(.

مطالعة: وتتضمن فقرة أو عدة فقرات متممة للبحث- سادسا:المطروح في الدرس, تكميال لالستفادة.

مصادر الدرس ومراجعه: وتتضمن المصادر والمراجع- سابعا:المستخدمة في الدرس.

وقد حرص الكتاب - قدر اإلمكان - على مراعاة مجموعة من السياساتالعلمية والمنهجية والفنية، هي:

- االستفادة من فكر علماء اإلمامية، من المتقدمين والمتأخرين وتسييلهداخل الدروس.

16

- الحرص على دراسة أبرز األقوال وأشهرها في مباحث علوم القرآن.

- تجنب الدخول في مناقشات يمكن أن تثير الحساسية المذهبية.

- محاولة إسناد األقوال والروايات المنقولة في الكتاب إلى مصادرهااألساس على األعم األغلب.

- تقسيم الكتاب إلى اثنين وعشرين درسا )درسان في مباحث تمهيدية/عشرون درسا في مباحث علوم القرآن(.

- مراعاة التقارب - قدر اإلمكان - في عدد صفحات كل درس، على أن اليزيد حجم كل درس عن عشرة صفحات.

وحتى نكون موضع عناية رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ، نضع بين أيديكم هذا الجهد1"خياركم من تعلم القرآن وعلمه"

المتواضع، عسى أن يتقبله الله - تعالى -، ويكون خطوة في طريق العودةإلى القرآن.

مركز نون للتأليف والترجمة

الشيخ الطوسي، محمد بن الحسن: األمالي، تحقيق قسم الدراسات اإلسالمية في مؤسسة البعثة، ط 1.357، ص740, 739هـ.ق، ح1414، قم المقدسة، دار الثقافة، 1

17

18

الدرس األول: مباحث تمهيدية في(1علوم القرآن )

موضوعات الدرس:- معنى القرآن.1- أسماء القرآن.2- حقيقة القرآن.3- أوصاف القرآن.4

أهداف الدرس:- تعزيز االرتباط الوجداني والفكري بالقرآن الكريم.1- معرفة معنى القرآن في اللغة واالصطالح.2- معرفة أسماء القرآن الكريم وحقيقته وأوصافه.3

19

20

محتوى الدرس:- معنى القرآن:1

أ- المعنى اللغوي: تعددت آراء اللغويين والباحثين في علوم القرآن في ، أبرزها1تحديد معنى القرآن وأصله االشتقاقي اللغوي إلى أقوال كثيرة

التالي: اسم علم جامد غير مشتق من شيء، وهو خاص بكالم الله تعالىاألول:

النازل على رسوله األكرم صلى الله عليه وآله وسلم بالوحي ضمن آيات وسور يجمعها ويؤلفها هذا االسم، مثل: التوراة الخاص بالكالم الموحى به إلى رسوله موسى عليه السالم ، واإلنجيل الخاص بالكالم الموحى به إلى

رسوله عيسى عليه السالم.

: اسم غير مهموز مشتق من قرن. يقال: قرنت الشيء بالشيء,الثاني إذا ضممت أحدهما إلى اآلخر، وسمي به القرآن, ألنه يضم السور واآليات

والحروف بعضها إلى البعض اآلخر.

لمزيد من التفصيل: انظر: الزركشي، بدر الدين: البرهان في علوم القرآن، تحقيق محمد أبو الفضل 1 ،1م، ج1957هـ.ق/ 1376، الم، دار إحياء الكتب العربية, عيسى البابي الحلبي وشركاؤه، 1إبراهيم، ط

، بيروت،1, السيوطي، جالل الدين: اإلتقان في علوم القرآن، تحقيق سعيد المندوب، ط276-273ص , الزرقاني، عبد العظيم: مناهل العرفان في علوم القرآن،144، ص1م، ج1996هـ.ق/ 1416دار الفكر،

.17-15، ص1م، ج1995هـ.ق/1415، بيروت، دار الكتاب العربي، 1تحقيق فواز أحمد زمرلي، ط

21

: اسم غير مهموز مشتق من القرائن، جمع قرينة, ألن آيات القرآنالثالثيصدق بعضها بعضها اآلخر, فهي بمثابة قرائن في فهمها وتفسيرها.

: اسم غير مهموز مشتق من القرن, بمعنى القرين, ألنه لفظالرابعفصيح قرين بالمعنى البديع.

اسم مهموز ومشتق من القرء, بمعنى الجمع, ألنه يجمع فيالخامس:طياته ثمرات الكتب السماوية السابقة.

: اسم مهموز مصدر لقرأت, بمعنى التالوة, كالرجحانالسادس والغفران، سمي به الكتاب المقروء من باب تسمية المفعول بالمصدر, أي المقروء أو ما يقرأ. واستخدم القرآن بمعنى القراءة، كالكتاب الذي يطلق

على المكتوب, بمعنى الكتابة.

اسم مهموز ومشتق من القرى, بمعنى الضيافة, ألن القرآنالسابع:مأدبة الله للمؤمنين.

وأقوى هذه األقوال القول السادس, ألنه األوفق بقواعد االشتقاق وموارداللغة، فضال عن كون األقوال األخرى ال تخلو .1من تكلف في توجيهها أو ليس لها وجه وجيه

ضم الحروف والكلمات بعضها إلى بعضهاوالقراءة في اللغة هي: " اآلخر في الترتيل... ال يقال: قرأت القوم: إذا جمعتهم، ويدل

على ذلك أنه ال يقال للحرف الواحد إذا تفوه به قراءة، والقرآن في األصل مصدر، نحو: كفران ورجحان. قال تعالى:

.3 2﴾"إن علينا جمعه وقرآنه * فإذا قرأناه فاتبع قرآنه﴿

والمعنى ال تعجل به إذ علينا أن نجمع ما نوحيه إليك, بضم بعض أجزائهإلى

.17-15، م.س، ص1 انظر: الزرقاني، مناهل العرفان، ج 1 األصفهاني، الراغب: مفردات ألفاظ القرآن، تحقيق صفوان داوودي، قم المقدسة، نشر طليعة النور, 2

.668، مادة "قرأ"، ص2هـ.ق، ط1427مطبعة سليمان زاده، .18-17سورة القيامة، اآليتان: 3

22

بعض، وقراءته عليك، فال يفوتنا شيء منه حتى يحتاج إلى أن تسبقنا إلى قراءة ما لم نوحه بعد. وقيل: المعنى إن علينا أن نجمعه في صدرك,

بحيث ال يذهب عليك شيء من معانيه، وأن نثبت قراءته في لسانك, بحيث فإذا قرأناه فاتبع﴿تقرأه متى شئت. وهذا ال يخلو من بعد. وقوله:

﴾, أي: فإذا أتممنا قراءته عليك وحيا, فاتبع قراءتنا له، واقرأ بعدقرآنه.1تمامها

على ضوء"القرآن"أضف إلى ذلك أن إرادة معنى الجمع من مفردة ﴾إن علينا جمعه وقرآنه * فإذا قرأناه فاتبع قرآنهقوله تعالى: ﴿،

يؤدي إلى توسل التكرار من دون طائل، وهذا لغو يتنافى مع فصاحةالقرآن الكريم, فال محيص عن إرادة خصوص القراءة والتالوة.

ذكرت فيه تحديدات مختلفة، وردت عليهاب- المعنى االصطالحي: لإلشكاالت ما اشتهر على لسان األصوليين إشكاالت عدة، ولعل أقلها محال

"اللفظ المنزل علىوالفقهاء واللغويين ويوافقهم عليه المتكلمون: النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، المنقول عنه بالتواتر،

"، فاللفظ جنس في التعريف يشمل المفرد والمركب،المتعبد بتالوته وال شك أن االستدالل على األحكام يكون بالمركبات كما يكون بالمفردات،

": ما"المنزل على النبيكالعام والخاص، والمطلق والمقيد، وخرج بـ لم ينزل أصال، مثل: كالمنا، ومثل: الحديث النبوي، وما نزل على غير النبي

المنقولصلى الله عليه وآله وسلم, كالتوراة واإلنجيل، وخرج بـ "" جميع ما سوى القرآن، مثل: القراءات, سواء أكانت مشهورة أم تواترا

.2المتعبد بتالوته"أحادية، وخرجت األحاديث القدسية إذا تواترت, بقيد "

- أسماء القرآن:2 اختلف الباحثون في علوم القرآن في عدد أسماء القرآن، وتفاوتت

تحديداتهم

انظر: السيد الطباطبائي، محمد حسين: الميزان في تفسير القرآن، الط، قم المقدسة، مؤسسة 1.110-109، ص20النشر اإلسالمي التابعة لجماعة المدرسين، الت، ج

-17، ص1لمزيد من التفصيل في التحديدات االصطالحية، انظر: الزرقاني، مناهل العرفان، م.س، ج 222.

23

""القرآنفي هذا الصدد، حيث حصر بعضهم أسماء القرآن في اسم فقط، وعد األسماء األخرى المتداولة مجرد صفات للقرآن وليست أسماء

55، وذهب آخرون إلى أن للقرآن 1له 95، وآخرون إلى أن له 2اسما ...3اسما

ولعل السبب في هذا االختالف راجع إلى وجود خلل في التمييز بين أسماء القرآن وصفاته، أو إلى تباين األذواق والمعايير المعتمدة في تحديد

. واسم الشيء، هو تعريفه وتشخيصه في الخارج ضمن4األسماء والصفات أبعاد وحدود تحكي ماهية المسمى ويعرف بها. وأما الصفة فهي تحكي

خاصية معينة من المسمى وعليه، فأسماء القرآن هي خصوص المعرفات والمشخصات التي تحكي عن القرآن في الخارج من أنه كالم الله تعالى

المنزل على نبيه صلى الله عليه وآله وسلم باإلعجاز. وأما صفات القرآن فهي تحكي عن خاصية معينة يشتمل عليها القرآن من قبيل: الهداية،

التبشير، اإلنذار....

:5والمشهور من األسماء، هو التالي 58 مرة في القرآن الكريم)قرآن: 68" "قرآنأ- القرآن: وردت مفردة

. وأريد بها: تارة مجموعة من اآليات, كما في قوله6 مرات(10مرة/ قرآنا: ل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين...تعالى: ،7﴾﴿وننز

﴿وإذا قرىء القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلكموقوله تعالى: . وتارة أخرى مجموع الكتاب )أي ما بين8﴾ترحمون

م، ج1990هـ.ق/ 1410 انظر: العسكري، مرتضى: معالم المدرستين، الط، بيروت، مؤسسة النعمان، 1.15-13، ص2

, السيوطي، اإلتقان في علوم القرآن،273، ص1انظر: الزركشي، البرهان في علوم القرآن، م.س، ج 2.141، ص1م.س، ج

.273، ص1انظر: الزركشي، البرهان في علوم القرآن، م.س، ج 3.17، ص1انظر: الزرقاني، مناهل العرفان في علوم القرآن، م.س، ج 4.17-15انظر: م. ن، ص 5 ، مشهد المقدسة، مؤسسة اآلستانة1روحاني، محمود: المعجم اإلحصائي أللفاظ القرآن الكريم، ط 6

.1154، ص3م، ج1987هـ.ق/ 1372الرضوية المقدسة، .82سورة اإلسراء، اآلية: 7.204سورة األعراف، اآلية: 8

24

وقرآنا فرقناه لتقرأه على الناس﴿الدفتين(، كما في قوله تعالى: لناه تنزيال . وقد تقدم معنى القرآن لغة واصطالحا.1﴾على مكث ونز

.2 مرات في القرآن الكريم6" فرقان وردت مفردة "ب- الفرقان: .3والفرقان من الفرق والتفرقة، ويراد بها ما يفرق بين الحق والباطل

وروي أنه سئل اإلمام الصادق عليه السالم عن القرآن والفرقان أهماشيئان أم شيء واحد؟ فقال عليه

القرآن جملة الكتاب، والفرقان الحكم الواجب العملالسالم: ".4"به

، وأريد بها5 مرة في القرآن الكريم52" "ذكر وردت مفردة ج- الذكر:بارك﴿القرآن في بعض المواضع فقط, كما في قوله تعالى: وهذا ذكر م

ل، وقوله تعالى6﴾أنزلناه ...وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نز :﴿ وإنه لذكر لك، وقوله تعالى:7﴾إليهم ولعلهم يتفكرون ﴿

.9. ويراد بالذكر: الشرف8﴾ولقومك

, كما في10 مرة في القرآن الكريم230" "كتابد- الكتاب: وردت مفردة ﴾ذلك الكتاب ال ريب فيه هدى للمتقينقوله تعالى: ، وقوله11﴿

﴾ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا...تعالى: . والكتاب12﴿ هو: جملة ما هو موجود بين الدفتين. وقد استعمل في القرآن الكريم

وأريد به: تارة ما أنزل على األنبياء والرسل عليهم السالم من كالم الله

.106سورة اإلسراء، اآلية، اآلية: 1.1082، ص3انظر: روحاني، المعجم اإلحصائي أللفاظ القرآن الكريم، م.س، ج 2 انظر: ابن فارس، أحمد: معجم مقاييس اللغة، تحقيق عبد السالم هارون، الط، الم، مكتب اإلعالم 3

.495-493، مادة "فرق"، ص4هـ.ق، ج1404اإلسالمي، .630، ص11، كتاب فضل القرآن، باب النوادر، ح2الشيخ الكليني، الكافي، م.س، ج 4.746، ص2انظر: روحاني، المعجم اإلحصائي أللفاظ القرآن الكريم، م.س، ج 5.50 سورة األنبياء، اآلية: 6.44 سورة النحل، اآلية، اآلية: 7.44 سورة الزخرف، اآلية، اآلية: 8.328انظر: األصفهاني، مفردات ألفاظ القرآن، م.س، مادة "ذكر"، ص 9

.1211، ص3انظر: روحاني، المعجم اإلحصائي أللفاظ القرآن الكريم، م.س، ج 10.2سورة البقرة، اآلية: 11.32سورة فاطر، اآلية: 12

25

يا يحيى خذ الكتاب﴿تعالى الموحى إليهم، كما في قوله تعالى: وآتينا موسى الكتاب وجعلناه هدى لبني﴿، وقوله تعالى: 1﴾بقوة

قال﴿، وقوله تعالى - على لسان نبيه عيسى عليه السالم -: 2﴾إسرائيل. وتارة استعمل 3﴾إني عبد الله آتاني الكتاب...

الكتاب بمعنى خصوص المكتوب على نحو المراسالت والمخاطبات, كما في قوله تعالى -في معرض حكايته لقصة النبي سليمان عليه السالم

اذهب بكتابي هذا فألقه إليهم ثم تول عنهم فانظر﴿وملكة سبأ: .4﴾ماذا يرجعون * قالت يا أيها المأل إني ألقي إلي كتاب كريم

وتارة استعمل بمعنى صحيفة أعمال اإلنسان, كما في قوله تعالى: ،5﴾﴿...مال هذا الكتاب ال يغادر صغيرة وال كبيرة إال أحصاها...

وكل إنسان ألزمناه طآئره في عنقه ونخرج له﴿وقوله تعالى: يوم القيامة كتابا يلقاه منشورا * اقرأ كتابك كفى بنفسك

...6﴾اليوم عليك حسيبا

, كما8 مرة في القرآن الكريم11: وردت مفردة "تنزيل" 7هـ- التنزيل تنزيل﴿، وقوله تعالى: 9﴾وإنه لتنزيل رب العالمين﴿في قوله تعالى:

حيم حمن الر ن الر حيم﴿، وقوله تعالى: 10﴾م . 11﴾تنزيل العزيز الر

.12ويراد من التنزيل: القرآن النازل مفرقا مرة بعد أخرى

و- المصحف: لم يرد ذكر هذه المفردة في القرآن الكريم، ولكن اشتهر تداولها بين المسلمين بعد رحيل الرسول األكرم صلى الله عليه وآله

وسلم, بوصفها اسما من أسماء القرآن الكريم.

.12سورة مريم، اآلية: 1.2 سورة اإلسراء، اآلية: 2.30سورة مريم، اآلية: 3.29-28 سورة النمل، اآليتان: 4.49 سورة الكهف، اآلية: 5.14-13سورة اإلسراء، اآليتان: 6، ص1عده عبد العظيم الزرقاني من أسماء القرآن الكريم. انظر: الزرقاني، مناهل العرفان، م.س، ج 7

15..584، ص2 انظر: روحاني، المعجم اإلحصائي أللفاظ القرآن الكريم، م.س، ج8.192سورة الشعراء، اآلية: 9

.2سورة فصلت، اآلية: 10.5سورة يس، اآلية: 11.799انظر الراغب, مفردات ألفاظ القرآن, م.س, مادة "نزل", ص 12

26

ولعل اشتهار تداولها يعود إلى شدة انشغال المسلمين واهتمامهم بعد رحيل الرسول األكرم صلى الله عليه وآله وسلم بكتابة القرآن وتدوينه

حيفة: المبسوط من الشيء, كصحيفةوجمعه بين دفتين. و" الصحيفة: التي يكتب فيها، وجمعها: صحائف وصحف. الوجه، والص

صحف إبراهيم وموسى ﴾قال تعالى: رة *1﴿ يتلو صحفا مطه ،﴿ ، قيل: أريد بها القرآن، وجعله صحفا فيها2﴾فيها كتب قيمة

كتب من أجل تضمنه لزيادة ما في كتب الله المتقدمة.حف المكتوبة، وجمعه: والمصحف: ما جعل جامعا للص

.3"مصاحف

وتجدر اإلشارة إلى أن األسماء الثالثة: الكتاب، الذكر، الفرقان، هي أسماء " فهو"القرآنمشتركة بين القرآن والكتب السماوية األخرى. وأما اسم

االسم الوحيد الذي اختص به كتاب رسالة اإلسالم عن كتب باقي الرساالت السماوية. ويعد من أشهر أسماء القرآن: القرآن، ثم الفرقان،

.4ثم يأتي بعدهما في الشهرة ترتيبا: الكتاب، والذكر، والتنزيل

- حقيقة القرآن:3 إن حقيقة القرآن أسمى من أن تدركها العقول، وأوسع من أن تحيطها

قوالب األلفاظ, ألن األلفاظ موضوعة بإزاء معان مجعولة ومدركة من قبل البشر، في حين أن حقيقة القرآن حقيقة إلهية تنطوي على أعمق

المعارف المعنوية. وقد قضى الله تعالى أن يلبس هذه الحقيقة لباساأللفاظ, ليتسنى للناس فهم القرآن.

إنا﴿وذكر العالمة الطباطبائي قدس سره في صدد تفسيره لقوله تعالى: جعلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون * وإنه في أم الكتاب لدينا

قرآنا عربيا﴿ أن:الضمير )مرجعه( للكتاب، و 5﴾لعلي حكيم ﴾, أي مقرؤا﴾,لعلكم تعقلون﴿باللغة العربية، و

.19سورة األعلى، اآلية: 1.3-2سورة البينة، اآليتان: 2.476الراغب، مفردات ألفاظ القرآن، م.س، مادة"صحف"، ص 3.17، ص1انظر: الزرقاني، مناهل العرفان في علوم القرآن، م.س، ج? 4.4-3سورة الزخرف، اآليتان: 5

27

غاية الجعل وغرضه. وجعل رجاء تعقله غاية للجعل المذكور يشهد بأن له مرحلة من الكينونة والوجود ال ينالها عقول الناس، ومن شأن العقل أن ينال كل أمر فكري وإن بلغ من اللطافة والدقة ما بلغ. فمفاد اآلية: أن

الكتاب بحسب موطنه الذي له في نفسه أمر وراء الفكر، أجنبي عن العقول البشرية، وإنما جعله الله قرآنا عربيا وألبسه هذا اللباس, رجاء أن

وإنه في أم الكتاب﴿يستأنس به عقول الناس فيعقلوه... وقوله تعالى: ﴾ تأكيد وتبيين لما تدل عليه اآلية السابقة من أنلدينا لعلي حكيم

الكتاب في موطنه األصلي وراء تعقل العقول. والضمير للكتاب، والمرادجيد *﴿بأم الكتاب: اللوح المحفوظ, كما قال تعالى: بل هو قرآن م

حفوظ ، وتسميته بأم الكتاب لكونه أصل الكتب السماوية,1﴾في لوح م ﴾ للتوضيح ال لالحتراز،لدينا﴿يستنسخ منه غيره، والتقييد بأم الكتاب و

والمعنى: أنه حال كونه في أم الكتاب لدينا - حاال الزمة - لعلي حكيم... والمراد بكونه عليا على ما يعطه مفاد اآلية السابقة أنه رفيع القدر

والمنزلة من أن تناله العقول، وبكونه حكيما أنه هناك محكم غير مفصل وال مجزأ إلى سور وآيات وجمل وكلمات, كما هو كذلك بعد جعله قرآنا

﴿...كتاب أحكمت آياته ثمعربيا, كما يستفاد - أيضا - من قوله تعالى: لت من لدن حكيم خبير . وهذان النعتان -أعني كونه عليا حكيما -2﴾فص

هما الموجبان لكونه وراء العقول البشرية, فإن العقل في فكرته ال ينال إال ما كان من قبيل المفاهيم واأللفاظ أوال، وكان مؤلفا من مقدمات تصديقية

يترتب بعضها على بعضها اآلخر, كما في اآليات والجمل القرآنية، وأما إذا كان األمر وراء المفاهيم واأللفاظ، وكان غير متجزء إلى أجزاء وفصول, فال طريق للعقل إلى نيله. فمحصل معنى اآليتين: أن الكتاب عندنا في اللوح المحفوظ ذو مقام رفيع وإحكام ال تناله العقول لذينك الوصفين،

.3وإنما أنزلناه بجعله مقروأ عربيا رجاء أن يعقله الناس

.22-21سورة البروج، اآليتان: 1.1سورة هود، اآلية: 2.2سورة يس، اآلية: 3

28

- أوصاف القرآن:4 ذكر الباحثون والمفسرون عدة صفات للقرآن الكريم، وتفاوتت تحديداتهم في هذا الصدد, تبعا الختالفهم معاييرهم وأذواقهم في تحديد أسماء القرآن

وتمييزها عن صفاته، وأبرز هذه الصفات التي اقترنت بأسماء القرآنالمشهورة - التي تقدم ذكرها - وجاءت وصفا لها:

.1﴾والقرآن الحكيم﴿أ- الحكيم: أي مستقر الحكمة. قال تعالى: ب- العزيز: أي عديم النظير، والمنيع، والممتنع من أن يغلب. قال تعالى:

.2﴾وإنه لكتاب عزيز﴿ ولقد آتيناك سبعا من﴿ج- العظيم: أي الكبير والقوي. قال تعالى:

.3﴾المثاني والقرآن العظيم إنا أنزلناه قرآنا عربيا﴿د- العربي: أي النازل بلغة العرب. قال تعالى:

.4﴾لعلكم تعقلونم6، والشافي5هـ- وغيرها صفات أخرى، من قبيل: البشير ،7، والقي

،13، والمجيد12، والمثاني11، والمتشابه10، والمبين9، والمبارك8والكريم...16، وغير ذي عوج15، وذو الذكر14والنذير

.41 سورة فصلت، اآلية: 1.87سورة الحجر، اآلية: 2.2سورة يوسف، اآلية: 3بشيرا ونذيرا )فصلت: 4 ﴾قال تعالى: ﴿4.)ل من القرآن ما هو شفاء... )سورة اإلسراء، اآلية: 5 وننز ﴾قال تعالى: ﴿82.)ر 6 دنه ويبش ينذر بأسا شديدا من ل ما ل ه عوجا * قي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل ل ﴿قال تعالى:

(.2-1﴾المؤمنين )الكهف: ه لقرآن كريم )الواقعة: 7 إن ﴾قال تعالى: ﴿77.)وهذا ذكر مبارك أنزلناه أفأنتم له منكرون )األنبياء: 8 ﴾قال تعالى: ﴿50.)ه يهدي من يريد )الحج: 9 نات وأن الل وكذلك أنزلناه آيات بي ﴾قال تعالى: ﴿16.)

ل أحسن الحديث كتابا متشابها... )الزمر: 10 ه نز الل ﴾قال تعالى: ﴿23.)ل أحسن الحديث كتابا متشابها... )الزمر: 11 ه نز الل ﴾قال تعالى: ﴿23.)بشيرا ونذيرا )فصلت: 12 ﴾قال تعالى: ﴿4.)ق والقرآن المجيد )ق: 13 ﴾قال تعالى: ﴿1.)بشيرا ونذيرا )فصلت: 14 ﴾قال تعالى: ﴿4.)ص والقرآن ذي الذكر )ص: 15 ﴾قال تعالى: ﴿1.)قون )الزمر: 16 هم يت عل ا غير ذي عوج ل قرآنا عربي ﴾قال تعالى: ﴿28.)

29

األفكار الرئيسة - تعددت األقوال في تحديد معنى القرآن وأصله االشتقاقي اللغوي.1

وأقواها وأصوبها أنه: اسم مهموز مصدر لقرأت, بمعنى التالوة، سمي بهالكتاب المقروء.

- أبرز أسماء القرآن: القرآن، الفرقان، الذكر، الكتاب، التنزيل،2المصحف.

- حقيقة القرآن هي حقيقة إلهية تنطوي على أعمق المعارف المعنوية.3 وقد قضى الله تعالى أن يلبس هذه الحقيقة لباس األلفاظ, ليتسنى للناس

فهم القرآن.

- من أوصاف القرآن الكريم: البشير، الحكيم، الشافي، العربي، العزيز،4العظيم، القيم، الكريم...

30

فكر وأجب

- أجب بـ )صح( أو )خطأ(:1- معنى القرآن هو الكتاب المقروء والمتلو.

- من أسماء القرآن: الحكيم.- من أوصاف القرآن: الذكر.

- أجب باختصار:2 - اذكر أبرز األقوال في تحديد األصل االشتقاقي لمفردة )قرآن(, مبينا

القول الصحيح.- عدد أسماء القرآن وتحدث عن واحد منها؟

- هل للقرآن حقيقة كامنة وراء األلفاظ؟

31

مطالعة

1عظمة القرآن

إعلم أيها العزيز أن عظمة كل كالم وكل كتاب: إما بعظمة متكلمه وكاتبه، وإما بعظمة مطالبه ومقاصده، وإما بعظمة نتائجه وثمراته، وإما بعظمة

الرسول والواسطة، وإما بعظمة المرسل إليه وحامله، وإما بعظمة حافظه وحارسه، وإما بعظمة شارحه ومبينه، وإما بعظمة وقت إرساله

وكيفية إرساله. وبعض هذه األمور دخيل في العظمة ذاتا وجوهرا، وبعضها عرضا وبالواسطة، وبعضها كاشف عن العظمة. وجميع هذه األمور التي ذكرناها موجودة في هذه الصحيفة النورانية بالوجه األعلى واألوفى، بل يشترك معه في شيء هي من مختصاته, بحيث إن أي كتاب آخر إما أال

منها أصال، وإما ال يشترك معه في جميع المراتب.

أما عظمة متكلمه ومنشئه وصاحبه, فهو العظيم المطلق الذي جميع أنواع العظمة المتصورة في الملك والملكوت، وجميع أنواع القدرة النازلة في الغيب والشهادة رشحة من تجليات عظمة فعل تلك الذات المقدسة، وال

يمكن أن يتجلى الحق تعالى بالعظمة ألحد، وإنما يتجلى بها من وراء آآلفالحجب والسرادقات.

وأما عظمته بواسطة محتوياته ومقاصده, فيستدعي كتابا مستقال حتىيسلك نبذة منها في سلك البيان والتحرير.

وأما عظمة رسول الوحي وواسطة اإليصال, فهو جبرائيل األمين والروح األعظم الذي يتصل الرسول األكرم صلى الله عليه وآله وسلم بعد خروجه عن الجلباب البشري، وتوجيه شطر قلبه إلى حضرة الجبروت بذاك الروح األعظم، وهو أحد أركان دار التحقق األربعة، بل هو أعظم أركانها وأشرف

أنواعها.

اإلمام الخميني، روح الله: منهجية الثورة اإلسالمية )مقتطفات من أفكار اإلمام اإلمام الخميني قدس 1.79سره وآرائه(، طهران، مؤسسة تنظيم ونشر آثار اإلمام اإلمام الخميني قدس سره، ص

32

وأما عظمة المرسل إليه ومتحمله, فهو القلب التقي النقي األحمدي األحدي الجمعي المحمدي الذي تجلى له الحق تعالى بجميع الشؤون الذاتية والصفاتية واألسمائية واألفعالية, وهو صاحب النبوة الختمية، والوالية المطلقة, وهو أكرم البرية، وأعظم الخليقة وخالصة الكون،

وجوهرة الوجود، وعصارة دار التحقق، واللبنة األخيرة، وصاحب البرزخيةالكبرى، والخالفة العظمى.

لنا الذكر﴿وأما حافظه وحارسه فهو ذات الحق جل جالله: إنا نحن نز.1﴾وإنا له لحافظون

وأما شارحه ومبينه, فالذوات المطهرة المعصومون من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى حجة العصر عجل الله تعالى فرجه الشريف, والذين هم مفاتيح الوجود، ومخازن الكبرياء، ومعادن الحكمة والوحي،

وأصول المعارف والعوارف، وأصحاب مقام الجمع والتفصيل.

وأما وقت الوحي, فليلة القدر, أعظم الليالي، وخير من ألف شهر، وأنور األزمنة، وهي في الحقيقة وقت وصول الولي المطلق والرسول الخاتم

صلى الله عليه وآله وسلم.

.9 سورة الحجر، اآلية: 1

33

مصادر الدرس ومراجعه- القرآن الكريم.1.276-273، ص1- الزركشي، البرهان في علوم القرآن، ج2.144-141، ص1- السيوطي، اإلتقان في علوم القرآن، ج3.22-15، ص1- الزرقاني، مناهل العرفان في علوم القرآن، ج4.799، 668، 476، 328- األصفهاني، مفردات ألفاظ القرآن، ص5، ص20, ج84-83، ص18- الطباطبائي، الميزان في تفسير القرآن، ج6

109-110..15-13، ص2- العسكري، معالم المدرستين، ج7 ,746، 584، ص2- روحاني، المعجم اإلحصائي أللفاظ القرآن الكريم، ج8.1211، 1154، 1082، ص3ج.495-493، ص4- ابن فارس، معجم مقاييس اللغة، ج9

، ص11، كتاب فضل القرآن، باب النوادر، ح2- الكليني، الكافي، ج10630.

34

(2الدرس الثاني: مباحث تمهيدية في علوم القرآن )

موضوعات الدرس:- لغة القرآن.1- نشأة علوم القرآن وتاريخها.2- تعريف علوم القرآن.3- موضوع علوم القرآن.4- فائدة علوم القرآن.5- تدوين علوم القرآن.6

أهداف الدرس:- تعزيز االرتباط الوجداني والفكري والمعرفي بالقرآن الكريم.1- معرفة خصائص لغة القرآن الكريم.2 - معرفة تاريخ علوم القرآن، ومراحل تدوينها، وتعريفها، وموضوعها،3

وفائدة دراستها.

35

36

لغة القرآن:- 1 إن لغة القرآن هي اللغة العربية، وقد أشار القرآن الكريم إلى ذلك بعدة

.3﴾حكما عربيا﴿، و2﴾لسان عربي﴿، و1﴾قرآنا عربيا﴿تعابير، من قبيل:

وأما اختيار اللغة العربية لتكون لغة القرآن الكريم, فيعود إلى نكاتدقيقة، أبرزها التالي:

أ- جاء نزول القرآن باللغة العربية استنادا إلى أصل عام وسنة إلهية في اإلنذار والتبشير، مفادها: اتحاد لغة كل رسول مع لغة قومه. قال تعالى:

بلسان قومه ليبين لهم...﴿ سول إال . وهذه4﴾وما أرسلنا من ر القاعدة العامة في إرسال الرسل، تنطبق أيضا على إنزال الكتب

وكذلك أوحينا إليك قرآنا عربيا لتنذر أم﴿السماوية. قال تعالى: .5﴾القرى ومن حولها...

ومن هذا المنطلق، فإن نزول القرآن باللغة العربية أمر طبيعي موافقللسنة

,7, سورة الشورى، اآلية: 3, سورة فصلت، اآلية: 28, سورة الزمر، اآلية: 113 سورة طه، اآلية: 1.3سورة الزخرف، اآلية:

.103 سورة النحل، اآلية: 2.37سورة الرعد، اآلية: 3.7سورة الشورى، اآلية: 4

37

اإللهية في اإلنذار والتبشير. وهذا ال يتنافى مع رسالة اإلسالم العالمية، ودعوته العامة على مدى العصور واألجيال، وال مع ما جاء به القرآن من

هدى للناس وبينات من﴿هداية عامة لكافة الناس، بقوله تعالى: . وأما إنذار الرسول األكرم صلى الله عليه وآله1﴾الهدى والفرقان

وسلم ألهل مكة، الذي ورد في سورة الشورى، فلم يكن إال ألنه صلى الله عليه وآله وسلم كان في المراحل األولى من حركته العالمية، مكلفا

بدعوة قومه وهداية أبناء بيئته. ومن غير المعقول أن يؤمر صلى الله عليه وآله وسلم بإرشاد الناس وهدايتهم، ثم يعرض عليهم كتابا بلغة غريبة

عنهم.

ب- يرى علماء اللغة أن اللغة العربية تمتاز عن اللغات األخرى بأنها واسعة جدا: ولها قدرة عالية على حكاية المفاهيم المعنوية العالية والسامية التي

يطرحها القرآن، أكثر من غيرها من اللغات األخرى. تتميز اللغة العربية عن اللغات األخرى بكثرة المفردات، واشتقاق الكلمات، ووفرة قواعدها،

وفصاحتها، وبالغتها...

وقد اختار الله تعالى اللغة العربية لتكون لغة للقرآن الكريم، حيث قال إنا﴿، وقال تعالى: 2﴾إنا أنزلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون﴿تعالى:

.3﴾جعلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون

وهاتان اآليتان تكشفان عن حقيقة أن إكساء القرآن باللغة العربية مسند إلى الله تعالى، وهو الذي أنزل معنى القرآن ومحتواه بقالب اللفظ

العربي, ليكون قابال للتعقل والتأمل. وفي اآلية الواردة في سورة الزخرف إنا أنزلناه قرآنا﴿يقول تعالى - بعد بيان أن لغة القرآن هي العربية -:

﴾. وفي ذلك داللة ما على أن أللفاظ الكتاب العزيزعربيا لعلكم تعقلون من جهة تعينها, باالستناد إلى الوحي، وكونها عربية, دخال في ضبط أسرار

اآليات وحقائق المعارف. ولو أنه تعالى أوحي إلى النبي صلى الله عليهوآله وسلم

.185سورة البقرة، اآلية: 1.2سورة يوسف، اآلية: 2.3سورة الزخرف، اآلية: 3

38

بمعناه، وكان اللفظ الحالي له هو لفظ النبي صلى الله عليه وآله وسلم, كما في األحاديث القدسية - مثال - أو ترجم إلى لغة أخرى, لخفي بعض

.1أسرار آياته البينات عن عقول الناس ولم تنله عقولهم وأفهامهم

ج- أكد القرآن الكريم على صفة كونه بلسان عربي في وجه من زعموا ولقد﴿أن هناك شخصا يعلم الرسول صلى الله عليه وآله وسلم القرآن:

نعلم أنهم يقولون إنما يعلمه بشر لسان الذي يلحدون إليهبين : أنه غيرأعجمي". ويراد بـ "2﴾أعجمي وهذا لسان عربي م

اإلعجام: اإلبهام. والعجم خالف العرب، والعجميصحيح، فـ" منسوب إليهم. واألعجم: من في لسانه عجمة، عربيا كان، أم

.3"غير عربي

بين﴿وورد في حديث جاء جوابا عن معنى يبين﴾: "لسان عربي م.4"األلسن، وال تبينه األلسن

ومن هنا، فالمراد بالعربية هو: بيان حقيقة أن اللغة العربية لغة الفصاحة والوضوح والخلو من التعقيد واإلبهام، في مقابل األعجمي المبهم وغير

الواضح والمعقد، وقد اختارها الله تعالى ليبين بها معارف وحقائق راقية,بلغة فصيحة وبليغة.

إن اللغة العربية تتناسب مع الهدفد- اللغة العربية لغة توحيدية: القرآني األسمى وهو التوحيد, حيث ال يوجد في تأليف القضية في اللغة

العربية سوى طوفان فقط هما: الموضوع والمحمول، وهما متحدان ذاتا يرجعان إلى وحدة ذاتية ومغايرة اعتبارية مفاهيمية، وهذا ما يجعل من

القضايا في اللغة العربية قضايا توحيدية تؤشر على الهدف القرآني األسمى وهو التوحيد، في حين أن القضايا في اللغات األخرى تحتاج إلى

رابط بين الموضوع والمحمول فال بد لها من ثالثة أطراف

.75، ص11 انظر: السيد الطباطبائي، الميزان في تفسير القرآن، م.س، ج 1.103سورة النحل، اآلية: 2.549 انظر: األصفهاني، مفردات ألفاظ القرآن، م.س، مادة"عجم"، ص 3.632، ص20، كتاب فضل القرآن، باب النوادر، ح2الشيخ الكليني، الكافي، م.س، ج 4

39

حتى تفيد معنى مفيدا. ولعل هذه إحدى النكات الدقيقة في اختيار اللغةالعربية لتكون لغة القرآن الكريم.

- نشأة علوم القرآن وتاريخها:2 اهتم المسلمون منذ عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم بتعلم القرآن, تالوة وفهما. وكانوا يرجعون إليه صلى الله عليه وآله وسلم في استجالء

ما يشكل عليهم فهمه، أو ما يحتاجون فيه إلى مزيد من التفصيل والشرح. فكانت علوم القرآن تؤخذ وتنقل عادة بالتلقين والمشافهة. وبعد رحيل

النبي صلى الله عليه وآله وسلم, وتوسع الفتوحات اإلسالمية، الحت بوادر تدعو إلى الخوف على القرآن, نظرا إلى بعد العهد بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم نسبيا، واختالط العرب بشعوب أخرى، لها لغاتها وطريقتها في

التكلم والتفكير، فبدأت بفعل ذلك حركة نشطة نسبيا بين المسلمين لضبط علوم القرآن، ووضع الضمانات الالزمة لوقاية القرآن وصيانته عن

.1التحريف

هـ( غيره في اإلحساس40وقد سبق اإلمام علي عليه السالم )ت: بضرورة اتخاذ هذه الضمانات، فانصرف عقيب رحيل النبي صلى الله عليه

وآله وسلم مباشرة إلى جمع القرآن, عمال بوصية من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أوصاه بها قبل رحيله صلى الله عليه وآله وسلم, فبعد أن رأى من الناس بعد رحيل النبي صلى الله عليه وآله وسلم ما

رأى، أقسم أنه ال يضع عن عاتقه رداءه حتى يجمع القرآن, فجلس في بيته.2ثالثة أيام, حتى جمع القرآن

وكان اإلمام علي عليه السالم من رواد التفسير وعلوم القرآن في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم, حتى أن شخصية تفسيرية

. ويعد3يشهد لها في هذا المجال, كابن عباس أخذ تفسير القرآن عنهاإلمام عليه السالم أول من صنف في علوم القرآن، ومن بين

، قم المقدسة، مجمع الفكر اإلسالمي, مؤسسة الهادي،3انظر: الحكيم، محمد باقر: علوم القرآن، ط 1.22-21هـ.ق، ص1417

.30انظر: ابن النديم، محمد بن إسحاق، كتاب الفهرست، تحقيق رضا تجدد، الط، طهران، الن، ص 2.157، ص2انظر: الزركشي، البرهان في علوم القرآن، م.س، ج 3

40

.1ما صنف: كتابا في المحكم والمتشابه

ومن الصحابة: الذين لمع اسمهم في التفسير والقراءات: عبد الله بن عباس، وعبد الله بن مسعود، وأبي بن كعب، حيث كان لديهم مكانة رفيعة

بين المسلمين في تعليم القرآن.

ومن الجهود المبذولة التي قام بها المسلمون بعد رحيل النبي صلى الله عليه وآله وسلم, في مجال تدوين بعض علوم القرآن, كعلم إعراب القرآن وعلم القراءات: تدوين علم إعراب القرآن تحت إشراف اإلمام علي عليه

هـ( وتلميذه يحيى بن يعمر69السالم, إذ أمر بذلك أبا األسود الدؤلي )ت: هـ( رائدي هذا العلم والواضعين ألسسه، فإن أبا األسود89العدواني )ت:

. وكان يحيى بن يعمر أول من دون في2هو أول من وضع نقط المصحف.3القراءة، حيث صنف كتابه فيها أواخر القرن األول الهجري

ومن هذا المنطلق، فإن الخوف على سالمة القرآن من الضياع أو التحريف، والتفكير في وضع الضمانات الالزمة لصيانته، بدأ في ذهن

الواعين من المسلمين، عقيب رحيل النبي صلى الله عليه وآله وسلم, وأدى إلى القيام بمختلف النشاطات في هذا الصدد. وكان من نتيجة ذلك

بدء ظهور علوم القرآن.

- تعريف علوم القرآن:3 هي عبارة عن مجموع القضايا والمباحث التي تتعلق بالقرآن الكريم بلحاظ نزوله، وترتيبه، وجمعه، وكتابته، وقراءته، وتفسيره، وإعجازه،

.4وناسخه، ومنسوخه، ودفع الشبهة عنه، ونحو ذلك

، ص20، بيروت، دار األضواء، الت، ج2 انظر: الطهراني، آغا بزرك: الذريعة إلى تصانيف الشيعة، ط 1155.

انظر: الذهبي، محمد بن أحمد: سير أعالم النبالء، إشراف وتخريج شعيب األرنؤوط، تحقيق مأمون 2.84-81، ص4م، ج1993هـ.ق/ 1413، بيروت، مؤسسة الرسالة، 9الصاغرجي، ط

، قم المقدسة، مؤسسة التمهيد, مطبعة3 انظر: معرفة، محمد هادي: التمهيد في علوم القرآن، ط 3.16، ص1م، ج2011هـ.ق/ 1432ستاره،

.27، ص1انظر: الزرقاني، مناهل العرفان في علوم القرآن، م.س، ج 4

41

وتختلف هذه العلوم في لحاظ تناولها للكتاب الكريم، فالقرآن له لحاظات متعددة، وهو بكل واحدة من تلك اللحاظات موضوع لبحث خاص تشكل

مسائله علما خاصا من علوم القرآن الكريم. وأهم تلك اللحاظات: لحاظ القرآن بوصفه كالما داال على معنى. والقرآن بهذا الوصف هو موضوع

لعلم التفسير. فعلم التفسير يشتمل على دراسة القرآن, باعتباره كالما ذا معنى، فيشرح معانيه، ويكشف عن مدلوالته ومقاصده. وألجل ذلك كان علم التفسير من أهم علوم القرآن، وعلى رأسها، حتى بات منفصال عنها

في دراسة الباحثين فيه, ألهميته، فضال عن أن معطيات علوم القرآن األخرى تدخل فيه, بوصفها مدخالت مساعدة في العملية التفسيرية التي

يحتاجها المفسر في الكشف عن معاني القرآن وفهم مدلوالته ومقاصده.

" هو جميععلوم القرآنومن هذا المنطلق، فإن مراد الباحثين من " المعلومات ذات السنخ الواحد، التي تدخل في فهم القرآن على نحو

أفضل، أو لها صلة بالقرآن. وبما أن القرآن ذو جوانب متعددة، فقد أدى السعي إلى فهم كل واحد منها، منذ البداية وإلى حد اآلن، إلى نشوء علوم

مختلفة، مثل: علم أسباب النزول، وعلم القراءات، وعلم التجويد، وعلم الناسخ والمنسوخ. وعلى صعيد آخر، بما أن كل هذه العلوم تهتم بموضوع

"، فقد أطلق الباحثون على مجموع هذه العلوم اسمالقرآنواحد، وهو ".1"علوم القرآن"

- موضوع علوم القرآن:4 إذا ما نظرنا إلى علوم القرآن بالمعنى اإلضافي, بصفتها علوما لها

لحاظات متعددة، فإن موضوع علوم القرآن حينها يكون: القرآن الكريمبلحاظ تفسيره، أو رسمه، أو طريقة أدائه، أو إعجازه، وهكذا...

وإذا ما نظرنا إلى هذه العلوم بكل أصولها ومباحثها ومسائلها, بلحاظ كونها

.20-19انظر: الحكيم، علوم القرآن، م.س، ص 1

42

", بحيث صارعلوم القرآنمجتمعة في كتاب واحد وتحت عنوان واحد " هذا العنوان علما ولقبا لهذه المباحث المدونة في موضع واحد، بعد أن

كانت مبعثرة في عشرات الكتب، وصار علما واحدا بعد أن كان جملة من العلوم, فإن موضوع علوم القرآن حينها يكون: القرآن الكريم بلحاظ

تفسيره، ورسمه، وطريقة أدائه، وإعجازه، وهكذا...، بخالف علوم القرآن بالمعنى اإلضافي، فإن موضوع كل علم منها إنما هو القرآن الكريم من

.1هذه الناحية فحسب

- فائدة دراسة علوم القرآن:5إن لدراسة علوم القرآن فوائد وآثار عدة، أبرزها:

أ- اإلعانة على دراسة القرآن الكريم وفهمه حق الفهم، واستنباط األحكام واآلداب منه, إذ كيف يتأتى لدارس القرآن ومفسره أن يتوصل إلى إصابة

الحق والصواب، وهو ال يعلم كيف نزل؟! وال متى نزل؟! وعلى أي حالكان ترتيب سوره

وآياته؟! وبأي شيء كان إعجازه؟! وكيف ثبت؟! وما هو ناسخه ومنسوخه؟!... إلى غير ذلك مما يذكر في علوم القرآن, وإال كان عرضةللزلل والخطأ. فهذا العلم بالنسبة للمفسر بمثابة المفتاح لباب التفسير.

ب- الدفاع عن الدين من خالل دفع شبهات بعض المستشرقين وهجماتهم على القرآن واإلسالم, باالستفادة من علوم القرآن الكريم التي لها دور

بارز ومهم في تفنيد هذه الشبهات ودحضها.

ج- إن الدارس لهذا العلم يكون على حظ كبير من العلم بالقرآن، وبما يشتمل عليه من أنواع العلوم والمعارف، ويحظى بثقافة عالية وواسعة في ما يتعلق بالقرآن الكريم، وإذا كانت العلوم ثقافة للعقول، وصالحا

للقلوب وتهذيبا لألخالق،

.27، ص1 انظر: الزرقاني، مناهل العرفان في علوم القرآن، م.س، ج 1

43

وإصالحا للنفوس واألكوان، وعنوان التقدم والرقي، وباعثة للنهضات, ففي القمة - من كل ذلك - علوم القرآن. فالقرآن أحسن الحديث، وأصدقه،

وعلومه أشرف العلوم وأوجبها على كل مسلم أيا كان تخصصه، وأيا كانت.1حرفته

- تدوين علوم القرآن:6 بدأ عهد تدوين تفسير القرآن منذ القرن الثاني الهجري. ومن بعد ذلك

كثرت المصنفات التي تناولت القرآن الكريم, تفسيرا وبحثا في موضوعات متعددة، من قبيل: المحكم والمتشابه، والقراءات، والناسخ والمنسوخ...

"القراءة"فظهرت في القرن األول الهجري مدونات من قبيل: كتاب هـ( وهو أحد تالميذ أبي األسود الدؤلي... 89ليحيى بن يعمر)ت:

هـ( أحد أصحاب اإلمام141وفي القرن الثاني دون أبان بن تغلب )ت: السجاد عليه السالم كتابا في القراءات، وكذلك ألف حمزة بن حبيب )ت:

هـ(, وهو أحد القراء السبعة ومن أصحاب اإلمام جعفر الصادق عليه156 السالم, كتابا في القراءة... وفي القرن الثالث ألف أحمد بن محمد بن

هـ( كتابا في الناسخ250عيسى األشعري شيخ القميين ووجههم )ت: هـ(, وهو نحوي321والمنسوخ... وفي القرن الرابع ألف ابن دريد )ت:

ولغوي معروف، ومن كبار أدباء الشيعة، كتابا في غريب القرآن... وفي هـ( كتابا في إعجاز القرآن،413القرن الخامس صنف الشيخ المفيد )ت:

هـ( كتابا في المحكم والمتشابه...436وألف الشريف المرتضى )ت: هـ( كتابا في غريب502وفي القرن السادس ألف الراغب األصفهاني )ت:

مجمعهـ( تفسيره القيم "548القرآن، وصنف الشيخ الطبرسي )ت: .2"...البيان

وتجدر اإلشارة إلى أن مصطلح علوم القرآن بصيغته المعروفة حاليا،يختلف عما كان مصطلحا عليه في القرون األولى.

فقد كان مصطلح علوم القرآن يطلق في الماضي على البحوث التفسيريةأيضا. والحقيقة هي: أن علم التفسير كان

.28، ص1انظر: الزرقاني، مناهل العرفان، م.س، ج 1.25-16، ص1انظر: معرفة، التمهيد في علوم القرآن، م.س، ج 2

44

يدخل في عداد علوم القرآن - كما تقدم ذكره -، مثله في ذلك مثل: علم إعجاز القرآن، وعلم تاريخ القرآن، وعلم الناسخ والمنسوخ، وما شابه

ذلك، بيد أن كثرة المباحث وتنوعها أدت إلى نشوء نوع من الحدود بينمباحث العلوم القرآنية وعلم التفسير.

وذهب بعض الباحثين إلى أن: المعروف لدى الكاتبين في تاريخ هذا الفن، أن أول عهد ظهر فيه هذا االصطالح إلى اصطالح علوم القرآن، هو القرن السابع، لكني ظفرت في دار الكتب المصرية بكتاب لعلي بن إبراهيم بن

البرهان فيهـ اسمه "430" المتوفى سنة"الحوفيسعيد الشهير بـ "، ويقع في ثالثين مجلدا... وإذن نستطيع أن نتقدم بتاريخعلوم القرآن

هذا الفن نحو قرنين من الزمان: أي إلى بداية القرن الخامس...، ثم هـ(، والسخاوي )ت:597تطورت عملية التدوين مع ابن الجوزي )ت:

هـ( في القرنين السادس والسابع، ثم665هـ(، وأبي شامة )ت:643 هـ(،879هـ( في القرن الثامن، ثم الكافيجي )ت: 794الزركشي )ت:

هـ( في القرن التاسع، ثم مع جالل الدين824وجالل الدين البلقيني )ت: .1هـ( في نهاية القرن التاسع وبداية العاشر911السيوطي )ت:

وقد بدأ تدوين علوم القرآن بشكل جامع منذ القرن الثامن بتأليف كتاب " ألبي عبد الله الزركشي. وكانت شمولية"البرهان في علوم القرآن

كتابه ألنواع علوم القرآن ال نظير لها حتى ذلك العهد، حتى أن السيوطي أعرب عن تعجبه من المتقدمين, إذ لم يدونوا كتابا في أنواع علوم القرآن،

ولكنه أبدى السرور واالنشراح بعد اطالعه على كتاب البرهان، وخطر له اإلتقان في علومأن يؤلف كتابا مبسوطا في هذا المجال سماه "

من أهم مصادر"اإلتقان في علوم القرآن". ويعد كتاب 2القرآن" علوم القرآن. ومن أبرز المصادر التي اعتمد عليها السيوطي: كتاب

"البرهان في علوم

.39-35انظر: الزرقاني، مناهل العرفان في علوم القرآن، م.س، ص 1.25-24، 19، ص1انظر: السيوطي، اإلتقان في علوم القرآن، م.س، ج 2

45

" للزركشي. وفي أعقاب كتاب اإلتقان انحسر ازدهار التأليفالقرآن والتدوين في علوم القرآن إلى حين، وجاءت أكثر المؤلفات في مواضيع

معينة، وقل بعدها التوجه نحو علوم القرآن.

فت في القرن األخير مؤلفات قيمة في علوم القرآن، يمكن أن وقد أل " لعبد العظيم: "مناهل العرفان في علوم القرآننذكر منها ما يلي

للشيخ محمد جواد البالغي،"مقدمة تفسير آالء الرحمن"الزرقاني، و منهج"، للدكتور صبحي الصالح، و""مباحث في علوم القرآنو

""تاريخ القرآن" لمحمد علي سالمة، والفرقان في علوم القرآن " للسيد أبو"البيان في تفسير القرآنألبو عبد الله الزنجاني، و

" للسيد محمد حسينالقرآن في اإلسالمالقاسم الخوئي، و" " للشيخ محمد هاديالتمهيد في علوم القرآن، و"1الطباطبائي

...2معرفة، وغيرها من الكتب

هذا الكتاب مترجم عن اللغة الفارسية. 1 , الرومي، فهد بن عبد الرحمن: دراسات في علوم38-36، ص1 انظر: معرفة، التمهيد، م.س، ج 2

.48-47هـ.ق، ص1426، الرياض، مكتبة الملك فهد الوطنية، 14القرآن، ط

46

األفكار الرئيسة - إن لغة القرآن هي اللغة العربية، وقد اختارها الله تعالى لتكون لغة1

القرآن لعدة نكات لطيفة ودقيقة.

- اهتم المسلمون منذ عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم بتعلم2القرآن, تالوة وفهما.

- كان اإلمام علي عليه السالم من رواد التفسير وعلوم القرآن في3 أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم . ومن الصحابة الذين لمع

اسمهم في التفسير والقراءات: عبد الله بن عباس، وعبد الله بن مسعود،وأبي بن كعب...

- علوم القرآن هي: مجموع القضايا والمباحث التي تتعلق بالقرآن4 الكريم بلحاظ نزوله، وترتيبه، وجمعه، وكتابته، وقراءته، وتفسيره،

وإعجازه، وناسخه، ومنسوخه، ودفع الشبهة عنه، ونحو ذلك.

- موضوع علوم القرآن بالمعنى الكلي: القرآن الكريم بلحاظ تفسيره، أو5 رسمه، أو طريقة أدائه... وبالمعنى اإلضافي: القرآن الكريم بلحاظ

تفسيره، ورسمه، وطريقة أدائه...

- من فوائد دراسة علوم القرآن: اإلعانة على دراسة القرآن وفهمه،6والدفاع عن الدين...

- بدأ عهد التدوين بداية القرن الخامس، ثم تطور في القرون الالحق7حتى بداية القرن العاشر.

47

فكر وأجب

- أجب بـ )صح( أو )خطأ(:1 - كانت علوم القرآن في حياة النبي صلى الله عليه وآله وسلم تؤخذ

وتنقل عادة بالتلقين والمشافهة.- بدأت حركة تدوين علوم القرآن في القرن الثاني الهجري.

- يعد كتاب )البرهان في علوم القرآن( للزركشي أول كتاب دون بنحوجامع في علوم القرآن.

- أجب باختصار:2- لماذا نزل القرآن باللغة العربية؟

- عرف علوم القرآن، وبين موضوعها؟- ما هي فائدة دراسة علوم القرآن؟

48

مطالعة

1طريق االستفادة من القرآن الكريم

ال بد لك أن تلفت النظر إلى مطلب مهم يكشف لك بالتوجه إليه طريق االستفادة من الكتاب الشريف، وتنفتح على قلبك أبواب المعارف والحكم, وهو: أن يكون نظرك إلى الكتاب الشريف اإللهي نظر التعليم، وتراه كتاب

التعليم واإلفادة وترى نفسك موظفة على التعلم واالستفادة، وليس مقصودنا من التعليم والتعلم واإلفادة واالستفادة أن تتعلم منه الجهات األدبية والنحو والصرف، أو تأخذ منه الفصاحة والبالغة والنكات البيانية والبديعية، أو تنظر في قصصه وحكاياته بالنظر التاريخي واالطالع على األمم السالفة، فإنه ليس شيء من هذه داخال في مقاصد القرآن، وهو

بعيد عن المنظور األصلي للكتاب اإللهي بمراحل.

وليس مقصودنا من هذا البيان االنتقاد للتفاسير, فإن كل واحد من المفسرين تحمل المشاق الكثيرة واألتعاب التي ال نهاية لها حتى صنف

كتابا شريفا، فلله درهم، وعلى الله أجرهم، بل مقصودنا هو: أنه ال بد وأن يفتح للناس طريق االستفادة من هذا الكتاب الشريف, الذي هو الكتاب

الوحيد في السلوك إلى الله والكتاب األحدي في تهذيب النفوس واآلداب والسنن اإللهية، وأعظم وسيلة للربط بين الخالق والمخلوق، والعروة

الوثقى والحبل المتين للتمسك بعز الربوبية. فعلى العلماء والمفسرين أن يكتبوا التفاسير، وليكن مقصودهم: بيان التعاليم والمقررات العرفانية واألخالقية، وبيان كيفية ربط المخلوق بالخالق، وبيان الهجرة من دار الغرور إلى دار السرور والخلود على نحو ما أودعت في هذا الكتاب

الشريف، فصاحب هذا الكتاب ليس هو السكاكي, فيكون مقصده جهاتالبالغة والفصاحة، وليس هو سيبويه والخليل,

،2انظر: اإلمام الخميني، روح الله: اآلداب المعنوية للصالة، ترجمة وشرح وتعليق أحمد الفهري، ط 1.339-332م، ص1986هـ.ق/1406بيروت، مؤسسة األعلمي،

49

حتى يكون منظوره جهات النحو والصرف، وليس المسعودي وابن خلكان,حتى يبحث حول تاريخ العالم.

هذا الكتاب ليس كعصي موسى عليه السالم ويده البيضاء، أو نفس عيسى عليه السالم الذي يحيي الموتى, فيكون لإلعجاز فقط، وللداللة على صدق

النبي األكرم صلى الله عليه وآله وسلم, بل هذه الصحيفة اإللهية كتاب إحياء القلوب بالحياة األبدية العلمية والمعارف اإللهية. هذا كتاب الله يدعو

إلى الشؤون اإللهية، فالمفسر، ال بد وأن يعلم الشؤون اإللهية، ويرجع الناس إلى تفسيره, لتعلم الشؤون اإللهية, حتى تتحصل االستفادة منه:

ل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين وال يزيد﴿ وننز خسارا . فأي خسران أعظم من أن نقرأ الكتاب اإللهي1﴾الظالمين إال

قاال ربنا﴿منذ ثالثين أو أربعين سنة، ونراجع التفاسير، ونحرم مقاصده: ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من

.2﴾الخاسرين

.82سورة اإلسراء، اآلية: 1.23سورة األعراف، اآلية: 2

50

مصادر الدرس ومراجعه

- القرآن الكريم.1.75، ص11- الطباطبائي، الميزان في تفسير القرآن، ج2549- األصفهاني، مفردات ألفاظ القرآن، ص3.632، ص20، كتاب فضل القرآن، باب النوادر، ح2- الكليني، الكافي، ج4.22-19- الحكيم، علوم القرآن، ص5.30- ابن النديم، كتاب الفهرست، ص6.157، ص2- الزركشي، البرهان في علوم القرآن، ج7.155، ص20- الطهراني، الذريعة إلى تصانيف الشيعة، ج8.84-81، ص4- الذهبي، سير أعالم النبالء، ج9

.38-36، 25-16، ص1- معرفة، التمهيد في علوم القرآن، ج10.39-35، 28-27، ص1- الزرقاني، مناهل العرفان في علوم القرآن، ج11.25-24، 19، ص1- السيوطي، اإلتقان في علوم القرآن، ج12.48-47- الرومي، دراسات في علوم القرآن، ص13

51

52

(1الدرس الثالث: الوحي )

موضوعات الدرس:- معنى الوحي.1- الوحي في القرآن.2- أنحاء الوحي النبوي.3- أقسام الوحي النبوي.4- الوحي المحمدي.5

أهداف الدرس:- تعزيز االرتباط الوجداني والفكري والمعرفي بالقرآن الكريم.1- معرفة معنى الوحي وأقسامه وأوصافه.2- معرفة حقيقة الوحي المحمدي.3

53

54

- معنى الوحي:1 هو إعالم سريع خفي، سواء أكان بإيماءة أم بهمسةأ- المعنى اللغوي:

أم بكتابة في سر، وكل ما ألقيته إلى غيرك في سرعة خاطفة حتى فهمه فهو وحي. وأصل الوحي: اإلشارة السريعة، ولتضمن السرعة قيل: أمر

)أي سريع(، وذلك يكون بالكالم على سبيل الرمز والتعريض، وقد وحي. 1يكون بصوت مجرد عن التركيب، وبإشارة ببعض الجوارح، وبالكتابة

والوحي: يدل على إلقاء علم في إخفاء أو غيره، والوحي: اإلشارة، والوحي: الكتاب والرسالة، وكل ما ألقيته إلى غيرك حتى علمه فهو

.2وحي

عرف الشيخ الطوسي قدس سره الوحيب- المعنى االصطالحي: "البيان الذي ليس بإيضاح, نحو اإلشارة والداللة, ألن كالمبأنه:

الملك كان له )أي الرسول صلى الله عليه وآله وسلم( على اإليحاء إلقاء المعنى في. وفي موضع آخر أفاد بأن: "3"هذا الوجه

النفس على وجه يخفى, وهو ما يجيء به من دون أن يرى. ويتضح من خالل4"ذلك غيره من الخلق

.858انظر: األصفهاني، مفردات ألفاظ القرآن، م.س، مادة"وحى"، ص 1.93، مادة"وحى"، ص6انظر: ابن فارس، معجم مقاييس اللغة، م.س، ج 2 الشيخ الطوسي، محمد بن الحسن: التبيان في تفسير القرآن، تحقيق وتصحيح أحمد قصير العاملي، 3

.142، ص4هـ.ق، ج1409، إيران، مكتب اإلعالم اإلسالمي، 1ط.443، ص5 م. ن، ج 4

55

التحديدين السابقين أنهما ناظران إلى أكثر أنحاء الوحي ورودا في القرآن الكريم, وهو طريق وحي القرآن الكريم نفسه, عبر إرسال ملك, وهو

جبرائيل عليه السالم إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم. قال تعالى:وح األمين * على قلبك لتكون من المنذرين﴿ .1﴾نزل به الر

ولعل التحديد األدق للوحي هو ما ذكره العالمة الطباطبائي قدس سره ،2"إلقاء المعنى بنحو يخفى على غير من قصد إفهامه"بأنه:

)بال حيث يشمل هذا التحديد كل أنحاء الوحي، فيدخل فيه الوحي المباشر واسطة( والوحي غير المباشر)كالوحي بواسطة ملك(. وقد قرر األدب الديني في اإلسالم أن ال يطلق الوحي على غير ما عند األنبياء والرسل

.3عليهم السالم من التكليم اإللهي

- الوحي في القرآن:2 في موارد عدة أريد بها معانالوحي"استخدم القرآن الكريم مفردة "

مختلفة، وقد ورد حديث مروي عن اإلمام علي بن أبي طالب عليه السالم, قسم فيه الوحي إلى: وحي النبوة والرسالة، ووحي اإللهام، ووحي

اإلشارة، ووحي التقدير، ووحي األمر، ووحي الكذب)وسوسة الشياطين( . ومن هنا، يمكن إجمال موارد االستخدام القرآني لمفردة4ووحي الخبر

", تبعا لمقسم المعنى االصطالحي للوحي، وانسجاما مع ما ورد"الوحيفي الحديث المروي عن أمير المؤمنين عليه السالم, وفق التالي:

أ- الوحي إلى غير األنبياء عليهم السالم: - اإليماءة الخفية )وحي اإلشارة(: وهو المعنى اللغوي نفسه. ومنه قوله

فخرج على قومه من المحراب فأوحى إليهم أن سبحوا﴿تعالى: .5﴾بكرة وعشيا

.194-193سورة الشعراء، اآليتان: 1.492، ص12السيد الطباطبائي، الميزان في تفسير القرآن، م.س، ج 2م. ن. 3 ، بيروت، دار3انظر: المجلسي، محمد باقر: بحار األنوار، تحقيق عبد الرحيم الرباني الشيرازي، ط 4

من أبواب أحواله صلى الله عليه وآله2، باب18م، ج1983هـ.ق/ 1403إحياء التراث العربي، .17-16، رسالة النعماني، ص128، باب 90, ج255-254، ص3وسلم ...، ح

.11سورة مريم، اآلية: 5

56

- تركيز غريزي فطري في اإلنسان والحيوان)وحي اإللهام(: وهو تكوين وأوحينا إلى﴿طبيعي مجعول في اإلنسان والحيوان، ومنه قوله تعالى:

وأوحى ربك إلى النحل أن اتخذي﴿ ، 1﴾أم موسى أن أرضعيه....2﴾.من الجبال بيوتا..

- تركيز طبيعي في الجماد )وحي التقدير(: وهو تكوين طبيعي مجعول في.3﴾وأوحى في كل سماء أمرها﴿الجمادات، ومنه وقوله تعالى:

- أمر رحماني )وحي األمر(: وهو شعور نفساني داخلي مصدره الله تعالى، وإذ أوحيت إلى الحواريين أن آمنوا بي﴿ومنه قوله تعالى:

.5﴾إذ يوحي ربك إلى المآلئكة...﴿ ، 4﴾وبرسولي...

- وسوسة شيطانية )وحي الكذب(: وهو شعور نفساني داخلي مصدرهوكذلك ا شياطين﴿الشيطان، ومنه قوله تعالى: جعلنا لكل نبي عدو

،6﴾اإلنس والجن يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غروراياطين ليوحون إلى أوليآئهم ليجادلوكم﴿ .7﴾وإن الش

ب- الوحي إلى األنبياء عليهم السالم )وحي النبوة والرسالة(: وهو اتصال غيبي بين الله وأنبيائه عليهم السالم, ويختلف عن سائر اإليحاءات

المعروفة لجهة مصدره الغيبي اتصاال بما وراء المادة. وهذا هو المعنى االصطالحي للوحي، وقد استعمله القرآن الكريم في أكثر من سبعين

إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح﴿، منها: قوله تعالى:8موضعاة يهدون بأمرنا وأوحينا﴿، 9﴾والنبيين من بعده وجعلناهم أئم

إليهم

.7سورة القصص، اآلية: 1.68سورة النحل، اآلية: 2.12سورة فصلت، اآلية: 3.111سورة المائدة، اآلية: 4.12سورة األنفال، اآلية: 5.112سورة األنعام، اآلية: 6.121سورة األنعام، اآلية: 7.571، ص 1روحاني، المعجم اإلحصائي للقرآن الكريم، م.س، ج 8.163سورة النساء، اآلية: 9

57

، والوحي الوارد في هذه اآلية هو من وحي الخبر1﴾فعل الخيرات...)بحسب تعبير الرواية المتقدمة(, وهو هداية ربانية

.2مجعولة في نفوس األنبياء عليهم السالم بوحي باطني وتأييد سماوي

وظاهرة الوحي من مختصات مقام النبوة، ولم يكن النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم بدعا من األنبياء عليهم السالم في هذا االختصاص النبوي،

أكان للناس عجبا﴿وال أول من خاطب الناس باسم الوحي السماوي: نهم أن أنذر الناس... . ودفعا لهذا االستنكار3﴾أن أوحينا إلى رجل م

إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين﴿الغريب، قال تعالى: .4﴾من بعده

- أنحاء الوحي النبوي:3 وما﴿يتحقق الوحي النبوي على أنحاء ثالثة، كما جاءت في اآلية الكريمة:

كان لبشر أن يكلمه الله إال وحيا أو من وراء حجاب أو يرسل ، وفي حديث مروي5﴾رسوال فيوحي بإذنه ما يشاء إنه علي حكيم

:6عن اإلمام أمير المؤمنين عليه السالم في صدد تفسير هذه اآلية اإللقاء في قلب النبي صلى الله عليه وآله وسلمأ- النحو األول:

مباشرة ومن دون واسطة، ومنه: ما رواه زرارة عن اإلمام الصادق عليه السالم, حيث سأله عن الغشية التي تصيب النبي صلى الله عليه وآله

ذلك إذا لم يكنوسلم إذا نزل عليه الوحي؟ حيث قال عليه السالم: ".7"بينه وبين الله أحد. ذلك إذا تجلى الله له

.73سورة األنبياء، اآلية: 1.274، ص1انظر: السيد الطباطبائي، الميزان في تفسير القرآن، م.س، ج 2.2سورة يونس، اآلية: 3.163سورة النساء، اآلية: 4.51سورة الشورى، اآلية: 5 الشيخ القمي، علي بن إبراهيم: تفسير القمي، تصحيح وتعليق وتقديم طيب الموسوي الجزائري، الط، 6

.279، ص2هـ.ق، ج1387الم، مطبعة النجف، ابن بابويه، محمد بن علي بن الحسين)الصدوق(: التوحيد، تصحيح وتعليق هاشم الحسيني الطهراني، 7

، ح8الط، قم المقدسة، مؤسسة النشر اإلسالمي التابعة لجماعة المدرسين بقم المقدسة، الت، باب.115، ص15

58

تكليم النبي صلى الله عليه وآله وسلم من وراءب- النحو الثاني:ا﴿، وقوله تعالى: 1﴾...وكلم الله موسى﴿حجاب، ومنه قوله تعالى: فلم

أتاها نودي من شاطئ الوادي األيمن في البقعة المباركة منجرة أن يا موسى إني أنا الله رب العالمين .2﴾الش

ج- النحو الثالث: إرسال ملك ليكون واسطة في إيصال الوحي للنبي عليهن أمرنا...﴿السالم, ومنه قوله تعالى: ،3﴾وكذلك أوحينا إليك روحا م

وح األمين * على قلبك﴿وقوله تعالى: .4﴾نزل به الر

- أقسام الوحي النبوي:4يمكن تقسيم الوحي النبوي إلى قسمين رئيسين:

وهو أصعب أنواع الوحي، وفيه يتصل النبي صلىأ- الوحي المباشر: الله عليه وآله وسلم بكل وجوده بالله تعالى من دون توسط أي واسطة.

ويحصل ذلك عندما تتهيأ نفس النبي صلى الله عليه وآله وسلم, ويصبح لديه القابلية لهذا االتصال المباشر. وقد ورد في األحاديث المروية عن

أهل البيت عليهم السالم توصيف لثقل هذا الوحي، ومن هذه األحاديث:

- ما روي أن الحرث بن هشام سأل النبي صلى الله عليه وآله وسلم:كيف كان ينزل عليك الوحي؟ قال صلى الله عليه وآله وسلم: " أحيانا

يأتيني مثل صلصلة الجرس, وهو أشد علي، فيفصم عني, وقد وعيت ما قال، وأحيانا يتمثل الملك رجال، فيكلمني, فأعي ما

.5"يقول

- ما رواه عبد الله بن عمر: سألت النبي صلى الله عليه وآله وسلم: هلتحس بالوحي؟ قال صلى الله عليه وآله وسلم:

أسمع صالصل، ثم أسكت عند ذلك. فما من مرة يوحى إلي إال".6"ظننت أن نفسي تفيض

.164سورة النساء، اآلية: 1.30سورة القصص، اآلية: 2.52سورة الشورى، اآلية: 3.194-193 سورة الشعراء، اآليتان: 4 ابن شهرآشوب، محمد بن علي: مناقب آل أبي طالب عليهم السالم, تصحيح وشرح ومقابلة لجنة من 5

.41، ص1م، ج1956هـ.ق/ 1376أساتذة النجف األشرف، الط، النجف األشرف، المطبعة الحيدرية، .222، ص2ابن حنبل، أحمد: مسند أحمد، الط، بيروت، دار صادر، الت، ج 6

59

- ما رواه زرارة عن اإلمام الصادق عليه السالم, من أنه سأله عليه السالم عن الغشية التي تصيب النبي صلى الله عليه وآله وسلم إذا نزل عليه

"ذلك إذا لم يكن بينه وبين الله أحد.الوحي؟ فقال عليه السالم: .1"ذلك إذا تجلى الله له

- ما روي أنه صلى الله عليه وآله وسلم كان إذا نزل عليه الوحي يسمع عند وجهه دوي, كدوي النحل، وأنه صلى الله عليه وآله وسلم كان ينزل

عليه الوحي في اليوم الشديد البرد, فيفصم عنه، وأن جبينه لينفصد عرقا،وأنه كان إذا نزل

عليه الوحي كرب لذلك، ويربد وجهه، ونكس رأسه، ونكس أصحابهرؤسهم منه. ومنه يقال: برحاء الوحي, أي شدة

.2ثقل الوحي

وتجدر اإلشارة إلى أن هذه العوارض الجسدية التي كانت تظهر على النبي صلى الله عليه وآله وسلم حين نزول الوحي عليه من دون واسطة، إنما

هي بمثابة العالمات الحاكية عن ثقل هذا الوحي المباشر, بفعل اتصال النبي صلى الله عليه وآله وسلم بكل كيانه ووجوده بمبدأ الوجود، وانفتاح

نفسه صلى الله عليه وآله وسلم وهو في نشأة عالم المادة المحدود على عالم الملكوت األعلى. فمن الطبيعي أن تظهر عليه صلى الله عليه وآله

وسلم هذه العوارض المادية، حتى كأن روحه تفيض منه بفعل هذا االتصال المباشر. وفي تحقق هذا االتصال مع وجود قيود عالم المادة داللة جلية

على عظم نفس الرسول األكرم صلى الله عليه وآله وسلم وطهارتهاوكمالها.

ب- الوحي غير المباشر: وفيه يتلقى النبي صلى الله عليه وآله وسلم الوحي عبر واسطة تكون صلة وصل بينه وبين الله تعالى, كما في الوحي

النازل بواسطة المنام والرؤيا، ومنه: قوله تعالى - حكاية عن لسان نبيه 3﴾يا بني إني أرى في المنام أني أذبحك...﴿إبراهيم عليه السالم -:

﴿وناديناه من، وكما في تكليم الله تعالى لنبيه موسى عليه السالم: بناه نجيا ، وكما في الوحي النازل على4﴾جانب الطور األيمن وقر

رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بواسطة

.115، ص15، ح8الشيخ الصدوق، التوحيد، م.س، باب 1.41، ص1انظر: ابن شهر آشوب، مناقب آل أبي طالب عليهم السالم, م.س، ج 2.102سورة الصافات، اآلية: 3.52سورة مريم، اآلية: 4

60

وح األمين *﴿جبرائيل: وإنه لتنزيل رب العالمين * نزل به الر.1﴾على قلبك...

ويستفاد من بعض الروايات أن أمر هذا الوحي لم يكن ثقيال على النبي صلى الله عليه وآله وسلم, بخالف الوحي المباشر، فعن اإلمام الصادق

إن جبرائيل كان إذا أتى النبي صلى الله عليه وآلهعليه السالم: " وسلم لم يدخل حتى يستأذنه، وإذا دخل عليه قعد بين يديه

.2"قعدة العبد

وقد كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يتلقى الوحي بكل بوجوده، ولم يكن للحواس الظاهرية أي دور في هذا األمر, وإال ألمكن لغيره من الناس

سماع ما يسمع، ورؤية ما يرى.

- الوحي المحمدي:5 كان الوحي اإللهي ينزل على النبي صلى الله عليه وآله وسلم على أنحاء

ثالثة: إن النبي صلى الله عليه وآلهأ- الوحي عبر الرؤيا الصادقة والمنام:

وسلم لما أتى له سبع وثالثون سنة، كان يرى في منامه كأن آتيا يأتيه فيقول: يا رسول الله! ومضت عليه برهة من الزمن وهو على ذلك

. وعن4"رؤيا األنبياء وحي. وعن اإلمام علي عليه السالم: "3يكتمه وأما النبي فهو الذي يرى في منامه،اإلمام الباقر عليه السالم: "

نحو رؤيا إبراهيم عليه السالم, ونحو ما كان رأى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من أسباب النبوة قبل الوحي، حتى

.5أتاه جبرائيل عليه السالم من عند الله بالرسالة..."

وتجدر اإلشارة إلى أنه لم ينزل شيء من القرآن عبر هذا النحو من الوحي، إذ لم يعهد نزول قرآن على النبي صلى الله عليه وآله وسلم في المنام، وإن كانت بعض رؤاه أسبابا لنزول القرآن، كما في قوله تعالى:

ؤيا بالحق لتدخلن المسجد الحرام إن﴿ لقد صدق الله رسوله الر

.194-192سورة الشعراء، اآليات: 1 ابن بابويه، محمد بن علي بن الحسين)الصدوق(: كمال الدين وتمام النعمة، تصحيح وتعليق علي أكبر 2

الغفاري، الط، قم المقدسة، مؤسسة النشر اإلسالمي التابعة لجماعة المدرسين بقم المقدسة،.86-85هـ.ش، ص1363هـ.ق/ 1405

م،1985هـ.ق/ 1405، بيروت، دار األضواء، 2انظر: اإلربلي، علي: كشف الغمة في معرفة األئمة، ط 3.86، ص1ج

.338، ص689الشيخ الطوسي، األمالي، م.س، ح 4.176، ص3، ح3، كتاب الحجة، باب1الشيخ الكليني، الكافي، م.س، ج 5

61

، فقد رأى النبي صلى الله عليه وآله وسلم ذلك عام1﴾شاء الله...ة .3، وصدقت عام الفتح2الحديبي

كان جبرائيل عليه السالمب- الوحي عبر جبرائيل عليه السالم:ينزل بالوحي على النبي صلى الله عليه وآله وسلم

على صور ثالثة:تين مع الرسول األكرم صلى الله ة: وهذا حصل مر - نزوله بصورته األصلي

إن هو إال وحي يوحى * علمه شديد﴿عليه وآله وسلم: قال تعالى: ة فاستوى * وهو باألفق األعلى * ثم دنا فتدلى القوى * ذو مر * فكان قاب قوسين أو أدنى * فأوحى إلى عبده ما أوحى * ما

كذب الفؤاد ما رأى * أفتمارونه على ما يرى * ولقد رآه نزلة أخرى * عند سدرة المنتهى* عندها جنة المأوى * إذ يغشى

درة ما يغشى* ما زاغ البصر وما طغى * لقد رأى من آيات السة عند﴿، وقال تعالى: 4﴾ربه الكبرى إنه لقول رسول كريم * ذي قو

مطاع ثم أمين * وما صاحبكم بمجنون * ذي العرش مكين * تين كانت إحداهما: في بدء الوحي5﴾ولقد رآه باألفق المبين ، فالمر

بغار حراء، حيث ظهر له جبرائيل عليه السالم في صورته الحقيقية التيبه النبي خلقه الله عليها، مالئا أفق السماء من المشرق إلى المغرب، فتهي صلى الله عليه وآله وسلم تهيبا بالغا، فنزل عليه جبرائيل عليه السالم في

صورة اآلدميين، فضمه إلى صدره، فكان ال ينزل عليه بعد ذلك إال في صورة بشر جميل. والثانية: كانت باستدعائه صلى الله عليه وآله وسلم

لذلك، فكان ال يزال يأتيه جبرائيل عليه السالم في صورة اآلدميين، فسأله رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن يريه نفسه مرة أخرى على

وهو﴿صورته التي خلقه الله، فأراه صورته فسد األفـق، فقوله تعالى: ﴾نزلة أخرى ﴾ كان المرة األولى، وقوله: باألفق األعلى ة﴿ كان المر

.6الثانية

.27سورة الفتح، اآلية: 1السنة السادسة للهجرة. 2السنة الثامنة للهجرة. 3.18-4سورة النجم، اآليتان: 4.23-19سورة التكوير، اآليتان: 5 انظر: الطبرسي، الفضل بن الحسن: مجمع البيان في تفسير القرآن، تحقيق وتعليق لجنة من العلماء 6

.281، ص10, ج293-284، ص9م، ج1995هـ.ق/ 1415، بيروت، مؤسسة األعلمي، 1والمحققين، ط

62

- نزوله متمثال بصورة آدمي: روي عن رسول الله صلى الله عليه وآله "وأحيانا يتمثل لي الملك رجال، فيكلمني فأعي ماوسلم أنه قال:

"إن جبرائيل كان إذا أتى. وعن اإلمام الصادق عليه السالم: 1"يقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يدخل حتى يستأذنه، وإذا

.2"دخل عليه قعد بين يديه قعدة العبد

- نزوله على قلب النبي صلى الله عليه وآله وسلم من دون أن يراه: قالوح األمين * على قلبك...﴿تعالى: . وعن رسول الله3﴾نزل به الر

.4"إن الروح األمين نفث في روعيصلى الله عليه وآله وسلم: "

ج- الوحي مباشرة من دون واسطة: وهو أكثر أنحاء الوحي نزوال على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم, حيث كان شديدا على نفسه الشريفة صلى الله عليه وآله وسلم. وقد تقدم ذكر بعض الروايات التي

.5تتحدث عن ثقل هذا الوحي

.41، ص1ابن شهر آشوب، مناقب آل أبي طالب عليهم السالم, م.س، ج 1.86-85الشيخ الصدوق، كمال الدين وتمام النعمة، م.س، ص 2.194-193سورة الشعراء، اآليتان: 3.74، ص2، كتاب اإليمان والكفر، باب الطاعة والتقوى، ح2الشيخ الكليني، الكافي، م.س، ج 4انظر: عنوان "أقسام الوحي )الوحي المباشر(". 5

63

األفكار الرئيسة- الوحي هو إلقاء المعنى بنحو يخفى على غير من قصد إفهامه.1 " في موارد عدة أريد بها معانالوحي- استخدم القرآن الكريم "2

مختلفة، منها: الوحي إلى األنبياء عليهم السالم، اإليماءة الخفية، تركيز غريزي فطري في اإلنسان والحيوان، تركيز طبيعي في الجماد، أمر

رحماني، وسوسة شيطانية. - الوحي النبوي على أنحاء ثالثة: إلقاء في القلب، تكليم من وراء حجاب،3

إرسال ملك.- يقسم الوحي النبوي إلى قسمين: وحي مباشر، ووحي غير مباشر.4 - كان الوحي اإللهي ينزل على النبي صلى الله عليه وآله وسلم على5

أنحاء ثالثة: عبر الرؤيا الصادقة والمنام، عبر جبرائيل عليه السالم, مباشرةمن دون واسطة.

فكر وأجب

- أجب بـ )صح( أو )خطأ(:1- غالبية موارد االستخدام القرآني للوحي جاءت في الوحي النبوي.

- كان جبرائيل عليه السالم ينزل على النبي صلى الله عليه وآله وسلم إمابصورته الحقيقية وإما متمثال بصورة آدمي فقط.

- بعض الوحي القرآني إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم جاء عنطريق الرؤيا الصادقة والمنام.

- أجب باختصار:2- حدد معنى الوحي؟

- بين أنحاء الوحي النبوي؟- تحدث عن أقسام الوحي النبوي؟

64

مطالعة

1القرآن جوامع الكلم

كل يوم هو في﴿إن الذات المقدسة للحق جل وعال على حسب ... يتجلى لقلوب األنبياء عليهم السالم واألولياء عليهم السالم في2﴾شأن

كسوة األسماء والصفات، وتختلف التجليات على حسب اختالف قلوبهم، والكتب السماوية التي نزلت على قلوبهم بنعت اإليحاء بتوسط ملك اللوح

جبرائيل عليه السالم, تختلف على حسب اختالف هذه التجليات، وعلى حسب اختالف األسماء التي لها المبدئية، كما أن اختالف األنبياء عليهم السالم وشرائعهم - أيضا - باختالف الدول األسمائية، فكل اسم تكون

إحاطته أكثر ويكون أجمع, تكون دولته أكثر إحاطة, والنبوة التابعة له أكثر إحاطة، والكتاب النازل منه أكثر إحاطة وجامعية, وتكون الشريعة التابعة

له أكثر إحاطة وأدوم.

وحيث إن النبوة الختمية، والقرآن الشريف، وشريعة سيد البشر, من مظاهر المقام الجامع األحدي وحضرة اسم الله األعظم ومجاليها، أو من

تجلياتها وظهوراته، فلهذا صارت أكثر النبوات والكتب والشرائع إحاطة وأجمعها. وال يتصور أكمل وأشرف من نبوته وكتابه وشريعته. وال يتنزل

من عالم الغيب على بسيط الطبيعة علم أعلى منه، أو شبيه له, بمعنى أن هذا هو آخر ظهور للكمال العلمي المربوط بالشرائع، وليس لألعلى منه

إمكان النزول في عالم الملك، فنفس الرسول الخاتم أشرف الموجودات، أيضا - أتم النبوات الممكنة، والمظهر التام لالسم األعظم، ونبوته -

وصورة لدولة االسم األعظم، ولهذه الجهة لهذا الكتاب أحدية الجمع والتفصيل. وهو من جوامع الكلم، كما أن كالمه صلى الله عليه وآله وسلم - أيضا - كان من جوامع الكلم، والمراد من كون القران أو كالمه صلى الله

عليه وآله وسلم من جوامع الكلم ليس أن القران، أو أنه صلى الله عليهوآله وسلم بينا الكليات والضوابط الجامعة،

.89انظر: اإلمام الخميني، منهجية الثورة اإلسالمية، م.س، ص 1.29سورة الرحمن، اآلية: 2

65

أيضا- من الجوامع وإن كانت أحاديثه صلى الله عليه وآله وسلم - والضوابط بذلك المعنى، كما أن ذلك معلوم في علم الفقه، بل جامعيته عبارة عن أن القرآن نزل لجميع طبقات اإلنسان في جميع أدوار العمر البشري، وهو رافع لجميع حوائج هذا النوع. وحقيقة هذا النوع حيث إنها

حقيقة جامعة وواحدة لتمام المنازل، من المنزل األسفل الملكي إلى أعلى مراتب الروحانية والملكوت والجبروت، ولهذه الجهة يختلف أفراد

هذا النوع في هذا العالم األسفل الملكي اختالفا تاما، واالختالف والتفاوت الموجودان في أفراد هذا النوع ال يوجدان في أفراد سائر الموجودات، ففي هذا النوع الشقي الذي هو في كمال الشقاوة، والسعيد الذي هو في كمال السعادة, وهو نوع بعض أفراده أسفل من

جميع الحيوانات، وبعض أفراده أشرف من جميع المالئكة المقربين.

وبالجملة، حيث إن أفراد هذا النوع مختلفة متفاوتة في المدارك والمعارف، فالقران نزل على نحو يستفيد كل منه على حسب كمال

إدراكه ومعارفه وضعفها، وعلى حسب ما له من الدرجة العلمية.

66

مصادر الدرس ومراجعه

- القرآن الكريم.1.858- األصفهاني، مفردات ألفاظ القرآن، ص2.93، ص6- ابن فارس، معجم مقاييس اللغة، ج3.443، ص5, ج142، ص4- الطوسي، التبيان في تفسير القرآن، ج4.492، ص12, ج274، ص1- الطباطبائي، الميزان في تفسير القرآن، ج5 ، كتاب28, ج255-254، ص3، ح2، باب18- المجلسي، بحار األنوار، ج6

-16، رسالة النعماني، ص128، باب90, ج90، ص3الفتن والمحن، باب17.

.571، ص 1- روحاني، المعجم اإلحصائي للقرآن الكريم، ج 7.279، ص2- القمي، تفسير القمي، ج8.115، ص15، ح8- ابن بابويه، التوحيد، باب9

.41، ص1- ابن شهرآشوب، مناقب آل أبي طالب)عله(، ج10.222، ص2- ابن حنبل، مسند أحمد، ج11.86-85- ابن بابويه، كمال الدين وتمام النعمة، ص12.86، ص1- اإلربلي، كشف الغمة في معرفة األئمة، ج13.338، ص689- الطوسي، األمالي، ح14 ، كتاب2, ج176، ص3، ح3، كتاب الحجة، باب1- الكليني، الكافي، ج15

.74، ص2اإليمان والكفر، باب الطاعة والتقوى، ح ،10, ج293-284، ص9- الطبرسي، مجمع البيان في تفسير القرآن، ج16.281ص

67

68

(2الدرس الرابع: الوحي )

:موضوعات الدرس- ضرورة الوحي.1- إمكانية الوحي ووقوعه.2- حقيقة الوحي وكيفية حصوله.3- عدم استمرارية الوحي.4- كتاب الوحي.5- شبهات حول الوحي.6

أهداف الدرس:- تعزيز االرتباط الوجداني والفكري والمعرفي بالقرآن الكريم.1 - معرفة ضرورة الوحي، وإمكانية وقوعه، وحقيقته وكيفية حصوله، وعدم2

استمراريته.- معرفة أهم كتاب الوحي، وأبرز الشبهات المثارة حوله.3

69

70

- ضرورة الوحي:1 إن اإلنسان مفطور على حب االنتفاع ودفع المضار واستخدام غيره من بني نوعه. وبفعل وجود االختالف الضروري بين أفراد اإلنسان من حيث

الخلقة وطريقة العيش والعادات والتقاليد... شدة وضعفا, كان من الطبيعي أن يظهر االختالف في اقتناء المزايا الحيوية، بحيث يستفيد القوي

أكثر من الضعيف, بما يؤدي إلى اإلخالل بميزان العدل االجتماعي بين الناس, ما استدعى وضع قوانين ترفع االختالفات الطارئة والمشاجرات

في لوازم الحياة.

ومن الطبيعي أن يكون مصدر هذه القوانين من غير الفطرة, ألن ما به االختالف ال يصلح وحده ألن يكون مصدرا للحل, فكان بذلك النوع البشري

محتاجا إلى مصدر آخر يصلح الفطرة بالفطرة، وينسجم معها، ويعدل.1قواها المختلفة عند طغيانها، وينظم لإلنسان حياته الدنيوية واألخروية

ومن هنا، كان الوحي صلة وصل بين الله تعالى وخلقه, يكشف لهم عن المعارف اإللهية والحقائق الربانية الالزمة لرفع االختالف والوصول إلى

سعادة النوع

, القرآن في اإلسالم،123-113، ص2انظر: السيد الطباطبائي، الميزان في تفسير القرآن، م.س، ج 1.106-96م، ص2001هـ.ق/ 1422، بيروت، دار الوالء، 1تعريب أحمد وهبي، ط

71

اإلنساني. وألن العقل البشري وحده قاصر عن إدراك هذه الحقائق والمعارف والكشف عنها, كان من الضروري أن يجعل الله تعالى طريقا

ة واحدة﴿آخرا ينسجم مع العقل والفطرة ويكملهما: كان الناس أمرين ومنذرين وأنزل معهم الكتاب فبعث الله النبيين مبش

.1﴾بالحق ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه...

- إمكانية الوحي ووقوعه:2ة أخرى معنوية ته المادية الظاهرة شخصي يمتلك اإلنسان وراء شخصي

باطنة، من شأنها أن تتيح له االرتباط بعالم معنوي أعلى مجرد عن المادة ولوازمها، فاإلنسان في عالم الدنيا موجود مركب من روح وجسد، يرتبط

ولقد خلقنا﴿بالعالم المادي بجسده ويحمل خصائصه وقابلياته: اإلنسان من ساللة من طين * ثم جعلناه نطفة في قرار مكين * ثم خلقنا النطفة علقة فخلقنا العلقة مضغة فخلقنا المضغة

﴾، ويرتبط بالعالم المجرد بروحه ويحملعظاما فكسونا العظام لحما ثم أنشأناه خلقا آخر فتبارك الله﴿خصائصه وقابلياته -أيضا -:

. وهذا الخلق اآلخر هو وجود اإلنسان الروحي الذي2﴾أحسن الخالقين ﴿...وقد خلقتك من قبل ولم تكأفاضه الله تعالى، فمنه مبدؤه:

﴿يا، وإليه منتهاه: 3﴾شيئارضية .4﴾أيتها النفس المطمئنة * ارجعي إلى ربك راضية م

يته﴿وعن اإلمام الصادق عليه السالم في قوله عز وجل: فإذا سووحي فقعوا له ساجدين "إن الله عز، قال: 5﴾ونفخت فيه من ر

.6"وجل خلق خلقا وخلق روحا، ثم أمر ملكا فنفخ فيه

صل في جانبه المعنوي ومن هذا المنطلق، ال مانع لإلنسان من أن يتوالروحي

.213سورة البقرة، اآلية: 1.14-12سورة المؤمنون، اآليات: 2.9سورة مريم، اآلية: 3.28-27سورة الفجر، اآليتان: 4.29سورة الحجر، اآلية: 5، ح 6 وحي... فإذا سويته ونفخت فيه من ر ﴾الشيخ الصدوق، التوحيد، م.س، باب معنى قوله عز وجل: ﴿6،

.172ص

72

بالعالم المجرد، طالما أن روحه تحمل خصائص هذا العالم وقابلياته, فيكون هذا االتصال خفيا ال يحمل خصائص المادة، وال يخضع لقوانينها

الطبيعية, وهو ما يشكل ظاهرة الوحي.

وقد نزل الوحي على امتداد تاريخ البشرية حتى انقطاعه برحيل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على جميع األنبياء عليهم السالم الذين وجد

الله تعالى فيهم األهلية الالزمة لتلقي الوحي اإللهي, بحيث خصهم بذلك ﴿إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوحمن دون غيرهم من الناس:

والنبيين من بعده وأوحينا إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحق ويعقوب واألسباط وعيسى وأيوب ويونس وهارون

.1﴾وسليمان...

- حقيقة الوحي وكيفية حصوله:3 هو إدراك خاص مختلف عن سائر اإلدراكات البشرية المشتركة بين أفراد

البشر كافة، والمتحصلة عن طريق الحس أو العقل أو الغريزة أو الوجدان، يوجده الله تعالى في أنبيائه عليهم السالم إيجادا ال يعتريه لبس

أو شك أو خطأ، وال يحتاجون فيه إلى إعمال نظر، أو توسل دليل، أو إقامة ﴿نزل بهبرهان، أو حجة, كما هو شأن اإلدراكات البشرية. قال تعالى:

وح األمين * على قلبك... , فالنبي صلى الله عليه وآله وسلم2﴾الر يتلقى الوحي اإللهي بنفسه الشريفة من غير توسط الحواس الظاهرة,

فيسمع ويرى من غير وساطة السمع والبصر الماديين, وإال لكان من الممكن أن يسمع ويرى غيره من الناس, ما سمعه ورأه بالوحي، ولما كان

الوحي حينها من مختصات مقام النبوة.

ويوجد أمر ال نستطيع إدراكه في ظاهرة الوحي، وإن كنا نعتبره واقعا حقا، ونؤمن به إيمانا صادقا، وهو: كيف يقع هذا االتصال الروحي؟ والسبب في

ذلك: أن الوحي ليس من سنخ عالم المادة والماديات, لكي نستطيع إدراكما هو التعبير عنه على كنهه أو تحديد كيفية حصوله، وكل ما باستطاعتنا إن

نحو التشبيه واالستعارة، أو

.163سورة النساء، اآلية: 1.194-193سورة الشعراء، اآليتان: 2

73

المجاز والكناية ال أكثر، فهو مما يدرك وال يوصف. فالوحي ظاهرة روحية يدركها من يصلح لها، وال يستطيع غيره أن يصفها وصفا بالكنه، ما عدا

التعبير عنها باآلثار والعوارض هذا فحسب. وكذلك التعبير بنزول الوحي أو الملك هو تعبير مجازي، وليس سوى إشراقة وإفاضة قدسية ملكوتية.1يجدها النبي عليه السالم حاضرة نفسه، ملقاة عليه من خارج روحه

:- عدم استمرارية الوحي النبوي4 الوحي النبوي مختص باألنبياء عليهم السالم, وقد انقطع الوحي بعد رحيل

خاتم النبيين محمد صلى الله عليه وآله وسلم, حيث اكتملت الرسالةسول الله﴿الخاتمة: جالكم ولكن ر د أبا أحد من ر ا كان محم م

، وأمر الناس أن يتبعوا رسالة اإلسالم وترك باقي2﴾وخاتم النبيين... ومن يبتغ غير اإلسالم دينا فلن يقبل منه﴿الرساالت السابقة:

، وأن يسيروا على هديها مستضيئين3﴾وهو في اآلخرة من الخاسرين بهدي اإلمامة الحاملة لحقائق هذه الرسالة، والمبينة لها، والضامنة

﴿...اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكملتطبيقها الصحيح: .4﴾نعمتي ورضيت لكم اإلسالم دينا...

"بأبي أنت وأمي، لقد انقطع بموتكوعن اإلمام علي عليه السالم: ما لم ينقطع بموت غيرك, من النبوة، واألنباء، وأخبار

. وتجدر اإلشارة إلى أن انقطاع الوحي النبوي برحيل النبي5السماء" صلى الله عليه وآله وسلم ال يستلزم انقطاع االتصال مع الله سبحانه

وتعالى, حيث إن جبرائيل عليه السالم كان ينزل على فاطمة عليها السالم بعد رحيل النبي صلى الله عليه وآله وسلم يحدثها. روي عن اإلمام الصاق

"إن فاطمة مكثت بعد رسول الله عليه السالم:

, معرفة، التمهيد في علوم القرآن،113-112انظر: السيد الطباطبائي، القرآن في اإلسالم، م.س، ص 1.91-90، ص1م.س، ج

.40سورة األحزاب، اآلية: 2.85سورة آل عمران، اآلية: 3.3سورة المائدة، اآلية: 4 العلوي، )الشريف الرضي(: نهج البالغة )الجامع لخطب اإلمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه 5

، قم المقدسة، دار الذخائر, مطبعة النهضة،1السالم ورسائله وحكمه(، شرح محمد عبده، ط.228، ص235، الخطبة2هـ.ش، ج1370هـ.ق/ 1412

74

صلى الله عليه وآله وسلم خمسة وسبعين يوما، وكان دخلها حزن شديد على أبيها، وكان جبرئيل عليه السالم يأتيها،

فيحسن عزاءها على أبيها، ويطيب نفسها، ويخبرها عن أبيها ومكانه، ويخبرها بما يكون بعدها في ذريتها، وكان علي عليه

.1"السالم يكتب ذلك، فهذا مصحف فاطمة عليها السالم

وأما االتصال بالغيب فموجود بين الله تعالى وحجته في أرضه اإلمام المعصوم عليه السالم فهو محدث وإن لم يكن موحى إليه وحيا نبويا لختم

النبوة بخاتم المرسلين الرسول األكرم صلى الله عليه وآله وسلم. عن بريد العجلي قال: سألت أبا عبد الله عليه السالم عن الرسول والنبي

غه عن الله تبارك وتعالى، والمحدث، قال: الرسول الذي تأتيه المالئكة وتبل والنبي الذي يرى في منامه فما رأى فهو كما رأى، والمحدث الذي يسمع

.2كالم المالئكة وينقر في أذنه وينكت في قلبه

وعن زرارة قال: سألت أبا جعفر عليه السالم عن قول الله عز وجل: النبي قلت: ما الفرق بين الرسول والنبي؟ قال: "3﴾وكان رسوال نبيا﴿

هو الذي يرى في منامه ويسمع الصوت وال يعاين الملك، والرسول يعاين الملك ويكلمه، قلت: فاإلمام ما منزلته؟ قال:

.4"يسمع الصوت وال يرى وال يعاين

"إن مناوعن أبي بصير، قال: سمعت أبا عبد الله عليه السالم يقول: لمن يعاين معاينة، وإن منا لمن ينقر في قلبه كيت وكيت، وإن

". قلت:منا لمن يسمع كما يقع السلسلة كله يقع في الطست.5خلق أعظم من جبرئيل وميكائيل"فالذين يعانيون ما هم؟ قال: "

.241، ص5، كتاب الحجة، باب فيه ذكر الصحيفة...، ح1الشيخ الكليني، الكافي، م.س، ج 1 الصفار، محمد بن الحسن: بصائر الدرجات، تصحيح وتعليق وتقديم حسن كوچه باغي، الط، طهران، 2

.388، ص1، ح1، باب8هـ.ش، ج1362هـ.ق/ 1404منشورات األعلمي, مطبعة األحمدي، .54سورة مريم، اآلية: 3.2المصدر السابق، ح 4.251، ص1، ح7، باب5المصدر السابق، ج 5

75

- كتاب الوحي:5اب الوحي كثر، أبرزهم اإلمام علي بن أبي طالب عليه السالم, حيث كت حظي بكتابة الوحي من أول نزوله في مكة إلى حين انقطاعه, برحيل

الرسول األكرم صلى الله عليه وآله وسلم: عن اإلمام علي عليه السالم: "فما نزلت على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم آية من

القرآن إال أقرأنيها وأمالها فكتبتها بخطي، وعلمني تأويلهاها وتفسيرها وناسخها ومنسوخها ومحكمها ومتشابهها وخاص

يا طلحة إن كل آية أنزلها. وعنه عليه السالم - أيضا -: "1"وعامها الله على محمد صلى الله عليه وآله وسلم عندي بإمالء رسول

.2الله صلى الله عليه وآله وسلم وخطي بيدي وتأويل كل آية"

وممن كتب الوحي بين يدي النبي صلى الله عليه وآله وسلم: أبي بن كعب األنصاري: وهو أول من كتب له صلى الله عليه وآله وسلم

الوحي في المدينة، وقد عرض النبي صلى الله عليه وآله وسلم عليه القرآن كمال، وكان ممن حضر العرضة األخيرة في من حضر، وتولى

اإلشراف على الكتبة في لجنة توحيد المصاحف على عهد عثمان، حيث.3كانوا يرجعون إليه عند االختالف

- زيد بن ثابت: كان يسكن في المدينة بجوار النبي صلى الله عليه وآله وسلم, ويكتب له صلى الله عليه وآله وسلم إذا غاب أبي بن كعب، حتى

.4أصبح الحقا من الكتاب الرسميين

- والذي عليه المحققون من أهل السيرة: أن الوحي كان يكتبه اإلمام علي عليه السالم, وزيد بن ثابت، وزيد بن أرقم، وأن حنظلة بن الربيع ومعاوية

بن أبي سفيان لم يكتبا الوحي وإنما كانا يكتبان له إلى الملوك وإلى رؤساء القبائل، ويكتبان حوائجه بين يديه، ويكتبان ما يجيء من أموال

.5الصدقات وما يقسم في أربابها

.64، ص1، كتاب العقل والجهل، باب اختالف الحديث، ح1الشيخ الكليني، الكافي، م.س، ج 1 ، إيران، نشر1الهاللي، سليم بن قيس: كتاب سليم بن قيس، تحقيق محمد باقر األنصاري الزنجاني، ط 2

.211هـ.ش، ص1380هـ.ق/ 1422دليل ما, مطبعة نكارش، , العسقالني، أحمد بن علي)ابن حجر(: اإلصابة، تحقيق عادل أحمد عبد الموجود,341-340م. ن، ص 3

.182-180هـ.ق، ص1415، بيروت، دار الكتب العلمية، 1علي محمد معوض، ط-490، ص2, ابن حجر، اإلصابة، م.س، ج362-358، ص2انظر: ابن سعد، الطبقات الكبرى، م.س، ج 4

493. انظر: العلوي، )الشريف الرضي(: نهج البالغة)الجامع لخطب اإلمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب 5

، الم، دار1عليه السالم ورسائله وحكمه(، شرح ابن أبي الحديد، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم، ط.338، ص25، الخطبة1م، ج1959هـ.ق/ 1378إحياء الكتب العربية, عيسى البابي الحلبي وشركاؤه،

76

- شبهات حول الوحي:6 الوحي عبارة عن إلهامات روحية تنبعث من داخلأ- الشبهة األولى:

نفس النبي صلى الله عليه وآله وسلم, وليس واردا عليه من الله تعالى, الستحالة االتصال بين الله تعالى واإلنسان, كونه يستلزم تحديد الله عز

1وجل!

إن عدم فهم حقيقة االتصال الروحي الخفي بين المأل األعلىالجواب: وجانب اإلنسان الروحي ال يعنى إنكار هذا االتصال، فاإلنسان يتلقى بروحه

إفاضات تأتيه من ملكوت السماء، وإشراقات نورية تشع على نفسه من عالم وراء هذا العالم المادي، وليس في ذلك اتصاال أو تقاربا مكانيا, لكي

يستلزم تحيزا في جانبه تعالى. ولعل منشأ هذه الشبهة أنهم قاسوا منأمور ذاك العالم غير المادي بمقاييس تخص العالم المادي.

من أين عرف النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنهب- الشبهة الثانية:2مبعوث؟

الجواب: يجب على الله ـ وجوبا منبعثا من مقام لطفه ورأفته بعباده ـ أن يقرن تنبيئه إنسانا بدالئل نيرة، ال تدع لمسارب الشك مجاال في نفسه.

وهذا هو مقتضى قاعدة اللطف، وتتلخص في: تمهيد سبيل الطاعة, فواجب عليه تعالى أن يمهد لعباده جميع ما يقربهم إلى الطاعة ويبعدهم عن المعصية، وهذا الوجوب منبعث من مقام حكمته تعالى, إذا كان يريد

من عباده االنقياد، وإال كان نقضا لغرضه من التكليف، ومن ثم وجب عليه تعالى أن يبعث األنبياء عليهم السالم, وينزل الشرائع، ويجعل في األمم ما

ينير لهم درب الحياة، إما إلى سعادة, فباختيارهم، أو إلى شقاء, . وطبقا لهذه القاعدة، ال يدع تعالى مجاال لتدليس أهل3فباختيارهم أيضا

.93-91، ص1انظر: معرفة، التمهيد في علوم القرآن، م.س، ج 1.117-108انظر: م. ن، ص 2 انظر: الحلي، الحسن بن سورة يوسف، اآلية بن المطهر: كشف المراد في شرح تجريد االعتقاد، 3

، قم المقدسة، مؤسسة النشر اإلسالمي التابعة لجماعة المدرسين بقم7تحقيق حسن زاده آملي، ط.445-444هـ.ق، ص1417المقدسة،

77

الزيغ والباطل، إال ويفضحهم من فورهم. روي عن اإلمام الصادق عليهها رسل؟ قال: السالم, أنه سئل عليه السالم: كيف علمت الرسل أن

.1"كشف عنهم الغطاء"

إذن، فال بد أن يكون النبي صلى الله عليه وآله وسلم حين انبعاثه نبيا على علم يقين، بل حق يقين من أمره، ال يشك وال يضطرب، مستيقنا، مطمئناما في دا، والسي بالله، مرعيا بعناية الله تعالى ولطفه الخاص، منصورا، مؤي بدء البعثة، فيأتيه الناموس األكبر وهو الحق الصراح معاينا مشهودا، وهي

إني ال﴿موقعية حاسمة ال ينبغي لنبي أن يتزلزل فيها، أو يتروع منها: ﴾.يخاف لدي المرسلون

وأيضا فإن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يختره الله لنبوته إال بعد أنفه من أسرار ملكوت السماوات أكمل عقله وأدبه، فأحسن تأديبه، وعر

واألرض, ما يؤهله للقيام بمهمة السفارة وتبليغ رسالة الله إلى العالمين,كما فعل بإبراهيم الخليل عليه السالم.

ولقد قرن الله به من لدن أن كانعن اإلمام علي عليه السالم: " فطيما أعظم ملك من مالئكته، يسلك به طريق المكارم،

.2ومحاسن أخالق العالم, ليله ونهاره.."

فلما استكمل أربعين سنة،وعن اإلمام العسكري عليه السالم: " نظر الله عز وجل إلى قلبه، فوجده أفضل القلوب، وأجلها،

وأطوعها، وأخشعها، وأخضعها، فأذن ألبواب السماء ففتحت، ومحمد صلى الله عليه وآله وسلم ينظر إليها، وأذن للمالئكة فنزلوا ومحمد صلى الله عليه وآله وسلم ينظر إليهم، وأمر

بالرحمة، فأنزلت عليه من لدن ساق العرش إلى رأس محمد وغمرته، ونظر إلى جبرئيل الروح األمين المطوق بالنور،

طاووس المالئكة هبط إليه، وأخذ بضبعه وهزه، وقال: يا محمداقرأ باسم ربك الذي خلق ﴿اقرأ. قال: وما أقرأ؟ قال: يا محمد

* خلق اإلنسان من علق * اقرأ وربك األكرم * الذي علم بالقلم، ثم أوحى )إليه( ما أوحى إليه ربه ﴾* علم اإلنسان ما لم يعلم

.3"عز وجل

، طهران، دار1البرقي، أحمد بن محمد بن خالد: المحاسن، تحقيق جالل الدين الحسيني)المحدث(، ط 1.328، ص85هـ.ش، كتاب العلل، ح1330هـ.ق/ 1370الكتب اإلسالمية, مطبعة رنكين،

.157)القاصعة(، ص192، الخطبة1نهج البالغة، شرح محمد عبده، م.س، ج 2 تفسير اإلمام العسكري عليه السالم, تحقيق مدرسة اإلمام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف، 3

، قم المقدسة، نشر مدرسة اإلمام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف, مطبعة مهر،1ط.157-156، ص78هـ.ق، ح1409

78

هل يجوز على النبي صلى الله عليه وآله وسلمج- الشبهة الثالثة:1الخطأ في ما يوحى إليه؟

الجواب: إن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ال يخطئ في ما يوحى إليه، وال يلتبس عليه األمر قط، فالنبي صلى الله عليه وآله وسلم كان عندما

صل بجانب روحه يوحى إليه يكشف عنه الغطاء، فيرى الواقعية في ما يت الملكوتي، منقطعا عن صوارف المادة، فيلمس حينذاك تجليات وإشراقات نورية تغشاه من عالم الملكوت, لينصرف بكليته إلى لقاء روح الله وتلقي

كلماته، فيرى حقيقة الحق النازل عليه بشعور واع وبصيرة نافذة, كمن يرى الشمس في وضح النهار، ال يحتمل خطأ في إبصاره، وال التباسا في ما يعيه. وهكذا الوحي، إذ لم يكن فكرة نابعة من داخل الضمير, ليحتمل الخطأ في ترتيب مقدمات استنتاجها، أو إبصارا من بعيد, ليتحمل التباسا

في االنطباق، بل هي مشاهدة حقيقة حاضرة بعين نافذة، فاحتمال الخطأفيه مستحيل.

عن زرارة بن أعين قال: قلت ألبي عبد الله عليه السالم: كيف لم يخف رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في ما يأتيه من قبل الله أن يكون

مما ينزغ به الشيطان؟ فقال عليه السالم: "إن الله إذا اتخذ عبدا رسوال أنزل عليه السكينة والوقار، فكان الذي يأتيه من قبل

, أي: يجعله في وضح الحق، ال غبار عليه2الله مثل الذي يراه بعينه"أبدا، فيرى الواقع ناصعا جليا ال يشك وال يضطرب في رأيه وال في عقله.

ومن األدلة القرآنية على ذلك: ، حيث3﴾سنقرؤك فال تنسى﴿- عهد الله تعالى لنبيه بالرعاية والحفظ:

كان صلى الله عليه وآله وسلم في بدء نزول القرآن يخشى أن يفوته شيء، فكان يساوق جبرائيل عليه السالم في ما يلقي عليه كلمة بكلمة،

فنهي عن ذلك: ك به لسانك لتعجل به * إن علينا جمعه ﴿ ال تحر

.131-117, 109-108، ص1انظر: معرفة، التمهيد في علوم القرآن، م.س، ج 1 العياشي، محمد بن مسعود: تفسير العياشي، تحقيق وتصحيح وتعليق هاشم الرسولي المحالتي، الط، 2

.201، ص106، تفسير سورة سورة يوسف، اآلية، ح2طهران، المكتبة العلمية اإلسالمية، الت، ج.6سورة األعلى، اآلية: 3

79

وال﴿، و1﴾وقرآنه * فإذا قرأناه فاتبع قرآنه * ثم إن علينا بيانهب زدني تعجل بالقرآن من قبل أن يقضى إليك وحيه وقل ر

.2﴾علما

لنا الذكر وإنا له لحافظون﴿- قوله تعالى: ، فإنه يقطع3﴾إنا نحن نزأي احتمال للدس والتزوير في نصوص القرآن الكريم.

- استحالة تلبيس إبليس وتدخله في ما يوحى إلى النبي صلى الله عليهوآله وسلم, وجعل تسويالته الشيطانية في صورة

وحي يلتبس على النبي صلى الله عليه وآله وسلم أمرها، فيظنها وحيا, ألن الشيطان ال يستطيع االستحواذ على عقلية رسل الله وعباده

، ومتناف مع قوله4﴾إن عبادي ليس لك عليهم سلطان﴿المكرمين: ،5﴾ولو تقول علينا بعض األقاويل * ألخذنا منه باليمين﴿تعالى:

وما ينطق عن الهوى * إن هو إال وحي يوحى *﴿وقوله تعالى: وما﴿، وقوله تعالى - حكاية عن قول إبليس -: 6﴾علمه شديد القوى

أن دعوتكم فاستجبتم لي .7﴾كان لي عليكم من سلطان إال

أضف إلى ذلك أن هذا الخطأ المحتمل في تلقي الوحي وتبليغه إلى الناس متناف مع قاعدة اللطف اآلنفة الذكر، ومتناقض مع حكمته تعالى في بعث

األنبياء عليهم السالم.

.19-16سورة القيامة، اآليات: 1.114سورة طه، اآلية: 2.9سورة الحجر، اآلية: 3.65سورة اإلسراء، اآلية: 4.45-44سورة الحاقة، اآليتان: 5.5-3سورة النجم، اآليات: 6.22سورة إبراهيم، اآلية: 7

80

األفكار الرئيسة - الوحي صلة وصل بين الله تعالى وخلقه, يكشف لهم من خالله عن1

المعارف اإللهية والحقائق الربانية الالزمة لرفع االختالف الحاصلبالفطرة، والوصول إلى سعادة النوع اإلنساني.

ة أخرى معنوية2 ته المادية الظاهرة شخصي - يمتلك اإلنسان وراء شخصي باطنة، من شأنها أن تتيح له االرتباط بعالم معنوي أعلى مجرد عن المادة

ولوازمها.

- الوحي إدراك خاص مختلف عن سائر اإلدراكات البشرية المشتركة بين3 كافة أفراد البشر والمتحصلة عن طريق الحس أو العقل أو الغريزة أو

الوجدان، يوجده الله تعالى في أنبيائه عليهم السالم إيجادا ال يعتريه لبسأو شك أو خطأ، وال يحتاجون فيه إلى إعمال نظر أو توسل دليل...

- الوحي مختص باألنبياء عليهم السالم, وقد انقطع بعد رحيل خاتم4النبيين محمد صلى الله عليه وآله وسلم.

- من كتاب الوحي: اإلمام علي بن أبي طالب عليه السالم, وأبي بن5كعب األنصاري، وزيد بن ثابت...

- من الشبهات المثارة حول الوحي: هو عبارة عن إلهامات روحية تنبعث6 من داخل نفس النبي صلى الله عليه وآله وسلم! من أين عرف النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه مبعوث! هل يجوز على النبي صلى الله

عليه وآله وسلم الخطأ في ما يوحى إليه؟

81

فكر وأجب- أجب بـ )صح( أو )خطأ(:1

- ينسجم الوحي مع العقل وال ينسجم مع الفطرة.- يمكن تبرير إمكانية وقوع الوحي من طريق الشرع ال العقل.

- ال يحتاج النبي عليه السالم في تلقي الوحي إلى إعمال نظر أو إقامةدليل.

- أجب باختصار:2- هل يوجد ضرورة للوحي في حياة اإلنسان؟- كيف يعرف النبي عليه السالم أنه مبعوث؟

- هل يمكن أن يخطأ النبي عليه السالم في ما يوحى إليه؟

82

مطالعة

1بطالن دعوى كتابة معاوية للوحي

إن الناس يشبه عليهم أمر معاوية بأن يقولوا كان كاتب الوحي، وليس ذاك بموجب له فضيلة, وذلك أنه قرن في ذلك إلى عبد الله بن سعد بن أبي

سرح، فكانا يكتبان له الوحي، وهو الذي قال: سأنزل مثل ما أنزل الله... فكان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يملي عليه: والله غفور رحيم،

فيكتب: والله عزيز حكيم، ويملي عليه: والله عزيز حكيم، فيكتب: والله عليم حكيم، فيقول له النبي صلى الله عليه وآله وسلم هو واحد. فقال

عبد الله بن سعد: إن محمدا ال يدري ما يقول. إنه يقول، وأنا أقول غير ما يقول، فيقول لي: هو واحد، هو واحد. إن جاز هذا, فإني سأنزل مثل ما

ومن قال سأنزل مثل ما أنزل﴿أنزل الله. فأنزل الله فيه: ، فهرب وهجا النبي صلى الله عليه وآله وسلم. فقال النبي2﴾الله...

صلى الله عليه وآله وسلم: من وجد عبد الله بن سعد بن أبي سرح ولو كان متعلقا بأستار الكعبة, فليقتله، وإنما كان النبي صلى الله عليه وآله

وسلم يقول له في ما يغيره هو واحد، هو واحد, ألنه ال ينكتب ما يريده عبد الله، إنما ينكتب ما كان يمليه، فقال: هو واحد غيرت أم لم تغير، لم ينكتب

ما تكتبه، بل ينكتب ما أمليه عن الوحي وجبرائيل يصلحه.

وفي ذلك داللة للنبي صلى الله عليه وآله وسلم, ووجه الحكمة في استكتابه صلى الله عليه وآله وسلم الوحي معاوية وعبد الله بن سعد، وهما عدوان له صلى الله عليه وآله وسلم: هو أن المشركين قالوا: إن

محمدا يقول هذا القرآن من تلقاء نفسه، ويأتي في كل حادثة بآية يزعم أنها أنزلت عليه، وسبيل من يضع الكالم في حوادث، يحدث في بعض

األوقات أن يغير عليه األلفاظ عن حاله األولى لفظا ومعنى أو لفظا دونمعنى، فاستعان في كتابة ما ينزل عليه في الحوادث الواقعة

انظر: الشيخ الصدوق، معاني األخبار، م.س، باب معنى استعانة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم 1.348-346، ص1بمعاوية في كتابة الوحي، ح

.93سورة األنعام، اآلية: 2

83

بعدوين له في دينه، عدلين عند أعدائه, ليعلم الكفار والمشركون أن كالمه في ثاني األمر كله في األول غير مغير، وال مزال عن جهته, فيكون أبلغ

ين، مثل: سلمان، وأبي ذر، للحجة عليهم، ولو استعان في ذلك بولي وأشباههما, لكان األمر عند أعدائه غير واقع هذا الموقع، وكانت تتخيل فيه

التواطؤ والتطابق. فهذا وجه الحكمة في استكتابهما واضح بين.

84

مصادر الدرس ومراجعه- القرآن الكريم.112-112، ص2- الطباطبائي، الميزان في تفسير القرآن، ج2.106-96- الطباطبائي، القرآن في اإلسالم، ص3فإذا سويته ونفخت فيه4 ﴿- ابن بابويه، التوحيد، باب معنى قوله عز وجل:

، ح وحي... .172، ص6﴾من ر.131-108، 93-90، ص1- معرفة، التمهيد في علوم القرآن، ج5، الخطبة1- الشريف الرضي، نهج البالغة، شرح محمد عبده، ج6

.228، ص235، الخطبة2, ج157)القاصعة(، ص192 ،1، كتاب العقل والجهل، باب اختالف الحديث، ح1- الكليني، الكافي، ج7

.241، ص 5, كتاب الحجة، باب فيه ذكر الصحيفة...، ح 64ص.211- الهاللي، كتاب سليم بن قيس، ص8.362-358، 341-340، ص2- ابن سعد، الطبقات الكبرى، ج9

.493-490، 182-180- العسقالني، اإلصابة، ص10 ،25، الخطبة1- الشريف الرضي، نهج البالغة، شرح ابن أبي الحديد، ج11.338ص.445-444- الحلي، كشف المراد في شرح تجريد االعتقاد، ص12.328، ص85- البرقي، المحاسن، كتاب العلل، ح13.157-156، ص78- تفسير اإلمام العسكري عليه السالم, ح14

85

، ص106، تفسير سورة يوسف، ح2- العياشي، تفسير العياشي، ج15201.

،8, ج 251، ص 1، ح 7، باب 5- الصفار، بصائر الدرجات، م. س، ج 16.388، ص 2 – 1، ح 1باب

86

(1الدرس الخامس: نزول القرآن )

موضوعات الدرس:- معنى النزول.1- األقوال في نزول القرآن.2- فوائد النزول التدريجي.3- تعريف أسباب النزول.4- الفرق بين سبب النزول وشأن النزول.5- فوائد معرفة أسباب النزول.6- مدى اعتبار أحاديث أسباب النزول؟7

أهداف الدرس:- تعزيز االرتباط الوجداني والفكري والمعرفي بالقرآن الكريم.1- معرفة معنى نزول القرآن وأسباب النزول.2- معرفة فوائد أسباب النزول ومدى اعتبارها في التفسير.3

87

88

- معنى النزول:1 النون والزاء والالم كلمة صحيحة تدل على هبوط شيء"

. و"الفرق بين1"ووقوعه... والتنزيل ترتيب الشيء ووضعه منزلهنزيل يختص بالموضع نزيل في وصف القرآن والمالئكة: أن الت اإلنزال والت، فمما ذكر ة بعد أخرى، واإلنزال عام قا، ومر الذي يشير إليه إنزاله مفر

نزيل قوله: وح األمين * على قلبك...﴿فيه الت ...)ومما2﴾نزل به الر.4"3﴾إنا أنزلناه في ليلة القدر﴿ذكر فيه اإلنزال وأريد به الدفعة(:

- األقوال في نزول القرآن:2، أبرزها:5ذكر في نزول القرآن عدة أقوال

وهو قول المشهور من العلماء والمفسرين، ومفاده:أ- القول األول: أن القرآن نزل إلى السماء الدنيا ليلة القدر جملة واحدة، ثم نزل بعد ذلك

منجما مدة إقامة النبي

.417، مادة"نزل"، ص5 ابن فارس، معجم مقاييس اللغة، م.س، ج1.194-193 سورة الشعراء، اآليتان: 2.1 سورة القدر، اآلية: 3.800-799 األصفهاني، مفردات ألفاظ القرآن، م.س، مادة"نزل"، ص4، ص1 األقوال األربعة األولى ذكرها السيوطي في كتابه اإلتقان. انظر: السيوطي، اإلتقان، م.س، ج5

. والقول الرابع ذكره العالمة السيد الطباطبائي قدس سره في تفسيره الميزان. انظر:146-149.18-15، ص2السيد الطباطبائي، الميزان في تفسير القرآن، م.س، ج

89

اس أنه قال: صلى الله عليه وآله وسلم بمكة بعد البعثة، فعن ابن عب "أنزل القرآن في ليلة القدر جملة واحدة إلى سماء الدنيا

له على رسول صلى الله وكان بمواقع النجوم وكان الله ينز.1عليه وآله وسلم بعضه في إثر بعض"

وقد تعرضت مجموعة من الروايات لنزول القرآن إلى السماء الدنيا، فأشار بعضها لنزول القرآن إلى السماء الرابعة، وبعضها اآلخر لنزوله إلى

البيت المعمور أو إلى بيت العزة وهو في السماء الرابعة. ولكنها لم توضح حقيقة المراد من السماء الدنيا أو السماء الرابعة أو البيت المعمور أو بيت

.2العزة

نزل إلى السماء الدنيا في ليلة القدر ما قدر اللهب- القول الثاني: إنزاله في هذه السنة، ثم نزل بعد ذلك منجما طيلة السنة. وهكذا كل سنة

حتى رحيله صلى الله عليه وآله وسلم.

ج- القول الثالث: ابتدأ إنزاله في ليلة القدر، ثم نزل بعد ذلك منجمافي أوقات مختلفة حتى رحيله صلى الله عليه وآله وسلم.

أنه نزل من اللوح المحفوظ جملة واحدة، وأند- القول الرابع: الحفظة نجمته على جبريل في عشرين ليلة، وأن جبريل نجمه على النبي

اس قال: "نزلصلى الله عليه وآله وسلم في عشرين سنة، فعن ابن عب القرآن جملة واحدة من عند الله من اللوح المحفوظ إلى

فرة مته الس ماء الدنيا، فنج فرة الكرام الكاتبين في الس السمه جبريل على النبي صلى الله على جبريل عشرين ليلة، ونج

.3عليه وآله وسلم عشرين سنة"

التفريق بين اإلنزال والتنزيل: وهو ما ذهب إليههـ- القول الخامس: العالمة الطباطبائي قدس سره، حيث أفاد: "أن اإلنزال دفعي والتنزيل

وقرآنا فرقناه لتقرأه على الناس على﴿تدريجي... فقوله تعالى: لناه تنزيال ، ظاهر في نزوله تدريجا 4﴾مكث ونز

النيسابوري، أبو عبدالله: المستدرك على الصحيحين، إشراف سورة يوسف، اآلية عبد الرحمن1.530، ص1، تفسير سورة إنا أنزلناه، ح2المرعشلي، الط، الم، الن، الت، ج

,629-628، ص6، كتاب فضل القرآن، باب النوادر، ح2 انظر: الشيخ الكليني، الكافي، م.س، ج2.223، ص9, ح222، ص7، كتاب التفسير، ح2النيسابوري، المستدرك على الصحيحين، م.س، ج

.119، ص1 السيوطي، اإلتقان في علوم القرآن، م.س، ج3.106 سورة اإلسراء، اآلية: 4

90

في مجموع مدة الدعوة, وهي ثالث وعشرون سنة تقريبا، والمتواتر من التاريخ يدل على ذلك، ولذلك ربما استشكل عليه بالتنافي )مع آيات أخرى

يستفاد من مجموعها نزول القرآن في ليلة القدر(. والذي يعطيه التدبر في آيات الكتاب...: أن اآليات الناطقة بنزول القرآن في شهر رمضان أو

في ليلة منه إنما عبرت عن ذلك بلفظ اإلنزال الدال على الدفعة دون﴾شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن...التنزيل, كقوله تعالى: ﴿1،

باركةوقوله تعالى: ﴾إنا أنزلناه في ليلة م ﴿إنا، وقوله تعالى: 2﴿ ... وبالجملة، فإن المتدبر في اآليات القرآنية ال3﴾أنزلناه في ليلة القدر

يجد مناصا عن االعتراف بداللتها على كون هذا القرآن المنزل على النبي صلى الله عليه وآله وسلم تدريجا متكئا على حقيقة متعالية عن أن تدركها

أبصار عقول العامة أو تتناولها أيدي األفكار المتلوثة بألواث الهوسات وقذارات المادة، وأن تلك الحقيقة أنزلت على النبي صلى الله عليه وآله

.4وسلم إنزاال، فعلمه الله بذلك حقيقة ما عناه بكتابه

- فوائد النزول التدريجي:3 إن نزول القرآن منجما طيلة مدة البعثة النبوية الشريفة يحمل في طياته

فوائد وآثارا بالغة األهمية, ما كانت لتترتب لو نزل دفعة واحدة فقط. ومنهذه الفوائد واآلثار:

أ- رد القرآن على اعتراض الكفار على النبي صلى الله عليه وآله وسلم.ل عليه القرآن جملة﴿قال تعالى: وقال الذين كفروا لوال نز

.5﴾واحدة كذلك لنثبت به فؤادك ورتلناه ترتيال

ب- في النزول التدريجي تثبيت للنبي صلى الله عليه وآله وسلم ومواساةلقلبه الشريف، وكذلك للمؤمنين

.185 سورة البقرة، اآلية: 1.3 سورة الدخان، اآلية: 2.1 سورة القدر، اآلية: 3.18-15، ص2 انظر: السيد الطباطبائي، الميزان في تفسير القرآن، م.س، ج4.32سورة الفرقان، اآلية: 5

91

ون﴿من باب أولى. قال تعالى: فال يحزنك قولهم إنا نعلم ما يسر.1﴾وما يعلنون

ج- إن نزول المعارف الدينية بشكل تدريجي تتيح للناس أن ينظموا شؤون حياتهم الفردية واالجتماعية وفقا له، ويصلوا من خالل ذلك إلى مرحلة

﴿الكمال. وهذا من أفضل أساليب التعليم والتربية. قال تعالى: وقرآنالناه تنزيال .2﴾فرقناه لتقرأه على الناس على مكث ونز

د- أتاح النزول التدريجي الفرصة للصحابة لكي يحفظوا آياته بسهولة. وهذا ما أدى إلى المساهمة في تفويت الفرصة على أعداء الدين الذين أعدوا

العدة لتحريف القرآن وإطفاء نور الهداية اإللهية.

- تعريف أسباب النزول:4 إن كثيرا من السور واآليات لها نوع ارتباط لجهة نزولها بالحوادث والوقائع

التي حدثت خالل مدة البعثة، أو بحاجات تتطلب إيضاح أحكام اإلسالم وقوانينه. وهذه األمور التي أوجبت نزول السور واآليات تسمى أسباب

النزول. وتقسم آيات القرآن وسوره من حيث أسباب نزولها، إلى قسمين: اآليات والسور التي لها سبب عام: وهي خصوص اآلياتأ- األول:

والسور التي نزلت من غير سبب خاص، وتحتوي على المعارف واألحكاماإللهية الحقة المتعلقة بهداية الناس في دنياهم وآخرتهم.

: اآليات والسور التي لها سبب خاص: وهي خصوص اآلياتب- الثاني والسور التي نزلت في حوادث وقضايا حصلت طيلة مدة بعثة الرسول

صلى الله عليه وآله وسلم, أو سألها الناس الرسول صلى الله عليه وآله ،3﴾ويسألونك عن ذي القرنين﴿وسلم, من قبيل قوله تعالى:

ويسألونك عن﴿

.76 سورة يس، اآلية: 1.106 سورة اإلسراء، اآلية: 2.83 سورة الكهف، اآلية: 3

92

وح اعة﴿، 1﴾الر ، وسورة الكوثر.2﴾يسألونك عن الس

ومن الواضح أن لمعرفة سبب النزول تأثير بارز في فهم المراد من اآلية من خالل معرفة مصداقها وخصائصه. ومن هنا، فقد اهتم العلماء

والمفسرون بجمع روايات أسباب النزول، وإفرادها ضمن دراسات مستقلة. ويرى جالل الدين السيوطي أن أقدم كتاب ألف في هذا المجال

)السيوطي( هو كتاب علي بن المديني، أستاذ البخاري. وألف هو نفسه.3""لباب النقول في أسباب النزولكتابا اسماه

- الفرق بين سبب النزول وشأن النزول:5 يكمن الفرق بينهما في: أن أسباب النزول تعالج مشكلة حاضرة ـ سواء

أكانت حادثة أبهم أمرها، أم مسألة خفي وجه صوابها، أم واقعة ضل سبيل مخرجها ـ فنزلت اآلية لتعالج شأنها وتضع حال لمشكلتها. وهذا أخص من

شأن النزول, ألن الشأن أعم موردا من السبب، وهو األمر الذي نزل القرآن ليعالج شأنه بيانا وشرحا، أو اعتبارا بمواضع اعتباره, كما في أكثرية

قصص الماضين واإلخبار عن أمم سالفين..., فنزل القرآن ليعالج هذه الجوانب. فالفارق بين السبب والشأن ـ اصطالحا ـ أن األول يعني: مشكلة حاضرة لحادثة عارضة، والثاني: مشكلة أمر واقع، سواء أكانت حاضرة أم

.4غابرة

- فوائد معرفة أسباب النزول:6 إن لمعرفة أسباب النزول فوائد جمة لها بالغ األثر في فهم القرآن الكريم

وتفسيره ومعرفة مقاصده، ومن هذه الفوائد:أ- معرفة وجه الحكمة الباعثة على تشريع الحكم.

.85 سورة اإلسراء، اآلية: 1.42 سورة النازعات، اآلية: 2 , السيد الطباطبائي، القرآن في اإلسالم،87، ص1 انظر: السيوطي، اإلتقان في علوم القرآن، م.س، ج3

.133م.س، ص.268-267، ص1 انظر: معرفة، التمهيد في علوم القرآن، م.س، ج4

93

ب- معرفة اآليات المكية، واآليات المدنية.ج- دفع توهم الحصر، من خالل معرفة دائرة الحكم.د- معرفة اسم النازل فيه اآلية وتعيين المبهم فيها.

هـ- الوقوف على المعنى وإزالة اإلشكال، فال يمكن تفسير اآلية من دون الوقوف على أسباب نزولها. فبيان سبب النزول طريق قوي في فهم

ولله المشرق والمغرب فأينما﴿معاني القرآن. ففي قوله تعالى: ، لو تركنا ومدلول اللفظ, القتضى الظهور أنه1﴾تولوا فثم وجه الله...

ال يجب على المصلي استقبال القبلة أثناء صالته, سواء في السفر أم في الحضر, وهو خالف اإلجماع، فلما عرف سبب نزولها, علم أنها نازلة

.2بخصوص نافلة السفر

- عمومية اللفظ أم خصوصية السبب؟7 اختلف علماء أصول الفقه في عموم روايات أسباب النزول أم اختصاصها

بمن نزلت فيهم؟ والمشهور بينهم - وهو الصحيح - أن النص القرآني يحمل معنى عاما وشامال، فإن كان لآلية معنى عام، فهي ال تنحصر في.3إطار األفراد المعنيين، بل تشمل الجميع، حتى وإن كان لها سبب خاص

فلو انحصر مفاد اآليات بأسباب نزولها، ألدى ذلك إلى فقدان مجموعة كبيرة من آيات القرآن تطبيقاتها، ولغدا القرآن كتابا خاصا بمجموعة قليلة

من الماضين فقط.

ومن هنا، فإن حكم اآلية التي نزلت في سبب أو حادثة معينة بحق فرد أو أفراد معينين، ال ينحصر في مناسبة نزولها فقط، بل ينطبق على جميع

الموارد التي

.115 سورة البقرة، اآلية: 1.89-87، ص1 انظر: السيوطي، اإلتقان، م.س، ج2 انظر: م. ن3

94

تشترك في خصوصياتها مع مورد نزول اآلية. وهذه الخصوصية هي التي.1""االنطباق" والجريتسمى في الروايات بـ "

سأل الفضيل بن يسار اإلمام أبا جعفر الباقر عليه السالم عن الحديث المعروف: ما من آية إال ولها ظهر وبطن، وما فيه حرف إال وله حد يطلع

)ومطلع(، ما يعني بقوله: لها ظهر وبطن؟ قال عليه السالم: "ظهر وبطن هو تأويلها, منه ما قد مضى، ومنه ما لم يجئ، يجري كما تجري الشمس

والقمر، كلما جاء فيه تأويل شيء منه, يكون على األموات, كما يكون علىاسخون فياألحياء، كما قال الله تعالى: الله والر ﴿...يعلم تأويله إال

، ونحن نعلمه"العلم. ..﴾2.

وعنه عليه السالم - أيضا -: "ولو أن اآلية نزلت في قوم، ثم مات أولئك القوم ماتت اآلية ولما بقي من القرآن شيء، ولكن القرآن يجري أوله على آخره ما دامت السماوات واألرض، ولكل قوم آية يتلونها، هم منها

.3من خير أو شر"

وتجدر اإلشارة إلى أن بعض المفسرين ومن كتبوا في أسباب النزول، قالوا بتعدد أسباب النزول مع وحدة النزول أحيانا، وبوحدة السبب مع

.4تتعدد اآليات النازلة فيه أحيانا أخرى

- مدى اعتبار أحاديث أسباب النزول؟8 أ- المشكلة: إن روايات أسباب النزول بلغت حدا ناهزت فيه عدة آالف رواية، معظمها ضعيف السند أو مرسل، وفيه مشاكل لناحية أن بعض

الرواة لم يعرفوا ارتباط نزول اآليات بموارد الحوادث والوقائع, مشافهة وتحمال وحفظا، بل يحكون القصة، ثم يربطون بها اآليات المناسبة لها من

ناحية المعنى. وفي

, السيد السيد42-41، ص1 انظر: السيد الطباطبائي، الميزان في تفسير القرآن، م.س، ج1.60-59الطباطبائي، القرآن في اإلسالم، م.س، ص

.223، ص2، ح10، باب4 الصفار، بصائر الدرجات، م. س، ج2.10، ص7، باب في ما أنزل القرآن، ح1 العياشي، تفسير العياشي، م.س، ج3.103-97، ص1 انظر: الزرقاني، مناهل العرفان في علوم القرآن، م.س، ج4

95

النتيجة، يكون سبب النزول في الحديث المذكور سببا نظريا واجتهاديا، ال سببا مستفادا عن طريق المشاهدة والضبط. هذا فضال عن وجود تناقض واضح في بعض الروايات التي تنقل حوادث وأسبابا يناقض بعضها البعض

اآلخر، وال طريق للجمع بينها، أو أن بعض الروايات تروي عن شخص واحدعدة أسباب للنزول نازلة في آية واحدة.

ومن هنا، فإن ورود هذه األسباب المتناقضة والمتهافتة للنزول يرجع: إما إلى كون هذه األسباب المنقول أسبابا نظرية اجتهادية وليست نقلية

محضة، وإما إلى أن جميع الروايات أو بعضها مدسوس ومجعول، وال سيما إذا أخذنا بعين االعتبار إجراءات التشديد على عدم تدوين الحديث المأثور

التي بدأت بعد رحيل النبي صلى الله عليه وآله وسلم واستمرت حتى أواخر القرن األول الهجري )حوالي تسعين سنة تقريبا(, فأمام هذا الواقع كثر وضع الحديث والدس فيه ودخول اإلسرائيليات على المرويات. وأمام هذا الواقع، فإن كثيرا من األحاديث تفقد حجيتها، إال ما سلم لجهة السند

والداللة.

ب- طريق الحل: انطالقا من أهمية معرفة أسباب النزول في فهم اآلية ومدلولها، كان ال بد من إيجاد حل عملي للمشاكل المتقدم ذكرها، حيث

إن بعض روايات أسباب النزول من دون أدنى شك فيه فائدة مهمة. ومن هنا، ينبغي وضع ضابطة معيارية في انتقاء روايات أسباب النزول، مفادها

التالي: النظر في الحديث، فإذا كان متواترا أو قطعيا، فيمكن األخذ بمفاده. وإال فنعرضه على اآلية موضع البحث، فإذا كان هناك انسجام بين

اآلية وما حولها من القرائن، وبين مفاد الحديث، عند ذلك يمكن الوثوق.1بمفاد الحديث الذي اعتبر سببا لنزول اآلية

.136-133 انظر: السيد الطباطبائي، القرآن في اإلسالم، م.س، ص1

96

األفكار الرئيسة- التنزيل: تدريجي، واإلنزال: دفعي.1 - يوجد عدة أقوال في مسألة نزول القرآن، أشهرها: أن القرآن نزل إلى2

السماء الدنيا ليلة القدر جملة واحدة، ثم نزل بعد ذلك منجما مدة إقامة النبي صلى الله عليه وآله وسلم بمكة بعد البعثة. وأصحها: أنه نزل دفعة واحدة على قلب النبي صلى الله عليه وآله وسلم في ليلة القدر، ثم نزل

منجما على قلبه صلى الله عليه وآله وسلم طيلة سنوات بعثته. - من فوائد النزول التدريجي: الرد على اعتراض الكفار، تثبيت النبي3

صلى الله عليه وآله وسلم والمؤمنين... - سبب النزول: مشكلة حاضرة لحادثة عارضة، وشأن النزول: مشكلة4

أمر واقع. - من فوائد معرفة أسباب النزول: معرفة وجه الحكمة في التشريع،5

معرفة المكي والمدني...- العبرة بعموم اللفظ ال بخصوصية السبب.6 - ضابطة األخذ بروايات أسباب النزول: األخذ بالروايات المتواترة أو7

القطعية، وبأخبار اآلحاد المحفوفة بالقرائن القطعية والمتناسبة مع لساناآلية مورد النزول.

97

فكر وأجب

- أجب بـ "صح" أو "خطأ":1- خصوص السبب ال يخصص عموم لفظ اآلية.

- سبب النزول يعالج مشكلة أمر واقع, سواء أكانت الحادثة حاضرة أمماضية.

- ال يمكن األخذ من روايات أسباب النزول إال بما كان منها قطعيا أومتواترا فقط.

- أجب باختصار:2- عدد أبرز األقوال في نزول القرآن الكريم، مبينا أشهرها وأصحها؟

- اذكر فوائد النزول التدريجي للقرآن؟- اذكر فوائد معرفة أسباب النزول؟

98

مطالعة

1من روايات أسباب النزول

ما رواه محمد بن إسحاق بإسناده عن سعيد بن جبير، وعكرمة، عن ابن عباس: أن النضر بن الحرث بن كلدة، وعقبة بن أبي معيط، أنفذهما

قريش إلى أحبار اليهود بالمدينة، وقالوا لهما: سالهم عن محمد صلى الله عليه وآله وسلم, وصفا لهم صفته، وخبراهم بقوله، فإنهم أهل الكتاب

األول، وعندهم من علم األنبياء عليهم السالم ما ليس عندنا. فخرجا حتى قدما المدينة، فسأال أحبار اليهود عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم,

وقاال لهم ما قالت قريش، فقال لهما أحبار اليهود: إسألوه عن ثالث، فإن أخبركم بهن, فهو نبي مرسل، وإن لم يفعل, فهو رجل متقول، فرأوا فيه

رأيكم: سلوه عن فتية ذهبوا في الدهر األول, ما كان أمرهم؟ فإنه قد كان لهم حديث عجيب. وسلوه عن رجل طواف, قد بلغ مشارق األرض

ومغاربها, ما كان نبؤه.

وسلوه عن الروح ما هو. - وفي رواية أخرى، فإن أخبركم عن الثنتين، ولم يخبركم بالروح, فهو نبي. فانصرفا إلى مكة، فقاال: يا معاشر قريش! قد

جئناكم بفصل ما بينكم، وبين محمد صلى الله عليه وآله وسلم. وقصا عليهم القصة. فجاؤوا إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم, فسألوه، فقال: أخبركم بما سألتم عنه غدا، ولم يستثن، فانصرفوا عنه، فمكث

صلى الله عليه وآله وسلم, خمس عشرة ليلة، ال يحدث الله إليه في ذلكوحيا، وال يأتيه جبرائيل عليه السالم,

حتى أرجف أهل مكة، وتكلموا في ذلك، فشق على رسول الله صلى اللهعليه وآله وسلم, ما يتكلم به أهل مكة عليه،

ثم جاءه جبرائيل عليه السالم, عن الله سبحانه، بسورة الكهف، وفيها ماسألوه عنه, عن أمر الفتية، والرجل الطواف،

وح من أمر ربي وما﴿وأنزل عليه: وح قل الر ويسألونك عن الر قليال .2﴾أوتيتم من العلم إال

.314-313، ص6 انظر: الطبرسي، مجمع البيان في تفسير القرآن، م.س، ج1.85 سورة اإلسراء، اآلية: 2

99

مصادر الدرس ومراجعه- القرآن الكريم.1.417، ص5- ابن فارس، معجم مقاييس اللغة، ج2.800-799- األصفهاني، مفردات ألفاظ القرآن، ص314-146، 119، 91-87، ص1- السيوطي، اإلتقان، ج4-15، ص2, ج42-41، ص1- الطباطبائي، الميزان في تفسير القرآن، ج5

18. ، تفسير سورة إنا أنزلناه،2- النيسابوري، المستدرك على الصحيحين، ج6.223، ص9, ح222، ص7, كتاب التفسير، ح530، ص1ح-628، ص6، كتاب فضل القرآن، باب النوادر، ح2- الكليني، الكافي، ج7

629..136-133، 60-59- الطباطبائي، القرآن في اإلسالم، ص8.268-267، ص1- معرفة، التمهيد في علوم القرآن، ج9

.223، ص2، ح10، باب4- الصفار، بصائر الدرجات، ج10.10، ص7، باب في ما أنزل القرآن، ح1- العياشي، تفسير العياشي، ج11.103-97، ص1- الزرقاني، مناهل العرفان في علوم القرآن، ج12

100

(2الدرس السادس: نزول القرآن )

موضوعات الدرس:- أول ما نزل من القرآن.1- آخر ما نزل من القرآن.2- معنى اآلية في القرآن.3

أهداف الدرس:- تعزيز االرتباط الوجداني والفكري والمعرفي بالقرآن الكريم.1- معرفة أول ما نزل من القرآن، وآخر ما نزل منه.2- معرفة معنى اآلية في القرآن وخصائصها.3

101

102

- أول ما نزل من القرآن:1ذكرت أقوال عدة في تحديد أول ما نزل من القرآن، أبرزها التالي:

نزول أول سورة العلق على النبي صلى الله عليه وآلهأ- القول األول: "...فلماوسلم , وهو في غار حراء: فعن اإلمام الهادي عليه السالم:

استكمل أربعين سنة، نظر الله عز وجل إلى قلبه، فوجده أفضل القلوب وأجلها، وأطوعها وأخشعها وأخضعها، فأذن

ألبواب السماء ففتحت... ثم هبط إليه )جبرائيل عليه السالم(، وأخذ بضبعه وهزه وقال: يا محمد اقرأ. قال: وما أقرأ؟ قال:اقرأ باسم ربك الذي خلق * خلق اإلنسان من علق* ﴿يا محمد

اقرأ وربك األكرم * الذي علم بالقلم * علم اإلنسان ما لم" . وعن اإلمام الصادق عليه السالم: "أول ما نزل على1﴾يعلم

حمن بسم الله الر ﴿رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:إذا , وآخر ما نزل عليه: حيم * اقرأ باسم ربك الذي خلق ﴿الر ﴾

" .2﴾جاء نصر الله

أول سورة المدثر: روي عن ابن سلمة: سألت جابرب- القول الثاني: ﴾,يا أيها المدثر﴿بن عبد الله األنصاري: أي القرآن أنزل قبل؟ قال:

﴾؟ قال: أحدثكم ما حدثنا به رسول الله صلىاقرأ باسم ربك﴿قلت: أو الله عليه وآله وسلم, قال صلى الله عليه وآله وسلم: "إني جاورت بحراء،

فلما

.158-157، ص78انظر: تفسير اإلمام العسكري عليه السالم, م.س، ح 1.628، ص5، كتاب فضل القرآن، باب النوادر، ح2الشيخ الكليني، الكافي، م.س، ج 2

103

قضيت جواري نزلت فاستبطنت الوادي، فنظرت أمامي وخلفي وعن يميني وشمالي... فنظرت فوقي، فإذا هو )أي جبرائيل عليه السالم( قاعد على عرش بين السماء واألرض، فجئت منه، فأتيت منزل خديجة، فقلت:

. وعن جابر بن1﴾"يا أيها المدثر * قم فأنذر﴿دثروني، فأنزل الله: عبدالله األنصاري - أيضا - قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله

وسلم يحدث عن فترة الوحي، قال: "فبينما أنا أمشي إذ سمعت هاتفا من السماء، فرفعت رأسي فإذا الملك الذي جاءني بحراء جالسا على كرسي

بين السماء واألرض، فجئثت منه فرقا ـ أي فزعت ـ فرجعت، فقلت:روني، فأنزل الله تبارك وتعالى: يا أيها المدثر *﴿زملوني زملوني، فدث

جز فاهجر ر * والر ﴾ وهيقم فأنذر * وربك فكبر * وثيابك فطه.2األوثان. قال صلى الله عليه وآله وسلم: ثم تتابع الوحي"

ومن خالل الجمع بين روايتي جابر بن عبدالله األنصاري يتبين أنه التبس عليه األمر في هذه المسألة فظن أن أولى آيات سورة المدثر هي أول ما

نزل من القرآن، والصحيح - بقرينة روايته الثانية - أنها أول ما نزل من القرآن بعد فترة انقطاع خصوص الوحي القرآني عن النبي صلى الله عليه

وآله وسلم , حيث لم تنزل عليه صلى الله عليه وآله وسلم أي آية فيهذه الفترة.

سورة الفاتحة: فعن اإلمام علي بن أبي طالب عليهج- القول الثالث: : "سألت النبي عن ثواب القرآن، فأخبرني بثوابالسالم أنه قال

سورة سورة على نحو ما نزلت من السماء، فأول ما نزل عليه" اقرأ باسم ربك... ﴾بمكة فاتحة الكتاب، ثم . وتجدر اإلشارة إلى3﴿

، وال صالة4أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يصلي منذ بدء البعثة.5من دون فاتحة الكتاب

.306، ص3 انظر: ابن حنبل، مسند أحمد، م.س، ج 1 ، كتاب اإليمان،1النيسابوري، مسلم: الجامع الصحيح )صحيح مسلم(، الط، بيروت، دار الفكر، الت، ج 2

.98باب بدء الوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم, ص.212، ص10الطبرسي، مجمع البيان في تفسير القرآن، م.س، ج 3 انظر: النيسابوري، محمد بن الفتال: روضة الواعظين، تقديم محمد مهدي السيد حسن الخرسان، 4

الط، قم المقدسة، منشورات الشريف الرضي، الت، باب الكالم في مبعث نبينا محمد صلى الله عليه.52وآله وسلم, ص

انظر: اإلحسائي، ابن أبي جمهور: عوالي اللئالي، تقديم شهاب الدين النجفي المرعشي, تحقيق 5.196م، ص1983هـ.ق/ 1403، قم المقدسة، مطبعة سيد الشهداء عليه السالم, 1مجتبى العراقي، ط

104

يمكن الجمع بين الروايات الواردة في األقوالالصحيح في المسألة:الثالثة، والخلوص إلى التالي:

- أول سورة العلق نزل على النبي صلى الله عليه وآله وسلم تبشيرا ببدءالبعثة النبوية المباركة صلى الله عليه وآله وسلم.

ر نزل على النبي صلى الله عليه وآله وسلم تبشيرا - أول سورة المدثبعودة الوحي بعد فترة من االنقطاع.

- سورة الفاتحة هي أول سورة نزلت كاملة على النبي صلى الله عليهوآله وسلم, وبصفة كونها سورة من كتاب القرآن.

- آخر ما نزل من القرآن:2ذكرت أقوال عدة في تحديد آخر ما نزل من القرآن، أبرزها التالي:

سورة النصر: روي أنه لما نزلت هذه السورة قرأهاأ- القول األول: النبي صلى الله عليه وآله وسلم على أصحابه، ففرحوا واستبشروا،

وسمعها العباس فبكى. فقال صلى الله عليه وآله وسلم: ما يبكيك يا عم؟ فقال: أظن أنه قد نعيت إليك نفسك يا رسول الله. فقال: إنه لكما تقول.

. وعن اإلمام 1فعاش بعدها سنتين ما رؤي فيهما ضاحكا مستبشرا "أول ما نزل على رسول الله صلى اللهالصادق عليه السالم:

حيم * اقرأ باسم ربك حمن الر بسم الله الر ﴿عليه وآله وسلم: , وآخر ما نزل عليه: ﴾إذا جاء نصر الله ﴾الذي خلق ﴿"2.

سورة براءة: روي أن آخر سورة نزلت براءة، نزلتب- القول الثاني: في السنة التاسعة بعد عام الفتح، وحج بعدها النبي صلى الله عليه وآله

.3وسلم حجة الوداع في السنة العاشرة للهجرة

﴿واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله قوله تعالى: ج- القول الثالث:ا كسبت وهم ال يظلمون : روي أن آخر آية4﴾ثم توفى كل نفس م

﴿واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله نزلت قوله تعالى:

.467، ص10انظر: الطبرسي، مجمع البيان في تفسير القرآن، م.س، ج 1.628، ص5، كتاب فضل القرآن، باب النوادر، ح2الشيخ الكليني، الكافي، م.س، ج 2.5، ص5انظر: الطبرسي، مجمع البيان في تفسير القرآن، م.س، ج 3.281سورة البقرة، اآلية: 4

105

ا كسبت وهم ال يظلمون ، نزل بها جبرائيل1﴾ثم توفى كل نفس م .2عليه السالم, وقال: ضعها في رأس المائتين والثمانين من سورة البقرة

.3وروي أنها نزلت بمنى يوم النحر في حجة الوداع

﴿اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت قوله تعالى: د- القول الرابع: : روي عن ابن عباس أنه4﴾عليكم نعمتي ورضيت لكم اإلسالم دينا

قال: ولم ينزل بعد هذا على النبي صلى الله عليه وآله وسلم شيء منها نزلت في مرجع النبي صلى5الفرائض في تحليل وال تحريم . وروي أن

الله عليه وآله وسلم من حجة الوداع في الثامن عشر من ذي الحجة في.6غدير خم

يمكن الجمع بين الروايات الواردة في األقوالالصحيح في المسألة:األربعة، والخلوص إلى التالي:

- آخر سورة نزلت كاملة هي سورة النصر.- آخر سورة نزلت باعتبار مفتتحها هي سورة براءة.

﴾واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله...- آية: هي آخر آيات األحكام﴿نزوال.

- آية اإلكمال هي آخر آيات الوحي نزوال، فكانت إنذارا بانتهاء الوحي عليهصلى الله عليه وآله وسلم بالبالغ واألداء.

.281سورة البقرة، اآلية: 1.214، ص2انظر: الطبرسي، مجمع البيان في تفسير القرآن، م.س، ج 2.74، ص1انظر: م. ن، ج 3.3سورة المائدة، اآلية: 4.273،ص3انظر: الطبرسي، مجمع البيان في تفسير القرآن، م.س، ج 5.112، ص2اليعقوبي، أحمد بن ابي يعقوب: تاريخ اليعقوبي، الط، بيروت، دار صادر، الت، ج 6

106

- اآلية في القرآن:3 . وقد وردت هذه1أ- معنى اآلية: اآلية في اللغة هي العالمة الظاهرة

المفردة في موارد عدة من القرآن الكريم، وأريد في جميعها المعنى، منها:2اللغوي نفسه، مع مراعاة بعض الجوانب والحيثيات

ن آية بينة...- المعجزة: ﴾سل بني إسرائيل كم آتيناهم م ﴿3.

﴿وقال لهم نبيهم إن آية ملكه أن يأتيكم- العالمة الواضحة: ا ترك آل موسى وآل م بكم وبقية م التابوت فيه سكينة من رؤمنين هارون تحمله المآلئكة إن في ذلك آلية لكم إن كنتم م

وقال لهم نبيهم إن آية ملكه أن يأتيكم التابوت فيه سكينة منا ترك آل موسى وآل هارون تحمله المآلئكة إن م بكم وبقية م ر

ؤمنين .4﴾في ذلك آلية لكم إن كنتم م

ماوات واألرض واختالف- البرهان والدليل: ﴿ومن آياته خلق الس.5﴾ألسنتكم وألوانكم إن في ذلك آليات للعالمين

.6﴾﴿إن في ذلك آلية لمن خاف عذاب اآلخرة- العبرة:

﴾...وجعلناها وابنها آية للعالمين- األمر العجيب: ﴿7.

- مقطع من السورة: سواء أكان كلمة أم أكثر من كلمة, وهو المعنىلتاالصطالحي لآلية، ومن موارد استخدامه: قوله تعالى: ﴿كتاب فص

﴾تلك آيات الكتاب ، 8﴾آياته قرآنا عربيا... ﴿9.

, األصفهاني، مفردات ألفاظ168، مادة"أيي"، ص1انظر: ابن فارس، معجم مقاييس اللغة، م.س، ج 1.101القرآن، م.س، مادة"أيي"، ص

, الزرقاني، مناهل العرفان في267-266، ص1انظر: الزركشي، البرهان في علوم القرآن, م.س، ج 2.275-274، ص1علوم القرآن، م.س، ج

.211سورة البقرة، اآلية: 3.248سورة البقرة، اآلية: 4.22 سورة الروم، اآلية: 5.103سورة هود، اآلية: 6.91سورة األنبياء، اآلية: 7.3سورة فصلت، اآلية: 8.1سورة يونس، اآلية: 9

107

ب- نظم كلمات القرآن وآياته: يعد الوحي اإللهي العامل األوحد في نظم كلمات القرآن الكريم وتركيبها وصياغتها ضمن جمل وآيات، ومن القرائن

:1واألدلة على ذلكم خاص )وهو الوحي اإللهي بالنسبة - إن الزم إسناد كالم ما إلى متكل

للقرآن الكريم(، يستدعي أن يكون هو العامل األوحد والحصري في نظم كلماته وتركيبها ضمن أسلوب تعبيري خاص به. وأما إذا كان أحد غيره قام

بنظم كلماته بأسلوبه الخاص, فإن الكالم حينئذ ينسب إلى الثاني ال إلىاألول.

- إن نظم القرآن الكريم يشكل وجها من وجوه إعجازه، وقد تحدى الله ﴿قل لئن اجتمعت اإلنس والجن على أنتعالى به اإلنس والجن:

يأتوا بمثل هذا القرآن ال يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ، فلو كان ألحد غير الله تعالى يد في نظم كلمات القرآن2﴾ظهيرا

وصياغتها, الستلزم ذلك بطالن اإلعجاز والتحدي، وبالتالي إما تكذيب صاحب الوحي، وإما طرو الجهل عليه. واألول باطل بضرورة العقل

والشرع، والثاني مثله.

- اتفاق المسلمون منذ بدء نزول القرآن وإلى عصرنا الحالي على أنالنظم القرآني هو من صنع الوحي اإللهي، ال دخالة فيه لغيره تعالى.

إن المعيار في ترتيب اآليات ضمن كل سورة - علىج- ترتيب اآليات: - يكمن وفق الترتيب الموجودة عليه اآلن في القرآن الذي بين أيدينا

ترتيب نزولها، حيث كانت السورة تبتدأ ببسم الله الرحمن الرحيم،فتسجل اآليات التي تنزل

ى بعدها، واحدة تلو األخرى تدريجيا حسب النزول في السورة نفسها، حتتنزل بسملة

.279-278، ص1انظر: معرفة، التمهيد في علوم القرآن، م.س، ج 1.88سورة اإلسراء، اآلية: 2

108

. وإلى ذلك1أخرى، فيعرف أن السورة قد انتهت وابتدأت سورة أخرى تشير الروايات المأثورة، منها: ما روي عن اإلمام الصادق عليه السالم:

وإنما كان يعرف انقضاء سورة بنزول بسم الله الرحمن".2"الرحيم ابتداء ألخرى

وما روي عن ابن عباس: كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم ال يعرف . ووفقا لهذا3فصل السورة, حتى تنزل عليه بسم الله الرحمن الرحيم

المعيار جاء ترتيب اآليات ضمن السور على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بأمر منه وتحت إشرافه. وهو ما خضعت له معظم آيات

القرآن.

وهناك معيار استثنائي في نظم عدد معين من اآليات على خالف ترتيب نزولها, وذلك بنص من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وبتعيين منه

صلى الله عليه وآله وسلم وتحت إشرافه الخاص، حيث كان يأمر - أحيانا كتاب الوحي - بأمر من الوحي السماوي - بنقل آية ما، نزلت مع آيات -

أخرى، ضمن ترتيب سورة معينة, كانت قد ختمت من قبل، إلى سورة أخرى. وهذا العمل كان استثنائيا في الخروج عن ترتيب النزول، وهو يحتاج

كما تقدم إلى تصريح خاص من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم, وإلى ذلك تشير الروايات, حيث روى أحمد في مسنده عن عثمان بن أبي

العاص قال: كنت جالسا عند رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذ شخص ببصره ثم صوبه... فقال: "أتاني جبرائيل فأمرني أن أضع هذه اآلية

﴿إن الله يأمر بالعدل واإلحسان وإيتاءبهذا الموضع من هذه السورة ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم

رون ﴿واتقوا يوما. وروي أن آخر آية نزلت قوله تعالى: 5"4﴾تذك فأشار6﴾ترجعون فيه إلى الله

, السيوطي، اإلتقان في علوم257-256، ص1 انظر: الزركشي، البرهان في علوم القرآن، م.س، ج 1-281، ص1, الزرقاني، مناهل العرفان في علوم القرآن، م.س، ج170-167، ص1القرآن، م.س، ج

.284-280، ص1, معرفة، التمهيد في علوم القرآن، م.س، ج282.19، ص1العياشي، تفسير العياشي، م.س، ج 2 ، بيروت،1السجستاني، سليمان بن األشعث: سنن أبي داوود، تحقيق وتعليق سعيد محمد اللحام، ط 3

.183، ص788، ح1م، ج1990هـ.ق/ 1410دار الفكر، .90سورة النحل، اآلية: 4.218، ص4ابن حنبل، مسند أحمد، م.س، ج 5.281سورة البقرة، اآلية: 6

109

. وروي أنها آخر1جبرائيل أن توضع بين آيتي الربا والدين من سورة البقرة آية نزل بها جبرائيل عليه السالم, وقال للنبي صلى الله عليه وآله وسلم:

. وروي عن ابن2ضعها في رأس المائتين والثمانين من سورة البقرة عباس: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يأتي عليه الزمان وهو

تنزل عليه السور ذوات العدد، فكان إذا نزل عليه الشيء دعا بعض من ضعوا هذه اآليات في السورة التي يذكر فيهاكان يكتب فيقول: "

.3كذا وكذا"

د- عدد آيات القرآن وكلماته وحروفه: اختلف الباحثون في القرآن الكريم في تحديد عدد- عدد آيات القرآن:

آيات القرآن، وأرجع البعض هذا االختالف إلى أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يقف على رؤوس اآلي للتوقيف، فإذا علم محلها وصل للتمام، فيحسب السامع حينئذ أنها ليست فاصلة. وقد أجمعوا على أن عدد آيات

القرآن ستة آالف آية، ثم اختلفوا في ما زاد على ذلك على أقوال: فمنهم من لم يزد، ومنهم من قال ومائتا آية وأربع آيات، وقيل وأربع عشرة،

وقيل وست عشر، وقيل وتسع عشرة، وقيل وخمس وعشرون، وقيل سألت. وروي عن اإلمام علي عليه السالم أنه قال: "4وست وثالثون

النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن ثواب القرآن... ثم قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم... وجميع آيات القرآن ستة

.5آالف ومائتان وست وثالثون آية..."

وقع االختالف بين الباحثين في عدد كلمات- عدد كلمات القرآن: القرآن، فذكر بعضهم أنه: سبع وسبعون ألف كلمة وأربعمائة وسبع

. وقيل غير ذلك. ولعل سبب االختالف في عدد كلمات6وثالثون كلمةالقرآن راجع إلى أن للكلمة حقيقة

.171، ص1انظر: السيوطي، اإلتقان في علوم القرآن، م.س، ج 1.214، ص2انظر: الطبرسي، مجمع البيان في تفسير القرآن، م.س، ج 2.57، ص1ابن حنبل، مسند أحمد، م.س، ج 3 , السيوطي، اإلتقان في علوم القرآن،249، ص1انظر: الزركشي، البرهان في علوم القرآن، م.س، ج 4

.182، ص1م.س، ج.212، ص10انظر: الطبرسي، مجمع البيان في تفسير القرآن، م.س، ج 5.249، ص1انظر الزركشي، البرهان في علوم القرآن، م.س، ج 6

110

ومجاز، ولفظ ورسم، واعتبار كل منها جائز، وكل من العلماء اعتبر أحد ما.1هو جائز

روي عن ابن عباس أنه قال: جميع حروف- عدد حروف القرآن: القرآن ثالثمائة ألف حرف وثالثة وعشرون ألف حرف وستمائة حرف

2وواحد وسبعون حرفا ، وقيل: حروفه ثالثمائة ألف وثالثة وعشرون ألفا وخمسة عشر حرفا. وقيل: ثالثمائة ألف حرف وأحد وعشرون ألف حرف.

. 3وقيل: ثالثمائة ألف وأربعون ألف وسبعمائة وأربعون حرفا

: "سألت النبي صلى اللهوروي عن اإلمام علي عليه السالم أنه قال عليه وآله وسلم عن ثواب القرآن... ثم قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم... وجميع حروف القرآن ثالثمائة ألف وواحد

.4"وعشرون ألف ومائتان وخمسون حرفا...

.283-282، ص1انظر: الزرقاني، مناهل العرفان في علوم القرآن، م.س، ج 1.182، ص1 انظر: السيوطي، اإلتقان في علوم القرآن، م.س، ج 2.249، ص1انظر الزركشي، البرهان في علوم القرآن، م.س، ج 3.212، ص10انظر: الطبرسي، مجمع البيان في تفسير القرآن، م.س، ج 4

111

األفكار الرئيسة- أول ما نزل من القرآن: اآليات األولى من سورة العلق.1- آخر ما نزل من القرآن: آية اإلكمال.2

- اآلية في اللغة: العالمة الظاهرة. وفي االصطالح القرآني: مقطع من3السورة, سواء أكان كلمة أم أكثر.

- الوحي اإللهي هو العامل األوحد في نظم كلمات القرآن وتركيبها4وصياغتها ضمن جمل وآيات.

- المعيار في ترتيب اآليات ضمن كل سورة هو وفق ترتيب نزولها.5 وهناك معيار استثنائي في نظم عدد معين من اآليات على خالف ترتيب

نزولها, وذلك بنص من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وبتعيين منهصلى الله عليه وآله وسلم.

- يوجد اختالف في تحديد عدد آيات القرآن وكلماته وحروفه, ترجع إلى6 عوامل عدة، منها: عدم وقوف النبي صلى الله عليه وآله وسلم – - أحيانا

أثناء القراءة على رؤوس اآليات، فيحسب السامع أنها ليست فاصلة،ومنها: أن للكلمة حقيقة ومجاز ولفظ ورسم...

112

فكر وأجب

- أجب بـ "صح" أو "خطأ":1- أول ما نزل من القرآن: اآليات األولى من سورة المدثر.

- آخر ما نزل من القرآن: آية اإلكمال. - نظم كلمات القرآن الكريم ضمن جمل وآيات هو نظم توقيفي يرجع إلى

الوحي اإللهي.

- أجب باختصار:2- تكلم عن معنى اآلية في القرآن وأنحاء استخدامها فيه؟

- اذكر األقوال في تحديد آخر ما نزل من القرآن, مبينا كيفية الجمع بينها؟- هل نظم اآليات ضمن السور توقيفي أم باجتهاد من الصحابة؟

113

مطالعة

1فوائد معرفة اآليات

إن لمعرفة اآليات فوائد وآثار عدة، منها: العلم بأن كل ثالث آيات قصار معجزة للنبي صلى الله عليه وآله وسلم , كما في سورة الكوثر، وفي

حكمها اآلية المساوية لها طوال. ومنها: حسن الوقف على رؤوس اآلي عندالقراءة. ومنها:

ترتب بعض األحكام الفقهية عليها, كما في الصالة والخطبة.

2اآليات ذوات العنوان

يوجد مجموعة من اآليات التي ارتبطت بعنوان ما ورد ذكره في الروايات واشتهر تداوله بين المسلمين، فأضحى بمثابة المسمى لها، ومن هذه

اآليات ذوات العنوان: هو الحي القيوم ... وسع كرسيه﴿أ- آية الكرسي: الله ال إله إال

ماوات واألرض... .3﴾الس يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من﴿ب- آية الربا:

ؤمنين با إن كنتم م .4﴾الر ﴿يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجلج- آية الدين:

.5﴾مسمى فاكتبوه...ك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقلد- آية المباهلة: ﴿فمن حآج.6﴾تعالوا ندع...

﴿اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكمهـ- آية إكمال الدين: .7﴾نعمتي...

, الزرقاني، مناهل العرفان في189-188، ص1انظر: السيوطي، اإلتقان في علوم القرآن، م.س، ج 1.280-279، ص1علوم القرآن، م.س، ج

-309, ص219, ص211, ص157، ص2انظر: الطبرسي، مجمع البيان في تفسير القرآن، م.س، ج 2.157-155، ص8, ج250-249, ص230-228، ص7, ج274-273، ص3, ج310

.255سورة البقرة، اآلية: 3.278سورة البقرة، اآلية: 4، وهي أطول آية في القرآن الكريم.282سورة البقرة، اآلية: 5.61 سورة آل عمران، اآلية: 6.3سورة المائدة، اآلية: 7

114

او- آية اإلفك: ﴿إن الذين جاؤوا باإلفك عصبة منكم ال تحسبوه شر.1﴾لكم بل هو خير...

ماوات واألرض مثل نوره كمشكاة فيهاز- آية النور: ﴿الله نور الس.2﴾مصباح...

جس أهل البيتح- آية التطهير: ﴿...إنما يريد الله ليذهب عنكم الرركم تطهيرا .3﴾ويطه

.11سورة النور، اآلية: 1.35سورة النور، اآلية: 2.33 سورة األحزاب، اآلية: 3

115

مصادر الدرس ومراجعه

- القرآن الكريم.1.158-157، ص78- تفسير اإلمام العسكري عليه السالم, ح2

.628، ص5، كتاب فضل القرآن، باب النوادر، ح2- الكليني، الكافي، ج3.218، ص4, ج306، ص3, ج57، ص1- ابن حنبل، مسند أحمد، ج4

- النيسابوري، الجامع الصحيح)صحيح مسلم(، باب بدء الوحي إلى رسول5.98الله صلى الله عليه وآله وسلم, ص

,214، ص2, ج74، ص1- الطبرسي، مجمع البيان في تفسير القرآن، ج6.467، 212، ص10, ج5، ص5, ج273،ص3ج

- النيسابوري، روضة الواعظين، باب الكالم في مبعث نبينا محمد صلى7.52الله عليه وآله وسلم, ص

.196- اإلحسائي، عوالي اللئالي، ص8

.112، ص2- اليعقوبي، تاريخ اليعقوبي، ج9.168، ص1- ابن فارس، معجم مقاييس اللغة، ج10

.101- األصفهاني، مفردات ألفاظ القرآن، ص11 ،257-256، 249، ص1- الزركشي، البرهان في علوم القرآن, ج12

266-267.

،275-274، ص1- الزرقاني، مناهل العرفان في علوم القرآن، ج13281-283.

.284-278، 1- معرفة، التمهيد في علوم القرآن، ج14

.182، 171-167، ص1- السيوطي، اإلتقان في علوم القرآن، ج15.19، ص1- العياشي، تفسير العياشي، ج16

.183، ص788، ح1- السجستاني، سنن أبي داوود، ج17

116

(3الدرس السابع: نزول القرآن )

موضوعات الدرس:- السورة في القرآن.1- المكي والمدني.2- ترتيب نزول السور المكية.3- ترتيب نزول السور المدنية.4

أهداف الدرس:- تعزيز االرتباط الوجداني والفكري والمعرفي بالقرآن الكريم.1- معرفة معنى السورة في القرآن.2- معرفة معنى المكي والمدني وخصائصهما.3

117

118

- السورة في القرآن:1 : السورة من العلو واالرتفاع, بمعنى رفعة المقامأ- معنى السورة

. 2، أو من اإلحاطة, كإحاطة السور بالمدينة1والمنزلة

والسورة في القرآن عبارة عن مجموعة من آيات القرآن ذات مطلع.3ومقطع, وهي مأخوذة من أحد المعنيين المتقدمين

اختلف الباحثون على ترتيبب- ترتيب السور داخل المصحف:السور داخل المصحف إلى قولين:

- القول األول: توقيفية ترتيب السور داخل المصحف: ذهب أصحاب هذا القول إلى أن لترتيب وضع السور في المصحف أسباب تطلع على أنه

، منها:4توقيفي صادر عن حكيم- موافقة أول السورة آلخر ما قبلها, كآخر الحمد في المعنى وأول البقرة.

.115، مادة"سور"، ص3 ابن فارس، معجم مقاييس اللغة، م.س، ج 1.434انظر: األصفهاني، مفردات ألفاظ القرآن، م.س، مادة"سور"، ص 2 , الزرقاني، مناهل العرفان في264-263، ص1 انظر: الزركشي، البرهان في علوم القرآن, م.س، ج3

.285، ص1علوم القرآن، م.س، ج.260م. ن، ص 4

119

" وأول اإلخالص.تبت- انسجام الوزن في اللفظ, كآخر "﴿ و ﴿والضحى- مشابهة جملة السورة لجملة األخرى مثل ﴾. ﴾ألم نشرح

والواقع: أن هذه األسباب مجرد استنسابات ال تصلح دليال على توقيفيةترتيب السور داخل المصحف.

عدم توقيفية ترتيب السور داخل المصحف: ذهبالقول الثاني:- أصحاب هذا القول إلى أن ترتيب السور إنما هو من الصحابة في الجمعين

، ومن الدليل1األول والثاني بعد رحيل النبي صلى الله عليه وآله وسلمعليه:

- ما روي: من وضع عثمان األنفال وبراءة بين األعراف ويونس، وقد كانتافي الجمع األول متأخرتين.

- ما ورد من مغايرة ترتيب مصاحف سائر الصحابة للجمع األول والثانيكليهما.

- ما روي: من أن مصحف اإلمام علي عليه السالم كان مرتبا على ترتيبالنزول، فكان أوله اقرأ، ثم المدثر...

- ما روي: من أن ترتيب سور مصحفي أبي بن كعب وعبدالله بن مسعوديغايران المصحف الموجود.

روي عن اإلمام علي عليه السالم أنه قال:ج- عدد سور القرآن: "سألت النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن ثواب القرآن... ثم قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: جميع سور القرآن

.2"مائة وأربع عشرة سورة

إن لتقسيم القرآن إلى سورد- فوائد تقسيم القرآن إلى سور:، أبرزها:3فوائد عدة

- مراعاة األهداف والموضوعات المختلفة في القرآن.

.127-126، ص12انظر: السيد الطباطبائي، الميزان في تفسير القرآن، م.س، ج 1.212، ص10انظر: الطبرسي، مجمع البيان في تفسير القرآن، م.س، ج 2 , الزرقاني، مناهل العرفان في264-263، ص1انظر: الزركشي، البرهان في علوم القرآن, م.س، ج 3

.287-286، ص1علوم القرآن، م.س، ج

120

- السهولة في تعلم القرآن وحفظه وقرائته.- صيانة القرآن من التحريف من خالل تسهيل عملية الحفظ.

- تعذر اإلتيان بمثيل للقرآن حتى بالنسبة إلى أقصر سورة، دون اقتصارالتحدي على كبار السور.

اشتهر بين المسلمين منذ عهد النبي صلى الله عليههـ- تبويب السور: وآله وسلم تبويب السور القرآنية ضمن مجموعات، بحيث تضم كل منها

، حيث روي عن رسول الله صلى الله عليه وآله1مجموعة من السور وسلم أنه قال: "أعطيت مكان التوراة، السبع الطول، وأعطيت مكان

، ومن2الزبور، المئين، وأعطيت مكان اإلنجيل المثاني، وفضلت بالمفصل"هذه المجموعات من السور المبوبة:

: أطول سبع سور في القرآن، وهي: البقرة، آل عمران،السبع الطول- النساء، المائدة، األنعام، األعراف. ووقع االختالف في تحديد السورة

السابعة, فنقل عن سعيد بن جبير أنها سورة يونس، وقال آخرون أنهاسورة الكهف.

: أقصر من السبع الطوال، وتزيد سورها على مائة آية، وهي:المئون- التوبة، النحل، هود، يوسف، الكهف، اإلسراء، األنبياء، طه، المؤمنون،

الشعراء، الصافات.

: السور التي يقل عدد آيات كل منها عن المائة، وهي عشرونالمثاني- سورة تقريبا، وسميت بهذا االسم ألنها ثنت المئون, أي كانت بعدها. وورد

في تسميتها بذلك وجوه أخرى.

قصار السور. وسميت بذلك لكثرة الفصول التي بين السورالمفصل:- " بال خالف، ولكن"الناسبالبسملة، وآخر سورة في المفصل هي سورة

وقع الخالف حول

.287-286، ص1, الزرقاني، مناهل العرفان في علوم القرآن، م.س، ج248-244م. ن، ص 1.107، ص4 ابن حنبل، مسند أحمد، م.س، ج2

121

سورةأول سورة فيه، على اثني عشر رأيا، أهمها اثنان: األول: أنها ".2 وهو األصح عند أهل األثرسورة ق",، والثاني: أنها "1"الحجرات

و- أسماء السور: - أسباب تسمية السور: يوجد أسباب عدة كانت بمثابة الداعي لتسمية

، منها:3سور القرآن - تسمية السورة بحسب الموضوع الغالب أو البارز الذي تتعرض له، مثل:

سورة النساء، الحج، التوحيد، األنبياء، األحزاب، المؤمنون، المنافقون،الكافرون.

- تسمية السورة باسم النبي أو الشخص الوارد اسمه فيها، مثل: نوح، هود، إبراهيم، يونس، يوسف، سليمان، محمد، لقمان، مريم، آل عمران،

المؤمن، الكهف. - تسمية السورة بحسب الحروف المقطعة الواردة في مطلعها، مثل: ق،

ص، يس، وطه. - تسمية السورة بأسماء بعض الحيوانات الوارد ذكرها فيها، مثل: البقرة،

النحل، النمل، العنكبوت. - تسمية السورة بحسب أبرز أقسامها، مثل: سورة الجمعة، الفتح،

الواقعة، الحديد، المطففين. - تسمية السورة بما ورد القسم به فيها، مثل: الفجر، الشمس، الضحى،

التين، العاديات.

وتجدر اإلشارة إلى أن المعيار األساس في تسمية السور يدور مدار أهمية الموضوع الذي تطرحه على األعم األغلب، وليس على نحو الموجبة

الكلية.

.287، ص1انظر: الزرقاني، مناهل العرفان في علوم القرآن، م.س، ج 1.247-246، ص1انظر: الزركشي، البرهان في علوم القرآن، م.س، ج 2.272-270انظر: م. ن، ص 3

122

:1- نماذج من أسماء السور- السور التي لها اسم واحد فقط، وهي أغلب سور القرآن.

- بعض السور التي لها اسمان: البقرة = فسطاط القرآن, النحل = النعم, حم عسق = الشورى, الجاثية = الشريعة, القتال = محمد, الرحمن =

عروس القرآن. - بعض السور التي لها ثالثة أسماء: المائدة = العقود = المنقذة, غافر =

الطول = المؤمن. - بعض السور التي لها أربعة أسماء: براءة = التوبة = الفاضحة =

الحافرة. - بعض السور التي يزيد عدد أسمائها على عشرين اسما: الفاتحة =

الحمد = أم الكتاب = أم القرآن السبع المثاني = الوافية = الكنز =الكافية = األساس الشفاء = الشافية = الصالة...

- المكي والمدني:2 إن لتقسيم السور واآليات إلىأ- فائدة التقسيم إلى مكي ومدني:

، أبرزها:2مكي ومدني فوائد عدة - المساهمة في بعض األبحاث المتعلقة بالدعوة النبوية وسيرها الروحي والسياسي والمدني في زمنه صلى الله عليه وآله وسلم وتحليل سيرته

الشريفة.

- االطالع على كيفية نزول األحكام التشريعية وتدرجها.

- المساهمة في بعض األبحاث القرآنية والعقدية والتاريخية، من قبيل: بحث إمكانية نسخ القرآن بالقرآن، وبحث مسألة اإلمامة وما يرتبط بها

من حوادث

.270-269، ص1انظر: الزركشي، البرهان في علوم القرآن, م.س، ج 1 , السيد الطباطبائي، الميزان161، ص1انظر: الزرقاني، مناهل العرفان في علوم القرآن، م.س، ج 2

، بيروت، دار26, الصالح، صبحي: مباحث في علوم القرآن، ط235، ص13في تفسير القرآن، م.س، ج.146, الرومي، دراسات في علوم القرآن الكريم، م.س، ص233م، ص2005العلم للماليين،

123

تاريخية, كحادثة غدير خم...

- الوقوف على أحد أبعاد إعجاز القرآن الكريم وتعذر تحريفه، من خاللالتأمل والتدبر في خصائص السور المكية والمدنية وضبط تاريخ نزولها.

- المساهمة في معرفة الخاص والعام، والمطلق والمقيد، والناسخوالمنسوخ.

اهتم العلماء والمفسرون بحديدب- ضوابط معرفة المكي والمدني: ضابطة معيارية لتعيين اآليات المكية واآليات المدنية، واختلفوا في تحديد

:1الضابطة الصحيحة لذلك، على ثالثة أقوال رئيسة كل ما نزل قبل الهجرة أو أثنائها قبل الوصول إلىالضابطة الزمانية:-

المدينة فهو مكي، وكل ما نزل بعد الهجرة - حتى وإن نزل في مكة - فهومدني.

كل ما نزل في مكة وضواحيها مكي، وكل ما نزلالضابطة المكانية:- في المدينة وضواحيها مدني. وعلى هذا األساس يوجد آيات ال هي مكية

وال مدنية. "يا أيها اآليات والسور التي ورد فيها خطاب الضابطة الخطابية:-

الذين﴿ مكية، واآليات والسور التي ورد فيها خطاب الناس..."﴾ مدنية.آمنوا...

والمشهور عند المفسرين اختيار الضابطة األولى في التمييز بين السور المكية والمدنية. وأضاف العالمة الطباطبائي قدس سره على هذه

الضابطة قيدا مفاده: أن اآليات مكية كانت أم مدنية، يعتمد فيها على التدبر في سياقها وما تحوي من مضامين، فإذا شهد السياق بأن مضامين

هذه اآليات تناسب ما كان يجري عليه الحال في مكة أو المدينة, فهي.2مكية أو مدنية

ج- خصائص السور المكية والمدنية: ذكرت خصائص ومميزات عدة لكلمن

, الزرقاني، مناهل العرفان في علوم187، ص1انظر: الزركشي، البرهان في علوم القرآن، م.س، ج 1.163-162، ص1, معرفة، التمهيد في علوم القرآن، م.س، ج161-159، ص1القرآن، م.س، ج

.285، ص11انظر: السيد الطباطبائي، الميزان في تفسير القرآن، م.س، ج 2

124

السور واآليات المكية والمدنية، هي:

:1- خصائص السور المكية- صغر حجم السور وقصر آياتها وإيجاز خطابها.

- الدعوة إلى أصول العقيدة, كاإليمان بالله وتوحيده ويوم القيامةوالحساب.

- شدة لهجة اآليات، وأسلوبها التقريعي، وال سيما في مجادلة المشركينوتفنيد معتقداتهم.

- الدعوة إلى القيم الدينية واألخالقية العالية, كالمحبة، والصدق،واإلخالص، وبر الوالدين...﴾.يا أيها الناس﴿- كثرة استعمال خطاب

- كثرة ذكر قصص األنبياء السابقين عليهم السالم وأممهم.- كثرة ورود القسم فيها, كالقسم بالله، ويوم القيامة...

:2- خصائص السور المدنية - كثرة تشريع آيات األحكام في ما يتعلق بالفرد والمجتمع, من حدود

وفرائض ومعاهدات وإرث...- طول حجم السور واآليات.

- التصدي لمواجهة المنافقين ومجابهتهم وفضحهم.- كثرة ورود آيات الجهاد.

, الزرقاني، مناهل العرفان في191-188، ص1انظر: الزركشي، البرهان في علوم القرآن، م.س، ج 1.168-166، 163-162، ص1علوم القرآن، م.س، ج

م. س. 2

125

- كثرة استخدام األدلة والبراهين على الحقائق الدينية. تم االعتماد فيه على عدة روايات متفق عليها،د- ترتيب النزول:

وعمدتها رواية ابن عباس، مع استكمال ما سقط منها من رواية جابر بن زيد وغيره، وكذا نصوص تاريخية معتمدة. والنظر في هذا العرض كان إلى

مفتتح السور، فالسورة إذا نزلت من أولها بضع آيات، ثم نزلت أخرى، وبعدها اكتملت األولى، كانت األولى متقدمة على الثانية في ترتيب

:1النزول، حسب هذا المصطلح

سورة(:86ترتيب نزول السور المكية )

, معرفة، التمهيد في علوم194-193، ص1 انظر: الزركشي، البرهان في علوم القرآن، م.س، ج 1.170-167، ص1القرآن، م.س، ج

126

127

سورة(:26ترتيب نزول السور المدنية )

عدد سور القرآن الكريم وآياته وكلماته حسب تقسيم السور:المكية والمدنية

128

األفكار الرئيسة - السورة في اللغة بمعنى العلو واالرتفاع واإلحاطة. وفي االصطالح1

عبارة عن مجموعة من آيات ذي مطلع ومقطع. - ترتيب السور داخل المصحف ليس توقيفيا، بل باجتهاد الصحابة. وعدد2

سورة.114سور القرآن: - من فوائد تقسيم القرآن إلى سور: مراعاة األهداف والموضوعات3

المختلفة في القرآن، السهولة في تعلم القرآن وحفظه وقرائته، صيانةالقرآن من التحريف من خالل تسهيل عملية الحفظ...

- تبويب السور: السبع الطول، المئون، المثاني، المفصل.4- تسمية السور أمر اجتهادي وليس توقيفيا.5 - المعيار األساس في تسمية السور يدور مدار أهمية الموضوع الذي6

تطرحه على األعم األغلب... - من فوائد التقسيم إلى مكي ومدني: المساهمة في بعض األبحاث7

المتعلقة بالدعوة النبوية، االطالع على كيفية نزول األحكام التشريعيةوتدرجها، المساهمة في بعض األبحاث القرآنية والعقدية والتاريخية...

- ضوابط معرفة المكي والمدني: اختلفوا في تحديد الضابطة على ثالثة8 أقوال رئيسة: الضابطة الزمانية، الضابطة المكانية، الضابطة الخطابية.

والمشهور عند المفسرين اختيار الضابطة األولى.

129

فكر وأجب

- أجب بـ "صح" أو "خطأ":1- ترتيب السور داخل المصحف توقيفيا.

- تسمية السور أمر اجتهادي وليس توقيفيا. - يعتمد في تحديد المكي والمدني من اآليات على التدبر في سياقها وما

تحوي من مضامين.

- أجب باختصار:2- اذكر فوائد التقسيم إلى مكي ومدني؟

- تكلم عن أبرز الضوابط المطروحة في معرفة المكي والمدني، مبيناأشهرها وأوفقها؟

- اذكر خصائص السور واآليات المكية، وكذلك المدنية؟

130

مطالعة

آيات مستثنيات!! ذكر بعض الباحثين في علوم القرآن والتفسير استثناء آيات من سور تخالفها في النزول، غير أنه اعتمد في األكثر على روايات ضعيفة، مع

العلم أن غالبية القائلين بهذه االستثناءات قالوا بها عن حدس أو اجتهاد في الرأي، من غير أن يستندوا إلى نص صحيح مأثور. والصحيح أن اآليات تتبع مفتتح سورها لجهة التصنيف مكيا أم مدنيا، وما يدعى خروجه يحتاج

إلى دليل. ومن اآليات التي ادعي استثناؤها: : فقيل:1﴾فاعفوا واصفحوا حتى يأتي الله بأمره﴿- قوله تعالى: 1

إنها نزلت بمكة بشأن المشركين أيام كان المسلمون ضعفاء، مع أنسورة البقرة سورة مدنية.

روي أنها نزولت بشأن جماعة من أهل الكتاب في أوائل الهجرةالجواب:.2حين وفود النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى المدينة

، حيث3﴾يستفتونك قل الله يفتيكم في الكاللة﴿- قوله تعالى: 2.4قيل: إنها مكية

: إن سياق اآلية ومضمونها يشهدان عاى أنها نزلت بالمدينة, فهيالجواب . هذا5من آيات األحكام المتعلقة باإلرث, وهو لم يشرع إال في المدينة

فضال عن وجود اختالف بين الروايات في سبب نزولها، وبعض هذه)رواية جابر( الروايات

.7. وغيرها آيات أخر ادعي استثناؤها6أفاد أنها نزلت بالمدينة

.109سورة البقرة، اآلية: 1.347، ص1انظر: الطبرسي، مجمع البيان في تفسير القرآن، م.س، ج 2.176سورة النساء، اآلية: 3.5، ص3انظر: الطبرسي، مجمع البيان في تفسير القرآن، م.س، ج 4.363، ص4انظر: السيد الطباطبائي، الميزان في تفسير القرآن، م.س، ج 5.254، ص3انظر: الطبرسي، مجمع البيان في تفسير القرآن، م.س، ج 6 ،1 لمزيد من التفصيل في اآليات المستثنيات، انظر: الزركشي، البرهان في علوم القرآن، م.س، ج 7

, معرفة، التمهيد في علوم55-47، ص1, السيوطي، اإلتقان في علوم القرآن، م.س، ج203-199ص.254-198، ص1القرآن، م.س، ج

131

مصادر الدرس ومراجعه- القرآن الكريم.1.115، ص3- ابن فارس، معجم مقاييس اللغة، ج2.434- األصفهاني، مفردات ألفاظ القرآن، ص3 ،194-193، 191-187، ص1- الزركشي، البرهان في علوم القرآن, ج4

244-248 ،260 ،263-264 ،269-272.-166، 163-159، ص1- الزرقاني، مناهل العرفان في علوم القرآن، ج5

168 ،285-287. ،12, ج285، ص11- الطباطبائي، الميزان في تفسير القرآن، م.س، ج6

.235، ص13, ج127-126ص.212، ص10- الطبرسي، مجمع البيان في تفسير القرآن، ج7.107، ص4- ابن حنبل، مسند أحمد، ج8.169-168- الطباطبائي، القرآن في اإلسالم، ص9

.233- الصالح، مباحث في علوم القرآن، ص10.146- الرومي، دراسات في علوم القرآن الكريم، ص11.170-167، 163-162، ص1- معرفة، التمهيد في علوم القرآن، ج12

132

(1الدرس الثامن: جمع القرآن )

موضوعات الدرس:- أدلة جمع القرآن في حياة النبي صلى الله عليه وآله وسلم.1- أدلة جمع القرآن بعد رحيل النبي صلى الله عليه وآله وسلم.2

أهداف الدرس:- تعزيز االرتباط الوجداني والفكري والمعرفي بالقرآن الكريم.1- االطالع على أبرز االتجاهات المطروحة في جمع القرآن.2 - معرفة أدلة جمع القرآن في حياة النبي صلى الله عليه وآله وسلم وبعد3

وفاته صلى الله عليه وآله وسلم وتمييز الصحيح منها.

133

134

مقدمة: وقع االختالف بين الباحثين في علوم القرآن في مسألة ترتيب السور

وجمعها بين دفتين، ويمكن حصر أقوالهم في هذه المسألة ضمن اتجاهين رئيسين، هما: األول: أن القرآن لم يجمع بين دفتين إال بعد رحيل النبي صلى الله عليه وآله وسلم, والثاني: أن القرآن كان مجموعا بين دفتين في حياة النبي صلى الله عليه وآله وسلم, وقد استدل أصحاب كل رأي

بأدلة وقرائن عدة:

- أدلة جمع القرآن في حياة النبي صلى الله عليه وآله1وسلم:

يذهب أصحاب هذا االتجاه إلى أن المصحف الذي بين أيدينا بنظمه وترتيب سوره مطابق للمصحف المجموع في حياة النبي صلى الله عليه وآله

:2، ويمكن إيجاز أدلة أصحاب هذا االتجاه بالتالي1وسلم

إن القرآن كان يدرس ويحفظ جميعه من قبل مجموعةأ- الدليل األول:من الصحابة

, السيوطي، اإلتقان في علوم260-259، ص1انظر: الزركشي، البرهان في علوم القرآن، م.س، ج 1.92, السيد الخوئي، البيان في تفسير القرآن، م.س، ص172-171، ص1القرآن، م.س، ج

ذكر السيد الخوئي قدس سره هذه األدلة في كتابه "البيان في تفسير القرآن"، وعلق عليها الشيخ 2 محمد هادي معرفة قدس سره في كتابه "التمهيد في علوم القرآن". انظر: السيد السيد الخوئي، البيان

.292-287، ص1, معرفة، التمهيد في علوم القرآن، م.س، ج258-240في تفسير القرآن، م.س، ص

135

في حياة النبي صلى الله عليه وآله وسلم, وأنهم كانوا يعرضونه ويتلونه عليه صلى الله عليه وآله وسلم, ومن هؤالء الصحابة: عبد الله بن مسعود، وأبي بن كعب، وغيرهما. وكل ذلك يدل بأدنى تأمل على أنه كان مجموعا

.1مرتبا غير مبتور وال مبثوث

بأن حفظ القرآن, بمعنى حفظ جميع سوره التيويناقش هذا الدليل: اكتملت آياتها, سواء أكان بين السور ترتيب أم ال، وختم القرآن, بمعنى

قراءة جميع سوره من غير لحاظ ترتيب خاص بينها، أو أن الحفظ, بمعنى االحتفاظ على جميع القرآن النازل لحد ذلك الزمن، والتحفظ عليه دون

الضياع والتفرقة, األمر الذي ال يدل على وجود ترتيب خاص كان بينسوره, كما هو عليه المصحف اليوم.

تناقض أحاديث جمع القرآن بعد رحيل النبي صلىب- الدليل الثاني: الله عليه وآله وسلم: إن هذه األحاديث متناقضة ومتضاربة في ما بينها، ففي بعضها تحديد زمن الجمع بعهد أبي بكر، وفي آخر بعهد عمر، وفي ثالث بعهد عثمان، كما أن بعضها ينص على أن أول من جمع القرآن هو

ه عمر، إلى أمثال ه أبو بكر، وفي ثالث أن زيد بن ثابت، وآخر ينص على أنذلك من تناقضات ظاهرة.

بعدم وجود مناقضة بين روايات جمع القرآن, إذ الويناقش هذا الدليل: شك أن عمر هو الذي أشار على أبي بكر بجمع القرآن، وهذا األخير أمر زيدا أن يتصدى القضية من قبله، فيصح إسناد الجمع األول إلى كل من الثالثة بهذا االعتبار. نعم، نسبة الجمع إلى عثمان كانت باعتبار توحيده

للمصاحف ونسخها في صورة موحدة، وأما نسبة توحيد المصاحف إلى عمر فهو من اشتباه الراوي قطعا, ألن الذي فعل ذلك هو عثمان بإجماع

خين. المؤر

معارضة أحاديث جمع القرآن بعد رحيل النبي صلى الدليل الثالث:-ج الله عليه وآله وسلم بأحاديث دلت على أن القرآن كان قد جمع على

عهده صلى الله عليه وآله وسلم, منها: حديث الشعبي، قال: جمع

.43، ص1الطبرسي، مجمع البيان في تفسير القرآن، م.س، ج 1

136

ة: أبي بن كعب، وزيد بن ثابت، ومعاذ بن جبل، وأبو القرآن على عهده ستهم أربعة: أبي، الدرداء، وسعد بن عبيد، وأبو زيد. وفي حديث أنس أن

.1ومعاذ، وزيد، وأبو زيد، وأمثال ذلك

بأن مفاد هذه األحاديث: الحفظ عن ظهر القلب،ويناقش هذا الدليل: حيث إنهم حفظوا جميع اآليات النازلة لحد ذلك الوقت، أما داللة على

وجود نظم بين سوره فال.

منافاة الجمع بعد رحيل النبي صلى الله عليه وآلهد- الدليل الرابع: وسلم مع آيات التحدي، الدالة على اكتمال سور القرآن وتمايز بعضها عن

بعضها اآلخر، ومنافاته - أيضا - مع إطالق لفظ الكتاب على القرآن في فا كتابا لسان النبي صلى الله عليه وآله وسلم, الظاهر في كونه مؤل

مجموعا بين دفتين.

بأن التحدي كان باآليات والسور أنفسهما، وبكلويناقش هذا الدليل: آية أو سورة في القرآن، ولم يكن التحدي بالترتيب القائم بين السور, كي

أيضا، ولم2يتوجه االستدالل المذكور! على أن التحدي وقع في سور مكيةيجمع القرآن قبل الهجرة قطعا.

مخالفة الجمع بعد رحيل النبي صلى الله عليههـ- الدليل الخامس: وآله وسلم مع حكم العقل الحاكم بوجوب اهتمام النبي صلى الله عليه

وآله وسلم بجمعه وضبطه عن الضياع واإلهمال.

بأن اهتمام النبي صلى الله عليه وآله وسلمويناقش هذا الدليل: بشأن القرآن، شيء ال ينكر، ومن ثم كان حريصا على ثبت اآليات ضمن

سورها فور نزولها، وقد حصل النظم بين آيات كل سورة في حياته صلىالله عليه وآله وسلم.

مخالفة الجمع بعد رحيل النبي صلى الله عليه وآلهو- الدليل السادس:وسلم مع إجماع المسلمين، حيث

.103، ص6انظر: البخاري، صحيح البخاري، م.س، ج 1تان.13, وسورة هود، اآلية: 38انظر: سورة يونس، اآلية: 2 ، وهما مكي

137

يعتبرون النص القرآني متواترا عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم نفسه، في حين أن بعض هذه الروايات تشير إلى اكتفاء الجامعين بعد الرسول

صلى الله عليه وآله وسلم بشهادة رجلين أو رجل واحد!

بأن الجمع بين السور وترتيبها ضمن مصحفويناقش هذا الدليل: موحد فم يحصل حينذاك, نظرا لترقب نزول قرآن على النبي صلى الله عليه وآله وسلم, فما لم ينقطع الوحي ال يصح جمع القرآن بين دفتين،

ومن ثم لما أيقن بانقطاع الوحي بوفاته صلى الله عليه وآله وسلم أوصىإلى اإلمام علي عليه السالم بجمعه.

ومعنى تواتر النص القرآني هو: القطع بكونه وحيا، األمر الذي يحصل منكل مستند وثيق، وليس التواتر ـ هنا ـ بمعناه المصطلح عند األصوليين.

استلزام الجمع بعد رحيل النبي صلى الله عليه وآلهز- الدليل السابع: وسلم تحريفا في نصوص الكتاب العزيز، حيث إن طبيعة الجمع المتأخرتستدعي وقوع نقص أو زيادة في القرآن، وهذا مخالف لضرورة الدين.

بأن استلزام تأخر الجمع تحريفا في كتاب الله،ويناقش هذا الدليل:د ال سند له، بعد معرفتنا بضبط الجامعين، وقرب عهدهم هو احتمال مجر

بنزول اآليات، وشدة احتياطهم على الوحي, بما ال يدع مجاال لتسرباحتمال زيادة أو نقصان.

- أدلة جمع القرآن بعد رحيل النبي صلى الله عليه وآله2وسلم:

كان القرآن مؤلفا ضمن سور متفرقة في عهد رسول الله صلى الله عليهب السور، حيث رحل وآله وسلم, وغير مجموع في موضع واحد وال مرت النبي صلى الله عليه وآله وسلم والقرآن منثور على العسب، واللخاف،

، وعظام األكتاف واألضالع، والحرير والقراطيس، وفي1والرقاع، واألديم صدور الرجال. ومع أن السور كانت مكتملة على عهده صلى الله عليه

بة آياتها وأسماؤها، وآله وسلم مرت

العسب: جمع عسيب, وهو جريد النخل، حيث كانوا يكشفون الخوص ويكتبون في الطرف العريض. 1 واللخاف: جمع لخف, وهي الحجارة الرقيقة )صفائح الحجارة(. والرقاع: جمع رقعة, وهي من الجلد أو ،1الورق أو غيرهما. واألديم: الجلد المدبوغ. انظر: الزرقاني، مناهل العرفان في علوم القرآن، م.س، ج

.202ص

138

غير أن جمعها بين دفتين لم يكن حاصال بعد, نظرا لترقب نزول قرآن في حياة النبي صلى الله عليه وآله وسلم. ولهذا، لم يقدم النبي صلى الله

، فعن اإلمام الصادق عليه1عليه وآله وسلم على جمع القرآن ضمن دفتين "قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لعلي عليهالسالم:

السالم: يا علي، القرآن خلف فراشي في الصحف والحرير . ويمكن إيجاز أدلة2"والقراطيس، فخذوه واجمعوه وال تضيعوه

أصحاب هذا االتجاه بالتالي:

الشواهد التاريخية: إن قضية جمع القرآن قضيةأ- الدليل األول: تاريخية، فال بد من البحث عن حقيقتها بين طيات التاريخ، والشواهد

التاريخية تثبت أن القرآن جمع على شكل مصحف بعد رحيل الرسولصلى الله عليه وآله وسلم، ومن هذه الشواهد:

- ما قاله زيد بن ثابت: قبض النبي صلى الله عليه وآله وسلم ولم يكن.3القرآن جمع في شيء

- ما نقله ابن قتيبة الدينوري عن ابن عيينة عن الزهري: قبض رسول الله.4صلى الله عليه وآله وسلم والقرآن في العسب والقضم

المسائل- ما نقله الزركشي عن أبي الحسين بن فارس في " ": جمع القرآن على ضربين: أحدهما: تأليف السور، كتقديم السبعالخمس

الطوال وتعقيبها بالمئين, فهذا الضرب هو الذي تولته الصحابة، وأما الجمع اآلخر - وهو جمع اآليات في السور - فهو توقيفي تواله النبي صلى الله

.5عليه وآله وسلم

- ما نقله الزركشي عن أبو عبد الله الحارث بن أسيد المحاسبي في كتاب"فهم

, الزرقاني، مناهل العرفان في172-170، ص1انظر: السيوطي، اإلتقان في علوم القرآن، م.س، ج 1 ،12, السيد الطباطبائي، الميزان في تفسير القرآن، م.س، ج204-203، ص1علوم القرآن، م.س، ج

.285، ص1, معرفة، التمهيد في علوم القرآن، م.س، ج120ص.451، تفسير سورة الناس، ص2القمي، تفسير القمي، م.س، ج 2.160، ص1انظر: السيوطي، اإلتقان في علوم القرآن، م.س، ج 3 ، قم المقدسة، دار الكتب1انظر: الدينوري، ابن قتيبة: غريب الحديث، تحقيق عبد الله الجبوري، ط 4

.304، ص1، حديث الزهري...، ح2هـ.ق، ج1408العلمية، .237، ص1انظر: الزركشي، البرهان في علوم القرآن، م.س، ج 5

139

": كتابة القرآن ليست بمحدثة، فإنه صلى الله عليه وآله وسلمالسنن كان يأمر بكتابته، ولكنه كان مفرقا في الرقاع واألكتاف والعسب. وكان

ذلك بمنزلة أوراق وجدت في بيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم, فأمر أبو بكر بنسخها من مكان إلى مكان مجتمعا، فجمعها جامع وربطها

.1بخيط حتى ال يضيع منها شيء

تدرج نزول القرآن واستمرار حالة ترقب نزولب- الدليل الثاني: الوحي في حياة النبي صلى الله عليه وآله وسلم, وهو ما حال دون أن

.2يجمعه النبي صلى الله عليه وآله وسلم بنفسه

لو كان القرآن مجموعا ضمن مصحف في حياة النبيج- الدليل الثالث: صلى الله عليه وآله وسلم بشكله الحالي، فما معنى أن يبادر اإلمام علي

بن أبي طالب عليه السالم إلى جمعه مرة أخرى؟ ولماذا أمر الرسولصلى الله عليه وآله وسلم

اإلمام علي عليه السالم بجمعه بعد رحيله؟ فعن اإلمام الصادق عليه "قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لعلي عليهالسالم:

السالم: يا علي، القرآن خلف فراشي في الصحف والحرير والقراطيس، فخذوه واجمعوه وال تضيعوه، كما ضيعت اليهود

التوراة، فانطلق علي عليه السالم, فجمعه في ثوب أصفر، ثم ختم عليه في بيته، وقال: ال أرتدي حتى أجمعه، فإنه كان

.3الرجل ليأتيه فيخرج إليه بغير رداء, حتى جمعه"

ما هو الوجه في تبرير جمع اإلمام علي عليه السالمد- الدليل الرابع: على أساس ترتيب النزول بخالف الجمع الذي كان عليه مصحف الرسول صلى الله عليه وآله وسلم على فرض أن المصحف الموجود بين أيدينا هو

وفق ما جمعه النبي صلى الله عليه وآله وسلم في حياته؟! فعن اإلمام "ما ادعى أحد من الناس أنه جمع القرآن كلهالباقر عليه السالم:

كما أنزل إال كذاب، وما جمعه وحفظه كما نزله الله تعالى إال علي بن أبي طالب عليه السالم

.238، ص1انظر: الزركشي، البرهان في علوم القرآن، م.س، ج 1 , معرفة، التمهيد في علوم204، ص1انظر: الزرقاني، مناهل العرفان في علوم القرآن، م.س، ج 2

.285، ص1القرآن، م.س، ج.451، تفسير سورة الناس، ص2القمي، تفسير القمي، م.س، ج 3

140

.1"واألئمة من بعده عليهم السالم

قال ابن جزي: كان القرآن على عهد رسول الله صلى الله عليه وآلهقا في الصحف وفي صدور الرجال، فلما توفي جمعه علي بن وسلم مفر

ه أبي طالب على ترتيب نزوله، ولو وجد مصحفه لكان فيه علم كبير، ولكن.2لم يوجد

أضف إلى ذلك، أن الصحابة اآلخرين عمل كل واحد منهم على تأليف مصحف خاص به، وهذه المصاحف تختلف في ما بينها لجهة ترتيب

.3السور

، كتاب الحجة، باب أنه لم يجمع القرآن كله إال األئمة عليهم1الشيخ الكليني، الكافي، م.س، ج 1.228، ص1السالم...، ح

انظر: ابن جزي، محمد بن أحمد: التسهيل لعلوم التنزيل، تحقيق عبد الله الخالدي، الط، بيروت، 2.12، ص1شركة دار األرقم بن أبي األرقم، الت، ج

.243-241، 239-238، ص1انظر: الزركشي، البرهان في علوم القرآن، م.س، ج 3

141

األفكار الرئيسة األول: جمعه في حياة النبي- أبرز االتجاهات في جمع القرآن:1

صلى الله عليه وآله وسلم, الثاني: جمعه بعد رحيل النبي صلى الله عليهوآله وسلم.

- أبرز أدلة جمع القرآن في حياة النبي صلى الله عليه وآله2 عرض القرآن وتالوته من قبل مجموعة من الصحابة على النبيوسلم:

صلى الله عليه وآله وسلم, تناقض أحاديث جمع القرآن بعد رحيل النبي صلى الله عليه وآله وسلم, معارضتها بأحاديث دلت على أن القرآن كان قد جمع على عهده صلى الله عليه وآله وسلم, منافاة الجمع بعد رحيل

النبي صلى الله عليه وآله وسلم مع آيات التحدي، ومع إطالق لفظ الكتاب على القرآن، مخالفته مع حكم العقل الحاكم بوجوب اهتمام النبي صلى

الله عليه وآله وسلم بجمعه وضبطه عن الضياع واإلهمال، مخالفته مع إجماع المسلمين على تواتر النص القرآني، استلزامه تحريفا في نصوص

الكتاب العزيز.

- أدلة جمع القرآن بعد رحيل النبي صلى الله عليه وآله3 الشواهد التاريخية على جمعه بعد رحيل النبي صلى الله عليهوسلم:

وآله وسلم, تدرج نزول القرآن واستمرار حالة ترقب نزول الوحي في حياة النبي صلى الله عليه وآله وسلم, لو كان القرآن مجموعا في حياة

النبي صلى الله عليه وآله وسلم بشكله الحالي، فما معنى أن يبادر اإلمام علي بن أبي طالب عليه السالم إلى جمعه مرة أخرى؟ ولماذا أمر

الرسول صلى الله عليه وآله وسلم اإلمام علي عليه السالم بجمعه بعد رحيله؟، ما هو الوجه في تبرير جمع اإلمام علي عليه السالم على أساس

ترتيب النزول بخالف الجمع الذي كان عليه مصحف الرسول صلى الله عليه وآله وسلم على فرض أن المصحف الموجود بين أيدينا هو وفق ما

جمعه النبي صلى الله عليه وآله وسلم في حياته؟!

142

فكر وأجب

- أجب بـ "صح" أو "خطأ":1- معنى تواتر النص القرآني هو: القطع بكونه وحيا.

- ترقب نزول الوحي في حياة النبي صلى الله عليه وآله وسلم حال دونأن يجمعه صلى الله عليه وآله وسلم بنفسه.

- جمع اإلمام علي عليه السالم يشبه جمع النبي صلى الله عليه وآله وسلم, باستثناء ترتيب سوره وفق ترتيب النزول.

- أجب باختصار:2 - اذكر دليال من أدلة جمع القرآن في حياة النبي صلى الله عليه وآله

وسلم مع مناقشته؟ - اذكر دليال من أدلة جمع القرآن بعد رحيل النبي صلى الله عليه وآله

وسلم مع بيان وجه االستدالل فيه؟ - هل يوجد منافاة بين القول بجمع القرآن بعد رحيل النبي صلى الله عليه

وآله وسلم مع مقتضى آيات التحدي؟

143

مطالعة

1جمع القرآن الكريم وحفظه

لم يزل القرآن الكريم بحسب حكمة الوحي والتشريع والمصالح والمقتضيات المتجددة آنا فآنا يتدرج في نزوله نجوما, اآلية، واآليتان،

واألكثر، والسورة. وكلما نزل شيء هفت إليه قلوب المسلمين، وانشرحت له صدورهم، وهبوا إلى حفظه, بأحسن الرغبة والشوق، وأكمل اإلقبال،

وأشد االرتياح. فتلقوه باالبتهاج، وتلقوه باالغتنام من تالوة الرسول العظيمه، والمسارع إلى التبليغ صلى الله عليه وآله وسلم , الصادع بأمر الل

والدعوة إلى الله وقرآنه. وتناوله حفظهم, بما امتازت به العرب، وعرفوا به من قوة الحافظة الفطرية، وأثبتوه في قلوبهم, كالنقش في الحجر.

وكان شعار اإلسالم وسمة المسلم حينئذ, هو التجمل والتكمل بحفظ ما ينزل من القرآن الكريم, لكي يتبصر بحججه، ويتنور بمعارفه وشرائعه وأخالقه الفاضلة وتاريخه المجيد وحكمته الباهرة وأدبه العربي الفائق

المعجز. فاتخذ المسلمون تالوته لهم حجة الدعوة، ومعجز البالغة، ولسانه، ولهجة ذكره، وترجمان مناجاته، وأنيس الخلوة، وترويح العبادة لل

النفس، ودرسا للكمال، وتمرينا في التهذيب، وسلما للترقي، وتدربا في التمدن، وآية الموعظة، وشعار اإلسالم، ووسام اإليمان والتقدم في

الفضيلة. واستمر المسلمون على ذلك, حتى صاروا في زمان الرسول صلى الله عليه وآله وسلم يعدون باأللوف وعشراتها ومئاتها. وكلهم من حملة القرآن وحفاظه، وإن تفاوتوا في ذلك بحسب السابقة والفضيلة...

ه صلى الله عليه وآله هذا ولما كان وحيه ال ينقطع في حياة رسول الل وسلم لم يكن كله مجموعا في مصحف واحد، وإن كان ما أوحي منه

مجموعا في قلوب المسلمين وكتاباتهم له... ولما اختار الله لرسوله صلىالله عليه وآله وسلم دار الكرامة، وانقطع الوحي بذلك, فال

هـ.ق/1352انظر: البالغي، محمد جواد: آالء الرحمن في تفسير القرآن، الط، صيدا، مطبعة العرفان، 1.18-17، ص1م، ج1933

144

يرجى للقرآن نزول تتمة, رأى المسلمون أن يسجلوه في مصحف جامع، فجمعوا مادته على حين إشراف األلوف من حفاظه، ورقابة مكتوباته

الموجودة عند الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وكتاب الوحي وسائرالمسلمين, جملة، وأبعاضا

وسورا. نعم، لم يترتب على ترتيب نزوله، ولم يقدم منسوخه على ناسخه، فاستمر القرآن الكريم على هذا االحتفال العظيم بين المسلمين جيال بعد جيل، ترى له في كل آن ألوفا مؤلفة من المصاحف، وألوفا من الحفاظ،

وال تزال المصاحف ينسخ بعضها على بعض، والمسلمون يقرأ بعضهم على بعض، ويسمع بعضهم من بعض, تكون ألوف المصاحف رقيبة على

الحفاظ، وألوف الحفاظ رقباء على المصاحف، وتكون األلوف من كال القسمين رقيبة على المتجدد منهما. نقول األلوف، ولكنها مئات األلوف، وألوف األلوف. فلم يتفق ألمر تاريخي من التواتر وبداهة البقاء, مثل ما إنا﴿اتفق للقرآن الكريم, كما وعد الله جلت آالؤه بقوله في سورة الحجر:

لنا الذكر وإنا له لحافظون ﴿إن، وقوله في سورة القيامة: 1﴾نحن نز.2﴾علينا جمعه وقرآنه

.9سورة الحجر، اآلية: 1.17سورة القيامة، اآلية: 2

145

مصادر الدرس ومراجعه- القرآن الكريم.1 ،243-241، 239-237، ص1- الزركشي، البرهان في علوم القرآن، ج2

259-260.17-170، 160، ص1- السيوطي، اإلتقان في علوم القرآن، ج3.258-240، 92- الخوئي، البيان في تفسير القرآن، ص4.292-287، ص1- معرفة، التمهيد في علوم القرآن، ج5.43، ص1- الطبرسي، مجمع البيان في تفسير القرآن، ج6.103، ص6- البخاري، صحيح البخاري، ج7.204-202، ص1- الزرقاني، مناهل العرفان في علوم القرآن، ج8.120، ص12- الطباطبائي، الميزان في تفسير القرآن، ج9

.451، تفسير سورة الناس، ص2- القمي، تفسير القمي، ج10.304، ص1، حديث الزهري...، ح2- الدينوري، غريب الحديث، ج11 ، كتاب الحجة، باب أنه لم يجمع القرآن كله إال1- الكليني، الكافي، ج12

.228، ص1األئمة عليهم السالم...، ح.12، ص1- ابن جزي، التسهيل لعلوم التنزيل، ج13

146

(2الدرس التاسع: جمع القرآن )

موضوعات الدرس:- جمع اإلمام علي بن أبي طالب عليه السالم للمصحف.1- جمع زيد بن ثابت للمصحف.2

أهداف الدرس:- تعزيز االرتباط الوجداني والفكري والمعرفي بالقرآن الكريم.1 - االطالع على تاريخ جمع المصاحف بعد رحيل النبي صلى الله عليه وآله2

وسلم.- معرفة خصائص جمع المصاحف ومصير المصاحف المجموعة.3

147

148

- جمع اإلمام علي بن أبي طالب عليه السالم:1 كان اإلمام علي عليه السالم أول من تصدى لجمعأ- واقع الجمع:

القرآن بعد رحيل النبي صلى الله عليه وآله وسلم مباشرة وبوصية منه، حيث جلس في بيته مشتغال بجمع القرآن وترتيبه وفق نزوله، مع إضافة

شروحات وتفاسير لمواضع مبهمة من اآليات، وبيان أسباب النزول ومواقعالنزول والمحكم والمتشابه والناسخ والمنسوخ...

"قال رسول الله صلى الله عليهعن اإلمام الصادق عليه السالم: وآله وسلم لعلي عليه السالم: يا علي، القرآن خلف فراشي

في الصحف والحرير والقراطيس، فخذوه واجمعوه وال تضيعوه، كما ضيعت اليهود التوراة، فانطلق علي عليه السالم, فجمعه في ثوب أصفر، ثم ختم عليه في بيته، وقال: ال أرتدي حتى أجمعه، فإنه كان الرجل ليأتيه فيخرج إليه بغير رداء, حتى جمعه. قال: وقال رسول الله: لو أن الناس قرأوا القرآن كما

.1"أنزل الله ما اختلف اثنان

ما من أحد من الناس يقول إنهوعن اإلمام الباقر عليه السالم: " جمع القرآن كله كما أنزل الله إال كذاب، وما جمعه وما حفظه

.2"كما أنزل الله إال علي بن أبي طالب

.451، تفسير سورة الناس، ص2القمي، تفسير القمي، م.س، ج 1 ، كتاب الحجة، باب أنه لم يجمع القرآن كله إال األئمة عليهم1الشيخ الكليني، الكافي، م.س، ج 2

.228، ص1السالم ...، ح

149

وروى محمد بن سيرين عن عكرمة، قال: لما كان بدء خالفة أبي بكر، قعد علي بن أبي طالب في بيته يجمع القرآن، قال: قلت لعكرمة: هل كان

تأليف غيره كما أنزل األول فاألول؟ قال: لو اجتمعت اإلنس والجن علىبت ذلك الكتاب فوه هذا التأليف ما استطاعوا. قال ابن سيرين: تطل أن يؤل

.1وكتبت فيه إلى المدينة، فلم أقدر عليه

وقال ابن جزي: كان القرآن على عهد رسول الله صلى الله عليه وآلهقا في الصحف وفي صدور الرجال، فلما توفي جمعه علي بن وسلم مفر

ه أبي طالب على ترتيب نزوله، ولو وجد مصحفه لكان فيه علم كبير، ولكن.2لم يوجد

يمتاز المصحف الذي جمعه اإلمام علي عليهب- خصائص الجمع:السالم عن سائر المصاحف التي جمعها الصحابة بمميزات عدة، أبرزها:

- ترتيب سوره على أساس ترتيب نزول القرآن.- إثبات النص القرآني من دون نقص أو زيادة.

- إثبات قراءته وفق قراءة الرسول األكرم صلى الله عليه وآله وسلم. - اشتماله على شروحات وتوضيحات جانبية على هامش النص القرآني، تعرض فيها لبيان مناسبات النزول، ومكان النزول، ومصاديق من نزلت فيهم، وفي من تجري، وعلى من تنطبق، وبيان المحكم والمتشابه من

اآليات، وناسخها ومنسوخها، وظاهرها وباطنها، وتنزيلها وتأويلها...

عن األصبغ بن نباتة، قال: قدم أمير المؤمنين عليه السالم الكوفة، صلى ، فقال3﴾سبح اسم ربك األعلى﴿بهم أربعين صباحا يقرأ بهم

المنافقون: ال والله ما يحسن ابن أبي طالب أن يقرأ القرآن، ولو أحسنأن يقرأ القرآن لقرأ بنا غير هذه السورة! قال:

.162-161، ص1انظر: السيوطي، اإلتقان في علوم القرآن، م.س، ج 1.12، ص1انظر: ابن جزي، التسهيل لعلوم التنزيل، م.س، ج 2.1سورة األعلى، اآلية: 3

150

فبلغ ذلك عليا عليه السالم فقال: "ويل لهم، إني ألعرف ناسخه من منسوخه، ومحكمه من متشابهه، وفصله من فصاله، وحروفه من معانيه،

والله ما من حرف نزل على محمد صلى الله عليه وآله وسلم إال أني أعرف في من أنزل، وفي أي يوم وفي أي موضع، ويل لهم أما يقرأون:

حف األولى * صحف إبراهيم وموسى﴿ ؟ والله1﴾إن هذا لفي الص عندي، ورثتهما من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم, وقد أنهى

رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من إبراهيم وموسى عليهما السالم.ما كنا2﴾وتعيها أذن واعية﴿ويل لهم، والله أنا الذي أنزل الله في: ، فإن

عند رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم, فيخبرنا بالوحي، فأعيه أنا ومن.3يعيه، فإذا خرجنا قالوا: ماذا قال آنفا؟"

وعن سليم بن قيس الهاللي: سمعت أمير المؤمنين عليه السالم يقول: "ما نزلت آية على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إال

، فأكتبها بخطي، وعلمني تأويلها أقرأنيها وأمالها علي وتفسيرها، وناسخها ومنسوخها، ومحكمها ومتشابهها، ودعا الله لي أن يعلمني فهمها وحفظها، فما نسيت آية من كتاب

الله، وال علما أماله علي فكتبته منذ دعا لي ما دعا، فما نسيت آية من كتاب الله وال علم أماله علي فكتبته منذ دعا لي بما دعا، وما ترك شيئا علمه الله من حالل وال حرام وال أمر وال

نهى كان أو ال يكون من طاعة أو معصية إال علمنيه وحفظته، فلم أنس منه حرفا واحدا، ثم وضع يده على صدري ودعا الله

أن يمأل قلبي علما وفهما وحكمة ونورا لم أنس شيئا، ولم.4"يفتني شيء لم أكتبه

ج- مصير الجمع: روى سليم بن قيس الهاللي عن سلمان الفارسي رضوان الله عليه، قال:

لما رأى أمير المؤمنين صلوات الله عليه غدر الناس به لزم بيته، وأقبلفه ويجمعه، على القرآن يؤل

.19-18سورة األعلى، اآليتان: 1.12سورة الحاقة، اآلية: 2.14، ص2، باب في علم األئمة عليهم السالم بالتأويل، ح1انظر: العياشي، تفسير العياشي، م.س، ج 3انظر: م. ن. 4

151

،2، واألسيار1فلم يخرج من بيته حتى جمعه، وكان في الصحف، والشظاظ والرقاع وبعث القوم إليه ليبايع، فاعتذر باشتغاله بجمع القرآن، فسكتوا عنه أياما حتى جمعه في ثوب واحد وختمه، ثم خرج إلى الناس - وروى

- وهم مجتمعون حول في المسجد،3بعضهم أنه أتى به يحمله على جمل "إني لم أزل منذ قبض رسول الله صلى الله عليهوخاطبهم قائال:

وآله وسلم مشغوال بغسله وتجهيزه، ثم بالقرآن حتى جمعته كله في هذا الثوب الواحد، ولم ينزل الله على نبيه آية من

القرآن إال وقد جمعتها، وليس منه آية إال وقد أقرأنيها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وعلمني تأويلها, لئال تقولوا

﴾!" فقام إليه رجل من كبار القوم، فقال:إنا كنا عن هذا غافلين﴿ غدا: يا علي، اردده فال حاجة لنا فيه، ما أغنانا بما معنا من القرآن عما تدعونا

.4إليه، فدخل علي عليه السالم بيته

"أخرجه علي عليه السالم )أيوعن اإلمام الصادق عليه السالم: القرآن( إلى الناس حين فرغ منه وكتبه، فقال لهم: هذا كتاب الله عز وجل كما أنزله )الله( على محمد صلى الله عليه وآله وسلم, وقد جمعته من اللوحين، فقالوا: هو ذا عندنا مصحف جامع فيه القرآن ال حاجة لنا فيه، فقال: أما والله ما ترونه

بعد يومكم هذا أبدا، إنما كان علي أن أخبركم حين جمعته.5لتقرؤوه"

, وسوف6وما زال هذا المصحف يتوارثه األئمة من ولده عليهم السالم يخرجه اإلمام القائم المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف بعد ظهوره

فإذا قام القائمويظهره للناس, فعن اإلمام الصادق عليه السالم: " عجل الله تعالى فرجه الشريف قرأ كتاب الله عز وجل على

.7"حده، وأخرج المصحف الذي كتبه علي عليه السالم

بمعنى العيدان المتفرقة. 1األسيار جمع السير, وهو قدة من الجلد مستطيلة. 2.135، ص2انظر، اليعقوبي، تاريخ اليعقوبي، م.س، ج 3.147-146انظر: الهاللي، كتاب سليم بن قيس، م.س، ص 4.633، ص23، كتاب فضل القرآن، باب النوادر، ح2الشيخ الكليني، الكافي، م.س، ج 5.212-210انظر: الهاللي، كتاب سليم بن قيس، م.س، ص 6.633، ص23، كتاب فضل العلم، باب النوادر، ح2الشيخ الكليني، الكافي، م.س، ج 7

152

- جمع زيد بن ثابت:2 أ- واقع الجمع: إن رفض القوم لمصحف اإلمام علي عليه السالم استدعى

التفكير في القيام بمهمة جمع القرآن مهما كلف األمر. وبدأت فكرة الجمع مع عمر بن الخطاب، الذي اقترح على أبي بكر أن ينتدب لذلك من تتوافر

فيه شرائط القيام بهذه المهمة الخطيرة، فوقع اختيارهم على زيد بنثابت األنصاري.

قال زيد: أرسل إلي أبو بكر بعد مقتل أهل اليمامة ـ وعمر جالس عنده ـ قال: إن هذا ـ وأشار إلى عمر ـ أتاني وقال: إن القتل قد استحر يوم

اليمامة بقراء القرآن، وأخاف أن يستحر بهم القتل في سائر المواطن فيذهب كثير من القرآن، وأشار علي بجمع القرآن، فقلت لعمر: كيف

نفعل ما لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؟ فقال: هو والله خير، فلم يزل يراجعني عمر حتى شرح الله صدري لذلك، ورأيت الذيهمك، وقد كنت تكتب ك شاب عاقل ال نت رأى عمر! وقال لي أبو بكر: إنع القرآن واجمعه. الوحي لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم, فتتب

فوني به، فوالله لو كلفوني نقل جبل من مكانه لم يكن أثقل علي مما كل قلت: كيف تفعالن شيئا لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؟ فلم يزل أبو بكر وعمر يلحان علي حتى شرح الله صدري للذي شرح له صدر أبي بكر وعمر. فقمت أتتبع القرآن أجمعه من العسب، واللخاف،

.1وصدور الرجال

ب- خصائص الجمع: - اعتمد زيد في الجمع على ما هو موجود من القرآن عند الصحابة, بحيث كان مكتوبا على العسب، واللخاف، واألديم، والقراطيس، أو محفوظا في

.2صدورهم

- عاون زيد في الجمع لجنة مؤلفة من خمسة وعشرين رجال من قريش وخمسين رجال من األنصار، وكان عمر يشرف عليهم بنفسه ويأمرهم

بعرضه على سعيد

.119، ص8, ج98، ص6, ج210، ص5انظر: البخاري، صحيح البخاري، م.س، ج 1انظر: م. ن. 2

153

.1بن العاص, ألنه رجل فصيح

- كان زيد وعمر يقعدان على باب المسجد، والناس يأتونهم بآي القرآن وسوره, كل حسب ما عنده من القرآن. وكانوا يكتبونها على الصحف

واأللواح والعسب، وال يقبلون من أحد شيئا حتى يأتي بشاهد عدل يشهد.2بصحة ما عنده من قرآن

- آخر آيتين من سورة براءة أخذتا من خزيمة بن ثابت وحده فقط, ألن.3رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم اعتبر شهادته وحده بشهادتين

ما جمع - لم ينظم زيد سور القرآن أو يرتبها ضمن مصحف جامع، وإن القرآن في صحف, أي أودع اآليات والسور المتفرقة في صحف، وجعلها

.4في إضبارة وجمعها بجامع وربطها بخيط، خوفا من التفرقة والضياع

بة اآليات دون السور .5- صحف زيد كانت مرت

أودعت هذه الصحف المجموعة من قبل زيد بن ثابتج- مصير الجمع: عند أبي بكر، فبقيت معه حتى وفاته، ثم صارت إلى عمر، وبعده كانت

عند ابنته حفصة، وفي أيام توحيد المصاحف استعارها عثمان منها ليقابل بها النسخ، ثم ردها إليها، وقد طلبها منها مروان ـ يوم كان واليا على

المدينة من قبل معاوية ـ فابت أن تدفعها إليه، فلما توفيت أخذها من.6عبدالله بن عمر، وأمر بها, فشقت

.135، ص2انظر: اليعقوبي، تاريخ اليعقوبي، م.س، ج 1 , الزرقاني، مناهل العرفان في163-162، ص1انظر: السيوطي، اإلتقان في علوم القرآن، م.س، ج 2

.207، ص1علوم القرآن، م.س، ج , السيوطي، اإلتقان في119، ص8, ج98، ص6, ج210، ص5انظر: البخاري، صحيح البخاري، م.س، ج 3

.163، ص1علوم القرآن، م.س، ج.163، ص1انظر: السيوطي، اإلتقان في علوم القرآن، م.س، ج 4.214-213، ص1انظر: الزرقاني، مناهل العرفان في علوم القرآن، م.س، ج 5 ، بيروت،2انظر: الطبراني، سليمان بن أحمد: مسند الشاميين، تحقيق حمدي عبد المجيد السلفي، ط 6

,17، ص9, ابن حجر، فتح الباري، م.س، ج235، ص4م، ج1996هـ.ق/ 1417مؤسسة الرسالة، المتقي الهندي، علي: كنز العمال في سنن األقوال واألفعال، ضبط وتفسير بكري حياني، تصحيح

.574-573، ص2م، ج1989هـ.ق/ 1409وفهرسة صفوة السقا، الط، بيروت، مؤسسة الرسالة،

154

األفكار الرئيسة - كان اإلمام علي عليه السالم أول من تصدى لجمع القرآن بعد رحيل1

النبي صلى الله عليه وآله وسلم مباشرة وبوصية منه صلى الله عليه وآلهوسلم.

- من خصائص جمع اإلمام علي عليه السالم: ترتيب سوره وفق ترتيب2 النزول، إثبات النص القرآني من دون نقص أو زيادة، إثبات قراءته وفق

قراءة الرسول األكرم صلى الله عليه وآله وسلم, اشتماله على شروحاتوتوضيحات جانبية على هامش النص القرآني...

- مصحف اإلمام علي عليه السالم يتوارثه األئمة عليهم السالم من بعده،3وهو اآلن مع اإلمام الحجة المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف.

- إن رفض القوم لمصحف اإلمام علي عليه السالم استدعى التفكير في4 القيام بمهمة جمع القرآن مهما كلف األمر، فوقع اختيارهم على زيد بن

ثابت األنصاري.

- من خصائص جمع زيد بن ثابت: االعتماد على المكتوب من القرآن5 وكذلك المحفوظ في الصدور، تشكيل لجنة لجمع القرآن وأخذه من الناس على باب المسجد، عدم قبول ما لم تقم عليه شهادة شاهدين، إال ما أخذ

من خزيمة بن ثابت, فقد اكتفوا بشهادته فقط، جمع القرآن في صحفب اآليات دون السور. وليس في مصحف، المصحف مرت

- أودعت هذه الصحف عند أبي بكر، ثم صارت إلى عمر، وبعده كانت6عند ابنته حفصة، فلما توفيت أخذها مروان، وأمر بها, فشقت.

155

فكر وأجب

- أجب بـ "صح" أو "خطأ":1 - مصحف اإلمام علي عليه السالم توارثه األئمة عليهم السالم من ولده,

وهو مع اإلمام الحجة المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف. - الداعي األوحد لجمع زيد هو: الخوف على القرآن من الضياع، بعد أن

استحر القتل بقراء القرآن.- كان جمع زيد بن ثابت على أساس ترتيب النزول.

- أجب باختصار:2- بين حقيقة جمع اإلمام علي عليه السالم؟

- تكلم عن خصائص جمع اإلمام علي عليه السالم؟- تحدث عن خصائص جمع زيد بن ثابت األنصاري؟

156

مطالعة مصحف اإلمام علي عليه السالم مع اإلمام القائم المهدي

1عجل الله تعالى فرجه الشريف

روى سليم بن قيس أنه يوم اختلف الناس في المصاحف في عهد عثمان، سأل طلحة اإلمام أمير المؤمنين عليه السالم, لو يخرج للناس مصحفه

الذي جمعه بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأتى به إلى القوم فرفضوه، فقال طلحة: وما يمنعك يرحمك الله أن تخرج كتاب الله

ر طلحة السؤال إلى الناس؟! فكف عليه السالم عن الجواب أوال، فكر فقال: ال أراك يا أبا الحسن أجبتني عما سألتك من أمر القرآن أن ال

تظهره للناس؟ قال عليه السالم: يا طلحة، عمدا كففت عن جوابك. قال طلحة: فأخبرني عما كتبه القوم أقرآن كله أم فيه ما ليس بقرآن؟ قال

عليه السالم: بل هو قرآن كله، إن أخذتم بما فيه نجوتم من النار ودخلتمة، فإن فيه حجتنا، وبيان أمرنا وحقنا وفرض طاعتنا، قال طلحة: الجن

حسبي، أما إذا كان قرآنا فحسبي، ثم قال طلحة: فأخبرني عما في يديك من القرآن وتأويله وعلم الحالل والحرام، إلى من تدفعه ومن صاحبه

بعدك؟ قال عليه السالم: إلى الذي أمرني رسول الله صلى الله عليه وآلهوسلم أن أدفعه إليه.

قال: من هو؟ قال عليه السالم: وصيي وأولى الناس بالناس بعدي, ابني هذا الحسن، ثم يدفعه ابني الحسن عند موته إلى ابني هذا الحسين، ثم يصير إلى واحد بعد واحد من ولد الحسين، حتى يرد آخرهم على رسول

الله صلى الله عليه وآله وسلم حوضه. وهم مع القرآن والقرآن معهم، اليفارقونه وال يفارقهم".

.212-210انظر: الهاللي، كتاب سليم بن قيس، م.س، ص 1

157

مصادر الدرس ومراجعه- القرآن الكريم.1.451، تفسير سورة الناس، ص2- القمي، تفسير القمي، ج2 ،1، كتاب الحجة، باب أنه لم يجمع القرآن...، ح1- الكليني، الكافي، ج3

.633، ص23، كتاب فضل القرآن، باب النوادر، ح2, ج228ص.163-161، ص1- السيوطي، اإلتقان في علوم القرآن، ج4.12، ص1- ابن جزي، التسهيل لعلوم التنزيل، ج5 ، باب في علم األئمة عليهم السالم1- العياشي، تفسير العياشي، ج6

.14، ص2بالتأويل، ح.135، ص2- اليعقوبي، تاريخ اليعقوبي، ج7.212-210, ص147-146- الهاللي، كتاب سليم بن قيس، ص8.119، ص8, ج98، ص6, ج210، ص5- البخاري، صحيح البخاري، ج9

-213، 207، ص1- الزرقاني، مناهل العرفان في علوم القرآن، ج10214.

23، ص4- الطبراني، مسند الشاميين، ج111، ص9- العسقالني، فتح الباري، ج12-573، ص2- المتقي الهندي، كنز العمال في سنن األقوال واألفعال، ج13

574.

158

(3الدرس العاشر: جمع القرآن )

موضوعات الدرس:- جمع أبي بن كعب للمصحف.1- جمع عبدالله بن مسعود للمصحف.2- مصاحف أخرى.3

أهداف الدرس:- تعزيز االرتباط الوجداني والفكري والمعرفي بالقرآن الكريم.1 - االطالع على تاريخ جمع المصاحف بعد رحيل النبي صلى الله عليه وآله2

وسلم, وخصائص الجمع ومصير المصاحف. - التعرف على خصائص مصاحف أبي بن كعب وعبد الله بن مسعود3

ومصيرها.

159

160

- جمع أبي بن كعب:1 إن قيام أبي بن كعب بجمع القرآن ضمن مصحف خاصأ- واقع الجمع:

به من األحداث التاريخية التي نقلها أصحاب السير والتاريخ واألثر، حيث جمعه بعد رحيل النبي صلى الله عليه وآله وسلم واشتهرت قراءته - آنذاك

.1- بين أهل الشام

ب- خصائص الجمع:.2- ترتيب سوره قريبا من ترتيب المصحف الموجود اليوم بين أيدينا

- عدد السور: قيل: مائة وست عشرة سورة، وقيل: مائة وخمس عشرة سورة, بجعل سورتي الفيل وقريش سورة واحدة، وزيادة سورتي الخلع

.3والحفد

.4- افتتاح المصحف بسورة الحمد واختتامه بالمعوذتين

)بسم الله الرحمن الرحيم *- زيادة سورتين، هما: سورة الخلع اللهم إنا نستعين ونستغفرك ونثني عليك الخير * وال نكفرك *

الحفد )بسم الله الرحمن، وسورة ونخلع ونترك من يفجرك(الرحيم * اللهم إياك نعبد ولك نصلي ونسجد * وإليك

، ص1, الزركشي، البرهان في علوم القرآن، م.س، ج30-29انظر: ابن النديم، الفهرست، م.س، ص 1239.

م. ن. 2م. ن. 3م. ن. 4

161

نسعى ونحفد * نخشى عذابك ونرجورحمتك * إن عذابك.1 حيث كان أبي بن كعب يدعو بهما في قنوتهبالكفار ملحق(،

- إسقاط البسملة بين سورتي الفيل وقريش, باعتبارهما سورة واحدة بال.2فصل بينهما

.3- افتتاح الحواميم بسورة الزمر، فيكون عدد الحواميم عنده ثمانية

﴾بعثنا- اشتماله على بعض القراءات الشاذة، من قبيل: قرأ: "هبنا" بدل ﴿ رقدنافي قوله تعالى قالوا يا ويلنا من بعثنا من م :﴾ (.52 )يس: 4﴿

شوا فيهوقرأ: "مروا فيه" أو "سعوا فيه" بدل ﴾م في قوله تعالى:﴿شوا فيه ﴾كلما أضاء لهم م (...20 )البقرة: 5﴿

روي عن محمد بن أبي بن كعب: أن أناسا من أهلج- مصير الجمع: العراق قدموا عليه، فقالوا: إنا تحملنا إليك من العراق، فاخرج لنا مصحف

أبي، فقال محمد: قد قبضه عثمان، قالوا: سبحان الله، أخرجه! قال: قد . فلعل في كثرة إلحاحهم عليه ما يحتمل معه علمهم بوجود6قبضه عثمان

مصحف أبي مع ابنه.

ونقل الطبري عن أبو كريب، عن يحيى بن عيسى، عن نصير بن أبي األشعث، عن حبيب بن أبي ثابت، عن أبيه، قال: أعطاني ابن عباس

مصحفا، فقال: هذا على قراءة أبي. قال أبو كريب: قال يحيى: فرأيتأجل مسمىالمصحف عند نصير فيه: ﴾﴿فما استمتعتم به منهن ﴿﴾7.

األمر الذي يدل على أن هذا المصحف كان موجودا

.179-178، ص1انظر: السيوطي، اإلتقان في علوم القرآن، م.س، ج 1 , السيوطي، اإلتقان في علوم340، ص4 انظر: الزركشي، البرهان في علوم القرآن، م.س، ج 2

.497، ص1القرآن، م.س، ج.176-175، ص1انظر: السيوطي، اإلتقان في علوم القرآن، م.س، ج 3.280، ص8انظر: الطبرسي، مجمع البيان في تفسير القرآن، م.س، ج 4.133، ص1انظر: السيوطي، اإلتقان في علوم القرآن، م.س، ج 5.585، ص2انظر: المتقي الهندي، كنز العمال في سنن األقوال واألفعال، م.س، ج 6 انظر: الطبري، محمد بن جرير: جامع البيان عن تأويل أي القرآن، تقديم خليل الميس، ضبط وتوثيق 7

.18، ص5م، ج1995هـ.ق/ 1415وتخريج صدقي جميل العطار، الط، بيروت، دار الفكر،

162

على أقل تقدير إلى القرن الثاني, ألن يحيى بن عيسى الكوفي الفاخوري.1هـ201توفي عام

قال الفضل بن شاذان: أخبرنا الثقة من أصحابنا: كان تأليف السور في قراءة أبي بن كعب بالبصرة في قرية يقال لها قرية األنصار، على رأس

، أخرج إلينا مصحفا، وقال:2فرسخين عند محمد بن عبد الملك األنصاري هو مصحف أبي رويناه عن آبائنا، فنظرت فيه، فاستخرجت أوائل السور،

.3وخواتيم الرسل. وعدد اآلي: فأوله فاتحة الكتاب...

- جمع عبدالله بن مسعود:2 أ- واقع الجمع: إن قيام عبدالله بن مسعود بجمع القرآن ضمن مصحف

خاص به من األحداث التاريخية التي نقلها أصحاب السير والتاريخ واألثر، حيث جمعه بعد رحيل النبي صلى الله عليه وآله وسلم واشتهرت قراءته -

.4آنذاك - بين أهل الكوفة

ب- خصائص الجمع: - الجمع وفق الترتيب التالي: السبع الطوال، المئين، المثاني، الحواميم،

.5الممتحنات، المفصالت

- إسقاط سورة الفاتحة من الجمع, ليس اعتقادا بعدم قرآنيتها، بل ألن الجمع سبب الحفظ عن الضياع، وسورة الفاتحة مأمونة عن الضياع, لكثرة

قراءتها من

هـ.ق/1404، بيروت، دار الفكر، 1)ابن حجر(: تهذيب التهذيب، ط انظر: العسقالني، أحمد بن علي 1.231-230، ص11م، ج1984

عده الشيخ الطوسي قدس سره من أصحاب اإلمام الصادق عليه السالم . انظر: الشيخ الطوسي، 2 ، قم المقدسة، مؤسسة1محمد بن الحسن: رجال الشيخ الطوسي، تحقيق جواد القيومي اإلصفهاني، ط

.289هـ.ق، ص1415النشر اإلسالمي التابعة لجماعة المدرسين بقم المقدسة، .29 انظر: ابن النديم، الفهرست، م.س، ص3 ,171-170، ص2, اليعقوبي، تاريخ اليعقوبي، م.س، ج29انظر: ابن النديم، الفهرست، م.س، ص 4

.239، ص1الزركشي، البرهان في علوم القرآن، م.س، ج.176، ص1, السيوطي، اإلتقان في علوم القرآن، م.س، ج29انظر: ابن النديم، الفهرست، م.س، ص 5

163

.1قبل المسلمين في صلواتهم اليومية

هما ليستا"الناس", والفلق"- إسقاط سورتي المعوذتين " اعتقادا منه أن.2من القرآن، بل هما للتعوذ من العين والسحر

.3- عدد السور: مائة واثنتا عشرة سورة

.4- إثبات البسملة لسورة براءة - التوسعة في قراءة ألفاظ القرآن، فكان ابن مسعود يجوز أن تبدل كلمة إلى أخرى مرادفتها، إذا كانت لتسهيل القراءة، وال تضر بالمعنى القرآني،

قوم * طعام األثيم﴿مثال: أقرأ ابن مسعود رجال: ﴾،إن شجرة الز فقال الرجل: طعام اليتيم، فردها فلم يستقم بها لسانه، فقال: أتسطيع أن

.5تقول طعام الفاجر، قال: نعم. قال: فافعل

- اشتماله على زيادات تفسيرية أدرجت على النص القرآني, لغرض.6اإليضاح

روي أنه لما أمر بالمصاحف أن تغير - بعد توحيدج- مصير الجمع:ه المصاحف -، قال ابن مسعود: من استطاع أن يغل مصحفا فليغلل, فإن

.7من غل يأت يوم القيامة

ونقل ابن النديم عن محمد بن إسحاق: رأيت عدة مصاحف ذكر نساخها أنها مصحف ابن مسعود، ليس فيها مصحفين متفقين وأكثرها في رق كثير

.8النسخ، وقد رأيت مصحفا قد كتب منذ مائتي سنة فيه فاتحة الكتاب

،176، ص1, السيوطي، اإلتقان في علوم القرآن، م.س، ج29انظر: ابن النديم، الفهرست، م.س، ص 1214.

,29, ابن النديم، الفهرست، م.س، ص130-129، ص5انظر: ابن حنبل، مسند أحمد، م.س، ج 2.176، ص1السيوطي، اإلتقان في علوم القرآن، م.س، ج

.178، ص1انظر: السيوطي، اإلتقان في علوم القرآن، م.س، ج 3 ,39، ص9، بيروت، دار المعرفة، الت، ج2انظر: العسقالني، أحمد بن علي )ابن حجر(: فتح الباري، ط 4

.177، ص1السيوطي، اإلتقان في علوم القرآن، م.س، ج.133، ص1انظر: السيوطي، اإلتقان في علوم القرآن، م.س، ج 5.302-301، ص1انظر، ابن شهر آشوب، مناقب آل أبي طالب عليهم السالم, م.س، ج 6.414، ص1انظر: ابن حنبل، مسند أحمد، م.س، ج 7.29انظر: ابن النديم، الفهرست، م.س، ص 8

164

:- مصاحف أخرى3 بعد رحيل النبي صلى الله عليه وآله وسلم,أ- واقع هذه المصاحف:

قامت جماعة من كبار الصحابة بتأليف القرآن وجمع سوره بين دفتين, بنظم وترتيب خاص، خوفا على القرآن من الضياع، وأبرز هؤالء الصحابة الذين اشتهروا بجمعهم مصاحف خاصة بهم - غير ما سبق ذكرهم -: أبو

"، واشتهرت"لباب القلوبموسى األشعري، حيث جمع مصحفا سمي قراءته بين أهل البصرة، والمقداد بن األسود الذي اشتهرت قراءته بين

.1أهل حمص ودمشق

الطابع العام لهذه المصاحف ترتيبهاب- خصائص هذه المصاحف: سورها وفق ما روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم, بتقديم السبع

الطوال على المئين، ثم المثاني، ثم الحواميم، ثم الممتحنات، ثم المفصالت، مع وجود بعض االختالفات في ما بينها في تقديم بعض السور أو تأخيرها داخل المجموعة نفسها، أو نسبتها إلى مجموعة أخرى, وذلك

.2باجتهاد من الصحابة أنفسهم

: تلفت هذه المصاحف على عهد عثمان بعدج- مصير هذه المصاحف قيامه بتوحيد المصاحف، حيث أرسل إلى كل أفق بمصحف مما نسخت

لجنة توحيد المصاحف، وأمر بما سواه من القرآن كان مجموعا ضمن.3صحف أو ضمن مصحف جامع أن يحرق

, الشيباني، علي بن أبي الكرم)ابن األثير(: الكامل في30انظر: ابن النديم، الفهرست، م.س، ص 1 , الشافعي، علي بن الحسن )ابن111، ص3م، ج1966هـ.ق/ 1386التاريخ، الط، بيروت، دار صادر،

-241، ص39هـ.ق، ج1415عساكر(: تاريخ مدينة دمشق، تحقيق علي شيري، الط، بيروت، دار الفكر، 242.

.174-172، ص1انظر: السيوطي، اإلتقان في علوم القرآن، م.س، ج 2 ،1, الزركشي، البرهان في علوم القرآن، م.س، ج99، ص6انظر: البخاري، صحيح البخاري، م.س، ج 3

.236ص

165

األفكار الرئيسة  - أبي بن كعب من جملة الصحابة الذين جمعوا القرآن ضمن مصحف1

خاص بهم، واشتهرت قراءته بين أهل الشام. وبقي مصحفه على أقل تقدير إلى القرن الثاني الهجري. ومن خصائص جمعه: موافقته تقريبا

سورة، افتتاحه بسورة116 أو115لترتيب المصحف الموجود، عدد سوره الحمد واختتامه بالمعوذتين، زيادة سورتي الخلع والحفد، إسقاط البسملة بين سورتي الفيل وقريش، افتتاح الحواميم بسورة الزمر، اشتماله على

بعض القراءات الشاذة.

- عبدالله بن مسعود من جملة الصحابة الذين جمعوا القرآن ضمن3 مصحف خاص بهم، واشتهرت قراءته بين أهل الكوفة. وبقي مصحفه على

أقل تقدير إلى القرن الثالث الهجري. ومن خصائص جمعه: الجمع وفق ترتيب )السبع الطوال، المئين، المثاني، الحواميم، الممتحنات،

المفصالت(، إسقاط سورة الفاتحة، إسقاط سورتي المعوذتين، عدد سورة، إثبات البسملة لسورة براءة، التوسعة في قراءة112السور:

ألفاظ القرآن، اشتماله على زيادات تفسيرية.

"لباب- من المصاحف األخرى: مصحف أبو موسى األشعري 6 الذي اشتهرت قراءته بين أهل البصرة، ومصحف المقداد بنالقلوب"،

األسود، الذي اشتهرت قراءته بين أهل حمص ودمشق. والطابع العام لهذه المصاحف ترتيبها سورها وفق ما روي عن النبي صلى الله عليه وآله

وسلم , بتقديم السبع الطوال على المئين، ثم المثاني، ثم الحواميم، ثم الممتحنات، ثم المفصالت، مع وجود بعض االختالفات. وقد تلفت هذه

المصاحف على عهد عثمان بعد قيامه بتوحيد المصاحف.

166

فكر وأجب

- أجب بـ "صح" أو "خطأ":1- مصحف أبي بن كعب يطابق المصحف الموجود بين أيدينا اليوم.

- أسقط ابن مسعود الفاتحة العتقاده أنها ليست من القرآن.- اشتهرت قراءة ابن مسعود بين أهل الشام.

- أجب باختصار:2- تكلم عن خصائص جمع أبي بن كعب؟

- تحدث عن خصائص جمع عبدالله بن مسعود؟- ما هو مصير مصاحف الصحابة؟

 

167

مطالعة

1ترتيب مصحف أبي بن كعب

الحمد، ثم البقرة، ثم النساء، ثم آل عمران، ثم األنعام، ثم األعراف، ثم المائدة، ثم يونس، ثم األنفال، ثم براءة، ثم هود، ثم مريم، ثم الشعراء،

ثم الحج، ثم يوسف، ثم الكهف، ثم النحل، ثم األحزاب، ثم بني إسرائيل، ثم الزمر, أولها حم، ثم طه، ثم األنبياء، ثم النور، ثم المؤمنون، ثم سبأ، ثم

العنكبوت، ثم المؤمن، ثم الرعد، ثم القصص، ثم النمل، ثم الصافات، ثم ص، ثم يس، ثم الحجر، ثم حمعسق، ثم الروم، ثم الحديد، ثم الفتح، ثم

﴿ الملك، ثم السجدة، ثم تبارك﴿القتال، ثم الظهار، ثم إنا أرسلنا﴾انوحا ﴿، ثم األحقاف، ثم ق، ثم حمن﴾ ﴾، ثم الواقعة، ثم الجن، ثملر

﴾، ثم حم﴿اقتربت، ثم المزمل، ثم المدثر، ثم ﴾سأل سائل﴿النجم، ثم الدخان، ثم لقمان، ثم حم الجاثية، ثم الطور، ثم الذاريات، ثم ن، ثم

﴾، ثم﴿عم يتساءلونالحاقة، ثم الحشر، ثم الممتحنة، ثم المرسالت، ثم ، ﴾ال أقسم بيوم القيامة رت ثم ﴿ مس كو ﴿يا أيها﴾، ثم ﴿إذا الش ، ثم النازعات، ثم التغابن، ثم عبس، ثم﴾النبي إذا طلقتم النساء

،المطففين, ثم رت مس كو ﴾إذا الش ، ثم﴿ يتون والتين والز ﴾ ثم﴿ ، ﴾اقرأ ، ثم الحجرات، ثم المنافقون، ثم الجمعة، ثم﴿ م لم تحر ﴾ ثم﴿

ال أقسم بهذا البلدالفجر، ثم ماء﴾، ثم ﴿والليل﴾، ثم ﴿ ﴿إذا الس، مس وضحاها ثم ﴾انفطرت ماء والطارق﴾، ثم ﴿والش ﴾والس ، ثم﴿

﴾، ثم الغاشية، ثم الصف، ثم سورة أهل الكتاب, وهي:سبح اسم ربك﴿،﴾، ثم الضحى، ثم لم يكن﴿ ﴾ألم نشرح ثم القارعة، ثم التكاثر، ثم﴿

،العصر، ثم سورة الخلع، ثم سورة الحفد، ثم ﴾ويل لكل همزة ﴿إذا ثم ﴿ ، ،ثم العاديات، ثم الفيل، ثم ﴾زلزلت ﴾إليالف ﴾أرأيت ثم ﴿ ﴿إنا، ثم ﴿

، ﴾إذا جاء نصر الله ثم القدر، ثم الكافرون، ثم ﴾أعطيناك ،، ثم ﴿ ﴾تبت ﴿ ثم الصمد، ثم الفلق، ثم الناس.

.176-175، ص1انظر: السيوطي، اإلتقان في علوم القرآن، م.س، ج 1

168

1ترتيب مصحف عبدالله بن مسعود

البقرة، والنساء، وآل عمران، واألعراف، واألنعام، والمائدة،الطوال:- ويونس.

براءة، والنحل، وهود، ويوسف، والكهف، وبني إسرائيل،المئين:- واألنبياءن وطهن والمؤمنون، والشعراء، والصافات.

األحزاب، والحج، والقصص، وطس النمل، والنور، واألنفال،المثاني:- ومريم، والعنكبوت، والروم، ويس، والفرقان، والحجر، والرعد، وسبأ،

﴿والمالئكة، وإبراهيم، وص، و ﴾، ولقمان، والزمر.الذين كفروا

حم المؤمن، والزخرف، والسجدة، وحمعسق، واألحقاف،الحواميم:- ﴾، والحشر، وتنزيل السجدة، والطالق، ون،إنا فتحنا﴿والجاثية، والدخان، و

﴾،إذا جاءك المنافقون﴿والقلم، والحجرات، وتبارك، والتغابن، و﴿، وقل أوحي﴿والجمعة، والصف، و ﴾، والمجادلة، والممتحنة،إنا أرسلنا﴾

م﴿و ﴾.يا أيها النبي لم تحر

اعة﴿ الرحمن، والنجم، والطور، والذاريات، والمفصل:- ﴾،اقتربت الس ﴾، والمدثر، والمزمل، والمطففين،سأل سائل﴿والواقعة، والنازعات، و

﴿، والمرسالت، والقيامة، وهل أتى﴿وعبس، و ﴿، وعم يتساءلون﴾ إذا﴾رت مس كو ﴿، والش ماء انفطرت﴾ ﴿، والغاشية، وإذا الس ﴾،سبح﴾

، و ماء انشقت إذا الس ﴿والليل، والفجر، والبروج، و ﴾ ﴿، والبلد،﴾اقرأ﴿، والقارعة، وأرأيت﴿والضحى، والطارق، والعاديات، و ﴾،لم يكن﴾

مس وضحاها﴿و ﴿، والتين، ووالش ﴿، وويل لكل همزة لمزة﴾ ألم تر﴾﴿، وكيف ﴿ وإليالف قريش﴾ ﴿، وألهاكم﴾ ﴿، وإنا أنزلناه﴾ ﴾،إذا زلزلت﴾

﴿، والكوثر، وإذا جاء نصر الله﴿والعصر، و ﴾،قل يا أيها الكافرون﴾﴿، وتبت﴿و ﴿، وقل هو الله أحد﴾ ﴾. وليس فيه الحمد والألم نشرح﴾

المعوذتان. 

.176، ص1انظر: السيوطي، اإلتقان في علوم القرآن، م.س، ج 1

169

مصادر الدرس ومراجعه- القرآن الكريم.1.30-29- ابن النديم، الفهرست، ص2، ص4, ج239، 236، ص1- الزركشي، البرهان في علوم القرآن، ج3

340. ،214، 179-172، 133، ص1- السيوطي، اإلتقان في علوم القرآن، ج4

497..280، ص8- الطبرسي، مجمع البيان في تفسير القرآن، ج5.585، ص2- المتقي الهندي، كنز العمال في سنن األقوال واألفعال، ج6.18، ص5- الطبري: جامع البيان عن تأويل أي القرآن، ج7.231-230، ص11- العسقالني، تهذيب التهذيب، ج8.289- الطوسي، رجال الطوسي، ص9

.171-170، ص2- تاريخ اليعقوبي، ج10.130-129، ص5, ج414، ص1- ابن حنبل، مسند أحمد، ج11.39، ص9- العسقالني، فتح الباري، ج12-301، ص1- ابن شهر آشوب، مناقب آل أبي طالب عليهم السالم, ج13

302.11، ص3- ابن األثير، الكامل في التاريخ، ج14.242-241، ص39- ابن عساكر، تاريخ مدينة دمشق، ج15.99، ص6- البخاري، صحيح البخاري، ج16

170

(4الدرس الحادي عشر: جمع القرآن )

موضوعات الدرس:- اختالف المصاحف.1- واقع توحيد المصاحف.2- خصائص المصاحف العثمانية.3- مصير المصاحف العثمانية.4- الصحيح في مسألة جمع القرآن.5

أهداف الدرس:- تعزيز االرتباط الوجداني والفكري والمعرفي بالقرآن الكريم.1 - معرفة تاريخ توحيد المصاحف بعد رحيل النبي صلى الله عليه وآله2

وسلم.- معرفة خصائص المصاحف العثمانية ومصيرها.3- االستدالل على الرأي الصحيح في مسألة جمع القرآن.4

171

172

- اختالف المصاحف:1 بعد رحيل النبي صلى الله عليه وآله وسلم انبرى عدد من الصحابة لجمع

القرآن خوفا عليه من الضياع، فقام كل واحد منهم بجمعه وفق ترتيب خاص ضمن مصحف جامع. وبفعل اختالف قابليات كل واحد منهم

واستعداداته وقدراته, اقتضت طبيعة الحال وقوع االختالف بين هذه المصاحف. وقد أدى هذا

االختالف بين المصاحف إلى اختالف الناس في ما بينهم، نظرا ألن كل قطر من أقطار الدولة اإلسالمية آنذاك أضحى

يقرأ بقراءة تختلف عن قراءة األقطار األخرى, تبعا لقراءتهم على مصحف دون آخر.

وروي في غزو مرج أرمينية: أنه بعد ما رجع حذيفة من غزو الباب )مرج أرمينية ـ آذربيجان( قال لسعيد بن العاص, وكان بصحبته: لقد رأيت في سفري هذا أمرا لئن ترك ليختلفن في القرآن، ثم ال يقومون عليه أبدا!

قال سعيد: وما ذاك؟ قال: رأيت أناسا من أهل حمص يزعمون أنهم أخذوا القرآن عن المقداد، ورأيت قراءتهم خير من قراءة غيرهم، وأن

أهل دمشق يقولون: إن قراءتهم خير من قراءة غيرهم، ورأيت أهلهم قرأوا على ابن مسعود، وأهل البصرة الكوفة يقولون مثل ذلك, وأن

هم قرأوا على أبي موسى األشعري ويسمون يقولون مثل ذلك, وأن ". فلما وصل ركب حذيفة وسعيد إلى الكوفة"لباب القلوبمصحفه

أخبر حذيفة الناس بذلك

173

وحذرهم ما يخاف، فوافقه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وكثير من التابعين. وقال له أصحاب ابن مسعود: ما تنكر، ألسنا نقرأهما أنتم على قراءة ابن مسعود؟! فغضب حذيفة ومن وافقه، وقالوا: إن

كم على خطأ، وقال حذيفة: والله لئن عشت آلتين أعراب فاسكتوا، فإنأمير المؤمنين ـ يعني عثمان ـ وألشيرن عليه أن يحول بين الناس

وبين ذلك. فأغلظ له ابن مسعود، فغضب سعيد وقام، وتفرق الناس،وغضب حذيفة وسار إلى عثمان، فأخبره بالذي

رأى، وقال أنا النذير العريان فأدركوا األمة. فجمع عثمان الصحابة . وقد ذكر1وأخبرهم الخبر، فأعظموه ورأوا جميعا ما رأى حذيفة....

, استدعت2أصحاب السير والتاريخ حوادث أخرى مشابهة لهذه الحادثةالتفكير مليا بالقيام بتوحيد المصاحف.

- واقع توحيد المصاحف:2 أمام هذا الواقع من االختالف بين الناس في أمر القرآن، عزم عثمان عام

على تنفيذ مهمة توحيد المصاحف، فأرسل إلى كل أفق من3 للهجرة25 يجمع المصاحف أو الصحف التي فيها قرآن، حتى جمعت، ثم سلقها بالماء الحار والخل، وقيل: أحرقها، فلم يبق مصحف إال فعل به ذلك، خال مصحف

ابن مسعود، فامتنع أن يدفع مصحفه إلى عبد الله بن عامر، فكتب إليه.4عثمان أن أشخصه

وتجدر اإلشارة إلى أن إجراء حرق المصاحف من قبل عثمان أدى إلى ضياع كثير من اإلشارات والتوضيحات المتعلقة بنزول اآليات، ومكان

نزولها، ومن نزلت فيهم،

, ابن عساكر، تاريخ مدينة دمشق،112-111، ص3 انظر، ابن األثير، الكامل في التاريخ، م.س، ج1.242-241، ص39م.س، ج

, ابن حجر، فتح240، ص39 لمزيد من التفصيل، انظر: ابن عساكر، تاريخ مدينة دمشق، م.س، ج2.16-15، ص9الباري، م.س، ج

روى مصعب بن سعد بن أبي وقاص: سمع عثمان قراءة أبي، وعبد الله، ومعاذ، فخطب الناس، ثم3 قال: إنما قبض نبيكم صلى الله عليه وآله وسلم منذ خمس عشرة سنة، وقد اختلفتم في القرآن،

عزمت على من عنده شيء من القرآن سمعه من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم, لما أتاني به. , ابن حجر،585، ص4870، ح2انظر: المتقي الهندي، كنز العمال في سنن األقوال واألفعال، م.س، ج

.15، ص9فتح الباري، م.س، ج.170، ص2 انظر: اليعقوبي، تاريخ اليعقوبي، م.س، ج4

174

وناسخها ومنسوخها، ومحكمها ومتشابهها..., كما كان يبينها النبي صلىالله عليه وآله وسلم للصحابة، والتي كانوا يكتبونها على هامش مصاحفهم.

ومن ثم أرسل عثمان إلى حفصة أن أرسلي إلينا الصحف ننسخها في المصاحف، ثم نردها إليك، فأرسلت بها حفصة إلى عثمان، ثم ندب لمهمة توحيد المصاحف نفرا يخصونه، ليشكلوا نواة لجنة توحيد المصاحف، وهم

أربعة: زيد بن ثابت )وهو من األنصار(، وسعيد بن العاص، وعبد الله بن.1الزبير، وعبد الرحمان بن الحارث بن هشام )وهم قرشيون(

وكان ابتداء األمر في عمل اللجنة لزيد وسعيد، حيث سأل عثمان: من أكتب الناس؟ قالوا: زيد، ثم قال: فأي الناس أفصح؟ قالوا: سعيد، فقال:

.2فليمل سعيد، وليكتب زيد

وقال عثمان للرهط القرشيين الثالثة: إذا اختلفتم أنتم وزيد بن ثابت في.3شيء من القرآن, فاكتبوه بلسان قريش, فإنه إنما نزل بلسانهم, ففعلوا

ولكن هؤالء األربعة لم يستطيعوا القيام باألمر لوحدهم، ومن ثم استعانوا: بأبي بن كعب، وأنس بن مالك، وعبد الله بن عباس، إلى تمام االثني عشر

.4رجال، فكان أبي بن كعب يملي عليهم ويكتب اآلخرون

وكان التساهل في مهمة توحيد المصاحف واضحا وجليا، حيث وردت فيهم المصحف العثماني أخطاء ومناقضات إمالئية ال يستهان بها، حيث إن

عندما فرغوا من نسخ المصاحف أتوا به إلى عثمان، فنظر فيه فقال: قد أحسنتم وأجملتم، أرى فيه شيئا من لحن! لكن ستقيمه العرب بألسنتها،

ثم قال: لو كان المملي من

،1, السيوطي، اإلتقان في علوم القرآن، م.س، ج99، ص6 انظر: البخاري، صحيح البخاري، م.س، ج1.16-15، ص9, ابن حجر، فتح الباري، م.س، ج165-164ص

.16، ص9 انظر: ابن حجر، فتح الباري، م.س، ج2.165، ص1 انظر: السيوطي، اإلتقان في علوم القرآن، م.س، ج3 , الزرقاني، مناهل العرفان في علوم القرآن،17-16، ص9 انظر: ابن حجر، فتح الباري، م.س، ج4

.211، ص1م.س، ج

175

.1هذيل، والكاتب من ثقيف لم يوجد فيه هذا!

هذا مع وجود بعض االختالفات بين النسخ المرسلة إلى اآلفاق اإلسالمية,بر﴿من قبيل: قرأ ابن عامر, وهو مقرىء الشام: 2﴾جآؤوا بالبينات والز

بالباء )بالزبر(, ألن مصحف الشام فقط كانت فيه زيادة الباء، وقرأ الباقونبغير باء, لخلو

وسارعوا إلى﴿. وقرأ ابن عامر ونافع: 3مصاحفهم عن زيادة الباء بكم بدون واو)وسارعوا(, لعدم اشتمال مصحفي الشام4?مغفرة من ر

والمدينة عليها، بينما قرأ الباقون من القراء بالواو, الشتمال مصاحفهم.5عليها

خون في عدد المصاحف الموحدة التي أرسلت إلى اآلفاق، واختلف المؤرة حسب األمصار المهمة: المكي، فذهب البعض إلى أنها كانت ست

والشامي، والبصري، والكوفي، والمدني العام، والمدني الخاص الذي حبسه عثمان لنفسه وكان النسخة األم أو اإلمام التي يرجع إليها عند

االختالف في مصاحف األمصار، وقيل ثمانية: الكوفي، والبصري، والشامي، والمدني العام، والمدني الخاص، وثالثة مختلف فيها هي:

المكي، ومصحف البحرين، ومصحف اليمن. وقيل: إن عثمان أنفذ إلى . وأوفد عثمان قارئا مع كل نسخة كان يرسلها إلى كل6مصر مصحفا

.7إقليم, يوافق قراءتهم، واختار زيد بن ثابت مقرءا للمدينة

وقد أبدى الصحابة رضاهم بفكرة توحيد المصاحف، إال ابن مسعود لم يكن . ولعل عدم رضاه راجع إلى استبعاده من لجنة8راضيا عن هذا اإلجراء

توحيد

،4787, ح586، ص4784، ح2 انظر: المتقي الهندي، كنز العمال في سنن األقوال واألفعال، م.س، ج1.587ص

.184 سورة آل عمران، اآلية: 2.462، ص2 انظر: الطبرسي، مجمع البيان في تفسير القرآن، م.س، ج3.133 سورة آل عمران، اآلية: 4.389، ص2 انظر: الطبرسي، مجمع البيان في تفسير القرآن، م.س، ج5 ،1, السيوطي، اإلتقان في علوم القرآن، م.س، ج160، ص2 انظر: اليعقوبي، تاريخ اليعقوبي، م.س، ج6

.330-329، ص1, الزرقاني، مناهل العرفان في علوم القرآن، م.س، ج216ص.330، ص1 انظر: الزرقاني، مناهل العرفان في علوم القرآن، م.س، ج7 , ابن عساكر، تاريخ مدينة دمشق،112-111، ص3 انظر، ابن األثير، الكامل في التاريخ، م.س، ج8

.242-241، ص39م.س، ج

176

المصاحف, وهو الذي كان يتلقى القرآن من فم الرسول صلى الله عليه.1وآله وسلم وأجدر بهذا األمر من زيد بن ثابت

ونقل عن اإلمام علي عليه السالم تأييده لفكرة توحيد المصاحف، بقوله: "فوالله ما فعل عثمان الذي فعل في المصاحف إال عن مأل منا، استشارنا في أمر القراءات، وقال: بلغني أن بعضهم

يقول: قراءتي خير من قراءتك، وهذا يكاد يكون كفرا، قلنا: فماذا رأيت؟ قال: أرى أن يجمع الناس على مصحف واحد، فال

.2"تكون فرقة وال اختالف. قلنا: فنعم ما رأيت

وكان اإلمام علي عليه السالم حريصا على االلتزام بما نتج عن لجنة توحيده يد التحريف في ما بعد المصاحف, حفاظا على كتاب الله من أن تمس

تحت ذريعة اإلصالح، حيث سأله بعض الناس عن إمكانية تغيير كلمة فيه،.3""إن القرآن ال يهاج اليوم وال يحولفأجابهم عليه السالم بحزم:

- خصائص المصاحف العثمانية:3 ، وهي4أ- الترتيب: موافقتها لترتيب المصحف الموجود الذي بين أيدينا

قريبة من ترتيب بعض مصاحف الصحابة، وال سيما مصحف أبي بن كعب مع وجود بعض االختالفات اليسيرة، منها: أن الصحابة كانوا يعدون سورة يونس من السبع الطوال، فكانت هي السورة السابعة ترتيبا في مصحف

ابن مسعود، والثامنة في مصحف أبي بن كعب، لكن عثمان عمد إلى سورة األنفال فجعلها هي وسورة براءة سابعة السبع الطوال، ظنا منه أنها

.5سورة واحدة، وأخر سورة يونس إلى سور المئين

انظر: الترمذي، محمد بن عيسى: سنن الترمذي)الجامع الصحيح(، تحقيق وتصحيح عبد الرحمن محمد1.349-348، ص4م، ج1983هـ.ق/ 1403، بيروت، دار الفكر، 2عثمان، ط

.166، ص1 انظر: السيوطي، اإلتقان، م.س، ج2.495، ص9 انظر: الشيخ الطوسي، التبيان في تفسير القرآن، م.س، ج3.213، ص1انظر: الزرقاني، مناهل العرفان في علوم القرآن، م.س، ج 4 ،2, النيسابوري، المستدرك على الصحيحين، م.س، ج57، ص1 انظر: ابن حنبل، مسند أحمد، م.س، ج5

.221ص

177

خلو المصاحف العثمانية)التشكيل(: )النقط( والشكل اإلعجام-ب ,22عن العالمات التي تمتاز بها الحروف المعجمة عن الحروف المهملة

بسبب طبيعة الخط العربي آنذاك، فال تمييز بين الباء والتاء، وال بين الجيم هنالك تبلو كل﴿ و)تتلو( في قوله تعالى: ﴾تبلو﴿والحاء والخاء...، مثال: ا أسلفت... يك﴿، و2 1﴾نفس م فاليوم﴿ و)ننحيك( في قوله تعالى: ﴾ننج

يك ببدنك لتكون لمن خلفك آية .4 3...﴾ننج

, ما استدعى أن يقوم5وكذلك تجرد المصحف عن الحركة واإلعراب القارئ بنفسه بالتمييز بينهما عند القراءة, حسب ما يبدو له من قرائن,

كما كان عليه أن يعرف بنفسه وزن الكلمة وكيفية إعرابها أيضا، مثال: في ...وأشهدوا إذا تبايعتم وال يضآر كاتب وال شهيد﴿قوله تعالى:

وإن تفعلوا فإنه فسوق بكم واتقوا الله ويعلمكم الله والله ، قرأ حمزة وحده: )إن تضل( بكسر الهمزة.6﴾بكل شيء عليم

والباقون بفتحها. وقرأ ابن كثير وأبو عمرو وقتيبة: )فتذكر( بالتخفيف والنصب. وقرأ حمزة: )فتذكر( بالتشديد والرفع. وقرأ. الباقون: )فتذكر(

بالتشديد والنصب. وقرأ عاصم وحده: )تجارة حاضرة( بالنصب. وقرأ الباقون بالرفع. وقرأ أبو جعفر: )وال يضار( بتشديد الراء وتسكينها.

.7والباقون: )ال يضار( بالنصب والتشديد

ة عن عالئم فارقة شكل سببا بارزا في ومن هنا، فإن خلو المصاحف األولي حدوث االختالف في القراءات في ما بعد, إذ كان االعتماد على الحفظ

والسماع،

.30 سورة يونس، اآلية: 1.180، ص5 انظر: الطبرسي، مجمع البيان في تفسير القرآن، م.س، ج2.92 سورة يونس، اآلية: 3.221 انظر: م. ن، ص4.333-332، ص1 انظر: الزرقاني، مناهل العرفان في علوم القرآن، م.س، ج5.282 سورة البقرة، اآلية: 6.216، ص2 انظر: الطبرسي، مجمع البيان في تفسير القرآن، م.س، ج7

178

ما كان يحصل اشتباه في النقل أو خلط في السماع. وبطول الزمان رب أضف إلى ذلك دخول ألسنة غير عربية إلى اإلسالم بعد توسع الفتوحات اإلسالمية, فكان يتعذر عليهم قراءة مصحف خال من العالئم اإليضاحية

المائزة، حتى لو تعلموا .1اللغة العربية

- مصير المصاحف العثمانية:4 ليس بين أيدينا دليل قاطع على وجود المصاحف العثمانية اآلن، فضال عن

تعيين أمكنتها، وقد أفاد ابن الجزري أنه رأى في زمانه مصحف أهل الشام، ورأى - أيضا - مصحفا في مصر. أما المصاحف األثرية التي تحتويها

خزائن الكتب واآلثار في مصر، ويقال عنها: إنها مصاحف عثمانية, فإننا نشك كثيرا في صحة هذه النسبة, ألن بها زركشة ونقوشا موضوعة

كعالمات للفصل بين السور، ولبيان أعشار القرآن، ومعلوم أن المصاحف العثمانية كانت خالية من كل هذا، ومن النقط والشكل أيضا. نعم، إن

المصحف المحفوظ في خزانة اآلثار بالمسجد الحسيني والمنسوب إلى عثمان مكتوب بالخط الكوفي القديم، مع تجويف حروفه وسعة حجمه

جدا، ورسمه يوافق رسم المصحف المدني أو الشامي، حيث رسم فيه " من سورة المائدة، بدالين اثنين مع فك اإلدغام, وهي"من يرددكلمة

فيها بهذا الرسم، فأكبر الظن أن هذا المصحف منقول من المصاحف العثمانية على رسم بعضها. وكذلك المصحف المحفوظ بتلك الخزانة،

ويقال: إن علي ابن أبي طالب كتبه بخطه، يالحظ فيه أنه مكتوب بذلك الخط الكوفي القديم، بيد أنه أصغر حجما، وخطه أقل تجويفا من سابقهن

ورسمه يوافق غير المدني والشامي من المصاحف العثمانية، حيث " بدال واحدة مع اإلداغام، وهي فييردرسمت فيه الكلمة السابقة "

غيرهما كذلك، فمن الجائز أن يكون كاتبه عليا أو أن يكون قد أمر بكتابته.2في الكوفة

.333، ص1 انظر: الزرقاني، مناهل العرفان في علوم القرآن، م.س، ج1.331-330 انظر: م. ن، ص2

179

- الصحيح في مسألة جمع القرآن:5 إذا أردنا أن نقوم عملية جمع القرآن بحسب ما ورد من روايات ووثائقتاريخية في هذا الصدد، فيمكن القول: إن الجمع مر بمراحل ثالث هي:

جمع النبي صلى الله عليه وآله وسلم: وهو عبارةأ- المرحلة األولى: عن تأليف السور وترتيب اآليات داخلها بأمر من النبي صلى الله عليه وآله

وسلم, وذلك ضمن صحف غير مرتبة السور وال مجموعة بين دفتين.

جمع اإلمام علي عليه السالم: وهو عبارة عن جمعب- المرحلة الثانية: القرآن بين دفتين ضمن مصحف جامع, وفق ترتيب النزول, بإيصاء من النبي صلى الله عليه وآله وسلم قبل رحيله صلى الله عليه وآله وسلم, وتقسم هذه المرحلة إلى مرحلتين: األولى: جمع القرآن بين دفتين مما تركه النبي صلى الله عليه وآله وسلم خلف فراشه وعهد به إلى اإلمام علي عليه السالم ليباشر بجمعه بعد رحيله صلى الله عليه وآله وسلم. الثانية: نسخ القرآن المجموع على نسخة من القرطاس، بعد أن كانتالنسخة األولى مكتوبة على العسب واللخاف والقرطاس والخشب...

وتجدر اإلشارة إلى أن جمع زيد بن ثابت، والذي حصل بعد جمع اإلمام علي عليه السالم لم يكن جمعا لمصحف، بل لصحائف غير مرتبة السور،

فلم يأت بشيء جديد، فضال عن أن هذه الصحائف كانت نسخة خاصة بالخليفة األول، ثم أصبحت عند الخليفة الثاني، ثم ورثتها ابنته حفصة، ولم

تكن هذه الصحائف متداولة بين المسلمين.

كما أن ما جمعه الصحابة ضمن مصاحف, كأبي بن كعب، وعبدالله بن مسعود، وغيرهما، جاء بعد جمع اإلمام علي عليه السالم, ولم يقدم شيئا

جديدا على ما جمعه اإلمام علي عليه السالم, بل كان بعض هذه المصاحف يشتمل على اجتهادات من قبل الصحابة أدت في ما بعد إلى

وقوع االختالف بين الناس في قراءة القرآن.

ج- المرحلة الثالثة: محاولة توحيد القراءات المختلفة والرسم في عهد عثمان بن عفان: والواقع أن هذه المحاولة لم يكتب لها تحقيق هدفها,

ألنها وقعت في المشكلة نفسها من االختالف، حيث كانت المصاحفالعثمانية المرسلة إلى

180

األمصار في ما بينها, قراءة ورسما، ولم تفلح في توحيد القراءة والرسم. وعلى رغم ذلك فقد أمضى اإلمام علي عليه السالم محاولة توحيد

المصاحف تلك وأيدها، ومنع في ما بعد أي محاولة لتصحيح المصحف, حتىولو كانت تصحيحا ألخطاء إمالئية واضحة.

181

األفكار الرئيسة - وقع االختالف بين الناس في قراءة القرآن بفعل اختالف مصاحف1

25الصحابة في ما بينها, ما أدى إلى القيام بمشروع توحيد المصاحف عام للهجرة.

- وردت في المصحف العثماني أخطاء ومناقضات إمالئية ال يستهان بها،2 مع وجود بعض االختالف بين النسخ المرسلة إلى اآلفاق اإلسالمية التي

مصاحف على اختالف بين المؤرخين في عددها.8 أو 6كانت

- كان اإلمام علي عليه السالم حريصا على االلتزام بما نتج عن لجنة3ه يد التحريف في ما توحيد المصاحف, حفاظا على كتاب الله من أن تمس

بعد تحت ذريعة اإلصالح.

- من خصائص المصاحف العثمانية، موافقتها لترتيب المصحف الموجود4 الذي بين أيدينا، خلوها من النقط والتشكيل، والحركات واإلعراب, بما أدى

إلى حدوث االختالف في القراءة بين الناس من جديد.

5 - ليس بين أيدينا دليل قاطع على وجود المصاحف العثمانية اآلن، فضالعن تعيين أمكنتها.

- جمع القرآن مر بمراحل ثالث:.جمع النبي صلى الله عليه وآله وسلم:6 تأليف السور وترتيب اآليات داخلها بأمر من النبي صلى الله عليه وآله

وسلم, وضمن صحف غير مرتبة السور وال مجموعة بين دفتين. ب.جمع اإلمام علي عليه السالم: جمع القرآن بين دفتين ضمن مصحف جامع,

وفق ترتيب النزول, بإيصاء من النبي صلى الله عليه وآله وسلم. ج.محاولة توحيد القراءات المختلفة والرسم في عهد عثمان.

182

فكر وأجب

- أجب بـ "صح" أو "خطأ":1 للهجرة.30- جرى توحيد المصاحف عام

- تشتمل المصاحف العثمانية على اإلعجام وتخلو من التشكيل. - ترتيب السور في المصاحف العثمانية يوافق ترتيبها في المصحف

الموجود بين أيدينا.

- أجب باختصار:2- بين حقيقة توحيد المصاحف العثمانية؟

- تحدث عن خصائص المصاحف العثمانية؟- ما هو الصحيح في مسالة جمع القرآن؟

183

مطالعة

1دور الشيعة في جمع القرآن وحفظه

إذا عرضنا تاريخ القرآن المجيد واألدوار التي مرت عليه جيال بعد جيل، وجدنا أن هذا النص الموجود بهذا الوضع الراهن هو صنيع جهود الشيعة

بالذات، وهم الذين سهروا على حفظه وضبطه وإتقانه، وعملوا في تحسينه وتشكيله وتطويره, من جميل إلى أجمل، في عمل مستمر، حيث

كان اإلمام علي عليه السالم أول من جمع القرآن بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مباشرة، وإن كان جمعه رفض من قبل القوم،

لكن فكرة الجمع أثرت أثرها في ما جمع بعده، ولم يكن االختالف بين الجمعين في ذات القرآن، بل في ترتيب السور القرآنية, وفق ترتيب

النزول. وكانت المصاحف الرئيسية التي جمع فيها القرآن كله على ذلك العهد ـ قبل توحيدها ـ هي: ما جمعه عبد الله بن مسعود، وأبي بن كعب،

وأبو الدرداء، والمقداد ابن األسود، ممن عرفوا بالوالء الخاص للبيت النبوي الرفيع، ولم يكن سائر المصاحف بذلك االعتبار، وكانت صحف أبي

بكر غير منتظمة بين دفتين. وأول من جاء بفكرة توحيد المصاحف على عهد عثمان هو: حذيفة بن اليمان، وكان أبي بن كعب هو الذي تصدى إمالء

القرآن على لجنة استنساخ المصاحف الموحدة، وكانوا يراجعونه في ما أشكل عليهم من ثبت الكلمات. وكان تشكيل المصحف وتنقيطه على يد

أبي األسود الدؤلي, صاحب أمير المؤمنين عليه السالم, وتلميذيه: نصر بن عاصم، ويحيى بن يعمر، وأول من تنوق في كتابة المصحف وتجويد خطه

هو: خالد بن أبي الهياج, صاحب اإلمام علي عليه السالم, ثم كان ضبط الحركات على الشكل الحاضر على يد األستاذ الكبير الخليل بن أحمد

الفراهيدي، وكان هو أول من وضع الهمز والتشديد والروم واإلشمام. أماالقراءات: فإن الشيعة هم الذين درسوا أصولها، وأحكموا

.228-226، ص1انظر: معرفة، التمهيد في علوم القرآن، م.س، ج 1

184

قواعدها، وأبدعوا في فنونها وأطوارها في أمانة وإخالص، حيث كان أربعةة ـ من القراء السبعة شيعة، فضال عن غيرهم من أئمة ـ إن لم نقل ست قراء كبار: كابن مسعود، وأبي بن كعب، وأبي الدرداء، والمقداد، وابن

عباس، وأبي األسود، وعلقمة، وابن السائب، والسلمي، وزر بن حبيش، وسعيد بن جبير، ونصر بن عاصم، ويحيى بن يعمر، وعاصم بن أبي النجود،

وحمران بن أعين، وأبان بن تغلب، واألعمش، وأبي عمرو بن العالء، وحمزة، والكسائي، وابن عياش، وحفص بن سليمان، ونظرائهم من أئمة كبار، هم رؤوس في القراءة واإلقراء في األمصار واألعصار. أما القراءة

ة خالصة، رواها حفص, وهو من الحاضرة ـ قراءة حفص ـ فهي قراءة شيعي أصحاب اإلمام الصادق عليه السالم, عن شيخه عاصم, وهو من أعيان

شيعة الكوفة األعالم، عن شيخه السلمي ـ كان من خواص أصحاب اإلمام علي عليه السالم, عن أمير المؤمنين عليه السالم, عن رسول الله صلى

الله عليه وآله وسلم عن الله عز وجل.

185

مصادر الدرس ومراجعه- القرآن الكريم.1.112-111، ص3- ابن األثير، الكامل في التاريخ، ج2.242-241، ص39- ابن عساكر، تاريخ مدينة دمشق، ج3.17-15، ص9- العسقالني، فتح الباري، ج4 ،4870، ح2- المتقي الهندي، كنز العمال في سنن األقوال واألفعال، ج5

.587، ص4787, ح586، ص4784, ح585ص.170، 160، ص2- اليعقوبي، تاريخ اليعقوبي، ج6.99، ص6- البخاري، صحيح البخاري، ج7.216، 166-164، ص1- السيوطي، اإلتقان في علوم القرآن، ج8-329، 213، 211، ص1- الزرقاني، مناهل العرفان في علوم القرآن، ج9

332..462، 389، ص2- الطبرسي، مجمع البيان في تفسير القرآن، ج10.349-348، ص4- الترمذي، سنن الترمذي)الجامع الصحيح(، ج11.495، ص9- الطوسي، التبيان في تفسير القرآن، ج125، ص1- ابن حنبل، مسند أحمد، ج13.221، ص2- النيسابوري، المستدرك على الصحيحين، ج14 ،2, ج333-330، ص1- الطبرسي، مجمع البيان في تفسير القرآن، ج15.221، 180، ص5, ج216ص

186

(1الدرس الثاني عشر: قراءات القرآن )

موضوعات الدرس:- نشأة القراءات ومراحل تطورها.1- أسباب اختالف القراءات.2- أنواع اختالف القراءات.3- حصر القراءات.4- مقياس قبول القراءات.5- الفرق بين القراءات والقرآن.6

أهداف الدرس:- تعزيز االرتباط الوجداني والفكري والمعرفي بالقرآن الكريم.1- االطالع على تاريخ القراءات وأسباب اختالفها وضوابطها.2- التعرف على مقياس قبول القراءات ورفضها.3

187

188

المحتوى التفصيلي: - نشأة القراءات ومراحل تطورها: القراءات القرآنية هي: علم بكيفية1

. 1أداء كلمات القرآن واختالفها بعزو الناقلةوقد مرت هذه القراءات بمراحل مختلفة يمكن إيجازها بالتالية:

القراءة مباشرة من فم الرسول صلى الله عليهأ- المرحلة األولى: وآله وسلم: وهي المرحلة التأسيسية في القراءة، حيث كان صحابة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يهتمون بتعلم القرآن الكريم

وحفظه وتالوته وسماعه مباشرة من فم النبي صلى الله عليه وآله وسلم ومن دون واسطة. ومن هؤالء: اإلمام علي بن أبي طالب عليه السالم,

.2وعبد الله بن مسعود، وأبي بن كعب، وزيد بن ثابت، وغيرهم

قراءة الصحابة: وتمتاز هذه المرحلة ببداية قراءةب- المرحلة الثانية: الصحابة على الناس وظهور مصاحف خاصة بهم، بحيث اشتهرت قراءاتهم

ومصاحفهم بين المسلمين في المناطق التي كانوا يتواجدون فيها،واصطبغت بأسمائهم في ما

بين الناس، مثل: مصحف أبي بن كعب، ومصحف عبد الله بن مسعود،

انظر: ابن الجزري، محمد: منجد المقرئين ومرشد الطالبين، مراجعة محمد حبيب الشنقيطي, أحمد 1هـ.ق، ص1350محمد شاكر، الط، مصر، مكتبة القدسي, المطبعة الوطنية اإلسالمية باألزهر الشريف،

30..197، ص1انظر: السيوطي، اإلتقان في علوم القرآن، م.س، ج 2

189

...1ومصحف المقداد بن األسود

قراءة األمصار: بعد أن قام عثمان بن عفان بتوحيدج- المرحلة الثالثة: المصاحف، أمر بنسخ عدة مصاحف من النسخة األم الموجودة في المدينة

عاصمة الخالفة، وعين زيد بن ثابت قارئا للمدينة، وأرسل النسخ األخرى إلى األمصار المختلفة، فبعث نسخة مع عبد الله السائب المخزومي )ت:

هـ( إلى مكة، ونسخة مع أبي عبد الرحمن السلمي )ت:70تقريبا عام هـ( إلى55هـ( إلى الكوفة، ونسخة مع عامر بن عبد القيس )ت: 47

هـ( إلى الشام,91البصرة، ونسخة مع المغيرة بن شهاب المخزومي )ت: .2وكان هؤالء القراء يقومون بتعليم الناس كيفية تالوة القرآن

قراءة التابعين: وهم خصوص القراء الذين لمد- المرحلة الرابعة: يأخذوا القرآن مباشرة من فم الرسول صلى الله عليه وآله وسلم, بينما

هـ(، وعبيد بن92أخذوه من الصحابة، وأبرزهم: سعيد بن المسيب )ت: هـ(، وعلقمة بن قيس)ت:103هـ(، ومجاهد بن جبر)ت: 74عميرات )ت:

هـ(، وزر بن72هـ(، وأبو عبد الرحمن عبد الله بن حبيب السلمي )ت: 62 هـ(، وعامر بن عبد القيس )ت:95هـ(، وسعيد بن جبير)ت: 82حبيش )ت:

هـ(، ونصر بن عاصم )ت: قبل90هـ(، ويحيى بن يعمر العدواني )ت: 55.3هـ(، وغيرهم70هـ(، والمغيرة بن أبي شهاب المخزومي )ت: بعد 100

تأسيس علم القراءات: بدأت هذه المرحلةهـ- المرحلة الخامسة: أوائل القرن الثاني للهجرة, فكانت مرحلة ازدهار علم القراءات وذروته،

حيث ظهرت المدارس والمذاهب المختلفة في القراءات، ومن قراء هذهالمرحلة: القراء السبع:

, الزرقاني، مناهل العرفان في علوم197، ص1انظر: السيوطي، اإلتقان في علوم القرآن، م.س، ج 1.338، ص1القرآن، م.س، ج

.330، ص1انظر: الزرقاني، مناهل العرفان في علوم القرآن، م.س، ج 2 , الزرقاني، مناهل العرفان في علوم197، ص1انظر: السيوطي، اإلتقان في علوم القرآن، م.س، ج 3

.338، ص1القرآن، م.س، ج

190

هـ(، ونافع المدني128هـ(، وعاصم بن أبي النجود )ت120ابن كثير)ت: .1هـ(، ...159)ت:

تدوين القراءات: بدأت هذه المرحلة أوائلو- المرحلة السادسة: القرن الثالث الهجري، حيث نشطت فيها حركة تدوين القراءات, بفعل ظهور االختالفات الكثيرة بين القراء, ما استدعى القيام بوضع ضوابط وقواعد لهذا العلم، فكان أول من كتب في قراءات القرآن: أبو عبيد

هـ(، ثم 255هـ(، ثم أبو حاتم السجستاني )ت: 224القاسم بن سالم )ت: .2هـ(282هـ(، ثم إسماعيل القاضي )ت: 310أبو جعفر الطبري )ت:

حصر القراءات رسميا: بدأت هذه المرحلة أواخرز- المرحلة السابعة: القرن الثالث الهجري، حيث بدأت عملية حصر القراءات رسميا على يد

هـ(, الذي كان324 - 245ابن مجاهد أبو بكر أحمد بن موسى بن العباس).3أول من أضفى صبغة رسمية على ما يسمى بالقراءات السبع

يوجد أسباب عدة ساهمت بوقوع- أسباب اختالف القراءات:2االختالف في القراءات، أبرزها:

.4أ- اختالف المصاحف العثمانية المرسلة إلى األمصار في ما بينها.5ب- خلو المصاحف العثمانية من اإلعجام والشكل

ج- اختالف اللهجات: كان قراء القرآن يقرؤنه بلهجاتهم الخاصة, مااستدعى وقوع

, الزرقاني، مناهل العرفان في198- 197 ، ص1انظر: السيوطي، اإلتقان في علوم القرآن، م.س، ج 1.339 - 338 ، ص1علوم القرآن، م.س، ج

م. ن. 2 , الزرقاني، مناهل العرفان في علوم327، ص1انظر: الزركشي، البرهان في علوم القرآن، م.س، ج 3

.340-339، ص1القرآن، م.س، جانظر: الدرس الحادي عشر، واقع توحيد المصاحف. 4انظر: الدرس الحادي عشر، خصائص المصاحف العثمانية. 5

191

االختالف في القراءات وانتشاره بين الناس تدريجيا. مثال: إن اختالف اللهجة يؤدي أحيانا إلى حصول تقديم وتأخير في تلفظ حروف الكلمة

الواحدة, فبني تميم وبعض ربيعة كانوا يقولون بدال من صاعقة وصواعق،. 1صاقعة وصواقع

وكانت قبيلة هذيل تبدل الواو المكسورة بهمزة، فكانوا يلفظون كلمة ﴿قبلوعاء: إعاء، وعلى ذلك كانت قراءة سعيد بن جبير لقوله تعالى:

. هذا باإلضافة إلى االختالفات التي كانت3 بالهمزة )إعاء(2﴾وعاء أخيه تحصل نتيجة لإلظهار، واإلدغام، واإلشمام، والمد، والقصر، واإلمالة، وما

شابه ذلك.

ابتعدت قراءة القرآن -ج- ظهور آراء واجتهادات من قبل القراء: أحيانا - بعد توحيد المصاحف عن السماع والنقل المطلوبين في الحكم

بصحة القراءة، وبفعل خلو المصاحف المرسلة إلى األمصار من اإلعجام والشكل, فلربما كان بعض القراء يختار ما يراه مناسبا في المواضع

.4الملتبسة عليه في القراءة, بما يؤدي إلى إعمال الحدس والظن

- أنواع اختالف القراءات:1ما تفوق الحصر ، أبرزها التالي:5إن أنواع اختالف القراءات رب

أ- االختالف في إعراب الكلمة أو في حركات بقائها, بما ال يزيلها عن وهل نجازي إال﴿صورتها في الكتاب، وال يغير معناها, من قبيل:

﴾، و)وهل يجازى إال الكفور(.الكفور

.93، ص1انظر: الشيخ الطوسي، التبيان في تفسير القرآن، م.س، ج 1.76سورة يوسف، اآلية: 2 , األهوازي، ابن السكيت: الكنز431، ص5انظر: الطبرسي، مجمع البيان في تفسير القرآن، م.س، ج 3

.57اللغوي، الط، بيروت، المطبعة الكاثوليكية لآلباء اليسوعيين، الت، ص هـ.ق/1395، بيروت، دار الزهراء، 4انظر: السيد الخوئي، أبو القاسم: البيان في تفسير القرآن، ط 4

.152م، ص1975.336-334، ص1انظر: الزركشي، البرهان في علوم القرآن، م.س، ج 5

192

ب- الثاني االختالف في إعراب الكلمة, بما يغير معناها، وال يزيلها عن ﴾ و)ربنا باعد بين﴿ربنا باعد بين أسفارناصورتها في الخط, من قبيل:

أسفارنا(.

ج- االختالف في تبديل حروف الكلمة من دون إعرابها, بما يغير معناها، وال﴾ننشزهايغير صورة الخط بها, من قبيل: و)ننشرها(.﴿

د- االختالف في الكلمة, بما يغير صورتها في الكتابة، وال يغير معناها, منقبيل:

صيحة واحدة ﴾إال و)إال زقية واحدة(.﴿

هـ- االختالف في الكلمة, بما يزيل صورتها في الخط ويزيل معناها, منقبيل:

﴾وطلح منضود و)طلع منضود(.﴿

﴿وجاءت سكرة الموتو- االختالف بالتقديم والتأخير, من قبيل: و)وجاءت سكرة الحق بالموت(.﴾بالحق

﴿وما عملتهز- االختالف بالزيادة والنقص في الحروف والكلم, من قبيل: ، و)وما عملت(.﴾أيديهم

- حصر القراءات:2-245أ- واقع حصر ابن مجاهد: هو أبو بكر أحمد بن موسى بن العباس )

هـ(، مقرىء بغداد، وأول من أضفى صبغة رسمية على القراءات324 السبع، حيث اختار أربعة قراء من المدينة ومكة والبصرة والشام، وثالثة

من الكوفة، وجميعهم هـ(. وكان ما شاع من189من قراء القرن الثاني، آخرهم الكسائي )ت:

قراءاتهم برواية تالميذهم )مباشرة أو بالواسطة(.

وقد أورد ابن مجاهد راويين فقط من بين تالميذ من اختارهم من القراء ورواتهم، وذكر في كتابه روايتهما عن أستاذهما. وأدى هذا العمل إلى أن

تنسى رواية التالميذ اآلخرين تدريجيا. والذين جاءوا بعد ابن مجاهد أضافواإلى القراء السبعة ثالثة قراء، فصار عددهم

193

عشرة، وقد ساروا على طريقة ابن مجاهد, باالكتفاء براويين لكل قارىء. ولحق هؤالء أربعة، قرأوا بالشواذ، وقد اعتبرت قراءاتهم، وقبلها أهل

العامة.

هـ(, قارئ118والقراء السبعة، هم: عبد الله بن عامر اليحصبي )ت هـ(, قارئ مكة، وعاصم بن أبي120الشام، وعبد الله بن كثير الداري )ت

هـ(, قارئ الكوفة، وأبو عمرو زبان بن العالء128النجود األسدي )ت هـ(,156هـ(, قارئ البصرة، وحمزة بن حبيب الزيات )ت154المازني )ت

هـ(, قارئ169قارئ الكوفة - أيضا -، ونافع بن عبد الرحمان الليثي )تهـ(, قارئ الكوفة - أيضا -.189المدينة، علي بن حمزة الكسائي )ت

هـ( - راوي حمزة229) والقراء المتممون للعشرة، هم: خلف بن هشام هـ(, قارئ205الزيات -, قارئ بغداد، ويعقوب بن إسحاق الحضرمي )ت

هـ(, قارئ المدينة.130)ت البصرة، وأبو جعفر يزيد بن القعقاع المخزومي

والقراء المتممون لألربعة عشر: وهم الذين قرأوا بالشواذ: ابن يسارهـ(, قارئ البصرة/ ومحمد 110)ت )الحسن البصري(

ة مع ابن كثير،123بن عبد الرحمان )ابن محيصن( )ت هـ(, قارئ مك.1هـ(, قارئ الكوفة148سليمان بن مهران األسدي)األعمش( )ت

ب- تقويم حصر ابن مجاهد:- تقويم القراء السبعة:

.2- القراء السبعة ليسوا من العرب، إال ابن عامر وأبو عمرو

, السيوطي،330-327، ص1لمزيد من التفصيل، انظر: الزركشي، البرهان في علوم القرآن، م.س، ج 1 ،1, الزرقاني، مناهل العرفان في علوم القرآن، م.س، ج198، ص1اإلتقان في علوم القرآن، م.س، ج

.375-368، 340-338ص.329، ص1انظر: الزركشي، البرهان في علوم القرآن، م.س، ج 2

194

.1- جميع القراء السبعة عاشوا في القرن الثاني

- كان الناس على رأس المائتين بالبصرة على قراءة أبي عمرو ويعقوب، وبالكوفة على قراءة حمزة وعاصم، وبالشام على قراءة ابن عامر، وبمكة على قراءة ابن كثير، وبالمدينة على قراءة نافع، واستمروا على ذلك، فلما

.2كان على رأس الثالثمائة أثبت ابن مجاهد اسم الكسائي وحذف يعقوب

- كان للكوفة نصيبها األوفر من غيرها من األمصار في القراءات السبع، حيث كان لها ثالثة قراء: عاصم وحمزة والكسائي, وهم من الموالين ألهل

.3البيت عليهم السالم

:4- تقويم القراءات السبع - استقراء حال الرواة يورث القطع بأن القراءات نقلت إلينا بأخبار اآلحاد، فكيف تصح دعوى القطع بتواترها عن القراء؟! على أن بعض هؤالء الرواة

لم تثبت وثاقته!

- التأمل في الطرق التي أخذ عنها القراء، يقطع معه بأن هذه القراءاتإنما نقلت إليهم بطريق اآلحاد.

- اتصال أسانيد القراءات بالقراء أنفسهم يقطع تواتر األسانيد, حتى لو كان رواتها في جميع الطبقات ممن يمتنع تواطؤهم على الكذب، فإن كل

قارئ إنما ينقل قراءته بنفسه.

- احتجاج كل قارئ من هؤالء على صحة قراءته، واحتجاج تابعيه على ذلك أيضا، وإعراضه عن قراءة غيره, دليل قطعي على أن القراءات تستند إلى

اجتهاد

.329-327، ص1انظر: الزركشي، البرهان في علوم القرآن، م.س، ج 1.216-215، ص1 انظر: السيوطي، اإلتقان في علوم القرآن، م.س، ج 2.142-141، 138-136، 132-13 انظر: السيد الخوئي، البيان في تفسير القرآن، م.س، ص 3.152-151 انظر: م. ن، ص 4

195

القراء وآرائهم, ألنها لو كانت متواترة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلملم يحتج في إثبات صحتها إلى االستدالل واالحتجاج.

- إن في إنكار جملة من األعالم المحققين على جملة من القراءات داللةواضحة على عدم تواترها, إذ لو كانت متواترة لما صح هذا اإلنكار.

- مقياس قبول القراءات:3 وهو يقوم على تحقيقأ- مقياس المشهور من علماء القراءات:

، هي:1أربعة أركان- صحة اإلسناد.

- موافقة اللغة العربية، ولو بوجه, بأن تكون موافقة ألي وجه من وجوه النحو, سواء أكان فصيحا أم أفصح، مجمعا عليه أم مختلفا فيه اختالفا ال

يضر مثله إذا كانت القراءة مما شاع وتلقاه األئمة باإلسناد الصحيح.

- موافقة أحد المصاحف العثمانية ولو احتماال, بأن يكون ثابتا فيها، ولو فيبعضها دون بعضها اآلخر.

- موافقتها للرسم العثماني ولو تقديرا, بحيث يكفي في الرواية أن توافقرسم المصحف, ولو موافقة غير صريحة.

:2ويالحظ على هذا المقياس ما يلي- أنه يتسم بالشمولية والسعة بالمقارنة مع ما ذكره من قبله.

- يشمل كل القراءات الشاذة والضعيفة, وذلك ألن خصائص رسم المصحف العثماني واألقوال المتعددة في األدب العربي، يمكن أن تجعل

الكثير من القراءات الضعيفة مطابقة لرسم المصحف ولقاعدة من قواعدالنحو العربي، بشكل أو

, السيوطي، اإلتقان في علوم331-330، ص1انظر: الزركشي، البرهان في علوم القرآن، م.س، ج 1-340، ص1, الزرقاني، مناهل العرفان في علوم القرآن، م.س، ج207-203، ص1القرآن، م.س، ج

348..133-119، ص2انظر: معرفة، التمهيد في علوم القرآن، م.س، ج 2

196

بآخر. وفي هذه الحالة يفقد هذا المقياس أثره، ويصبح عمليا غير صالحلتمييز القراءات الصحيحة من الخاطئة.

وهو ما ذكره آية الله الشيخ محمد هادي معرفةب- المقياس الصحيح: ، ويقوم على تحقيق1قدس سره في كتابه التمهيد في علوم القرآن

األركان التالية: - موافقة القراءة مع الثبت المعروف بين عامة المسلمين في مادة

الكلمة، وصورتها، وموضعها من النظم القائم, حسب تعاهد المسلمين،خلفا عن سلف.

- موافقة القراءة مع األفصح واألفشى في العربية. - أن ال يعارضها دليل قطعي، سواء أكان برهانا عقليا، أم سنة متواترة، أم

.2رواية صحيحة اإلسناد مقبولة عند األئمة

أن أهم مقياس لقبول القراءة يكمن في انسجامها معوالصحيح هو: قراءات عامة الناس التي توارثوها من جيل إلى جيل، وتكتسب الشروط

الثالثة المذكورة أصالتها, ألنها تصب في اتجاه تحقيق هذا المقياس.

- الفرق بين القراءات والقرآن:4 أجمع المسلمون بجميع نحلهم ومذاهبهم على أن ثبوت القرآن ينحصر طريقه بالتواتر، واستدل كثير من العلماء على تواتره, بتوافر الدواعي

لنقله, ألنه أساس الدين اإلسالمي ومعجزة رسول اإلسالم صلى الله عليه وآله وسلم, وكل شيء تتوافر الدواعي لنقله, ال بد وأن يكون متواترا.

. وقد وقع3وعليه، فما كان نقله بطريق اآلحاد ال يكون من القرآن قطعا ، ويمكن إرجاع هذا4االشتباه بوجود تالزم بين تواتر القرآن وتواتر القراءات

االشتباه إلى عاملين أساسيين، هما:

.155-134، ص2انظر: معرفة، التمهيد في علوم القرآن، م.س، ج 1.154 - 122م. ن، ص 2.124-123انظر: السيد الخوئي، البيان في تفسير القرآن، م.س، ص 3.139، ص1انظر: السيوطي، اإلتقان في علوم القرآن، م.س، ج 4

197

: الخلط بين القرآن والقراءات، فرغم وضوح عدم تواترالعامل األول- القراءات، إال أن البعض توهم تواترها تبعا لتواتر القرآن.

أن القرآن والقراءات حقيقتان متغايرتان, فنص القرآن شيء،والواقع: وكيفية قراءته شيء آخر تماما، فالقرآن: هو الوحي المنزل على محمد

صلى الله عليه وآله وسلم للبيان واإلعجاز، والقراءات: هي اختالف ألفاظ.1الوحي المذكور في كتبة الحروف أو كيفيتها, من تخفيف وتثقيل وغيرهما

الخلط بين القراءات واألحرف السبعة، حيث ظن- العامل الثاني: البعض أن قراءات القراء السبعة هي األحرف السبعة نفسها التي أشارت

.2إليها بعض الروايات من أن القرآن نزل على سبعة أحرف

: أن القرآن نزل على حرف واحد وال أساس لهذه الروايات التيوالواقعهي بمجموعها ضعيفة السند أو مرسلة. إن القرآن واحد نزل من عندعن اإلمام الباقر عليه السالم أنه قال: "

. 3"واحد، ولكن االختالف يجيء من قبل الرواة

"إن الناسوعن الفضيل بن يسار قال: قلت ألبي عبد الله عليه السالم: يقولون: إن القرآن نزل على سبعة أحرف، فقال: كذبوا أعداء

.4الله، ولكنه نزل على حرف واحد من عند الواحد"

أضف إلى ذلك أنه ال توجد أي عالقة بين القراءات واألحرف السبعة, إذ أنشهرة القراء السبعة وقراءاتهم إنما ظهرت

من بعد ما قام به ابن مجاهد من حصر للقراءات بالسبع، بينما كان هناكمن هم أفضل منهم، وتوجد أيضا في قراءة

.5القراء السبعة قراءات شاذة صرح بها األئمة المختصون في هذا المجال

.318، ص1انظر: الزركشي، البرهان في علوم القرآن، م.س، ج 1 , البخاري، صحيح البخاري،41, ص127، ص5, ج264، ص1انظر: ابن حنبل، مسند أحمد، م.س، ج 2

، المتقي الهندي، كنزل204, ص203، ص2, النيسابوري، صحيح مسلم، م.س، ج80، ص4م.س، ج.57-49، ص2العمال في سنن األقوال واألفعال، م.س، ج

.630، ص12، كتاب فضل القرآن، باب النوادر، ح2الشيخ الكليني، الكافي، م.س، ج 3.630، ص13، كتاب فضل القرآن، باب النوادر، ح2 الشيخ الكليني، الكافي، م.س، ج 4.217-215، ص1 انظر: السيوطي، اإلتقان في علوم القرآن، م.س، ج 5

198

األفكار الرئيسة - مرت قراءة القرآن بمراحل مختلفة هي: القراءة من فم الرسول1

صلى الله عليه وآله وسلم, قراءة الصحابة، قراءة األمصار، قراءةالتابعين، تأسيس علم القراءات، تدوين القراءات، حصر القراءات رسميا.

- ساهمت أسباب عدة بوقوع االختالف في القراءات، أبرزها: اختالف2 المصاحف العثمانية في ما بينها، خلو المصاحف من اإلعجام والشكل،

اختالف اللهجات، ظهور آراء واجتهادات من قبل القراء.

- من أنواع اختالف القراءات: االختالف في إعراب الكلمة, االختالف في3تبديل حروف الكلمة...

- كان ابن مجاهد أول من أضفى صبغة رسمية على القراءات السبع،4 والذين جاءوا من بعده أضافوا إلى القراء السبعة ثالثة قراء، ولحق هؤالء

أربعة، قرأوا بالشواذ. وجميع هذه القراءات منقولة على أحسن تقدير بآخبار آحاد, فهي ليست متواترة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم,

فضال عن عدم تواترها عن أصحابها.

- المقياس الصحيح في قبول القراءة يقوم على: موافقة القراءة مع5 النص المتواتر بين عامة المسلمين، وموافقة القراءة مع األفصح واألفشى

في العربية، وأن ال يعارض القراءة دليل قطعي.

- القرآن والقراءات حقيقتان متغايرتان, فالقرآن: هو الوحي المنزل على6 محمد صلى الله عليه وآله وسلم للبيان واإلعجاز، والقراءات: هي اختالف

ألفاظ الوحي المذكور في كتبة الحروف أو كيفيتها.

199

فكر وأجب

- أجب بـ "صح" أو "خطأ":1- اعتمد ابن مجاهد على راويين لكل قارىء وأهمل بقية الرواة.

- من وجوه االختالف بين القراءات: زيادة حرف أو كلمة. - كل قراءة وافقت اللغة العربية ولو بوجه، وصح إسنادها, فهي قراءة

جائزة.

- أجب باختصار:2- اذكر أسباب وقوع االختالف بين القراءات؟

- بين المقياس الصحيح في قبول القراءة؟- هل يوجد تالزم بين تواتر القرآن وتواتر القراءات؟

200

مطالعة1قراءة حفص عن عاصم

هـ(، أشهر القراء127-90هو أبو بكر, عاصم بن أبي النجود األسدي) السبعة. كان آية في إتقان القراءة، ومعروفا بالفصاحة، وأديبا ونحويا،

وإليه انتهت اإلمامة في القراءة في الكوفة بعد شيخه السلمي. اعتبرهعبد الجليل الرازي إمام

الشيعة في القراءة على غرار سائر القراء الكوفيين. وقال فيه الخونساري في روضات الجنات: أصوب القراء رأيا، وأجملهم سعيا ورعيا،

وأحسنهم استنباطا لسياق القرآن.

وكان للكوفة وقرائها السهم األوفر في نقل القراءة إلى األجيال الالحقة، وكان اختيار ابن مجاهد لثالثة قراء من الكوفة، من مجموع القراء السبعة

يكشف بكل جالء عن أهمية الكوفة، وكونها مدينة ذات مكانة عسكرية وسياسية وعلمية، ومن بين ذلك: أن قراءة عاصم فاقت قراءة القراء

الكوفيين اآلخرين، وكانت لقراءة عاصم مزايا جعلتها اليوم هي القراءة الرسمية والمتداولة للقرآن بين المسلمين. ويمكن اعتبار الميزة األساسية

لقراءته هي: الصلة الوثيقة بينها وبين قراءة أكبر أساتذة القراءة وأفضلهم, حيث عرض عاصم القراءة على أبي عبد الرحمن السلمي،

والميزة العلمية ألبي عبد الرحمن السلمي, كونه واسطة في نقل القراءة من اإلمام علي بن أبي طالب عليه السالم إلى قراء الكوفة - ومنهم

عاصم بن أبي النجود -، ولم يتعلم القراءة إال من علي بن أبي طالب عليه السالم, حتى قيل: إنه لم يتخلف في قراءته حرفا واحدا عن قراءة اإلمام علي عليه السالم, وجاء في الرواية أنه كان يقول: إنه ما رأى قرشيا أقرأ لكتاب الله من علي بن أبي طالب عليه السالم, وكان ألبي عبد الرحمن تأثير واسع في كل قراءات الكوفة، ومنها: القراءات الثالث التي دخلت

ضمن القراءات السبع, ألن قراءة عاصم كانت عنه مباشرة, وقراءة حمزةوالكسائي كانتا عنه بالواسطة. وهذه

.226 -221، ص2 انظر: معرفة، التمهيد في علوم القرآن، م.س، ج 1

201

السلسلة في سند القراءة سلسلة ذهبية ال نظير لها في القراءات األخرى.

وذكر البعض إضافة إلى أبي عبد الرحمن، زر بن حبيش من مشايخ عاصم في القراءة أيضا. وقال أبو بكر بن عياش, وهو أحد الشخصين اللذين رويا

عن عاصم: قال لي عاصم: ما أقرأني أحد حرفا إال أبو عبد الرحمن السلمي، وكنت أرجع من عنده فأعرض على زر بن حبيش. وتفيد هذه

الرواية أن عاصما كان يعتمد على أبي عبد الرحمن أكثر من اعتماده علىزر بن حبيش.

وكان لعاصم راويان بال واسطة، هما: شعبة )أبو بكر بن عياش(، وحفص بن سليمان. ورغم ما قيل في حفص بن سليمان من أقوال متضاربة، غير أن الباحثين في علوم القرآن يرجحون روايته على رواية شعبة, وذلك ألنه

ربيب عاصم، وتربى في حجره، وقرأ عليه، وتعلم منه, كما يتعلم الصبيمن معلمه, فال جرم أنه كان أدق إتقانا من شعبة.

202

مصادر الدرس ومراجعه- القرآن الكريم.1.30- ابن الجزري: منجد المقرئين ومرشد الطالبين، ص2-203، 198-197، 139، ص1- السيوطي، اإلتقان في علوم القرآن، ج3

207 ،215-217. ،348-338، 330، ص1- الزرقاني، مناهل العرفان في علوم القرآن، ج4

368-375.-334، 331-327، 318، ص1- الزركشي، البرهان في علوم القرآن، ج5

336..93، ص1- الطوسي، التبيان في تفسير القرآن، ج6.431، ص5- الطبرسي، مجمع البيان في تفسير القرآن، ج7.57- ابن السكيت: الكنز اللغوي، ص8-141، 138-136، 132-13- الخوئي، البيان في تفسير القرآن، ص9

142 ،151-152..155-119، ص2- معرفة، التمهيد في علوم القرآن، ج10.41, ص127، ص5, ج264، ص1- ابن حنبل، مسند أحمد، ج11.80، ص4- البخاري، صحيح البخاري، ج1220, ص203، ص2- النيسابوري، صحيح مسلم، ج13-49، ص2- المتقي الهندي، كنزل العمال في سنن األقوال واألفعال، ج1457.، ص13-12، كتاب فضل القرآن، باب النوادر، ح2- الكليني، الكافي، ج15

630.

203

204

الدرس الثالث عشر: رسم المصحف

موضوعات الدرس:- تطور اللغة العربية ورسمها.1- رسم العربية في عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.2- رسم المصحف العثماني.3- مخالفات ومناقضات في رسم خط المصحف.4- أول من نقط المصحف.5- أول من شكل المصحف.6

أهداف الدرس:- تعزيز االرتباط الوجداني والفكري والمعرفي بالقرآن الكريم.1- االطالع على تاريخ رسم المصحف وخصائصه.2 التعرف على نماذج من المخالفات والمناقضات في رسم خط - 3

المصحف.

205

206

- تطور اللغة العربية ورسمها:1 ترتبط نشأة اللغات اإلنسانية بتطورات الحياة االجتماعية وتفاعالتها، وتعد اللغة العربية من اللغات التي خضعت على طول مسيرتها لهذه القاعدة،

حيث تعرضت لكثير من التطورات, بفعل سعة بقعة انتشارها, فتعددت.1لهجاتها واختلفت، وال سيما بعد الفتوحات اإلسالمية

وتجدر اإلشارة إلى أن اللهجة عبارة عن سلوك لغوي له مميزات لغوية ذات نظام صوتي خاص تخص بيئة معينة، يشترك فيها جميع أفراد تلك

. ومجال االختالف األهم بين اللهجات هو األصوات واختالف معاني2البيئة.3الوحدات الداللية

وقد اشتهرت لهجة قريش أكثر من غيرها من اللهجات العربية األخرى السائدة قبل اإلسالم, كتميم وهذيل وغيرهما, للموقع االقتصادي والديني

الذي كانت تتمتع به مكة آنذاك, ما أدى إلى مزيد من األثر في تهذب لهجة قريش وتطورها, نتيجة االختالط بلهجات الشعوب والقبائل األخرى، ثم كان لنزول القرآن الكريم بلهجة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم

القرشية بالغ األثر في سيادة هذه اللهجة القرشية وصيرورتها اللغةالفصحى.

، القاهرة، دار نهضة مصر للطباعة والنشر ومطبعتها،9انظر: وافي، علي عبد الواحد: علم اللغة، ط 1.96الت، ص

.34م، ص1983، بيروت، دار األندلس، 3انظر: السامرائي، إبراهيم: التطور اللغوي التاريخي، ط 2.34, السامرائي، التطور اللغوي التاريخي، م.س، ص177-176انظر: وافي، علم اللغة، م.س، ص 3

207

والمشهور أن العرب أخذوا لغتهم من الحيرة، التي أخذت من األنبار، وأخذت األنبار من األنباط، وأخذ األنباط لغتهم من الكتابة السامية

الشمالية المأخوذة من الكتابة الفينيقية، التي بدورها أخذت كتابتها منالكتابة السينائية األم في سيناء.

وادعي أن رسم العربية الشمالي أشتق من الكتابة السريانية. والواقع أنه ال دليل على ذلك، وغاية ما يمكن استفادته تأثير السريانية في الكتابة

النبطية التي تأثر بها رسم العربية الشمالي.

وقد تفرع الخط النبطي إلى نوعين من الخطوط: خط يشبه الخط الكوفي في خطوطه المستقيمة وزواياه، وخط نسخي حرفه أكثر استدارة وأسهل

كتابة.

وبقي الخطان - النسخي والكوفي - متداوالن بين المسلمين، يعملون على تحسينهما وتطويرهما، حتى جاء ابن مقلة في بداية القرن الرابع للهجرة،

وأدخل تحسينات هامة جدا على الخط النسخي, ليصبح على ما عليه اليوم من جمال فائق، بخالف الخط الكوفي الذي لم يلق أي تطور أو ازدهار

.1حتى هجر تماما

- رسم العربية في عهد رسول الله صلى الله عليه وآله2وسلم:

لم يتم العثور على كتابات قرآنية تعود إلى الفترة النبوية، ولكن مكة والمدينة كتبتا في تلك الفترة برسم العربية الشمالي المعروف المتطور عن الرسم النبطي، وبخط مطاوع مستدير يمثل أحد الخطين المأثورين

عن األنباط. ومن خصائص الخط المكي والمدني أن في ألفاته تعويج إلى.2يمنة اليد وأعلى األصابع، وفي شكله انضجاع يسير

وما يؤيد هذه اآلثار خرابيش منقوشة على الصخر في جبل سلع قرب المدينة المنورة، يرجع تاريخها إلى غزوة الخندق)األحزاب( في السنة

الخامسة للهجرة، وقد انتظمت هذه الخرابيش في كتابة كبيرة، في قسمها اليميني ذكر أبي بكر وعمر، وفي قسمها اليساري ذكر ألسماء

"، ومنها بخط كبير:أنا محمد بن عبد اللهمنها: "

انظر: المغربي، عبد الرحمن)ابن خلدون(: المقدمة، الط، بيروت، دار إحياء التراث العربي، الت، ص 1417-421.

.9انظر: ابن النديم، الفهرست، م.س، ص 2

208

أما ما كتب على الرق، وهو محتمل النسبة،"أنا علي بن أبي طالب". فهو رسائل الرسول صلى الله عليه وآله وسلم التي أرسلها إلى الملوك بعد عودته من الحديبية, ومنها رسائله إلى النجاشي، وهرقل، وكسرى،

وغيرهم. وتبرز هذه الخرابيش الحجرية والرقوق رسما فيه مالمح الكتابة النبطية في ثوبها المتأخر، فتغيب فيها األلفات الداخلية، والشكل،

واإلعجام، والشدات، والهمزات، والمدات، وقد كتبت بخط مستدير فيه.1تشبه مالمحه مالمح الخط النسخي الذي تطور في ما بعد

- رسم المصحف العثماني:3 .2 صورة ما كتب في المصاحف العثمانيةرسم المصحف":يراد بـ "

أوضاع حروف القرآن في: "فن رسم المصحف"ويراد بـ ".3"المصحف ورسومه الخطية

والرسم الذي دونت به المصاحف العثمانية هو رسم العربية الذي كان سائدا في المدينة المنورة زمن الجمع العثماني سنة خمس وعشرين من

.4هجرة النبي الكريم صلى الله عليه وآله وسلم

وقد قال كثيرون بتوقيفية الرسم العثماني, وأنه من عند الله تعالى، في.5حين ذهب آخرون إلى أنه اجتهاد من الصحابة

وقد بين البحث المعاصر أن هذا الرسم - على المظنون - امتداد للرسم النبطي في ثوبه المتأخر، حيث ورث كثيرا من سمات ذلك الرسم, فجاء غير معجم وال مشكول, تغيب عنه األلفات الداخلية إجماال, ويعوزه كثير

من المحددات والرموز, كالشدة، والهمزة، والمدة, إلى غير ذلك من.6نواحي النقص واإلبهام

، بيروت، دار5انظر: حميد الله، محمد: مجموعة الوثائق السياسية للعهد النبوي والخالفة الراشدة، ط 1.142-99، 32م، ص1985هـ.ق/ 1405النفائس،

انظر: ابن الجزري، محمد: النشر في القراءات، تصحيح ومراجعة محمد علي الضباع، الط، مصر، 2 , الزرقاني، مناهل العرفان في446، ص1المكتبة التجارية الكبرى, مطبعة مصطفى محمد، الت، ج

.300، ص1علوم القرآن، م.س، ج.438انظر: ابن خلدون، المقدمة، م.س، ص 3 ، بغداد، مكتبة1انظر: السجستاني، سليمان بن األشعث: كتاب المصاحف، تصحيح آرثر جفري، ط 4

.24-22م، ص1936هـ.ق/ 1355المثنى, مصر، مكتبة الخانجي, المطبعة الرحمانية، .316-310، ص1انظر: الزرقاني، مناهل العرفان في علوم القرآن، م.س، ج 5.24-22انظر: السجستاني، كتاب المصاحف، م.س، ص 6

209

- مخالفات ومناقضات في رسم المصحف:4 وردت في المصحف مخالفات ومناقضات في الرسم ال يستهان بها, وهي

ترجع إلى قلة خبرة أعضاء لجنة توحيد المصاحف أيام عثمان في هذاهم عندما فرغوا من نسخ المصاحف أتوا بمصحف إلى المجال، حيث إن عثمان، فنظر فيه فقال: قد أحسنتم وأجملتم، أرى فيه شيئا من لحن!

لكن ستقيمه العرب بألسنتها، ثم قال: لو كان المملي من هذيل، والكاتب.1من ثقيف لم يوجد فيه هذا!

وتجدر اإلشارة إلى أن القرآن وصل إلينا متواترا في نقل كلماته وترتيبها, بالحفظ والنقل الشفوي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، جيال بعد

جيل، حيث توافرت الدواعي لنقله، وإن لم يكن متواترا في كيفية أداء هذهالكلمات.

وعليه، فإن هذه المخالفات والمناقضات في الرسم ال تضر بالمعنى والبثبت النص القرآني المتواتر عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم.

وقد كان اإلمام علي عليه السالم حريصا على االلتزام بما نتج عن لجنة توحيد المصاحف، على الرغم من وجود مخالفات في الرسم واإلمالء,

ه يد التحريف في ما بعد تحت ذريعة حفاظا على كتاب الله من أن تمس اإلصالح، حيث سأله بعض الناس عن إمكانية تغيير كلمة فيه، فأجابهم عليه

.2"إن القرآن ال يهاج اليوم وال يحولالسالم بحزم: "

:3أ- نماذج من مخالفات الرسميل...4﴾واختالف الليل والنهار﴿- ، والصحيح: واختالف الل، والصحيح: عالم.5﴾عالم الغيوب﴿-

،4787, ح586، ص4784، ح2انظر: المتقي الهندي، كنز العمال في سنن األقوال واألفعال، م.س، ج 1.587ص

.495، ص9انظر: الشيخ الطوسي، التبيان في تفسير القرآن، م.س، ج 2.371-369، ص1لمزيد من التفصيل، انظر: معرفة، التمهيد في علوم القرآن، م.س، ج 3.164سورة البقرة، اآلية: 4.109سورة المائدة، اآلية: 5

210

، والصحيح: بالغداة.1﴾بالغداة﴿- ﴾إنه ال ييأس- ، والصحيح: ال ييأس.2﴿ - ﴾ألم يأتكم نبأ ، والصحيح: نبأ.3﴿

:4ب- نماذج من مناقضات الرسم.6﴾ال يستأخرون ساعة﴿، 5﴾فال يستأخرون ساعة﴿- .8﴾يمحو الله ما يشاء﴿، 7﴾ويمح الله الباطل﴿- .10﴾قال ابن أم﴿، 9﴾قال يا ابن أم﴿- .12﴾إن تعدوا نعمة الله﴿، 11﴾وإن تعدوا نعمة الله﴿- نه﴿- به﴿، 13﴾على بينة م .14﴾على بينة من ر

ط المصحف:5 - أول من نق كان الخط عندما اقتبسه العرب من السريان واألنباط خاليا من اإلعجام، وال تزال الخطوط السريانية بال إعجام إلى اليوم، وهكذا كان عليه الخط

العربي حتى منتصف القرن األول، ثم دخل عليه اإلعجام في أواخر القرناألول الهجري،

.52سورة األنعام، اآلية: 1.87سورة يوسف, اآلية 2.9سورة إبراهيم، اآلية: 3.372لمزيد من التفصيل، انظر: م. ن، ص 4.49 سورة يونس، اآلية: 5.34سورة األعراف، اآلية: 6.24سورة الشورى، اآلية: 7.39سورة الرعد، اآلية: 8.94سورة طه، اآلية: 9

.150سورة األعراف، اآلية: 10.34سورة إبراهيم، اآلية: 11.18سورة النحل، اآلية: 12.40سورة فاطر، اآلية: 13.14سورة محمد، اآلية: 14

211

حيث تعرف الناس على نقط الحروف المعجمة وامتيازها عن الحروف المهملة, وذلك على يد يحيى بن يعمر ونصر بن عاصم، تلميذي أبي األسود

الدؤلي، بعد أن اتسعت الدولة اإلسالمية، واختلط العرب بالعجم، فبدأ اللبس واإلشكال في قراءة المصاحف بين الناس، حتى ليشق على كثير

.1منهم أن يهتدي لقراءة القرآن قراءة صحيحة من دون وجود إعجام

- أول من شكل المصحف:6دا عن التشكيل وعن كل عالمة كان الخط العربي في أول عهده مجر

تشير إلى حركة الكلمة أو إعرابها. وبعد توسع الفتوحات اإلسالمية، شعر المسلمون بوجود حاجة ماسة إلى وضع عالمات تشكيلية للمصحف

تؤمنهم من الوقوع في الخطأ واللحن عند قراءة القرآن، وال سيما بعد.2دخول ألسنة عجموية على اللسان العربي

أن الله بريء من﴿ونقل أن أبا األسود الدؤلي سمع قارئا يقرأ: ـ بكسر الالم )في رسوله( ـ فقال: 3﴾المشركين ورسوله

ما ظننت أن أمر الناس آل إلى هذا، فرجع إلى زياد بن أبيه ـ وكان واليا هـ(، وكان قد طلب إليه أن يصنع شيئا يكون للناس53 - 50على الكوفة )

إماما، ويعرف به كتاب الله، فاستعفاه أبو األسود، حتى سمع بنفسه هذا اللحن في كالم الله، فعند ذلك عزم على إنجاز ما طلبه زيادـ وكان أبو األسود يقول للكاتب: إذا رأيتني قد فتحت فمي بالحرف, فأنقط نقطة فوقه من أعاله، وإن ضممت فمي, فأنقط نقطة بين يدي الحرف، وإن

.4كسرت, فاجعل النقطة من تحت الحرف

, الزرقاني، مناهل العرفان في علوم454، ص1انظر: السيوطي، اإلتقان في علوم القرآن، م.س، ج 1.332، ص1القرآن، م.س، ج

م. ن.. 2.3سورة التوبة، اآلية: 3.46-45انظر: ابن النديم، الفهرست، م.س، ص 4

212

األفكار الرئيسة - المشهور أن العرب أخذوا لغتهم من الحيرة، التي أخذت من األنبار،1

وأخذت األنبار من األنباط، وأخذ األنباط لغتهم من الكتابة السامية الشمالية المأخوذة من الكتابة الفينيقية، التي بدورها أخذت كتابتها من

الكتابة السينائية األم في سيناء.

- كتبت مكة والمدينة في صدر اإلسالم برسم العربية الشمالي المعروف2المتطور عن الرسم النبطي.

- رسم المصحف: صورة ما كتب في المصاحف العثمانية. وفن رسم3 المصحف: أوضاع حروف القرآن في المصحف ورسومه الخطية.

"الكتابة". فأقرب ما يكون إلى مصطلح الرسم"ومصطلح "

- وردت في المصحف مخالفات ومناقضات في الرسم ال يستهان بها,4 وهي ترجع إلى قلة خبرة أعضاء لجنة توحيد المصاحف أيام عثمان في هذا المجال. ولكنها ال تضر بالمعنى وال بثبت النص القرآني المتواتر عن النبي

صلى الله عليه وآله وسلم .

- أول من نقط المصحف هما: يحيى بن يعمر ونصر بن عاصم, تلميذا5أبي األسود الدؤلي.

- أول من شكل المصحف هو: أبو األسود الدؤلي, صاحب اإلمام علي6عليه السالم.

213

فكر وأجب

- أجب بـ "صح" أو "خطأ":1 - فن رسم المصحف هو: أوضاع حروف القرآن في المصحف ورسومه

الخطية.- أول من شكل المصحف هو: يحيى بن يعمر العدواني.

- أول من نقط المصحف هو: أبو األسود الدؤلي.

- أجب باختصار:2- تكلم عن رسم المصحف العثماني؟

- بين أصل رسم العربية في عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؟ - اذكر بعض المخالفات والمناقضات في رسم المصحف, مبينا سببها،

ومعلال عدم تأثيرها على القرآن؟

214

مطالعة

1أول من ضبط المصحف بالحركات المأخوذة من الحروف

كان الشكل في الصدر األول نقطا، فالفتحة نقطة على أول الحرف، والضمة على آخره، والكسرة تحت أوله. والذي اشتهر اآلن: الضبط بالحركات المأخوذة من الحروف، وهو الذي أخرجه الخليل بن أحمد

هـ(، فالفتح شكلة مستطيلة فوق الحرف، والكسر175الفراهيدي )ت: كذلك تحته، والضم واو صغيرة فوقه، والتنوين زيادة مثلها. وأول من وضع

الهمز والتشديد والروم واإلشمام الخليل – -. أيضا

2أول من كتب المصحف بخط مجود

إن أول من كتب المصاحف في القرن األول ويوصف بحسن الخط هو: هـ(, صاحب أمير المؤمنين علي عليه السالم،100خالد بن أبي الهياج )ت:

وكان مشهورا بجمال خطه وأناقة ذوقه، ويقال: إن سعدا ـ مولى الوليدوحاجبه ـ اختاره

هـ(، فكان96لكتابة المصاحف والشعر واألخبار للوليد بن عبد الملك )ت: هو الذي خط قبلة المسجد النبوي بالمدينة

بالذهب من سورة الشمس إلى آخر القرآن. وطلب إليه عمر بن عبدالعزيز أن يكتب له مصحفا على هذا المثال، فكتب له مصحفا تنوق فيه.

.456، ص1انظر: السيوطي، اإلتقان في علوم القرآن، م.س، ج 1.9انظر: ابن النديم، الفهرست، م.س، ص 2

215

مصادر الدرس ومراجعه

- القرآن الكريم.1.177-176، 96- وافي، علم اللغة، ص23- السامرائي، التطور اللغوي التاريخي، ص3.438، 421-417- ابن خلدون، المقدمة، ص4.46-45، 9- ابن النديم، الفهرست، ص5 - حميد الله، مجموعة الوثائق السياسية للعهد النبوي والخالفة الراشدة،6

.142 - 99، 32ص.446، ص1- ابن الجزري، النشر في القراءات، ج7 ،316-310، 300، ص1- الزرقاني، مناهل العرفان في علوم القرآن، ج8

332-333..24-22- السجستاني، كتاب المصاحف، ص9

،4784، ح2- المتقي الهندي، كنز العمال في سنن األقوال واألفعال، ج10.587، ص4787, ح586ص.495، ص9- الطوسي، التبيان في تفسير القرآن، ج11.372-369، ص1- معرفة، التمهيد في علوم القرآن، ج12.456، 454، ص1- السيوطي، اإلتقان في علوم القرآن، ج13

216

(1الدرس الرابع عشر: إعجاز القرآن )

موضوعات الدرس:- معنى اإلعجاز.1- فلسفة تنوع المعجزات.2- التحدي في القرآن.3 - من أبعاد إعجاز القرآن: )التحدي الخاص(: شخصية من نزل عليه4

القرآن، حقائق القرآن ومعارفه، عدم االختالف في القرآن.

أهداف الدرس:- تعزيز االرتباط الوجداني والفكري والمعرفي بالقرآن الكريم.1- معرفة معنى اإلعجاز القرآني لغة واصطالحا.2- معرفة فلسفة تنوع المعجزات في القرآن.3- معرفة أبعاد إعجاز القرآن الكريم.4

217

218

- معنى اإلعجاز:1 العين والجيم والزاء أصالن صحيحان يدل أحدهماأ- المعنى اللغوي:

على الضعف، واآلخر على مؤخر الشيء، فاألول: عجز عن الشيء يعجز عجزا, فهو عاجز, أي ضعيف... ويقال: أعجزني فالن: إذا عجزت عن طلبه

. 1وإدراكه

أخر عن الشيء، وحصوله عند عجز األمر, أي: مؤخره...والعجز: أصله الت.2وصار في التعارف اسما للقصور عن فعل الشيء, وهو ضد القدرة

المعجز هو: األمر الخارق للعادة، المطابقب. المعنى االصطالحي: . واإلعجاز هو: أن يأتي المدعي لمنصب من3للدعوى، المقرون بالتحدي

المناصب اإللهية بما يخرق نواميس الطبيعة ويعجز عنه غيره شاهدا على صدق دعواه، مع إمكان صدق هذه الدعوى بحكم العقل، أو النقل الثابت

.4عن نبي أو إمام معصوم

.232، مادة"عجز"، ص4انظر: ابن فارس، معجم مقاييس اللغة، م.س، ج 1.547انظر: األصفهاني، مفردات ألفاظ القرآن، م.س، مادة"عجز"، ص 2 ، طهران، نشر مرتضوي, مطبعة چاپخانهء طراوت،2انظر: الطريحي، فخر الدين: مجمع البحرين، ط 3

.25، ص4هـ.ش، مادة "عجز"، ج1362.34-33انظر: السيد الخوئي، البيان في تفسير القرآن، م.س، ص 4

219

- فلسفة تنوع المعجزات:2 اإلمام علي بن موسى الرضا عليه السالم ،1روي أنه سأل ابن السكيت

فقال: لماذا بعث الله موسى بن عمران عليه السالم بالعصا ويده البيضاء وآلة السحر؟ وبعث عيسى بآلة الطب؟ وبعث محمدا صلى الله عليه وآله

"إن الله لما بعث موسىوسلم بالكالم والخطب؟ فقال عليه السالم: عليه السالم كان الغالب على أهل عصره السحر، فأتاهم من عند الله بما لم يكن في وسعهم مثله، وما أبطل به سحرهم، وأثبت به الحجة عليهم. وإن الله بعث عيسى عليه السالم في

، واحتاج الناس إلى الطب،2وقت قد ظهرت فيه الزمانات فأتاهم من عند الله بما لم يكن عندهم مثله، وبما أحيى لهم

الموتى، وأبرء األكمه واألبرص بإذن الله، وأثبت به الحجة عليهم. وإن الله بعث محمدا صلى الله عليه وآله وسلم في

وقت كان الغالب على أهل عصره الخطب والكالم، فأتاهم من عند الله من واعظه وحكمه, ما أبطل به قولهم، وأثبت به

.3الحجة عليهم"

ويفهم من هذه الرواية أن فلسفة تنوع المعجزات تدور مدار الخاصية الغالبة على أهل عصر من يجري الله تعالى على يديه المعجزة, لتكون

أبلغ في التأثير، وأظهر في التحدي، وآكد في تصديق الدعوة.

- التحدي في القرآن:3 . وقد جاء التحدي في4أ- معنى التحدي في القرآن: التحدي هو: المنع

القرآن على نحوين:- التحدي الخاص: وهو التحدي باإلتيان بمثل القرآن بلحاظ وجه خاص من

هو أبو يوسف يعقوب بن إسحاق الدورقي األهوازي الشيعي, أحد أئمة اللغة واألدب، ذكره كثير من 1 المؤرخين وأثنوا عليه، وكان ثقة جليال من عظماء الشيعة، ويعد من خواص اإلمامين التقيين عليهما السالم، وكان حامل لواء علم العربية واألدب والشعر واللغة والنحو، له تصانيف كثيرة مفيدة، منها:

كتاب تهذيب األلفاظ، وكتاب إصالح المنطق. اآلفات الواردة على بعض األعضاء، فيمنعها عن الحركة, كالفالج، واللقوة. ويطلق المزمن على مرض 2

طال زمانه..24، ص20، كتاب العقل والجهل، ح1الشيخ الكليني، الكافي، م.س، ج 3.3، مادة"حد"، ص2انظر: ابن فارس، معجم مقاييس اللغة، م.س، ج 4

220

، من قبيل: شخصية من نزل عليه القرآن، حقائق1وجوهه اإلعجازيةالقرآن ومعارفه، عدم االختالف في القرآن...

- التحدي العام: وهو التحدي باإلتيان بمثل القرآن كله أو جزء منه على هي حسب2وجه عام. وقد ورد هذا التحدي في القرآن ضمن خمس آيات

ترتيب نزولها: قل لئن اجتمعت اإلنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا﴿-

.3﴾القرآن ال يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا

ثله وادعوا من﴿- أم يقولون افتراه قل فأتوا بسورة م.4﴾استطعتم من دون الله إن كنتم صادقين

ثله مفتريات﴿- أم يقولون افتراه قل فأتوا بعشر سور م.5﴾وادعوا من استطعتم من دون الله إن كنتم صادقين

ثله إن﴿- له بل ال يؤمنون * فليأتوا بحديث م أم يقولون تقو.6﴾كانوا صادقين

لنا على عبدنا فأتوا بسورة من﴿- ا نز م وإن كنتم في ريب مثله وادعوا شهداءكم من دون الله إن كنتم صادقين * فإن لم م تفعلوا ولن تفعلوا فاتقوا النار التي وقودها الناس والحجارة

.7﴾أعدت للكافرين

ب- خصائص آيات التحدي:.8- اآليات األربعة األولى آيات مكية، واآلية األخيرة آية مدنية

سيأتي الحديث عنها مفصال في عنوان "أبعاد إعجاز القرآن)التحدي الخاص(". 1تجدر اإلشارة إلى أن هذه اآليات تدخل تحت عنوان التحدي الخاص -أيضا-, كالتحدي ببالغتها. 2.88سورة اإلسراء، اآلية: 3.38سورة يونس، اآلية: 4.13سورة هود، اآلية: 5.34-33سورة الطور، اآليتان: 6.24-23سورة البقرة، اآليتان: 7.68، 59، ص1انظر: السيد الطباطبائي، الميزان في تفسير القرآن، م.س، ج 8

221

- تدل آيات التحدي جميعها على أن القرآن آية معجزة خارقة من عند الله.1تعالى

- التحدي في اآليات عام لكل ما يتضمنه القرآن الكريم من معارف حقيقية، وحجج وبراهين ساطعة، ومواعظ حسنة، وأخالق كريمة، وشرائع

2إلهية، وإخبارات غيبية، وفصاحة وبالغة...

- آيات التحدي مختلفة في العموم والخصوص، ومن أعمها تحديا اآلية.3األولى

- إن كل واحدة من اآليات تؤم غرضا خاصا من التحدي يرجع إلى معانيه السامية ومقاصده العالية، حيث إن اآلية األولى واردة مورد التحدي بجميع

القرآن, لما جمع فيه من األغراض اإللهية، ويختص بأنه جامع لعامة ما يحتاج إليه الناس إلى يوم القيامة. واآلية الثانية واردة مورد التحدي بسورة

من القرآن, لما فيها من بيان غرض تام جامع من أغراض الهدى اإللهي, بيانا فصال من غير هزل. واآلية الثالثة هي تحد بعشر من السور

القرآنية, لما في ذلك من التفنن في البيان والتنوع في األغراض من جهة الكثرة، ليظهر به أن تنوع األغراض القرآنية في

بيانه المعجز ليس إال من قبل الله.

واآلية الرابعة هي تحد بما يعم التحديات الثالثة السابقة, فإن الحديث يعم السورة والعشر سور والقرآن كله, فهو تحد بمطلق الخاصة القرآنية. واآلية الخامسة وردت مورد تأبيد التحدي والتسليم لحقيقة أن القرآن كتاب منزل من عند الله ال ريب فيه، إعجازا باقيا بمر الدهور وتوالي

.4القرون

- إن نوع العناية بالتحدي في اآلية الثالثة غير نوع العناية بالتحدي في اآليات األخرى, ففي هذه اآليات تتعلق العناية بالتحدي بعدم قدرتهم على اإلتيان بمثل القرآن أو بمثل سورة منه, لما أنه قرآن مشتمل على جهات

ال تتعلق بها قدرة

.59، ص1انظر: السيد الطباطبائي، الميزان في تفسير القرآن، م.س، ج 1.162، ص10, ج59، ص1انظر: م. ن، ج 2.59، ص1انظر: م. ن، ج 3.169-167، ص10, ج59، ص1انظر: م. ن، ج 4

222

اإلنسان وال يظهر عليها غيره تعالى وقد أطلق القول فيها إطالقا. بينما في فإن لم يستجيبوا لكم﴿اآلية الثالثة وبمالحظة تعقيبها بقوله تعالى:

, فإن نوع العناية بالتحدي، إنما هو﴾فاعلموا أنما أنزل بعلم الله... بكون القرآن متضمنا لما يختص علمه بالله تعالى وال سبيل لغيره إليه. وهذا أمر ال يقبل االفتراء بذاته, فكأنه قيل: إن هذا القرآن ال يقبل بذاته افتراء, فإنه متضمن ألمور من العلم اإللهي الذي ال سبيل لغيره تعالى

إليه، وإن ارتبتم في ذلك فأتوا بعشر سور مثله مفتريات تدعون أنها افتراء، واستعينوا بمن استطعتم من دون الله، فإن لم تقدروا عليه,

.1فاعلموا أنه من العلم المخصوص به تعالى

- جاء التحدي في هذه اآليات باإلتيان بمثل القرآن أو بمثل سورة أو عشر سور أو حديث منه، ومعنى التحدي بالمثل أن الكالم لما كان آية معجزة،

فلو أتى إنسان بما يماثله, لكفى في إبطال كونه آية معجزة، ولم يحتج.2إلى اإلتيان بما يترجح عليه في صفاته، ويفضل عليه في خواصه

- من أبعاد إعجاز القرآن )التحدي الخاص(:4 إن القرآن الكريم معجز كله باختالف اللحاظات والجهات، وأبعاد إعجازه

أعلى من أن تحصيها العقول، أو أن تدرك كنهها األفهام. ومن األبعاداإلعجازية التي اشتهر بحثها من قبل علماء القرآن والمفسرين، ما يلي: أ- شخصية من نزل عليه القرآن )شخصية الرسول صلى الله

يعد إيتاء الرسول األكرم صلى الله عليه وآله وسلمعليه وآله وسلم(: القرآن وجها من وجوه اإلعجاز، حيث يشهد التاريخ أنه لم يتعلم عند أي

معلم، ولم يترب عند أي مرب، وطيلة مكوثه بين الناس إلى األربعين من عمره لم يكن ينطق بعلم أو شعر أو نثر، ثم أتى بما أتى به دفعة واحدة, فأتى بما عجزت عنه فحولهم، وكلت دونه ألسنة بلغائهم, فلم يقدر على

معارضته

.169، ص10انظر: السيد الطباطبائي، الميزان في تفسير القرآن، م.س، ج 1.170-169انظر: م. ن، ص 2

223

أنس وال جان على طول التاريخ. وقد أشار القرآن الكريم نفسه إلى هذا ، مفندا افتراءات نسبة القرآن إلى النبي صلى الله عليه1الوجه اإلعجازي

وآله وسلم تارة، وتلقيه إياه من بشر غيره تارة أخرى: قل لو شاء الله ما تلوته عليكم وال أدراكم به فقد﴿- قال تعالى:

.2﴾لبثت فيكم عمرا من قبله أفال تعقلون ولقد نعلم أنهم يقولون إنما يعلمه بشر لسان﴿- قال تعالى:

بين .3﴾الذي يلحدون إليه أعجمي وهذا لسان عربي م

يشتمل القرآن الكريم على حقائقب- حقائق القرآن ومعارفه: ومعارف عالية وسامية يحتاجها النوع اإلنساني في تحقيق تكامله في ما

يتعلق بنشأته الدنيوية واألخروية, من إلهيات، وأخالقيات، وعبادات،لنا عليك الكتاب تبيانا﴿ومعامالت، وسياسات، واجتماعيات...: ونز

.4﴾لكل شيء وهدى ورحمة وبشرى للمسلمين

وقد أتى القرآن في جميع ذلك بالحقائق الراهنة، التي ال يتطرق إليها الفساد والنقد في أي جهة من جهاتها، وال يأتيها الباطل من بين يديها وال من خلفها، وال يحكم عليها حاكم النسخ، وال يقضي عليها قانون التحول والتكامل. وهذا شيء يمتنع وقوعه عادة من البشر، وال سيما ممن نشأ

.5بين أمة جاهلة ال نصيب لها من المعارف والعلوم

يعد عدم وجود اختالف في القرآن أحدج- عدم االختالف في القرآن: الوجوه اإلعجازية فيه، فإن من طبيعة الكالم البشري بحكم نشأة المادة

وقانون التحول

,64-63، ص1لمزيد من التفصيل في هذا الوجه اإلعجازي، انظر: الميزان في تفسير القرآن، م.س، ج 1.55-45السيد الخوئي، البيان في تفسير القرآن، م.س، ص

.16سورة يونس، اآلية: 2.103سورة النحل، اآلية: 3.89سورة النحل، اآلية: 4 لمزيد من التفصيل في هذا البعد اإلعجازي ومصاديقه، انظر: السيد الطباطبائي، الميزان في تفسير 5

.67-58, السيد الخوئي، البيان في تفسير القرآن، م.س، ص63-62، ص1القرآن، م.س، ج

224

والتكامل الحاكم فيها، أن يتطرأ إليه بعض االختالف, تبعا لتعرض اإلنسانلظروف مختلفة, من شدة ورخاء، وحرب وسلم، وأمن وخوف...

وواقع الحال: أن القرآن الكريم الذي نزل على النبي صلى الله عليه وآله وسلم وقرأه على الناس قطعا قطعا في مدة ثالث وعشرين سنة، في أحوال مختلفة، وشرائط متفاوتة، في مكة والمدينة، في الليل والنهار، والحضر والسفر، والحرب والسلم، في يوم العسرة ويوم الغلبة، ويوم األمن ويوم الخوف، مع ما فيه من معارف إلهية دقيقة وأخالق فاضلة

وأحكام فرعية مفصلة، في جميع ما يحتاج إليه اإلنسان في حياته الدنيوية واألخروية، بحيث ال يعتريه أدنى اختالف في النظم المتشابه، أو تناقض في

المعارف التي يلقيها. فلو كان من عند غير الله الختلف النظم وتناقض.1المعنى

﴿وقد أشار القرآن الكريم إلى هذا الوجه اإلعجازي بقوله تعالى: أفال يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختالفا

.2﴾كثيرا

, السيد الخوئي، البيان في67-66، ص1انظر: السيد الطباطبائي، الميزان في تفسير القرآن، م.س، ج 1.58-55تفسير القرآن، م.س، ص

.82سورة النساء، اآلية: 2

225

األفكار الرئيسة- المعجز هو: األمر الخارق للعادة، المطابق للدعوى، المقرون بالتحدي.1- فلسفة تنوع المعجزات تدور مدار الخاصية الغالبة في عصر المعجزة.2 - التحدي الخاص: هو التحدي باإلتيان بمثل القرآن بلحاظ وجه خاص من3

وجوهه اإلعجازية، من قبيل: شخصية من نزل عليه القرآن، حقائق القرآنومعارفه، عدم االختالف في القرآن...

- التحدي العام: هو التحدي باإلتيان بمثل القرآن كله أو جزء منه على4وجه عام.

فكر وأجب

- أجب بـ "صح" أو "خطأ":1 - يجب تصديق صاحب المعجزة حتى لو كانت معجزته مخالفة لحكم العقل

القطعي.- فلسفة تنوع المعجزات تدور مدار الخاصية الغالبة في عصر المعجزة.

- التحدي الخاص هو التحدي بخصوص اإلتيان بجزء من القرآن.

- أجب باختصار:2- بين وجه اإلعجاز في شخصية من نزل عليه القرآن؟

- تكلم عن البعد اإلعجازي في حقائق القرآن ومعارفه التي طرحهاللناس؟

- وضح وجه اإلعجاز في عدم وقوع االختالف في القرآن؟

226

مطالعة

محاوالت لمعارضة القرآن! سجل التاريخ بعض المحاوالت لمعارضة القرآن، حيث كانت مدعاة للعبرة

والدهشة، ولم ينتج عنها سوى الخسران والخزي، وفي ما يلي أمثلة منتلك المعارضات:

- عارض مسيلمة الكذاب سورة الفيل بقوله: الفيل، ما الفيل، وما أدراك1.1ما الفيل، له ذنب وبيل وخرطوم طويل

- ادعى أحد الكتاب المسيحيين معارضة القرآن محاوال معارضة سورة2 الحمد من خالل اقتباس جمال من السورة نفسها وتحوير بعض ألفاظها،

وجاء بكالم يقول فيه: الحمد للرحمن، رب األكوان، الملك الديان، لك . وقال في معارضته سورة2العبادة وبك المستعان، اهدنا صراط اإليمان

الكوثر: إنا أعطيناك الجواهر، فصل لربك وجاهر، وال تعتمد قول ساحر. حاول هذا الشخص من خالل تقليده التام لنظم اآليات القرآنية وصياغتها

وتبديل بعض كلماتها، اإليحاء للناس بأنه قد عارض القرآن. وقبله فعل مسيلمة الكذاب - أيضا - في معارضة سورة الكوثر بقوله: إنا أعطيناك

.3الجماهر، فصل لربك وهاجر، وإن مبغضك رجل كافر

.68، ص1انظر: السيد الطباطبائي، الميزان في تفسير القرآن، م.س، ج 1 , السيد الطباطبائي، الميزان في تفسير94انظر: السيد الخوئي، البيان في تفسير القرآن، م.س، ص 2

.68، ص1القرآن، م.س، ج.98-97انظر: السيد الخوئي، البيان في تفسير القرآن، م.س، ص 3

227

مصادر الدرس ومراجعه- القرآن الكريم.1.232، ص4, ج3، ص2- ابن فارس، معجم مقاييس اللغة، ج2.547- األصفهاني، مفردات ألفاظ القرآن، ص3.25، ص4- الطريحي، مجمع البحرين، ج4.98-97، 94، 67-45، 34-33- الخوئي، البيان في تفسير القرآن، ص5.24، ص20، كتاب العقل والجهل، ح1- الكليني، الكافي، ج6 ،67-66، 64-62، 59، ص1- الطباطبائي، الميزان في تفسير القرآن، ج7

.170-167، 162، ص10, ج68

228

(2الدرس الخامس عشر: إعجاز القرآن )

موضوعات الدرس:- اإلخبار عن الغيب.1- الكشف عن حقائق علمية.2- الفصاحة والبالغة )البيان(.3- التصوير الفني.4

أهداف الدرس:- تعزيز االرتباط الوجداني والفكري والمعرفي بالقرآن الكريم.1- معرفة أبرز أبعاد اإلعجاز القرآني.2- تذوق بعد الفصاحة والبالغة في القرآن الكريم.3

229

230

- اإلخبار عن الغيب:1 تحدى القرآن الكريم باإلخبار عن بعض الغيب بآيات كثيرة، ما كان للناس أن يعلموها وال من شأنهم أن يطلعوا عليها لوال إخبار القرآن الكريم بها،

ومن هذه اإلخبارات الغيبية: أ- إخبار القرآن عن بعض الحوادث الماضية الخافي أمرها وحقيقتها عن

الناس، منها: تلك من﴿- قوله تعالى بعد سرد قصة النبي نوح عليه السالم وقومه:

أنباء الغيب نوحيها إليك ما كنت تعلمها أنت وال قومك من قبل.1﴾هذا فاصبر إن العاقبة للمتقين

ذلك من﴿- قوله تعالى بعد سرد قصة النبي يوسف عليه السالم وأخوته أنباء الغيب نوحيه إليك وما كنت لديهم إذ أجمعوا أمرهم وهم

.2﴾يمكرون

ذلك من أنباء الغيب﴿- قوله تعالى بعد سرد قصة مريم عليها السالم: نوحيه إليك وما كنت لديهم إذ يلقون أقالمهم أيهم يكفل مريم

.3﴾وما كنت لديهم إذ يختصمون

.49سورة هود، اآلية: 1.102سورة يوسف، اآلية: 2.44سورة آل عمران، اآلية: 3

231

ب- اإلخبار عن بعض الحوادث المستقبلية الخافي أمرها وحقيقتها عنالناس، منها:

وم * في أدنى﴿- قوله تعالى في انغالب الروم ثم غلبتهم: غلبت الر األرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون * في بضع سنين لله

.1﴾األمر من قبل ومن بعد ويومئذ يفرح المؤمنون

- قوله تعالى في رجوع النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى مكة بعدبي﴿الهجرة: إن الذي فرض عليك القرآن لرادك إلى معاد قل ر

بين ، وقوله تعالى:2﴾أعلم من جاء بالهدى ومن هو في ضالل مؤيا بالحق لتدخلن المسجد الحرام إن﴿ لقد صدق الله رسوله الر

رين ال تخافون فعلم شاء الله آمنين محلقين رؤوسكم ومقص.3﴾ما لم تعلموا فجعل من دون ذلك فتحا قريبا

إلى غير ذلك من اآليات التي تبين حقائق علمية مجهولة للناس زمن نزول القرآن، كشف عنها العلم الحديث في عصرنا الحاضر، أو أخبار تنبئ عن الحوادث العظيمة التي تستقبل األمة اإلسالمية أو الدنيا عامة بعد نزول

.4القرآن

- الكشف عن حقائق علمية:2 كشف القرآن الكريم عن معارف وحقائق كونية وقوانين طبيعية ال سبيل

إلى معرفتها في زمن نزول القرآن إال عبر الوحي اإللهي، وبعض هذه الحقائق لم يتضح للناس إال بعد توافر العلوم وتقدم البشرية وتطورها في فترة متأخرة، وبعضها اآلخر ال يزال مجهوال بالنسبة إليهم حتى اآلن. ومن هذه الحقائق التي كشف عنها الوحي اإللهي، وتنبه لها العلم الحديث، ما

:5يلي

.4-2سورة الروم، اآليات: 1.85سورة القصص، اآلية: 2.27سورة الفتح، اآلية: 3 ,65-64، ص1لمزيد من التفصيل، انظر: السيد الطباطبائي، الميزان في تفسير القرآن، م.س، ج 4

.70-67السيد الخوئي، البيان في تفسير القرآن، م.س، ص.77-70لمزيد من التفصيل، انظر: السيد الخوئي، البيان في تفسير القرآن، م.س، ص 5

232

وأرسلنا﴿ قال تعالى: أ- دور الرياح في تلقيح النبات واألشجار:ياح لواقح... ، حيث أثبت العلم الحديث أن النباتات واألشجار تحتاج1﴾الر

إلى اللقاح لكي تثمر، وعملية التلقيح هذه تحصل بواسطة الرياح التيتحمل اللقاح من مكان إلى آخر.

ومن كل شيء خلقنا زوجين﴿ قال تعالى: ب- ظاهرة الزوجية:رون ا تنبت﴿، 2﴾لعلكم تذك سبحان الذي خلق األزواج كلها مم

ا ال يعلمون ...ومن كل الثمرات﴿ ،3﴾األرض ومن أنفسهم ومم ، حيث تصرح هذه اآليات بعمومية ظاهرة4﴾...جعل فيها زوجين اثنين

الزوجية التكوينية لكل شيء أوجده الله تعالى في هذا الكون.

الذي جعل لكم األرض﴿: قال تعالى: ج- حركة األرض ودورانها ، حيث تصور هذه اآلية األرض على شكل مهد بالنسبة لمن5﴾...مهدا

عليها، وهذه الحالة ناجمة عن الحركة الموضعية واالنتقالية لألرض، ومثلما تكون حركة المهد سببا لسكينة الطفل ونموه, كذلك تؤدي حركة األرض

إلى تكامل اإلنسان وتطوره.

﴿د- كروية األرض: قال تعالى: وأورثنا القوم الذين كانوا ،6﴾يستضعفون مشارق األرض ومغاربها التي باركنا فيها...

رب﴿، 7﴾فال أقسم برب المشارق والمغارب إنا لقادرون﴿ . حيث إننا لو فرضنا أن األرض مسطحة,﴾المشرقين ورب المغربين

فال يمكن أن يكون لها أكثر من مشرق ومغرب في وقت واحد, إال علىفرض كرويتها وتبدل أوضاعها وحاالتها بالنسبة إلى الشمس.

.22سورة الحجر، اآلية: 1.49سورة الذاريات، اآلية: 2.36سورة يس، اآلية: 3.3سورة الرعد، اآلية: 4.53 سورة طه، اآلية: 5.137سورة األعراف، اآلية: 6.40سورة المعارج، اآلية: 7

233

- الفصاحة والبالغة )البيان(:3 من أبعاد إعجاز القرآن فصاحته وبالغته، حيث تحدى بهما العرب الذين

بلغوا مبلغا لم يذكره التاريخ لواحدة من األمم المتقدمة عليهم أو المتأخرة عنهم، ووطئوا موطئا لم تطأه أقدام غيرهم, في كمال البيان، وجزالة

:1النظم، ووفاء اللفظ، ورعاية المقام، وسهولة المنطق

ثله﴿قال تعالى: أم يقولون افتراه قل فأتوا بعشر سور م مفتريات وادعوا من استطعتم من دون الله إن كنتم صادقين

* فإن لم يستجيبوا لكم فاعلموا أنما أنزل بعلم الله وأن ال إله هو فهل أنتم مسلمون .2﴾إال

﴿وقال تعالى: ثله وادعوا أم يقولون افتراه قل فأتوا بسورة م من استطعتم من دون الله إن كنتم صادقين * بل كذبوا بما لم

ا يأتهم تأويله كذلك كذب الذين من قبلهم يحيطوا بعلمه ولم.3﴾فانظر كيف كان عاقبة الظالمين

وقد طالت مدة التحدي، وتمادى زمان االستنهاض, فلم يجيبوه إال أال﴿بالتجافي، ولم يزدهم إال العجز، ولم يكن منهم إال االستخفاء والفرار:

إنهم يثنون صدورهم ليستخفوا منه أال حين يستغشون ثيابهمدور ون وما يعلنون إنه عليم بذات الص .4﴾يعلم ما يسر

، في ما يلي:5ويمكن اإلشارة إلى بعض خصائص هذا اإلعجاز حيث وضع القرآن كل لفظأ- دقيق تعبير القرآن ورقيق تحبيره:

موضعه األخص، إذا أبدل بغيره جاء منه فساد معنى الكالم أو سقوط وجعل لكم﴿: رونقه، من قبيل: تقديم السمع على البصر في قوله تعالى

مع واألبصار واألفئدة لعلكم الس

.68، ص1انظر: السيد الطباطبائي، الميزان في تفسير القرآن، م.س، ج 1.14-13سورة هود، اآليتان: 2.39-38سورة يونس، اآليتان: 3.5سورة هود، اآلية: 4.422-10، ص5لمزيد من التفصيل، انظر: معرفة، التمهيد في علوم القرآن، م.س، ج 5

234

, ألن السمع أرقى وأعقد وأدق وأرهف من جهاز البصر.1﴾تشكرون

فسبكه جديد، وأسلوبهب- طرافة سبك القرآن وغرابة أسلوبه: فريد، ال هو شعر كشعر العرب، وال هو نثر كنثرهم، وال فيه تكلف أهل السجع والكهانة، على أنه جمع بين مزايا أنواع الكالم الرفيع, فيه أناقة

الشعر، وطالقة النثر، وجزالة السجع الرصين، وجميع آيات القرآن تشهدبذلك.

حيث تبتهج له األرواحج- عذوبة ألفاظ القرآن وسالسة عباراته: وتنشرح له الصدور، في رونق جذاب وروعة خالبة, حتى أن بعض األلفاظ الغريبة في نفسها, إذا ما استعملها القرآن الكريم بدت غاية في الحسن

تلك إذا قسمة﴿ في قوله تعالى: "ضيزى"في النظم، من قبيل: لفظة ، حيث إن اآلية في معرض اإلنكار على العرب بجعلهم المالئكة2﴾ضيزى

ألكم﴿واألصنام بنات لله - والعياذ بالله - مع وأدهم البنات، فقال تعالى: ، فكانت غرابة اللفظ3﴾الذكر وله األنثى * تلك إذا قسمة ضيزى

أشد األشياء مالئمة لغرابة هذه القسمة التي أنكرها عليهم، وكانت الجملة كلها كأنها تصور في هيئة النطق بها، اإلنكار في األولى والتهكم في

األخرى، وكان هذا التصوير أبلغ ما في البالغة.

حيث يجد السامع لذة، بلد- تناسق نظم القرآن وتناسب نغمه: وتعتريه نشوة, إذا ما طرق سمعه جواهر حروف القرآن، من قبيل قوله

والنجم إذا هوى * ما ضل صاحبكم وما غوى * وما ينطق﴿تعالى: عن الهوى * إن هو إال وحي يوحى * علمه شديد القوى * ذو

ة فاستوى * وهو باألفق األعلى * ثم دنا فتدلى فكان *  مر قاب قوسين أو أدنى * فأوحى إلى عبده ما أوحى * ما كذب

الفؤاد ما رأى

.78سورة النحل، اآلية: 1. والضيز: الجور, أي فهي قسمة جائرة.22 سورة النجم، اآلية: 2.22-21سورة النجم، اآليتان: 3

235

أفتمارونه على ما يرى * ولقد رآه نزلة أخرى * عند سدرةدرة ما يغشى * المنتهى * عندها جنة المأوى * إذ يغشى الس

ما زاغ البصر وما طغى * لقد رأى من آيات ربه الكبرى *ى * ومناة الثالثة األخرى ت والعز أفرأيتم الال

. فهذه فواصل1﴾* ألكم الذكر وله األنثى * تلك إذا قسمة ضيزى متساوية في الوزن تقريبا ـ على نظام غير نظام الشعر العربي ـ متحدة

في حرف التقفية تماما، ذات إيقاع موسيقي متحد نابع من تآلف الحروف في الكلمات، وتناسق الكلمات في الجمل، ومرده إلى الحس الداخلي

واإلدراك الموسيقي، الذي يفرق بين إيقاع موسيقي وآخر.

حيث تتواءمهـ- تجسيد معاني القرآن في أجراس حروفه: أجراس حروفه مع صدى معانيه، ويتالءم لحن بيانه مع صميم مراميه, من

مثل ما﴿وعد أو وعيد، وترغيب أو ترهيب، من قبيل قوله تعالى: ينفقون في هذه الحياة الدنيا كمثل ريح فيها صر أصابت حرث

، وكأنك تحس بسمعك صوت هذه2﴾قوم ظلموا أنفسهم فأهلكته الريح العاتية، ولها صرير وصراخ وقعقعة وهياج، تنسف وتدمر كل شيء,

فتصور وقع عذاب شديد ألم بقوم ظالمين.

فالقرآن منتظمو- الترابط والتناسق المعنوي في القرآن: السياق، متالحم األلفاظ والمعاني، متواصل األهداف والمباني, حيث إنك

تجد ذلك في ترابط الكلمات داخل اآلية الواحدة، وترابط اآليات داخل السورة الواحدة، وترابط السور داخل القرآن, ضمن تناسق معنوي معجز

وباهر.

فتشبيهاته من أمتنز- حسن تشبيهات القرآن وجمال تصويراته:التشبيهات الواقعة في فصيح الكالم، وأجمعهن

لمحاسن البديع، وأوفاهن بدقائق التصوير، ورقائق

.22-1سورة النجم، اآليات: 1.117سورة آل عمران، اآلية: 2

236

أس﴿التعبير، ورحائق التحبير، من قبيل قوله تعالى: واشتعل الر , حيث إنه شبه انتشار الشيب باشتعال النار في سرعة التهابه،1﴾شيبا

وتعذر تالفيه، وفي عظم األلم في القلب به، وأنه لم يبق بعده إال الخمود!ه به. ه والمشب فهذه أوصاف أربعة جامعة بين المشب

حيث أبدع القرآن فيهاح- جودة استعارات القرآن وروعة تخييالته: وأجاد إجادة البصير المبدع، وأفاد إفادة الخبير المضطلع، في إحاطة بالغة

ثم﴿لم يعهد لها نظير، ولم يخلفه أبدا بديل، من قبيل قوله تعالى: ماء وهي دخان فقال لها ولألرض ائتيا طوعا استوى إلى الس

, ففي استعارة النطق من اإلنسان إلى2﴾أو كرها قالتا أتينا طائعيناألرض والسماء وهما من الجماد، والنطق إنما هو لإلنسان ال للجماد.

ط- لطيف كنايات القرآن وظريف تعريضاته: فكناياته أوفى الكنايات وأدقهن وأرقهن، حيث لم تفته لطافة في كناية، وال ظرافة في تعريض،

ماء ماء فسالت أودية بقدرها﴿من قبيل قوله تعالى: أنزل من السا يوقدون عليه في النار ابتغاء ابيا ومم يل زبدا ر فاحتمل السا ثله كذلك يضرب الله الحق والباطل فأم حلية أو متاع زبد ما ما ينفع الناس فيمكث في األرض بد فيذهب جفاء وأم الز

, هذا مثل ضربه الله للحق وأهله والباطل3﴾كذلك يضرب الله األمثال وحزبه، فكنى بالماء عن العلم، وباألدوية عن القلوب، وبالزبد عن الضالل.

, فإن سؤالها4﴾وإذا الموؤودة سئلت * بأي ذنب قتلت﴿وقوله تعالى: إلهانة قاتلها وتوبيخه.

.4سورة مريم، اآلية: 1.11سورة فصلت، اآلية: 2.17سورة الرعد، اآلية: 3.9-8سورة التكوير، اآليتان: 4

237

- التصوير الفني:4 يشكل التصوير الفني وجها إعجازيا من وجوه القرآن اإلعجازية, وذلك بفعل خصائص القرآن الكريم في تصوير المشاهد والمعاني المختلفة،

وفق تخييل فني فائق الروعة، يجذب القلوب واألبصار ويأسرها بسحره وجماله. وقد تجلى ذلك من خالل تصويره لمشاهد الطبيعة الحية، وآثار الفضائل والرذائل والمحاسن والمساوىء، وقصص الماضين من األنبياء

عليهم السالم وأممهم، وضرب األمثال، وأحوال المعاد والقيامة والحساب...، حيث يجد من يعالجها قمة في الجمال وروعة في التصوير

. 1الفني, حتى كأنه يشاهدها حاضرة عنده

ومن المشاهد الفنية التي صورها القرآن الكريم، ما يلي: يا أيها الناس اتقوا ربكم إن﴿: قال تعالى: أ- مشاهدة يوم القيامة

ا اعة شيء عظيم * يوم ترونها تذهل كل مرضعة عم زلزلة الس أرضعت وتضع كل ذات حمل حملها وترى الناس سكارى وما

، حيث تصور هاتان اآليتان2﴾هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد مشهدا مزدحما بذلك الحشد المتماوج، تكاد العين تبصره بينما الخيال

يتماله، والهول الشاخص يذهله، فال يكاد يبلغ أقصاه، وهو هول ال يقاس بالحجم والضخامة، وال يمكن أن يعبر عن عظمته بحسر كلماته وأسلوبه

الخاص... المرضعات الذاهالت عما أرضعن، والحامالت الملقيات حملهن،.3والسكارى وما هم بسكارى، ولكن عذاب الله شديد

، القاهرة، دار الشروق،16انظر: الشاذلي، إبراهيم )سيد قطب(: التصوير الفني في القرآن، ط 1.37-36م، ص2002هـ.ق/ 1423

.2-1سورة الحج، اآليتان: 2.62انظر: سيد قطب، التصوير الفني في القرآن، م.س، ص 3

238

ثل الذين كفروا بربهم﴿ قال تعالى: ب- حبط أعمال الكافرين: ما يح في يوم عاصف ال يقدرون مم أعمالهم كرماد اشتدت به الر

الل البعيد , تصوير حبط أعمال1﴾كسبوا على شيء ذلك هو الض الكافرين بمشهد حركة الريح في يوم عاصف, تذرو الرماد، فتذهب به

.2بددا، إلى حيث ال يجتمع أبدا

... ومن يشرك بالله فكأنما﴿ قوله تعالى: ج- عاقبة الشرك بالله:يح في مكان ماء فتخطفه الطير أو تهوي به الر خر من الس

. هكذا في ومضة، يخر من السماء من حيث ال يدري احد، فال3﴾سحيق يستقر على األرض لحظة، إن الطير لتخطفه، أو إن الريح لتهوي به...

.4وتهوي به في مكان سحيق! حيث ال يدري احد كذلك! وذلك هو المقصود

.18سورة إبراهيم، اآلية: 1.39انظر: سيد قطب، التصوير الفني في القرآن، م.س، ص 2.31سورة الحج، اآلية: 3.43 انظر: سيد قطب، التصوير الفني في القرآن، م.س، ص 4

239

األفكار الرئيسة - من أبعاد إعجاز القرآن: اإلخبار عن الغيب، الكشف عن حقائق علمية،1

الفصاحة والبالغة )البيان(. - ومن أبعاد اعجاز القرآن, وجود التصوير الفني، كاالستعارات والكتابات2

ذي الصور الفنية الرائعة.

فكر وأجب

- أجب بـ "صح" أو "خطأ":1- اإلخبار عن الغيب منحصر باإلخبار عن الحوادث المستقبلية فقط.

- الحقائق العلمية التي كشف عنها القرآن ال يدركها العقل لوال الوحي.- اإلعجاز البياني تختص معرفته بالعرب دون غيرهم.

- أجب باختصار:2- بين وجه اإلعجاز في اإلخبار عن الغيب، مع ذكر أنموذج قرآني توضيحي؟ - تكلم عن اإلعجاز البياني )الفصاحة والبالغة( في القرآن، مع ذكر أنموذج

قرآني توضيحي؟ - تحدث عن التصوير الفني, مبينا وجه اإلعجاز فيه، مع ذكر أنموذج قرآني

توضيحي؟

240

مطالعة

1دعوى اإلعجاز بنحو الصرفة

- واقع الدعوى:1 إن اآلية والمعجزة في القرآن إنما هي لجهة صرف الناس عن معارضته،

بحيث صرفهم الله تعالى أن يأتوا بحديث مثله، وأمسك بعزيمتهم دون القيام بمقابلته، ولوال ذلك الستطاعوا اإلتيان بسورة مثله. وهذا التثبيط

في نفسه إعجاز خارق للعادة، وآية دالة على صدق نبوته صلى الله عليه وآله وسلم. ويحتمل أن يكون الصرف سلبا لقدرتهم على المعارضة، أو

سلبا لدواعيهم عليها، أو سلبا للعلوم التي يتمكنون بها من المعارضة.

- مناقشة الدعوى:2يمكن مناقشة دعوى اإلعجاز بنحو الصرفة بالتالي:

أ- مخالفتها آلراء جمهور العلماء. ب- هذه الدعوى خطيرة في نفسها, ألنها قد توجب طعنا في الدين،

وتشنيعا بمعجزة سيد المرسلين صلى الله عليه وآله وسلم , بأن ال آية في جوهر القرآن، وال معجزة في ذاته، وإنما هو معجز ألمر خارج هو الجبر

وسلب االختيار. وهذا ينافي االختيار الذي هو غاية التشريع والتكليف.ج- دعوى الصرفة خالف التحدي الذي هو جوهر اإلعجاز.

د- يلزم من هذه الدعوى إدراك من كان يهم بالمعارضة لفقدانه القدرةعلى ذلك بعد أن كان قادرا.

.191-138، ص4انظر: معرفة، التمهيد في علوم القرآن، م.س، ج 1

241

هـ- ال مباهاة مع مسلوب القدرة حتى لو بلغ المتحدى به مقدارا كثيرا. و- إن اإلعجاز القرآني ليس منحصرا بكيفية تركيب الحروف واأللفاظ وجمعها ضمن أسلوب بديع، فاألهم من وراء ذلك تضمن هذه الحروف

والكلمات ألغراض ومضامين عالية منسجمة في ما بينها، ضمن منظومةمعرفية معنوية كاملة وتامة.

242

مصادر الدرس ومراجعه- القرآن الكريم.1.68، 65-64، ص1- الطباطبائي، الميزان في تفسير القرآن، ج2.77-67- الخوئي، البيان في تفسير القرآن، ص3.422-10، ص5- معرفة، التمهيد في علوم القرآن، ج4.62، 43، 39، 37-36- سيد قطب، التصوير الفني في القرآن، ص5

243

244

(1الدرس السادس عشر: صيانة القرآن عن التحريف )

موضوعات الدرس:- معنى التحريف.1- أقسام التحريف.2- آراء علماء اإلمامية في المسألة.3- أهمية إثبات صيانة القرآن عن التحريف.4

أهداف الدرس:- تعزيز االرتباط الوجداني والفكري والمعرفي بالقرآن الكريم.1- االطالع على معنى التحريف وأقسامه.2- معرفة آراء علماء اإلمامية في التحريف.3- القدرة على دحض األدلة التي تدعي تحريف القرآن.4

245

246

- معنى التحريف:1 الحاء والراء والفاء ثالثة أصول: حد الشيء،أ- المعنى اللغوي:

والعدول، وتقدير الشيء.. واألصل الثاني: االنحراف عن الشيء. يقال: انحرف عنه ينحرف انحرافا. وحرفته أنا عنه, أي عدلت

به عنه, وذلك كتحريف الكالم, وهو عدله . "وتحريف الشيء: إمالته, كتحريف القلم. وتحريف الكالم: أن1عن جهته"

تجعله على حرف من االحتمال يمكن حمله على الوجهين، قال عز وجل:واضعه﴿ فون الكلم عن م فون الكلم من بعد﴿و ،2﴾يحر يحر

نهم يسمعون كالم الله ثم﴿، و 3﴾مواضعه وقد كان فريق مفونه من بعد ما عقلوه .5"4﴾يحر

وعليه، فالتحريف لغة هو: تغيير معنى الكلمة والعدول بها عن مقصدهاالحقيقي, وهو مختص بالتحريف المعنوي.

هو وقوع التغيير في ألفاظ القرآن وحروفهب- المعنى االصطالحي:وحركاته,

.43-42، مادة"حرف"، ص2انظر: ابن فارس، معجم مقاييس اللغة، م.س، ج 1.46سورة النساء، اآلية: 2.41سورة المائدة، اآلية: 3.75سورة البقرة، اآلية: 4.229-228انظر: األصفهاني، مفردات ألفاظ القرآن، م.س، مادة"حرف"، ص 5

247

.1تبديال وترتيبا, ونقصا وزيادة

وتجدر اإلشارة إلى إن القرآن لم يستخدم مفهوم التحريف إال بمعناه اللغوي، في حين أن محور بحث صيانة القرآن عن التحريف يختص

بالتحريف بمعناه االصطالحي.

:- أقسام التحريف2 وهو المعنى اللغوي نفسه للتحريف، ويراد به:أ- التحريف المعنوي:

تفسير القرآن بغير حقيقته، وحمله على غير معناه. وال شك في وقوع هذا القسم من التحريف في القرآن, وهو ما أشارت

إليه الروايات المأثورة عن أهل البيت عليهم السالم, والتي ذمت منفعله:

"... إلى الله أشكو من معشرعن اإلمام علي عليه السالم: يعيشون جهاال، ويموتون ضالال ليس فيهم سلعة أبور من

الكتاب, إذا تلي حق تالوته، وال سلعة أنفق بيعا وال أغلى ثمناف عن مواضعه..." .2من الكتاب, إذا حر

"... وكان من نبذهم الكتاب: أنوعن اإلمام الباقر عليه السالم: أقاموا حروفه، وحرفوا حدوده، فهم يروونه وال يرعونه،

والجهال يعجبهم حفظهم للرواية، والعلماء يحزنهم تركهم.3للرعاية..."

وهو المعنى االصطالحي نفسه، ويتصور وقوعهب- التحريف اللفظي:، هي:4على أنحاء

, السيد الخوئي، البيان في108، ص12انظر: السيد الطباطبائي، الميزان في تفسير القرآن، م.س، ج 1.190-198تفسير القرآن، م.س، ص

.54، ص17الشريف الرضي، نهج البالغة، شرح محمد عبده، م.س، الخطبة 2.53، ص16، كتاب الروضة، ح8الشيخ الكليني، الكافي، م.س، ج 3 , السيد الطباطبائي، الميزان في200-197انظر: السيد الخوئي، البيان في تفسير القرآن، م.س، ص 4

.104، ص12تفسير القرآن، م.س، ج

248

التغيير في الحركات والحروف. وهذا القسم واقع في- النحو األول: القرآن حتما، ومثاله: تعدد القراءات، حيث قرأ حمزة )عليهم(: عليهم.

)نغفر لكم(. وقرأ أبو جعفر ونافع )يغفر لكم(، والباقون

النقص أو الزيادة بكلمة أو كلمتين، أو إبدال كلمة بكلمة.- النحو الثاني: وهذا التحريف على فرض وقوعه, فإنه قد وقع قبل الجمع، ولكن بعد

الجمع ال يوجد تحريف كهذا, فإن القرآن الذي جمع هو القرآن الذي كان على عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم باتفاق المسلمين وتسالمهم

﴿إنعليه. ومثاله: ما رواه الطبري: أن أبا الدرداء كان يقرىء رجال: , قوم * طعام األثيم قال: فجعل الرجل يقول: )إن شجرة﴾شجرة الزالزقوم طعام اليتيم(. قال: فلما أكثر

.1عليه أبو الدرداء فرآه ال يفهم، قال: )إن شجرة الزقوم طعام الفاجر(والرواية في نفسها ضعيفة.

التحريف بالزيادة والنقيصة في اآلية والسورة. ومثاله:- النحو الثالث: البسملة، حيث اتفقوا على قراءة النبي صلى الله عليه وآله وسلم لها قبل

كل سورة إال براءة، واتفق الشيعة على قرآنيتها، واختلف السنة في قرآنيتها.

التحريف باشتمال القرآن على الزيادة. وهذا مجمع على- النحو الرابع:عدم وقوعه بين المسلمين قاطبة.

التحريف بالنقيصة, بمعنى ضياع شيء من القرآن- النحو الخامس: وعدم وصوله إلينا. والتحريف بهذا المعنى هو الذي وقع فيه الخالف, فأثبته

قوم، ونفاه آخرون.

- آراء علماء اإلمامية في المسألة:3 من المتسالم عليه بين المسلمين عدم وقوع التحريف في القرآن ال

بالزيادة

.169، ص24094، ح25الطبري، جامع البيان عن تأويل آي القرآن، م.س، ج 1

249

وال بالنقيصة، وأن الموجود ما بين أيدينا هو جميع القرآن المنزل على الرسول األكرم صلى الله عليه وآله وسلم, وقد صرح بذلك كثير من كبار

أعالم الشيعة اإلمامية، منهم: - الشيخ محمد بن علي بن الحسين بن بابويه الصدوق القمي )ت:

"اعتقادنا أن القرآن الذي أنزله الله تعالى على نبيههـ(: 381 محمد صلى الله عليه وآله وسلم هو ما بين الدفتين، وهو ما

في أيدي الناس، ليس بأكثر من ذلك... ومن نسب إلينا أنا.1"نقول: إنه أكثر من ذلك, فهو كاذب

"إن العلم بصحة نقلهـ(: 436- السيد المرتضى علم الهدى )ت: القرآن, كالعلم بالبلدان، والحوادث الكبار، والوقائع العظام،

والكتب المشهورة، وأشعار العرب المسطورة, فإن العناية اشتدت، والدواعي توافرت على نقله وحراسته، وبلغت إلى حد

لم يبلغه في ما ذكرناه, ألن القرآن معجزة النبوة، ومأخذ العلوم الشرعية، واألحكام الدينية. وعلماء المسلمين قد بلغوا في حفظه وحمايته الغاية، حتى عرفوا كل شيء اختلف فيه,

من إعرابه، وقراءته، وحروفه، وآياته، فكيف يجوز أن يكون.2"مغيرا أو منقوصا، مع العناية الصادقة، والضبط الشديد

"وأماهـ(: 460- الشيخ أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي )ت: الكالم في زيادته ونقصانه )أي القرآن( فمما ال يليق به أيضا, ألن الزيادة فيه مجمع على بطالنها، والنقصان منه، فالظاهر

أيضا من مذهب المسلمين خالفه، وهو األليق بالصحيح من.3"مذهبنا

هـ(: "الكالم في548- الشيخ أبو علي الفضل بن الحسن الطبرسي )ت: زيادة القرآن ونقصانه, فإنه ال يليق بالتفسير. فأما الزيادة فيه: فمجمع

على بطالنه.

ابن بابويه، محمد بن علي بن الحسين )الصدوق(: االعتقادات في دين اإلمامية، تحقيق عصام عبد 1.84م، ص1993هـ.ق/ 1414، بيروت، دار المفيد، 2السيد، ط

.43، ص1الطبرسي، مجمع البيان في تفسير القرآن، م.س، ج 2.3، ص1الشيخ الطوسي، التبيان في تفسير القرآن، م.س، ج 3

250

وأما النقصان منه: فقد روى جماعة من أصحابنا، وقوم من حشوية العامة.1أن في القرآن تغييرا أو نقصانا، والصحيح من مذهب أصحابنا خالفه"

"ال ريب في أنه محفوظهـ(:1228- الشيخ جعفر كاشف الغطاء )ت: من النقصان, بحفظ الملك الديان, كما دل عليه صريح القرآن،

وإجماع العلماء في جميع األزمان، وال عبرة بالنادر. وما ورد من أخبار النقيصة تمنع البديهة من العمل بظاهرها، وال سيما

ما فيه نقص ثلث القرآن، أو كثير منه، فإنه لو كان ذلك, لتواتر نقله لتوفر الدواعي عليه، والتخذه غير أهل اإلسالم من أعظم

المطاعن على اإلسالم وأهله. ثم كيف يكون ذلك، وكانوا.2"شديدي المحافظة على ضبط آياته وحروفه

"ومما ألصقوه بالقرآنهـ(: 1352- الشيخ محمد جواد البالغي )ت: المجيد: ما نقله في فصل الخطاب عن كتاب )دبستان

المذاهب( أنه نسب إلى الشيعة أنهم يقولون: إن إحراق المصاحف سبب إتالف سور من القرآن نزلت في فضل علي

عليه السالم وأهل بيته عليهم السالم, منها: هذه السورة،ق وذكر كالما يضاهي خمسا وعشرين آية في الفواصل، قد لف

من فقرات القرآن الكريم على أسلوب آياته، فاسمع ما فيق... فيا للعجب ذلك من الغلط، فضال عن ركاكة أسلوبه الملف

من صاحب )دبستان المذاهب( من أين جاء بنسبة هذه الدعوى إلى الشيعة، وفي أي كتاب لهم وجدها. أفهكذا يكون النقل

في الكتب، ولكن ال عجب، فكم نقلوا عن الشيعة مثل هذا النقل الكاذب, كما في كتاب الملل للشهرستاني، ومقدمة ابن

خلدون، وغير ذلك مما كتبه بعض الناس في هذه السنين،.3"والله المستعان

.43-42، ص1الطبرسي، مجمع البيان في تفسير القرآن، م.س، ج 1 كاشف الغطاء، جعفر: كشف الغطاء عن مبهمات الشريعة الغراء، تحقيق ونشر مكتب اإلعالم 2

.454-453، ص3هـ.ش، ج1380هـ.ق/ 1422، قم المقدسة، 1اإلسالمي، ط.25-24، ص1البالغي، آالء الرحمن في تفسير القرآن، م.س، ج 3

251

"ال يقول أحد منهـ(: 1371- السيد محسن األمين العاملي )ت: اإلمامية, ال قديما وال حديثا: إن القرآن مزيد فيه قليل أو كثير،

فضال عن كلهم، بل كلهم متفقون على عدم الزيادة، ومن.1"يعتد بقوله من محققيهم متفقون على أنه لم ينقص منه

"واألخبار الواردةهـ(: 1373- الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء )ت: من طرقنا أو طرقهم الظاهرة في نقصه أو تحريفه ضعيفة شاذة، وأخبار آحاد ال تفيد علما وال عمال، فإما أن تأول بنحو

.2"من االعتبار، أو يضرب بها الجدار

"والقرآن الحكيمهـ(: 1377- السيد عبد الحسين شرف الدين )ت: الذي ال يأتيه الباطل من بين يديه وال من خلفه، إنما هو ما بين

الدفتين، وهو ما في أيدي الناس، ال يزيد حرفا، وال ينقص حرفا، وال تبديل فيه لكلمة بكلمة، وال لحرف بحرف، وكل

حرف من حروفه متواتر في كل جيل, تواترا قطعيا إلى عهد.3"الوحي والنبوة

"من ضرورياتهـ(: 1402- السيد محمد حسين الطباطبائي )ت: التاريخ: أن النبي العربي محمدا صلى الله عليه وآله وسلم جاء

قبل أربعة عشر قرنا تقريبا، وادعى النبوة، وانتهض للدعوة، وآمن به أمة من العرب وغيرهم، وأنه جاء بكتاب يسميه

القرآن، وينسبه إلى ربه، متضمن لجمل المعارف، وكليات الشريعة التي كان يدعو إليها، وكان يتحدى به، ويعده آية

لنبوته، وأن القرآن الموجود اليوم بأيدينا هو القرآن الذي جاء به وقرأه على الناس المعاصرين له في الجملة, بمعنى: أنه لم

يضع من أصله,

، ص1األمين، محسن: أعيان الشيعة، تحقيق وتخريج حسن األمين، الط، بيروت، دار التعارف، الت، ج 141.

، مؤسسة اإلمام علي1كاشف الغطاء، محمد حسين: أصل الشيعة وأصولها، تحقيق عالء آل جعفر، ط 2.220هـ.ق، ص1415عليه السالم, مطبعة ستاره،

، الم، نشر قسم اإلعالم الخارجي1شرف الدين، عبد الحسين: الفصول المهمة في تأليف األئمة، ط 3.175لمؤسسة البعثة، الت، ص

252

بأن يفقد كله، ثم يوضع كتاب آخر يشابهه في نظمه أو ال يشابهه، وينسب إليه، ويشتهر بين الناس بأنه القرآن النازل على النبي صلى الله عليه وآله وسلم . فهذه أمور ال يرتاب

في شيء منها إال مصاب في فهمه، وال احتمل بعض ذلك أحد.1"من الباحثين في مسألة التحريف من المخالفين والمؤالفين

منع وقوعهـ(: "1410- السيد روح الله الموسوي الخميني )ت: التحريف فيه جدا )أي في القرآن(، كما هو مذهب المحققين

من علماء العامة والخاصة... وبالجملة: ففساد هذا القول )أي القول بالتحريف(، والرأي الشنيع، أوضح من أن الفظيع

يخفى على ذي مسكة، إال أن هذا الفساد قد شاع على رغم.2"علماء اإلسالم وحفاظ شريعة سيد األنام

المعروف بين المسلمينهـ(: "1413- السيد أبو القاسم الخوئي )ت: عدم وقوع التحريف في القرآن، وأن الموجود بأيدينا هو جميع القرآن المنزل على النبي األعظم صلى الله عليه وآله وسلم, وقد صرح بذلك كثير من األعالم... وجملة القول: أن المشهور

بين علماء الشيعة ومحققيهم، بل المتسالم عليه بينهم هو القول بعدم التحريف... والحق، بعد هذا كله: أن التحريف.3"بالمعنى الذي وقع النزاع فيه غير واقع في القرآن أصال

- أهمية إثبات صيانة القرآن عن التحريف:4 ،4إن إلثبات مسألة صيانة القرآن عن التحريف آثار وفوائد مهمة وحساسة

أبرزها:

.104، ص12 السيد الطباطبائي، الميزان في تفسير القرآن، م.س، ج 1 اإلمام الخميني، روح الله: أنوار الهداية، تحقيق ونشر مؤسسة تنظيم ونشر آثار اإلمام الخميني قدس 2

.247-243، ص1هـ.ش، ج1372هـ.ق/ 1413، إيران، مطبعة مكتب اإلعالم اإلسالمي، 1سره، ط.207-200 السيد الخوئي، البيان في تفسير القرآن، م.س، ص 3 )نجارزادكان(: سالمة القرآن من التحريف وتفنيد لمزيد من التفصيل، انظر: المحمدي، فتح الله 4

هــ.ق،1424االفتراءات على الشيعة اإلمامية...، الط، طهران، نشر مؤسسة فرهنكي وهنري مشعر، .16-15ص

253

أ- إمكانية االستفادة من القرآن, ألنه مع ثبوت التحريف ال يمكن االستداللبالقرآن أو االستنباط منه.

ب- إثبات النبوة والرسالة, ألن فرض ثبوت التحريف يستلزم نفي اإلعجاز والتحدي باإلتيان بمثل القرآن، وبالتالي انتفاء صفة اإلعجاز عن األمر

الرئيس المثبت لنبوة النبي صلى الله عليه وآله وسلم وحقانية رسالته. ج- إن القرآن ميزان اعتبار الروايات وقد أمرنا أهل البيت عليهم السالم

بعرضها على القرآن، وبثبوت تحريفه, ال يمكن عرض الروايات عليه,فيتعطل بذلك األخذ بها.

254

األفكار الرئيسة - التحريف لغة: تغيير معنى الكلمة والعدول بها عن مقصدها الحقيقي,

وهو مختص بالتحريف المعنوي. واصطالحا: وقوع التغيير في ألفاظ القرآنوحروفه وحركاته, تبديال وترتيبا, ونقصا وزيادة.

- من أقسام التحريف: التحريف المعنوي: وهو المعنى اللغوي نفسه2 للتحريف، والتحريف اللفظي: وهو المعنى االصطالحي نفسه للتحريف،

ويتصور وقوعه على أنحاء: التغيير في الحركات والحروف، النقص أو الزيادة بكلمة أو كلمتين، أو إبدال كلمة بكلمة، التحريف بالزيادة والنقيصة

في اآلية والسورة، التحريف باشتمال القرآن على الزيادة، التحريفبالنقيصة.

- من المتسالم عليه بين المسلمين عدم وقوع التحريف في القرآن ال3 بالزيادة وال بالنقيصة، وأن الموجود ما بين أيدينا هو جميع القرآن المنزل

على الرسول األكرم صلى الله عليه وآله وسلم, وقد صرح بذلك كثير من كبار أعالم الشيعة اإلمامية، منهم: الشيخ الصدوق، الشيخ الطوسي، ...،

اإلمام الخميني، السيد الخوئي.

- إن إلثبات مسألة صيانة القرآن عن التحريف آثار وفوائد مهمة4 وحساسة، أبرزها: إمكانية االستفادة من القرآن، إثبات النبوة والرسالة،

عرض الروايات على القرآن, بوصفه ميزانا لها.

255

فكر وأجب

- أجب بـ "صح" أو "خطأ":1- من المتسالم عليه بين جميع المسلمين عدم وقوع التحريف بالزيادة.

- التحريف غير واقع في القرآن سواء منه المعنوي أم اللفظي.- ثبوت التحريف يستلزم نفي اإلعجاز والتحدي عن القرآن.

- أجب باختصار:2- بين معنى التحريف لغة واصطالحا؟

- عدد أقسام التحريف، مع ذكر أمثلة عليها؟- وضح أهمية إثبات مسألة صيانة القرآن عن التحريف؟

256

مطالعة1بطالن دعوى التحريف

إنه لو كان األمر كما توهم صاحب فصل الخطاب )الميرزا النوري(, الذي كان كتبه ال يفيد علما وال عمال، وإنما هو إيراد روايات ضعاف أعرض عنها األصحاب، وتنزه عنها أولو األلباب, من قدماء أصحابنا, كالمحمدين الثالثة

المتقدمين )الصدوق والكليني والطوسي )رحمهم الله(. هذا حال كتب روايته - غالبا -, كالمستدرك، وال تسأل عن سائر كتبه المشحونة بالقصص والحكايات الغريبة التي غالبها بالهزل أشبه منه بالجد, وهو - رحمه الله -

شخص صالح متتبع، إال أن اشتياقه لجمع الضعاف والغرائب والعجائب وما ال يقبلها العقل السليم والرأي المستقيم, أكثر من الكالم النافع. والعجب من معاصريه من أهل اليقظة! كيف ذهلوا وغفلوا, حتى وقع ما وقع مما

بكت عليه السماوات، وكادت تتدكدك على األرض؟! فلو كان األمر, كما ذكره هذا وأشباهه, من كون الكتاب اإللهي مشحونا

بذكر أهل البيت عليهم السالم وفضلهم، وذكر أمير المؤمنين عليه السالم وإثبات وصايته وإمامته، فلم لم يحتج بواحد من تلك اآليات النازلة

والبراهين القاطعة من الكتاب اإللهي كل من: أمير المؤمنين عليه السالم, وفاطمة عليها السالم، والحسن عليه السالم, والحسين عليه السالم,

وسلمان رضوان الله عليه، وأبو ذر رضوان الله عليه، ومقداد رضوان الله عليه، وعمار رضوان الله عليه, في صدد إثبات خالفته عليه السالم؟! ولم

تشبث عليه السالم باألحاديث النبوية، والقرآن بين أظهرهم؟! ولو كان القرآن مشحونا باسم أمير المؤمنين عليه السالم وأوالده المعصومين

عليهم السالم وفضائلهم وإثبات خالفتهم، فبأي وجه خاف النبي صلى الله عليه وآله وسلم في حجة الوداع آخر سنين عمره الشريف، وأخيرة نزول

﴿واللهالوحي اإللهي, من تبليغ آية واحدة مربوطة بالتبليغ, حتى ورد أن . ولم احتاج النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى﴾يعصمك من الناس

دواة وقلم حين موته

.247-244، ص1انظر: اإلمام الخميني، أنوار الهداية، م.س، ج 1

257

للتصريح باسم علي عليه السالم؟! فهل رأى أن لكالمه أثرا فوق أثرالوحي اإللهي؟!

وبالجملة: ففساد هذا القول الفظيع، والرأي الشنيع، أوضح من أن يخفى على ذي مسكة, إال أن هذا الفساد قد شاع، على رغم علماء اإلسالم

وحفاظ شريعة سيد األنام.

258

مصادر الدرس ومراجعه- القرآن الكريم.1.43-42، ص2- ابن فارس، معجم مقاييس اللغة، ج2.229-228- األصفهاني، مفردات ألفاظ القرآن، ص310، 104، ص12- الطباطبائي، الميزان في تفسير القرآن، ج4.207-197- الخوئي، البيان في تفسير القرآن، ص5.54، ص17- الشريف الرضي، نهج البالغة، شرح محمد عبده، الخطبة6.53، ص16، كتاب الروضة، ح8- الكليني، الكافي، ج7.169، ص24094، ح25- الطبري، جامع البيان عن تأويل آي القرآن، ج8.84- ابن بابويه، االعتقادات في دين اإلمامية، ص9

.43-42، ص1- الطبرسي، مجمع البيان في تفسير القرآن، ج10.3، ص1- الطوسي، التبيان في تفسير القرآن، ج11، ص3- كاشف الغطاء، كشف الغطاء عن مبهمات الشريعة الغراء، ج12

453-454..25-24، ص1- البالغي، آالء الرحمن في تفسير القرآن، ج13.41، ص1- األمين، أعيان الشيعة، ج14.220- كاشف الغطاء، أصل الشيعة وأصولها، ص15.175- شرف الدين، الفصول المهمة في تأليف األئمة، ص16

259

.247-243، ص1- الخميني، أنوار الهداية، ج17 - نجارزادكان، سالمة القرآن من التحريف وتفنيد االفتراءات على18

.16-15الشيعة اإلمامية...، ص

260

(2الدرس السابع عشر: صيانة القرآن عن التحريف )

موضوعات الدرس:- الدليل القرآني.1- الدليل الروائي.2- الدليل العقلي.3- اإلعجاز القرآني.4- الشواهد التاريخية.5- تواتر القرآن.6

أهداف الدرس:- تعزيز االرتباط الوجداني والفكري والمعرفي بالقرآن الكريم.1- االطالع على أبرز أدلة صيانة القرآن عن التحريف.2- القدرة على االستدالل على صيانة القرآن عن التحريف.3

261

262

المحتوى التفصيلي: أبرز أدلة صيانة القرآن عن التحريف: ذكر الباحثون في علوم القرآن والمفسرون أدلة عدة على صيانة القرآن

عن التحريف، أبرزها التالي:- الدليل القرآني:1

لنا الذكر وإنا له لحافظون﴿أ- قوله تعالى: . من أجمع1﴾إنا نحن نزر به تعالى, بما األوصاف التي يذكرها القرآن لنفسه أنه ذكر لله, فإنه يذك أنه آية دالة عليه, حية خالدة. وتفيد هذه اآلية أن الله تعالى هو حافظ هذا

القرآن في مرحلتي التنزيل والبقاء، حيث أطلق الذكر وأطلق الحفظ, فالقرآن محفوظ بحفظ الله عن كل زيادة ونقيصة وتغيير في اللفظ أو في الترتيب يزيله عن الذكرية ويبطل كونه ذكرا لله سبحانه بوجه. وقد

وضعت كل عوامل التأكيد بعضها إلى جانب بعضها اآلخر, لبيان هذه.2الحقيقة المهمة والخالدة

.9سورة الحجر، اآلية: 1 , السيد الخوئي، البيان في106، ص12انظر: السيد الطباطبائي، الميزان في تفسير القرآن، م.س، ج 2

.209-207تفسير القرآن، م.س، ص

263

﴿...وإنه لكتاب عزيز * ال يأتيه الباطل من بينب- قوله تعالى: ن حكيم حميد... . العزيز: عديم النظير1﴾يديه وال من خلفه تنزيل م

أو المنيع الممتنع من أن يغلب، والمعنى الثاني أنسب, لما يتعقبه من قوله.تعالى: ﴾ال يأتيه الباطل من بين يديه وال من خلفه... والمدلول﴿

هو: أنه ال تناقض في بياناته، وال كذب في أخباره، وال بطالن يتطرق إلىر, بإدخال ما ليس منه فيه، أو معارفه وحكمه وشرائعه، وال يعارض وال يغي

ل من بتحريف آية من وجه إلى وجه. وكيف ال يكون كذلك؟! وهو منز حكيم متقن في فعله، ال يشوب فعله وهن، محمود على اإلطالق. فهذه

اآلية تنفي أي احتمال للتحريف بالزيادة أو التحريف بالنقصان، وتشير إلى.2أن خاصية الحفظ جاءت من داخل القرآن, بفعل تماسك بنيانه

.3وغيرهما آيات كثيرة تدل على صيانة القرآن عن التحريف

إن االستدالل بالقرآن على عدم حصول تحريف في القرآن، الإشكال: يصح إال إذا ثبت أن ما يستدل به من آيات هي من القرآن، فمن أين نعلم

أنها من القرآن، وأنها ليست محرفة؟

والجواب عنه: - إن مدعي التحريف ال يذهب إلى القول بالتحريف بالزيادة. وعليه، فإن

عدم الزيادة في القرآن أمر متفق عليه, فيمكن عندها االستدالل بالقرآننفسه على صيانته عن التحريف.

- عدم ورود هذه اآليات المستدل بها على التحريف في نصوص الرواياتالتي ادعي داللتها على التحريف.

.42-41سورة فصلت، اآليتان: 1 , السيد الخوئي،399-398، ص17 انظر: السيد الطباطبائي، الميزان في تفسير القرآن، م.س، ج 2

.211-210البيان في تفسير القرآن، م.س، صقين )البقرة: 3 لمت ذلك الكتاب ال ريب فيه هدى ل ﴾قوله تعالى: تنزيل الكتاب ال ريب فيه من رب2﴿ ,)﴿

ب العالمين )يونس: 2﴾العالمين )السجدة: وتفصيل الكتاب ال ريب فيه من ر ,)﴾ خذوا37﴿ إن قومي ات ,)﴿ (, ...30﴾هذا القرآن مهجورا )الفرقان:

264

- ظهور هذه اآليات ينفي االدعاء اإلجمالي بوقوع التحريف في القرآن.

- إن اآليات الدالة على صيانة القرآن عن التحريف تثبت عدم وجود نقص في القرآن، بعد الفراغ عن قرآنيتها, والزم ذلك صيانة القرآن عن التحريف

مطلقا.

- الدليل الروائي:2 "إني تارك فيكم ومفاد هذه الروايات: :1أ- روايات الثقلين

الثقلين: كتاب الله وعترتي أهل بيتي، ما إن تمسكتم بهما, لن تضلوا بعدي أبدا، وإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض".

ووجه االستدالل بها: أن القول بالتحريف يستلزم عدم وجوب التمسك بالكتاب المنزل, لضياعه على األمة, بسبب وقوع التحريف، ولكن وجوب التمسك بالكتاب باق إلى

يوم القيام, لصريح حديث الثقلين, فيكون القول بالتحريف باطال جزما. وقد دلت هذه الروايات على اقتران العترة بالكتاب، وعلى أنهما باقيان

في الناس إلى يوم القيامة، فال بد من وجود شخص يكون قرينا للكتاب، وال بد من وجود الكتاب ليكون قرينا للعترة, حتى يردا على النبي صلى

الله عليه وآله وسلم الحوض، وليكون التمسك بهما حفظا لألمة عن.2الضالل

حيث توصينا هذه الروايات بالرجوع:3ب- روايات التمسك بالقرآنإلى القرآن عند الفتن والشدائد، وتصف القرآن

بأنه مالذ حصين. فإذا كان الكتاب نفسه لم يسلم من فتن الزمان, كيفيمكنه حماية اآلخرين من أضرار الفتن؟

وردت روايات عن أهل البيت:4ج- روايات العرض على القرآن"إن عليهم السالم جاء فيها:

تجدر اإلشارة إلى أن هذه الروايات متواترة تواترا معنويا بين المسلمين, وهي منقولة في كتب السنة 1 في قول رسول الله صلى الله عليه وآله17، باب 8والشيعة. انظر: الصفار، بصائر الدرجات، م.س، ج

,14، ص3, ابن حنبل، مسند أحمد، م.س، ج434-433، ص6-1وسلم "إني تارك فيكم الثقلين"، ح , المتقي الهندي، كنز العمل في سنن148، ص3النيسابوري، المستدرك على الصحيحين، م.س، ج

.187-185، ص955-943، ح1األقوال واألفعال، م.س، ج , السيد الطباطبائي، الميزان في تفسير211انظر: السيد الخوئي، البيان في تفسير القرآن، م.س، ص 2

.107، ص12القرآن، م.س، ج، كتاب فضل القرآن، باب في تمثل القرآن وشفاعته ألهله، ح2انظر: الشيخ الكليني، الكافي، م.س، ج 3

.602-598، ص1-14 , كتاب فضل العلم، باب األخذ بالسنة8، المقدمة، ص1انظر: الشيخ الكليني، الكافي، م.س، ج 4

.69، ص5-1وشواهد الكتاب، ح

265

على كل حق حقيقة، وعلى كل صواب نورا، فما وافق كتاب "كل حديث ال يوافق"، الله فخذوه، وما خالف كتاب الله فدعوه

"ما لم يوافق من الحديث القرآن فهو"، كتاب الله فهو زخرف زخرف"، "اعرضوها )أي الروايات( على كتاب الله، فما وافى

".كتاب الله عز وجل, فخذوه، وما خالف كتاب الله, فردوه

ويفهم من مجموع هذه الروايات أن القرآن هو الميزان الحق الذي يعتمد عليه في كشف الحق من الباطل والتمييز بينهما. وعليه، فكل رواية تشير إلى تحريف القرآن، إذا تعذر تأويلها وتوجيهها, تكون باطلة وموضوعة وال

.1اعتبار لها

د- أمر األئمة عليهم السالم بقراءة سورة كاملة بعد الفاتحة في الصالة: فلو كان القرآن محرفا, لما صح األمر بالقراءة منه، ولكان األمر بالقراءة

منه لغوا وتكليفا بغير المقدور للمكلف. وهذا ما ال يلتزم به القائلون.2بالتحريف

نعم، إن هذه الروايات ال تنهض بنفي دعوى وقوع نقص في القرآن بسورةكاملة أو أكثر من سورة.

: إن مجموع هذه الروايات يفيد3هـ- روايات تالوة القرآن وفضلها وثوابها أن القرآن الموجود بين أيدينا غير محرف, وإال لكانت هذه الروايات لغوا،

.4غير مقدور تحصيل ثوابها للمكلف

و- روايات صيانة القرآن عن التحريف المروية عن األئمة عليهم السالم:حيث تدل هذه الروايات على صيانة القرآن عن التحريف، ومنها:

"... وكان من نبذهم الكتاب- ما روي عن اإلمام الباقر عليه السالم: أن أقاموا حروفه

.108-107، ص12انظر: السيد الطباطبائي، الميزان في تفسير القرآن، م.س، ج 1.215-214انظر: السيد الخوئي، البيان في تفسير القرآن، م.س، ص 2، ص11-1، كتاب فضل القرآن، باب فضل حامل القرآن، ح2انظر: الشيخ الكليني، الكافي، م.س، ج 3

, باب ثواب قراءة القرآن، 607-606، ص3-1, باب من يتعلم القرآن بمشقة، ح603-606, ...613-611، ص7-1ح

.108، ص12انظر: السيد الطباطبائي، الميزان في تفسير القرآن، م.س، ج 4

266

وحرفوا حدوده، فهم يروونه وال يرعونه والجهال يعجبهم.1حفظهم للرواية والعلماء يحزنهم تركهم للرعاية..."

.2"ما بين الدفتين قرآن"- ما روي عن اإلمام الصادق عليه السالم:

"اجتمعت األمة قاطبة ال- ما روي عن اإلمام العسكري عليه السالم: اختالف بينهم في ذلك: أن القرآن حق ال ريب فيه عند جميع

فرقها، فهم في حالة اإلجماع عليه مصيبون، وعلى تصديق ما.3أنزل الله مهتدون..."

- الدليل العقلي:3 ذكر الباحثون والمحققون في مجال علوم القرآن والتفسير عدة تقريبات

. 4للدليل العقلي على صيانة القرآن عن التحريف

وتجدر اإلشارة إلى أن هذه التقريبات ليست عقلية بحتة, ألنها تتضمن مقدمات متسالم عليها بين المسلمين، وليس عقلية يقينية خالصة. ومن

هذه التقريبات: التقريب التالي, وهو يتألف من مقدمات عدة، هي:أ- إن القرآن كتاب هداية للعالمين.

ب- القرآن كتاب خاتم، كما أن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم رسولخاتم.

ج- إذا حرف القرآن يترتب على ذلك إضالل الناس. د- مقتضى حكمة الله تعالى أن ينزل كتابا آخر ويرسل رسوال آخر, وهذا يلزم منه: إما تكذيب الله سبحانه, ألنه أخبر بأن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم هو خاتم الرسل ورسالته خاتمة الرساالت، وإما نسبة الجهل

إليه تعالى على فرض اكتشافه ضرورة إرسال

.53، ص16، كتاب الروضة، ح8الشيخ الكليني، الكافي، م.س، ج 1 ،2انظر: مجموعة من المحدثين: األصول الستة عشر، أصل حسين بن عثمان بن شريك العامري، ط 2

.111هـ.ش، ص1363/ 1405قم المقدسة، دار الشبستري للمطبوعات, مطبعة مهديه، - انظر: الطبرسي، الفضل بن الحسن: االحتجاج، تعليق محمد باقر الخرسان، الط، النجف األشرف،16

.251، ص2م، ج1966هـ.ق/ 1386دار النعمان، انظر: الطبرسي، الفضل بن الحسن: االحتجاج، تعليق محمد باقر الخرسان، الط، النجف األشرف، دار 3

.251، ص2م، ج1966هـ.ق/ 1386النعمان، , السيد الخوئي، البيان في تفسير37انظر: المحمدي، سالمة القرآن من التحريف...، م.س، ص 4

.45-43القرآن، م.س، ص

267

نبي آخر ورسالة أخرى.

النتيجة: إذن، القرآن لم يحرف.

- اإلعجاز القرآني:4، هي:1ويقوم هذا الدليل على مقدمات عدة

أ- ثبوت التحدي بالقرآن تاريخيا في عصر الرسالة والدعوة. ب- القرآن الموجود بين أيدينا هو في الجملة القرآن الموجود في عصر

الدعوة. ج- مواصفات القرآن الموجود بين أيدينا هي نفسها المواصفات المنقولة

عن القرآن الموجود في عصر الدعوة, لجهة التحدي بالوجوه اإلعجازيةالمختلفة.

د- لو كان القرآن الموجود بين أيدينا محرفا, لما انطبقت عليه هذهالصفات والوجوه اإلعجازية.

إذن القرآن لم يحرف.النتيجة:

وتجدر اإلشارة إلى أن هذا الدليل ال ينهض بمفرده في إثبات عدم وقوعالتحريف بالنقيصة، وإن كان يثبت عدم وقوع التحريف بالزيادة.

وعليه، يمكن أن يتمم هذا الدليل بضميمة ما ثبتت قرآنيته من اآليات الدالةعلى صيانة القرآن عن التحريف مطلقا.

- الشواهد التاريخية:5 يوجد شواهد تاريخية كثيرة تدل بوضوح على صيانة القرآن الكريم عن

، منها:2التحريف أ- من ضروريات التاريخ: أن النبي العربي محمدا صلى الله عليه وآله

وسلم جاء قبل أربعة عشر قرنا

.107-104، ص12انظر: السيد الطباطبائي، الميزان في تفسير القرآن، م.س، ج 1 , السيد الطباطبائي، الميزان في43، ص1انظر: الطبرسي، مجمع البيان في تفسير القرآن، م.س، ج 2

,207 -200, السيد الخوئي، البيان في تفسير القرآن، م.س، ص104، ص12تفسير القرآن، م.س، ج.36-34المحمدي، سالمة القرآن من التحريف...، م.س، ص

268

تقريبا، وادعى النبوة، وانتهض للدعوة، وآمن به أمة من العرب وغيرهم، وأنه جاء بكتاب يسميه القرآن، وينسبه إلى ربه، متضمن لجمل المعارف،

وكليات الشريعة التي كان يدعو إليها، وكان يتحدى به، ويعده آية لنبوته، وأن القرآن الموجود اليوم بأيدينا هو القرآن الذي جاء به وقرأه على

الناس المعاصرين له.

ب- توافر الدواعي على نقله وحراسته وصيانته, ألن القرآن معجزة النبوة ودليل الرسالة الخاتمة، وال سيما في وجه أصحاب البدع والتحريف، الذين

يترصدون شرا باإلسالم والقرآن.

ج- شدة عناية المسلمين بحفظ القرآن وتالوته، وضبطهم الشديد في هذاالصدد.

د- لو كان القرآن محرفا, التخذه غير أهل اإلسالم من أعظم المطاعنعلى اإلسالم وأهله.

هـ- وجود بعض األخطاء في رسم المصحف حتى يومنا هذا، مع التفات المسلمين لها بعد توحيد المصاحف, مؤشر واضح على شدة عنايتهم

بحفظ القرآن وعدم المساس به.

269

األفكار الرئيسة - ورد في القرآن آيات كثيرة تدل على صيانة القرآن عن التحريف، منها:1

لنا الذكر وإنا له لحافظون﴿قوله تعالى: ﴿...وإنه﴾، إنا نحن نز لكتاب عزيز * ال يأتيه الباطل من بين يديه وال من خلفه تنزيل

ن حكيم حميد... ﴾...م

- ورد على لسان أهل البيت عليهم السالم روايات عدة تدل على صيانة2 القرآن عن التحريف، منها: روايات الثقلين، روايات التمسك بالقرآن،

عليهم السالم بقراءة سورة كاملة روايات العرض على القرآن، أمر األئمة بعد الفاتحة في الصالة، روايات تالوة القرآن وفضلها وثوابها، روايات

صيانة القرآن عن التحريف المروية عن األئمة عليهم السالم.

- ذكرت أدلة أخرى على صيانة القرآن عن التحريف، هي: الدليل3العقلي، اإلعجاز القرآني، الشواهد التاريخية.

270

فكر وأجب- أجب بـ "صح" أو "خطأ":1

- من الشواهد التاريخية على صيانة القرآن عن التحريف: توافر الدواعيلحفظه بين المسلمين.

- إعجاز القرآن يستلزم صيانة القرآن عن التحريف بالزيادة دون النقيصة. - ال يمكن االستدالل على صيانة القرآن عن التحريف بالنقيصة بآيات

القرآن.

أجب باختصار:-2- اذكر آية قرآنية، مبينا وجه داللتها على صيانة القرآن عن التحريف؟- اذكر دليال روائيا، مبينا وجه داللته على صيانة القرآن عن التحريف؟

- اذكر دليال عقليا على صيانة القرآن عن التحريف؟

271

مطالعة

1من لطائف وصف القرآن بأنه ذكر لله تعالى

﴿إنا نحنمن أجمع األوصاف التي يذكرها القرآن لنفسه: أنه ذكر لله: لنا الذكر وإنا له لحافظون ر به تعالى, بما أنه آية دالة2﴾نز , فإنه يذك

عليه، حية خالدة، وبما أنه يصفه بأسمائه الحسنى وصفاته العليا، ويصف سنته في الصنع واإليجاد، ويصف مالئكته وكتبه ورسله، ويصف شرائعه

وأحكامه، ويصف ما ينتهى إليه أمر الخلقة, وهو المعاد ورجوع الكل إليه سبحانه، وتفاصيل ما يؤل إليه أمر الناس, من السعادة والشقاء، والجنة والنار. ففي جميع ذلك: ذكر الله, وهو الذي يرومه القرآن بإطالق القول

بأنه ذكر. ونحن نجد أن ما بأيدينا من القرآن ال يفقد شيئا من معنى الذكر.

ر عنه ولكون الذكر من أجمع الصفات في الداللة على شؤون القرآن عب بالذكر في اآليات التي أخبر فيها عن حفظه القرآن عن البطالن والتغيير

إن الذين يلحدون في آياتنا ال يخفون﴿والتحريف, كقوله تعالى: علينا أفمن يلقى في النار خير أم من يأتي آمنا يوم القيامة

اعملوا ما شئتم إنه بما تعملون بصير * إن الذين كفروا بالذكرا جاءهم وإنه لكتاب عزيز * ال يأتيه الباطل من بين يديه وال لم

ن حكيم حميد , فذكر تعالى أن القرآن, من حيث3﴾من خلفه تنزيل م هو ذكر, ال يغلبه باطل، وال يدخل فيه حاال وال في مستقبل الزمان, ال

ته عنه. وكقوله بإبطال، وال بنسخ، وال بتغيير أو تحريف يوجب زوال ذكريلنا الذكر وإنا له لحافظون﴿تعالى: ﴾, فقد أطلق الذكر،إنا نحن نز

وأطلق الحفظ, فالقرآن محفوظ بحفظ الله عن كل زيادة ونقيصة وتغييرفي اللفظ أو في الترتيب يزيله عن الذكرية، ويبطل

كونه ذكرا لله سبحانه بوجه.

ومما تقدم يتبين: أن القرآن الذي أنزله الله على نبيه صلى الله عليه وآله وسلم ووصفه بأنه ذكر هو محفوظ على ما أنزل، مصون بصيانة إلهية عن

الزيادة والنقيصة والتغيير, كما

.107-106، ص12انظر: السيد الطباطبائي، الميزان في تفسير القرآن، م.س، ج 1.9سورة الحجر، اآلية: 2.42-40سورة فصلت، اآليات: 3

272

وعد الله نبيه صلى الله عليه وآله وسلم فيه.

أن القرآن أنزله الله على نبيه صلى الله عليه وآلهوخالصة الحجة: وسلم ووصفه في آيات كثيرة بأوصاف خاصة, لو كان تغير في شيء من

هذه األوصاف, بزيادة، أو نقيصة، أو تغيير في لفظ أو ترتيب مؤثر, فقد آثار تلك الصفة قطعا، لكنا نجد القرآن الذي بأيدينا واجدا آلثار تلك

الصفات المعدودة على أتم ما يمكن وأحسن ما يكون، فلم يقع فيه تحريف يسلبه شيئا من صفاته، فالذي بأيدينا منه هو القرآن المنزل على

النبي صلى الله عليه وآله وسلم بعينه، فلو فرض سقوط شيء منه أور في تغير في إعراب أو حرف أو ترتيب, وجب أن يكون في أمر ال يؤث

شيء من أوصافه, كاإلعجاز، وارتفاع االختالف، والهداية، والنورية،والذكرية، والهيمنة على سائر الكتب السماوية، إلى غير ذلك.

273

مصادر الدرس ومراجعه- القرآن الكريم.1 ،17, ج108-104، ص12- الطباطبائي، الميزان في تفسير القرآن، ج2

.399-398ص.215-214، 211-200، 45-43- الخوئي، البيان في تفسير القرآن، ص3 في قول رسول الله صلى الله17، باب 8- الصفار، بصائر الدرجات، ج4

43-433، ص6-1عليه وآله وسلم "إني تارك فيكم الثقلين"، ح1، ص3- ابن حنبل، مسند أحمد، ج514، ص3- النيسابوري، المستدرك على الصحيحين، ج6-943، ح1- المتقي الهندي، كنز العمل في سنن األقوال واألفعال، ج7

.187-185، ص955 , كتاب فضل العلم، باب األخذ8، المقدمة، ص1- الكليني، الكافي، ج8

، كتاب فضل القرآن، باب في2, ج69، ص5-1بالسنة وشواهد الكتاب، ح، 14-1تمثل القرآن وشفاعته ألهله، ح

, باب من606-603، ص11-1, باب فضل حامل القرآن، ح602-598ص-1, باب ثواب قراءة القرآن، ح607-606، ص3-1يتعلم القرآن بمشقة، ح

.53، ص16، كتاب الروضة، ح8, ج613-611، ص7 - مجموعة من المحدثين، األصول الستة عشر، أصل حسين بن عثمان9

.111بن شريك العامري، ص.251، ص2- الطبرسي، االحتجاج، ج10.37-34- نجارزادكان، سالمة القرآن من التحريف...، ص11.43، ص1- الطبرسي، مجمع البيان في تفسير القرآن، ج12

274

(3الدرس الثامن عشر: صيانة القرآن عن التحريف )

موضوعات الدرس:- داللة طوائف من الروايات على وقوع التحريف.1- كيفية جمع القرآن تستلزم وقوع التحريف.2- روايات النسخ.3- اختالف مصاحف الصحابة في ما بينها.4- اختالف القراءات.5- روايات وقوع التحريف باللحن والخطأ، وبالنقيصة، وبالزيادة.6

أهداف الدرس:- تعزيز االرتباط الوجداني والفكري والمعرفي بالقرآن الكريم.1- االطالع على أبرز الشبهات القائلة بوقوع التحريف في القرآن.2- االستدالل على دحض الشبهات المثارة في وقوع التحريف في القرآن.3

275

276

شبهات في وقوع التحريف: دعوى داللة طوائف من الروايات على وقوع- الشبهة األولى:1

التحريف: الروايات التي تتحدث عن مصحف اإلمام علي عليهأ- الطائفة األولى:

السالم, منها:- ما روي عن اإلمام علي عليه السالم: "ولقد أحضروا الكتاب كمال

مشتمال على التأويل والتنزيل، والمحكم والمتشابه، والناسخ والمنسوخ، لم يسقط منه حرف ألف وال الم، فلما وقفوا على ما بينه الله من أسماء أهل الحق والباطل، وأن ذلك إن أظهر

نقص ما عهدوه، قالوا: ال حاجة لنا فيه، نحن مستغنون عنه بما.1"عندنا

"ما ادعى أحد من- ما رواه جابر عن اإلمام الباقر عليه السالم: الناس أنه جمع القرآن كله كما أنزل إال كذاب، وما جمعهله الله تعالى, إال علي بن أبي طالب عليه وحفظه كما نز

ما يستطيع أحد أن، "2 "السالم واألئمة من بعده عليهم السالم يدعي أن عنده جميع القرآن كله, ظاهره وباطنه، غير

.3"األوصياء

.383، ص1الطبرسي، االحتجاج، م.س، ج 1.228، ص1، كتاب الحجة، باب أنه لم يجمع القرآن...، ح1الشيخ الكليني، الكافي، م.س، ج 2.228، ص2م. ن، ح 3

277

اإلجماع عند الشيعة والسنة على أن الزائد فيه إنما هوالجواب عنها:.1التأويل والتنزيل, شرحا للمراد

الروايات التي جاء فيها لفظ التحريف صريحا،ب- الطائفة الثانية:منها:

"أصحاب العربية يحرفون- ما روي عن اإلمام الصادق عليه السالم: .2"الكلم عن مواضعه

- ما رواه علي بن سويد: كتبت إلى أبي الحسن األول )اإلمام موسى : "...الكاظم عليه السالم( وهو في الحبس، فذكر عليه السالم في جوابه

.3اؤتمنوا على كتاب الله فحرفوه وبدلوه..."

- ما رواه ابن شهر آشوب بإسناده إلى اإلمام أبي عبدالله الحسين عليه : "إنما أنتم من طواغيت األمة، وشذاذالسالم يوم عاشوراء

.4األحزاب، ونبذة الكتاب، وعصبة اآلثام، ومحرفي الكتاب"

: "... وكان من نبذهم الكتاب- ما روي عن اإلمام الباقر عليه السالم أن أقاموا حروفه وحرفوا حدوده، فهم يروونه وال يرعونه والجهال يعجبهم حفظهم للرواية والعلماء يحزنهم تركهم

.5للرعاية..."

المقصود بالتحريف فيها هو خصوص التحريف المعنوي، أوالجواب عنها:.6اختالف القراءات وإعمال االجتهاد فيها

الروايات التي تشير إلى قراءات منسوبة إلى بعضج- الطائفة الثالثة:األئمة عليهم السالم, منها:

,118-108، ص12لمزيد من التفصيل، انظر: السيد الطباطبائي، الميزان في تفسير القرآن، م.س، ج 1 , المحمدي، سالمة القرآن من226-222السيد الخوئي، البيان في تفسير القرآن، م.س، ص

.104-103، 72-64التحريف...، م.س، ص النوري، حسين: مستدرك الوسائل، تحقيق ونشر مؤسسة آل البيت عليهم السالم إلحياء التراث، الط، 2

.280، ص8 من أبواب قراءة القرآن...، ح74، باب 4بيروت، الت، ج.82، باب من يجوز أخذ العلم منه...، ص2العالمة المجلسي، بحار األنوار، م.س، ج 3.8، باب ما جرى على اإلمام الحسين عليه السالم بعد بيعة الناس...، ص45م. ن، ج 4.53، ص16، كتاب الروضة، ح8الشيخ الكليني، الكافي، م.س، ج 5 ,118-108، ص12لمزيد من التفصيل، انظر: السيد الطباطبائي، الميزان في تفسير القرآن، م.س، ج 6

, المحمدي، سالمة القرآن من229-226السيد الخوئي، البيان في تفسير القرآن، م.س، ص.75-72التحريف...، م.س، ص

278

- ما رواه غالب بن الهذيل: سألت أبا جعفر عليه السالم عن قوله تعالى: ﴾ على الخفض هي أموامسحوا برؤوسكم وأرجلكم إلى الكعبين﴿

.1"بل هي على الخفض"على النصب؟ قال عليه السالم:

فليس عليهن﴿- ما رواه حريز: أن اإلمام الصادق عليه السالم قرأ: ﴾.جناح أن يضعن )من( ثيابهن

- ما رواه أبو بصير عن اإلمام الصادق عليه السالم: أنه قرأ قوله تعالى:.2﴾ قرأها ينطقهذا كتابنا ينطق عليكم بالحق﴿

:3الجواب عنها- هي أخبار آحاد ال يعتد بها.

- إن االختالف في القراءة ال يسري إلى االختالف في المعنى الموحى.

روايات الفساطيط: هي روايات وردت بشأند- الطائفة الرابعة: فساطيط تضرب ظهر الكوفة أيام ظهور الحجة عجل الله تعالى فرجه الشريف لتعليم الناس قراءة القرآن وفق ما جمعه أمير المؤمنين عليه

السالم, منها: : "إذا قام قائم آل محمد- ما روي عن اإلمام الباقر عليه السالم

صلى الله عليه وآله وسلم ضرب فساطيط لمن يعلم الناس القرآن، على ما أنزل الله. فأصعب ما يكون على من حفظه

.4اليوم, ألنه يخالف فيه التأليف"

- ما رواه سالم بن مسلمة: قرأ رجل على أبي عبدالله عليه السالم وأنا استمع حروفا من القرآن ليس على ما يقرأه الناس، فقال عليه السالم:

"كف عن هذه القراءة، اقرأ كما

،3الشيخ الطوسي، محمد بن الحسن: تهذيب األحكام، تحقيق وتعليق حسن الموسوي الخرسان، ط 1-70، ص37، باب صفة الوضوء...، ح1هـ.ش، ج1364طهران، دار الكتب اإلسالمية, مطبعة خورشيد،

71..50، ص11، روضة، كتاب الح8الشيخ الكليني، الكافي، م.س، ج 2 ,118-108، ص12لمزيد من التفصيل، انظر: السيد الطباطبائي، الميزان في تفسير القرآن، م.س، ج 3

, المحمدي، سالمة القرآن من التحريف،235-232السيد الخوئي، البيان في تفسير القرآن، م.س، ص.77-75م.س، ص

العكبري، محمد بن النعمان )المفيد(: اإلرشاد، تحقيق مؤسسة آل البيت عليهم السالم لتحقيق التراث، 4.386، ص2م، ج1993هـ.ق/ 1414، بيروت، دار المفيد، 2ط

279

يقرأ الناس, حتى يقوم القائم، فإذا قام القائم عجل الله تعالى فرجه الشريف قرأ كتاب الله عز وجل على حده، وأخرج

.1المصحف الذي كتبه علي عليه السالم"

ما يعلم للناس في الفساطيط هو هذا المصحف, بترتيب:2الجواب عنهانزول مصحف اإلمام علي عليه السالم.

روايات ورد فيها ذكر بعض أسماء األئمة عليهمهـ- الطائفة الخامسة:السالم في القرآن، منها:

"نزل القرآن أربعة أرباع:- ما روي عن اإلمام الباقر عليه السالم: ربع فينا، وربع في عدونا، وربع سنن وأمثال، وربع فرائض

.3وأحكام"

: "لو قد قرىء القرآن كما- ما روي عن اإلمام الصادق عليه السالم.4"أنزل, أللفيتنا فيه مسمين

"والية علي عليه السالم- ما روي عن اإلمام الرضا عليه السالم: .5"مكتوبة في جميع صحف األنبياء...

:6- الجواب عنها - إنهم مذكورون فيه بصفاتهم ونعوتهم الدالة عليهم وعلى فضائلهم

المختصة بهم. - التاريخ لم يذكر لنا أبدا أن أحدا احتج على غاصبي الخالفة بهذه اآليات

المفترضة، وإال لكانت أحق باالحتجاج.

.633، ص23، كتاب فضل العلم، باب النوادر، ح2الشيخ الكليني، الكافي، م.س، ج 1 ,118-108، ص12لمزيد من التفصيل، انظر: السيد الطباطبائي، الميزان في تفسير القرآن، م.س، ج 2

.79-77المحمدي، سالمة القرآن من التحريف، م.س، ص.628، ص4، كتاب فضل القرآن، باب النوادر، ح2الشيخ الكليني، الكافي، م.س، ج 3.13، ص4، ما عنى به األئمة عليهم السالم من القرآن، ح1العياشي، تفسير العياشي، م.س، ج 4 ،6، كتاب الحجة، باب فيه نتف وجوامع من الرواية في الوالية، ح1الشيخ الكليني، الكافي، م.س، ج 5

.437ص , السيد الطباطبائي،245-243، ص1لمزيد من التفصيل، انظر: اإلمام الخميني، أنوار الهداية، م.س، ج 6

, السيد الخوئي، البيان في تفسير القرآن، م.س،118-108، ص12الميزان في تفسير القرآن، م.س، ج.84-79, المحمدي، سالمة القرآن من التحريف، م.س، ص232-229ص

280

- الروايات واردة فيهم على نحو التفسير للمراد، فتكون على نحو الجريوالتطبيق ومعرفة المصداق الحقيقي لآليات.

روايات التحريف بالنقيصة، منها:و- الطائفة السادسة: وإذا تولى﴿- ما روي عن اإلمام علي عليه السالم: أنه قرأ قوله تعالى:

سعى في األرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل )بظلمه.1﴾والله ال يحب الفساد وسوء سريرته(

- ما رواه عمار الساباطي عن اإلمام الصادق عليه السالم أن الله تعالىن هو قانت آناء الليل ساجدا﴿قال بشأن اإلمام علي عليه السالم: أم

وقائما يحذر اآلخرة ويرجو رحمة ربه قل هل يستوي الذين يعلمون )أن محمدا رسول الله( والذين ال يعلمون )أن محمدا

ر أولوا األلباب ﴾، ثم قالرسول الله وأنه ساحر كذاب( إنما يتذكعليه السالم:

.2هذا تأويله يا عمار

﴿- روي أنه قرأ رجل عند اإلمام الصادق عليه السالم: وقل اعملوا ﴾، فقال عليه السالم:فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون

.3"ليس هكذا هي، إنما هي والمأمونون، فنحن المأمونون"

"إن القرآن الذي جاء به- ما روي عن اإلمام الصادق عليه السالم: جبرائيل إلى محمد صلى الله عليه وآله وسلم سبعة عشر ألف

.4آية"

:5الجواب عنها بالترتيب فيها داللة واضحة على كونه شرحا وتفسيرا للمراد من اآلية.- األولى: إن ورود ألفاظ التنزيل والتأويل، يحمل على الشرح للمراد،- الثانية:

وبيان معانيه ومصاديقه.

.289، ص435، كتاب الروضة، ح8 الشيخ الكليني، الكافي، م.س، ج1.205-204، ص246م. ن، ح 2.424، ص62، كتاب الحجة، باب فيه نكت ونتف من التنزيل في الوالية، ح1م. ن، ج 3.634، ص28، كتاب فضل العلم، باب النوادر، ح2الشيخ الكليني، الكافي، م.س، ج 4 ,118-108، ص12لمزيد من التفصيل، انظر: السيد الطباطبائي، الميزان في تفسير القرآن، م.س، ج 5

.91-84المحمدي، سالمة القرآن من التحريف، م.س، ص

281

هي بصدد بيان أبرز المصاديق وأكملها.- الثالثة: ورد في نسخة مصححة من الكافي، وفي كتاب الوافي للفيض- الرابعة:

الكاشاني: أنه يوجد زيادة للفظ عشرة, فيكون الحديث سبعة آالف آية، وليس سبعة عشرة ألف آية. أضف إلى ذلك أن مسألة عظيمة كهذه ال بد

من بيانها بشكل واضح, فال تثبت بخبر الواحد.

روايات كثيرة بلغت حد التواتر نقلها الشيعةلطائفة السابعة:- ز والسنة، مفادها: أن كل ما وقع في األمم السابقة، ال بد وأن يقع مثله فيفت، فال بد من وقوع التحريف هذه األمة، وبما أن كتبهم السماوية قد حر

في القرآن أيضا، وإال فلن تكون هذه األحاديث صحيحة، ومنها: ما روي عن "كل ما كان في األممرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:

السالفة، فإنه يكون في هذه األمة مثله، حذو النعل بالنعل،.1والقذة بالقذة"

:2الجواب عنها - إن هذا الدليل لو تم لكان داال على وقوع الزيادة في القرآن - أيضا -,

كما وقعت في التوراة واإلنجيل. ومن الواضح بطالن ذلك, للتسالمواالتفاق على عدم وقوع التحريف بالزيادة.

- يوجد كثير من الحوادث وقعت في األمم السابقة لم يصدر مثلها في هذه األمة, كالتثليث، وعبادة العجل، وقصة السامري، وغرق فرعون، ورفع

النبي عيسى عليه السالم إلى السماء، والتحريف بالزيادة في كتبهم، وما شابه ذلك. وعليه، فالمراد من ذلك المشابهة في بعض الوجوه، وليس

التطابق في كل األمور.

- يكفي للتشابه مع األمم السالفة, وقوع التحريف المعنوي, بتضييع حدودالقرآن

.530الشيخ الصدوق، كمال الدين وتمام النعمة، م.س، ص 1 ,118-110، ص12لمزيد من التفصيل، انظر: السيد الطباطبائي، الميزان في تفسير القرآن، م.س، ج 2

, المحمدي، سالمة القرآن من التحريف،222-220السيد الخوئي، البيان في تفسير القرآن، م.س، ص.100-99م.س، ص

282

الكريم، وتفسيره بالرأي.

- إن كالم الرسول صلى الله عليه وآله وسلم المتقدم عام يمكن تخصيصهلنا﴿واستثناء تحريف القرآن منه, استنادا إلى قوله تعالى: إنا نحن نز

.1﴾الذكر وإنا له لحافظون

كيفية جمع القرآن في صدر اإلسالم وزمن الصحابة,- الشبهة الثانية:2 تستلزم عادة وقوع التغيير والتحريف فيه, بسبب بدائة الخط، وعدم توافر

األدوات الالزمة للكتابة.

إن الجمع حصل في زمن النبي صلى الله عليه وآله وسلمالجواب عنها: ضمن سور، ثم على يد اإلمام علي عليه السالم ضمن مصحف، ثم على يد

الصحابة ضمن مصاحف، ثم توحيد الرسم في زمن عثمان, وفي جميع هذه المحطات كانت الدواعي متوافرة لحفظ القرآن وصيانته، وكان هناك

تشديدا قل نظيره على حفظ القرآن وتدوينه, هذا مع كونه محفوظا بالصدور إلى عهد يتيقن قبله تدوين القرآن, بناء على اختالف اآلراء في

.2جمع القرآن وتدوينه

إن أكثر العامة وجماعة من الخاصة ذكروا في- الشبهة الثالثة:3 أقسام اآليات المنسوخة ما نسخت تالوتها دون حكمها، وما نسخت تالوتها

وحكمها معا.

:3الجواب عنها - ال يوجد في روايات اإلمامية آية منسوخة التالوة, سوى آية الرجم، وهي

جاءت بخبر واحد سندا، تعارضها روايات كثيرة مستفيضة تنفي نسخ التالوة.

- إن نظرية نسخ التالوة مع الحكم أو من دونه ال حقيقة لها.

.9الحجر: 1 ,118-108، ص12لمزيد من التفصيل، انظر: السيد الطباطبائي، الميزان في تفسير القرآن، م.س، ج 2

, المحمدي، سالمة القرآن من التحريف،259-235السيد الخوئي، البيان في تفسير القرآن، م.س، ص.102-100م.س، ص

,118-108، ص12لمزيد من التفصيل، انظر: السيد الطباطبائي، الميزان في تفسير القرآن، م.س، ج 3 , المحمدي، سالمة القرآن من التحريف،286-285السيد الخوئي، البيان في تفسير القرآن، م.س، ص

.103-102م.س، ص

283

وجود مصاحف لدى الصحابة تختلف عن المصحف- الشبهة الرابعة:4الموجود, لجهة اشتمالها على الزيادة.

الجواب عنها: إن هذه الزيادات هي زيادات تفسيرية شارحة ومبينة للمراد، بعد فرض التسليم بثبوت نسبة ما هو مدعى زيادته في هذه المصاحف

.1إلى الصحابة

اختالف القراءات يستلزم كون الموجود بين أيدينا- الشبهة الخامسة:5من القرآن هو غير ما أنزل على النبي صلى الله عليه وآله وسلم.

إن اختالف القراءات والقراء ال يضر بالمعنى والمضمونالجواب عنها:.2الموحى، وإن أثر أثره في كيفية أداء قراءة القرآن

األخبار الكثيرة الواردة في كتب أهل السنة،- الشبهة السادسة:6 والتي تثبت وقوع التحريف باللحن والخطأ في القرآن )دعوى وجود أخطاء

أو سورة"مثل: آية الرجم"،نحوية(، وبالنقيصة والتبديل )إسقاط آية ، أو حذف بعض الكلمات أو"مثل: سورة النورين، أو سورة الوالية"

تبديلها(، وبالزيادة )الفاتحة والمعوذتين(.

:3الجواب عنها- ضعف هذه األخبار سندا.

- تهافتها في ما بينها. - إمكانية حمل داللة بعضها على غير المدعى, بأنها من باب التفسير،

والشرح، وبيان المراد، وبعض المصاديق وأكملها.- معارضتها بأخبار صحيحة ومتواترة تنفي وقوع التحريف.

- عدم نهوضها أمام األدلة المثبتة لصيانة القرآن عن التحريف.

,118-108، ص12لمزيد من التفصيل، انظر: السيد الطباطبائي، الميزان في تفسير القرآن، م.س، ج 1.109-104المحمدي، سالمة القرآن من التحريف، م.س، ص

.116-111م. ن، ص 2 ,118-108، ص12لمزيد من التفصيل، انظر: السيد الطباطبائي، الميزان في تفسير القرآن، م.س، ج 3

.118-116، 109المحمدي، سالمة القرآن من التحريف، م.س، ص

284

األفكار الرئيسة - من الشبهات المثارة على القرآن بوقوع التحريف فيه:1

دعوى داللة طوائف من الروايات على وقوع التحريف، كيفية جمع القرآن تستلزم وقوع التحريف، الروايات الدالة على نسخ الحكم والتالوة ونسخ

الحكم دون التالوة تستلزم وقوع التحريف، اختالف مصاحف الصحابة في ما بينها تؤشر على وقوع التحريف، اختالف القراءات يستلزم وقوع التحريف، الروايات التي تتحدث عن وقوع التحريف باللحن والخطأ،

وبالنقيصة والتبديل، وبالزيادة.

المقدار الزائد هو من التأويل- يمكن رد هذه الشبهات بالتالي:2 والتنزيل, شرحا للمراد، المقصود بالتحريف في بعض الروايات خصوص

التحريف المعنوي أو اختالف القراءات وإعمال االجتهاد فيها، أخبار التحريف هي أخبار آحاد ال يعتد بها، أهل البيت عليهم السالم مذكورون في

القرآن بصفاتهم ونعوتهم الدالة عليهم، بعض الروايات واردة في أهل البيت عليهم السالم على نحو التفسير للمراد, فتكون على نحو الجري والتطبيق ومعرفة المصداق الحقيقي لآليات، توافر الدواعي على حفظ القرآن وتدوينه وتشدد المسلمين في ذلك يمنع وقوع الخطأ في الجمع، اختالف القراءات والقراء ال يضر بالمعنى والمضمون الموحى، معارضة

روايات وقوع التحريف بالنقيصة بروايات صحيحة مستفيضة، تهافتروايات التحريف بالنقيصة في ما بينها.

285

فكر وأجب

- أجب بـ "صح" أو "خطأ":1 - بعض الزيادات الموجودة في مصاحف الصحابة هي من قبيل الزيادات

التفسيرية, شرحا للمراد. - نسخ التالوة مع الحكم أو من دونه تستلزم القول بوقوع التحريف

بالنقيصة. - روايات التحريف بالنقيصة والتبديل والزيادة ال تنهض أمام أدلة صيانة

القرآن عن التحريف.

- أجب باختصار:2 - اذكر شبهة ذكر أسماء األئمة عليهم السالم في القرآن وكيفية توجيه

داللتها عن دعوى وقوع التحريف؟- تحدث عن شبهة روايات التحريف بالنقيصة وكيفية ردها؟

- تكلم عن شبهة روايات وقوع التحريف في القرآن, كما وقع في الكتبالسابقة، وكيفية توجيهها؟

286

مطالعة

1دعوى ضياع سور أو أبعاض سور من القرآن!

.2- ضياع سورتي الحفد والخلع1

- ذهاب أكثر من ثلثي القرآن!!: أخرج الطبراني عن عمر بن الخطاب2.3أنه قال: القرآن ألف ألف حرف وسبعة وعشرون ألف حرف

- ضياع سورة بحجم براءة وسورة من المسبحات: روى مسلم في3 صحيحه أن أبا موسى األشعري بعث إلى قراء البصرة فدخل عليه ثالثمئة

رجل، فقال لهم في ما قال: إنا كنا نقرأ سورة كنا نشبهها في الطولوالشدة ببراءة، فأنسيتها،

غير أني حفظت منها: )لو كان البن آدم واديان من مال البتغى واديا ثالثا وال يمأل جوف ابن آدم إال التراب(. وكنا نقرأ سورة نشبهها بإحدى

﴿يا أيها الذين آمنوا لمالمسبحات، فأنسيتها، غير أني حفظت منها: فتكتب شهادة في أعناقكم فتسألون عنها يوم﴾تقولون ما ال تفعلون

.4القيمة

- ضياع أكثر من ثلثي سورة براءة: أخرج ابن أبي شيبة والطبراني في4 األوسط وأبو الشيخ والحاكم وابن مردويه عن حذيفة، قال: التي تسمون

سورة التوبة هي سورة العذاب، والله ما تركت أحدا إال نالت منه، وال تقرؤون منها مما كنا نقرأ إال ربعها. وفي رواية أخرى عن حذيفة، قال: ما

. وقال مالك: إن 5تقرأون ثلثها

هذه الدعوى موجودة في المجامع الحديثية عند أهل السنة. 1.178، ص1انظر: السيوطي، اإلتقان في علوم القرآن، م.س، ج 2.190انظر: م. ن، ص 3.37-36، ص2انظر: الزركشي، البرهان في علوم القرآن، م.س، ج 4 انظر: السيوطي، جالل الدين: الدر المنثور في تفسير القرآن بالمأثور، الط، بيروت، دار المعرفة، الت، 5

.208، ص3ج

287

أولها لما سقط، سقط معه البسملة، فقد ثبت أنها كانت تعدل البقرة.1لطولها

- ضياع أكثر من ثلثي سورة األحزاب: أخرج البخاري في تاريخه عن5حذيفة بن اليمان أنه قال: قرأت سورة األحزاب

على النبي صلى الله عليه وآله وسلم, فنسيت منها سبعين آية ما وجدتها.وأخرج أبو عبيد في الفضائل وابن األنباري

وابن مردويه عن عائشة قالت: كانت سورة األحزاب تقرأ في زمان النبيصلى الله عليه وآله وسلم مئتي آية، فلما كتب

.2عثمان المصاحف لم يقدر منها إال على ما هو اآلن

.177، ص1انظر: السيوطي، اإلتقان في علوم القرآن، م.س، ج 1.180، ص5انظر: السيوطي، الدر المنثور في تفسير القرآن بالمأثور، م.س، ج 2

288

مصادر الدرس ومراجعه- القرآن الكريم.1.383، ص1- الطبرسي، االحتجاج، ج2 ،2-1، كتاب الحجة، باب أنه لم يجمع القرآن...، ح1- الكليني، الكافي، ج3

, باب424، ص62, باب فيه نكت ونتف من التنزيل في الوالية، ح228ص ، كتاب فضل2, ج437، ص6فيه نتف وجوامع من الرواية في الوالية، ح

،8, ج634، ص28, ح633، ص23, ح628، ص4العلم، باب النوادر، ح ،435, ح205-204، ص246, ح53، ص16, ح50، ص11كتاب الروضة، ح

.289ص.118-108، ص12- الطباطبائي، الميزان في تفسير القرآن، ج4-285، 259-232، 232-220- الخوئي، البيان في تفسير القرآن، ص5

286. ،109-99، 91-64- نجارزادكان، سالمة القرآن من التحريف...، ص6

111-118. من أبواب قراءة القرآن...، ح74، باب 4- النوري، مستدرك الوسائل، ج7.280، ص8, ج82، باب من يجوز أخذ العلم منه...، ص2- المجلسي، بحار األنوار، ج8

.8، باب ما جرى على اإلمام الحسين عليه السالم...، ص457-70، ص37، باب صفة الوضوء...، ح1- الطوسي، تهذيب األحكام، ج9

.386، ص2- العكبري، اإلرشاد، ج10 ، ما عنى به األئمة عليهم السالم من1- العياشي، تفسير العياشي، ج11

، ص4القرآن، ح24-243، ص1- الخميني، أنوار الهداية، ج12.530- الصدوق، كمال الدين وتمام النعمة، ص13

289

290

(1الدرس التاسع عشر: الناسخ والمنسوخ )

موضوعات الدرس:- معنى النسخ.1- إمكان النسخ ووقوعه.2- ضرورة معرفة الناسخ والمنسوخ.3- الفرق بين النسخ والتخصيص.4- شروط النسخ.5

أهداف الدرس:- تعزيز االرتباط الوجداني والفكري والمعرفي بالقرآن الكريم.1- معرفة معنى النسخ وإمكانه ووقوعه وضرورته.2- معرفة شروط النسخ وخصائصه.3

291

292

- معنى النسخ:1 "النون والسين والخاء: أصل واحد, إال أنه أ- المعنى اللغوي:

مختلف في قياسه. قال قوم: قياسه رفع شيء وإثبات غيره مكانه. وقال آخرون: قياسه تحويل شيء إلى شيء. قالوا: النسخ نسخ الكتاب. والنسخ: أمر كان يعمل به من قبل، ثم

ينسخ بحادث غيره, كاآلية ينزل فيها أمر، ثم تنسخ بآية أخرى. "النسخ: إزالة شيء. و1"وكل شيء خلف شيئا, فقد انتسخه

به، فتارة يفهم منه اإلزالة، وتارة يفهم منه بشيء يتعق . وعليه، فإن المعنى الحقيقي2اإلثبات، وتارة يفهم منه األمران"

للنسخ هو اإلزالة، وقد استخدم مجازا بمعنى النقل والتحويل, لما فيهمامن معنى اإلزالة.

سابق ـ كان يقتضي3 النسخ هو: رفع تشريعب- المعنى االصطالحي: الدوام حسب ظاهره ـ بتشريع الحق, سواء أكان ذلك األمر المرتفع من األحكام التكليفية أم الوضعية، وسواء أكان من المناصب اإللهية أم من

غيرها من األمور التي ترجع

.424، مادة"نسخ"، ص5انظر: ابن فارس، معجم مقاييس اللغة، م.س، ج 1.801انظر: األصفهاني، مفردات ألفاظ القرآن، م.س، مادة"نسخ"، ص 2 ذهب العالمة السيد الطباطبائي قدس سره إلى أن النسخ غير مختص بالتشريعيات، بل يعم التكوينيات 3

.252، ص1أيضا. انظر: السيد الطباطبائي، الميزان في تفسير القرآن، م.س، ج

293

إلى الله تعالى بما أنه شارع، بحيث ال يمكن اجتماع التشريعين معا، إما ذاتا, إذا كان التنافي بينهما بينا، وإما بدليل خاص, من إجماع، أو نص

.1صريح

- إمكان النسخ ووقوعه:2 تسالم العقالء في ما بينهم على إمكان وقوع النسخ في التقنين, بإزالة حكم أو قانون واستبداله بآخر، في ما لو كان الحكم أو القانون الثاني الناسخ مشتمال على مصلحة ال يشتمل عليها الحكم أو القانون األول

المنسوخ، أو في ما لو تبين للمقنن أن الحكم أو القانون األول لم يكن مشتمال على المصلحة المطلوبة, ما دعاه إلى تقنين آخر يستوفي تلك

المصلحة.

وخالف في ذلك اليهود والنصارى في مجال الشرعيات والتكوينيات, لوجود شبهة لديهم في المسألة, حيث ادعوا استحالة وقوع النسخ, الستلزامه

عدم حكمة الناسخ، أو جهله بوجه الحكمة، وكال هذين الالزمين مستحيلفي حقه تعالى. وحقيقة األمر في دحض هذه الشبهة:

أ- أن الحكم المجعول من قبل الشارع الحكيم قد ال يراد منه البعث، أو الزجر الحقيقيين, كاألوامر التي يقصد بها االمتحان، وهذا النوع من األحكام

يمكن إثباته أوال، ثم رفعه، وال مانع من ذلك, فإن كال من اإلثبات والرفعفي وقته قد نشأ عن مصلحة وحكمة، فال يلزم منه خالف الحكمة.

ب- قد يكون الحكم المجعول حكما حقيقيا، ومع ذلك ينسخ بعد زمان، البمعنى أن الحكم بعد ثبوته يرفع في الواقع

ونفس األمر, كي يكون مستحيال على الحكيم العالم بالواقعيات، بل هوبمعنى: أن يكون الحكم المجعول مقيدا بزمان

خاص معلوم عند الشارع منذ البداية، مجهول عند الناس, لمصلحة مرعيةد عند الشارع، ويكون ارتفاعه بعد انتهاء ذلك الزمان, النتهاء أمده الذي قي

به واقعا. والنسخ

,253-249، ص1لمزيد من التفصيل، انظر: السيد الطباطبائي، الميزان في تفسير القرآن، م.س، ج 1.278-277السيد الخوئي، البيان في تفسير القرآن، م.س، ص

294

بهذا المعنى ممكن قطعا, لبداهة دخالة خصوصيات الزمان في مناطات األحكام بما ال يشك فيه أي عاقل. فالنسخ في الحقيقة تقييد إلطالق

الحكم من حيث الزمان، وال تلزم منه مخالفة الحكمة، وال البداء بالمعنىالمستحيل في حقه تعالى.

وال خالف بين المسلمين في وقوع النسخ بين الشرائع السابقة والالحقة, كنسخ الشريعة اإلسالمية للشرائع السماوية السابقة عليها زمانا، وداخل

الشريعة الواحدة نفسها, كتحويل القبلة.

وقد صرح القرآن الكريم في آيات عدة بوقوع النسخ، منها:نها أو مثلها﴿- قوله تعالى: ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير م

.1﴾ألم تعلم أن الله على كل شيء قدير﴿- قوله تعالى: ل قالوا وإذا بدلنا آية مكان آية والله أعلم بما ينز

.2﴾إنما أنت مفتر بل أكثرهم ال يعلمون.3﴾يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب﴿- قوله تعالى:

وعليه، فإن النسخ ممكن الوقوع، وقد وقع فعال، ولكنه نسخ بالمعنى المجازي ال بالمعنى الحقيقي للنسخ - أي بمعنى نشأة رأي جديد -، فهو

حكم مؤقت وتشريع محدود واضح أمره للمشرع منذ بداية تشريعه، ولكن لمصلحة في التكليف أخفى الشارع المقدس بيان أمد الحكم عن الناس،

ع حكما آخر مكانه. ولعل وجه الحكمة من هذا اإلخفاء، ومع انتهاء أمده شر يكمن في حث المكلفين على االنبعاث المتثال الحكم, كما لو أنه حكما

.4مطلق األمد

.106سورة البقرة، اآلية: 1.101سورة النحل، اآلية: 2.39سورة الرعد، اآلية: 3 ,253-249، ص1لمزيد من التفصيل، انظر: السيد الطباطبائي، الميزان في تفسير القرآن، م.س، ج 4

.280-279, السيد الخوئي، البيان في تفسير القرآن، م.س، ص346-345، ص12ج

295

- ضرورة معرفة الناسخ والمنسوخ:3 إن لمعرفة الناسخ والمنسوخ أثر جلي في فهم التشريع اإلسالمي، بحيث

ال يمكن للمجتهد استنباط حكم شرعي ما لم يكن له حظ وافر من معرفةالناسخ والمنسوخ.

وقد شدد الروايات المأثورة عن أهل بيت العصمة عليهم السالم علىضرورة معرفة الناسخ والمنسوخ، منها:

أ- روي أن اإلمام علي عليه السالم مر على قاض، فقال له عليه السالم: هلكتهل تعرف الناسخ عن المنسوخ؟ فقال: ال، فقال عليه السالم: "

.1وأهلكت، تأويل كل حرف من القرآن على وجوه"

"أنت فقيهب- روي أن اإلمام الصادق عليه السالم قال ألبي حنيفة: قال:"فبم تفتيهم؟" قال: نعم، قال عليه السالم: أهل العراق؟"

"أتعرف كتاب اللهبكتاب الله وسنة نبيه، فقال له اإلمام عليه السالم: حق معرفته، وتعرف الناسخ من المنسوخ؟" قال: نعم، قال

عليه السالم: "لقد ادعيت علما. ويلك! ما جعل الله ذلك إال عند أهل الكتاب الذين أنزل عليهم. ويلك! وال هو إال عند الخاص

.2من ذرية نبينا صلى الله عليه وآله وسلم"

- الفرق بين النسخ والتخصيص:4يكمن الفرق بين النسخ والتخصيص في النقاط التالية:

أ- مقتضى النسخ انتهاء التشريع السابق، بعد أن عمل به المكلفون لفترة من الزمن، بينما مقتضى التخصيص قصر الحكم العام على بعض أفراد

الموضوع دون تمامها، وإخراج بقية األفراد عن دائرة شمول الحكم, وذلك قبل أن يعمل المكلفون بعموم التكليف. فالنسخ هو نوع اختصاص للحكم

ببعض األزمان، والتخصيص

.12، ص9، في تفسير الناسخ والمنسوخ...، ح1 العياشي، تفسير العياشي، م.س، ج1 ابن بابويه، محمد بن علي بن الحسين)الصدوق(: علل الشرائع، تقديم محمد صادق بحر العلوم، الط، 2

-89، ص5، ح81، باب1م، ج1966هـ.ق/ 1385النجف األشرف، منشورات المكتبة الحيدرية ومطبعتها، 90.

296

نوع اختصاص له ببعض األفراد.

ب- الرافع للتنافي بين الناسخ والمنسوخ بعد استقراره بينهما، بحسب الظهور اللفظي, هو الحكمة والمصلحة الموجودة بينهما، بخالف الرافع

للتنافي بين العام والخاص, فإنه قوة الظهور اللفظي الموجود في الخاص،المفسر للعام بالتخصيص.

ويعد كل من الناسخ والمخصص وسيلة للكشف عن المراد الحقيقي.1للمشرع

- شروط النسخ:5، أهمها:2ذكرت شروط عدة للنسخ االصطالحي

أ- وجود تنافي ذاتي بين الحكمين، بحيث ال يمكن اجتماعهما معا في الوقت نفسه, كما في آيات وجوب الصفح مع وجوب آيات القتال، أو وجود

تنافي بينهما ناتج عن دليل قطعي دل على نقض الحكم السابق بحكم والذين﴿الحق, كما في حكم االعتداد المبين في آية اإلمتاع إلى الحول:

تاعا إلى الحول زواجهم م ون منكم ويذرون أزواجا وصية أل يتوف غير إخراج فإن خرجن فال جناح عليكم في ما فعلن في

عروف والله عزيز حكيم ، مع حكم االعتداد المبين3﴾أنفسهن من مون منكم﴿في آية االعتداد بأربعة أشهر وعشرة أيام: والذين يتوف

ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا فإذا بلغن أجلهن فال جناح عليكم فيما فعلن في أنفسهن

.4﴾بالمعروف والله بما تعملون خبير

, الزرقاني، مناهل العرفان253، ص1انظر: السيد الطباطبائي، الميزان في تفسير القرآن، م.س، ج 1-271، ص2, معرفة، التمهيد في علوم القرآن، م.س، ج146-145، ص2في علوم القرآن، م.س، ج

272. , الزرقاني، مناهل العرفان في علوم253-252، ص1انظر: السيد الطباطبائي، الميزان، م.س، ج 2

.274-272، ص2, معرفة، التمهيد في علوم القرآن، م.س، ج141، ص2القرآن، م.س، ج.240سورة البقرة، اآلية: 3.234سورة البقرة، اآلية: 4

297

ب- أن يكون التنافي كليا على اإلطالق، ال جزئيا وفي بعض الجوانب, فإن الثاني تخصيص في الحكم العام، وليس من النسخ في شيء, فآية القواعد

تي ال يرجون نكاحا فليس﴿من النساء: والقواعد من النساء الالجات بزينة وأن عليهن جناح أن يضعن ثيابهن غير متبر

ال تصلح ناسخة آلية غض1﴾يستعففن خير لهن والله سميع عليم وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن﴿البصر:

فروجهن وال يبدين زينتهن إال ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن وال يبدين زينتهن إال لبعولتهن أو آبائهن أو آباء

بعولتهن أو أبنائهن أو أبناء بعولتهن أو إخوانهن أو بني إخوانهن أو بني أخواتهن أو نسائهن أو ما ملكت أيمانهن أو

جال أو الطفل الذين لم التابعين غير أولي اإلربة من الر يظهروا على عورات النساء وال يضربن بأرجلهن ليعلم ما

يخفين من زينتهن وتوبوا إلى الله جميعا أيها المؤمنون لعلكم ، بعد أن كانت األولى أخص من الثانية، والخاص ال ينسخ العام،2﴾تفلحون

بل يخصصه بما عداه من أفراد الموضوع.

ج- عدم تحديد أمد الحكم السابق, تصريحا أو تلويحا، حيث يرتفع الحكم بنفسه عند انتهاء أمده، من دون حاجة إلى نسخ, فقوله تعالى:

ال يصدق عليه3﴾﴿...فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله...النسخ عندما تفيء الفئة الباغية وترجع إلى رشدها والتسليم لحكم الله.

.60سورة النور، اآلية: 1.31سورة النور، اآلية: 2.9سورة الحجرات، اآلية: 3

298

، فال نسخ في ما يتعلق باألخبار. فقوله تعالى:1د- تعلق النسخ بالتشريعياتن اآلخرين﴿ لين * وثلة م ن األو ثلة﴿ ال يصلح ناسخا لقوله: 2﴾ثلة م

ن اآلخرين لين * وقليل م ن األو .3﴾م

هـ- وحدة الموضوع في الحكمين, ألن تغير الموضوع يستلزم تغير الحكم,فال نسخ مع تغير الموضوع.

و- اشتمال الناسخ على ما في المنسوخ من كمال ومصلحة.

يرى السيد الطباطبائي قدس سره أن النسخ يتعلق بالتكوينيات فضال عن التشريعيات، ولعل مراده 1، ص1بالنسخ بالتكوينيات هو البداء. انظر: السيد الطباطبائي، الميزان في تفسير القرآن، م.س، ج

252..40-39سورة الواقعة، اآليتان: 2.14-13سورة الواقعة، اآليتان: 3

299

األفكار الرئيسة - النسخ هو رفع تشريع سابق بتشريع الحق، بحيث ال يمكن اجتماعهما1

معا. - تسالم العقالء والمسلمون على إمكان وقوع النسخ، وخالف اليهود2

والنصارى. - نسخ الشارع المقدس هو نسخ بالمعنى المجازي ال بالمعنى الحقيقي3

للنسخ.- إن لمعرفة الناسخ والمنسوخ أثر جلي في فهم التشريع اإلسالمي.4 - النسخ هو نوع اختصاص للحكم ببعض األزمان، والتخصيص نوع5

اختصاص له ببعض األفراد. - من شروط النسخ: وجود تنافي ذاتي كلي بين الحكمين، عدم تحديد6

أمد الحكم السابق، وحدة الموضوع، اشتمال الناسخ على ما في المنسوخمن كمال ومصلحة.

فكر وأجب

- أجب بـ "صح" أو "خطأ":1 - المعنى اللغوي الحقيقي للنسخ هو اإلزالة، وقد استخدم مجازا بمعنى

النقل والتحويل. - ال يتوقف فهم التشريع اإلسالمي على معرفة النسخ, لعدم وقوعه فعال

في القرآن.- النسخ مختص بالشرعيات فقط.

- أجب باختصار:2- هل النسخ ممكن الوقوع؟ وهل وقع فعال؟

- وضح الفرق بين النسخ والتخصيص؟- بين شروط النسخ، مع ذكر أمثلة توضيحية؟

300

مطالعة

1الفرق بين النسخ والبداء

إن النسخ في معناه الواقعي والحقيقي )تبدل الرأي( في مجال التكوين )وهو ما يسمى بالبداء( مستحيل بحقه تعالى - كما هو حال النسخ في

مجال التشريع - وممتنع بالقياس إلى علمه تعالى األزلي المحيط باألشياء. فكما أن النسخ في الشرعيات, بمعنى ظهور شيء بعد خفاء على الناس، فكذلك البداء في التكوينيات, بمعنى ظهور أمر بعد خفاء، سوى أن األول:

ظهور أمد حكم كان معلوما عند الله خافيا على الناس، والثاني: ظهور أمر وأجل كان محتما عنده تعالى من األزل، وخافيا على الناس، ثم بدا لهم,

أي ظهرت لهم حقيقته.

. ومفاد2﴾يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب﴿قال تعالى: هذه اآلية أن لله سبحانه في كل وقت وأجل كتابا, أي حكما وقضاء، وأنه

يمحو ما يشاء من هذه الكتب واألحكام واألقضية، ويثبت ما يشاء, أي يغير القضاء الثابت في وقت, فيضع في الوقت الثاني مكانه قضاء آخر، لكن يوجد عنده بالنسبة إلى كل وقت قضاء ال يتغير وال يقبل المحو واإلثبات,

وهو األصل الذي ترجع إليه األقضية األخرى وتنشأ منه, فيمحو ويثبت علىحسب ما يقتضيه هو.

, الزرقاني، مناهل382-375، ص11انظر: السيد الطباطبائي، الميزان في تفسير القرآن، م.س، ج 1، ص2, معرفة، التمهيد في علوم القرآن، م.س، ج143-142، ص2العرفان في علوم القرآن، م.س، ج

269-270..39سورة الرعد، اآلية: 2

301

مصادر الدرس ومراجعه- القرآن الكريم.1.424، ص5- ابن فارس، معجم مقاييس اللغة، ج2.801- األصفهاني، مفردات ألفاظ القرآن، ص3، ص11, ج253-249، ص1- الطباطبائي، الميزان في تفسير القرآن، ج4

.346-345، ص12, ج375-382.280-277- الخوئي، البيان في تفسير القرآن، ص5 ،9، في تفسير الناسخ والمنسوخ...، ح1- العياشي، تفسير العياشي، ج6

.12ص.90-89، ص5، ح81، باب1- الصدوق، علل الشرائع، ج7-145، 143-141، ص2- الزرقاني، مناهل العرفان في علوم القرآن، ج8

146..274-269، ص2- معرفة، التمهيد في علوم القرآن، ج9

302

(2الدرس العشرون: الناسخ والمنسوخ )

موضوعات الدرس:- أقسام النسخ.1- أنحاء النسخ.2- شبهات في النسخ.3- اآليات الناسخة والمنسوخة.4

أهداف الدرس:- تعزيز االرتباط الوجداني والفكري والمعرفي بالقرآن الكريم.1- معرفة أقسام النسخ وأنحائه، وعدد اآليات المنسوخة.2- معرفة أبرز الشبهات واإلشكاليات المثارة على النسخ وكيفية دحضها.3

303

304

- أقسام النسخ:1ذكر الباحثون والمحققون ثالثة أقسام للنسخ، هي:

وهو زوال آية من القرآن ذات حكمأ- نسخ الحكم والتالوة معا: تشريعي، تداولها المسلمون األوائل وقرأوها وعملوا بحكمها، ثم نسخت وتعطل حكمها وزالت من القرآن. ومن األمثلة التي أوردوها على وقوع

هذا القسم من النسخ: ما روي عن عائشة أنها قالت: كان في ما أنزل من القرآن )عشر رضعات معلومات يحرمن(، ثم نسخن بخمس معلومات،

فتوفى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهن في ما يقرأ من.1القرآن

:2وهذا القسم من النسخ غير واقع في القرآن لألمور التالية- إجماع المسلمين على عدم ثبوت النسخ بخبر الواحد.

- ابتالء أغلب هذه األخبار التي تتحدث عن وقوعه بالضعف واإلرسال.- القرآن الكريم ال يثبت بأخبار اآلحاد.

- استلزام هذا القسم من النسخ للتحريف بالنقيصة.

وهو زوال آية من القرآن قرأهاب- نسخ التالوة دون الحكم:المسلمون األوائل

, الزركشي، البرهان في علوم القرآن، م.س، ج176، ص4انظر: النيسابوري، صحيح مسلم، م.س، ج 1.58، ص2, السيوطي، اإلتقان في علوم القرآن، م.س، ج39، ص2

, معرفة، التمهيد في علوم286-285انظر: السيد الخوئي، البيان في تفسير القرآن، م.س، ص 2.279-275، ص2القرآن، م.س، ج

305

وعملوا بحكمها، ثم نسيت وزالت من القرآن، مع بقاء حكمها معموال به. ومن األمثلة التي أوردوها على هذا القسم من النسخ: ما رواه زر بن

حبيش، قال: قال لي أبي بن كعب: كم آية تعد سورة األحزاب؟ قلت: اثنتين وسبعين آية، أو ثالثة وسبعين آية. قال: إن كانت لتعدل سورة

البقرة، وإنا كنا لنقرأ فيها آية الرجم. قلت: وما آية الرجم. قال: )إذا زنى.1الشيخ والشيخة فارجموهما البتة نكاال من الله والله عزيز حكيم(

:2وهذا القسم من النسخ غير واقع في القرآن لألمور التالية - منافاة هذا النسخ لمصلحة نزول اآلية, إذ لو كانت المصلحة التي كانت تقتضي نزولها هي اشتمالها على حكم تشريعي ثابت، فلماذا ترفع اآلية

وحدها، مع كونها سندا للحكم الشرعي المذكور؟- ابتالء أغلب هذه األخبار التي تتحدث عن وقوعه بالضعف واإلرسال.

- القرآن الكريم ال يثبت بأخبار اآلحاد.- استلزام هذا القسم من النسخ للتحريف بالنقيصة.

وهو بقاء اآلية ثابتة في القرآن يقرأهاج- نسخ الحكم دون التالوة: المسلمون عبر العصور، مع زوال حكمها بعد أن عمل بها المسلمون فترة

من الزمن, بفعل مجيء الناسخ القاطع لحكمها.

وهذا القسم من النسخ هو المعروف بين العلماء والمفسرين، واتفق الجميع على جوازه إمكانا، وإن اختلفوا في وقوعه فعال، حيث ذهب البعض

.3إلى أن في القرآن آيات ناسخة وآيات منسوخة

،2, الزركشي، البرهان في علوم القرآن، م.س، ج132، ص5انظر: ابن حنبل، مسند أحمد، م.س، ج 1.66، ص2, السيوطي، اإلتقان في علوم القرآن، م.س، ج35ص

, معرفة، التمهيد في علوم286-285انظر: السيد الخوئي، البيان في تفسير القرآن، م.س، ص 2.282-279، ص2القرآن، م.س، ج

, السيوطي، اإلتقان في علوم39-37، ص2انظر: الزركشي، البرهان في علوم القرآن، م.س، ج 3.286, السيد الخوئي، البيان في تفسير القرآن، م.س، ص66-58، ص2القرآن، ج

306

- أنحاء النسخ:2 اختلف في أنحاء نسخ القرآن على أقوال متعددة، يمكن إيجازها ضمن

التالي: أ- نسخ القرآن بالقرآن: وقد اتفق الباحثون والمحققون في إمكانية وقوع

هذا النحو من النسخ، واختلفوا في فعلية وقوعه ، يمكن إيجازها بالتالي:1على أقوال

- نسخ مفاد آية بمفاد آية أخرى، مع كون الثانية ناظرة إلى األولى ورافعة لحكمها بالتنصيص، ولوال ذلك لم يكن موقع لنزول الثانية وكانت لغوا.

سول فقدموا﴿مثال: آية النجوى: يا أيها الذين آمنوا إذا ناجيتم الربين يدي نجواكم

التي أوجبت التصدق بين يدي مناجاة2﴾صدقة ذلك خير لكم وأطهر... أأشفقتم﴿الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، ونسختها آية اإلشفاق:

. وهذا النحو لم يختلف فيه3﴾أن تقدموا بين يدي نجواكم صدقاتأحد.

- نسخ مفاد آية بمفاد آية أخرى، من دون أن تكون إحداهما ناظرة إلى األخرى، مع وجود تناف بينهما، بحيث لم يمكن الجمع بينهما تشريعيا,

فتكون اآلية الثانية المتأخرة نزوال ناسخة لألولى. ويشترط في صحة هذا:4الوجه من النسخ

- وجود نص صحيح وأثر قطعي صريح يدعمه اإلجماع, إذ من الصعب جداالوقوف على تاريخ نزول آية في تقدمها وتأخرها.

- وجود تناف على وجه التباين الكلي بين مفاد اآليتين. وهذا ال يمكن القطع به بين آيتين قرآنيتين سوى عن نص معصوم, ألن للقرآن ظاهرا وباطنا ومحكما ومتشابها، وليس من السهل الوقوف على كنه آية مهما كانت

محكمة.

, السيوطي، اإلتقان في علوم القرآن،32، ص2انظر: الزركشي، البرهان في علوم القرآن، م.س، ج 1 , السيد الخوئي،184، ص2, الزرقاني، مناهل العرفان في علوم القرآن، م.س، ج56، ص2م.س، ج

-283، ص2, معرفة، التمهيد في علوم القرآن، م.س، ج287-286البيان في تفسير القرآن، م.س، ص285.

.12سورة المجادلة، اآلية: 2.13سورة المجادلة، اآلية: 3 , معرفة، التمهيد في علوم287-286انظر: السيد الخوئي، البيان في تفسير القرآن، م.س، ص 4

.285-283، ص2القرآن، م.س، ج

307

ب- نسخ القرآن بالسنة: وقد اختلف في إمكانية وقوع هذا النحو من , فذهب البعض إلى عدم إمكانية وقوعه, نظرا لكونه مخالفا لألخبار1النسخ

.2المتواترة بعرض األخبار على الكتاب وطرح ما خالفه والرجوع إليه وذهب آخرون إلى إمكانية وقوعه, ألن السنة وحي من الله, كما أن

وما ينطق﴿القرآن كذلك، وال مانع من نسخ وحي بوحي, لقوله تعالى: , فال ال مانع عقلي وال شرعي3﴾عن الهوى * إن هو إال وحي يوحى

.4من نسخ الكتاب بالسنة

وقد اختلف القائلون بإمكانية وقوع هذا النحو من النسخ، في فعلية ، وذهب آخرون إلى وقوعه5وقوعه, فذهب بعضهم إلى عدم وقوعه فعال

فعال، من قبيل: آية اإلمتاع إلى الحول بشأن المتوفى عنها زوجها, فإنها ـ بظاهرها ـ ال تتنافى وآية العدد والمواريث، غير أن السنة القطعية وإجماع

. نعم إن نسخ مفاد آية بآخبار6المسلمين أثبتا نسخها بآية العدد والمواريث آحاد غير ممكن في نفسه, ألن من شروط الدليل الناسخ أن يكون

.7بمستوى الدليل المنسوخ

- شبهات في النسخ:3 إن وجود آية منسوخة في القرآن ربما يسبب اشتباهأ- الشبهة األولى:

المكلفين، فيظنونها آية محكمة يعملون بها أو يلتزمون بمفادها، األمر الذييكون إغراء بالجهل, وهو قبيح.

إن مضاعفات جهل كل إنسان تعود إلى نفسه، ولم يكنالجواب عنها:الجهل

, السيوطي، اإلتقان في علوم القرآن،32، ص2انظر: الزركشي، البرهان في علوم القرآن، م.س، ج 1.189-184، ص2, الزرقاني، مناهل العرفان في علوم القرآن، م.س، ج56، ص2م.س، ج

.276-275، ص5انظر: السيد الطباطبائي، الميزان في تفسير القرآن، م.س، ج 2.4-3سورة النجم، اآليتان: 3 , السيد الخوئي، البيان في تفسير56، ص2انظر: السيوطي، اإلتقان في علوم القرآن، م.س، ج 4

.286القرآن، م.س، ص.190-188، ص2انظر: الزرقاني، مناهل العرفان في علوم القرآن، م.س، ج 5 , معرفة، التمهيد في علوم القرآن،60، ص2انظر: السيوطي، اإلتقان في علوم القرآن، م.س، ج 6

.283، ص2م.س، ج.283، ص2انظر: معرفة، التمهيد في علوم القرآن، م.س، ج 7

308

يوما ما عذرا مقبوال لدى العقالء, فإذا كانت المصلحة تستدعي نسخ تشريع سابق بتشريع الحق، فعلى المكلفين أن يتنبهوا هم إلى هذا

االحتمال في التشريع، وال سيما إذا كان التشريع في بدء حركة إصالحية آخذة في التدرج نحو الكمال. وهكذا كان في القرآن: ناسخ ومنسوخ،

وعام وخاص، ومطلق ومقيد، ومحكم ومتشابه، وليس ألحد األخذ بآية حتى.1يتحقق من أمرها

إن االلتزام بوجود آيات ناسخة ومنسوخة فيب- الشبهة الثانية: القرآن يستدعي وجود تناف بين آياته الكريمة, األمر الذي يناقضه قوله

﴿ تعالى: أفال يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا.2﴾فيه اختالفا كثيرا

إن االختالف الذي تنفيه اآلية هو االختالف الواقعي، الالجواب عنها: الظاهري الشكلي, الذي يرتفع في مورد الناسخ والمنسوخ، بعد مالحظة.3زمن نزولهما والمناسبات والمصالح المستدعية لنزول األولى ثم الثانية

ما هي الحكمة وراء ثبت آية في المصحف هيج- الشبهة الثالثة:منسوخة الحكم, لتبقى مجرد ألفاظ مقرؤة؟

إن الحكمة وراء وجود آيات منسوخة تكمن في الوقوفالجواب عنها:على مرونة الشريعة ومجاراتها للبيئة االجتماعية،

على اختالف الزمان والمكان، في تدرج تصاعدي, حتى يتسنى للناسااللتزام بها والسير مع تدرجها سيرا يسيرا غير طفروي.

أضف إلى ذلك أن االستفادة من اآلية المنسوخة ليست محصورة في خصوص كونها دليال على الحكم الشرعي فقط، بل لها حقائق عظيمة

.4وبواطن جليلة خافية علينا ال يعلمها إال الله والراسخون في العلم

, معرفة، التمهيد في علوم170، ص2انظر: الزرقاني، مناهل العرفان في علوم القرآن، م.س، ج 1.293-292، ص2القرآن، م.س، ج

.82سورة النساء، اآلية: 2.294-293، ص2انظر: معرفة، التمهيد في علوم القرآن، م.س، ج 3 , معرفة،170-169، 153-152، ص2انظر: الزرقاني، مناهل العرفان في علوم القرآن، م.س، ج 4

.295-294، ص2التمهيد في علوم القرآن، م.س، ج

309

- عدد اآليات الناسخة والمنسوخة:4 اختلف في عدد اآليات الناسخة والمنسوخة, تبعا الختالف األقوال في إمكانية وقوع النسخ وفعلية وقوعه وشروطه وأقسامه وأنحائه, على

أقوال هي:.1أ- عدم وجود آيات ناسخة أو منسوخة في القرآن

ب- وجود عدد قليل من اآليات الناسخة والمنسوخة، من هذه األقوال:.2- آية النجوى فقط

آيات، هي: آية النجوى، وآية عدد المقاتلين، وآية اإلمتاع، وآية جزاء10- الفحشاء، وآية التوارث باإليمان، وآيات الصفح، وآيات المعاهدة، وآيات

.3تدريجية تشريع القتال.4 آية، منها: اآليات المتقدم ذكرها21-

.5ج- وجود عدد كبير من اآليات الناسخة والمنسوخة في القرآن

.295، ص2انظر: معرفة، التمهيد في علوم القرآن، م.س، ج 1.380-373انظر: السيد الخوئي، البيان في تفسير القرآن، م.س، ص 2.274-273الصالح، مباحث في علوم القرآن، م.س، ص 3 , الزرقاني، مناهل العرفان في65-60، ص2انظر: السيوطي، اإلتقان في علوم القرآن، م.س، ج 4

.212-199، ص2علوم القرآن، م.س، ج , الزرقاني، مناهل العرفان في60-58، ص2انظر: السيوطي، اإلتقان في علوم القرآن، م.س، ج 5

.197، ص2علوم القرآن، م.س، ج

310

األفكار الرئيسة - أقسام النسخ: نسخ الحكم والتالوة معا، نسخ التالوة دون الحكم، نسخ1

الحكم دون التالوة.- أنحاء النسخ: نسخ القرآن بالقرآن، نسخ القرآن بالسنة.2 - شبهات في النسخ: وجود آية منسوخة في القرآن ربما يسبب االشتباه3

لدى المكلفين...، االلتزام بوجود آيات ناسخة ومنسوخة في القرآن يستدعي وجود تناف بين آياته... ما هو وجه الحكمة وراء ثبت آية في

المصحف هي منسوخة الحكم, لتبقى مجرد ألفاظ مقرؤة؟! - اختلف في عدد اآليات الناسخة والمنسوخة، على أقوال، منها: عدم4

وجود آيات ناسخة أو منسوخة في القرآن، وجود عدد قليل من اآليات،وجود عدد كبير من اآليات.

فكر وأجبجب بـ "صح" أو "خطأ":- 1

- نسخ التالوة والحكم معا ممكن الوقوع عقال، لكنه لم يقع فعال فيالقرآن.

- يمكن نسخ مفاد آية من القرآن بأخبار آحاد صحيحة السند. - اتفق القائلون بفعلية وقوع النسخ في القرآن على أن آية النجوى هي

من اآليات المنسوخة.

جب باختصار:- 2- اذكر أقسام النسخ، مع مناقشة قسم غير جائز منه؟

- تكلم عن أنحاء النسخ، مبينا األقوال فيها؟- اذكر شبهة من الشبهات المثارة على النسخ، مع الجواب عليها؟

311

مطالعة

آيات منسوخةن أهل الكتاب لو﴿ قوله تعالى: - آية العفو والصفح:1 ود كثير م

ن عند أنفسهم من بعد ارا حسدا م يردونكم من بعد إيمانكم كف ما تبين لهم الحق فاعفوا واصفحوا حتى يأتي الله بأمره إن

. 1﴾الله على كل شيء قدير

هذه اآلية كانت تأمر بالصفح والعفو عن أهل الكتاب في بداية الهجرة, :2وذلك ألن المسلمين لم تكن لديهم القوة الكافية، ثم نسختها آية القتال

م﴿ مون ما حر الذين ال يؤمنون بالله وال باليوم اآلخر وال يحر الله ورسوله وال يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى

.3﴾يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون

ون﴿ قوله تعالى:- آية عدة المتوفى عنها زوجها:2 والذين يتوف منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا

فإذا بلغن أجلهن فال جناح عليكم فيما فعلن في أنفسهن والذين﴿ منسوخ بقوله تعالى: 4﴾بالمعروف والله بما تعملون خبير

تاعا إلى الحول زواجهم م ون منكم ويذرون أزواجا وصية أل يتوف غير إخراج فإن خرجن فال جناح عليكم في ما فعلن في

عروف والله عزيز حكيم ولكم﴿، وبقوله تعالى: 5﴾أنفسهن من م نصف ما ترك أزواجكم إن لم يكن لهن ولد فإن كان لهن ولدا تركن من بعد وصية يوصين بها أو دين ولهن بع مم فلكم الرا تركتم إن لم يكن لكم ولد فإن كان لكم ولد فلهن بع مم الرا تركتم من بعد وصية توصون بها أو دين وإن كان الثمن مم

رجل

.109سورة البقرة، اآلية: 1.257، ص1انظر: السيد الطباطبائي، الميزان في تفسير القرآن، م.س، ج 2.29سورة التوبة، اآلية: 3.234سورة البقرة، اآلية: 4.240سورة البقرة، اآلية: 5

312

دس نهما الس يورث كاللة أو امرأة وله أخ أو أخت فلكل واحد م فإن كانوا أكثر من ذلك فهم شركاء في الثلث من بعد وصيةن الله والله عليم حليم 1﴾يوصى بهآ أو دين غير مضآر وصية م

حيث إن عرب الجاهلية كانت نسائهم يقعدن بعد موت أزواجهن حوال كامال، فاآلية األولى توصي بأن يوصي األزواج لهن بمال يتمتعن به إلى

تمام الحول من غير إخراجهن من بيوتهن، غير أن هذا لما كان حقا لهن والحق يجوز تركه، كان لهن أن يطالبن به، وأن يتركه، فإن خرجن فال

جناح للورثة ومن يجري مجراهم فيما فعلن في أنفسهن بالمعروف، وقد جاءت اآلية الثانية لتنسخ حكم االعتداد بعد وفاة الزوج بأربعة أشهر وعشرة أيام بدال من الحول وجاءت اآلية الثانية لتنسخ حكم الوصية

.2باإلنفاق على المعتدة إلى الحول بفرض اإلرث لها

يا أيها الذين آمنوا إذا ناجيتم﴿ - آية النجوى: قوله تعالى:3سول فقدموا بين يدي نجواكم صدقة ذلك خير لكم وأطهر الر

حيم , حيث إن المسلمين كانوا3﴾فإن لم تجدوا فإن الله غفور ر يكثرون السؤال عن مسائل غير ذوات شأن، شاغلين أوقات الرسول صلى الله عليه وآله وسلم على غير طائل, فنزلت اآلية بفرض صدقة

درهم واحد عند كل مسألة. وقد ترك أكثرية الصحابة مناجاته خوفا من بذل المال بالصدقة, فلم يناجه أحد منهم إال اإلمام علي عليه السالم , فإنه

ناجاه عشر نجوات, كلما ناجاه قدم بين يدي نجواه صدقة، ثم نزلت اآلية التالية من هذه السورة, وفيها عتاب شديد للصحابة والمؤمنين:

أأشفقتم أن تقدموا بين يدي نجواكم صدقات فإذ لم تفعلوا﴿كاة وأطيعوا الله الة وآتوا الز وتاب الله عليكم فأقيموا الص

.5، فنسخت حكم اآلية السابقة4﴾ورسوله والله خبير بما تعملون

.12سورة النساء، اآلية: 1.247، ص 2انظر: السيد الطباطبائي، الميزان في تفسير القرآن، م. س، ج 2.12سورة المجادلة، اآلية: 3.13سورة المجادلة، اآلية: 4 , السيد الخوئي، البيان في189، ص19انظر: السيد الطباطبائي، الميزان في تفسير القرآن، م.س، ج 5

.380-373تفسير القرآن، م.س، ص

313

مصادر الدرس ومراجعه- القرآن الكريم.117، ص4- النيسابوري، صحيح مسلم، ج2.39-37، 35، 32، ص2- الزركشي، البرهان في علوم القرآن، ج3.66-58، 56، ص2- السيوطي، اإلتقان في علوم القرآن، ج4.380-373، 287-285- الخوئي، البيان في تفسير القرآن، ص5.295-292، 287-275، ص2- معرفة، التمهيد في علوم القرآن، ج6.132، ص5- ابن حنبل، مسند أحمد، ج7-169، 153-152، ص2- الزرقاني، مناهل العرفان في علوم القرآن، ج8

170 ،184-190 ،197-212..276-275، ص5- الطباطبائي، الميزان في تفسير القرآن، ج9

.274-273- الصالح، مباحث في علوم القرآن، ص10

314

الدرس الواحد و العشرون: المحكم والمتشابه

موضوعات الدرس:- معنى المحكم.1- معنى المتشابه.2- تحقيق وجود آيات متشابهات.3- معرفة المحكم والمتشابه.4- أسباب وجود المتشابهات في القرآن.5- نماذج من آيات محكمات وأخر متشابهات.6

أهداف الدرس:- تعزيز االرتباط الوجداني والفكري والمعرفي بالقرآن الكريم.1- معرفة معنى المحكم والمتشابه ودخالتهما في فهم القرآن وتفسيره.2 - معرفة أسباب وجود المتشابهات في القرآن، وكيفية ردها إلى3

المحكمات.

315

316

- معنى المحكم:1 .1"المنع" الحاء والكاف والميم أصل واحد, وهو: أ- المعنى اللغوي:

ما ال يعرض فيه شبهة من حيث اللفظ، وال من حيث"المحكم":و . وعليه، فالمحكم هو ما كان ذا داللة واضحة، بحيث ال يحتمل2المعنى

وجوها من المعاني.

ذكرت للمحكم تحديدات عدة، منها: ما أنبأب- المعنى االصطالحي: لفظه عن معناه من غير أن ينضم إليه أمر لفظ يبين معناه, سواء أكان

. والمحكم3اللفظ لغويا أم عرفيا، وال يحتاج إلى ضرب من ضروب التأويل . والمحكمات هي آيات واضحة المراد، وال تشتبه4ما استقل بنفسه

بالمعنى غير المراد، ويجب اإليمان بهذا النوع من اآليات والعمل بها... واآليات المحكمات مشتملة على أمهات المطالب، ومطالب بقية اآليات

.6، وغيرها من التحديدات5متفرعة ومترتبة عليها

.91، مادة"حكم"، ص2ابن فارس، معجم مقاييس اللغة، م.س، ج 1.251األصفهاني، مفردات ألفاظ القرأن، م.س، مادة"حكم"، ص 2.9، ص1الشيخ الطوسي، التبيان في تفسير القرآن، م.س، ج 3.6، ص2السيوطي، اإلتقان في علوم القرآن، م.س، ج 4 , القرآن في اإلسالم،29، 23-21، ص3انظر: السيد الطباطبائي، الميزان في تفسير القرآن، م.س، ج 5

.46، 43م.س، ص ,41-32، ص3لمزيد من التفصيل، انظر: السيد الطباطبائي، الميزان في تفسير القرآن، م.س، ج 6

, السيوطي، اإلتقان في علوم القرآن،69-68، ص2الزركشي، البرهان في علوم القرآن، م.س، ج.219-215، ص2, الزرقاني، مناهل العرفان في علوم القرآن، م.س، ج7-5، ص2م.س، ج

317

- معنى المتشابه:2 الشين والباء والهاء أصل واحد يدل على: "أ- المعنى اللغوي

تشابه الشيء وتشاكله لونا ووصفا... والمشبهات من األمور المتشابه من. و"1"المشكالت، واشتبه األمران إذا أشكال

القرآن: ما أشكل تفسيره لمشابهته بغيره, .2إما من حيث اللفظ، وإما من حيث المعنى"

"ما ذكرت للمتشابه تحديدات عدة، منها: ب- المعنى االصطالحي: كان المراد به ال يعرف بظاهره، بل يحتاج إلى دليل, وهو ما كان محتمال ألمور كثيرة أو أمرين، وال يجوز أن يكون الجميع

"المتشابه ما ال يستقل. و3"مرادا, فإنه من باب المتشابه اآليات المتشابهة هي آيات. و"4"بنفسه إال برده إلى غيره

ظاهرها ليس مرادا، ومرادها الواقعي الذي هو تأويلها ال يعلمه إال الله والراسخون في العلم، ويجب اإليمان بها، والتوقف عن اتباعها، واالمتناع عن العمل بها... واآليات المتشابهة

منجهة المدلول والمراد ترجع لآليات المحكمة، وبمعرفة المحكمات يعرف معناها الواقعي... فالمتشابه هو اآلية التي ال

استقالل لها في إفادة مدلولها، ويظهر بواسطة الرد إلى ، وغيرها من5"المحكمات، ال أنه ما ال سبيل إلى فهم مدلوله

.6التحديدات

- تحقيق وجود آيات متشابهات:3 ، ويمكن الكالم7وقع االختالف في أصل وجود آيات متشابهات في القرآن

فيه بالتالي:

.243، مادة"شبه"، ص3ابن فارس، معجم مقاييس اللغة، م.س، ج 1.443األصفهاني، مفردات ألفاظ القرآن، م.س، مادة"شبه"، ص 2.10، ص1الشيخ الطوسي، التبيان في تفسير القرآن، م.س، ج 3.6، ص2السيوطي، اإلتقان في علوم القرآن، م.س، ج 4 , القرآن في اإلسالم،29، 23-21، ص3انظر: السيد الطباطبائي، الميزان في تفسير القرآن، م.س، ج 5

.48، 46، 43م.س، ص ,42-32، ص3لمزيد من التفصيل، انظر: السيد الطباطبائي، الميزان في تفسير القرآن، م.س، ج 6

, السيوطي، اإلتقان في علوم القرآن،71-69، ص2الزركشي، البرهان في علوم القرآن، م.س، ج.219-215، ص2, الزرقاني، مناهل العرفان في علوم القرآن، م.س، ج7-5، ص2م.س، ج

.5، ص2انظر: السيوطي، اإلتقان في علوم القرآن، م.س، ج 7

318

إن القرآن كتاب هداية عامةأ- عدم وجود المتشابهات في القرآن:لكل الناس:

لت من لدن﴿، 1﴾هذا بيان للناس﴿ كتاب أحكمت آياته ثم فص , فال وجود فيه آلي متشابهة بالذات. وأما التعبير بالتشابه2﴾حكيم خبير

في آي القرآن, فهو بمعنى التشابه بالنسبة إلى أولئك الزائغين الذينيحاولون تحريف الكلم

عن مواضعه.

أن اشتمال اآلية على ذكر التفصيل بعد اإلحكام دليل على أنوالواقع: المراد باإلحكام حال من حاالت الكتاب كان عليها قبل النزول, وهي كونه

واحدا لم يطرأ عليه التجزي والتبعض بعد, بتكثر اآليات, فهو إتقانه قبلوجود التبعض.

فهذا اإلحكام وصف لتمام الكتاب، بخالف وصف اإلحكام واإلتقان الذي لبعض آياته بالنسبة إلى بعض آخر, من جهة امتناعها عن التشابه في

حكمات﴿المراد. قال تعالى: هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات م﴿، فلما كان قوله تعالى: هن أم الكتاب وأخر متشابهات منه آيات﴾

حكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات ﴾ مشتمال على تقسيم آياتم الكتاب إلى قسمي: المحكم والمتشابه، علمنا به أن المراد باإلحكام غير

كتاب أحكمت﴿اإلحكام الذي وصف به جميع الكتاب في قوله تعالى: لت من لدن حكيم خبير ﴾. وكذا المراد بالتشابه فيه غيرآياته ثم فص

ل أحسن﴿التشابه الذي وصف به جميع الكتاب في قوله تعالى: الله نزتشابها .4 3﴾الحديث كتابا م

يشتمل القرآن الكريم على آياتب- وجود المتشابهات في القرآن: هو الذي﴿متشابهات, كما هو مشتمل على آيات محكمات، لقوله تعالى:

حكمات هن أم الكتاب وأخر أنزل عليك الكتاب منه آيات م ﴾، وقد تقدم وجه داللتها على وجود المحكم والمتشابه منمتشابهات

اآليات.

.138سورة آل عمران، اآلية: 1.1سورة هود، اآلية: 2.23سورة الزمر، اآلية: 3.20، ص3 انظر: السيد الطباطبائي، الميزان في تفسير القرآن، م.س، ج4

319

الله﴿وادعى البعض أن جميع آي القرآن متشابهات، مستدال بقوله تعالى: تشابها ل أحسن الحديث كتابا م .1﴾نز

أن المراد بالتشابه في اآلية السابقة هو كون آيات الكتاب ذاتوالواقع:نسق واحد, من حيث جزالة النظم، وإتقان

األسلوب، وبيان الحقائق، والحكم، والهداية إلى صريح الحق, كما تدلعليه القيود المأخوذة في اآلية. فهذا التشابه

هو الذي﴿وصف لجميع الكتاب، وأما التشابه المذكور في قوله تعالى: حكمات هن أم الكتاب وأخر أنزل عليك الكتاب منه آيات م

﴿، فمقابلته لقوله: متشابهات حكمات هن أم الكتاب﴾ ﴾،منه آيات م وذكر اتباع الذين في قلوبهم زيغ لها ابتغاء الفتنة وابتغاء التأويل, كل ذلك

يدل على أن المراد بالتشابه: كون اآلية بحيث ال يتعين مرادها لفهم السامع بمجرد استماعها، بل يتردد بين معنى ومعنى, حتى يرجع إلى

محكمات الكتاب, فتعين هي معناها وتبينها بيانا, فتصير اآلية المتشابهة عند ذلك محكمة بواسطة اآلية المحكمة،

.2واآلية المحكمة محكمة بنفسها

- ضرورة معرفة المحكم والمتشابه:4 إن لمعرفة المحكم والمتشابه بالغ األثر في فهم القرآن الكريم، حيث إن

القرآن يشتمل على آيات محكمات تحوي أصول المعارف القرآنية المسلمة والواضحة، وأخر متشابهات تتعين وتتضح معانيها بإرجاعها إلى

تلك األصول. وهذا اإلرجاع يحتاج إلى دراية وعلم خاص بالمحكموالمتشابه:

اعن اإلمام الصادق عليه السالم: "قال الله سبحانه: م ﴿...ونسوا حظا منهم... روا به وال تزال تطلع على خآئنة م , وذلك أنهم ضربوا3﴾ذك

بعض القرآن ببعض، واحتجوا بالمنسوخ، وهم يظنون أنه الناسخ، واحتجوابالمتشابه وهم يرون أنه المحكم...

.5، ص2انظر: السيوطي، اإلتقان في علوم القرآن، م.س، ج 1.21، ص3انظر: السيد الطباطبائي، الميزان في تفسير القرآن، م.س، ج 2.13سورة المائدة، اآلية: 3

320

ولم يعرفوا موارده ومصادره, إذ لم يأخذوه عن أهله, فضلوا وأضلوا. واعلموا رحمكم الله: أنه من لم يعرف من كتاب الله عز وجل الناسخ من

المنسوخ، والخاص من العام، والمحكم من المتشابه... فليس بعالم.1بالقرآن، وال هو من أهله..."

"من رد متشابه القرآن إلى محكمه,وعن اإلمام الرضا عليه السالم: هدي إلى صراط مستقيم... إن في أخبارنا متشابها, كمتشابه

القرآن، ومحكما, كمحكم القرآن, فردوا متشابهها إلى.2"محكمها، وال تتبعوا متشابهها دون محكمها, فتضلوا

- أسباب وجود المتشابهات في القرآن؟5، منها:3إن لوجود المتشابهات في القرآن أسباب عدة

أ- مجاراة القرآن في إلقاء معارفه العالية أللفاظ وأساليب دارجة، لم تكن موضوعة إال لمعان محسوسة أو قريبة منها، ومن ثم لم تكن تفي بتمام المقصود، فوقع التشابه فيها وخفي وجه المطلوب على الناس، إال على

الراسخين في العلم منهم.

ب- القرآن حمال ذو وجوه, العتماده في أكثر تعابيره البالغية على أنواع من المجاز واالستعارة والتشبيه. قال اإلمام علي عليه السالم البن عباس

"ال تخاصمهم بالقرآن, فإنـ لما بعثه لالحتجاج على الخوارج: القرآن حمال ذووجوه،

تقول ويقولون، ولكن حاججهم بالسنة فإنهم لن يجدوا عنهامحيصا".

ج- إن البيانات اللفظية القرآنية أمثال للمعارف الحقة اإللهية, ألن البيان نزل في سطح هذه اآليات إلى مستوى األفهام العامة التي ال تدرك إال

الحسيات، وال تنال المعاني الكلية إال في قالب الجسمانيات، ولما استلزمذلك في إلقاء المعاني الكلية

.4-3، خطبة رسالة النعماني، ص128، باب90انظر: العالمة المجلسي، بحار األنوار، م.س، ج 1 ابن بابويه، محمد بن علي بن الحسين)الصدوق(: عيون أخبار الرضا عليه السالم ، تصحيح وتعليق 2

، ص39، ح28، باب1م، ج1984هـ.ق/ 1404وتقديم حسين األعلمي، الط، بيروت، مؤسسة األعلمي، 261.

,62-58، ص3لمزيد من التفصيل، انظر: السيد الطباطبائي، الميزان في تفسير القرآن، م.س، ج 3 , السيوطي، اإلتقان في علوم القرآن،76-75، ص2الزركشي، البرهان في علوم القرآن، م.س، ج

.225-223، ص2, الزرقاني، مناهل العرفان في علوم القرآن، م.س، ج32-30، ص2م.س، ج

321

المجردة من عوارض األجسام أحد محذورين، فإن األفهام في تلقيها المعارف إن جمدت في مرحلة الحس انقلبت األمثال بالنسبة إليها حقائق

ممثلة، وفيه بطالن الحقائق وفوت المقاصد.

:1- نماذج من آيات محكمات وأخر متشابهات6:أ- آيات الصفات اإللهية

- نماذج من آيات الصفات المتشابهات: وهي بظهورها األولي فيها شبهةماءالتجسيم، ومن هذه اآليات: قوله تعالى: ﴿...ثم استوى إلى الس

﴾...ثم استوى على العرش... ، 2﴾وهي دخان... حمن3﴿ الر ، ﴿ وقالت اليهود يد الله مغلولة غلت،4﴾على العرش استوى ﴿

أيديهم ولعنوا بما قالوا بل يداه مبسوطتان ينفق كيف...يد الله فوق أيديهم...5﴾يشاء... ، ﴾ ﴿وجوه يومئذ ناضرة * ، 6﴿

ا7﴾إلى ربها ناظرة ا صف وجاء ربك والملك صف ،﴾ ﴿8...

- نماذج من آيات الصفات المحكمات: وهي ترفع الظهور األولي لآليات المتشابهات وتبين مقصودها الحقيقي، وتزيل عن الذهن شبهة التجسيم،

ال تدركه األبصار وهو يدرك األبصار﴿ومن هذه اآليات: قوله تعالى: ميع﴿، 9﴾وهو اللطيف الخبير ليس كمثله شيء وهو الس

...10﴾البصير

، ص2, ج52، ص1لمزيد من التفصيل، انظر: السيد الطباطبائي، الميزان في تفسير القرآن، م.س، ج1 , السيوطي، اإلتقان88-86، ص19, ج302-301، ص13, ج243-236، ص8, ج314-341، 102-104

. 368-71، ص3, معرفة، التمهيد في علوم القرآن، م.س، ج21-13، ص2في علوم القرآن، م.س، ج.11سورة فصلت، اآلية: 2.4, الحديد: 4, السجدة: 59, الفرقان: 2, الرعد: 3, يونس: 54سورة األعراف، اآلية: 3.5سورة طه، اآلية: 4.64سورة المائدة، اآلية: 5.10سورة الفتح، اآلية: 6.23-22 سورة القيامة، اآليتان: 7.22سورة الفجر، اآلية: 8.103سورة األنعام، اآلية: 9

.11سورة الشورى، اآلية: 10

322

ب- آيات األفعال اإللهية: - نماذج من آيات األفعال المتشابهات: وهي بظهورها األولي تفيد الجبر

وعدم االختيار، وتنسب هدى اإلنسان أو ضالله إلى الله، وتعتبر مشيئة الله منشأ اإليمان والكفر والسعادة والشقاء، ومن هذه اآليات: قوله تعالى:

﴾...فإن الله يضل من يشاء ويهدي من يشاء... ...يضل به1﴿ ، ﴿ ﴿...فيضل الله من يشاء ويهدي من ، 2﴾كثيرا ويهدي به كثيرا...

أن يشاء الله... ، 3﴾يشاء... ا كانوا ليؤمنوا إال ﴾...م ﴿ولو شاء ، 4﴿...5﴾الله ما أشركوا...

- نماذج من آيات األفعال المحكمات: وهي ترفع الظهور األولي لآليات المتشابهات، وتبين مقصودها الحقيقي، وتدل بكل وضوح على أن العناية

الربانية تأخذ بيد المؤهل لتلقي الفيض والرحمة اإللهية، ويحرم منها المعرضون عن ذكر الله، وأن اإلنسان موجود مختار، وسعادته وشقاؤه

﴿كال إنها تذكرة * فمنرهن إرادته، ومن هذه اآليات: قوله تعالى: بكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء، 6﴾شاء ذكره ﴿وقل الحق من ر ﴿فمن اهتدى فلنفسه ومن ضل فإنما يضل عليها, 7﴾فليكفر...

﴿...ليهلك ، 9﴾ال إكراه في الدين...﴿ ، 8﴾وما أنت عليهم بوكيل... ﴿وأن ليس ، 10﴾من هلك عن بينة ويحيى من حي عن بينة...

لإلنسان إال ما سعى * وأن سعيه سوف

.8سورة فاطر، اآلية: 1.26سورة البقرة، اآلية: 2.4سورة إبراهيم، اآلية: 3.111سورة األنعام، اآلية: 4.107سورة األنعام، اآلية: 5.12-11سورة عبس، اآليتان: 6.29سورة الكهف، اآلية: 7.41سورة الزمر، اآلية: 8.256سورة البقرة، اآلية: 9

.42سورة األنفال، اآلية: 10

323

﴿ ، 2﴾اليوم تجزى كل نفس بما كسبت ال ظلم اليوم...﴿، 1﴾يرى ال وسعها لها ما كسبت وعليها ما يكلف الله نفسا إال

﴿الذي خلق، 4﴾﴿...إنا ال نضيع أجر من أحسن عمال ، 3﴾اكتسبت......5﴾الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عمال...

.40-39سورة النجم، اآليتان: 1.17سورة غافر، اآلية: 2.286سورة البقرة، اآلية: 3.30سورة الكهف، اآلية: 4.2سورة الملك، اآلية: 5

324

األفكار الرئيسة - المحكمات هي: آيات واضحة المراد، ال تشتبه بالمعنى غير المراد،1

ويجب اإليمان بهذا النوع من اآليات والعمل بها. والمتشابهات هي: آيات ظاهرها ليس مرادا، ومرادها الواقعي الذي هو تأويلها ال يعلمه إال الله

والراسخون في العلم، ويجب اإليمان بها، والتوقف عن اتباعها، واالمتناععن العمل بها.

- يشتمل القرآن الكريم على آيات متشابهات, كما هو مشتمل على2آيات محكمات.

- القرآن يشتمل على آيات محكمات تحوي أصول المعارف القرآنية،3 وأخر متشابهات تتعين وتتضح معانيها بإرجاعها إلى تلك األصول. وهذا

اإلرجاع يحتاج إلى دراية وعلم خاص بالمحكم والمتشابه.

- إن لوجود المتشابهات في القرآن أسباب عدة، منها: مجاراة القرآن4 في إلقاء معارفه العالية أللفاظ وأساليب دارجة، القرآن حمال ذو وجوه،

البيانات اللفظية القرآنية أمثال للمعارف الحقة اإللهية.

- نماذج من آيات محكمات وأخر متشابهات: آيات الصفات اإللهية، آيات5األفعال اإللهية.

325

فكر وأجب- أجب بـ "صح" أو "خطأ":1

- تصبح المتشابهات محكمات بعد إرجاعها إلى المحكمات وتعيين المرادالحقيقي منها.

- المحكمات تحوي أصول معارف القرآن. - يحتاج المفسر إلى معرفة المحكم والمتشابه في فهمه للقرآن والكشف

عن معارفه ومقاصده.

- أجب باختصار:2 - ما الدليل على وجود المتشابهات في القرآن؟ وما هو الرد على دعوى

عدم وجودها؟- ما هو وجه الحكمة في وجود المتشابهات في القرآن؟

- اذكر بعض اآليات المتشابهة في صفات الله تعالى وكيفية إرجاعها إلىمثيالتها من اآليات المحكمة؟

326

مطالعة1النسبة بين المتشابه والمبهم والفرق بين عواملهما

النسبة بين المتشابه والمبهم هي العموم المطلق, ألن كل متشابه مبهم ﴿فمن يرد الله أنفي معناه، وليس كل مبهم متشابها، فقوله تعالى:

يهديه يشرح صدره لإلسالم ومن يرد أن يضله يجعل صدرهماء عد في الس هو من المتشابهات، وقد علته2﴾ضيقا حرجا كأنما يص

طبقة من اإلبهام أيضا. وأما التشابه فمن جهة نسبة اإلضالل إليه سبحانه، وأما اإلبهام فمن جهة كيفية حصول ذلك االنشراح والضيق، وال سيما وجه

ماءالشبه في قوله: عد في الس ﴾كأنما يص ، كيف أن الضال يشبه من﴿ يحاول الصعود في أعماق السماء؟. وقد ال تكون اآلية المبهمة من

المتشابهات، فهي إلى التفسير أحوج منها إلى التأويل, كقوله تعالى: ﴿وعلم آدم األسماء كلها ثم عرضهم على المالئكة فقال

، فاآلية بأمس حاجة إلى تفسير يجيب على3﴾أنبئوني بأسماء هؤالء عدة أسئلة يبعثها إبهام في ظاهر اآلية: كيف تحقق هذا التعليم الذي باهى

الله به مالئكته؟ وما هي األسماء التي يعود عليها ضمير التأنيث تارةر أخرى؟ وكيف استسلمت المالئكة لهذه المباهاة وضمير الجمع المذك

واعترفت بعجزها وقصورها مع األبد؟.

ويعود الفرق بين تشابه اآلية وإبهامها إلى ما بين عوامل األمرين من اختالف، حيث من أهم عوامل التشابه هو: دقة المعنى وسمو مستواه عن المستوى العام، مضافا إلى رقة التعبير وجزالة األداء, كما في قوله تعالى:

﴾وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى , إذ ال يخفى لطف هذا التعبير4﴿الرقيق عن مفهوم هو من أدق

.13-12، ص3انظر: معرفة، التمهيد في علوم القرآن، م.س، ج 1 .125سورة األنعام، اآلية: 2 .31سورة البقرة، اآلية: 3 .17سورة األنفال، اآلية: 4

327

المفاهيم اإلسالمية في األمر بين األمرين )ال جبر وال تفويض(، ومن ثم خفي على غالبية الناس إدراك حقيقته األصلية، من عدا أولئك الراسخينذين استسهلوا الصعاب بفضل جهودهم في سبيل اكتساب في العلم، ال

المعالي. وأما عوامل اإلبهام المحوجة إلى التفسير، فتعود إلى جهات أخر، منها: غرابة الكلمة عن المألوف العام, نظرا الختصاص استعمالها ببعض

القبائل دون بعض، فجاء القرآن ليوحد اللغة باستعمال جميع لغات العرب، من ذلك: )صلدا(, بمعنى )نقيا( في لغة هذيل... ومنها: إشارات عابرة

جاءت في عرض الكالم، بحيث يحتاج فهمها إلى درس عادات ومراجعة ، ومنها: تعابير عامة صالحة لمعان ال1تاريخ, كالنسيء في سورة التوبة

ة من سورة يعرف المقصود منها إال بمراجعة ذوي االختصاص, كالدابن األرض تكلمهم﴿النمل: ، ومنها: استعارات2﴾أخرجنا لهم دابة م

بعيدة األغوار، يحتاج البلوغ إليها إلى سبر وتعمق كثير, كقوله تعالى:.3﴾أولم يروا أنا نأتي األرض ننقصها من أطرافها﴿

ن أنها هذه نماذج من عوامل اإلبهام المحوجة إلى تفسير كاشف، وقد تبي تختلف تماما عن عوامل التشابه المستدعية لتأويل مقبول. فال يشتبه

مورد أحدهما باآلخر، وإن كانا يشتركان في خفاء المراد بالنظر إلى ذاتاللفظ.

.37سورة التوبة، اآلية: 1.82سورة النمل، اآلية: 2.41سورة الرعد، اآلية: 3

328

مصادر الدرس ومراجعه- القرآن الكريم.1.243، ص3, ج91، ص2- ابن فارس، معجم مقاييس اللغة، ج2.443، 251- األصفهاني، مفردات ألفاظ القرآن، ص3.10-9، ص1- الطوسي، التبيان في تفسير القرآن، ج4.32-30، 21-13، 7-5، ص2- السيوطي، اإلتقان في علوم القرآن، ج5-102، ص2, ج52، ص1- الطباطبائي، الميزان في تفسير القرآن، ج6

-236، ص8, ج62-58، 42-32، 29، 23-20، ص3, ج314-341، 104.88-86، ص19, ج302-301، ص13, ج243

.48، 46، 43- الطباطبائي، القرآن في اإلسالم، ص7.76-75، 71-68، ص2- الزركشي، البرهان في علوم القرآن، ج8-223، 219-215، ص2- الزرقاني، مناهل العرفان في علوم القرآن، ج9

225.، خطبة رسالة النعماني، ص128، باب90- المجلسي، بحار األنوار، ج10

3-4.، ص39، ح28، باب1- الصدوق، عيون أخبار الرضا عليه السالم ، ج11

261..368-71، ص3- معرفة، التمهيد في علوم القرآن، ج12

329

330

الدرس الثاني و العشرون: التأويل

موضوعات الدرس:- معنى التأويل.1- التأويل في القرآن.2- هل تأويل القرآن مختص بالله تعالى؟3

أهداف الدرس:- تعزيز االرتباط الوجداني والفكري والمعرفي بالقرآن الكريم.1- معرفة معنى التأويل وحقيقته.2- معرفة معنى التأويل في القرآن وخصائص العالمين به.3

331

332

- معنى التأويل:1 الهمزة والواو والالم أصالن: ابتداء األمر، وانتهاؤه...أ- المعنى اللغوي:

ومن هذا الباب: تأويل الكالم, وهو عاقبته، وما يؤول إليه, وذلك قولهتعالى:

تأويله﴿ . والتأويل من األول, أي: الرجوع إلى األصل،1﴾هل ينظرون إال ومنه: الموئل للموضع الذي يرجع إليه, وذلك هو رد الشيء إلى الغاية

وما يعلم﴿المرادة منه, علما كان أم فعال، ففي العلم نحو قوله تعالى: اسخون في العلم الله والر ، وفي الفعل نحو قوله تعالى:2﴾تأويله إال

تأويله يوم يأتي تأويله﴿ , أي: بيانه, الذي غايته3﴾هل ينظرون إال.4المقصودة منه

: اختلف العلماء والمفسرون في تحديدب- المعنى االصطالحي، منها:5المعنى االصطالحي للتأويل، على أقوال عدة

.162-158، مادة"أول"، ص1ابن فارس، معجم مقاييس اللغة، م.س، ج 1.7 سورة آل عمران، اآلية: 2.53سورة األعراف، اآلية: 3.99األصفهاني، مفردات ألفاظ القرآن، م.س، مادة "آل"، ص 4 ,49-44، ص3لمزيد من التفصيل، انظر: السيد الطباطبائي، الميزان في تفسير القرآن، م.س، ج 5

.53-49القرآن في اإلسالم، م.س، ص

333

, وهو المراد من الكالم.1- التأويل هو التفسير نفسه - والزم هذا القول أن يكون بعض اآليات القرآنية مما ال تنال أفهام عامة الناس المراد من مداليلها اللفظية، وهو خالف دعوة القرآن إلى التدبر

ل من عند الله ليعقله الناس ويفهموه. ومجرد كون التأويل فيه، وأنه منز مشتمال على معنى الرجوع وكون التفسير فيه شيء من معنى الرجوع, ال

يوجب كون التأويل هو التفسير.

.2- التأويل هو المعنى المخالف لظاهر اللفظ أفال يتدبرون﴿- والزم هذا القول إبطال االحتجاج الواقع في قوله تعالى:

,3﴾القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختالفا كثيرا حيث يمكن إرجاع كل كالم ظاهره كذب وباطل إلى الصدق والحق

بالتأويل والصرف عن ظاهره.

- التأويل معنى من معاني اآلية، ليس خالف ظاهر اللفظ، ومرجعه إلى أن لآلية المتشابهة معان متعددة بعضها تحت بعض، منها ما هو تحت اللفظ

يناله جميع األفهام، ومنها ما هو أبعد منه.

وما يعلم﴿- والزم هذا القول ال يتالءم مع قوله تعالى في وصف التأويل: الله... ﴾ فان المعارف العالية والمسائل الدقيقة ال يختلف فيهاتأويله إال

األذهان، من حيث التقوى وطهارة النفس، بل من حيث الحدة وعدمها، وإن كانت التقوى وطهارة النفس معينين في فهم المعارف الطاهرة

اإللهية، لكن ذلك ليس على نحو الدوران والعلية, كما هو ظاهر .﴿قوله: الله... ﴾وما يعلم تأويله إال

- التأويل ليس من قبيل المعاني المرادة باللفظ، بل هو األمر العيني الذييعتمد عليه الكالم.

وما يعلم﴿والزم هذا القول، على فرض رجوع الضمير في قوله تعالى: تأويله

هذا القول منسوب إلى مشهور المتقدمين من العلماء والمفسرين. 1هذا القول منسوب إلى مشهور المتأخرين من العلماء والمفسرين. 2.82سورة النساء، اآلية: 3

334

الله... ﴾ إلى الكتاب, أن كل أمر خارجي مرتبط بمضمون الكالم حتىإال مصاديق األخبار الحاكية عن الحوادث الماضية والمستقبلة يعد تأويال

للكالم، والحال أن مثل هذه األخبار ال ينحصر علمها بالله تعالىوبالراسخين في العلم.

وعلال فرض رجوع الضمير إلى خصوص المتشابهات, فإن ذلك يؤدي إلىحصر المتشابه الذي ال يعلم تأويله إال الله

والراسخون في العلم في خصوص آيات الصفات وآيات القيامة. والواقع:أن ال وجه لحصر المتشابه الذي ال يعلم تأويله

في آيات الصفات والقيامة, فإن الفتنة والضالل كما توجد في تأويلها يوجدفي تأويل غيرها من آيات األحكام والقصص وغيرهما.

التي تستند إليها البيانات القرآنية, من1- التأويل هو الحقيقة الواقعية حكم، أو موعظة، أو حكمة، وأنه موجود لجميع اآليات القرآنية محكمها

ومتشابهها، وأنه ليس من قبيل المفاهيم المدلول عليها باأللفاظ، بل هو من األمور العينية المتعالية من أن يحيط بها شبكات األلفاظ، وإنما قيدها

الله سبحانه بقيد األلفاظ, لتقريبها من أذهاننا بعض التقريب, فهي كاألمثالب بها المقاصد، وتوضح بحسب ما يناسب فهم السامع, كما تضرب ليقر

والكتاب المبين * إنا جعلناه قرآنا عربيا لعلكم﴿قال تعالى: .2﴾تعقلون * وإنه في أم الكتاب لدينا لعلي حكيم

- التأويل في القرآن:2 ، وفي جميع هذه3وردت مفردة التأويل ست عشرة مرة في القرآن

الموارد أريد بها الحقيقة الواقعية والخارجية التي تستند إليها البياناتالقرآنية، ومن هذه الموارد:

وكذلك﴿أ- التأويل في قصة النبي يوسف عليه السالم: قال تعالى: يجتبيك ربك ويعلمك

هذا القول هو للعالمة السيد الطباطبائي قدس سره. انظر: السيد الطباطبائي، الميزان، في تفسير 1.49، ص3القرآن، م.س، ج

.4-2سورة الزخرف، اآلية: 2.480، ص 2روحاني، المعجم اإلحصائي أللفاظ القرآن الكريم، م.س،ج 3

335

وكذلك مكنا ليوسف في األرض﴿ ، 1﴾من تأويل األحاديث...جن فتيان﴿ ، 2﴾ولنعلمه من تأويل األحاديث... ودخل معه الس

قال أحدهمآ إني أراني أعصر خمرا وقال اآلخر إني أراني أحمل فوق رأسي خبزا تأكل الطير منه نبئنا بتأويله إنا نراك

نبأتكما من المحسنين * قال ال يأتيكما طعام ترزقانه إالا علمني ربي... وقال الذي﴿ ، 3﴾بتأويله قبل أن يأتيكما ذلكما مم

ة أنا أنبئكم بتأويله فأرسلون ﴿...يا، 4﴾نجا منهما وادكر بعد أما... رب5﴾أبت هذا تأويل رؤياي من قبل قد جعلها ربي حق ، ﴿ ، وقد عبر6﴾قد آتيتني من الملك وعلمتني من تأويل األحاديث...

القرآن الكريم في ثالثة مواضع من سورة يوسف عن تعبير الرؤيا بكلمة التأويل. والظاهر أن تعبير الرؤيا ليس معنى خالف الظاهر للرؤيا، بل هو

حقيقة خارجية ترى في النوم بشكل مخصوص, كأن رأى يوسف عليه السالم تعظيم أبيه وأمه وأخوته بشكل سجدة الشمس والقمر والنجوم

له، ورأى ملك مصر سنوات القحط في صورة سبع بقرات عجاف يأكلن سبعا سمانا، ورأى صاحبا يوسف عليه السالم في السجن الصلب وخدمةالملك في صورة عصر الخمر وحمل الخبز على الرأس تأكل الطير منه.

ب- التأويل في قصة النبي موسى عليه السالم والخضر عليه السالم: قال ﴿قال هذا فراق بيني وبينك سأنبئك بتأويل ما لم تستطعتعالى:

، فبعد أن خرق الخضر عليه السالم السفينة وقتل الغالم7﴾عليه صبرا وهدم الجدار، احتج عليه النبي موسى عليه السالم في كل مرة، فذكر له

الخضر عليه السالم السر الكامن وراء أفعاله وحقيقة أعماله، وأسماهالتأويل.

﴿وأوفوا الكيل إذا كلتمج- التأويل في الكيل والوزن: قال تعالى: وزنوا بالقسطاس المستقيم ذلك

.6سورة يوسف، اآلية: 1.21سورة يوسف، اآلية: 2.37-36سورة يوسف، اآليتان: 3.45سورة يوسف، اآلية: 4.100سورة يوسف، اآلية: 5.101سورة يوسف، اآلية: 6.78 سورة الكهف، اآلية: 7

336

، حيث إن المراد بالتأويل في الكيل والوزن هو1﴾خير وأحسن تأويال خصوص وجود وضع اقتصادي في السوق بواسطة البيع والشراء والنقل

واالنتقال. والتأويل بهذا المعنى ليس معنى خالف الظاهر من الكيل والوزن، بل هو حقيقة خارجية، وروح أوجدت في الكيل والوزن تقوى

وتضعف بواسطة استقامة المعاملة وعدم استقامتها.

﴿د- التأويل في االحتكام عند التنازع: قال تعالى: يا أيها الذين آمنواسول وأولي األمر منكم فإن تنازعتم أطيعوا الله وأطيعوا الر

سول إن كنتم تؤمنون بالله في شيء فردوه إلى الله والر . ومن الواضح أن المراد من2﴾واليوم اآلخر ذلك خير وأحسن تأويال

التأويل في هذه اآلية هو ثبات الوحدة وإقامة عالقات روحية في المجتمع.وهذه حقيقة خارجية وليست معنى خالف الظاهر لردع النزاع.

وغيرها مواضع أخرى من القرآن الكريم وردت فيها مفردة التأويل، وأريد بها الحقيقة الواقعية والخارجية، وليس ما هو من قبيل المعنى والمفهوم

من اللفظ. فتأويل كل شيء حقيقة ينبع منها ذلك الشيء، ويكون ذلكالشيء بدوره محققا. كما

أن صاحب التأويل هو محيى التأويل، وظهور التأويل يكون بواسطة صاحب التاويل. وهذا المعنى جار في القرآن الكريم, ألن هذا الكتاب المقدس يستمد من منابع حقائق ومعنويات محررة من قيد المادة, وهي أعلى

مرتبة من الحس والمحسوس، وأوسع من قوالب األلفاظ والعبارات التي هي نتيجة حياتنا المادية. فهذه الحقائق والمعنويات بحسب الحقيقة ال يمكن التعبير عنها بألفاظ محدودة، وإنما هي إلفات للبشرية من عالم الغيب إلى ضرورة استعدادهم للوصول إلى السعادة بواسطة االلتزام بظواهر العقائد الحقة واألعمال الصالحة، وال طريق للوصول إلى تلك

السعادة إال بهذه الظواهر، وعندما ينتقل اإلنسان إلى العالم اآلخر تتجلىله الحقائق

.35سورة اإلسراء، اآلية: 1.59سورة النساء، اآلية: 2

337

والكتاب المبين * إنا﴿المكشوفة، وهذا ما يدل عليه قوله تعالى: جعلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون * وإنه في أم الكتاب لدينا

، حيث إن وراء ما نقرأه ونعقله من القرآن أمرا هو من1﴾لعلي حكيم القرآن بمنزلة الروح من الجسد، والمتمثل من المثال, وهو الذي يسميه

تعالى بالكتاب الحكيم, وهو الذي تعتمد وتتكىء عليه معارف القرآنقة المقطعة، وال المعاني ل ومضامينه، وليس من سنخ األلفاظ المفر المنز

المدلول عليها بها. وهذا بعينه هو التأويل المذكور في اآليات المشتملة.2عليه, النطباق أوصافه ونعوته عليه

- هل تأويل القرآن مختص بالله تعالى؟3 اختلف المفسرون في هذه المسألة، فمنهم من ذهب إلى اختصاص تأويل

القرآن بالله تعالى، ومنهم من ذهب إلى أن الراسخين في العلم لهمنصيب من العلم بتأويل القرآن.

ومنشأ الخالف الواقع بينهم يرجع إلى اختالفهم في تفسير قوله تعالى:حكمات هن أم الكتاب﴿ هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات م

ا الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه وأخر متشابهات فأممنه ابتغاء الفتنة وابتغاء

اسخون في العلم يقولون الله والر تأويله وما يعلم تأويله إال أولوا األلباب ن عند ربنا وما يذكر إال ، وهل أن3﴾آمنا به كل م

اسخون في﴿الواو في قوله تعالى: الله والر وما يعلم تأويله إالن عند ربنا هي للعطف أم لالستئناف؟﴾العلم يقولون آمنا به كل م

أن اآلية بقرينة صدرها وذيلها وما تتلوها من اآليات إنما هي فيوالواقع: مقام بيان انقسام الكتاب إلى: المحكم والمتشابه، وتفرق الناس في

األخذ بها، فهم بين

.4-2سورة الزخرف، اآليات: 1 , القرآن54، ص3لمزيد من التفصيل، انظر: السيد الطباطبائي، الميزان في تفسير القرآن، م.س، ج 2

.55-51في اإلسالم، م.س، ص.7 سورة آل عمران، اآلية: 3

338

مائل إلى اتباع المتشابه لزيغ في قلبه، وثابت على اتباع المحكم واإليمان بالمتشابه لرسوخ في علمه، فإنما القصد األول في ذكر الراسخين في

العلم بيان حالهم وطريقتهم في األخذ بالقرآن ومدحهم فيه قبال ما ذكرمن حال الزائغين وطريقتهم

وذمهم، والزائد على هذا القدر خارج عن القصد األول، وال دليل على تشريكهم في العلم بالتأويل مع ذلك، فيبقى الحصر المدلول عليه بقوله

الله﴿تعالى: ﴾ من غير ناقض ينقضه, من عطف، أووما يعلم تأويله إال استثناء، وغير ذلك، فالذي تدل عليه اآلية هو انحصار العلم بالتأويل فيه

تعالى واختصاصه به. لكنه ال ينافي داللة دليل منفصل يدل على علم غيره قل ال﴿تعالى به, بإذنه, كما في نظائره, مثل: العلم بالغيب: قال تعالى:

ماوات واألرض الغيب إال الله وما يشعرون يعلم من في الس﴾...إنما الغيب لله...، وقال تعالى: 1﴾أيان يبعثون ، وقال تعالى:2﴿

هو...﴿ , فدل جميع ذلك على3﴾وعنده مفاتح الغيب ال يعلمها إال عالم الغيب فال يظهر على غيبه أحدا * إال﴿الحصر، ثم قال تعالى:

سول فإنه يسلك من بين يديه ومن خلفه من ارتضى من ر , فأثبت ذلك لبعض من هو غيره, وهو من ارتضى من رسول,4﴾رصدا

ولذلك نظائر في القرآن، ومن هذه النظائر علم التأويل، حيث قال تعالى: فال أقسم بمواقع النجوم * وإنه لقسم لو تعلمون عظيم * إنه﴿

رون * ه إال المطه لقرآن كريم * في كتاب مكنون * ال يمسب العالمين . ويظهر جليا من هذه اآليات أن للقرآن5﴾تنزيل من ر

الكريم مقامان: مقام مكنون محفوظ من المس، ومقام التنزيل الذي يفهمه كل الناس. والفائدة الزائدة التي نستفيدها من هذه اآليات ولم

إال﴿نجدها في اآليات السابقة هي االستثناء الوارد في قوله تعالى: رون ﴾ الدال على أن هناك بعض من يمكن أن يدرك حقائقالمطه

.65 سورة النمل، اآلية: 1.20سورة يونس، اآلية: 2.59سورة األنعام، اآلية: 3.27-26سورة الجن، اآليتان: 4.80-75سورة الواقعة، اآليات: 5

339

وما﴿القرآن وتأويله. وهذا اإلثبات ال ينافي النفي الوارد في قوله تعالى: الله ﴾, ألن ضم إحداهما إلى األخرى ينتج االستقالليعلم تأويله إال

والتبعية, أي يعرف منها استقالل علمه تعالى بهذه الحقائق، وال يعرفها أحدإال بإذنه عز شأنه وبتعليم منه.

جس أهل﴿وبضميمة قوله تعالى: إنما يريد الله ليذهب عنكم الرركم تطهيرا الوارد في حق أهل البيت عليهم السالم,1﴾البيت ويطه

بحسب روايات متواترة، نعلم أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأهل.2بيته عليهم السالم هم المطهرون العالمون بتأويل القرآن الكريم

وأفضل الراسخين في العلم هو: رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم, ثم اإلمام علي عليه السالم, ثم األئمة عليهم السالم من ولده: عن اإلمام

: "أفضل الراسخين في العلم: رسول اللهالباقر عليه السالم صلى الله عليه وآله وسلم, قد علم جميع ما أنزل الله في

القرآن من التنزيل والتأويل، وما كان الله لينزل عليه شيئا لم . وعن اإلمام3"يعلمه تأويله، وأوصياؤه من بعده يعلمونه كله

إن الله علم نبيه التنزيل والتأويل، فعلمالصادق عليه السالم: " .4رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عليا، وعلمنا، والله"

"نحن الراسخون في العلم، فنحن نعلموعنه عليه السالم - أيضا -: .5تأويله"

.33سورة األحزاب، اآلية: 1 ,55-49، ص3لمزيد من التفصيل، انظر: السيد الطباطبائي، الميزان في تفسير القرآن، م.س، ج 2

.57-56القرآن في اإلسالم، م.س، ص.97-96، ص1القمي، تفسير القمي، م.س، ج 3.442، ص15، كتاب األيمان...، باب ما ال يلزم من األيمان...، ح7الشيخ الكليني، الكافي، م.س، ج 4.213، ص1، كتاب الحجة، باب أن الراسخين في العلم هم األئمة عليهم السالم ، ح1م. ن، ج 5

340

األفكار الرئيسة - التأويل هو الحقيقة الواقعية التي تستند إليها البيانات القرآنية، وليس1

من قبيل المفاهيم المدلول عليها باأللفاظ، بل هو من األمور العينيةالمتعالية من أن يحيط بها شبكات األلفاظ.

- وردت مفردة التأويل ست عشرة مرة في القرآن، وأريد في جميعها2الحقيقة الواقعية التي تستند إليها البيانات القرآنية.

- إن وراء ما نقرأه ونعقله من القرآن أمرا هو من القرآن بمنزلة الروح3 من الجسد، والمتمثل من المثال, وهو الذي يسميه تعالى بالكتاب الحكيم,

وهو الذي تعتمد وتتكىء عليه معارف القرآن.

- إن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأهل بيته عليهم السالم هم4المطهرون العالمون بتأويل القرآن الكريم.

فكر وأجب- أجب بـ "صح" أو "خطأ":1

- التأويل هو باطن اآلية، كما أن التفسير هو ظاهرها. - وراء ما نقرأه ونعقله من القرآن حقيقة متعالية تعتمد وتتكىء عليها

معارفه. وما يعلم﴿- أهل البيت عليهم السالم عالمون بالتأويل لقوله تعالى:

اسخون في العلم الله والر ﴾.تأويله إال

- أجب باختصار:2 - عدد أبرز المعاني المذكورة في معنى التأويل, مبينا المعنى الصحيح

منها؟ - اذكر أنموذجين من االستعمال القرآني لمفردة "التأويل" مبينا مراده

منها؟- هل تأويل القرآن مختص بالله تعالى؟

341

مطالعة

رواية مأثورة في كيفية تأويل المتشابهات وإرجاعها إلى1المحكمات

روي عن هشام بن الحكم أنه قال: كنت عند الصادق جعفر بن محمد عليه السالم, إذ دخل عليه معاوية بن وهب وعبد الملك بن أعين، فقال له

معاوية ابن وهب: يا ابن رسول الله! ما تقول في الخبر الذي روي أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم رأى ربه؟ على أي صورة رآه؟ وعن

الحديث الذي رووه أن المؤمنين يرون ربهم في الجنة؟ على أي صورة يرونه؟ فتبسم عليه السالم, ثم قال: يا معاوية ما أقبح بالرجل يأتي عليه سبعون سنة أو ثمانون سنة يعيش في ملك الله، ويأكل من نعمه، ثم ال

يعرف الله حق معرفته! يا معاوية! إن محمدا صلى الله عليه وآله وسلم لم ير الرب تبارك وتعالى بمشاهدة العيان، وإن الرؤية على وجهين: رؤية

القلب، ورؤية البصر، فمن عنى برؤية القلب, فهو مصيب، ومن عنى برؤية البصر, فقد كفر بالله وبآياته, لقول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من شبه الله بخلقه, فقد كفر. ولقد حدثني أبي، عن أبيه، عن الحسين بن علي قال: سئل أمير المؤمنين عليه السالم, فقيل: يا أخا رسول الله! هل

رأيت ربك؟ فقال: وكيف أعبد من لم أره؟ لم تره العيون بمشاهدة العيان، ولكن رأته القلوب بحقائق اإليمان. فإذا كان المؤمن يرى ربه

بمشاهدة البصر, فإن كل من جاز عليه البصر والرؤية, فهو مخلوق، وال بد للمخلوق من الخالق, فقد جعلته إذا محدثا مخلوقا، ومن شبهه بخلقه, فقد

ال تدركه﴿اتخذ مع الله شريكا. ويلهم أولم يسمعوا قول الله تعالى: , ا﴿وقوله: ﴾األبصار وهو يدرك األبصار وهو اللطيف الخبير ولم

جاء موسى لميقاتنا وكلمه ربه قال رب أرني أنظر إليك قال لن تراني ولكن انظر إلى الجبل فإن استقر مكانه فسوف

ا ا تجلى ربه للجبل جعله دك ﴾ وإنما طلع من نوره علىتراني فلم الجبل, كضوء يخرج من سم الخياط، فدكدكت األرض، وصعقت الجبال،

﴿, أي ميتا، وخر موسى صعقا﴿ ا أفاق﴾ ﴾, ورد عليه روحه، قال:فلم ﴾ من قول من زعم أنك ترى، ورجعت إلى معرفتيسبحانك تبت إليك﴿

وأنا أول﴿بك أن األبصار ال تدركك

نفي الرؤية وتأويل5، كتاب أبواب تأويل اآليات...، باب 4العالمة المجلسي، بحار األنوار، م.س، ج 1.56-54اآليات فيها، ص

342

ين بأنك ترى وال ترى، وأنت بالمنظر األعلى. ثم﴾المؤمنين وأول المقر قال عليه السالم: إن أفضل الفرائض وأوجبها على اإلنسان معرفة الرب، واإلقرار له بالعبودية، وحد المعرفة: أن يعرف أنه ال إله غيره، وال شبيه له

وال نظير، وأن يعرف أنه قديم مثبت موجود غير فقيد، موصوف من غير شبيه وال مبطل، ليس كمثله شيء وهو السميع البصير، وبعده معرفة

الرسول صلى الله عليه وآله وسلم والشهادة بالنبوة. وأدنى معرفة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم: اإلقرار بنبوته، وأن ما أتى به من

كتاب أو أمر أو نهي, فذلك من الله عز وجل، وبعده معرفة اإلمام عليه السالم الذي به تأتم بنعته وصفته واسمه في حال العسر واليسر، وأدنى معرفة اإلمام عليه السالم أنه عدل النبي صلى الله عليه وآله وسلم, إال

درجة النبوة، ووارثه، وأن طاعته طاعة الله وطاعة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم, والتسليم له في كل أمر، والرد إليه، واألخذ بقوله، ويعلم

أن االمام عليه السالم بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: علي ابن أبي طالب، وبعده الحسن، ثم الحسين، ثم علي بن الحسين، ثم محمد

بن علي، ثم أنا، ثم بعدي موسى ابني، وبعده علي ابنه، وبعد علي محمد ابنه، وبعد محمد علي ابنه، وبعد علي الحسن ابنه، والحجة من ولد

الحسن. ثم قال: يا معاوية جعلت لك أصال في هذا, فاعمل عليه، فلو كنت تموت على ما كنت عليه, لكان حالك أسوأ األحوال, فال يغرنك قول من

زعم أن الله تعالى يرى بالبصر! وقد قالوا أعجب من هذا، أولم ينسبوا آدم عليه السالم إلى المكروه؟ أولم ينسبوا إبراهيم عليه السالم إلى ما

نسبوه؟ أولم ينسبوا داود عليه السالم إلى ما نسبوه من حديث الطير؟ أولم ينسبوا يوسف الصديق عليه السالم إلى ما نسبوه من حديث زليخا؟

أولم ينسبوا موسى عليه السالم إلى ما نسبوه من القتل؟ أولم ينسبوا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى ما نسبوه من حديث زيد؟ أولم

ينسبوا علي بن أبي طالب عليه السالم إلى ما نسبوه من حديث القطيفة؟ إنهم أرادوا بذلك توبيخ اإلسالم, ليرجعوا على أعقابهم، أعمى

الله أبصارهم كما أعمى قلوبهم، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا.

343

مصادر الدرس ومراجعه- القرآن الكريم.1.162-158، ص1- ابن فارس، معجم مقاييس اللغة، ج2.99- األصفهاني، مفردات ألفاظ القرآن، ص3.55-44، ص3- الطباطبائي، الميزان في تفسير القرآن، ج4.57-49- القرآن في اإلسالم، ص5 ، ص2- روحاني، المعجم اإلحصائي أللفاظ القرآن الكريم، م.س، ج 6

480..97-96، ص1- القمي، تفسير القمي، ج7 ، كتاب الحجة، باب أن الراسخين في العلم هم1- الكليني، الكافي، ج8

، كتاب األيمان...، باب ما ال يلزم7, ج213، ص1األئمة عليهم السالم ، ح.442، ص15من األيمان...، ح

344

مصادر الكتاب ومراجعه

- القرآن الكريم.

- ابن الجزري، محمد: النشر في القراءات، تصحيح ومراجعة محمد علي الضباع، الط، مصر، المكتبة التجارية الكبرى, مطبعة مصطفى محمد،

الت.

- ابن الجزري، محمد: منجد المقرئين ومرشد الطالبين، مراجعة محمد حبيب الشنقيطي, أحمد محمد شاكر، الط، مصر، مكتبة القدسي, المطبعة

هـ.ق.1350الوطنية اإلسالمية باألزهر الشريف،

- ابن النديم، محمد بن إسحاق، كتاب الفهرست، تحقيق رضا تجدد، الط،طهران، الن، الت.

- ابن بابويه، محمد بن علي بن الحسين )الصدوق(: االعتقادات في دين هـ.ق/1414، بيروت، دار المفيد، 2اإلمامية، تحقيق عصام عبد السيد، ط

م.1993

- ابن بابويه، محمد بن علي بن الحسين )الصدوق(: التوحيد، تصحيح وتعليق هاشم الحسيني الطهراني، الط، قم المقدسة، مؤسسة النشر

اإلسالمي التابعة لجماعة المدرسين، الت.

- ابن بابويه، محمد بن علي بن الحسين )الصدوق(: علل الشرائع، تقديم محمد صادق بحر العلوم، الط، النجف األشرف، منشورات المكتبة

م.1966هـ.ق/ 1385الحيدرية ومطبعتها،

- ابن بابويه، محمد بن علي بن الحسين )الصدوق(: عيون أخبار الرضا عليه السالم, تصحيح وتعليق وتقديم حسين األعلمي، الط، بيروت،

م.1984هـ.ق/ 1404مؤسسة األعلمي،

- ابن بابويه، محمد بن علي بن الحسين )الصدوق(: معاني األخبار، تصحيح وتعليق علي أكبر الغفاري، الط، قم المقدسة، مؤسسة النشر اإلسالمي

هـ.ش.1338هـ.ق/ 1379التابعة لجماعة المدرسين بقم المقدسة،

- ابن بابويه، محمد بن علي )الصدوق(: كمال الدين وتمام النعمة، تصحيح وتعليق علي أكبر الغفاري، الط، قم المقدسة، مؤسسة النشر اإلسالمي

التابعة

345

هـ.ش.1363هـ.ق/ 1405لجماعة المدرسين بقم المقدسة،

- ابن جزي، محمد بن أحمد: التسهيل لعلوم التنزيل، تحقيق عبد اللهالخالدي، الط، بيروت، شركة دار األرقم بن أبي األرقم، الت.

- ابن حنبل، أحمد: مسند أحمد، الط، بيروت، دار صادر، الت.

- ابن سعد، محمد: الطبقات الكبرى، الط، بيروت، دار صادر، الت.

- ابن شهرآشوب، محمد بن علي: مناقب آل أبي طالب عليهم السالم, تصحيح وشرح ومقابلة لجنة من أساتذة النجف األشرف، الط، النجف

م.1956هـ.ق/ 1376األشرف، المطبعة الحيدرية،

- ابن فارس، أحمد: معجم مقاييس اللغة، تحقيق عبد السالم هارون، الط،هـ.ق.1404الم، مكتب اإلعالم اإلسالمي،

- اإلحسائي، ابن أبي جمهور: عوالي اللئالي، تقديم شهاب الدين النجفي ، قم المقدسة، مطبعة سيد1المرعشي, تحقيق مجتبى العراقي، ط

م.1983هـ.ق/ 1403الشهداء عليه السالم,

، بيروت، دار األضواء،2- اإلربلي، علي: كشف الغمة في معرفة األئمة، طم.1985هـ.ق/ 1405

- األصفهاني، الراغب: مفردات ألفاظ القرآن، تحقيق صفوان داوودي، قمهـ.ق.1427المقدسة، نشر طليعة النور, مطبعة سليمان زاده،

- األمين، محسن: أعيان الشيعة، تحقيق وتخريج حسن األمين، الط،بيروت، دار التعارف، الت.

- األهوازي، ابن السكيت: الكنز اللغوي، الط، بيروت، المطبعة الكاثوليكيةلآلباء اليسوعيين، الت.

346

- البرقي، أحمد بن محمد بن خالد: المحاسن، تحقيق جالل الدين ، طهران، دار الكتب اإلسالمية, مطبعة رنكين،1الحسيني)المحدث(، ط

هـ.ش.1330هـ.ق/ 1370

- البالغي، محمد جواد: آالء الرحمن في تفسير القرآن، صيدا، مطبعةم.1933هـ.ق/ 1352العرفان،

- الترمذي، محمد بن عيسى: سنن الترمذي)الجامع الصحيح(، تحقيق هـ.ق/1403، بيروت، دار الفكر، 2وتصحيح عبد الرحمن محمد عثمان، ط

م.1983

، قم المقدسة، مجمع الفكر3- الحكيم، محمد باقر: علوم القرآن، طهـ.ق.1417اإلسالمي, مؤسسة الهادي،

- الحلي، الحسن بن يوسف بن المطهر: كشف المراد في شرح تجريد ، قم المقدسة، مؤسسة النشر7االعتقاد، تحقيق حسن زاده آملي، ط

هـ.ق.1417اإلسالمي التابعة لجماعة المدرسين بقم المقدسة،

- اإلمام الخامنئي، علي: الفكر األصيل.

- اإلمام الخميني، روح الله: اآلداب المعنوية للصالة، ترجمة وشرح وتعليقم.1986هـ.ق/1406، بيروت، مؤسسة األعلمي، 2أحمد الفهري، ط

- اإلمام الخميني، روح الله: أنوار الهداية، تحقيق ونشر مؤسسة تنظيم ، إيران، مطبعة مكتب اإلعالم1ونشر آثار اإلمام الخميني قدس سره، ط

هـ.ش.1372هـ.ق/ 1413اإلسالمي،

- الخميني، روح الله: منهجية الثورة اإلسالمية )مقتطفات من أفكار اإلمام الخميني} وآرائه(، طهران، مؤسسة تنظيم ونشر آثار اإلمام الخميني

قدس سره.

، قم1- الدينوري، ابن قتيبة: غريب الحديث، تحقيق عبد الله الجبوري، طهـ.ق.1408المقدسة، دار الكتب العلمية،

- الذهبي، محمد بن أحمد: سير أعالم النبالء، إشراف وتخريج شعيب ، بيروت، مؤسسة الرسالة،9األرنؤوط، تحقيق مأمون الصاغرجي، ط

م.1993هـ.ق/ 1413

،14- الرومي، فهد بن عبد الرحمن: دراسات في علوم القرآن، طهـ.ق.1426الرياض، مكتبة الملك فهد الوطنية،

347

- الزرقاني، عبد العظيم: مناهل العرفان في علوم القرآن، تحقيق فوازم.1995هـ.ق/1415، بيروت، دار الكتاب العربي، 1أحمد زمرلي، ط

- الزركشي، بدر الدين: البرهان في علوم القرآن، تحقيق محمد أبو ، الم، دار إحياء الكتب العربية, عيسى البابي الحلبي1الفضل إبراهيم، ط

م.1957هـ.ق/ 1376وشركاؤه،

، بيروت، دار3- السامرائي، إبراهيم: التطور اللغوي التاريخي، طم.1983األندلس،

- السجستاني، سليمان بن األشعث: سنن أبي داوود، تحقيق وتعليق سعيدم.1990هـ.ق/ 1410، بيروت، دار الفكر، 1محمد اللحام، ط

- السجستاني، سليمان بن األشعث: كتاب المصاحف، تصحيح آرثر جفري، ، بغداد، مكتبة المثنى, مصر، مكتبة الخانجي, المطبعة الرحمانية،1ط

م.1936هـ.ق/ 1355

- السيوطي، جالل الدين: اإلتقان في علوم القرآن، تحقيق سعيدم.1996هـ.ق/ 1416، بيروت، دار الفكر، 1المندوب، ط

- السيوطي، جالل الدين: الدر المنثور في تفسير القرآن بالمأثور، الط،بيروت، دار المعرفة، الت.

،16- الشاذلي، إبراهيم)سيد قطب(: التصوير الفني في القرآن، طم.2002هـ.ق/ 1423القاهرة، دار الشروق،

- الشافعي، علي بن الحسن)ابن عساكر(: تاريخ مدينة دمشق، تحقيقهـ.ق.1415علي شيري، الط، بيروت، دار الفكر،

- الشيباني، علي بن أبي الكرم)ابن األثير(: الكامل في التاريخ، الط،م.1966هـ.ق/ 1386بيروت، دار صادر،

، بيروت، دار العلم26- الصالح، صبحي: مباحث في علوم القرآن، طم.2005للماليين،

348

- الصفار، محمد بن الحسن: بصائر الدرجات، تصحيح وتعليق وتقديم حسن كوچه باغي، الط، طهران، منشورات األعلمي, مطبعة األحمدي،

هـ.ش.1362هـ.ق/ 1404

- السيد الطباطبائي، محمد حسين: الميزان في تفسير القرآن، الط، قمالمقدسة، مؤسسة النشر اإلسالمي التابعة لجماعة المدرسين، الت.

- الطبراني، سليمان بن أحمد: مسند الشاميين، تحقيق حمدي عبد المجيدم.1996هـ.ق/ 1417، بيروت، مؤسسة الرسالة، 2السلفي، ط

- الطبرسي، الفضل بن الحسن: االحتجاج، تعليق محمد باقر الخرسان،م.1966هـ.ق/ 1386الط، النجف األشرف، دار النعمان،

- الطبرسي، الفضل بن الحسن: مجمع البيان في تفسير القرآن، تحقيق ، بيروت، مؤسسة األعلمي،1وتعليق لجنة من العلماء والمحققين، ط

م.1995هـ.ق/ 1415

- الطبري، محمد بن جرير: جامع البيان عن تأويل أي القرآن، تقديم خليل الميس، ضبط وتوثيق وتخريج صدقي جميل العطار، الط، بيروت، دار

م.1995هـ.ق/ 1415الفكر،

، طهران، نشر مرتضوي,2- الطريحي، فخر الدين: مجمع البحرين، طهـ.ش.1362مطبعة چاپخانهء طراوت،

، بيروت، دار2- الطهراني، آغا بزرك: الذريعة إلى تصانيف الشيعة، طاألضواء، الت.

- الشيخ الطوسي، محمد بن الحسن: األمالي، تحقيق قسم الدراساتهـ.ق.1414، قم المقدسة، دار الثقافة، 1اإلسالمية في مؤسسة البعثة، ط

- الشيخ الطوسي، محمد بن الحسن: التبيان في تفسير القرآن، تحقيق ، إيران، مكتب اإلعالم اإلسالمي،1وتصحيح أحمد قصير العاملي، ط

هـ.ق.1409

- الشيخ الطوسي، محمد بن الحسن: تهذيب األحكام، تحقيق وتعليق ، طهران، دار الكتب اإلسالمية, مطبعة3حسن الموسوي الخرسان، ط

هـ.ش.1364خورشيد،

349

- الشيخ الطوسي، محمد بن الحسن: رجال الطوسي، تحقيق جواد ، قم المقدسة، مؤسسة النشر اإلسالمي التابعة1القيومي اإلصفهاني، ط

هـ.ق.1415لجماعة المدرسين بقم المقدسة،

- العسقالني، أحمد بن علي )ابن حجر(: اإلصابة، تحقيق عادل أحمد عبد ، بيروت، دار الكتب العلمية،1الموجود, علي محمد معوض، ط

هـ.ق.1415

، بيروت، دار1- العسقالني، أحمد بن علي )ابن حجر(: تهذيب التهذيب، طم.1984هـ.ق/ 1404الفكر،

، بيروت، دار2- العسقالني، أحمد بن علي )ابن حجر(: فتح الباري، طالمعرفة، الت.

- العسكري، مرتضى: معالم المدرستين، الط، بيروت، مؤسسة النعمان،م.1990هـ.ق/ 1410

- العكبري، محمد بن النعمان )المفيد(: اإلرشاد، تحقيق مؤسسة آل البيت هـ.ق/1414، بيروت، دار المفيد، 2عليهم السالم لتحقيق التراث، ط

م.1993

- العلوي، )الشريف الرضي(: نهج البالغة )الجامع لخطب اإلمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السالم ورسائله وحكمه(، شرح محمد

هـ.ق/1412، قم المقدسة، دار الذخائر, مطبعة النهضة، 1عبده، طهـ.ش.1370

- العلوي، )الشريف الرضي(: نهج البالغة )الجامع لخطب اإلمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السالم ورسائله وحكمه(، شرح ابن أبي

، الم، دار إحياء الكتب1الحديد، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم، طم.1959هـ.ق/ 1378العربية, عيسى البابي الحلبي وشركاؤه،

- العياشي، محمد بن مسعود: تفسير العياشي، تحقيق وتصحيح وتعليقهاشم الرسولي المحالتي، الط، طهران، المكتبة العلمية اإلسالمية، الت.

، بيروت، دار الوالء،1- القرآن في اإلسالم، تعريب أحمد وهبي، طم.2001هـ.ق/ 1422

- القمي، علي بن إبراهيم: تفسير القمي، تصحيح وتعليق وتقديم طيبالموسوي

350

هـ.ق.1387الجزائري، الط، الم، مطبعة النجف،

- الشيخ الكليني، محمد بن يعقوب: الكافي، تصحيح وتعليق علي أكبرهـ.ش.1365، طهران، دار الكتب اإلسالمية, مطبعة حيدري، 4الغفاري، ط

- المتقي الهندي، علي: كنز العمال في سنن األقوال واألفعال، ضبط وتفسير بكري حياني، تصحيح وفهرسة صفوة السقا، الط، بيروت،

م.1989هـ.ق/ 1409مؤسسة الرسالة،

- المجلسي، محمد باقر: بحار األنوار، تحقيق عبد الرحيم الرباني ، بيروت، مؤسسة الوفاء, دار إحياء2الشيرازي, محمد الباقر البهبودي، ط

م.1983هـ.ق/ 1403التراث العربي،

- المحمدي، فتح الله )نجارزادكان(: سالمة القرآن من التحريف وتفنيد االفتراءات على الشيعة اإلمامية...، الط، طهران، نشر مؤسسة فرهنكي

هــ.ق.1424وهنري مشعر،

- المغربي، عبد الرحمن )ابن خلدون(: المقدمة، الط، بيروت، دار إحياءالتراث العربي، الت.

- النوري، حسين: مستدرك الوسائل، تحقيق ونشر مؤسسة آل البيتعليهم السالم إلحياء التراث، الط، بيروت، الت.

- النيسابوري، أبو عبدالله: المستدرك على الصحيحين، إشراف يوسفعبد الرحمن المرعشلي، الط، الم، الن، الت.

- النيسابوري، محمد بن الفتال: روضة الواعظين، تقديم محمد مهدي السيد حسن الخرسان، الط، قم المقدسة، منشورات الشريف الرضي،

الت.

- النيسابوري، مسلم: الجامع الصحيح )صحيح مسلم(، الط، بيروت، دارالفكر، الت.

- الهاللي، سليم بن قيس: كتاب سليم بن قيس، تحقيق محمد باقر ، إيران، نشر دليل ما, مطبعة نكارش،1األنصاري الزنجاني، ط

هـ.ش.1380هـ.ق/ 1422

- اليعقوبي، أحمد بن ابي يعقوب: تاريخ اليعقوبي، الط، بيروت، دار صادر،الت.

351

- تفسير اإلمام العسكري عليه السالم, تحقيق مدرسة اإلمام المهدي ، قم المقدسة، نشر مدرسة اإلمام1عجل الله تعالى فرجه الشريف، ط

هـ.ق.1409المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف, مطبعة مهر،

- حميد الله، محمد: مجموعة الوثائق السياسية للعهد النبوي والخالفةم.1985هـ.ق/ 1405، بيروت، دار النفائس، 5الراشدة، ط

، مشهد1- روحاني، محمود: المعجم اإلحصائي أللفاظ القرآن الكريم، طم.1987هـ.ق/ 1372المقدسة، مؤسسة اآلستانة الرضوية المقدسة،

، الم،1- شرف الدين، عبد الحسين: الفصول المهمة في تأليف األئمة، طنشر قسم اإلعالم الخارجي لمؤسسة البعثة، الت.

- كاشف الغطاء، جعفر: كشف الغطاء عن مبهمات الشريعة الغراء، هـ.ق/1422، قم المقدسة، 1تحقيق ونشر مكتب اإلعالم اإلسالمي، ط

هـ.ش.1380

- كاشف الغطاء، محمد حسين: أصل الشيعة وأصولها، تحقيق عالء آل ، مؤسسة اإلمام علي عليه السالم , مطبعة ستاره،1جعفر، ط

هـ.ق.1415

- مجموعة من المحدثين: األصول الستة عشر، أصل حسين بن عثمان بن ، قم المقدسة، دار الشبستري للمطبوعات, مطبعة2شريك العامري، ط

هـ.ش.1363/ 1405مهديه،

، قم المقدسة،3- معرفة، محمد هادي: التمهيد في علوم القرآن، طم.2011هـ.ق/ 1432مؤسسة التمهيد, مطبعة ستاره،

، القاهرة، دار نهضة مصر9- وافي، علي عبد الواحد: علم اللغة، طللطباعة والنشر ومطبعتها، الت.

352