56
www.alukah.

cp.alukah.netcp.alukah.net/books/files/book_9131/bookfile/criminal.docx · Web viewشرح مختصر الروضة، نجم الدين أبي ربيع سليمان بن عبد القوي

  • Upload
    others

  • View
    0

  • Download
    0

Embed Size (px)

Citation preview

Page 1: cp.alukah.netcp.alukah.net/books/files/book_9131/bookfile/criminal.docx · Web viewشرح مختصر الروضة، نجم الدين أبي ربيع سليمان بن عبد القوي

3 2

www.alukah.net

Page 2: cp.alukah.netcp.alukah.net/books/files/book_9131/bookfile/criminal.docx · Web viewشرح مختصر الروضة، نجم الدين أبي ربيع سليمان بن عبد القوي

3 2

www.alukah.net

Page 3: cp.alukah.netcp.alukah.net/books/files/book_9131/bookfile/criminal.docx · Web viewشرح مختصر الروضة، نجم الدين أبي ربيع سليمان بن عبد القوي

3 2

مبدأ الشرعية الجنائية

في الجرائم والعقوبات التعزيرية

بقلمد. مسلم اليوسف

[email protected]

www.alukah.net

Page 4: cp.alukah.netcp.alukah.net/books/files/book_9131/bookfile/criminal.docx · Web viewشرح مختصر الروضة، نجم الدين أبي ربيع سليمان بن عبد القوي

3 2

المقدمة إن الحمد لله، نحمده ونس��تعينه ونس��تغفره، ونع��وذ بالل��ه من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يه��ده الل��ه فال مض��ل ل��ه، ومن يضلل فال ه��ادي ل��ه. وأش��هد أن ال إل��ه إال الل��ه وح��ده ال

شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.ه حق تقاته وال تموتن قوا الل ذين آمنوا ات ها ال قال تعالى: }يا أي

لمون ) ه جميع��ا وال102إال وأنتم مس�� ��ل الل موا بحب ( واعتص��ف بين ه عليكم إذ كنتم أع��داء ف��أل ��روا نعمت الل ق��وا واذك تفرفا حف��رة من ��ا وكنتم على ش�� ��ه إخوان بحتم بنعمت قلوبكم فأص����دون ) كم تهت ��ه لعل ه لكم آيات ن الل ار فأنقذكم منها كذلك يبي الن

( ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف1031({ 104وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون )

أما بعد: فإن أصدق الحديث كت��اب الل��ه، وخ��ير اله��دى ه��دى محم��د – صلى الله عليه وسلم - وش��ر األم��ور مح��دثاتها، وك��ل محدث��ة

بدعة، وكل بدعة ضاللة، وكل ضاللة في النار.ما توفون أجوركم يوم قال تعالى: }كل نفس ذائقة الموت وإنة فقد فاز وما الحياة ار وأدخل الجن القيامة فمن زحزح عن الن

�اع الغ�رور ) كم185الدنيا إال مت �ون في أم�والكم وأنفس� ( لتبلذين ���اب من قبلكم ومن ال ���وا الكت ذين أوت معن من ال ولتس��� ��ك من ع��زم ق��وا ف��إن ذل بروا وتت ��يرا وإن تص�� ركوا أذى كث أش��

.2( { 186األمور ) فه��ذا كت��اب في مب��دأ الش��رعية الجنائي��ة في الج��رائم، والعقوبات التعزيرية في الشريعة اإلس��المية في ه��ذا الكت��اب س��نبين مع��نى، وأهمي��ة مب��دأ الش��رعية الجنائي��ة في الج��رائم والعقوبات التعزيرية في الشريعة اإلس��المية كمبحث أول، ثم نعرج إلى داللة الكتاب، والسنة، واألصول الشرعية على مبدأ

الشرعية الجنائية في الجرائم، والعقوبات التعزيرية.

معنى وأهمي��ة مب��دأ الش��رعية الجنائي��ة فيالمبحث األول:الجرائم، والعقوبات التعزيرية في الشريعة اإلسالمية.

.104 – 102- سورة آل عمران، اآلية 1.186- 185 - سورة آل عمران، اآلية 2

www.alukah.net

Page 5: cp.alukah.netcp.alukah.net/books/files/book_9131/bookfile/criminal.docx · Web viewشرح مختصر الروضة، نجم الدين أبي ربيع سليمان بن عبد القوي

3 2

دالل��ة الكت��اب والس��نة، واألص��ولالمبحث الث33اني: الشرعية على مبدأ الشرعية الجنائية في الجرائم، والعقوبات

التعزيرية.المبحث األول

معنى وأهمية مبدأ الشرعية الجنائية في الجرائموالعقوبات التعزيرية.

اهتمت الش��ريعة اإلس��المية الغ��راء اهتمام��ا ب��ديعا في حي��اة الن��اس، ومجتمع��اتهم وتوابعه��ا من نب��ات وحي��وان، فأرس��تالمبادئ العامة، والقواعد األساسية لبناء، وتعمير المجتمعات. و يعد مبدأ الش��رعية الجنائي��ة من أهم المب��ادئ ال��تي ص��اغتها الش��ريعة اإلس��المية، فس��اهمت في نش��ر واس��تقرار األمن

واآلمان في المجتمعات اإلسالمية.فما معنى مبدأ الشرعية الجنائية:

يعني مبدأ الشرعية الجنائية في الجرائم والعقوبات التعزيرية أن ال عقوبة، وال جريمة إال بدليل ش��رعي يج��رم ه��ذا الفع��ل،

ويعاقب عليه. فالتجريم والعقاب وفقا لهذا المبدأ محصور بالدليل الش��رعي الذي يبين الفعل الجرمي وكما يبن عقابه، وي��ترتب على ذل��ك أن القاضي الشرعي ال شأن له في التجريم، والعق��اب إذا لم

يكن هناك دليل شرعي يبين الجريمة، وعقابها. فالقاضي الشرعي ال يستطيع أم��ام ه��ذا المب��دأ أن يج��رم أي متهم، أو إن ي���نزل علي���ه أي ن���وع من العق���اب بمع���زل عن النصوص الشرعية واألصول والقواعد الفقهي��ة المعت��برة، وإن تجاهل القاضي، ألي أصل من أصول الش��ريعة يع��رض حكم��ه للنقض أمام المحكمة العليا، كم��ا يع��رض شخص��ه إلى الش��ك في نزاهت��ه وأمانت��ه، وه��ذا م��ا ال يعق��ل أن يك��ون في قض��اة

كم�ا أن�ه ال يج�وز للقاض�ي الش�رعي أن3الشرع الحنيف. يستبدل عقوبة إلى عقوبة أش��د، أو أخ��ف منه��ا امتث��اال لمب��دأ

الشرعية الجنائية.

- انظر بداية المجتهد ونهاية المقتصد البن رشد، دار الفكر، دمشق، بدون3 وما بعدها. بدائع الصنائع لعالء الدين الكاس��اني، دار2/679تاريخ للنشر، ج

وما بعدها.7/5 م، ج1982 2الكتاب العربي، بيروت، ط

www.alukah.net

Page 6: cp.alukah.netcp.alukah.net/books/files/book_9131/bookfile/criminal.docx · Web viewشرح مختصر الروضة، نجم الدين أبي ربيع سليمان بن عبد القوي

3 2

ه ى الل ��ة إذا قض�� ��ان لم��ؤمن وال مؤمن ق��ال تع��الى: } وم��ا كه ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الل

4( {.36ورسوله فقد ضل ضالال مبينا )

��دعاء ول بينكم ك س�� ��وا دع��اء الر وق��ال ج��ل جالل��ه: } ال تجعللون منكم لواذا فليح��ذر ذين يتسل ه ال بعضكم بعضا قد يعلم الليبهم ع��ذاب ��ة أو يص�� يبهم فتن ذين يخالفون عن أمره أن تص�� ال

5( {. 63أليم )

و لكن على الرغم من ضوابط هذا المبدأ فللقاضي الش��رعي أن يجتهد في العقوبة ض��من األحك��ام التعزيري��ة، ألن الش��ارع الحكيم جعله مميزا في أخذه بأي عقوبة شاء من غ��ير حي��ف،

وال جور تحقيقا لقواعد للعدالة والرحمة.

أهمية مبدأ الشرعية الجنائية: إن مبدأ الشرعية الجنائية مبدأ أصيل في الشريعة اإلس��المية، ب��ل يعت��بر من أهم مب��دأ مب��ادئ أحك��ام القض��اء في الش��ريعة

اإلسالمية، وتبدوا أهمية هذا المبدأ بما يلي: إن مبدأ الشرعية الجنائية يحقق توحيد األحك��ام بالنس��بة-1

لجميع المتقاضين فال ي��ترك للقض��اة أم��ر التج��ريم أو العق��اب لما ينتج عنه تضارب في األحكام نتيجة الختالفهم في نظرتهم إلى صور الس��لوك اإلج��رامي المتن��وع، وإلى العقوب��ات ال��تي

تلحق بالمجرمين. إن مب��دأ الش��رعية الجنائي��ة يفص��ل م��ا بين الس��لطات-2

التش��ريعية، وال��تي تس��تمد أحكامه��ا من النص��وص الش��رعية، والمبادئ اإلسالمية، وبين السلطة القضائية التي تطب��ق ه��ذه

النصوص على المتقاضين لتحقيق العدالة والمساواة. إن مبدأ الشرعية الجنائية توضح لجمي��ع أف��راد المجتم��ع-3

األفعال المشروعة وغير لمشروعة، مما ي��دفعهم إلى س��لوك س��بل الص��الح والرش��اد، وهم آمن��ون مطمئن��ون من العق��اب

والجزاء. إن مبدأ الشرعية الجنائية لها قيمتها الكب��يرة ل��دى كث��ير-4

من أفراد األمة حكاما ومحك��ومين، ألنه��ا تحف��ظ للعقوب��ة أهم

.36 - سورة األحزاب، اآلية 4.63 - سورة النور، اآلية 5

www.alukah.net

Page 7: cp.alukah.netcp.alukah.net/books/files/book_9131/bookfile/criminal.docx · Web viewشرح مختصر الروضة، نجم الدين أبي ربيع سليمان بن عبد القوي

3 2

خصائصها كونها مقدرة شرعا، وتطبق باسم الل��ه تع��الى مم��ايجعل العقوبة مقبولة من معظم الناس، ألنها عقوبة عادلة.

ي���ترتب على األخ���ذ بمب���دأ المش���روعية الجنائي���ة أن ال-5 جريمة، وال عقوبة إال بدليل شرعي يجرم هذا الفعل، ويعاقب

عليه وفق ضوابط شرعية محددة ومعينة.

www.alukah.net

Page 8: cp.alukah.netcp.alukah.net/books/files/book_9131/bookfile/criminal.docx · Web viewشرح مختصر الروضة، نجم الدين أبي ربيع سليمان بن عبد القوي

3 2

المبحث الثاني داللة الكتاب والسنة واألصول الشرعية على مبدأ

الشرعية الجنائية في الجرائم والعقوبات التعزيرية

وردت أدل��ة كث���يرة على مب���دأ الش��رعية الجنائي��ة في الج��رائم، والعقوب��ات التعزيري��ة في الق��رآن الك��ريم، والس��نة النبوية الشريفة، كما نجدها في األص��ول الش��رعية المعت��برة،لذلك سوف نفرع هذا المبحث إلى فرعين على النحو التالي:

داللة القرآن الكريم والسنة النبوي��ة الش��ريفةالفرع األول: على مب���دأ الش���رعية الجنائي���ة في الج���رائم، والعقوب���ات

التعزيرية. داللة األصول الش��رعية على مب��دأ الش��رعيةالفرع الثاني:

الجنائية في الجرائم، والعقوبات التعزيرية.

www.alukah.net

Page 9: cp.alukah.netcp.alukah.net/books/files/book_9131/bookfile/criminal.docx · Web viewشرح مختصر الروضة، نجم الدين أبي ربيع سليمان بن عبد القوي

3 2

الفرع األول داللة القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة

على مبدأ الشرعية الجنائية في الجرائم والعقوبات التعزيرية.

وردت نصوص كثيرة في كت��اب الل��ه تع��الى، وس��نة رس��وله - ص��لى الل��ه علي��ه وس��لم - ت��دل دالل��ة المفه��وم على مب��دأ الشرعية الجنائية، وعليه سوف نقسم هذا الفرع إلى مطلبين

على النحو التالي: داللة الق��رآن الك��ريم على مب��دأ الش��رعيةالمطلب األول:

الجنائية في الجرائم، والعقوبات التعزيرية. دالل��ة الس��نة النبوي��ة الش��ريفة على مب��دأالمطلب الثاني:

الشرعية الجنائية في الجرائم، والعقوبات التعزيرية.

المطلب األول داللة القرآن الكريم على مبدأ الشرعية الجنائية

في الجرائم، والعقوبات التعزيرية.

وردت آيات كثيرة في القرآن الكريم تتض��من دالل��ة المفه��ومعلى مبدأ الشرعية الجنائية، ولعل تلك اآليات ما يلي:

م��ا ل فإن ما يهتدي لنفسه ومن ض�� قال تعالى: } من اهتدى فإنى ا مع��ذبين حت ��زر وازرة وزر أخ��رى وم��ا كن ل عليه��ا وال ت يض��

6 ( {.15نبعث رسوال )ا الشاهد في هذا اآلية الكريمة هو قول الل��ه تع��الى: } وم��ا كن

ى نبعث رسوال {. معذبين حت لقد دلت هذه اآلية على أن الله تعالى ال يع��اقب على ذنب أو جريمة إال بعد البيان الكامل، فيرس��ل الرس��ل، ومعهم الحج��ة الواضحة على بيان األفعال المحظورة وعقوبتها، وعلي��ه ن��رى أن هذه اآلية الكريمة تدل داللة المفهوم على مب��دأ الش��رعية الجنائية، والذي ينص على أن ال جريم��ة، وال عقوب��ة إال ب��دليل

شرعي.

.15 - سورة اإلسراء، اآلية 6

www.alukah.net

Page 10: cp.alukah.netcp.alukah.net/books/files/book_9131/bookfile/criminal.docx · Web viewشرح مختصر الروضة، نجم الدين أبي ربيع سليمان بن عبد القوي

3 2

ك مهلك القرى بظلم وأهله��ا قال تعالى: } ذلك أن لم يكن رب 7({. 131غافلون )

من داللة مفهوم هذه اآلية الكريمة يمكننا أن نستنبط أن الل��ه سبحانه وتعالى ال يعاقب على أي ذنب أو جرم إال بع��د البي��ان

الكافي، والواضح لهذا الجرم. قال ابن كثير – عليه رحم��ة الل��ه تع��الى – في تفس��يره له��ذه اآلي��ة الكريم��ة: ) إنم��ا أع��ذرنا إلى الثقلين بإرس��ال الرس��ل،

.8وإنزال الكتب لئال يؤاخذ أحد إال بعد إرسال إليهم ( و قال اإلمام الطبري – عليه رحمة الله تع��الى – في تفس��يره لهذه اآلية: ) أي لم يعالجهم بالعقوب��ة ح��تى يبعث إليهم رس��ال تنبههم على حجج الله تعالى عليهم، وتنذرهم عذاب الل��ه ي��وم معادهم إليه، ولم يكن بالذي يأخذهم غفلة، فيقولوا: ما جاءن��ا

9من بشير، وال نذير (. و لعل هذه اآلية الكريمة تدل أيضا بداللة مفهومه��ا على مب��دأ الشرعية الجنائي��ة، ألن الل��ه تع��الى لم يكن ليع��اقب أي قري��ة

بظلم دون بيان الذنب والعقاب بدالالت واضحة.اس على ��ون للن ��ذرين لئال يك رين ومن قال تعالى: } رسال مبش

ه عزيزا حكيما ) سل وكان الل ه حجة بعد الر 10( {.165الل

البي��ان اإللهي ي��بين أن الل��ه تع��الى يرس��ل الرس��ل مبش��رين ب��الثواب للمؤم��نين المطيعين، ومن��ذرين بالعق��اب للعص��اة والطغاة، وهذا اإلنذار أو التبشير هو الدليل الواض��ح على ك��ل فعل من أفعال المكلفين، وعليه فإن هذه اآلية الكريم��ة ت��دل

داللة المفهوم على مبدأ الشرعية الجنائية. – علي�ه رحم�ة الل�ه -: ) أن ه�ذه11ق�ال الش�يخ محم�د األمين

الحجة التي قطعها الله على خلقه بإرسال الرس��ل مبش��رين،ومنذرين قد بينها عز وجل في آخر سورة طه بقوله:

.131 - سورة األنعام، اآلية 7 - تفسير القرآن العظيم البن كثير، دار المعرفة للطباعة والنشر، ب��يروت،8

.178-177 / 2ج - تفس��ير الط��بري، ج��امع البي��ان، ألبي جعف��ر محم��د بن جري��ر الط��بري،9

.8/37ه�، ج1388مصطفى البابي الحلبي، الطبعة الثالثة .165 - سورة النساء، اآلية 10 - محمد األمين: هو محمد األمين ببن محمد مختار الشنقيطي من علم��اء11

شنقيط بموريتاني��ا من مؤلفات��ه: أض��واء البي��ان في تفس��ير الق��رآن، ومنهج ودراسات آلي��ات األس��ماء والص��فات، وغيره��ا ت��وفي بمك��ة المكرم��ة س��نة

.6/45ه�. انظر األعالم للزركلي، ج1393

www.alukah.net

Page 11: cp.alukah.netcp.alukah.net/books/files/book_9131/bookfile/criminal.docx · Web viewشرح مختصر الروضة، نجم الدين أبي ربيع سليمان بن عبد القوي

3 2

لت ��ا ل��وال أرس�� ن ا أهلكناهم بعذاب من قبله لق��الوا رب } ولو أنبع آياتك من قبل أن نذل ونخزى ) 12( {. 134إلينا رسوال فنت

يبة بم��ا يبهم مص�� ��وال أن تص�� و في سورة القصص بقوله: } ولبع آياتك نا لوال أرسلت إلينا رسوال فنت قدمت أيديهم فيقولوا رب

13 ( {.47ونكون من المؤمنين ) و في سورة المائدة بقوله: } يا أهل الكتاب قد جاءكم

سل أن تقولوا ما جاءنا ن لكم على فترة من الر رسولنا يبيه على كل من بشير وال نذير فقد جاءكم بشير ونذير والل

15(.14( { 19شيء قدير )

و الحقيقة أن كل هذه اآليات التي أوردها الشيخ الشنقيطي – علي��ه رحم��ة الل��ه – ت��دل دالل��ة واض��حة على مب��دأ الش��رعية الجنائية، ألنها تصرح بأن ال عقوبة، وال جريمة إال بدليل واض��ح

من قبل الرسل صلوات الله عليهم أجمعين.ا أه��دى ��اب لكن ��ا الكت ��زل علين ا أن قال تعالى: } أو تقولوا ل��و أنكم وه��دى ورحم��ة فمن أظلم ��ة من رب ن منهم فق��د ج��اءكم بيدفون ذين يص�� نجزي ال دف عنه��ا س�� ه وص�� ممن كذب بآيات الل

16 ( {.157عن آياتنا سوء العذاب بما كانوا يصدفون ) البيان اإللهي في هذه اآلية، وغيره��ا من اآلي��ات ال��تي س��بقتها يدل على مبدأ الشرعية الجنائية ذلك أن الله س��بحانه وتع�الىقد أنزل البينات التي تهدي وترحم من يريد الهداية والرحمة.

أم��ا من ظلم واعت��دى، فل��ه الع��ذاب األليم الم��بين في كت��ابالله، وسنة رسول الله – صلى الله عليه وسلم.

.134 - سورة طه، اآلية 12.47 - سورة القصص، اآلية 13.19 - سورة المائدة، اآلية 14 - أضواء البيان في تفسير القرآن، محمد أمين الش��نقيطي، طب��ع وتوزي��ع15

ه���، ج1403الرئاس��ة العام��ة إلدارة البح��وث العلمي��ة واإلفت��اء، الري��اض 1/493.

.157 - سورة األنعام اآلية 16

www.alukah.net

Page 12: cp.alukah.netcp.alukah.net/books/files/book_9131/bookfile/criminal.docx · Web viewشرح مختصر الروضة، نجم الدين أبي ربيع سليمان بن عبد القوي

3 2

المطلب الثاني داللة السنة النبوية الشريفة على مبدأ الشرعية

الجنائية في الجرائم والعقوبات التعزيرية.

وردت أح��اديث كث��يرة ج��دا في الس��نة النبوي��ة الش��ريفة علىمبدأ الشرعية الجنائية، ولعل من أهم تلك األحاديث ما يلي:

عن سلمان الفارس��ي – رض��ي الل��ه عن��ه – ق��ال: س��ئل-1 رسول الل�ه – ص�لى الل��ه علي��ه وس��لم – عن الس��من والجبن والف��راء، فق��ال: الحالل م��ا أح��ل في كت��اب الل��ه في كتاب��ه، والحرام ما حرم الله في كتابه، وما سكت عنه، فهو مما عف��ا

. 17عنه ( والش��اهد في ه��ذا الح��ديث قول��ه ص��لى الل��ه علي��ه وس��لم: ) الحالل ما أحل الل��ه في كتاب��ه، والح��رام م��ا ح��رم الل��ه في كتابه، وما سكت عنه، فهو مما عف��ا عن��ه ( ف��أي دالل��ة أوض��ح

من هذه الداللة على مبدأ الشرعية الجنائية. قال شيخ اإلسالم ابن تيمية – عليه رحمة الله -: ) قوله ) وما سكت عنه فهو مما عفا عنه ( نص في أن ما س��كت عن��ه فال إثم فيه فكأنه – والل��ه اعلم – س��ماه عف��وا، ألن التحلي��ل ه��و األذن في التناول بخطاب خاص، والتح��ريم المن��ع في التن��اول بخط��اب خ�اص ك�ذلك، وأم��ا م�ا س��كت عن��ه، فلم ي��ؤذن في��ه بخط��اب خ��اص، ولم يمن��ع من��ه، ف��يرجع إلى األص��ل، وه��و أال عقاب إال بعد اإلرسال، وإذا لم يكن فيه عقاب لم يكن محرما

)18. عن أبي الدرداء – رضي الل��ه عن��ه – ق��ال: ق��ال رس��ول-2

الل��ه – ص��لى الل��ه علي��ه وس��لم -: ) إن الل��ه اف��ترض عليكم فرائض فال تضيعوها، حد لكم حدودا فال تعت��دوها، ونه��اكم عن أش��ياء فال تنتهكوه�ا، وس��كت عن أش�ياء من غ�ير نس�يان، فال

.19تكلفوها رحمة من ربكم فاقبلوها ( - رواه الترمذي في سننه، كتاب اللباس، باب ما جاء في لبس الف��راء، ج17

. المس��تدرك على الص��حيحين للح��اكم النيس��ابوري، رقم الح��ديث4/220 – س��نن ابن ماج��ه،9/320 – س��نن ال��بيهقي الك��برى، ج4/129، ج7115.1117 / 3367برقم

.21/538 - مجوع الفتاوى لشيخ اإلسالم ابن تيمية، ج18 - رواه الدار قط�ني في س�ننه، دار المحاس�ن للطباع�ة، الق�اهرة، مص�ر،19

. مجمع الزوائد، علي بن أبي بك��ر4/298باب الصيد والذبائح، واألطعمة، ج

www.alukah.net

Page 13: cp.alukah.netcp.alukah.net/books/files/book_9131/bookfile/criminal.docx · Web viewشرح مختصر الروضة، نجم الدين أبي ربيع سليمان بن عبد القوي

3 2

إن مفهوم هذا الحديث الشريف يدل داللة واض��حة على مب��دأ الش��رعية الجنائي��ة ذل��ك أن الل��ه تع��الى ق��د اف��ترض علين��ا الفروض، وأمرنا أن ال نضيعها، كما حد لنا الح��دود، وأمرن��ا أن ال نعت��دي عليه��ا، كم��ا نهان��ا عن أش��ياء، وأوجب علين��ا أن ال ننتهكها، وإال وقع عليه��ا التعزي��ر، وس��كت عن أش��ياء من غ��ير

نسيان، فهي أمور مباحة لنا. عن ابن عباس – رضي الله عنه – قال: ) ك��ان أه��ل الجاهلي��ة يأكلون أشياء، ويتركون أشياء تقذرا، فبعث الل��ه نبي��ه، وأن��زل كتابه، وأحل حالله، وحرم حرامه، فم��ا أح��ل، فه��و حالل، وم��ا

حرم، فهو حرام، وما سكت عنه فهو عفو، وتال:ما على ط��اعم يطعم��ه إال } قل ال أجد في ما أوحي إلي محره رجس أو فوحا أو لحم خنزي��ر فإن ��ة أو دم��ا مس�� أن يكون ميتك ه به فمن اضطر غير باغ وال ع�اد ف�إن رب فسقا أهل لغير الل

.21( 20( { 145غفور رحيم ) و هذا األثر المبارك عن ابن عباس – رض��ي الل��ه عن��ه – ي��بين داللة المفهوم على مبدأ الشرعية الجنائية، ف��إن الفع��ل ح��تى يكون حالال يجب أن يكون فيه نص، وأي فع��ل ح��رام يجب أن يك��ون في��ه نص أيض��ا، وعلي��ه فال عقوب��ة وجريم��ة إال ب��دليل

شرعي.

ه���، تحقي��ق محم��د ش��كور1407الهيثمي، دار الري��ان لل��تراث، الق��اهرة، . وفي رواي��ة عن أبي ثعلب��ة2/249، ج1111محم��ود الح��اج أمري��ر، ب��رقم

الخشني – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وس��لم -: إن الله حد حدودا فال تعتدوها، ف��رض لكم ف��رائض فال تض��يعوها، وح��رم أشياء فال تنتهكوها وت��رك أش��ياء ليس بنس��يان من ربكم ولكن رحم��ة من��ه فاقبلوه��ا وال تبحث��وا فيه��ا ( المس��تدرك على الص��حيحين للح��اكم، ب��رقم

. س��نن دار قط��ني، ج10/12، س��نن ال��بيهقي الك��برى، ج4/129، ج71144/184.

.145 - سورة األنعام من اآلية 20 - رواه أبو داود في سننه، كت�اب األطعم�ة، ب�اب م�ا لم ي�ذكر تحريم�ه، ج21

– معتصر المختصر، يوسف بن موسى الحنفي، دار الكتب ب��يروت،3/355.2/168ج

www.alukah.net

Page 14: cp.alukah.netcp.alukah.net/books/files/book_9131/bookfile/criminal.docx · Web viewشرح مختصر الروضة، نجم الدين أبي ربيع سليمان بن عبد القوي

3 2

www.alukah.net

Page 15: cp.alukah.netcp.alukah.net/books/files/book_9131/bookfile/criminal.docx · Web viewشرح مختصر الروضة، نجم الدين أبي ربيع سليمان بن عبد القوي

3 2

الفرع الثاني داللة األصول الشرعية على مبدأ الشرعية

الجنائية يمكن قراءة داللة األصول الشرعية على مبدأ الش��رعية الجنائية من خالل بحث علماء األصول في حكم األفع��ال قب��ل البعثة النبوية الشريفة، فيما لم يرد في��ه نص عن��د كالمهم عن

أصل األشياء الحل، أو الحرمة. و قد اختلفت من��اهج العلم��اء في بحثهم لقاع��دة األص��ل في األشياء، فمنهم من بحثها ضمن بحث��ه لحكم األفع��ال قب��ل ورود الشرع دون التفرقة، ومنهم من فرق بين األفع��ال قب��ل نزول الشرع وبعده، وهو مسلك اإلمامان فخر ال��دين ال��رازي

- عليهم��ا رحم��ة الل��ه تع��الى – وكث��ير من23 والبيض��اوي 22األصوليين - رحمهم الله تعالى -.

أوال – تعريف األصل لغة واصطالحا. يطلق علماء اللغ��ةتعريف األصل عند علماء اللغة:-1

هذه الكلمة على معان كثيرة، لعل أهمها: أساس الشيء وأسفله، وقد يع��بر به��ا عن مع��ان أخ��رى

.24منها: أسفل الشيء والتغير، والهالك، والشرف والحسب و لعل أشهر هذه المع��اني عن��د أه��ل اللغ��ة ه��و المع��نى

األول: أساس الشيء. - اإلمام الرازي: هو فخر ال��دين ال��رازي محم��د بن عم��ر بن الحس��ين بن22

544الحسن بن علي، ولد سنة ه�، نشأ في بيت علم، فكان أصوليا وفقيها ومفس��را، ولع��ل من أهم مؤلفات��ه: التفس��ير الكب��ير، والمحص��ول وعي��ون

ه�. انظر طبقات الشافعية الكبرى، لتاج606المسائل، وغيرها توفي سنة 2/47 – الفتح المبين في طبقات األص��وليين، ج93-8/81الدين السبكي، ج

–49. - البيضاوي: هو عبد الله بن عمر بن محمد بن علي البيضاوي الش��افعي،23

كان عالما بالفقه، واألصول والتفسير. من أهم مؤلفاته منهاج الوصول إلى ه���. انظ��ر685علم األصول، وتفسير البيضاوي وغيرهما كثير، توفي ع��ام

–�� 8/157طبقات الش��افعية الك��برى، لت��اج ال��دين الس��بكي ج . الفتح158 .2/88المبين في طبقات األصوليين، ج

، مق��اييس اللغ��ة ألبي1/68 - انظ��ر لس��ان الع��رب، البن منظ��ور، مج24 ،1الحسين أحمد بن فارس، تحقيق شهاب الدين أبي عم��ر، دار الفك��ر، ط

، الق��اموس المحي��ط للف��يروز آب��ادي، دار الجي��ل1/109 ه��� ، ج1415عام .3/338بيروت لبنان، ج

www.alukah.net

Page 16: cp.alukah.netcp.alukah.net/books/files/book_9131/bookfile/criminal.docx · Web viewشرح مختصر الروضة، نجم الدين أبي ربيع سليمان بن عبد القوي

3 2

أما علماء األص��ول، فيعرف��ون مص��طلح ) األص��ل ( بتعريف��ات أعم من هذه المعاني تدور جميعها حول كونه منش��أ الش��يء، وما يتف��رع عن��ه غ��يره، ويفتق��ر إلي��ه، ولع��ل ال��راجح في ه��ذه التعريفات هو: ) ما يبنى عليه غيره (. ألن هذا التعريف يجم��ع أغلب المعاني التي أوردها علماء اللغ�ة باإلض��افة إلى أن ه�ذا التعري��ف ل��ه عالق��ة واض��حة ب��التعريف المش��هور عن��د علم��اء اللغة، والقائل بأن معنى األصل هو: أساس الشيء، وأس��فله.

25

إن اص��طالح األص��لتعريف األصل في االصطالح:-2 له معان عدة عند أهل االصطالح، ولعل أش��هر تل��ك المع��اني: ال����دليل، والقاع����دة الكلي����ة، وال����راجح والمقيس علي����ه،

والمدقق له�ذه المع�اني يالح�ظ أنه�ا تتواف�ق26والمستصحب مع المعنى اللغوي الذي سبق أن رجحت��ه فيم��ا س��بق، وذل��ك، ألنها تشتمل في جملتها على معنى االبتناء، فالدليل يبنى على الحكم، والقاعدة تبنى عليها الف��روع الجزئي��ة، وال��راجح يب��نى علي��ه المرج��وح، والمستص��حب تب��نى علي��ه حال��ة الش��ك،

27والصورة المقيس عليها يبنى عليها حكم الفرع.

و بناء على هذا يمكننا القول ب��أن التعري��ف ال��ذي اخت��اره في تعريف األصل اصطالحا هو: ( أن ما يبنى عليه غ��يره ( وذل��ك، ألن االبتناء يش��مل االبتن��اء العقلي كابتن��اء الحكم على ال��دليل

28الشرعي، واالبتناء الحسي كابتناء الطابق الثاني على األول.

المراد باألصل في هذه القاعدة: لو أمعنا النظر في معاني " األصل " نجد أنها تخرج عما يلي:

- المحصول لمحمد بن عم�ر الحس�ين ال�رازي، تحقي�ق ط�ه ج�ابر في�اض25العلواني، منشورات، جامعة اإلمام محمد بن سعود اإلسالمية بالرياض ، ط

. اإلحكام في أصول األحك��ام لآلم��دي، علي بن محم��د،1/9ه�، ج1400،�� 1.1/23تحقيق د. سيد الجميلي، دار الكتاب العربي، ج

- انظر كش�اف اص�طالحات الفن�ون، محم�د بن علي الف�اروقي الته�انوي،26، ص1382تحقيق د. لطفي عبد البديع، المؤسسة المص��رية العام��ة، ع��ام

. اإلبهاج في ش��رح المن��اهج للس��بكي، علي بن عب��د الك��افي، تحقي��ق123.1/21ه�، ج1401شعبان محمد إسماعيل، مكتبة الكليات األزهرية،

- انظر أصول الفقه، والحد والموضوع والغاية، د. يعقوب بن عبد الوهاب27.39ه�، ص1408 سنة 1الباحسين، مكتبة الرشد، ط

وما بعدها.43 - انظر أصول الفقه، د. الباحسين، ص28

www.alukah.net

Page 17: cp.alukah.netcp.alukah.net/books/files/book_9131/bookfile/criminal.docx · Web viewشرح مختصر الروضة، نجم الدين أبي ربيع سليمان بن عبد القوي

3 2

القاعدة الكلية:-1 إن الحكم الكلي الذي يش��مل فروع��ا كثيرة من األبواب، ويمكن أن يط��رأ علي��ه االس��تثناء، كم��ا في

سائر القواعد. إن الحكم على األش��ياء ابت��داء باإلباح��ة، ه��وال33راجح:-2

الذي يترجح مع وجود احتمال المنع. الحكم ال����ذي يجب استص����حابه فيالمستص3333حب:-3

األشياء، هو اإلباحة حتى يرد المنع.

إن المتأمل في هذه المع��اني يج��د ص��عوبة كب��يرة في ت��رجيح أحدها، وذلك، ألن كل واحد منها يناسب كلمة األصل في هذه القاع���دة من وج���ه، ولكن لع���ل المع���نى األخ���ير، وه���و: المستصحب، وهو الراجح في نظري، باإلض��افة إلى أن كث��يرا من العلم���اء يع���برون عن ه���ذه القاع���دة بعب���ارات ت���وحي

باالستصحاب، من ذلك: قول ابن حجر العسقالني: ) األص��ل في األش��ياء اإلباح��ةأ-

.29حتى يرد الشرع بخالف ذلك ( قول ابن عبد البر – علي��ه رحم��ة الل��ه -: ) األش��ياء علىب-

30اإلباحة حتى يثبت الحظر والمنع (.

و قول اإلمام البهوتي - عليه رحمة الل��ه -: ) األص��ل فيت-.31األشياء اإلباحة إال بدليل (

ثانيا – تعريف األشياء لغة واصطالحا: تعريف األشياء في اللغة: األشياء جم��ع ش��يء، والش��يء-1

32ما يصح أن يعلم، ويخبر عنه.

- فتح الباري بشرح صحيح البخاري، أحمد بن علي بن حج��ر العس��قالني،29 تحقي��ق ف��ؤاد عب��د الب��اقي ، ومحب ال��دين الخطيب، دار المعرف��ة، ب��يروت

.13/269 ه�، ج1379لبنان - التمهيد، عبد الرحيم بن الحسن اإلسنوي، تحقيق د.محمد حس��ن هيت��و،30

.142 /4مؤسسة الرسالة بيروت لبنان، ج - كشاف القناع عن متن االقناع، منصور بن يونس البهوتي، عالم الكتب،31

.1/161بيروت لبنان، ج - التعريف���ات، علي بن محم���د الجرج���اني، دار الكت���اب المص���ري، ط32

.142ه�، ص21411

www.alukah.net

Page 18: cp.alukah.netcp.alukah.net/books/files/book_9131/bookfile/criminal.docx · Web viewشرح مختصر الروضة، نجم الدين أبي ربيع سليمان بن عبد القوي

3 2

تعري��ف األش��ياء في االص��طالح ه��و: الموج��ود الث��ابت-233التحقق في الخارج.

و كلمة األشياء في هذه القاعدة تشمل أمرين: األعيان،واألفعال.

حكم وصف األعيان بالحظر أو باإلباحة: اتفق أهل العلم على جواز وصف األعيان ب��الحظر أو اإلباح��ة، بيد أنهم اختلفوا هل ه��و على س��بيل الحقيق��ة، أو المج�از إلى

اجتهادين: أن األعيان واألجسام ال توصف بأنها مباح��ةاالجتهاد األول:

أو محظورة، وال تكون طاعة أو معصية على سبيل الحقيقة. وحجتهم في ذلك أن األعيان فع��ل الل��ه تع��الى وخل��ق ل��ه، فال يجوز أن ينصرف الوعيد إلى أمر أفعاله، وإنم��ا ينص��رف ذل��ك

34إلى أفعالنا. أن األعي��ان واألجس��ام توص��ف بالح��لاالجته33اد الث33اني:

والحظر على سبيل الحقيق��ة، وه��و اختي��ار ش��يخ اإلس��الم ابنتيمية - رحمه الله تعالى -.

وحجته في ذلك: قياس وصفها بالحل، والحرم��ة على وص��فها بالطهارة، والنجاسة، والطيب والخبث، فكما يجور أن توص��ف

35بهذه الصفات يجوز أن توصف بالحل، والحظر.

و لعل رأي شيخ اإلسالم ابن تيمية هو الراجح، لقوةحجته، وقوة منطقه، والله أعلم.

فقد أجمع العلم��اء على أن الش��رعية متوجه��ةأما األفعال: إلى أفع��ال الف��اعلين، وأنه��ا توص��ف بكونه��ا واجب��ة، مباح��ة،

.36حسنة.... إلخ على سبيل الحقيقة و األفع��ال الداخل��ة تحت حكم ه��ذه القاع��دة تش��مل كاف��ة

التصرفات التي يقوم المكلف قوال أو فعال.

.142 - التعريفات للجرجاني، ص 33 - انظر العدة في أصول الفقه، محمد بن الحسين الفراء الحنبلي، تحقيق34

. المس��ودة ألبي4/1261 ه���، ج1410،�� 2أحمد بن علي س��ير مب��ارتي، ط.481العباس الحنبلي، ص

.93 - انظر المسودة، ألبي العباس الحنبلي، ص 35 ، والمس��ودة، ألبي4/1260 - انظ��ر الع��دة في أص��ول الفق��ه للف��راء، ج36

.481العباس الحنبلي، ص

www.alukah.net

Page 19: cp.alukah.netcp.alukah.net/books/files/book_9131/bookfile/criminal.docx · Web viewشرح مختصر الروضة، نجم الدين أبي ربيع سليمان بن عبد القوي

3 2

ثالثا – تعريف اإلباحة لغة واصطالحا:اإلباحة في اللغة:

اإلظه��ار واإلعالن، يق��ال: ب��اح بس�ره، إذا أظه�ره، وت��رد أيض��ا بمع��نى اإلذن واإلطالق. يق��ال: إذا أبحت��ك الش��يء، أي أحللت��ه

37لك، وأباح الشيء، أي أطلقته.

: خلص بعض المحققين من األص��وليينأم33ا في االص33طالحإلى أن اإلباحة تطلق على أمرين:

38 نفي الحرج، وهو مذهب بعض المعتزلة.األول:

ما صرح فيه الش��ارع بالتس��وية بين الفع��ل وال��ترك،الثاني: وه��ذا المع��نى ه��و الغ��الب على ألس��نة األص��وليين والفقه��اء، ولعل من أحسن من عرف المباح بهذا المعنى اإلمام اآلم��دي - عليه رحمة الله - حيث قال: ) ه��و م��ا دل ال��دليل الس��معي على خطاب الشارع بالتخيير فيه بين الفعل، والترك من غير

.39بدل ( أن الحكم الذي يجبو المعنى اإلجمالي لهذه القاعدة:

في األعي�ان، واألفع�ال قب�ل وبع�د ورود الش�رع إذا40استصحابه ك��انت من قبي��ل المس��كوت عن��ه، أو ك��ان له��ا حكم يجهل��ه المكلف – وهو معذور بالجهل – هو اإلذن، ونفي الح��رج ح��تى

يثبت الحظر، أو المنع.حكم األشياء قبل، وبعد نزول الشرع الحنيف:

.1/224 - القاموس المحيط، للفيروس آبادي، ج37 - المستص��فى من علم األص��ول، محم��د بن محم��د الغ��زالي، دار الكتب38

. التحرير في أصول الفقه الج��امع75-1/74ه�، ج1322 سنة 1العلمية، ط بين اص��طالحي الحنفي��ة والش��افعية، ابن هم��ام ال��دين الحنفي، مص��طفى

. التق��ريب واإلرش��اد إلى142 ه��� ، ص 1351البابي الحلبي وأوالده، س��نة علم األصول، البن ج��زي الكل��بي، تحقي��ق محم��د المخت��ار الش��نقيطي، دار

وما بعدها. 1/288 ه�، ج1414، سنة 1العلم بجدة، ط - اإلحكام في أصول األحكام، علي بن محمد اآلمدي، تحقيق عبد ال��رزاق39

.1/123 ه�، ج1402 سنة 2عفيفي، المكتب اإلسالمي، بيروت، ط - وه�ذا الن�وع من االستص��حاب يس��مى: استص��حاب ال�دليل م�ع احتم��ال40

المعارض، وهو حجة باإلجماع، وإن اختلفوا في تس��ميته استص��حابا ) انظ��ر -4/330، البحر المحي��ط للزركش��ي، ج238إرشاد الفحول للشوكاني، ص

331.

www.alukah.net

Page 20: cp.alukah.netcp.alukah.net/books/files/book_9131/bookfile/criminal.docx · Web viewشرح مختصر الروضة، نجم الدين أبي ربيع سليمان بن عبد القوي

3 2

، ولع�ل أش�هر41ألهل العلم في هذه المسألة ع�دة اجته�ادات هذه االجتهادات ما يلي:

االجتهاد األول: أن األصل في األشياء اإلباحة.االجتهاد الثاني: أن األصل في األشياء الحظر .

- وق�د توق�ف طائف�ة من أه�ل العلم عن الحكم فيه�ا بحظ�ر أو باإلباح�ة.41 انظر الفقيه والمتفقه، ألحمد بن علي البغدادي تصحيح وتعلي��ق: إس��ماعيل

. إرش��اد1/217 ه���، ج1395األنصاري، دار إحي��اء الس��نة الني��ة طب��ع س��نة الفح��ول إلى تحقي��ق الح��ق من علم األص��ول لمحم��د بن علي الش��وكاني،

وما بعدها.284مطبعة مصطفى البابي الحلبي، الطبعة األولى،

www.alukah.net

Page 21: cp.alukah.netcp.alukah.net/books/files/book_9131/bookfile/criminal.docx · Web viewشرح مختصر الروضة، نجم الدين أبي ربيع سليمان بن عبد القوي

3 2

االجتهاد األولاألصل في األشياء اإلباحة

ذهب جماع���ة من أه���ل العلم إلى أن األص���ل في األش���ياء ، وبعض43، والحنفي��ة 42اإلباح��ة، وه��و م��ذهب أك��ثر الحنابل��ة

من المالكي��ة، وأه��ل45، وأب��و الف��رج الم��الكي44الش��افعية .47، والظاهرية 46الرأي

- انظر العدة في أصول الفقه، محمد بن الحسين الفراء الحنبلي، تحقيق42 . ش��رح مختص��ر4/1241 ه���، ج1410 2أحم��د بن علي س��يرمباركي، ط

الروض��ة، نجم ال�دين أبي ربي�ع س��ليمان بن عب��د الق�وي الط�وفي، تحقي��ق . شرح الكوكب المن��ير البن1/391د.عبد الله التركي، مؤسسة الرسالة، ج

النجار، تحقيق محمد ال�زحيلي، د. نزي��ه حم��اد، جامع�ة المل��ك عب��د العزي��ز.325/ 1ه�، ج1400

- انظر تيسير التحرير، محمد أمين المعروف بأمير بادش��اه، نش��ر محم��د43 . فواتح الرحم��وت ش��رح مس��لم الثب��وت، عب��د العلي1/172علي صبيح، ج

محمد بن نظام الدين األنصاري، طبع بهامش كتاب المستصفى، دار الكتب.1/49ه�، ج1322، سنة 1العلمية، بيروت، ط

- انظ��ر قواط��ع األدل��ة في األص��ول، منص��ور بن محم��د بن عب��د الجب��ار44 الس��معاني، تحقي��ق محم��د حس��ن محم��د الش��افعي، دار الكتب العلمي��ة

. البحر المحيط في أصول الفقه، بدر الدين محمد بن بهادر2/48بيروت، ج . نهاي��ة1/121ه���، 1426بن عبد الله الزركشي، دار الكتب العلمية بيروت

. التبص���رة، إب���راهيم بن علي بن يوس���ف1/154الس���ول، لإلس���نوي، ج ه���،1403، سنة 1الفيروزآبادي، تحقيق محمد حيتو، دار الفكر دمشق، ط

.1/532ج - إحك�ام الفص�ول في أحك�ام األص�ول، أبي الولي�د الب�اجي، تحقي�ق عب�د45

.681ه�، ص1407، عام 1المجيد التركي، دار الغرب اإلسالمي، ط - الواضح في أصول الفقه، البن عقيل البغدادي، تحقيق عبد الله التركي،46

.5/261مؤسسة الرسالة، ج ، ع��ام1 - اإلحك��ام البن ح��زم علي بن أحم��د، دار الح��ديث الق��اهرة، ط47

.1/52ه�، ج1404

www.alukah.net

Page 22: cp.alukah.netcp.alukah.net/books/files/book_9131/bookfile/criminal.docx · Web viewشرح مختصر الروضة، نجم الدين أبي ربيع سليمان بن عبد القوي

3 2

– عليه رحمة الله: ) األعيان المنتفع48قال ابن النجار الحنبلي به��ا، والعق��ود المنتف��ع به��ا قب��ل ورود الش��رع بحكمه��ا...... أو

.49بعده.... مباحة ( و قال القاض��ي أب�و يعلى – علي�ه رحم��ة الل�ه -: ) وأوم�أ إلي�ه أحمد، حيث سئل عن قطع النخ��ل؟ ق��ال: ال ب��أس، لم نس��مع

.50في قطعه شيئا (

و قد اثبت القائلون بأن أصل األشياء اإلباحة بأدلة معتبرة منالمنقول، والمعقول، ولعل أهمها:

القرآن الكريم:أ.ذي خل��ق لكم م��ا في األرض جميع��ا ثم ق��ال تع��الى: }ه��و اليء ��ل ش�� ماء فسواهن سبع سماوات وه��و بك استوى إلى الس

51 ( {.29عليم )

ة – رحم��ه الل��ه – في بي��ان وج��ه قال شيخ اإلسالم ابن تيمي الخط��اب لجمي��ع الن��اس الفتت��اح الكالم داللة في هذه اآلية: )

بقوله: ��ة فق��ال هم على المالئك ه��ا ثم عرض�� ماء كل م آدم األس�� } وعل

52( {.31أنبئوني بأسماء هؤالء إن كنتم صادقين ) وجه الداللة أن��ه أخ��بر أن��ه خل��ق جمي��ع م��ا في األرض للن��اس مض���افا إليهم ب���الالم، والالم ح���رف اإلض���افة، وهي ت���وجب اختصاص بالمض��اف إلي��ه، واس��تحقاقه إي��اه من الوج��ه ال��ذي يصلح له، وهذا المعنى يعم موارد اس��تعمالها كق��ولهم: الم��ال لزيد والسرج للدابة وما أشبه ذلك، فيجب إذا أن يكون الناس مملكين ممكنين لجميع ما في األرض فض��ال من الل��ه ونعم��ة،

- ابن رجب الحنبلي: هو محمد بن شهاب الدين أحمد بن عب��د العزي��ز بن48 هج��ري، ثم طلب العلم،898علي الفت��وحي المص��ري الحنبلي، ول��د ع��ام

فتبح��ر وب��رع في علمي الفق��ه واألص��ول، وانتهت إلي��ه رئاس��ة الم��ذهب الحنبلي في مصر، من أهم مصنفات منتهى اإلرادات في الفق��ه، والك��وكب

ه���. انظ��ر مقدم��ة ش��رح الك��وكب972المنير، توفي عليه رحمة الله عام المنير للدكتور محمد مصطفى الزحيلي، والدكتور نزيه حماد، توزي��ع مرك��ز

.7-1/5البحث العلمي بجامعة أم القرى، ج.7-1/5 - شرح الكوكب المنير البن النجار محمد بن أحمد، ج49.4/1241 - العدة في أصول الفقه للفراء الحنبلي، ج50.29 - سورة البقرة، اآلية 51.21 - سورة البقرة، اآلية 52

www.alukah.net

Page 23: cp.alukah.netcp.alukah.net/books/files/book_9131/bookfile/criminal.docx · Web viewشرح مختصر الروضة، نجم الدين أبي ربيع سليمان بن عبد القوي

3 2

وخص من ذل���ك بعض األش���ياء، وهي الخب���ائث لم���ا في من اإلفس��اد لهم في معاش��هم أو مع��ادهم، فيبقى الب��اقي مباح��ا

53بموجب هذه اآلية(.

و قد اعترض على االستدالل بهذه اآلية باعتراضين: – ال نس��لم أن الالم في اللغ��ة لالختص��اص الن��افع، فق��دأوال

تجيء لغير النفع كقوله تعالى:أتم فله��ا ف��إذا ج��اء } إ ن أحسنتم أحسنتم ألنفسكم وإن أس��جد كم��ا دخل��وه وعد اآلخرة ليسوءوا وجوهكم وليدخلوا المس��

روا ما علوا تتبيرا ) ة وليتب 54 ( {.7أول مر

وقوله تعالى: } إن أحسنتم أحسنتم ألنفسكم وإن أسأتم فلها فإذا جاء وعد اآلخرة ليسوءوا وجوهكم وليدخلوا المسجد كم��ا

روا ما علوا تتبيرا ) ة وليتب 55( {. 7دخلوه أول مر

فالالم في اآلية األولى الختصاص الض��رر ال الختص��اص النف��ع،وفي الثانية لتنزيهه تعالى عن االنتفاع به.

و أجاب القائلون بأصالة اإلباح��ة ب��أن اس��تعمال الالم في غ��ير النفع مجاز التفاق أئمة اللغة على أن الالم موض��وعة للمل��ك،

ومعنى الملك هو االختصاص النافع ال حقيقة المعروف. – إذا س���لمنا أن الالم لالختص���اص الن���افع، بي���د أنثاني333ا

االختصاص الذي إفادته ليس بعام ب��ل ه��و مطل��ق، والمطل��ق يصدق بصورة، وتلك الصورة حاص��لة في ه��ذه اآلي��ة حيث إن

االستدالل بالمخلوقات على وجود الصانع العظيم. بأن االستدالل على الص��انع حاص��لو دفع هذا االعتراض:

بك��ل عاق��ل من نفس��ه، فإن��ه يمكن��ه االس��تدالل بنفس��ه على خالق��ه، فينبغي حم��ل االنتف��اع ال��وارد في اآلي��ة على غ��ير

.56االستدالل تكثيرا للفائدة، وفرارا من تحصيل الحاصل .21/535 - مجموع الفتاوى لشيخ اإلسالم ابن تيمية، ج53.7 - سورة اإلسراء، اآلية 54.284 - سورة البقرة اآلية 55 - انظر: نهاي�ة الس�ول ش�رح منه�اج األص�ول، جم�ال ال�دين عب�د ال�رحيم56

وما بعدها.4/757اإلسنوي الشافعي، مطبعة محمد علي صبيح القاهرة، ج اإلبهاج في شرح المنهاج، علي عبد الكافي السبكي وعبد الوه��اب بن علي السبكي، تحقيق شعبان محمد إس��ماعيل، مكتب��ة الكلي��ات األزهري��ة، طب��ع

وما بعدها.3/178ه�، ج1401عام

www.alukah.net

Page 24: cp.alukah.netcp.alukah.net/books/files/book_9131/bookfile/criminal.docx · Web viewشرح مختصر الروضة، نجم الدين أبي ربيع سليمان بن عبد القوي

3 2

��ه وق��د ه علي قال تعالى: } وما لكم أال تأكلوا مما ذكر اسم الل��يرا ��ه وإن كث طررتم إلي م عليكم إال م��ا اض�� ل لكم م��ا ح��ر فص����دين ) ك ه��و أعلم بالمعت ��ر علم إن رب ��أهوائهم بغي ون ب ل ليض��

119 .} )57

وقد بين شيخ اإلسالم ابن تيمية – علي33ه رحم الل33ه –وجهين من الداللة لهذه اآلية الكريمة:

– أنه تع�الى وبخهم، وعنفهم على ت��رك األك�ل مم��ا ذك��رأوال اس��م الل��ه علي��ه قب��ل أن يحل��ه باس��مه الخ��اص، فل��و لم تكن األش��ياء مطلق��ه مباح��ة لم يلحقهم ذم، وال ت��وبيخ، إذ ل��و ك��ان

حكمها مجهوال، أو كانت محظورة لم يكن ذلك.هثانيا- م الل أنه تعالى قال: } وما لكم أال تأكلوا مما ذكر اس��

��ه وإن م عليكم إال ما اضطررتم إلي عليه وقد فصل لكم ما حرك هو أعلم بالمعتدين ) ون بأهوائهم بغير علم إن رب كثيرا ليضل

119 .} )58 و التفص��يل التب��يين، ف��بين أن��ه بين المحرم��ات، فم��ا لم ي��بين تحريمه ليس بمحرم، وما ليس بمح��رم فه��و حالل إذ ليس إال

.59حالل أو حرام ( كما استدل ابن حزم - عليه رحمة الله – بهذه اآلي��ة الكريم��ة، وبغيره���ا من اآلي���ات على أن األص���ل في األش���ياء اإلباح���ة،ه ��وا أطيع��وا الل ذين آمن ه��ا ال ��ا أي فق��ال:... وق��ال تع��الى: } ييء ��ازعتم في ش�� سول وأولي األم��ر منكم ف��إن تن وأطيعوا الر��وم اآلخ��ر ه والي سول إن كنتم تؤمنون بالل ه والر فردوه إلى الل

60( {.59ذلك خير وأحسن تأويال ) 61و قال - صلى الله عليه وسلم -: ) ذروني ما ت��ركتكم.... (.

فيصبح بهذا وباآليتين أن كل ما حرمه الله، فقد فص��له، وبين��ه باسمه وأن كل ما نهانا عنه رسوله - صلى الله عليه وس��لم -

.119 - سورة األنعام، اآلية 5758

.21/536 - مجموع الفتاوى البن تيمية، ج59 .59 - سورة النساء من اآلية 60 رواه الشيخان، صحيح البخ�اري، كت�اب االعتص�ام بالكت�اب والس�نة، ب�اب61

. ص��حيح13/251االقت��داء بس��نن رس��ول الل��ه ص��لى الل��ه علي��ه وس��لم، جمس��لم، كت��اب الفص��ائل، ب��اب وج��وب إتباع��ه ص��لى الل��ه علي��ه وس��لم، ج

15/109.

www.alukah.net

Page 25: cp.alukah.netcp.alukah.net/books/files/book_9131/bookfile/criminal.docx · Web viewشرح مختصر الروضة، نجم الدين أبي ربيع سليمان بن عبد القوي

3 2

فواجب تركه وكل ما أمرنا الل��ه، ورس��وله ب��ه، ف��واجب علين��ا بحسب االستطاعة، وما لم يأت نص بتحريه، وال بإيجاب��ه فه��و معفو عنه، فاجتمع به��ذا جمي��ع أحك��ام ال��دين، فمن ادعى في شيء أنه حرام سألناه أن يوجدنا تفصيله في النص واإلجماع، فإن أوجدنا، وإال فهو مب��اح بنص م��ا تلون��ا، ومن ادعى إيج��اب شيء سألناه أن يوجدنا األمر به، فإن أوجدنا لزمن��ا، وإال فه��و مباح ساقط عنا، وتبين أن كل حكم في الدين فه��و منص��وص

.62عليه ( ما على طاعم قال تعالى: } قل ال أجد في ما أوحي إلي محره فوحا أو لحم خنزي��ر فإن يطعمه إال أن يكون ميتة أو دم��ا مس��ه به فمن اضطر غير باغ وال ع��اد رجس أو فسقا أهل لغير الل

ك غفور رحيم ) 63( {.145فإن رب أم�انالحظ أن داللة منط�وق ه�ذه اآلي��ة الكريم�ة هي األص�ل.

المحرم فهو المستثنى، لذلك جاء معدودا، فدل ذل��ك على أن األصل إباحتها بدليل العقل الظاهر ال قطع��ا، وأن��ه حج��ة يجب

العمل به حتى يتبين بالدليل الشرعي خالف ذلك.��اده تي أخ��رج لعب ه ال ��ة الل م زين ق��ال تع��الى: } ق��ل من ح��ر��اة ال��دنيا ��وا في الحي ذين آمن زق ق��ل هي لل ��ات من ال�ر ب والطي��ات لق��وم يعلم��ون ) ل اآلي ��ذلك نفص�� ��وم القيام��ة ك ة ي خالص��

32.} ) 64

لقد أنكر سبحانه وتعالى تحريم الزينة، والطيبات المنتفع به��ا، وإنكار التحريم يقتض��ي انتف��اء التح��ريم، وإال لم يج��ز اإلنك��ار،

65وإذا انتفت الحرمة تعينت اإلباحة.

ق��ال اإلم��ام فخ��ر ال��دين ال��رازي في تفس��يره له��ذه اآلي��ة الكريمة: ).... هذه اآلي��ة تقتض��ي ح��ل ك��ل المن��افع إذ أن ك��ل واقعة تقع ال تخلو من أن يكون النفع فيها خالصا أو راجحا، أو الضرر يك�ون خالص�ا أو راجح�ا، أو يتس�اوى الض�رر والنف�ع أو يرتفعا. أما القسمان األخيران، وهو أن يتعادل الض��رر والنف��ع

- ملخص إبط��ال القي��اس وال��رأي واالستحس��ان والتقلي��د، البن ح��زم62، وما بعدها.45الظاهري تلخيص اإلمام الذهبي، ص

.145 - سورة األنعام، اآلية 63.32 - سورة األعراف، اآلية 64 .إرشاد الفحول إلى تحقيق الح�ق4/454 - انظر نهاية السول لإلسنوي، ج65

من علم الصول، محمد بن علي الشوكاني، مطبعة مصطفى البابي الحلبي.285ه�، ص1356، 1وأوالده بمصر، ط

www.alukah.net

Page 26: cp.alukah.netcp.alukah.net/books/files/book_9131/bookfile/criminal.docx · Web viewشرح مختصر الروضة، نجم الدين أبي ربيع سليمان بن عبد القوي

3 2

أو لم يوجدا قط، ففي هاتين الصورتين يجب الحكم ببق��اء م��ا ك��ان على م��ا ك��ان، وإن ك��ان النف��ع خالص��ا وجب اإلطالق بمقتضى هذه اآلية. وإن كان النف��ع راجح��ا، والض��رر مرجوح��ا يقابل المثل بالمثل، ويبقى القدر الزائد نفعا خالص��ا. فيلتح��ق بالقسم الذي يكون النفع فيه خالصا، وإن كان الض��رر خالص��ا كان تركه خالص النف��ع، فيلتح��ق بالقس��م المتق��دم، وإن ك��ان الضرر راجحا بقي القدر الزائد ضررا خالصا، فكان تركه نفع��ا خالصا، فبهذا الطري��ق ص��ارت ه��ذه اآلي��ة دال��ة على األحك��ام التي ال نهاية لها في الحل والحرمة، ثم إن وجدنا نص��ا خالص��ا في الواقع��ة قض��ينا في النف��ع بالح��ل، وفي الض��رر بالحرم��ة، وبهذا الطريق صار جميع األحكام الني ال نهاية له��ا داخال تحت

66النص.

ب – السنة النبوية الشريفة: استدل أصحاب هذا االجتهاد باإلضافة إلى القرآن الكريم بثل��ة

من األحاديث النبوية الشريفة، لعل أهمها: عن سعد بن أبي وقاص – رضي الله عنه -، ق��ال: ق��ال-1

رسول الله – صلى الله علي��ه وس��لم -: أن أعظم المس��لمين جرما من سأل عن ش��يء لم يح��رم على المس��لمين، فح��رم

. 67عليهم من أجل مسألته ( قال اإلمام ابن حجر العس��قالني – رحم��ه الل��ه – في مع��رض بيان األحك��ام الم��أخوذة عن ه��ذا الح��ديث: ) في الح��ديث أن

.68األصل في األشياء اإلباحة حتى يرد الشرع بخالف ذلك ( عن أبي هريرة – رضي الله عنه عن النبي – ص��لى الل��ه-2

عليه وسلم، قال: ) دعوني ما ت��ركتكم، فإنم��ا أهل��ك من ك��ان قبلكم سؤالهم واختالفهم على أنبيائهم، فإذا نهيتكم عن شيء

.69فاجتنبوه، وإذا أمرتكم بشيء، فأتوا من ما استطعتم (

.64 – 4/63 - التفسير الكبير للرازي، ج66 - صحيح وضعيف الج�امع الص�غير وزيادت�ه، محم�د ناص�ر ال�دين األلب�اني،67

المكتب اإلسالمي، وقال عنه الش��يح ناص��ر ال��دين األلب��اني: ح��ديث ص��حيح.1568برقم

- فتح الباري بشرح صحيح البخاري، أحمد بن علي بن حج��ر العس��قالني،68 تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي ومحب الدين الخطيب، دار المعرفة، بيروت

.13/268 ه� ج1379سنة

www.alukah.net

Page 27: cp.alukah.netcp.alukah.net/books/files/book_9131/bookfile/criminal.docx · Web viewشرح مختصر الروضة، نجم الدين أبي ربيع سليمان بن عبد القوي

3 2

قال ابن حجر العسقالني - عليه رحمة الل��ه -: ) اس��تدل ب��ه – أي به��ذا الح��ديث – على أن ال حكم قب��ل ورود الش��رع، وأن

.70األصل في األشياء عدم الوجوب (

ج – الدليل العقلي: كما استدل القائلون بهذا االجتهاد بعدة أدلة عقلية لعل أهمه��ا

ما يلي: إن المخلوق��ات ق��د خلقه��ا الل��ه تع��الى لحكم��ة، وه��ذه-1

الحكمة تكون لعود النفع إلينا نحن عباد الل��ه، ألن الل��ه تع��الى غني عن جميع مخلوقات، وإذا كان ك��ذلك ك��ان نف��ع المحت��اج مطلوب الحصول أينما ك��ان، ف��إن من��ع من��ه م��انع، فإنم��ا ه��و لرجوع ضرره إلى المحت��اج إلي��ه، وذل��ك ب��أن ينهى الل��ه عن��ه،

71فثبت أن األصل في المنافع اإلباحة.

من المعقول أن كل ما ينفع هو طيب، وهو م��ا ه��و ض��ار-2 هو خبيث، وعليه فإن النفع يناس��به التحلي��ل، والض��رر يوافق��ه التحريم. والتحريم يدور مع المضار وجودا وعدما. والحل يدور

مع الطيبات وجودا وعدما.ذي يجدونه بي األمي ال سول الن بعون الر ذين يت قال تعالى: } ال���المعروف ���أمرهم ب وراة واإلنجي���ل ي ���دهم في الت ���ا عن مكتوبم عليهم الخبائث بات ويحر وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطي��وا ذين آمن ��انت عليهم فال تي ك رهم واألغالل ال ويضع عنهم إص����زل مع��ه أولئك هم ذي أن ور ال بع��وا الن روه وات روه ونص�� به وعز

72 ( {.157المفلحون ) إن الله تعالى غني جودا على اإلطالق، والغني الج��واد ال-3

يمنع خيره عن عباده إال ما كان فيه ضرر، فيكون اإلباح��ة هي - رواه الشيخان، صحيح البخاري، محم��د بن إس��ماعيل البخ��اري، تحقي��ق69

ال��دكتور مص��طفى ديب البغ��ا، دار ابن كث��ير، دار اليمام��ة، ب��يروت الطبع��ة . ص��حيح مس��لم،6/2658، ج6858 ه���، رقم الح��ديث 1407الثالث��ة س��نة

مسلم بن الحجاج القشيري النيسابوري،، تحقيق محمد ف��ؤاد عب��د الب��اقي، دار إحياء التراث الع��ربي، ب��يروت ب��اب ف��رض الحج م��رة في العم��ر، رقم

. 2/975، ج1337الحديث .261 – 13/260 - فتح الباري، البن حجر العسقالني، ج70 - انظر المحصول، محمد بن مر الحسين الرازي، تحقيق طه جابر في��اض71

وما بعدها. إرشاد الفح��ول2/141 ه�، ج1400العلوي، جامعة سعود، عام .285إلى تحقيق الحق من علم األصول، للشوكاني، ص

.157 - سورة األعراف، اآلية 72

www.alukah.net

Page 28: cp.alukah.netcp.alukah.net/books/files/book_9131/bookfile/criminal.docx · Web viewشرح مختصر الروضة، نجم الدين أبي ربيع سليمان بن عبد القوي

3 2

األصل باعتبار غناه وجوده، والحرم��ة لع��وارض، ولم يثبت من73تلك العوارض، فيبقى على اإلباحة.

أن الله تعالى خلق الطعوم في المأكوالت، وخلق الذوق-4 فينا، وأقدرنا عليها، وعرفنا باألدلة العقلية أنها نافعة لن��ا، غ��ير مضرة، وال ضرر عليه في االنتفاع به��ا ، وه��و دلي��ل اإلذن من��ه لنا في ذلك، فكانت مباحة كما لو قدم إنسان طعاما بين يدي إنسان على هذه الصفات، فإن العقالء يقضون بكونه ق��د أذن

74له فيه.

أنه البد لإلنسان تجاه هذه األشياء من فع��ل، أو ت��رك، أو-5 حركة أو سكون، فإن منعتم الكل أو جبتم المحال، وهذا األمر

75محل.

الحظر االجتهاد الثاني - األشياء في :األصل ،77، أب��و بك��ر األبه��ري من المالكي��ة 76و اجتهاد بعض الحنفي��ة

.79، وبعض الحنابلة 78وبعض الشافعية

- انظر كشف األسرار عن أصول فخر اإلسالم البروزي، عالء ال��دين عب73 العزيز أحمد البخاري، ض��بط محم��د المعتص��م بالل��ه البغ��دادي، الناش��ر دار

.3/95ه�، ج1414 عام 2الكتب العربي، ط.4/1253، والعدة للفراء، ج1/94 - انظر اإلحكام لآلمدي، ج74.1/53 - انظر اإلحكام، البن حزم، ج75 - انظر البحر المحيط في أصول الفقه، بدر الدين محمد بن بهار بن عب��د76

الله الزركشي، ضبط د. محمد عمر تامر، مكتبة الكتب العلمية، بيروت، ط.1/121 ه�، ج1421، عام 1 - انظر إحكام الفصول إلى تحقيق الحق من علم األصول للشوكاني، ص77

681. - منهم أو علي بن أبي هري��رة، وأب��و عب��د الل��ه الزبي��دي، وعلي بن أب��ان78

الطبري، وأبو حسن بن القطان، والدقاق ) انظر البحر المحيط في أص��ول (.1/121الفقه للزركشي، ج

، إرش�اد الفح�ول1/121 البح�ر المحي�ط في أص�ول الفق�ه للزركش�ي، ج79.285للشوكاني، ص

www.alukah.net

Page 29: cp.alukah.netcp.alukah.net/books/files/book_9131/bookfile/criminal.docx · Web viewشرح مختصر الروضة، نجم الدين أبي ربيع سليمان بن عبد القوي

3 2

أدلة القائلين بأن األصل في األشياء الحظر: اس��تدل الق��ائلون ب��أن األص��ل في األش��ياء الحظ��ر بأدل��ة من القرآن الكريم، والسنة النبوي��ة الش��ريفة، والعق��ل أيض��ا على

النحو التالي:أ – القرآن الكريم:

بون ذين يكس�� ��ه إن ال قوله تع��الى: } وذروا ظ��اهر اإلثم وباطن80.( { 120اإلثم سيجزون بما كانوا يقترفون )

يستدل بهذه اآلية الكريم، وأمثاله��ا على أن األرض والس��ماء، وما فيهن هو ملك لله سبحانه وتعالى، فال يجوز التص��رف في

أي شيء منهما بالحل، أو بالحرمة إال بأذنه سبحانه وتعالى.��ذب قوله سبحانه وتعالى: } وال تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذين ��ذب إن ال ه الك ��روا على الل ه��ذا حالل وه��ذا ح��رام لتفت

ه الكذب ال يفلحون ) 81( {.116يفترون على الل و قد فسر أصحاب هذا الرأي قوله تعالى في ه��ذه اآلي��ة على أن التحليل، والتحريم ليس إلينا، وإنما هو إليه وحده ال شريك له، وعليه، فال نعلم الحرام، والحالل إال إذا بين��ه الل��ه س��بحانه

82وتعالى.

و قد أجاب أصحاب االجتهاد المخالف على ه��ذا التفس��ير ب��أن القائلين بأصالة اإلباحة في األش��ياء لم يقول��وا ذل��ك من جه��ة أنفسهم، بل قالوه بمقتض��ى األدل��ة ال��تي أورده��ا من الق��رآن الك��ريم، والس��نة النبوي��ة الص��حيحة، فال يع��ترض عليهم به��ذه

83اآلية، وال تعلق لها بمحل النزاع.

ب – السنة النبوية الشريفة: عن سليمان بن عم��رو بن األح��وص عن أبي��ه، ق��ال: س��معت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول في حجة الوداع: يا أيه��ا الناس أال أي يوم أحرم ثالث مرات، ق��الوا: ي��وم الحج األك��بر، قال: فإن دماءكم وأم��والكم وأعراض��كم بينكم ح�رام كحرم��ة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا أال ال يجني جان إال

.120 - سورة األنعام، اآلية 80.116 - سورة النحل، اآلية 81.285 - إرشاد الفحول للشوكاني، ص 82.285 - إرشاد الفحول للشوكاني، ص 83

www.alukah.net

Page 30: cp.alukah.netcp.alukah.net/books/files/book_9131/bookfile/criminal.docx · Web viewشرح مختصر الروضة، نجم الدين أبي ربيع سليمان بن عبد القوي

3 2

على نفسه، وال يجني والد على ول��ده، وال مول��ود على وال��ده أال إن الشيطان قد أيس أن يعب��د في بل��دكم ه��ذا أب��دا، ولكن س��يكون ل��ه طاع��ة في بعض م��ا تحتق��رون من أعم��الكم، فيرضى بها أال، وكل دم من دماء الجاهلية موض��وع، وأول م��ا أضع منها دم الحارث بن عبد المطلب كان مسترضعا في بني ليث، فقتلته هذيل، أال وإن كل رب��ا من رب��ا الجاهلي��ة موض��وع لكم رؤوس أموالكم ال تظلمون، وال تظلمون أال يا أمت��اه ه��ل بلغت ثالث م����رات، ق����الوا: نعم. ق����ال: اللهم اش����هد ثالث

.84مرات ( و قد فسر أصحاب هذا الرأي قوله – صلى الله عليه وسلم – بأن األصل في الدماء واألموال واألعراض الحرم��ة مم��ا يؤك��د أن اإلباحة ليست أصال في األشياء، وإال كانت هذه األشياء من

جملتها. و قد أجاب عليهم أصحاب الرأي المخ��الف، لق��ولهم ب��أن ه��ذا االستدالل خارج عن محل ال��نزاع، ألن��ه خ��اص ب��األموال ال��تي أصبحت مملوكة لمالكيه��ا، وال خالف في حريمه��ا على الغ��ير، وأيضا ال خالف في حرمة الدماء، واألعراض للنصوص الواردة في ذلك، والنزاع إنما هو في األعيان التي خلقها الل�ه لعب�اده، وليس���ت مملوك���ة كالحيوان���ات، والنبات���ات ال���تي ي���رد نص

85بتحريمها، وليست مملوكة ألحد، وال ضرر يلحق مستعملها.

االجتهاد الراجح: لعل االجتهاد الراجح في هذه المسألة هو اجتهاد القائلين ب��أن األصل في األشياء اإلباحة، وذلك لقوة أدلتها الشرعية النقلية،

والعقلية وسالمتها من كل طعن قاتل.

و لعل أهم ما جعلني أرجح هذا االجتهاد ما يلي:ن-1 ى يتبي ��ك لم أذنت لهم حت ه عن قول��ه تع��الى: } عف��ا الل

ذين صدقوا وتعلم الكاذبين ) 86.( { 43لك ال - رواه ابن ماج��ه في س��ننه، محم��د بن يزي��د، تحقي��ق محم��د ف��ؤاد عب��د84

وقال عنه الشيخ ناص��ر3055 برقم 2/1015الباقي، دار الفكر، دمشق، ج األلباني حديث صحيح، ورواه الترمذي في سننه، محمد بن عيسى، تحقي��ق

.5/275أحمد محمد شاكر وآخرون، دار إحي��اء ال��تراث الع��ربي، ب��يروت، ج وقال عنه الشيخ ناصر الدين األلباني حديث حسن.3087رقم الحديث

.286 - انظر إرشاد الفحول للشوكاني، ص 85.43 - سورة التوبة، اآلية 86

www.alukah.net

Page 31: cp.alukah.netcp.alukah.net/books/files/book_9131/bookfile/criminal.docx · Web viewشرح مختصر الروضة، نجم الدين أبي ربيع سليمان بن عبد القوي

3 2

87فإنه موضع اجتهاد في اإلذن عند عدم النص.

لقول رسول الله – صلى الله عليه وسلم – إن الل��ه ح��د-2 حدودا، فال تعتدوها، وفرض لكم الفرائض فال تضيعوها، وح��رم أشياء فال تنتهكوها، وترك أشياء ال عن نس��يان من بكم، ولكن

.88رحمة منه لكم فاقبلوها، وال تبحثوا فيها ( لقول شيخ اإلسالم ابن تيمية – رحمه الل��ه تع��الى – إني-3

لس��ت أعلم خالف أح��د من العلم��اء الس��الفين في أن م��ا لم يجيء دليل بتحريمه، فهو مطلق غير محج��ور، وق��د نص على ذل��ك كث��ير ممن تكلم في أص��ول الفق��ه وفروع��ه، وأحس��ب

.89بعضهم ذكر في ذلك اإلجماع يقينا أو ظنا كاليقين.... (

و يترتب على ترجيحنا بأن أص��ل األش��ياء اإلباح��ة، فيم��ا يخص الجرائم، والعقوبات أن م��ا لم ي��رد في��ه دلي��ل بتحريم��ه، فه��و مباح، وال مسؤولية على فاعله أو تاركه، إال بدليل شرعي، فال يمكن وصف الفعل بأنه جريمة، وال يمكن المعاقبة عليه ح��تى

يقوم الدليل الشرعي على التجريم، والعقاب.

و إن وصف المحظور بالحظر ال يتحق33ق إال إذا وج33دحكمان:

وال��ذي يقض��ي من المكل��فأولهم33ا - الحكم التكليفي:طلب فعل، أو الكف عن الفعل.

: والذي ي��بين العقوب��ة المق��ررة فيثانيهما – حكم وضعي90حالة مخالفة المكلف للحكم التكليفي.

- انظر الموافق��ات في أص��ول الش��ريعة للش��اطبي، إب��راهيم بن موس��ى87 وما بعدها.1/161اللخمي، المكتبة التجارية الكبرى، مصر، ج

، رقم129/�� 4 - المس��تدرك على الص���حيحين للح���اكم النيس���ابوري، ج88 . مجم��ع الزوائ��د، لعلي بن أبي بك��ر الهيثمي، دار الري��ان7114الح��ديث

. وق��د ق��ال عن��ه الش��يخ ناص��ر ال��دين1/171ه���، ج1407للتراث، القاهرة األلباني في تخريجه ألحاديث العقيدة الطحاوي��ة: ح�ديث حس��ن لغ�يره، ص

338..21/538 - مجموع الفتوى البن تيمية، ج89 - يع��رف الحكم التكليفي في الفق��ه اإلس��المي بأن��ه: الخط��اب المتعل��ق90

بأفعال المكلفين باالقتضاء أو التخيير، وكم��ا يع��رف الحكم الش��رعي بأن��ه: خطاب الشرع المتعلق بأفعال المكلفين طلب��ا أو تخي��يرا أو وض��عا. والحكم الوضعي هو: ما اقتضى وضع ش��يء س��ببا لش��يء أو ش��رطا أو مانع��ا ل��ه ( علم أصول الفقه، عب��د والوه��اب خالف، مكتب��ة ال��دعوة اإلس��المية ش��باب

www.alukah.net

Page 32: cp.alukah.netcp.alukah.net/books/files/book_9131/bookfile/criminal.docx · Web viewشرح مختصر الروضة، نجم الدين أبي ربيع سليمان بن عبد القوي

3 2

و ال يكفي لقيام الجريمة وحقق وصفها بذلك مجرد إتيان فعل محرم أو ترك واجب، بل البد من أن تقرر لكل منهم��ا عقوب��ة

دنيوية حدا كانت، أو قصاصا أو تعزيرا.

نسأل الله تع33الى أن يه33دينا، وإخوانن33ا ب33العودة إلىكتابه، وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم.

من33ون pمؤpربه وال p33ه منp33زل إليpسول بم33ا أن } آمن الرق بيpن له ال نف33ر كل آمن بالله ومالئكته وكتب33ه ورس33ران33ك ربن33ا pن33ا غفpنا وأطعpمع أحد منp رسله وقالوا س33

عها285وإليpك الpمصير ) p33ا إال وس س33 pال يكلف الله نف ) pنا إنpربن33ا ال تؤاخ33ذ pتسبتpها ما اكpوعلي pلها ما كسبت را كم33ا p33ن33ا إصpعلي pم33ل pن33ا ربن33ا وال تحp طأ pأخ pينا أو نس33لpن33ا م33ا ال حملpت33ه على الذين منp قبpلن33ا ربن33ا وال تحمن33ا أنpت pحم pلن33ا وار pر طاق33ة لن33ا ب33ه واع33pف عنا واغpف33

نا على الpق33وpم الpك33افرين ) pر الن33ا فانpص33 p286مو} 3) (.286 - 285)سورة البقرة

و الحمد لله رب العالمين.المحامي الدكتور مسلم اليوسف

م.2016 -12- 29حلب – سورية [email protected]@gmail.com

وما بعدها. 100 م، ص 1956األزهر، الطبعة الثامنة، عام

www.alukah.net

Page 33: cp.alukah.netcp.alukah.net/books/files/book_9131/bookfile/criminal.docx · Web viewشرح مختصر الروضة، نجم الدين أبي ربيع سليمان بن عبد القوي

3 2

المحتويات2..............................................................المقدمة

3............معنى وأهمية مبدأ الشرعية الجنائية في الجرائم3..............................................والعقوبات التعزيرية.

داللة الكتاب والسنة واألصول الشرعية على مبدأ الشرعية5..............................................الجنائية في الجرائم

6..................داللة القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة6.............داللة القرآن الكريم على مبدأ الشرعية الجنائية

داللة السنة النبوية الشريفة على مبدأ الشرعية الجنائية في9....................................الجرائم والعقوبات التعزيرية.

11.......داللة األصول الشرعية على مبدأ الشرعية الجنائية16.......................................األصل في األشياء اإلباحة

www.alukah.net