68
. أ د ي ه ا ن أ ري مي س ل أ س : مي خ ل وم أ ي ى ق ل أ20/12/1429 ه

img97.xooimage.comimg97.xooimage.com/files/c/4/2/ti-3f653bc.docx · Web viewنجد الآن في الواقع أناس تأتيهم المصيبة فيتعاملوا معها في

  • Upload
    buidiep

  • View
    237

  • Download
    4

Embed Size (px)

Citation preview

السميري أناهيد أ.هـ20/12/1429ألقى يوم الخميس :

قواعد في بناء النفس

2

بسم الله الرحمن الرحيم سلســلة تفــاريغ من دروس أســتاذتنا أخواتنا الفاضالت، إليكم

ــه بعض ــق الل ــه، وف ــا الل ــميري حفظه ــد الس ــلة أناهي الفاض األخوات لتفريغهــا، وســمحت لهن األســتاذة بنشــرها، ونســأل

(عـلـم يـنـتـفــع بــهالله أن ينفع بها، وهي تنشر في مدونة )http://tafaregdroos.blogspot.com/!#/

تنبيهات هامة:ــالح. ــ ــلف الص ــ ــنة على فهم الس ــ ــاب والس ــ ــا الكت ــ - منهجنــه األســتاذة - هذه التفاريغ من اجتهاد الطالبات ولم تطلع علي حفظهــا اللــه، أمــا الــدروس المعتمــدة من األســتاذة فهيــذرات من دروس ــم )ش ــلمات قس ــبكة مس ــودة في ش موج

األستاذة أناهيد(http://www.muslimat.net/

- الكمال للــه عــز وجــل، فكتابــه هــو الكتــاب الوحيــد الكامــل السالم من الخطأ، فما ظهر لكم من صواب فمن الله وحده، وما ظهر لكم فيه من خطأ فمن أنفسنا والشيطان، ونستغفر

الله..والله الموفق لما يحب ويرضا.

قواعد في بناء النفس

عناصر الدرس:

م��اذا يجب أن تعتق��د وأنت مقب��ل على زمن فاض��ل ومقب��ل على.الطاعات

.أصناف الناس حال الخروج من الزمن الفاضل ذكرت قواعد في بناء النفس ألج��ل دف��ع التقص��ير ق��در المس��تطاع

ومقاربة درجة اإلحسان في العبادات. وأنه منتشر على درجة اإلسالم.اإلحسانتعريف

أنه غ��ير مس��تبعد, وأن��ه أج��زاء ت��تركب )ال��ذي ورد في ح��ديثجبريل هو درجة الكمال في اإلحسان(.

أن اإلحس��ان م��راتب أص��لها اإلخالص ومنته��اه أن تعب��د الل��هإطالقا في كل شيء كأنك تراه.

وأن هذا اإلحسان يزيد بالعلم عن الله. وأنن��ا يمكن أن نحق��ق أج��زاء من اإلحس��ان، ف��إذا اجتمعت لن��ا

هذه األجزاء قد يبلغ العبد درجة الكمال في اإلحسان. قواعد بناء النفس:

ادفع عدو االستعانة, وهما الشيطان والنفس األمارة بالسوء..1 اعلم أن االبتالء للعباد في الحياة ليس اختب��ارا لق��واهم الذاتي��ة.2

في العبادة، بل اختبار لقوة االستعانة. قوة االستعانة طريقه��ا أن يس��تقر في قلب المس��تعين معرف��ة.3

نفسه والعلم عن ربه. درب نفس��ك على االس��تعانة في ص��غير األم��ور قب��ل كبيره��ا،.4

واعلم أن من تعرف إلى الله في الرخاء عرفه في الشدة. ترجم أفعال الله بما يوافق الخبر عنه، لترى كي��ف يتع��رف الل��ه.5

عليك في الشدة.عالج نقاط ضعفك في االستعانة..6

3

قواعد في بناء النفس

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمــد للــه رب العــالمين والصــالة والســالم على ســيدنا محمــد وعلى آلــهوصحبه أجمعين.

أسأل الله سبحانه وتعالى أن نكون ممن أطاع فأحسن الطاعــة، وأن نكــونممن قبلوا في هذه الطاعات، اللهم آمين.

وحـال خــروج اإلنســان من زمن فاضـل، ال بـد أن يتصــور مجموعــة مسـائل تتصل بــالزمن الفاضــل؛ ألن الــزمن الفاضــل ال ينتهي، نحن اآلن خرجنــا من عشر ذي الحجة، وعدنا مرة أخرى لألشهر الحــرم، ونحن الزلنــا في األشــهر الحرم، وبعد األشهر سيأتي شهر من أعظم األشـهر الحـرم وهــو شـهر اللـه

المحرم. فأنت يا عبد في األصل تنتقل من زمن فاضل إلى زمن فاضل، وعمرك كله

اسمه: الزمن الشريف، تشرفه أنت بالطاعة. لكن اآلن من أحسن أو من أســاء، ســواء كنت ممن أحســن فيمــا مضــى أو

منقواعد في بن��اء نفسكأساء فيما مضى، ال بــد أن تعــرف أن هنــاك عت المسـألة من أجـل أن تنتفـعتنتفع بالزمن الفاضلأجل أن ، ولو وس

. هــذه القواعــد في مجملهــا قواعــد شــرعيةعمركبالزمن الشــريف وهــو تتصل باعتقاداتك.

ــل سنتكلم اآلن عن: ماذا يجب أن تعتقد وأنت مقبل على زمن فاضــل ومقب على الطاعات. سواء كنت ممن أطاع فأحســن أو ممن أســاء، فــالكالم اآلن على حد سواء؛ ألن الطاعة واإلساءة على ما مضى ماذا يكون حالها؟ شيء

مضى أطعت فيه كيف ستعامل طاعتك؟ بالذل لطلبإن كنت ممن أحســن فأطــاع فســتعامل هــذه الطاعــة

. لنفترض أنك أطعت وأحسنت في عشر ذي الحجة، حججتالقبول لبيت الله وأحسنت في حجك فستعامل عملك هذا بالذل لله، تنكســر

بالذل في طلب القبول. ال�ذل فيوإن كنت أسأت فســتعامل إســاءتك بنفس الطريقــة وهي

. طلب الغفران إذن نهاية األمر ســواء أطعت أو أســأت فــأنت في كال الحــالتين أنت متعلــق

بالله ذليل له، لكن على صنفين من الذل:صنف فيه طلب القبول.-1صنف فيه طلب المغفرة وطلب التجاوز.-2

وإذا أحسنت التفكر سترى أنك حتى حال طلبــك للقبــول البــد أن يكــون في داخله طلبا للتجاوز والمغفرة، يعني حتى وأنت محســن ســتجد أنــك البــد أن تطلب المغفرة، ألست مستغفرا بعد كل صالة؟ ألم تــؤمر في آيــات ســورة

4

قواعد في بناء النفس

البقــرة في ســياق الكالم عن الحج أن تســتغفر اللــه -عــز وجــل-؟ إذن أنتمأمور باالستغفار حتى في حال اإلحسان.

لو تأملت أكثر وأنت في حال الذنب، لو عصيت في الــزمن الفاضــل ألســت أيضا ستكون من المتذللين لله بطلب المغفرة كما أنك ســتكون متــذلال للــه بالشكر على أنه أحيا في قلبك ألم الذنب؟ اآلن أنت أسأت أو أحسنت: بعــد الزمن الفاضل سنجد أننا نمشي بطريــق واحــد وجهــه الــذل واالنكســار للــه

تعالى.ــام تــام؟ ال، ولكن عند تأملنا للمسألة بعمق أكثر: لو أحسنت هل إحســانك ت

إذن اجتم��ع لمن أحس��نوأنت محسنة مشــروع في حقــك االســتغفار. ذل في طلب القبول وذل في طلب المغفرة.

فــأنت عنــدما تقــول : يــا رب اقبلنــا، كأنــك تقــول: يــا رب اشــكر لي عملي،ــه األجــر عاملني باسمك الشكور، أي اقبل مني القليل يا رب، وأعطيني علي

الكبير -ألن الشكور الذي يعطي على العمل القليل األجر الكثير-.

فالذي حج عاش خمس أيام ثم وعد بأن يعــود كيــوم ولدتــه أمــه. وهي كلهــا خمسة أيام تقــول على الخمســة ســتذهب الثالثين أو األربعين أو الخمســين سنة الماضية بكل ذنوبها، أكيد أن الله ســيعاملك باســمه الشــكور، وإال فــإن

هذا عمل قليل وعليه األجر الكبير.إذن عندما تطلب القبول كأنك تقول : يا رب عاملني باسمك الشكور.

وعندما تطلب المغفرة فكأنك تقول: يا رب عاملني باسمك الغفور. وطلبك من الله أن يعاملك باسمه الغفور الشــكور –نســأل اللــه من فضــله-نتوسل بهذان االسمان من أجل أن نكون ممن قــال اللــه فيهم في فــاطر - بعد أن عاملهم سبحانه باسمه الغفور الشــكور- في وصــفهم حــال دخــولهم

ــا لغفــورالجنة أنهم قالوا: ن ا الحــزن إن رب ذي أذهب عن ه ال }وقالوا الحمــد لل[ 34]فاطر: شكور{

الجنــة, وجــاءت ألنه عاملهم باسمه الغفور الشكور فكانت هذه منزلتهم فينا دار المقامة من فضله{اآلية التي بعدها : ذي أحل ، من فضله وليس من}ال

عملهم.ــد أن تكــون فأنت يا أيها المطيع بعد أن تحسن في العشر أو في الحج ال ب ذليال منكسرا طالبا من الله أن يعاملك باسمه الشــكور الغفــور، طالبــا من

الله القبول، طالبا منه سبحانه التجاوز عن النقص. أما العاصي الذي خسر الــزمن ، ذهب للحج وخســر الــزمن،بقي في البلــد وخسر الزمن، بعد خسرانه للزمن أفاق وتصور فعله، فعامل ربه بالذل أن يغفر له ويتوب عليه، ولو تأملت جيدا كأنه يقول: يــا رب اشــكر لي حســنة التوبة، تاب فهو اآلن ضيع الزمن الفاضــل ثم اســتيقظ لمـا اســتيقظ طلب من الله المغفرة والتوبــة فكأنــه في ضــمن هــذا يقــول: يــا رب اشــكر لي توبتي، ونحن نعلم يقينا أن الله يفرح بتوبة العبد أشد ما نتصور من الفرح،

5

قواعد في بناء النفس

وأن هذه التوبة حسنة ماحية تهدم ما قبلها. فكأن العبــد يقــول: يــا رب أنــا أتذلل إليك وانكسر طالبا المغفرة والتوبة، وأرجو منك أن تعاملني باسمك

الغفور الشكور، فتغفر لي تقصيري وتشكر لي توبتي، فينتهي األمر: أن الطائع في الزمن الفاضل ذليل منكسر طــالب من اللــه القبــول، طــالب

من ربه أن يعامله باسمه الغفور الشكور.ــه أن والذي تاب من التقصير في الزمن الفاضل ذليل منكسر طالب من الل

يعامله باسمه الغفور الشكور. ــه ذليلين ــاب الل ــد ب ــد أن نبقى عن ــا حــال إحســاننا أو إســاءتنا ال ب إذن أنن

منكسرين.

لكن يبقى السؤال : لماذا لم أطيع؟ أو لو أطعت، لماذا لم أحسن في الطاعة؟ ألنك قد تقول أنا صمت العشر لكننا نعلم في حاالت كثــيرة عن أنفســنا أننــا حتى لو صمنا ال نبلغ درجة اإلحسان، ماذا يعني ال تبلغ درجة اإلحسان؟ يعني ال نجد قلوبنا طوال فترة الصيام، ال نجــد قلوبنــا طــوال وقت الفـروض )كــل

فــرض( هــل وجــدت قلبــك فيــه50 أيــام يعــني 10يوم فيه خمسة فــروض، كله ؟! ال نجد قلوبنا فيهــا كلهــا، إذن ســنجد التقصــير في أعمالنــا، حــتى لــو

أعطينا أنفسنا مشاعر أننا أحسنا. فكــأن الســؤال اآلن هــو: إن كنت مســيئا أو محســنا البــد أن يكــون داخلنــا

التقصير ، لماذا هذا التقصير؟

قواعد في بناء النفسسنتكلم عن ألجل دفع التقصير قدر المستطاع

ومقاربة درجة اإلحسان في العبادات.

هل ينـدفع تمامـا؟ ال ألنـه ليس من صــفات البشــر أن ينــدفع عنهم التقصــيرتماما، ولكن من صفاتهم أنهم يجاهدون قدر ما يستطيعون لبلوغ الكمال.

, ثم عن قواعد بناء النفس..اإلحساننتكلم أوال عن

أن))اإلحســان هــو جملة مشهورة في درجــة اإلحســان من حــديث جبريــل:ه يراك ك تراه ، فإن لم تكن تراه فإن ه كأن .1((تعبد الل

تعبد الله كأنك تراه: هذه الدرجة العليا، فإن لم تكن تـراه: فـأنت تعتقـد أنـهيراك.

رواه مسلم.1

6

د�ر�ج�ة� و�م�ق�ا�ر�ب�ة�ف�ي� ا�إل�ح�س�ا�ن�

ا�ل�ع�ب�ا�د�ا�ت�

د�ف�ع� أل�ج�ل�ا�ل�ت�ق�ص�ي�ر�

ق�د�ر� ا�ل�م�س�ت�ط�ا�ع�

قواعد في بناء النفس

ــاه عرفنا معنى اإلحسان من حديث جبريل، نريد اآلن أن نعرف مشاعرنا تج كلمة اإلحسان حين تأتي في حديث جبريل الذي ورد فيــه اإلســالم واإليمــان

واإلحسان. ماذا نشعر في اإلحسان قريب أم بعيــد ؟ أول األمــر : عنــدنا انطبــاع مقــدم قبل أي نقاش أن بلوغ درجة اإلحسان هذا أمر بعيد؛ ألن المسألة مركبة في أذهاننا بطريقة خاطئــة، فنحن نتصــور أنــه علينــا أن نحقــق اإلســالم أوال, ثم نحقق اإليمان ثانيا, ثم نحقــق اإلحســان ثالثــا، فنجــد في أنفســنا تقصــير في مرتبة اإلسالم في صالتنا، صيامنا.. مقصرين، ثم نجد أننا مقصرين فيمــا هــو أعلى، إذن من المؤكد أن يكون في الذهن أن اإلحسان بعيد، وهذا أول خطأ

في المفهوم. ، ففي التعريـــف نفســـه أناإلحس��ان منتش��ر على درج��ة اإلس��الم

ــو ــ ــان هـ ــ ــد اللهاإلحسـ ــ ــهادتين: أن تعبـ ــ ــه الشـ ــ ــادة اللـ ــ ــان عبـ ــ : أركـ الصالة ,الزكاة ,الصيام , الحج ، فاإلحسان أصال يقــع حــال عبادتــك وإقامتــك

ألركان اإلسالم. أول شيء يقال لك صلي -هذه عبادة- كأنك ترى الله، فإذا ما اســتطعت أن تجمع قلبــك على أنــك تــراه بقلبــك، ليس المقصــود الرؤيــة العينيــة -الرؤيــة العينية في الدنيا مستحيلة كما يعتقد أهل السنة والجماعة - ولكن المقصود الرؤية والمشاهدة القلبية يعني تكون بالغا درجة اليقين في كونك ترى الله, وهذه اسمها مشاهدة قلبية,صلي وأنت بهذه الحــال وإذا مـا اســتطعت هـذه

على األقل صلي وأنت متيقنا أن الله يراك. *عندما تكبر في صالتك تقول: الله أكبر، اجعل في يقينــك أنــه حقيقــة أكــبر

في كتابــه )الفــروع(رحم��ه الل��ه- ابن مفلح -من كــل شــيء، حــتى أن كأنها نفض" عندما كان يصف حركة اليــد في التكبــير مــع اللفظــة قــال:

الدنيا ، ثم يقول الله أكبر من كل ما أتعلق به، الله أكبر من ك��ل كأنــه واحــد ينفض"ما آمله، من ك��ل م��ا أرج��وه، من ك��ل م��ا أخافه

الدنيا، هذه المشاعر وقت التكبير ماذا وقع في قلبــك ؟ وقــع اإلحســان فيالتكبير.

ــدت بين))*ثم ذكرت دعاء االستفتاح: هم باعد بيني وبين خطاياي كما باع الل.1((المشرق والمغرب

ماذا يقع في قلبك؟ اإلحسان اآلن أن تكــون معتقــدا أنــك بــاغض لخطايــاك، شاعر بها ، تتوسل إلى اللــه أن يبعــدك عنهــا ويبعــدها عنــك -كــل واحــد في

طريق-. *اإلحسان في الفاتحــة أن تقرأهــا وأنت مــتيقن أنــك تكلم اللــه، واللــه -عــز

وجل- والله يكلمك: تقول : الحمد لله رب العالمين.

متفق عليه.1

7

قواعد في بناء النفس

تتيقن أن الله يرد عليك ويقول: )حمــدني عبــدي.. أثــنى علي عبــدي..مجدني عبدي.. هذا بيني وبين عبدي ولعبدي ما سأل(، تتيقن بهذا كله.

إلى هنــا وقلبــك معــك ثم جئت لتقــرأ ســورة وغــاب قلبــك تريــد تســمع مــا حفظت..إلخ، هنا ذهب قلبــك، فتعتــبر محســن في صــالتك منــذ التكبــير إلى

محسن في هذا الجزء من الصالة.الفاتحة، فأنت فنــا اإلحســان أول كالم نقولــه : ال تســتبعد درجــة اإلحســان ، إذن بعد أن عر

فاإلحسان أجزاء تتركب. يعني أحسن في التكبــير، في الفاتحــة.. نفس حركــة الركــوع، أحســن فيــه بإحساسك أنك ذليل، ركــز في ســبحان ربي العظيم، ســبوح قــدوس، اجمــع قلبك فيها، وعلى قدر جمع قلبك تكون محســن، قــد تكــون من أول الصــالةــه ــات لل آلخرها غير محسنا فيها ولم يمر عليك اإلحسان إال لما وصلت للتحيــا ــك : م جمع لك قلبك، هنا أصبح لديك إحسان، وال يغرك الشيطان فيقول ل لم تحسن أوله فال تحسن آخره, ال يغرك بهذا فأنت جاهد نفسك بجمع قلبك

على ماتقول فتأتي باإلحسان، اعبد الله وأنت فاهم ما تقول.: ما هي الدرجة الدنيا من هذا اإلحسان؟ س : ما ذكر في حديث جبريل هو الدرجة العليا من اإلحسان وقد ذكرناها، أماج

فاإلحسانالدرجــة الــدنيا في نفس اإلحســان هي أن تكــون مخلصــا للــه.درجات.

إذن عرفنا اآلن ثالث معلومات عن اإلحسان وهي: .تعريفه وأنه منتشر على درجة اإلسالم.1

.أنه غير مستبعد, وأنه أجزاء تتركب.2 .أنه درجات والدرجة األساسية فيه اإلخالص.3

وبما أن اإلحسان درجات فنقطة البداية فيه والدرجة األساسية فيه هي: )اإلخالص(. العبد أصال ال يصبح محسنا لله إال عندما ال يريــد إال رضــا اللــه، ال يريد إال وجه الله. ال يريد إال طاعة اللــه. ثم كلمــا زدت علمــا، اســتطعت أن

تجمع قلبك على المفاهيم التي يجب أن تكون في هذه العبادة. مثال: شــخص ال يعــرف أن في ســورة الفاتحـة يكلمـه اللـه، فكيــف ســيكون محسنا فيها؟ بأن يفكر في نفس اآليات, ولكن عنــدما يتعلم أن اللــه يكلمــه

سترتفع درجة إحسانه. ال بد أن تعلم أن اإلحسان درجات. الدرجة األساسية فيــه أن تكــون مخلصــا وإال كيف ستكون محسنا وأنت لست مخلصــا؟! فاإلحســان يقــع على القلب أول عمل أساسي للقلب وقت العبادة أنك ال تريد أحد غير الله، ال تريد رضا

أحد غير الله. : كيف يترقون في درجات اإلحسان؟ س: يترقون فيه على حسب علمهم.ج

8

قواعد في بناء النفس

إذن اإلحسان درجات والدرجة األساســية اإلخالص، ثم النــاس يتفــاوتون فيدرجات اإلحسان على حسب علمهم.

والنتيجة أن اإلحسان ممكن أن يكون موجــود. وأي احــد منــا يمكن أن يــأتيبدرجة اإلحسان في أمر ما.

ولكن متى يكــون العبــد محســنا على لفظــة اإلطالق -أن هــذا محســن-؟ إذا اجتمع له اإلحســان في كــل شــيء، وفي كــل أمــر، في كــل صــالته في كــلح، والصــديقين، ال عباداتــه، أصــبح محســنا إطالقــا؛ كاألنبيــاء والكمل من الصــ والشهداء, والصالحين، هؤالء بلغوا درجة اإلحســان الكامــل وهي درجــة غــير

الدرجة األساسية في اإلحسان. إذن لــدينا إخالص-الدرجــة األساســية- ولــدينا تكميــل لإلحســان إلى أن يبلــغ

الشخص الدرجة العليا في اإلحسان وهي اإلحسان الكامل. على ذلك هل يوجد عبد مخلص مقبال على ربه ال يستطيع أن يكــون محســنا

في شيء؟ كال؛ فأنت يمكنك بلوغ درجة اإلحسان في أجــزاء عملــك. وكلمــا زدت علمــا

عن الله، زادت درجة إحسانك.

وهذه القواعد الستة التي سنتكلم عنها مقصدها: أن تتدرب حتى تبلغ درجة اإلحسان الجزئي الذي لو اجتمع يأتي اإلحسان التام.

ــنتكلم عن حالنـــا وقت ــادة فنحن سـ ــا أن اإلحســـان يقـــع وقت العبـ وبمـ العبــادة,واإلحســان ليس الصــورة العمليــة للعبــادة بــل الصــورة االعتقاديــة

القلبية يعني )أعمال قلبك(.

ملخص ما مضى: - علمنــا أن اإلحســان الــذي ورد في حــديث جبريــل هــو درجــة الكمــال في

اإلحسان. - وأن اإلحسان مراتب أصلها اإلخالص ومنتهاه أن تعبد اللــه إطالقــا في كــل

شيء كأنك تراه.- وأن هذا اإلحسان يزيد بالعلم عن الله.

- وأننا يمكن أن نحقق أجزاء من اإلحسان، فإذا اجتمعت لنا هذه األجزاء قــديبلغ العبد درجة الكمال في اإلحسان.

سنتكلم عن ست قواعد نسأل الله أن تكون ســببا في تــدريبنا على مســألةاإلحسان وقت العبادة. والقواعد الست هذه كلها قلبية.

9

ـقـوـاـعـد ـفـي ـبـنـاـء ـاـلـنـفـس

ع�د�و� ا�د�ف�ع�ا�ال�س�ت�ع�ا�ن�ة�,

و�ه�م�ا� ا�ل�ش�ي�ط�ا�ن� و�ا�ل�ن�ف�س� ا�أل�م�ا�ر�ة� ب�ا�ل�س�و�ء�

أ�ن� ا�ع�ل�م�ل�ل�ع�ب�ا�د� ا�ال�ب�ت�ال�ء�

ا�ل�ح�ي�ا�ة� ف�ي� ا�خ�ت�ب�ا�ر�ا� ل�ي�س�

ل�ق�و�ا�ه�م� ف�ي� ا�ل�ذ�ا�ت�ي�ة�ب�ل� ا�ل�ع�ب�ا�د�ة�،�ل�ق�و�ة� ا�خ�ت�ب�ا�ر�

ا�ال�س�ت�ع�ا�ن�ة�

ق�و�ة� ا�ال�س�ت�ع�ا�ن�ة�

أ�ن� ط�ر�ي�ق�ه�ا�ف�ي� ي�س�ت�ق�ر�

ق�ل�ب� ا�ل�م�س�ت�ع�ي�ن�

ن�ف�س�ه� م�ع�ر�ف�ة�ع�ن� و�ا�ل�ع�ل�م�

ر�ب�ه�

ن�ف�س�ك� د�ر�ب�ع�ل�ى�

ا�ال�س�ت�ع�ا�ن�ة� ص�غ�ي�ر� ف�ي�

ق�ب�ل� ا�أل�م�و�ر�ك�ب�ي�ر�ه�ا�،�

م�ن� أ�ن� و�ا�ع�ل�م�إ�ل�ى� ت�ع�ر�ف�

ف�ي� ا�ل�ل�ه�ع�ر�ف�ه� ا�ل�ر�خ�ا�ء�

ا�ل�ش�د�ة� ف�ي�

أ�ف�ع�ا�ل� ت�ر�ج�م�ب�م�ا� ا�ل�ل�ه�

ا�ل�خ�ب�ر� ي�و�ا�ف�ق�ل�ت�ر�ى� ع�ن�ه�،�

ي�ت�ع�ر�ف� ك�ي�ف�ع�ل�ي�ك� ا�ل�ل�ه�

ا�ل�ش�د�ة� ف�ي�

ن�ق�ا�ط� ع�ا�ل�ج�ف�ي� ض�ع�ف�ك�ا�ال�س�ت�ع�ا�ن�ة�

قواعد في بناء النفس

10

قواعد في بناء النفس

القاعدة األولى : اعلم أن االبتالء للعباد في الحياة ليس اختبارا لقواهم الذاتية في العبادة

والطاعة ، بل اختبار لقوة االستعانة.

ــك وقت أنت لما تدخل في العبادة: ماذا يكون في ذهنك ؟ ما الذي يختبر فيالعبادة والطاعة؟

اشتهيت أن تقوم الليل، بماذا ستفكر حتى تقوم الليـل؟ أول مـا يتبــادرمثالــوم ــام من الن ــة للقي ــذهن كيــف ســأقوم؟ أبحث عن األســباب المعني إلى ال المبكر، ضبط الساعة، توصية شخص يوقظني.. هذه الظاهرة تدل على أنك من جهة العبادة نعم أنت محب للعبادة, لكن الطريقة خاطئــة، ليســت هــذه طريقــة العبــادة، فــأنت أصــال ابتليت في الحيــاة بالعبــادات ال لتختــبر قــواك الذاتية -تستطيع أن تنام فتقوم- بل ابتليت في الحياة ليرى قــوة اســتعانتك, ألي درجة أنت مستعين باللــه؟ لــذلك عنــدما تــأتي عظــائم األعمــال فقــواك

ليست الحل لها وال يحلها إال قوة استعانتك.

11

قواعد في بناء النفس

ــر وأحب إلى اللــه من))على هــذا المفهــوم اشــرحي ــوي ، خي المــؤمن الق.1((المؤمن الضعيف ، وفي كل خير

ما المقصود بالقوة هنا؟ ماذا كان يوجد من مفاهيم في أذهاننا تجاه مفهوم القوة الموجودة في الحديث؟ كنا نعتقد أن المقصود هو القوة البدنية ، وهذا معنى فاسد؛ ألن الصحة والضعف أصال من عند الله. فالصحة عطاء من الله

والذي ابتلي بالمرض والضعف ابتالء من عند الله , فالصحة والمرض بالء. ابتلى الله -عز وجل- هذا بالقوة، وابتلى هذا بالضعف فكيــف يخــير بينهمــا؟!

-صلى اللــه عليــه وســلم- بينهمــا، وهــو يعلم أن المــرضكيف يخير الرسولابتالء، والقوة والصحة ابتالء؟

خير من المؤمن الضعيف في إيمانه. وإنالقوي في إيمانهلكن المؤمن كالهمــا فيهمــا خــير؛ ألن المــؤمن ضــعيف اإليمــان أفضــل من الكــافر، إذن المؤمن القوي هــو قــوي اإليمــان الــذي يستحضــر المعــاني األخرويــة بقلبــه

ويستحضر أنه سيلقى الله وأن الله سيحاسبه.ـرا يفقهـه في الـدين))وهذا المفهوم يطابق حـديث: ـه خي ه ب ـرد الل .2((من ي

ــرد اللــه بــه النص السابق يبين أن المؤمن القوي خــير، وهــذا يــبين أن من ي خيرا يفقهه في الدين، إذن المؤمن القوي هو قــوي في إيمانــه المبــني على

العلم، وهذه هي الخيرية.الخيرية أن تكون قويا في إيمانك وإيمانك مبني على العلم.

ــرا))لكي تصبح مؤمنا قويا، وتكون أنت األخير قيل لــك: ــه خي ه ب ــرد الل من يــه في الــدين ، يعــني الخيريــة تــأتي من جهــة العلم أوال، و هــذا العلم((يفقه

يزيدك إيمانا وتصور لحقائق اليوم اآلخر ,يزيــدك إيمانــا وتصــور لــوقت لقــاءالله، يزيدك إيمانا وتصور لرحلتك السريعة في الحياة.

إذن كل هذه التصورات عندما تكون عندك وتستعين بها تصــبح أنت المــؤمن القوي الذي هو خير من المؤمن الضــعيف, ومــع هــذا فــإن المــؤمن ضــعيف

اإليمان ولكنه خير ممن كفر أو نافق.

أذن هذة القاعدة توضح أنك ما ابتليت في الدنيا بالعبــادات من أجــل اختبــار قوتك الذاتية، أنت ابتليت في الدنيا من أجل اختبار قوة اســتعانتك,ومن أنت

أصال كى تعتمد على قواك الذاتية,من أنت؟ان حين من الــدهر لمقال تعالى في سورة اإلنســان: }هــل أتى على اإلنســ

يئا مذكورا) ــاه1يكن شــ بتليــه فجعلن اج ن طفــة أمشــ ان من ن ــا اإلنســ ا خلقن ( إناكرا وإما كفــورا{2سميعا بصيرا) بيل إما شــ ا هديناه الس ،1]ســورة اإلنســان: ( إن

2،3.]فأنت لم تكن شيئا في األصل، لم تكن مذكورا!

وكيف خلقك؟ خلقك الله من نطفة أمشاج.

رواه مسلم.1 متفق عليه.2

12

قواعد في بناء النفس

اعرف حقيقتك من سورة اإلنسان. أنك أصال كنت دهــرا طــويال لســت شــيئا مذكورا وعندما خلقك من نطفة أمشاج يعــني من شــيء حقــير، وجعــل لــك

ليبتليك. السمع والبصر هذا كله بتليــه{ المقصود هنا في سورة اإلنسان له معنى خاص: جــاءت كلمة هنــا }ن

بعد أن بين الله أنه خلق هــذا العبــد بعــد أن لم يكن شــيئا مــذكورا، ثم ابتاله الله وجعله شيئا مذكورا بعد ما خلقه وجعل له سمعا وبصرا ، ماذا سيفعل؟

القاعــدة: أنــك في الــدنيا اختــبرت في قــوة اســتعانتك، ولم ماذا سيتصور؟تختبر في قوتك الذاتية.

إذن فمن أين لك القوة الذاتية؟ وأنت مر عليك زمن لم تكن شيئا مــذكورا، إذن فمن أين لك القوة الذاتية حتى تختــبر بهــا، بــل أن مــا تملــك من ســمع

}فجعلناه سميعا بصيرا{.وبصر إنما وهبك الله إياها في آية اإلنسان قال: وفي آية سورة النحل قال تعــالى: ــه أخــرجكم من بطــون أمهــاتكم ال }والل

كرون{ كم تشــ ار واألفئدة لعل مع واألبصــ ــل: تعلمون شيئا وجعل لكم الس ]النحكرون{: . في آية النحل جــاء ذكــر االختبــار[78 كم تشــ وهــذا هــو نفس،}لعل

نبتليه.ــك في ــا ألن إذن ال تتكلم عن قواك الذاتية وقت الطاعة، فأنت لم تختبر فيه األصل لم تكن شيئا مذكورا وكل قواك من سمع وبصر وغيرهــا الــتي تتمكن بها، وهبــك اللــه إياهــا وأعطــاك إياهــا، فلن يختــبرك في قوتــك فيهــا. وهــذه األسباب من سمع وبصر وعقل وأجهزة و أعضاء ليس لها قدرة ذاتية للقيام بالوظائف التي يفترض أن تقوم بها. البدن كلــه هــل لــه قــدرة ذاتيــة للقيــامرون- بوظائفه، فالشخص ال يقـدر أن يتحكم في عضـالته الالإراديـة -كمـا يعب تحرك نبضات قلبه، العبــد يفهم أنــه ال يســتطيع التحكم في شــيء من هــذا,

بيل{لذلك قيل الله في ســورة اإلنســان: ا هـديناه الســ أخــبرك اللــه أنـه }إنهداك السبيل.

ــالرحم��ه الله-يق��ول الش��وكاني وهدايــة الســبيل لهــا معنيــان: -: "وقدي وأبو صالح : الضحاك والس

حم .1 بيل هنا خروجه من الر الستي يهتدي إليها بطبعه وكمال عقله"..2 ه ال وقيل : منافعه ومضار

هداه السبيل: النجدين. وأعطاه القدرة على االنتفاع بقدراته. خروج الجنين من الرحم من هداه إليه؟ ما هداه إال اللــه, قــدراتك واالنتفــاع

يرا{بها فكر من الذي وهبك القدرات؟ ميعا بصــ ــاه ســ ، ثم من نفعك}فجعلن بها؟أنت تتصور أن عندك سمع وبصر ســتنتفع بهــا؟ال ، اللــه -عــز وجــل- هــو القيوم سبحانه وتعالى، القائم على كل نفس بما كسبت، فاللــه -عــز وجــل- لحظة بلحظة يعطيك القدرة على األعمال، يعني كل نفس اللــه قــائم عليــه

.لحظة بلحظة يعطيك الله القدرة أن تتنفس، أن تتكلم، أن تتحرك

13

قواعد في بناء النفس

بيل{ ا هديناه الس فبعد أن جعلــك اللــه ســميعا بصــيرا، هــداك الســبيل أى}إن هديناه النجدين أو أعطــاك القــدرة على االنتفــاع بمــا ملــك من قــدرات، كال

المعنيين صحيح. إذن كل األسباب التي تمتلكها موهوبة من الله لك، وال تستطيع االنتفــاع بهــا إال أن يقوم الله عليك فهو القيوم سبحانه وتعــالى. بـل خلقــك وابتالك لقـوة

ميعا اســتعانتك: ــاه ســ ــه فجعلن بتلي اج ن ــة أمشــ طف ان من ن ــا اإلنســ ا خلقن }إنبصيرا{

اج{قال الشيخ الس�عدي –رحم��ه الل��ه-: ــة أمشــ طف : أي: مــاء"}من نبتليه{مهين مستقذر، بذلك، لنعلم هل يرى حالــه األولى، ويتفطن لهــا أم }ن

ينساها وتغره نفسه". وهذا معنى االبتالء، فابتالؤك آت من أي جهــة؟ من جهــة هــل تتفطن لحالــك األولى وكونك لم تكن شيئا مــذكورا، وليس عنــدك من القــدرات شــيء، وال تستطيع االنتفاع بشيء منها إال أن ينفعك الله أم أنك تنسى هذه الحــال. فال تتصور أن نســيان هــذه الحــال يكــون فقــط و أنت تجــرى وراء الــدنيا، ولكن

نسيان هذه الحال قد يحدث وأنت تعبد الله. مفهوم هام جدا: أنت عبد لم تكن شيئا مذكورا ثم أوجـدك اللــه وابتالك هــل تــرى حالتــك األولى )أنــك لم تكن شــيء(، وتتفطن لحقيقتــك وتعلم أنــك الــك ــه أم أن تملك ال سمع وال بصر وال القدرة على االنتفاع بهما إال من عند الل تنسى ذلك؟ من تتصوريه ناسيا ؟ نتصور أن الذي ينسى فقط هم أهل الدنيا ، وهذا صحيح : فأهل الدنيا أكثر ناس ينسون حالهم األولى، وفيهم قال اللــه

كاثر{تعالى: [.1]التكاثر: }ألهاكم التعوا ويلههم األمل فسوف يعلمــون{ وفيهم قال: ــر: }ذرهم يأكلوا ويتمت ] الحج

3.] اس حسابهم وهم في غفلة معرضون )وفيهم قال: ــأتيهم1}اقترب للن ( ما ي

ــون ) تمعوه وهم يلعب ــدث إال اســ هم مح ب ــر من ر ــوبهم{2من ذك ــة قل ( الهي هذا صحيح، ما ننكر أول المسألة أهل الدنيا، لكن لننظر إلى أهــل[3-1]األنبياء:

الدين الذين معهم طاعات، وقت طاعتهم لله ماذا يتصورون؟ أن أبدانهم هذه التي تتحرك، أعينهم الــتي تنظــر إلى القــرآن، قــدرتهم على حفــظ كتــاب اللــه, قــدرتهم على الصــيام, قــدرتهم على التســبيح... من أين لهم؟! ال تنسى من أنت. فإن كنا نقول: أن أهل الدنيا نسوا أصولهم، ونسوا أنهم لم يكونوا شيئا مذكورا، واغتروا بالدنيا وأعجبوا بها، فلنرى حــال العابــد لله هل يعبد الله وحال عبادته له يكون ذاكرا أنه أصال ال قــدرة لــه وال طاقــة على هذه العبادة، وأن الذي يعطيه القدرة والطاقة هــو اللــه. وأنــه لم يكن

شيئا مذكورا، وأن الذي يعطيك القدرة على هذه الطاعة هو الله. إذن في لحظة يستوي أهل الدنيا وأهل الدين إذا نسوا أصولهم ونســوا أنهم

ال يستطيعون إال من عند الله.

14

قواعد في بناء النفس

لذلك ال تنســى أن االبتالء واالختبــار ليس لقــدرتك الذاتيــة فــأنت أصــال ليسلديك قدرة ذاتية.إنما االختبار لقوة استعانتك.

ر نفسك بسورة اإلنسان فهي تصف اإلنســان. من هــو هــذا اإلنســان أتى ذك عليه حين من الدهر لم يكن لم يكن شيئا مذكورا، خلقه اللــه من مــاء مهين مستقذر ثم جعلــه ســميعا بصـيرا ثم هــديناه السـبيل, فعنــدما جعلــه سـميعا بصيرا فإنه ال يســتطيع أن ينتفــع بســمعه وبصــره إال أن يهديــه اللــه الســبيل

لالنتفاع بهما. فأهل الــدنيا قــد يتعــاظمون في أنفســهم ويظنــون أنهم شــيئا، وأنهم أذكيــاء

يستطيعون التعامل مع الدنيا كما ينبغي ويعيشوا تحت ظل هذا المفهوم. وأهل الدين -وهم عابدين- ماذا يتصــورون؟ البــد أن تتصــور نفس المفهــوم؛ أنك لست بشيء، وليس لك القدرة على شيء، فليس هذا في الــدنيا فقــط

بل أيضا في الدين.اك نستعين{، إذن البد أن نبقى بين: اك نعبد وإي }إي وهذا الكالم ليس إرشادا

منا أن نقول أننا ما ابتلينا بقدرتنا الذاتية وإنما بقوة اســتعانتنا باللــه ,بــل هــو كالم رب العالمين في نصوص كثيرة أولها سورة الفاتحــة، والــتى تــدل على

. القضية في العبادة هي قضية االستعانة أن ـد{من أمثلـة العبــادات القلبيـة االسـتعانة، فــأنت تقـول: اك نعب وداخلهـا}إي

تعين{ االستعانة. فلماذا انفردت االستعانة بالتوحيــد؟ اك نســ يعــني إيــاك}إي أستعين وال أستعين بغيرك، داللة على أنها من أهم العبادات، بــل هي ســبب

اإلتيان ببقية العبادات. وكأنه يقال للعبد خذ طرف الحبــل الــذي إذا تمســكت بــه تســتطيع أن تــأتي

بإياك نعبد. * المطلوب منك العبادة، وفي دائرة العبادة بمــاذا ســتبدأ يقــال لــك امســك بحبــل االســتعانة وســتأتي من ورائــه كــل العبــادة. وهــذا ليس هــو المــوطن

الوحيد في كتاب الله الذي يبين هذه الحقيقة بل في مواطن كثيرة. ابن القيم -رحمه الله-: يقول "وهذان األصالن وهما التوكل والعبادة قد

ذكرا في القرآن في عدة مواضع قــرن بينهمــا فيهــا: هــذا أحــدها" -أي إيــاكنعبد وإياك نستعين-.ــه أنيب{: "الثاني: قول شعيب لت وإلي ــوك ه عليه ت ــود: }وما توفيقي إال بالل ]ه

88]. ه الثالث: قوله تعالى: ــه يرجــع األمــر كل ماوات واألرض وإلي ه غيب الســ }ولل

ل عليه{ [123]هود: فاعبده وتوكلنا وإليك أنبنا وإليك :الرابع: قوله تعالى حكاية عن المؤمنين نا عليك توك }رب

[4]الممتحنة: المصير{ــالى ــه تع رق: الخــامس: قول ــه تبتيال رب المشــ ل إلي ك وتبت م رب ــر اســ }واذك

خذه وكيال{ .[8]المزمل: والمغرب ال إله إال هو فات

15

قواعد في بناء النفس

ــاب{: السادس: قوله تعالى لت وإليه مت ي ال إله إال هو عليه توك }قل هو رب .[30]الرعد:

ة مواضع يجمع فيها بين األصلين وهما تعين{ فهذه ست اك نســ ـد وإي اك نعب }إي. [5]الفاتحة:

ــات ــاب تقــديم الغاي وتقديم " العبادة " على " االستعانة " في الفاتحــة من بتعانة " ــوا لهــا و " االســ تي خلق ــاد ال ــة العب ــادة " غاي على الوســائل إذ " العب

. انتهى كالمه -رحمه الله-.1وسيلة إليها"

الجملة األخيرة هي التي تحقــق القاعــدة، فالعبــادة غايــة والوســيلة لهــا هياالستعانة .

هـل قــدرتك الذاتيـة )صـحتك، نومـك المبكـر، أكلـك الجيــد..( هــل هـذه هيالوسيلة؟ ال، الوسيلة هي االستعانة.

ولكن هل نترك األسباب؟ لألســف قضــية األســباب هــذة قضــية بلغت مبلغــا كبيرا في قلوبنا فشاركت التوكل في هذه القلوب، فالله -عــز وجــل- يقــول

اك نستعين{لك اك نعبد وإي يخبرك يا عبد أنك البد أن تعتقد أن العبادة ال}إي تأتي إال باالستعانة ولو حشدت لها كل األســباب مــا قمت الليــل، ولــو تخلت عنك األسباب كلها قمت لو أراد الله لك ذلك. ال تضعوا حاجز األسباب مانعــا لكم لفهم كالم اللــه وإال ستصــبحوا الى العقالنــيين الــذين يؤمنــون بعقــولهم

ويرفضون كالم الله. ولكن هل األسباب ما لها مكان؟

خذ األسباب في أمر الدنيا واترك األسباب في أمر الدين، وسلم أمــر الــدين من كل شيء غير االستعانة، واغرق في األســباب في أمــر الــدنيا ولكن في

الطاعة ال تستعمل إال االستعانة.اك نستعين{هذا ليس كالمنا بل قوله تعالى اك نعبد وإي وهذا هــو الــدليل }إي

األول على القاعدة األولى.

"تأملت أنفع الدعاء فإذا هو سؤال العونقال شيخ اإلسالم ابن تيمية: ــة في ـه في الفاتحـ ــ اته، ثم رأيت ــ تعين{ على مرضـ ــ اك نسـ ـد وإي ــ اك نعب }إي

ــة على]الفاتحة: [ ــارك وتعــالى اإلعان ب تب أل الــر ، ولهذا كان من أفضل ما يســــل ه معــاذ بن جب م -لحب ل ه عليه وســ بي -صلى الل مه الن ذي عل مرضاته، وهو ال

ه عنه، فقال ـل رضي الل ـ ك، فال تنس أن تقول دبر ك ي ألحب ه إن »يا معاذ، واللي على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك« هم أعن .صالة: الل

عافه بهـذا ل المـواهب إسـ اته، وأفضـ فــأنفع الــدعاء طلب العـون على مرضـ. انتهى كالمه -رحمه الله-.2المطلوب"

يعني أعظم ما وهب العبد أن يوهب من الله عونا على طاعته. االستعانة على الطاعة من أعظم ما يهبه الله لعبده

مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين.1المستدرك على فتاوى ابن تيمية، جمعه ورتبه محمد بن قاسم. 2

16

قواعد في بناء النفس

تعين{الدليل األول على صحة القاع��دة: ــ اك نس ــد وإي اك نعب دليــل}إيــه ــه علي على أن ابتالءك في االستعانة، يؤيد هذا الدليل كون النبي -صلى الل

ـل: وسلم- قال لمعاذ ـر ك ك، فال تنس أن تقـول دب ي ألحب ه إن ـا معـاذ، والل ))يي على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك هم أعن .((صالة: الل

كل هذه أدلة على أن العبد ابتلي في قوة استعانته ال قدرته الذاتية.

التمســك بــــ"الحــول وال قــوة إالالدليل الث��اني على ص��حة القاع��دة: ه". بالل

ــة؛ التمسك بها وقت الطاعات: دليل على أن العباد لم يختبروا بقواهم الذاتي ألنه لو كان هذا هو االختبار ما شرع لهم أن يجيبــوا المنــادي للصــالة والفالحــادة، ه" بمعنى هذه اإلجابة: المنادي يقول: قومي للعب "الحول وال قوة إال بالل قومي للصالة. وأنت تجيبي فتقــولي: أنــا ليس لي حــول وال قــوة على هــذه الطاعة إال أن يعطيني الله أى أتبرأ من حولي وقــوتي. إذن يجب على العبـد

أن يفهم أن األسباب في هذا الموطن ال تنفع. وهذا معنى ما يحدث لنا عندما نريــد تحقيــق درجــة اإلحســان، ويكــون العبــد مجتهدا، جامعا لقلبه، متعلم حافظ الكالم، ولكنه في الموقــف ال يجــد قلبــه، ماذا غــاب عنــا قبــل دخــول العبــادة؟ الــذي غــاب عنــا قبــل دخــول العبــادة االستعانة. وهذه هي قضية القضايا. لماذا نقصر في الــزمن الفاضــل ويضــيع

منا؟ لماذا تمر علينا الليالي واأليام ؟! الله -عز وجل- ينزل في الثلث األخير من الليل إلى السماء الــدنيا، فيقــول:

ـه؟(( وتـذهب كــل هــذه1))هل من سائل فأعطيه؟ هل من مستغفر فأغفر لالليالي علينا لماذا؟ ما هو الشيء الضعيف في قلوبنا؟ قوة االستعانة.

المسألة مركبة بشكل خاطئ في عقولنا وجــاءت ريــاح من اللوثــات وزادتهذه البلوى علينا، وهي بلوى الثقة في النفس.

لكى تكون عبد ذليل منكسر لله تحتاج أن تــنزع من قلبــك الثقــة في النفسوأن تمأل قلبك قوة استعانة بالله.

كلما قويت استعانتك بالله وأنت تعلم من هو الله ، يقوى قلبك ثم يتحدثون عن قوة الشخصية؛ قــوة الشخصــية وأنت لســت بشــيء! هــل تعرف من أنت؟! وصــفك اللــه في ســورة اإلنســان: لم تكن شــيئا مــذكورا،

هذه حقيقتك. ال تتكلم عن ثقتك في نفسك تكلم عن قوة استعانتك بالله.

إذن عنــدنا دليلين حــول أن اختبارنــا ليس قي قوانــا الذاتيــة وإنمــا في قــوةاالستعانة.

اك نستعين{: الدليل األول اك نعبد وإي قرن مع العبادة االستعانة.}إيه" .الدليل الثانى: "الحول وال قوة إال بالل

رواه أحمد في مسنده وصححه األلباني.1

17

قواعد في بناء النفس

وما زلنا في حديثنا حول الدليل الثاني..مكقال النبي -صلى الله عليه وسلم- ألبي هريرة -رضي الله عنه-: ))أال أعل

ــول: ال ة ؟ تق ــز الجن ــرش من كن ك - على كلمة من تحت الع - أو قال: أال أدل: أسلم عبدي واستسلم ه عز وجل ه ، فيقول الل . 1((حول وال قوة إال بالل

ديننا اسمه اإلسالم ومعناه االستسالم، هذا النص يبين أن العبد عندما يقول:ه" يقول الله أسلم عبدي واستسلم. "الحول وال قوة إال بالل

ه" ما ضد اإلسالم واالستســالم على هــذا؟ إذ كــانت "الحــول وال قــوة إال بالل تعني اإلسالم واالستسالم ,فضد هذا أنــك غــير مستســلم؛ أي تعتقــد أن لــك

حول وقوة. فإسالمك واستسالمك معناه أن تقــول وتعتقــد بـــ"الحــول وال قــوة إال بالله" وضد إسالمك واستسالمك أن ال تكون متبرئــا من حولــك وقوتــك، أن تكــون معتمدا على حولك وقوتك، واثقا من نفسك، شاعرا أنــك شــيء، تتصــور أن

لك قوة. ــا ــد من الكالم عنهــا، نحن مشــكلتنا أنن ــدنيا وإن كــان الب ــا عن ال ال نتكلم هن ممكن نؤمن في الدنيا ألن الوقائع واألحداث لكن في العبادات لماذا مع قوة التعلم وحضور اللقاءات وعندما يأتي زمن فاضل يفوت منا الزمن الفاضــل،ــر في وقد نرى من هو أقل منا علما ولكن حاله في االغتنام أفضل منا، الس

فيقولهذا هو أنه البد من التبرؤ من الحول والقوة تمام التبرؤ. وهذا النص ": أسلم عبدي واستسلم ه عز وجل "واضــح في أن العبــد كلمــا كــان متبرئاالل

من حوله وقوته وصفه الله باإلسالم واالستسالم. هذا الدليل من أقوى األدلة التي تدل على أنك لم تختبر في قوتــك الذاتيــة،ــة وال تغــتر بهــا، عكس ــبرؤك من قوتــك الذاتي ــبرت في قــوة ت بــل أنت اخت

المفهوم الحاصل اليوم.د الله عباده بذكر الكلمة العظيمة التي هي باب عظيم من أبواب الجنة وكنز إذن تعب

من كنوزها.فهي من العبادات التي تدل على إسالمك واستسالمك.

ه" كلمــة عظيمــة تعــني اإلخالص للــه وحــده كلمــة "الحــول وال قــوة إال بالل.باالستعانة

نضيف كلمة جديدة اآلن على االستعانة: تقول أستعين بالله، االستعانة باللــه نفســها تحتــاج إلى إخالص وهــذا اإلخالص واضــح في حــديث ابن عبــاس المشهور الذي وصاه فيه النبي -صلى اللــه عليــه وســلم- وهــو الزال غالمــا:

ه)) تعن بالل ه وإذا استعنت فاســ أي أســتعين باللــه2...((وإذا سألت فسأل الل وحده وال أستعين بغيره، وهــذا معــنى اإلخالص في االســتعانة، أن اســتعانتي

خالصة بالله وليس لله.

تعليق شعيب األرنؤوط: صحيح دون قوله " تحت العرش " وهذا إسناد حسن رواه أحمد في مسنده، 1رجاله ثقات رجال الشيخين.

رواه الترمذي في سننه وقال حديث حسن صحيح.2

18

قواعد في بناء النفس

فاإلخالص منع نفسك من االســتعانة بغــير اللــه. وقت الطاعــة البــد أن تلقي باألسباب خارج قلبك تماما, األسباب الــتي تعينــك على الطاعــة أخرجهــا منــني: ــك أن تخلص في االســتعانة يع ــوب من ــا, والمطل ــيرك تمام ــك وتفك قلب

تستعين بالله وال تستعين بغيره. والتوحيد هو الذي يعالج أمراض القلوب وتعلقاتها بالدنيا وهو أن تكون أنت لواحد في

استعانتك وعبادتك.

حديث ابن عباس من أعظم النصوص الــتي تحتــاج إلى تربيــة الجيــل عليهــا, ابن عباس لما سمع هذا الكالم كان غالما صغيرا عندما وصاه الرسول وقال

له: ه(( ال يلتفت قلبك لغير الله سؤاال.))وإذا سألت فسأل الل

ه(( ))وإذا استعنت فاستعن ال يلتفت قلبك لغير الله معينا.بالل فنحن نحتــاج إلى اإلخالص في االســتعانة, كمــا أن كلمــة التوحيــد ال إلــه إال

الله، تعني اإلخالص لله بالعبادة. اك نعبد{إذن ــه إال}إي تعني أعبدك وال أعبد أحــدا غــيرك, وهــذا معــنى "ال إل

ه ". اللاك نستعين{ تعني أســتعين بــك وال أســتعين بأحــد غــيرك, وهــذا معــنى }وإي

ه". "الحول وال قوة إال باللــون في قلب فال تتحقق "ال إله إال الله" إال بإخالص العبادة كلها لله؛ أي ال يك

العبد أحد يرجو رضاه ويخاف عقابه إال الله. كل الذل واالنكسار لله وحده.ه" اإل بــإخالص االســتعانة كلهــا للــه. حــتى وال تتحقق "الحول وال قــوة إال بالل نفسك اطردها عندما تستعين بالله، فنفسك أول مصيبة تقابلك عنــدما تريــد

أن تستعين في حال العبادة. فمثال في أمر الدنيا غالبا نستعين بالنــاس ومــا حولنــا من أســباب نبحث عن واسطة، عن شخص صاحب نفوذ أو مال.. إلخ, أو مثال طــالب ذكي يســتعين بنفسه من جهة ذكائـه ومن جهـة قدرتـه على الحفـظ.. إلخ. لكن في الـدين وأنت تعبــد اللــه لــو ســألك شــخص: هــل أنت صــائم؟ فتجيب وتقــول: نعم الصيام شيء سهل علي. أنت تشعر أنه سهل وكأنك أنت الذي تمتلك القوة على هذا الصيام. وكم من عبد أراد الله به خيرا فحرمه هــذه النعمــة -نعمــة القدرة على الصيام-وهذه رحمة به حتى يفهم أن القــدرة ليســت من عنــده

بل من عند الله فيستعين به. المهم في أمر الطاعة أن ال تستعين بأحـد غـير اللـه كـل أحـد اطـرده حـتى نفسك. ال تكلم نفســك عن قــواك الذاتيــة، وتقــول: أنــا دربت نفســي وهــذهــه العبادة أصبحت سهلة علي. فأنت مبتلى باالستعانة، واليوم الذي تشعر في بأنك بنفسك قادر على الطاعة تأتي الطامة، ويأتي الخذالن، هذا لو أراد الله

رحمتك.

19

قواعد في بناء النفس

أمــا إن كــان في القلب نــوع خبث وعجب يعطى العبــد فيطيــع ويطيــع، والقيمة لطاعته، إنما هي من باب العجب. وكبيرة العجب تذهب بالطاعة!

ه والحــول وال قــوة إالوقد جمع الله بين هذين األم��رين " ــه إال الل ال إله اك نستعين{" في سورة الفاتحة في قوله: بالل اك نعبد وإي .}إي

فاألول: تبرؤ من الشركــبرؤ من والثاني: تبرؤ من الحول والقوة والتفويض إلى الله -عز وجل-فأنا أت

حولي وقوتي يا رب إلى حولك وقوتك.فالعبادة متعلقة بألوهية الله سبحانه، واالستعانة متعلقة بالربوبية.

فالعب��ادة غاي��ة واالس��تعانة وس��يلة فال س��بيل إلى تحقي��ق تل��ك الغاي��ة العظيم��ة إال به��ذه الوس��يلة وال طري��ق وال س��بيل آخ��ر

للعبادة إال طريق االستعانة بالله الذي ال حول وال قوة إال به. على من يستخدم " الحــول وال قــوة إالابن تيمية -رحمه الله- وقد علق

ه " في غير بابها تعانة؛ ال كلمــة فقال: بالل "وذلك أن هذه الكلمة كلمــة اســــا ترجاع ويقوله ــة االســ اس يقولها عند المصائب بمنزل استرجاع وكثير من الن

جزعا ال صبرا".ــرك وليس مكانها هنا إال إذا كنت تريد أن تستعين بها على الصــبر، أو على ت الغضب. لكن كونك تعتقد أنها كلمة استرجاع مثل كلمــة ] إنــا للــه وإنــا إليــه راجعون[ خطأ. وهذا المفهوم الخاطئ منتشر فتستعمل على أنها استرجاع.

ومن أجل ذلك يفسد المعنى الصحيح ويغيب. وعلى هذا المعنى المشار إليه يدور فهم السلف -رحمهم الله- لهذه الكلمــة

العظيمة: أخرج ابن أبي حاتم في تفســيره عن ابن عبــاس -رضــي اللــه عنهمــا- في "

ه " قــال: " |ال}الحول وال قوة إال بالل ال حول ب|ن��ا على العم��ل ب|الط}اع��ة| إية إ|ال} ب|الل}ه". ب|الل}ه، وال قو}ة لنا على ترك المعص|

زهير بن محمد أنه سئل عن تفســير "الحــول وال قــوة إالعن وأخرج أيضا ه" قال: ه، وال تمتنع مما تكره إال بعون الله"."بالل ال تأخذ ما تحب إال بالل

ــنز ــد، والك ولذلك كانت كنز من كنوز الجنة. فهي كنز؛ ألنها تكون مخبأة للعبهو الشيء المخبأ، فهي كنز مخبأ لك؛ ألن من آثارها الطاعة.

وقول "ال حول وال قوة إال" قال شيخ اإلسالم ابن تيمية-رحمه الله-:ــال م إذا ق ل ــ ــه وس ه علي لى الل بي صــ ها الن ن ــذا ســ ــة؛ وله ــوجب اإلعان ه" ي بالله فــإذا الة. فيقــول: المجيب: ال حــول وال قــوة إال بالل المؤذن: حي على الصــه" وقال المــؤمن قال: حي على الفالح. قال المجيب: ال حول وال قوة إال بالل

ه{لصاحبه: ه ال قــوة إال بالل اء الل ــك قلت مــا شــ ت ــوال إذ دخلت جن ولهــذا}وليؤمر بهذا من يخاف العين على شيء.

ــؤمن بالقــدر. ــل ي ــأمن؛ ب ه كان، فال ي ه. تقديره: ما شاء الل فقوله: ما شاء الله. ويقول: ال قوة إال بالل

20

قواعد في بناء النفس

بي ــه أن الن فــق علي ــه المت ه عن ي الل عري رضــ ى األشــ وفي حــديث أبي موســم قــال: ل ــه وســ ه علي لى الل ة((صــ ــوز الجن ــز من كن ــز" مــال))هي كن و "الكن

ه ــار إلى الل ل واالفتق وك من الت ــ ــا تتض ه ــك أن ــع؛ وذل ــاج إلى جم ــع ال يحت مجتمــق ليس ــه وأن الخل ه وقدرت يئة الل يء إال بمشــ ه ال يكون شــ تعالى. ومعلوم أنــة منهم ــع طلب القلب للمعون ه فيهم، فــإذا انقط ــه الل منهم شيء إال ما أحدث

ذي ال يأتي بها إال هو. ه فقد طلبها من خالقها ال وطلبها من اللل عليه وحده في غير موضع. وك ه بالت ولهذا يأمر الل

ه ر ه، ومن سـ ل على الل اس فليتوك ــون أقـوى الن ه أن يك وفي األثر: "من سره أوثق منه بما في يده". اس فليكن بما في يد الل أن يكون أغنى الن

فالعبــد يجــد أثــر هــذه الكلمــة في الحيــاة من جهــة العطــاء، والقــدرة على الطاعة، ويجدها يــوم القيامــة أجــورا متكــاثرة؛ ألنهــا تتضــمن عبــادة التوكــل

واالفتقار. العبد يقول: ال حول وال قــوة إال باللــه وقت ترديــد األذان من أجــل أن يقــوم للصالة فسيجد أثر لهــذه الكلمــة في الــدنيا، وهــو أن تعطى القــوة والقــدرة على العبــادة، ويــوم القيامــة ســيجد أن هــذه الكلمــة وراءهــا أجــور التوكــل واالفتقار. فقول ال حول وال قوة إال باللــه يفــترض أن قائلهــا واقــع في قلبــه عبــادة التوكـل، وواقــع في قلبــه الـذل واالنكسـار، كـل هــذا يقــع في ثـواني فيجتمع للعبد فتصبح كنزا، غير مــا تعطــاه أصــال في الــدنيا من القــدرة على القيام بالطاعات فيكنز لك ما اجتمع من حركة قلبك فتجد أثره عظيمــا يــوم

القيامة.

القاعدة الثانية : قوة االستعانة طريقها أن يستقر في قلب المستعين معرفة نفسه والعلم

عن ربه.

اتفقنا أن المطلوب منك االستعانة. ولكن من أين تأتي االستعانة؟ البد من عاملين يوجدان االستعانة في قلب العبد هما:

- معرفته بربه.2-معرفته بنفسه. 1 أنالعالق��ة بين القاع��دة األولى والثاني��ة ال��تي نحن بص��ددها:

القاعدة األولى تأتي باإلحسان، لتبلغ درجة اإلحسان ال تتصور أن كــل الثقــل عليك، ال يوجد عليك ثقل في نفس الطاعة، بل كــل القضــية أن تكــون قويــا في استعانتك، وكلما قــويت في اســتعانتك، جمــع اللــه قلبــك، وبلغت درجــة

اإلحسان في العبادات. فيأتي السؤال: من أين تأتي االستعانة؟ جــاءت القاعــدة الثانيــة: أن طريقــة االســـتعانة أن يســتقر في قلب المســتعين )يســتقر وليس معلومــات في

الهواء( : معرفة نفسه ، والعلم عن ربه.

21

قواعد في بناء النفس

نرى اآلن بالنصوص من نحن في المواقف واألحداث: ان خلـق هلوعـا) ( سـورة المعــارج: قـال تعــالى:1 ه19}إن اإلنسـ ( إذا مسـ

ر جزوعا) ــر منوعــا )20الش ه الخي ين{21( وإذا مســ ل ــارج: ( إال المصــ -19]المع كل الناس هذا وصــفهم إال من اســتثنى اللــه -عــز وجــل- وهم المصــلين،[22

الذين جاءت صالتهم أصال باالستعانة. ال بد من ورقة كاشفة لحقائقنا، ال تأتي تكلمني عن قــدرتك الذاتيــة، أتعــرف كيف تســتعين؟ حين تفهم من أنت، حين تعــرف حقيقــة طباعــك، حين تفهم أنك صــفر، ذاك الــوقت تبحث عن أحــد تســتمد منــه قــوة, ولم يصــفك حــق

الوصف إال خالقك.

،[28]النساء:}وخلق اإلنسان ضعيفا{سورة النساء: قال تعالى في وصفنا: (2 أنت من الضعف لدرجة: حـتى أنـك ال تملـك لنفسـك نفعــا وال ضـرا، اعـرف

حقيقة نفسك.

مــا( سورة األعراف: قال تعالى: 3 ا إال ر ــا وال ضــ ي نفع ــك لنفســ أمل }قل الوء إن ني السـ ـر ومــا مسـ شاء الله ولو كنت أعلم الغيب الستكثرت من الخي

قوم يؤمنون{ نذير وبشير ل ــراف: أنا إال ــ [188]األع هــذه حقيقــة نفســك أنت ال، تملك أن تنفع نفسك بطاعة وال تــدفع عن نفســك مضــرة، فال بــد أن تعــرف

حقيقة نفسك من أجل أن تتمسك بحبل االستعانة. وهذه النصوص التي نذكرها ليست على باب الحصــر بــل على بــاب التنبيــه، لتنتبـــه وأنت تقـــرأ كالم ربـــك، تـــرى وصـــفك، وتعـــرف من أنت فتفهم أن

مشكالتك لن تحل بقوتك الذاتية. هذه حالك وصفها لك ربك: هلوع، جــزوع، منــوع، ضــعيف، ال تملــك لنفســك نفعا وال ضرا، من أين ستأتي بالطاعة طالما أنــك ال تملــك لنفســك نفعــا وال ضرا؟! اعرف هذا لتصل لقول: أنــا ال يوجــد لــدي حــل، أنــا ال أمتلــك شــيء، فتعود مرة أخرى لوصفك في سورة اإلنسان وتفهم أنه قــد مــر عليــك زمن

ولم تكن شيئا مذكورا.

( ســورة الحجــرات: حــتى اإليمــان الــذي في قلب العبــد من الــذي يجعلــه4ــوا موجودا؟ المنة والفضل لله وحده، فقد قال تعالى عن الصــحابة: }واعلم

ب ه حب م ولكن الل ــير من األمــر لعنت ــو يطيعكم في كث ه ل ول الل أن فيكم رســيان وق والعصــ ــر والفســ ه إليكم الكف ــر ــوبكم وك ــه في قل ن إليكم اإليمــان وزي

اشدون ) ه عليم حكيم{7أولئك هم الر ه ونعمة والل ــرات:، ( فضال من الل ]الحجـ7،8. ــاء والتعب،[ـ أمركم، قدرتكم وفهمكم، لو أطعتم سيأتي من ورائها العن

ــة ــوبكم، من من لكن من منة الله عليكم أن حبب إليكم اإليمان وزينه في قلالله عليكم أن كره إليكم الكفر والفسوق والعصيان.

22

قواعد في بناء النفس

حتى حبك لإليمان وحبك للطاعة ليس شيئا جلبتــه لنفســك، إنمــا اللــه حببــه إليك، فاستعن بمن حبب إليك اإليمان أن يثبت عليك أعمـال اإليمــان. فــأنت لم تحبه بنفسك إنما حببه الله إليك وزينه وكره إليك الكفر منة منه ســبحانه

وتعالى.

ــا إليهم( سورة األنبياء: قال تعالى: 5 ــا وأوحين ــدون بأمرن }وجعلناهم أئمة يهكاة وكانوا لنا عابدين{ ــاء: فعل الخيرات وإقام الصالة وإيتاء الز ، الله[73]األنبيـ

-عز وجل- أوقع في قلــوبهم وألهمهم فعــل الخــيرات -وســيأتينا حــديث لمــة الملك ولمة الشيطان يوضح معنى آية سورة األنبياء- كيف أوحينا إليهم فعل

الخيرات، أن الله رزقهم حبها والقوة على القيام بها.

ــا منكم ( سورة النور: قال تعالى:6 ه عليكم ورحمته مــا زك } ولوال فضل اللميع عليم{ ه ســ اء والل ي من يشــ ه يزك ــور: من أحد أبدا ولكن الل فــأنت[21]الن

بما أن الله برحمته هو الذي ســددنا للقيــامأصال زكوت بفضل الله ورحمته و بالعمل الصالح، ال بد من التمسك باالستعانة به للبقــاء على العمــل الصــالح،

واالستمرار عليه حتى نقبض، إذا أنت زكوت بفضل الله وبرحمته.

( حتى مشاعرك التي تتقرب بها إلى اللــه هي من عنــد اللــه. وانظــر مـاذا7ــه لنتقيل للنبي -صلى الله عليه وسلم- قــال تعــالى: }فبمــا رحمــة من الل

ــاعف عنهم...{ ــك ف وا من حول ــ ــظ القلب النفض ا غلي ـو كنت فظ ـ ]آل لهم ول [159عمران:

حتى اللين في التعامل مع الصحابة، ولين كل قائد شرعي للتعامــل مــع من يقود، من أين جاء هذا اللين؟ من عند الله، حتى قلبــك ال تملكــه، إنمــا هــذه

رحمة الله.

( سورة اإلسراء :النبي -صلى اللــه عليــه وســلم- في ســورة اإلســراء في8 سياق المنة على رسول الله بالوحي واإلســراء يقــول لــه اللــه -عــز وجــل-:ــة رحم ــا وكيال إال ذي أوحينا إليك ثم ال تجد لك به علين }ولئن شئنا لنذهبن بال

ك إن فضله كان عليك كبيرا{ ب هذا الكالم يقال للنبي - [87ـ، 86]اإلسراء: من ر صلى الله عليه وسلم- غيره ماذا يكون؟ لو شاء اللــه لــذهب بمــا في قلبــك من اإليمان، أنت يا عبد لست بشيء، اختبارك ليس على قــواك الذاتيــة بــل

ك وانكسارك لرب العالمين واستعانتك به. اختبارك على قوة ذلــركن إليهم* وقال تعالى في اإلســراء أيضـا: ــدت ت ــاك لقــد ك تن ــوال أن ثب }ول

، حتى ثبات النبي -صــلى اللــه عليــه وســلم- من عنــد[74]اإلسراء: شيئا قليال{الله، فمن باب أولى أن تفهم أن ثباتك من عند الله.

23

قواعد في بناء النفس

( ســورة األنفــال: مــا يقــع بين قلــوب الصــالحين من ائتالف قــال تعــالى:9ــوبهم فت بين قل ــا ما أل ــا في األرض جميع ـو أنفقت م ـ ــوبهم ل ف بين قل }وأل

ه عزيـز حكيم ) ف بينهم إن ـه ومن63ولـكن الله أل بك الل بي حسـ هـا الن ـا أي ( يــؤمنين ــك من المـ بعـ ــال: {ات ــ ــوب[63،64]األنف ــد بين قلـ ــذي يوجـ االئتالف الـ

الصالحين، عندما يرزق الله عبده صالحين يأتلف معهم ، فهذه منة هو وحده المنان بها أن يجمعك بأهل التوحيد فيأتلف قلبك معهم، وحــتى هــذا االئتالف

من عنده سبحانه. ليس أنت من تطيع إنما العون من الله، حتى حركة قلبك ليست من عندك، ثباتك موهبة من الله، إذن ابتليت بقوة استعانتك باللــه. بــل إن كــل خــواطر

يطان لمة,)): الخير من منة الله علينــا، ففي الحــديث ــك لمة, وللشــ إن للمله, ولمة ــالحق, فمن وجــدها فليحمــد الل ديق ب فلمة الملك إيعاد بالخير, وتصــ

ه تعذ بالل ــ ــدها فليس ــذيب الحــق, فمن وج , وتك ر ــاد بالشــ يطان إيع .1(( الشــ فمعنى ذلك أن حتى خواطر الخير التي تأتيك من أين لك بها؟! هي منــة من عند الله، فعندما تأتيك خواطر الخير مباشرة تمسك بحبل االستعانة فتتحول

خاطرة الخير إلى فعله.رور* لما يدعو النبي - صلى الله عليه وسلم- ويقول: ه من شــ ــوذ بالل ))ونع

معــنى هــذا أن في هــذه النفس شـر وليس عليهـا االتكــال وال بهـا،أنفسنا((الثقة، إنما كل الثقة بالله -عز وجل-.

خالصة )معرفة نفسك(:اس أنتماعلم يا عبد ما أعلمك الله به عن نفسك، قــال تعــالى: ــا الن ه ــا أي }ي

ه هو الغني الحميد{ ه والل [ .15]فاطر: الفقراء إلى الله{ اس أنتم الفقــراء إلى الل هــا الن وهــذا هــو الجــزء األول من القاعــدة }يا أي

.العلم عن نفسكه هو الغني الحميد{ ،العلم عن ربكالجزء الثاني من القاعــدة وهــو }والل

أنه هو وحده الغني الحميد. القاعدة الثانية تقول: كي تأتي باالســتعانة ال بــد أن تعــرف عن نفســك وعن ربك، كل الذي مضى معرفة عن نفسك باختصار، حصرنا بعض اآليــات الــتي تعرف العباد على أنفسهم ومن هم على الحقيقة، ولو أوردنا آية فاطر فقطــك أن لكفت: أنت وصفك فقير، تام الفقر، والله هو الغني الحميد، إذن يكفي

تعلم عن ربك أنه هو الغني الحميد، وال تكن من الجاهلين بربهم.

}وقال موسى إن تكفروا أنتم ومن في األرض* سورة إبراهيم: قال تعالى: ــراهيم: جميعا فإن الله لغني حميــد{ ، هــذا يحتــاج من العبــد أن يتعلم عن[8]إب

معاني أسماء الله -عز وجل- والكالم حول اسم الغــني يطــول المقــام فيــه، لكن باختصار: ال بد أن تعلم أنه غني عن عبادتك، وأنه محمود على أن شرع

رواه البزار والطبراني والبيهقي، قال األلباني: ضعيف.1

24

قواعد في بناء النفس

لك العبادة, أيضا ال بد أن تعلم أنه قيوم قــائم على كــل نفس بمــا كســبت التأخذه سنة وال نوم.

ــواقح فمن غير الله يدبرنا ويطعمنا ويسقينا؟ قال تعالى: ــاح ل ي لنا الر }وأرســــه بخــازنين{ ماء ماء فأسقيناكموه وما أنتم ل ــ 22]الحجــر: فأنزلنا من الس كــل[.

األفعال هنــا منســوبة إلى اللــه: إرســال الريــاح من اللــه، إنــزال المطــر من السماء من الله، سقيا الناس والنبات والبهائم من اللــه فالــذي يســقيك هــو

ــه بخــازنين{اللــه إذا لم يخزنــه اللــه لكم مــا اســتطعت، يعــني }ومــا أنتم لتخزينه، التتحدث عن تحلية الماء فإنما هى هبة من الله ليخزن لنا بها الماء.

ــذا: - من الذي سيتولى أمر الرزق لكل هؤالء الخالئق؟ قــال تعــالى }أمن هذي يرزقكم إن أمسك رزقه{ [.21]الملك: ال

ارعــون{- من الذي سيخرج الزرع؟ قال تعالى: ــه أم نحن الز }أأنتم تزرعون[64]الواقعة:

}قــل أرأيتم إن جعــل: - من سوى الله يأتينا بالليل لنسكن فيه؟ قال تعالىــل ــأتيكم بلي ه ي ــر الل ــه غي ــوم القيامــة من إل رمدا إلى ي ــار ســ ه ه عليكم الن الل

[72]القصص: تسكنون فيه أفال تبصرون { }قل أرأيتم إن أصبح مــاؤكم غــورا- من سوى الله يأتينا بالماء؟ قال تعالى:

[.30]الملك: فمن يأتيكم بماء معين{ر الفلك في البحر؟ قال تعالى: تهم- من سواه يسي ي ــا ذر ا حملن هم أن ــة ل }وآي

[.41]يس: في الفلك المشحون{ــتي آية لهم يروا كيف أن الله هو الذي يحمل كل هذه السفن وليست هي ال تحمل نفسها وال اآلالت هي التي تسيرها. فال تثق في التقدم، بل هذا التقدم

هو صورة من صور فعل الله ابتالك بها الله ليرى فيمن تثق.

}مــا يفتح فأنت تعيش بمداد من الله، قــال تعــالى في ســورة فــاطر: إذن*حمة فال ممسك لها وما يمسك فال مرسل له من بعده وهو اس من ر ه للن الل

ــز الحكيم{ ــذي يفتح[2]فــاطر: العزي ــة؟ الرحمــة، من ال ، أين المــداد في اآلي الرحمة؟ يفتحها الله وإذا فتحها فال ممسك لها وإذا أمسكها فال مرســل لهــا،

ــول: ــد يق ــذلك فالعب ــة عين((ل ي طرف ــة،1))ال تكلني إلى نفســ وفي الروايعف وعــورةاألخرى الصــحيحة: ي، تكلني إلى ضــ ك إن تكلني إلى نفســ ))وأن

ي ال أثق إال برحمتك(( .2وذنب وخطيئة، وإن

ــال ــه، ق يوسف -عليه السالم-: المكان الذي بلغه ما بلغه إال برحمة الليبتعالى: ــ اء نص ــ ا ليوسف في األرض يتبوأ منها حيث يش ن }وكذلك مك

شاء وال نضيع أجر المحسنين{ [.56]يوسف:برحمتنا من نفال نجاة ألحد إال برحمة الله

رواه الحاكم ، وحسنه األلباني.1 رواه أحمد في مسنده.2

25

قواعد في بناء النفس

ــا بني في سورة هود نوح يخاطب ابنه، ماذا يقــول لــه وهــو يعظــه؟ }يمني42اركب معنا وال تكن مع الكافرين ) ــل يعصــ آوي إلى جب ( قال ســ

حم{ من ر ــه إال ــوم من أمــر الل م الي ــود: من الماء قال ال عاصــ ]ســورة ه42،43.]

أنت يا عبد تعيش بمداد من اللــه ينجي اللــه من شــاء برحمتــه، فــاعلم أنــهالحي القيوم ذو الرحمة الواسعة، ذو الرحمة الواصلة الرحمن الرحيم.

ــه وصــفاته فيجب أن نعلم أننا بحاجة ماسة إلى معرفة قوية بأسماء اللحتى تصل إلى أن ال يكون معين لك إال الله.

واآلن سنناقش آيتين في موطنين أحدهما في سورة يوســف واآلخــر في*�� الــذي هــو أقــرب األســماء المس�تعانسورة األنبياء للكالم حول اسم الله

بالنسبة لهذا المفهوم الذي نناقشه اليوم وإن كانت كــل األســماء تصــب في هذا المفهوم، وهو أنك يا عبد اختــبرت في قــوة اســتعانتك وليس في قوتــك

الذاتية:

ــالحقالموطن األول في سورة األنبياء قــال تعــالى: }قــال رب احكم بحمن نا الر ــاء: على ما تصفون{المستعانورب هــذه اآليــة في [112]األنبي

سياق رد النبي -صلى الله عليه وسلم- على الكفار.ــالحق{قال الشيخ الس��عدي: " ــال رب احكم ب أي: بيننــا وبين القــوم }ق

الكافرين، فاستجاب الله هذا الدعاء، وحكم بينهم في الدنيا قبل اآلخرة، بماعاقب الله به الكافرين من وقعة "بدر" وغيرها.

.الرحمن مع المستعان يعني من آثار رحمته أنه معين لعبادهفون{ تعان على مــا تصــ حمن المســ ــا الــر ن أي: نســأل ربنــا الــرحمن، "}ورب

ــولكم ســنظهر عليكم، وسيضــمحل ــا تصــفون، من ق ــه على م ونســتعين بدينكم".

يقول الكفــار للمســلمين تخــذيال لهم أنت ضــعاف ونحن األقــوى, ســينتهي دينكم كما هو واقع اليوم المسلمين في خوف يشــعرون أن دينهم ســينتهي, وطالما أنهم معتمدين على أنفســهم ســيبقوا في مكــانهم وعنــدما يخرجــون من اعتمــادهم على أنفســهم ومن النقــاش حــول اآللــة إلى النقــاش حــول صحوة في القلوب بالتعلق باللــه حينهــا ســيكون اللــه المســتعان لهم. وهــذا

االسم الرحمن؛ ألن من آثار رحمته سبحانه وتعالى رد العدو. "فنحن في هذا، ال نعجب بأنفسنا، وال نتكل على حولنا وقوتنا، وإنما نستعين بالرحمن، الذي ناصية كل مخلوق بيده، ونرجــوه أن يتم مــا اســتعناه بــه من

.1رحمته، وقد فعل، ولله الحمد"

.تيسير الكريم الرحمن في تفسير كالم المنان 1

26

قواعد في بناء النفس

يقصد الشارح هنا أن الله -عز وجل- قد فعل: أي: نصر وأظهــر دين رســولهنافي زمن الرسول، اليوم عندما يتكلم الناس عن رد العدو ماذا نقول: }ورب

حمن المستعان على ما تصفون{. الر من قالها عندما سب النبي -صلى الله عليــه وســلم-من الكفــار؟! ال أحــد إالــدما حصــل من رحم الله, بل اعتمد الناس على أنفسهم في رد االعتداء، عن هذا كل الكالم كان يدور حــول مــاذا يجب عليــك أن تفعــل عمليــا، وال يوجــد كالم حول أنه ال بد أن تتعلق بالله ليعننا على رد مثل هــذا البالء، ومــا حصــلــرون أن من ما هو إال من إفرازات إحساس الناس أن لهم قوتهم الذاتية، وي

التخاذل عدم الرد. نقول: رد ولكن بعـد أن تسـتعين. هـذا هـو رسـولنا صـلى اللـه عليــه وسـلم

تعان وأمامه العدو ماذا قــال: حمن المســ ــا الــر ن ــالحق ورب }قــال رب احكم بعلى ما تصفون{.

الموطن الثاني: في سورة يوسف صبر يعقــوب -عليــه الســالم- صــبراــل واللــهجميال، وصبره استمد العون عليه من الله فقال: }فصبر جمي

[.18]يوسف: {المستعان "أي : أما أنا فوظيفتي ســأحرص علىقال الشيخ السعدي رحمه الله:

القيام بها، وهي أني أصبر على هذه المحنة صبرا جميال ســالما من الســخطي إلى الخلق، وأستعين الله على ذلك، ال على حولي وقــوتي، فوعــد شك والت

ي وحــزنيمن نفسه هذا األمر وشكى إلى خالقه في قولــه: كو بث مــا أشــ }إنه{ .1 ألن الشكوى إلى الخالق ال تنافي الصبر الجميل"إلى الل

نجد اآلن في الواقع أناس تأتيهم المصيبة فيتعــاملوا معهــا في البدايــة وهم أقوياء صابرين ثم بعــد مــدة تتــدهور حــالهم -فحالــه في أول المصــيبة ليس

كحاله بعد مرور أشهر عليها-، ما تفسير هذا؟ صبر وهو معتمد على قواه الذاتية في أول األمر فخذله الله، ولم يخذله من البداية بل عامله باسمه الحليم فلما ما عاد إليه مستعينا به أراه حقيقــة أنــه

ال يستطيع بنفسه أن يصبر.

* اإلصالح في المجتمع، من الذي يستطيع أن يصلح؟ ماذا يريد شعيب -عليهــهالسالم-ماذا قال؟ بالل ــوفيقي إال تطعت ومــا ت اإلصالح مــا اســ }إن أريد إال

لت وإليه أنيب{ [.88]سورة هود: عليه توكتطعت{يقول الشيخ السعدي: " اإلصالح مــا اســ أي: ليس" }إن أريد إال

لي من المقاصــد إال أن تصــلح أحـوالكم، وتســتقيم منــافعكم، وليس لي من المقاصد الخاصة لي وحدي، شيء بحسب استطاعتي , ولما كــان هــذا فيــه

ه{ نوع تزكية للنفس، دفع هذا بقوله: ــوفيقي إال بالل أي: ومــا يحصــل}وما ت

نفس المرجع.1

27

قواعد في بناء النفس

لي من التوفيق لفعل الخير، واالنفكاك عن الشر إال باللــه تعــالى، ال بحــولي.2وال بقوتي"

ـالحق {إذن ال رد العدو نستطيعه بحولنا وقوتنا إنما }رب احكم ب تعلقـابحكمه إستعانة به.

ــا، إنما ــا وقوتنـ ــتطيعه بحولنـ ــبر نسـ ـهوال الصـ ــ ــل والل بر جميـ ــ }فصـنستعين بالصبر مستعينين بالله على الصبر.المستعان{

ـهوال إصالح نستطيعه بحولنـا وقوتنـا ،إنمـا ـه علي بالل ـوفيقي إال }ومـا تلت وإليه أنيب{ إال بعون من الله.توك

بل تفاصيل حياتنا كلها ال نستطيعها بحولنا وقوتنا إال بعون من الله، وهذا قــد عــبر عنــه القــرآن بصــور مختلفــة: باســم المســتعان، ومــا تــوفيقي إال

بالله.....إلخ.

إذن القاعدة الثانية مبنية على القاعدة األولى: فهمت يا عبــد أن اللــه ابتالك ليرى أيكم أحســن عمال فلن تكــون أحســن عمال بســبب قوتــك بـل ســتكون أحســن عمال عنــدما تســتعين باللــه، وكي تســتعين باللــه البــد أن تتعلم عن

نفسك, وتتعلم عن ربك .تعلم عن نقص صفاتك كما وصفك الله في كتابه، وتعلم عن كمال ربك.

هوتتلخص القاعدة في آية فاطر: ه والل اس أنتم الفقــراء إلى الل هــا الن ــا أي }يفأنت فقير، و وصف الله غني حميد.هو الغني الحميد{

اك نستعين{، القاعدة األولى دليلنا عليها: اك نعبد وإي " الحول وال قوة إال}إيه ". بالل

ــدة ــتعانتك، القاع ــار الس ــتعانتك؟ اختب ــذكائك أم الس ــار ل ــال: العلم اختب مث السادسة تقول ادفع عدوك –الشيطان-، فطالب العلم عندما يحضــر مجلس علم يأتي الشــيطان ويجعلــه يشــعر أن هــذا الكالم بإســلوب علمي بحت وال يستطيع فهمه فالبد من دفعه. فاعلم أن الشيطان يعظم لك العبادات، ومن كان ال يعرف تعلم، الشيطان يوهمك أنه حتى مع االستعانة ال تســتطيع على العبادات، االستعانة عبادة في حد ذاتها وعليهــا أجــر، فال بــد من بــذل الجهــد لفهمها، والشيطان يثقل عليــك هــذا: وهــذا هــو مــا ســيكون محــور القاعــدة السادسة واألخيرة وهو دفع الشــيطان، ولكن ذكرنــاه هنــا حــتى إن شــعرت وأنت تسمع أن هذا الكالم صعب ال يفهم اعلم أن هذا من الشيطان فادفعــه

عنك.

القاعدة الثالثة :ب نفسك على االستعانة في صغير األمور قبل كبيرها، واعلم أن من در

ف إلى الله في الرخاء عرفه في الشدة. تعر.تيسير الكريم الرحمن في تفسير كالم المنان 2

28

قواعد في بناء النفس

عندما تشرب تقول: بسم الله: يعــني أســتعين باللــه على الشــرب، البــد أن تكون )بسم الله( في قلبك وليس في فقط لسانك، يعــني وقت قولهــا البــد أن يكون قلبك حاضرا أنك يمكن أن تغص بمائك فتموت أو تمرض، تستعين بالله على الشرب، إذا ما استعنت يقــول لــك الشــيطان: لن يحصــل شــيء! الشيطان يشعرنا أننا إذا ما قلنا بسم الله لن يحدث لنا شيء، إذا لم تستعن بالله لن يحصل لك شيء، طوال عمرك تشرب الماء ما حصــل لــك شــيء!

ــا حلم اللــه ــريم{ غرن ك الك ك برب ــر ــار:}مــا غ . المطلــوب منــك أن[6]االنفط تستعين في صغار األمور قبل كبارها، تشرب كأس الماء ويكون قلبك معلق بالله أن يعينك على شــربه. أنت متصــور أنــك تســتطيع أن تشــربه بنفســك، فنعود ألصل المشكلة وهي اعتقادنا أننا نستطيع أن نأكل ونشــرب بأنفســنا، ننام بأنفسنا، إحساسك أنك لديك قدرة ذاتية للقيام بكل ما تريد، وتنســى أو حتى ال تعلم أن قدرتك على كــل شــيء يعطيــك اللــه إياهــا في وقتهــا. فهــو القيوم القائم على كل نفس بما كسبت، فدرب نفسك على أن تحضر قلبك في االستعانة في صغير األمور قبــل كبيرهــا، بعــد ذلــك تعــرف إلى اللــه في الرخــاء يعرفــك في الشــدة، كــل الحيــاة بين رخــاء وشــدة: شــوال بالنســبة لألشــهر الحــرم يعتــبر رخــاء، والشــدة هي األشــهر الحــرم وهي شــدة؛ ألن األشهر الحــرم تعظم فيهــا الســيئات، وتضــاعف فيهــا الحســنات، وشــوال ال يوجد فيه هذه الميزة. المفروض أنـك في شــوال تتعــرف إلى اللــه في هــذا الرخــاء فتزيــد قراءتــك للقــرآن؛ ألنــك أصــال للتــو قــد خــرجت من رمضــان

فتتمسك بالطاعة حتى ال تأتي األشهر الحرم وأنت غير مستعد.نة: عندما يأتي رمضان نحدث أنفسنا أننا ســنغتنم الفرصــةمثال في الس}

يوم وفيه ليلة القدر وهي ســاعات، وهــذه30وهو زمن فاضل وقصير فقط مشاعر أنه زمن شدة من جهة أنه زمن قصير وال بـد أن أقــوم فيــه بأعمـال كثيرة، وال أضيعه على نفسي من هنا جاءت الشدة، وحتى نغتنم هذه الشدة

المطلوب أن تكون قد تعرفت إلى الله في الرخاء. الرخـاء بالنسـبة لرمضـان: شـعبان ومـا قبلـه. لـذلك كـان السـلف يسـمون شعبان: شهر القرآن؛ من كثرة ما كانوا يختمون فيه استعدادا لرمضــان، إذا تعــرفت إلى اللــه في الرخــاء وبـذلت جهــدك مسـتعينا باللـه، سـيأتي عليــك الشدة وهي رمضان، فتجد أن الله يسددك ويوفقك ويعينك ويشــرح صــدركــارك لــك في نومــك، في أكلــك، فتفعــل مــا ال ــارك لــك في الــوقت ويب ويبــرف إلى تتصوره، في مقابل لو أنك دخلت الشهر معتمد على نفسك لم تتع الله في الرخاء قد يكون: أول يوم، يومين، ثالثة، أربعة، أقصى حد تصــل لــه عشرة أيام ثم ينحدر حالك للوراء، وكلنا نشتكي من أنفسنا هذا الحــال، أننــا ندخل رمضــان بحمــاس ثم ينطفئ الحمــاس مــع أن المفــروض عكس ذلــك بالضبط؛ ألنك المفروض أنك تقــوم بعبــادات فيزيــد إيمانــك فتزيــد الطاعــة، فاإليمان يزيــد بالطاعــة فبعــد عشــرة أيــام من الطاعــة المفــترض أن يزيــد

29

قواعد في بناء النفس

إيمانك، لكن ما يحصل أن اإليمان ال يزيد؛ ألن اإليمــان يزيــد على قــدر قــوةاستعانتك في أن يزيد، إيمانك يزيد بالطاعة والطاعة تأتي باالستعانة بالله.

أنا أستعين في رمضان ومع هذا ال أجد قلبي نقول: ألنــه كــان عليــك اإلتيــان بقلبك في شعبان وما قبلــه في الرخــاء، حــتى يطاوعــك قلبــك في رمضــان

عليك أن تستعين. هذا مثال بالنسبة للسنة.

: هناك رخاء وشدة: لــو قلنــا أن أيــام األســبوع كلهــا بالنســبةفي األسبوع للجمعة تعتبر رخاء، ساعة االستجابة يوم الجمعة تعتــبر شــدة، نهــار الجمعــة شدة، تريد إحضار قلبك وتقوم بالطاعات وتذكر ربك ألنه يوم فاضل، عنــدما ال تجد قلبك يــوم الجمعــة اعلم أنــك مــا كنت متيقظــا طــوال األســبوع وقت

الرخاء.

: يوجد وقت رخاء ووقت شدة: الشــدة وقت الصــلوات،في اليوم الواحد الرخاء بينها، ماذا تفعل بين الصلوات: كن ذاكرا ، شاكرا، تاليا، مســتعينا في أبسط األمور: في نومك, وقومك, أكلك, شربك, دخولك, خروجــك، اســتعين في دقائق أحوالك أدق مــا تتصــور من أحوالــك، لــو دربت نفســك على هــذا طوال النهار فستأتي للصالة تجــد قلبــك، ســتجده في الفاتحــة وفي صــالتككلها ألنك تعرفت إلى الله في الرخاء فلن يخذلك اللــه في الشــدة والنــبى -

خــاء يعرفــك فيصــلى اللــه عليــه وســلم- يقــول: ه في الر ف إلى الل ))تعــردة(( .1الش

وابن رجب له كالم جميل على هذا الحــديث ذكــره في كتابــه جــامع العلــوم والحكم، سنذكر طرفا منه فقط، فمقصدنا االستعانة وكيــف تــأتي، تعلم عن نفسك وتعلم عن الله، وهنا نقول القاعدة درب نفسك على االستعانة باللــه في صغير األمور قبل كبيرها واعلم أن من تعرف إلى الله في الرخاء عرفه

في الشدة وهذا مناسبة إيراد قول ابن رجب.

ــك في" ابن رجب- رحمه الله-: يقول خــاء يعرف ه في الر ف إلى الل ))تعردة(( يعني أن العبد إذا اتقى الله وحفظ حدوده وراعى حقوقه في حــالالش

رخائه فقد تعرف بذلك إلى الله وصار بينه وبين ربــه معرفــة خاصــة فعرفــه ربه في الشدة روعي له تعرفــه إليــه في الرخــاء فنجــاه من الشــدائد بهــذهــه المعرفة وهذه معرفة خاصة تقتضي قرب العبد من ربه ومحبته لــه وإجابت لدعائــه فمعرفــة العبــد لربــه نوعــان أحــدهما المعرفــة العامــة وهي معرفــة اإلقرار به والتصديق واإليمان وهــو عامــة للمؤمــنين والثــاني معرفــة خاصــة تقتضي ميل القلب إلى الله بالكليــة واالنقطــاع إليــه واألنس بــه والطمأنينــة بذكره والحياء منه والهيبة له وهذه المعرفة الخاصــة هي الــتي يــدور حولهــا

العارفون". رواه الحاكم والبيهقي والطبراني، وصححه األلباني.1

30

قواعد في بناء النفس

فمعنى أن يتعرف العبد إلى ربه في الرخاء: يعني يقترب إليــه، يحبــه، يتعبــد له، يستعين به. وقرب الله للعبد يعني: محبة الله له فتكون لــك معــه معيــة

خاصة: إجابة الله لدعائه. ومعرفة العبد لربه نوعان:

معرفـة اإلقـرار بـه، المعرفة العامة: التي يشترك فيهـا كــل المؤمـنين.1والتصديق واإليمان.

تقتضي ميل القلب إلى الله بالكلية، يعني بها تحقيق المعرفة الخاصة:.2 التوحيد، ال يوجــد في قلب العبــد إال اللــه واالنقطــاع إليــه، واألنس بــه، والطمأنينة بذكره، والحياء منه، والهيبة له، وهذه المعرفة الخاصة هي

التي يدور حولها العارفون. "مساكين أهل الدنيا خرجوا منهــا ومــا ذاقــوا أطيب مــاكما قال بعضهم:

فيها. قيل له وما هو؟ قال: معرفة الله -عز وجل-". المقصود المعرفة الخاصة: معرفة كمــال صــفاته واألنس بــه، وحــتى تحقــق االستعانة حقق هذه المعرفة، تعلم عن اللــه لتســتعين بــه، فــإذا تعلمت عن الله دربت نفسك على االستعانة بــه وتعــرفت إليــه في الرخــاء فعرفــك في

الشدة.

"أحب أن ال أموت حتى أعرف موالي،قال أحمد بن عاصم األنطاكي: وليس معرفته اإلقرار به ولكن المعرفة إذا عرفته استحييت منه".

أي وقع في قلبك الحياء من الله أن تــترك نفســك همال، تســتحي أن تتصــورأن الله غير قادر عليك.

ــدهنتأمل أوائل ســورة الملــك، يقــول فيهــا تبــارك وتعــالى: ذي بي ــارك ال }تبكم1الملك وهو على كل شيء قدير ) ذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أي ( ال ، قبل أن يقال لنــا أن اللــه خلقنــا[1،2 ]الملك:أحسن عمال وهو العزيز الغفور{

:ليبلونا أيكم أحسن عمال ذكرت ثالث صفات للرب سبحانه وتعالى وهي : بمعنى تعالى وتعاظم في كمــال صــفاته، وأنــه هــو الــذيأنه تبارك(1

ينزل البركات.وأنه مالك الملك.(2وأنه على كل شيء قدير.(3

بعد هذا قيل لك يا عبد أنه خلــق المــوت والحيــاة ليبلــوكم أيكم أحس عمال.إذن وأنت تبتلى في هذه الحياة اجعل هذه الصفات الثالث منك على بال.

أن الله كامل الصفات تعالى وتعاظم، وأنه مالك الملــك لــو أراد أن يعطيــك شيء ال يستطيع أحد رد عطائه، ولو منعك الله شيء هل تتصــور أنــه منعــك

ألنه ال يملكه، أو ألنه ال يقدر عليه؟ كال، بيده الملك سبحانه. بالعكس لو حميت من األمراض ومنعت من الحوادث هل ألنك أنت تستطيع أن تدفع عن نفسك العوائق؟ لو بقي غناك هل ألنك مالك الملــك؟ ال، مالــك الملك، القادر على كل شيء هو الله، فإذا فهمت أن اللــه ابتالك في الحيــاة

31

قواعد في بناء النفس

بأن تستعين به، وأنت تعلم أنه مالك الملك، وأنه على كل شــيء قــدير. إذن كلما مر على خاطرك أنــك تملــك اعلم أنــه ال يملــك على الحقيقــة إال اللــه،

فاستعين بمن يملك . كلما مر على خاطرك أنك قادر على شيء ادفع عنك هذا الشعور وافهم أنك ال تقدر

على شيء أبدا، واعلم أن الذي يقدر على الحقيقة هو الله. الضمائر عموما تدل على االختصاص يعني: هو وحده الــذي على كــل شــيء

يء قـدير{ :قدير وغيره ال يقدر على شـيء ـل شـ طالمـا أنـك }وهـو على ك عرفت هذه الحقيقة فيصبح صغير األمور الذي تتصور أنه تافه، مثل: شخص جالس يريد أن يقوم ، ماذا يشعر تجاه القيام؟ يشــعر أنــه قــادر عليــه، وهنــا المشكلة: أنت لست على شيء بقدير، وهو وحــده ســبحانه الــذي على كــل شيء قــدير، هــذا أمــر صــعب، ولكن درب نفســك إلى أن تســتحي أن تــأتي لحظة تظن فيها أنك قادر بدون االستعانة، أنت لسـت بقــادر أبـدا وهــو على

كل شيء قدير، وأنه لما مكنك من غير استعانة ابتالك وعاملك بحلمه. تصوري الحياة جيدا: كلها بين رخاء وشــدة، زمن العبــد يســتعين فيــه باللــه، وزمن يعينــه اللــه فيــه، أنت تســتعين فيعينــك، إلى أن يــأتي الــزمن الضــيق فيعطيك الله من عنده، حتى تــأتي آخــر شــدة يمــر بهــا العبــد: لحظــة قبض الروح، اقرأ في كتاب الله من الذي ييسر لــه خــروج الــروح ويكــون مرضــيا

ــه: ــوف عليهم وال همعنـ تقاموا فال خـ ــ ه ثم اسـ ـا الل ــ ن ــالوا رب ذين قـ }إن ال في الرخاء: قالوا ربنا الله ثم استقاموا, وفي الشــدة ،[13]األحقاف:يحزنون{

وقت قبض الروح: تتنزل عليهم المالئكة. فالحياة كلها بالنسبة للحظة الموت تعتبر رخ��اء، ولحظ��ة القبض هي الشدة، ولتكون هذه الشدة يسيره ويتعرف الل��ه إلي��ك فيه��ا

طوال الرخاء تعرف إلى الله وقل: ربنا ثم استقيم. رمضان، األشهر الحرم: تعتبر بالنسبة لك شدة، بقية الشــهور رخــاء، تعــرف إلى الله في هذا الرخاء، تقرب إلى الله اســتعين بــه، اطلب منــه أن يعينــك على أن تقـول األذكـار، أن تقــرأ حزبـك أن تقــوم الليــل، في الشـدة سـتجد

نفسك مستعين وفقت حتى لالستعانة. في األسبوع: االثنين والخميس يعتبران شدة لمن من اللــه عليــه بصــيامهما،

الجمعة: يعتبر شدة وبقية األسبوع:رخاء، الصالة: شدة، بقية اليوم: رخاء. مـــاذا أفعـــل في الرخـــاء؟ في الرخـــاء طـــوال الـــوقت درب نفســـك على االستعانة، استعملها في صغير أمورك وكبيرها، وأنت قائم قاعد تقول: بسم الله، ال حول وال قوة إال بالله، وأنت معتقد أنه ال حول وال قوة إال باللــه، لمــا تقوم للوضوء: قيامك ستوفق فيه إلى أن تتبرأ من حولك وقوتــك إلى حــول اللــه وقوتــه، ينفعــك اللــه بكــل فعلتــه في الرخــاء، يجمــع عليــك قلبــك في االستعانة، ممكن واحــد يــذهب يتوضــأ وينتهي من وضــوئه ثم يفتكــر أنــه مــا اســتعان، أو يتوضــأ ثم يقــف في الصــالة ثم يفتكــر أنــه لم يقــل الــذكر بعــد الوضــوء، ال تتصــور أن الــذكر يعتمــد على قــوة الــذاكرة، بــل أنت مســتعين

32

قواعد في بناء النفس

منكسر أم لسـت مسـتعين؟ فيكــون النــاتج أن اللــه ينفعـك في الشـدة بمـافعلته في الرخاء فيجمع عليك قلبك باالستعانة وفيها.

بوهذا الحديث شاهد لما تقرر ومؤيدا لهذا المعنى، ــر ــدي يتق ))وال يزال عبره ــه، وبصــ ذي يعقــل ب ــه ال ــك، كنت قلب ه، فإذا فعل ذل ى أحب وافل حت إلي بالن

تي يمشي بها(( تي يبطش بها، ورجله ال ذي يبصر به ، ويده ال ــق1ال يعني يوفــتى؟ ــه، ولكن م ))والفيما يسمع وفيما يبصر، وفيما يتحرك وفيما يمشي إلي

أوال في الرخاء تقرب إلى الله، فيسددك الله وقت الشدة.يزال عبدي...((

القاعدة الرابعة : ترجم أفعال الله بما يوافق الخبر عنه، لترى كيف يتعرف الله عليك في

الشدة

ــدة؟ تقول أنا تعرفت إلى الله في الرخاء فكيف سيتعرف الله علي في الش هل تتصور التوفيق من الله يكون فورا، فورا عندما تتعرف إليــه في الرخــاء يعرفك في الشدة، فتوفق وتقوم بالطاعات، القضــية ليســت بهــذا الشــكل،

.لذلك جاءت هذه القاعدةب نفسك على أن تكون دائمــا مســتعينا، وأحضــر قلبــك ال لســانك فقــط، در واستعمل قاعدة: تعرف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة، لو اســتعنت في الرخاء فإن الله سيسددك في الشدة ويصلح شأنك، ولكن هذا التســديدــده والتوفيق واإلصالح ليس له صورة معينة وتصور أنا أضعه في ذهــني وأري

بعينه. يعني مثال أقول: يا رب أنا أستعين بك على قيام الليل، وأنام وال أقوم فكيف ستترجم عدم قيامك بعد أن استعنت؟ بعد أن تتعلم عن أسماء الله وصفاته وتتدرب على االســتعانة، ال بــد أن تفهم تعــرف اللــه إليــك في الشــدة كيــف

يكون؟ مثال: نضرب على هذا مثال اســم اللطيــف: مــا معــنى اســم اللطيــف؟ هــوــدر عليهم الــذي يســوق إلى عبــاده الخــير من حيث ال يعلمــون، بــل إنــه يق

ــالبالمكاره ليحملهم إلى الخير، وأحسن مثال لهذا قصة يوسف: ــه غ }واللاس ال يعلمــون{ ــر الن هم أرادوا أن يــدفعوا [21]يوســف: على أمره ولـكن أكث

يوسف عنهم، والله غــالب على أمــره في إظهــاره، لكن المشــكلة أن أكــثرالناس ال يعلمون.

نفس القضية لدينا: اللــه يريــد أن يلطــف بــك، ولطفــه لــك جــاءك من بــاب المكاره، فترجمة هذا أن تفهم أنــك لــو اســتعنت وقمت الليــل ربمــا أصــبتــك بمرض العجب، فكسرك الله، واستعنت بكل قواك ولم تقم، المفترض أن تشعر بزيادة فقرك، تقول استعنت ولم يعطيــني اللــه، نقــول: تـرجم أفعــال

رواه البخاري.1

33

قواعد في بناء النفس

الله بما يوافق الخبر عنه، أال تعلم أن الله لطيف فهو سيعطيك الخــير ولكنليس من الباب الذي تتصوره أنت.

ــه من ــ ــاهم الل ــ ــاد أعط ــ ــك، كم من عب ــ ــه حكيم عليم بحال ــ أال تعلم أن الل المميزات ، طلبوا الصدارة في المواقــف فحــرمهم اللــه؛ رحمــة بهم، يعــني يكون عنده قدرة وطاقة ويقولون له: خذ هذا العمــل، إذا قمت بــه نصــدرك ونضعك في كذا وكذا فيفشــل فيقــول: قلتم لي أن اســتعين فاســتعنت، مــع ذلك فشلت، نقول له: الله أعلم بحالك، حكيم في فعله معك، لطيــف ســاق

إليك الخير، وإن كان على مركب المكاره.

أنت ال تفــترض صــورة معينــة لتعــرف اللــه إليــك في الشــدة ، وتقــول: أنــااستعنت ال بد أن أقوم، ال بد أن أصوم...

أنت عليك أن تستعين وتتعرف إلى الله في الرخاء هــذا هــو دورك، وتعــرف الله إليك في الشدة وبقاؤه معك ومعيته لك كيــف تكــون صــورتها هــذا أمــر أنت ال تســتطيع تحديــده؛ ألن الــذي يناســب غــيرك ال يناســبك، مثال شــخص يقول: طوال السنة أدعوا الله وأقول : يا رب أقضي رمضان في مكــة وهــو صادق ومستعين وأخذ كل األسباب ولم يوفق، من المؤكد أن هذا هو األنفــعلقلبه-نكاد نقسم على ذلك-ستفتن وال تعرف كيف ستفتن، وكم علمنا الله - عز وجل- عن حكمته تمنينا أشياء ومنعنا إياها فأصررنا عليها فجاءتنا وأذاقنــا مر اختيارنا، إذن أنت تعرف إلى الله في الرخــاء، وتعرفــه إليــك في الشــدةــادة أمر التترجمه على هواك أو تقول كنت في شدة الله ما قواني على العب

والطاعة، ترجم أفعال الله وبقاءه معك في الشدة بما يوافق الخبر عنه.

مثال جاءك شيء ال تستطيع تفسيره، لماذا يمنعني الله عن الطاعة مــع أنهــا طاعة؟ فــإن كنت لســت فاهمــا عن نفســك وال تفهم العجب أنــك ممكن أن تقع فيه أو فتنة من أي نوع. ال تفهم تفاصــيل كثــيرة، على أقــل تقــدير قــل:

الله -عز وجل- حكيم ما منعني إال لحكمة بالغة. وهذه القاعدة ضبطت القاعدة السابقة لها: أنت تعرف إلى الله في الرخاء،

وبأي شــكل وبــأي صــورةمن المؤكد أنه يتعرف إليك في الشدة، لكن كيف أنت ال تحدد وال تصف الصورة.

فمثال: أنت فقير وتتمنى أن يكون لديك مــال لتنفــق، وتعــرفت إلى اللــه في الرخاء فتصدقت كما في حديث عائشة بعنبة وبشق تمرة، كــل هــذا لتقــول:ــه في يا رب أعطيني ألتصدق فأنا أحب أن أنفق في سبيلك، تعرفت إلى الل الرخاء وأنفقت مما عندك وتصدقت بـه وكنت منتظــر أن يعطيــك اللــه مـال لتنفقه في سبيله فما أعطــاك، ففســره أن اللــه رحمــك من أن تكــون ممن

وصفهم الله في سورة التوبة: الحين ) }ومنهم من عاهد الله لئن آتانا من فضله لنصدقن ولنكونن من الصــ

ون )75 وا وهم معرضـ ـه وتول ـوا ب له بخل ـاهم من فضــ ( فـأعقبهم76( فلما آت

34

قواعد في بناء النفس

ــانوا ــه مــا وعــدوه وبمــا ك ــه بمــا أخلفــوا الل ــوم يلقون ــوبهم إلى ي نفاقا في قل فتعلم عن الله.[77-75]التوبة: يكذبون{،

نرتب ما قلناه من البداية: قلنا أن اختبــارك ليس في قــواك الذاتيــة بــل فيــأتي من العلم عن حقيقــة النفس والعلم عن االســتعانة، وقــوة االســتعانة ت الله، وأنت اآلن تعلمت عن الله وتعلمت عن ضــعفك، ولكنــك غــير قــادر أنــق تستعين، فالخطوة التالية أن تدرب نفسك على االستعانة في صغير ودقي األمور حــتى تصـل لكبيرهــا فتســتعين، وافهم أنــك لـو تعــرفت إلى اللــه فيــاب ــك ب ــه في الشــدة ويســاعدك ويفتح ل ــاء واســتعنت ســيعطيك الل الرخ الطاعات، ولكن بأي صورة سيكون هذا من الله، أنت ال تعــرف، ولكن كلمــا

تعلمت عن الله ستفهم كيف يعاملك. وأنت ترى قوما ابتلوا في أنفسهم بــأمراض يقولــون: لــو كنــا صــحيحين مــا تركنا الحرم، وهم قد ابتالهم الله بالمرض فينعم اللــه عليهم بالصــحة فــترى من الكبر والعجب في الحرم من أفعالهم ما يجعلــك تعلم أن مرضــهم كــان

أحسن لهم.

إذا تعرف إليه العبــد في الرخــاء إذا لم يتعلم عن اللــه وعن حكمتــه وعلمــه ورحمته، خاصة ونحن نسمع كثيرا من يقول: دعوت فلم يستجب لي، وهــذهمن أكثر المؤذيات لقلوب المؤمنين خصوصا ونحن نتكلم عن األبناء، فالله - عز وجل- عندما ابتالنــا باألبنــاء لم يتركنــا همال بــل أعطانــا الوصــفة العجيبــةــدعائك في أي خاصة األمهات، فاألم دونا عن خلق الله لو دعوتي استجيب لــه ,أنت وقت، وقيل لك عندما ابتليت بأوالدك ما ابتليت أنك ستشكلينه وتربي قلبك ال تستطيعي تشكيله فكيف تشكلي هــذا،ولكن عنــدما ابتليت بــه، قيــلــه مســتجاب. أين لك: خذيه وخذي مفتاح يوصلك لصالحه قيل لك دعاؤك في الذل واالنكسار بين يدي الله؟ أين اســتعمالنا لمفتــاح صــالح األبنــاء أال وهــو الدعاء والتوسل، مفتاح صالحهم في يد األم واألب، وهــو االنكسـار بين يـدي الله، في الذل عند الله، في الدعاء الذي ال يقبــل من أحــد أن يقــول دعــوت فلم يستجب لي، ال تقل ذلك أبدا، أنت مهما طــرقت بــاب األولين واآلخــرين غير اللــه، لن يصــلحوا أوالدك مــا يصـلحهم إال من خلقهم، فاآلبـاء واألمهـاتــات ــاء واألمه بالذات يدعو ألبنائهم في أي وقت، وهذه ميزة أعطاها الله اآلب

فمعنى ذلك أنك مستعين. ما معنى أن تستعين في تربيــة أبنائــك؟ أن تعتقــد أنــه ال معين لــك إال اللــه، قلب أبناءك ال تمتلكه ولكنك ابتليت بهم من أجل أن يســمع صــوتك متوســال

داعيا مستعينا، فقل: يا رب، هذه هي قوة االستعانة. بماذا خرج من استعمل طرق التربية القديمة والحديثة والتقليدية؟ ما أصــلحلت على األبنـاء إال اللـه، إن كنت أنت نفسـك قـادر على أن تصـلح قلبـك وك أبنائك أن تصــلحهم، لكن أنت تشــهد أن قلبــك الــذي بين جنبيــك ال تســتطيع

35

قواعد في بناء النفس

}الإصالحه، فكيف تتصور أن الله يحملك صالحهم؟! إنما حملك مــا أعطــاك ه نفسا إال ما آتاها{ ف الل [.7الطالق: ]يكل

كـ أم أعطــاك أن دعــاءك مســتجاب، في أي وقت ليال أو نهــارا، فــأينفأنت االستعانة به، واألسوأ من عدم االستعانة أن تقول: دعوت فلم يســتجب لي؛ ألنك ال تعرف أن تترجم أفعال الله، اليوم تقول: يا رب أصلح قلبه، ثاني يوم

يصبح شخص آخر. أم تعلم أن الله لطيف يسوق الخير رويدا رويدا في أضيق المســارات الــتي ال تتصورها ثم يخرج االبن من الفســاد إلى الصــالح ويشــهدك على أنــه كــانته وكرمه؛ لتعود وتقول: ليس لي إال في قلبه فساد ثم تحول إلى الصالح بمن

الله هو وحده المحمود على أن أصلح أوالدي. ال تترجم تعرف الله إليك في الشدة( كما تريد، أنت ال تعــرف كيــف يتعامــل الله معك في الشدة، ولكن كلما تعلمت عن اللــه، اســتطعت تفســير تربيــة

الله لك.ـه غــالب على أمــره ولكن وتأمل هــذة اآليــات ـ اس ال}والل ـر الن ـ أكث

.[21]يوسف:{ يعلمونــق ولكن ه حـ ــد الل ماوات واألرض أال إن وعـ ــ ــا في السـ ه مـ }أال إن لل

.[55]يونس: {أكثرهم ال يعلمونقون ولكن .[34]األنفال: {أكثرهم ال يعلمون}إن أولياؤه إال المت

هذه مشكلتنا أن أكثرنا ال يعلم أن اللــه غــالب على أمــره، أكثرنــا ال يعلم أن وعد الله حق، أكثرنا اليعلم أن أولياء الله هم المتقــون وأن التقــوى تســاوي

والية الله.ــون المقصد من هذه األدلة أن تتصور أن الله وصف أكثر الناس أنهم ال يعلم عنه، ابحثوا في كتاب الله عن المــواطن الــذي ذكــر فيهــا اللــه - عــز وجــل- وصــف النــاس وأن أكــثرهم ال يعلمــون عن ربهم وال عن صــفاته، فســيكون الناتج: أن ربهم عندما يتعرف إليهم في الشــدة ال يفهمــون تعرفــه إليهم فيــون ألنهم ال ــذين ال يعلمــون ثم ال يؤمن ــاس ال ــثر الن الشــدة، فال تكن من أك يعلمون ثم ال يشكرون؛ ألن الله - عز وجل- جمع بين هذه الثالثة في وصــفه

ألكثر الناس :أنهم ال يعلمون؛ أنهم ال يؤمنون ألنهم ال يعلمون؛ أنهم ال يشكرون.

36

قواعد في بناء النفس

القاعدة الخامسة :عالج نقاط ضعفك في االستعانة

أي كيف أربط بين االستعانة واألخذ باألسباب؟ نأخذ مثال: تربية األبناء، غرسك للقيم، نقول: هذا ســهل أنــا كــأم يجب علي غرس القيم، ما القيم التي يجب أن أغرسها؟ ما القيم التي تناســب نفســية طفلى؟ ما القيم التي ال آثار ســلبية لهــا إذا غرســتها، مثال هــو بطبعــه كــريم فأغرس فيــه قيمــة الكــرم فيصــبح مســرفا، فــالكرم مشــاعر متوســطة بين

البخل واإلسراف. إذا قلت: أنــا دوري مــع أبنــائي غــرس القيم فيهم، باإلضــافة إلى االســتعانة بالله، نقول لك: هذه جملــة خاطئــة ، أصــال غــرس القيم ال يمكن أن يحصــلــا ينبغي؟ ومن أين لي بدون استعانة، ألن القيم نفسها من أين لي فهمها كم بالقيم المناسبة لهذا الطفل دون هذا الطفل؟ نفس القيم المناســبة تســديد من عند الله فلــو اســتعنت توفــق. فاألطفــال مختلفين في الطبــاع, تجــدهم أشقاء في بيت واحد أحدهم كريم واآلخر بخيل، واحــد حنــون واآلخــر جــاف،

من أين لي اإلصــالح؟ مــا هي القيمــة الــتي يجب أنواحد سمح واحد عسر. أغرسها في هذا ليصبح لين وفي هذا ليصــبح كــريم؟ عن مــاذا أكلمــه؟ مــتى أكلمه؟ ما الموقف السليم؟ ما الكلمات التي سأقولها؟ كل هذا ال يستطيعه

العبد وحده بل كله يأتي باالستعانة.

التربية ال تأتي إال باالستعانة فقط ثم االستعانة في داخلها يأتي كل شيء. تستعين بالله على أن تـأتي بكالم يناسـب ولــدك, فــالمراهق لــو منعتيـه من الفعل الذي يريده كسر الدنيا، ولـو تركتيـه يفعـل مـا يريـد زاد، شـاوري منــر أردت مشاورته لن تجدي إال إجابتين شخص سيقول لك: دعيه يفعل واآلخ

سيقول لك: امنعيه. ما هو الصواب؟ ماذا أفعــل؟ أنت لن تفعــل إال مــا يكــون نــاتج تعلقــك باللــه واستعانتك به. ثم تأتي بعد قوة االستعانة كلمات، ووقتها ووقعهــا في نفســه كل هذا ما أتى إال بعون الله. ولن يوجد أثـر ألنـك اخـترت الـوقت المناسـب والكلمــات المناســبة والطريقــة المناســبة. وليس ألنــك اســتعملت مشــورة

فالن. ال تفهم هذا الفهم الخاطئ بل اعلم أنه ما سددك إال الله. البد أن نوقظ في قلوبنا التوحيد، فما أرجع األمــة كاملــة إلى الــوراء إال دفــع التوحيد واندفاعهم عن باب التوحيد هــذا ســبب الرجعيــة الــتي نعيشــها. وإال فإن لنا في رسولنا أسوة حسنة: في سورة األنبياء عندما أراد دفع العدو لم يقل أنا معي الحق والبد من دفع العدو. بل توســل إلى اللــه وطلب منــه أن يحكم بالحق، هذه هي النفوس الموحدة. فالنصرة ال تأتي أبـدا بكـثرة العـدد

وقوة العدة.

37

قواعد في بناء النفس

هناك سببين لتراجع األمة والسببين اجتمعا في غزوة أحد وغزوة حنين: األول في أحد: وهو مخالفة سنة النبي -صلى الله عليه وســلم-، وطالمــا أن

األمة مخالفة لسنة النبي وتبتدع ستعود للوراء. والثانى في حنين: وهو االغترار باألسباب, والتفات القلب عن باب الله قليلة

أو كثيرة. وطوال الحياة ستبقى هاتـان المشـكلتان سـبب لـتراجع األمـة للـوراء؛كأمـة

وأشخاص. عالج نقــاط ضــعفك وانظــر لنفســك والشــيء الــذي غــاب من ذهنــك تمامــاــتعيني. أو أنت ــاهرة في الطبخ فال تس ــة- أنت م ــه مثال: التربي ــتعانة في االس تستعيني في كل الطبخات إال طبخة معينة ال تستعيني فيهــا ألنــك واثقــة من

نفسك فيها. سيظهر لنا أننا ضعفاء في االسـتعانة تمامـا. مـع األيـام سنكتشـف أن هنـاك

نقاط معينة أنا بعيدة تماما عن االستعانة فيها.

أمثلة: معلم طالبه مهذبين فيشعر أن هذا الفصل غـير متعب هــذا الفصــل جيـد.-

أصبح هذا الفصل نقطة ضعفك ألنك لن تستعين وأنت داخل إليهم! أبناؤنا كل واحد فيهم بطبع، واحد فقط يسمع كالمي فــأقول: أنــا متأكــدة-

أن هذا سينفذ ما أريد -دون استعانة- ابحث عن األوضــاع واألحــوال الــتيــا إال وأنت تعاملها. هذه هي نقاط ضعفك وأبرزها للخارج، وال تتصرف فيه

جامع قلبك فيها. امــرأة طــوال الــوقت تســتعين لكن وقت الطبخ ال تلقي بــاال لالســتعانة،-

كذلك حال استقبال الضيوف، وكأنها تقــول مــاذا يعــني أن اســتعين باللــه عليه؟! وإن كنت مستعينة يأتيك من يقول لك: ستحاربين، فيخــذلوك في

استعانتك. انتبه وأنت ذاهب للوضوء قل بسم الله معتقدا أنــك للــه تتوضــأ وضــوء ال-

يقبل منك إال إذا أعانك الله. شخص ضعيف في األذكار، يذهب عليه العصــر والفجــر وهــو مــا ذكــر، أو-

يذكر ال يرى أنــه محتــاج أن يســتعين باللــه لكي يــذكر, ذكــر اللــه، قــراءة الحزب، هذا يضيع على كثــيرين ألنهم ال يســتعينون وال يشــعرون لمــاذا ال

يفعلون.

وهذا مــا ذكرنــاه في القاعــدة الثالثــة: درب نفســك على االســتعانة، لتقــوي استعانتك في كــل حياتــك وبالــذات وقت العبــادة، ابحث عن العبــادات الــتي

تقوم بها بدون استعانة لتعالجها. أبرز نقاط ضعفك التي ترى أنـك ال تسـتعين فيهـا، وافهمهـا وركــز أن تجمـع

قلبك وتستعين فيها.

38

قواعد في بناء النفس

القاعدة السادسة :ادفع عدو االستعانة, وهما : الشيطان ،والنفس األمارة بالسوء

: أعــدى أعــداء االســتعانة هــو الشــيطان؛ عنــدما تقــول:أوال : الش��يطان نستعين بالله لنفعل كذا. فيوسوس لك ويقول: لماذا تســتعين فــاألمر يســير

وال يحتاج استعانة!

- امرأة في غرفة الوالدة ألول مــرة تلــد تقــول: ســمعت صــوتا يحــدثني في أذني. يقــول لي: ال تقــولي يــا رب-ال تســتعيني أو كلمــة مثــل هــذه- هم

سيعطونك كمامة وإبرة وستذهب اآلالم تقسم وتقول: والله أسمعه صوتا! هذه لحظات الشدة الصعبة، عدوك أكــره شــيء لــه أن تســتعين؛ ألنــه يعلم أنك لو استعنت أمدك الله. فيثبطك يقول لك: يعني مــا تســتطيع حمــل قلم فتقول بسم الله؟! سهل عليك، وإذا استجاب العبد مصيبة! فال بد أن تتصورأنه يحدثك حديثا يوهمك لما تأتي وتعالج ضعفك وتكون هذه النقطة ضعيفة.

مثال: يقول لــك أنت طــول عمــرك تطبخين، وطــول عمــرك تــوفقين، طــول عمرك يأتيــك ضــيوف، مــا تحتــاجين إلى اســتعانة.. بكالم مفهــوم، يوســوس

عليك، يأتي يقول لك أنت اآلن لست بحاجة لالستعانة. أخطر عدو على االستعانة هو الشيطان فادفعه باالستعاذة واالستعانة.

الغالب أن الشيطان في االســتعانة يحــدثك مباشــرة يقــول لــك مثال شــربت نسكافيه، ونمت مبكرا فستقوم إال والبد.فهذا من الشيطان حتى ال تســتعين

ويأتي البالء وتقوم الليل وتأتي المصيبة وهي أن تثق في هذه األشياء! كلما تعلمت عن الله وكلما ضعفت الثقة في النفس، كان هذا خذالن للعدو، ولكن افهم أن هذا عدوك, وصــوته مســموع لمن أدرك هــذا وأنت تعتقــد أن

هذه نفسك تكلمك. اعلم أن أبغض األعمال للشيطان االستعانة المورثة للعبــادة, الغايــة العبــادة والوســيلة االســتعانة، فهــو يقطــع عليــك الســبب-االســتعانة- قبــل أن تصــل

للعبادة. وقد وصف الله الشيطان أنه عدو لنــا، عــدو يكلمــك ليخــذلك، يبث فيــك مــا

يجعلك بعيدا عن أعظم العبادات التي هي االستعانة.

: ثمــة عالقــة بين النفس األمــارة بالســوءثانيا : النفس األمارة بالسوءفس والشيطان, قــال تعـالى في سـورة يوســف: ي إن الن ئ نفسـ ـر }ومـا أب

حيم{ ي غفور ر ي إن رب ما رحم رب وء إال [.53]يوسف: ألمارة بالسي{: ق��ال الش��يخ الس��عدي رحم��ه الل��ه: ئ نفســ ــر ــا أب أي: من"}وم

ــك. ــد في ذل ــديد، والكي ــرص الش ــراودة، والهم والح فس ألمارةالم }إن الن

39

قواعد في بناء النفس

وء{ أي: لكثيرة األمر لصاحبها بالســوء، أي: الفاحشــة وســائر الــذنوب،بالس. 1فإنها مركب للشيطان، ومنها يدخل على اإلنسان"

لذلك نجد أن الرسول -صــلى اللــه عليــه وســلم- ذكــر أن من حفــظ لســانه وفرجه حفظ دينه. فهذان الموطنان أكثر موطنان يحصل للنفس فيها دعوة,

دائما النفس تأمر بالسوء في هذان الموطنان. ــدخل على اإلنســان، إذن: النفس األمارة بالسوء مركب الشيطان الذي به ي

لذلك هناك عالقة قوية بين الشيطان والنفس األمارة بالسوء. ي{: ثم جــاء االســتثناء في اآليــة فقــال: مــا رحم رب فنجــاه من نفســه "}إال

ــداعي الهــدى، ــة إلى ربهــا، منقــادة ل األمــارة، حــتى صــارت نفســه مطمئنــه ــل من فضــل الل ــذلك ليس من النفس، ب ــردى، فل متعاصــية عن داعي ال

ورحمته بعبده". ندور ونعود لنفس النقطة االستعانة. يعني حــتى نفســك األمــارة بالســوء لن

تندفع عنك إال باالستعانة. فالنفس األمارة هي المــركب الــتي يركبهــا الشــيطان و يــدخل بــه اإلنســان

ويوسوس له.

* أيضا في ســورة اإلســراء ذكــرت العالقــة بين الشــيطان والنفس األمــارة.ــنزغ بينهمقال تعالى: يطان ي ن إن الشــ تي هي أحســ ــوا ال عبادي يقول }وقل ل

يطان كان لإلنسان عدوا مبينا{ [ 53 ]اإلسراء:إن الش "وهذا من لطفه بعباده، حيث أمرهمقال الشيخ السعدي-رحمه الله-:

بأحسن األخالق واألعمال، واألقــوال الموجبــة للســعادة في الــدنيا واآلخــرة،تي هي أحسن{فقال: عبادي يقولوا ال وهذا أمر بكل كالم يقرب إلى}وقل ل

الله، من قراءة، وذكر، وعلم، وأمر بمعروف، ونهي عن منكر، وكالم حســنلطيف، مع الخلق، على اختالف مراتبهم ومنازلهم".

يأمر الله العباد أن يقولوا التي هي أحسن، لـذلك فــإن الرفــق مـا كــان في شيء إال زانه. لماذا يقول الــتي هي أحســن؟ ألن الشــيطان يــنزغ بينهم. مــا

وصف الشيطان بالنسبة لإلنسان؟ عدو مبين, وما فعله ؟ النزغ.يطان ينزغ بينهم{"وقوله: ــد عليهم }إن الش أي: يسعى بين العباد، بما يفس

دينهم ودنيــاهم. فــدواء هــذا، أن ال يطيعــوه في األقــوال غــير الحســنة الــتي يدعوهم إليها، وأن يلينوا فيما بينهم، لينقمع الشيطان الذي ينزغ بينهم، فإنــه

ــوا منعــدوهم الحقيقي الــذي ينبغي لهم أن يحــاربوه فإنــه يــدعوهم }ليكونعير{ وأما إخوانهم فإنهم وإن نزغ الشيطان فيما بينهم، [.6 ]فاطر:أصحاب الس

وسعى في العداوة، فإن الحزم كــل الحــزم، الســعي في ضــد عــدوهم، وأن يقمعوا أنفسهم األمــارة بالســوء، الــتي يــدخل الشــيطان من قبلهــا، فبــذلك

.2يطيعون ربهم، ويستقيم أمرهم، ويهدون لرشدهم" تيسير الكريم في الرحمن في تفسير كالم المنان.1تيسير الكريم في الرحمن في تفسير كالم المنان. 2

40

قواعد في بناء النفس

إذن البد من تصور مقدار عداوة الشيطان. للشيطان لـه مـركب هــو النفس األمارة بالسوء. وآية اإلسراء دلت على أن له مركب آخر يركبه فيدخل على اإلنسان من قلبه وهو الصـحبة. اللــه -عــز وجــل- أمرنـا أن نقـول بيننــا وبين بعضنا: التي هي أحسن يعــني الكالم الطيب. وإذا لم تقــل كالمــا طيبــا يــنزغ

الشيطان بيننا. فيستعمل الشيطان صاحبي فيوقعني فيمــا ال يليــق. هنــا الشــيطان ســيأتيك ليس من نفسك بل من جهة صاحبك. يقول صاحبك لــك كالم ســيء فتقــول

له أنت كالم سيء. الرسول -صلى الله عليــه وسـلم- وصـاحبه أبـو بكــر ورد عنهمـا: أنهمـا مـرا

برجل فقال له: كيف أصبحت؟ قال: الحمد لله. قال: هذا ما أردت. يعني: سألتك ليس ألعلم عن حالك بل سألتك ليخرج من لسانك الحمد لله،

قولوا التي هي أحسن. وهذه نعم الصحبة. اليوم يستفز الزميل زميله ليخرج من الثاني السوء! الصحبة هنا كأنهــا عــدو خلفي لالستعانة وليس عدو أساسي. العدو الذي يخــذلك عن االســتعانة هــو الشيطان والنفس األمارة بالسوء. وقد تكــون الصـحبة بـدافع من الشـيطان

مخذلة لك عن االستعانة. تقول: بسم الله يا رب أعني. يقول لك صاحبك: لم كل هــذا هــل أنت ذاهب لتحارب. يخذل استعانتك. هو اســتجاب أصــال للشــيطان فجــاءك ضــرره من

عداوة الشيطان لكما. إذن إما أن تكون نفســي أمــارة بالســوء، أو الشــيطان يــركب نفس األمــارة بالسوء ويدفع عــني االســتعانة. وهنــاك مــركب آخــر يركبــه الشــيطان لــدفعــاحبه على ــاحب معين لص ــون الص ــدل أن يك ــحبة. فب ــو الص ــتعانة وه االس االستعانة يخذله. يقول: أنتم ناس معقدين. كــل شــيء تســتعينوا فيــه باللــه،

بسم الله. وتأتي الكلمات: متشددين، متعصبين، فلسفة...الخ.

" ومقت النفس في ذات الله من صفاتيقول ابن القيم-رحمه الله-: الصديقين ويدنو العبد به من الله تعالى في لحظة واحــدة أضــعاف أضــعاف

.1ما يدنو بالعمل" يعني عندما تبغض نفسك لحظة واحدة تقترب من الله أضــعاف مــا تقــترب

إليه بقيامك بالعمل.

يئاوال ننســـى أبـــدا: ان حين من الـــدهر لم يكن شـــ }هـــل أتى على اإلنســـ البد أن تفهم نفسك، بــل تقــرب إلى اللــه بفهم حقيقــة.[1]اإلنســان: مذكورا{

إغاثة اللهفان من مصائد الشيطان، فصل وفي محاسبة النفس عدة مصالح منها : االطالع على1عيوبها ..

41

قواعد في بناء النفس

نفسك، تقرب إلى الله بمعرفة حجم نفسك, وكما قال ابن القيم تقرب إلىالله بمقت نفسك.

"النفس أهل أن تمقت في الله ألنهــا تــدعونيقال اآلجري-رحمه الله-: لسلوك سبيل الضالل، وتحرمني عما يرضي الله، وتوقعني فيما يبغضه".

انتهى اللقاء والحمد لله..

42