أهداف الشريعة ومقاصدها.

سعد السكندرانيمع 3جزء:

أقسام مقاصد الشريعة

حيم بسم الله الرحمن الر

المقصد من هذا المبحث المساهمة في إزالة االلتباس، وفض

االشتباكات الناتجة عن كثرة التقسيمات وتداخلها، واختالف

المصطلحات ومضامينها، فمعرفة أقسام المقاصد تساعد على

الترجيح والموازنة بينها.

صد باعتبارسام المقا

أقمدى شمولها لمجاالت التشريع

)عامة – خاصة – جزئية(تعلقها بعموم األمة أو أفرادها

)كلية – اجتماعية – فردية(ثبوتها وتحققها )قطعية – ظنية –

وهمية(مدى أهميتها ومدى االحتياج إليها

)ضرورية – حاجبة – تحسينية(

المقاصد األصلية والتبعية )التفريق بين الوسيلة والمقصد(

-هي المعاني والحكم الملحوظة المقاصد العامة: أ

للشارع في جميع أحوال التشريع أو معظمها، بحيث ال التيسير، درء المفاسد وجلب تخــتص بنوع خاص. مثل:

.المصالح هذا التقسيم شائع منذ القرن الخامس، فالجويني ذكر ذلك

ثم درج عليه من بعده.

هي كتعريف مستخلص : ب - المقاصد الخاصةن من أبواب األهداف والغايات والمعاني الخاصة بباب معي

الشريعة كمقاصد البيوع )عدم التنازع(، أو أبواب متجانسة منها كمقاصد العبادات، أو مجال معين من

مجاالتها كالمقاصد المتعلقة بالعلوم اإلنسانية واالجتماعية والكونية لضبطها بموازين الشريعة، أو المتعلقة بشريحة

معينة كالمقاصد الخاصة باألسرة.

مدى التقسيم األول: شمولها لمجاالت التشريع

)عامة – خاصة – جزئية(

هـ( حاول بيان مقاصد الواليات الشرعية728ابن تيمية )ت

في ))مجموع الفتاوى((. وابن عاشور أفرد المقاصد الخاصة بأنواع المعامالت في قسم مستقل.

وفي عصرنا الحديث على سبيل المثال: لدينا )المقاصدالمتعلقة بالمال( للقرضاوي. وما كتبه جمال الدين عطية عن مقاصد األسرة، والذي تكلم أيضا عن نوع جديد من المقاصد

الخاصة، أال وهو استخدام المقاصد في تأصيل العلوم االجتماعية في كتابه )نحو تفعيل مقاصد الشريعة(.

ل الفاسي وهي: ج- المقاصد الجزئية التي يشير إليها عال

بقوله: ))األسرار التي وضعها الشارع عند كل حكم من أحكامها((. وهي التي تنطبق عليها أمثلة الشيخ ابن عاشور

من كون عقدة الرهن مقصودها التوثق، وعقد النكاح مقصوده إقامة المؤسسة العائلية وتثبيتها، ومشروعية

الطالق مقصودها وضع حد للضرر المستمر. أكثر من يعتني بهذا القسم من المقاصد هم الفقهاء؛ إال أنهم

قد يعبرون عنها بعبارات أخرى كالحكمة أو العلة أو المعنى أو غيرها.

المقاصد الخاصة أو الجزئية خادمة للعامة ومحققة لها، إال

أنها في ذاتها تهدف إلى مقاصد خاصة بها.

يستعمل المقاصد الكلية الجدير بالذكر أن مصطلح

بنفس معنى المقاصد العامة المذكور آنفا.ما كان عائدا على عموم : ويستعمل بمعنى آخر وهو

األمة عودا متماثال، وما كان عائدا على جماعة عظيمة من ل ابن عاشور لما يعود األمة أو قطر من األقطار. وقد مث

على عموم األمة بحماية البيضة، وحفظ الجماعة من التفرق.

ل لما يعود على بما يحتاج إليه كل الجماعات العظيمة ومثبلد من بالد المسلمين من تشريعات قضائية لحفظ انتظام

حياتهم، وما تقيمه هذه األقطار من اتفاقيات ومعاهدات اقتصادية وسياسية بما يخدم مصالحها.

هي مصلحة المقاصد الفرديةوعلى هذا االعتبار تكونالفرد أو األفراد القليلة، وهي أنواع ومراتب، وقد تكفلت

بحفظها أحكام الشريعة في المعامالت. مثل: القضاة – آل بيت الرسول صلى الله عليه وسلم - الحاكم.

اعتبارالتقسيم الثاني: بتعلقها بعموم األمة أو

جماعتها أو أفرادها

د القطعيةJكي ال يكون دولة بين المقاص ﴿ثبتـت بدليل قطعي، كالنص الصريح:

الكليات [، أو باستقراء أدـلة الشريعة وتصرفاتها مثل 7﴾األغنياء منكم ]الحشر: ، أو ما دل العقل على أن في تحصيله صالحا عظيما أو في حصول ضده ضر الضرورية

.عظيم على األمة، مثل قتال مانعي الزكاة في زمن الصديق :وهي المقاصد الواقعة دون مرتبة القطع واليقين، والتي ثبتت والمقاصد الظنية

مصلحة تطليق الزوجة من زوجها المفقود،ومثالها: بدليل  ظني  يحتمل التـأويل. .بواـلنهي عن قضاء القاضي أثناء الغض

:وهي اـلتي يظهر فيها الصالح واـلخير، وعنـد التأمل يتبين أن ليس والمقاصد الوهميةفيها مصلحة، أو أن الضرر فيها يغلب المنفعة. وهذا النوع من المقاصد أهمله الشارع

وغير مثل التعامل الربوي، واالتجار في الخمر، ولعب الميسر، وإباحة اإلجهاض،وألغاه، ذلك مما يتوهم الواهمون أن فيه المصلحة فيفتون بإباحته.

الفائدة من هـذا التقسيم هو الحكم على المقاصد وبيان الموقف منها، وهل يعمل بها أمال؟

يتمثل التقسيم بحسب الصحة والبطالن Jفي جعل المقاصد قسمين: وبالتالي.المقاصد الصحيحة والمقبولة. وقسم المقـاصد الباطلة والمردودة

من حيث ثبوتها التقسيم الثالث: )القطعية اليقينية- الظنية وتحققها:

الغالبة والراجحة-الوهمية والملغاة(.

:ما كانت مصالحه في محل الضرورة، وما ال بد منها في قيام مصالح أ- الضروريات

الدين والدنيا، بحيث إذا فقدت لم تجر مصالح الدنيا على استقامة، بل على فساد جوع بالخسران المبين. عيم، والر جاة والن وتهارج وفوت حياة، وفي األخرى فوت الن

)الموافقات للشاطبي(: ما يقيم أركانها ويثبت قواعدها. والثاني ما يدرأ ويكون حفظ المصالح الضرورية بأمرين

عنها االختالل الواقع أو المتوقع فيها. حفظ على حصر الضروريات في خمسة مقاصد: ) ولقد درج األصوليون ابتداء من الغزالي(. وهذه المقاصد الضرورية الزمة وحتمية لكل أمة الدين والنفس والعقل والنسل والمال

ودلت عليها نصوص كثيرة وأدلة متنوعة، ولذلك اتسمت بطابع القطع واليقين. -وهو ما تحتاج األمة إليه القتناء مصالحها وانتظام أمورها على وجه الحاجيات: ب

لم حسن، فالحاجة إليه من حيث التوسعة على الناس ورفع الحرج عنهم كعقد الس.واإليجار

-وهي ما يكون بها كمال األمة في نظامها، فتبلغ بها مرتبة عالية من التحسينات:جالرقي والتحضر، وحسن المعاملة والمظهر، فتكون أمة محترمة، والتقرب إليها

واالندماج فيها مرغوب فيهـ. وذلك كمحاسن األخالق والعادات، الفردية منها والجماعية.

باعتبار أهميتها في التقسيم الرابع: قيام الحياة واستقامتها:

)ضروريات-حاجيات-تحسينات(.

تكامل العلوم حتى مع غير

الشرعية منها

؛ ألن الحياة ال تقوم إال ال غرابة أن نجد بعض المباحات داخلة في الضروريات ألن أساس الحياة ؛بالمحافظة عليـها. أو أن نـجد بعض الواجبات ضمن التحسينيات

يمكن أن يقوم بغيرها. هذا باإلضافة إلى اعتبار مدى وجود حوافز وبواعث طبيعية لإلنسان على الفعل أو الترك، فتكون بعض الضروريات مباحة، ولم يوجبها الـشارع

اكتفاء بالباعث الجبلي في السعي إلى تحصيلها، وتكون بعض الحاجيات أو ية التي تبعث اإلنسان على تحصيلها أو التحسينيات واجبة لضعف البواعث الجبل

النعدامها.بالنسبة للخالف الحاصل في مسألة حصر المقاصد في خمـسة أو عدم حصرها ،

فالخالف شبه لفظي. والذي يفيدنا هنا أن المقاصد المستحدثة كالعدل والحرية والكرامة ونـحوها، سواء اندرجت تحت المقاصد الخمسة أم هي مقاصد مستقلة

بذاتها، ففي كلتا الحالتين تعد من مقاصد الشارع، ويجب مراعاتـها. ليست المصلحة المصلحة التي قصدت الشريعة إلى إقامتها وحفظها شاملة ،

الدنيوية فحسب كما يدعو خصوم الدين، وال المصلحة المادية فقط كما يريد أعداء الروحية، وال المصلحة الفردية وحدها كما ينادي عشاق الوجودية وأنصار الرأسمالية، وال مصلحة الجماعة أو المـستضعفين كما يدعو إلى ذلك أتباع الماركسية والمذاهب

الجماعية، وال المصلحة اإلقليمية العنصرية كما ينادي بذلـك دعاة العصبية، وال المصلحة اآلنية للجيل الحاضر وحده، كما تتصور بعض النظريات السطحية. إنما

المصلحة التي قامت عليها الشريعة في كلياتها وجزئياتها، وراعتهما في عامة أحكامها هي المصلحة التي تسع الدنيا واآلخرة، وتشمل المادة والروح، وتوازن بين

والمصلحة الفرد والمجتمع، وبين الطبقة واألمة، وبين المصلحة القومية الخاصة .، وبين مصلـحة الجيل الحاضر ومصلحة األجيال المستقبلةاإلنسانية العامة

ضرورـة عدم ربط الضروريات الخمس فقط، بل التوسع بها ألقصى الحدود، فحفظ بالحدود

العقل مثال يقضـي بضرورة العمل على مناـهج تربوية متطورة في المدارـس، والعمل على رفع مستوى الثقافة والذكاء..إلخ. ال أن نحد أنفسنا بتطبيق حد

الخمر فحسب.

ها الضروريات الخمس في القرآن الكريم :} يا أيبي إذا جاءك المؤمنات يبايعنك على أن ال يشركن الن

ه شيئا وال يسرقن وال يزنين وال يقتلن أوالدهن باللوال يأتين ببهتان يفترينه بين أيديهن وأرجلهن وال

ه إن يعصينك في معروف فبايعهن واستغفر لهن الله غفور رحيمـ{ 12 الممتحنة: الل

.)هذا التقسيم استعمله الشاطبي كثيرا، وله مرادف: )القصد األول( و)القصد الثاني

، تعتبر الغاية األولى والعليا مقاصد أساسيةومضمون هذا التقسيم أن لألحكام الشرعية تابعة لألولى، ومكملة لها. مثال ذلك النكاح، فإنه مشروع للتناسل مقاصد ثانوية للحكم، ولها

على القصد األول، ويليه طلب السكن، والتعاون على المصالح، واالستمتاع بالحالل...وما أشبه ذلك.

ت للمقصد األصلي ومقو لحكمته، ومستجلب إن ما نص عليه من هذه المقاصد التوابع هو مثبلتوالي التراحم والتواصل والتعاطف، الذي يحصل به مقصد الشارع األصلي من التناسل. فاستدللنا بذلك على أن كل ما ال ينص عليه الشارع مما شأنه ذلك، مقصود للشارع أيضا.

.

فمرتبة الوسائل مجعولة في الوسيلة والمقصد مالحظة: ضرورة التمييز بين ،الدرجة الثانية من المقاصد. وذلك جريا مع القاعدة الفقهية المقررة أنه كلما سقط اعتبار

المقصد سقط اعتبار الوسيلة، مثل مسألة النكاح في المرض فإنه مفسوخ، وفسخه وسيلة إلى مقصد حفظ حقوق الورثة، فإذا لم يفسخ حتى برئ المريض فقد رجع مالك إلى عدم

ألن المقصد الذي كان عند المرض وهو ضياع حقوق ؛ (المدونة)انظر: فسخه وأمر بمحو فسخهالورثة قد سقط، وإذا سقط سقطت أيضا وسيلته وهي هنا فسخه.

:ما ال يتم الواجب إال به فهو واجب((.مع التنبيه على اعتبار قاعدة((

القسم الخامس: المقاصد االصلية والمقاصد التبعية

المرة القادمة بإذن الله

طرق الكشف عن مقاصد الشريعة