756
ﻛﺘﺎﺏ: ﺍﳌﺴﻴﺢ ﺩﻳﻦ ﺑﺪﻝ ﳌﻦ ﺍﻟﺼﺤﻴﺢ ﺍﳉﻮﺍﺏ ﺍﳌﺆﻟﻒ: ﺍﳊﺮﺍﱐ ﺗﻴﻤﻴﺔ ﺑﻦ ﺍﳊﻠﻴﻢ ﻋﺒﺪ ﺑﻦ ﺃﲪﺪ ﺗﻴﻤﻴﺔ ﻻﺑﻦ ﺍﳌﺴﻴﺢ ﺩﻳﻦ ﺑﺪﻝ ﳌﻦ ﺍﻟﺼﺤﻴﺢ ﺍﳉﻮﺍﺏ ﺍﻟﺮﺣﻴﻢ ﺍﻟﺮﲪﻦ ﺍﷲ ﺑﺴﻢ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻳﻮﻡ ﻣﺎﻟﻚ ﺍﻟﺮﺣﻴﻢ ﺍﻟﺮﲪﻦ ﺍﻟﻌﺎﳌﲔ ﺭﺏ ﺍﳊﻤﺪ ﺍﷲ ﺭﺳﻮﻝ ﳏﻤﺪ ﺍﷲ ﺇﻻ ﺇﻟﻪ ﺧﻠ ﺍﻟﺬﻱ ﺍﳊﻤﺪ ﻳﻌﺪﻟﻮﻥ ﺑﺮ ﻛﻔﺮﻭﺍ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻭﺍﻟﻨﻮﺭ ﺍﻟﻈﻠﻤﺖ ﻭﺟﻌﻞ ﻭﺍﻷﺭﺽ ﺍﻟﺴﻤﻮﺍﺕ ﺍﻟﺬﻝ ﻣﻦ ﻭﱄ ﻟﻪ ﻳﻜﻦ ﻭﱂ ﺍﳌﻠﻚ ﺷﺮﻳﻚ ﻟﻪ ﻳﻜﻦ ﻭﱂ ﻭﻟﺪﺍ ﻳﺘﺨﺬ ﺍﻟﺬﻱ ﺍﳊﻤﺪ ﺍﷲ ﻭﺳﺒﺤﺎﻥ ﻛﺜﲑﺍ ﻭﺍﳊﻤﺪ ﻛﺒﲑﺍ ﺃﻛﱪ ﺍﷲ ﺍﳊﻤﺪ ﻭﷲ ﺃﻛﱪ ﺍﷲ ﺃﻛﱪ ﻭﺍﷲ ﺍﷲ ﺇﻻ ﺇﻟﻪ ﺃﻛﱪ ﺍﷲ ﺃﻛﱪ ﻭﺍﷲ ﺑﻜﺮﺓ ﻭﺃﺻﻴﻼ ﺍﻵﻳﺎﺕ ﺍﻟﻜﻬﻒ ﺳﻮﺭﺓ١ ٥ ﺍﻵﻳﺘﺎﻥ ﺳﺒﺄ ﻭﺳﻮﺭﺓ٢ ﺍﻵﻳﺔ ﻓﺎﻃﺮ ﻭﺳﻮﺭﺓ١ ٢ ﻧﻮﻡ ﻭﻻ ﺳﻨﺔ ﺗﺄﺧﺬﻩ ﺍﻟﺬﻱ ﺍﻟﻘﻴﻮﻡ ﺍﳊﻲ ﻟﻪ ﺷﺮﻳﻚ ﻭﺣﺪﻩ ﺍﷲ ﺇﻻ ﺇﻟﻪ ﺃﻥ ﻭﺃﺷﻬﺪ ﺍﻵﻳﺔ ﺍﻟﺒﻘﺮﺓ ﺳﻮﺭﺓ٢٥٥ ﺍﻟﻈﺎﻫ ﺍﻵﺧﺮ ﺍﻷﻭﻝ ﺃﺣﺪ ﻛﻔﻮﺍ ﻟﻪ ﻳﻜﻦ ﻭﱂ ﻳﻮﻟﺪ ﻭﱂ ﻳﻠﺪ ﺍﻟﺬﻱ ﺍﻟﺼﻤﺪ ﺍﻷﺣﺪ ﺍﳌﺆﻣﻦ ﺍﻟﺴﻼﻡ ﺍﻟﻘﺪﻭﺱ ﺍﳌﻠﻚ ﺍﻟﺒﺎﻃﻦ ﺍﻟﻌﺰﻳﺰ ﺍﳌﻬﻴﻤﻦ ﺍﳊﻜﻴﻢ ﺍﻟﻌﺰﻳﺰ ﻭﻫﻮ ﻭﺍﻷﺭﺽ ﺍﻟﺴﻤﻮﺍﺕ ﻣﺎ ﻟﻪ ﻳﺴﺒﺢ ﺍﳊﺴﲎ ﺍﻷﲰﺎﺀ ﻟﻪ ﺍﳌﺼﻮﺭ ﺍﻟﺒﺎﺭﺉ ﺍﳋﺎﻟﻖ ﺍﳌﺘﻜﱪ ﺍﳉﺒﺎﺭ ﺑﲔ ﺑﺎﳊﻖ ﺃﺭﺳﻠﻪ ﺷﻬﻴﺪﺍ ﺑﺎﷲ ﻭﻛﻔﻰ ﻛﻠﻪ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻋﻠﻰ ﻟﻴﻈﻬﺮﻩ ﺍﳊﻖ ﻭﺩﻳﻦ ﺑﺎﳍﺪﻯ ﺃﺭﺳﻠﻪ ﻭﺭﺳﻮﻟﻪ ﻋﺒﺪﻩ ﳏﻤﺪﺍ ﺃﻥ ﻭﺃﺷﻬﺪ ﻭﻋﺠﻤﻬﻢ ﻋﺮ ﻭﺍﻹﻧﺲ ﺍﳉﻦ ﺍﻟﺜﻘﻠﲔ ﲨﻴﻊ ﺇﱃ ﺃﺭﺳﻠﻪ ﻣﻨﲑﺍ ﻭﺳﺮﺍﺟﺎ ﺑﺈﺫﻧﻪ ﺍﷲ ﺇﱃ ﻭﺩﺍﻋﻴﺎ ﻭﻧﺬﻳﺮﺍ ﺑﺸﲑﺍ ﺍﻟﺴﺎﻋﺔ ﻳﺪﻱ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺃﻧﺰﻝ ﻭﻛﺘﺎﺑﻴﻬﻢ ﺃﻣﻴﻬﻢ ﺍﻵﻳﺔ ﺍﻟﺰﻣﺮ ﺳﻮﺭﺓ٢٣ ﻭﻳﻬﺪﻳﻬﻢ ﺑﺈﺫﻥ ﺍﻟﻨﻮﺭ ﺇﱃ ﺍﻟﻈﻠﻤﺎﺕ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻟﻴﺨﺮﺝ ﺃﻧﺰﻟﻪ ﻛﺘﺎﺏ ﺍﻵﻳﺔ ﺇﺑﺮﺍﻫﻴﻢ ﺳﻮﺭﺓ٢١ ﺇﱃ ﺑﻪ ﻫﺪﺍﻫﻢ ﻣﻦ ﻋﻠﻴﻢ ﺍﷲ ﺃﻧﻌﻢ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺻﺮﺍﻁ ﻭﻫﻮ ﺍﻷﺭﺽ ﻭﻣﺎ ﺍﻟﺴﻤﻮﺍﺕ ﻣﺎ ﻟﻪ ﺍﻟﺬﻱ ﺻﺮﺍﻁ ﻣﺴﺘﻘﻴﻢ ﺻﺮﺍﻁ ﺗﻌﺎﱃ ﻗﺎﻝ ﻛﻤﺎ ﻗﺒﻠﻪ ﺍﻟﺮﺳﻞ ﺑﻪ ﺑﻌﺚ ﺍﻟﺬﻱ ﺍﷲ ﺩﻳﻦ ﻭﻫﻮ ﻭﺍﻟﺼﺎﳊﲔ ﻭﺍﻟﺸﻬﺪﺍﺀ ﻭﺍﻟﺼﺪﻳﻘﲔ ﺍﻟﻨﺒﻴﲔ ﺍﻵﻳﺔ ﺍﻟﺸﻮﺭﻯ ﺳﻮﺭﺓ١٣ ﺍﻵﻳﺘﺎﻥ ﺍﳌﺆﻣﻨﻮﻥ ﺳﻮﺭﺓ ﺗﻌﺎﱃ ﻭﻗﺎﻝ٥١ ٥٢ ﺍﻻﺧﺮﻯ ﺍﻵﻳﺔ ﻭﻗﺎﻝ ﺍﻵﻳﺔ ﺍﻷﻧﺒﻴﺎﺀ ﺳﻮﺭﺓ٩٢ ﺍﻵﻳﺔ ﺍﳌﺆﻣﻨﻮﻥ ﺳﻮﺭﺓ٥٣ ﺗﻌﺎﱃ ﻗﺎﻝ

ﺢﻴﺴﳌﺍ ﻦﻳﺩ ﻝﺪﺑ ﻦﳌ ﺢﻴﺤﺼﻟﺍ ﺏﺍﻮﳉﺍ … · ٢٥ ﺔﻳﻵﺍ ﺀﺎﻴﺒﻧﻷﺍ ﺓﺭﻮﺳ. ٣٦ ﺔﻳﻵﺍ ﻞﺤﻨﻟﺍ ﺓﺭﻮﺳ

  • Upload
    others

  • View
    10

  • Download
    0

Embed Size (px)

Citation preview

  • ملسيح: كتاب بدل دين ا ملن الصحيح اجلواب مية احلراين: املؤلف بن تي احلليم عبد بن أمحد

    اجلواب الصحيح ملن بدل دين املسيح البن تيمية

    بسم اهللا الرمحن الرحيم ال إله إال اهللا حممد رسول اهللا احلمد هللا رب العاملني الرمحن الرحيم مالك يوم الدين

    ق السموات واألرض وجعل الظلمت والنور مث الذين كفروا برهبم يعدلون و احلمد هللا الذي خل و احلمد هللا الذي مل يتخذ ولدا ومل يكن له شريك يف امللك ومل يكن له ويل من الذل

    بكرة واهللا أكرب اهللا أكرب ال إله إال اهللا واهللا أكرب اهللا أكرب وهللا احلمد اهللا أكرب كبريا واحلمد هللا كثريا وسبحان اهللا وأصيال

    ٥ ١سورة الكهف اآليات ٢وسورة سبأ اآليتان ا

    ٢ ١وسورة فاطر اآلية وأشهد أن ال إله إال اهللا وحده ال شريك له احلي القيوم الذي ال تأخذه سنة وال نوم

    ٢٥٥سورة البقرة اآلية ر الباطن امللك القدوس السالم املؤمن األحد الصمد الذي مل يلد ومل يولد ومل يكن له كفوا أحد األول اآلخر الظاه

    املهيمن العزيز

    اجلبار املتكرب اخلالق البارئ املصور له األمساء احلسىن يسبح له ما يف السموات واألرض وهو العزيز احلكيم وأشهد أن حممدا عبده ورسوله أرسله باهلدى ودين احلق ليظهره على الدين كله وكفى باهللا شهيدا أرسله باحلق بنييدي الساعة بشريا ونذيرا وداعيا إىل اهللا بإذنه وسراجا منريا أرسله إىل مجيع الثقلني اجلن واإلنس عرهبم وعجمهم

    أميهم وكتابيهم وأنزل عليه ٢٣سورة الزمر اآلية

    كتاب أنزله ليخرج الناس من الظلمات إىل النور بإذن رهبم ويهديهم ٢١سورة إبراهيم اآلية

    صراط مستقيم صراط الذي له ما يف السموات وما يف األرض وهو صراط الذين أنعم اهللا عليم من هداهم به إىل

    النبيني والصديقني والشهداء والصاحلني وهو دين اهللا الذي بعث به الرسل قبله كما قال تعاىل ١٣سورة الشورى اآلية

    ٥٢ ٥١وقال تعاىل سورة املؤمنون اآليتان ٩٢سورة األنبياء اآلية وقال يف اآلية االخرى قال تعاىل ٥٣سورة املؤمنون اآلية

  • ٢٥سورة األنبياء اآلية ٣٦وقال تعاىل سورة النحل اآلية

    أنزل عليه الكتاب باحلق مصدقا ملا بني يديه من الكتاب ومهيمنا عليه فصدق كتابه ما بني يديه من كتب السماء ١٣٧ ١٣٦اىل سورة البقرة اآليتان وأمر باإلميان جبميع األنبياء كما قال تع

    وهيمن على ما بني يديه من الكتاب وذلك يعم الكتب كلها شاهدا وحاكما ومؤمتنا يشهد مبثل ما فيها من األخبار الصادقة

    وقرر ما يف الكتاب األول من أصول الدين وشرائعه اجلامعة اليت اتفقت عليها الرسل كالوصايا املذكورة يف آخر ول األعراف وسورة سبحان وحنوها من السور املكية األنعام وأ

    ١٥٣ ١٥٠قال تعاىل سورة األنعام اآليات

    وقال تعاىل ٣٢ ٢٩وقال تعاىل سورة األعراف اآليات

    ٣٩ ٢٣سورة اإلسراء اآليات صلى اهللا فدين األنبياء واملرسلني دين واحد وإن كان لكل من التوراة واإلجنيل والقرآن شرعة ومنهاج وهلذا قال

    عليه

    وسلم يف احلديث املتفق على صحته عن أيب هريرة عن النيب صلى اهللا عليه و سلم إنا معشر األنبياء ديننا واحد وإن أوىل الناس بابن مرمي ألنا إنه ليس بيين وبينه نيب

    فدين املرسلني خيالف دين املشركني املبتدعني الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا

    ٣٢ ٣٠سورة الروم اآليات قال تعاىل ٥٣ ٥٠وقال تعاىل سورة املؤمنون اآليات

    ١٣وقال تعاىل سورة الشورى اآلية وقد خص اهللا تبارك وتعاىل حممدا صلى اهللا عليه و سلم

    خبصائص ميزه هبا على مجيع األنبياء واملرسلني وجعل له شرعة ومنهاجا أفضل شرعة وأكمل منهاج ة أخرجت للناس فهم يوفون سبعني أمة هم خريها وأكرمها على اهللا من مجيع األجناس هداهم كما جعل أمته خري أم

    اهللا بكتابه ورسوله ملا اختلفوا فيه من احلق قبلهم وجعلهم وسطا عدال خيارا فهم وسط يف توحيد اهللا وأمسائه ام وصفاته ويف اإلميان برسله وكتبه وشرائع دينه من األمر والنهي واحلالل واحلر

    فأمرهم باملعروف وهناهم عن املنكر وأحل هلم الطيبات وحرم عليهم اخلبائث مل حيرك عليهم شيئا من الطيبات كما حرم على اليهود ومل حيل هلم شيئا من اخلبائث كما استحلتها النصارى ومل يضيق عليهم باب الطهارة والنجاسة كما

    بث كما رفعته النصارى فال يوجبون الطهارة من اجلنابة وال ضيق على اليهود ومل يرفع عنهم طهارة احلدث واخلالوضوء للصالة وال اجتناب النجاسة يف الصالة بل يعد كثري من عبادهم مباشرة النجاسات من أنواع القرب

    والطاعات حىت يقال يف فضائل الراهب له أربعةن سنة ما مس املاء وهلذا تركوا اخلتان

  • عليه السالم وأتباعه مع أنه شرع إبراهيم اخلليلواليهود إذا حاضت عندهم املرأة ال يؤاكلوهنا وال يشاربوهنا وال يقعدون معها يف بيت واحد والنصارى ال حيرمون

    وطء احلائض وكان اليهود ال يرون إزالة النجاسة بل إذا أصاب ثوب أحدهم قرضه باملقراض والنصارى ليس عندهم شيء جنس

    الة معه حيرم أكله أو حترم الص

    ولذلك املسلمون وسط يف الشريعة فلم جيحدوا شرعه الناسخ ألجل شرعه املنسوخ كما فعلت اليهود وال غريوا شيئا من شرعه احملكم وال ابتدعوا شرعا مل يأذن به اهللا كما فعلت النصارى وال غلوا يف األنبياء والصاحلني كغلو

    لوا اخلالق سبحانه متصفا خبصائص املخلوق ونقائضه ومعايبه النصارى وال خبسوهم حقوقهم كفعل اليهود وال جعمن الفقر والبخل والعجز كفعل اليهود وال املخلوق متصفا خبصائص اخلالق سبحانه اليت ليس كمثله فيها شيء

    كفعل النصارى ومل يستكربوا عن عبادته كفعل اليهود وال أشركوا بعبادته أحدا كفعل النصارى عة يف اإلسالم كأهل اإلسالم يف أهل امللل فهم وسط يف باب صفات اهللا عز و جل بني أهل وأهل السنة واجلما

    اجلحد والتعطيل وبني أهل التشبيه والتمثيل يصفون اهللا مبا وصف به نفسه ومبا وصفه به رسله من غري تعطيل وال بات بال متثيل وتنزيه بال تعطيل متثيل إثباتا لصفات الكمال وتنزيها له عن أن يكون له فيها أندادا وأمثال إث

    كما قال تعاىل ليس كمثله شيء رد على املمثلة وهو السميع البصري

    رد على املعطلة

    وقال تعاىل سورة اإلخالص كلها فالصمد السيد املستوجب لصفات الكمال واألحد الذي ليس له كفو وال مثال وهم وسط يف باب أفعال اهللا عز و

    ملكذبني للقدر واجلربية النافني حلكمة اهللا ورمحته جل بني املعتزلة ا

    وعدله واملعارضني بالقدر أمر اهللا وهنيه وثوابه وعقابه ويف باب الوعد والوعيد بني الوعيدية الذين يقولون بتخليد

    عصاة املسلمني يف النار وبني املرجئة الذين جيحدون بعض الوعيد وما فضل اهللا به األبرار على الفجار وهم وسط يف أصحاب رسول اهللا صلى اهللا عليه و سلم بني الغايل يف بعضهم الذي يقول بإهلية أو نبوة أو عصمة

    واجلايف فيهم الذي يكفر بعضهم أو يفسقه وهم خيار هذه األمة

    واهللا سبحانه أرسل حممدا صلى اهللا عليه و سلم للناس رمحة وأنعم به نعمة يا هلا من نعمة أرسلناك إال رمحة للعاملني قال تعاىل وما

    وقال تعاىل أمل ترك إىل الذين بدلوا نعمت اهللا كفرا وهم الذين مل يؤمنوا مبحمد صلى اهللا عليه و سلم فإرساله أعظم نعمة أنعم اهللا هبا على عباده جيمع اهللا ألمته خبامت

  • ائل وزادهم من فضله أنواع الفواضل بل املرسلني وإمام املتقني وسيد ولد آدم أمجعني ما فرقه يف غريهم من الفض أتاهم كفلني من رمحته كما قال تعاىل

    ٢٩ ٢٨سورة احلديد اآلية ويف الصحيحني عن ابن عمر وأيب موسى عن النيب صلى اهللا عليه و سلم أنه قال إمنا أجلكم يف أجل من خال من

    ود والنصارى كرجل استعمل عماال فقال من األمم ما بني صالة العصر إىل مغرب الشمس وإمنا مثلكم ومثل اليه يعمل يل إىل نصف النهار على قرياط قرياط

    فعملت اليهود إىل نصف النهار مث قال من يعمل يل من نصف النهار إىل صالة العصر على قرياط قرياط ر إىل مغرب فعملت النصارى من نصف النهار إىل صالة العصر على قرياط قرياط مث قال من يعمل من صالة العص

    الشمس على قرياطني قرياطني أال فأنتم الذين يعملون من صالة العصر إىل مغرب الشمس أال لكم األجر مرتني

    فغضبت اليهود والنصارى فقالوا حنن أكثر عمال وأقل عطاء

    فقال اهللا تعاىل فهل ظلمتكم من حقكم شيئا قالوا ال قال اهللا تعاىل فإنه فضلي أعطيه من شئت بعد فإن اهللا تبارك وتعاىل جعل حممدا صلى اهللا عليه و سلم خامت النبيني وأكمل له وألمته الدين وبعثه على حني أما

    فترة من الرسل وظهور الكفر وانطماس السبل فأحيا به ما درس من معامل اإلميان وقمع به أهل الشرك من عباد هل الشك واألرتياب وأقام به منار دينه الذي ارتضاه وشاد األوثان والنريان والصلبان وأذل به كفار أهل الكتاب أ

    به ذكر من اجتباه من عباده واصطفاه وأظهر به ما كان خمفيا عند أهل الكتاب وأبان به ما عدلوا فيه عن منهج الصواب وحقق به صدق التوراة الزبور واإلجنيل وأماط به عنها ما ليس حبقها من باطل التحريف والتبديل

    من سنة اهللا تبارك وتعاىل مواترة الرسل وتعميم اخللق هبم حبيث يبعث يف كل أمة رسوال ليقيم هداه وحجته وكان ٣٦كما قال تعاىل سورة النحل اآلية

    ٢٤وقال تعاىل سورة فاطر اآلية ٤٤وقال تعاىل سورة املؤمنون اآلية ١٦٥ ١٦٣وقال تعاىل سورة النساء اآليات

    األرض قال تعاىل وملا أهبط آدم إىل

    ١٢٧ ١٢٣سورة طه اآليات ١٠ ٨وقال تعاىل عن أهل النار سورة امللك اآليات

    ١٥وقال تعاىل سورة اإلسراء اآلية ١٣١ ١٣٠وقال تعاىل سورة األنعام اآليتان

    فصل

  • سل وال يقبل من وكان دينه الذي ارتضاه اهللا لنفسه هو دين اإلسالم الذي بعث اهللا به األولني واآلخرين من الر أحد دينا غريه ال من األولني وال من اآلخرين

    وهو دين األنبياء وأتباعهم كما أخرب اهللا تعاىل بذلك عن نوح ومن بعده إىل احلواريني ٧٢ ٧١قال تعاىل سورة يونس اآليتان

    ١٣٢ ١٣٠وقال تعاىل عن إبراهيم سورة البقرة اآليات

    ١٠١يوسف اآلية وقال تعاىل عن يوسف الصديق سورة ٨٤وقال تعاىل عن موسى أنه قال سورة يونس اآلية

    ١٢٦وأخرب تعاىل عن السحرة أهنم قالوا لفرعون سورة األعراف اآلية وقال تعاىل عن بلقيس ملكة اليمن

    ٤٤سورة النمل اآلية ٤٤وقال تعاىل عن أنبياء بين إسرائيل سورة املائدة اآلية

    ٥٢ح سورة آل عمران وقال تعاىل عن املسي ١١١وقال تعاىل سورة املائدة اآلية

    فهذا دين األولني واآلخرين من األنبياء وأتباعهم هو دين اإلسالم وهو عبادة اهللا وحده ال شريك له وعبادته تعاىل يف كل زمان ومكان بطاعة رسله عليهم السالم

    ين قال فيهم فال يكون عابدا له من عبده خبالف ما جاءت به رسله كالذ

    ٢١سورة الشورى اآلية فال يكون مؤمنا به إال من عبده بطاعة رسله وال يكون مؤمنا به وال عابدا له إال من آمن جبميع رسله وأطاع من

    أرسل إليه فيطاع كل رسول إىل أن يأيت الذي بعده فتكون الطاعة للرسول الثاين ٦٤قال تعاىل سورة النساء اآلية

    ١٥٢ ١٥٠رسله فآمن ببعض وكفر ببعض كان كافرا كما قال تعاىل سورة النساء اآليات ومن فرق بني فلما كان حممد صلى اهللا عليه و سلم خامت النبيني ومل يكن بعده رسول وال من جيدد الدين مل يزل اهللا سبحانه وتعاىل

    اب فيظهر به حماسن اإلميان وحمامده يقيم لتجديد الدين من األسباب ما يكون مقتضيا لظهوره كما وعد به يف الكت ويعرف به مساوئ الكفر ومفاسده

    ومن أعظم أسباب ظهور اإلميان والدين وبيان حقيقة أنباء املرسلني ظهور املعارضني هلم من أهل اإلفك املبني ١١٥ ١١٢كما قال تعاىل سورة األنعام اآليات

    ٣١ ٢٧وقال تعاىل سورة الفرقان اآليات حلق إذا جحد وعورض بالشبهات أقام اهللا تعاىل له مما حيق به احلق ويبطل به الباطل من اآليات البينات وذلك أن ا

    مبا يظهره من أدلة احلق وبراهينه الواضحة وفساد ما عارضه من احلجج الداحضة مث باإلتيان بعشر سور فالقرآن ملا كذب به املشركون واجتهدوا على ابطاله بكل طريق مع أنه حتداهم باإلتيان مبثله

  • مث باإلتيان بسورة واحدة كان ذلك مما دل ذوي األلباب على عجزهم عن املعارضة مع شدة االجتهاد وقوة األسباب ولو اتبعوه من غري معارضة وإصرار على التبطيل مل يظهر عجزهم عن معارضته اليت هبا يتم الدليل

    بطل اهللا ما جاؤا به كان ذلك مما بني اهللا تبارك وتعاىل به صدق وكذلك السحرة ملا عارضوا موسى عليه السالم وأما جاء به موسى عليه السالم وهذا من الفروق بني آيات األنبياء وبراهينهم اليت تسمى باملعجزات وبني ما قد

    تعاىل يف يشتبه هبا من خوارق السحرة وما للشيطان من التصرفات فإن بني هذين فروقا متعددة منها ما ذكره اهللا ٢٢٢ ٢٢١قوله سورة الشعراء اآليتان

    ومنها ما بينه يف آيات التحدي من آيات األنبياء عليهم السالم ال ميكن أن تعارض باملثل فضال عن األقوى وال ميكن أحدا إبطاهلا خبالف خوارق السحرة والشياطني فإنه ميكن معارضتها مبثلها وأقوى منها وميكن إبطاهلا

    أعداء األنبياء من اجملرمني شياطني اإلنس واجلن الذين يوحي بعضهم إىل بعض زخرف القول غرورا وكذلك سائر إذا أظهروا من حججهم ما حيتجون به على دينهم املخالف لدين الرسول وميوهون يف ذلك مبا يلفقونه من منقول

    لبيان واحلجة والربهان مث بالسيف ومعقول كان ذلك من أسباب ظهور اإلميان الذي وعد بظهوره على الدين كله با واليد والسنان

    ٢٥قال اهللا تعاىل سورة احلديد اآلية وذلك مبا يقيمه اهللا تبارك وتعاىل من اآليات والدالئل اليت يطهر هبا احلق من الباطل واخلايل من العاطل واهلدى من

    أ من السداد وهذا كاحملنة للرجال اليت متيز الضالل والصدق من احملال والغي من الرشاد والصالح من الفساد واخلط ١٧٩بني اخلبيث والطيب قال تعاىل سورة آل عمران اآلية

    ٤ ١وقال تعاىل سورة العنكبوت اآليات ١٥٥والفتنة هي االمتحان واالختبار كما قال موسى عليه السالم سورة األعراف اآلية

    دي هبا من اتبعهم أي امتحانك واختبارك تضل هبا من خالف الرسل وهتوالفتنة لإلنسان كفتنة الذهب إذا أدخل كري االمتحان فإهنا متيز جيده من رديئه فاحلق كالذهب اخلالص كلما

    امتحن ازداد جودة والباطل كاملغشوش املضيء إذا امتحن ظهر فساده ليقني وازداد به إميان املؤمنني فالدين احلق كلما نظر فيه الناظر وناظر عنه املناظر ظهرت له الرباهني وقوي به ا

    وأشرق نوره يف صدور العاملني والدين الباطل إذا جادل عنه اجملادل ورام أن يقيم عوده املائل أقام اهللا تبارك وتعاىل من يقدف باحلق على الباطل

    االحتاد والتناقض فيدمغه فإذا هو زاهق وتبني أن صاحبه األمحق كاذب مائق وظهر فيه من القبح والفساد واحللول و

    واإلجلاد والكفر والضالل واجلهل واحملال ما يظهر به لعموم الرجال أن أهله من أضل الضالل حىت يظهر فيه من الفساد ما مل يكن يعرفه أكثر العباد ويتنبه بذلك من سنة الرقاد من كان ال مييز الغي من الرشاد وحيىي بالعلم

    معروف الذين أنعم اهللا عليهم من النبيني والصديقني والشهداء والصاحلني واإلميان من كان ميت القلب ال يعرفوال ينكر منكر املغضوب عليهم والضالني فإن ما ذم اهللا به اليهود والنصارى يف كتابه مثل تكذيب احلق املخالف

    ة القلوب ووصف للهوى واالستكبار عن قبوله وحسد أهله والبغي عليهم واتباع سبيل الغي والبخل واجلنب وقسو اهللا سبحانه وتعاىل مبثل عيوب املخلوقني ونقائصهم وجحد ما وصف به نفسه من صفات

  • الكمال املختصة به اليت ال مياثله فيها خملوق وميثل الغلو يف األنبياء والصاحلني واإلشراك يف العبادة لرب العاملني العباد واخلروج يف أعمال الدين عن شرائع األنبياء والقول باحللول واالحتاد الذي جيعل العبد املخلوق هو رب

    واملرسلني والعمل مبجرد هوى القلب وذوقه ووجده يف الدين من غري اتباع العلم الذي أنزله اهللا يف كتابه املبني تعاىل واختاذ أكابر العلماء والعباد أربابا يتبعون فيما يبتدعونه من الدين املخالف لألنبياء عليهم السالم كما قال

    ٣٢سورة التوبة اآلية وخمالفة صريح املعقول وصحيح املنقول مبا يظن أنه من التنزالت اإلهلية والفتوحات القدسية مع كونه من وساوس

    ١٠اللعني حىت يكون صاحبها ممن قال اهللا فيه سورة امللك اآلية وقال تعاىل

    ١٧٩سورة األعراف اآلية الضالالت اليت ذم اهللا هبا أهل الكتابني فإهنا مما حذر اهللا منه هذه األمة األخيار إىل غري ذلك من أنواع البدع و

    وجعل ما حل هبا عربة ألويل االبصار وقد أخرب النيب صلى اهللا عليه و سلم أنه ال بد من وقوعها يف بعض هذه األمة وإن كان قد أخرب صلى اهللا عليه و

    احلق ال يضرهم من خالفهم وال من خذهلم حىت تقوم الساعة وأن أمته ال سلم أنه ال يزال يف أمته أمة قائمة على جتتمع على ضاللة وال يغلبها من سواها من األمم بل ال تزال منصورة متبعة لنبيها املهدي املنصور

    ي لكن ال بد أن يكون فيها من يتتبع سنن اليهود والنصارى والروم واجملوس كما يف الصحيحني عن أيب هريرة رض اهللا عنه عن النيب صلى اهللا عليه و سلم أنه قال لتتبعن سنن

    من كان قبلكم حذو القذة بالقذة حىت لو دخلوا يف جحر ضب لدخلتموه قالوا يا رسول اهللا اليهود والنصارى قال فمن

    مأخذ األمم ويف الصحيحني أيضا عن أيب سعيد رضي اهللا عنه عن النيب صلى اهللا عليه و سلم أنه قال لتأخذ أميت قبلها شربا بشرب وذراعا بذراع قالوا يا رسول اهللا فارس والروم قال فمن الناس إال أولئك

    ويف املظهرين لإلسالم منافقون واملنافقون يف الدرك األسفل من النار حتت اليهود والنصارى فلهذا كان ما ذم اهللا به سالم الذين يظهرون اإلميان جبميع ما جاء به الرسول ويبطنون اليهود والنصارى قد يوجد يف املنافقني املنتسبني لإل

    خالف ذلك كاملالحدة الباطنية فضال عمن يظهر اإلحلاد منهم

    ويوجد بعض ذلك يف أهل البدع ممن هو مقر بعموم رسالة النيب صلى اهللا عليه و سلم باطنا وظاهرا لكن اشتبه عليه ترك احملكم كاخلوارج وغريهم من أهل األهواء بعض ما اشتبه على هؤالء فاتبع املتشابه و

    وللنصارى يف صفات اهللا سبحانه وتعاىل واحتاده باملخلوقات ضالل شاركهم فيه كثري من هؤالء بل من املالحدة من هو أعظم ضالال من النصارى

    واحللول واالحتاد نوعان عام وخاص و أن وجوده عني وجود املخلوقات فالعام كالذين يقولون إن اهللا بذاته حال يف كل مكان أ

    واخلاص كالذين يقولون باحللول واالحتاد يف بعض أهل البيت كعلي وغريه مثل النصريية وأمثاهلم أو بعض من ينتسب

  • إىل أهل البيت كاحلاكم وغريه مثل الدرزية وأمثاهلم

    أو بعض من يعتقد فيه املشيخة كاحلالجية وأمثاهلم وتعاىل حل أو احتد بأحد من الصحابة أو القرابة أو املشايخ فهو من هذا الوجه أكفر من فمن قال إن اهللا سبحانه

    النصارى الذين قالوا باالحتاد واحللول يف املسيح فإن املسيح عليه السالم أفضل من هؤالء كلهم

    آدم أو أعماهلم ومن قال باحللول واالحتاد العام فضالله أعم من ضالل النصارى وكذلك من قال بقدم أرواح بين أو كالمهم أو أصواهتم أو مداد مصاحفهم أو حنو ذلك ففي قوله شعبة من قول النصارى

    فبمعرفة حقيقة دين النصارى وبطالنه يعرف به بطالن ما يشبه أقواهلم من أقوال أهل اإلحلاد والبدع ٨١ة اإلسراء اآلية فإذا جاء نور اإلميان والقرآن أزهق اهللا به ما خالفه كما قال تعاىل سور

    وأبان اهللا سبحانه وتعاىل من فضائل احلق وحماسنه ما كان به حمقوقا وكان من أسباب نصر الدين وظهوره أن كتابا ورد من قربص فيه االحتجاج لدين النصارى مبا حيتج به علماء

    ر من اجلواب ما حيصل به دينهم وفضالء ملتهم قدميا وحديثا من احلجج السمعية والعقلية فاقتضى ذلك أن نذك فصل اخلطاب وبيان اخلطأ من الصواب لينتفع بذلك أولو األلباب ويظهر ما بعث اهللا به رسله من امليزان والكتاب

    وأنا أذكر ما ذكروه بألفاظهم بأعياهنا فصال فصال وأتبع كل فصل مبا يناسبه من اجلواب فرعا وأصال وعقدا وحال و عمدهتم اليت يعتمد عليها علماؤهم يف مثل هذا الزمان وقبل هذا الزمان وإن كان قد وما ذكروه يف هذا الكتاب ه

    يزيد بعضهم على بعض حبسب األحوال فإن هذه الرسالة وجدناهم يعتمدون عليها قبل ذلك ويتناقلها علماؤهم بينهم والنسخ هبا موجودة قدمية وهي مضافة إىل بولص الراهب أسقف

    إىل بعض أصدقائه وله مصنفات يف نصر النصرانية وذكر أنه ملا سافر إىل بالد الروم صيدا األنطاكي كتبها والقسطنطينية وبالد املالفطة وبعض أعمال االفرنج

    ورومية واجتمع بأجالء أهل تلك الناحية وفاوض أفاضلهم وعلماءهم وقد عظم هذه الرسالة ومساها الكتاب تقاد الصحيح والرأي املستقيم املنطيقي الدولة خاين املربهن عن االع

    ومضمون ذلك ستة فصول الفصل األول دعواهم أن حممدا صلى اهللا عليه و سلم مل يبعث إليهم بل إىل أهل اجلاهلية من العرب ودعواهم أن

    يف القرآن ما يدل على ذلك والعقل يدل على ذلك قرآن على دينهم الذي هم عليه ومدحه مبا أوجب الفصل الثاين دعواهم أن حممدا صلى اهللا عليه و سلم أثىن يف ال

    هلم أن يثبتوا عليه الفصل الثالث دعواهم أن نبوات األنبياء املتقدمني كالتوراة والزبور واإلجنيل وغري ذلك من

    النبوات تشهد لدينهم الذي هم عليه من األقانيم

  • جيوز العدول عنه إذا مل يعارضه شرع يرفعه والتثليث واالحتاد وغري ذلك بأنه حق وصواب فيجب التمسك به وال وال عقل يدفعه

    والفصل الرابع فيه تقرير ذلك باملعقول وأن ما هم عليه من التثليث ثابت بالنظر املعقول والشرع املنقول موافق لألصول

    فاظ االقانيم فإن والفصل اخلامس دعواهم أهنم موحدون واالعتذار عما يقولونه من ألفاظ يظهر منها تعدد اآلهلة كأل ذلك من جنس ما عند املسلمني من النصوص اليت يظهر منها التشبيه والتجسيم

    والفصل السادس أن املسيح عليه السالم جاء بعد موسى عليه السالم بغاية الكمال فال حاجة بعد النهاية إىل شرع يزيد على الغاية بل يكون ما بعد ذلك شرعا غري مقبول

    واملنة نبني أن كل ما احتجوا به من حجة مسعية من القرآن أو من الكتب املتقدمة على القرآن أو وحنن وهللا احلمدعقلية فال حجة هلم يف شيء منها بل الكتب كلها مع القرآن والعقل حجة عليهم ال هلم بل عامة ما حيتجون به من

    م مع ما يفسده من سائر النصوص النبوية نصوص األنبياء ومن املعقول فهو نفسه حجة عليهم ويظهر منه فساد قوهل واملوازين اليت هي مقاييس عقلية

    وهكذا يوجد عامة ما حيتج به أهل البدع من كتب اهللا عز و جل ففي تلك النصوص ما يتبني أنه ال حجة هلم فيها بل

    القبلة هي بعينها حجة عليهم كما ذكر أمثال ذلك يف الرد على أهل البدع واألهواء وغريهم من أهلوإمنا عامة ما عند القوم ألفاظ متشاهبة متسكوا مبا ظنوها تدل عليه وعدلوا عن األلفاظ احملكمة الصرحية املبينة مع ما

    يقترن بذلك من األهواء ٢٣وهذه حال أهل الباطن كما قال تعاىل فيهم سورة النجم اآلية

    ٧٣ ٧٢فهم يف جهل وظلم كما قال تعاىل سورة األحزاب اآلية فاملؤمنون الذين تاب اهللا عليهم من اجلهل والظلم هم أتباع األنبياء عليهم السالم فإن األنبياء بعثوا بالعلم والعدل

    ٤ ١كما قال تعاىل سورة النجم اآليات

    انه فبني سبحانه وتعاىل أنه ليس ضاال جاهال وال غاويا متبعا هواه وال ينطق عن هواه إمنا نطقه وحي أوحاه اهللا سبح وتعاىل

    ٢٨وقال تعاىل سورة الفتح اآلية فاهلدى يتضمن العلم النافع ودين احلق يتضمن العمل الصاحل ومبناه على العدل كما قال تعاىل سورة احلديد اآلية

    ٢٥ وأصل العدل العدل يف حق اهللا تعاىل وهو عبادته وحده ال شريك له فإن الشرك ظلم عظيم كما قال لقمان البنه

    ١٣لقمان اآلية سورة

    ويف الصحيحني عن عبد اهللا بن مسعود رضي اهللا عنه ملا نزلت الذين ءامنوا ومل يلبسوا إمياهنم بظلم اآلية شق ذلك على أصحاب رسول اهللا صلى اهللا عليه و سلم وقالوا أينا مل يظلم نفسه فقال رسول اهللا صلى اهللا عليه و

    مل تسمعوا إىل قول العبد الصاحل إن الشرك لظلم عظيم سلم ليس هو كما تظنون إمنا هو الشرك أ

  • وملا كان أتباع األنبياء هم أهل العلم والعدل كان كالم أهل اإلسالم والسنة مع الكفار وأهل البدع بالعلم والعدل اجلنة رجل ال بالظن وما هتوى األنفس وهلذا قال النيب صلى اهللا عليه و سلم القضاة ثالثة قاضيان يف النار وقاض يف

    علم احلق وقضى به فهو يف اجلنة ورجل علم احلق وقضى خبالفه فهو يف النار ورجل قضى

    للناس على جهل فهو يف النار رواه أبو داود وغريه فإذا كان من يقضي بني الناس يف األموال والدماء واألعراض إذا مل يكن عاملا عادال كان يف النار فكيف مبن حيكم

    يان وأصول اإلميان واملعارف اإلهلية واملعامل الكلية بال علم وال عدل كحال أهل البدع واألهواء الذين يف امللل واألد يتمسكون باملتشابه املشكوك ويدعون احملكم الصريح من نصوص

    إلحلاق األنبياء ويتمسكون بالقدر املشترك املتشابه يف املقاييس واآلراء ويعرضون عما بينهما من الفروق املانعة من اواالستواء كحال الكفار وسائر أهل البدع واألهواء الذين ميثلون املخلوق باخلالق واخلالق باملخلوق ويضربون هللا

    املثل بالقول اهلزء وذلك أن دين النصارى الباطل إمنا هو دين مبتدع ابتدعوه بعد املسيح عليه السالم وغريوا به دين املسيح فضل

    سيح إىل ما ابتدعوه منهم من عدل عن شريعة امل

    مث ملا بعث اهللا حممدا صلى اهللا عليه و سلم كفروا به فصار كفرهم وضالهلم من هذين الوجهني تبديل دين الرسول األول وتكذيب الرسول الثاين

    كما كان كفر اليهود بتبديلهم أحكام التوراة قبل مبعث املسيح مث تكذيبهم املسيح عليه السالم أن ما عليه النصارى من التثليث واالحتاد مل يدل عليه شيء من كتب اهللا ال اإلجنيل وال غريه بل ونبني إن شاء اهللا

    دلت على نقيض ذلك وال دل على ذلك عقل بل العقل الصريح مع نصوص األنبياء تدل على نقيض ذلك بل وكذلك عامة شرائع دينهم حمدثة مبتدعة مل يشرعها املسيح عليه السالم

    يب حملمد صلى اهللا عليه و سلم هو كفرهم املعلوم لكل مسلم مثل كفر اليهود باملسيح عليه السالم وأبلغ مث التكذوهم يبالغون يف تكفري اليهود بأعظم مما يستحقه اليهود من التكفري إذ كان اليهود يزعمون أن املسيح ساحر كذاب

    بل يقولون إنه ولد غية كما أخرب اهللا عنهم بقوله

    ١٥٦نساء اآلية سورة الوالنصارى يدعون أن اهللا الذي خلق األولني واآلخرين وأنه ديان يوم الدين فكانت األمتان فيه على غاية التناقض

    ١١٣والتعادي والتقابل وهلذا كل أمة تذم األخرى بأكثر مما تستحقه كما قال تعاىل سورة البقرة اآلية ذكر حممد بن إسحاق عن حممد بن أيب

    وىل زيد بن ثابت حممد م عن عكرمة أو سعيد بن جبري عن ابن عباس

    رضي اهللا عنهما أنه قال ملا قدم وفد جنران من النصارى على رسول اهللا صلى اهللا عليه و سلم أتتهم أحبار يهود مجيعا فتنازعوا عند رسول اهللا صلى اهللا عليه و سلم فقال رافع بن حرميلة ما أنتم على شيء وكفر بعيسى واإلجنيل

  • فقال رجل من أهل جنران من النصارى لليهود ما أنتم على شيء وجحد نبوة موسى وكفر بالتوراة فأنزل اهللا ذلك يف قوهلما وقالت اليهود ليست النصارى على شيء وقالت النصارى ليست اليهود على شيء وهم يتلون الكتاب

    ى وعندهم التوراة فيها ما أخذ اهللا عليهم على لسان قال كل يتلو يف كتابه تصديق ما كفر أي تكفر اليهود بعيسموسى بالتصديق بعيسى عليه السالم ويف اإلجنيل بإجابة عيسى بتصديق موسى ومبا جاء به من التوراة من عند اهللا

    وكل يكفر مبا يف يدي صاحبه شيء ولكنهم ابتدعوا قال قتادة وقالت اليهود ليست النصارى على شيء قال بلى قد كان أوائل النصارى على

    وتفرقوا

    وقالت النصارى ليست اليهود على شيء قال بلى قد كانت أوائل اليهود على شيء ولكنهم ابتدعوا وتفرقوا فاليهود كذبوا بدين النصارى وقالوا ليسوا على شيء والنصارى كذبوا جبميع ما متيز به اليهود عنهم حىت يف شرائع

    ح بل أمرهم بالعمل هبا وكذبوا بكثري من الذين متيزوا به عنهم حىت كذبوا مبا جاء به التوراة اليت مل ينسخها املسي عيسى عليه السالم من احلق

    لكن النصارى وإن بالغوا يف تكفري اليهود ومعاداهتم على احلد الواجب عما ابتدعوه من الغلو والضالل فال ريب ٥٥عاىل للمسيح سورة آل عمران اآلية أن اليهود ملا كذبوا املسيح صاروا كفارا كما قال ت

    ١٤وقال تعاىل سورة الصف اآلية

    وكفر النصارى بتكذيب حممد صلى اهللا عليه و سلم ومبخالفة املسلمني أعظم من كفر اليهود مبجرد تكذيب املسيح لنصارى أحدثوه فإن املسيح مل ينسخ من شرع التوراة إال قليال وسائر شرعه إحالة على التوراة ولكن عامة دين ا

    بعد املسيح فلم يكن يف جمرد تكذيب اليهود له من خمالفة شرع اهللا الذي جاء بكتاب مستقل من عند اهللا مل حيل شيئا من شرعه على شرع غريه

    ٥١قال اهللا تعاىل سورة العنكبوت اآلية وحممد صلى اهللا عليه و سلم والقرآن أصل كالتوراة وإن كان أعظم منها وهلذا علماء النصارى يقرنون بني موسى

    كما قال النجاشي ملك النصارى ملا مسع القرآن إن هذا والذي جاء به

    موسى ليخرج من مشكاة واحدة وكذلك قال ورقة بن نوفل وهو من أحبار نصارى العرب ملا مسع كالم النيب صلى اهللا عليه و سلم فقال له إنه

    يها جذعا حني خيرجك يأتيك الناموس الذي يأيت موسى يا ليتين ف

    قومك فقال النيب صلى اهللا عليه و سلم أوخمرجي هم قال نعم مل يأت أحد مبثل ما اتيت به إال عودي وإن يدركين يومك أنصرك نصرا مؤزرا

    وهلذا يقرن سبحانه بني التوراة والقرآن يف مثل قوله فلما جاءهم احلق من عندنا قالوا لوال أويت مثل ما أويت موسى مل يكفروا مبا أويت موسى من قبل قالوا سحران تظاهرا ويعين التوراة والقرآن ويف القراءة األخرى قالوا ساحران أو

    أي حممد

  • ٤٩ ٤٨وموسى سورة القصص اآلية ٥٠فلم ينزل كتاب من عند اهللا أهدى من التوراة والقرآن مث قال تعاىل سورة القصص اآلية

    م يف كتابه أنه ملا سأله سائل أن يفحص له فحصا بينا عما يعتقده النصارى وهؤالء النصارى ذكر كاتب كتاهباملسيحيون املختلفة ألسنتهم املتفرقة يف أربع زوايا العامل من املشرق إىل املغرب ومن اجلنوب اىل الشمال والقاطنون

    جبزائر البحر واملقيمون بالرب املتصل إىل مغيب الشمس وإن األسقف

    رومي اجتمع مبن اجتمع به من أجالئهم ورؤسائهم وفاوض من فاوض من أفاضلهم وعلمائهم فيما دميان امللك العلمه من رأي القوم الذين رآهم جبزائر البحر قبل دخوله إىل قربص وخاطبهم يف دينهم وما يعتقدونه وحيتجون به

    سان من العرب امسه حممد يقول إنه عن أنفسهم قال الكاتب على لسان األسقف إهنم يقولون إنا مسعنا أن قد ظهر إنرسول اهللا وأتى بكتاب فذكر أنه منزل عليه من اهللا فلم نزل إىل أن حصل الكتاب عندنا قال فقلت هلم إذا كنتم قد مسعتم هبذا الكتاب وهذا اإلنسان واجتهدمت على حتصيل هذا الكتاب الذي أتى به عندكم فالي حال مل تتبعوه

    قول وال سيما ويف الكتاب ي

    ٨٥سورة آل عمران اآلية أجابوا قائلني ألحوال شىت قال فقت وما هي قالوا منها أن الكتاب عريب وليس بلساننا حسب ما جاء فيه يقول

    ٢سورة يوسف اآلية ١٩٥وقال سورة الشعراء اآلية

    ١٩٩ ١٩٨وقال يف سورة الشعراء اآلية ١٥١وقال يف سورة البقرة اآلية

    ١٦٤آل عمران اآلية وقال يف سورة ٤٦وقال تعاىل يف سورة القصص اآلية

    ٣وقال يف سورة السجدة اآلية ٦وقال يف سورة يس اآلية

    قالوا فلما رأينا هذا علمنا أنه مل يأت إلينا بل إىل جاهلية العرب الذين قال إنه مل يأهتم رسول وال نذير من قبله وإنه نا رسل من قبله خاطبونا بألسنتنا وأنذرونا بديننا الذي حنن متمسكون به يومنا هذا ال يلزمنا اتباعه ألننا حنن قد أتا

    وسلموا إلينا التوراة واإلجنيل بلغاتنا على ما يشهد هلم هذا الكتاب الذي أتى به هذا الرجل حيث يقول يف سورة ٥إبراهيم اآلية

    ٣٦وقال يف سورة النحل اآلية ٤٧وقال يف سورة الروم اآلية

    ٨٥فقد صح يف هذا الكتاب أنه مل يأت إال يف اجلاهلية من العرب وأما قوله سورة آل عمران اآلية فرييد حبسب مقتضى العدل قومه الذين أتاهم بلغتهم ال غريهم ممن مل يأهتم مبا جاء فيه

    وال وقفوا له على كتاب ونعلم أن اهللا عدل وليس من عدله أن يطالب يوم القيامة أمة باتباع إنسان مل يأت إليهم بلساهنم وال من جهة داع من قبله

  • هذه ألفاظهم بأعياهنا يف الفصل األول وهذا الفصل مل يتعرضوا فيه ال لتصديقه وال لتكذيبه بل زعموا أن يف نفس هذا الكتاب أنه مل يقل إنه مرسل إليهم بل إىل جاهلية العرب وإن العقل أيضا مينع أن يرسل إليهم

    بدأ باجلواب عن هذا ونبني أنه صلى اهللا عليه فنحن ن

    وسلم أخرب أنه مرسل إليهم وإىل مجيع اإلنس واجلن وأنه مل يقل قط أنه مل يرسل إليهم وال يف كتابه ما يدل على ذلك

    أنه وأن ما احتجوا به من اآليات اليت غلطوا يف معرفة معناها فتركوا النصوص الكثرية الصرحية يف كتابه اليت تبني مرسل إليهم من جنس ما فعلوه يف التوراة واإلجنيل والزبور وكالم األنبياء حيث تركوا النصوص الكثرية الصرحية

    ومتسكوا بقليل من املتشابه الذي مل يفهموا معناه ومعلوم أن الكالم يف صدق مدعي الرسالة وكذبه متقدم على الكالم يف عموم رسالته وخصوصها وإن كان قد

    دمها قبل اآلخر لكن هؤالء القوم ادعوا خصوص رسالته وذكروا أن القرآن يدل على ذلك فنجيب عما يعلم أح ذكروه على حسب ترتيبهم فصال فصال فنقول وباهللا التوفيق

    الكالم فيمن خاطب اخللق بأنه رسول اهللا إليهم كما فعل حممد صلى اهللا عليه و سلم وغريه ممن قال أنه رسول اهللا وموسى وحنومها من الرسل الصادقني صلوات اهللا وسالمه عليهم أمجعني وآل كل من الصاحلني كإبراهيم

    وكمسيلمة الكذاب

    واالسود العنسي وحنومها من املتنبئني الكذابني ينبين على أصلني الناس أو قال أحدمها أن نعرف ما يقوله يف خربه وأمره فنعرف ما خيرب به ويأمر به وهل قال إنه رسول اهللا إىل مجيع

    إنه مل يرسل إال إىل طائفة معينة ال إىل غريها والثاين أن يعرف هل هو صادق أو كاذب

    وهبذين األصلني يتم اإلميان املفصل وهو معرفة صدق الرسول ومعرفة ما جاء به نعلم صدقه أو كذبه وأما اإلميان اجململ فيحصل باألول وهو معرفة صدقه فيما جاء به كإمياننا بالرسل املتقدمة وقد

    وهؤالء بدأوا يف كتاهبم هذا مبا ذكره الرسول مما زعموا أنه حجة هلم على عدم وجوب اتباعه وعلى مدح دينهم الذي هم اليوم عليه بعد النسخ والتبديل مث ذكروا حججا مستقلة على صحة دينهم مث ذكروا ما يقدح فيه ويف

    من القرآن كما قدموه يف كتاهبم دينه فلهذا قدمنا اجلواب عما احتجوا به

    فصل ودالئل صدق النيب الصادق وكذب املتنيب الكذاب كثرية جدا فإن من ادعى النبوة وكان صادقا فهو من أفضل خلق اهللا وأكملهم يف العلم والدين فإنه ال أحد أفضل من رسل اهللا وأنبيائه صلوات اهللا عليهم وسالمه وإن كان

    ٢٥٣قال تعاىل سورة البقرة اآلية بعضهم افضل من بعض كما ٥٥وقال تعاىل سورة اإلسراء اآلية

    ٩٣وان كان املدعي للنبوة كاذبا فهو من أكفر خلق اهللا وشرهم كما قال تعاىل سورة األنعام اآلية

  • ٣٤ ٣٢وقال تعاىل سورة الزمر اآليات ٦٠وقال تعاىل سورة الزمر اآلية

    على اهللا عز و جل والصدق أصل للخري وأعظمه الصدق على اهللا تبارك فالكذب أصل للشر وأعظمه الكذب وتعاىل

    ويف الصحيحني عن عبد اهللا بن مسعود رضي اهللا عنه عن النيب صلى اهللا عليه و سلم أنه قال عليكم بالصدق فإن الصدق يهدي إىل الرب وإن الرب يهدي إىل اجلنة وال يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حىت

    تب عند اهللا صديقا وإياكم والكذب فإن الكذب يهدي إىل الفجور وإن الفجور يهدي إىل النار وال يزال الرجل يك يكذب ويتحرى الكذب حىت يكتب عند اهللا كذابا

    وملا كان هذا من أعلى الدرجات وهذا من أسفل الدركات كان بينهما من الفروق والدالئل والرباهني اليت تدل كذب اآلخر ما يظهر لكل من عرف حاهلما وهلذا كانت دالئل األنبياء وأعالمهم الدالة على على صدق أحدها و

    صدقهم كثرية متنوعة كما أن دالئل كذب املتنبئني كثرية متنوعة كما قد بسط يف موضع آخر

    فصل

    بل إىل أهل اجلاهلية إذا عرف هذا فهؤالء القوم يف هذا املقام ادعوا أن حممدا صلى اهللا عليه و سلم مل يرسل إليهم من العرب فهذه الدعوى على وجهني

    إما أن يقولوا إنه بنفسه مل يدع أنه أرسل إليهم ولكن أمته ادعوا له ذلك وإما أن يقولوا إنه ادعى أنه أرسل إليهم وهو كاذب يف هذه الدعوى وكالمهم يف صدر هذا الكتاب يقتضي الوجه

    األول وا إىل الوجه الثاين لكنهم يف احلقيقة مل ينكروا رسالته إىل العرب وإمنا أنكروا رسالته ويف آخره قد يقال أهنم اشار

    إليهم وأما رسالته إىل العرب فلم يصرحوا بتصديقه فيها وال بتكذيبه وإن كان ظاهر لفظهم يقتضي اإلقرار برسالته إىل

    العرب بل صدقوا مبا وافق قوهلم وكذبوا مبا خالق قوهلم أنه ال يصح احتجاجهم بشيء مما جاء به النيب صلى اهللا عليه و سلم مث نتكلم على الوجهني مجيعا ونبني وحنن نبني

    أنه ال يصح احتجاجهم بشيء من القرآن على صحة دينهم بوجه من

    الوجوه ونبني أن القرآن ال حجة فيه هلم وال فيه تناقض جة عليهم ليس يف شيء منها حجة هلم ولو مل يبعث حممد وكذلك كتب األنبياء املتقدمني اليت حيتجون هبا هي ح

    صلى اهللا عليه و سلم فكيف والكتاب الذي جاء به حممد صلى اهللا عليه و سلم موافق لسائر كالم األنبياء عليهم السالم يف إبطال دينهم وقوهلم يف التثليث واالحتاد وغري ذلك مع العقل الصريح

    رآن ومبا جاءت به األنبياء قبل حممد صلى اهللا عليه و سلم مع العقل فهم احتجوا يف كتاهبم هذا بالقوحنن نبني أنه ال حجة هلم فيما جاء به حممد صلى اهللا عليه و سلم وال فيما جاءت به االنبياء قبله وال يف العقل بل

    دينهم ولكن نذكر قبل ما جاء به حممد وما جاءت به األنبياء قبله مع صريح العقل كلها براهني قطعية على فساد ذلك أن احتجاجهم مبا جاء عن النيب صلى اهللا عليه و سلم ال يصح بوجه من الوجوه وأنه ال جيوز أن حيتج مبجرد

  • املنقول عن حممد صلى اهللا عليه و سلم من يكذبه يف كلمة واحدة مما جاء به ياء فإن ذلك ميكن موافقة بعضه دون بعض وكذلك سائر األنبياء عليهم السالم خبالف االحتجاج بكالم غري األنب

    وأما ما أخربت به األنبياء عليهم السالم أو من قال إنه نيب

    فال ميكن االحتجاج ببعضه دون بعض سواء قدر صدقهم أو كذهبم فيقال هلم على كل تقدير سواء أقروا بنبوته إىل العرب أو غريهم أو كذبوه يف قوله إنه رسول اهللا أو سكتوا عن

    ذا وهذا أو صدقوه يف البعض دون البعض هإن احتجاجكم على صحة ما ختالفون فيه املسلمني مما جاء به حممد صلى اهللا عليه و سلم ال يصح بوجه من الوجوه

    فاحتجاجكم على أنه مل يرسل إليكم أو على صحة دينكم بشيء من القرآن حجة داحضة على كل تقدير أن الكتب اإلهلية كلها مع املعقول ال حجة لكم يف شيء منها بل كلها حجة عليكم مع أنا سنبني إن شاء اهللا تعاىل

    وهذا خبالف املسلمني فإنه يصح احتجاجهم على أهل الكتاب اليهود والنصارى مبا جاءت به األنبياء قبل حممد سلم وذلك أن املسلمني صلى اهللا عليه و سلم وأهل الكتاب ال يصح احتجاجهم مبا جاء به حممد صلى اهللا عليه و

    مقرون بنبوة موسى وعيسى وداود وسليمان وغريهم من األنبياء عليهم السالم وعندهم جيب اإلميان بكل كتاب أنزله اهللا وبكل نيب أرسله اهللا وهذا أصل دين املسلمني فمن كفر بنيب واحد أو كتاب واحد فهو عندهم كافر بل

    ر من سب نبيا من األنبياء فهو عندهم كاف

    ١٣٧ ١٣٦مباح الدم كما قال تعاىل سورة البقرة اآليتان ٢٨٥وقال تعاىل سورة البقرة اآلية ١٧٧وقال تعاىل سورة البقرة اآلية

    والكتاب اسم جنس لكل كتاب أنزله اهللا يتناول التوراة واإلجنيل كما يتناول القرآن كقوله تعاىل سورة الشورى ١٥اآلية

    ٢٨٥قرة اآلية وقوله تعاىل سورة الب

    ١٥ويف القراءة األخرى وكتابه كقوله تعاىل سورة الشورى اآلية ٥ ١وقوله تعاىل سورة البقرة اآليات

    فذكر أن هذا الكتاب الذي أنزل عليه هدى للمتقني الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصالة ويؤتون الزكاة والذين خرة هم يوقنون مث أخرب أن هؤالء هم املفلحون فحصر الفالح يف هؤالء يؤمنون مبا أنزل إليه وما أنزل من قبله وباآل

    فال يكون مفلحا إال من كان من هؤالء وقوله تعاىل والذين يؤمنون مبا أنزل إليك وما أنزل من قبلك

    هو صفة للمذكورين ليس هؤالء صنفا آخر فإن عطف الشيء على الشيء قد يكون لتغاير الصفات وإن كانت احدة هذا هو الصحيح هنا وإن كان قد قيل إن الصنف الثاين مؤمنوا أهل الكتاب الذات و

    واألول هم املسلمون فهذا ضعيف وأفسد منه قول هؤالء

  • النصارى إن الكتاب املراد به اإلجنيل كما سيأيت الكالم على ذلك إن شاء اهللا تعاىل ٥ ١والعطف لتغاير الصفات كقوله تعاىل سورة األعلى اآليات

    وهو سبحانه الذي خلق فسوى والذي قدر فهدى والذي أخرج املرعى فجعله غثاء أحوى ٥ ١وقوله تعاىل سورة املؤمنون اآلية

    إىل آخر اآليات ٤وكذلك قوله سورة البقرة اآلية

    لحون هم الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصالة ومما رزقناهم ينفقون وهم الذين على هدى من رهبم وهم املفولكن فصل إمياهنم بعد أن أمجله لئال يظن ظان أن جمرد دعوى اإلميان بالغيب ينفع وإن مل يؤمن مبا أنزل إىل حممد

    صلى اهللا عليه و سلم وما أنزل إىل من قبله فلو قال أحد من الناس أنا أؤمن بالغيب وهو مع ذلك ال يؤمن ببعض ما عض ما أنزل على من قبله مل يكن مؤمنا حىت يؤمن جبميع ما أنزل إليه أنزل على حممد صلى اهللا عليه و سلم أو بب

    وما أنزل إىل من قبله ولو كانوا صنفا آخر لكان املفلحون قسمني قسما يؤمنون بالغيب وال يؤمنون مبا أنزل إليه هذا باطل عند مجيع وما أنزل إىل من قبله وقسما يؤمنون مبا أنزل إليه وما أنزل إىل من قبله وال يؤمنون بالغيب و

    األمم املؤمنني واليهود والنصارى فإن اإلميان مبا أنزل إليه وإىل من قبله يتضمن اإلميان بالغيب واإلميان بالغيب ال يتم إال باإلميان جبميع ما أنزله اهللا تبارك وتعاىل

    عليه و سلم لكن االحتجاج واملسلمون ال يستجيز أحد منهم التكذيب بشيء مما أنزل على من قبل حممد صلى اهللا بذلك عليهم حيتاج إىل ثالث مقدمات

    إحداها ثبوت ذلك على األنبياء عليهم السالم والثانية صحة الترمجة إىل اللسان العريب أو اللسان الذي

    ن خياطب فيه كالرومي والسرياين فإن لسان موسى وداود واملسيح وغريهم من أنبياء بين إسرائيل كانت عربانية وم قال إن لسان املسيح كان سريانيا أو روميا فقد غلط

    والثالثة تفسري ذلك الكالم ومعرفة معناه فلهذا كان املسلمون ال يردون شيئا من احلجج بتكذيب أحد من األنبياء يف شيء قاله ولكن قد يكذبون الناقل

    عنهم أو يفسرون املنقول عنهم مبا أرادوه أو مبعىن آخر على وجه الغلط وإن كان بعض املسلمني قد يغلط يف تكذيب بعض النقل أو تأويل بعض املنقول عنهم فهو كما يغلط من يغلط منهم

    ومن سائر أهل امللل يف التكذيب على وجه الغلط ببعض ما ينقل عمن يقر بنبوته أو يف تأويل املنقول عنه فإنه ال يتم مرادهم إال بتكذيبهم ببعض ما وهذا خبالف تكذيب نفس النيب فإنه كفر صريح خبالف أهل الكتاب

    أنزل اهللا ومىت كذب بكلمة واحدة مما أخرب به من قال إنه رسول اهللا بطل احتجاجه بسائر كالمه فكانت حجتهم اليت حيتجون هبا داحضة وذلك أن الذي يقول إنه رسول اهللا إما أن يكون صادقا يف قوله إين رسول اهللا ويف مجيع ما

    اهللا وإما أن يكون كاذبا ولو يف كلمة واحدة عن اهللا خيرب به عنفإن كان صادقا يف ذلك امتنع أن يكذب على اهللا يف شيء مما يبلغه عن اهللا فإن من كذب على اهللا ولو يف كلمة

    واحدة كان ممن

  • نبئني الكذابني افترى على اهللا الكذب ومل يكن رسوال من رسل اهللا ومن افترى على اهللا الكذب تبني أنه من املتومثل هذا ال جيوز أن حيتج خبربه عن اهللا فإنه قد علم أن اهللا مل يرسله وإذا قال هو قوال وكان صدقا كان كما يقوله غريه يقبل ال ألنه بلغه عن اهللا وال ألنه رسول عن اهللا بل كما يقبل من املشركني وسائر الكفار ما يقولونه من احلق

    الوا عن اهللا ما هو حق مثل إقرار مشركي العرب بأن اهللا خلق السموات واالرض مل نكذهبم فإن عباد األوثان إذا ق يف ذلك وإن كانوا كفارا وكذلك إذا قال الكافر إن اهللا حي قادر خالق مل نكذبه يف هذا القول

    الكذابني الذين ال جيوز فمن كذب على اهللا يف كلمة واحدة قال إن اهللا أنزهلا عليه ومل يكن اهللا أنزهلا عليه فهو منأن حيتج بشيء من أقواهلم اليت يقولون إهنم يبلغوهنا عن اهللا تبارك وتعاىل وما قالوه غري ذلك فهم فيه كسائر الناس بل كأمثاهلم من الكذابني إن عرف صحة ذلك القول من جهة غريهم قبل لقيام الدليل على صحته ال لكوهنم قالوه

    غريهم مل يكن يف قوهلم له مع ثبوت كذهبم على اهللا حجة وإن مل يعرف صحته من جهةوحينئذ فهؤالء إن اقروا برسالة حممد صلى اهللا عليه و سلم وأنه صادق فيما بلغه عن اهللا من الكتاب واحلكمة

    وجب عليهم اإلميان بكل ما ثبت عنه من الكتاب واحلكمة كما جيب اإلميان بكل ما جاءت به الرسل كلمة واحدة أو شكوا يف صدقه فيها امتنع مع وإن كذبوه يف

    ذلك أن يقروا بأنه رسول اهللا وإذا مل يقروا بأنه رسول اهللا كان احتجاجهم مبا قاله كاحتجاجهم بسائر ما يقوله من ليس من األنبياء بل من الكذابني أو من املشكوك يف صدقهم

    عن اهللا أو شك يف صدقه ال يعلم أنه رسول اهللا وال أنه ومعلوم أن من عرف كذبه على اهللا فيما يقول إنه يبلغه صادق يف كل ما يقوله ويبلغه عن اهللا وإذا مل يعلم ذلك منه مل يعرف أن اهللا أنزل إليه شيئا بل إذا عرف كذبه عرف

    أن اهللا مل ينزل إليه شيئا وال أرسله كما عرف كذب مسيلمة الكذاب واألسود العنسي وطليحة األسدي وكما رف كذب ماين وأمثاله ع

    وغريهم من املتنبئني الكذابني وإذا شك يف صدقه يف كلمة واحدة بل جوز أن يكون كذهبا عمدا أو خطأ مل جيز تصديقه مع ذلك يف سائر ما يبلغه

    عن اهللا ألن تصديقه فيما خيرب به عن اهللا إمنا يكون إذا كان رسوال صادقا ال يكذب عمدا وال خطأ فإن كل من له اهللا ال بد أن يكون صادقا يف كل ما يبلغه عن اهللا ال يكذب فيه عمدا وال خطأ أرس

    وهذا أمر اتفق عليه الناس كلهم املسلمون اليهود والنصارى وغريهم اتفقوا على أن الرسول ال بد أن يكون صادقا حيصل بدون ذلك كما قال معصوما فيما يبلغه عن اهللا ال يكذب على اهللا خطأ وال عمدا فإن مقصود الرسالة ال

    ١٠٥ ١٠٤موسى عليهم السالم لفرعون سورة األعراف اآليتان ويف القراءة املشهورة خيرب أنه جدير وحري وثابت ومستقر على أن ال يقول على اهللا إال احلق وعلى القراءة

    األخرى أخرب أنه واجب عليه أن ال يقول على اهللا إال احلق

    ٤٧ ٤٤اآليات وقال تعاىل سورة احلاقة ٢٤وقال تعاىل سورة الشورى اآلية ١٠٢ ١٠١وقال تعاىل سورة النحل اآليتان

    ١٥وقال تعاىل سورة يونس اآلية

  • وهذا لبسطه موضع آخر وإمنا املقصود هنا أن احتجاجهم بكلمة واحدة مما جاء به

    صادقا يف كل ما خيرب به عن اهللا عز و حممد صلى اهللا عليه و سلم ال يصح بوجه من الوجوه فإنه إن كان رسوالجل فقد علم كل واحد أنه جاء مبا خيالف دين النصارى فيلزم إذا كان رسوال صادقا أن يكون دين النصارى باطال

    وإن قالوا يف كلمة واحدة مما جاء به أهنا باطلة لزم أن ال يكون عندهم رسوال صادقا مبلغا عن اهللا وحينئذ فسواء عادل أو هو عامل من العلماء أو هو رجل صاحل من الصاحلني أو جعلوه قديسا عظيما من أعظم قالوا هو ملك

    القديسني فمهما عظموه به ومدحوه به ملا رأوه من حماسنه الباهرة وفضائله الظاهرة وشريعته الطاهرة مىت كذبوه يف ل اهللا وأنه بلغ هذا القرآن عن اهللا ومن كان كلمة واحدة مما جاء به أو شكوا فيها كانوا مكذبني له يف قوله إنه رسو

    كاذبا يف قوله إنه رسول اهللا مل يكن من األنبياء واملرسلني ومن مل يكن منهم مل يكن قوله حجة البتة لكن له أسوة أمثاله

    فإن عرف صحة ما يقوله بدليل منفصل قبل القول ألنه عرف صدقه من غري جهته ال ألنه قاله وإن مل يعرف صحة القول مل يقبل

    فتبني أنه إن مل يقر املقر ملن ذكر أنه رسول اهللا بأنه صادق يف كل ما يبلغه عن اهللا معصوم عن استقرار الكذب خطأ أو عمدا مل يصح احتجاجهم بقوله

    وهذا األصل يبطل قول عقالء أهل الكتاب وهو لقول جهاهلم أعظم إبطاال فإن كثريا من عقالء أهل الكتاب يعظمون حممدا صلى اهللا عليه و سلم ملا دعا إليه من توحيد اهللا تعاىل وملا هنى عنه من عبادة األوثان وملا وأكثرهم

    صدق التوارة واإلجنيل واملرسلني قبله وملا ظهر من عظمة القرآن الذي جاء به وحماسن الشريعة اليت جاء هبا الرباهني واملعجزات والكرامات لكن يقولون مع ذلك وفضائل أمته اليت آمنت به وملا ظهر عنه وعنهم من اآليات

    إنه بعث غرينا وإنه ملك عادل له سياسة عادلة وإنه مع ذلك حصل علوما من علوم أهل الكتاب وغريهم ووضع هلم ناموسا بعلمه ورتبه كما وضع أكابرهم هلم القوانني والنواميس اليت بأيديهم

    مؤمنني به وال يسوغ هلم مبجرد ذلك االحتجاج بشيء مما قاله ألنه قد ومهما قالوه من هذا فإهنم ال يصريون بهعرف بالنقل املتواتر الذي يعلمه مجيع األمم من مجيع الطوائف أنه قال إنه رسول اهللا إىل مجيع الناس وأن اهللا أنزل

    رسول اهللا فهو عليه القرآن فإن كان صادقا يف ذلك فمن كذبه يف كلمة واحدة فقد كذب رسول اهللا ومن كذب كافر وإن مل يكن صادقا يف ذلك مل يكن رسوال هللا بل كان كاذبا ومن كان كاذبا على اهللا يقول اهللا أرسلين بذلك

    ومل يرسله به ال جيوز أن حيتج بشيء من أقواله

    وأما من كان من جهالء أهل الكتاب الذين يقولون أنه كان ملكا مسلطا عليهم وأنه رسول غضب أرسله اهللاإرساال كونيا لينتقم به منهم كما أرسل خبتنصر وسنحاريب على بين إسرائيل وكما أرسل جنكس خان وغريه من

    امللوك الكافرين والظاملني مما

    ينتقم به ممن عصاه فهؤالء أعظم تكذيبا له وكفرا به من أولئك فإن هؤالء امللوك مل يقل أحد منهم إن اهللا أنزل عليه الكالم الذي ابلغه إليكم هو كالم اهللا وال أن اهللا أمركم أن تصدقوين فيما أخربتكم به وتطيعوين كتابا وال أن هذا

    فيما أمرتكم به ومن مل يصدقين باطنا وظاهرا فإن اهللا يعذبه يف الدنيا واآلخرة بل هؤالء أرسلهم إرساال كونيا قدره

  • ٨٣ سورة مرمي اآلية وقضاه كما يرسل الريح بالعذاب وكما يرسل الشياطني قال تعاىل ٥ ٤وقال تعاىل سورة اإلسراء اآليتان

    ١وهذا خبالف قوله سورة نوح اآلية ١٥وقوله تعاىل سورة املزمل اآلية

    ١٦٥ ١٦٣وقوله تعاىل سورة النساء اآليات ته وعاقب من فإن هذا يعين به اإلرسال الديين الذي حيبه تعاىل ويرضاه الذي هدى به من اتبعهم وأدخله يف رمح

    عصاهم وجعله من املستوجبني للعذاب وهو اإلرسال الذي أوجب اهللا به طاعة من أرسله كما قال تعاىل سورة ٦٤النساء اآلية

    ٨٠وقال تعاىل سورة النساء اآلية ١٦٥وهذه الرسالة اليت أقام هبا احلجة على اخللق كما قال تعاىل سورة النساء اآلية

    ٧٥ج اآلية وقال تعاىل سورة احل

    وهذا كما اصطفى روح القدس جربيل عليه السالم لنزوله بالقرآن على من اصطفاه من البشر وهو حممد صلى اهللا عليه و سلم

    ٩٧قال تعاىل سورة البقرة اآلية ١٩٥ ١٩٢وقال تعاىل سورة الشعراء اآليات

    ١٠٢ ١٠١وقال تعاىل سورة النحل اآليتان ١٩ل ومساه الروح األمني ومساه روح القدس وقد ذكره أيضا يف قوله سورة التكوير اآليات فأخرب انه نزل به جربي

    ٢١ مث قال

    ٢٩ ٢٢سورة التكوير اآليات ٤٧ ٤٠فهذا الرسول جربيل عليه السالم وقال تعاىل سورة احلاقة اآليات

    فهذا الرسول حممد صلى اهللا عليه و سلم وقضاه مثل إرسال الرياح وإرسال الشياطني فذلك نوع آخر قال تعاىل سورة مرمي وأما اإلرسال الكوين الذي قدره

    ٨٣اآلية ٥٧وقال تعاىل سورة األعراف اآلية

    واهللا تعاىل له اخللق واألمر فلفظ اإلرسال والبعث واإلرادة واألمر واألذن والكتاب والتحرمي والقضاء والكالم ذكرنا اإلرسال ينقسم إىل خلقي وأمري وكوين وديين وقد ٢وأما البعث فقال تعاىل سورة اجلمعة اآلية

    ٥وقال يف الكوين سورة اإلسراء اآلة ٣١وقال تعاىل سورة املائدة اآلية

    ١٣٥وأما اإلرادة فقال تعاىل يف الكونية سورة األنعام اآلية

  • ٣٤وقال نوح عليه السالم سورة هود اآلية ١٨٥ة سورة البقرة اآلية وقال تعاىل يف اإلرادة الديني

    ٢٨ ٢٦وقال تعاىل سورة النساء اآليات ٦وقال تعاىل سورة املائدة اآلية

    ٣٣وقال تعاىل سورة األحزاب اآلية ٨٢وقال تعاىل يف األمر الكوين سورة يس اآلية

    ١٦وكذلك يف أظهر القولني قوله تعاىل سورة اإلسراء اآلية

    ٥٨سورة النساء اآلية وأما األمر الديين مثل قوله ١٠٢وأما اإلذن الكوين مثل قوله يف السحرة سورة البقرة اآلية

    ٤٦ ٤٥والديين مثل قوله سورة األحزاب اآليتان ٢١والكتاب الكوين مثل قوله سورة اجملادلة اآلية

    ٥١وقوله سورة التوبة اآلية ٢٤والديين مثل قوله سورة النساء اآلية

    ١٨٣بقرة اآلية وقوله سورة ال ١٧٨وقوله سورة البقرة اآلية

    ١٢والقضاءالكوين كقوله سورة فصلت اآلية ٢٣والديين سورة اإلسراء اآلية

    أي أمر ١٢والتحرمي الكوين مثل قوله سورة القصص اآلية

    ٢٦وقوله سورة املائدة اآلية ٩٥وقوله سورة األنبياء اآلية ٣دة اآلية والديين مثل قوله سورة املائ

    ٢٣وقوله سورة النساء اآلية والكلمات الكونية مثل قول النيب صلى اهللا عليه و سلم أعوذ بكلمات اهللا التامات اليت ال جياوزهن بر وال فاجر

    ومنه

    ١٢قوله تعاىل سورة التحرمي اآلية ذمتوهن بأمانة اهللا واستحللتم فروجهن والدينية مثل قول النيب صلى اهللا عليه و سلم اتقوا اهللا يف النساء فإنكم أخ

    ٦٤بكلمة اهللا ومنه قوله تعاىل سورة آل عمران اآلية

    وهذا مبسوط يف موضع آخر واملقصود هنا أنه تفرق أهل الكتاب يف النيب صلى اهللا عليه و سلم كل يقول فيه قوال هو نظري تفرق سائر الكفار

  • ل طائفة فيه قوال يناقض قول الطائفة اآلخرى وكذلك قوهلم يف الكتاب فإن الكفار باألنبياء من عاداهتم أن تقول كالذي أنزل عليه وأقواهلم كلها أقوال خمتلفة باطلة وهذا هو االختالف املذموم الذي ذكره اهللا تعاىل يف قوله سورة

    ١١٩ ١١٨هود اآليتان ٨ ٧ويف قوله سورة الذاريات اآليتان

    ١٧٦ة وقوله تعاىل سورة البقرة اآلي ١٠٦ ١٠٥وقوله سورة آل عمران اآليتان ١٤وقوله تعاىل سورة املائدة اآلية

    ٩ ١ومثال أقوال الكفار يف األنبياء ما ذكره تعاىل يف قوله تعاىل سورة الفرقان اآليات ال إىل احلق فبني سبحانه أن الكفار ضربوا له أمثاال كلها باطلة ضلوا فيها عن احلق فال يستطيعون مع الضالل سبي

    وضرب األمثال له يتضمن متثيله بأناس آخرين وجعله يف تلك األنواع اليت ليس هو منها وال مماثال ألفرادها مثل ٤قوهلم سورة الفرقان اآلية

    مثلوه بالكاذب املستعني مبن يعينه على ما يفتريه ومثلوه مبن

    هو يتعلم من أولئك ما يقوله ومثلوه باملسحور وكذلك يستكتب أساطري األولني من غريه فتقرأ عليه طريف النهار و ٤٨ ٤٥قوله تعاىل سورة اإلسراء اآليات ٩٦ ٨٧وقال تعاىل سورة احلجر اآليات

    قال كثري من السلف الذين جعلوا القرآن عضني هم الذين

    ٥٢ ٣٨عضهوه فقالوا سحر وشعر وكهانة وحنو ذلك كما قال تعاىل سورة احلاقة اآليات ٣٤ ٢٩ل سورة الطور اآليات وقا

    ٢٠٩ ١٩٢وقال تعاىل سورة الشعراء اآليات

    ٢٢٧ ٢١٠مث قال تعاىل سورة الشعراء اآليات وقال تعاىل

    ٥٥ ٤٦سورة العنكبوت اآليات ٣٤ ٣٣وقال تعاىل سورة الطور اآليتان ١٤ ١٣وقال تعاىل سورة هود اآليتان

    ٢٤ ٢٣وقال تعاىل سورة البقرة اآليتان

    ٥١ ٤٩وقال تعاىل سورة الذاريات اآليات ٥٣ ٥٢وقد أخرب تعاىل أن هذه سنة الكفار يف األنبياء قبله كما قال سورة الذاريات اآليتان

    ٤٣وقال تعاىل سورة فصلت اآلية ١١٢وقال تعاىل سورة األنعام اآلية

  • وأنه جمنون فقال فرعون سورة الشعراء اآلية وقد أخرب سبحانه أن الكفار قالوا عن موسى عليه السالم أنه ساحر ٢٧

    ٤٩وقوله سورة الزخرف اآلية وقال

    ٧١سورة طه اآلية ٦وكذلك قالوا عن املسيح بن مرمي كما قال تعاىل سورة الصف اآلية

    يف األنبياء وذكر تعاىل عن اليهود أهنم قالوا على مرمي هبتانا عظيما فقول اليهود يف املسيح من جنس أقوال الكفار وكذلك قول كفار أهل الكتاب يف خامت األنبياء حممد صلى اهللا عليه و سلم تسليما

    فإذا علم هذا فنقول بعد ذلك ملن قال أنه رسول أرسل إىل العرب اجلاهلية دون أهل الكتاب قل عن موسى وعيسى إنه من املعلوم بالضرورة لكل من علم أحواله بالنقل املتواتر الذي هو أعظم تواترا مما ين

    وغريمها وبالقرآن املتواتر عنه وسنته املتواترة عنه وسنة خلفائه الراشدين من بعده أنه صلى اهللا عليه و سلم ذكر أنه أرسل إىل أهل الكتاب اليهود والنصارى كما ذكر أنه أرسل إىل األميني بل ذكر أنه أرسل اىل مجيع بين آدم عرهبم

    وعجمهم من الروم والفرس

    والترك واهلند والرببر واحلبشة وسائر األمم بل أنه أرسل إىل الثقلني اجلن واإلنس مجيعا وهذا كله من األمور الظاهرة املتواترة عنه اليت اتفق على نقلها عنه أصحابه مع كثرهتم وتفرق ديارهم وأحواهلم

    لك عنهم التابعون وهم أضعاف وقد صحبه عشرات ألوف ال حيصى عددهم على احلقيقة إال اهللا تعاىل ونقل ذ الصحابة عددا مث ذلك منقول قرنا بعد قرن

    إىل زمننا مع كثرة املسلمني وانتشارهم يف مشارق األرض ومغارهبا كما أخرب بذلك قبل أن يكون فقال يف احلديث فبلغ ملك الصحيح زويت يل األرض فرأيت مشارقها ومغارهبا وسيبلغ ملك أميت ما زوي يل منها وكان كما أخرب

    أمته طريف العمارة شرقا وغربا وانتشرت دعوته يف وسط األرض كاإلقليم الثالث والرابع واخلامس ألهنم أكمل عقوال وأخالقا وأعدل أمزجة خبالف طريف اجلنوب والشمال فإن هؤالء نقصت عقوهلم وأخالقهم واحنرفت

    أمزجتهم م فاسودت ألواهنم وجتعدت شعورهم أما طرف اجلنوب فإنه لقوة احلرارة احترقت أخالطه

    وأما أهل طرق الشمال فلقوة الربد مل تنضج أخالطهم بل صارت فجة فأفرطوا يف سبوطة الشعر والبياض البادر الذي ال يستحسن

    وهلذا ملا ظهر اإلسالم غلب أهله على وسط املعمورة وهم أعدل بين آدم وأكملهم والنصارى الذين تربوا حتت ذمة أكمل من غريهم من النصارى عقوال وأخالقا وأما النصارى احملاربون للمسلمني اخلارجون عن ذمتهم من املسلمني

    أهل اجلنوب والشمال فهم أنقص عقوال وأخالقا وملا فيهم من نقص العقول واألخالق ظهرت فيهم النصرانية دون اإلسالم

    كتاب من اليهود والنصارى إىل اإلميان به ومبا جاء به والقصود أن حممدا صلى اهللا عليه و سلم هو نفسه دعا أهل ال كما دعا من ال كتاب له من العرب وسائر األمم

  • وهو الذي أخرب عن اهللا تبارك وتعاىل بكفر من مل يؤمن به من أهل الكتاب وغريهم وبأهنم يصلون جهنم وساءت الكتاب مل يأت إلينا بل إىل اجلاهلية من مصريا وهو الذي أمر جبهادهم ودعاهم بنفسه ونوابه وحينئذ فقوهلم يف

    العرب سواء أرادوا أن اهللا بعثه إىل العرب ومل يبعثه إلينا أو أرادوا أنه ادعى أنه أرسل إىل العرب ال إلينا فإنه قد يؤمن علم مجيع الطوائف أن حممدا دعا اليهود والنصارى إىل اإلميان به وذكر أن اهللا أرسله إليهم وأمره جبهاد من مل

    به منهم فإذا قيل مع هذا أنه قال مل أبعث إال إىل العرب كان كاذبا كذبا ظاهرا عليه سواء صدقه اإلنسان أو كذبه فإن املقصود هنا أنه نفسه دعا مجيع أهل األرض إىل اإلميان به فدعا أهل الكتاب كما دعا األميني

    حوهلا وخيرب فإن املهاجرين واألنصار كلهم آمنوا به من غري أما اليهود فإهنم كانوا جريانه يف احلجاز باملدينة وماسيف وال قتال بل ملا ظهر هلم من براهني نبوته ودالئل صدقه آمنوا به وقد حصل من األذى يف اهللا ملن آمن باهللا ما

    ثري هو معروف يف السرية وقد آمن به يف حياته كثري من اليهود والنصارى بعضهم مبكة وبعضهم باملدينة وك

    منهم كانوا بغري مكة واملدينة فلما قدم املدينة عاهد من مل يؤمن به من اليهود مث نقضوا العهد فأجلى بعضهم وقتل بعضهم حملاربتهم هللا ورسوله

    وقد قاتلهم مرة بعد مرة قاتل بين النضري وأنزل اهللا تعاىل فيهم سورة احلشر وقاتل قريظة عام األحزاب وذكرهم اهللا األحزاب وقاتل قبلهم بين قينقاع وبعد هؤالء يف سورة

    غزا خيرب هو وأهل بيعة الرضوان الذين بايعوه حتت الشجرة وكانوا ألفا وأربعمائة ففتح اهللا عليهم خيرب واقر اليهود فيها فالحني وأنزل اهللا تعاىل سورة الفتح يذكر فيها ذلك فكيف يقال إنه مل يذكر أنه أرسل إال إىل مشركي

    وهذه حال اليهود معه العرب

    وأما النصارى فإن أهل جنران اليت باليمن كانوا نصارى فقدم عليه وفدهم ستون راكبا وناظرهم يف مسجده وأنزل اهللا فيهم صدر سورة آل عمران وملا ظهرت حجته عليهم وتبني هلم أنه رسول اهللا إليهم أمره اهللا إن مل جييبوه أن

    ٦١ىل سورة آل عمران اآلية يدعوهم إىل املباهلة فقال تعا فلما دعاهم إىل املباهلة طالبوا أن ميهلهم حىت يشتوروا

    فاشتوروا فقال بعضهم لبعض تعلمون أنه نيب وأنه ما باهل قوم نبيا إال نزل هبم العذاب هم أنه نيب فاستعفوا من املباهلة فصاحلوه وأقروا له باجلزية عن يد وهم صاغرون ملا خافوا من دعائه عليهم لعلم

    فدخلوا حتت حكمه كما يدخل أهل الذمة الذين يف بالد املسلمني حتت حكم اهللا ورسوله وأدوا إليه اجلزية عن يد وهم صاغرون وهم أول من أدى اجلزية من النصارى

    واستعمل عليهم وعلى من أسلم منهم عمرو بن حزم األنصاري وكتب له كتابا مشهورا يذكر فيه شرائع الدين نوا يف ذمة املسلمني حتت حكم اهللا ورسوله ونائب رسوله عمرو بن حزم األنصاري رضي اهللا عنه وقصتهم فكا

    مشهورة متواترة نقلها أهل السري

    وأهل احلديث وأهل الفقه وأصل حديثهم معروف يف الصحاح والسنن كما سنذكره إن شاء اهللا تعاى