41

Theorie de la religion جورج باتاي- نظرية الدين_ ت. محمد علي اليوسفي

Embed Size (px)

Citation preview

Page 1: Theorie de la religion جورج باتاي- نظرية الدين_ ت. محمد علي اليوسفي
Page 2: Theorie de la religion جورج باتاي- نظرية الدين_ ت. محمد علي اليوسفي

جورج باتاي

نظرية الدين

ترجمة محمد علي اليوسفي

Page 3: Theorie de la religion جورج باتاي- نظرية الدين_ ت. محمد علي اليوسفي

تقديم

أصدر . من أب كفيف البصر؛ األمر الذي سوف ينعكس في أعماله الحق ا 1897ولد جورج باتاي سنة 1920وفي العام . أصيب بداء السل فأ عفي من الخدمة العسكرية. أول كتاب له في سن الحادية والعشرين

بعد سنتين مر بأزمات تصوف أوصلته إلى اإلقامة في دير . تعرف على سيلفيا، ولم يعمر زواجهما طويال وكان الكهنوت وعمى . اآلباء البنيدكتيين في جزيرة وايت؛ آنذاك فكر جورج باتاي في التحول إلى قسيس

أنه، بعد هذه اإلقامة في الدير، صرف اهتمامه عن غير " . .Cالقسيس " و " حكاية العين " والده في أساس .اإليمانوسوف " أحسست عند قراءته أنني لم أعد أملك ما أضيف " اكتشف أعمال نيتشه 1923في العام

كذلك اقترب جورج باتاي من السورياليين من دون أن ينخرط في . يظل معجب ا به دون أن يصير من أتباعها Documents " وثائق "جلة ثم أسس م. حركتهم وهاجم فيها السورياليين معتبر الثور"

" وبدأ يساهم في مجلة " وثائق "وسرعان ما غادر مجلة ". بروتون ثوري ا مزي فا ذا وجه يسوعي] أندريه[ .الناطقة باسم الحلقة الشيوعية الديمقراطية" النقد اإلجتماعي

نقد أسس " فكتب باالشتراك مع ريمون كينو . كوجيف حول هيغلتابع دروس 1932ومنذ العام حول هيغل والفاشية والتضحية، مستخدم ا " النقد اإلجتماعي" في مجلة ونشر مقاالت ". الجدل الهيغلي

وما لبث أن انخرط في منظمة تروتسكية يشرف عليها . مصطلحاته الخاصة في سياق تحليل ماركسي ".النقد اإلجتماعي" بوريس سوفارين مدير مجلة

" إشراقات" عانى من توعكات صحية أجبرته على ترك العمل وعايش خاللها 1934وفي سنة ".طريقة التأمل " و " التجربة الداخلية " ترافقت مع اطالعه على اليوغا والزن، فوضع كتابين حول

" هجوم مضاد " شاركه في تأسيس تجمع 1935وعندما عاد إلى التصالح المؤقت مع بروتون سنة غير أن هذا االتحاد لم يبق سوى عام . مع بول إيلوار وبنيامين بيريه وغيرهما, اتحاد نضال المثقفين الثوريين

كما أصدر " زرقة السماء " و " المتاهة " جورج باتاي آنذاك نشر . واحد إذ تفكك بسبب تناقضاته الداخلية" معهد علم اإلجتماع المقدس " اسون ، ثم أسس مع روجيه كايوا وميشال ليريس مع أندريه م" تضحيات "

من أجل دراسة الوجود اإلجتماعي بكل أشكاله وكشف مافيه من مقد س " وهذا ما سوف نجده في كتابه ( التي لم يصدر منها إال ثالثة أعداد وقد ) Acéphale" (مقطوع الرأس " كذلك أسس مجلة ") اإليروسية

ارباك اإلواليات اإلجتماعية والحلم " وكان هدفها 1939انبثقت عنها جمعية سرية عاشت حتى العام !خروف...وبالنظر إلى عدم تطوع أية ضحية فقد اكتفى أعضاء الجمعية بنحر" بممارسة التضحية

ثم عاوده مرض السل . باسم مستعار هو بيار أنجيال" مدام إدواردا " نشر جورج باتاي 1937سنة التجربة " وفي األثناء نشر 1949فغادر باريس إلى النورماندي، فإلى فيزيالي التي أقام فيها حتى العام

وكان رد فعل سارتر عنيف ا، ." لست فيلسوف ا، أنا باألحرى قديس ، بل مجنون: " وأعلن فيها" الداخلية ويتضمن ( المتهم، حول نيتشه: عاقبت كتب باتاي في الصدوروفي هذه الفترة ت". دفاتر الجنوب " فهاجمه في

ثم عاد في . وتزوج من ديانا بوآرني. إلخ...، إرادة الحظ، أورستيا إيبونين، نظرية الدين، )رده على سارترقبل ذلك وفي . إلى العمل كأمين مكتبة في كاربانتاس ثم في أورليان التي أقام فيها حتى موته 1949العام جوستين أو بؤس " في طبعة نهائية وقدم لكتاب المركيز دي ساد " .Cالقسيس " أصدر كتابه 1950العام

إن قراءة ساد، لمن يريد الذهاب إلى أعمق ما يعنيه االنسان، ال ي نصح بها فقط، بل هي ضرورية "، "الفضيلةتاريخ، دموع إيروس، األدب والشر، اإليروسية، رسوم ما قبل ال: وأصدر بعد ذلك مجموعة من الكتب"

".الميت " و" أمي" صدر له كتابان هما 1962وبعد موته في باريس سنة ...المستحيل

Page 4: Theorie de la religion جورج باتاي- نظرية الدين_ ت. محمد علي اليوسفي

***

لتداعي األفكار عنده، أولوية . جورج باتاي من أولئك الكت اب الذين يصيبونك بالدوار عند قراءتهم إنه نص متشظ ، يرفض المنظومة . ت االسريعةونصه حركة دائبة من اإلحاال. علٮانسجامها أو تنظيمها

يتقد م، يغتني، ويكتنز، وقد يت ضح؛ لكنه يبتعد عن نفسه أيضا. الفلسفية والنظام . أتكلم ما يشبه لغة ميتة: " لقد أردت استخدام لغة في درجة الصفر، لغة التعادل شيئ ا، لغة تعود إلى (...) أعتقد أن هذه هي لغة الفلسفة

."الصمتحيث يتحدث باتاي، في "نظرية الدين " هذا المنهج، أو منهج اإلفالت من كل منهج، يتضح في كتابه

فكر " وعن سعيه إلى التعبير عن " حركة الفكر المفتوحة"يطاردها المؤلف، هي " فريسة " مقدمته، عن متحر ك ". ليست بيت ا أبد ا، بل هي ورشة "فالفلسفة، في نظره، ". صياغة نهائية" من دون أن يبحث له عن "

".صرخة مستحيل"و " عدم اكتمال"و " غياب إجابة" فليست، في نهاية المطاف، سوى " الحركة"أما كان مشروع باتاي األساسي يتمثل في جمع المعلومات والبحث عن سبل للتوصل إلى تجربة خاصة؛

ومع أن هذه التجربة تتقاطع ...) . ة التيوباتية، الوجد، التضحيةالتجربة الداخلية، الحال(أطلق عليها عدة أسماءأقصد بالتجربة الداخلية ما يعرف عادة بالتجربة :" مع التجربة الصوفية، فهي تقطع معها الصلة أيضا

لكنني ال أقصد التجربة المذهبية بقدر توجهي إلٮتجربة عارية، ...حاالت الوجد واالنخطاف: الصوفية ".وهذا ما يجعلني أرفض كلمة تصوف(...) ل ارتباطمتحررة من ك

وما يقر ب بين التجربتين يكمن في حركة الفكر المتخلصة من المفهوم ومن الخطاب، وصوال إلى نقطة الالمعرفة؛ إلى الظلمة التي تتطل ب استنفاد القوى والخسارة المطلقة؛ خسارة الكائن الفرد و خسارة

" باتاي تؤدي إلى ما يطلق عليه) أي بال ربح( إن حالة العري التام واإلسراف بال تحفظ. المعنى والمعرفةالالمعرفة التجربة الصوفية التي تؤدي فيها وعلى العكس من" الالمعرفة تجربة تتولد عن" إنها " السيادة

نها، وعلى الرغم من محاذاة كما أ. إلى أي منفذ تؤدي التجربة الداخلية ، ال"اإلشراق النهائي"إلى معرفة أكبر .باتاي لنيتشة، ال تتوخى العودة األبدية، الدائرية

الالمعرفة إلى ماوراء ما، يقبع خلف الظلمة، إلى إشراق نهائي التجربة الصوفية يؤدي طريقفي أما . فيه دائم اوالتجربة عنده، محايثة للكائن، ماثلة . إلى الظلمات باتاي فالطريق ال يؤدي إالعند إنها رحلة إلى :

ا داخل التطور الخطي. أقاصي إمكانياته وقدراته وهي التتبع نسق ا خط ي ا بل تشكل شرخ . ا فهو عند" النفي"وإذا كان عند هيغل مول د ا ومنتج : نفي بال وظيفة، بال عمل، من أجل الخسارة الكاملةباتاي

بدل البحث عن الكلية يتم التساؤل عن انتهاك : " ال فوكو عنهااستنفاد القوى والتضحية بها، أو كما يقول ميش الحدود، وحركة االنتهاك تعو ض حركة التناقض إلى -!ويا للمفارقة -إنها تجربة القلق والتمزق التي تؤدي."

ال تعني سيادة وهي". سيادة الكائن"أما بلوغ تخوم القلق فهو يوصل إلى . كمنفذ وحيد لليأس" الضحك": " الحواس أو السيطرة على العالم؛ ذلك أن سيادة الكائن هي رغبة في الضحك وتجاوز لما هو جدلي شمولية

السيادة هي القدرة على السمو ، ضمن الالمباالة بالموت، إلى مافوق القوانين التي تضمن المحافظة على وليس مآلها إال " اربة أبد ا ومع ذلك البد من البحث عنها، ه. غير أنها سيادة ليست في المتناول." الحياة

ليس االنتهاك نفي ا للمحظور بل هو تجاوز واستكمال له " والبد من االنتهاك والخرق أيضا، و ." مملكة الفشل .والمحظور يستبعد العنف، لكنه يستدعي االنتهاك الذي يحرر ذلك العنف".

إذا كانت المعرفة إكراه ا للمجهول كي يصير معلوم ا يقف عليها " أرضية صلبة " وهذا مايتطلب - . باتاي يعتبر ذلك بهتان افإن -للمعرفة كما في المنظومة الهيغلية" حركة دائرية "كالهما بتعبير ديكارت، أو

فكيف نجعل المنظومة تحل محل الحياة، وتسيطر على االنسان، وتوقف السؤال الدائم عن الحياة المتحركة؟ ا عن إخضاع االنسان"وكذلك العلم، لذلك يرى أن الفلسفة، كانا ومازاال تعبير فالتفكير الواضح يتخذ ".

موضوعه من الممكن دائم ا .أما المستحيل، وعلى العكس من ذلك، فهو فوضى وضالل. غير أن األمر عند باتاي يتعلق ببلوغ حد ما الي حد ؛ إخضاع ما ي فك ر فيه إلى ما ال ي فك ر فيه، إخضاع المم كن

.إلى المستحيل، أي محاذاة الجنون

Page 5: Theorie de la religion جورج باتاي- نظرية الدين_ ت. محمد علي اليوسفي

وهذا ما . كل هذا اليعني التخلي عن الفلسفة، بل يتطلب رفض االنغالق ضمن منظومة فلسفية فكما أنها تنطلق من المجهول إلى المعلوم، : يستدعي قلب األولويات، وكشف ضعف الفلسفة في قوتها تحديد ا

ذروة، لتعود إلى المجهول، تمام ا كما يعود ضوء النهار فيتالشى في يتوجب عليها أن تنقلب، عند بلوغ ال .أحشاء الليل من جديد

أما الفلسفة والعلم فيظالن . لمعارضة المنظومة المغلقة" التجربة الداخلية "وهكذا يقدم باتاي ما يسميه حتى إذا تكل م ت بلغة رجل العلم فهذا في الظ" طريق ا ووسيلة للفكر ألن العال م يتكلم انطالق ا من ...اهر فقط

الخارج كمن يشر ح دماغ ا وفي هذا مثال آخر عن ". أما انا فأتكلم من الداخل، كما يفعل رجل الالهوت ... انتهاك العلم والفلسفة، وإدخال كلمات ومصطلحات غير فلسفية مثل االقتصاد، والتصوف، : طريقة االنتهاك

أعتقد أن : " ويبرر ذلك بالقول) الغلمة، الشبق الجنسي، إلخ( واإليروسية والضحك، والجرح، والصرخة،عندما تتحول الفلسفة إلى انتهاك للفلسفة، تبلغ ذروة "و " أعلى قمة في الفلسفة تلتقي مع ذروة اإليروسية

".الكائن ***

االقتصاد " ول يندرج مفهوم السيادة عند جورج باتاي ضمن مشروع كان يرغب في إقامته ح وال يمكن فهم السيادة من دون إدراجها في التحليل الذي قام به باتاي للمجتمع انطالق ا من ". السياسي

) التغاير( إن التنافر. وقد ظهر ذلك في تحليله للمجتمع الماركسي وكذلك الفاشي. مصطلحي التجانس والتنافرانس ال يمكن أن يحصل إال في صلة وثيقة بالقوى اإلجتماعي محكوم بهيمنة التجانس؛ غير أن هذا التج

وعندما يجمع باتاي بين ماركس ومارسيل ماوس وفرويد يقترب أكثر من جدلية االقتصاد السياسي . المغايرة مع ان السيادة عنده التدرس ضمن استخدام المفاهيم الجدلية وترفض فعل النفي الخال ق وتتكئ على االنتهاك

.الدائم ى باتاي أن هناك نزوع ا تجانسي ا لدى المجتمعير يتأسس ) في الماركسية" وسائل اإلنتاج"ما يعادل (

في (على استبعاد أي عنف ، وبالتالي على إقامة نظام والسهر على فرضه، واستبعاد أية تضحية مجانية األدنى الذي يلغي أي ابتعاد وهكذا تبدو نزعة التجانس بوصفها توافق الحد). مقابل إقامة اقتصاد ربح وفائدة

د، لصالح نظام أواختالف أو تفر .ملتحم ومتراص) انتاجي أو تقني أو خطابي( أو للدولة التي ) طائفة، طبقة(غير أن هذا التجانس سرعان ما يتحول إلى امتياز لدى مجموعة محددة

وهكذا . لفوائد واإلشراف على حركة التبادلتقوم بمصادرته واحتكاره، مع ملكية وسائل اإلنتاج واألرباح وا العنيفة، المتفر دة ( اليعود التجانس شامال للجميع؛ إذ أنه انطلق عبر إقصاء بعض القوى ثم ازداد قوة بزيادة )

: ذلك اإلقصاء؛ وخاصة اقصاء القوى المغايرة الدائمة التي تمثل الجنون والفوضى واإلفراط واإليروسية العم ال لهم ذلك إلى قوة سلبية ومكمن رفضباعتبار( هم محرومين من وسائل اإلنتاج وقد حو ( والمجانين )

بوصفهم وكالء فاعلين ضمن قوى (وكذلك الفاشيين ) باعتبارهم يشكلون طعن ا في خطاب االعتدال واللياقة ). التنافر والتغاير، ويعيدون انتاج العنف البدائي المكبوت

تبعد يؤكد، من خالل إقصائه، أنه محكوم دائم ا بالتجانس اإلجتماعيهذا القسم المس ). المهيمن( لذلك يظل . وبالمقابل ال يمكن لنزعة التجانس أن تقوم وتدوم إال من خالل عالقتها الالزمة بقوى التنافر

االنسجام قائم ا في الربح، اقتصاد( وال يتمكن من ضمان بقائه إال بتكثيف نظامه الخاص " شكل هش " قها). واإلكثار من اإلقصاءات سيادتها، حسب باتاي، فهو يكمن / أما مايشكل قوة تلك القوى المتنافرة، أو تفو

وفي كونها ، مقابل . في كونها النقيض المفرط والالعقالني الذي يتدخل في عملية التجانس اإلجتماعي للنظام .والتضحية مهما كانت غير مجدية اقتصاد اإلنتاج، تفرض اإلنفاق واإلفراط والفردانية

ذلك أن مفهوم . هذا ما يحدث لمفهوم السيادة عندما يجمع باتاي بين مؤثرات هيغلية وأخرى ماركسية وفيه يظهر مدى " . نظرية الدين" ، تاريخ صدور كتابه 1948السيادة عنده يمكن إعادة نشأته أيضا إلى العام

وتنجم السيادة عندما تصطدم الحميمية . وبالكلية" وعي الذات"مفهوم السيادة بـ تأثره بهيغل؛ إذ يربط باتاي عنف الفرد المنفلت الذي لم يعد منغلق ا في فردانيته، والذات التي لم تعد ذات ا منفصلة واندمجت في صفاء (

-وفي نظام األشياء). نيةالمشاريع، الذات المنغلقة، التق(بنظام األشياء ) السماء الخاوي والهدير الفالت للنهر تتدخل السيادة بوصفها خرق ا للقلق والموت وفوضى –حيث ال يتمتع العنف المنفلت إال بمكان سلبي

Page 6: Theorie de la religion جورج باتاي- نظرية الدين_ ت. محمد علي اليوسفي

كما تؤدي إلى ) أي عالم األشياء والعمل( الالمعرفة، فتؤدي إلى وعي الذات، كنتيجة للمعرفة التقنية .الحميمية

محمد علي اليوسفي 29/9/2002تونس في

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ :المصادر والمراجع

.جورج باتاي، األعمال الكاملة، منشورات غاليمار -1 .1976، غاليمار، سلسلة أفكار، " جورج باتاي: "جان دورانسون -2 ، سلسلة كت اب خالدون، " جورج باتاي: " الفارج-آالن آرنو وجيزيل إكسكوفون -3

.1978منشورات سوي، .1973، سيغيرس، سلسلة شعراء معاصرون "جورج باتاي: " نجاك شاتا -4

*

تصدير

ل الرغبةإنما " موضوع"،إلى ) الحقة(المنكشف لذاته بذاته في المعرفة الكائن هي التي تحو ة وبالرغبة، أو ففي الرغب. معه" متعارضة"عبر ذات مختلفة عن الموضوع و " ذات"منكشف لـ

بوصفه –لذاته ولآلخرين–بتعبير أفضل، باعتبار الرغبة هي رغبته، يتشكل اإلنسان أو ينكشف هي أنا ) البشرية( ألنا؛ ا أنا-المختلفة جوهريا عن، والمتعارضة جذريا مع الال" أنا" ، الـ" أنا"

.رغبة أو أنا الرغبة وبالتالي ال . اته، يتضمن إذن الرغبة ويفترضهاإن وجود اإلنسان نفسه، الوجود الواعي لذ

وإذا كانت . يمكن للواقع اإلنساني أن يتشكل ويستمر إال داخل واقع بيولوجي، داخل حياة حيوانيةذلك أن هذه الرغبة . فهي ال تشكل شرطه الكافي وعي الذات شرط ضروري ا ل الرغبة الحيوانية

.بالذات الشعوربمفردها ال تشكل سوى مشغول [ تجعله الرغبة قلق ا ] مطاوع[ وبعكس المعرفة التي ت ب ق ي اإلنسان في سكون منفعل ا إلى كون العمل ينجم عن الرغبة، فهو ينزع إلى إشباعها، وال . وتدفعه إلى العمل] البال ونظر

: مرغوب فيه،أي بإتالف،أو على األقل بتحويل الموضوع ال" الن ف ي"يمكنه تحقيق ذلك إال بواسطة وهكذا فإن كل عمل هو عمل . فإلشباع الجوع مثال ينبغي إتالف الغذاء أو تحويله ". ناف "

ألكسندر كوجيف

)مدخل إلى قراءة هيغل(

Page 7: Theorie de la religion جورج باتاي- نظرية الدين_ ت. محمد علي اليوسفي

الكتابموقع هذا

فإذا رأى . إن أساس أي فكر يكمن في فكر شخص آخر، وكل فكر جديد هو لب نة في جدار الكائن المفكر، في عودته إلى ذاته، تلك الل ب نة الحرة من دون الثمن الذي كلفه مظهر تلك الحرية،

حطام التي إنه ال يرى األراضي الفضاء وأكوام ال: يكون فكره مجرد ظل أو صدى لفكر غيره . يدفعه غروره الباطل إلى التنكر لها مع لب نته

وهكذا فإن اللب نات . إن عمل البن اء الذي يجمع بين الل ب نات هو العمل األكثر ضرورة وما ي قدم للقارئ . المتجاورة في كتاب ال ينبغي أن تكون أقل قيمة من الل ب نة الجديدة،وهي الكتاب

إنه مجمل : ون مجرد عنصر بل هو كل متكامل يندمج فيه العنصر الجديدفعال ال يمكن أن يكوعي التجميع للصرح اإلنساني الذي ال يمكن أن يكون مجرد تكديس أنقاض فحسب،بل هو

. للذات والبد من الشجاعة والعناد من .وبمعنى من المعاني فإن التجميع غير المحدود هو المستحيل

نف س، إذ أن كل شيء يدفع باتجاه التخلي عن الفريسة التي هي حركة الفكر أجل عدم فقدان ال د ا وراء وهم الرأي الشخصي المتفر المفتوحة والالشخصية،ركض والرأي المتفرد هو طبع ا .

وليس لهذا الرأي من معنى عميق إال بشرط . أقرب وسيلة لكشف ما هو التجميع حق ا؛ إنه المستحيل .عدم وعيه

ذا العجز يحدد ذروة للممكن؛ وبتعبير آخر، يمكن القول إن وعي االستحالة يفتح الوعي ه وفي موقع التجميع هذا، حيث يسود العنف، وعلى تخوم ما يفلت . على كل ما بوسعه التفكير فيه

من التماسك، يدرك م ن يفكر ضمن الترابط، بأنه لم يعد ثمة مكان . له

تمهيدا " نظرية الدين "يقدم كتاب عمال من شأنه أن يكون ناجز لقد حاولت التعبير عن فكر :

.، من دون أن أبحث له عن صياغة نهائية متحرك إن فلسفة ما،هي مجموع مترابط أو ال تكون،لكنها تعبر عن الفرد وليس عن البشرية بما هي

حيث …رات الالحقة للفكر اإلنسانيلذلك يتوجب عليها أن تكون منفتحة على التطو. كل متماسكالفلسفة . وكل ما ال يخصهم، قد غرقوا في النسيان" غ ي ري ت هم"يكون المفكرون، الذين يستبعدون

ذلك أن العلم يهيئ العديد من .لكن عدم اكتمالها ليس ما يميز العلم. ليست بيت ا أبد ا، إنها ورشةأما فيما يخص الجهد المبذول،من . واقص إال في مجملهاألجزاء أو الميادين الناجزة، وال تظهر الن

أجل الترابط والتماسك،فإن النقص ال يقتصر على ثغرات الفكر بل يشمل كل النقاط، نقطة .نقطة؛األمر الذي يبرهن على استحالة الحالة النهائية المكتملة

أ يحد كل فلسفة وليس مبدأ االستحالة هذا،مجرد مبرر لنقص يصعب إنكاره، بل هو مبد إذ .أما الفيلسوف فإنه ينتظر بدوره،لكنه ال يفعل ذلك بحق.باالنتظار يسل مفالعالم هو الذي . حقيقية

أن الفلسفة تستجيب رأس ا لمطلب ال ي حلل إلى عناصره األولية " وجود"وال يمكن أن يكون ثمة . يلسوف تكون معطاة وهكذا فإن إجابة الف.مستقل عن جواب السؤال الذي تطرحه الفلسفة

بالضرورة قبل إعداده لفلسفة ما، وإذا تغيرت اإلجابة أثناء اإلعداد والصياغة، بسبب النتائج التي ال يمكن لجواب الفلسفة . فليس من الممكن أن تكون خاضعة لتلك النتائج حتمايتوصل إليها أحيانا،

عاد عن االعتباطية والتعسف فإنه أن يكون نتيجة ألعمال فلسفية، وإذا تمكن الجواب من االبتيفترض التسليم بعدم الرضى وعدم اكتمال الفكر، خصوصا إذا سلمنا بإنكار الموقف الفردي

.الالحقةوبالحركية القصوى للفكر المنفتح على جميع الحركات السابقة أو

Page 8: Theorie de la religion جورج باتاي- نظرية الدين_ ت. محمد علي اليوسفي

، وال يعني ذلك طبعا عندئذ يكون عدم البحث عن حالة نهائية للفكر فعل وعي عدم الوصول والشك أنه من الضروري بناء فكر يتحرك ضمن . بالوضوح إلى حدود اإلمكانات المباشرة

وفي الواقع ليس لإلجابة من معنى إال . مجاالت سبقت معرفتها على صعيد المعارف المكتوبةس بوسع وإذا كان ينبغي تحقق الشرط الثاني مسبق ا فلي. باعتبارها صادرة عن إنسان متطور فكري ا

وذلك باتباع طريقة رجال العلم في جعل : أي كان اإلجابة عن الشرط الثاني إال بشكل تقريبيا على مجاالت محدودة وضيقة تحرك الفعل مقتصر ومن دون ذلك ال يمكن ألحد أن يدعي تمث ل .

وهذا يضيف إلى عدم االكتمال األساسي الذي يتصف به الفكر،عدم اكتم.المعارف المكتسبة ال آخر محتوم ا . والدقة تتطلب اعترافا متزايد ا بهذين الشرطين.

هذه المبادئ بعيدة جدا عن طريقة التفلسف التي يرحب بها الجمهور اليوم، سواء بالتقبل أو وال يمكن . بل إنها تتعارض بقوة مع اإلصرار المعاصر المتعلق بالفرد وبعزلته. من باب الفضول

تعلق بالفرد كما ال يمكن لممارسة الفكر أن تجد منافذ أخرى عدا نفي أن يكون ثمة تفكير مكيف الخروج من : ثمة مشكلة ذات أولوية ترتبط بفكرة الفلسفة ذاتها. المنظورات واآلفاق الفردية

الوضع البشري؟ كيف يمكن االنزالق من التفكير الخاضع للعمل الضروري،والمرصود للتمييز على أن يكون واعي ا؟-ووعي الوجود من دون جوهرالنفعي، نحو وعي الذات

وإن كانت بمعنى -إن عدم االكتمال المحتوم،على أية حال،ال يعيق اإلجابة التي هي حركة وعلى العكس من ذلك تماما فإن عدم االكتمال هذا،هو الذي يهبها حقيقة كونها . ما،غياب ا للجواب

إذ تقد م الفرد باعتباره " نظرية الدين"اب والمفارقة األساسية في كت.صرخة المستحيل " الشيء" وباعتباره نفي ا للحميمية،إنما تسلط األضواء على عجز ،لكن صرخة هذا العجز تمه د لصمت

. عميق *

الجزء األول المعطيات األساسية

)1(

الحيوانية

محايثة الحيوان المفتر س والحيوان المفتر س) : 1(فقرة لكن معناها سوف .أتناول الطبيعة الحيوانية من زاوية نظر ضيقة، تبدو لي قابلة للنقاش

ومن زاوية النظر هذه فالحيوانية هي الفورية أو المباشرة بال توسط ،أو .يتضح مع تقدم البحث . Immanenceالمثولية أو المحايثة

وضع محدد ودقيق ذي أهمية إن محايثة الحيوان بالنسبة لمحيطه هي محايثة معطاة في ولن أتحدث عن ذلك في كل لحظة، لكنني لن أهمله، وحتى خاتمة شروحي سوف تعود .أساسية

الوضع معطى عندما يفترس حيوان ما حيوانا آخريكون هذا : إلى نقطة االنطالق هذه . يفتر س وما هو معطى عندما يفترس حيوان ما حيوانا آخر،إنما هو المثيل لذلك الذي وبهذا :

.المعنى أتكلم عن المثولية أو المحايثة وليس ثمة تعال من الحيوان المفتر س إلى .معروف باعتباره كذلك مثيلوال يتعلق األمر ب

الحيوان المفتر س غير أن هذا الحيوان الذي يفترس اآلخر ال يمكن أن .هناك اختالف من دون شك: .فيتعارض معه في تأكيد هذا االختال

Page 9: Theorie de la religion جورج باتاي- نظرية الدين_ ت. محمد علي اليوسفي

لكن ليس من المهم إذا .هذا صحيح…إن حيوانات من نوع معين ال يفترس بعضها البعض إن .كان الباز يفترس الدجاجة وال يميزها عن نفسه بوضوح، كما نميز نحن شيئا ما عن أنفسنا

إذا قابل للفهموال وجود الختالف .بما هو كذلك) للموضوع(للشيء Position وضعاالتمييز يتطلب فالحيوان الذي يفترسه حيوان آخر لم يعط بعد كموضوع.الموضوع/لم يتم وضع الشيء وال توجد .

بين الحيوان المفتر س والحيوان المفتر س، كتلك العالقة التي تربط موضوعا، أو تبعيةعالقة ليس ثمة من شئ معطى للحيوان مع مرور . شيئا،باإلنسان الذي يرفض أن يتم التفكير فيه كشيء

حيث تكون ديمومته . ، ندرك أن الشيء يوجد في الزمنبشراأما نحن ففي نطاق كوننا .لزمنامن دون :والحيوان الذي يفترسه حيوان آخر إنما يكون معطى على العكس من ذلك.قابلة لإلدراك

.وهكذا فانه يستهلك ويتلف،ويتالشى من عالم ال يوضع فيه شيء خارج الزمن الراهن .الديمومةشيء في الحياة الحيوانية من شأنه أن يندرج ضمن عالقة السيد بالعبد،الشيء بإمكانه إقامة ال

وبالنظر إلى أن بعض الحيوانات تفترس حيوانات .السيادة من جانب والتبعية من الجانب اآلخروليس األسد ملكا .أخرى،فهي ذات قوة غير متكافئة،لكن ال يوجد بينها سوى هذا االختالف الكمي

. إنه في حركة المياه مجرد موجة أعلى من غيرها،تقلب األضعف:لى الحيواناتعهو كل حيوان : وإذا افترس حيوان حيوانا آخر،فإن ذلك ال يغير شيئا من الوضع األساسي

ثمة في الوضع الحيواني عنصر من الوضع البشري،إذ يمكن النظر .في العالم كما الماء في الماء لم يعط إمكانية أن يرى نفسه كذلك –هو بالذات –ت،موضوعها بقية العالم، لكنه إلى الحيوان كذا

.ويمكن للعقل البشري أن يدرك بعض عناصر هذا الوضع،لكن ليس بوسع الحيوان استيعابها.أبدا

تبعية الحيوان واستقالليته) 2(فقرة إن ذرة آزوت،أو .بقية العالمصحيح أن الحيوان،شأنه شأن النبتة،ال يملك استقاللية إزاء

: ذهب،أو جزئية ماء،توجد من دون أن تحتاج إلى ما يحيط بها،وتبقى في حالة محايثة كاملةليست هناك أي ضرورة أبدا،وبشكل أعم،ال أهمية ألي شيء مطلقا في عالقة المحايثة بين ذرة

لم هي محايثة مختلفة إن محايثة جسم حي في العا.وذرة أخرى،أو بينها وبين غيرها من الذراتعن عناصر من شأنها أن تالزمه وتكون مماثلة له ليقيم معها )خارجه(يبحث الجسم حوله: تماما

أو إن شئنا،فهو ليس .ولذلك فإنه لم يعد كما الماء في الماء تماما.عالقات محايثة)بل ليرسخ نسبيا(أو االنتقال )االطراد(إذ أن السريان :وإال سوف يعاني ويموت.يقتاتكذلك إال شريطة أن

من الخارج إلى الداخل ومن الداخل إلى الخارج،وتلك هي الحياة العضوية،ال يدوم إال ) المحايثة( .مع توافر شروط معينة

فكل جسم هو منفصل . ومن جهة ثانية،يكون كل جسم منفصال عن سيرورات أخرى تشبهه وية، في الوقت الذي تشدد العالقة بالعالم وبهذا المعنى فإن الحياة العض: عن األجسام األخرى

تسحب وتعزل النبتة أو الحيوان من العالم، إذ يمكن اعتبار النبتة والحيوان عالمين مستقلين نظريا . إذا ت ركت عالقة التغذية األساسية في الخارج

األكذوبة الشعرية المتعلقة بالحيوانية) 3(فقرة والشيء .انغالقا علينا من هذه الحياة الحيوانية التي جئنا منهاالشيء في الواقع يعتبر أشد

أغرب عن طريقتنا في التفكير من األرض وهي في حضن الكون الصموت من دون أن يكون لها معنى األشياء في اللحظة التي -ذلك المعنى الذي يضفيه اإلنسان على الحيوان ، وكذلك من دون ال

وفي الحقيقة ال يمكننا أن نتصور األشياء من .ة إلى وعي يفكر فيها نريد تخي لها ، فإذا هي مفتقريتضمنان الوعي؛أي وعينا " نتصور"و " نحن"دون الوعي إال بشكل اعتباطي ، نظرا إلى كون

ويمكننا اإلدعاء، من دون شك ، أن هذا االرتباط هو مجرد .المرتبط بحضورهما ارتباطا وثيقاغير أن تجلي أي .ذات يوم، بشكل نهائي نكون هناقطع عن أن ارتباط هش، نظرا لكوننا سوف نن

شئ من األشياء لن يكون قابال للتصور أبدا إال في وعي يحل محل وعيي إذا ما تالشى هذا

Page 10: Theorie de la religion جورج باتاي- نظرية الدين_ ت. محمد علي اليوسفي

، تقدم " نا"وهنا تكمن حقيقة مرة ، لكن الحياة الحيوانية ، وهي في منتصف طريق وعيـ. األخيرالكون من دون اإلنسان ؛ الكون الذي من شأن نظرة فعندما نتصور. لنا لغزا أكثر إزعاجا

الحيوان فيه أن تكون النظرة الوحيدة التي تنفتح على األشياء، والحال أن الحيوان ليس شيئا وليس ، ألن موضوع هذه الرؤية هو انزالق ال نرى شيئابشرا، ال يسعنا عندئذ سوى إيجاد رؤية ، فيها

لها إذا كانت وحيدة ، إلى العالم الممتلئ بالمعنى المترتب على ينتقل من األشياء التي ال معنى وبتعبير . ولهذا السبب ال يمكننا وصف شيء ما بدقة.اإلنسان والذي يضفي على كل شئ معناه هو

ا آخر،يمكن القول إن الطريقة الصحيحة للتحدث عنه لن تكون حقا سوى طريقة شعرية، نظر وباعتبارنا نستطيع التحدث عن الماضي . لق إلى ما هو خفيلكون الشعر ال يصف شيئا إال وينز

عبر التخيل كما نتحدث عن الحاضر، فإننا ال نتحدث في النهاية عن حيوانات ما قبل التاريخ، أشياء، لكن وصف مشهد مرتبط ذي صلة بهذه بمثابةوكذلك عن النباتات والصخور والمياه إال

لم يكن ثمة وجود لمشهد في . األمر يتعلق بقفزة شعريةالشروط ليس سوى حماقة ، إال إذا كان . عالم لم تكن العيون التي تنفتح فيه لتفهم ما تراه، وحيث لم تكن العيون ترى حقا مقارنة بوضعنا

وإذا ما انطلقت اآلن ب لم تكن توجد : (، وفي فوضى ذهنية ، متأمال هذا الغياب للرؤية ألقول بالهة يء سوى نشوة خاوية يحدها الرعب واأللم والموت ونضفي عليها الش-رؤية وال أي شيء آخر

فليس في قولي هذا سوى سوء استخدام لقدرة شعرية، مستبدال فراغ الجهل ) …نوعا من الكثافةال يمكن للذهن أن يستغني عن وميض الكلمات الذي يكسبه : وأنا ال أعرف ذلك. بوميض غامض

لكن هذا الشعر ليس . أيضا souveraineteمة سيادة في ذلك غناه ومجده،وهي عال: هالة مدهشةسوى طريق يسلكه اإلنسان منتقال من عالم ذي معنى ممتلئ ،إلى التفكيك النهائي لكل معنى،وهو

وال يوجد إال اختالف واحد بين المعقولية األشياء التي يكون .تفكيك سرعان ما يبدو محتوما ال االختزال الظاهري للعلوم الصحيحة،في حين تدفعنا فاألولى تقدم لنا أو. الحيوان حاضرا فيها

الثانية باتجاه إغراء آخر لزج،هو هاجس الشعر،ذلك أن الحيوان الذي ال يعتبر مجرد شيء يفتح الحيوان أمامي عمقا يجذبني وهو عمق .فحسب، ليس مغلقا وعصيا على الفهم بالنسبة إلينا

وهو أيضا أبعد ما اخت ل س .انه عمقي أنا: المعاني إنني أعرف هذا العمق بمعنى من. مألوف لدي أيضاوألنني أستطيع …لكنه الشعرأيضا.ما يفلت مني:مني، ويستحق اسم العمق الذي يعني بدقة

أو سخرته أو عاملته -بطريقتي التي ليست طريقة حيوان آخر-إذا أكلته(أن أرى في الحيوان شيئاا فإن المعقوليت) كموضوع علم من العلوم ر ه ليست أقل ق ص ب ا( أو إن شئنا،أقل ق ر من المعقولية )

الحجارة أو الهواء، لكنه ليس دائما ، بل انه ال يكون أبدا وبشكل نهائي، قابال لالنتقاص ضمن هذا ،والمؤلم الذي .النوع من الواقع األدنى الذي ننسبه لألشياء لست أدري ما الشيء اللطيف،الخفي

وكل ما يسعني االحتفاظ به في . الحيوانية حميمية الوميض المتبقي فينا الظلماتيمدد في تلك ولن أشك -النهاية يكمن في أن ذلك المشهد يلقي بي في الليل ويبهرني، فيدنيني من اللحظة التي

يبعدني فيها وضوح الوعي المتميز،في النهاية،عن تلك الحقيقة الخفية التي، من –في ذلك مطلقا . م، تتراءى لي كي تتوارىذاتي إلى العال

يوجد الحيوان في العالم كما يوجد الماء في الماء) 4(فقرة

سوف أتعرض لهذا األمر الخفي فيما بعد،أما اآلن فيتوجب على فصل ما يبدو،على صعيد .التجربة،واضحا ومتميزا عن فتنة الشعر وبريقه

ذلك أن هذا العالم : و عالم المحايثة والفورية لقد توصلت إلى القول بأن عالم الحيوان ه إن مثل هذه الحقيقة هي . المنغلق إزاءنا هو كذلك، ألننا ال نستطيع أن نميز فيه قدرة على التعالي

لكن بإمكاننا على األقل أن نتصور وجود ا جنيني ا لهذه . حقيقة سلبية وال يسعنا توضيحها مطلقاوحتى إذا تمت دراسة تلك .كن من تمييزها بوضوح كافالقدرة عند الحيوان، دون التم

Page 11: Theorie de la religion جورج باتاي- نظرية الدين_ ت. محمد علي اليوسفي

عنها احتماالت من شأنها أن تلغي رؤية الحيوانية الماثلة أو تنجراالستعدادات الجنينية، فلن أو تعالي الوعي (وال يظهر تعالي األشياء بالنسبة للوعي .بالنسبة إليناالمحايثة التي تظل محتمة

ذلك أن التعالي اليعد شيئا إن كان جنينيا، وان لم . ا هو إنسانيإال في حدود م) بالنسبة لألشياءوليس بإمكاننا في الواقع أن نعتمد . يتشكل بطريقة صلبة ، أي بثبات ضمن عدة شروط معطاة

على كتل غير ثابتة وعلينا أن نقتصر على رؤية الحيوانية ، من الخارج ، في ضوء غياب .هو، وبشكل محتوم،موجود في العالم كما الماء في الماءإن الحيوان أمام عيوننا . التعالي

وتعد هذه . وللحيوان تصرفات تختلف باختالف األوضاع والمواقف التي يجد نفسه فيها التصرفات نقاط انطالق لتمييزات ممكنة ، لكن التمييز من شأنه أن يتطلب تعالي الموضوع الذي

وحتى . ني ال يقيم تمايزا واعيا بين مختلف األوضاع إن تنوع السلوك الحيوا. صار متميزا الحيوانات التي ال تفترس ما يماثلها من النوع نفسه ، ال تملك مع ذلك قدرة على تمييزه باعتباره

، بحيث أن وضعا جديدا ال ينطلق فيه السلوك المعتاد،يمكن أن يكون كافيا )أي من نوعها(كذلك وال يمكننا القول عن ذئب يفترس ذئبا آخر، . ه وعي بإزالتهإلزالة عائق ما،من دون أن يصاحب

فهو ال يخالف هذا القانون،لكنه،بكل . إنه خالف القانون القائل بأن الذئاب عادة ال تفترس الذئاب بساطة،و جد في ظروف لم يعد يسري فيها ذلك القانون وبرغم ذلك فان ثمة بالنسبة للذئب .

تحد ث أمامه تجليات جاذبة أو مقلقة ؛ وأخرى ال عالقة لها . هاستمرارية للعالم واستمرارية ل بأفراد من النوع نفسه أو بأنواع من الغذاء أو بأي شي آخر جاذب أو نابذ ، عندئذ ال يكون لألمر

وال يأتي شئ ليقطع تلك االستمرارية التي ال . معنى أو يكون له ما يشبه عالمة دالة على شئ آخروحتى صراع .ه عن أي شيء من شأنه أن يكون متميزا قبل حدوث الموتيعلن فيها الخوف نفس

المنافسة ما هو إال تشنج واختالج تندفع معه االستجابات الحتمية للمنبهات ، خارجة من األعماق وإذا كان الحيوان الذي يصرع منافس ه ، ال يفهم موت اآلخر كما يفهمه إنسان يسلك سلوكا . الخفية

إن .ذلك يعني أن منافسه لم يقطع تلك االستمرارية التي لن تعود بسبب موتهمعبرا عن النصر، فتلك االستمرارية لم تكن موضوعة موضع شك ، لكن تماثل الرغبتين لدى الكائنين جعلتهما

أما تلك الالمباالة التي تعبر عنها نظرة الحيوان بعد المعركة فهي . يتواجهان في معركة مميتة عالمة على وجود يتس .اوى جوهريا مع العالم ويتحرك فيه كما يتحرك الماء في الماء

)2(

اإلنسانية وتهيئة العالم

ألن ما طرحته سابق ا يتضمن إقحام ا للعقل .لن أحاول اآلن إعطاء أساس أكثر صالبة لما سبق خارج مجال ما هو منقطع أو منفصل discontinu أريد .جاله الممتاز ،والذي ي عد على األقل م

.االنتقال بال انتظار أكثر،إلى ذلك الوسط الصلب الذي نعتقد أن بإمكاننا االستراحة فوقه

األداة:طرح الشيء كموضوع)1(فقرة

إن طرح الشيء كموضوع هو طرح غير معطى في الحيوانية،لكنه معطى ضمن االستعمال تخدم األدوات كوسائل يتم تكييفها مع النتيجة يكون ذلك على األقل عندما ت س.البشري لألدوات

Page 12: Theorie de la religion جورج باتاي- نظرية الدين_ ت. محمد علي اليوسفي

إذ عندما ت جه ز األدوات من أجل .أي عندما يقوم مستعملو األدوات بتحسينها وتطويرها-المتوخاةما يحصل عليه المرء من نتائج ،أي من أجل غاية متوخاة منها،عندئذ يقوم الوعي بطرح تلك

إياها كسلسلة انقطاعات في االستمرارية غير األدوات على أساس أنها أشياء،مواضيع،معتبرا ".أنا-ال" فاألداة المصنوعة هي الشكل الناشئ لل ـ .المتميزة

في عالم تكون الذات فيه مشاركة في نوع العناصر L exterioriteتقوم األداة بإدخال البرانية والعنصر الذي تشارك الذات ".كما الماء في الماء" التي تميزها،بل إنها تشارك في العالم وتدوم

كذلك ال يمكن للذات أن تكون تابعة للعنصر (ليس تابعا لها-سواء أكان العالم أم حيوانا أم نبتة-فيهلكن األداة تابعة لإلنسان الذي يستخدمها ويستطيع تعديلها كما ).الذي تشارك فيه مباشرة

. يشاء،هادف ا إلى نتيجة معينةمثل القيمة التي تملكها الذات أو العالم،أو حتى العناصر -ي حد ذاتهاوليس لألداة من قيمة ف

.إال ضمن عالقتها بالنتيجة المتوخاة منها،فقط-التي لها المعنى ذاته الذي تملكه الذات أو العالموكذلك . وهكذا فإن الزمن الذي تتطلبه صناعة تلك األداة هو الذي يطرح فائدتها مباشرة ويكشفها

يستخدمها بقصد تحقيق غاية ما،وبالتالي تبعية األداة لتلك الغاية؛ويطرح في اآلن تبعيتها لمنومن سوء الحظ أن .نفسه التمييز الواضح للغاية والوسيلة على الصعيد نفسه الذي حدده ظهوره

وهنا تكمن خدعة من أكثر خدع اللغة خطورة . الغاية تكون معطاة هكذا من حيث الوسيلة والفائدةإذ أن الغاية من استخدام أداة ما،لها المعنى نفسه الذي الستخدام األداة؛ ثمة نفعية .لنظر ولفتا ل

فالعصا تنكش األرض من أجل ضمان النمو للنبتة،والنبتة تزرع لتؤكل،وتؤكل للمحافظة . متتابعةة إن ال معقولية هذه اإلحالة التي ال تنتهي هي وحدها التي تبرر الالمعقولي…على حياة زارعها

بإدراج الكائن المستمر " الغاية الحقيقية " وتقوم . المساوية لغاية حقيقية ال تجدي نفعا continu أما إذا تعلق األمر بكائن يتصف بالتميز نفسه الذي لألداة ، : الضائع في العالم كما الماء في الماء

". غاية حقيقية"ن هناك فإن البحث عن المعنى يتم على صعيد المنفعة،على صعيد األداة،ولن تكود ، وليس له مبرر أو معنى وحده عالم تضيع فيه الكائنات بال تميز،هو عالم نافل،غير م ج إن له :

.قيمة من أجل شيء آخر غيره ، وهكذا دواليك وبالمقابل فإن للموضوع معنى يقطع االستمرارية غير المتميزة ويتعارض مع المحايثة أو

إنه غريب قطعا عن الذات، عن األنا التي ما تزال . ويتجاوزه متعاليا-ائناطراد كل ما هو ك . وهو ميزة للذات وشيء لها ، لكنه ليس أقل غموضا بالنسبة إليها . مستغرقة في المحايثة

التي تملكها الذات عن الموضوع هي -الناجزة والواضحة والمتميزة–إن المعرفة الكاملة نع معرفة خارجية تماما ، أعرف ما هو الشيء الذي صنعت ه ويمكن أن أضع (*) : وتعود إلى الص

أو مثلما(آخر مماثال له ؛ لكنه ليس بإمكاني أن أصنع كائنا مماثال لي كما يصنع الساعاتي ساعة و ال أعرف في الواقع من هو هذا ) يصنع نصال من حجارة قاطعة(**)كان إنسان عصر الرنة

. أجهل أيضا ما هذا العالم ، وال يمكنني إنشاء عالم آخر بأية طريقة كانتالكائن الذي هو أنا ؛ ربما كانت هذه المعرفة الخارجية سطحية،لكنها وحدها تملك القدرة على اختصار المسافة

أقرب إلينا -رغم أنها تظل مغلقة دوننا-إنها تجعل تلك األشياء.بين اإلنسان واألشياء التي تحددها . ا وأكثر أنس

ـــــــــــــــــــــــــــــذلك أن األداة هي شيء مصنوع رأسا، كما أن . لقد عمدت كما هو مالحظ ، إلى وضع األداة والشيء المصنوع في مستوى واحد (*)

وما على أنه والوسيلة الوحيدة التي تحرر الشيء المصنوع من عبودية األداة هو الفن ،مفه. الشيء المصنوع أيضا هو أداة بمعنى ما لكن الفن نفسه ، ال يمنع ، من حيث المبدأ، أن يستخدم الشيء الذي يبدعه ويزينه لهذا الغرض أو ذاك ،فالبيت أو الطاولة . غاية حقيقية

النشاط وما أقل األشياء المصنوعة التي امتلكت خاصية اإلفالت من كل وظيفة مرتبطة بدورة .أو الثياب ، شأنها شأن المطرقة،لها فائدتها !النفعي(**)Renne نوع من األيائل.

Page 13: Theorie de la religion جورج باتاي- نظرية الدين_ ت. محمد علي اليوسفي

)مواضيع(طرح بعض العناصر المحايثة كأشياء )2(فقرة إن طرح الشيء كموضوع مدرك ومعروف بوضوح وتميز من الخارج،يحدد عموم ا دائرة

لألشياء أو عالم ا أو مستو ى معينا ،يمكن أن ي درج ضمنه بوضوح وتميز، وذلك ظاهري ا ع لى وهكذا فإن الناس،بعد أن حددوا أشياء . األقل،كل ماال يمكن أن يكون معروف ا،مبدئي ا،بالطريقة نفسها

مستقرة وبسيطة وقابلة للصنع،عمدوا إلى تحديد عناصر أخرى ضمن الدائرة نفسها التي حصروا جر فيها األشياء السابقة،وكأن العناصر الجديدة المحددة قابلة للمقارنة بالعصا والح

المصقول،برغم أنها كانت وال تزال توجد ضمن استمرارية العالم،مثل الحيوانات والنباتات وهذا يعني ،بتعبير آخر،أننا ال نتعرف على .والناس اآلخرين، وأخيرا مثل الذات المحددة نفسها

خر ذواتنا بوضوح وتميز إال يوم نرى إلى أنفسنا من الخارج كآخرين،وبعد أن نكون قد ميزنا اآل .ضمن المستوى أو الدائرة التي الحت لنا فيها األشياء المصنوعة بتميز

هذا اإلدراج لعناصر من طبيعة الذات أو من الذات نفسها،ضمن دائرة األشياء،يعتبر عملية لكن هذه العرضية النسبية ذات أهمية أدنى من تلك .عرضية ومؤقتة وغير ثابتة ومنجزة بتفاوت

كة من الخارج اإلمكانية الحاس مة المنطلقة من زاوية نظر تكون فيها العناصر المحايثة م د ر أم حيوانا ) ذاتنا نحن( سواء أكان ذات ا-ثم نتوصل في النهاية إلى رؤية كل ما يتجلى أمامنا.كأشياء

وباعتباره . من الداخل ومن الخارج في آن،باعتباره استمرارية لنا ،نحن أنفسنا -أم روحا أم عالما ضوع ا أيضامو (*).

الموضوع،أو الذات المدركة موضوعي ا -تحدد اللغة،من مستوى إلى آخر،مقولة الذات لكن موضوعية من هذا القبيل،برغم وضوحها من حيث طرح .بوضوح وتميز انطالقا من الخارج

إذ أن هذا العنصر يحافظ في الوقت نفسه على صفات الذات :عنصر منفصل،تظل غامضةوهكذا فإن تعالي األداة،وخاصية االبتكار والخلق المرتبطة باستعمال تلك .الموضوع كلهاوصفات

األداة،ي نسبان في غموض والتباس،إلى الحيوان والنبات والنيزك،كما ي نسبان أيضا إلى العالم .(**)برمته

ــــــــــــــــــــــــــــــــــ ).في ذاته( ،وي عي ن الموضوع،في السياق اللغوي نفسه،على أنه)الوجود لذاته(،بعد هيغل،ما تدعوه الفلسفة الوجودية":نحن أنفسنا(*) " إذا حاول ت أن أفهم ماذا ي عي ن ه فكري عندما يأخذ العالم موضوع ا له،وبعد .هذا الخلط األخير هو على األرجح أكثر إثارة للفضول(**)

الصانعة،يبقى هذا العالم في مثل االستمرارية من الداخل -شبه األداة المصنوعةي شيءالتغلب على المعقولية العالم كموضوع منفصل،ك لم أتمكن بالفعل من منح الذاتية حد األنا أو : إلى الخارج ومن الخارج إلى الداخل؛ وهي االستمرارية التي توج ب علي اكتشافها في النهاية

تبي نها في موضع آخر،بل ألنني لم أتمكن من تحديدها في أنا فقط،وبالتالي لم األنوات اإلنسانية،وليس مرد ذلك إلى عدم قدرتي على .أتمكن من تحديدها بأية طريقة كانت

.طرح األشياء كذوات) 3(فقرة بعد إثبات االلتباس األول وتحديد مستو ى لذوات مواضيع،يصبح بإمكان األداة نفسها أن -

وهكذا يمكن للموضوع،وهو األداة ،أن يفتكر بدوره .ى ت طرح ،عند اللزوم،ضمن ذلك المستوفيأخذ صفات الذات ويأخذ مكانه إلى جانب النبات والنيازك أو البشر الذين يكون .موضوع-كذات

ويصبح (*) Le continuum. الشيء قد انتقل إليهم،وانتزعهم من االت صالية/تعالي الموضوعويمكن إلنسان أن يأخذ : نفصال ،كما كان، في ذهن صانعه مت صال بالنسبة لمجمل العالم لكنه يظل م

. ذلك الشيء،النش ابة مثال ، على أنها تشبهه،من دون أن ينزع عنها قدرتها الفاعلة وتعاليها كنش ابةر م ن ابتكره،ال يختلف و وفي النهاية فإن ذلك الشيء الذي ينتقل وضعه بتلك الطريقة هو،في تص

. النش ابة ،في نظره،قادرة على الفعل والتفكير والكالم مثله وهذه:عنه،وهو صانعه ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

.مجموعة عناصر متجانسة يمكنها االنتقال باستمرار من عنصر إلى آخر فيها: في الفيزياء(*)

الكائن األسمى) 4(فقرة

Page 14: Theorie de la religion جورج باتاي- نظرية الدين_ ت. محمد علي اليوسفي

لو أننا تمثلنا اآلن أناس ا يتصورون ال بالنسبة إلى حميميتهم (عالم ضمن الوجود المتصل قادر على "شيء لتوجب علينا أيضا أن نتبين حاجتهم ألن ينسبوا إليه خاصيات ) وذاتيتهم العميقة

،يكتسب هذا شيءفي عملية اختزال العالم إلى ). كما يفعل الناس تماما " (الفعل والتفكير والكالملكن هذه القوة الخالقة المتميزة ذاتيا،تملك في الوقت .ة الخالقةالعالم شكل الفردانية المنعزلة والقو

.نفسه تلك الطبيعة اإللهية للوجود الالشخصي،الالمتميز والمحايثثل بشكل أساسي في محايثة بال حدود واضحة إن العالم بمعنى ما ،ال يزال ي م انسياب (

وهكذا ).غير المستقر للمياه داخل المياه واطراد غير متميز للكائن في الكائن،أفكر في الحضورمتميز ومحدود مثل شيء من األشياء، داخل العالم،يكون في البداية " كائن أسمى"فإن وضع

لكن هذه .رغبة في تحديد قيمة أكبر من غيرها" كائن أسمى"والشك أن في ابتداع .إفقارا وعوزاللكائن "لك أن الشخصية الموضوعية الرغبة في اإلكبار والتعظيم تكون نتيجتها االستنقاص،ذ

كائنات أخرى مشخ صة ومن الطبيعة نفسها،ومثلما هو نفسه إلى جانبتضعه في العالم،" األسمى فالبشر والحيوانات والنباتات والنجوم .ذوات ومواضيع في آن،فإنه يتميز عنها بوضوح

من هذا " كائن أسمى" انبإلى جما داموا أشياء وكائنات حميمة في آن،يمكن افتكارهم …والنيازك النوع،يكون موجود ا في العالم كغيره،ومنفصال كاآلخرين،من دون أن يكون هناك مجال للتساوي

النهائي بينهم جميع ا ي عرف بخاصية العزة المسيطرة على " الكائن األسمى"وبالتالي فإن . شخصية،وبإمكانهم جميع ا رغم أن الجميع هم من نوع واحد تمتزج فيه المحايثة والهوية ال.الجميع

وهكذا فإنهم يصطفون أساسا على .ومتحلين بقوة فاعلة ويتحدثون لغة اإلنسان إلهيينأن يكونوا .قدم المساواة رغم كل شيء

وال يتردد المسيحيون اليوم في .ينبغي التشديد على طبيعة اإلفقار والتحديد الالإراديين التي يتذكرها " الكائنات السامية"ؤمنون به،في مختلف االعتراف بالوعي األول لإلله الذي ي

ا بقدر ما يعبر،بالعكس، ومن دون أي .البدائيون ا وإزهار لكن هذا الوعي النامي ليس تفت ح تعويض،عن نوع من الذبول إلحساس حيواني .

المقد س) 5(فقرةالعملية قد تكللت ويبدو أن".الكائن األسمى"ال شك أن جميع الشعوب قد تصورت هذا

عند البدائيين يتمتع بحظوة مساوية لتلك التي حصل " الكائن األسمى"لم يكن .بالفشل في كل مكانكأن العملية قد حدثت في زمن كان اإلحساس .عليها إله اليهود،ذات يوم،ثم إله المسيحيين فيما بعد

اإللهية للكائنات الحية وللعالم قد باالستمرارية فيه قويا جدا ،وكأنما االستمرارية الحيوانية أو الحت في البدء محدودة وم ف قرة بسبب محاولة أولية خرقاء سعت نحو االختزال إلى فردانية

كل شيء يشير إلى أن البشر األوائل كانوا أقرب منا إلى الحيوان؛وربما كانوا يميزونه .موضوعيةإن الشعور باالستمرارية .لهلع والحنينعن ذواتهم،لكن ذلك لم يكن ليتم من دون ارتياب يشوبه ا

كان وضع األشياء المتميزة( الذي ننسبه للحيوان لم يعد ي فرض وحده على الذهن. لكنه استمد داللة جديدة من التعارض الذي كان يقيمه مع عالم األشياء).بمثابة نفي له

آخر،وكانت فيه، واالستمرارية التي لم يكن من الممكن أن تتميز،عند الحيوان،عن أي شيء ول ه ،بمثابة الكيفية الوحيدة الممكنة للكائن،أقامت تعارضا عند اإلنسان بين فقر األداة الدنيوية،

.وجاذبية العالم المقدس كلها)الشيء المنفصل(المدنسة لم يعد اإلحساس بالمقدس،طبعا ،مثل شعور الحيوان الذي تضيعه االستمرارية في ضباب ال

وفي البداية،إذا كان صحيحا أن الغموض لم ينته من عالم الضباب فإن هذا األخير .شيء يتميز فيهوهذه الكتلة المعتمة تبدو بتميز عند حدود ما هو .يشهر كتلة معتمة في وجه عالم واضح

إنه يتميز على األقل،من الخارج،عم ا هو واضح،وكان الحيوان من جهة ثانية يرضى:واضح ره من دون احتجاج ظاهر،بينما يبدي اإلنسان،أثناء إحساسه بالمقدس،نوعا من بالمحايثة التي تغم

وليس هناك أدنى شك في أن ما هو مقدس يجذب ويملك قيمة ال .وهو هلع غامض.الهلع العاجز

Page 15: Theorie de la religion جورج باتاي- نظرية الدين_ ت. محمد علي اليوسفي

تقارن،لكن ذلك يبدو في الوقت نفسه خطيرا بصورة مد وخة بالنسبة إلى هذا العالم الواضح .اإلنسانية ملكها الممتازوالمدنس الذي تقيم فيه

األرواح واآللهة) 6(فقرة التي ت عد األشياء، وكلها متعارضة مع (*)إن المساواة والتفاوت بين هذه الوجودات المختلفة

مواضيع خالصة، تجد حلها في مراتبية ،فضال عن "الكائن األسمى"وهكذا فإن البشر و. لألرواح في glissement التصورات البدائية األولى،هم أرواح،وثمة انزالق الحيوان والنبات والنيازك في

كذلك ال تخضع روح :هو بمعنى من المعاني روح محض" الكائن األسمى"فـ :معطى هذا الوضعأو نبتة (إنسان ميت إلى واقع مادي واضح مثل واقع اإلنسان الحي،وأخيرا فإن صلة روح حيوان

بحيوان أو ن ب تة م ش خ )…الخ ي ن، هي صلة واهية جدا ؛ذلك أن األمر يتعلق بروح أسطورية ص ضمن هذه المعطيات تنزع المراتبية بين األرواح إلى التأسس انطالقا .مستقلة عن الحقائق المعطاة

من تمييز أساسي بين األرواح الخاضعة ألجسام،مثل أرواح البشر، واألرواح المستقلة كما هو وهذه األرواح األخيرة تميل إلى …والحيوانات والموتى الخ" األسمىالكائن "الشأن بالنسبة لـ

الكائن "وليس .تشكيل عالم متجانس ، عالم أسطوري،تكون الفروقات المراتبية داخله ضعيفة غالبا ،رب األرباب،اله السماء،بصورة عامة ،سوى إله أقوى وأقدر لكنه من طبيعة مجانسة "األسمى

.لآللهة األخرىوالروح التي ال تخضع إلى جسم . آللهة بكل بساطة هي أرواح أسطورية بال قوام واقعيإن ا

فان هي اإلله وهي اإللهي المحض ، )مقدس( ونظرا لكون اإلنسان روحا فهو إلهي ). المقدس( .لكنه ليس كذلك بصورة مطلقة ألنه واقعي

ــــــــــــــــــــــــــــــــــ" هذه الوجودات المختلفة"وقبل هذا التحوير في الصياغة كانت .إلى تحوير 5و 4خضعت الفقرتان : الفرنسي مالحظة من الناشر (*)

ة المسيطرة" الكائن األسمى"لـ : " 4تعود مباشرة إلى الجملتين األخيرتين من الفقرة مبدئيا العز لكنه بما هو خالق متميز عن . ر على قدم المساواة مع مجمل الوجودات الفردية التي تشارك مثله في المحايثة، وتتحلى العالم، يصطف بمعنى آخ فيالعالم،وفردانيته

.مثله بالقوة الفاعلة وتتكلم اللغة نفسها التي يتكلمها

وضع عالم األشياء ووضع الجسد كشيء)7(فقرةرة في وضع الشيء والموضوع واألداة والماعون أو في حالة وضع يتعلق بمستوى أو بدائ

يكون العالم الذي يتنقل فيه ) حيث تتخذ نظائر الذات،والذات نفسها، قيمة موضوعية(لألشياءلكن العالم الالواقعي لألرواح السامية،أو . الناس ما يزال يشكل،أساسا ،استمرارية منطلقة من الذات

أشياء وهكذا تطرح حقيقة عالم مدنس،عالم.اآللهة،يطرح الواقع،الذي ليس هو،بمثابة نقيض له .وأجساد،في وجه عالم مقدس وأسطوري

لكن . وفي حدود االستمرارية يكون كل شيء روحاني ا ،وما من تعارض بين الروح والجسد وضع عالم األرواح األسطورية والقيمة السامية التي يتلقاها هما بالطبع مرتبطان بتعريف الجسد

بين الروح والجسد ليس مثل اختالف واالختالف .الفاني على أنه متعارض مع الروح ففي المحايثة األولى ليس هناك اختالف ممكن قبل طرح . والموضوع)المحايثة(االستمرارية

كذلك،وفي وضع الذات ضمن دائرة للم واضيع .األداة المصنوعة ) الموضوع-مستوى الذات( وانطالقا من التص ور األسطو.كانت األرواح ال تزال غير مميزة عن الجسد ري لألرواح المستقلة

هكذا يبقى العالم .فقط يوجد الجسد إلى جانب األشياء،باعتباره يلحق نقصا باألرواح السامية رويد ا رويدا تلتحق الحيوانات والنباتات : الواقعي بمثابة فضلة مترتبة على والدة العالم اإللهي

ي لألدوات،ويندمج الجسد الواقعية المنفصلة عن حقيقتها الروحية بالموضوعية الخاوية التوالواقع البشري مقدس بما هو روح،لكنه مدنس بما .البشري الفاني شيئا فشيئا في مجمل األشياء

وتشكل الحيوات والنباتات واألدوات واألشياء األخرى المتحركة مع األجساد التي . هو واقعي . تحركها،عالما واقعيا خاضعا لقوى إلهية تخترقه،لكنه عالم ساقط

Page 16: Theorie de la religion جورج باتاي- نظرية الدين_ ت. محمد علي اليوسفي

.الحيوان المأكول ، الجثة والشيء) 8(فقرة إن تعريف الحيوان كشيء هو تعريف أصبح على الصعيد اإلنساني معطى أساسي ا لقد فقد .

الحيوان جدارة مماثلة اإلنسان، واإلنسان الذي يتبين الحيوانية في نفسه،ال ينظر إليها إال كطرح tare فالحيوان يوجد . تان في النظر إلى الحيوان على أنه شيء والشك أن هناك قسما من البهوالحيوان المأكول ال يمكن طرحه كموضوع إال . وينبغي أن يموت أو يدجن كي يصبح شيئا.لذاته

ومع ذلك فان . وهو ليس شيئا تماما إال في شكل لحم مشوي أو مطبوخ. شريطة أن يؤكل ميتاإنه يتعلق قبل كل شيء بكون اإلنسان : بفن األكل أساسا إعداد اللحوم ليس له معنى البحث المتعلقفي ال يشاركواإلنسان في األوضاع العادية هو حيوان .ال يأكل شيئا قبل أن يجعل منه موضوعا

لكن قتل الحيوان وتحويله حسب الرغبة ال يعني فقط تحويله إلى شيء، والحال أنه لم .ما يأكلوما أقتله وأقطعه .حديد الحيوان الحي،مسبقا،باعتباره شيئايكن كذلك في البداية،بل يعني أيضا ت

ومع . أما تقطيع اإلنسان وطبخه وأكله فهو بالعكس فعل شنيع. وأطبخه إنما اعتبره ،ضمني ا، شيئاوبرغم المظاهر،ال يزال الماديون .ذلك فإن دراسة التشريح لم تصبح مقبولة إال منذ عهد قريب

مشويا أو -ريقة تجعلهم يعتبرون عملية جعل اإلنسان شيئاالمتصلبون متعلقين بالدين بطومن بؤس . زد على ذلك أن الموقف اإلنساني إزاء الجسد ذو تعقيد مذهل. جريمة شنيعة…حساء

إن مجد الجسد . اإلنسان،باعتباره روحا، أن يملك جسد حيوان ويكون بالتالي مثله مثل الشيءالشيء ، بحيث ال -لروح على صلة متينة جدا بالجسدوا. اإلنساني يكمن في كونه قواما للروح

يني هذا األخير مسكونا ، وال يكون شيئا أبدا إال في أقصى مدى ، إلى حد أنه إذا ما حوله الموت فالجسد الذي خان الروح يزداد ظهورا أكثر : إلى شيء، تصير الروح أكثر حضورا من أيما وقت

ذلك أن .معنى من المعاني ، هي أكمل تأكيد للروحوالجثة ، ب. من ظهوره عندما كان يخدمها العجز النهائي وغياب الميت هما اللذان يكشفان جوهر الروح ، مثلما تكون صرخة الذي ي قتل

أقصى تأكيد للحياة وبالعكس ، تكشف جثة اإلنسان عن تحويل جسم الحيوان تحويال مكتمال إلى . مبدئيا عنصر تابع حصرا، وال قيمة له في حد فهو. حالة شيء،وبالتالي تحويل الحيوان الحي

. ونافع أيضا مثل النسيج والحديد أو الخشب المصن ع. ذاته

العامل واألداة ) 9 ( فقرة والمبدأ . وهو يؤدي إلى استالب من خلقه . يتم إدراك عالم األشياء ، بصورة عامة ، كسقوط

ر التابع فحسب ، بل يعني تحويل الفاعل نفسه إن االستتباع ال يعني تحويل العنص: األساسي فهي تخضع الطبيعة لإلنسان الذي يصنع األداة : إن األداة تغير الطبيعة واإلنسان في آن . أيضا

تصبح الطبيعة ملك اإلنسان لكنها تكف عن . ويستخدمها ، لكنها تربط اإلنسان بالطبيعة المسخ رة وإذا أخضع العالم لسلطته فإن ذلك ال يتم .تكون مغلقة دونه وهي مل كه بشرط أن .كونها ماثلة فيه

إن كل ما هو خاضع .إنه ينفي العالم فينفي نفسه:إال في نطاق كونه ينسى بأنه هو نفسه العالملسلطتي يعلن بأنني حكمت على كل ما يشبهني بأال يوجد لغايته الخاصة بل من أجل غاية غريبة

. ة عن الواقع الذي صنعه،وكذلك غاية حبة قمح ، أو عجل عنه،وهكذا فان غاية محراث غريب ولو أنني أكلت القمح ، أو العجل ، بطريقة حيوانية لتحو ال بدورهما عن غايتهما الخاصة، وأ تلفا

الشيئينفجأة باعتبارهما قمحا وعجال ،ولن يتمكن القمح والعجل ، في أي وقت ، من أن يكونا كوحدة إنتاج زراعي ، والعجل هو رأس ماشية ، توجدن حبة القمح إ. اللذين كانا في البداية

والحال أن غاية المزارع في . والذي يزرع القمح مزارع ، ومن يربي العجل هو مربي حيوانات اللحظة التي يزرع فيها ليست غايته الخاصة ، وغاية المربي في اللحظة التي يربي فيها

لمحاصيل الزراعية والماشية أشياء ، والمزارع أو المربي ، إن ا. الحيوانات ليست غايته الخاصةوكل ذلك غريب عن امتداد المجال المحايث حيث ال توجد . في لحظة عملهما ، هما أيضا شيئان

وفي النطاق الذي يكون اإلنسان فيه هو االمتداد المحايث، وهو الكائن، . انفصاالت وال حدود . إنه محراث من يأكل الخبز : ليس المزارع إنسان ا . ذاته العالم ، يصير غريبا عن منويكون

.وفي أقصى مدى ، يكون فعل اآلكل نفسه هو عمل الحقول أصال ، إذ يتزود له بالطاقة

Page 17: Theorie de la religion جورج باتاي- نظرية الدين_ ت. محمد علي اليوسفي

)3( التضحية والعيد ومبادئ العالم المقدس

. الضرورة التي تستجيب لها التضحية ومبدأها ) 1 ( فقرة ل األرض ، أو التضحية برأس من الماشية ، إلخراج النبتة أو يقام االحتفال ببواكير غال

.الحيوان من عالم األشياء ، وكذلك المزارع ومربي الحيوان إن مبدأ التضحية هو اإلتالف ، وب�رغم أن ه�ذا المب�دأ ي�ذهب أحيان�ا إل�ى ح�د اإلت�الف الكام�ل

. ترمي إليه التضحية ليس اإلبادة ،فإن اإلتالف الذي )- الهولوكوست– الكبرى " التضحيات " كما في ( تقضي التض�حية عل�ى . هو ما ترمي التضحية إلى إتالفه في الذبيحة – والشيء وحده– إنما الشيء

صالت التبعية الواقعية لموضوع ما ، وتنتزع الضحية من عالم المنفعة لتعيدها إلى عالم النزوات رة الت�ي سيض�حي ب�ه الك�اهن فيه�ا ، فإن�ه وعندما يدخل الحيوان المقدم كذبيح�ة إل�ى ال�دائ . الغامض

ويعرفه��ا م��ن الش��يء المغلق��ة دون اإلنس��ان ال��ذي يعتبره��ا بمثاب��ة – ينتق��ل ب��ذلك م��ن ع��الم األش��ياء وهذا يفترض ان�ه ل�م . إلى عالم ماثل فيه وحميم ومعروف كما المرأة في استهالك الجسد – الخارج

مق�دم ( إن االنفص�ال المس�بق ب�ين الك�اهن . يعد منفصال عن حميميته كما هي حاله في تبعيته للعم�ل وعالم األشياء هو انفصال ضروري من أجل العودة إلى الحميمية والمحايثة بين اإلنسان ) الذبيحة

يحتاج مقدم الذبيحة إلى التض�حية ك�ي ينفص�ل ع�ن ع�الم األش�ياء . والعالم،وبين الذات والموضوع يق��ول . ا إذا ل��م يس��بقها المض��حي إل��ى ذل��ك وال يمك��ن للض��حية أن تنفص��ل ع��ن ع��الم األش��ياء ب��دوره

إلى العالم السامي لآللهة واألس�اطير، إل�ى ع�الم الس�خاء العني�ف وب�ال حميميا أنا أنتمي :" المضحي إني أنتشلك أيتها الضحية من العالم الذي كن�ت في�ه مج�رد . حساب، كما تنتمي امرأتي إلى رغباتي

العالم اإللهي،ومحايث�ة ك�ل م�ا ه�و حميمية ى أدعوك إل . شيء،مع معنى خارج عن طبيعتك الحميمة . كائن

اإللهيالواقعية العالم ) 2(فقرة الن التض�حية أساس�ا . إنه مونولوغ ـ مناجاة ـ طبعا ، وال يمك�ن للض�حية أن تس�مع أو تجي�ب

ا ولو أنها أخذتها بعين االعتبار إذن لخالفت طبيعتها التي تعد تحديد . تعرض عن الصالت الواقعية وال يمك�ن للتض�حية أن ت�ؤدي إل�ى إت�الف الحي�وان . المتميز للواقع ، نقيضا لعالم األشياء المؤسس

وه�ذا ه�و م�ا يطب�ع ع�الم التض�حية بط�ابع مجاني�ة . الموض�وعي واقع�ه بما هو شئ م�ن دون نف�ي وتتض�من . غير أنه ليس باإلمكان تحطيم القيم الت�ي تؤس�س الواق�ع وتقب�ل ح�دوده ف�ي آن . ساذجة

ذلك أن ال�وعي م�رتبط بوض�ع األش�ياء كأش�ياء مدرك�ة : لعودة إلى الحميمية المحايثة وعيا مبهما ا مباش��رة ، خ��ارج أي إدراك غ��امض ، بعي��دا ع��ن الص��ور الالواقعي��ة دائم��ا لفك��ر مؤس��س عل��ى

. المشاركة

. الترابط االعتيادي بين الموت والتضحية ) 3(فقرة إلى ما ه�و أبع�د بحي�ث يب�دو القت�ل في�ه بمثاب�ة طريق�ة لمس�ح يذهب الالوعي الساذج للتضحية

ول��يس القت��ل ف��ي الحقيق��ة . اإلهان��ة الت��ي ألحق��ت ب��الحيوان بع��د تحويل��ه إل��ى ش��يء بطريق��ة بائس��ة لك�ن أكب�ر نف�ي للنس�ق ال�واقعي ه�و األنس�ب لظه�ور النظ�ام أو النس�ق . ضروريا بأتم معنى الكلمة

ل القرباني حال بطريقة مقلوبة للتعارض الشاق بين الموت ومن جهة أخرى يقدم القت . األسطوري فالموت ليس شيئا في المحايثة ، ولكن بما أنه ال ش�يء ، فم�ا م�ن ك�ائن أب�دا ينفص�ل عن�ه . والحياة

ونظرا لكون الم�وت يفتق�ر إل�ى معن�ى ، وال ف�رق بين�ه والحي�اة ، وال وج�ود لخ�وف أو دف�اع . حقا وتفقد الديمومة قيمتها أو أنها ال توجد . دون أن يثير أية مقاومة ضده ، فإنه لذلك يكتسح كل شيء

وب�العكس . angoisse إال لكي تبعث اإلحساس بل�ذة مرض�ية ناجم�ة ع�ن الحص�ر أو القل�ق النفس�ي

Page 18: Theorie de la religion جورج باتاي- نظرية الدين_ ت. محمد علي اليوسفي

فإن الوضع الموضوعي لعالم األشياء ، وهو وضع متعال بمعنى من المعاني بالنسبة للذات ، إنم�ا في الواقع يملك وضعا منفصال أو معن�ى إال إذا ط�رح وقت�ا تالي�ا شيء وال : يتأسس على الديمومة وإذا أتلف،كم�ا . وال يتحدد الش�يء كق�وة فاعل�ة إال إذا انط�وى عل�ى الديموم�ة . يتشكل خالله كشيء

هو شأن الغذاء أو الوقود ، فإن اآلكل والشيء المصنوع يحافظان عل�ى قيم�ة ذل�ك الغ�داء والوق�ود والزمن القادم يشكل ذلك العالم الواقعي بطريق�ة . لغاية الدائمة للفحم أو للخبز ضمن الديمومة مثل ا

لكن ولهذا السبب بالذات، يكون الموت فيه ،هو كل . جيدة إلى درجة أن الموت ال يجد فيه مكانا له عالم األشياء أن يترك للموت مظهرا الواقعي�ا ، ب�رغم أن ) تناقض ( والواقع أنه من ضعف . شيء . اإلنسان لذلك العالم يرتبط بوضع الجسد كشيء في نطاق كونه فانيا انتماء وليس الموت تحديدا هو الذي ال يملك مكانا في ع�الم األش�ياء . إنه في الحقيقة مظهر سطحي

ذلك أن الموت يفضح تض�ليل الواق�ع ، ل�يس الن غي�اب الديموم�ة . ، والالواقعي في العالم الواقعي يلغي النظام الواقعي نفي . ب،بل النه التأكيد األكبر على الصرخة المفتونة بالحياة يذكر ببهتانه فحس

الواقع الذي ه�و الم�وت أق�ل مم�ا يلغ�ي تأكي�د الحي�اة الحميم�ة المحايث�ة،التي يش�كل فيه�ا العن�ف،بال يتوج��ب عل��ى . ح��دود،خطرا عل��ى ثب��ات األش��ياء ، وه��و خط��ر ال يظه��ر بوض��وح إال ف��ي الم��وت

هذه الحياة الحميمة ويستبدلها بالش�يء ال�ذي ه�و الف�رد ف�ي مجتم�ع – يحيد– أن يلغي النظام الواقعي للحي�اة الالمرئي لكنه ال يستطيع أن يحول دون كشف اختفاء الحياة في الموت؛ذلك البريق . العمل

إن قوة الحياة تعني أن العالم الحقيقي ال يستطيع أن يملك عن الحياة سوى ص�ورة . شيئا الذي ليس ول�م يك�ن أح�د ليتع�رف إل�ى . حايدة ، وان الحميمية ال تفصح عن هالكها المتألق إال لحظ�ة زواله�ا م

لق�د ك�ان الم�وت ش�يئا : وجودها عندما كانت موجودة ، ألنها كانت مهملة لصالح األشياء الواقعي�ة ك�ون عندئ�ذ ال ي . لكن�ه يظه�ر فج�أة أن المجتم�ع ال�واقعي ك�ان يك�ذب . واقعيا شأنه شأن أشياء أخ�رى

فقدان الشيء ، العضو النافع ، هو الذي يؤخذ بالحس�بان ،وم�ا فق�ده المجتم�ع ال�واقعي ل�يس عض�وا هذه الحياة الحميم�ة الت�ي ل�م تع�د له�ا س�لطة ك�ي تبلغن�ي ملي�ا والت�ي كن�ت افتكره�ا . منه ، بل حقيقته

الحي��اة ف��ي ف��الموت يكش��ف . وأتبينه��ا كش��يء، ال يمك��ن أن تع��ود كلي��ا إل��ى حساس��يتي إال بالغي��اب وال يهم كثيرا أن يكون هذا النظام ال�واقعي ه�و ال�ذي تطلب�ه . امتالئها ويقضي على النظام الواقعي

ديمومة ما لم يعد له وجود،وفي اللحظة التي يتخلف فيها عنصر ما عما يتطلبه ، ال ينتج عن ذل�ك وال يع�ود . شى دفعة واحدة هذا الكيان ، النظام الواقعي ، يتال : وجود كيان مهدد بالزوال ، ويكابد

له اعتبار ، أما ما يأتي به الموت عبر الدموع فهو إتالف غير مجد للنظام الحميم . إنه رأي ساذج ذاك الذي يقيم صلة وثيقة ب�ين الم�وت والح�زن ، ذل�ك أن دم�وع األحي�اء الت�ي

بعي�دا ع�ن أن تك�ون وه�ي . تستجيب أيضا للفرح، هي أبعد من أن تكون ذات معنى مض�اد للف�رح ص�حيح أن ه�ذا ال�وعي . مؤلمة ، تعبر عن وعي حاد بالحياة المشتركة بإدراكه�ا ض�من حميميته�ا

الحاد ال يبلغ ذلك المستوى من الحدة إال عندما يعقب الغياب الحضور فجأة ، كم�ا ف�ي الم�وت ، أو ) ت�رد عن�د المتص�وفة ب�المعنى الق�وي للكلم�ة كم�ا ( وفي هذه الح�ال يك�ون الع�زاء . مجرد االنفصال

مرتبط��ا بم��رارة كون��ه ال ي��دوم ، ولك��ن تالش��ي الديموم��ة تحدي��دا ،ومعه��ا ع��دة تص��رفات محاي��دة وبتعبي�ر آخ�ر،من الواض�ح أن الحاج�ة ( مرتبطة بها ،هو الذي يكشف عمق�ا لألش�ياء، بريق�ه يعم�ي

). الت�ي تحررن�ا إلى الديمومة هي الت�ي تخ�تلس من�ا الحي�اة، واس�تحالة الديموم�ة وح�دها مب�دئيا ه�ي وف�ي ح�االت أخ��رى تس�تجيب ال�دموع ، بالمقاب��ل ، للنص�ر غي��ر المتوق�ع وللح�ظ ال��ذي نب�تهج ب��ه ،

. ولكن ذلك يتم دائما بطريقة خرقاء ، بعيدا عن هموم زمن مقبل

استهالك التضحية) 4(فقرة الم�وت ، إن القوة التي يتمي�ز به�ا الم�وت عموم�ا ، توض�ح معن�ى التض�حية الت�ي تعم�ل عم�ل

لكن الموت ليس مرتبطا بالتض�حية . نظرا لكونها تعيد قيمة ضائعة بواسطة التخلي عن هذه القيمة فالتضحية ليست القتل وانما هي التخلي . ضرورة ، ويمكن ألكبر تضحية احتفالية أال تكون دموية

ول��يس فع��ل القت��ل إال عرض��ا لمعن��ى عمي��ق . والعط��اء دائ��م يك��ون والمه��م ه��و االنتق��ال م��ن نظ��ام .

Page 19: Theorie de la religion جورج باتاي- نظرية الدين_ ت. محمد علي اليوسفي

استهالك الموارد فيه مرتبطا بضرورة الديمومة ، إلى عنف االستهالك غير المشروط ، وم�ا يه�م ول�يس - إنما هو الخروج من عالم أش�ياء واقعي�ة تنب�ع واقعيته�ا م�ن عملي�ة ذات م�دى طوي�ل وآج�ل

ض اإلنتاج إن التضحية هي نقي ). عالم يخلق لصالح واقع دائم ( من عالم يخلق ويحفظ – عاجال أبدا . الذي يرتبط أيضا بالمستقبل ، إنها االستهالك الذي ل�يس ل�ه م�ن منفع�ة إال ف�ي اللحظ�ة الحاض�رة

وبهذا المعنى فهي هب�ة وتخ�ل ، لك�ن م�ا يوه�ب ال يمك�ن أن يك�ون موض�وع حف�ظ م�ن قب�ل متلق�ي " ا يعني�ه الق�ول وه�ذا م� . إن تقدمة القربان تحديدا تجعله ينتقل إلى عالم االس�تهالك الس�ريع : الهبة

التض�حية ه�ي العط�اء كم�ا نعط�ي الفح�م الحج�ري . وجوهره المقدس يقارن بالنار " تضحية لآللهة لكن لألتون، ع�ادة ، فائ�دة ال تنك�ر ، يخض�ع له�ا الفح�م ،ف�ي ح�ين أن الهب�ة ف�ي التض�حية . لألتون

. مجردة من كل منفعة ،وليس�ت يس�تخدم ن التض�حية ال ت�تم إال بم�ا هذا هو المعن�ى ال�دقيق للتض�حية تمام�ا ، بحي�ث أ

كذلك ال يمكن أن تكون هناك تضحية إذا كان القربان تالف�ا مس�بقا ، . هناك تضحية باألشياء الباذخة والحال أن البذخ يجرد عملية الصنع من النفعية فيتلف هذا العمل ويبدده في هالة غير مجدية ، ب�ل

. التضحية بشيء فاخر تعني التضحية بالشيء نفسه مرتين إن . إنه يضيعه في اللحظة نفسها نهائياكذلك ليس باإلمكان التضحية بما لم يتم سحبه أوال من المحايثة،بما لم ينتم إليها أبدا ،

وتتم التضحية بأشياء كان من الممكن أن تكون . وبالتالي لم يخضع إليها ثانيا ويدجن ويتشي أ

لكنها صارت أشياء وينبغي إعادتها إلى المحايثة التي . ات النباتيةأرواحا مثل الحيوانات والخالص

.جاءت منها ، إلى الدائرة المبهمة للحميمية الضائعة

. الفرد والقلق النفسي والتضحية ) 5 ( فقرة . ليس باإلمكان التعبير عن الحميمية استدالليا ألس�نان ، والبك�اء،واالنزالق ال�ذي ال ي�دري االنتفاخ المفرط ، المكر الذي ينفجر مع صرير ا

من أين يأتي والى أين يذهب؛ في الظالم الخوف يترنم بأعلى صوته؛الش�حوب والعي�ون الب�يض ، . كلها منافذ للهروب … الهدوء الحزين ، الهيجان ، القيء

ويعد حميميا ، بمعنى قوي ، كل ما له نزق غياب الفردانية واحتدامه ،وخري�ر ا لنه�ر وص�فاء . انه تعريف سلبي أيضا يعوزه الجوهري : السماء الخاوي

ه��ذه اإليض��احات له��ا قيم��ة غامض��ة ، ه��ي قيم��ة م��ا يتع��ذر بلوغ��ه ، وبالمقاب��ل ف��ان التعري��ف الواضح والمفصل يح�ل الش�جرة مح�ل الغاب�ة كم�ا يح�ل الوض�وح المتمي�ز مح�ل الش�يء المطل�وب

. توضيحه . جأ إلى التوضيح وبرغم ذلك سوف أل إن الحميمي�ة بش��كل متن��اقض ه��ي العن�ف ، وه��ي اإلت��الف ، ألنه��ا ليس�ت منس��جمة م��ع وض��ع

ول�و أنن�ا وص�فنا الف�رد أثن�اء عملي�ة التض�حية، التص�ف بالحص�ر والقل�ق النفس�ي . الفرد المنفصل l’angoisse إن�ه يتماث�ل م�ع . وإذا كانت التضحية مقلقة فإن ذلك يعود إلى كون الف�رد يش�ارك فيه�ا

لك��ن التماث��ل الم��رتبط ) إل��ى الحميمي��ة ( الض��حية أثن��اء الحرك��ة المفاجئ��ة الت��ي تعي��دها إل��ى المحايث��ة إن الفرد . بالعودة إلى المحايثة ال ينبني فقط على كون الضحية هي الشيء ، والمضحي هو الفرد

وم�ة الشخص�ية، وال�ذي المنفصل هو من طبيعة الشيء نفسه ، وأكثر من ذل�ك ف�إن القل�ق م�ن الديم وبتعبير آخر ف�إن العم�ل والخ�وف . يطرح ويؤكد الفردانية، مرتبط بدمج الوجود في عالم األشياء

ب�ل ل�يس م�ن الض�روري أن . من الموت أمران مترابطان،األول يتض�من الش�يء والعك�س ب�العكس ني ألن فهم�ه إن اإلنسان فردا : الخوف شيء يعمل المرء كي يكون في درجة معينة من اتصافه بـ

Page 20: Theorie de la religion جورج باتاي- نظرية الدين_ ت. محمد علي اليوسفي

لك��ن اإلنس��ان ل��يس ش��يئا ألن��ه يش��عر ب��الخوف كم��ا يمكنن��ا أن ن��ذهب إل��ى . يربط��ه بنت��ائج العم��ل ،وقلق�ه ل�م يك�ن ليتغ�ذى إال م�ن كون�ه ) الش�يء ( لم يكن ليش�عر ب�القلق ل�و ل�م يك�ن ه�و الف�رد . االعتقاد

ألشياء قد وضع وهو ال يتعلم القلق إال لكي يستجيب لمتطلبات الشيء ، في نطاق كون عالم ا . فردا إنه يخاف الموت حالما يدخل صرح المشاريع الذي ه�و . ديمومته كشرط أساسي لقيمته ولطبيعته

واإلنس�ان يخ�اف م�ن النظ�ام . الموت يفسد نظ�ام األش�ياء ونظ�ام األش�ياء يمس�ك بن�ا . األشياء نظام ية وال كان�ت هن�اك ولوال ذلك لما كان�ت هن�اك تض�ح . الحميم غير القابل للتصالح مع عالم األشياء

وتكون الحميمية . إنسانية أيضا، وما كان النظام الحميم لينكشف في اإلتالف والقلق المقدس للفرد خالل اضطراب الفرد مقدسة ، جليلة ومحاطة بهالة من قلق ألنه�ا تقب�ل من�ه عب�ر ش�يء مه�دد ف�ي

). وفي المشاريع التي تشكل طبيعته ( طبيعته

العيد ) 6 ( فقرة مقدس هو فوران الحياة المفرط الذي يكبله نظام األشياء كي يضمن ديمومته فيدفعه التكبيل ال

إلى الهيجان واالنطالق ، أي إلى العنف ، من دون انقطاع يهدد بتحطيم الحواجز ومعارضة

والمقدس قابل للمقارنة تحديدا بتلك الشعلة . النشاط المنتج بحركة استهالك فذة ، مندفعة ومعدية

والحريق غير المحدود هو ضد الشيء وعكسه ، إنه . لتي تأتي على الغابة فتستهلكها وتتلفها ا

. وما يحرق ويبهر يحترق بدوره فجأة ويبهر . ينتشر ، ويشع حرارة ونورا ، يحرق ويبهر

والتضحية تحرق مثل الشمس التي تتالشى رويدا رويدا من إشعاعها الفائق الذي ال تتحمل عيوننا

، لكنها ليست معزولة أبدا بل هي ، في عالم متكون من أفراد ، تدعو إلى النفي العام سطوعه

.لألفراد باعتبارهم أفرادا

الع��الم اإلله��ي مع��د وع��دواه خط��رة ومهلك��ة ، ويك��ون المن��ذور للتض��حية كأنم��ا ي��دخل لعب��ة المناس�بة ل�ذلك ؛ والمقاوم�ة والحي�اة البش�رية ، ال الحيواني�ة ، ه�ي . ال حدود لالحتراق : الصاعقة

ول�و ك�ان . المعارضة للمحايثة هي التي تأمر بانفجار الدموع الموجعة ولذة القلق الذي ال يوصف اإلنسان يستسلم للمحايثة بال تحفظ لكان م�ن ش�أنه أن يخف�ق ف�ي اإلنس�انية ، ل�ن يكمله�ا إال ليفق�دها

أم�ا المش�كلة . التيقظ كم�ا ل�دى الحيوان�ات ومع مرور الزمن تعود الحياة إلى الحميمية الخالية من الملحة التي تطرحها استحالة الوجود اإلنساني من دون أن يكون اإلنس�ان ش�يئا ، واس�تحالة إفالت�ه

. من حدود األشياء من دون العودة إلى النوم الحيواني،فإنها تجد حلها المحدود في االحتفال بالعيد في اإلنسانية األص�لية ، لكنه�ا ال تبل�غ االم�تالء المت�دفق إال إذا إن الحركة األولية للعيد معطاة

) التن�اول ( يجمع العيد أناسا يهيئهم اس�تهالك القرب�ان المع�دي . أطلقها التركيز القلق أثناء التضحية ثم�ة تطل�ع لإلت�الف ين�دلع ف�ي العي�د ، لك�ن ثم�ة أيض�ا : لحماس مح�دود بحكم�ة ذات دالل�ة عكس�ية

الرقص والشعر والموسيقى : فمن جهة تجتمع كل إمكانيات اإلتالف . ه وتحده حكمة حافظة تنظم لك�ن ال�وعي . ومختلف الفنون التي تساهم في جعل العيد مكانا وزمانا للتفل�ت واالن�دفاع المش�هدي

المستيقظ في القلق يميل ، في حركة مقلوبة يتحكم فيها عجز عن التص�الح م�ع التفل�ت وعج�ز ع�ن – وهو المكب�ل م�ن حي�ث الج�وهر والمش�لول م�ن تلق�اء نفس�ه – جة نظام األشياء إخضاعه ، إلى حا

وهكذا فإن تفلت العيد ، إن لم يكن في النهاية مكبال ، فهو على األق�ل . إلى تلقي دفعة من الخارج

Page 21: Theorie de la religion جورج باتاي- نظرية الدين_ ت. محمد علي اليوسفي

وال ي��تم تحم��ل العي��د إال ف��ي نط��اق ت��وفيره ) . للواق��ع ( مقتص��ر عل��ى ح��دود واق��ع ، ه��و نف��ي ل��ه . الدنيوي المدنس لضرورات العالم

التحديد والتأويل النفعي للعيد ووضع الجماعة ) 7(فقرة وهو بالنسبة للشيء والفرد ، بمثابة بوتق�ة ت�ذوب فيه�ا التم�ايزات . العيد صهر للحياة البشرية

لكن الحميمية تنحل ف�ي الوض�ع ال�واقعي والمتف�رد للمجم�وع . بفعل الحرارة القوية للحياة الحميمة وبقص�د – وواقع اجتماعي معطى كشيء – ومن أجل بلوغ جماعة واقعية . شارك في الطقوس الم

وهو مندمج بدوره مثل حلق�ة ف�ي سلس�لة : يكون العيد محدودا - عملية مشتركة في سبيل زمن مقبل وباعتبار العيد نشوة وبلبلة وعربدة جنسية في ح�دوده القص�وى فه�و يغ�رق ف�ي . األعمال المجدية

ويتجاوز حدود عالم األرواح الهجين ، لكن حركاته الطقسية ال تنزلق نحو عالم المحايث�ة المحايثة وهذه األرواح التي تستدعى في العيد للتضحية بتقديم ال�ذبائح إل�ى حميميته�ا . إال بتوسط األرواح

فاعل�ة ال وحتى العي�د نفس�ه ي�تم النظ�ر إلي�ه ف�ي النهاي�ة كق�وة . ، تنسب إليها قوة فاعلة كما لألشياء إن إمكاني�ة اإلنت��اج وإخص�اب الحق�ول والمواش�ي تك�ون معط�اة ض��من . يرق�ى الش�ك إل�ى فعاليته�ا

طقوس، غاية أشكالها الفاعلة واألقل استعبادا أن يتم فيها التخلي والتنازل عن جزء مع�ين حت�ى ال جماع�ة ف�ي العي�د وفي كل األحوال تبدو ال . يخسر الكل أمام أشكال العنف المخيفة في العالم اإللهي

س�واء أك�ان ذل�ك – فردانية محددة وعمل مشترك من أج�ل الديموم�ة - بمثابة شيء بالدرجة األولى وليس العيد عودة حقيقية إل�ى المحايث�ة، لكن�ه . باإليجاب أثناء اإلخصاب أو سلبا أثناء االستعطاف

. تصالح ودي، ممتلئ بالقلق، بين الضرورات المتعارضة لك�ن ) موض�وع- أي ك�ذات ( جماعة في العيد كشيء فقط ب�ل ك�روح بص�ورة أع�م وال تطرح ال

. وضعها هو حد لمحايثة العيد، ولهذا السبب فإن الجانب الذي يبرزها كشيء يكون أكثر وض�وحا فإذا لم تكن تلك المحايثة موجودة أو لم تعد موجودة ، تكون صلة الجماعة في العي�د معط�اة ض�من

واضح لم�ا وعي وليس من . ساسية هي منتوجات العمل والجني والقطعان أشكال فاعلة غايتها األ وهو ليس موج�ودا بتمي�ز ف�ي ال�وعي إال ض�من اندماج�ه ) لما هو العيد لحظة تفلته ( حاليا هو العيد

تابع�ا ( كم�ا يوج�د ف�ي ال�وعي ) التض�حية ب�الحرق والحري�ق ( الجماعة ، ذلك هو العيد في ديمومة ، لك��ن ه��ذا يوض��ح جي��دا االس��تحالة ) لديموم��ة الش��يء المش��ترك ال��ذي يمنع��ه ب��دوره م��ن أن ي��دوم

فالعيد يحدث العيد كي يعيد اإلنسان إلى . الخاصة بالعيد وحدود اإلنسان المرتبطة بوعيه الواضح باعتب�ار ال�وعي الواض�ح – ليس�ت اإلنس�انية إذا . لكن شرط العودة ه�و ظالمي�ة ال�وعي المحايثة ،

وليست فضيلة العيد مندمجة . هي التي تعود إلى المحايثة – تحديدا هو الذي يميزها عن الحيوانية في طبيعة اإلنسانية، وبالعكس ل�م يك�ن تفل�ت العي�د ممكن�ا إال لعج�ز ال�وعي ع�ن إدراك�ه كم�ا ه�و ،

ذلك أن اإلنسان هو الكائن الذي فقد ، . لة الدين األساسية معطاة في هذا اإلنكار المحتم للعيد ومشك ولم يكن للوعي أن يبلغ الوضوح مع . بل استبعد ما يكونه ، بغموض ، أي حميميته غير المتميزة

مرور الزمن ل�و ل�م يح�د ع�ن مض�امينه المعيق�ة ، لك�ن ال�وعي الواض�ح نفس�ه يبح�ث عم�ا أض�اعه وليس م�ا أض�اعه ، طبع�ا ، خارج�ا عن�ه، ألن . بنفسه ، وعما يضيعه مجددا كلما اقترب منه أكثر

وال�دين ال�ذي يع�د ج�وهره بحث�ا . الوعي الواضح لألشياء يحيد عن الحميمية الغامضة لل�وعي ذات�ه : عن الحميمية الضائعة يعود إلى جهد الوعي الواضح الذي يريد أن يكون في مجمله وعيا لل�ذات

لكن هذا الجهد يذهب سدى ، ألن وعي الحميمية ليس ممكنا إال في المس�توى ال�ذي ل�م يع�د ال�وعي فيه ، عملية تنطوي نتيجتها عل�ى الديموم�ة ، أي ف�ي المس�توى ال�ذي ل�م يع�د في�ه الوض�وح ، وه�و

. نتيجة للعملية ، معطى

. أوهام اندالع العنف واندفاعه نحو الخارج : الحرب ) 8 ( فقرة تتحدد فردانية المجتمع التي تصهرها بوتقة العيد بادئ ذي بدء على ص�عيد األعم�ال الواقعي�ة

وبه�ذه الطريق�ة تك�ون لوح�دة الجماع�ة . التي تدمج التض�حية ف�ي ع�الم األش�ياء- اإلنتاج الزراعي –

Page 22: Theorie de la religion جورج باتاي- نظرية الدين_ ت. محمد علي اليوسفي

والعن�ف الخ�ارجي تحدي�دا يتع�ارض م�ن حي�ث المب�دأ . قدرة على توجيه العنف المدمر نحو الخارج وح�ده ال�دين ي�ؤمن اس�تهالكا يتل�ف . التضحية أو العيد الذي يمارس العنف فيه دماره في الداخل مع

وفض�ال . أما العمل المسلح فإنه ي�دمر اآلخ�رين أو ث�روة اآلخ�رين . الجوهر الداخلي لمن يحركهم ارج عن ذلك يمكنه أن يمارس فرديا داخل جماعة ، لكن الجماعة المتشكلة تبدأ بممارسته نحو الخ

. وعندئذ تبدأ بتطوير نتائجه وللعم��ل المس��لح ف��ي المع��ارك القاتل��ة والمج��ازر وعملي��ات النه��ب ، معن��ى قري��ب م��ن معن��ى

لك��ن الح��رب ال تقتص��ر عل��ى تل��ك الق��وى القابل��ة . األعي��اد ، ف��ي نط��اق ع��دم معامل��ة الع��دو كش��يء ، وال تش�ن بقص�د الع�ودة إل�ى لالنفجار ، وهي ضمن تلك الحدود ال تعتبر عم�ال بطيئ�ا كالتض�حية

الحميمية المفقودة ، إنها هجمة غامضة المصير ، ينتزع اتجاهها نح�و الخ�ارج م�ن المح�ارب تل�ك وإذا ك�ان ص�حيحا أن فع�ل الح�رب يمي�ل بطريقت�ه الخاص�ة إل�ى إذاب�ة الف�رد . المحايثة التي يبلغها

العكس ،ال ي�تمكن ، م�ع م�رور عبر تعريض قيمة حياته الخاصة للخطر النافي ، ف�إن ه�ذا الفع�ل ب� الزمن ، من تفادي التأكيد على تلك القيمة ذاتها وذلك بجعل الفرد الناجي من الحرب ه�و المس�تفيد

. من ذلك الخطر المهدد الش��يء، ف��ي إط��ار الفردي��ة المجي��دة - تح��دد الح��رب تط��ور الف��رد ف��ي م��ا ه��و أبع��د م��ن الف��رد

نفي أولي للفردانية ، بإدخال النظام اإللهي إلى مقولة الفرد يقوم الفرد المجيد ، بواسطة . للمحارب وله اإلرادة المتناقضة لجعل نفي الديمومة عملية دائمة ، وهكذا ). المعبرة أساسا عن نظام األشياء (

ال : وتمثل الحرب تق�دما جزئيا،لكن�ه األش�د فظاع�ة . فإن قوته،هي في أحد جوانبها قدرة على الكذب إلى أقل من القوة كي يبدي عدم اكتراثه تجاه ما يبالغ في تق�ديره - أو بحماقة– يحتاج المرء بسذاجة

. ويتباهى بتلك الالمباالة

السلعة - إخضاع اندالع الحروب إلى تكبيل اإلنسان ) 9 ( فقرة فالحرب ال تقتصر على أشكال من الدمار ال . لهذا الطابع الكاذب والسطحي عواقب وخيمة

محارب الذي يحافظ بغموض على وعي لنزوع يلغي السلوك المتعلق باالهتمام إن ال. حصر لها وهو بذلك يجعل العنف يخضع . بالعمل ، يقوم أيضا بإخضاع أمثاله من الناس إلى العبودية

ذلك أن . اإلنسانية إلى نظام األشياء ، وليس المحارب بال شك هو المتسبب في عملية اإلخضاع لقد كان العامل الحر شيئا بطريقة . العبد شيئا تفترض تأسيسا مسبقا للعمل العملية التي تجعل من

أما العبد فهو وحده الذي جعله النظام العسكري سلعة وبالتالي . طوعية ولفترة محددة من الزمن إنه لمن الضروري التدقيق بأن عالم األشياء لم يكن (فهو الذي يتجشم عواقب اإلخضاع كاملة

وهكذا فإن الالوعي الفظ لدى المحارب يعمل أساسا باتجاه هيمنة ) من دون االستعبادليبلغ امتالءه وما المجد المقدس الذي يدعيه سوى المبرر الكاذب لعالم ينوء في العمق تحت . النظام الواقعي

.كذلك ليس نبل المحارب سوى بسمة مومس حقيقتها المنفعة. وطأة النفعية

التضحية البشرية ) 10(فقرة . منذورا للتضحية ما يستخدمتوضح لنا التضحية بالعبيد ذلك المبدأ الذي بموجبه يكون

.والتضحية تعيد العبد، الذي يؤكد استعباده إذالل النظام اإلنساني، إلى حميمية التفلت المشؤومة مفرط إن التضحية البشرية ،بشكل عام،هي اللحظة الحادة في صراع تواجه فيه حركة عنف

إنه الصراع األكثر جذرية حول أولية المنفعة، وهو في الوقت نفسه .النظام الواقعي والديمومةويؤكد المجتمع الذي تستفحل فيه هذه التضحية أساسا على . أعلى درجات التفلت للعنف الداخلي

بمصادر ومن يدفع بقواه التدميرية نحو الخارج ال يبخل. رفض عدم التوازن بين هذا العنف وذاكثروته ، وإذا تم له استعباد العدو فإنه يحتاج إلى استخدام هذا المصدر الجديد للثروة استخداما

وهو بحاجة إلى إلحاق إتالف جزئي بهذه األشياء التي تخدمه،ألنه . مجيدا ال يخلو من استعراضية ما من وجود لشيء نافع بقربه إن لم يستجب،أوال، إلى مقتضيات استهالك من النظام

Page 23: Theorie de la religion جورج باتاي- نظرية الدين_ ت. محمد علي اليوسفي

وهكذا فإن التجاوز المستمر نحو اإلتالف ينفي،فيما هو يؤكد في آن،الوضع الفردي .األسطوري . للجماعة

وهي حاجة ال .ملكه وشيئهغير أن هذه الحاجة إلى اإلتالف تسري على العبد في نطاق كونه ذا الصدد تكون وفي ه. موضوعها-العدو–ينبغي خلطها بحركات العنف التي تتخذ من الخارج

إنها،بمعنى من المعاني،تمدد المعركة الحربية،بحيث ال .التضحية بعبد أبعد من أن تكون خالصةواإلتالف المكثف يتطلب تجاوز . يتم فيها إشباع العنف الداخلي الذي يعتبر جوهر التضحية

قل تلك إتالف ثروة الشعب النافعة إلى إتالف ذلك الشعب نفسه كذروة لضحاياه،أو على األالعناصر التي تعبر عنه والتي سوف تنذر هذه المرة للتضحية ، ليس بسبب االبتعاد عن العالم

إذ يؤدي (بل بالعكس،بسبب اقتراب أو قربى نادرة،مثل الملك أو األطفال -بسبب السقوط-المقدس ).قتلهم في النهاية إلى إنجاز التضحية مرتين

بل ليس بإمكاننا التقدم بتهور .رغبة إتالف الجوهر الحيويوليس باإلمكان التوغل أكثر في إن حركة اإلتالف المفرطة تستجيب إلى إحساس بالقلق خالقة إحساس ا آخر أشد.أكبر وليست تلك .

ففي الوقت :ذروة منظومة دينية،بل هي باألحرى اللحظة التي تدين فيها المنظومة الدينية نفسها قسم ا من فضيلتها،ال يمكن للمنظومة الدينية أن تثبت إال باإلفراط الذي فقدت فيه األشكال القديمة

وثمة عالمات كثيرة تدل على أن تلك المتطلبات .في العنف،وتجديد أشكال باهظة التكاليفولم .لقد أدى الغش والخداع إلى تعويض الملك بعبد منح ملكية مؤقتة. الفظيعة كانت سيئة التحمل

.تهالك من الصمود أمام أولية القوة العسكريةاالس/تتمكن أولية اإلتالف

الجزء الثاني الدين في حدود العقل

)من النظام العسكري إلى النمو الصناعي(

)1( النظام العسكري

.االنتقال من توازن الموارد واالستهالك إلى مراكمة القوى من أجل تنميتها) 1(فقرة

Page 24: Theorie de la religion جورج باتاي- نظرية الدين_ ت. محمد علي اليوسفي

وهي، في .لى إفراط في الثروة،وعلى طريقة شاقة في إنفاقها أيضاتشهد التضحية البشرية ع مجملها،تؤدي إلى إدانة المنظومات الجديدة المستقرة بما فيه الكفاية والتي كان نموها ضعيفا

.واإلنفاق فيها على قدر المواردك،وأمر وضع اإلنفاق العسكري حد ا للمتاعب الناجمة عن اإلفراط في اإلتالف واالستهال

إن عقلية الغزو المنهجية مناقضة لعقلية .بتوظيف عقالني للقوى من أجل اإلنماء الدائم للقوةأما مبدأ النظام العسكري فهو التحويل .ولذلك امتنع الملوك العسكريون عن التضحية.التضحية

ينجح وعندما .فإذا استشرى العنف في الداخل،قاومه قدر المستطاع.المنهجي للعنف نحو الخارج وهو ي خضعه بتلك الطريقة عموم ا. في تحويله إلى الخارج،ي خضعه إلى غاية واقعية إن النظام .

العسكري يقف ضد أشكال المعارك المشهدية التي تستجيب للهيجان الجامح أكثر من استجابتها فلم يعد يطمح إلى أكبر إنفاق للقوى،كما كان يفعل النظام .إلى حساب الفاعلية المدروس

يستمر إنفاق القوى لكنه يخضع في حد أقصى إلى مبدأ .جتماعي القديم في الحرب وفي العيداالكان المجتمع القديم يقتصر . فإذا ب ذلت القوى فإنها ال تبذل إال من أجل اكتساب قوى أكبر:المردود

في الحرب على حمالت لجلب العبيد ووفق ا لمبادئه،كان بإمكانه تعويض تلك المكاسب بتضحيات. ل مردود الحروب إلى عبيد ومردود العبيد إلى عمل.طقسية إنه . أما النظام العسكري فهو يحو

.يجعل من الغزو عملية منهجية،هدفها توسيع إمبراطورية

وضع اإلمبراطورية باعتبارها الشيء الكلي) 2(فقرة تخضع اإلمبراطورية رأس ا إلى أولية النظام الواقعي وتخضع .كشيء وتطرح نفسها أساسا.

لكنها ال تسلم بوجود إمبراطورية أخرى على حدودها ومساوية .إنها إدارة العقل:لغايات تؤكدهاوهكذا تفقد الطابع المتفرد لجماعة وثيقة .لهذا ينتظم كل حضور حولها في مشروع غزو. لها

إنها نظام .هاوال تعود مجرد شيء بالمعنى الذي تنضوي فيه األشياء ضمن النظام الخاص ب.الصلةوفي هذه الدرجة ال يتمكن الشيء الذي يعجز عن . أيضا chose universelle األشياء ذاته وشيء كل ي

اكتساب خاصية سيادة من اكتساب خاصية تبعية ،نظرا لكون الشيء هو من حيث المبدأ عملية مل في ذاته، وفي ما وهو في حده األقصى لم يعد شيئا ،باعتباره يح. متطورة إلى أقصى إمكاناتها

لكن هذا االنفتاح هو في حد . وراء خصائصه غير المدركة،انفتاحا على الممكن كلهلكنه ال يستطيع أن .إنه الشيء في لحظة تفككه،كاشفا عن استحالة التبعية الالمتناهية.ذاته فراغ

تأتيه من ويتوجب على حركة اإلتالف أن. ألنه شيء،أساسا .يتلف من تلقاء نفسه حتى النهاية .الخارج

.الحق و األخالق ) 3(فقرة ،وباعتبار )الذي تتكشف كليته على الفراغ(إن اإلمبراطورية باعتبارها الشيء الكلي

ر بالضرورة الحق الذي يضمن استقرار نظام جوهرها هو تحويل العنف إلى الخارج،تطو د ه ،عقوبة عنف خارجي ويعطي الحق ،فعال ، لالعتداءات الموجهة ض.األشياء .

مع اآلخرين ويحمي تلك الروابط ) شيء-أو لكل فرد(يحدد الحق روابط إجبارية لكل شيء ا لألخالق التي تحمي الروابط نفسها بعقوبة عنف .بعقوبة القوة العامة لكن الحق هنا ليس إال صنو

.داخل الفرد لعالقة كل ية ورية باعتبارهما يحددان ضرورة للحق ولألخالق مكانتهما أيضا في اإلمبراط

لكن سلطة األخالق تظل غريبة عن المنظومة المبنية على العنف .كل شيء بأشياء أخرىأما رابطة هذه بذاك .وال تمس األخالق هذه المنظومة إال عند الحد الذي يندمج فيه الحق.الخارجي

فهي الحد الثالث الذي ننتقل عبره من اإلمبراطوري .ة إلى الخارج،ومن الخارج إلى اإلمبراطورية

)2( الثنائية واألخالق

Page 25: Theorie de la religion جورج باتاي- نظرية الدين_ ت. محمد علي اليوسفي

.حول الثنائية وانتقال حدود المقدس والمدنس) 1(فقرة في المستوى المتعلق بعالم ينتسب إلى النظام العسكري،ويتحرك باتجاه إمبراطورية

وهذا التحديد المستقل للوعي.شياءكلية،يتميز تحدد الوعي بالتروي وبالتفكير المتزن في عالم األ ي حد ث في . تغيرا عميقا في تمثل العالم الثنائية

في الحالة البدائية كانت العناصر السعيدة والطاهرة تتعارض داخل العالم اإللهي مع ان على السواء بعيدتين عن الدنس الدنيوي العناصر النحسة والنجسة،وكانت هذه وتلك تبد و لكننا .

و نظرنا ضمن حركة مهيمنة للفكر التأملي،فإن اإللهي يظهر لنا مقترنا بالطهارة والدنيوي ل وهكذا يحدث انزالق، انطالقا من معطى أول تكون المحايثة اإللهية فيه خطرة ويكون .بالنجاسة

المقدس مشؤوما يقضي بالعدوى على كل ما يقترب منه،وتلعب األرواح الخي رة دور الوسيط بين .وتبدو بالمقارنة مع اآللهة السوداء أقل قداسة – العالم المدنس وتفل ت القوى اإللهية

ذلك أن الفكر التأملي يحدد قوانين أخالقية،ويملي. هذا االنزالق القديم يحدث تغيرا حاسما بارية هي وهذه الروابط اإلج.روابط إجبارية بصورة كلية بين األفراد والمجتمع أو ما بين األفراد

وتستعيد أحيانا محظورات يؤسسها النظام الحميم . وتحميه األشياء أساسا التي تضمن نظام فهي تعزل،أو على األقل،التدعم .لكن األخالق تختار ضمن قواعد النظام الحميم ). كالقتل مثال (

قواعد المحظورات التي ال يمكنها اكتساب قيمة كلية،والتي تنم بوضوح عن حرية نزو ية من وحتى إذا أخذت من الدين قسما من القوانين التي تشرعها،كسائر القوانين ،.النظام األسطوري تملي األخالق تلك القواعد التي تنبع كليا من .األشياءوتربطها بنظام العقلفإنها تؤسسها على

رضة مع سلم هي إذن، متعا.طبيعة العالم الدنيوي،وتضمن الديمومة التي من دونها ينتفي الفعلالقيم التابع للنظام الحميم والذي يضع في المرتبة األولى القيمة ذات المعنى المعطى في

م األشكال الحادة من اإلتالف التفاخري للثروات.اللحظة وهي تحر مثل التضحية البشرية ( لكنها ال تصير ممكنة إال لحظة. إنها تحرم عموما كل إتالف غير مجد ) …والتضحية الدموية

انزالق السيادة،في العالم اإللهي،من األلوهية السوداء إلى األلوهية البيضاء،من األلوهية المشؤومة إلى األلوهية الحامية للنظام الواقعي؛أي أنها تفترض فعال جزاء للنظام اإللهي وعندما .

ع عنفه إلى واخض. سلم اإلنسان بالهيمنة العملية لإللهي على الواقع،أخضع اإللهي للواقعي عمليا جزاء النظام الواقعي الذي هو األخالق بشرط أن يخضع النظام الواقعي في األخالق للنظام

ويتفق ).الفعل(وللعملية) المتماثل مع ذاته(فالعقل هو الشكل الكلي للشيء.الكلي،وهو نظام العقلي العقل واألخالق مجتمعين،ومعزولين عن ضرورات الحفظ والفعل في النظام الواقعي،ف

األلوهية ] أخالقي ا[وهما يعقلنان ويهذبان . الوظيفة اإللهية التي تمارس سيادة خي رة على ذلك النظام . في الحركة نفسها التي تكون فيها األخالق والعقل مؤل ه ي ن

هكذا تظهر عناصر تصور العالم الذي ي طلق عليه عادة اسم الثنائية والذي يختلف عن التمث ل .ي المبني بدوره على انشطار ثنائي،عبر انتقال الحدود وقلب القيمالبدائفي التمثل البدائي يكون المقدس المحايث معطى انطالقا من الحميمية الحيوانية في اإلنسان

والعالم،في حين يكون العالم الدنيوي المدنس معطى في تعالي الموضوع الذي ال يمتلك حميمية أثناء التعامل مع المواضيع،وإجماال في الصالت مع المواضيع،أو مع . لة فيها تكون اإلنسانية ماث

ذوات يتم التعامل معها على أساس أنها مواضيع،تظهر مبادئ العقل واألخالق في أشكال ضمنية .لكنها مرتبطة بالعالم الدنيوي

ا إن المقدس نفسه يكون منشطر ألبيض الخي ر، فالمقدس األسود والنحس يقابل المقدس ا: .واآللهة التي تشارك في النوع األول أو الثاني ال تكون عقالنية أو أخالقية

أما ضمن التطور الثنائي فإن اإللهي يصير عقالني ا وأخالقي ا ويلغي المقدس المشؤوم في أشكال حيث كانت -وعالقته واهية بعالم األرواح األول(وهكذا فإن عالم الروح.الجانب الدنيوي

هو العالم العقالني للفكرة الذي ال تنفصم ) الموضوع المتميزة مضافة إلى النظام الحميم الالمتميز ويرجع التقسيم إلى خي ر ومشؤوم،أو سعيد ونحس، ليظهر في عالم المادة حيث يكون .وحدته

Page 26: Theorie de la religion جورج باتاي- نظرية الدين_ ت. محمد علي اليوسفي

وغير )الفاعلة في تماثله مع ذاته ومع شكله العقالني وسلطته( الشكل المحسوس قابال لإلدراك تارة ا،فيبقى متحركا خطرا،ويشكو من نقص في العقالنية،فليس سوى مصادفة قابل لإلدراك طور

.وعنف، ويهدد األشكال الثابتة والفاعلة باإلتالف

.نفي محايثة اإللهي ووضعها في تعالي العقل) 2(فقرة ل مفاجئة،فيتم تجاوز انتقال،أو حركة تعا: تكون لحظة التغيير معطاة ضمن عملية انتقال

ألن العقل أو المفهوم،الكائن خارج الزمن،ي حد د كنظام سام .المادة الحسية وتنكشف دائرة المعقول ع آلهة الميثولوجيا ع عالم األشياء كما كان ي خض ي خض وهكذا يكون لعالم المعقول مظهر العالم .

.اإللهي. عة اإللهي الغامضة والملتبسة في الديانة القديمةذو طبيعة مغايرة لطبي]تساميه[لكن تعاليه

من العنف،الصراخ،الكائن المضطرب، ( كان اإللهي في البداية ي درك انطالقا من الحميمية ؛ وإذا كان متعاليا،فذلك لم يكن إال )األسود والنحس المقدساألعمى،غير المعقول،من حميمية

ن النظام الواقعي،والذي كانت الطقوس تعيده بطريقة مؤقتة،بالنسبة لإلنسان الذي يتصرف ضم دائما وهذا التعالي الثانوي يختلف كثيرا عن تعالي العالم المعقول الذي يظل .إلى النظام الحميم

وبتعبير أدق هو .إن تعالي ثنائية معمقة هو االنتقال من عالم إلى آخر.منفصال عن العالم الحسيألن العالم المعقول عندما يعارض بالعالم -م باختصارمن هذا العالم،الخروج من العال الخروج

.الحسي، ال يشكل عالما آخر كما أنه ال يكون خارج العالم لكن إنسان التصور الثنائي هو تحديدا متعارض مع اإلنسان القديم النعدام الحميمية بينه وهذا

يعد إنسانا ينتمي إلى الحميمية، العالم،إذ أن هذا العالم ماثل فيه حقا ولكن في نطاق كونه لم وال شك أن اإلنسان . بل هو إنسان الشيء،وهو نفسه شيء، نظرا لكونه فردا منفصال بوضوح

لكنه عندما يبتعد عنه تتكفل الطقوس دائما . القديم لم يكن ليشارك دائما في عنف الحميمية المعديمن االحتفاالت القديمة أن تجعل من وعلى صعيد التصور الثنائي ال يمكن للنجاة .بإعادته إليه

نه التفكير،إنسان الحميمية المفقودة إنسان التأمل،من اإلنسان الذي ي ك و وال شك أن هذه الحميمية . لكن هذه . ليست غريبة عنه،وال يمكن القول إنه ال يعرف عنها شيئا ،نظرا لكونه يحمل ذكرى عنها

الذكرى بالتحديد ترمي به خارج عالم ال وفي هذا العالم بالذات.يوجد فيه شيء يستجيب لحنينه تكون األشياء التي يتأملها ويفكر فيها،منفصلة عنه تماما ،وتقبع الكائنات نفسها ضمن فرديتها

ل .الخالية من التواصل لهذا السبب ال يكون للتعالي في نظره قيمة ف ص separation بل قيمة عودة Retour .إنه يطرح بفعله،استحالة أن يكون الفاعل ماثال : منال بما هو تعال وال شك أنه متعذر ال

وإذا لم يكن بمقدور الفرد أن يخرج من هذا العالم،أو يرتبط بما يتجاوز حدوده .في نتيجة الفعل الخاصة،فهو يل مح،في وثبة متيقظة،ما ال يمكن إدراكه وفهمه لكنه يفلت بالضبط مثل شيء

ؤيته،في نظره،يختلف تماما عم ا يراه،وهو دائما منفصل عنهوما سبقت ر.سبقت له رؤيته - وما هو معقول،هو الذي يوقظ فيه الذكرى،لكنه يتالشى فورا .وللسبب نفسه فهو منفصل عن ذاته

هذا الكائن المنفصل هو شيء .في اجتياح المعطيات الحسية التي تدعم الفصل من كل الجوانب ،هي بالعكس حميمة ال يفصلهاذاتهالشيء واالنفصال،لكن )ه( إن ـ: ألنه منفصل عن ذاته تحديدا ).ومعه عالم األشياء المنفصلة كلها-أي هو-إال ما ينفصل عنها(شيء

اإللغاء العقالني للعالم الحس ي وعنف التعالي) 3(فقرة . عطاةالم للحميميةثمة خاصية قصوى متميزة في مفارقة تعالي الحميمية،تتعلق بالنفي الكامل

ذلك أن الحميمية المعطاة ليست أبدا سوى نقيض الحميمية،ألن المعطى ال يكون .وهي التعاليتفلت الحميمية عن .أي أنه يكون معطى كشيء انفصلت عنه حميميته.معطى إال على هيئة شيء

وجها ذلك أن الحميمية المفقودة ال تجد ذاتها إال عند خر. ذاتها في الحركة نفسها التي ت عط ى فيهاوحده،والتعالي المحض نحو معقول العالملكن عالم األشياء في الحقيقة ليس .من عالم األشياء

Page 27: Theorie de la religion جورج باتاي- نظرية الدين_ ت. محمد علي اليوسفي

ي ل م ح بدوره دفعة واحدة أثناء التيقظ فيكون محض ال معقول (محض هو داخل العالم الحسي ) إتالف مفرط في تماميته،وعاجز في آن .

ان له قوة وعجز متعارضانال شك أن إتالف الشيء في العالم القديم ك فهو لم يكن ليقضي . ،والمعمم بالنفي الذي هو العنف على الشيء كليا بعملية واحدة،بل كان يتلف شيئا معينا على حدة،

والحال أن حركة التعالي في نفيها ،ليست أقل تعارضا مع . وجوده في العالم بطريقة ال شخصية ويوضح التحليل السابق تماما مدى الوجل الذي تتسم به . العنف منها مع الشيء الذي ي تلفه العنف

وهو ال يختلف بال شك، من حيث القصد األساسي،عن التضحية .حركة هذا التقدم الجريء وإذا كان يزيل هذا .القديمة،في إزالة نظام األشياء والمحافظة عليه في آن، حسب قدر محتوم

يعطي تعالي العقل واألخالق سيادة :ه الواقعيةالنظام،فهو يعمد إلى ذلك برفعه إلى نفي نتائج الفتك الم عدي أثناء التفلت(لجزاء نظام األشياء في مواجهة العنف وهو،شأنه شأن عملية ).

م التفلت المحدود للعنف الفعلي، الذي له حقوقه في العالم إلى جانب نظام التضحية،ال ي حر األشياء،لكنه يحدده

ال م ا يش ا ح باعتباره شر . كل تهديدا لهذا النظام ، أشياء مقدسةكان ضعف التضحية يكمن في فقدانها للقوة مع مرورالزمن،ثم سماحها بنظام

وكان التأكيد العميق للتضحية،وهو التأكيد على . ليست أقل خضوعا من نظام األشياء الواقعيةالحميمية في حالة تيقظ ال سيادة العنف،ينزع على األقل نحو الحفاظ على قلق يجعل الحنين إلى

وإذا كان صحيحا أن هناك عنفا نادرا يتحرر عبر .يقدر على رفعنا إلى مستواها سوى العنف ألن أي عنف كامل - التعالي أثناء تحركه،وإذا كان صحيحا أن ذلك العنف هو تيقظ الممكن نفسه

ي يكون ذا معنى ويشكل مدخال إلى تحديدا ، ال يمكن المحافظة عليه طويال ،فإن وضع التيقظ الثنائ .الفتور أو الغفوة التي تليه

وهو م عط ى أصال في اإلنزالقات األولية ] (الناعس[ويعقب ثنائية التعالي،الوضع الغافي المتعلق بتقسيم العالم بين مبدأين؛ كالهما مدرج ضمن )ووحدها الغفوة تساعد على التسامح إزاءه

وت ع ط ى مذ ذاك إمبراطورية .هو مبدأ الخير والروح،والثاني مبدأ الشر والمادةهذا العالم ؛أحدهما نظام واقعي تسود فيها العبودية ويكون ثمة عالم محد د حيث ال مكان للعنف الحر إال سلبا . .

)3( التوس ط

الضعف العام األلوهية األخالقية وقوة الشر) 1(فقرة

حديدا معنى الثنائية،فإن النوم الحتمي الذي يليه ي عيد إدخال الوضع باعتبار التيقظ هو ت

،أي تفلت.األقصى للشر وتتولى سطحية الثنائية الخالية من التعالي،فتح الروح على سيادة الشر أما سيادة الخير التي يتضمنها االنتباه والتيقظ وينجزها النوم في الوضع الثنائي،فهي أيضا .العنف

تعود الثنائية. نظام األشياء ال يترك مجاال لالنفتاح إال بمعنى العودة إلى العنف إخضاع إلىعندئذ يتخذ العالم المشؤوم قيمة حسية متساوية مع قيمته :الثقيلة إلى الوضع السابق على التيقظ

وتكون أهميته أقل مم ا كانت أثناء سيادة العنف المحض الذي لم يكن له معنى.في الوضع القديم الشر،لكن قوى الشر لم تفقد أبدا قيمتها اإللهية إال في حدود تفكير مهي أ،وال يتوصل وضعها الذي

وثمة].قوى الشر[ يبدو أدنى،ظاهريا ،إلى منع اإلنسانية البسيطة من مواصلة العيش ضمن سلطتها

Page 28: Theorie de la religion جورج باتاي- نظرية الدين_ ت. محمد علي اليوسفي

عد ة أشكال ممكنة ؛إذ يمكن لعبادة متعلقة بنبذ العنف الذي جرى اعتباره متعذر ا لتالفي،أن تستميل اهتمام وعي أعمى فيكون االهتمام صريحا جدا إذا تضمن النبذ انفتاحا كامال على الشر،بغرض

ا يكون في إمكان الشر،بما هو شر،أن يكشف للشعور الغامض بأنه أعز عليه تطهير الحق؛وأخير الذي (منزلقة للذهن لكن أشكال الوضع الثنائي المختلفة ال تقدم أبدا سوى إمكانية .من الخير

رفع نظام األشياء : يتوجب عليه دائما أن يجيب في اللحظة ذاتها عن ضرورتين ال تتصالحان ).والمحافظة عليه

.وتوجد إمكانية أغنى،توفر انزال قات كافية في حدودها، وهي معطاة في التوسط إن أبرز ضعف في الثنائية يكمن في كونها ال تعطي مكانا شرعيا للعنف إال في لحظة

غير أن آلهة الخير ال تكتفي بهذه الدرجة من .التعالي المحض،لحظة اإللغاء العقالني للعالم الحسيوهي بالنسبة للمؤمن،موضوع بحث عن تواصل .إنها تعود لتسقط في العالم الحسي : الطهارة

لعنف وال يمكن أن توجد قطيعة إن الخير هو استبعاد ل. حميم،لكنه تعطش للحميمية لن ي روى أبدا د إله الخير بالعنف الذي :في عالم األشياء المنفصلة،تمس الحميمية،من دون عنف ففي الحق ي ح

يستبعد العنف به،وهو ليس إلهي ا،وقادرا على بلوغ الحميمية،إال في نطاق كونه يحافظ في داخله وهو في هذا المجال ليس إله العقل الذي ي عد . على العنف القديم حقا وال يكون صارما في استبعاده

.وهذا يستدعي من حيث المبدأ ذبول اإللهي األخالقي لصالح الشر.حقيقة الخير

توسط الشر وعجز اإلله المنتقم) 2(فقرة إن توسطا أوليا للشر كان دائما ممكنا ،فإذا قتلت قوى الشر الحقيقية صديقي،أمامي،يؤدي

وفي الحالة المفتوحة التي أنا عليها من جراء تلقي .مية إلى دخول أعنف أشكالهاالعنف بالحميالعنف،أثناء الكشف المؤلم عن حميمية الميت،أكون في اتفاق مع آلهة الخير التي تدين مثل هذا

فأسعى،وأنا في فوضى الجريمة،اإللهية الطابع،إلى العنف الذي من شأنه إعادة .العمل الشنيعذلك أن االنتقام من .وليس االنتقام هو الذي فتح لي الحميمية اإللهية بل الجريمة . ر بالنظام المخ

شأنه أن يعج ل بإغالق ما فتحته الجريمة، إذا لم يشكل امتدادا لعنف الجريمة العقالني واالنتقام ال . من حيث إن إعادة النظام الشرعي تخضع،. يكون إلهي ا إال إذا قادته نزوة العنف المنفلت وطعمه

وهكذا فإن إمكانية أولى للتوسط ت ظهر، بجالء، الطبيعة .جوهرها،للواقع الدنيوي المدنسوهو أقل ألوهية ( يكون إلهي ا عبر استبعاده العنف بالعنف : بامتياز،إلله الخير Glissante االنزالقية

بإلغاء العنف الذي ي ع د التوسط الضروري أللوهيته طاق تعارضه مع الخير لكنه إلهي أيضا في ن). والعقل؛ ولو كان محض أخالق عقالنية،الحتفظ بما تبقى له من ألوهية من اسمه، ومن نزوع

. للبقاء من دون أن يكون محط ما من الخارج

تضحية األلوهية) 3(فقرةواأللوهية ذاتها هي التي تتلقى .في الشكل الثاني للتوسط يأتي العنف لأللوهية من الخارج

.وكما هي الحال في وضع إله االنتقام،تكون الجريمة ضرورية لعودة النظام الحميم.ك العنفذلوإذا كان ال يوجد سوى اإلنسان التابع لنظام األشياء واأللوهية األخالقية،ال يمكن أن يوجد بينهما

ذلك أن اإلنسان الموجود داخل نظام األشياء ليس بوسعه أن يرفع هذا النظام.تواصل عميقويتوجب على عنف الشر أن يتدخل كي يتم رفع النظام عبر التحطيم،لكن . ويحافظ عليه في آن

. الضحية المقد مة تكون هي ذاتها األلوهيةيعطى مبدأ التوسط في التضحية حيث يتلف القربان من أجل فتح طريق العودة إلى النظام

عارضا من حيث المبدأ مع النظام لكن فعل المضح ي،في توسط التضحية،ليس مت.الحميم اإللهي،إذ أنه يم دد مباشرة أما الجريمة التي وصفها عالم .طبيعته Im-mediatement) وبالتوسط(

ويمكن لمن يتلقى عنف .برانية،بالنسبة لأللوهية األخالقية/سيادة الخير بأنها كذلك،فهي خارجة الشر أن ي د ع ى وسيطا أيضا ،ولكن في نطاق كونه يضع نفسه بدوره تحت سلطة اإلبادة،حيث

أما ضحية الشر البسيطة، التي كانت تنادي إله الثأر،فليس بوسعها أن تتخذ هذا االسم ألنها .ينتفي

Page 29: Theorie de la religion جورج باتاي- نظرية الدين_ ت. محمد علي اليوسفي

تلقت عنف التوسط بطريقة ال إرادية،لكن األلوهية تستدعي الجريمة من تلقاء ذاتها،والتوسط هو .ا العنفالعمل المشترك بين العنف والكائن الذي يمزقه هذ

فما.وليست تضحية األلوهية األخالقية،في الحقيقة،ذلك اللغز المغلق دائما،كما جرى وصفه ،ومنذ اللحظة التي تخضع فيها السيادة ذاتها لخدمة نظام األشياء، ما ي ست خدم يضح ى به إنما هو

ترض وضع اإللهي في كائن وهذا يف. تتعذر إعادتها إلى النظام اإللهي إال عبر إتالفها بوصفها شيئا هكذا يرفع العنف نظام األشياء ويحافظ عليه بعيدا عن أي انتقام . حقا ) جسديا (قابل ألن يقضى عليه

ترضى األلوهية في الموت بالحقيقة السامية لتفل ت جامح يقلب . يمكن السعي وراءه أو تركه إنها : عن خدمة هذا النظام في ذاتها النظام الواقعي،لكنها تحولها نحو ذاتها،ومن ثمة فإنها تكف

.تكف عن الخضوع إليه كما هو شأن األشياء نفسهاوهكذا ترفع األلوهية الخير األسمى والعقل األسمى فوق المبادئ الحافظة والفاعلة في عالم

وهي باألحرى تح ول هذه األشكال المعقولة كما تحولها حركة التعالي إلى ما وراء،غي. األشياء ر . حيث تضع الحميميةعقالني للكائن،

لكن تضحية األلوهية ترتبط باإللغاء العام ألنواع العنف المعطاة،بطريقة أقوى من التعالي الذي تعد حركة العنف فيه معطاة في استقالل عن الشر كذلك ).في نزع العقل عن العالم الحسي(

يوجد،برغم أن األلوهية لم تكن لتستطيع من دونه يتم استبعاد العنف كما لو كان يتوجب عليه أال .وال تستمر األلوهية إلهية إال بتوسط ما تدينه وتحرمه.أن تتنصل من عالم األشياء

اإللهي المنكب على الفعل) 4(فقرة إن مفارقة التوسط الذي كان ينبغي عليه أال يكون،ليست مبنية على تناقض داخلي فحسب،

وانطالقا من التوسط يكون النظام . ما بالتناقض خالل رفع النظام الواقعي وحفظهفهي تسمح عمو الواقعي خاضعا للبحث عن الحميمية المفقودة،لكن انفصال الحميمية العميق يعقبه تعد د في

ينظر إليها كشيء على طريقة الفردانية والديمومة-الخالص-فالحميمية.االلتباسات والغموض وت عط ى لها الديمومة كأساس،انطالقا من االهتمام واالنشغال بالدوام الذي يتحكم .)بالنسبة للفعل(

مشابهة لعمليات النظام -أفعال- وت طرح الديمومة في الوقت نفسه كنتيجة لعمليات.فيه الفعل .الواقعي،ومتواصلة فيه

ع النظام الحميمي العالم الواقعي إال بطريقة سط في الحقيقة ال ي خ ض وتحت سيادة .حية : األخالق،تكون كل العمليات التي تد عي ضمان عودتها هي العمليات التي يقتضيها العالم الواقعي

ذلك أن التحريمات المنتشرة والمعطاة على أساس أنها الشرط،تهدف أساسا إلى حماية عالم النظام الحميم أكثر وفي النهاية أدخل إنسان الخالص مبادئ نظام األشياء في.األشياء من الفوضى

.من إخضاعه هذا النظام المنتج لشتى أنواع االستهالك المتلف في النظام الحميم وهكذا د فع عالم التوسط وأعمال الخالص إلى تجاوز حدوده منذ البداية فلم تتحرر فيه .

ص،التي تخدم أشكال العنف التي تدينها األخالق فحسب، بل إن جدال ضمنيا يقوم بين أعمال الخالالنظام الواقعي،وتلك التي تفلت منه وتنكرها األخالق المتشددة،وهي األعمال التي تهب مواردها

النافعة من أجل أنواع من اإلتالف الكمالي في الهندسة المعمارية والشعائر الدينية أو عطالة .التأمل

)4(

االزدهار الصناعي .ين الحميمية اإللهية والنظام الواقعيوضع الغياب الكامل للعالقات ب) 1(فقرة إن عالم التوسط هو أساس ا عالم األعمال فيه يعمل المرء من أجل خالصه وكأنه ينسج .

صوف ا؛أي أن سلوكه ال يكون حسب النظام الحميم،عبر اندفاعات عنيفة تستبعد كل حساب،بل وحتى . تها مجرد إشباع الرغبة آني اوفق مبادئ عالم اإلنتاج،وبقصد نتيجة مرتقبة،تتجاوز أهمي

Page 30: Theorie de la religion جورج باتاي- نظرية الدين_ ت. محمد علي اليوسفي

األعمال غير المنتجة يمكنها االحتفاظ بهامش إشباع في هذا العالم،ولعله أمر جدير بالتقدير أن يتم في هذه الدنيا؛إذ أن لهذا الفعل قيمة آنية) أي من الحميمية(إدخال شعاع من االشراقات اإللهية،نظ.فضال عن التقدير الذي ينسب إليه ولكن را لكونه يتوجب على كل إمكانية أن تخضع لعملية

الخالص،فإن تناقض الفعل الجدير بالتقدير واالشراقات اإللهية يكون شاقا أكثر،في العمل . األخالقي المبرر عقليا

- وكذلك رغبة األلوهية–يرمي مفعول األعمال،في المدى الطويل،إلى إخضاع األلوهية والتعارض األساسي بين اإللهي والشيء،بين الحميمية .دنيوي للشيءمن جديد،إلى الطابع ال

وفي تأكيد غياب كامل للعالقات بين -اإللهية وعالم الفعل، يبرز من جديد في نفي قيمة األعمالبعد اإللغاء العقالني للعالم الحسي وقتل -النعمة اإللهية والجدارة،ويشكل نفي قيمة األعمال

لكن هذا الرفض الرائع يدفعنا إلى . ة النتزاع اإللهي من نظام األشياءالطريقة الثالث-األلوهيةالتفكير في ذلك األحمق الذي ألقى بنفسه في النهر كي يتالفى المطر،وال شك أن استبعاد األعمال

هو النقد الناجم عن تسويات عالم التوس ط، لكنه نقد غير مكتمل فمبدأ الخالص الذي يحافظ في . وراء هذا العالم على العودة إلى الحميمية المفقودة،ينكر جوهرها الذي ال المستقبل وفي ما

يتلخص في إمكانية الخضوع لما هو غير كائن فقط؛بل وفي كونه ال يمكن أن ي ع ط ى إال في إن التعلق بخالص مؤجل إلى اآلخرة،وإنكار األعمال،يؤديان …وفي محايثة هذه الدنيا -اللحظة

دان -ية ال يمكن أن تستعاد إال من أجليإلى نسيان كون الحميم إذا كان الح فال حميمية – حاضري ن لقد كان تعالي العقل ينتزع . وماذا تعني الحميمية المستعادة في ذاتها إذا كانت ت فلت من ي. من دوني

الفكر في اللحظة،عبر التذكر،من سجن العالم الحسي؛ والتوسط الذي يخل ص اإللهي من النظام ال ي درج عجز األعمال إال ألن هجر الحياة الدنيا من شأنه أن يكون خاليا من أي الواقعي،

وعلى كل حال ال يمكن طرح الحميمية اإللهية مباشرة،إن لم يكن ذلك في نقطة واحدة،على .معنىلكن وضع التعالي اإللهي في نفي قيمة األعمال يكمل .واإلنسانأنها تشكل إمكانية لمحايثة اإللهي

كما كان -عندئذ تخضع الدنيا إلى الشيء،من دون أن يندرج فيه اإللهي:ل بين الدنيا واآلخرةالفص .شأنه في الصروح التاريخية، وفي االحتفاالت الدينية

عندما يرتبط اإلنسان ارتباطا كامال بالنظام :إنه االمتناع األكثر ضرورة بمعنى من المعاني لكن المسألة ليست في إظهار عجز إنسان األعمال، بل . فعليةالواقعي،ويقتصر على مشاريع

والعكس تحديدا هو ما يفعله نفي قيمة تلك األعمال .من نظام األعمال اإلنسانتكمن في انتشال إن .الذي يؤدي إلى التخلي عن اإلنسان لصالح تلك األعمال أو احتجازه ضمنها مع تغيير معناه

ستبدال عالم األعمال التابعة للنظام الحميم،بعالم تكتمل فيه سيادة تلك نفي قيمة األعمال يؤدي إلى ا عندئذ يكون اإلنتاج وحده، في هذه . األعمال،وهو عالم أعمال ال غاية له سوى تطوره الخاص

الدنيا،جديرا باالهتمام؛أما مبدأ االستهالك غير المنتج فإنه ال ي ع ط ى سوى في اآلخرة، وال قيمة له .يا في الدن

.نظرة شاملة للعالقات بين اإلنتاج واالستهالك غير المنتج) 2(فقرة .عالم الصناعة:إنها باختصار. يفتح نفي القيمة اإللهية لألعمال مملكة األشياء المستقلة في المجتمع القديم،نظري ا،كان عالم األشياء معطى كغاية للعنف الحميم،وما ذلك إال بشرط أن ر ذلك العنف سامي ا وأن يكون هو الغاية الحقيقية فعال ؛لم يكن االهتمام باإلنتاج سوى احتياط ي عتب

كان اإلنتاج خاضع ا لالستهالك غير المنت ج قل ق؛ وفي الواقع . وفي النظام العسكري خ ص صت الموارد المتوافرة في عالم األشياء،مبدئي ا،لنمو إمبراطورية

.المغلقة نحو الكليتتجاوز الجماعات لكن النشاط العسكري لم يرغب،بالنسبة إلى نظام األشياء كما هو موجود،إال في شكله وقيمته .الكلية وفي النطاق الذي لم ت ب ل غ فيه حدود اإلمبراطورية،كانت القوة العسكرية هي غاية اإلنتاج

وفي.العسكرية إلى الدرجة الثانية من االهتمام األساسية،وعندما تم بلوغ تلك الحدود أ نزلت القوة

Page 31: Theorie de la religion جورج باتاي- نظرية الدين_ ت. محمد علي اليوسفي

ة، مع مراعاة ما يقتضيه التنظيم العقالني لإلمبراطورية،كان ما يتعلق باستخدام الموارد الم ن ت ج نظام األشياء في المرحلة األولى يحتفظ بالنسبة للنظام الحميم،بعالقات غامضة تعود للمجتمع

ظل اإلنتاج خاضعا لإلنفاالقديم؛ .ق غير المنتج ولدى بلوغ حد التوسع اإلمبراطوري،أدرج التوسط عالقات ال تقل غموضا لكنها أشد نظريا كانت ممارسة اإلنتاج خاضعة لألخالق،لكن األخالق والعالم اإللهي تداخ ال بصورة . تعقيدا

عميقة،واكتسب العالم اإللهي قوته من نفى عنيف كان يدينه وظل إلهيا رغم اختالطه باألساس وأعقب التناقض المفتوح في العالم القديم توافق ظاهري .الواقعي لألخالق،وبالتالي بنظام األشياء

يمنع أولية اسمية لإللهي،فيستهلك اإلنتاج ويغطيه بأولية ال تختلف عنه نظريا وليست أقل اسمية تمع القديم،ولكن،في حين كان إتالف لقد دام غموض المج.النظام األخالقي،المرتبط باإلنتاج:منه

الموارد في المجتمع القديم ي عد مشجعا على اإلنتاج بسبب طابعه غير المنتج نفسه )طابعه اإللهي( .أعطى مجتمع التوسط لنفسه غاية الخالص غير المنتجة وأراد بلوغها بطريقة العمليات المنتجة

الملتبسة،على نصيب إلهي،لكن مبدأ الفعل وهكذا حافظ اإلتالف غير المنتج،ضمن هذه اآلفاق . هو الذي هيمن على الوعي إجماال ) أو العملية المنتجة(

عندئذ كان يكفي إنكار قيمة العملية،خاصة وأن تأثيرها كان يد عي أنه ي مارس ضمن النظام عة إزاء الحميمية كف ت األفعال عن امتالك قيمة خاض.اإللهي،لبلوغ مجال العملية المنتجة المستقلة

هكذا ف تح المجال لتطور القوى ).الخالص أو إدخال اإلشراق اإللهي إلى هذا العالم(المستعادة تطورا غير محدود،وترتب على االنفصال المكتمل بين النظام الحميم ونظام ) العملياتية(الفاعلة

ومن قواعد التوسط )هاإلتالف غير المنتج لفائض(من غايته القديمة تحرير اإلنتاجاألشياء أو ما بعد ( وأمكن لفائض اإلنتاج أن ي خص ص إلنماء اإلنتاج والتراكم الرأسمالي .األخالقية

).الرأسمالي

عالم اإلخضاع المنجز أو مملكة األشياء) 3(فقرة هجرت اإلنسانية المنتجة ذلك البحث عن الحميمية الضائعة،الذي دام قرونا ،وقد وعت تفاهة

سبل العملياتية،لكنها عجزت عن مواصلة البحث،لوقت أطول،عم ا ال يمكن أن يوجدال .بالوسائل التي تمتلكها

ل ن ب ن عالم ا تنمو فيه القوى المنتجة أكثر فأكثر،وهكذا ن شبع حاجاتنا"بدأ الناس يقولون ."للمنتوجات المادية أكثر فأكثر

حول إلى إنسان الشيء المستقل،أنه يبتعد عن ذاته أكثر مم اوبدأ يظهر على اإلنسان المت هذا االنفصال المنجز جعله يترك حياته حتما إلى حركة لم يعد يسيطر عليها،ولكن .في السابق

وهذه الحركة منطقيا ت د رج قسما هاما من اإلنتاج في إنشاء تجهيزات.نتائجها في النهاية تخيفه وبالفعل ال :لفائض الموارد المنتجة)قياسا بحجم اإلنتاج(ستهالك المكثف جديدة،وتلغي إمكانية اال

يمكن تسليم المنتوجات إال إذا رضي المستهلكون عملي ا ،قصد الحصول على المال،بالمساهمة في هذا العمل هو أهم قضية،ولم يعد يوجد شيء .العمل المشترك الهادف إلى تطوير وسائل اإلنتاج

وإذا كان ثمة م ن . د من الممكن القيام بأفضل من ذلكبل لم يع. أفضل منه شيئا ،فإن ذلك يفعل أكثر فاعلية بمعنى (يكون بالمشاركة في العمل،إال إذا كافح المرء من أجل جعله أكثر عقالنية

.لكن،ما من أحد يجحد مبدأ هذه السيادة للعبودية. بوسائل ثورية)التطور إذ ال يمكن ألي جوهر من تلك التي .رضها ويقضي عليها وبالفعل،ال شيء يمكن أن يعا

."سوف تخدمونني : " كانت سائدة قديما ،أن يتقدم ليقول بسيادة وسمو لقد أعطت الجماهير البشرية موافقتها على العمل الصناعي وما يد عي االستمرار بجانبه لن

فكل ما تبقى يبدو،لدى : على حقير تكون له سوى هيئة سيادة محبطة، ومن الواضح أن الجماهلنظام أ خضعت وال شك أن هذه الجماهير البشرية قد .مقارنته باالزدهار الصناعي،بال معنى

، لكن هذا الخضوع المعم م، هذا اإلنجاز الكامل للشيء،هو الشرط الضروري للوضع األشياءم يتوصل فيه الشيء إلى وفي عال. الواعي والمتطور كلي ا في مشكلة إخضاع اإلنسان للشيء

Page 32: Theorie de la religion جورج باتاي- نظرية الدين_ ت. محمد علي اليوسفي

إخضاع كل ما عداه، وحيث ال يكشف ما كان في السابق معارضا سوى عن بؤس الحاالت في مثل هذا العالم فقط،تتمكن الحميمية من تأكيد ذاتها من دون -واالنزالقات المحتومة–الغامضة

نى اإلنتاج،الذي إن التطور الهائل لوسائل اإلنتاج هو وحده القادر على كشف مع.مجازفة الشيء إنجاز وعي الذات ضمن التفلت الحر للنظام الحميم،لكن -هو االستهالك غير المنتج للثروات

اللحظة التي يعمل فيها الوعي باتجاه العودة إلى ذاته،فينكشف لذاته بذاته ويرى اإلنتاج منذورا لالستهالك،هي اللحظة نفسها تحديدا ،التي يكف فيها عالم اإلنتاج عن م .عرفة ما سيفعل بمنتوجاته

إنجاز الوعي الواضح للشيء ، أو العلم) 4(فقرة إن شرط إنجاز الوعي الواضح للذات هو العلم،الذي ي ع د استكماال لوعي واضح بالنظام

والعلم وثيق الصلة باستقاللية األشياء،وهو في حد ذاته ليس سوى )أي عالم األشياء(الواقعي ولم ا كان الوعي يحيد عن النظام الحميم،أو نظام الميثولوجيا إذا أخذناه.األشياء استقاللية وعي

على صعيد المعرفة،لم يكن بوسعه أن يكون وعيا واضحا باألشياء،ألنه كان تابعا لتحديدات وفي الوضع األول،عندما كانت األداة تنظم تعالي الموضوع،لم يكن الوعي ليحدد .أسطورية

وبالتالي فإنه لم يكن وعيا واضحا للشيء بطريقة . ن شكل غامض للذهنموضوعه إال ضم لم يكن الوعي المتميز للشيء قد انفصل بعد عن اإلحساس بالذات): متعالية(منفصلة أما أثناء .

االنتباه المتمحور حول التضحية فكان الوعي،على األقل،منفصال عن مراعاة الشيء الدنيوي لتضحية،لكنه كان يعيش القلق بكامله مهووسا بشعور غامض إزاء وعن مراعاة حميمية ا

.المقدسوأدت أهمية األشكال . وهكذا لم ي عط الوعي الواضح لألشياء إال بقدر تحول جوهر االهتمام عنها

إلى ) كلي(الفاعلة وتطور تقنيات الصناعة ضمن الحركات الموجهة نحو تنظيم إمبراطوري وفي هذا االهتمام الذي يتوجه أساسا نحو .و االنتباه،إلى عالم األشياءإعادة قسم من االهتمام أ

لقد تخلص الفكر اإلنساني من تحديدات .األشياء تصير الحرية العامة وتناقض األحكام ممكنين النظام األسطوري الصارمة وتفر غ إلنتاج العلم حيث ت عرف األشياء بوضوح وتميز وهكذا تم .

ولكن،بمقدار تهيئة أداة المعرفة . من الوعي لينظ م طرقه العقليةإدراج الوضوح الدقيق ضي الوعي .الواضحة،كانت هناك محاوالت الستخدامها في معرفة النظام الحميم وبهذه الطريقة أ عط

تماما ،تمث الته األسطورية التعسفية مع الالواقعي الواضح مضمونا هجينا ،وكيف النظام الحميمي، معرفة األشياء، وهكذا توص ل، في مختلف مجاالت المعرفة، إلى إدخال األشكال المنطقية ل

األحكام السامية والمطلقة التي تعبر عن النظام الحميم ذاته ولكنها تعبر عن تسوية وتصالح يمك نانه من االستمرار في حميميته مع الخضوع لمبادئ النظام الواقعي ولم يتخلص العلم من .

ببطء،في االنفصال المنجز بين الحميم والواقعي وفي عالم الشيء مضامين الوعي الهجينة إال لكن العلم،أثناء نجاحه،أكمل إبعاد اإلنسان عن ذاته وحقق في شخص العال م والعلماء، .المستقل

إخضاع الحياة كلها للنظام الواقعي وهكذا فإن المعرفة والعمل عبر تنافسهما في التطور ومن دون . خر،أد ي ا إلى تشكيل عالم وإنسان واقعيي ن ومكتملين،لم يعد النظام الحميم أن يخضع أحدهما لآل

وما زالت لهذه اللجلجة قوة غير معهودة نظرا لقدرتها عموما . ممثال إزاءهما إال بلجلجة ممد دة على معارضة مبدأ الواقعية بمبدأ الحميمية،لكن االستعداد لتقبل مثل هذه اللجلجة يكون مطبوعا

ئما بالخيبة،ل ك م تبدو تلك األصوات هشةدا ك م يبدو انزالقها أعزل أمام التعبير الجلي للواقع ! و ! إن السلطة واألصالة هما كلي ا إلى جانب الشيء، إلى جانب اإلنتاج،والى جانب وعي الشيء

الم ن ت ج . أما ما تبق ى فهو بهتان وغموض. إن عدم رفع النظام الحميم .المشكلة في النهاية بكل وضوح هذا الوضع غير المتكافئ يطرح

إلى مستوى صدق العالم واإلنسان الواقعيين وسلطتهما،ي عد إخالال بهذا العالم الحميم؛ األمر الذي يفترض استبداله تحديدا عبر كشف مضامينه في مجال الوعي الواضح والمستقل الذي

الذي يسل ط مصباح نور،هي أه العلم إلنارة األشياء، على لذاتوعي اوهذا ما يفترض . يقدمه العالم .الحميمية

Page 33: Theorie de la religion جورج باتاي- نظرية الدين_ ت. محمد علي اليوسفي

وعي الذات) 5(فقرة إن صحة استخدام العلم لمعرفة النظام الحميم تبدأ باستبعاد إمكانية إعطاء شكل علمي

فة للشروح المستقلة التي يقدمها أناس الحميمية، وال شك في وجود اختالف أول في عالقة المعر الموضوعية بالحميمية،مفاده أن الموضوع يستطيع دائما انتظار النور الذي سوف يسل ط عليه،في

وحتى إذا . حين أن الحميمية الباحثة عن النور ال يمكنها أن تنتظره حتى ي سلط بطريقة صحيحةح كانت إعادة النظام الحميم تتم على صعيد الوعي الواضح، وإذا رغبت في صحة الوعي الواض

وسلطته القادرة وحدها على إخراج الحميمية من االنزالقات، فليس بوسعها،مع ذلك،أن تتم بإبعادا على صعيد .الوجود الحميم وعندما تلوح قوة الوعي الواضح مهددة،تظهر الحميمية معطاة فور

م،من وتأتي صعوبة المطابقة والمزامنة بين المعرفة المتميزة والنظام الحمي.المعارف المتميزةفالحياة اإللهية فورية ومباشرة،أما .طريقتيهما المتعارضتين في ما يتعلق بوجودهما في الزمن

وهذا الوجود المباشر للحياة اإللهية في الزمن كانت .المعرفة فهي عملية تتطلب التأجيل واالنتظارأن تتخلى عن وبإمكان التجربة الحميمة،بال شك،.تستجيب له األسطورة وأشكال التفكير المنزلق

. التصوف والتوحد بالخالق،لكن،يتوجب عليها كلما تم ت أن تكون جواب ا متكامال عن سؤال كل يوفي ظل هذه الشروط ال يمكن ألحد أن يقدم إجابة صحيحة عما تتطلبه أشكال المعرفة

معرفة يمكن -ال وبعيد ا عن كون تأكيد ال.معرفة-الموضوعية،وإال فإن ذلك لن يتم سوى بموقف الالأن يكون مؤسسا أيضا،فإن الوعي الواضح لما هو في خطر يربط الحياة اإللهية مباشرة بالتعرف

هذا التطابق .على طبيعتها الغامضة، وعلى الظالم الذي تحول به دون المعرفة االستدالليةلتقليدية المباشر بين الوعي الواضح وتفل ت النظام الحميم ليس معطى في نفي االفتراضات ا

الحميمية هي حد الوعي الواضح؛وال يمكن : " فحسب بل يتضمن هذه الفرضية المصاغة نهائي ا للوعي الواضح أن يعرف عن الحميمية،بوضوح وتميز،إال تحويرات األشياء المرتبطة

ذا هك) العملية المستحيلة إال باعتباره متضم ن ا داخل angoisseشيئا عن القلق نعرفنحن ال ."(بهاإن النفي الفوري ].العملية[والفعل] المباشرة[يفلت وعي الذات من مأزق الحاجة المتزامنة للفورية

يحو ل العملية نحو األشياء وبالتالي نحو مجال الديمومة . يكمن ضعف األوضاع التقليدية للنظام الحميم في كونها أشركت هذا النظام في الفعل دائما،

واإلنسان الذي وضع ماهيته في . اعلة أو بمحاولة بلوغه انطالقا من الفعلسواء بمنحه القوة الف عملية الفعل ال يستطيع طبعا الحؤول دون وجود صلة فيه بين الفعل والحميمية كان ينبغي إذا .

وكل ما كان بوسعه فعله،نظرا لخضوعه إلى الشيء عبر الفعل،إنما هو .إلغاء الفعل أو الحميمية .إخضاع اإلخضاعأي إلى لعملية العكسيةااللجوء إلى

بتعبير آخر،يكمن ضعف مختلف المواقف الدينية في كونها خضعت لزيف نظام األشياء من ولقد تركته ديانات التوسط جميعها كما كان،فلم تعارضه إال بحدود .دون أن تحاول تغييره

فلم ترفعه إال بشرط ضمان وتولت المحافظة عليه،شأنها شأن األديان القديمة،.األخالق .وفي نهاية المطاف انتصر مبدأ الواقع على الحميمية.استقراره

ذلك أن النظام الحميم ال .وما يقتضيه وعي الذات في الحقيقة ليس تحطيم نظام األشياء كذلك لم يحطم نظام األشياء النظام الحميم حتى (يستطيع القضاء على نظام األشياء فعال

لكن هذا العالم الواقعي الذي بلغ ذروة تطوره يمكن أن يحط م،بمعنى أنه يمكن أن يخضع ). النهايةوإن شئنا فإنه ليس بمقدور الوعي أن يعمل على إخضاع الحميمية،لكن بإمكانه أن يأخذ .للحميميةشيء وال . بطريقة تجعلها تنتفي في النهاية فيجد الوعي نفسه خاضعا للحميمية بالمقلوبعملياتها

بل إنها تنجزه،ولن يستغرب أحد إذا وجد : في هذه العملية المضادة يتعارض وحركة الوعي إلى ما سبقت لكل من ا معرفته،-الوعي في النهاية وقد تحول وخضع إلى ما هو أصله في العمق

لكنه لن يكون وعيا واضحا إال بمعنى من المعاني،إنه وعي لن يستعيد.عما كان ذلك الوعيوبذلك يكون قد بلغ أعلى درجات الوضوح المتميز، لكنه سوف يحقق جيدا . حميمية إال في الليلال

–،إلى ليل الحيوان الحميم في العالم بتميزإمكانية اإلنسان أو الكائن بحيث تتوصل،

Page 34: Theorie de la religion جورج باتاي- نظرية الدين_ ت. محمد علي اليوسفي

.وتدلج فيه

اإلتالف العام لألشياء) 6(فقرة ومن جهة ثانية،بلغ عالم اإلنتاج،. مهي أنحن،من جهة،نملك بداية الوعي الواضح في شكله ال

الشرط األول يجعل اإلتالف . نظام األشياء،درجة تطور لم يعد يعرف معها ماذا يفعل بمنتوجاته لكن ذلك ال يمكن أن يتم في موطن اآللهة، أي في الالواقع،. ممكنا ،والشرط الثاني يجعله ضروريا

حظة القرار،بالعكس،تقتضي مراعاة أكثر الجوانب والحال أن ل.وهو عادة مجال المساعي الدينية .واآلن يتوجب النزول إلى الحضيض من عالم خضوع اإلنسان للشيء. فقرا وأقلها حميمية

يمكنني االنزواء في غرفتي،ألبحث فيها عن المعنى الواضح والمتميز لألشياء التي تحيط .بي

ومن أجل صنعها ووضعها في غرفتي .ة للعملهي ذي مائدتي،مقعدي،سريري،كلها هنا نتيج ولقد توجب علي في الواقع،أن أعمل،أنا أيضا ،لدفع .توجب التخلي عن فائدة اللحظة الحاضرة

،نظريا،تعويض عمل العمال الذين صنعوها أو نقلوها،بعمل ذي منفعة ثمنها،أي أنه توج ب علي الذي [مل، ويمكنني أيضا تسديد ثمن العملهذه األشياء الناتجة عن العمل تمكنني من الع.مساوية .الجزار والخباز والفالح،النه يضمن عيشي ومتابعتي لعملي الخاص] يقوم به

.اآلن أضع كأس خمر كبيرة على مائدتي … لقد كنت نافعا واشتريت مائدة،كأسا الخ .لكحوللكن هذه المائدة لم تعد وسيلة عمل،إنني أستخدمها الحتساء ا ،أو على األقل،أكون قد أتلفت العمل أتلفتهاعندما أضع كأس شرابي على المائدة،أكون قد

طبعا ،أت ل ف ت أيضا ،منذ البداية،عمل زارع الكروم،أما احتسائي الخمرة فلم .الذي اقتضاه صنعها الموجودة في وعلى األقل فإن هذه الطاولة . ي تلف،بالعكس،سوى عمل النجار،لكن في نطاق ضيق

هذه الغرفة،المكب لة بسلسلة من قيود العمل،لم يكن لها من غاية،وإن كان ذلك لوقت محدود،سوى .انفالتي

.سأتذكر اآلن في ما استخدمت المال الذي ربحته من طاولة عملي إذا كنت قد أتلفت قسما من هذا المال،وأتلفت جزءا من الزمن الذي مك نتني بقي ته من

العيش،عندئذ يكون إتالف الطاولة متقدما أكثر . وإذا كنت قد أمسكت،مرة واحدة،باللحظة من ش عرها،فإن كل الزمن الذي سبقها كان أصال

وهكذا فإن كل الغذاء الذي أكلت ه واألعمال التي أوصلتني .تحت سلطة هذه اللحظة التي أمسكت بها إلى بلوغ اللحظة،أ ت ل ف ت جميع ها فجأة ،وأخذت تتدفق بال نهاية مثل نهر في محيط هذه اللحظة

.البسيطةما من مشروع كبير في هذا العالم يملك غاية أخرى غير غاية الضياع النهائي في اللحظة

وكما هو عالم األشياء،ال ي عد شيئا هاما في الكون الباطل الذي يذوب فيه،كذلك كتلة الجهود .التافهة ،إنما هي اللحظة"تافهة"وما يبرر القيمة االنتقاصية لكلمة . ا مقارنة بتفاهة لحظة واحدةليست شيئ

.الوقت يضيع الحرة،والخاضعة مع ذلك،اللحظة المشغولة خلسة بعمليات تافهة خوفا من ترك وهذا ي دخل اعتبار األشياء التي تنحل وتتلف في اللحظة الحميمة،كأساس لوعي واضح

إنها عودة إلى وضع الحيوان الذي يأكل حيوانا آخر،إنه نفي االختالف بين األشياء وبيني،للذات،وهذه المائدة،عندما أتلفها في مجال وعيي .أو اإلتالف العام لألشياء في مجال الوعي

الواضح،تكف ا لم عن تشكيل سطح متميز وكثيف بين العالم وبيني،لكنها ال يمكن أن ت ت ل ف في مجال وعيي إذ

أ ع ط لفعل اإلتالف نتائجه في النظام الواقعي إن اإلخضاع الواقعي لإلخضاع التابع للنظام . الواقعي ي د خ ل على النظام االقتصادي انقالبا أساسيا وإذا كان ال بد من المحافظة على حركة .

،إن األمرلخارجإلى ااالقتصاد فإنه يتوجب تحديد النقطة التي يتدفق فيها فائض اإلنتاج،مثل نهر،

Page 35: Theorie de la religion جورج باتاي- نظرية الدين_ ت. محمد علي اليوسفي

وهذا يمكن أن يحدث أيضا من .المتواصل لألشياء المنتجة-أو باإلتالف– يتعلق إذا باالستهالك واألشياء المتلفة فعال لن تتمكن من إتالف البشر أنفسهم،فقط عندما يكون الوعي .وعيدون أدنى

وليست . فه شيئا الواضح هو المتغلب، ذلك أن إتالف الذات كفرد يتم ضمن إتالف الشيء بوصعلى األقل،عندما (بل هي ،على أية حال، ليست الشكل الواعي : الحرب هي الشكل المحتوم لذلك

).يتوجب على وعي الذات أن يكون إنسانيا بالمعنى العام

...إلى الذي

إن موقع الموقف الديني الذي قد ينجم عن الوعي الواضح،الذي يلغي الشكل الصوفي للدين األقل،إذا لم يلغ الشكل االنتشائي،يختلف جذريا عن محاوالت الحلول والذوبان التي تشغل على

.األذهان المنصرفة إلى معالجة ضعف األوضاع الدينية المعطاة في العالم الحاضروأولئك الذين يتملكهم الفزع،في العالم الديني،من تنافر المشاعر،ويبحثون عن الصلة بين

ب ر الروماني متعارضا مع السنياسين شتى العلوم، ويسعون بحزم إلى إنكار ما يجعل الح sanyasin متعارضا مع الصوفي،إنما يكملون إضعاف ما ينبثق عن تصالح بين " الكيركغاردي"أو القس

هو أكثر األذهان بعدا عن الشجاعة الضرورية " التوليفي"إن الذهن .النظام الحميم ونظام األشياء واالنشغال بإيجاد محصلة لما أت ت به إمكانيات دينية منفصلة واتخاذ .العنف والوعيبين للجمع

مضمونها المشترك مبدأ لحياة إنسانية ذات أبعاد كونية،يبدو سعيا غير قابل للطعن برغم نتائجه الحياة اإلنسانية تجربة ينبغي خوضها إلى أبعد مدىالزهيدة،لكن،بالنسبة إلى الذي يعتبر

والتركيب .هي بالضرورة محصلة الحس الديني عبر الزمن مكن،فإن المحصلة الشموليةمهو الذي يوضح بجالء،ضرورة ربط هذا العالم بما هو الحس الديني في محصلته ] التوليف[

وهو كشف واضح في (وهذا الكشف الواضح النحطاط العالم الديني الحي كله.الكلية،في الزمنلم يعط لنا ألن تجليات الشعور الديني ) التي تتخلى عن ضيق أفق التقليدهذه األشكال التركيبية

القديمة بدت لنا مستقلة عن داللتها مثل حروف هيروغليفية يمكن فك رموزها شكليا؛بل إذا أعطيت لنا هذه الداللة،وخصوصا إذا كف سلوك التضحية األقل وضوحا واألكثر ألوهية وشيوعا

وننا،عندئذ تكون محصلة التجربة اإلنسانية قد أعيدت إلينا عن أن يكون مغلقا د وإذا ارتفعنا . ب د،بل بأنفسنا إلى أعلى درجات الوعي الواضح لن يبقى فينا الشيء المستع التي يعتبر السيادة

حضورها في العالم، من القدمين إلى الرأس، ومن الحيوانية إلى العلم، ومن األداة القديمة إلى والسيادة تشير إلى حركة العنف الحر والممزق داخليا. ش عر،حضورا لإلنسانية الكليةال معنى ال

الذي يحرك الكلية، ويتحول دموعا ،ونشوة،وضحكا ،ويكشف عن المستحيل في الضحك والنشوة أو الدموع،لكن المستحيل الذي ينكشف بهذه الطريقة لم يعد وضعا منزلقا ،إنه الوعي المطلق

للذات، . تحديدا الوعي الذي ال يعود إلى االبتعاد عن الذاتوهو

إلى الذي يعتبر الحياة اإلنسانية تجربة ينبغي خوضها إلى أبعد

…مدى ممكن

لم أشأ التعبير عن أفكاري

Page 36: Theorie de la religion جورج باتاي- نظرية الدين_ ت. محمد علي اليوسفي

ولكنني أردت مساعدتك على تخليص …ما تفكر فيه أنت نفسك من الغموض

أنت ال تختلف عني أكثر اليسرى،من اختالف ساقك اليمنى عن

- لكن ما يوحدنا إنما هو نوم العقلل د مسوخا الذي ي و .

ملحق

جدول عام وإحاالت

أعتقد أنه يتوجب علي تقديم جدول ي بين في آن تطور اإلمكانيات المتعاقبة بطريقة (*) وهذا الشكل يلح على الخاصية الجدلية للتطور الذي تنتقل مراحله من تعارض .منظورة إلى

.لكن ميزته هي الوضوح. آخر،ومن السكون إلى الحركة .ومن سوء الحظ أن هذا الوضوح ال يخلو من مساوئ .فهو يؤدي إلى حرمان هذا العرض من فضيلة كان يدعيها ولقد سعيت قدر اإلمكان،إلى إعطاء الحركة المنطقية السابقة،ضمن الشكل الذي تتخذه في

لوعي،أي بعد استخراجها من األشكال التاريخية أو االثنوغرافية،وهكذا استبعدت ما آخر حاالت ايتعلق بها من مناقشات وإحاالت،ولم أعمد إلى ربط تلك التطورات بتحليل الوقائع الخاصة

ذلك أن هذه الوقائع تستجيب للضرورة التي تعبر عنها،بالتعريف،بطريقة كيفية :الغريبة عنها ويمكن لهذه الضرورة في النهاية أن تكون قد لعبت دورا كبيرا من دون أن يتم . ا وغير كاملة دائم

ويمكن لبعض األشكال التي عرضتها على أنها متضامنة،أن تكون قد .تالفيها في مرحلة معينة تطورت أحيانا أحدها بعد اآلخر،وتوجب علي من جهة أخرى تفصيل مراحل بعض الحركات

ع،والحال أن االستمرارية هي القاعدة وأن لألشكال االنتقالية في التاريخ كما لو كان هناك انقطا كذلك تتسبب األشكال الهجينة الناجمة عن اتصال الحضارات المختلفة جدا في .مكانة ذات اعتبار

ومن الواضح أخيرا أن بعض الشروط المعطاة بانتظام في مرحلة .الماضي،في إدخال الغموض . جديد وتلعب دورا في مرحلة أخرى الحقة ما،يمكن أن ت وجد من

وهذه الطالقة الظاهرة ال تذهب طبعا بعكس المناقشات الممكنة،أو الضرورية بتعبير وأكرر بأن هذا العمل ال يدعي اإلنجاز،خصوصا وأن العمل المكتمل، إذا كان ممكنا ، ينبغي .أدق

نظور المشترك،ذاك الذي يربط بين إنه لخطأ في الم.أن يترتب على المناقشات المحتملةوهذا العمل نفسه هو نتيجة .االعتراض على نقطة معينة واالعتراض على مجمل العمل المقدم

اعتراضاتي الشخصية وليس ثمة من اعتراض لم يغن هذا العمل،برغم أنني لم أعمد إلى تغييره ليه هجوما كما يتصوره وبعد تقديم الترابط العام ، ال يكون االعتراض المبرهن ع. كثيرا

وأنا سعيد بذكر مثال على ذلك ويخص التدخالت .(المعترض بسهولة،بل هو عون ومساعدةفي "الكائن األسمى"إن أحدها بالذات هو الذي سمح لي بوضع :الودية التي قام بها مرسيا إلياد

المعطيات وإذا كان صحيحا أن على العمل المترابط االبتعاد بالضرورة عن).عالم األرواحالكيفية للعالم التاريخي،فما من واحد ضمن هذه المعطيات ينجو من محاولته إخضاعها

Page 37: Theorie de la religion جورج باتاي- نظرية الدين_ ت. محمد علي اليوسفي

للمجموع،وعندما يتكون المجموع بفضل تلك اإلخضاعات والتحويالت،فإنه يتمكن بسهولة من أن .يكشف لآلخرين مضامين فكرهم

وليس لهذه الحركة ما تخفيه .للفكر المفتوحةوأنا أود مساعدة أمثالي على تعود فكرة الحركة وال أحد يستطيع .صحيح أن نتائج الفكر مرتبطة بالمماحكة والمناقشة بشكل غريب .أو تخشاه

الفصل تماما بين ما يفكر فيه والسلطة الحقيقية التي يتركها التعبير على تفكيره،فالسلطة تكتسب م ن يعبر بإعطاء فكرة ، لعملية نهائية وبال وفق ألعاب ذات قواعد تقليدية وكيفية نوعا ما ، ت لزم

إنها مهزلة مبررة،لكنها ت عزل الفكر داخل استعراضات ال عالقة لها بمسعى .أخطاء،عن تفكيره . حقيقي،يكون مؤلما ومفتوحا بالضرورة ويبحث دائما عن العون وليس عن اإلعجاب

اوئه الحقيقية التي تنال من المعقولية هذا التبرير للمنهج المت بع لن يمنعني من رؤية مس وإذا كانت بعض التمثالت ال تأخذ معناها التام إال عند انفصالها عن الوقائع التي ترجع .والوضوح

، فال يمكننا بلوغ معقوليتها الكاملة إذا لم )من دون أن تكون مبنية إيجابيا على البعض منها(إليها ل التاريخية،وكان على هذا التخطيط الذي تفادى منهجي ا تسمح إجماال بتسليط الضوء على األشكا

اإلحاالت المحد دة،أن ي تبع بتوضيح للتاريخ بواسطة أشكال ورسوم ترافقه . مع ذلك سأكتفي بإعطاء مثال واحد مختار للبرهنة عموما على الحرية الضرورية لمثل هذه

.الطريقة في التأويلوضيح هنا بأنه ال يمكن النظر إلى اإلسالم في مجمله على أنه شكل ليس من نافل القول الت

فاإلسالم هو في البداية نظام عسكري،عمد بحسم .يستجيب لتعريف واحد من التعريفات المعطاة أكثر من غيره،إلى الحد من النشاطات التي ال تكون غايتها القوة والفتح العسكري لكنه يتسم .

ة مفاجئة ومتقطعة من الحضارة القديمة المبذ رة واالستهالكية فهو يمر بطريق:بخصائص نوعية ، الوقت نفسهوهو على كل حال ال يحقق كل إمكانياتها،ألنه يعمد في :إلى الحضارة العسكرية

وهو في مرحلته األولى ال يمتلك .وبشكل مختزل بمعنى من المعاني،إلى تطوير اقتصاد خالصإنه غريب من جهة، عن .اصيات اقتصاد الخالصكل خاصيات النظام العسكري وال كل خ

بمحاربة األيقونات والتماثيل في مواجهة الجمودية (التطور المستقل للوعي الواضح أو للفلسفةومن جهة ثانية، ).البيزنطية يذهب أبعد من النظام العسكري من حيث إخضاع أشكال الفن للعقل

الهي يستجيب لمبدأ النمط العسكري ذي استغنى اإلسالم عن التوسط وحافظ على تعالي عالم ه إلى الخارج العنف الموج لكن ما يصدق على اإلسالم البدائي ليس كذلك بالنسبة لإلسالم .

حتى صار اإلسالم اقتصاد خالص فما أن بلغت اإلمبراطورية اإلسالمية حدود النمو.الالحق لقد كانت أشكال التوسط فيه أقل حد ة وأقل إثارة للش. تماما لكنه عرف مثل .فقة من المسيحية

وظلت monachismeإذ تطور التصوف والمؤسسات الدينية .المسيحية حياة روحية باهظة الثمن . الفنون مبدئيا ضمن حدود محاربة التجسيد لكنها تخلصت بطرق شتى من االختزال العقالني

واإلسالم،بالنظر إلى الضعف النسبي لدور العنف الداخلي فيه،ي عد ب ين مختلف اقتصاديات . الخالص أكثرها استقرارا وأفضلها ضمانا الستقرار المجتمع

أراد هذا المثال التطبيقي للمنهج أن يبين من جهة،تلك المسافة التي تفصل رسوم المخطط .عن الواقع،وإمكانية تقليصها فيما بعد،من جهة ثانية

ولكنها مثل تلك التطبيقات تقدم بناء .ها للتحفظ نفسهأما اإلحاالت التي تلي فإنها تخضع بدور .منفصال عن أسسه بشكل غريب،ومع المحافظة على الخاصية التي طبعت عرضي السابق

.يبدو لي من الممكن،وإن شئنا من الضروري،ربطها إجماال ببعض أصولها ولو بعد فوات األوان مؤلفوها بطريقة ما،نحو التصورات الدقيقة وأنا أقوم بذلك على شكل إحاالت على كتابات توج ه

.،أو كانت مضامينها ذات معالم قادت محاوالتي"النظرية"في هذه أريد تقديمها كما اتفق، من حيث التعاقب مع اتباع التسلسل األبجدي بالنسبة ألسماء

.المؤلفين George Dumezil Mitra-Varuna _2: ed. Gallimard_1948 *

Page 38: Theorie de la religion جورج باتاي- نظرية الدين_ ت. محمد علي اليوسفي

األوروبية المطروحة في أعمال جورج دوميزيل الرائعة، -إن تأويالت الميثولوجيا الهندية -Flamineو 1931الذي صدر عام Ouranos-Varunaبعد - وخصوصا العمل المذكور أعاله

Brahmane ذلك أن ":نظرية الدين"ته في تستجيب للبناء الذي طور -1933الصادر عام الفرضيات ونقائضها وتركيباتها الهيغلية عن وعي،ت عطي عند دوميزيل تعارض العنف

Romulus et و Varuna et les Gandharvasفي-من الجانب األسود والمشؤوم للعالم اإللهي(المحضles Luperques ( نيوي مع النظام اإللهي الذي يتوافق مع النشاط الد )Mitra et les Brahmanes .

Numa. Dius Fidus et les Flamines ( وحلوله في العنف الخارجي والفعال لنظام عسكري إنساني .وعقالني

Emile Durkheim. Les Formes elementaires de la vie religieuse 2-ed. Alcan 1925. * ليوم مهم ال بطريقة غير عادلةيبدو لي دوركهايم ا ابتعدت عن مذهبه ولكن مع االحتفاظ .

.بجوهر ما جاء فيه

Alexandre Kojeve. Introduction a la lecture de Hegel. Gallimard. * رتها في هذا الكتاب واألفكار التي طو.فينومينولوجيا الروح:هذا الكتاب هو تفسير لكتاب هيغل

نظرية "ويبقى تحديد التطابقات بين التحليل الهيغلي و. وردت في كتاب كوجيف باختصار،إجماالتبدو لي االختالفات في كال التصورين قابلة للتخفيف؛ويتعلق االختالف األول :هذه "الدين

الموضوع؛وال لتطابقها مع- غير قابل للتحقيق ضرورة -بالتصور الذي يقدم إتالف الذات كشرط الهيغلي " الرضى أو اإلشباع" شك في أن هذا يتضمن منذ البداية حالة ذهنية معاكسة تماما لـ

Satisfaction وتتطابق فقط،والتناقض الذي تتطابق ضمنه ال يمكن (،لكن األضداد هنا تتطابق س معطى حقا إال ثمة تماثل بين الكائن الخاص والكلي،والكلي لي: تجاوزه هذه المرة بأي تركيب

إال في )أو الفرح المؤلم(في توسط الخصوصية،لكن حلول الفرد في ما هو فرداني ال يتجاوز األلم التي يمكن مقارنتها - Ataraxie" األتاركسيا"الموت،أو في حالة راحة الضمير وطمأنينة النفس أو

يسبق النشوة بموت الرضى المكتمل؛ومن هنا المحافظة على الحل في المستوى الذي Extase وبما أنني تعللت هنا بعمل ألكسندر كوجيف، فإني ألح على نقطة )… ،وهو ليس حال :

وأرى أن إمكانيات نقده في هذه النقطة بالذات ال يمكن أن ت عطى (مهما كانت دقة تفسيره لهيغل فحسب بل هو ي الذاتلوع السهل نسبيا ال يعد األداة األولى لمدخل،فإن هذا ا)سوى قيمة محدودة

بطريقة - وخصوصا المظاهر السياسية-الوسيلة الوحيدة للنظر في مختلف مظاهر الحياة اإلنسانية تختلف عن تأمل الطفل ألعمال الكبار،وال أحد يستطيع حاليا أن يدعي الثقافة من دون تمثل

يف ال يبتعد عن وأريد هنا اإلشارة أيضا إلى كون تفسير ألكسندر كوج(محتوى هذا الكتاب "نظرية الدين" ومن السهل أيضا التفطن إلى أن كتابي هذا :الماركسية بأي وجه من الوجوه

).مؤسس بحزم على تحليل االقتصاد

Sylvain Levi. La doctrine du sacrifice dans les Brahmanas. * ؤلفات األساسية لهذا وكتاب سيلفان ليفي هو أحد الم". وعي الذات"تفسير التضحية هو أساس

. التفسير Marcel Mauss. Essai sur la nature et la fonction du sacrifice. * Marcel Mauss. Essai sur le don. *

والثاني ي عد .الكتاب األول إعداد هائل للمعطيات التاريخية حول التضحية في العصور القديمة .بأشكال اإلتالف لفائض النشاط اإلنتاجي ركيزة لفهم االقتصاد باعتباره وثيق الصلة

Simone Petrement. Le dualisme dans l histoire de la philosophie et des religions. Gallimard. * 1946.

Page 39: Theorie de la religion جورج باتاي- نظرية الدين_ ت. محمد علي اليوسفي

يعرض سيمون بيتريمون،المعروف بتبنيه لموقف الغنوصيين القدامى، في كت يبه هذا، ولقد حل لت انطالق ا من معطياته االنتقال .مسألة تاريخ الثنائيةالمتميز بالوضوح المنهجي الفائق،

من الثنائية القديمة إلى ثنائية الروح والمادة،وأفضل من ذلك تعرض المؤلف للتعالي والعالم .الحسي

Bernardino de Sahagun. Histoire de la nouvelle Espagne.* وضع المكسيك ما قبل الغزو، وخصوصا حول أجرى هذا القس اإلسباني تحقيقا حول

التضحيات البشرية التي يتم االحتفال بها بأعداد كبيرة في معابد مكسيكو،وقام بتحقيقه بين وي عد كتابه أفضل وثيقة مفصلة بين أيدينا حول المظاهر . اآلزتيك الذين شهدوا تلك االحتفاالت

نسان أو الدين،عندما تخفي األشكال وينبغي بالضرورة رفض تصورات اإل.الفظيعة للتضحية القاسية وراء اد عاء البشاعة المزعومة،وحدها الصورة التي تلوح عبر تلك األشكال القاسية،هي .التي تكون في مستوى الحركات الحميمة التي يحيد عنها الوعي لكنه يعود إليها في نهاية المطاف

R.H.Tawney. Religion and the Rise of Capitalism.New York. * تبين تحليالت ه�ذا الكت�اب المبني�ة عل�ى معلوم�ات واس�عة،أهمية الفص�ل الحاس�م ب�ين العلم�ين

ولقد أدخلت البروتستانتية إمكانية هذا الفصل بإنك�ار القيم�ة . الدنيوي والمقدس،في أصل الرأسمالية عل�ى - مع م�رور ال�زمن- قتصادي وهكذا حصل عالم األشكال الفاعلة في النشاط اال : الدينية لألعمال

. استقاللية سمحت بازدهار التراكم الصناعي Max Weber. Die Protestantische Etnik und der Geist des kapitalismus.*

من استثمار (ربطت هذه الدراسة الشهيرة لماكس فيبر،ألول مرة وبدقة،إمكانية التراكم ع عالم إلهي ال صلة له بالدنيا،حيث يفصل الشكل بوض) الثروات إلى تطوير قوى اإلنتاج

جذريا ،ذلك االعتزاز باستهالك الثروات عن النظام اإللهي، )الحساب،األنانية(العملياتي أو الفاعل على التغير الحاسم الذي أدخلته حركة اإلصالح الديني " تاوني" وألح ماكس فيبر أكثر من

La Reforme نا في القاعدة مع إنكار قيمة األعمال واإلنفاق غير المنتجوالذي جعل التراكم ممك . ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

).الناشر الفرنسي(هذا الجدول لم يتم العثور عليه ضمن أوراق باتاي (*)

محمد علي اليوسفي

1950 مارس 3محمد علي اليوسفي من مواليد مدينة باجة بالجمهورية التونسية * درس المرحلتين االبتدائية والثانوية بتونس ثم سافر إلى الشرق العربي حيث أتم دراسته *

. الجامعية في جامعة دمشق وتخرج في قسم الفلسفة والعلوم االجتماعية .راسات العليا في االختصاص ذاته بالجامعة اللبنانية خالل الحرب األهليةتابع الد* السورية وفي األثناء مارس الترجمة والكتابة والصحافة الثقافية في أبرز الصحف والمجالت*

. واللبنانية والفلسطينية .عاد إلى تونس ليستقر بها بعد عشرين عاما أمضى ثمانية منها في جزيرة قبرص*

:أعماله المؤلفة*

:في الشعر -أ

.1988حافة األرض، دار الكلمة، بيروت *

Page 40: Theorie de la religion جورج باتاي- نظرية الدين_ ت. محمد علي اليوسفي

.1998امرأة سادسة للحواس، دار الطليعة الجديدة، دمشق * .1998ليل األجداد، وزارة الثقافة السورية، دمشق *

دمشق -ليل األحفاد* تونس -رقصة الكونغرس *

:في الرواية -ب توقيت الب ن ك ا* . 1992رياض الريس للكتب والنشر، لندن ] الناقد للروايةجائزة [ .1997دار الجنوب، تونس ] الريشة الذهبية:جائزة كومار[شمس القراميد،* ر، دار الطليعة الجديدة، دمشق، سوريا * مملكة األخي ض 2001. 2002دار الفارابي، بيروت بيروت ونهر الخيانات،* 2005 دانتيال، دار الفارابي، بيروت* 2006دار الفارابي، بيروت عتبات الجنة *

:في النقد -ج

. 1988 أبجدية الحجارة، بيسان برس، نيقوسيا، قبرص،*

: أعماله المترجمة* :أ ـ شعر

.1983حرية مشروطة، أوكتافيو باث، الدار العالمية، بيروت * .1994ليماسول، قبرصمدائح النور، مختارات من الشعر اليوناني، دار الملتقى، *

:ب ـ رواية

. 1980حكاية بحار غريق، غابرييل غارسيا ماركيز، دار ابن رشد، بيروت * . 1981خريف البطريرك، غابرييل غارسيا ماركيز، دار الكلمة بيروت* . 1981البابا األخضر، ميغيل أنخل استورياس، دار التنوير، بيروت* . 1982اراياما، شيتشيرو فوكازاوا، دار التنوير، بيروت ن* . 1982مملكة هذا العالم، أليخو كاربنتييه، دار الحقائق، بيروت * . 1986البيت الكبير، ألفارو سيبيدا ساموديو، دار منارات، عمان * . 1994ليلة طويلة جدا، كريستين بروويه ، دار الجنوب، تونس* الصينية الصغيرة، داي سيجي، المركز الثقافي العربي، بيروت ـ الدار بلزاك والخياطة*

2004البيضاء،

:ج ـ سيرة . 1994المنشق، سيرة نيكوس كازنتزاكي بقلم زوجته، دار اآلداب، بيروت *

:ـ دراسات د . 1981بدايات فلسفة التاريخ البورجوازية، ماكس هوركهايمر، دار التنوير، بيروت * .1985ك والواقعية الفرنسية، جورج لوكاش، المؤسسة العربية للناشرين المتحدين، تونس بلزا*

:سينما -هـ

.2003الثورة الفرنسية في السينما، المؤسسة العامة للسينما، دمشق، * .2005قرن من السينما الفرنسية، المؤسسة العامة للسينما، دمشق،*

و ـ رحالت

Page 41: Theorie de la religion جورج باتاي- نظرية الدين_ ت. محمد علي اليوسفي

2004تونس إلى القيروان، غي دي موباسان، دار المدى، دمشق، من*

[email protected] : العنوان اإللكتروني