ئب

ت حبث مقدم لغو ة املاجستري يف ا طلبات در .إلكامل م

راسات العليا العربية ت يف قسم ا لغو أستاذ ا

2

3

. احلمد هللا وحده، والصالة والسالم على من ال نيب بعدهاللغويني احملدثني، الكشف عن مكانة اللهجات احملكية عند إىل هدف البحثي: وبعد

، ولتحصيل هذه الغاية حاول البحث فهم ذلك التصور وتلك النظرة ونظرم هلا من كتبهم، وإبرازها يف عالئها ملرتلة اللغة املنطوقةة إليبدة من خالل املناهج اللغوية الغر، املستمواملكانة

، ومن ثم اعل اللغة املكتوبة تالية هلاوج ،، وجعلها عنوان موضوعه، مهتما ا أوالميدان درسه . جعل اللغات مجعاء يف ميدان درسه سواء، ال تتفاضل إال يف حمموالا

اللغة املنطوقة تتمثل يف األداء والتلوين الصويت، فما كان من علم اللغة احلديث مسات نألوس حبرية أكرب، وعرضة للتطور ؛ ألنه يمار انب الصويت للغات املنطوقةاجلإال أن ابتدر البحث يف

. ةدراسة تارخييتها أوىل لدراس صبح دراسة اللغة من جانبها الصويت خطوةوالتغري عرب التأريخ؛ لتوال خترج حلركة التطور يف اتمع، ةمساير وصيب اللغة إمنا هي ذيالتطور ال مع تقرير أنيف معيارها الصوايب؛ ليضفي والتراكيب، و لمفرداتليف اختيارها تهلسلط عن سننه، وختضع

.بالرقابة واحلماية ، ويتعاهدها عليها الشرعيةل اللغات املنطوقة خري ما يمث ة احلديث رأوا أنبعلم اللغ وغريهم وملا تأثر الدارسون العرب

ورأوا أا امتداد للهجات العربية القدمية؛ يف البالد العربية هي اللهجات احملكية احمللية املعاصرة، .حينما عرضوا جلملة من الظواهر اللغوية يف اللهجات احمللية وربطها مع اللهجات القدمية

إىل ، ونظر ربعاأل هعلى أسس ه؛ فأقام دراسات سة الوضعيةعلم اللغة احلديث تأثر باملدرصني من كل فكرة سابقة، فخرجت الدعوة إىل إلغاء لاللغات من خالل هذه األسس متخ

، والدعوة إىل ، والتحرر من قيود الكتابة، والتهوين من قداسة اللغاتوالتعلق بالقرائن ، اإلعرابوتسهم يف ،يثري املعجم العريبمما سة اللهجات احمللية درا على أن . عالء شأن اللغة الثالثةإ

.توجيه املنطوق للمكتوب وتفسريه .يف خامتته البحث أبرز النتائج والتوصيات وقد سطر

:الطالب فيصل الصقعبي

المشرف عميد كلية اللغة العربية سليمان العايد: أ،د

عبداهللا القرني: دأ،

4

( Summary of Dissertation )

The title: The position of the dialects spoken in modern language

Reading in the books of the Arab language ) ( The research aims to discover the place of the dialects spoken when the owners of the modern language, and their perception of their books and writes,But all this end, try searching the understanding that vision through language coursesspoken language and visibility in the field of studied and made the theme of the titleinterested in first and make written language

subsequent thus making all languages in the field of studied. Research shows that the features of spoken language performance of phonics, What was aware of the modern language the research initiated in voice side spoken languages, because it

freely exercised greater,and expression through history. With the report of the development that infects the language is the pace of development in the community,do not get out of

feeling in the choice of its vocabulary and structures. Since the learners affected by Arabs and other knowledge of modern language saw that the best represents the languages spoken in Arab country its dialects spoken contemporary local

and they saw alongis an extension ofold Arabic dialects. The modern language was affected by the school position, and put all studieson the four founded, the languages through these foundationsand freedom from restrictions writing, and advocacy to uphold the third language enriching Arab dictionary

to the guidance of the operative written and interpreted. The search line the mainfindings and recommendations in the

conclusion

Student Faisal Alsaqabi

Supervisor A.D. Suliman Alayed

The Dean of Arabic Language College A.D. Abdullah Algrny

5

املقدمة

6

احلمد هللا رب العاملني، والصالة والسالم على أشرف األنبياء واملرسلني، نبينا :أما بعد. بإحسان إىل يوم الدين محممد، وعلى آله وصحبه ومن تبعه

حني اجتهد يف النطق، ومنت فيه قوة السمع، ، أعظم اكتشافات اإلنساناللغة فإن ن بعض، وهي صلة الشعوب مهم بعض عليها تفاهم الناس قومأوىل الدعائم اليت يوهي

ا، و هلا دور يف حتقيق املرتلة العليا لإلنسان الناطقة. تمع السابق على صوت األفراد، اللغة هي لبالنظام واالنتماء، وهي صوت ا

األرقى للفرار من الفردية، وإعالن الوالء للمجتمع، فهي الوسيلة اإلنساين وهي املظهرأصوات يعبر ا كل :" وهي كما قال ابن جين ،واصل اإلنسان مع بين جنسهاليت ا يت

.وكل تغير فيها يكون لصاحل عملية التواصل اللغوي )١(".قوم عن أغراضهماللغة ال جتمد على حال معينة، وال تقف عند حد مرسوم، وإمنا من الثابت أنف

سبيل إىل منعه، أو الوقوف تطورها ناموس طبيعي ال هي عرضة للتطور، بل إن .اا وثيق، ذلك ألا ترتبط حبياة متكلميها ارتباط بوجهه

ا تساير احلياة يف هذا اللغة أيض وملا كانت احلياة يف تطور دائم وتغري مستمر؛ فإنفت احلياة أو توقفت عن ف إذا ختلالشأن، فترتقي إذا رقيت احلياة وتقدمت، وتتخل

ا، يساير تدرجيي ا وارتقاءتطور طور اتمع وارتقى تطورت معه اللغةفإن ت. املسري .االرتقاء العقلي واحلضاري للمجتمع

التطور يف اتمع، وهذا التطور يف اللغة يسري سريورة مستمرة، حتدده حركةتسهم ليست على وترية واحدة يف كل اتمعات، مادامت هناك عوامل وهي حركة

يعه أو احلد منه، ولعل أبرز جانب يظهر فيه التطور املستمر يف اللغة هو اجلانب يف تسرن أي لغة من اللغات مر فإن تطور من ثمو ،حبرية أكربفيها س ميارالصويت؛ ألنه

.بتطور جانبها الصويت يفهذا التطور كان سببا رئيسا يف نشوء اللهجات؛ لتتشكل منه مستويات تعبريية

العتبار هلجي، أو األداءات لدى األفراد الناطقني ا، متنوعة للغة الواحدة، خمتلفةا

.٣٣ملكتبة العلمية ، د ط ، د ت، صحتقيق، حممد علي النجار، ا اخلصائص، أليب الفتح عثمان بن جين،) ١(

7

قاملة؛ لطبيعة املتكلم ومفتبتعد عن بنيتها األصلية، أو تذهب ه، أو لطبيعة اللغة املستعمأثر اإلسالم يف التوحيد (أن إال ؛، وليست اللغة العربية مبعزل عن هذا التطوركلية

جعل اللغة العربية يف خلجات كل مسلم ،أيا كانت لغته األصلية، )١()غويالل .؛ لتصبح رمزا لغويا لوحدة يف الثقافة واملدنية وأضحت جزءا ال ينفك عن اإلسالم

إال أن ،يمالسإلا نيدلاب اهطابترال ؛وما كان من الدراسات اللغوية العربية القا من دوافع دينية، ألجل متكث على دراسة لغة القرآن ولغة العرب شعرا ونثرا، انط

ما احملافظة عليها وعلى سالمتها، ووضع سياج يكفل هلا التوحد والنفوذ حني يتبلبل .حوهلا من اللغات، وتنقطع األواصر اللغوية فيما بينها

ومع بزوغ مشس القرن العشرين شهدت الدراسات اللغوية تطورا ملحوظا، حيث املناهج واالهتمام باكتساب اللغة وتعلمها، وانتقالة نوعية يف ميدان درسه، من

وما كان من هذه االنتقالة إال أن قلبت مسار الفكر اللغوي، وغيرت وجهته، بعد أن كان املنهج املعياري والنظرة التأرخيية مها املسيطرين على حقل الدراسات اللغوية

جديد تردد صداه يف طوال عهود خلت؛ لذا شكل القرن العشرين انطالقة فكر لغوي .الدرس اللغوي العريب احلديث

انطلق الدرس اللغوي احلديث من ثورته على الدرس اللغوي التقليدي، املقتصر بتتبع الظواهر " على املنهج التأرخيي، املعتمد على فكرة فلسفية أو معيارية، تعىن

ها مبوقعها وية تتبني قيماللغوية من فترة زمنية إىل أخرى، ال بوصفها عناصر يف نظم لغيف هذه النظم، وإمنا بالنظر إليها كما لو كانت ظواهر منعزلة، أو باألحرى كما لو

.)٢("كانت أمثلة جزئية ال ختضع لقواعد مطردةوألجل هذا الرفض للمنهج التأرخيي، انطلق علم اللغة احلديث من فكرة أن

حددمن أن ت دالدراسة احلقيقية للغة الب ومكان بوصف اللغة املنطوقة يف زمان

يف هذا العنوان قدم خالد بن أمحد إمساعيل األكوع رسالة إلكمال متطلبات درجة املاجستري يف كلية اللغة )١(

وبإشراف األستاذ الدكتور عليان بن حممد ٦٥٢٤العربية، جامعة أم القرى، وهي مسجلة برقم .هـ١٤٢٨طبعت بعدئذ يف مكتبة الرشد، الرياض ، عام احلازمي، وقد

.١١٠م، ص ٢٠٠٥كمال بشر، دار غريب، القاهرة، د ط، : التفكري اللغوي بني القدمي واجلديد، د )٢(

8

؛ ألنه يرى أن هباللغة املنطوقة وأبرز أعاد علم اللغة احلديث االهتمامحمددين، وذا ثانيا؛ واملكتوبة األدبية املنطوقة أوال، واللغة أن تأيت دراسة اللغةعنده من البديهيات

.اهل تالية امنه ألا مشتقةيف دراسة اللهجات احملكية املعاصرة من أحدث االجتاهات اللغوية وحينئذ غدت

؛ كوا متثل اللغات املنطوقة بل هي موضوعه، وميدان درسه، وهي العامل العريبإذ إن دراسة لغة دراسة تارخيية ال يتم إال " اخلطوة األوىل لدراسة التطور التأرخيي للغة

، أي دراسة اللهجات بسبب ثراء هذا املوضوع، و)١("من حبث هلجاا ءبعد االنتهاومبا حظيت به من توجيه وإرشاد من أستاذي ، ا فيه من مشكالت احملكية املعاصرة، مب

سليمان بن إبراهيم العايد، الذي أغدق علي من علمه الفذ، وفكره : الدكتور األستاذ زواجل السماء، فأجزل النافذ، وأكرمين من وقته الثمني، الذي ال أجد ما يكافئه إال

.، كان هذا املوضوع!ة واألجر، وجزاه عين خري اجلزاءاهللا له املثوبالدكتور سليمان العايد دراسة البحث اللهجي عند يفحني عرض علي أستاذ

يف نفسي هوى ورغبة، فعقدت فأصحاب علم اللغة احلديث صاد النية، وعزمت على أن أمضي ا وأن أمتطيوأن أرضىقدم ،حمبة وسرور ببالغ مع احتمال املصاعب

ركوب املخاطر، وبعد تأمل ومتحيص، وحبث وتتداول استقر الرأي أن يكون عنوان :الدراسة هو

"مكانة اللهجات المحكية في علم اللغة الحديث" "قراءة يف كتب علم اللغة العام العربية وما يف حكمها "

، تهاوعامي اللغة فصحىهو ةجوهر املشكلتكمن أمهية هذا املوضوع كون أن وأشار إىل العاقبة الوخيمة اليت تنتظر األمة العربية إذا ما حنيكما يرى بعض الباحثني؛

وضع منهج ية، وأكلدراسة اللهجات احمل علميلغات رمسية يف كافة أقطار كت قرق الذي ال يقف عند حدود األقطار العربية، هي التمز، وهذه العاقبة الوخيمة األمة

بل ميتد داخل القطر الواحد بسبب تعدد هلجاته احمللية، حيث ينقسم إىل مناطق متعددة مستقلة، فتتسع بذلك رقعة التقسيم، وتزداد عوامل التمزق بني أفراد هلجةلكل منها

.٩م، ص١٩٨٣ار العربية للكتاب ، د ط ، أمحد علم الدين اجلندي ، الد: اللهجات العربية يف التراث، د )١(

9

.األمة العربية دعوة دت احملكية يف علم اللغة احلديث ال تعهذه الدراسة ملكانة اللهجاغري أن

ا وأمهية، لكنها تريد افتراضقدرا، للعامية، وال يقصد منها تقدمي العامية على الفصحى :أن تجيب عن هذه التساؤالت

ن من لغة هلا نص مقدس ؟هوهل ميكننا أن ن. ة على دراسةي مثل هذه املمارسات إىل إضفاء الشرعياللهجات هل تؤد

احملكية؟ ي هذه املمارسات إىل إحالل اللهجات احملكيةل أن تؤدتخيهل ميكن أو ي

حمل الفصحى؟ يف احملادثة والتواصل اللهجات احملكية حمل هل ميكن للعربية الفصحى أن حتل

.؟) اللغة الثالثة ( واخلطاب الشفاهي ؟ أو تستبدل بالعربية الوسطى اج اللغوي على استقرار اللغة األم ؟هل يؤثر االزدو. مده مبا فات املعجميأال تكون اللهجات احملكية رافدنيا إلثراء املعجم العريب ت

.األوائل؟ ا ؟ وأي منهما نشأ عن اآلخر ؟ ما حقيقة الفصحى وما عالقة اللهجات. ما عالقة اللهجات احملكية املعاصرة بالفصحى أو النموذجية ؟.

وصفي حني يورد .التفسرييوفق املنهج الوصفي منهج الدراسة يسري وقد كانومفسر وكيف ينظر إليها ، ،من اللهجات احملكية املعاصرة علم اللغة احلديث موقف

وأثرها يف عليها من آراء وأفكار ، مستنبطا منها ما بينذلك املوقف وتلك النظرة .راسات اللغوية العربية خاصة، وتأثريها على الدالدراسات اللغوية عامة

فيما ،ثرة سؤال ومطالعة وتنقيب ،مل أجدوإين مع طول حبث واستقصاء وكاطلعت عليه، حبثا تناول هذا املوضوع بدراسة مستقلة، ذلك أن الباحثني، وجهودهم

إشكالية العامية والفصحى وانعكاسها على احلياة مشكورة، منصرفون إىل البحث يف .أمد املكتبة العربية بفيض وافر حول هذه القضية ، ممااألدبية

به، وفيهما فصول، خاص عنوان وقد تضمنت هذه الدراسة بابني، لكل باب

10

.وهذان البابان مسبوقان مبقدمة ومتهيد، ومتلوان خبامتة وفهارس .أما املقدمة ففيها أمهية املوضوع ومنهج الدراسة فيه

فكان احلديث فيه عن مفهوم الصوت ) ىل اللفظمن الصوت إ( وأما التمهيد اإلنساين، وعن الصوت اللغوي، وعن اللغة والكالم وتعريفهما والفرق بينهما، وكون

.أصحاب علم اللغة احلديث مؤسسة اجتماعية داللغة عن :فيه فصالن، " النظرية اللغوية لدراسة اللهجات احملكية" : فأما الباب األول

يف كتب علم ) العامية/اللهجة(مرتلة املنطوقة :احلديث عن وفيه :الفصل األول :يف مخسة مباحث اللغة احلديث

.التسوية بني اللغات واملستويات اللغوية : املبحث األول .اللغة املنطوقة واللغة املكتوبة احلديث عن : املبحث الثاين

.ث مسات اللغة املنطوقة يف كتب علم اللغة احلدي: املبحث الثالث .دالالت الذوق اللغوي: املبحث الرابع

.الصواب اللغوي معيار: املبحث اخلامسيف كتب ) اللغة املنطوقة ( صورة اللهجات : فاحلديث فيه عن الفصل الثاينوأما

:يف ثالثة مباحث، علم اللغة احلديثالظواهر اللهجية بني املنطوقة والنموذجية يف ضوء املوروث : املبحث األول

.لشفويا ) .املنطوقة( والعامية ) النموذجية( العالقة بني الفصحى : املبحث الثاين

.االزدواج اللغوي : املبحث الثالث

املمارسات اإلجرائية واملقاصد النفعية لتقعيد اللهجات احملكية: الباب الثاين وأما :ففيه ثالثة فصول

:وفيه ثالثة مباحثبناء املفاهيم : الفصل األول ."الفطرة " السليقة: املبحث األول . االستقراء : املبحث الثاين

11

.النموذج والطراز: املبحث الثالث :وفيه ثالثة مباحث مظاهر تقعيد اللهجات احملكية: الفصل الثاين

.نظرية أفعال الكالم : املبحث األول .إلغاء اإلعراب والتعلق بالقرائن : املبحث الثاين

.متثيل الكالم بني الرسم والنطق: املبحث الثالث احملكية املقاصد النفعية من دراسة اللهجاتواحلديث فيه عن : الفصل الثالث

: وفيه أربعة مباحثوتقعيدها .وما يتصل به ةالتهوين من قداسة اللغ: املبحث األول .اللغة الثالثة إعالء شأن : املبحث الثاين .ريب إثراء املعجم الع: املبحث الثالث .وتفسريه توجيه املنطوق للمكتوب: املبحث الرابع

.ما توصل إليه البحث من نتائج اهمث خامتة ذكر في، وهي مع عن طريق سبيله مليء باملشقة واملصاعب مفلست أحدثك: وبعد

الراحة، من أجل الدعة وحب ذلك حتتاج إىل صرب ومعاناة، وجماهدة نفس ميالة إىل، إليها عن ملذاا ورغباا؛ حىت غدا هذا البحث أنيسي وجليسي، أهرب النأي

كلين ويشاطرين حيايت، وإين مع ذلك ال أدعي الكمال وأين ، يؤاوأصبح رهينا بني يديه .أعطيته حقه، فكل عمل البد أن يعتوره النقص، فالكمال هللا وحده

معة أم القرى أن منتحتين فرصة وأخريا وليس آخرا أبعث رسالة شكر وعرفان جلامواصلة الدراسات العليا يف برناجمها املقام يف كليات بريدة األهلية؛ فتتلمذت على يد

.علماء أجالء من كوكبة أعضاء هيئة التدريس فيها، فلها جزيل شكر وعرفانوإين ألزجي شكري العميق الصادق، املدبج بآللئ الرب واإلحسان ألستاذي

سليمان بن إبراهيم العايد، الذي أشكره شكرا خالصا؛ ملا : ألستاذ الدكتور املعطاء اأغدق علي وأجزل، ومل يضن علي بفكرة ومل يبخل، فهو معني ال يسترتفه املسترتفون،

، معني ال ينضب، وينبوع ال ينقطع، فأسأل اهللا أن جيزيه يكدر صفوه املاتحونوال !.رفعه اهللا فوق هام النسر والقطبن يأاجلزاء و ريخ عين

12

رمز التضحية ) أمي ( ولن أنسى إذ أنسى من إليها أنتمي، وا أكتفي، ودوا أنتهي !ئم، فكيف أبلغ شكرها؟اواحلب، واحلنان والرعاية واإلشفاق، والدعاء الد

اليت ) زوجيت( أما تلك الدوحة الباسقة الوارفة الظالل، املزهرة على الدوام أقبلت مؤخرا فأقبل السعد بني يديها فكانت خري معني فيما بقي من البحث، وقسمت

!.من حلظاا؛ لتضع لبنة ترسم ا الطريق، فجزاها اهللا عين خري اجلزاءللبحث وحسيب أين مل أدخر وسعا، وأين بذلت ومن ثم فهذا عملي وما كتبه يدي،

، وما كان من تقصري صواب فبتوفيق وفضل من اهللا ان منما كجهدي ما استطعت، ف .نفسي، وما توفيقي إال باهللافمن

وآخر دعوانا أن احلمد هللا رب العاملني وكتبه الطالب

فيصل بن عبد اهللا الصقعيب

13

التمھید

14

؛ لتصل إىل اوج األصوات، تتم يف املشهد الكوين الذي ال يلفه الصمت أبدا ، ، تشرح ا الصدور ، فإما أن مس يف األعماق مهسات معان عميقة خفيفة اآلذان

، وغمغمات ال ، وإما أن تكون مههمات ال تبني وتشبع حاجات الروح واخليال .تتضح، يلفها الغموض واخلفاء، إن كانت سرا أو جهرا

، وتكثر لصوت الذي تدرك به حقيقة األشياءما يهم اللغويني هنا هو ذلك ا إننا فيدركه ذوو التالزم يتجلى أحيا"هذا . فيه التالزمات، الذي تربط بعضه ببعض

قوة السمع واحدة "ن مع أ )١("تخفى بتستر بالغ يف أحيان كثرية أخرىالنظر املتأين، ويالسطح الباطن من وهذه القوة مرتبة يف العصبة املنبسطة يف " )٢("وهلا فعل واحد

صماخ األذن، من شأا أن تدرك الصوت احملرك للهواء الراكد يف مقعر صماخ األذن فبحاسة السمع تدرك هذه الظاهرة، أعين ظاهرة )٣("عند الوصول إليه بسبب ما

يأيت نتيجة "ومساعه )٤("اجلرس"الصوت؛ إذ إن الصوت كما جاء يف اللسان هو ، والتمايز يف هذا االهتزاز الذي تولده املادة الفيزيائية، )٥("ءالهتزاز جسم ما يف اهلوا

جيعل للصوت حضورا قويا يف حياة اإلنسان، بل يف حياة مجيع احليوانات، بوصفه .إشارات دالة تؤدي رسائل ذات مضامني متنوعة بتنوع املواقف احلياتية

ني، فراحوا يفتشون هذا اجلرس أو نغمة الصوت اإلنساين مما شغل أذهان اللغوييف ماهيته، والبحث عن خمرجه، وصفاته وكيفية تكونه، والعناصر اليت تلحظ يف أدائه

. )٦(عند اتصال الكالم

عبدالعلي الودغريي، : د. بدالسالم املسدي لكتاب اللغة العربية يف مراحل الضعف والتبعية ع: من تقدمي د )١( .١١هـ ، ص١٤٣٤ ١الدار العربية للعلوم ناشرون، بريوت، ط

٤٩٥هـ، ص١٤١٩ ٢الكليات ، أبو البقاء الكفوي ، مؤسسة الرسالة ، بريوت ، ط )٢( ٤٩٥املصدر نفسه ص )٣( )صوت ( منظور مادة لسان العرب البن )٤( ١٧هـ ص ١٤٢٦ ٢سعد مصلوح، عامل الكتب ،القاهرة، ط" دراسة السمع والكالم، د )٥( ٣هـ ص١٤٢٠ ٣عيد حممد الطيب، دار البشرى ، مصر،ط : أصوات اللغة العربية واألداء القرآين ، د )٦(

15

هيأ اهللا لكل إنسان جهازا نطقيا ميكنه من القدرة على الكالم، كما أودع "لقد ، )١("لصادر منه؛ واستقبال الكالم الوارد إليهفيه جهازا مسعيا له أثره يف ضبط الكالم ا

وما هلذين اجلهازين من وثاق قد أحكم قيده، ووشائج قرىب وطيدة، جعلت اللغويني يتعمقون يف وصف أعضاء جهازي النطق والسمع لفهم أسرار الصوت اإلنساين، وال

نظريا عملهاوناا وتفصيالا، وكيفية يقصد من أم حيتاجون إىل اإلملام بكل مك على دارس األصوات أن ينتقل من هذا إىل أن تكون له ، املقصود أن بل" دون تطبيق

وليصري الدارس هو املتكلم )٢("، قدرة على إحداث أصوات أي لغة بعد طول مرانأن يقف أمام مرآة ويضرس بقوة مث ببطء، ويراقب وقع " والسامع يف آن سواء، عليه

، منصتا بانتباه إىل ما يفرق مسعه من أصوات، وناظرا إىل احلركات الفك على الفكفعند التأمل العميق مبكونات آلة النطق وعملها، وطول )٣("املولدة لتلك األصوات

.إنتاج األصوات اإلنسانية املران يف إحداث األصوات، تتضح للدارس آليةاخلارج من ر اهلواء عند الزفريمادة الصوت اإلنساين هو تيا إن: ومبلغ القول

، حلدوث صوت نتفوه به )٤(، مارا بالقصبة اهلوائية فاحلنجرة مث الفم أو األنف الداخل، وإمنا تؤدي وظيفة حيوية وليس إنتاج الصوت هو وظيفة هذه األعضاء األساسية

حقة جعلته ؛ غري أن حاجة اإلنسان يف مراحل ال بالعمل على جعل احلياة أمرا ممكنا، إن كانت لغوية أو غري لغوية، )٥(يستثمر هذه األعضاء املعقدة إلنتاج األصوات

، جملة جممع اللغة العربية بالقاهرة مانصادق عبد اهللا أيب سلي: دالسماع يف اللغة عند القدماء واحملدثني )١(

٩٧عدد ١٣٢حممود السعران،دار النهضة العربية ، مصر، د ط و ت ، ص : علم اللغة مقدمة للقارئ العريب، د )٢( ١٩م ، ص ١٩٩٢ ١حنو الصوت وحنو املعىن، نعيم علوية، املركز الثقايف العريب، بريوت، ط )٣(األصوات اللغوية ، : انظر . اء النطق اإلنساين مبا يغين عن تكراره أفاض الدارسون يف وصف أعض )٤(

أمحد حمتار : ودراسة الصوت اللغوي ١٤٠-١٣٠و علم اللغة، حممود السعران، ٢٢-١٩إبراهيم أنيس و األصوات اللغوية ، مسري إستستية ١٤٦-٦٣و دراسة السمع الكالم، سعد مصلوح، ١١٠-٩٨عمر ٧٤-١١ .

. ٧٣، ص١٤٠٠متام حسان، دار الثقافة ، الدار البيضاء ، د ط ت : هج البحث يف اللغة، دينظر منا )٥(

16

.)١("الصوت ظاهرة ندرك أثرها دون أن ندرك كنهها"ويبقى

رصد وجود اإلنساين ؛ لذا فإن هي حركة حتقيق للإمنا عالقة اإلنسان مبثيله

عن التأثري املتبادل بني بين اإلنسان لن تتجلى داللتها إال من مظاهر األثر بينهما الناتج وما توحي به ) األنت(ال ميكن تقصيه إال بتمثل " خالل الرابط بني اإلنسان ومثيله و

، ميارس هذه العالقة جعلت اإلنسان كائنا فاعال. )٢("من وحشة وإيناس ) األنا(، وملا كان كائنا اجتماعيا بطبعه. بهأشكاال عديدة كيما حياول فهم اآلخر احمليط

، ، أراد أن يكسر حاجز الصمت)٣("يلوذ مبن يأنس به سواء كان بشرا أو غريه"؛ لتتشكل به حينئذ للكالم ث صوت لغوي مكون؛ إلحدا باستخدام أعضاء النطق

.صريورة الوجود، لذي يقوم به اإلنسان، أو النشاط الصويت ا هذه املمارسة الفردية املنطوقة

؛ ألا جعلت الكالم املنطوق احتلت موقعا هاما عند اللغويني احملدثني يف دراسة اللغة، فهي ، وألنه جمموعة أصوات تتألف منه اللغة ، وال ميكن االستغناء عنه موضوعها

ال :"نصف والتحليل، كما يقول السعراأول ما يتناوله دارس اللغة بالو) أي األصوات(، دراسة علمية مامل تكن هذه الدراسة ، أو هلجة ما ميكن األخذ يف دراسة لغة ما

ة ل، سلس ، وقبل كل شيء فالكالم أوال. مبنية على وصف أصواا، وأنظمتها الصوتية، أو للعناصر ؛ فالبد من البدء بالوصف الصويت للقطع الصغرية من األصوات

أن " ، والغرض من وصف الصوت املنطوق )٤("كلمةالصغرية، أقصد أصغر وحدات ال

. ٨م، ص ٢٠١٠ ٤إبراهيم أنيس، مكتبة األجنلو املصرية، ط: األصوات اللغوية، د )١(، ٢لطفي عبدالبديع، النادي الثقايف،جدة، ط: عبقرية العربية يف رؤية اإلنسان واحليوان والكواكب، د )٢(

.٣٩، ص١٤٠٦ ٤١انظر السابق ص )٣( ١٢٤علم اللغة، السعران ، ص )٤(

17

بيأي بيان خمارج )١("، وما فيه من ظواهر صوتيةن ما يف نطقه من حركات عضويةي، مث األصوات كما يف ألسنة الناطقني ا وما يصحبه من حركات يف أعضاء النطق

اللغة وما كان لدارس )٢(.توضيح صفات هذه األصوات وما فيها من ظواهر صوتية أمساعنانفسها على "الكلمة املنطوقة تفرض: أن يصف صوت اإلنسان اللغوي إال ألن

، قاعات الدرس، أو يف ، أو يف البيت يف الشارع ، سواء آناء الليل وأطراف النهار .)٣(" و املرئية املسموعة اإلذاعةأو عن طريق

اجلانب اللفظي املنطوق، املادة األساسية اليت يتشكل منها الصوت اللغوي هو يصدر عن جهاز النطق اإلنساين فهو خيتلف عن سائر األصوات اليت ... وملا كان "

الصوت اللغوي أثر مسعي " وملزيد إيضاح فإن، )٤("حتدث عن أسباب أو أدوات أخرىواملالحظ أن . يصدر طواعية واختيارا عن تلك األعضاء املسماة جتاوزا أعضاء النطق

ا األثر يظهر يف صورة ذبذبات معدلة وموائمة ملا يصاحبها من حركات الفم هذويتطلب الصوت اللغوي وضع أعضاء النطق يف أوضاع معينة . بأعضائه املختلفة

هذا األثر املسموع . )٥("أو حتريك هذه األعضاء بطرق معينة حمددة أيضا. حمددة .ين اليت يريد نقلها للسامعيصدره املتكلم حينما حيتاج أن يبني عن املعاإن العمليات اليت حدثت يف جهاز النطق : وميكننا القول من خالل هذا الوصف

العرب القدامى ت اللغوي ، هي اليت وصفها علماء اللغةاإلنساين ألجل إنتاج الصو، إال منطوقا يف سياق تواصلي تنبهوا إىل أنه ال يوجد الكالم، أصال" حينما

م ، ولعل إحساسهم بصوتية اللغة)٦("اجتماعيهو ما جعلهم يتعرضون يف دراسا ،

.١١٩م، ص ٢٠٠٠ ٤متام حسان، عامل الكتب ، القاهرة ،ط: اللغة بني املعيارية والوصفية، د )١(علي زوين ، دار الشؤون الثقافية العامة، : ينظر منهج البحث اللغوي بني التراث وعلم اللغة احلديث ،د )٢(

٦١م، ص ١٩٨٦ ١اد، طبغد .١٥م، ص ١٩٨٨حلمي خليل، دار املعرفة اجلامعية، د ط ، : الكلمة دراسة لغوية معجمية، د )٣( . ٩٩علم اللغة، السعران ، ص )٤( ١١٩م، ص ٢٠٠٠كمال بشر ، دار غريب، القاهرة، د ط : علم األصوات، د )٥(هلادي بن ظافر الشهري،دار الكتاب اجلديد استراتيجية اخلطاب مقاربة لغوية تداولية، عبدا )٦(

.٦، ص٢٠٠٤ ١املتحدة،بريوت، ط

18

الصوت (اللغوية ملا يسمى حديثا بالصوت اللغوي، وإن اختلفت مصطلحام بني فقد بنوا دراسام على أن احلروف هي اللبنات األوىل للكلمات، وذلك ). واحلرف

عرض خيرج :" الصوت عند ابن جين بالبحث عن خمارجها، واحلديث عن صفاا ، فمع النفس مستطيال متصال، حىت يعرض له يف احللق والفم والشفتني مقاطع تثنيه عن

، ويتضح من كالم ابن)١("امتداده واستطالته، فيسمى املقطع أينما عرض له حرفا وليس هناك من آلة موسيقية تساوي اجلهاز "جين قدرة اجلهاز الصويت لإلنسان

. )٢("نساين يف تنوع األصوات اليت يصدرهااإلهذه املعرفة التصورية حلقيقة الصوت اللغوي، والتمييز له، جعلت اللغويني

.القدامى يدركون أمهية تصنيف األصوات الكالمية املنطوقة حسب خمارجها، وصفاا

نظام من " ا ينظر اللغويون احملدثون يف دراسام للغة، من حيث هي، إىل أ، ومن خالل )٤(أوجمموعة من الرموز الصوتية اليت تكون نظاما متكامال )٣("العالمات

يف حقيقتها،كما اللغة هذا املفهوم للغة، الذي يتجسد يف اإلطار املادي، يدرك أنليست أصواتا ينطق ا املتكلم هكذا دون عالقة بينها، بل "يراها اللغويون احملدثون،

نظاما يرتكز على قاعدة من " تؤلف )٥("ي سلسلة من أصوات مرتبطة بعالقاتههذه املعاين تتعلق ببعضها، كما تؤلف نظاما متزامنا، إذ إن التمييزات واملقابالت إذ إن

حسن حممود هنداوي، دار القلم، : سر صناعة اإلعراب، أبو الفتح عثمان بن جين، حنقيق، د )١(

.٦، ص١٤١٣، ٢دمشق،ط، ١٩٥٠، د ط فندريس، تعريب عبداحلميد الدواخلي و حممدا القصاص، مكتبة األجنلو املصرية.اللغة، ج )٢(

.٦٢ص ٣١فندريس ، ص .اللغة، ج )٣(م ، ١٩٩٢، ٢حممود فهمي حجازي، دار الثقافة للنشر والتوزيع، ط: ينظر ، مدخل إىل علم اللغة، د )٤(

١٠ص، ٢حممد حممد يونس علي ، دار املدار اإلسالمي، بريوت، ط:املعىن وظالل املعىن أنظمة الداللة العربية، د )٥(

.٣٢،ص٢٠٠٧

19

فهي حينئذ نظام ثابت، وأمناط من العادات والقواعد )١("هذه العالقات مترابطةللغوية، فليس يف اللغة املعينة أذهان اجلماعة اقرت يف اللغوية العرفية اليت است

، ...أصوات لغوية مادية حقيقة، وإمنا حتتوي على وحدات صوتية ذهنية " )٢()اللسان( )٣(."حنويةو، وإمنا ا أجناس صرفية وليس ا كلمات أو جمل منطوقة بالفعل

من مفردات أو تراكيب ناجتة ما يلفظه أفراد اتمع املعني، أي ما خيتارونه " أما هو النشاط املترجم فهو الكالم ، و )٤("عما تقوم به أعضاء النطق من حركات مطلوبة

تلك القواعد واألمناط املستقرة يف أذهان اجلماعة اللغوية؛ ليحول يف وحدات صوتية ليقة قاللغة حينئذ ح ولتكون؛ املذكورة إىل رموز مادية حقيقة تلك القواعد الكالم

)٥(.مادية فعليةالكالم عمل واللغة حدود هذا " وللتفريق بني اللغة والكالم يرى متام حسان أن

والكالم سلوك واللغة معايري هذا السلوك والكالم نشاط واللغة قواعد هذا . العملالنشاط والكالم حركة واللغة نظام هذه احلركة والكالم حيس بالسمع نطقا والبصر

فالذي نقوله أو نكتبه كالم، والذي نقول حبسبه . لغة تفهم بالتأمل يف الكالمكتابة والونكتب حبسبه هو اللغة فالكالم هو املنطوق وهو املكتوب، واللغة هي املوصوفة يف

والكالم قد حيدث أن يكون عمال فرديا . كتب القواعد وفقه اللغة واملعجم وحنوها

، ١٩٨٥، ٤عارف منيمنة وبشري أوبري، منشورات عويدات، بريوت، ط: البنيوية، جان بياجيه، ترمجة )١(

.٦٤صفليس اللسان إال جزءا حمددا من : ، إذ يقول Langageواللغة LaLangue يفرق دي سوسري بني اللسان )٢(

ت الوقت إنتاجا جمتمعيا حادثا وذا االعتبار يكون اللسان يف ذا. اللغة، وهو جزء أساسي ال شك فيه عن ملكة اللغة وعن أنواع التواطؤ واالتفاقات الضرورية اليت أقرها اتمع وسنها لكي تتأتى ممارسة هذه

حماضرات يف علم اللسان العام ، فرديناند دي سوسري، ترمجة عبد القادر قنيين، . امللكة عند األفراد .٢٣، ص٢٠٠٨، ٢أفريقيا الشرق، املغرب ، ط

.٩٩التفكري اللغوي بني القدمي واجلديد، ص )٣(حممد حسن عبدالعزيز، دار الفكر العريب، القاهرة، د ط ، د ت ، : سوسري رائد علم اللغة احلديث، د )٤(

.٢٠صكمال بشر، دار غريب للطباعة والنشر والتوزيع، : ينظر دور الكلمة يف اللغة، ستيفن أوملان، ترمجة د )٥(

.٣٧، د ت، ص ١٢القاهرة، ط

20

.)١("ولكن اللغة ال تكون إال اجتماعيةللغة جانبني يغذياا، يرجع الفضل إلنتاج الرموز املنطوقة وذا يتضح أن

، مث التواطؤ االجتماعي الذي يقره أوال املفهومة معىن بقدرة اإلنسان على التكلم، فكل تغيري ينشئه فرد ما ال يكتسي أمهية إال إذا تبنته عليها، ومينحها شرعيتها ثانيا

. ملا حيدده العرف من معايري اللغة.. خاضع " يف استعماهلا؛ ألنه اموعة واستقرفاملتكلم الذي يستعمل لغة اتمع الذي نشأ فيه يستعمل أصواا، وصيغها، ومفرداا،

استعمالية معينة، حيذقها باملشاركة يف التخاطب، وميرن )٢(وتراكيبها، حسب أصول .)٣("أو تفصيلهاعليها، ويطابقها دون تفكري يف مجلتها

لتصبح حينئذ، فهذه األصول، والعادات، تتطابق وحاجات اتمع املستعمل للغة؛ ، وعقدا )٤("واحدة من أقوى العرى اليت تربط اجلماعات"كما يرى فندريس،

. اجتماعيا ال مناص من اخلضوع لسلطتهألننا ال ننسى " ؛بارت، واللسان قانوا.فاللغة سلطة تشريعية بذاا،كما يقول ر

؛ غري أن شدة )٥("تصنيف ينطوي على نوع من القهر كل أن كل لسان تصنيف، وأنأوصاهلا حببل متني، ال تراه وطأة اللغة على املتكلم بقوانينها، وأنظمتها، اليت تشد

ه، كل التغيريات اليت حياول الفرد وحده إدخاهلا علي"العيون اردة، جتعل اللسان يقاوم، ووسيلة األمان والبلوغ املعريف ، والتواصل )٦("فهو بالتايل مؤسسة اجتماعية

.االجتماعي

أي ربية على أفراد اتمع، وال يسعاللغة ظاهرة اجتماعية، هلا عمومية، وقوة ج

.٣١، ص١٤٣٠، ٦متام حسان، عامل الكتب، القاهرة، ط: اللغة العربية معناها ومبناها، د )١( ) أطول( يف األصل )٢( .١٨م، ص ٢٠٠٠، ٤متام حسان، عامل الكتب، القاهرة، ط: اللغة بني املعيارية والوصفية، د )٣( .٣٥اللغة ، ص )٤(، إعداد وترمجة، حممد سبيال وعبدالسالم بنعبدالعايل، دار توبقال، ) ص خمتارةنصو( اللغة دفاتر فلسفية )٥(

.١٠٤م، ص٢٠٠٥، ٤الدار البيضاء، ط .٤٣السابق، ص )٦(

21

املستعملة، فرد أن خيالف، أو حياول أن خيرج عما يرمسه اتمع من معايري عرفية للغةومن ثم فلها مناذج وأمناط تظهر يف صورة واحدة إىل حد ما فترة طويلة من الزمن،

، وعلى )١("كل سلوك ثقايف فهو سلوك ذو مناذج:"وهذا يتفق كثريا مع ما يقوله سايربيرى اللغويون هذا فتحليل مناذج لغة ما، إمنا هو حتليل حلقائق اجتماعية، إذ

اللغة ال يدرس جمموعات ضخمة من السياقات الصوتية، بل يدرس أن علم"احملدثونوأن املرء ليحاول أن حيدد عناصر التأليف وقواعده . نظاما من األعراف االجتماعية

ومن . اليت تشكل ذلك النظام، واليت جتعل االتصال اللغوي بني أفراد اتمع ممكناف والوقائع االجتماعية يف قلب فضائل نظرية سوسري يف اللغة أا وضعت األعرا

.)٢("احلدث اللغويكالتربة "ية فيه، واتمع بالنسبة للغة اللغة ابنة اتمع، وهي أم املنظومة الثقاف

. فاحلبة تكمن فيها جرثومة احلياة ولكنها ال تنبت إال يف التربة. بالنسبة للزهرة أو احلبةقة اللغة باتمع عالقة متينة متداخلة، وحركة ؛ ولذا فعال)٣("وكذلك اللغة يف اإلنسان

متشاة، كثرية األوجه والتعقيد، وال يستسهل رصد هذه العالقة بينهما دون معايري ثابتة؛ ألن اتمع يف حركة دائبة وحتول مستمر، واللغة توازي حركته، وتسايره، وهي

الذاكرة اجلماعية حيث ، وهيوهي انعكاس للشعب"ونظمه، صورة صادقة حلضارته اجللي أن اللغة مكون " ؛ إذ من الثابت )٤("يودع الشعب اخلربة الواجب نقلها لألجيال

للثقافة، ولكنها تكون أساسا موعة الظواهر الثقافية، وقاعدا ووسيطها ا)٥(".الكليتمع ميس اللغة كذلك، ألومن هنا فإن ما ميس ا "ا ذهنيا ليست واقع

.١٧١اللغة بني املعيارية والوصفية، ص )١(يل، عزالدين إمساع: ، جوناثان كلر، ترمجة د)أصول اللسانيات احلديثة والعالمات( فرديناند دى سوسري )٢(

.١١١م، ص ٢٠٠٠املكتبة األكادميية، القاهرة، د ط، .٢٩إبراهيم أنيس، دار املعارف، مصر، د ط، د ت ، ص : اللغة بني القومية والعاملية، د )٣(، ١٩٩٠، ١خليل أمحد خليل ، دار الطليعة، بريوت، ط : اللسانة االجتماعية، جولييت غارمادي، عربه د )٤(

.٢٨ص حسن ناظم، املركز : ألساسية يف علم اللغة، رومان ياكوبسون، ترمجة على حاكم صاحل و داالجتاهات ا )٥(

.٦٣م، ص ٢٠١١، ٢الثقايف العريب، الدار البيضاء، ط

22

، بل إن السلوك اللغوي والسلوك )١("جمردا ال رابط يربطه بالواقع االجتماعيه اليت اعل دائم؛ ألن لكل جمتمع عاداته، وتقاليده االجتماعية، وأفكاراالجتماعي يف تف

ميارسها من خالل اللغة، واتباعا هلذه العادات والتقاليد اللغوية، فإن أفراد اتمع .ون من التواصل فيما بينهم، والتعبري عن حاجام بواسطتهايتمكن

.٦٧، ص ١٤٠٨، ١هادي ر، دار الغصون، بريوت، ط : علم اللغة االجتماعي عند العرب، د )١(

23

:ولالباب األ

:الفصل األول

:الفصل الثاني

24

الفصل األول

منزلة اللهجة المنطوقة في كتب علم اللغة الحديث

25

التسوية بين اللغات والمستويات اللغوية

، فال حمالة ، وتشاطره حياته تهداللغة ذات أمهية لإلنسان، تتغلغل يف أور طاملا أن صورة جمرد تها وماهيتها، سواء أكانتقعن حقي لغوي يبحث ينشط باحث حينئذ أن

ذهنية، أم أقر هها وسيلة اتصال مبحيطه وجمتمعحبقيقة أن. من الزمن والنسيان، إذ هي يهاهللا اختص بين آدم باللغة لعاش يف ت ولوال أن

عاش، وسريورة املعرفة األصل الذي حيتضن احلياة، وتضمن دميومة الوجود يف الزمن املاإلنسانية، وا يربط اإلنسان ذاته الداخلية بواقعه اخلارجي، عند إحساسه حبركة

.هالزمان واملكان، راغبا بإظهار ذاته وإعالن وجودوبقدر ما يظهر أن اللغة تعد أمرا يسريا يف حياة اإلنسان اليومية، إال أنها يف

ذا جيد املتأمل يف تأريخ النظرية اللغوية أن البحث يف اللغة حقيقة األمر بالغة التعقيد؛ ل .قدمي قدم اللغة اإلنسانية ملا احتلته من مكانة مرموقة يف العلم والفكر

تصورات البشر للغة، آخذة "إن اهتمام اللغويني القدامى بالظاهرة اللغوية نابع من حماولني الكشف عن )١("هممن نوع جمتمعهم، وتراثهم الثقايف، وخاصة من دين

املخزون اللغوي، الكامن يف أحشاء هذا التراث، حمافظني عليه بالتسجيل والتدوين، .واصطناع الرموز الكتابية والتقعيد

مدين بصورة مؤكدة لتلك "احلديث، كما يذكر دافيد كريستل، علم اللغةعلماء دلى األعمال املبكرة عناملطلع ع ، إذ إن)٢("األعمال املبكرة، بل إنه اقتبس منها

نتائج ال خيتلف كثريا عما توصل إليه علماء "ما توصلوا إليه من جيد أن العربية القدماءبل إنه من الثابت أن . الغرب مبناهجهم ومعدام احلديثة بعد تلك العصور بقرون

رمجت إىل الدراسات اللغوية العربية اخلاصة بعلم األصوات اليت وصلت إىل أوروبا وتاللغات املختلفة كانت ن العوامل املساعدة على ما توصل إليه الغرب من النتائج يف

.٣١٧علم اللغة مقدمة للقارئ العريب، ص )١(، د ت، ٢حلمي خليل، دار املعرفة اجلامعية ، ط: ، ترمجة وتعليق،ددافيد كريستلالتعريف بعلم اللغة، )٢(

.٧٥ص

26

)١("العصر احلاضرما جند من تأثري الدراسات اللغوية القدمية يف الدراسات اللغوية على الرغم و

متعددة وحامسة بني املنهج اختالفات" أن هناكيرى دافيد كريستل احلديثة إال أنديث والدراسة القدمية للغة، وحجر الزاوية يف هذا اخلالف تلخصه كلمة واحدة احل، وإن هذا احلكم قد يصدق على الدراسات اللغوية الغربية القدمية ، )٢()"العلمية(هي

بني " فإنه ال يصدق الدراسات اللغوية العربية القدمية ، ومع ذلك فإن الفرق وهذا ال يعين بأي . يف املدخل أو يف معاجلة اللغة الدراسات القدمية واحلديثة هو فرق

لبعضها الواقع أن حال من األحوال أن مجيع الدراسات القدمية عدمية القيمة بل أن )٣("قيمة كبرية للغاية ال زلنا نفيد منها ونعتمد عليها حىت اآلن

ة أيا كان موضوعها، دراس،اللغويني احملدثني ولكي تكون دراسة اللغة عند املوضوعية ، ومها علمية، البد أن تتوفر فيها مستا التفكري العلمي املنضبط املنظم

والشمول، حىت يسري البحث إىل سبيل النجاة؛ وكي تكون النتائج اليت يتوصل إليها .الباحث متسمة بالعلمية واملوضوعية، وليست انطباعا ذاتيا

ل من خالهلا الظواهر اللغوية، أشار مناهج لغوية عديدة تناوعلم اللغة احلديث لعلم اللغة -١ :حلمي خليل إىل اتفاق علماء اللغة أو أغلبهم إىل فرعني كبريين مها

علم اللغة التأرخيي، وعلم اللغة املقارن، وعلم : العام أو علم اللغة النظري وأهم فروعه .اللغة الوصفي، وغري ذلك

الثاين من فروع علم اللغة، ويقوم هذا ، وهو ميثل الفرععلم اللغة التطبيقي -٢العلم على استغالل نتائج ودراسات علم اللغة العام أو النظري وتطبيقها يف جماالت

.)٤(لغوية معينة

.٢١٧م ص ١٩٧٨نايف اخلرما، سلسلة عامل املعرفة، الكويت، : أضواء على الدراسات اللغوية، د )١( .٧٥التعريف بعلم اللغة، ص )٢( .٨٧أضواء على الدراسات اللغوية، ص )٣(، ٢٠١٤حلمي خليل، دار املعرفة اجلامعية ، األسكندرية، د ط،:ينظر مقدمة لدراسة علم اللغة، د )٤(

٣٣١-٣٣٠ص

27

علم اللغة العام هو العلم الذي يقدم لنا "وتشري كتب علم اللغة احلديث إىل أن وهو معتمد يف )١("ناهج اليت ندرسهاالنظرية اليت تفسر اللغة اإلنسانية، ويقدم إلينا امل

وضع نظرياته اللغوية على ما تصل إليه علوم اللغة األخرى، وهي كذلك معتمدة عليه، فكالمها مؤثر ومتأثر باآلخر؛ غري أن أساس نظريات علم اللغة العام ظواهر اللغة

.اإلنسانية، واستخدام اتمعات هلا ألداء وظائف حمددةعدم اه أصحاب علم اللغة احلديث لدراسة اللغة دراسة علمية، أداهم إىل إن اجت

، بل اكتفوا بوصفها، واهتموا مبعرفة القوانني اليت ختضع هلا عن التفكري بتفسري أسبااوعاء التجارب ودليل "طريق املالحظة والتجربة؛ ألن اللغة كما يقول متام حسان

، واهلدف من وراء )٢("ليومي الذي تقوم به اجلماعةالنشاط اإلنساين ومظهر السلوك اذلك أن يستبدل علم اللغة احلديث العالقات املطردة بني الظواهر اللغوية بالعلل اليت

صبح مهمة العلم حينئذ اإلجابة عن ج التقليدية للدراسات اللغوية، فتتستنتجها املناهحاب هذا العلم من أحكام ، وما يطلقه أص)٣()ملاذا(، ال عن سؤال )كيف(سؤال

،ا لغوية –ما هي يف احلقيقة إال أحكام اجتماعية " حينئذوال )٤("وليست أحكام ،ينبغي أن تؤثر يف األحكام ذاا عبارات االستحسان، واالستهجان، والتصويب،

، وإن كان مثة )٥("مدار األمر إىل اجلماعة اليت تستخدم هذه اللغة" والتخطئة، وإنما تالف يف مسألة ما كان الرجوع إىل واقع اللغة املدروسة وإجراء التجارب مرة اخ

.أخرى هو احلكم، والفيصل يف هذه املسألةعادات متشاة يف النطق، وعالقات تقوم بني "ومبا أن اللغة مؤسسة اجتماعية و

ة فال ميكن فهمها بشكل مالئم إال بكوا ظاهر)٦("أصوات معينة وبني معان معينة

.١٦٩حممد حسن عبدالعزيز ، دار النمر للطباعة، د ط، د ت، ص : مدخل إىل علم اللغة ، د )١( .١٥اللغة بني املعيارية والوصفية، ص )٢( .٥٠ينظر السابق، ص )٣( .١٣٨مدخل إىل علم اللغة ، حممد حسن عبدالعزيز، ص )٤( .١٣٧السابق، ص )٥(حممد مندور يف النقد املنهجي عن العرب ومنهج البحث يف األدب : علم اللسان، أنطوان ماييه، ترمجة د )٦(

.٤٤٩م، ص ٢٠٠٣، ٧واللغة، ضة مصر، القاهرة، ط

28

إنما " اجتماعية، ونظام مستقل بذاته عن األفراد، وما فيها من تواطؤ واتفاق وتواضع وهذا مما دعا سوسري أن يقلب )١("ذات صفة حمسوسة ملموسة... هي حقائق ووقائع

واقع الدراسات اللغوية، ويغير جمراها، إذ جعل اللغة جمرد أشياء واقعية قابلة ألن اللغة، وخاضعة حملك التجربة؛ لكي يكشف خواصها الذاتية وعالقاا يدرسها علم

العلمية للغة يف علم من خالل املالحظة الداخلية، وتبعا لذلك، فإن موضوع الدراسة .)٢("اللغة منظور إليها من ذاا ولذاا:" يث هو اللغة احلد

يضعه الباحث أمامه ما يستطيع أن اعتمد علم اللغة احلديث يف دراسته للغة علىلذلك فهو ينادي بالوقوف عند حدودها؛ ملعرفة القوانني اليت ختضع ويسمعه أو يراه؛

هلا اللغة، واستبعد مجيع النظريات حول أصل اللغة ونشأا، ورأى أن كل ما يقال ومن هنا كانت ...لى أسس سليمةهو من قبيل الفروض اليت ال تستند ع"فيها

)٣("اليت قدمها الباحثون يف نشأة اللغة ضربا من امليتافيزيقا) الفروض (أو ) النظريات( جالل الدين السيوطي العرب القدامى، وبعد أن بين وحني التأمل يف كتب اللغويني

: ولذلك قيل ... أنه ال فائدة من ذكر هذه املسألة " أشار إىل اآلراء يف نشأة اللغةني أن اجلمعية اللغوية الفرنسية ترى أن تترك يف ح )٤("ذكرها يف األصول فضول

هقررتوهذا يوافق ما .البحث يف هذا اجلانب للفالسفة فهم أحرى بالتأمل واخليالويبدو أن )٥(يتناول هذا املوضوع حبث عدم نشر أيمن اجلمعية اللغوية بباريس

ديد البحث يف فقه علينا جت القد بات لزام: "تأثر ذا القرار إذ يقول صبحي الصاحلبل يعنينا أن نتابع التطور ...نتقصى أصل اللغة الغامض اهول اللغة فليس يعنينا أن

عبدالقادر قنيين، أفريقيا الشرق، الدار : سري، ترمجةفرديناند دي سوحماضرات يف علم اللسان العام، )١(

.٣٠، ص البيضاء،د ط، د توانظر علم اللغة . ٤٤زكريا إبراهيم، مكتبة مصر ، د ط، د ت ، ص :مشكالت فلسفية مشكلة البنية، د )٢(

.٤٩مقدمة للقارئ العريب، ص .٥٣علم اللغة مقدمة للقارئ العريب، ص )٣(اللغة، عبدالرمحن جالل الدين السيوطي، حتقيق حممد أبوالفضل إبراهيم وآخرون، دار املزهر يف علوم )٤(

.٢١، د ت، ص ٣التراث، القاهرة، ط .٢٠، ص١٩٧٠ينظر لغات البشر أصوهلا وطبيعتها وتطورها، ماريوي باي ، ترمجة صالح العريب، د ط )٥(

29

اللغوي كيف حدث؟ بعد إحصائه واستقرائه ومالحظته ومقارنة بعض مظاهره املختلفة جبمع ما ميكننا من املعلومات عن اللغات اإلنسانيةببعض، وعلينا أن نبدأ

١("السنن العامة والقوانني الثابتة يف علم اللغة العامب النخرج أخري(.

وحني أقصى علم اللغة احلديث البحث يف أصل اللغة ونشأا من اهتمامه، أبرز يعطي اهتماما كبريا للغات املتكلمة، ويقلل من " االهتمام باللغة املنطوقة، وأصبح

أن يأيت من البديهي يرون أن "م علماء اللغة ؛ ألن معظ)٢("االهتمام بالشواهد املكتوبة؛ ويرون )٣("فتأيت يف املرتبة التالية ألا مشتقة منه أما اللغة املكتوبةالكالم أوال، و

كل اللغات بدأت أوال كلغة منطوقة، وهناك آآلف من اللغات، مل تكن مكتوبة "أن .)٤(" ، مث خضعت للكتابة يف عهد قريب جداالبتةمن قبل

ومهما بلغت الكتابة يف متثيلها للنطق، فإا ال تستطيع نقل حركات اجلسم، ،ونتيجة لرتعة )٥("احلياة اللغوية يف األمةحالة متثل متثيال صحيحا " وتعبريات الوجه، وال

تعجز بطبيعتها عن تسجيل مجلة من "احملافظة على تقاليد الكتابة، فال غرابة أنكالنرب و التنغيم يف حاالت االستفهام و النفي، و ،النطقية العامة الظواهر، والوظائف

اإلنكار، و التعجب، و التحسر و هي وظائف ذات داللة مباشرة يف احلدث اللغوي .، ومع ذلك تسري كلتا اللغتني متوازيتني حبيطة، وحذر)٦("

، نيةاختالف مناحي التطور يف ظروف اإلنسان االجتماعية والبيئية والسكاومع األخرية يف تطور "مسافة االختالف بني اللغتني املكتوبة واملنطوقة إال أن هذه تتسع

مطرد، وال تستطيع أي قوة إىل تعويق تطورها سبيال، فال تنفك تبعد عن لغة الكتابة

.٣٥، ص ٢٠٠٩، ٣ماليني، بريوت، طصبحي الصاحل، دار العلم لل: دراسات يف فقه اللغة، د )١(، ١٤١٩، ٨أمحد خمتار عمر، عامل الكتب، القاهرة، ط : أسس علم اللغة، ماريوباي، ترمجة وتعليق د )٢(

.٢٣٥صحلمي خليل، دار املعرفة اجلامعية، اإلسكندرية، : نظرية تشومسكي اللغوية، جون ليونز، ترمجة وتعليق د )٣(

.٣٣، ص ٢٠١١د ط، .٣٣ نفسه ص )٤( .٢٥١علم اللغة ، علي عبدالواحد وايف، ص )٥( .١٠، ص ١٤٠٠عبدالصبور شاهني، مؤسسة الرسالة، بريوت، د ط، : املنهج الصويت للبنية العربية، د )٦(

30

ما ، ويف أشد)١("منهما غريبة عن األخرى أو بعيدة عنها اجلامدة حىت تصبح كلمع ما بينها من عالقات، يبين علي وايف تصوره بتغلب لغة احملادثة يصيبهما من تباين،

فما أشبه :" على لغة الكتابة حني أشار إىل ذوباا يف لغة احملادثة، وطغياا عليها بقولهلغة الكتابة اجلامدة يف حاالت كهذه جببل ثلج ثابت على سطح البحر، ولغات احملادثة

فمهما طال بقاء هذا الثلج، فإن مصريه إىل . متوج حتتهاملتطورة بالتيارات املائية اليتالتحطيم والذوبان، وحينئذ تطفو تلك التيارات إىل سطح البحر، وتعيده إليه ما كان

.)٢("مستورا حتت هذا اجلبل اجلامد من مظاهر النشاط واحلياةمة ومحأة الصراع هذه تولد أمام اللغويني لغات ميتة وأخرى حية، متكل

هذه متثل موضوع علم اللغة كما أوضح سوسري ومكتوبة، بدائية وحضرية، كلكل النشاط اللغوي لإلنسان يستوي يف املاضي واحلاضر، يستوي يف هذا :"بقوله

اإلنسان البدائي واملتحضر، واللغات احلية وامليتة، والقدمية واحلديثة، دون اعتبار لصحة . (٣)"غري ذلكأو حلن، أو جودة أو رداءة، أو

ال يقيم وزنا هلؤالء الذين يؤمنون " نزعلم اللغة احلديث كما يرى جون ليوإن مادام أنه ال يمايز وال )٤("بوجود فرق ما يسمى باللغات املتحضرة واللغات البدائية

يفاضل بني لغة وأخرى، ويساوي بني اللغات لتمتعها بذات املشاهد والوقائع، فال .غة وأخرى وال متايزتفاضل بني ل

نسق ال يعرف سوى نظامه " ، أو)٥("نظام من العالمات" ن اللغة وكذا يرى أ؛ لذا فإن الدراسة العلمية هلا عند أصحاب علم اللغة احلديث قائمة على )٦("اخلاص

دراسة مكونات هذا النظام املترابط و املتماسك، معطية األمهية الكربى للتنظيم

.٢٥١علم اللغة ، علي عبدالواحد وايف، ص )١( .٢٥٢السابق، ص )٢(، ٢ن عبدالتواب، مكتبة اخلاجني، القاهرة،ط رمضا: املدخل إىل علم اللغة ومناهج البحث اللغوي، د )٣(

.١٨وكذلك ينظر حماضرات يف علم اللسان العام، ص .٧،ص١٤٠٥ .٣٧نظرية تشومسكي اللغوية، ص )٤( .٣١فندريس ، ص .اللغة، ج )٥( .٤٦مشكلة البنية، ص )٦(

31

.م اللغوي، دون اعتبار للمؤثرات اخلارجيةالداخلي للنظافكون هذا النوع من " ويتضح ذلك من خالل تشبيه سوسري للغة بلعبة الشطرنج

اللعب قد انتقل من الفرس إىل أوربا يعترب أمرا ما خيص نظام اللعب ذاته . اا خارجيأمب بقطع وقواعده، فهو على خالف ذلك، أمر داخلي فلو أنين استبدلت قطع اخلش

العاج، فإن هذا التغيري ال يؤثر يف النظام، ولكن إن زدت أو نقصت من عدد القطع، .)١("هذه اللعبة إن صح التعبري) قواعد حنو(فإن هذا التغيري عينه يؤثر تأثريا بالغا على

الشطرنج أن سوسري استخدمه إليضاح لعبة ويبني هايدرون بلتس بعد ذكر مثال الوضع املعني أن يصفه مشاهد، حيضر متأخرا، " وأن ، علم اللغة احلديث مبدأ التزامن

فليس بذي أمهية . وصفا تاما يف هذه اللحظة مثلما يصفه شخص ما، حضر من البداية تضحولي)٢("اريخ السابق الذي من خالله تدرك احلالة الراهنةللوصف معرفة ما الت كلية

لعلم اللغة التأرخيي، وأن اللغات على حد سواء، وسري رفض س ةصورمن خالل هذه الللغة على أخرى من حيث املبدأ؛ لذا سيصبح اللغويون احملدثون وصافني للغة فضل فال

؛ إذ التطور مبين ا فال اية لتطور اللغة، وال اية حينئذ للبحث ومكان يف كل زمنتبعية علم اللغة التأرخيي واملنهج املعياري ، والدخول يف على التغير والتعدد واالختالف

إمنا هو تقييد حلرية املتكلم وإبداعه يف اللغة، لكن ظهور هذه املؤشرات أدت إىل ردة ؛ لتظهر جهود علماء العربية القدماء يف التوجيه فعل قوي يف احلركة اللغوية العربية

نثرا، ولتصبح تلك اللغوي الذي مياثل النموذج القرآين، وكالم العرب شعرا والتوجيهات والقواعد من املسلمات اليت اكتسبت سلطة ال يستطيع املتكلم بالنموذجية

، متطورة حنوا وصرفا األسس والقواعد الفكاك منها، ولتصبح العربية ذا املنهج ثابتة .معجما وداللة من داخلها

والنحوية الصوتية، والصرفية، ستوياتالنظام اللغوي قائم على أساس املأو أية صورة من صور الكالم لغة من اللغات أو هلجة من اللهجات" والداللية، فأي ،

.٤٠حماضرات يف علم اللسان العام ، ص )١(سعيد حسن حبريي، مكتبة زهراء الشرق، : تس، نقله إىل العربية دمدخل إىل علم اللغة، هايدرون بل )٢(

.٧٨، ص٢٠١٣، ١القاهرة، ط

32

بطبعها، حتتوي على قواعد خاصة ) منظمة ( الذي تستعمله مجاعة من اجلماعات ا، إمنا يتناول ظواهر اللغات مجيع وعلم اللغة العام حني يدرسها دراسة علمية )١("اقق يف أشكال لغات كثرية وهلجات متعددة، وصور خمتلفة من صور اليت تظهر و تتح"

وهو حياول أن يصل إىل فهم احلقائق واخلصائص اليت تسلك اللغات ...الكالم اإلنساين، ويريد أن يبين نظرية لغوية لبنيتها ووظائفها اليت تصدق على )٢("مجيعا يف عقد واحد

ا ببعض، أو أسباب تغريها، عن طريق التحليل مجيع اللغات؛ أو العالقات اليت تربطهال تعرض سوى الواقع "ملالحظة، واالستقراء واملقارنة بعد التسجيل والرصد، وا

اللغوي مصنفا دون تدخل من الباحث بتفسري ظاهرة، أو تعليل الجتاه لغوي هنا أو يع ؛ وألجل ذا يقرر علم اللغة احلديث،كما يذكر جون ليونز، تساوي مج)٣("هناك

ومما هو جدير بالذكر هنا أن:"اللهجات باللغة الفصحى بالدرس اللغوي ؛ إذ يقولا من اللغة الفصحى، ... لغة اللهجات االجتماعية أو اإلقليمية أليليست أقل انتظام

ألن كثريا من الناس يعتقدون أن ... بل ال ينبغي وصفها بأا صورة مشوهة منها لم يف املدارس هي وحدها اخلليقة بالدراسة العلمية واملنهجية اللغة الفصحى اليت تع

تتساوى يف علم اللغة من هذه ) اللهجات(ولكن احلقيقة غري ذلك؛ ألن مجيع .)٤("الناحية

القول بأفضلية لغة على لغة باالستناد على نصوص دينية، أو باشتراط وكون إنابن حزم ، فإن يقوم على أساس علميأصالة مرفوض يف علم اللغة احلديث؛ ألنه ال

وقد توهم قوم يف لغتهم :" قبل يف كتابه اإلحكام يف أصول األحكام فقالقد قرر هذا وإمنا هي بعمل أو ، وجوه الفضل معروفة وهذا ال معىن له ألن ،أا أفضل اللغات

ىل :وال جاء نص يف تفضيل لغة على لغة وقد قال تعاىل ،اختصاص وال عمل للغة خئ حئ جئيي ىي ني مي زي ري ى ينىن نن من رنزن مم ام يل

.٤٤علم اللغة مقدمة للقارئ العريب، ص )١( .٥٠السابق، ص )٢( .١٨٢املدخل إىل علم اللغة ومناهج البحث اللغوي، ص )٣( ).بتصرف( ٣٦نظرية تشومسكي اللغوية، ص )٤(

33

فأخرب تعاىل ، )٢( مع جع مظ حط مض خض :تعاىل وقال، )١(مئهئوقد .ال لغري ذلك ،ه عليه السالمل القران بلغة العرب إال ليفهم ذلك قومأنه مل يرت

سائر اللغات إمنا ألن ؛لغة اليونانيني أفضل اللغات إن :غلط يف ذلك جالينوس فقال ألن ؛وهذا جهل شديد : قال علي. شبه إما نباح الكالب أو نقيق الضفادع هي تصاب الذي ذكره جالينوس فهي عنده يف الن ،هاه وال يفهمليست لغت لغة سامع كل

:قال علي. ه ا كالم اهللا تعاىل ألن ؛العربية أفضل اللغات :وقد قال قوم ،وال فرقإال بلسان قومه وقال وجل قد أخربنا أنه مل يرسل رسوال اهللا عز ألن، وهذا ال معىن له

فبكل، )٤(مئهئ خئ حئ جئ :وقال تعاىل )٣( يت ىت نت مت زت رت يب ىب :تعاىلموسى ،ملور وكبوالز ،واإلجنيل ،لغة قد نزل كالم اهللا تعاىل ووحيه وقد أنزل التوراة

فتساوت ،اهيم عليه السالم بالسريانيةوأنزل الصحف على إبر .عليه السالم بالعربانيةاللغات يف هذا تساوي٥("اا واحد(

للغة فضل يف ذاا وإمنا تتباين اللغات يف منازل الفضل مبحموالا "ليسعندئذ فو؛ فإذا كانت اللغة لسانا لنص مقدس أو مقدم احتملت الفضيلة من هذه اجلهة وهذا

ذا كانت لسانا إلبداع معريف احتملت الفضيلة من هذه وإ. بعض شأن العربية، مثال )٦("اجلهة أيضا وهذا شأن كثري من اللغات يف حقب متعاقبة

لدراستها ومن ثم فحني اعترفت اللغويات احلديثة باللهجة، ومهدت السبل بل، )٧(، فال يعنيها ،حينئذ، أن ينظر نظرة فوقية للغة، ونظرة دونية للهجةدراسة علمية

)٤( إبراهيم )١( )٥٨( الدخان )٢( )٢٤( فاطر )٣( )١٩٦( الشعراء )٤(أمحد حممد شاكر، دار اآلفاق اجلديدة، : اإلحكام يف أصول األحكام، أيب حممد علي بن حزم، حتقيق )٥(

.٣٣بريوت، د ط د ت، ص ، ١ن، ط اد املوسى، دار الشروق، عما: اللغة العربية يف العصر احلديث قيم الثبوت وقوى التحول، د )٦(

.٢٨، ص ٢٠٠٧ .٢٢٤، ص ١٩٩٧، ٣كمال بشر، دار غريب، القاهرة، ط: ينظر علم اللغة االجتماعي مدخل، د )٧(

34

من واجب "و سواءرتلة امل؛ إذ إما يف أن يفاضل بينهما هامن وجهة نظرال ينبغي الباحث أن يلزم نفسه ترك تفضيل لغة على أخرى، أو فصحى على هلجة، أو ذكر

.)١("أحكام االستحسان أو االستهجان على املادة اللغوية اليت يدرسهاللهجات يف مرتلة واحدة، وعلى قدر واحد من ويتبني مما سبق أن كل اللغات وا

املساواة يف علم اللغة احلديث؛ غري أن ماريوباي يستدرك، ويبني افتقاد عنصر االنسجام بني فروع الدراسات اللغوية احلديثة، مما يعيق من تقدمها وازدهارها

يف من وجهة النظر الوصفية البحتة فإن علماء اللغة الوصفيني على حق:" فيقولاعتبارهم كل اللغة واللغات على قدر واحد من املساواة، ولكن هناك ثالث وجهات نظر أخرى، البد من أخذها يف االعتبار، وكلها مبنية على احلقيقة والواقع، وهي

فمن وجهة نظر عامل . قائمة على أساس العوامل التارخيية، واجلغرافية، واالجتماعيةفإن بعضها حتيط به . للغات كلها على قدم املساواةاللغة التارخيي ال ميكن وضع ا

ومن وجهة نظر عامل اللغة اجلغرايف جيب أن . أحداث تارخيية أهم من بعضها اآلخر. نأخذ يف االعتبار تفاوت اللغات من ناحية األمهية العملية، وكذلك تفاوت أمناطها

عادي يوجد ـ ومن وجهة النظر االجتماعية ـ كما هو من وجهة نظر الشخص اليف مقابل أمناط غري املثقفني يف كل لغة ـ منط يتمتع باملكانة واهليبة دون األمناط

ونتيجة لذلك . اللغوية األخرى، وهو ما ميكن أن يسمى بالنمط اللغوي للمثقفنييظهر نفوذ بعض األمناط اللغوية دون بعض حني يفاضل بينها يف جمال الوظيفة

إن الشخص ال ميكن أن يغمض عينيه عن هذه احلقائق . تماعيواالختيار، واملركز االج .)٢("على أساس نظرية املساواة؛ ألن هذه النظرية قد قامت على نظام خمتلف

املساواة وعدم التفاضل بني اللغات، وال بني مستوياا، يقرر رأي وعلى أساس العامية حبسب أسسه وما علم اللغة العام ليس إال قناعا للدعوة إىل " سليمان العايد أن

يدعو إليه؛ ألنه ال يفاضل بني اللغات، وال بني مستوياا؛ ألن اللغة يف نظر علم اللغة فاللغة عند أصحابه جمرد وسيلة " ما يتكلمه الناس ال ما ينبغي أن يتكلموه" احلديث

.٩٦املستوى اللغوي للفصحى واللهجات للنثر والشعر، ص )١( . ٢٣٩-٢٣٨أسس علم اللغة ، ص )٢(

35

من شأن اللغة مث إم بتأكيدهم العناية باللغة املنطوقة وإعالء شاا، والتقليل .اتصالاملكتوبة يدعون إىل العامية؛ إذ معىن كالمهم بالنسبة للعربية دعوة إىل دراسة العامية؛

فهل . )١("ألا اللغة املنطوقة اليت يتفاهم ا الناس يف شئوم اليومية وحيام املعتادة !.من متأمل ؟

اللغة المنطوقة واللغة المكتوبة

ئرة اهتمام علم اللغة احلديث هي الكلمة املنطوقة، اليت سبقت اإلشارة إىل أن داه أن للغة خصيصة متيزها عن غريها، وهي اخلاصية تشكل النظام اللغوي، وهذا سبب

أن حيد الصوتية، املشكلة للمعيار األساسي يف تعريف اللغة، مما جعل ابن جين عندئذ )٢(".أصوات يعرب ا كل قوم عن أغراضهم:"اللغة بأا

من اللغويني القدامى إن هذه الرؤية للغة وقيمتها عند ابن جين وغريهتكمن يف أن اللغة تعد وسيطا إلجناز أفعال اجتماعية علمية؛ أي أنها وسيلة "واحملدثني

فمن غري الالئق عندئذ أن تغيب اللغة عن الواقع احلي، )٣("لتشكيل الواقع االجتماعينت ميتة، فتؤخذ أنظمتها، وقواعدها، وأحكامها عن طريق اللغة املكتوبة؛ كما لو كا

العرب تدل على أم مل علماء العربيةوهلذا جند أن النصوص اللغوية املبثوثة يف كتب يكتفوا بتقرير أحكامهم على اللغة املكتوبة فقط، بل تطرقوا إىل اللغة املنطوقة، و يشري

كتاب سيبويه يرينا كيف أن القواعد " إن: ا يف قولهيوهان فك إىل شيء من هذ

، )اجلزء األول(ضرات يف اللغة العربية أسس علم اللغة العام وتطبيقاته على اللغة العربية، ضمن كتاب حما )١(

.٨٢-٨١مكتبة الرشد، الرياض ، د ط، د ت ، ص . ٣٣اخلصائص، ص )٢(،ع ٤مالحظات حول التحيل االجتماعي للغة، حممد حافظ دياب، جملة فصول ، مج : اإلثنوميثودولوجيا )٣(

.١٦١ص) ١٩٨٤( ٣

36

العربية اعتمدت على االستعمال اللغوي عند عرب البادية دون استثناء، فهو يرجع وإذا رجعنا إىل تك النصوص جند )١("دائما يف شئون االستعمال اللغوي إىل العرب

نة على التركيب واملعاين؛ مما أم مل يغفلوا النظام الصويت يف هذه اللغة، وآثاره املمكدعاهم إىل أن يستثمروا هذا النظام الصويت، وأداءه؛ لفهم خصوصية اللغة املنطوقة، وتوجيهها للغة املكتوبة، وكونه داال على معان خمصوصة، سنتطرق إليها، بإذن اهللا، يف

.كالمنا عن مسات اللغة املنطوقة يف كتب علم اللغة احلديثمن تبعية اللغة املكتوبة للغة املنطوقة، فإن اللغة قد تظهر أنها كتلة وعلى الرغم

جامدة دون الصورة احملسوسة اليت متثلها الكتابة، غري أن اللغويات احلديثة باهتمامها لغة يف نسج الكالم من الكشف عن النظم اليت تتبعها كل" باللغة غري املعدة حتاول

اللغة ال تعيش على ألسن الناس عناصر صوتية مبعثرة، بل ومن املعروف أن . األصوات. كالما حيا، تأتلف عناصره يف كل لغة من اللغات وفق نواميسها الصوتية اخلاصة ا

فما ائتلف من العناصر الصوتية أخذ، وما اختلف نبذ، واملأخوذ تتشكل منه نسج ، كما تلقى نكاثة اخليوط غري األلفاظ، واملنبوذ يبقى أمشاجا مقطعة غري مستعملة

ويفهم من هذا أننا نستطيع االحتكام إىل الذوق، والتعويل عليه؛ )٢("الصاحلة للنسجأن لدينا عقوال " إلدراك وفهم أسرار الكالم، ومعرفة خواصة اجلميلة والذميمة، و

ستنتج وكذلك ن )٣(."معقدة ذات حياة خاصة ا نستطيع التوصل إليها بفضل حدسنااحلدس كدليل يف وضع " منه أن علم اللغة احلديث ال يرى بأسا من استعمال الذوق و

)٤(".التنظري العلمي

عبداحلليم : ان فك، نقله إىل العربية وحققه وفهرس له دالعربية دراسة يف اللغة واللهجات واألساليب، يوه )١(

.٧٧م، ص ٢٠٠٦النجار، الدار املصرية السعودية، القاهرة، د ط، .١٥٦م، ص ٢٠٠٠، ٢غازي خمتار طليمات، دار طالس، دمشق، ط : يف علم اللغة ، د )٢(معة امللك سعود، الرياض، حممد زياد كبة، منشورات جا: مدارس اللسانيات ، جفري سامسون، ترمجة د )٣(

.١٦١هـ، ص١٤١٧د ط ، .١٦١نفسه ص )٤(

37

للغة جانبان وشكالن أساسيان يف عملية التواصل، يشري إليهما مازن الوعر

الشكل املنطوق، والشكل : كل لغة من لغات العامل هلا شكالن متميزان :"بقولهوقد كان يظن قدميا وحىت إىل حني بأن اللغة املكتوبة هي انعكاس للغة املكتوب،

املنطوقة، ولكن الدراسات اللسانية االجتماعية املعاصرة كشفت بأن لكل لغة من )١("تينك اللغتني مكوناا وشخصيتها ومميزاا وعواملها اليت متيزها عن مثيلتها

ى الصلة القائمة بني الرمز وداللته يف ذهن كل تقوم عل تواصلعملية الوملا كانت ، امسموع الغوي ااملنطوق رمزوالكاتب والقارئ، فإن للشكل من املتكلم واملستمع

صوتية مسموعة، موجات"ألغراض واألفكار واملشاعر واالنفعاالت، على شكل لمتعارتمعاتتعليها بني أبناء جم فأو بني عدد من ا ،ذات اللغة مع لغوي

جمموعة من الرموز البصرية اليت تدل موزعة على "وللشكل املكتوب ، )٢("املشتركة، وعلى هذا أصبح للغة )٣("احلروف، وجمموعة على الكلمات، ومنسقة على السياق

وكل من هذين اجلانبني للغة رمز بصري كتايب، ومسعي رمز صويت :جانبان رمزيانآناء الليل وأطراف أمساعنافالكلمة املنطوقة تفرض نفسها على "جدير أن يهتم به، أو عن طريق يف قاعات الدرس، أو يف البيت ، أو يف الشارع النهار، سواء يف

يف ، ذهبناأينما ناأعينعلى الكلمة املكتوبة حتل كذلك، واملرئية املسموعة اإلذاعةوللكلمات ،وإعالنات فتاتالكتب والصحف واالت، ويف الشارع على شكل ال

)٤(" كما تتمتع بذاتية ومكانة مستقلة يف املعاجم. كيان مستقل يف الكتابة والطباعةاللغة املنطوقة و اللغة املكتوبة، إنما هو حديث عن املتحول والثابت، احلديث عن

عربية عن السابق والالحق؛ ولتمييز الفارق بينهما، ينظر ألول وهلة إىل اللغة ال .الفصيحة وحاهلا مع هلجاا املعاصرة وعامياا

.٤٨١، ص١٩٨٨، ١مازن الوعر ، دار طالس، دمشق، ط: قضايا أساسية يف علم اللغة احلديث، د )١( .٧٥حلمي خليل، ص :، دلمةالك )٢( .١٠٩متام حسان، ص : ، دصفيةاللغة بني املعيارية والو )٣( .١٥ص حلمي خليل، :، دالكلمة) ٤(

38

اليت هيفيبدو للوهلة األوىل، وهي غري مضللة بالضرورة، أن اللغة املكتوبة اليف املقام من عدة هلجات، يف بنائها االئت) الفصحى(تضارع العربية النموذجية

وبعض احلديث الشريف، اليت وضعت أو وصفت على مثال لغة القرآن بقراءاته"تلكوالشعر اجلاهلي واإلسالمي واألموي وخطب البلغاء، وكالم العرب وأمثاهلم،

ويظهر أن نسج هذه اللغة، إمنا هو )١(."مبحددات النقاء يف إطار عصور االحتجاجغاية نفعية ألجل التواصل بني املنشئ واملتلقي، بينا أا يف احلقيقة غاية نفعية ومجالية،

ختلق احنرافات لغوية، وقد خترج عن مقتضى الظاهر، ودف إىل التأثري الشعوري قد على املتلقي، وتتسامى عن اللغة العادية يف أنظمتها وتراكيبها، وللدخول يف عاملها يحتاج إىل وعي بطبيعتها الستنطاق كل طاقة كامنة حتت ظالهلا الوارفة، وذلك

.والتفكري يف بناء الكالممبراودة اخلاطر، والتأمل احلصيف، . النمط العايل من الكالموتلك اللغة هي اليت يشري إليها عبدالقاهر اجلرجاين ب

وأن حتتاج . وهو ما تتحد أجزاؤه، ويدخل بعضه ببعض، ويشتد ارتباط ثان منه بأوليف اجلملة أن تضعها يف النفس وضعا واحدا، وأن يكون حالك حال الباين يضع بيمينه

: )٣(كبيت امرئ القيس)٢( هاهنا يف حال ما يضع يف يساره هناك** وب الطیر رطبا ویابساكأن قل لدى وكرھا العناب والحشف البالي *

: )٤(وبيت بشار بن برد** كأن مثار النقع فوق رءوسنا اوى كواكبھل تھوأسیافنا لیـ*

من الكالم وهو ما تتحد وإذا عرفت هذا النمط:"يقول عبدالقاهر اجلرجاين أجزاؤه حىت يوضع وضعا واحدا ، فاعلم أنه النمط العايل والباب األعظم، الذي ال

.٢٩اد املوسى ،ص : اللغة العربية يف العصر احلديث ، د )١(حممود حممد شاكر، مطبعة املدين، مصر، ط : ينظر دالئل اإلعجاز ، عبدالقاهر اجلرجاين ، قرأه وعلق عليه )٢(

.٩٦-٩٣هـ ص ١٤١٣، ٣ .٣٨ص ، د ت٥ديوانه ، حتقيق ، حممد أبو الفضل إبراهيم، دار املعارف، مصر ،ط )٣(م، اجلزء ٢٠٠٧ديوانه، مجعه وعلق عليه الشيخ حممد بن الطاهر بن عاشور، وزارة الثقافة اجلزائرية، د ط، )٤(

.٣٣٥األول ص

39

والغرض األساسي فيها اإلحياء )١("ترى سلطان املزية يعظم يف شيء كعظمه فيهللغة طبيعة هذه ا" باحلقائق ال شرح املسائل وتقريبها إىل األذهان، ويقرر صاحل الزهراين

وتتخطى فيها الكلمات دوائر املعجم إىل ،أا لغة تسمى فيها األشياء بغري مسمياادوائر الفن من خالل ما تكتسبه يف رحلتها اجلديدة يف سياق الشعر من ظالل فنية،

فتغدو لغة خاصة بعد أن كانت ملكا . شعورية يضيفها املبدع من روحه وإحياءات .)٢("مشاعا بني الناس

هذه اللغة أصبح هلا طابع خاص تتجلى به عبقرية اإلنسان، وتتجاوز فيه اللغة نح اللغة ،عندئذ، قوة العادية بغية اإلفهام إىل حتقيق قيم مجالية بصور شعرية؛ ليم

، وتستمد هذه اللغة األدبية اخلاصة ،أعين اللغة الشعرية )٣("وطاقة سحر وافتتان"ثانيةهي ضرب من " القوة يف بناءها من اللغة اازية، كما قال تودوروف، و اإلثرائية،

، ولتصبح ذات خطاب شديد الكثافة، عميق التخفي، )٤("املخزون الكامن داخل اللغةميز صفاا أنها ، ومن أ)٥("مرجع تقريري بل إحالة وهي متخيلة" ليس للكلمات فيها

عنه إذا ما قيس إىل ااملستوى العادي، ومنحرف خاصا، الحقا على افردي متثل مستوى" )٦("القواعد اليت حتكم هذا املستوى

مل يعد يوجه إىل الشعب مجيعه :"إن هذا النمط من اللغة كما يقول شوقي ضيف لكما كان الشأن أيام اجلاهليني، إمنا أخذ يوجه إىل طبقة بعينها هي الطبقة املثقفة أو ق

.٩٥دالئل اإلعجاز، ص )١(صاحل الزهراين، منشورات جامعة أم : اللغة الكونية يف مجاليات الفكر الشعري يف بائية ذي الرمة، د )٢(

.١٤هـ، ص ١٤٢٣، ١القرى، طم، ٢٠٠٠، ٢أمحد درويش، الس األعلى للثقافة ، ط: اللغة العليا النظرية الشعرية، جون كوين، حتقيق د )٣(

.٩ص، ١حمنمد ندمي خشفة، مركز اإلمناء احلضاري، حلب، ط: ودوروف، ترمجة د.األدب والداللة، ترفيان تـ )٤(

.١١٤م، ص ١٩٩٦ .١١٦السابق، ص )٥(م، ص ٢٠٠٣، ١عبداحلكيم راضي، الس األعلى للثقافة، القاهرة، ط: ة يف النقد األديب، دنظرية اللغ )٦(

٤٧٥.

40

، مادام أنه .)١("األمة بثقافتها وفلسفتها وفكرها العميق ومثلها الرفيعةالطبقة املمتازة يف مل يعد مستخدما، ومل يكن كثري يفهمه أو يتخاطب به

ما هي مثل يف البيع والشراء واجلد واهلزل وال ميكن تصور أن يتحدث ذه اللغة

، بل إا أصبحت تلك )٢(يف مستواها اإلبداعي اإلثرائي، كما يشري عبده الراجحي، ، تلك اليت حازت السيادة، )٣("اليت اصطنعت يف األمور اجلدية من القول" اللغة

.)٤(ونزلت مرتال مرموقا، واكتسبت الغىن والقداسة برتول القران الكرمي ا

وليس من السهل افتراض وجود فوارق بني املستوى األديب واملستوى االتصايل فئاما من املشتركة إبان العصر اجلاهلي وعصور االحتجاج، إال أن العام يف اللغة

الدارسني يرون أن اللغة األدبية هي تلك اللغة املستخدمة يف األعمال األدبية عرب .)٥(األزمنة بعد انتشار اإلسالم

وإن كان من اجلائز وجود ظواهر وفوارق بني أساليب اللغة األدبية، وبني طرائق

وأصحاب الطبقة املمتازة، ةعند ذوي الثقافة والفلسف يولغة االستعمال العادالكالم تسود فيها الوظيفة اجلمالية ذات التوجيه " ذلك أا لغة ذات خطاب شفاف ال

.٢٦٥شويف ضيف، دار املعارف، القاهرة، د ط، د ت، ص : يف التراث والشعر واللغة، د )١(، ١٤٢٠، ١ط عبده الراجحي، مكتبة املعارف، الرياض،: ينظر اللهجات العربية يف القراءات القرآنية، د )٢(

.٥٧ص .١٨٨م، ص٢٠١٠إبراهيم أنيس، مكتبة األجنلو املصرية، د ط، : يف اللهجات العربية ،د )٣(إىل القرآن الكرمي ، وإىل أسلوبه نظرة أمسى حىت من آثارهم األدبية األخرى؛ ذلك ألنه " ينظر العرب )٤(

رمضان عبدالتواب، مكتبة : العربية، د، فصول يف فقه "حتداهم وأعجزهم ، ومل يستطيعوا أن يأتوا مبثله . ٨١هـ، ص١٤١٧، ٤اخلاجني، القاهرة، ط

اللغة بني . ٧٧فصول يف فقه العربية، ص . ١٨٨إبراهيم أنيس، ص: يف اللهجات العربية ،د :ينظر )٥(حممود فهمي حجازي، دار الثقافة للنشر : أسس علم اللغة العربية، د. ٦٤-٦٣املعيارية والوصفية، ص

.٢٣٧، ص٢٠٠٥التوزيع، القاهرة، د ط، و

41

اللغة األدبية مل تكن ؛ مما جيعل أن)٢(، لكنها تتسم باختيار املفردات والتنظيم)١("الذايت الراقي التعامل لغة أيضا كانت بل"النصوص اإلثرائية مقتصرة على تلك اللغة ذات

)٣(".املختلفة القبائل أبناء بني التعامل ولغةفإذا صح اقتصارها على التعامل الراقي، فأين اللغة املشتركة اليت يتفاهم ا مجيع

.الناس يف اتمع الواحد ذي اللهجات املتعددة من املشهد؟شتركة متداخل مع املكتوبة يف اإلرث اللغوي العريب، قد يبدو أن مصطلح اللغة امل

وهو تداخل بارز يف حدود مصادر اللغة، ونصوصها املتناثرة يف الكتب اللغوية، وقد كانوا ينطقون لغتهم " يعد هذا التداخل أمرا ممكنا يف زمن االحتجاج؛ ألن العرببل كانوا ينطقوا (٤)"فصيحة معربة بسهولة من غري تكلف إعراب وال تصنع فصاحة

وأن ذلك قد كان قائما عند الناس باملهارة املكتسبة عن طريق "عن سليقة وطبع، ال عن طريق تعلم قوانني وأنظمة؛ غري أن وجود اخلطأ يف عصر ما قبل )٥("األمومة

اللغة النموذجية األدبية واللغة )٦(إىل نفي سليقية إبراهيم أنيساإلسالم، قد أدى صاحب اللغة اليت يتكلمها بالسليقة يستحيل عليه اخلطأ يف إن:"عيارية، يف قولهامل

اللغة املعيارية واللغة الشعرية، يان موكاروفسكي، ترمجة إلفت كمال الرويب، جملة فصول النقد األديب، )١(

.٣٩، ص ١، ع٥مجاختيار الكلمات، وباملكان : االنفعالية تعرب عن نفسها على وجه العموم بصورتني" يبين فندريس أن اللغة )٢(

اللغة ص " املفردات والتنظيم: ذي يخصص هلا يف اجلملة، يعين أن معنيي االنفعالية األساسيني مهاال، ولكن تبقى اإلحالة هي املحتكم إليه يف كوا لغة أدبية ذات مسات خاصة، أو بسبب االختيار ١٨٦

.اشرة إىل املعجم اللغويوالتنظيم تندرج حتت اللغة األدبية، على الرغم من اإلحالة فيها إحالة مب .٢٣٨حممود فهمي حجازي، ص: أسس علم اللغة العربية، د )٣(أمحد حممد قدور، منشورات وزارة : مصنفات اللحن والتثقيف اللغوي حىت القرن العاشر اهلجري، د )٤(

.٣٦م، ص١٩٩٦الثقافة السورية، دمشق، د ط، .٧٦م، ص ٢٠١٠، ١الكتاب اجلديد املتحدة، طعبدالسالم املسدي، دار : العربية واإلعراب، د )٥(ء إعرابه، وهو فصيح بليغ يف والسليقي من الكالم ماال يتعاهد املر )السليقة(على النسبة إىل )السليقية( )٦(

ع، عثور يف النحو، وذلك حني يسترسل يف املتكلم على سليقته، أي سجيته وطبيعته، من غري تعمد السم )سلق(سان العرب مادة ل. إعراب، وال جتنب حلن

42

فهو يسترسل يف كالمه على سجيته، )١(" ظواهر تلك اللغة، دون أن يدرك أنه أخطأكذا يظهر هذا النفي يف قول رمضان ، ومطبقا قواعد لغته ،دون تعثر أو تعمد

هو أن تتكلم " معىن السليقة ن؛ ألليست لغة سليقية )٢(اللغة املشتركة أن :عبدالتواب؛ غري أن ما حدث، فيما يظهر، )٣("صلغة من اللغات، بغري شعور مبا هلا من اخلصائ

، )٤(من احتكاك يف املواسم الدينية، واألسواق األدبية، إمنا هو حتسني للغتهم املكتسبةعصور االحتجاج، واتساع وال يعين ذلك تعلمها كما سيحدث يف األزمنة اليت تلي

رقعة البالد بسبب الفتوحات اإلسالمية وخمالطة العرب لألعاجم، حني تغدو العربية .لغة معيارية تتقن بصناعة النحو والصرف وما إىل ذلك

وحني خامر العربية شيء من التطور إبان الفتوحات اإلسالمية، وزاغت األلسن

من األعاجم يف البالد املفتوحة، قامت يف عن سننها، وذلك مبخالطة العرب غريهمنفوس علماء اللغة رغبة صادقة يف احملافظة عليها، ورد األلسن إىل االستعمال

الضوابط اليت يستنبطها النحوي من استعماالت الناس للغتهم "الصحيح، وإىل تلك يف كل حبصر الثوابت فيها وغض الطرف عما هو عرضي ظريف ليس ضامنا للتبليغ

احلاالت؛ ومن هنا كان التقعيد رهني االستعمال، صادرا عنه موفرا ألسباب الكالم ومقاييسه، ممكنا املتكلم من دليل يقتدي به ومرجعا حيتكم إليه ومنوذج منظر يقيس

.٢٠٣، دت، ص ٤إبرهيم أنيس، مكتبة األجنلو املصرية، القاهرة، ط: من أسرار اللغة، د )١(تلك اليت تتسامى عن االختالفات والتباينات اللهجية : على أن هذا البحث يفرق بني اللغة املشتركة وهي )٢(

ى بعربية النحاة وهي اليت يسميها رمضان احمللية للغة بعينها، وبني اللغة املعيارية أو ما تسم .)اللغة املشتركة(عبدالتواب

.٩١فصول يف فقه العربية، ص )٣(، أما تعلم اللغة فيحدث يف مرحلة ...االكتساب حيدث يف الطفولة:" يتفق معظم الباحثني على القول بأن )٤(

نضجت أو قاربت فلية قد متأخرة حني يكون األداء اللغوي قد تكون، وحني تكون العمليات العالذي يتعلم اللغة هو غري ذلك الطفل الذي كان يكتسب اللغة؛ إذ حيدث تغري نللنضج، معىن ذلك أ

عبده : علم اللغة التطبيقي وتعليم اللغة العربية، د" كيفي يف وظائف األعضاء ويف النشاط النفسي .٢٢، ص١٩٩٥الراجحي، دار املعرفة اجلامعية، اإلسكندرية، د ط،

43

، وأضحى هذا التقعيد موجها للمعيار الصوايب، (١)"عليه عن وعي أو عن غري وعيلترتسم عندئذ اللغة وفارضا هيمنته على املتكلم بوعي أو دون وعي؛ ومؤكدا قيمه،

اليت وضعت أو وصفت على مثال لغة القرآن بقراءاته وبعض احلديث "املعيارية الشريف، والشعر اجلاهلي واإلسالمي واألموي وخطب البلغاء، وكالم العرب

وهي عريبة ذات طبيعة )٢(."وأمثاهلم، مبحددات النقاء يف إطار عصور االحتجاجمجالية نفعية، يصعب أن جنعلها اللغة املشتركة ببني الناس فيما يلي عصور االحتجاج؛

بني استخدام الفرد للغة يف ظروف عامة واضح:"ألن الفرق كما يقول متام حسانمشتركة بني أفراد اتمع اللغوي وبني استخدام الشاعر أو القصاص أو اخلطيب

)٣(".للغةما اللغة املشتركة، فيما يبدو، أا تلك اليت تتسامى عن االختالفات والتباينات أ

وباستطاعتها استيعاب موروث اجلماعة اللغوية، وقدرا . اللهجية احمللية للغة بعينهاالتبليغية بني أفرادها مهما تعددت العمليات االتصالية، واختلفت تعلى إيصال العمليا

ا ال حتتاج إىل كثري مما يوجد يف مظان الكتب النحوية من طبقات اتمع، كما أقواعد فرعية وخالفات، وليست حباجة إىل توظيف ما خيالف القياس املطرد؛ ألا

ذين أشار إليهما متام حسان وحممد عيد بأما تقتضي عنصري الوضوح واملطابقة الل :عنصران هامان ال يستغىن عنهما"

.احلاجة اللغوية أو املعىن الوظيفي دسي يعنصر الوضوح الذعنصر املطابقة الذي يساحلاجة االجتماعية أو املعىن االجتماعي د.

(٤)"وحاصل مراعاة احلاجتني اللغوية واالجتماعية هو مراعاة املستوى الصوايبركة متتلك وكل من اللغتني املعيارية واملشتركة مرتبطتان أساسا باملعيار، إال أن املشت

م، ١٩٩٣، ١عبدالقادر املهريي، دار الغرب اإلسالمي، بريوت، ط: نظرات يف التراث اللغوي العريب، د )١(

.١٣١ص .٢٩اد املوسى ،ص : اللغة العربية يف العصر احلديث ، د )٢( .٦٤اللغة بني املعيارية والوصفية، ص )٣( .٢٢ت النثر والشعر، ص، وينظر املستوى اللغوي الفصحى واللهجا٦٣السابق، ص )٤(

44

أكثر من مستوى لغوي، وتتفاوت هذه املستويات بقرا من املعيار وابتعادها عنه، وتكتسب ميزة الشيوع أكثر مما تكتسبه املعيارية، بيد أن كلتا اللغتني متتازان باستخدام

.الشكل املكتوب واملنطوق يف آن معالغة مكتوبة بالضرورة؛ ويستخلص مما سبق أن كل لغة مشتركة أو معيارية هي

ألن الكتابة طابع مميز للغات املشتركة، وليست كل لغة مكتوبة بطبيعة احلال لغة لغة (و) لغة مكتوبة(أال خنلط بني :" مشتركة، وكذا ينبغي لنا،كما يقول فندريس

. ولكنهما قد يتعارضان ويتضاربان فقد جيتمع املعنيان أحيانا يف لغة واحدة،). أدبيةلغة املكتوبة يف غالب األمر عبارة عن اللغة املشتركة، أما اللغات األدبية فتتميز عن ال

رجال األدب يف كثري من األقطار، من شعراء ألن. هذه األخرية يف غالب األحيان )١("وامتيازاا وعوائدها وقصاص يكونون طبقة منعزلة هلا تقاليدها

مظان التراث اللغوي العريب قد استندت إذا كانت النصوص اللغوية املتناثرة يف مثة إشارات إىل ظواهر كالمية خاصة، تلمح إىل ما يتعرض على اللغة املكتوبة، فإن

املتكلم يف هيئة كالمه وسياقه، وتغرياته يف حال النطق، يطلق عليها عند اللغويني باللغة ث اللغوي املعاصر كقوهلم لغة متيم ولغة احلجاز وغريهم ، وهو ما يسمى يف البح

باللهجة؛ غري أن املقابلة يف البحث اللغوي احلديث بني املكتوبة واملنطوقة، إمنا هو بأن " مقابلة تضاد بني املعدة وغري املعدة، وهو ما افترضته اللسانية األمريكية أوكس

ملعد أو احملضروبني اخلطاب غري ا) (Planned هناك فرقا بني اخلطاب املعد أو احملضر

(Unplanned)، ا لغة مكتوبة هي يف احلقيقة مكتوبةعترب قدميواقترحت بأن ما كان ي )٢("ومعدة وأن ما يعترب لغة منطوقة حمكية هي منطوقة غري معدة

الثابت مبدئيا أن الشكل املكتوب للغة مستقل عن الشكل املنطوق منها؛ ولذا بعضهما عن البعض اآلخر، إال ما كان يفيده املكتوب من يعيش الشكالن يف انعزال

نظريه املنطوق يف تفسري مالمح غري واضحة يف استعماالت اللسان، وبسبب هذا ما نعرفه " ، وكون اللغة املكتوبة متثل القدمي، صرح سوسري أنلاالنعزال واالستقال

.٣٤٠اللغة، ص )١( .٨٠م، ص١٩٨٩، ١مازن الوعر، دار طالس، دمشق، ط :دراسات لسانية تطبيقية، د )٢(

45

)١("بوجه عام من هذه األلسنة ال يكون إال عن طريق الكتابةقوانني التطور اليت تتعرض هلا اللغة يف مستوياا املختلفة، وإذا كان من احلتمي أن

تتغري وتتحول يف نظامها النحوي، أو يف مرتلتها بني اللغات، فالبد حينئذ أن حتافظ اللغة املكتوبة على صورا املثلى؛ مبا يضمن هلا الثبوت والبقاء املستمر، الذي جيسد

ح على تعاقب العصور، فإذا كان هذا النظام يقبل التقدمي والتأخري التواصل املنفتب واحلذف واالستبدال، مبا يهيئ هلا حفظ نظامها اللغوي مبستوياا املختلفة على تعاق

ال تستعمل سوى جزء من اإلمكانات اليت متتلكها املنظومة "األزمنة، فإن اللغة املنطوقة )٢("اللغوية

وأجزاء جمل، يتبع بعضها بعضا، وفقا النطباعات تأتلف من جملوهي وانفعاالت املتكلم، وتأثريها على السامع، ودون روابط تربطها ببعض، كما يظهر يف

والتنغيم وقد يعمد املتكلم إىل األداء الصويت املصاحب للكالم كالنرب. اللغة املكتوبةموقف املشافهة موقف إىل أن "إىل استكمال أجزاء اجلمل احملذوفة، ومرد ذلك

مشخص تقوم فيه احلال املشاهدة مقام املادة اللغوية اخلالصة فيتسع لصور كثرية من بأن" ؛ وألجل ذا أورد مازن الوعر، ما أمساه، اقتراح تشيف )٣("االختصار واالجتزاء

ا اللغة أمIntgration ( . ..( اللغة املكتوبة تتميز بالدرجة العالية من الوحدة العضوية وتعود هذه ) Fragmented( املنطوقة فإا تتميز بالدرجة العالية من التفكيك املشظى

وتتصف اللغة ... الصفة إىل طبيعة الكالم املنطوق الذي هو على رأس لسان املتكلم املنطوقة على حد تعبري تشيف بالدرجة العالية من االستغراق أو االنغماس أو العفوية

)Involvement ( يف حني تتصف اللغة املكتوبة بالدرجة العالية من االنفصال أو .)٤("أي انفصال املتكلم عن املوضوع املكتوب )detacned(القصدية

.٤١ص حماضرات يف علم اللسان العام، )١( .٨٧اللسانة االجتماعية، ص )٢(م، ص ١٩٨٧، ١ان ،ط اد املوسى، دار الفكر، عم: قضية التحول إىل الفصحى، يف العامل العريب، د )٣(

١٤٢. .٨١ص دراسات لسانية تطبيقية، )٤(

46

استخدام اللغة املنطوقة لإلشارة إىل وقائع يف العامل اخلارجي أال يزيد عن ويقتضي االقتصاد اللغوي، والسعي يفوصف الوقائع؛ ألن املتكلم يعمد يف منطوقه على مبدأ

أن يعمل خياله يف كل أمر ممكن، بذل أقل جهد ممكن يف الكالم، تاركا للمتلقيمراعيا عنصري الوضوح واملطابقة، حبيث ال خيتل املعىن وال يفسد، وهذا ما ذكره

ها تقتصر على االهتمام بإبراز رؤوس الفكرة، فهي وحد" فندريس بأن اللغة املنطوقة وإىل جانب ذلك فثمة إشارات وظواهر ترافق الكالم )١("اليت تطفو وتسود اجلملة

املنطوق، تغنيه داللة وتبني مقصده كتلك الظواهر الصوتية األدائية اليت ترافق التعبري أما الروابط املنطقية :" د هذا فندريس بقولهاللفظي كالتنغيم، والنرب والوقف، وقد أك

بعضها ببعض وأجزاء اجلملة بعضها ببعض فإما أال يدل عليها إال اليت تربط الكلمات، وإما أال يدل عليها مطلقا داللة جزئية باالستعانة بالتنغيم واإلشارة إذا اقتضى احلال

يع األداء الصويت للنرب والتنغيم ، وقد يؤدي سوء توز)٢("وترك للذهن عناء استنتاجها )٣(.غموض فيها ،كما أشار إىل ذلك حلمي خليلصاحب اللغة املنطوقة إىل الذي ي

أا تستوجب أن يصاحبها أساليب لغوية تناسب ومما مييز اللغة املنطوقة ليس جمرد مكان يلقى فيه الكالم، وإمنا " املخاطب، فلكل مقام،كما قيل، مقال، فاملقام

ملوقف كله فهناك ا. هو إطار اجتماعي ذو عناصر متكاملة آخذ بعضها حبجز البعضمبن فيه من متكلمني وسامعني وعالقتهم بعضهم ببعض، وهناك كذلك ما يف املوقف

. من األشياء واملوضوعات املختلفة اليت قد تفيد يف فهم الكالم والوقوف على خواصهوهناك كذلك الكالم نفسه، وهذا الكالم يف حقيقة األمر ليس إال عنصرا من ا واحد

.)٤("بأكمله، وال يتم فهمه إال يف هذا اإلطار العامعناصر املسرح اللغوي السمات األساسية للغة املنطوقة تنبئ عن كفاءة الفرد، ومقدرته طاملا أنو

اللغوية، وما ميلكه من فرضيات ومناذج، يطبقها على معطيات لغوية يتعرض هلا،

.١٩٤اللغة، ص )١( .١٩٤نفسه ص )٢( .٣١م، ص ٢٠١٣، ٢حلمي خليل، دار املعرفة اجلامعية، اإلسكندرية، ط: ، د...العربية والغموض )٣( .٥٨م، ص ١٩٨٦، ٩كمال بشر، دار املعارف، مصر، ط: دراسات يف علم اللغة، د )٤(

47

الفرد سلوكا فكذلك مثة عادات كالمية تظهر يف الكالم املنطوق وتؤثر فيه، تكسب ال يستخدم عادة كوسيلة لنقل املعرفة بل " الكالم ،كما أشار هدسون ا؛ ألناجتماعي

ويظهر هذا االحتذاء من خالل اختياره للكلمات بدقة؛ )١("كنموذج يصلح لالحتذاء .ليحدد عالقته االجتماعية مبخاطب ذي مرتلة اجتماعية حسب موقعه وثقافته

مثة عالقات لظاهرتني اللغوية واالجتماعية يفهم منه أنومالحظة جتاذب هاتني اعالقة يؤلفها نظام، وال ميكن فهم هذا النظام إال من متينة دائمة بني العلوم، وكل

.خالل انعكاساته على أنظمة علوم أخريكمن يف طبيعة " وعلى كل فإن الفارق األساسي بني اللغتني املنطوقة واملكتوبة

ستخدمة يف كل من هاتني اللغتني، ففي حني تتعدد األقنية املستخدمة خالل القنوات املاللغة املنطوقة وجها لوجه وتشمل األمور اللفظية والصوتية املتالئمة مع احلركة

.)٢("اإلميائية، فإن اللغة املكتوبة تنحصر فقط بالقناة اللفظية أو اللغويةاملكتوب يظهر فيما افترضته اللسانية ولعل إمجال التمايز بني الشكلني املنطوق و

األمريكية أوكس بني ما هو معد ومحضر، وبني ما هو صادر بعفوية دون إعداد أو )٣(.حتضري

سمات اللغة المنطوقة في كتب علم اللغة الحديث

املتأمل يف الظواهر اللغوية املهيمنة على اللغة املنطوقة غري املعدة، جيدها لعللعدول عن اللغة املعيارية، وكسر املستوى القواعدي هلا، وخلوها من متسمة با

مستعمل اللغة املنطوقة ذلك أن. اإلعراب والعالمة اإلعرابية اهلادف إىل تبيان املعاينقدرة حنوية طبيعية، وأخرى تداولية، جتتمعان، كما يشري أمحد : الطبيعية ميتلك قدرتني

م، ص ١٩٩٠، ٢حممود عياد، عامل الكتب، القاهرة، ط : هدسون، ترمجة د: علم اللغة االجتماعي، د )١(

١٥٧. .٧٩ص دراسات لسانية تطبيقية، )٢( .٨٠ينظر السابق، ص )٣(

48

اليت تمكن املستعمل ) القدرة التواصلية(أو ) ة اللغويةالقدر(املتوكل، فيما يسمى بـللغة من التفاهم والتواصل مع اآلخرين بواسطة العبارات اللغوية؛ ألن إفادة املقصود

)١(.من الكالم متحققة بذلك، ومبا تكون لديه من ملكاتة بني صورة القدرة اللغوية لدى املتكلم جتعل اللغة احلية املنطوقة وحدة متالمح

ن حقول داللية ميكن أن م"مفرداا والنظام الذي حيكمها، فاملتكلم خيتار الكلماتا عالقات حنوية يف سياقها بأن تستعمل الكلمة يف حقيقتها اللغوية، أي تكون بينه

فعناية املتكلم تظهر )٢("تستعمل فيما وضعت له يف اصطالح البيئة اللغوية املعينةوداللة الكلمة، وفق معطيات األداء اللغوي احلي، والقواعد اليت بالربط بني الفكرة

هذه النمط اللغوي احلي متعرض متلكها من بيئته اللغوية، وورثها عن أسالفه، إال أنإىل التحول السريع والتغير، ليس يف داللة ألفاظه فقط، بل من حيث املستوى الصويت

.والنحوي والصريفأوكس أوضحت املنطوقة إىل نظام حنوي معياري ائي، إال أنقد تفتقر اللغة و

صفاا ميكن مالمح هذا النظام للكالم احلي املنطوق وللغة املنطوقة، حني اقترحت أن :أن تكون كالتايل "

تعتمد على التراكيب النحوية والصرفية اليت يتعلمها املرء عادة يف املراحل املبكرة فترض أن تستبدل بالتراكيب اللغوية اليت يستخدمها الكبار من حياته واليت من امل

.الراشدونالنابع من عملية احملادثة بني ) Immediat Contex(تتكئ على السياق املباشر

.املتكلم واملستمع لتعبر عن العالقات القائمة بني اجلمل املنطوقة .تستخدم أدوات لغوية إشارية دقيقة

.دة اليت تربط فيما بينها أدوات الصلةتبتعد عن التراكيب املعق

، ١ينظر قضايا اللغة العربية يف اللسانيات الوظيفية، أمحد املتوكل، منشورات دار األمان، الرباط، ط )١(

.٢٤ص هـ،١٤٣٤حممد محاسة عبداللطيف، دار الشروق، : الداليل، د -النحو والداللة مدخل لدراسة املعىن النحوي )٢(

.٩٧،ص ١٤٢٠، ١القاهرة، ط

49

)١(."تستخدم مكنة التصحيح الفورية على حنو دائميف حني تطور اللغة املنطوقة منطا لغويا، أو مستوى مفارقا للغة األدبية؛ كون االستعمال اللغوي مرنا باحلياة اليومية، وما يمارس فيها من كالم، وهذا ما جيعلها

الختزال اللغوي وهي حريصة على ذلك؛ حني تستبعد كما من األصوات ا" متيل إىلحمققة مطلب الشارع واحلياة؛ أي مطلب الوفرة يف اهود اللغوي؛ وحني تسلم

العالمات متثل نفسها إىل نظام أداء وتلوين نطقي يناسب موقع بيئتها وتفاعالا؛ فإناس بالوظيفة واملوقع والرمز للثابت الذي يف حركتها عبئا ال تطيقه تاركة أمر اإلحس )٢(".حيرك مسرحها وهو املوقف واملقام والسياق

أحدمها ينظر إىل : ن لغوية احلديثة يف نظرا للغة تياران رئيساالدراسات ال تتخذاللغة بأا جمرد بنية مكونة من عالقات صرفية تركيبة داللية، تدرس لذاا ومن أجل

ا، فتحوداخلية خاصة، ذا مع البنيويني إىل درس مغلق ذي إجراءات اللغوي ل الدرسال ينظر إىل التواصل اللغوي وعناصره باحلسبان، وأما اآلخر وهو من رأى أن اللغة

من هذا املنظور تعد العبارات . تسخر لتحقيق التواصل داخل اتمعات البشرية" أداة وسائل تستخدم لتأدية أغراض تواصلية معينة وتقارب اللغوية مفردات كانت أم مجال

)٣("خصائصها البنيوية على هذا األساسواألمريكي ) دي سوسري(وعلى الرغم من أن املدرسة البنيوية بفرعيها األوريب

تتجاهل العناصر االجتماعية يف عملية التواصل اللغوي، إال أن املدرسة ) بلومفيد(اعتمدت اعتمادا كبريا، كما يقول السعران، ) فريث وأتباعه(االجتماعية اإلجنليزية

قد أدت به إىل نظرات قيمة يف اللغة فيما يتعلق بدراسة "على آراء مالينوفسكي اليت ، يف أحوال ختاطبهم، وعلى اختالف )٤("كما ميارسها املتكلمون ... الكالم احلي

.٨٠دراسات لسانية تطبيقية، ص )١(، ٢٠٠٤أمحد كشك، دار غريب ، القاهرة ، د ط، : اللغة والكالم أحباث يف التداخل والتقريب، د )٢(

.١٧٩ص، ١أمحد املتوكل، دار األمان، الرباط، ط : املنحىن الوظيفي يف الفكر اللغوي العريب األصول واالمتداد، د )٣(

.٢٠هـ، ص ١٤٢٧ .٣١٠علم اللغة مقدمة للقارئ العريب، ص )٤(

50

جعلت املنهج والفكرة املركزية اليت بذلك ثغرة حينما تلك الالآراء طبقام، وسدتتدل بأحد معانيها على :" وهي كما يقول متام حسان ،تسري عليه هي سياق احلال

لتكوين الشخصي، والتاريخ جمموعة عناصر حميطة مبوضوع التحليل، تشمل حىت اوهذا االصطالح . ويدخل يف حساا املاضي، واحلاضر، واملستقبل ،لشخصل الثقايف

قصد به دائما سياق النص، أما يف الكالم العادي، فكل وضع –بة لعلم اللغة بالنس - )١(".يعترب عنصرا من عناصر املاجريات –مهما كان –

، )٢(على حني أن التطورات اليت حلقت الدراسات اللغوية انبثق منها التيار التداويلامية والتخاطبية، الذي ظهر املعني بعالقة النشاط اللغوي مبستعمليه، والسياقات املق

بسبب عمق اخلالف ببني املدرستني البنيوية والتواصلية، وظهوره كذلك، كما أشار كان مبثابة ردة فعل على معاجلة تشومسكي للغة بوصفها شيئا "عبداهلادي الشهري

جتريديا، أو قصرها على كوا قدرة ذهنية حبتة، غفال من اعتبار استعماهلا ومستعملها الدرس اللغوي التداويل يدرس املنجز اللغوي يف " ويقرر الشهري أن )٣("ووظائفها

إطار التواصل، وليس مبعزل عنه، ألن اللغة ال تؤدي وظائفها إال فيه، فليست وظائف جمردة، ومبا أن الكالم حيدث يف سياقات اجتماعية، فمن املهم معرفة تأثري هذه

حينئذ يظهر أن التداولية حتاول أن تفسر )٤("جزالسياقات على نظام اخلطاب املن .االستعماالت الفعلية للكالم احلي من خالل سياقات املوقف

املوقف واملقام مها الدافعان إىل اختيار نوع األسلوب الذي يعمد إليه املتكلم، فهو وا على يوازن بني أقدار املعاين وأقدار احلاالت وأقدار املستمعني؛ ألن املستمعني ليس

.٢٨٦مناهج البحث يف اللغة، ص )١(نية اللغوية، وقواعد التخاطب، حقول مفاهيمية تضم مستويات متداخلة كالب" التداولية علم ينتمي إىل )٢(

واالستدالالت التداولية، والعمليات الذهنية املتحكمة يف اإلنتاج والفهم اللغويني، وعالقة البنية اللغوية نسق معريف استداليل عام يعاجل ) وهي( علم استعمال اللغة " ومن ثم فهي " بظروف االستعمال

: التداولية عند العلماء العرب، د" ابات ضمن أحواله التخاطبيةامللفوظات ضمن سياقاا التلفظية، واخلط .٢٥، ص١٤٢٩، ١مسعود صحراوي، دار التنوير، اجلزائر، ط

.٢١استراتيجيات اخلطاب مقاربة لغوية تداولية، ص )٣( ٢٣السابق، ص )٤(

51

درجة واحدة من الثقافة، ومقامات اخلطاب ليست نفسها، كما أن الناس طبقات، ليس جمرد " وهذا ما يؤكده كمال بشر حني عد املقام )١(فإن الكالم نفسه طبقات

مكان يلقى فيه الكالم، وإمنا هو إطار اجتماعي ذو عناصر متكاملة آخذ بعضها حبجز فيه من متكلمني وسامعني وعالقتهم بعضهم ببعض، فهناك املوقف كله مبن. البعض

وهناك كذلك ما يف املوقف من األشياء واملوضوعات املختلفة اليت قد تفيد يف فهم وهناك كذلك الكالم نفسه، وهذا الكالم يف حقيقة . الكالم والوقوف على خواصه

م فهمه إال يف األمر ليس إال عنصرا واحدا من عناصر املسرح اللغوي بأكمله، وال يت .)٢("هذا اإلطار العام

لعل الدافع إىل اعتماد اللغويني احملدثني لفكرة السياق واملقام يف فهم اللغة واملنطوقة هو إزالة الغموض الذي تضيفه اجلمل واألمناط اللغوية املتشاة الصادرة يف

و التحليل؛ ألن ظروف خمتلفة، فالبنية األساسية للمنطوقة ال ختتلف، لكنما سيختلف ه" ز ـالذي سيمده مبا جيعله متطابقا مع مراد املتكلم هو السياق؛ لذلك يرى جون الين

أن حنسب حسابا حلقيقة أن اجلمل تنطق ضمن سياقات معينة، وأن جزءا من حمصلة ويبعد مالينوفسكي أبعد من )٣("معىن نقش الكالم يستمد من السياق الذي ينتج فيه

يف جوهرها متأصلة يف حقيقة الثقافة ونظم احلياة والعادات عند " عل اللغة هذا، إذ جكل مجاعة؛ وال ميكن إيضاح اللغة إال بالرجوع الدائم إىل احمليط األوسع وهو

)٤("الظروف اليت يتم النطق اوهكذا فإن دميومة النظر يف سياق اللغة املنطوقة ومقامها يعد مصدر ثراء، يعوض

ص الكمي الذي أصاا بسبب العدول عن األصل يف اللغة النموذجية، هذا من النقاملعىن هجهة، ومن جهة أخرى يهبها القدرة على تبيان غرض املتكلم ومراده، ويوج

م هارون، دار اجليل، عبدالسال: ينظر، البيان والتبيني، أبو عثمان عمرو بن حبر اجلاحظ، حتقيق وشرح )١(

.١٣٨، ص١، ج١٤١٠بريوت، د ط، .٥٨دراسات يف علم اللغة، ص )٢(، ١عباس صادق الوهاب، وزارة الثقافة واإلعالم، بغداد، ط: اللغة واملعىن والسياق، جون اليرت، ترمجة د )٣(

.٢٠٠م، ص١٩٨٧ .٤٤هـ، ص١٤٢٣ب، القاهرة، د ط، متام حسان،عامل الكت: لويس، ترمجة د.م.اللغة يف اتمع، م )٤(

52

حسب وقائع الكلمات يف سياقاا؛ ألن اطراح السياق من احلدث الكالمي الذي قيل )١(". خلق اللبس واالحتمالمدعاة إىل" فيه كما يشري مهدي عرار

ملا كان اهلدف من اللغة اإلفهام واإلفادة والتواصل، وأصبحت أداة لنقل املعاين وواألفكار بني الناس، وتبيان األغراض واملقاصد اليت يروموا، وجب االبتعاد عن

اعد ال اللبس؛ ألن املتكلم حينما يريد إفهام املخاطب مراده فإنه يرتبه وفق قوانني وقوتدع للبس جماال؛ ليدرك املخاطب مقصده متام اإلدراك، ومىت مازالت الفائدة، أو ألبست صار الكالم ركاما من األلفاظ؛ لذا أشار متام حسان إىل أن كل لغة يف

تنظر إىل أمن اللبس باعتباره غاية ال ميكن التفريط فيها ألن اللغة امللبسة ال " الوجود )٢("فهم واإلفهامتصلح واسطة لل

وقد تتبني املعاين، و يتبني مراد املتكلم ومقصده يف اللغة املنطوقة بطرق بديلة عناصر أخرى من العامل اخلارجي نراها، أو " متكونة من عناصر لغوية خاصة و

ضمن تراكيب لغوية حمتكمة إىل أمناط )٣("نسمعها أو منسها، أو نشمها، أو نذوقهااالستعمال، ممتزجة امتزاجا وثيقا بني عناصر النظام اللغوي الداخلي متعارف عليها يف

معطيات السياق االجتماعي اليت تكتنف االستعمال "للغة املنطوقة غري املعدة و؛ إذ تستلزم املنطوقة أن تستند على أشكال من املفاهيم والعالقات اليت )٤("اللغوي

ي، وما يعده اتمع صحيحا يف إطار التعبريات تطابق الصيغة املعتمدة لدى العامل الواقع . اليت تضمن استمرارية املعرفة واإلفادة يف أذهان املخاطبني

حييل احلديث عن مسات اللغة املنطوقة يف كتب علم اللغة احلديث إىل احلديث عن تلك املالمح الصوتية اليت تقع خارج البنية اللغوية، لتكشف عن جممل العالقات داخلالتركيب اللغوي، إن عجزت اللغة عن إبانة كل املعاين اليت متور داخل النفس، فال

، ١مهدي أسعد عرار، دار وائل، عمان، ط: ظاهرة اللبس يف العربية جدل التواصل والتفاصل، د )١(

.٧٢م، ص٢٠٠٣ .٢٣٣اللغة العربية معناها ومبناها، ص )٢(مقالة ١٦ضمن اد املوسى ، نشرت يف جامعة شرياز: الوجهة االجتماعية يف منهج سيبويه يف كتابه، د )٣(

.٣١٩، ص ١٣٥٣عن سيبويه يف كتاب خاص، .٣٢٤السابق، ص )٤(

53

فهو الذي )١("غري األداء املنغم املعرب عن كل عالقة:" شيء كما يقول حممد البناسيأيت ليسد هذا العجز ويظهر ما عجزت عنه اللغة من إظهاره، وكأن املعول عليه يف

ء السليم ومراعاة اجلانب اإليقاعي للكالم،؛ إذ إن أول ما تعتمد فهم املعىن هو األداأمجل مقطوعة موسيقية :"ليمان العايد بقولهس هيصفالذي عليه اللغة هو األداء الصويت،

يف الكون يصنعها اإلنسان، وأعالها قيمة هي الصوت اإلنساين، ملا هو مهيأ له من .)٢("اجلمالية إمكان محل املعىن والفكر من خالل القيمة

حني يربز االستخدام الفعلي للغة، وبناء الكالم وفق اجتاه عملية االتصال و اللغوي بني املتكلم واملتلقي؛ ليكون للمتكلم دور يف حتديد املعىن باستخدام األداء ،الصويت املالئم، وللتفريق بني املعاين حني خيلو الكالم من األدوات، فالفيصل، حينئذ

... يتمثل بظاهرتني معروفتني، األوىل هي ما يعرف بالتنغيم،"از املعىن، وإظهارهيف إبرأو ما ميكن نعتهما )٣(" الثانية اليت ينعكس ا األداء فهي الوصل والوقف الظاهرةأما

.بالتلوين املوسيقي للكالمه هو موسيقى الكالم، حيث إن أماإلنسان حني"ا التنغيم فريى إبراهيم أنيس أن

ينطق بلغته ال يتبع درجة صوتية واحدة يف النطق جبميع األصوات، فاألصوات اليت يتكون منها املقطع الواحد قد ختتلف يف درجة الصوت، وكذلك الكلمات قد ختتلف

ويتوقف ... معاين الكلمات تبعا الختالف درجة الصوت حني النطق ا ... فيها وميكن أن نسمي . الصوت حني النطق بالكلمةكل معىن من هذه املعاين على درجة

بأنه " متام حسان ويعرف التنغيم )٤("نظام توايل درجات الصوت بالنغمة املوسيقيةهو اإلطار " وعنده يف موضع آخر أنه )٥("ارتفاع الصوت واخنفاضه أثناء الكالم

.٦٤حممد إبراهيم البنا، دار اإلصالح للطبع والنشر، د ط، د ت، ص: اإلعراب مسة العربية الفصحى، د )١(يف اللغة سليمان بن إبراهيم العايد، ضمن كتاب مقاالت: القراء اجلهرية بني الواقع وما نتطلع إليه ، د )٢(

.٢٠٢هـ، ص١٤٣١، ١، مكتبة الرشد، الرياض، ط١العربية، جحممود حسن اجلاسم، جملة جامعة أم القرى لعلوم الشريعة واللغة العربية، : املعىن والقاعدة النحوية، د )٣(

.٥١٢هـ ص١٤٢٥، ذو احلجة ٣٢، ع١٧ج .١٦٣إبراهيم أنيس، ص : داألصوات اللغوية، )٤( .١٩٨يف اللغة، صمناهج البحث )٥(

54

:"ريفات ليقالوميكن اجلمع بني هذه التع )١("الصويت الذي تقال به اجلملة يف السياقبأنه تنوع األصوات الذي حيدثه اهتزاز الوترين الصوتيني، تنوع يتراوح بني االرتفاع واالخنفاض يف أثناء النطق، وينظم عالقة الوحدات اللغوية املتتابعة يف السياق ليشكل

)٢(".اإلطار الصويت الذي تقال به اجلملة

ية اليت تؤثر على األصوات فالتنغيم إذن جانب من الظواهر الصوتية الوظيفعنصر مكمل "، وهو مع كونه ملمحا صوتيا مصاحبا للكالم إال أنه )٣(الكالمية

للمنطوق، ال ينفك عنه، وأمارة صحته، ووفائه باملعىن املقصود، وفقا لنوعيات إن آثاره بادية يف الكتابة، ذلك بقيامه : ، وميكن القول )٤("التركيب ونوعيات املقام

يف الداللة على "فة عالمات الترقيم إال أنه، كما يقول متام حسان، أوضح منها بوظي .)٥("املعىن الوظيفي للجملة

يرتبط النرب بالتنغيم ارتباطا شديدا، ذلك أنه يف أن ورمبا أسهمت طبيعة األداءيساهم يف إبراز املعىن وإيضاحه الذي يريده املتكلم عند علو الصوت وهبوطه، وشدة

)٦(لضغط على املقطع، ومن يتأمل موقعه يف الكالم جيد أنه هو ميدان الظواهر املوقعيةاالنرب روح ... ينفث احلياة يف هيكل األصوات العظمي " فكأنه، كما يصفه فندريس،

فهو الذي يعطي للكلمة طابعها وشخصيتها سواء أكان نرب علو أم نرب . الكلمة أن" لتنغيم النرب والتلوين والتزمني حيث يرى ويضيف حممد العمري إىل ا )٧("شدة

هي إال عناصر لتنغيم فالنرب والتلوين والتزمني ما ،هذه العناصر التنغيم يشمل كلالكالم؛ تنغيمة عن طريق التركيز على كلمة ما أو بعض حروفها ومقاطعها وهذا هو

الزمنية وهذا هو حرف ما يستحقه من املدة النرب، وتنغيمة عن طريق إعطاء كل

.٢٢٦اللغة العربية معناها ومبناها، ص )١( .٢٦١م، ص١٩٩٦، ١نوزاد حسن أمحد، جامعة قار يونس، ط: ، داملنهج الوصفي يف كتاب سيبويه )٢( .٩٢ينظر أسس علم اللغة، ص )٣( .٥٤٧ينظر علم األصوات، كمال بشر، ص )٤( .٢٢٦اللغة العربية معناها ومبناها، ص )٥()٦( ١٧٠نظر السابق، صي. .٨٧اللغة، ص )٧(

55

.التزمني، وتنغيمة عن طريق تردد الصوت ببني ارتفاع واخنفض وهذا هو التلوينفالتنغيم هو أمشل هذه املصطلحات بل رمبا مشل التنغيم الوقف والسكت فكاد أن

١(."نفسه) أداء الكالم( ا عندي ملصطلحيكون مقارب( داء الكالمي ودوره يف ومل يكتف اللغويون احملدثون بالكالم عن عناصر األ

التواصل اللساين بني املتكلم واملخاطب، وكونه دليال على الدالالت واملقاصد، رافعا ن تشكيل صويت لفهم اللبس الداليل بني اجلمل، بل تطرقوا إىل ما تستخدمه املنطوقة م

ول أداء الكالم إىل دفعات كالمية منفصل بعضها عن بعضها الدالالت، حني حتبعض بدأ بلفظ جديد، وهذا القطع هو ما يسمى تما عما بعده، مث اقطع لفظوتخر، اآل

)٢(.بالوقفقل أثرا يف ال ت )٣("موقعية من موقعيات السياق االوقف باعتبارهظاهرة ولعل "

أداء معىن الكالم، فلئن زال أثره يف املعىن بتمام الكالم ومعناه، فسيصري اإلجراء يال على ظواهر هلجية، وطرائق صوتية للوقف، خمتلفة املستخدم عند الوقف دل

)٤(.باختالف اللهجات احملكية يف جمتمعااومن ثم فسمات اللغة املنطوقة قائمة على معطيات عناصرها الداخلية يف بنائها التركييب، مفردات وتراكيب، وقد تستغين عن جمملها حينما يربز مفهوم الكالم

صر تفيد معاين معينة ايتألف من عن"ياق داال عليه؛ إذ إنه اللغوي، الذي يكون السمنها معناه تتكون من املفردات والصيغ الصرفية والقضايا التركيبية، يكتسب كل

، وذلك بفضل تفاعل بعض هذه العناصر مع من خالل االستخدام احلقيقي للغة الدقيق

حممد العمري، جملة جامعة أم القرى لعلوم اللغات وآداا، : أداء الكالم وعالقته باملعىن واإلعراب ، د )١(

جملة جامعة أم عليان احلازمي ،: وينظر التنغيم يف التراث العريب ،د .٤٠، ص ١٤٣٠حمرم ٣العدد .هـ١٤٢٢، اجلزء الثاين٢٣، العدد١٤لعربية وآداا، الدالقرى لعلوم الشريعة واللغة ا

.٢٧٠ينظر اللغة العربية معناها ومبناها، ص )٢( .٢٧٠نفسه، ص )٣(م، ١٩٨٣أمحد علم الدين اجلندي ، الدار العربية للكتاب ، د ط ، : ينظر اللهجات العربية يف التراث ، د )٤(

.٥٢٤-٤٧٩ص

56

.)١("ياحل بعض، كما أنه ال ميكن الفصل بينها يف االستخدام اللغويوقد يبدو أن ارتباطا وثيقا بني العناصر الداخلية للكالم املنطوق وبني العناصر اخلارجية املالبسة له، وحمور الربط بينهما هو األداء الصويت حيث يصبح هذا األداء جزءا ال يتجزأ من بنية اللغة وتراكيبها؛ ألنه يسد مسد ألفاظ حمذوفة، بل إنه ليؤثر يف

فالتنغيم عامل مهم يف تصنيف اجلمل إىل أمناطها " التمييز بني املعاين ودالالا املختلفة منها لون موسيقي اخل حيث يكون لكل...املختلفة من إثباتية واستفهامية وتعجبية

، وحينئذ فإن مطلب الوفرة يف اهود اللغوي للغة املنطوقة معتمد على نظام )٢("معنيوين نطقي يناسب موقع بيئتها وتفاعالا، كما أن الفواصل الصوتية، أو ما أداء وتل

، ويف حتديد )٣(يعرف بالوقفات والسكتات، ذات اعتبار هام يف التوجيه واإلعراب .العناصر احملذوفة

تلكم السمات اليت اعتدت ا املدارس اللغوية احلديثة يف دراستها للغة املنطوقة، لشكل والعالمات واإلشارات، بل تستثمر ذلك كله، وتتجاوزه فهي ال تقف عند ا

دف الوصول إىل التواصل اإلنساين، وكل أمناط اللغة واستعماالا، شاذها وعاديها، أساس كل " ليصبح علم اللغة احلديث يف نظر هنري سويت بدراسته لألصوات

.)٤("ةدراسة لغوية سواء أكانت هذه الدراسة دراسة نظرية أو علميعلى األصوات، وعلى الصيغ النحوية للغة اهتمام علم اللغة احلديث منصب إن

املتكلمة، وينحا اللغة املكتوبة هذا من جهة، واقتفاء أثر القواعد التقليدية من ي جانب كما يشري إىل ذلكمن الصورة املنطوقة يبدأالوصف ينبغي أن أنك لجهة أخرى، ذ

صبحت الدراسة الوصفية للغات قائمة على دراسة اللهجات احلية ولقد أ:" متام حسان )٥("من أفواه متكلميها

.٥١٦ص املعىن والقاعدة النحوية، )١(م ١٩٩٨ظاهرة احلذف يف الدرس اللغوي ، طاهر سليمان محودة ، الدار اجلامعية ، اإلسكندرية ، د ط ، )٢(

.١١٨، ص .٥٦٠-٥٥٣كمال بشر ، ص : ينظر علم األصوات ، د )٣( .٦٠٥السابق، ص )٤( .١٢٧اللغة بني املعيارية والوصفية، ص )٥(

57

لئن كان مدار البحث اللغوي احلديث هو الصوت اللغوي، فإن الناظر يف و النظام اللغوي واالستعمال السياقي يف اللغة املنطوقة جيدمها يستخدمان التشكيل

كان معظم الدارسني يقف عند النغمات النهائية الصويت يف التمييز بني املعاين؛ لذاال ميكن أن تتم دراسة جادة :" ويشري فريث إىل أمهية دراسة التنغيم بقوله. للمنطوق

لعلم املعىن الوصفي ألية لغة منطوقة؛ ما مل تعتمد هذه الدراسة على قواعد صوتية راسته حبال دون دراسة أما النحو بالذات فال تكتمل د... وأمناط تنغيمية موثوق ا

)١("األمناط التنغيمية أو النماذج املوسيقيةفإذا علمنا أن التنغيم عامل رئيس يف إيضاح متام معىن املنطوقة، فإن أمحد خمتار

يف العربية وهلجاا من النوع غري التمييزي الذي يعكس إما " عمر يرى أن التنغيم ختضع دراستنا " ؛ لذلك يرى متام حسان أن )٢("ادخاصية هلجية، أو عادة نطقية لألفر

)٣(".إياه يف الوقت احلاضر لضرورة االعتماد على العادات النطقية يف اللهجات العاميةالنظام الصويت يقدم للنظام النحوي العالمة اإلعرابية إال أن املنطوقة غري املعدة

ك أواخر الكلم إعرابا إىل يفضي حتريإذ طرحت ذلك العبء الذي ال تطيقه؛، )٤(السخرية عند العامة، على أن اللهجات العربية احلديثة مل تتجرد كلها من اإلعراب

غري أن إبراهيم أنيس يرى أن ترك اإلعراب مسة من مسات العربية وهلجاا القدمية، وأن إال تطورا منسجم مع ما يراه يف اللهجات العربية احلديثة اليت ليست"هذا الرأي

، مث )٦(؛ وألجل ذا فقد رأى يف الوقف مفتاح السر لقصة اإلعراب)٥("للهجات القدميةالوقف "يفصل القول يف ظاهرة الوقف يف العربية وهلجاا؛ ليستقر رأيه يف أن ظاهرة

مل تكن أمرا عابرا أو عارضا ميثل ناحية متواضعة من نواحي اللغة، بل ...بالسكونمن الصفات اليت انتظمت معظم القبائل العربية وجرت على ألسنتهم كانت صفة

.٦٠٥ص كمال بشر ،: علم األصوات ، د )١( .٣٦٦دراسة الصوت اللغوي ص )٢( .٢٢٨اللغة العربية معناها ومبناها، ص )٣( . ١٢٥ينظر دراسات يف فقه اللغة، ص )٤( .٢١٩من أسرار اللغة، ص )٥( .٢٣٦-٢٢٠ينظر السابق ، ص )٦(

58

مجيعا، ومل تكن تقل أمهية أو فصاحة عن ظاهرة حتريك أواخر الكلمات يف حالة ولعل )١("الوصل، بل مل تكن أقل شيوعا ودورانا يف أفواه الناس من ظاهرة الوصل

اليت تؤدي إىل اختزال طول ظاهرة الوقف كما يشري إىل ذلك فندريس من املظاهر، حىت عدت هذه الظاهرة مدخال لدراسة اللهجات احملكية )٢(الكلمات وهدم اإلعراب

.والعاميات يف كتب علم اللغة احلديثوعلى أية حال فإن السمات اليت تتميز ا املنطوقة غري املعدة تكاد تنحصر يف

مة وبنيتها، واختالف معاين التركيب األصوات وطبيعتها وكيفية نطقها، ونسج الكل، حيث يتخير )٣(الواحد وفقا الختالف املقاصد، واملقامات والظروف احمليطة بالكالم

.املتكلم التراكيب ومييزها متييزا وظيفيا حبسب عالقته باملخاطب

دالالت الذوق اللغوي

الشفهية، والدليل على أنظمة اللهجة ال تتعلم، وإمنا تكتسب بالسماع، واملمارسةذلك أن املتكلم يلتزم قواعد هلجته وأنظمتها دون خطأ، ودون أن يكون قادرا على

الذاتية، وصفها وحتليلها لغويا؛ مما أدى إىل أن تتكون لديه ملكة ديه إىل خصائصها مه كال ليأيت ،ليستغل بذلك تلك اخلصائص، ويستثمر هذه الطاقات ؛التعبريية وطاقاا عندئذطابقميساير كالمه . )٤(مشاعرهوا عن حاجاته وانفعاالته ا ألغراضه، ومعرب

احملكية يف اواملسألة بني العربية الفصحى وهلجاحس اللغة واللهجة، ويطابق ذوقها،

.٢٣٦السابق، ص )١( .٤٢٣ينظر اللغة، ص )٢( .١٧-١٦ينظر يف اللهجات العربية، ص )٣(، خريف ٤نعمة رحيم العزاوي، جملة الذخائر، ع : ظر العربية املعاصرة واحلس اللغوي، دين )٤(

.٧م، ص٢٠٠٠/هـ١٤٢١

59

.لفختتهذا ال عبارة املتكلم عن مقصوده، وتلك " ومن هنا كان حد اللغة عند ابن خلدون

ساين ناشئة عن القصد إلفادة الكالم، فالبد أن تصري ملكة متقررة يف العبارة فعل ل )١("وهو يف كل أمة حبسب اصطالحاا . العضو الفاعل هلا، وهو اللسان

معرفة املتكلم الضمنية : واملفهوم أن مقصد ابن خلدون بامللكة اللسانية هي من خالل السماع، وجودة لقواعد لغته، اليت توجه استعماله للغة، مكتسبا مهاراا

)٢(.حمفوظه، وكثرة استعمالهالقواعد اإلعرابية والنحوية ليست هي ومما جيدر تبيانه وأشار إليه ابن خلدون أن

امللكة، وإمنا هي قوانني هذه امللكة، وليست امللكة ذاا، وإليه يشري اخلليل بن أمحد عن العرب أخذا، : النحو، فقيل لهسئل عن العلل اليت يعتل ا يف" ،من قبل، عندما

إن العرب نطقت على سجيتها وطباعها، وعرفت : أم اخترعتها من نفسك؟ فقالمواقع كالمها، وقام يف عقوهلا علله، وإن مل ينقل ذلك عنها، واعتللت أنا مبا عندي

.)٣("أنه علة ملا عللته منهاس بأن معرفة العرب مبواقع كالمها مل يفته االحتر"ويبني اد املوسى أن اخلليل

ذلك أن هناك برزخا مقررا بني املعرفة ) عنها ... مل ينقل (وقيام علل ذلك يف عقوهلا .)٤("الضمنية وصورة التصريح النظريملكة " يرى أا ند دي سوسري ملفهوم امللكة، حيثوقريب من هذا التصور ع

رد الرموز والدالالت املبعثرة املفككة، بل إن هذه تظهر عندما ال يتعلق األمر فقط مبج

علي عبدالواحد وايف، دار ضة مصر، : مقدمة ابن خلدون، عبدالرمحن بن حممد بن خلدون، حتقيق د )١(

.١١٢٨، ص٣م، ج٢٠١٢، ٦ط .١١٤٧، ١١٤٦، ١١٤٠، ١١٢٩ص ٣ينظر السابق، ج )٢(، ٣مازن املبارك، دار النفائس، بريوت، ط: اإليضاح يف علل النحو، أليب القاسم الزجاجي، حتقيق د )٣(

.٦٦هـ، ص١٣٩٩اد املوسى، املؤسسة العربية للدراسات : نظرية النحو العريب يف ضوء مناهج النظر اللغوي احلديث، د )٤(

.٥٥هـ، ص١٤٠٠، ١والنشر، ط

60

. )١("القدرة هي اليت تقوم بدور أساسي يف تنظيم اللسان باعتباره نظاما ونسقاويف بيان هدف علم اللغة يشري سوسري إىل امللكة عندما أراد أن يفرق بني

للغة، ا حمددا من افليس اللسان إال جزء: "، إذ يقولLangageواللغة LaLangueاللسانوذا االعتبار يكون اللسان يف ذات الوقت إنتاجا . وهو جزء أساسي ال شك فيه

جمتمعيا حادثا عن ملكة اللغة وعن أنواع التواطؤ واالتفاقات الضرورية اليت أقرها )٢("اتمع وسنها لكي تتأتى ممارسة هذه امللكة عند األفراد

معايري عرفية، ومن ثم فلها مناذج وأمناط سوسري جيعل هلا اجتماعية اللغة يف نظر واحدة من أقوى العرى اليت تربط " استقرت يف أذهان اجلماعة اللغوية تظهر يف صورة

. ، وعقدا اجتماعيا ال مناص من اخلضوع لسلطته)٣("اجلماعاتقدختار ويف إطار هذا العنتخب وتا أنظمة اللغة ا"، وحتت مظلته، تلذهنية أصوات، مبا يتالءم مع حاجات اجلماعة اللغوية، تفعيال وإمخاال، )٤("وأبنية وكلمات وجمال

)٥(.استعماال وتركاويقترب تشومسكي يف نظرته للظاهرة اللغوية عند نسقها الثابت، ونشاطها

تطابقها، ، إال أن نظرته ال) الكالم -اللسان( املتحول من مفهوم ثنائية دي سوسري اجلماعة أعضاءاللغة هي قدر مشترك بني دي سوسري يرى أن نأ بينهما"فالفرق يقارب مفهومها عند ابن كة عند تشومسكي مفهوم املل على حني أن )٦("اللغوية

يف املعرفة الضمنية للمتكلم، فهو ال عالقة له باجلماعة، وإمنا "تمثل خلدون، فهي ت، وهذه )٧("فيها اجلماعة اللغوية بالضرورة تشترك، وال يهتم مبلكة املتكلم كفرد

.٢٧ان العام، صحماضرات يف علم اللس )١( .٢٣السابق، ص )٢( .٣٥اللغة ، ص )٣(يف جامعة أم القرى، كلية اللغة ١٤٣١١العرف اللغوي دراسة لغوية ثقافية، رسالة دكتوراه مسجلة برقم )٤(

.١٤٢العربية، من إعداد خالد بن أمحد الغامدي ص .١٥٣ينظر السابق، ص )٥( .١٥٥ن بوقرة، مكتبة اآلداب، القاهرة، د ط، دت، صنعما: املدارس اللسانية املعاصرة، د )٦( .١٥٥نفسه ص )٧(

61

القواعد الكامنة يف ذهن متكلم اللغة، جعلها تشومسكي أحد مستويي نظريته اللغوية ).الكفاية اللغوية ( أي ) competence(وهي ما يعرف عنده بـ

ى سو"ما هو ) األداء الكالمي( أي ) performance(أما املستوى اآلخر يف نظريته كة، وإخراج لنظامها اللغوي الضمين من حيزه املل ههلذ واآلنيةاملمارسة الفعلية

)١("الالشعوري إىل احليز اإلدراكي الفعال يف ظروف مادية متنوعةاللغة، وبني بقواعدينجم عن التمييز بني الكفاية اللغوية أو املعرفة الضمنية "و

عتبار األداء الكالمي مبرتلة االنعكاس املباشر اآلين للغة، ا االستعمالاألداء الكالمي أو )٢("للكفاية اللغوية

ومن هنا فإن اللغة املنطوقة عند التوليديني عملية عقلية عميقة، كامنة وراء األداء يقدم التفسري ) بنية السطح ( فدراسة األداء الكالمي . الكالمي، وختتفي يف الالشعور

.)٣(يقدم التفسري الداليل هلا) البنية العميقة( ية الصويت هلا، ودراسة الكفاءة اللغوومبعرفة املتكلم للغته وأنظمتها، يكون قادرا على إنتاج الكلمات واجلمل، وتوظيف كل مستوياا يف أدائه الكالمي، فال ينتج املتكلم كالما إال باختيار وانتقاء

لغوية، وليس املقصود باالختيار اختيار وتنوعات اأمثلةبل هو حمكوم من جهة " ا شكليقوانني اللغة " ، متالئم مع )٤("بإمكانات املقال، ومن جهة أخرى مبقتضيات املقام

، وما يظهره هذا االختيار )٥("وإمكاناا املنمطة من خالل االستعمال اجلمعي للكالم

م، ٢٠٠٤، ١حماضرات يف املدارس اللسانية املعاصرة ، شفيقة العلوي، أحباث للترمجة والنشر، بريوت، ط )١(

. ٤٤صللماليني، ميشال زكريا، دار العلم: ،د)دراسات لغوية اجتماعية نفسية مع مقارنة تراثية( قضايا ألسنية )٢(

.٦١م، ص ١٩٩٣، ١بريوت، طوينظر يف علم اللغة . ١٥، ص )اجلملة البسيطة( ينظر األلسنية التوليدية والتحويلية وقواعد اللغة العربية )٣(

م، ١٩٨٥أمحد سليمان ياقوت، دار املعرفة اجلامعية، الإلسكندرية، د ط، : التقابلي دراسة تطبيقية، د .٣٨ص

سعد مصلوح، عني للدراسات والبحوث اإلنسانية : يب، دراسة أسلوبية إحصائية، ديف النص األد )٤( .٢٤هـ، ص١٤١٤، ١واالجتماعية، مصر، ط

.١٢٥العرف اللغوي دراسة لغوية ثقافية، ص )٥(

62

).وق الذ( لدى السامع من أنه جبلة وطبع، هو ما أمساه ابن خلدون يف مقدمته بـ وتتجلى دالالت الذوق اللغوي عندما جعل متام حسان مستعمل اللغة خاضعا

فاملتكلم الذي يستعمل لغة اتمع الذي نشأ " ملعايري ومقاييس العرف يف بيئته اللغويةاستعمالية معينة، فيه يستعمل أصواا، وصيغها، ومفرداا، وتراكيبها، حسب أصول

طب، وميرن عليها، ويطابقها دون تفكري يف مجلتها أو حيذقها باملشاركة يف التخا، منتبها ملا يطابق حس لغته وهلجته وذوقها يف بناء املفردات، ويف صياغة )١("تفصيلها

.اجلمل والتراكيبالوصول بالقليل من الوسائل اللغوية إىل " وملا كانت اللهجات تبحث عن اخلفة و

إن متكلميها العتبارات ذوقية وعرفية، وكذلك ، ف)٢("الكثري من الغايات واملعاين )٣("يكرهون توايل األمثال وتوايل األضداد ويألفون توايل األشتات"مراعاة ألمن اللبس

ويلجئون إىل التأليف والوقف واملناسبة واإلعالل واإلبدال والتوصل واإلدغام .)٤(تنغيموالتخلص واحلذف واإلسكان والكمية واإلشباع واإلضعاف والنرب وال

وقد يسري املتكلم يف أدائه اللغوي على مقاييس الفصيحة، إال أنه قد يلجأ إىل قوانني متوارثة، وأنظمة استقرت يف أذهان اجلماعة اللغوية، كأا حقائق ثابتة معتادة، تلغي مقاييس وأنظمة الفصيحة، حىت لو اطردت؛ ألنه ال يألفها وال يقبلها، طلبا

للجهد، وذا فإنه حيتكم إىل الذوق يف تكوين كثري من الظواهر للخفة، وتقليالصوتية أو صرفية أو حنوية يرد عليها من :فقد تكون هناك قاعدة أصلية" السياقية

بتطبيقها يف النطق منافيا للذوق العريب، فاألصل الفك ولكن مواقع ما جيعل االلتزاامل ام ومثل ذلك يقال يف حركة اإلعرابرعية لإلدغتوايل املثلني يؤدي إىل إجياد قواعد ف

واألصل أن تبدأ الكلمة من . حركة املناسبةإىل والعدول عنها إىل سكون الوقف أو

.١٨اللغة بني املعيارية والوصفية، ص )١(ومقدمة يف كلية اللغة ٤٠٩٤قم االقتصاد اللغوي وبعض مظاهره يف العربية، رسالة ماجستري مسجلة بر )٢(

.٢١ليث حممد الل حممد ، ص : العربية جامعة أم القرى من إعداد الطالب .١٢٧األصول، ص )٣( .١٣٠-١٢٨واألصول . ٢٦٤-٢٦٣ينظر اللغة العربية معناها ومبناها، ص )٤(

63

بالساكن يف بعض احلاالت –أي من الناحية النظرية البحتة -حيث نظام اللغة لكن نظريا وواألصل أن يتجاور ساكنان . ويعدل عن هذا األصل بقاعدة التوصل

ىل التخلص وهكذا احلال مع ظواهر احلذف واإلسكان والطول يعدل عن هذا األصل إ )١("والقصر واإلفراد والتشديد واإلشباع، واإلضعاف

وعلى أن ذوق املتكلم يكمن يف كراهة توايل األمثال، وتوايل األضداد، وإلف صفات كالمهم، توايل األشتات، إمنا ميثل يف ذلك بيئته اللغوية املتعصبة لبعض

هناك بيئة لغوية أخرى يتجلى على حني أن، )٢(واالستمساك ا، وال حييدون عنهاعلى جتويد نطقهم، وحتسني عبارام، " ذوقهم اللغوي إضافة إىل ذلك، يف حرصهم

.)٣("وتخير ألفاظهمقاع فاختيار املفردات وإي. هذه القواعد االختيارية ميتلكها املتكلم بصورة عفوية

العالقات النحوية بني املفردات املختارة، حمكوم بقواعد وأمناط يف أذهان املتكلمني؛ .لتكون بينها عالقات مالئمة، تمد املنطوق باملعىن األساسي، وتبىن منها اجلملة

ى الكالم إىل اختيار مفردات ال تتالءم وال تنسجم مع بعضها، فإن أما إن أدكسر قانون اختيار املفردات على أن" كلمات اهلرائية، على النظام ليس معدا لل

وينتقل مستوى الكالم من وداللياا تكون اجلملة معه صحيحة حنوي: أوهلماضربني تصح ا ـ ومن هنا الال تكون اجلملة معه صحيحة داللي: وثانيهما . احلقيقة إىل ااز

أو تتم يف فراغ ـ وخترج عن أن تكون الصحة النحوية ليست جمردة ا، حيث إنحنوي ، .)٤("ذات داللة مفيدة أصال

، يفهم ا جمال جديدةاليت ا يستطيع املتكلم أن يؤلف السمة اإلنتاجية للغة إن هي الركيزة األساسية اليت تتكئ عليها املدرسة التوليدية مبصطلحي البنية السطحية

" النظام اللغوي لدى املتكلم ال املفردات؛ ألن والبنية العميقة، ومها اللذان يعكسان

.١٣٦األصول، ص )١( .٧٩ينظر يف اللهجات العربية، ص )٢( ٨٠السابق، ص )٣( .٨٥الداليل، ص –نحو والداللة مدخل لدراسة املعىن النحوي ال )٤(

64

واضع اللغة مل يضع اجلمل كما وضع املفردات؛ بل ترك اجلمل إىل اختيار حني يرتب املعاين يف النفس، مث يرتب ألفاظها يف النطق؛ ليقدم املعىن بطرق )١("املتكلم

بية تظهر املعين وتدل خمتلفة من الوضوح واخلفاء، والزيادة والنقصان، خبلق أمناط تركي .عليه

فاملعىن عند تشومسكي هو حمصلة لتفاعل العالقات املقبولة حنويا بني املفردات يف يف "احلدث الكالمي، وليس يف معىن الكلمات املعجمي، فال مزية حينئذ للكلمات

نفسها، ومن حيث هي على اإلطالق، ولكن تعرض بسبب املعاين واألغراض اليت ، )٢("لكالم مث حبسب موقع بعضها من بعض، واستعمال بعضها مع بعضيوضع هلا ا

كما أنه ال ميكن احلكم على صحة تلك التراكيب واستقامتها يف بنيها السطحية إال )٣(.من خالل صحة التأويل الداليل هلا

ربط النحو بالداللة، وبني أمهية " على أن عبدالقاهر اجلرجاين سبق تشومسكي يفوضرورة اعتماد املكون التركييب على املكون الداليل تلك العالقة اليت هذا الربط،

تأخرت النظرية التوليدية التحويلية يف إدراكها، ومعرفة أمهيتها، إىل ظهور كتاب . تشومسكي الثاين مظاهر النظرية النحوية والذي ظهر بعد كتابه األول بعشر سنوات

)٤(".داليل باعتباره مكونا تفسريياحيث أدرك تشومسكي ضرورة إدخال املكون الإن عالقة التركيب مع املفردات إمنا هي عالقة تفاعل وحيوية، ليدرك املتلقي

مسايرة الكالم حس معاين الكالم، وينفذ إىل أسراره ؛ مبطابقة النظام اللغوي، و .فاحملكية يف هذا ال خيتل اواملسألة بني العربية الفصحى وهلجااللهجة وذوقها،

.٤٠املزهر يف علوم اللغة، ص )١( .٨٧دالئل اإلعجاز ، ص )٢(ميشال زكريا، املؤسسة اجلامعية للدراسات والنشر، : ينظر مباحث يف النظرية األلسنية وتعليم اللغة، د )٣(

.١٣٠هـ، ص١٤٠٥، ٢بريوت، طحسام البهنساوي، : التفكري اللغوي عند العرب ونظريات البحث اللغوي احلديث، د أمهية الربط بني )٤(

.٣٧هـ، ص١٤١٤مكتبة الثقافة الدينية، القاهرة، د ط،

65

معيار الصواب اللغوي

دليال على إدراك التنافر واالنسجام بني مر دعبنا كيف أن الذوق اللغوي ياحلروف داخل الكلمة، وعلى إدراك وفهم أسرار التركيب حني تترابط الكلمات

مسريه قائم على معايري ثابتة ال جيوز ينبئ عن أنوذلك ، )١(بعالقات حنوية بني بعضهاها، إال أن أوتو جسربس ال يعد اللجوء إىل الذوق أساسا سليما، وعلميا دقيقا، جتاوز

غري أن الذوق ،)٢(يطمئن إليه الباحث اللغوي للحكم بالصواب أو اخلطأ اللغوي .)٣("قدرة الفرد على لحظ توافق الوحدات اللغوية وانتقائها" اللغوي يبني

عن قوانني اللغة، قصدا بصورة عفوية خروجم عندما يتكلم قد يصدر عن املتكلوأو عن غري قصد، مبا يتالءم مع مقتضات التواصل يف اتمع، مث ما يلبث هذا اخلروج عن النظام، واخلطأ يف القياس، ويف ترتيب األصوات، أن يصبح صورة جديدة يف

قال بعض " ، وقاعدة يسري عليها املتكلمون حىت)٤(اللهجة، وكلمة ذات وضع خمتلف .)٥("إن تاريخ اللغة ليس سوى تاريخ األخطاء اللغوية فيها: اللغويني

ويشري حممود تيمور يف كتابه مشكالت اللغة العربية إىل شيء من ذلك؛ إذ فغلبة اللفظ يف االستعمال أسطع برهان على صالحيته، وأقوم دليل على صدق :"يقول

ثيقة تثبت أنه خلية حية يف بنية اللغة، خليقة بل إن غلبة استعمال اللفظ و. احلاجة إليه. ) من صواب مهجورريمشهور ، خ خطأ: ( لنتدبر املثل القائل ... بالتقدير واالعتبار

ا، ، ويسمي املهجور صوابما أصدق انطباعه على اللغة، لوال أنه يسمي املشهور خطأخطأ شهر؟ أي: فهذه التسمية ال تصح إال من باب التجوز والتسمح، فليت شعري

.٦٣و ٦٢ينظر مبحث دالالت الذوق اللغوي ،ص )١( . ١٣٢-١٣٠ينظر اللغة بني الفرد واتمع، ص )٢(ميشال زكريا، املؤسسة اجلامعية للدراسات والنشر : ت متهيدية،دقراءا) علم اللغة احلديث( األلسنية )٣(

.١٣٠هـ، ص ١٤٠٥، ٢والتوزيع، بريوت، ط .١٤١ينظر يف اللهجات العربية، ص )٤( .١٥٦اللغة بني الفرد واتمع، ص )٥(

66

ويفهم منه أن ما قد يعد صوابا يف )١(" ؟رجيف لفظ ه صواب أي: وليت شعريعصر، قد يخطؤ يف عصر آخر، والغلبة حينئذ لالستعمال، الذي ينحو إىل التطور واالرتقاء الطبيعيني، وال سبيل ،عندئذ، إىل الوقوف بوجه تطور لغة ما، وجعلها

؛ إذ األلسن البشرية لن تتوقف عن التغير والتطور مادامت )٢(خاصجامدة على وضع خاضعة لالستعمال، فإن انقطع هذا االستعمال، أصبحت هذه األلسن من الشواهد

.التأرخيية على حقب معينة خاضعة للدرس وفق املنهج التأرخيييني، هو ما محل كينونية اللغة وحيويتها، وقابليتها للنمو والتطور يف نظر الدارو

أن يدرسوا اللغة يف ذاا ومن أجل ذاا، قاصرين عملهم على اللغوييون احملدثونوصف اللغة املستعملة يف زمان ومكان حمددين، وحتليلها بطريقة علمية موضوعية، ال أن يدرسوها من أجل تصحيحها وترقيتها وتعديل شيء منها، بل دورهم الوصف

.صواب من اخلطأ، أو أي شيء زائد على نظام اللغةفقط دون متييز الأن علم اللغة جيب " ويف ظل رفض الوصفيني للمعيارية يف اللغة، ورفعهم شعار

كيف السبيل إىل : " عبدالسالم املسدي يتساءل )٣("أن يكون وصفيا وليس توجيهيا فإن. الستعمال ؟أن نتفاهم بواسطة اللغة لو مل يستقر أمرها على معيار يرضخ له ا

على املعيار أفال ينتفي مبدأ االنتظام املطرد داخل جهاز يماجعلنا االستعمال ق، فال ميكن حينئذ أال يكون هناك معيار يحتكم إليه، ومقياس يعتمد عليه يف (٤)".اللغة؟

.البيئة اللغوية تصويبا وختطئةاللغويني احملدثني ،فيما يظهر، خري من عاجل مفهوم ومقاييس الصواب اللغوي من

قال Odolf Noreenهو أوتو جسربسن، وقد بين أن العامل اللغوي أدولف نورين هي املذهب األديب : بوجود ثالثة مذاهب حول موضوع الصواب واخلطأ اللغوي

.٢٦ ، د ط، د ت، ص)مصر( مشكالت اللغة العربية، حممود تيمور، مكتبة اآلداب ومطبعتها، اخلماسني )١( .٧٧ينظر اللغة واتمع، علي عبدالواحد وايف، ص )٢( .٢٩٦هدسون، ص: علم اللغة االجتماعي، د )٣(، ١عبدالسالم املسدي، دار الكتاب اجلديد املتحدة، بريوت، ط: مباحث تأسيسة يف اللسانيات، د )٤(

.١١٧م، ص٢٠١٠

67

" لكن جسربسن أخذ عليه أنه التأرخيي، واملذهب الطبيعي التأرخيي، واملذهب املنطقيبعض املثل الذهنية، كاألدبية التارخيية، والطبيعية التارخيية وقد صرفته هذه املثل تعلق ب

.)١("املاديةالذهنية البحتة، عن عالج الوقائع اللغوية باعتبار الرجل العادي يف كالمه ني عندما يلجأعنده يتبومقياس الصواب اللغوي

:املستويات اآلتية" وصول الكالم إىل أحد .االختصاص اللغوي مستوى جهات

.مستوى املناطق اجلغرافية املتميزة .املستوى األديب

.ستقراطي راملستوى اال .املستوى الدميقراطي

.املستوى املنطقي )٢(."املستوى الذوقي

اهليئات الرمسية وشبه الرمسية اليت " مبستوى جهات االختصاص اللغويويعين إن ما تقرره جهات : وهلذا ميكن أن نقول... تعىن بالدراسات اللغوية عناية خاصة

)٣("م كل أطراف اجلماعة اللغوية وزواياهاال يلبث أن يشيع حىت يع... تصاصاالخوأما يف مستوى املناطق اجلغرافية املتميزة يشري أوتوجسربسن إىل تساؤالت كثري

ة احلديث ال من الناس عن وجود لغة مثالية يف مكان ما؛ إال أن أصحاب علم اللغيقرون بوجود لغة تفضل أخرى أو مستوى يفضل مستوى فكلها عندهم يف امليزان

أصح إجابة ملثل هذا النوع من التساؤل "؛ لذا يرى أوتوجسربسن أن )٤(والدرس سواءإن خري األماكن اليت توجد فيها اإلجنليزية األسكتلندية هو أسكتالندا، : ( أن نقول

فيه اإلجنليزية األمريكية، هو الواليات املتحدة األمريكية، وإن وإن خري مكان توجد

.١٠٧اللغة بني الفرد واتمع، ص )١( .١٠٨السابق، ص )٢( .١٠٨نفسه ص )٣( .٢٨ينظر مبحث التسوية ببني اللغات واملستويات اللغوية ص )٤(

68

خري مكان توجد فيه املصرية الصعيدية، هو صعيد مصر، وإن خري مكان توجد فيه .)١()"املصرية كما يتحدثها أهل طوخ طنبشا، هو قرية طوخ طنبشا

الدراسات أما املستوى األديب، فعلى الرغم من أن النتاج األديب غري داخل يفأعاظم الكتاب وأسلمهم تعبريا، دون أن " اللغوية؛ إذ كيف يتأتى للغوي أن يعني

أوليس من املمكن، بل من املؤكد، أن ختتلف ! يكون هناك مقياس للصواب واخلطأ؟االستعانة إذ ال ميكن ، )٢(."؟!اآلراء اختالفا كبريا يف تعيني من هم أعظم الكتاب؟

أعمق بكثري من تأثري " معيارا للصواب واخلطأ، ذك أن تأثريهم وجعلهابنصوصهم يف مستواها اإلبداعي أو املستوى التداويل، وليس )٣("املتكلم العادي يف توجيه اللغة

.املستوى االتصايل العامممن اكتسبوا " ستقراطي أشار إىل الطبقة الراقية روحني حتدث عن املستوى اال

فستكون هذه الطبقة ،عندئذ، مكونة )٤("مبستواهم العقلي واللغويثقافة عالية ترتفع .من األمراء وذوي املال والثراء العريض وكبار موظفي الدولة وأمثاهلم

وينقل أوتوجسربسن ما قاله ملييه حول عرض وتلخيص برونوت اآلراء اليت :ب يفترضأن الكات" ستقراطي ،مث يبني أوتوجسربسن رقيلت يف هذا املستوى اال

وجود طبقة ممتازة امتيازا اجتماعيا، هي حمل تقليد من سواها من -أوال .الطبقات .اختالط لغة هذه الطبقة بلغة من سواها من الطبقات -ثانياتخير األدباء ألحسن وأنقى أساليب الطبقة املمتازة واستعماهلا يف إنتاجهم -ثالثا

والتعابري، مركزا ثابتا، حيث إا ال تقتصر على ظالفين، وبذلك تكتسب هذه األلفاوالتعبريات اليت ظكوا جمرد ألفاظ تقال وتنسى ومن هذه الدورة كلها خنرج باأللفا

ميكن احلكم بأن استعماله قد تدوول، إىل درجة صارت معها من التعبريات املستحسنة

.١١٤اللغة بني الفرد واتمع ، ص )١( .١١٥السابق، ص )٢( .١١٧السابق، ص )٣( .١١٨السابق، ص )٤(

69

.)١(."املرضيةباختاذ لغة الشعب اليت :" اطي يقولوعلى النقيض من ذلك فإن املستوى الدميقر

ويعتمد هؤالء الدميقراطيون يف رأيهم، على أنه . هي أكثر شيوعا وانتشارا، مقياسا له )٢("ليس هناك فرق بني فرد وآخر يف النشاط اللغوي، يربر متيز أيهما

د وهو ما جي" اختاذ املنطق ارد مقياسا للسلوك اللغوي"أما املستوى املنطقي فهو .معارضة من علماء اللغة الوصفيني ورفضهم للقياس العقلي املنطقي يف النحو العريب

اللغة السليمة، هي اليت تصل إىل املستوى " وأخريا املستوى الذوقي يقوم على أن، وذا تكون اللغة السليمة هي لغة الشعر أو الذي ميليه علينا إحساسنا الفين باللغة

، )٣(" النثر الفين فحسبص إىل ب اللغوي وناقش اآلراء فيها، خلوبعد أن عرض جسربسن مقاييس الصوا

الكالم مع ما يتطلبه العرف اللغوي للجماعة " أن الصواب اللغوي هو الذي يتطابق فيه )٤("اليت ينتمي إليها املتكلم

ومن هنا يتبني أن ما توصل إليه جسربسن من مقاييس للصواب اللغوي ليست بل اجتماعية خالصة، خاضعة لسلطة العرف على اللغة؛ ألن العرف كما يقول لغوية،

يف اللغة، وإذا كان الفرد خاضعا دائما لهو الذي حيدد معايري االستعما:"متام حسانملا حيدده العرف من املقاييس االجتماعية، فهو خاضع أيضا ملا حيدده العرف من معايري

الذي ارتضته )٦("كلم يف استعماله أصوال حمددة بالعرفيراعي املت"؛ لذا )٥("اللغةاجلماعة اللغوية، ومنها مقاييس الصواب اللغوي االجتماعي وليست املعايري اليت

فكروا يف اللغة "يفرضها النحوي؛ ولذا عاب متام حسان على اللغويني القدامى حينما جتماعي، بل موعة من تفكري من خيضع الصواب واخلطأ يف استعماهلا ال ملقياس ا

.١٢١السابق، ص )١( .١٢٢السابق ، ص )٢( .١٣٠السابق، ص )٣( .١٣٣السابق، ص )٤( .١٨ املعيارية والوصفية، ص اللغة بني )٥( .١٩السابق، ص )٦(

70

ما ال تنطبق عليه هذه القواعد إما شاذا أو ا، وجيعل كلالقواعد يفرضها عليها فرض؛ إذ ال )١("خطأ ينبغي أال يدخل يف دائرة االستعمال العام، ولو كان أشيع على األلسنة

لغة أن يقطع الباحث الصلة بني ال"ينبغي يف نظر متام حسان وأصحاب املنهج الوصفي ، وأال يفكر كمثل موقف املتكلم من استعمال اللغة مبطابقة معايري العرف )٢("واتمع

اللغوي جلماعته اللغوية، بل عليه أن يصف ويسجل الواقع اللغوي دون الدخول )٣(.ملسائل الصواب واخلطأ

ن على أن املدرسة التوليدية يف نظريتها اللغوية، ترى أن املستوى الصوايب نابع ميف جمتمع لغوي متجانس يعرف لغته معرفة "افتراض وجود متكلم ومستمع مثاليني

بأحكام حول "بإنتاج اجلمل وفهمها فهما صحيحا، وباستطاعتهما أن يدليا )٤("كاملةجمموعة من الكلمات املتالحقة من حيث هي تؤلف مجلة صحيحة أو مجلة غري

ي اجلملة الصحيحة باجلملة األصولية أي اجلملة املوافقة نسم. صحيحة من جمل لغتهومىت ما احنرفت عن تلك القواعد واألنظمة سواء كان االحنراف )٥("قواعد اللغة

.صوتيا أم تركيبيا أم دالليا تكون اجلملة غري الصحيحة مجلة غري أصوليةبوهلا، هي ما هذه القدرة على إطالق األحكام على أصولية اجلمل وصحتها وق

هو جزء من كفاية اإلنسان اللغوية أي جزء من "و) احلدس اللغوي ( يسمى بـ

. ٢٦السابق، ص )١( .٢٣السابق، ص )٢(هذا ما قرره متام حسان وغريه ممن ساروا على خطا املنهج الوصفي ، إال أن اد املوسى قرر يف حبثه )٣(

اللغوي :قد استشرف هذين البعدينأن سيبويه ) الوجهة االجتماعية يف منهج سيبويه يف كتابه(واالجتماعي يف وصفه لنحو العربية، مزج بينهما مزجففي كتابه صور متوافرة من . ا متكامالا متناسب

التحليل اللغوي الداخلي، ويف كتابه، كذلك صور معجبة من جتاوز الدائرة اللغوية الذاتية، تتمثل يف املتغريات واملعطيات اخلارجية اليت تكتنف إىل املعىن، وتنبهه إىل السياق وما يالبسه من الظروف، و التفاته

وعي عملي عميق ... وفيه... من حال املخاطب، وحال املتكلم، وموقف اخلطاب كالمي،املوقف ال .على دور اللغة يف صياغة اتمع

.١١٤النحو العريب والدرس احلديث حبث يف املنهج، ص )٤(ميشال زكريا، املؤسسة اجلامعية : ، د)النظرية األلسنية( العربية األلسنية التوليدية والتحويلية وقواعد اللغة )٥(

.١٠٨هـ، ص١٤٠٦، ٢للدراسات والنشر والتوزيع، بريوت، ط

71

.)١("معرفته الضمنية بقواعد اللغةيعتد التوليديون باحلدس اللغوي وجيعلونه ركيزة من الركائز األساسية يف الدراسة

اجلمل اليت " اللغوية؛ ألن مقدرة املتكلم اللغوية تتمثل باحلدس، فريى تشومسكي أن؛ لتآلف عناصرها )٢("تولدها القواعد النحوية البد أن تكون مقبولة من أبناء اللغة

درجات متباينة من حيث اجلمل وذلك "الصوتية والتركيبية والداللية، فإن كانت على أو ،)٣("ألن اجلمل غري األصولية تتباين بالنسبة على درجة احنرافها عن قواعد اللغة

اختل معناها، وانفرط عقد نظامها، أصبحت هذه اجلمل جمال غري أصولية، وليست وهذا ما يذكره عبدالقاهر اجلرجاين يف .مقبولة حنويا، وإن صح تركيبها النحوي

شئت، كالم د إىل أيماعا فيانت أن ترى ذلك عدروإن أ" :دالئل اإلعجاز بقولها ميتنع معه دخول شيء من معاين النحو فيها، وضعها وضع ،موضعهاأجزاءه عن لزوأ

)من نبك قفا حبيب ذكرى مرتل ( *قفا نبك من ذكرى حبيب ومرتل * :فقل يف (٤)" مث انظر هل يتعلق منك فكر مبعىن كلمة منها؟

كيبها اجليد، وبني قبوهلا تشومسكي يميز بني أصولية اجلملة وتر على أنل ها هي اجلملة اليت يحتمريمما يقبل غ املتكلم أكثر ااجلملة اليت يقبله إن":هبقول

ها أكثر من غريها، وبسهوله أكثر، واليت هي أقل خشونة من غريها ومبعىن آخر ورودة أكثر من غريها ويتجنب املتكلم استعمال اجلمل اليت ال يقبلها يطبيعهي اليت

مفهوم قبول ال جيب أن خنلط بني...قدر اإلمكانلة ويستبدهلا يف كالمه جبمل معاداجلملة وبني مفهوم أصولية اجلملة فمفهوم قبول اجلملة عائد إىل جمال دراسة األداء

. لى جمال دراسة الكفاية اللغويةعاجلملة يرتد أصوليةمفهوم أنالكالمي يف حني

ميشال زكريا، املؤسسة اجلامعية للدراسات والنشر : املبادئ واألعالم، د) علم اللغة احلديث ( األلسنية )١(

اللغة العربية وقواعدأللسنية التوليدية والتحويلية اوينظر . ١٥٧هـ،ص١٤٠٣، ٢والتوزيع، بريوت، ط .٩، ص )ةاجلملة البسيط(

.٦١نظرية تشومسكي اللغوية، ص )٢( .٩، ص )اجلملة البسيطة( األلسنية التوليدية والتحويلية وقواعد اللغة العربية )٣( ٤١٠ص )٤(

72

.)١("ملفاألصولية هي عامل من عوامل متعددة تترابط لتحديد قبول اجلوما من شك أن أي فرد يف البيئة اللغوية قادر على التمييز بني اخلطأ والصواب يف

إن اإلنسان الذي يتكلم لغة معينة يستطيع أن يفهم مجل لغته هذه، " هلجته ولغته؛ إذكما أنه يستطيع أن حيكم على اجلمل اجلديدة من حيث اخلطأ والصواب يف

.واألصوات واملفردات )٢("التركيبوطاملا أن املتكلم يستعمل كفاءته، ومقدرته اللغوية، وما ميلكه من فرضيات ومناذج، يطبقها على معطيات لغوية يتعرض هلا، فسيلتزم التقيد بأنظمة هلجته وقوانينها

ال ميكن اختراق ما للغة من قواعد وأنظمة إال إذ يف صياغة الكالم وتركيب اجلمل، ، ويعطيها غطاء )٣(ميكن هلا احلماية والرقابة ألنهبه العرف اللغوي؛ يف حدود ما يسمح

، وكان ميكن ...اخلارجة عن نظام اللغة أو قياسها النظري " أمنيا يف حال التجاوزات .)٤("لوال غطاء متني من عرف اللغة حيميها من هذا املصري... إعدامها

صرية هي مخريوالس هكمعلى أن الت هلجة ةألي ايبواملستوى الص فالخن ي؛ )٥(مالذي يستهدف تعديل السلوك ) Social pressure(مما يتسبب بالضغط االجتماعي

حمدد ٦(.للوصول إىل هدف( وخيلص متام حسان إىل أن املستوى الصوايب ليس خاصا يف اللغة وحسب، بل هو

وهو كالصوغ : اخلطأ يف االستعمالمعيار لغوي يرضى عن الصواب ويرفض "حتديد الصواب يف القياسي ال ميكن النظر إليه باعتباره فكرة يستعني الباحث بواسطتها

واخلطأ اللغويني، وإمنا هو مقياس اجتماعي يفرضه اتمع اللغوي على األفراد، ويرجع

.١١٣، ص)النظرية األلسنية( ة نقال عن األلسنية التوليدية والتحويلية وقواعد اللغة العربي )١( .١٥٦املبادئ واألعالم، ص) علم اللغة احلديث ( األلسنية )٢( .١٤٤ينظر العرف اللغوي دراسة لغوية ثقافية، ص )٣( .١٧٣السابق، ص )٤(حممد مندور ضمن كتاب النقد املنهجي عن العرب ومنهج : ينظر علم اللسان، أنطوان ماييه، ترمجة د )٥(

.٤٤٢ األدب واللغة، صالبحث يفم، ١٩٨٢، ١أمحد زكي بدوي، مكتبة لبنان، بريوت، ط: معجم مصطلحات العلوم االجتماعية، د )٦(

.١٤٤وينظر العرف اللغوي دراسة لغوية ثقافية، ص . ٦٦اللغة بني املعيارية والوصفية، ص . ٢٩٣ص

73

إن املستوى : ومن ثم ال ميكن أن يقال... إليه عند االحتكام يف االستعمال األفرادإنه مقياس اجتماعي عام يرمقه الفرد : الصوايب فكرة من منهج اللغة، ولكن يقال

)١("الالذعبشيء من املهابة واالحترام، وحيرسه اتمع بأسلحة أقلها النقد االجتماعي

.٧٢اللغة بني املعيارية والوصفية، ص )١(

74

:الفصل الثاني : يف كتب علم اللغة احلديث) اللغة املنطوقة ( صورة اللهجات

75

لكل حقيقة يف الوجود صورة يف اللغة، فإذا انعدمت احلقيقة صار للصورة رمز

، أو كما يعرب عنه )١("أصوات يعرب ا كل قوم عن أغراضهم" لغوي جمموع من أو جمموعة من الرموز الصوتية اليت تكون )٢("نظام من العالمات" اللغويون احملدثون

.)٣(نظاما متكامالن ارتباط الصورة الصوتية بالصورة الذهنية إمنا مرجعه إىل العالمة الناتج اللغوي م

اللغوية اليت بىن سوسري نظريته اللغوية عليها، واصفا إياها بأا نظام من الرموز فكرة العالمة هي اليت كان يبحث عنها لوضع منهج " و )٤(والدالالت والعالمات

تعيينه، وهي تتسع عنده لتشمل علمي وصفي، ألا هي الشيء الذي ميكن حتديده و .والوحدات الصرفية )٥("كل ما ميكن متييزه كاجلمل والعبارات والكلمات

تمثل الصورة الذهنية للحدث الكالمي، واختالف زاوية التصوير، ينبئ عن عدد كبري من األلفاظ، وعدد كبري من اجلمل، وأشكال من التعبري تربطها عالقات دائمة،

قة ينظمها نظام، وال يفهم ذلك النظام إال من خالل عالقاته وانعكاساته وكل عال .)٦(على أنظمة أخر

فاملتكلم يرتب املعاين يف ذهنه، مث يترجم هذه املعاين إىل ألفاظ دالة عليها نطقا، مجلة من ، وفق )٧(أما السامع فهو يتلقى األلفاظ يف مسعه، مث يفككها ويؤوهلا يف ذهنه

الصوتية والصرفية والنحوية والداللية، : ع عليها اليت متثل نظام اللغة املتواضالقواعد

. ٣٣اخلصائص، ص )١( .٣١فندريس ، ص .اللغة، ج )٢( ١٠حممود فهمي حجازي، ص: ينظر ، مدخل إىل علم اللغة، د )٣( .٣٠ينظر حماضرات يف علم اللسان العام، ص )٤(عبده الراجحي، دار النهضة العربية، بريوت، د ط، : النحو العريب والدرس احلديث حبث يف املنهج، د )٥(

.٣١م، ص١٩٧٩ .٢١٨م،ص١٩٧٤مصطفى مندور، منشأة املعارف، اإلسكندرية، د ط، : ضارة، دينظر اللغة واحل )٦( .٢٦ينظر حماضرات يف علم اللسان العام، ص )٧(

76

.)١(لة من األعراف اللغويةومجوألن اللهجات احملكية هي الواقع اللغوي اآلين الذي حيبذه أصحاب علم اللغة

بأنه " لم اللغة احلديث ؛ ولذلك وصف عيناحلديث؛ الستقرارها يف بيئة وزمان حمدد، ففيه توصف اللغة بوجه عام على الصورة اليت توجد عليها يف نقطة زمنية م ساكنعل

.)٢("معينة ليس ضروريا أن تكون يف الزمن احلاضرفباملنهج الوصفي تتبدى صورة اللهجات احملكية من واقعها، املستقى من موروثها

ئية، واملقاصد وأعرافها اللغوية واالجتماعية؛ ليلقي بظالله على املمارسات اإلجرا .النفعية لتقعيد اللهجات احملكية

-:ما يليفيولعل تبيان هذه الصورة يتجلى الظواھر اللھجیة بین المنطوقة والنموذجیة في ضوء

.الموروث الشفوي المنطوقة(والعامیة) النموذجیة(الفصحى العالقة بین(. االزدواج اللغوي.

ة في ضوء الظواهر اللهجية بين المنطوقة والنموذجي الموروث الشفوي

، وبني احلاضر واملستقبل، الرابط سر الذي يصل بني املاضي واحلاضراللغة هي اجلتتفاوت باختالف . بني األجيال املتعاقبة تأرخييا، وبني الفئات املتباينة ثقافيا، واجتماعيا

قوانني اللغة وإمكاناا املنمطة من خالل :" بأنه ،حدده خالد الغامدي يقصد بالعرف اللغوي،كما )١(

عن طريق العقد اللغوي االجتماعي " اللغة وجعل الغامدي تنميط قوانني "االستعمال اجلمعي للكالمالعرف اللغوي دراسة لغوية ثقافية، رسالة دكتوراه مسجلة برقم " . والتكرار والترسيخ واحلماية والرقابة

.١٢٥يف جامعة أم القرى، كلية اللغة العربية، من إعداد خالد بن أمحد الغامدي، ص ١٤٣١١ .١٣٧أسس علم اللغة، ص )٢(

77

.مستعملها يف نفس احلقبة الزمنيةوتتداوهلا األجيال جيال إثر عرب التأريخ، ها رحلتاللغة تأخذ، مرور الزمنومع

ا بشكل كامل ؛ إذ يستلزم االحتفاظاإلملام و حينئذ ليستحيولتعجز السالئق جيل؛ ، على الرغم أيا كان زمنها،اللهجات تسمى بمن تلك الرحلة حدوث ظواهر لغوية

.فيها من استقرار وحتصن كثري من ظواهر اللغة األمفهل ،واحلضاري ياملتكلم وسياقها االجتماعباختالف ةتلفخمللغة مادامت او

هل " ستخضع لقانون أو تتحكم فيها حرية االختيار؟ وألجل ذا يتساءل ماريوباي ميكننا التوصل إىل طريقة لتقنني قواعد اللغة حبيث يصري استعماهلا خاضعا لنظم معينة،

غة مهما تكن شاذة غري مألوفة ونتقبلها أم يتعني علينا أن نالحظ ظواهر استعمال الل .)١("كما هي ونرضى عنها؟

ا النموذجية، حني أرست دعائمباملعيارية استمر ثبات اللغة العربية يف صورباعتباره " باملعايري مالنظام النحوي على حنو ال يقبل التبديل وال التغيري، وجعلت االلتزا

، أما الوصفية فقد )٢("مييز املثقفني وغري املثقفني حيتذى به، هو الذي ذا حرمة، ومثال: ألغت التقنني واكتفت مبالحظة االستعمال وخروجه عن املألوف والرضى عنه، وقالوا

دع لغتك وشأا؛ لذا كانوا يتحررون من التأثر بقواعد املعياريني، ويؤثرون املنطوقة ن بتطور جانبها الصويت، وإىل وتطورها مر. على املكتوبة؛ ألا متارس حبرية أكرب

هذا يرجع بعض السبب يف اختالف اللغة الواحدة يف تطورها الصويت، باختالف "الشعوب الناطقة ا، وذلك أا تسلك يف تطورها الصويت عند كل شعب منها مسلكا

وعلى )٣("يتفق مع ما فطرت عليه أعضاء نطقه يف طبيعتها واستعدادها ومنهج ارتقائها .ا تقاس مسافة اخللف بني اللغة وهلجااهذ

يشري رمضان عبدالتواب إىل أن معظم مظاهر التطور الصويت والتغيريات الصوتية

.٣٧بشر، ص لغات ال )١(، حبوث يف إمساعيل عمايرة: املراحل الزمنية للغة العربية الفصحى، فولف ديتريش فيشر ، ترمجة د )٢(

.٤٣٢هـ، ص١٤١٧، ١االستشراق واللغة، دار البشري، عمان، ط .٥٧علي عبدالواحد وايف، ص:اللغة واتمع، د )٣(

78

التغريات التارخيية، والثاين : إىل قسمني كبريين، أوهلما"اليت تطرأ على اللغة تنقسم من التحول يف النظام ونعين بالتغيريات التارخيية، تلك التغيريات اليت حتدث . التركيبية

الصويت للغة، حبيث يصري الصوت اللغوي يف مجيع سياقاته صوتا آخر، أما التغيريات التركيبية، فهي اليت تصيب األصوات، من جهة الصالت اليت تربط هذه األصوات،

وهذا مرتبط مبا عليه تصور النظام اللغوي، )١("بعضها ببعض يف كلمة واحدةومها تضمان حتت جناحيهما قواعد ) اللهجة احملكية(واملنطوقة ) الفصحى(فالنموذجية

اللغة كلها، قد ختتلفان يف الفروع، وليس مبا عليه األصل، ومع هذا فليس شيء مما )٢(.ختتلفان فيه إال وله وجه يؤخذ به

فاجلد مثال، يشعر أن لغة " العالقة بني األصل والفرع كالعالقة بني اجلد واحلفيد أما ... د تتغري، فيسمي هذا التغري خروجا عن العرف اللغوي، أو خمالفا للمعيار احلفي

احلفيد فيغلب أن يعد هذا اخلروج تطورا وأخذا باألسباب، حنو معايشة ملتغريات من "على أن التقدم والتطور قد يبدو بطيئا، لكنه، كما يرى أوملان، خمتلف )٣("العصر

.)٤("ومن قطاع إىل آخر من قطاعات اللغةفترة زمنية إىل أخرى، وعلى الرغم من التطور اللغوي الذي حلق اللغة يف الفترات الزمنية املختلفة، توجد كلمات وألفاظ مشتركة بني اللغة وهلجاا احملكية املعاصرة مع اختالف يف

على التركيب واالستخدام، وهو دليل على أن مثة بقايا وظواهر لغوية هلجية جتريال متحو تلك الظواهر ) الفصحى( خالف قواعد اللغة النموذجية؛ غري أن النموذجية

بني يوم وليلة، بل تسري معها جنبا إىل جنب مدة من الزمن قد تطول وقد "اللهجية تقصر، وهي حني تتغلب عليها ال تقضي على كل أفرادها قضاء مربما، بل يتبقى منها

، ١٤١٧، ٣عبدالتواب، مكتبة اخلاجني ، القاهرة، ط رمضان: التطور اللغوي مظاهره وعلله وقوانينه، د )١(

.٢٤ص .٢٤٤ص ١ينظر اخلصائص، ج )٢(إمساعيل عمايرة، ضمن أحباث مؤمتر اللغة ومواكبة : املعيارية هذا املنهج الذي حفظ وحدة العربية، د )٣(

.٩احملور اخلامس، ص) األول(العصر .١٧٨دور الكلمة يف اللغة، ص )٤(

79

.)١("صارع الدهر وتبقى على مر الزمن بعض األمثلة اليت تمجيعا من " لبقايا والظواهر اللهجية ينطلق اللغويون احملدثون وأثناء تناول هذه ا

فكرة األصل التارخيي هلذه البقايا اليت ظلت ماثلة، وشاهدة على فترات تارخيية كانت )٢("تستعمل فيها هذه األمناط

للغويون احملدثون عدة مصطلحات تناوهلا وعند تناول هذه البقايا استخدم ا الركام طلح مص، واختار بعد عرض املصطلحات )٣(بالدراسة منصور الكفاوين

أن الظاهرة " عنده معناهستخدم هذا املصطلح رمضان عبد التواب واللغوي، وي .)٤("اللغوية، قبل أن متوت، تبقى منها أمثلة، تعني على معرفة األصل

من اللغة القدمية املتبقية يف اللغة احلية املتكلمة، إمنا هي دليل على اآلثار والظواهرتأثرها، وارتباطها ارتباطا وثيقا، وتنبئ عن أصلها القدمي، وإرثها التأرخيي، وإىل هذا

كذلك جند أثر الربيتانية يف الفرنسية املتكلمة يف بريتانيا وأثر :" يشري فندريس بقولهليزية املتكلمة يف إيرلندة، ففضال عن كون املفردات مشربة بكلمات اإلرلندية يف اإلجن

وتراكيب مأخوذة من اللغة احمللية، جند هذه اللغة تفعل فعلها يف النظام الصويت بل يف وهذا حني ختلف لغة جديدة لغة قدمية، لكن )٥("بعض تفاصيل النظام الصريف أيضابية ارتبطت بالقرآن ارتباطا وثيقا، وحفظت حبفظ األمر خمتلف مع العربية؛ إذ العر

وحتديد "القرآن هلا، مث جبهود اللغويني والنحاة العرب؛ حينما اجتهدوا يف دراستها

.٤٤٣م، ص ٢٠٠٠، ٢رمضان عبدالتواب، زهراء الشرق، القاهرة، ط: والتطور اللغوي، د حلن العامة )١(منصور عبدالكرمي الكفاوين : ظاهرة الركام اللغوي بني القدماء واحملدثني، أطروحة دكتوراه قدمها الطالب )٢(

، ٢٠٠٧يل ، عام عبدالقادر مرعي اخلل: إىل قسم اللغة العربية وآداا يف جامعة مؤتة ، إشراف أ،د .٦٢ص

.٦٣-٦٢ينظر السابق ص )٣(جملة امع العلمي رمضان عبدالتواب، : من امتداد اللهجات العربية القدمية يف بعض اللهجات املعاصرة، د )٤(

رمضان عبدالتواب ، : وينظر كتاب التطور اللغوي د. ١٧٨، ص ٤٧، ع ١، ج٣٥، مج العراقيوكتاب املدخل إىل علم اللغة ومناهج البحث . ٤٤٣ور اللغوي ، ص و كتاب حلن العامة والتط. ١٧ص

هـ، ص ١،١٤٠٣وكتاب حبوث ومقاالت يف اللغة، مكتبة اخلاجني ، القاهرة، ط. ٢٩٨اللغوي، ص٥٩.

.٣٥٦اللغة، ص )٥(

80

معاملها، من نواحي األصوات والصيغ، واألبنية والداللة، وتركيب اجلملة، ووظيفة ئل بالقبح والشذوذ، ؛ لذا وصفوا بعض لغات وهلجات القبا)١("الكلمة داخل اجلملة

ألا جتري على خالف ما وصفوه باملطرد يف اللغة النموذجية واللغة األدبية، .الـمصطلح على تسميتها بالفصحى

بقايا اللهجات كانت ومع توحد هلجات العرب حتت لغة عامة مشتركة، فإن" بعض لغات القبائل وصفإن ، ومن ثم ف)٢("جتري على األلسنة يف نطاق بيئتها املتعددة

العربية بالقبح والرداءة أمر يزيغ عن طريق املنهج العلمي من وجهة نظر علم اللغة ا، لن يغري من حقيقة األمر شيئ:" يقول فوزي الشايبكما احلديث؛ ألن هذا الوصف

وإذا كان ذلك كذلك فال معىن لوصفها ،البعض العرب قدمي من أا كانت هلجةطر فاإلنسان ال خيطئ يف لغته اليت نشأ عليها، وال ختونه سليقته اليت ف داءةبالقبح أو الرهؤالء الناس مالوا إىل املماثلة بني احلركات يف هذه املواقع، ما هنالك أن عليها، وكل

وما نستشعره فيها من قبح ورداءة ال يرى فيه املتكلمون ا إال غاية احلسن ومنتهى سخا مشوهة أو حمرفة عن مبنية على أساس عد اللهجات ن وهذه األحكام .الفصاحة

ذ الفرق بني اللغة الفصحى واللهجات هو فرق إر كذلك، مالفصحى، وليس األف اللغة بوصفها يمن الفصحى والعامية ينطبق عليه تعر قط، فكلفاجتماعي وثقايف

٣(."ا من العالماتنظام( غات وهلجات بعض القبائل، إال أن هذه ظت استعماالت لومع أن النموذجية لف

اللغات مل ختتف من الوجود، ومل تسقط من االستعمال، وأخذت جتري على األلسنة يف بيئاا املتعددة، بل بقي هلا امتداد يف بعض اللهجات املعاصرة؛ على الرغم مما

.وصفت به من القبح والرداءة والشذوذ وخمالفة األصل املطرد

٢٦٤رمضان عبدالتواب، ص : حبوث ومقاالت يف اللغة، د )١(هـ، ١٤٣٢فار حامد هالل،دار الفكر العريب، القاهرة، د ط، عبدالغ: اللهجات العربية نشأة وتطورا، د )٢(

.٨٢ص ، ١فوزي الشايب، عامل الكتب احلديث، إربد األدرن، ط : أثر القوانني الصوتية يف بناء الكلمة، د )٣(

.٢٤٤هـ، ص ١٤٢٥

81

حاب علم اللغة احلديث األصوات دراسة وحتليال، عابوا على وحني تناول أصتركهم بعض املظاهر الصوتية والصرفية والتركيبية للغات علماء العربية القدماء

القبائل؛ ملخالفتها وخروجها عن قواعد النموذجية، لكن تلك املخالفة، واخلروج عن يف االستعمال " دثون، اكتسبت القاعدة املطردة يف النموذجية ،كما يرى اللغويون احمل

، بل كان )١("األسلويب قدرا من االطراد رقى ما إىل مرتبة األصول اليت يقاس عليهامن األلزم من وجهة النظر اللغوية احلديثة أن يقاس على هذه الظواهر؛ لسماعها من

ملطليب اعريب سليقي الطبع، وإن كانت نادرة، وهذا مما يفهم من كالم غالب فاضل عند كالمه عن قلب اجليم ) جار(يف ) يار(قاس كلمة حني أشار إىل أن ابن سيده

، وجعل ضاحي عبدالباقي شيوع هذه الظاهرة ،ظاهرة إبدال اجليم ياء، يف )٢(ياءمن قوهلم ) شيرة(مناطق اجلزيرة العربية حجة، حني ناقش رأي ابن جين يف أصالة ياء

.)٣()شجرة(ية يف العصر احلديث خمتلفون يف نطقهم حلرف اجليم، وهذا مما حير أبناء العرب

ليس لدينا من :" العلماء حول نطقها القدمي،كما يفهم من قول إبراهيم أنيس، إذ يقولدليل يوضح لنا كيف كان النطق باجليم بني فصحاء العرب، ألا تطورت تطورا

لسنة القاهريني خالية من التعطيش وهي فطورا نسمعها يف أ. كبريا يف اللهجات احلديثةيا، رجيم من أقصى احلنك، وحينا جندها وقد بولغ يف تعطيشها كما هو احلال يف سو

وأخرى جندها صوتا آخر يبعد إىل حد كبري عن الصوت األصلي مثل نطق بعض ليت نسمعها اآلن من جميدي ويظهر أن اجليم ا. أهايل الصعيد حني ينطقون ا داال

ر التراث وينظ. ٣٤٧هـ ص ١٤١٣، ١متام حسان، عامل الكتب، القاهرة، ط: البيان يف روائع القرآن، د )١(

، ١حسام البهنساوي،مكتبة الثقافة الدينية، القاهرة، ط: اللغوي العريب وعلم اللغة احلديث، د .١٤٠هـ، ص ١٤٢٥

ينظر هلجة متيم وأثرها يف العربية املوحدة ، غالب فاضل املطليب، وزارة الشؤون الثقافية العراقية، بغداد، د )٢(ة، دار الكتب العلمية، بريوت ، مصورة عن طبعة وينظر املخصص البن سيد. ٩٩م، ص١٩٧٨ط،

.٣٤ص١٤هـ ،ج١٣٢٠، ١املطبعة األمريية ببوالق، طضاحي عبدالباقي، جممع اللغة العريب، القاهرة، د ط ، : ينظر لغة متيم دراسة تأرخيية وصفية، د )٣(

.٧٦٥-٧٦٤وينظر سر صناعة اإلعراب، ص . ٨٢هـ، ص١٤٠٥

82

وقد )١("ة القرآنية، هي أقرب اجلميع إىل اجليم األصلية، إن مل تكن هي نفسهالقراءايفهم من كالم أنيس اضطراب، ذلك أنه نفى يف أول كالمه وجود نطق للجيم فصيحة بني أبناء العربية، مث أثبت وجود هذه اجليم الفصيحة بسماعها من جميدي

، ولكن فيما أرى أن ليس مثت ءاته مشافهةالقراءات؛ حلرصهم على تلقي القرآن وقراعند قراءة القرآن فقط، اضطراب؛ إذ النفي لكالم العامة واإلثبات يدي القراءات

ولكن هذا احلكم من أنيس عام على من هم يف اجلزيرة العربية؛ إذ أزعم أن نطق اجليم طق الوسطى للجزيرة الفصيحة كما يقرأ ا جميدو القراءات الزال باقيا يف بعض املنا

.العربيةويكاد يكون صوت القاف هو األبرز، حيث كثر كالم اللغويني حوله؛ ألن التغريات اليت طرأت عليه من القدم، فما بني قاف فصيحة يقرأ ا القرآن، وقاف

.، وقاف أخرى تنطق كاجليم القاهرية)٢(متيمية تنطق بني القاف والكافلى صوت القاف تغير يف البالد العربية، إىل مهزة مرة، وطرأ يف العصر احلديث ع

كما يف بالد الشام وبعض البالد العربية، وإىل غني، كما هو يف بالد السودان، وإىل كما هو يف بعض مناطق )dz ( صوت مزجي مزدوج مكون من الدال والزاي

، بيد أن تأصيل هذه )٣(اجلزيرة العربية، وإىل كاف، كما هو يف نطق الفلسطيننيال يعين مال يرقى إىل مستوى املعيار، ومن ث اهلجي ال صعيدميث"املظاهر اللهجية الطارئة

اجلذور التارخيية هلذه الظاهرة التهاون يف استعماله يف العصر احلديث، وذلك ألن )٤("تؤدي إىل لبس يف الداللة

لقدمية اليت هلا امتداد يف اللهجات ومن الظواهر واآلثار الباقية من اللهجات اوذكرها السيوطي يف )٥(املعاصرة ما وصفه ابن فارس يف الصاحيب باللغات املذمومة

.٧٥إبراهيم أنيس، ص : األصوات اللغوية، د )١( .٣٦السيد أمحد صقر، عيسى البايب احلليب، القاهرة، د ط، د ت، ص : ينظر الصاحيب البن فارس، حتقيق )٢( .١٠-٩رمضان عبدالتواب،ص : ينظر حبوث ومقاالت يف اللغة، د )٣(ع اللغة العربية حليمة عمايرة، جملة جمم: ، دصوت القاف بني كتب التراث والتحليل الصويت احلديث )٤(

.١٨٥، ص ٦٧األردين، ع .٣٥ينظر الصاحيب ، ص )٥(

83

؛ مما جيعلها ذات أصل يف )١()معرفة الرديء واملذموم من اللغات(املزهر حتت باب هر اللهجية ومن أهم تلك الظوا. العربية قدمي، وهلا امتداد يف هلجاا احلديثة املعاصرة

الباقية فيها ما جنده من املظاهر الصوتية، أو الصرفية، أو التركيبية اليت هلا ارتباط وثيق .باللهجات العربية القدمية

اليت تذكر عن متيم، فقلبهم اهلمزة ) " العنعنة ( ومن تلك الظواهر الصوتية ظاهرة لغة متيم، وهي إبداهلم العني تعرض يف:"ويقول عنها الثعاليب )٢("يف بعض كالمهم عينا

ونسبها السيوطي إىل )٣(".أنك ذاهب: ظننت عنك ذاهب؛ أي: من اهلمزة كقوهلم )٤(.قيس ومتيم

: اليت يف بين أسد فقال قوم) " الكشكشة ( ومن تلك الظواهر الصوتية ظاهرة بل : ال آخرونوق) ... عليك(مبعىن ) عليش : ( إم يبدلون الكاف شينا، فيقولون

وجعلها السيوطي يف ربيعة ومضر )٥()"عليكش : ( يصلون بالكاف شينا، فيقولونرأيتكش وبكش وعليكش، فمنهم : جيعلون بعد كاف اخلطاب شينا فيقولون" حيث

من يثبتها حال الوقف فقط، وهو األشهر ومنهم من يثبتها يف الوصل أيضا، ومنهم من منش : كسرها يف الوصل، ويسكنها يف الوقف، فيقولوي) الكاف( جيعلها مكان

.)٦("وعليش

جيعلون بعد الكاف أو مكاا يف خطاب املؤنث " فإم ) الكسكسة( وكذلك أعطيتك ( أعطيتكس وأكرمتكس وأبوس و أمس يف : سينا كالكشكة فيقولون

.٢٢١، ص١ينظر املزهر يف علوم اللغة وأنواعها، ج )١( .٣٥الصاحيب ، ص )٢(ياسني األيويب، املكتبة العصرية، بريوت، ط : فقه اللغة وأسرار العربية، أليب منصور الثعاليب، علق عليه، د )٣(

.١٥٢هـ ص ١٤٢٠، ٢ .٢٢١، ص١ينظر املزهر يف علوم اللغة وأنواعها، ج )٤( .٣٥الصاحيب ، ص )٥( .٢٢١، ص ١املزهر يف علوم اللغة وأنواعها، ج )٦(

84

، )٣(رس يف ربيعة، وابن فا)٢(وجعلها ابن جين يف هوازن )١()"وأكرمتك وأبوك وأمكويرى عبدالغفار هالل بعد أن ساق األقوال يف نسبتها )٤(والسيوطي يف ربيعة ومضر

.)٥(أا تنسب لبكر وأسد وربيعة ومضر ومتيم وهوازنوذكر سيبويه هذه الظاهرة اللهجية وهي إبدال كاف اخلطاب للمؤنث سينا أو

ون الكاف السني ليبينوا كسرة واعلم أن ناسا من العرب يلحق:" شينا فيقولوقوم يلحقون الشني ليبينوا ا الكسرة يف الوقف كما أبدلوها مكاا ... التأنيثوإمنا يلحقون السني . وذلك قوهلم أعطيتكش، وأكرمكش، فإذا وصلوا تركوها. للبيان

.)٦("والشني يف التأنيث، ألم جعلوا تركها بيان التذكريوهي كسر أحرف املضارعة، يقول ) التلتلة (الظواهر الصوتية ظاهرة ومن تلك

تعلمون تفعلون تصنعون، بكسر أوائل : وأما تلتلة راء فإم يقولون:" ابن جين .)٨(، غري أن سيبويه عدها لغة مجيع العرب إال أهل احلجاز)٧("احلروف

ا لشيء ست إال امتداداللهجات املعاصرة لي من أن" ويورد رمضان عبدالتواب من اللهجات العربية القدمية أيضا، ما يشيع يف بعض اللهجات العربية احلديثة ، يف مصر وغريها، من استعمال اسم املفعول من الفعل األجوف اليائي على التمام، أي

فالن مديون، : على وزن مفعول، دون إعالل يطرأ عليه؛ فيقول الناس يف مصر مثالوالعربية ... كما يقال يف بعض البالد العربية عن الثوب إنه خميوط... ين عليه د أي

مدين : الفصحى تعل هذه األمساء وما يشاها مبا يسمى اإلعالل بالنقل فتقول مثال

.١٢٦اللهجات العربية نشأة وتطورا، ص )١( .١٢، ص٢اخلصائص، ج )٢( .٣٦الصاحيب، ص )٣( .٢٢١، ص ١املزهر يف علوم اللغة وأنواعها، ج )٤( .١٢٦ات العربية نشأة وتطورا، صينظر اللهج )٥( .١٩٩، ص٤هـ، ج١٤٠٢، ٢عبدالسالم هارون، مكتبة اخلاجني، القاهرة، ط: الكتاب، سيبويه، حتقيق )٦( ١١، ص٢اخلصائص، ج )٧( .١١٠، ص ٤ينظر كتاب سيبويه، ج )٨(

85

وال تزال )٢(هذه اللغة إىل متيم بعض علماء العربية القدماءوقد نسب )١("ومخيط .يةآثارها باقية يف البالد العرب

جات املعاصرة صوتية وصرفية دليلومادام أن تلك الظواهر اللهجية الباقية يف اللهاألصول " على ارتباطها باللهجات العربية القدمية، وعلى اختالف هلجي قدمي؛ فإن من

الوضعية اليت استقرت عليها الفصحى أن الفعل إذا كان فاعله أو ما ناب عنه امسا د أي يوحا يالزم اإلفراد وال تلحقه عالمات التثنية واجلمع سواء كان الفاعل ظاهر

، إال )٣("وعلى هذا األصل جرت العربية يف شعرها ونثرها... مفردا أم مثىن أم مجعا أن مثت بقايا للغة كانت مستعملة يف طور من أطوار اللغة، ظهرت يف استعماالت لغة

لغة يتعاقبون (ومساها ابن مالك )٤()غيثلغة أكلوين الربا(من لغات العرب تسمى )٧(، وبلحارث)٦(، وعزيت هذه اللغة إىل قبيلة طيئ، وأزد شنوءة )٥()فيكم مالئكة

ولئن استهجن لغة أكلوين الرباغيث تعارف استعمال اللغة النموذجية، ووصفها عصور بالقلة، على الرغم من أا ظاهرة تأرخيية مؤيدة بنصوص الوحيني، وشعر

االحتجاج، وكالم العرب، إال أن هذه السمة اللهجية القدمية سارت ا الركبان، حىت .غدت مستعملة إىل يومنا هذا

.١٧٧من امتداد اللهجات العربية القدمية يف بعض اللهجات املعاصرة، ص )١(إبرهيم مصطفى وعبداهللا أمني، مصطفى : واملنصف ، البن جين ، حتقيق . ٢٦٠، ص١خلصائص، جينظر ا )٢(

.٢٨٣،ص ١هـ، ج١٣٧٣، ١البايب احلليب، القاهرة، طحمرم ٣، ج٦٨حممد أمحد الدايل، جملة امع العلمي بدمشق، مج: لغة أكلوين الرباغيث، د )٣(

حممد أمحد الدايل، دار النوادر، : ة وتراثها، دوكذا يف احلصائل يف علوم العربي. ٣٩٩هـ،ص١٤١٤ . ٦٣هـ، السفر األول، ص١٤٣٣، ٢سوريه، ط

.٢٠٩، ص٣كتاب سيبويه، ج )٤(عبداملنعم أمحد : شرح الكافية الشافية، أليب عبداهللا حممد بن عبداهللا بن مالك الطائي اجلياين، حتقيق د )٥(

.٥٨١ص ٢هـ، ج١،١٣٠٢ط هريدي، منشورات جامعة أم القرى، مكة املكرمة،حممد كامل بركات، منشورات جامعة : ينظر املساعد على تسهيل الفوائد، اء الدين بن عقيل، حتقيق د )٦(

.٣٩٤، ص١، ج١٤٠٠امللك عبدالعزيز، مركز البحث العلمي وإحياء التراث يف مكة املكرمة، د ط، ن عبداهللا بن عقيل، حتقيق حممد حمي الدين عبداحلميد، ينظر شرح ابن عقيل على ألفية ابن مالك، اء الدي )٧(

.٨٠، ص٢، ج١٤٠٠، ٢٠دار التراث، القاهرة، ط

86

: ومن أمثلة ذلك قول القائلني:" ويعرض اد املوسى هلذه الظاهرة بقوله جبمع الفعل مع .. استقبلوين زمالئي، وشجعوين أساتذيت، ورفضوا النواب املشروع

: اعله اجلمع، فإن االستعمال الفصيح الراجح قد تعارف على توحيد الفعل مع فاعلهفاستقبلين زمالئي، وشجعين أساتذيت، ورفض النواب املشروع، بل حنن نعتد مجع الفعل

ولكن هذه الطريقة من . مع فاعله على األحناء املتقدمة من األخطاء الشائعة املرفوضةوروى أبو . الفصحى، كانت منهجا يف لغة طيئ، وأزد شنوءة الوجهة التارخيية يف بناء

أكلوين الرباغيث، ونستطيع أن جند هلا نظريا يف : عبيدة عن أيب عمرو اهلذيل، أنه قالوإذن، يستطيع ،ألنبياء)١(ا ى ر ذ يي ىي مي القرآن

.)٢("جهامن يتمسك باملعيار النظري املتقدم أن حيتج ا، أو أن جيد هلا وويكفي أن أشرنا إىل بعض السمات والظواهر اللهجية، اليت ال تزال مستعملة حىت يومنا احلاضر يف اللهجات العربية املعاصرة، املتصفة بأصالتها، الباقية من اللهجات القدمية، املرتبطة بالفصحى، وهلا سند تأرخيي ،كما يرى اد املوسى، جييزها، ال سبيل

)٣(.هلا وجه آخر جائز، وتظل املسألة فيها قوالن لدفعه، أو يصبحتتضمن مادة قيمة " وألجل ذا يقرر فولفديتريش فيشر أن اللهجات العربية القدمية

للغاية بالنسبة لتاريخ اللغة العربية، فبعض الظواهر اللهجية املروية تقرب العربية من آلخر يوضح أن اللهجات العربية اللغات ااورة السامية اقترابا شديدا، وبعضها ا

.) ٤("احلديثة هلا جذورها يف اللهجات العربية القدميةولئال يتوهم أن هذه الظواهر اليت تبتعد عن النموذجية استخدام طارئ، وهي بذلك تبتعد عن أصلها الفصيح، ويكتنفها الظالم والغموض، ويكثر فيها جمال اجلدل

أسسا ثالثة لكي يعتمد عليها يف دراسة اللهجات العربية والنقد، وضع إبراهيم أنيس

) ٣( ألنبياءا )١(م، ٢٠٠٣، ١الثنائيات يف قضايا اللغة العربية من عصر النهضة إىل عصر العوملة، دار الشروق، عمان ، ط )٢(

.٤٩ص .٥٠-٤٧ينظر السابق، ص )٣(سعيد حسن حبريي، مكتبة :وعلق عليها د ، نقلها إىل العربية: فيشر، فولديتريشالعربية، دراسات يف ) ٤(

.١١٦، صهـ١٤٢٦، ١طاآلداب، القاهرة،

87

ا دراسة اللهجات العربية احلديثة دراسة مستفيضة يف كل البيئات هأمه"القدمية، ومن )١("العربية

وينكر حممد عيد على الذين يعارضون دراسة اللهجات خوفا وإشفاقا على األمر "ىل إضعافها وإمهاهلا غري أن املسماة بالفصحى من أن تؤدي دراسة اللهجات إ

على عكس هذا التصور متاما، إذا تؤدي دراسة كل منهما إىل فوائد حمققة بالنسبة )٢("لآلخر

إدراك وجود ظواهر يف اللهجات احملكية املعاصرة، هلا امتداد يف اللهجات العربية بينها وبني القدمية، وهلا سند تأرخيي يف الفصحى، مما خيفف من أوجه اخلالف

إن التغريات اليت أصابت الكالم العريب الفصيح مل تصب أصول "الفصحى؛ إذ التركيب اللغوي يف كثري، فلن يضر رصدها وتسجيلها احملافظة على كتاب اهللا العلي

بل إن رصدها فضال عن كونه واجبا علميا، . القدير، وال على آثارنا األدبية والفكريةوإن الفهم الصحيح للغة وتارخيها، من أوىل . همنا للغتنا ولتارخيهاسيوسع آفاق ف

اخلطوات الالزمة عن النظر يف صوا أو االرتقاء ا، أو تطويعها لتجاري مقتضيات )٣("العصر احلديث

وليس بالضرورة أن تكون الفصحى هي األقدم نطقا، فقد تشتمل اللهجات هي أقدم منها، يشهد هلا ذلك الغريب املرفوض، العربية املعاصرة على صور نطقية

. الذي يعد أو يقترب من اخلطأ فيما عد من القراءات الشاذةكلما زادت دراستنا للهجات العربية احلديثة " ولذا خيلص إبراهيم أنيس إىل أنه

اصر تكشفت لنا أمور، وأيقنا أن هلجات الكالم يف البالد العربية ال تزال حتتفظ بعنفاللهجات احلديثة وإن كانت قد . قدمية كانت شائعة يف هلجات العرب قبل اإلسالم

غها بصبغة حملية يف تطورت يف البيئات العربية املختلفة تطورا مستقال باعد بينها، وصبقد استمسكت بكثري من السمات اليت عرفت عن القبائل بعض ظواهرها،

.١٠يف اللهجات العربية، ص )١( .٩١ ، صاملستوى اللغوي للفصحى واللهجات وللنثر والشعر )٢( .٤٠علم اللغة مقدمة للقارئ العريب، ص )٣(

88

.(١)."القدميةتفسريا لبعض الظواهر يف " يم أنيس من دراسة للهجات احلديثة وكذا جيعل إبراه

، ولفهم التطور التأرخيي الذي حلق اللغة النموذجية وهلجاا، وما )٢("اللهجات القدمية .أفادته كل منهما باألخرى

أن اللهجات احملكية املعاصرة يف البالد العربية احتفظت بظواهر هلجية كون و ينكر على النموذجية هذا حينئذ إبراهيم أنيسأخذ ة النموذجية؛ قدمية لفظتها اللغ

النظام اإلعرايب املعقد، الذي ال جيد له أثرا ،كما يرى، يف اللهجات احلديثة حيث أقول كيف نتصور ... كيف نتصور أن هلجات الكالم يف كل البيئات العربية :" يقول

ات أثرا، وال ختلف فيها ما يوحي بأن أن ظاهرة اإلعراب ال تترك يف كل هذه البيئ .)٣("اإلعراب كان شائعا على ألسنة الناس يف العصور اإلسالمية األوىل

ولتغلغل املنهج التطوري يف كتابات اللغويني احملدثني، وإميام به، ومقارنتهم اللغة نهج النحوي العربية بالساميات، واللغة النموذجية باللهجات، أعملوا معاول اهلدم يف امل

من ، وقصة ما أروعها )٤(العريب القدمي؛ حىت غدا اإلعراب مبتكرا من لدن النحاة )٥(!قصة

وليست الغاية أن يتكلم عن إلغاء اإلعراب يف هذا املبحث؛ ألن انتفاء اإلعراب أنه قد " من العامية واللهجات احملكية أمر ال يؤيده الواقع اللغوي؛ إذ كما يذكر وايف

يف اللهجات العامية احلاضرة كثري من آثار اإلعراب وخاصة اإلعراب باحلروف بقي وينطبق )أبوك، وأخوك، وال أبك وأخك، (مثال يف عامية املصريني وغريهم : فيقال

، ويف معظم هلجات )إخل..الطيبني، املؤمنني(جبمع املذكر السامل مع الياء والنون ث ينطق باألفعال اخلمسة مثبتة فيها نون العراق وجند واحلجاز يف العصر احلدي

.٢٠٥ت العربية ، صيف اللهجا )١( . ١٠٩السابق، )٢( .٢١٦-٢١٥من أسرار اللغة، ص )٣( .٢١٦ينظر السابق، ص )٤( .١٩٨ينظر السابق، ص )٥(

89

وروى بعض الباحثني أن آثار اإلعراب باحلركات ..) ميشون متشني، متشون( اإلعراب )١("ال تزال باقية يف هلجات بعض القبائل احلجازية يف العصر احلاضر

غري أن الظواهر اللهجية تظهر يف ضوء موروثها الشفوي حينما يتفاعل أفراد بسبب اختالف :" للغوي مع نص مكتوب؛ فيختلف نطقهم، كما يقول متام اتمع ا

افإذا مجعت اليوم أفراد... عادام االستعمالية اليت اكتسبوها من اللهجات الدارجة فإنك " يضطجع " ىل كل واحد منهم أن ينطق كلمة إمن بيئات عربية خمتلفة وطلبت

استرى أمر م يفعجب٢("نطق الضاد والطاء واجليم ا من اختالف عادا(. ولن تؤدي هذه الظواهر اللهجية يف ضوء موروثها الشفوي إىل قطع الصلة بني العربية املسماة بالفصحى وبني هلجاا املعاصرة على حنو ما يؤمن به وبسذاجة

، اليت تذهب )النشوء واالرتقاء( أصحاب الدعوة إىل العامية حني آمنوا بنظرية داروين أن الفصحى مصريها إىل الفناء، شأا شأن اللغات الالتينية، وأن البقاء لألصلح إىل

، بل إن بينهما وشائج قرىب، ومن الصلة واالتصال ما جيعل العالقة بينهما كالعالقة )٣(بني اجلد واحلفيد، بينهما صفات مشتركة، وفوارق يف السمات والطبائع، فليس بضار

.ا يصح يف جمالهتعايشهما؛ إذ كل منهم

)المنطوقة(والعامية ) النموذجية(العالقة بين الفصحى

املتتبع للظواهر اللهجية اليت لفظتها النموذجية، وحكم عليها اللغويون بالرداءة والقبح، يستدل بتلك الظواهر على أن اللهجات احلديثة منحدرة من اللهجات

.١٦٢فقه اللغة، ص )١( .٧٤األصول ، ص )٢(. ٢٨١-٢٨٠إبراهيم أنيس، دار املعارف ، مصر، د ط ، د ت، ص : ينظر اللغة بني القومية والعاملية، د )٣(

.٨-٥ظر مشكالت اللغة العربية، حممود تيمور، املطبعة النموذجية، د ط، د ت، ص وين

90

،)٣(، ورمضان عبدالتواب)٢(هيم أنيس، وكما فعل إبرا)١(القدمية، كما قرر فيشرغري أن هذا الرأي مرجوح لكثرة )٥(، وأمحد علم اجلندي)٤(أمحد خاطرحممد و

املنحدرة من أصل فصيح، مع أن هناك من يظن ةالكلمات يف اللهجات احملكية املعاصر .أا عامية، ولوجود ظواهر هلجية منحدرة من أصول غري عربية

اللغويني أن اللهجات احملكية املعاصرة منحدرة من الفصحى، وهناك من يرى منتركت آثارا تنطق مبا بينها من صالت قرابة " أو تشعبت عنها، حني رأى أن العربية قد

تصلها باللهجات احملكية العامية، وعلى رأس أولئك اللغويني، )٦("وحلمة نسب لغويواملفهوم من . )٩(د رضا الشييب، وحمم)٨(، وصبحي الصاحل)٧(علي عبدالواحد وايف

كانت هي احملكية ولغة اخلطاب اليومي، ومع ) النموذجية(رأيهم أن املسماة بالفصحى مرور الزمن احنرفت الفصيحة على األلسن يف األمصار املفتوحة؛ غري أن كوا من

هذا القواعد التركيبية لعدم اطرادها يف اللغة املسماة بالفصحى فيه قوالن، يدحض .الرأيأمر ال يؤيده " لغة حمكية؛ إذ هذا ةويرفض داوود عبده جعل اللغة النموذجي

ليست إال مزجيا من هلجات متعددة ال ميكن أن تكون يف ىالواقع اللغوي، فالفصحجمموعها لغة حمكية، ذلك ألن من األمر الطبيعي يف أية لغة حمكية أن تكون قواعدها

فالذي . وها طريقة واحدة يف الكالم ال طرقا عديدة خمتلفةمطردة، أي أن يلزم متكلم

.١١٦ينظر دراسات يف العربية، ص )١( .٢٠٨-١٩٥ينظر يف اللهجات العربية ص )٢( .١٧٧ينظر من امتداد اللهجات العربية القدمية يف بعض اللهجات املعاصرة، ص )٣( م،١٩٧٨حممد أمحد خاطر، مطبعة احلسني اإلسالمية، د ط، : دراسة، ديف اللهجات العربية مقدمة لل )٤(

.١٠٠ص .١٣٢ص ١اللهجات العربية يف التراث، ج )٥( .١٧٣علم اللغة، علي عبدالواحد وايف، ص )٦( .١٧٤ينظر السابق، ص )٧( .٣٦٠ينظر دراسات يف فقه اللعة، ص )٨(ن كتاب اللهجات العربية حبوث ودراسات ، نشر جممع ينظر توحيد اللهجات، حممد رضا الشييب، ضم )٩(

.٥٥، ص١، ج١٤٣٠، ٢اللغة العربية بالقاهرة، ط

91

)١("يطابق بني الفعل والفاعل مثال يفعل ذلك يف كل كالمهاللهجات العربية املعاصرة على اإلمجال امتدادا للعربية أو أا " وجيعل فرجسون

ة املشتركة، وهو اللغة العربية العامييسميه )٢("امتداد لنوعية لغوية شديدة الشبه امع أية هلجة من اللهجات القدمية وخيتلف كذلك عن العربية ال يتماثل "نوع يف رأيه

يف كثري من املظاهر املهمة لكنه كان يستخدم جنبا إىل جنب معها خالل القرون أن اللغة العامية املشتركة نشأت من خالل "ويفترض فرجسون )٣("اإلسالمية املبكرة

لالقتراض املتبادل والتسوية فيما بني اللهجات املتعددة ومل تكن نتيجة عملية معقدة )٤(."لالنتشار من مصدر واحد

ويبين افتراضه على أن هناك خصائص معينة صرفية و معجمية وصوتية مشتركة بني اللهجات العربية املعاصرة يف مقابل العربية، وينظر من خالل هذا االفتراض إىل أن

جاءت من مصدر مشترك خيتلف عن العربية، وليست ةكية املعاصراللهجات احملوإمنا هي مشتقة من اللغة املشتركة، وأن "امتدادا من اللهجات القدمية بصورة مباشرة

االختالفات اللهجية املعاصرة ليست يف الغالب إال نتيجة للتجديدات اللغوية اليت عددا "ا ميكن القول، يف رأي فرجسون، أن، ولرمب)٥("حدثت بعد انتشار اللغة املشتركة

قليال من خصائص اللغة العامية املشتركة ليس إال استمرارا للخصائص اللغوية القدمية، وبذا يرى عدم وجود مركز )٦(."وأما الصيغ املقابلة هلا يف العربية فهي نتيجة للتطور

.عاصرةلغوي مهيمن، تعود له كل من العربية واللهجات العربية املإىل انتقادات من عدد من اللغويني "ويبني عبداهللا محد أن هذه الفرضية تعرضت

الذين نسفوا هذه الفرضية من أساسها وخاصة فيما يتعلق بالظواهر اليت قدمها

.٨٠-٧٩أحباث يف اللغة ص )١(دراسات يف تاريخ اللغة العربية، ترمجة اللغة العربية العامية املشتركة، تشارلز فرجسون، من ضمن كتاب )٢(

.٩٥، ص١٤٣٥، ١عرفة، عمان، طمحزة املزيين، كنوز امل: وتقدمي وتعليق د .نفسه )٣( .٩٨السابق، ص )٤( .٩٦السابق، ص )٥( .٩٧السابق، ص )٦(

92

ال ميكن أن ختتفي لغة مشتركة " على أن عبد اهللا محد خيلص إىل أنه )١(."فريجسونا فرجسون دون أن تترك آثارا فعلية يف تاريخ العربية وسائدة مثل تلك اليت حتدث عنه

عالوة على ذلك فإن اللغويني العرب القدامى مل يأتوا على ذكرها . بصورة واضحةإطالقا، بل كل ما ذكروه هو الفصحى واللهجات القدمية مث ما مسوه بالعاميات الناشئة

)٢(."يف األمصار، وهو أن )٤(واد املوسى )٣(عبدالرمحن وهناك رأي ثالث، جنده عند عائشة

اللهجات العربية القدمية، : اللهجات احملكية املعاصرة إمنا هي نتاج عناصر ثالثواملسماة بالفصحى، ولغة األمصار املفتوحة، وما حدث ببينهما من تأثر وتأثري، وإليه

ما " طن العريب يطمئن مسر روحي الفيصل حني رأى أن اللهجات اليت تستعمل يف الوهي إال حصيلة التفاعل اللغوي بني اللهجات العربية الوافدة من اجلزيرة صحبة الفاحتني ولغات سكان البالد األصلية، ونتيجة التطور الذي طرأ على هذا التفاعل عرب

وهو ما اختاره عبداهللا محد، ألنه األكثر قبوال، ونظرا لواقعيته ،يف رأيه، )٥("القروناألدلة التارخيية املتمثلة يف وجود العناصر الثالثة جنبا إىل جنب ريف االعتبا" هوألخذ

عبداهللا محد، جملة اللسان العريب، املنظمة العربية للتربية والثقافة : يف أصل اللهجات العربية احلديثة، د )١(

نتيجة لألصل " ني رأى أن وكذا ينظر إىل رد جاشو بالو ح. ٦٥، ص١٩٩٦، ٤٢والفنون، الرباط، عاملشترك للهجات العربية القدمية، واالنتحاء العام واالتصال املتبادل فإنه ليس غريبا أال ختتلف اللهجات املعاصرة بعضها عن بعض اختالفا جذريا وأن تبني عن قدر كبري من التجانس، ذلك على الرغم من

شتركة بني هذه اللهجات فإنه ميكننا أن نفترض وجود ونظرا للخصائص امل. عمل القوى النابذة القويةلكنه جيب أن نعي أن هذا املصطلح ال ينطبق إال على ما نتج عن ) أي الكويين( لغة عربية مشتركة

نشأة االزدواجية " تطورها اللغوي وحسب، لكنه ال ينطبق على الطور الذي ميثل البداية هلذا التطوردراسات يف تاريخ اللغة العربية، صول اللهجات العربية احلديثة، من كتاباللغوية يف العربية دراسة يف أ

. ١٤٥محزة املزيين، ص: ترمجة وتقدمي وتعليق د .٦٥نفسه ص )٢( .٨٥، د ت، ص٢عائشة عبدالرمحن، دار املعارف، مصر، ط: ينظر لغتنا واحلياة ، د )٣( .٧٠ينظر قضية التحول إىل الفصحى، ص )٤(مسر روحي الفيصل،مركز زايد للتراث والتاريخ، العني اإلمارات : للغة العريبة يف العصر احلديث، دقضايا ا )٥(

.٢٣ص هـ،١٤٢٨، ١العربية املتحدة، ط

93

)١(".ووجود آثار هذه العناصر بصورة جلية يف اللهجات احلديثةغري أن اللهجات يف قلب اجلزيرة العربية ،قبل تدفق الزيت، ظلت منعزلة ،يف

ر العربية األخرى، فاحتفظت غالب أمرها، عن اخللطة اليت أصابت خمتلف األقطاوهذا ال ينفي عنها "بأقوى األسباب اليت تصلها بالعربية الفصحى واللهجات القدمية

، إال أن انعزاهلا جيعل )٢("بعض اخللل يف النظام النحوي، أو االحنراف يف بعض اجلوانبت العربية البحث مييل إىل أن أصل هلجات اجلزيرة العربية املعاصرة منحدر من اللهجا

القدمية، اليت أقامت بناء ائتالفيا انبثقت منه اللغة النموذجية املسماة بالفصحى؛ ومما يؤيد هذا الرأي وجود ظواهر لغوية لفظتها النموذجية، كانت مستخدمة يف اللهجات القدمية، وظلت اجلزيرة العربية حمتفظة ا يف اللهجات احلديثة؛ مما ال جتده عند األقاليم

.األخرى يف غري اجلزيرة والبالد العربيةاللغة " أما أصل اللهجات املعاصرة يف األقطار العربية األخرى إمنا مرده إىل أن

العربية اليت كانت اجليوش العربية تتكلمها، ولكن الظروف الداخلية يف كل إقليم مبتكلمي كانت خمتلفة بسبب وجود لغات أخرى، وعندما اتصل متكلمو تلك اللغات

العربية بدءوا يتكلمون اللغة العربية بطريقتهم اخلاصة اليت حتمتها تدخالت اللغة األم وتطورت هذه التدخالت مبرور . اليت عادة ما حتدث يف كل عملية تعلم لغة ثانية

الوقت إىل مسات حملية تأصلت حىت بعد أن انتقل متكلمو تلك اللغات إىل العربية هجرة القبائل إىل األمصار املفتوحة اليت جلبت معها لغاا، وكذلك )٣("كلغة أم

م؛ لتنشأ حينئذواستطاعت أن تفرضها على السكان احملليني، دون أن يتأثروا بلغاالعربية املولدة وتتعايش وتسري خبط متواز مع اللغة النموذجية، لغة العلم والثقافة

.تمعواألدب، ولغة التعامل الراقي بني طبقات ا

.٦٥يف أصل اللهجات العربية احلديثة، ص )١(غة العربية، سليمان العايد، ضمن كتاب حماضرات يف الل: ينظر العالئق اإلجيابية بني الفصحى والعامية، د )٢(

.١٥٢ص اللغة العربية تارخيها ومستوياا وتأثريها، كيس فرستيغ، ترمجة حممد الشرقاوي، الس األعلى للثقافة، )٣(

.١١٦م، ص٢٠٠٣، ١ط

94

بني الفصحى وهلجاا املعاصرة إمنا هي كالعالقة بني ويتبني مما سبق أن العالقةالتغري اللغوي الذي أصاب املستويات اللغوية املختلفة بسبب ، لكن اجلد واحلفيد

التطور الذي حلق العربية، وسع حجم الفجوة بني العربية الفصحى وهلجاا احمللية أن األمر مل يصل بعد إىل حد القطيعة "إىل انفصام بينهما شديد، إال املعاصرة؛ مما أدى

.احمللية املعاصرة)١("واالنفصال التام بني الفصحى وهلجاايشخص عبدالعلي الودغريي هذه الفجوة بني الفصحى واللهجات احملكية العامية

ة الفجوة ؛ إذ كلما زادت حد)املستوى املكتوب وبني املستوي الشفوي املنطوق(اإلضرار بالفصحى، وإضعافها وعزهلا والقضاء عليها، ويشري إىل حتمية بينهما أدى إىل

التطرق إىل ما هو حاصل يف عالقات االتصال واالنفصال بني املستويني، وقياس "" ، وجيعل ما بينهما )٢("الدرجة اليت وصلت إليها هذه العالقات من التباعد أو التقارب

واكتفى جبانب واحد )٣("أكثر مما هو بينها من عالئق االنفصال لامن عالئق االتصاملفردات يف الشكل اللغوي " من تلك العالئق االتصالية، وهو اجلانب املعجمي؛ ألن

ا ما استخدمت يف املاضياألدىن إمنا هي يف األصل مفردات للشكل األعلى واليت نادر .ات املستخدمة يف الفصحى والعامية يف ومن هنا يصبح من املمكن تتبع مجيع املفرد

ا وتطورها، وهذا التطور أو النشأة إمنا يعكس لنا يف النهاية جانبا من جوانب نشأأصالة مفردات العامية، فاملفردات يف الفصحى تستخدم بشكل أكرب من تلك املفردات

ت، إمنا هو ال الزوجني من املفرداك املستخدمة يف العامية، ولذلك فإن يف الفصيحة )٤(".عريب فصيح

وجعل الودغريي أنواع اجلانب املعجمي املشترك بني الفصحى وهلجاا املعاصرة :أربعة"

.ما هو من قبيل الرصيد املشترك الثابت يف كل لغة وهلجة

.١٨٧عبدالعلي الودغريي، ص: اللغة العربية يف مراحل الضعف والتبعية، د )١( .١٨٩السابق، ص )٢( .نفسه )٣( .١٧٢هـ ،ص ١٤١٧، ١إبراهيم صاحل الفالي، الرياض، ط: بني النظرية والتطبيق، د ازدواجية اللغة )٤(

95

.ما هو مشترك بني الفصحى وكل هلجة على حدة .ما هو مشترك بني كل هلجة وأخرى

)١("جات املعاصرة أو أضيف إليهاما هو جديد أضافته اللهأما ما حدث من انفصام شديد بني العربية وهلجاا احملكية العامية، فآخذ

باالتساع، كما ذكر الودغريي حني حتدث عن عالقة االنفصال بني العربية وهلجاا ؛ للهجات أكثر الكلمات قابلية للتغري والزوال، وأشدها عرضة لالختالف بني ا" ألن

ومما يبتعد باأللفاظ والتراكيب ... بعضها مع بعض، مث بني اللهجات والفصحىكثرة التحريفات والتغيرات : أوهلما: أمران أساسيان: العربية ىاللهجية عن الفصح

الصوتية والصرفية اليت تطرأ على الكلمات ذات األصل العريب حىت ليصعب يف بعض جني اللغة ومزج تراكيبها بكثرة الدخيل : صل، والثايناحلاالت ردها إىل هذا األ

)٢(."واألعجميوعلى الرغم من اختالف العربية الفصيحة و اللهجات احملكية العامية يف بعض

السمات، ودور اللهجات احملكية يف تشكيل الكفاية اللغوية لدى الفرد؛ مما يؤثر عليه كما يرى اسرائيل ولفنسون ات العامية العربيةاللهج أنسلبا عند تعلم الفصحى، إال

عامية كلمات ننه اتضح للعلماء أإغري بعيدة من اللغة الفصيحة بوجه عام حىت "ا بعيدة جدا من األصل العريب هي يف الواقع ، بعد البحث العميق، موجودة يظهر كأ

)٣("يف املادة اللغوية" إسرائيل ولفنسون، واهلوة غري بعيدةمبا أن الفجوة مل تتسع ،كما يشري و

ها ما أمكن إىل د ذلت جهوبمتعددة يف ميدان تأصيل اللهجات املعاصرة، وردجذورها الفصحى، وكثرت البحوث املقدمة يف هذا امليدان كثرة تنبئ عن أمهية هذه

ر القضية احليوية اليت شغلت الفكر اللغوي، وأثارت اهتمام فقهاء العربية، ومل يقتصاهتمام اللغويني ذه القضية بقطر دون قطر، ولكنها شغلت املهتمني بقضايا العربية يف

١٩٠اللغة العربية يف مراحل الضعف والتبعية، ص )١( .٢٠٩-٢٠٨ازدواجية اللغة بني النظرية والتطبيق، ص )٢( .٢٢٠هـ، ص ١٣٤٨، ١اسرائيل ولفنسون، مطبعة االعتماد، مصر، ط: تاريخ اللغات السامية، د )٣(

96

)١("شىت، وبالد متعددة أقطارذهب املهتمون باللغة العربية إىل ربط مفردات اللهجات احملكية العامية ذات وقد

وأنه إذا . عمله العامة خطأستما ت أن ليس كل"األصول الفصيحة مبنبعها األول، ورأوا أن ال بط إىل منخفض العامية، فليس من اخلري أن يكون بني ... كان يراد للفصحى

ا يف األصل لغة واحدة، حاجز حصني حيول دون اخلاصة واستعمال لفظ ماللغتني ،وه، على إن وافقت )٢("العامية استعملته أو استحدثته البد منه ،ال لشيء، إال ألن

ا مقبوال يف اللغة قبلت، وإن كان فيها تشويه أو حتريف اللهجات احملكية وجهصححت وصوبت على أسس الصلة بني األصل والفرع احلادث، وعلى أسس ما قيس

؛ لتعطي داللة على حياة العربية، واستمرار )٣(على كالم العرب فهو من كالم العرب

عبداملنعم عبداهللا حسن إبراهيم، ضمن حبوث مؤمتر اللغة العربية : صلة اللهجات املعاصرة بالفصحى، د )١(

.٢٩٦احملور الثاين ، ص) األول( ومواكبة العصر ، شوال ٤٤العربية بني الفصحى والعامية، عارف النكدي، جملة امع العلمي يف دمشق ، مج )٢(

.٥٩هـ، ص١٣٨٨در ذكره، ذكر أمثلة من الكتب اليت اعتنت برد الكلمات يف اللهجات احملكية العامية إىل الفصحى ومما جي )٣(

-:وتأصيلها وذلك مثلأمحد عبدالغفور عطار لغويا، ماجد هالل العصيمي، رسالة ماجستري يف كلية اللغة العربية جامعة أم -

يف إليها الشيخ عطار اليت تطرق الكلمات، حيث مجع ٣٠١٠٢٠٠٠٠٠٤٤٣٨القرى، برقم . تأصيال وتصويبا مؤلفاته

.أصول الكلمات العامية، حسن توفيق - .شوقي ضيف: حتريفات العامية للفصحى يف القواعد والبنيات واحلروف واحلركات، د - .فصيح العامي يف مشال جند، عبدالرمحن السويداء - .قاموس رد العامي إىل الفصيح ، الشيخ أمحد رضا -، الشيخ حممد ناصر الفصيحة لأللفاظ الدارجة أو ما فعلته القرون بالعربية يف مهدهمعجم األصول ا -

.العبودي .عبداملنعم سيد عبدالعال: فاظ العامية ذات احلقيقة واألصول العربية، دلمعجم األ - .عبداهللا اجلبوري: املعجم الداليل بني العامي والفصيح، د - .معجم فصاح العامية، هشام النحاس - .وختريج ما ميكن من اللغات العامية عليها، حفين أفندي ناصف ةلغات العربي مميزات -

97

.منوها، وعطائها املتجدد

ببحث اللهجات منحى "بن عبداهللا انتحى عبدالعزيز اد املوسى أن رىويتفصيح العامية يف الوطن العريب وقد متثل يف منحاه هذا أن اللهجات إضافيا، منحى

فأغلب األصول والقواعد الفصحى العربية املختلفة تصدر عن منبع واحد هو العربية عريب دون تنفرد بذلك العامية يف قطر ال ،األساسية مشتركة بني الفصحى والعامية

وقد قام عبدالعزيز بن .بل متس اللهجات الدارجة يف معظم أجزاء الوطن العريب ،آخرعبداهللا، على هذا األساس، بدراسات مقارنة بني العاميات العربية؛ لبيان مدى تقارا

ا، قاصدا إىل تأسيس قاعدة لغوية مشتركة جامعة تصبح من خالهلا لغة ومظاهر وحدن العريب أقرب إىل الفصحى منها إىل اللهجات اإلقليمية الكثرية احلديث يف الوط

)١(."التحريف

هذه اجلهود اليت حتاول الكشف عن احملزون اللغوي الكامن يف اللهجات احلديثة، تدرك وجود أصالة وجوه فيها، متيط اللثام عن ظواهر ومفردات ترسبت من هلجات

اله، مل حتفل ا الكتب اليت اعتنت عربية قدمية، وإسالمية، وفصيح ندر استعم بالنموذجية بعد عصور االحتجاج؛

اد املوسى، ضمن أعمال الندوة الدولية : الفصحى وعامياا بني جتليات الكائن وتصورات املمكن، د )١(

منشورات الس األعلى للغة العربية، ) الفصحى وعامياا لغة التخاطب بني التقرييب والتهذيب( : وينظر. ٦٣،ص٢٠٠٨اجلزائر،

.٧٢-٥٧، ص ٢٢العامية والفصحى يف القاهرة والرباط، لعبدالعزيز بنعبداهللا، جملة اللسان العريب، ع -، ص ٥مظاهر الوحدة يف عامييت املغرب واخلليج العريب،لعبدالعزيز بنعبداهللا، جملة اللسان العريب، ع -

٢٣٩-٢٣٥. ة املغرب األقصى، لعبدالعزيز بنعبداهللا، جملة اللسان العريب، ع مظاهر الوحدة بني عامية بغداد وعامي -

.٧٤-٧١، ص١، ج١٨ .٢٩٢-١٩١ص،١، ج١٠سان العريب،ع عمر الطاهر، جملة الللعامية يف الوطن العريب، حنو تفصيح ا -

98

وكذلك القراءات الشاذة قد )٣(والشوارد )٢(والغريب )١(ولرمبا أن كتب النوادراحتفظت ا؛ لتصلها باللهجات احملكية املعاصرة، لوال ما عرض هلا من الدخيل وغريه،

دخيل مما عربته اللهجات ألدوات احلضارة، ونبذ ولرد الفصيح إىل أصله، وتعريب الألفاظها األعجمية؛ وبذا تكون اإلفادة للعربية، وتتكشف صفحات من تأريخ العربية

.الطويلدبيالعامي إىل الفصيح، وليصبح ران األصول الفصيحة للهجات الدارجة وت

ملزيد اهما، وإسفارلأللفاظ واملفردات، واستمرار نبض للفصحى في اتأرخياحملكية .وضاءة وسحر؛ ألن التكامل بني املستويني أقوى من التنافس

االزدواج اللغوي

، أصبح معيارا ترد )٤(ملا كان للعرف سلطة على اللغة، ميكن هلا احلماية والرقابة

إنه مقياس اجتماعي عام يرمقه الفرد بشيء "إليه مسائل الصواب واخلطأ يف اللغة، بل .)٥(."هابة واالحترام، وحيرسه اتمع بأسلحة أقلها النقد االجتماعي الالذعمن امل

حممد : النوادر يف اللغة أليب زيد األنصاري ، وهو مطبوع متداول، ومنها حتقيق د: من مثل كتاب )١(

،عبالقادر أمحد، دار الشروق ، القاهرةحممد : الغريب املصنف أليب عبيد القاسم بن سالم، وهو مطبوع متداول، ومنها حتقيق د: من مثل كتاب )٢(

وكذا كتاب املنتخب من غريب كالم العرب . املختار العبيدي، دار سحنون للنشر والتوزيع، تونسحممد أمحد العمري، : نمل، وهو مطبوع متداول بتحقيق دألايب احلسن العنائي املعروف بكراع ال

ويندرج حتت كتب الغريب كتب غريب القرآن من مثل كتاب املفردات . مطبوعات جامعة أم القرىوكذا يندرج يف كتب . يف غريب القرآن أليب القاسم املعروف بالراغب األصفهاين وهو مطبوع متداول

: عبيد القاسم بن سالم، وهو مطبوع متداول، ومنها حتقيق دأليب: الغريب كتب غريب احلديث ومنهاحسني حممد شرف، نشر جممع اللغة العربية يف القاهرة، وكذا كتاب غريب احلديث أليب سليمان محد

بن حممد اخلطايب ، وهو مطبوع بتحقيق، عبدالكرمي إبراهيم العزباوي، مطبوعات جامعة أم القرىأو ما تفرد به بعض األئمة للحسن بن حممد بن احلسن الصغاين، حتقيق مصطفي الشوارد: من مثل كتاب )٣(

.حجازي ، مطبوعات جممع اللغة العربية يف القاهرة .١٤٤ينظر العرف اللغوي دراسة لغوية ثقافية، ص )٤( .٧٢اللغة بني املعيارية والوصفية، ص )٥(

99

األعراف اللغوية الختالف البيئات واجلماعات اللغوية، فإن ما كان فوباختال، وعند اختالط (١).يعد صوابا يف بيئة وعند مجاعة لغوية، قد يصبح خطأ عند غريهم

ختلتكلمني من بيئات لغوية مم مفة يف بيئة لغوية ثالثة، ينعكس ذلك على مقدراللغوية، فتصبح لديهم صور لغوية جديدة، و يتشكل منها التنوع اللغوي، وحىت يستطيعوا التمييز بني الصواب واخلطأ، يستلزم عليهم املشاركة واملالحظة والتجريب،

من مالحظاته هلذا إىل كالم اآلخرين، فيعرف " فاملرء ،كما يرى متام حسان، يستمعالكالم أن هؤالء املتكلمني يراعون يف كالمهم أمورا خاصة ال حييدون عنها؛ وأن عليه

. إن أراد الدخول يف زمالتهم اللغوية أو استبقاءها، أن يراعي نفس هذه األمورمث يخطئ ... ويشاركهم احلديث، فيتعلم باملشاركة ما مل يستطع تعلمه باملالحظة

فيصادف من هذه التجربة ما يصادفه املخطئ، فتردعه هذه التجربة عن اخلطأ أحيانامرة أخرى فيما أخطأ فيه، وذا حيافظ على املستوى الصوايب يف االستعمال

وهكذا يصبح عند كل متكلم منطان خمتلفان للغة ذاا، أحدمها هلجة أو )٢("اللغوي، يفترض هلا الثبوت )٣(ال به يحتذى لغة عامة، يتخذ هلا منوذج به يقتدى ، ومثا

، وخري ما يمثل أمام الناظر، العربية الفصحى )٤(النسيب، واآلخر لغوة أو هلجة حملية .وهلجاا ، وهذا التنوع اللغوي هو ما يسمى عندئذ باالزدواج اللغوي

أمال لغة العامة ولغة الشارع، ولغة اخلطاب اليومي، من يقف مت:" يقول أستاذي الدكتور سليمان العايد )١(

إا خاصة بقبائل معينة، واتسع نطاق هذه : ولغة كبار السن، جيد هناك ظواهر قال عنها األقدمون زيرم، من مثل االتباع يف حنو الظواهر، وذاعت وشاعت حىت غدت غالبة على لسان العرب يف ج

العالئق اإلجيابية بني الفصحى والعامية،" .يف األصل لغة متيم من العرب وكانت) شعري، بعري، بعيد (من مثل أبناء احلاضرة يسخرون من أبناء البادية حني يسمعوم ينطقون مسعت: قلت. ١٤٢ص

سريع، طويل، بعري، شعري، طحني ( الساخرين ينطقون كلمات مثل مع أن . )حليب، خميس، عفيف(، إال أن للعرف سلطته عند أبناء احلاضرة كال القسيمني يستعمل ذات األسلوبليتضح أن ؛ )وغريها

.فيسخرون من أبناء البادية حني يسمعون ذلك النطق ، فليتأمل .٦٦اللغة بني املعيارية والوصفية، ص )٢( . الثاين احلديث عن النموذج سيكون بإذن اهللا يف املبحث الثالث يف الفصل األول من الباب )٣(ينظر علم اللسان، أنطوان ماييه، ضمن كتاب النقد املنهجي عن العرب ومنهج البحث يف األدب واللغة، )٤(

.٤٤٦-٤٤٢ص

100

رجسون ويفضي الكالم يف هذه التنوعات االستعمالية للغة إىل النظر يف تعريف لف

باإلضافة -ا يكون فيه وضع لغوي ثابت نسبي:" حني قدم فيه هذه الظاهرة، على أانوع من -إىل هلجات اللغة واليت قد تشمل هلجة معيارية أو هلجات معيارية إقليمية

وعادة . ا عن غريه من األنواع ومنظم أو مصنف للغايةا كبرياللهجات خمتلف اختالفالنحوية والصرفية والتراكيب : اللغوية الناحيةا من أكثر تعقيدما يكون هذا النوع

مكتوب ألدب لغة ون عادةوهذا النوع يك. الصوتية، وعادة ما يكون أعلى من غريها من وإم ،ا من عصور سابقةويكون مصدر هذا األدب إم. اتمع أفرادحيظى باحترام

)١("اجية اللغةجمتمع آخر غري اتمع الذي توجد فيه ازدو

إن وجود لغة اختذت هلا مكانة، وأصبحت فيما بعد لغة متواضعا عليها، أمر قد حتتمه الضرورة، لكنها ،كما أشار إىل ذلك هدسون، ال متثل احلالة الطبيعية للغة،

، ومن غري املنطق ،وفق هذا الفهم وهذا )٢("بأا حالة شاذة" فيمكن أن توصف وجود اللغة املشتركة واللهجات احمللية يف اللغات أمر " حممد عيد بأن الرأي، قبول قول

ا تبع حتتمه الضرورة االجتماعية، وما تقتضيه من تفاوت مستوى االستعمال وحاجاته،الناطقني أنفسهم، الستخدام اللغة يف املواقف العامة والراقية أو مواقف احلياة حلاجة

جيمعون على -فيما أعرف -احملدثون ناللغويو، ويكاد العادية واخلاصة بالبيئة احملليةهذا الفهم فيما يتعلق بالفصحى واللهجات، وإن تفاوتت جهودهم بعد ذلك يف بيان

من هذين املستويني يف اللغات، والطريقة اليت ىل وجود كلإالظروف اليت تؤدي .(٣)"حيدث ا تكون املشتركة من اللهجات أو العكس

.٢١ازدواجية اللغة بني النظرية والتطبيق، ص )١( .٥٨علم اللغة االجتماعي، ص )٢( .٨٩املستوى اللغوي للفصحى واللهجات وللنثر والشعر، ص )٣(

101

، وما تال )١(العربية حنو االزدواج مسة بارزة إبان شيوع اللحنسري أضحى ولقديف واقع االستعمال اليومي " زمن عصور االحتجاج، وهو ما تؤيده الوقائع اللغوية

وعملت . وعلى مستوى عامة الناس كانت تطور منطا لغويا أو مستوى لغويا مفارقاوعوامل اجتماعية خارجية يف تشكيل هذا دورة الزمن مث أسهمت عوامل لغوية ذاتية،

املستوى اللغوي الذي عرف بكالم البلديني عند اجلاحظ، ولغات األمصار عند ابن وقد تنامى . خلدون، واللهجة العامية أو اللغة العامية أو احملكية أو الدارجة، عندنا

ام وكانت الفرق بني املستويني بعد خروج العرب إىل األمصار حىت أفضى إىل االنفصاللغوية عند املتكلم؛ الكتسابه لغة خطابه )٢("نشأة العاميات إيذانا بظهور االزدواجية

اليومي من بيئته اللغوية، ولتعلمه اللغة املعيارية أو ما تسمى بعربية النحاة، وهذا ما .جيعل لرأي حممد عيد اطمئنانا

قد يسمى باالزدواج اللغوي هذا التنوع يف استخدام أمناط خمتلفة يف اللغة ذاا العام؛ إذ إن هناك تنوعا آخر، فيما يظهر، باستخدام أمناط هلجية للغة ذاا، أي يكون

لكل مقام : املتكلم متعدد اللهجات، فهو خيتار من اللهجات ما يناسب املقام وقد قيلغوي ، مقال، وعندئذ قد يتسامح يف تسمية هذا االستخدام اللهجي، باالزدواج الل

وقد يندرج حتت ما أمساه حممد علي اخلويل بالثنائية اللغوية األفقية، وجييء مفهوم )٣("من مفهوم التكافؤ والتناظر يف املكانة اللغوية" األفقية عند اخلويل

االزدواج (اخل اتمع الواحد، تندرج حتت على أن هناك تنوعات هلجية د

وإىل أن شاع اللحن مل يى أن وجود اللغة املشتركة واللهجات اخلاصة بالقبائل العربية يف العصر اجلاهلعل )١(

أا هي تلك اليت تتسامى عن يصل إىل أن يمثل وضعا ازدواجيا، بل إن اللغة املشتركة ،فيما يظهر، استيعاب موروث اجلماعة اللغوية، وباستطاعتها .االختالفات والتباينات اللهجية احمللية للغة بعينها

التبليغية بني أفرادها مهما تعددت العمليات االتصالية، واختلفت طبقات توقدرا على إيصال العمليااتمع، كما أا ال حتتاج إىل كثري مما يوجد يف مظان الكتب النحوية من قواعد فرعية وخالفات،

.ملطردوليست حباجة توظيف إىل ما خيالف القياس ا .٦٩قضية التحول إىل الفصحى، يف العامل العريب احلديث، ص )٢(م، ٢٠٠٢حممد علي اخلويل، دار الفالح للنشر والتوزيع، األردن، د ط، : احلياة مع لغتني الثنائية اللغوية، د )٣(

.٢٠ص

102

ح ومسات لغوية تفصح عن هوية أصحاا، هي حتمل يف طياا مالم) " اللغوي اخلاصوهي تنبئ عن كل ما يتعلق بالوضع )١("ما اصطلح على تسميتها اللهجات االجتماعية

تبعا الختالف طبقات الناس " االجتماعي للمتكلم أو املخاطب؛ ألا تتشعب ثالثة للبحارة، فيكون ثم مثال هلجة للطبقة األريستوقراطية، وأخرى للجنود، و: وفئام

.)٢("وهلم جرا... ورابعة للرياضيني، وخامسة للربادين، وسادسة للنجارينتصنيف الناس على أساس طبقي، جيعل لكل طبقة طرائق يف احلديث متيزها عن غريها؛ مما جيعل تغيري الفرد للهجته ذات الصفة اخلاصة إىل ما يتناسب مع صفات

أمر جد عسري، فال جمال ،حينئذ، إال أن يعدل إىل هلجات تفضلها أو تقل عنها مكانة لغة مشتركة معروفة تتكلم ا اجلماعة اللغوية؛ لتصبح اللغة املشتركة الفصيحة أو

)٣("أمر حتتمه الضرورة االجتماعية:" اللهجة العامة ،عندئذ، كما يقول حممد عيد

لنقل املعرفة بل كنموذج " لة ولتكسب الفرد سلوكا اجتماعيا؛ ألا لن تكون وسيويظهر هذا االحتذاء من خالل اختياره للكلمات بدقة؛ ليحدد )٤("يصلح لالحتذاء

.عالقته االجتماعية مبخاطب ذي مرتلة اجتماعية حسب موقعه وثقافتههذا التحول الذي يقوم به املتكلم يف العملية الكالمية من هلجة حملية أو هلجة

لغوية عامة هلا أو إىل اللغة الفصيحة، ليس مهارة، بل هو مقدرة خاصة إىل هلجة عامةومن " وظائفها، ويبني حممد علي اخلويل األسباب الداعية إىل هذا التحول بقوله

:املمكن تصور األسباب اآلتية .البحث عن تعبري أدق

.اإلفهام واالتصال األفضل . تراين أعرف هلجتكأنا من بلدك، يا أخي، أال: إرسال إشارة ضمنية تقول

ولكن كلنا عرب وأنا أعرف ... صحيح أنا من : وكأن التحول يعين. االقتراب

.١٩٨علم اللغة االجتماعي مدخل، ص )١( .١٨٨علي عبدالواحد وايف، ص: علم اللغة، د )٢( .٨٩املستوى اللغوي للفصحى واللهجات وللنثر والشعر، ص )٣( .١٥٧علم اللغة االجتماعي، ص )٤(

103

.هلجتك .وخاصة عند التحول من العامية إىل الفصيحة. الرمسية .ابتعد عين، ال تقترب كثريا، أنا أنا وأنت أنت: وكأن التحول يعين. اإلبعاد

موضوعات احلياة اليومية وأما فاللهجات العامية تناسب . مناسبة املوضوع )١(."الفصيحة فتناسب املوضوعات العلمية

اتمع الواحد دور هام يف ظهور االزدواجية اللغوية، فأبناء "والختالف البيئة يف وهاتان املدن، أبناءمثال يتحدثون بلهجة ختتلف عن تلك اليت يتحدث ا الريف

ل بيئة يتفقون على طريقة نطقية معينة يتعاملون ختتلفان عن هلجة أبناء البادية، فأفراد ك، وعند اختالف البيئة نراهم يلجئون إىل هلجة عامة ومشتركة )٢("ا يف بيئتهم اخلاصة

.يفهمها اجلميعيف مغري أن فئاما من املتكلمني يتمسكون مبالمح ومسات هلجام أثناء حديثه

وهذا التمسك . ا مع اتمع شأن آخربيئات لغوية خمتلفة، وإن كانت تعكس هوية، هليعكس رغبة ملحة يف إثبات ثقته بلهجته وجمتمعه اللغوي، وحماولة إبرازها، يف بيئة لغوية تسعى إىل إذابة الفروق بني اللهجات املتباينة؛ لتكون هلجة عامة مشتركة يفهمها

.اجلميعال تعين علم اللغة الوصفي، هذه التنوعات اللغوية، جغرافية كانت أم اجتماعية ؟

وإن كانت تشكل جزءا هاما من اهتمام علم اللغة االجتماعي؛ ألن العرف اللغوي ) اللغة ( ال ترقى سياسيا إىل مرتلة "، وهي )٣()هلجات ( العام يدرجها حتت مسمى

يف األعراف القومية، وال يؤخذ ا يف احملافل الرمسية يف الداخل أو اخلارج على،إال أن الفارق النسيب بني اللغة واللهجة ال يعتد به عند أصحاب علم اللغة )٤("السواء

.١٢٤احلياة مع لغتني الثنائية اللغوية، ص )١(العربية الفصحى بني االزدواجية اللغوية و الثنائية اللغوية، إبراهيم كايد حممود، الة العلمية جلامعة امللك )٢(

.٦٣م، ص ٢٠٠٢هـ، مارس ١٤٢٢، ذو احلجة ١، ع٣، مج)إلنسانية واإلداريةالعلوم ا(فيصل .٢١٩ينظر علم اللغة االجتماعي مدخل، ص )٣( .٢٢٢السابق، ص )٤(

104

هلجة كتب هلا التفوق وسعة االنتشار بعوامل سياسية " الوصفي، فاللغة يف أصلها يف ) مثل هلجة القاهرة( ، فاللهجات العامة يف البالد العربية )١("واجتماعية واقتصادية

عدوذلك ألن هلا خصائص . إذا قوبلت باإلجنليزية، أو الفرنسية أو حنومها لغة"مصر تكما أا نشأت يف أحضان . ومميزات جتعل الفرق بينهما وبني هذه اللغات واضحا

ولكنها هلجة من حيث إا جزء أو مثل من أمثلة . جمتمع له كيانه واستقالله اللغوي )٢(."ب مجيعااللغة العربية اليت يتكلم ا العر

اللغة املشتركة هي الصلة اليت تصل بين اتمع الواحد وذوي اللغة الواحدة بعضهم ببعض عند اختالف هلجام، فال غرابة أن تكون كذلك وتلغي الفارق

ما بني التجارب مادامت تصل بني زمنني )٣(اجلغرايف، وتذيب الفوارق الطبقية، وتوحد .ومخسمائة عامخمتلفني يفصل بينهما ألف

االزدواجية اللغوية عبء مادي ونفسي، ومعاناة نفسية، تفضي إىل التقلب ، ذلك ألن املتعلمني من أبناء )٤("تعوق الفكر" واحلرية، وأا، كما يرى أنيس فرحية،

يعانون من تعلم الفصحى أكثر مما يعانونه من تعلم لغة " العرب يف نظر فرحية .أحد أسباب الدعوة إىل العامية وتوحيد لغة الكتابة والتكلمكانت ؛ لذا )٥("أجنبية

ويصور حفين ناصف حجم اخلسارة اليت تتكبدها البالد العربية جراء هذه وترى الطفل يتعلم العامية يف أقل من مخس سنني وال يتعلم :" االزدواجية اللغوية بقوله

.٢٢٦السابق، ص )١( .٢٢٧السابق، ص )٢(سعة كان االختالف بني اللهجات العربية قبل اإلسالم واسعا؛ مما يؤهلها لالنقسام مع مرور الزمن؛ ل )٣(

بالدها، وكثرة املتحدثني ا، وقبيل اإلسالم، لكن هناك عوامل أدت إىل التقارب وتكون لغة مشتركة ، وعند جميء اإلسالم عمل )احلج، األسواق األدبية وغريها( يتم ا التفاهم والتواصل عوامل من أمهها

اخلاصة والعامة، يف أمسى درجات على توحيد اللغة العربية وتعميمها على مجيع لغات العرب ومستويااينظر أثر اإلسالم يف التوحيد اللغوي ، أطروحة . التوحيد والتأثري اللغوي اليت عرفتها اللغات اإلنسانية

: خالد بن أمحد إمساعيل األكوع ، إشراف : ماجستري يف كلية اللغة العربية ، جامعة أم القرى، من إعداد .هـ١٤٢٨وقد طبعت يف مكتبة الرشد عام . هـ١٤٢٣. ٦٥٢٤عليان احلازمي مسجلة برقم : أ،د

.٢٥هـ، ص ١٤٠٩، ١أنيس فرحية، دار اجليل، بريوت، ط: اللهجات وأسلوب دراستها، د )٤( .نفسه )٥(

105

يف أول أمره ال يسمع والسبب يف ذلك ظاهر، وهو أنه. الفصحى يف أقل من عشرغري العامية وال يتكلم بغريها، فهو أينما سار وحيثما ذهب مشتغل ا فترسخ يف ذهنه

يف أذهان اإلنكيز، وليس احلال ةرسوخ الفرنسية يف أذهان الفرنسيني، واإلنكليزي ولو فرضنا صبيا نشأ يف بلد يتكلم أهله بالعربية. كذلك يف إبان تعلمه لغة الكتابة

الفصحى بالسليقة، وبعد سن خمصوص يتعلمون العامية، ويستعملوا يف الكتابة فقط النعكس معه احلال، وتعلم الفصحى يف أقل من مخس سنني، ومل يتعلم العامية يف أقل من عشر، فليس يف طبيعة اللسان العريب شيء من الصعوبة، وإمنا يف طريقة التلقني

حال فاجلمع بني العامية والفصحى يستنفد مخس عشرة سنة وعلى كل . وبيئة التعليم كان يغين عنها مخس لو اقتصر املتعلم على إحدامها، ويضيع على كل متعلم عشر

فكم ختسر األمة من كل : اسنني من عمره، فإذا حتققت اآلمال، وصار التعليم إجباري .)١("سنة من أعمار أفرادها؟

أحد أسباب )٢(غوية يف نظر الدعاة إىل العاميةوألجل ذا أصبحت االزدواجية الل، فاللغة يف سريورة وتطور )٣(التخلف الفكري واحلضاري كما يلمح إليه سالمة موسى

لغتان، أال يكون للمجتمع "دائم، تتفاعل مع اتمع؛ ولذا يوجب سالمة موسى على يف مقالته يدعو ، ونراه)٤("إحدامها كالمية، أي عامية، واألخرى مكتوبة، أي فصحى

وهلذا جيب أن تكون غايتنا :" ىل توحيد لغيت الكالم والكتابة، مبا يقارب بينهما، بقولهإونأخذ من . فنأخذ من العامية للكتابة أكثر ما نستطيع. توحيد لغيت الكالم والكتابة

نقال عن القضايا اللغوية يف جملة املقتطف، أطروحة دكتوراه يف كلية اللغة العربية، جامعة أم القرى، )١(

سليمان بن : حممد بن عبداهللا اجلغيمان، إشراف، أ،د: هـ، من إعداد ،١٤٢٦، ٥٧٦٩مسجلة برقم .١٩٧إبراهيم العايد، ص

: ملزيد تفصيل حول قضية الدعوة إىل العامية ينظر كتاب تاريخ الدعوة إىل العامية وآثارها يف مصر، د )٢(ا اللغوية يف جملة وأطروحة القضاي. هـ١٣٨٣، ١نفوسة زكريا، دار نشر الثقافة ، اإلسكندرية، ط

.٢٨٤-١٨٦املقتطف من صم، ١٩٦٤، ٣ينظر البالغة العصرية واللغة العربية، سالمة موسى، سالمة موسى للنشر والتوزيع، ط )٣(

.١٨١-١٧٦ص .٤١السابق، ص )٤(

106

)١(."الفصحى للكالم أكثر ما نستطيع حىت نصل إىل توحيدمهاظهر، بني الفصحى والعامية، رد األلفاظ العامية إىل ومن أوجه التقريب ،فيما ي

الفصيحة، وتببيان األصول الفصيحة للهجات الدارجة احملكية؛ إذ ليس من الناجع حل مشكلة االزدواجية اللغوية بالتحول إىل العامية، بل باالجتاه حنو تفصيح العامية، أصواتا

ويني أقوى من التنافس، ولتكون نواة لغة تلتزم وبنية وتراكيب، ألن التكامل بني املستإىل استخدام الشائع من " قواعد النحو والصرف وأصوات الفصحى، غري أا متيل

وهي )٢("، والبعد عن اإلغراب، واملرونة الزائدة أحيانا اجتاه العبارات املترمجةظاأللفا (٣).ما تسمى بالعربية احلديثة أو العربية الوسطى

.نفسه )١(مد راجي حم: ازدواجية اللغة نظرة يف حاضر العربية وتطلع حنو مستقبلها يف ضوء الدراسات اللغوية، د )٢(

.٢٨، ص١، ج١٨الزغلول، جملة اللسان العريب، املنظمة العربية للتربية والثقافة والفنون، الرباط، مجوسيجيئ الكالم عن اللغة الثالثة يف الفصل الثالث من الباب . ١٧٧ينظر علم اللغة االجتماعي مدخل، ص )٣(

.الثاين

107

:ثاني الباب الاملمارسات اإلجرائية واملقاصد النفعية لتقعيد اللهجات

:احملكية :الفصل األول

بناء املفاهيم :الفصل الثاني

مظاهر تقعيد اللهجات احملكية :الفصل الثالث

املقاصد النفعية من دراسة اللهجات وتقعيدها

108

من خالل الفطرة " السليقة." االستقراء. نموذج والطرازال.

:الفصل األول :بناء املفاهيم

109

والفطرة السليقة اللغوية

يقة أي بطبيعته ال الطبيعة والسجية وفالن يقرأ بالسل"السليقة كما جاء يف اللسان ه، إعرابد تعاهمن الكالم ماال يالسليقي ) و(بطبعه الذي نشأ عليه ولغته، )و...(يتعلم

املتكلم هايسترسل في )وذلك حني(...هو فصيح بليغ يف السمع، عثور يف النحو،ودون )١("سليقته، أي سجيته وطبيعته، من غري تعمد إعراب، وال جتنب حلن على

من اللغات، بغري شعور مبا هلا م لغةكلتت هو أن" معىن السليقةتكلف وتصنع؛ ليصبح :لشاعر، وهذا معىن قول ا)٢("صمن اخلصائ

)٣(ولكن سلیقي أقول فأعرب *** ولست بنحوي یلوك لسانھ الصفة " وهي )٤("نوع من اجلبلة والطبع"كما جاء يف اللسان وأما الفطرة فهي

؛ لذا فاإلنسان جمبول ومفطور على )٥("اليت يتصف ا كل موجود يف أول خلقتهيكون قادرا على التكلم، ، فهو حنيالتكلم إال إن عرض عارض مينعه من ذلك

ومتهيئ على مساع اللغة، فطن إلدراك ألفاظها وخواص تراكيبها، يتمكن منها، فتصبح .صفة راسخة له، ينطق ا سجية وطبعا

، تنساب معه عرب القدرة الفطرية واملدخالت اللغويةوبعد أن يلم اإلنسان باللغة ية، وال يتعلمها تعلما؛ بيد أن ليس بني طواعية، وتصبح حينئذ طبيعية عفوية جبل

اختالف إال من جهة تعلق األوىل بإرادة اإلنسان واختياره، وعدم " املتعلمة واملكتسبة .مما ينتمي إىل االختيار واإلرادة )٦("تعلق الثانية يف وجودها

)سلق(لسان العرب مادة )١( .٩١بية، ص فصول يف فقه العر )٢(حنا مجيل حداد، دار العلوم للطباعة والنشر، : الشاهد بال نسبة ، ينظر معجم شواهد النحو الشعرية ، د )٣(

. ٢٦٦وخترجيه يف ص ) ٦٢(هـ، باب الباء فصل الباء املضمومة ١٤٠٤، ١الرياض، ط )فطر ( لسان العرب مادة )٤( .٦٩٧الكليات ، ص )٥(هـ، ص ١٤٣٥، ٢حممد األوراغي، دار األمان، الرباط، ط: لفكر العريب القدمي، داكتساب اللغة يف ا )٦(

١٣٥.

110

ا، وال تنساب معه طواعية إال بعد أن يألف مساعها، وحياكيها ويقلد املتكلمني وطبعا، فهو حني يتكلم ويكرر ألفاظها وتراكيبها حىت تصبح صفة راسخة له، وسليقة

ودون أن يسترسل يف كالمه على سجيته، دون تعثر أو تعمد، مطبقا قواعد لغته، .يكون قادرا على وصفها وحتليلها لغويا

ال تعدو أن تكون " حيث إايف رأي احملدثني، يبين رمضان عبدالتواب السليقة

مرحلة من مراحل إتقان اللغة، عندها ال يكاد يشعر املتكلم خبصائص كالمه، من حيث األصوات، وأبنية األلفاظ، وتراكيب اجلمل، فهو يؤدي الكالم بصورة آلية،

اختيار يف هذه النواحي، بل تصدر منه دون تكلف أو تعمد، دون أن يكون له أي صغره، ممن حوله من الكبار، وعلى نفس النهج الذي مسع يف وإمنا على حسب ما

ايسلكونه، فاملرء يبدأ حياته مقلد أبويه، وتصادف للغةه عقبات يف هذا التقليد وعثراتاكتساب أي أن. ى مبرحلة السليقةسمإىل تلك اليت ت ليص ومير مبراحل كثرية، قبل أن

ه لغة أهله، وقبل أنقال للطفل يف أثناء تعلمال ياملران، و ةرثاللغة يبدأ بالتقليد وكير عليهاسيط :كل إنه يتكلمها بالسليقة؛ فال وراثة يف السليقة اللغوية، وإمنا األمره رهن

باالكتساب والتقليد واملران، وعلى حسب ما تشكله البيئة، فاللغة ملك من يتعلمها، الذي يولد من أبوين مصريني، مث ينشأ بعيدال أثر فيها للوراثة أو اجلنس؛ فالطفل ا

١("ا من حيث اللغةعنهما يف بيئة إجنليزية، يشب وينمو كاإلجنليز متام(. ويتبني من وجهة النظر هذه أن السليقة مكتسبة بالتقليد واحملاكاة وكثرة

حلديثةتقف منه املناهج اللغوية االتطور الذي للغة ذا الفهم يشوا االستعمال، وأن اتتسم بالتسامح، إذ تصف هذا التغيري يف ضوء استعمال الناطقني له فقط، فال " وقفة

تربط بينه وبني مستوى لغوي آخر لعصر مضى أو عصر الحق، كي ترتب على ذلك حكما عليه بالتقدم أو التقهقر، كما ال تنظر إليه يف ضوء معايري جاهزة، فما وافقها

ها كان خطأ وحلنا، ألن مرجع ذلك كله هو اجلماعة اللغوية كان صوابا، وما خالف

.٩٥فصول يف فقه العربية، ص )١(

111

اليت تستعمل اللغة وما ترتضيه أو ترفضه من معاين األلفاظ وصيغها وطريقة .؛ لذا فصاحب السليقة عند أصحاب علم اللغة احلديث ال يخطئ)١("تأليفها

ليقة يستحيل صاحب اللغة اليت يتكلمها بالس إن":يقرر هذا إبراهيم أنيس يف قوله، و كذا يظهر هذا )٢(" عليه اخلطأ يف ظواهر تلك اللغة، دون أن يدرك أنه أخطأ

، وكذا فهم متام حسان قول )٣(إلبراهيم أنيس التقرير يف موافقة رمضان عبدالتوابتأليف الكلمات يف كل لغة جيري على نظام خاص ا، ال تكون "إبراهيم مصطفى أن

والقوانني اليت متثل . صورة ملا يراد حىت جتري عليه وال تزيغ عنهالعبارات مفهمة، وال مهذا النظام وحتدده تستقر يف نفوس املتكلمني وملكام، وعنها يصدر الكالم فإذا

.)٤("كشفت ووصفت ودونت فهي علم النحوغري أن متام حسان يقف من كون صاحب السليقة ال يخطئ موقفا حائرا؛ إذ

ذلك على ذاته ولغته جيد أن سليقته قد فسدت بسبب ابتعاده عن هلجته حينما يطبق ، وسكناه يف القاهرة، مث التحدث بلهجتها، فإذا عاد إىل الصعيد )هلجة الصعيد ( األم

جيد أنه يتحدث بلهجة خليط من تلك اللهجتني، فيتعرض للنقد الالذع بسبب خمالفته إال إذا كان لكل امرئ :" مث يستدرك بقوله، )٥(للمستوى الصوايب يف العرف اللغوي

واملفهوم حينئذ من مسرد متام حسان أن السليقة املكتسبة تدوم )٦("سليقته اخلاصةمادام الفرد عضوا يف اجلماعة اللغوية، وتبقى مادامت حياته فيها، وتفسد حني يغادر

.هذه اجلماعة اللغوية إىل بيئة ومجاعة لغوية أخرىال ينسب لصاحب السليقة اخلطأ، يستثين إبراهيم أنيس الذي يتكلم ومن أجل أ

بلغة خاصة غري لغته يف حياته العادية، ويدخل يف معىن كالمه من كان يتكلم بلهجة أن صاحب السليقة " مغايرة للهجته األم، مع أن أصلهما واحد؛ إذ ال يعقل عنده

.٤٥م، ص ١٩٨٠حممد عيد، عامل الكتب، القاهرة،د ط ، : املظاهر الطارئة على الفصحى، د )١( .٢٠٣، دت، ص ٤هرة، طإبراهيم أنيس، مكتبة األجنلو املصرية، القا: من أسرار اللغة، د )٢( .٩١ينظر فصول يف فقه العربية، ص )٣( .٨١وينظر اللغة بني املعيارية والوصفية، ص. ٢هـ، ص ١٤١٣، ٢إحياء النحو، إبراهيم مصطفى، ط )٤( .٨١ينظر اللغة بني املعيارية والوصفية، ص )٥( . ٨١نفسه ص )٦(

112

مسك فيها بقواعد وأصول ال تراعى يف اللغوية خيطئ إال إذا كان ينطق بلغة خاصة، يت .)١("حياته العادية حني ينطق على سجيته

وعلى هذا، إن كان صاحب السليقة ال يخطى، فلم يعد للعالمة اإلعرابية معىن، وعليه ستهمل تلك العالمات، وتطرح جانبا؛ إذ من غري املعقول ،كما يرى إبراهيم

تدادا وتطورا للهجات القدمية، وال يبقى فيها أثر أنيس، أن تكون اللهجات احلديثة امسليقية يف متناول العرب مجيعا كما "من آثار اإلعراب اليت مل تكن يف رأيه ظاهرة

صفة من صفات اللغة النموذجية األدبية، ومل تكن من ... يقول النحاة، بل كانت ذلك أقر بأن الذي ؛ ل)٢("معامل الكالم العريب يف أحاديث الناس وهلجات خطام

ينطق بلغة خاصة، يتمسك فيها بقواعد وأصول ال تراعى يف حياته العادية حني ينطق " .سيقع باخلطأ الذي مساه اللغويون العرب القدامى باللحن )٣("على سجيته

وطاملا أن اخلطأ إن وقع فيه الفرد فهو خمالفة العرف اللغوي للجماعة اللغوية اليت ب لغتها، فإن اإلقرار بعدم وقوعه يف اخلطأ، إمنا ينبئ ذلك عن نشأ فيها واكتس

كفاءته، ومقدرته اللغوية، وما ميلكه من فرضيات ومناذج، يطبقها على معطيات لغوية إن اإلنسان ميلك كفاية لغوية قد انطبع عليها منذ طفولته وخالل " يتعرض هلا؛ إذ

اال جمردة لقواعد يمكنه امتالكها عرب أشك" ؛ لتتشكل عنده )٤("مراحل اكتسابه اللغة .)٥("استيعاب معطيات اللغة

وهي ما يعرف )٦("متلك التنظيم اللغوي بالسليقة"كفاءة الفرد اللغوية تنبئ بأنه

وهي نظام اللغة الكامن )" الكفاية اللغوية) ( competence( بـنيعند التوليدي

.٧٦يف اللهجات العربية، ص )١( .٢٠٣ص من أسرار اللغة، )٢( .٧٦يف اللهجات العربية، ص )٣( .٦٢مباحث يف النظرية األلسنية وتعليم اللغة، ص )٤( .١٣٥األلسنية علم اللغة احلديث املبادئ واألعالم، ص )٥( .٦٢مباحث يف النظرية األلسنية وتعليم اللغة، ص )٦(

113

وهي اليت جتعله ، (٢)"ة الضمنية بقواعد اللغةاملعرف"أي )١("املكتسب عند أبناء اللغةقادرا على فهم وإنتاج الكلمات واجلمل، وتوظيف كل مستوياا يف أدائه الكالمي،

مل يكن قد مسعها من فال ينتج املتكلم كالما إال باختيار وانتقاء أمثلة وتنوعات لغوية،يقول ما يشاء، وإحداث مجل قبل، فليس عليه أن يتكلم مبا مسعه فقط، بل بإمكانه أن

.)٣() producivity(مل تنطق من قبل وهذا ما يسمى باللسانيات اإلنتاجية ويشري حممد يونس علي إىل اهتمام املدرسة التوليدية باإلنتاجية، حيث إا السمة

ني ي والتحويلنياهتمام التوليدي" البارزة يف نظريتها اللغوية على اإلطالق، إذ إن اه من تنا غري ملف متكلمو اللغة السليقيون، ويفهمون عددؤمحور حول كيف ييت

٤("يةا على عدد حمدود من القواعد، واألسس النحواجلمل املمكنة املختلفة اعتماد( ومعىن هذا أن صاحب اللغة ومتكلمها املثايل قادر على أن ينتج تراكيب جديدة

على ، والتصرف يف اللغة واالرجتال )٥(مسعها من قبلبالقياس على تلك التراكيب اليت وفق أمناط متعارف عليها يف وتكلمت به عليه اجلماعة اللغوية ضعتاوتما

معطيات "االستعمال، ممتزجة امتزاجا وثيقا بني عناصر النظام اللغوي الداخلي للهجة و .)٦("السياق االجتماعي اليت تكتنف االستعمال اللغوي

داهللا كنون يرى أن السالئق العربية وإن فقدت ملكة اإلعراب إال أا على أن عباليت نتلمس باالشتقاق والتعريب والقياسمل تفقد سليقة التصرف يف وجوه الكالم

يف لغتنا العامية وهلجاتنا املختلفة، والذي تسلسل عرب العصور :"،كما يقول، بقاياهان ألفاظ أو نقيسه من عبارات على ما رسخ يف ا فيما نستحدثه موما يزال أثره حمسوس

نفوسنا وانطبع يف أذهاننا من رصيد لغوي ذي قواعد وأصول عربية ال جدال فيها

.٥٢نظرية النحو العريب يف ضوء مناهج النظر اللغوي احلديث، ص )١( .٦١قضايا ألسنية ، ص )٢(م، ٢٠٠٤، ١حممد يونس علي، دار الكتاب اجلديد املتحدة، بريوت، ط : ينظر مدخل إىل اللسانيات، د )٣(

.٣٤ص .٣٤نفسه ص )٤( .٤٠ينظر من أسرار اللغة، ص )٥( . ٣٢٤الوجهة االجتماعية يف منهج سيبويه يف كتابه ، ص )٦(

114

ترجع تارة إىل أصل الوضع وأخرى إىل قاعدة االشتقاق والتعريب ما كان من ذلك )١("بسبيل

ا يرى عبداهللا فما تنتجه السليقة اللهجية العربية املعاصرة من كلمات حمدثة، كم دمطابقة لألصول املعت تكنون ويوافقه حممد حسن عبدالعزيز، إن وافقت القياس، وأت

طريقها إىل املعجم العريب من غري توقف لتوفرها على املطلوب أن تأخذ "ا فيجب واضعها قدر احلاجة من موافقة القياس اللغوي وجرياا على ألسنة العموم حبكم أن

هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإن. ا كان اجلميع يشعر بها فراغ دإليها وساملاسة السليقة العربية مل متت، وأا بقليل من املعاجلة اليت ال تعدو التعليم، ذلك يدل على أن

والفعالية اليت كانت هلا يف إمداد العامية ..وتبسيط قواعد اللغة، ستنبعث من جديدا وخطأ، ستتحول إىل تطوير ملصطلحات الضرورية للتعبري صوابوإرفادها باألوضاع وا

الفصحى وإغنائها مبا هي يف حاجة إليه من ذلك مع سلوك ج الصواب يف الغالب ا وال األعم كما كان عليه احلال يوم كانت السليقة العربية بأمتها ال تشكو ضعف

.)٢("احنالالول املعتد ا، وخالف العرف اللغوي إن خالف املتكلم القياس، ومل يطابق األص

!.للجماعة اللغوية، أفال يعد صاحب السليقة ذا خطأ مادام األمر كذلك؟ة الذي يظهر أن كل متكلم ال خيلو كالمه من االنزياح عن قوانني اللغة الصوتي

م هلجة ، وأيا كانت مستويات اللغة لغة منوذجية كانت أوالصرفية والتركيبية واملعجمية ...: نوعان من اخلطأ قد يصيبان السليقة" حملية للتعامل اليومي، فيوجد

خطأ آين طارئ حيصل نتيجة بعض العوامل النفسية أو الذهنية يستطيع : أوالواإلنسان ختتلف أحواله فتسعده الفصاحة : املتكلم أن يتدراكه، وعليه قول السيوطي

عند ) ارتج عليه( ه عند االنقباض وهذا معىن عند انبساط الطبع وفرحه وتتعذر علي

عبداهللا كنون، جملة اللسان العريب، املنظمة العربية للتربية والثقافة والفنون، السليقة عند العرب احملدثني، )١(

.٥هـ، ص ١٣٨٤، رمضان ٢الرباط، ع، ١حممد حسن عبدالعزيز، دار الفكر العريب، مصر، ط: وينظر القياس يف اللغة العربية، د. ٦السابق ص )٢(

.١٤٣هـ، ص ١٤١٥

115

.املتكلم، أو كما يسميه فطاحلة املتكلمني يف مواقف مماثلةخطأ استمراري متأصل، ويف هذه احلال يصبح قاعدة خاصة بالفرد املتكلم : ثانيا

مع –يصعب أن يدركه، وإذا نبهه الوسط االجتماعي اللغوي إىل هذا اخلطأ ميكن باملمارسة واملران أن يصلح خطأه، واخلطأ ال ينسب إىل النسق اللغوي -مرور الزمن

الذي ميتلكه الفرد كحصيلة لعشرية لغوية أو قدرة لغوية زود ا منذ والدته، وإمنا يعود إىل نشاط املتكلم الفردي الذي حياول تطبيق قواعد لغته، بشكل عفوي، وهو

ويف اعتقادنا ... شويها خلقيا يف أعضاء النطق لديهغري املغالق الذي جيد صعوبة أو تأن هذا اخلطأ من املتكلم يف وسط اجتماعي لغوي ينتمي إليه الفرد املتكلم ال يؤثر كثريا يف الغرض الذي يستهدفه املتكلم من الكالم؛ ألن هنالك جمموعة من العوامل

تكلم، فللظاهرة اللغوية نسق ثابت، والقرائن اليت تتضافر لبلوغ الغاية اليت يرمي إليها امل، وأطلق عليه تشومسكي )الكالم -اللسان(ونشاط متحول، أطلق عليه دوسوسري

)١()."اإلجناز -القدرة(ولنا أن نتساءل، أتعد خمالفة متكلم اللغة بالسليقة أصول القياس املعتد ا خطأ؟،

يه أن الرواد األوائل من مما ال شك ف:" يجيب عن هذا التساؤل دي سوسري بقولهفقد كانوا يسمون القياس . علماء اللسان مل يفهموا شيئا من طبيعة ظاهرة القياس

honorالتماثلي بالقياس الفاسد، وكانوا يعتقدون أن اللغة الالتينية ملا اشتقت لفظ ويف زعمهم أن كل ما honosكانت قد اخندعت فتومهت له نظريا من لفظ ووزن

وسبب هذا . عن النظام املتبع والسنة القارة، يعترب شذوذا داخال على صورة مثلىحاد الوهم الذي كان يطبع عصرهم مبيزة خاصة، وهو أم كانوا يرون يف احلالة األصلية للسان ضربا من السمو والكمال، دون أن يتساءلوا عما إذا كانت هناك حالة أخرى

، فالقياس عند سوسري ال يتوقف على وجود صورة )٢("أسبق يف الوجود مما اعتمدوهمثلى، يحتذى ويقتدى ا ، بل مىت ما حاكت صيغة أخرى تعد قياسية، وإن عدها

ابن جين وتشومسكي لعبداهللا اجلهاد، نقال عن العربية بني السليقة مقالة بعنوان السليقة اللغوية بني )١(

. ٧٥هـ، ص١٤٣٣، ١رياض عثمان، دار الكتب العلمية، بريوت، ط: والتقعيد دراسة لسانية، د .٢٣٩حماضرات يف علم اللسان العام، ص )٢(

116

.اللغويون شاذة أو خاطئةوقع بني العرب "يشري اللغويون احملدثون العرب إىل أن ما يسمى بالقياس اخلاطئ

اطئ أو القياس على التوهم تعليالان القياس اخل؛ لذا ك)١("القدماء كما يقع بيننا اآلنلظواهر هلجية شاعت يف عصرها ومازالت تسري يف هلجاتنا احملكية، يقول إبراهيم

ومن السهل تعليل تلك الظواهر اليت شاعت يف أسد ومتيم بالقياس اخلاطئ :"أنيساالذي يؤدي دور سكرانة على يف خصائص اللهجات، فقد قاسوا اشتقاق املؤنث اهام

الكثرة الغالبة يف الصفات العربية تؤنث اشتقاقه من معظم الصفات األخرى، ألنعلى اشتقاق الكثرة اشتقاق قاسكما قد يقول و .القلة بالتاء، وليس بغريب أن ي

الطفل أمحرة بدال من محراء وكذلك قاس الطفل التميمي صيغة اسم املفعول من األفعال الصحيحة هي الكثرة الغالبة يف يح، ألناألجوف على صيغته من الصح

سالح ذو حدين، فبينما يبعد بعض " يرى أن القياس اخلاطئ اأنيس لكن )٢("اللغةالكلمات يف مدلوهلا أو صيغتها عن املألوف الشائع يف البيئة اللغوية، ويستخرج

نسجام بني كثري الغريب من األلفاظ والصور، يعمل يف الوقت نفسه على االطراد واالبنطقه أمحرة وأصفرة وأخضرة إمنا أخضع تلك " إذ إن الطفل )٣("من أمور اللغة

الصفات اليت مؤنثها فعالء إىل ما ختضع له الكثرة الغالبة من صفات اللغة اليت تؤنث .)٤("بالتاء مثل مجيل مجيلة لطيف لطيفة فجعل أيضا أمحر أمحرة وأصفر أصفرة

العنان يف القياس ألي، إال أن عبد الصبور إبراهيم أنيس مل يطلق ومع ذلك إن: "شاهني يرى أن القياس اخلاطئ مصدر من مصادر التوليد اللغوي، وذلك يف قوله

نظرتنا إىل ما يسمى بالقياس اخلاطئ ينبغي أن تتعدل إىل اعتباره قياسا حري ا يؤدبيان )٥("صيغ جديدةه يف توحيد النماذج اللغوية بإبداع دورويسهب شاهني يف ت

.٤٤من أسرار اللغة ، ص )١( .٤٣ار اللغة ، ص وينظر من أسر. ١٤٢يف اللهجات العربية، ص )٢( .٤٤من أسرار اللغة ، ص )٣( .٤٣السابق، ص )٤( .٢٠٢ ، ص٣ع، ١مجشاهني جملة عامل الفكر الكويتية عبدالصبور: ، دمشكالت القياس يف اللغة العربية )٥(

117

رأيه، ومل يقتصر فقط على القياس اخلاطئ يف الكلمات بل على توهم أصالة احلرف رمبا كان التوهم أوسع أبواب هذا النوع من القياس اإلبداعي، فتوهم أصالة " كذلك

امليم من كلمات منطقه ومكحله، ومنديل، ومسكني، ومذهب دعا العرب إىل صوغ متنطق، ومتكحل، ومتندل، ومتسكن، : عال جديدة من هذه الكلمات، فقالواأف

من كلمة ) اخلشب عجنتم(ومتذهب، وهذا التوهم هو الذي جيعلنا نأخذ الفعل ويوافق شاهني يف القياس على توهم أصالة احلرف رأي عبدالقادر املغريب )١("معجون

للغة مل يزيدوا يف تعليل خمالفة علماء ا" ، حني أورد أنبقياسية تنمطق ومتكحل إخلتوهم أصالة احلرف من دون أن يشريوا إىل : القياس يف هذه الكلمات بأكثر من قوهلم

ا أنا فقد اقتحمت العقبة، وجعلتهما م قاعدة يصح القياس عليها، أمهذا التوه أن )٢("قاعدة مقيسة لكثرة الكلمات اليت ظفرت ا

خالف القياس، ومل يطابق األصول املعتد ا، وخالف و بذا يتبني أن املتكلم إن العرف اللغوي للجماعة اللغوية؛ غري أن له أمنوذجا حياكيه ويقتدي به، فهو مل خيطئ

بل أضحى صاحب السليقة، ، ومل يلحن ومل يقترف ،عند اللغويني احملدثني، جناية . حينئذ، ال خيطئ

االستقراء

)٤("احلكم على كلي لوجوده يف أكثر جزئياته" وهو )٣(االستقراء لغة هو التتبعيفهم من تعريفات النحو أن االستقراء هو التتبع من أجل الوصول إىل شيء معني و

: واملقصود بالناقص .أحدمها ناقص والثاين تام: " قاعدة كانت أم نظرية، وهو نوعانة اليت ال حصر هلا إجراء املالحظة على منوذج خمتار من مجلة الظواهر املدروس

.٢٠٢نفسه ص )١( .٢٥٨م، ص ١٩٥٣ ،٧، ج جممع اللغة العربية يف القاهرةجملة بني اللغة والنحو ، عبدالقادر املغريب ، )٢( ).قرا ( ينظر لسان العرب مادة )٣(معجم التعريفات، علي بن حممد السيد الشريف اجلرجاين، حتقيق حممد صديق املنشاوي، دار الفضيلة ، )٤(

١٨القاهرة، دط، دت، ص

118

فذلك هو العد واإلحصاء كما : أما االستقراء التام... واالكتفاء بالقليل عن الكثري .)١("حيدث عند تعداد سكان البالد أو عند إحصاء الكلمات الدخيلة يف اللغة

وألجل أن االستقراء التام للغة عزيز ونادر، وصعب حتققه يف الدراسات اللغوية؛ ألنه يتطلب معرفة بكل اجلزئيات، ومالحظة "و )٢(أن حييط ا إال نيبإذ ال ميكن

الصفات اليت توجد مشتركة بينها مجيعا مث تعميم احلكم بعد ذلك، وهذا أمر شاق ال مما جعل متام حسان يعد االستقراء التام من خصائص العلم غري )٣("يكاد يتحقق

من أجل ذلك عمد اللغويون إىل االستقراء ؛ و)٤(املضبوط؛ ألنه معتمد على املعرفة جمموعة "ويصفه بأنه) االستقراء القائم على التعميم (الناقص أو ما أمساه بيكون

األساليب والطرق العملية والعقلية اليت يستخدمها الباحث يف االنتقال من عدد حمدود طبيقها على من احلاالت اخلاصة إىل قانون أو قضية عامة ميكن التحقق من صدقها بت

عدد ال بأس به من احلاالت اخلاصة األخرى اليت تشترك مع األوىل يف خصائصها أو االستقراء (وعد حممد عيد هذا النوع من االستقراء من قبيل )٥("صفاا النوعية

ألنه وسيلة اإلنسان " اضه على نقص استقراء النحاة للغة يف معرض اعتر) الفطريحكام السريعة فيما يقابله من شئون حياته العادية، والنتائج الفطرية للوصول إىل األ

)٦("نتائج عادية حتتمل اخلطأ والشك) االستقراء الفطري(اليت يتوصل إليها عن طريق غري أن مما يظهر يف كالم بيكون، وحني نطبقه على اللغة، جند أنه ينطبق على

.القياس االستعمايل عند املتكلمهر أن حممد عيد غفل عن أن بيكون قسم االستقراء الناقص مث إن الذي يظ

.١٦متام حسان، ص : األصول ، د )١(ا، وأكثرها ألفاظا، وال نعلمه حييط جبميع علمه ولسان العرب أوسع األلسنة مذهب:" يقول اإلمام الشافعي )٢(

الرسالة ." إنسان غري نيب، ولكنه ال يذهب منه شيء على عامتها حىت ال يكون موجودا فيها من يعرفه .٢٦وينظر الصاحيب البن فارس ، ص. ٤٢ص

.١٥١م، ص١٩٨٨، ٣حممد عيد، عامل الكتب، القاهرة، ط: االستشهاد واالحتجاج باللغة ، د )٣( .١٦ينظر األصول، ص )٤( .٥١، د ت، ص ٢حممود قاسم، مكتبة األجنلو املصرية، القاهرة، ط : املنطق احلديث ومناهج البحث، د )٥( .١٥١االستشهاد واالحتجاج باللغة ، ص )٦(

119

االستقراء الفطري وهو ما ذكره حممد : إىل قسمني) االستقراء القائم على التعميم(ليس هذا النوع من االستقراء إال امتدادا لالستقراء " عيد، واالستقراء العلمي؛ إذ

مث الباحث باملالحظة أو التجربة ؛ إذ يبدأ ...الفطري، فهو مير بنفس املراحل الثالث لكنه يفترق عن النوع . ينتقل بعملية التعميم إىل قضية عامة حياول التأكد من صدقها

التجربة ويستخدم أساليب يعجز واألول بأنه يقوم على أسس واضحة من املالحظة الرجل العامي عن فهمها أو استخدامها؛ وبأنه يرمي إىل غرض حمدود وهو الكشف

قوانني العلمية اليت تتيح له التنبؤ بعودة الظواهر، كما يساعده على تطبيق هذه عن ال )١("ا مقصود وشعوريا أم علمينظري أكانفاهلدف، سواء . اا علميالقوانني تطبيق

واملقصود ا أن " باملوضوعية )٢(ويتسم العلم املضبوط كما يذكر متام حسانواهر اخلاضعة للمالحظة حبيث تصبح طبيعة موضوع يكون التفكري مرتبطا بسلوك الظ

دون تدخل من الباحث ونظرته )٣("الدراسة هي الفيصل يف احلكم على الظواهر .الذاتية

أوالمها االستقراء الناقص : ما قدعامتان تقوم عليهما وتتحق" وللموضوعية .)٤("وثانيتهما صالحية النتائج للتحقيق والضبط

؛ لذا )٥("له طابع العلم املضبوط" دم يبين متام حسان أن علم اللغة وانطالقا مما تقسواء أكان هدفه أصوات اللهجة، أم " اختذ االستقراء الناقص سبيال لدراسة اللهجات

.)٦("تشكيلها الصويت، أم صرفها، أم حنوهايا باسم بأحد أبناء اللغة الذين يتكلمون ا، وهو الذي يعرف فن"وعند االستعانة

، وهي العينة اليت يقوم عليها االستقراء لدراسة )٧(" Informant الراوي اللغوي

.٥٥املنطق احلديث ومناهج البحث، ص )١( .١٦األصول ، ص )٢( .٤٦حممد حسن عبدالعزيز، ص : ة ، د، وينظر مدخل إىل علم اللغ ١٦نفسه ص )٣( .١٦األصول ، ص )٤( .٢٣٨السابق ، ص )٥( .٢٣اللغة بني املعيارية والوصفية، ص )٦( .١٢٠أسس علم اللغة، ص )٧(

120

من اشتراك عدد من قالظواهر اللغوية يف اللهجة املدروسة، مث ينطلق الدارس للتحقاملمثلني للهجة املدروسة يف الظواهر اللغوية املستخلصة من املادة املستقرأة ، يقول

Linguisticيل عينة لغوية، للذين يهتمون للنتائج اللغوية يصبح حتل :"هاريس

Resuits .مسألة تدعو إىل االهتمام عندما يكون متماثال عما مع التحليلي الذي ليميكن احلصول عليه بطريقة مشاة من أية عينة كبرية للمادة اللغوية املأخوذة منها

إذن ميكن أن تعد العينة اليت مت حتليلها عندما تكون هذه هي احلالة، ... اللهجة ذااجديدة على عينته مادة إضافة عندما جيد عامل اللغة بأن... أمنوذجا وصفيا كامال للغة

اللغوية ال ينتج عنها شيء غري موجود يف حتليله األول، عندها ميكن أن تعد عينة )١(".مالئمة ومناسبة

تحقق من صحة نتائج دراسته واختبارها وما إن ينته مستقرئ اللهجة من الفحقيق )٢(."تصبح الفروض املختربة قوانني أو قواعد أو سلوكا ميكن التنبؤ بهحيث "

طبيعية بني املتكلمني التوأم يف اخلصائص الصوتية، ظاهرة أن التباين يدركأن عليه لقاعدة فال يتسرع شيئا خيتلف عن ا" بعد مالحظته وجتريبهفكيف بغريهم، فإن وجد

باامها أو بتخطئة الظاهرة أو املثال املخالف هلا، بل عليه أن يبحث عن تفسري منهج "ميزة االستقراء يف علم اللغة احلديث كما يبينه حممد عيد أنه ؛ ألن )٣("لذلك

متسامح يقف وراء اللغة ملتابعتها باملالحظة واستخراج النتائج، وهو يعترب اللغة يف دائم وعليه أن يتطور تبعا لذلك دون تفضيل مرحلة من مراحل اللغة على تطور

هو وضع القواعد؛ كيما تشمل من ذلك،عندهم، ليس اهلدف، إذ )٤("مرحلة أخرىمجيع األفراد، بل اهلدف هو الوصول إىل تلك القواعد العامة اليت تنظم كالم األفراد

.وأساليب ختاطبهم

حامد حسني : فهم اللغة حنو علم لغة ملرحلة جومسكي، ترينس موور و كريستني كارلنغ، ترمجة د )١(

.٤٣م، ص ١٩٩٨، ١واسطي، وزارة الثقافة واإلعالم، بغداد، طسلمان داود ال:احلجاج ، مراجعة د . ٤٥حممد حسن عبدالعزيز، ص: مدخل إىل علم اللغة، د )٢( .٤٥نفسه ص )٣( .١٥٤االستشهاد واالحتجاج باللغة ، ص )٤(

121

املنهج الوصفي من اللغويني احملدثني حمل القياس لقد حل االستقراء عند أصحابالعقلي املنطقي؛ ألن مستقرئ اللهجة استبدل احلديث عن العالقات املطردة بني الظواهر اللغوية بالعلل اليت تستنتجها املناهج التقليدية للدراسات اللغوية، عن طريق

.القياس العقليعن طريق ملية القياس معيارية تتمع ألنورفضهم لعنصر العقل قي القياس، ذلك

مناذج لغوية خمزونة يف ذهن املتكلم تتحكم فيما ينتجه ذلك املتكلم؛ فيتعذر معه ذلك يرتبط بنشاط الوصف إال يف جانب وصف العملية اليت حتدث القياس؛ ألن

.)١(املتكلما وبرفضهم مبدأ القياس العقلي، كذلك رفض الوصفيون مبدأ العلة، ومل يفكرو

حينئذ اإلجابة بتفسريها باألسباب، بل جعلوا مهمتهم يف دراسام اللغوية واللهجية ال يصلح وسيلة "، إذ إن التعليل املنطقي )٢()ملاذا(، ال عن سؤال )كيف(عن سؤال

، ألن منطلق الوصفيني )٣()) عملية يف اللغة خباصة ويف الظواهر االجتماعية بعامةابة عن سؤال ملاذا داخل يف علم الغيبيات، وهذا ما يطرحه واقعي، يف حني أن اإلج

)٤(.علم اللغة احلديث من درسه؛ حىت ال يقع الدارس يف مزالق الغامض اهولاستخالص مالحظة : "لذلك بنوا منهجهم على التعليل الوصفي ويقصد به

كد للباحث أنه استقرائية يعتقد أا تفسر الظاهرة اللغوية موضوع البحث، فإذا ما تألة صورية توصف ق عليه حينئذ أنها عدصاختذها كذلك، وي ميكن أن يتخذها قاعدة

.)٥("ا األمثلة املستقرأةتسمية األقسام بأمساء معينة :"وبعد املالحظة واالستقراء يأيت دور التقسيم وهو

االتفاق على إجياد أوجه " ويقوم التقسيم )٦("يطلق عليها االصطالحات الفنية

)١ (٩٦، ص العريب أصول النحو نظري . .٥٠فية، ص اللغة بني املعيارية والوص )٢( .١٤١، ص العريب أصول النحو )٣( .٢٨ينظر مبحث التسوية بني اللغات واملستويات اللغوية ص )٤( .١٤٥، صالعريب أصول النحو )٥( .١٥٤اللغة بني املعيارية والوصفية، ص )٦(

122

ويصحب )١("واالختالف بني املفردات، فما توافق منها ائتلف وما تناكر منها اختلفالتقسيم جتريد الثوابت والتجريد معتمد على متغريات املفردات، و الثوابت هي

)٢("اليت تعرب عنها املتغرياتاألفكار العامر أو األطر الفكرية "اإلفادة، ومن الركائز املهمة يف وصف وألجل أن التقسيم والتجريد حتصل ما

، )٣("لكل نشاط علمي أيا كان نوعه"اللهجات، جعلهما متام حسان أساسني خلق االصطالحات اليت تدل على "كما ذكره متام حسان هو بالتجريد واملقصوديظل الباحث الذي ال ) "التقسيم والتجريد( من دون هذين األساسني و )٤("األقسام

.)٥()) ى هذين األساسني تائها يف فوضى املفردات املبعثرةيعتمد علينظر الباحث يف أنواع التشابه "ويأيت بعد التقسيم والتجريد دور التقعيد وهو أن وليست القاعدة هنا قانونا ... بني املفردات اليت مت استقراؤها فيصفها بعبارة خمتصرة

كان محسنا ومن خالفه كان مسيئا، يفرضه الباحث على املتكلمني باللغة فمن وافقهوإمنا هو تعبري عن شيء الحظه الباحث وكان عليه أن يصفه بعبارة خمتصرة بقدر

)٦("اإلمكان، فالتقعيد هنا وصفي ال أثر للمعيار فيهوتستند النظرية الوصفية يف وصفها إىل االستقراء، الذي يعين وصف اللغة انطالقا

)٧(وية وتصنيفها واستخالص قواعدهامن مالحظة القضايا اللغألن "اختاذ االستقراء منهجا يف دراستها، وذلك رفضت لتوليديةدرسة اامل غري أن

مث إنه مل يكن أسلوبا فعاال . هذا األسلوب ينطلق من الواقع اللغوي إىل النظرية اللسانيةفقد )٨("ا خارجيامولدا وهو مل يشرح الفعالية اللغوية من الداخل، بل يصفها وصف

.١٥٤نفسه ص )١( .١٧صاألصول، )٢( .١٤٩اللغة بني املعيارية والوصفية، ص )٣( . ١٤٩نفسه ص )٤( .نفسه )٥( .١٥٨السابق، ص )٦( .١٥٨املبادئ واألعالم، ص) علم اللغة احلديث ( ينظر األلسنية )٧( . ١٠٩قضايا أساسية يف علم اللسانيات احلديث، مدخل، ص )٨(

123

يفسر دراسة اللغة عن طريق وضع أمنوذج اختذ تشومسكي منهج االستنباط يفالقضايا اللغوية اليت ميكن مالحظتها وأن يدرس العالقات القائمة فيما بينها وينطلق االستنباط من املقدمات املنطقية األولية واملباشرة واملفترضة صحتها وصواا للتوصل

)١(.قق من النتائج احلاصلةإىل التحالتحليل اللساين يبدأ من هذه اخلطوات "وبناء على هذا ترى املدرسة التوليدية أن

:التالية وضع فرضية لغوية معتمدة على نظرية علمية. تطبيق الفرضية اللغوية وجتريبها على مواد لغوية معينة. إعادة صياغة الفرضية إذا دعت احلاجة إىل ذلك. ٢(."الفرضية اللغوية يف حال مناسبتها للمواد اللغويةتثبيت( لعل سائال يسأل عن الغرض الذي يرومه منظرو دراسة اللهجات احملكية و

.املعاصرة من استقرائها وتتبعها والبحث فيهاوعند البحث عن إجابة هذا التساؤل، تتراءى أمام األعني تلك األطروحات

اللغوي العريب املعاصر يف مصر يف أثناء دراستهم يف العلمية اليت قدمها رواد الدرس اجلامعات الغربية؛ غري أن األمر احملري حقا ،كما يقول عبدالرمحن العارف ،وعلى الرغم

هو أن هذه الرسائل واألطاريح العلمية اليت قدمت "من أمهية هذه األطروحات، .)٣("أحسب أا لن تراه مطلقاللجامعات الغربية مل تر النور حىت يومنا هذا، و

و خري من جييب عن هذا الـتسآل السابق، هي تلك اخلطة الشاملة لدراسة

.١٥٩ئ واألعالم، صاملباد) علم اللغة احلديث ( ينظر األلسنية )١( . ١٠٩قضايا أساسية يف علم اللسانيات احلديث، مدخل، ص )٢(عبدالرمحن حسن العارف، دار الكتاب اجلديد املتحدة، : اجتاهات الدراسات اللسانية املعاصرة يف مصر، د )٣(

وقد كانت رسالة الدكتوراه إلبراهيم أنيس عن هلجة القاهرة، . ٤٤٣م، ص٢٠١٣، ١بريوت، طمتام رأيوب أقام رسالة املاجستري عن هلجة اجلعفرية، والدكتوراه عن هلجة النوبة، والدكتو ردكتووال"

كانت رسالته للماجستري عن هلجة الكرنك، والدكتوراه عن هلجة عدن، والدكتور بشر أقام رسالة عن التنغيم يف الدكتوراه عن اللهجة اللبنانية يف جانبها النحوي، وكانت رسالة الدكتور السعيد بدوي

"هلجة الرياض

124

من " اللهجات احملكية املعاصرة، اليت وضعها جممع اللغة العربية يف القاهرة ، املكونة :مبادئ مخسة هي

العربية من استقراء األلفاظ والتراكيب اجلارية على ألسنة أهل األقطار -أوال .الناحيتني الصوتية والداللية، وتدوين ذلك يف معاجم وأطالس

إتاحة الفرصة لبعض املتخصصني يف الدراسات اللغوية والصوتية للقيام -ثانيابرحالت إىل البلدان العربية، وتسجيل مناذج من هلجام احلديثة يف جانبها احمللي

.والطبقيصوتية مقارنة بني هذه اللهجات؛ للكشف عن القيام بعد ذلك بدراسة -ثالثا

.مدى ارتباط هذه اللهجات احلديثة باللهجات القدميةاستقراء الروايات اليت وردت عن اللهجات القدمية يف كتب اللغة -رابعا

.واألدب، والنحو، والتأريخاالستعانة باملتخصصني يف التأريخ اإلسالمي؛ لبحث هجرة القبائل -خامسا

)١(."وتنقلها يف العصور املختلفةالعربية وحيث إن تطبيق املسائل اللغوية على اللغة العربية النموذجية أمر متعذر؛ الفتقاده لعنصر املشافهة، فإن دراسة اللهجات احملكية املعاصرة واستقراءها، يف علم اللغة

ملثلى يف البحث احلديث، حتقق تدريبا عمليا للباحث والدارس اللغوي على الطريقة ا .العلمي

النموذج والطراز

أخذ بناء التصور حول اللغة جماال كبريا من جهد العلماء والدارسني، أيا كانت اجتاهام، ومرد هذا التصور حول حقيقة اللغة االستعمالية، والتواصلية بني أفراد

.اتمع

.٣١٨-٣١٦م، ص ١٩٥٣، ٧وينظر جملة جممع اللغة العربية بالقاهرة ، ج . ٤٣٦السابق، ص )١(

125

جربية على أفراد اتمع، وال وكون أن اللغة ظاهرة اجتماعية، هلا عمومية، وقوة يسع أي فرد ،حينئذ، أن خيالف، أو حياول اخلروج عما يرمسه اتمع من معايري عرفية للغة املستعملة، ومن ثم فلها مناذج وأمناط تظهر يف صورة واحدة إىل حد ما فترة

يف فهو سلوك ذو كل سلوك ثقا:"طويلة من الزمن، وهذا يتفق كثريا مع ما يقوله سايربوعلى هذا فتحليل مناذج لغة ما، إمنا هو حتليل حلقائق اجتماعية، إذ يرى )١("مناذج

أن علم اللغة ال يدرس جمموعات ضخمة من السياقات الصوتية، "اللغويون احملدثون وأن املرء ليحاول أن حيدد عناصر التأليف . بل يدرس نظاما من األعراف االجتماعية

. ليت تشكل ذلك النظام، واليت جتعل االتصال اللغوي بني أفراد اتمع ممكناوقواعده اومن فضائل نظرية سوسري يف اللغة أا وضعت األعراف والوقائع االجتماعية يف قلب

.)٢("احلدث اللغويوألجل معرفة تلك القواعد اليت تشكل النظام اللغوي، يعكف العلماء والباحثون

جتتمع فيه صفات معينة، من مثال راء ووصف اللغات واللهجاتاللغويون على استقميثل املادة املدروسة متثيال حقيقيا؛ كي تستخلص من كالمه القوانني واألنظمة اليت ختضع هلا لغته وهلجته، وكي تتخذ تلك القوانني قاعدة توصف ا األمثلة املستقرأة، أو

.النحوينينتاج الواقع افتراضيا كما هو عند تكون مثاال يحتذى ويتعلم، تعيد إ؛ )٣("اجتمعت فيه صفات معينة كأنه خالصة مركزة هلا" واملثال يقصد به ما

وجيعل ذوو املنهج الوصفي املثال يف اللغة املدروسة منوذجا وعينة لظاهرة كبرية الشيء إن جزء: القائل للمبدأ "يصعب استقراؤها استقراء تاما، وليكون تطبيقا علميا

حيمل صفات الشيء يف جوهره، فالطبيب قد يطلب إىل املريض أن حيلل دمه، وال نه سيموت، هلذا يكتفي فين من أجل حتليل طيب أل ميكن لإلنسان أن يتربع بدمه كامال

مث يقوم بتحليلها، ،املخترب بأخذ عينة من دم املريض على شكل قطرة أو قطرات

.١٧١نقال عن اللغة بني املعيارية والوصفية، ص )١( .١١١ص ) أصول اللسانيات احلديثة والعالمات( فرديناند دى سوسري )٢(، ٢اللغة واألدب، جمدي وهبه و كامل املهندس، مكتبة لبنان، بريوت، طمعجم املصطلحات العربية يف )٣(

.٣٣١م، ص ١٩٨٤

126

هذا اجلزء لطبيب الذي ال يتواىن عن تعميم النتيجة؛ ألنابالنتيجة إىل وكتابة تقرير؛ وألجل ذا اختذ أصحاب املنهج الوصفي الراوي اللغوي )١("على الكل بالضرورة دال

منوذجا للمادة اللغوية وللهجة املدروسة، الستخالص النتائج، والتحقق من صدقها )٢(.ع مرور الزمن شاهدا يستدل بهبعدئذ، وقد يتحول عند املعياريني م

النموذج نظري الشيء ومثيله، وهو الصورة اليت متثل يف ذهن املتكلم، وحيتذيها يف التدليل على أن عددا كبريا من الناس "تأليفه للكالم، أو قد يراد بذلك النموذج اسم

.بتلك الصفات اليت حيملها النموذج )٣("يتصفونأن علم "يني للمعيارية والنمذجة يف اللغة، ورفعهم شعار ويف ظل رفض الوصف

: إال أن عبدالسالم املسدي يتساءل )٤("اللغة جيب أن يكون وصفيا وليس توجيهياكيف السبيل إىل أن نتفاهم بواسطة اللغة لو مل يستقر أمرها على معيار يرضخ له "

عيار أفال ينتفي مبدأ االنتظام املطرد ا على املمفإن جعلنا االستعمال قي. االستعمال ؟، فال ميكن حينئذ إال أن يكون هناك معيار يحتكم إليه، (٥)".داخل جهاز اللغة؟

ومقياس يعتمد عليه يف البيئة اللغوية املراد دراسة هلجتها، يلجأ إليه املتكلم أو الباحث ا حيتذيه املتكلم، وإما أن ، فإما أن يكون منوذج)٦("كنموذج يصلح لالحتذاء" اللغوي

.املراد دراستها ةيكون منوذجا ميثل البيئة اللغوية الذي يتخذه الباحث يف اللهجمع ما "ويظهر احتذاء اإلنسان العادي لنموذج يراعي أنظمته وقوانينه يف كالمه و

.)٧("يتطلبه العرف اللغوي للجماعة اليت ينتمي إليها املتكلم

.٢١، ص ...التفكري العلمي يف النحو العريب )١( .١١٨ينظر ص )٢( .٤٢٠معجم املصطلحات العربية يف اللغة واألدب، ص )٣( .٢٩٦هدسون، ص: علم اللغة االجتماعي، د )٤(، ١عبدالسالم املسدي، دار الكتاب اجلديد املتحدة، بريوت، ط: انيات، دمباحث تأسيسة يف اللس )٥(

.١١٧م، ص٢٠١٠ .١٥٧علم اللغة االجتماعي، ص )٦(، وينظر معيار الصواب اللغوي والنماذج اليت يقتفي أثرها املتكلم يف ١٣٣اللغة بني الفرد واتمع ، ص )٧(

.٦٦كالمه ، ص

127

املراد دراستها ، فإن البحث يرى ةتخذه الباحث يف اللهجوأما النموذج الذي يالذي يتخذه أصحاب املنهج الوصفي هو النموذج للهجة، )١(خمتارا أن الراوي اللغوي

واملمثل احلقيقي والناقل الصادق هلا، مع ضرورة حتديد البيئة اللغوية، والبيئة الزمانية .واملكانية قبل ذلك

املراد ةهذا النموذج الذي يتخذه الباحث يف اللهجيبني خليل عساكر صفات أن يكون من صميم أبناء البلدة اليت يعيش فيها، وأال " دراستها، حيث من الواجب ر هلجته اخلاصة ها مث عاد إليها وذلك لكيال تتأثغري يكون قد نزح عنها إىل بالد

جابة على ما يوجه إليه من ا يف اإلا خملصا صادق، وأن يكون صرحي)٢(مبؤثرات خارجيةا، وأن تكون خمارج حروفه سليمة ما أسئلة ال يداور السائل وال يطوي عنه شيئ

أمكن، وأن يكون تام القدرة على فهم السؤال والتعبري عن نفسه وعلى إدراك املراد .)٣("إدراك يقظ خبري فطن

تار املخ يزيد متام حسان على هذه الصفات باستحسان أن يكون النموذجأميا ال يقرأ وال يكتب، حىت ال تؤثر العوامل الثقافية يف متثيله الصحيح هلذه " للدراسة؛ إال أن حممد حسن عبدالعزيز، حينما أورد كالم متام حسان عقب بأن )٤("اللهجة

هذه الشروط غري ضرورية، وأن هدف اللغوي أن يدرس اللغة كما ينطقها أفراد "كما يدرس أيضا العوامل املؤثرة يف تنوع سلوكهم اللغوي، وحياول اجلماعة اللغوية،

، وكذلك خليل عساكر يف األطلس اللغوي، ١٢٠يف أسس علم اللغة ص هذا ما أطلقه عليه ماريوباي )١(

، ويفهم من كالم أوتو جسربسن يف اللغة بني الفرد ٣٨٣، ص٧جملة جممع اللغة العريب يف القاهرة ج( ويطلق براجشتراسر عليه . ٨٩وإليه أشار عبدالرمحن أيوب يف احلاشية، ص) امللقن(واتمع أنه يسميه

كما نقل ذلك رمضان عبدالتواب يف املدخل إىل علم اللغة ومناهج البحث اللغوي، ص ) راوي اللهجةويف اللغة بني املعيارية ٧٦مناهج البحث يف اللغة، ص) مساعد الباحث(ويطلق عليه متام حسان . ١٦١

وأطلق عليه . ٥٥دراسات يف علم اللغة، ص) مساعد البحث( ويسميه كمال بشر . ١٥٣والوصفية صحنو مدخل عملي لدراسة " وذكر العارف نقال من . ٤٤٦ص) املخرب اللغوي( رمحن العارف عبال

.وعليه االختيار) النموذج ( أنه يسمى يف أوربا وأمريكا " اللهجات املعاصرة .١٢٦ينظر مبحث السليقة اللغوية ص )٢( .٣٨٣، ص٧األطلس اللغوي، خليل عساكر، جملة جممع اللغة العريب يف القاهرة ج )٣( . ١٥٣اللغة بني املعيارية والوصفية، ص )٤(

128

ما استطاع أن يرد هذه الفروق إىل عواملها الصحيحة، ومن هذا املنطق يصبح من )١("الضروري أن يكون الراوي ممثال بكل خصائصها اللغوية واالجتماعية

صور عن علم ويزيد حممد حسن عبدالعزيز على ذلك بأال يكون لدى الراوي تاللغة، كما أن األسئلة اليت تطرح على الراوي ينبغي أال تكون األسئلة مباشرة حمددة

أدى " املقصود، وتضم مثاال للمشكلة املدروسة؛ حىت ال تثري انتباه الراوي، ولرمبا ، كما أن على الباحث، يف نظر حممد حسن )٢("ذلك إىل أن تكون النتائج متحيزة

خيترب حدس الراوي بصحة وقبول جمل واضحة جدا، وتبيان موقفه عبدالعزيز، أن )٣(.منها

بني منهج الوصفيني املنهجية والناظر فيما تقدم يدرك مدى التقارب يف األسسمن خالل املروي من األسسإذ ثبتت عندهم تلك والدراسات اللغوية العربية القدمية؛

.الذي ترتب على ذلك املروي واألثراللغة وجود متكلم ومستمع مثاليني يستطيعان جوتفترض املدرسة التوليدية لبناء أمنوذ

األحكام على أصولية اجلمل إنتاج اجلمل وفهمها فهما صحيحا، وباستطاعتهما )٤(.وصحتها وقبوهلا

ما دعا ميشال زكريا إىل أن يعتمد يف دراسته للغة العربية على نتاج وهذا )٥(.دس اللغوي عند متكلم اللغةالنحويني العرب، وعلى احل

اإلنسان الذي اكتسب لغة "لكن ميشال زكريا حني يلجأ إىل احلدس يرى أن ا قادر على أن حيكم من خالل وهو أيض. ما، قادر على أن ينتج مجلها وأن يتفهمها

عند دراسته للغة العربية لتعذر املشافهة و )٦(".حدسه اللغوي على أصولية هذه اجلمل ة عرب ختصصهم اللغوي دالذين ميتلكون كفاية لغوية عربية جي"جأ إىل األشخاص يل

.٣٦مدخل إىل علم اللغة، ص )١( .٣٧السابق، ص )٢( .٣٧-٣٦ينظر السابق، ص )٣( .٧٠ينظر مبحث معيار الصواب اللغوي، ص )٤( .٢٠، ص )ةاجلملة البسيط( اللغة العربية وقواعداأللسنية التوليدية والتحويلية ينظر )٥( .٢٠ص فسهن )٦(

129

وعرب ممارستهم التأليف وذلك اعتقادا منا أن الكفاية اللغوية اليت ميتلكها هؤالء )١(."أفضل، مقام مؤلفام بصورة،العربية تقوم اللغة بكتبوا األشخاص الذين

صفية والتوليدية قد ربطتا مفهوم النموذج ومن هنا يظهر أن كال املدرستني الوبأشخاص ميثلون اللغة املدروسة خري متثيل؛ حىت يستخرج ويستنبط من كالمهم ما

.يكون،إىل حد ما ال يستهان به، مشتركا ومستقرا لدى املتكلمني، وحيظى بإمجاعهم

. ٢٠نفسه ص )١(

130

من خالل احلديث عن

:الفصل الثاني مظاهر تقعيد اللهجات احملكية

131

غوية احلديثة منذ نشأا على يد سوسري وحىت عصرنا يف خضم الدراسات اللإن جممل القضايا واآلراء واالجتهادات اخلاصة، تشكل : احلاضر، جيدر بنا القول

معامل نظرية لغوية، تتسم بالعلمية واملوضوعية، على أنه ال ميكن أن تتسم بالنظرية .هااجلامعة؛ إذ مل تكن حمط إمجاع على اختالف وتطورات مدارس

جماال ذمث إن كون اللهجات احملكية املعاصرة متثل لغة الواقع احلي، اختذت ، عندئ ، .للدراسة العلمية وفق مناهج البحث اللغوي احلديثة، باختالف مدارسها

وليس من صميم البحث البحث بتلك املمارسات لبناء قواعد للعامية كتلك اليت مما يرى البحث أن الدراسات اللغوية يف العامل العريب ؛ غري أن )١(بثت يف جملة املقتطف

أن أبرز املمارسات اإلجرائية من مظاهر التقعيد وأخذت جاهدة يف دراسة اللهجات -:للعامية واللهجات احملكية فيما يظهر يف تلك الدراسات اللغوية تتلخص فيما يلي

نظریة أفعال الكالم. إلغاء اإلعراب والتعلق بالقرائن. تمثیل الكالم بین الرسم والنطق.

نظرية أفعال الكالم

صطلح نظرية أفعال الكالم هو أوسنت يف كتابه كيف تفعل مأول من أطلق .هاكلمات مث تبعه جون سريل يف تطويراألشياء بال

أداء أعمال خمتلفة يف آن واحد، "ة على النظر إىل اللغة على أا تقوم هذه النظريوحد منها، فعندما يتحدث املتكلم فإنه يف الواقع خيرب عن شيء، أو وما القول إال وا

)٢("يصرح تصرحيا ما، أو يأمر، أو ينهى، أو يلتمس، أو يعد، أو يشكر

.٢٨٤-٢٨٣ينظر القضايا اللغوية يف جملة املقتطف، ص )١(حممد حممد يونس علي، دار الكتاب اجلديد املتحدة، بريوت، ط : مقدمة يف علمي الداللة والتخاطب ، د )٢(

.٣٤م، ص٢٠٠٤، ١

132

أن وظيفة اللغة أساسا عند أصحاب نظرية الفعل الكالمي ليست من ذلك يتبني ول األقوال يف سياقها إىل إيصال معلومة، أو تعبريا عن فكرة فقط، بل إا تتكفل بتحوي

.عال ذات صبغة اجتماعيةأفالفعل ومرد نظرية الفعل الكالمي وفحواه كما يقول مسعود صحراوي أن

وفضال عن ذلك . كل ملفوظ ينهض على نظام شكلي داليل إجنازي تأثريي:"الكالميكالطلب ... (يةإىل حتقيق أغراض إجناز...يعد نشاطا ماديا حنويا يتوسل بأفعال قولية

كالرفض ( ختص ردود فعل املتلقي ... وغايات تأثريية) اخل...واألمر والوعد والوعيدومن مث فهو يطمح إىل أن يكون فعال تأثرييا، أي يطمح إىل أن يكون ذا ). والقبول

.)١("تأثري يف املخاطب، اجتماعيا أو مؤسساتيا، ومن ثم إجناز شيء ماند أوستني ال تصف العامل وال تقرر حقيقة، إمنا تنجز فعال وتوقع وعلى أن اللغة ع

:؛ لذلك قدم وميز بني نوعني من املنطوقات واألفعال)٢(عمال .وهي منطوقات خترب عن وقائع العامل اخلارجي: املنطوقات التقريرية

)٣(.وهذا النوع ينجز أو يؤدى ا أفعال: املنطوقات األدائيةلكل منطوق ـ مبا يف ذلك املنطوقات "غري أن أوستني تبني له بعدئذ أن

عداالتقريرية أو العبارات ـ ب فراح يقسم األفعال الكالمية إىل ثالثة أقسام )٤("اأدائي: فعل القول أو الفعل اللغوي ويراد به إطالق األلفاظ "الفعل التعبريي، وهو : أوال

وعلى هذا فهو ينقسم إىل أقسام )٥("وي سليم وذات داللة يف مجل مفيدة ذات بناء حن :املستويات اللغوية املعروفة

.الصويت) املستوى ( الفعل ): أ (

. ٥٤،ص ...التداولية عند العلماء العرب )١(، ١حممد أمحد خنلة، مكتبة اآلداب، القاهرة، ط: بحث اللغوي املعاصر، دينظر آفاق جديدة يف ال )٢(

.٦٤هـ، ص١٤٣٢، ١ينظر التحليل اللغوي عند مدرسة أكسفورد، صالح إمساعيل عبداحلق، دار التنوير، لبنان، ط )٣(

.٦٤وكذلك ينظر آفاق جديدة يف البحث اللغوي املعاصر، ص . ١٣٨-١٣٧٣م، ص١٩٩٣ .١٨٢لغوي عند مدرسة أكسفورد، ص التحليل ال )٤( .٥٥، ص...التداولية عند العلماء العرب )٥(

133

.الصريف النحوي) املستوى ( الفعل ): ب( .الداليل) املستوى ( الفعل ): ج(

ي الفعل املتضمن يف القول ، وهو الفعل اإلجناز" وهو . الفعل الغرضي: ثانيا احلقيقي إذ إنه عمل ينجز بقول ما ، وهذا الصنف من األفعال الكالمية هو املقصود

)١("من النظرية برمتهاالفعل الناتج عن القول، وهو جمموع اآلثار املترتبة عن "وهو . الفعل التأثريي: ثالثا

)٢(."الفعل السابقلثالثية ألفعال وجاء سريل ليكمل ما بدأه أستاذه أوستني لكنه طور النظرة ا

الكالم وجعلها يف أربعة أقسام، حيث أبقى منها الغرضي اإلجنازي والتأثريي، وجعل :قسمني"األول الفعل التعبريي يف

.وهو يشمل اجلوانب الصوتية والنحوية واملعجمية: الفعل النطقي : أحدمهابه أو وهو يشمل املتحدث عنه أو املرجع واملتحدث : الفعل القضوي: والثاين

، ومع ذلك مل يعر الفعل )٤(على أنه قد قسم األفعال الغرضية إىل أقسام مخسة )٣("اخلرب .)٥(التأثريي أي اهتمام

ومن مجلة ما طور به سريل نظرية الفعل الكالمي ما ذكره حممود حنلة أن سريل عرف أن الفعل الكالمي أوسع من أن يقتصر على مراد املتكلم، بل مرتبط بال"يرى

إىل أن فوندرليش اهتم )٧(، وكذا ذكر صاحب داللة السياق)٦("اللغوي واالجتماعي

.٥٦السابق، ص )١( .٢٠٦-١٨٢وينظر التحليل اللغوي عند مدرسة أكسفورد، ص . ٥٧السابق، ص )٢( .٧٤آفاق جديدة يف البحث اللغوي املعاصر، ص )٣( .٢٣٨-٢٣٢ينظر التحليل اللغوي عند مدرسة أكسفورد، ص )٤( .٧٥ينظر آفاق جديدة يف البحث اللغوي املعاصر ، ص )٥( .٧٦السابق ص )٦(هو الدكتور عبدالعزيز بن ردة بن ضيف اهللا الطلحي، كان امسه ردة اهللا ، وهو املرقوم يف طبعة كتابه )٧(

االسم هـ، ولرمبا يتغري ١٤٣٤من مطبوعات جامعة أم القرى ، يف طبعته األوىل، عام ) داللة السياق ( .يف طبعات الحقة، فليتنبه

134

بناحية املستمع أو املتلقي يف احلدث "بتحليالت أوستني وسريل، وزاد اهتمامه الكالمي وأشار بعناية إىل أن على املستمع أو املتلقي أن يتبع قواعد حمددة للتلقي من

لذلك تبوأ .)١("رف االجتماعي الذي تفرضه اجلماعةحيث مراعاته للموقف أو للع )٢(ا عند أصحاب نظرية الفعل الكالميأ هاماللغوي واالجتماعي بعدئذ مبو العرف

إن أهم ما ميكن أن نفيده من هذه النظرية هو أا تدرس اللغة العادية كما البالد العربية؛ إذ ال ميكن يتكلمها الناس، وهذا هو واقع اللهجات احملكية املعاصرة يف

. أن تكون لغة مثاقفة، وال لغة أدب يبلغ اآلفاق غري ما بلغه يف حميطه احملليعملية " يف املوقف واملقام والسياقتتكئ على و حبكم أن اللهجة لغة الواقع احلي

فإن )٣(."احملادثة بني املتكلم واملستمع لتعبر عن العالقات القائمة بني اجلمل املنطوقةدراسة سياق اللغة املنطوقة ومقامها يعد مصدر ثراء، يعوض النقص الكمي الذي أصاا بسبب العدول عن األصل يف اللغة النموذجية، هذا من جهة ، ومن جهة أخرى

املعىن حسب وقائع الكلمات يف هيهبها القدرة على تبيان غرض املتكلم ومراده، ويوجلسياق من احلدث الكالمي الذي قيل فيه كما يشري مهدي عرار سياقاا؛ ألن اطراح ا

؛ لذا كان على دارس اللغة ،كما يبني جون )٤("مدعاة إىل خلق اللبس واالحتمال"حسابا حلقيقة أن اجلمل تنطق ضمن سياقات معينة، وأن جزءا من "اليرت، أن حيسب

)٥("هحمصلة معىن نقش الكالم يستمد من السياق الذي ينتج فيعلى : " ومن هنا كانت نظرية أفعال الكالم مبنية أساسا كما يقول الطلحي

وهي نظرية )٧("إن اللغة أسلوب عمل وليست توثيق فكر: ")٦("مقولة مالينوفسكي

. ٢٣١داللة السياق، ص )١( .٦٩ينظر مبحث معيار الصواب اللغوي، ص )٢( .٨٠دراسات لسانية تطبيقية، ص )٣( .٧٢ظاهرة اللبس يف العربية جدل التواصل والتفاصل، ص )٤( .٢٠٠اللغة واملعىن والسياق، ص )٥( .٢٣٣داللة السياق، ص )٦(صربي إبراهيم السيد، دار املعرفة اجلامعية، اإلسكندرية، : باملر، ترمجة د.ر.ف) إطار جديد ( ة علم الدالل )٧(

.٢١٢م، ص ١٩٩٥د ط،

135

حينما جعل إبراهيم ، وذلكالقائلون بإلغاء اإلعرابعلى ذات النظرية سياقية، وارتكز ما حييط بالكالم من "ية واملفعولية بعد نظام اجلملة أنيس أن مما حيدد معاين الفاعل

.)١("ظروف ومالبساتولعل سائال يسأل ما عالقة هذه النظرية مبظاهر التقعيد للهجات احملكية يف علم

.اللغة احلديث؟ولعل اإلجابة عن هذا التسآل أن هذه النظرية تبحث يف لغة استعمال الواقع

.واقع احلي يف العامل العريب هي اللهجات احملكية املعاصرةاحلي، وخري ما ميثل لغة الإن فحوى القول يف نظرية أفعال الكالم يتمحور يف اخلرب واإلنشاء وعالقتهما "مث

، ومطابقة ةباخلارج على حنو يشبه إىل حد ما قضايا اخلرب واإلنشاء يف البالغة العربيكذبا، أو عدم عالقته باخلارج ابتداء اخلرب للخارج فيكون صدقا أو خمالفته له فيكون

وإن أظهرت اللهجات احملكية املعاصرة بعض ظواهر اإلعراب، إال )٢(."وهو اإلنشاءهي )٣("من نفي وإثبات ، وإنشاء وإخبار وتعجب واستفهام" أن ظواهر لغوية أخرى

. مدار التواصل فيه بني املتكلمنيولية ، واللغة كما تبني سابقا مستويات مث إن كون هذه النظرية هي أساس التدا

:ثالثمستوى إبداعي إثرائي، ومستوى تداويل، ومستوى تواصلي، فحينئذ إىل أي

مستوى تصنف اللهجات احملكية املعاصرة؟املستوى التداويل فيما يظهر هو ذلك الذي ال حيتاج إىل كثري مما يوجد يف مظان

ت، وليست حباجة إىل توظيف ما خيالف الكتب النحوية من قواعد فرعية وخالفا .القياس املطرد

أما املستوى التواصلي فيما يظهر فهو ذلك الذي ال يزيد عن وصف الوقائع؛ ألن املتكلم يعمد يف منطوقه على مبدأ االقتصاد اللغوي، والسعي يف بذل أقل جهد ممكن

.٢٤٣من أسرار اللغة، ص )١( .٢٣٢داللة السياق، ص )٢( .١٩٨من أسرار اللغة، ص )٣(

136

رءوس الفكرة، فهي تقتصر على االهتمام بإبراز " اللغة املنطوقة ألن يف الكالم، )١("وحدها اليت تطفو وتسود اجلملة

ومن ثم يتضح أن األفعال الكالمية ال تتم إال بأسس معروفة ومسلم ا عند املشاركني يف عملية االتصال الكالمي، وبذا ال ميكن أن تتم عملية التكلم سواء كانت

ستندة إىل سياق لغوي مجلة أم عدة مجل إال بشفرة من نظام العالمات اللغوي، موآخر غري لغوي؛ لتكون اللغة حينئذ نظاما لالتصال يربطه نظام للفعل، يتشكل منهما

)٢(.منوذج الواقع يف نصوص منطوقة أو مكتوبة جيذا علم اللغة النصي ، بعدئذ، إليه

إلغاء اإلعراب والتعلق بالقرائن

عاين، وعدم اإللباس جزء من إيصال الغاية من اللغة إمنا هي لإلفادة وتبيان املاملعىن، فإذا ما حتقق ذلك حتقق معه التواصل والتفاهم بني أفراد اتمع اللغوي احلاصل

.واملتكلم يف آن معا يمن ارتباط صورة مسعية بصورة ذهنية عرفية يف ذهن املتلقخلق والباحث اللغوي حني يقسم ويصنف األنظمة للغة ما، يبدأ يف

يكون املعىن وظيفة املبىن، ويكون املبىن "كي طالحات اليت تدل على األقساماالصالذي تكشف عنه املباين "، وبذا خيرج املعىن الوظيفي )٣("عنوانا تندرج حتته العالمة

.)٤("التحليليةيهدف اإلعراب إىل تبيان املعاين كما جاء يف غالب الكتب اللغوية والنحوية،

.١٩٤اللغة، ص )١(سعيد حسن حبريي، مكتبة زهراء الشرق، : مجة، دينظر ، أساسيات علم لغة النص، كلماير وآخرون، تر )٢(

.٥١-٤٨م، ص ٢٠٠٩، ١القاهرة، ط .٣٩اللغة العربية معناها ومبناها، ص )٣( . ٣٩نفسه ص )٤(

137

وكذا جعل ابن جين أن اإلعراب )١(مة إعراب كما جاء يف اللسانوهو مؤدى معىن كلأكرم : اإلبانة عن املعاين باأللفاظ، أال ترى أنك إذا مسعت "الدال على املعىن هو

سعيد أباه، وشكر سعيدا أبوه ، علمت برفع أحدمها ونصب اآلخر الفاعل من املفعول )٢("احبهولو كان شرجا واحدا الستبهم أحدمها من ص

فحني يربط املتكلم كلمة بأخرى؛ لتتشكل منهما حينئذ مجلة ونص، رأى أنأن يميز عمل كل "إىل التوزيع الوظيفي لأللفاظ رمبا يبهم املعىن عن املخاطب؛ لذا جلأ

لفظة بنهاية صوتية معينة، وكانت له بذلك حرية واسعة جدا يف أن يرتب هذه فاللفظ ما دام حيمل العالمة املميزة ملهمته، جيوز فيه . كما يشاءاأللفاظ داخل اجلملة

التقدمي والتأخري بل ميكن أن يحذف من اجلملة إذا بقي فيها ما يدل عليه وجيعله )٣("مفهوما من السياق

وكذا يبني الزجاجي معىن اإلعراب، وسبب تسمية تلك النهاية الصوتية ذا يقال أعرب الرجل عن حاجته إذا أبان عنها . البيان اإلعراب أصله: "االسم، فيقول

هذا .. االثيب تعرب عن نفسه.. ورجل معرب أي مبني عن نفسه ومنه احلديث أصله ثم إن النحويني ملا رأوا يف أواخر األمساء واألفعال حركات تدل على املعاين

كما يسمي الشيء باسم .وكأن البيان ا يكون. أي بيانا. وتبني عنها مسوها إعرابا . (٤)"الشيء إذا كان يشبهه أو جماورا له

أخذت قضية اإلعراب اهتماما يف الدراسات اللغوية احلديثة، منها ما هو متصل بآراء قدمية، ومنها ما هو حماولة للتجديد فيها، واختالف الدراسات واآلراء حوهلا

.نابع من اختالف املفهوم حنو قضية اإلعرابهذه القضية ،بعدئذ، بدراسات متعددة حاولت استقصاءها بكل وحفلت

.لسان العرب، مادة عرب )١( .٣٥، ص١اخلصائص، ج )٢( .١٠٩اللسان واإلنسان، ص )٣( .٩١اإليضاح يف علل النحو، ص )٤(

138

.)١(أبعادها، حماولة اإلجابة عن التساؤالت اليت طرأت حوهلاوليس من مهام هذا البحث أن يسرد تلك اآلراء اليت ألقت بظالهلا حول ظاهرة

اإلعراب اإلعراب منذ القدم؛ غري أن املهم هو ما يدور حول العالقة بني إلغاء ظاهرة .ودراسة اللهجات احملكية املعاصرة

فقد أخذت هذه الدعوة رفدها من آثار الدعوة إىل استعمال العامية؛ ألن ،كما يرى الداعون هلا، سبيل التقدم حملافل األدبية واملناشط العلميةاستعماهلا يف ا

االحتكام إىل والرقي، أما الركون إىل العربية الفصحى، وعدم اخلروج عن سياجها، و، كما يرى أنيس فرحية، وكذلك يرى فرحية )٢("ال يتالءم واحلضارة"قيودها اإلعرابية

.)٣("اإلعراب يف أية لغة بقية من البداوة"أن إىل أن كما نقل ذلك أمحد سليمان ياقوت،ومن ثم خيلص أنيس فرحية ،

وسقوطه من اللهجة احمللية اإلعراب عقبة يف سبيل التفكري، ذلك مما ال شك فيه، " Spirكما كان . خطوة هامة حنو تيسري الكالم حىت يصبح الكالم طريقا ممهدا للفكر

فإنين مل . الفكر أي أخاديد رى Thought goyesيسمي اللغة يف حماضراته علينا ى أن إذا أحلظ مصريا أو عراقيا أو سوريا تردد أو تلعثم أو توقف عن الكالم هنيهة لري

كانت هذه الكلمة بضمة يف آخرها أو فتحة أو كسرة أو إذا كانت حركة البناء مساجد أو مساجد أو مساجد أو ) على سبيل املثال( واحدة أو مثناة أو إذا كانت

ا أو مساجدا ليست . مساجدمجيع هذه االعتبارات سقطت من لغة الكالم أل

) اللغويني العرب احملدثني اجتاهات البحث يف قضية اإلعراب عند(رسالة : ساتمن مثل تلك الدرا )١(

و حممد إبراهيم البنا، : ، د)اإلعراب مسة العربية الفصحى(، وكتاب خالد بن صاحل احلجيالنللباحث دفاع عن القرآن أصالة اإلعراب (و كتاب ، عبداهلادي الفضلي:، د)رابدراسات يف اإلع(كتاب

داللة اإلعراب لدى (و كتاب ، حممد حسن جبل: ، د)املعاين يف القرآن الكرمي واللغة العربية وداللته علىظاهرة اإلعراب يف النحو العريب وتطبيقاا يف القرآن (، وكتاب بتول قاسم ناصر: د ،)النحاة القدماء

العالمة ( وكتاب، يعبدالسالم املسد: د ،)اإلعرابالعربية و(وكتاب ، أمحد سليمان ياقوت: د ،)الكرمي .وغريها من البحوث احملكمة . حممد محاسة عبداللطيف: ، د)اإلعرابية يف اجلملة بني القدمي واحلديث

.١٠٢اللهجات وأسلوب دراستها، ص )٢( .١٠٢نفسه ص )٣(

139

ويفهمها كل عريب سواء أكانت ) مساجد ( لمة هي الك. ضرورية للفهم أو اإلفهام . )١("معربة أم غري معربة، منونة أم غري منونة

م بنظرية داروين هذا الرأي ألنيس فرحية ومن سبقه وشايعه ومردإمنا هو إميا، اليت تذهب إىل أن الفصحى مصريها إىل الفناء، شأا شأن اللغات )النشوء واالرتقاء(

اللغة كائن حي، خيضع لنواميس الطبيعة، وهي يف وأن )٢(وأن البقاء لألصلحالالتينية، شأا شأن كل ظاهرة طبيعية، تتبع يف مسريا الطرق واجلهات اليت جتد فيها مقاومة أقل، مع ميلها إىل االقتصاد، واختاذها مسالك اليسر والسهولة، ونبذ التعقيد

األغالل، وتفلت من هذه القيود، وتسري يف تلبث أن حتطم هذه "والصعوبة، ولن وما فقدان )٣("الطبيعينيريدها على السري فيها سنن التطور واالرتقاء تالسبيل اليت

يف نظر ذوي الفكر ملعاصرة، وإسقاطه فيها، إال تطوراإلعراب من اللهجات احملكية ا )٤(.الدارويين، ومسايرة ومنو مع احلياة، متماشيا مع الفكر اللهجات وأسلوب دراستهاتابه مث خيلص أنيس فرحية يف ك

الدارويين إىل أن ميزة اإلعراب من ميزات اللغات القدمية؛ غري أن هذه اللغات إمنا هو " أسقطت كثريا من ظواهر اإلعراب، وما أبقته فليس هذا دليل بقاء وتقدم،

ضرورة للفهم واإلفهام "، مث يقرر أن لو كان اإلعراب )٥("دليل على الرجعية يف اللغةلبقي وحلافظت عليه مجيع اللغات اليت كانت معربة، ولكن لكونه غري ضروري

.)٦("سقطيساعدك ويعطيك احلرية يف بناء اجلملة بلكن احلق الذي ال مراء فيه أن اإلعرا

فاللفظ ما دام حيمل العالمة املميزة ملهمته، جيوز " من حيث اختيار املواضع لأللفاظ

ة ، دار املعرفأمحد سليمان ياقوت: د ،ظاهرة اإلعراب يف النحو العريب وتطبيقاا يف القرآن الكرمي )١( .٣٧م، ص١٩٩٤اجلامعية، اإلسكندرية، د ط ،

.٨-٥وينظر مشكالت اللغة العربيةص . ٢٨١-٢٨٠ينظر اللغة بني القومية والعاملية ، ص )٢( .٧٧اللغة واتمع، علي عبدالواحد وايف، ص )٣( .١٠٥ -١٠٢ينظر اللهجات وأسلوب دراستها، ص )٤( .١٠٤السابق، ص )٥( .نفسه )٦(

140

إال أن فقدان اإلعراب يف اللهجات احملكية استلزم التعويض )١("يه التقدمي والتأخري ف ا: ( فإن مجلة " عنه، وذلك بتغيري التركيب، والتزام بناء واحدمثال، ) ضرب حممد علي

، بتقدمي الفاعل، والتثنية بالفعل، ) ضرب علي حممد: ( أصبحت يف اللهجات احلديثة .)٢("املفعول بهمث اإلتيان ب

وينقل رمضان عبدالتواب آراء فئام من املستشرقني من ذوي النوايا املشبوهة ) النموذجية( الذين تلقفوا رأي قطرب يف اإلعراب، وراحوا يشككون يف اللغة العربية

.ويف أهم خصائصها الذي هو اإلعرابتب مي كالكر للقرآن األصليالنص أنفوللرز الذي رأى كارلفمن أولئك

هذه اللغة مل نأل؛ الفصيحة األدبيةاللغة إىلقل مث ن ،الشعبية اللهجات بإحدىالذي شكك هوتابعه يف هذا الرأي باول كال ،نزول القرآن الكرمي أيامموجودة تكن

)٣(.اللغة املوحدة تكون لغة القرآن متثل يف أنال ينكر "ه وينقل صبحي الصاحل رأي كوهني حول ظاهرة اإلعراب حيث إن

لغة الشعر واخلطابة يف اجلاهلية واإلسالم، : وجود اإلعراب يف اللغة املثالية األدبيةولكنه يستبعد مراعاا يف هلجات احلديث بني عرب اجلاهلية، ويقيم رأيه على

ودقتها إىل درجة أما أحدمها فهي تشعب هذه الضوابط اإلعرابية: مالحظتني فاسدتنيوأما الثانية فهي جترد مجيع اللهجات العامية احلديثة املتفرعة من العربية يتعذر تطبيقها؛

.وهذا ما يفهم من رأي إبراهيم أنيس )٤(".من آثار اإلعراب وقوانينهاملسألة نظرة إىلنظروا ،ا ملستشرقني منصفنيا علميومقابل هذا املوقف نرى موقف

ه من اخلطأ الشنيع أن" أكدالذي هنولدكمن هؤالء ،بعيدة عن الرتعات املغرضة علميةإعراب؛ فإن العلماء يف عصر مل يكن فيها عهد النيب حممد اللغة احلية يف أناالعتقاد

ولكن ظاهرة الوقف . هارون الرشيد، قد وجدوا اإلعراب بكل دقائقه لدى البدو

.١٠٩ن واإلنسان، ص اللسا )١( .٩٥وينظر اللهجات وأسلوب دراستها، ص . ٣٩٥فصول يف فقه العربية، ص )٢( .٣٨٠-٣٧٧ينظر فصول يف فقه العربية، ص )٣( .١٢٤دراسات يف فقه اللغة، ص )٤(

141

لية من الشائعة كثريا يف احلديث اليومي، قد عودت األذن على مساع الصيغ اخلا .)١("اإلعراب، فاستطاع الشعراء استخدامها، عند اتصال الكالم كذلك

اللغات اليت تكلمت ا شعوب ظاهرة تشمل اإلعراب أنويرى برجستراسر سامي األصل، تشترك فيه اللغة األكادية، ويف بعضه احلبشية، وجند آثارا :" فهو اجلزيرة

.)٢("منه يف غريها أيضاالسمات أقدممن دعبسمة ت الفصحى احتفظت العربية أنويرى يوهان فك

الحتفاظها بسمة فقدا هذه اللغة أصالةاليت تدل على اإلعرابوهي مسة أال اللغويةبل ويقرر يوهان فك بأن ظاهرة اإلعراب ال يزال هلا بقايا أخواا من اللغات السامية،

)٣(حىت اليوم تسمع يف هلجات بوادي العربولئن كان موقف املستشرقني من ذوي النوايا املشبوهة ممكن الفهم، فإن من الصعب تفسري نوايا بعض الباحثني العرب، ومن ذوي املكانة اللغوية املرموقة، يف

وجعله من صنيع النحاة، يفرضونه على االستعمال )٤(رفضهم لإلعراب، وبه اشتهرت، .صائص اللغة النموذجية األدبيةالواقع احلي، يف حني أنه خصيصة من خ

لقد ! ما أروعها من قصة:"فهذا إبراهيم أنيس يروي قصة اإلعراب بقوله متعجبااستمدت خيوطها من ظواهر لغوية متناثرة بني قبائل اجلزيرة العربية، مث حيكت ومت نسجها حياكة حمكمة يف أواخر القرن األول اهلجري أو أوائل الثاين، على يد قوم من

مث مل يكد ينتهي القرن الثاين . ناع الكالم نشأوا معظم حيام يف البيئة العراقيةص

.٣٨١فصول يف فقه العربية، ص )١(دالتواب، مكتبة اخلاجني، رمضان عب: ، أخرجه وصححه وعلق عليه، د برجستراسرالتطور النحوي، )٢(

.١١٦هـ، ص١٤١٤، ٢القاهرة، ط .٣٥-٣٤ينظر العربية دراسات يف اللغة واللهجات واألساليب، ص )٣(وقد أخذت هذه القضية صخبا واسعا؛ إذا تصدى هلا كثري بالرد واملناقشة والنقض يف كتب وحبوث )٤(

صبحي : و د. ٣٩٥-٣٦٩بية، ص رمضان عبدالتواب يف فصول يف فقه العر: من مثل د ودراساتإبرهيم السامرائي يف فقه اللغة املقارن ، : ، ود١٤٠-١١٧الصاحل يف درسات يف فقه اللغة، ص

دفاع (يف كتاب حممد حسن جبل: دو. ١٦٥-١٦١ودك علي وايف يف فقه اللغة، ص. ١٢٥-١١٧ص وغريهم، )العربية عن القرآن أصالة اإلعراب وداللته على املعاين يف القرآن الكرمي واللغة

142

اهلجري حىت أصبح اإلعراب حصنا منيعا، امتنع حىت على الكتاب واخلطباء والشعراء )١("من فصحاء العربية، وشق اقتحامه إال على قوم سموا فيما بعد النحاة

سة، وله قواعد مبثوثة، وأصول مفصلة كل ومع أن اإلعراب أصبح حقيقة ملموملك على الناس شعورهم، وعدوه مظهر ثقافتهم "التفصيل يف كتب النحويني إال أنه

ليس يف حقيقته إال " إبراهيم أنيس أن اإلعراب يرى ومع ذلك؛ )٢("ومهارم الكالمية )٣(".ناحية متواضعة من نواحي اللغة

لحن، اليت كانت سببا لنشوء النحو على أشهر ويشكك إبراهيم أنيس يف ظاهرة الالروايات، وأا ظاهرة من صنع النحاة؛ إذ لو ثبتت روايات اللحن وسلمنا بصحتها، كما يرى أنيس، مل تكن ظاهرة اإلعراب ظاهرة سليقية يف هلجام ولغة ختاطبهم؛ ألن

تلك اللغة، دون صاحب اللغة اليت يتكلمها بالسليقة يستحيل عليه اخلطأ يف ظواهر"كان ينطق بلغة خاصة، " ، إال أن اخلطأ سيظهر يف كالمه إن )٤(" أن يدرك أنه أخطأ

.)٥("يتمسك فيها بقواعد وأصول ال تراعى يف حياته العادية حني ينطق على سجيتهايب املعقد، أنه ومما جعل إبراهيم أنيس ينكر ،يف رأيه، على النحاة هذا النظام اإلعر

كيف نتصور أن هلجات :" ، يف اللهجات احملكية املعاصرة حيث يقولله أثراال جيد أقول كيف نتصور أن ظاهرة اإلعراب ال تترك يف ... الكالم يف كل البيئات العربية

كل هذه البيئات أثرا، وال ختلف فيها ما يوحي بأن اإلعراب كان شائعا على ألسنة .)٦("ىلالناس يف العصور اإلسالمية األو

أتى التاريخ على كثري من األلسنة اإلعرابية فحوهلا عن طريق االنسالخ الذايت "

.١٩٨من أسرار اللغة، ص )١(ينظر مبحث . وأصبح استخدام تلك القواعد بعد عصور االحتجاج يف األمور اجلدية من القول. نفسه )٢(

.احلديث عن اللغة املنطوقة اللغة املكتوبة .١٩٨من أسرار اللغة ، ص )٣( .٢٠٣من أسرار اللغة، ص )٤( .٧٦ص يف اللهجات العربية، )٥(اللغة األدبية اليت نزل ا القرآن "على أنه جعل اإلعراب من صفات . ٢١٦-٢١٥من أسرار اللغة، ص )٦(

.٧٥ينظر يف اللهجات العربية، ص " الكرمي ونظم ا الشعر

143

ألسنة غري معربة، وكذا يرى إبراهيم أنيس يف هلجات العربية القدمية أا تفتقد )١("إىلإىل اإلعراب، وهذا ناشئ من كونه يرى أن اللهجات العربية احلديثة امتداد للهجات

قدمية، ومن ثم فافتقادها اإلعراب جيعلها تنضم إىل ما أمساها عبدالسالم العربية المن ( ، ومن هنا أرى أن إبراهيم أنيس مسى كتابه بـ)٢()اللغات التحليلية( املسدي

البحث يف خصوصية اللسان الواحد هو بالضرورة حبث " إميانا منه بأن ) أسرار اللغة، بناء على أن أصحاب علم اللغة احلديث يسعون إىل )٣(."يف الظواهر اللسانية عامة؟

.وضع نحو كلي تشترك فيه اللغات اإلنسانية مجعاءإن انتفاء اإلعراب من العامية واللهجات احملكية أمر ال يؤيده الواقع اللغوي؛ إذ

أنه قد بقي يف اللهجات العامية احلاضرة كثري من آثار اإلعراب " كما يذكر وايف أبوك، وأخوك، (مثال يف عامية املصريني وغريهم : اصة اإلعراب باحلروف فيقالوخ

، )إخل..الطيبني، املؤمنني(وينطبق جبمع املذكر السامل مع الياء والنون ) وال أبك وأخكويف معظم هلجات العراق وجند واحلجاز يف العصر احلديث ينطق باألفعال اخلمسة

وروى بعض الباحثني أن آثار ..) شني، متشونميشون مت(مثبتة فيها نون اإلعراب اإلعراب باحلركات ال تزال باقية يف هلجات بعض القبائل احلجازية يف العصر

)٤("احلاضراحلركة ،كما هو واقع، عبء ال تطيقه املنطوقة؛ لذا كان الوقف مسة بارزة فيها،

رك اإلعراب مسة ومن أجل ذا جعل إبراهيم أنيس الوقف مفتاح السر؛ حيث يرى أن تمنسجم مع ما يراه يف اللهجات "من مسات العربية وهلجاا القدمية، وأن هذا الرأي

؛ وألجل ذا فقد رأى يف )٥("العربية احلديثة اليت ليست إال تطورا للهجات القدمية، مث يفصل القول يف ظاهرة الوقف يف العربية )٦(الوقف مفتاح السر لقصة اإلعراب

٦٣العربية واإلعراب، ص )١( .٤٨ينظر السابق ، ص )٢( .١٠٤السابق، ص )٣( .١٦٢فقه اللغة، ص )٤( .٢١٩سرار اللغة، ص من أ )٥( .٢٣٦-٢٢٠ينظر السابق ، ص )٦(

144

مل تكن أمرا عابرا أو عارضا ...الوقف بالسكون" ستقر رأيه أن ظاهرة وهلجاا؛ ليميثل ناحية متواضعة من نواحي اللغة، بل كانت صفة من الصفات اليت انتظمت معظم القبائل العربية وجرت على ألسنتهم مجيعا، ومل تكن تقل أمهية أو فصاحة عن ظاهرة

مل تكن أقل شيوعا ودورانا يف أفواه الناس حتريك أواخر الكلمات يف حالة الوصل، بلولعل ظاهرة الوقف كما يشري إىل ذلك فندريس من املظاهر اليت )١("من ظاهرة الوصل

.)٢(تؤدي إىل اختزال طول الكلمات وهدم اإلعرابويف احتفائه بظاهرة الوقف، استند عليها أيضا يف أن احلركات اإلعرابية ليست

أما الذي حيدد معاين الفاعلية " ل إن أصل الكلمة هو سكون آخرهادالة على معان، بأوهلما نظام : أواملفعولية وحنو ذلك مما عرض له أصحاب اإلعراب فمرجعه أمران

اجلملة العربية واملوضع اخلاص لكل من هذه املعاين اللغوية يف اجلملة، وثانيهما ما .)٣("حييط بالكالم من ظروف ومالبسات

لك بالوقف بالسكون على أن احلركات يف أواخر الكلم إمنا هي ويستدل كذأوحني يدعو إىل نظام )٤(لوصل الكالم للتخلص من التقاء الساكنني عند وصل الكالم

)٥(.املقاطعوحىت ال تقع هذه الدعوة يف مزالق بين أنيس رأيه يف اإلعراب باحلروف، وذلك

ومجع املذكر السامل صيغتني، ولكل من األفعال ملا رأوا أن للمثىن صيغتني، " أن النحاة )٦(".اخلمسة صيغتني، اختذوا إحدى الصيغتني للرفع واألخرى لغري الرفع

ويتفق فؤاد ترزي اتفاقا شبه كلي مع أنيس يف أن احلركات ليست دالة على يف األصل لغرض لفظي هو تيسري ارتباط األلفاظ بعضها ببعض، "معىن، وإمنا جيء ا

لكنها استغلت من النحاة فيما بعد ألغراض معنوية يف حماولة منهم لتقرير حركة و

.٢٣٦السابق، ص )١( .٤٢٣ينظر اللغة، ص )٢( .٢٤٢من أسرار اللغة، ص )٣( .٢٤٨ينظر السابق، ص )٤( .٢٦٨ينظر السابق، ص )٥( .٢٧٠السابق، ص )٦(

145

واحدة للوضع الواحد، ما أمكن ذلك، لضبط قراءة القرآن الكرمي وحتديدها بصورة )١("رئيسةوينقل حممد الغامدي أن داوود عبده وافق أنيس وترزي يف أن احلركات ليست

ها الختالفات هلجية، وليست باختالف مواقع دالة على معان؛ غري أن وجود )٢(.الكالم

وإذا كانت العالمة اإلعرابية دالة على املعىن كما يقول كثري من النحويني، فإن إن العالمة اإلعرابية مبفردها ال : ترديد القول" ،كما يقول، من متام حسان ال ميل

.قرائنبدون ما يسميه بتضافر ال )٣("تعني على حتديد املعىنمهمة القرينة هي اإلبانة، دون إلباس، عما يريده املتكلم من كالم، وأن توصل املعىن إىل املتلقي وأن يدركه متام اإلدراك، ومىت مازالت الفائدة، أو ألبست صار

تنظر إىل " الكالم ركاما من األلفاظ؛ لذا أشار متام حسان إىل أن كل لغة يف الوجودباره غاية ال ميكن التفريط فيها ألن اللغة امللبسة ال تصلح واسطة للفهم أمن اللبس باعت

)٤("واإلفهامعلى فكرة التعليق أو العالقات )٥(انطلق متام حسان يف نظرية تضافر القرائن

ومن أجل . السياقية من النظرية السياقية، من أجل تبيان املعاين الوظيفية للمبىن الواحد )٦("ذلك حيتاج إىل قرائن معنوية وأخرى لفظية" املعىن فإن القفز من املبىن إىل

.١٨٧ص ت،د ط، د فؤاد حنا ترزي، دار الكتب ، بريوت،: يف أصول اللغة والنحو، د )١(ينظر العالقة بني املعىن واإلعراب يف الدرس النحوي، حممد سعيد الغامدي، نشر جملة جامعة الطائف )٢(

.اآلداب والتربية .٢٠٧اللغة العربية معناها ومبناها، ص )٣( .٢٣٣السابق، ص )٤(العالمة اإلعرابية يف (تابيف ك حممد محاسة عبداللطيف: تابعه يف هذه النظرية باحثون آخرون ، منهم د )٥(

حممد صالح : و د..) املعىن وظالل املعىن(حممد حممد يونس يف كتاب : و د اجلملة بني القدمي واحلديث )نظرة يف قرينة اإلعراب يف الدراسات النحوية القدمية واحلديثة( الدين بكر يف دراسة

.١٩١اللغة العربية معناها ومبناها ، ص )٦(

146

)١(.اإلسناد، التخصيص، النسبة، التبعية، املخالفة: القرائن املعنوية هيالعالمة اإلعرابية، الرتبة، الصيغة، املطابقة، الربط، : أما القرائن اللفظية فهي

.التضام، األداة، النغمةلغى دور العالمة اإلعرابية يف الكشف عن املعىن ويتبني من ذلك أن متام حسان أ

أكثر من نوع " الوظيفي، ومنحه لنظرية القرائن؛ إذ إن العالمات اإلعرابية ليستواحد من أنواع القرائن بل هي قرينة يستعصى التمييز بني األبواب بواسطتها، حني

اإلعرابية يف كل واحدة من يكون اإلعراب تقديريا أو حمليا أو باحلذف ألن العالمة .)٢("هذه احلاالت ليست ظاهرة فيستفاد منها يف معىن الباب

هذه النظرية اليت أتى ا متام حسان، وتلقفها آخرون، من أجل إعادة وصف اللغة العربية، فمع أا تكلمت مبا ختتص به الفصحى، إال أن نظرية تضافر القرائن

لى اللهجات احملكية املعاصرة، خاصة إن كان دور للمتأمل جيدها ترتاح وتنطبق ع . العالمة اإلعرابية دورا ليس بذي شأن إن أمن اللبس

من حقول داللية ميكن أن تكون بينهما عالقات حنوية "فاملتكلم خيتار الكلمات يف سياقها بأن تستعمل الكلمة يف حقيقتها اللغوية، أي تستعمل فيما وضعت له يف

مث تظهر عنايته بالربط بني الفكرة وداللة الكلمة، وفق )٣("ة اللغوية املعينةاصطالح البيئمعطيات األداء اللغوي احلي، اليت ال خترج عن تلك القرائن املعنوية واللفظية، إال أن فقد العالمة اإلعرابية يف غالب اللهجات احملكية، واجلنوح إىل السكون يكسوها ميزة؛

هذا "لفصحى هي العالمة اإلعرابية، ويذكر أمحد كشك أن كما أن من امليزات لا عن طريق خوف اخللط بني مواقع العالمات؛ ألن الفقد مل يأتا غامضهناك إحساس

يد بعث اخليبء لظهر دون أدىن قدر من رببقاء هذه احلركات خبيئة مستبطنة، لو أم الفاعل املستحق لإلسناد احترازا قداللهجات املعاصرة ت لذا فإن؛ )٤("العسر والصعوبة

.٢٠٤-١٩١، ص السابق ينظر )١( .٢٠٥السابق، ص )٢( .٩٧الداليل، ص -النحو والداللة مدخل لدراسة املعىن النحوي )٣( .١٨٠اللغة والكالم أحباث يف التداخل والتقريب، ص )٤(

147

معىن وظيفي آخر يف موقعه، فاللجوء إىل التقدمي والتأخري من أن خيالطه املفعول أو أييف املعىن الوظيفي حينما تكون داللة املعىن اللغوي لأللفاظ دافعة للبس بني املعاين

يف لفظه؛ لذا تأيت يبقى كامنا هفإن األلفاظ عاينإن اتسعت م النحوية األخر، إاللتفك مغاليقها، ودي املتلقي مبعانيها الوظيفية إىل املعىن اإلضايف العالمات اإلعرابية

التقدمي والتأخري، وإىل لكن جنوح اللهجات املعاصرة إىل ،)١(الذي يقصده املتكلمالسكون يف غالب أمرها، إمنا هو حتقيق ملطلب الوفرة يف اهود اللغوي، وكانت

.لغلبة هلما يف املوقع والوظيفةا

والنطقتمثيل الكالم بين الرسم

أتى على اإلنسان حني من الدهر يدرج كالمه يف اهلواء، إن علق شيء منه يف الذهن، وإال فالذاهب منه كثري، على أن ما ينطق به أقل مما ميور يف وجدانه وفكره من

.مشاعر وأفكار وصورة السمعية اليت علقت يف الذهن عرب أفواه الرواة إىل أجيال مث تنطلق تلك الصور

باللغة من اجلماعة اللغوية املستمعنياملتحققة على ألسنة "متالحقة يف صورا تكاد تكون يف طي من النسيان حينما تعتورها تلك الصورة ؛ غري أن تلك )٢("الواحدة

العلوم اإلسالمية "بع ضمن حبوث مؤمتر ط لألستاذ الدكتور، سليمان بن إبراهيم العايد، معاين النحو ينظر )١(

يف جامعة املنيا يف الفترة " وقضايا اإلعجاز يف القرآن والسنة بني التراث واملعاصرة والعربيةالربيعان ١٠و٩شر يف جملة العرب العددين جهـ ون١٧/٢/١٤٢٨ـ١٥م املوافق٢٠٠٧مارس٦ـ٤

هـ٤٢/١٤٢٨اجلماديان من سنة ١٢و١١وج ، النادي األديب الثقايف، جدة،لة عالماتحممد ربيع الغامدي، جم: إىل الكتابة، د قرحلة العالمة من النط )٢(

٢٥٠م، ص ٢٠٠١يونيو -هـ١٤٢٢، ربيع اآلخر ١٠، م٤٠ج

148

ف األلسنة واألهواء؛ وألن ما قد اآلفة، أو يصيبها التبديل والتحريف والتغيري باختالاإلمكانات : مها"يصيب تلك الصورة السمعية من تبديل وتغيري إمنا سببه عامالن

الصوتية، وعادات النطق عند املتكلم، مث مدى حساسية أذن السامع يف مساعها . )١("األصوات

ره وعندئذ ما يلبث اإلنسان إال إرادة تسجيل منطوقه؛ ليصطحبه معه يف حاض م أو اكتشف أو اخترع الكتابة، ولتصبح الكتابة بعدئذأمهية ذات "ومستقبله، فأهل

أكرب و، )٢("يف نقل املعاين من مكان إىل مكان عرب السنني جنس البشريضخمة لل )٣(.وسيلة أثرت يف حياة اإلنسان، ويف تطوره احلضاري

طوق، ورمزي بصري ميثل املن رمز لغوي مسموع: و عندئذ يصبح للغة رمزان "مرئي بالعني ميثل املكتوب، وكل من الرمزين نال اهتماما، فالكلمة املنطوقة تفرض

آناء الليل وأطراف النهار، سواء يف أمساعنافالكلمة املنطوقة تفرض نفسها على املسموعة اإلذاعة، أو عن طريق يف قاعات الدرسالشارع ، أو يف البيت ، أو يف

يف الكتب والصحف ، ذهبناأينما ناأعينعلى الكلمة املكتوبة حتل لككذواملرئية، الت، ويف الشارع على شكل الفتات٤("وإعالنات وا(

لألصوات عبارة عن رموز مرئية"ويبسط حلمي خليل تعريف الكتابة بأا املسموعة بينما الكلم املنطوق هو موجات صوتية مسموعة متعارف عليها بني أبناء

. )٥("تمع لغوي واحدجم

الكتابة مبراحل تتلخص فيما يلي تومر:- وهي أقدم طرق التعبري البصري عن الكالم املسموع، : "الكتابة التصويرية) أ (

.٣٤ م، ص٢٠٠٧، ١علي أبو املكارم، دار غريب، القاهرة، ط: ، دأصول التفكري النحوي) ١( .٦٠أسس علم اللغة، ص )٢()٣ (٧٥ ، صدراسة لغوية معجمية الكلمة نظري. .١٥السابق، ص )٤(وينظر اللسان . ١٠٩ والوصفية، ص اللغة بني املعيارية نظريو .٧٥ ، صدراسة لغوية معجمية الكلمة )٥(

.١٢٧واإلنسان، ص

149

؛ لكن ال توجد )١("وفيها يكتفي الكاتب برسم مدلول الكلمات الواحدة تلو األخرى .)٢(ري مباشرة إىل الصورة الذهنيةبني األصوات املنطوقة ودليلها اخلطي؛ ألنه يش رابطةإذ فيها . وهي خطوة متقدمة يف احلضارة بالنسبة لسابقتها: "الكتابة املقطعية) ب(

اكتشف اإلنسان أن األلفاظ اليت ينطقها تتكون من مقاطع، هي وحدات صوتية .)٣("صغرية تسيطر عليها حركة واحدة

متثل الرموز املكتوبة فيه أصوات اللغة هي نظام من الكتابة: الكتابة األجبدية ) ج(، إىل لعربية، بعد أن استقرت يف نظامها، وتتشعب الكتابة األجبدية يف ا)٤(املنطوقة

-:شعب أربعما كتبت به الصحابة املصاحف، وأكثره هو "و: املصحف) رسم ( خط -١

بت على هيئة تلف يف أشياء قد كموافق لقواعد الرسم القياسي أو اإلمالئي، إال أنه خا .)٥("خمصوصة

كتابة الشعر كما يلفظ وهذا يستلزم، ما ينطق " وهي : الكتابة العروضية -٢وكل مد ... وماال ينطق ال يكتب ولو كان مكتوبا... يكتب ولو مل يكن مكتوبا،

ر يثبت وإذا اجتمع ساكنان فأكث...يفك إىل حرفني أوهلما متحرك وثانيهما ساكن، .)٦("ساكن واحد

عبارة عن جمموعة اصطالحية من الرموز الكتابية " وهي : الكتابة الصوتية -٣تكون نظاما صاحلا لتسجيل أصوات لغة من اللغات تسجيال دقيقا، ويسمى تسجيل

.١٢٧اللسان واإلنسان، ص )١( .٢٧ص . ٣٩١و اللغة ، ص . ٦٠ينظر أسس علم اللغة، ص )٢( .٢٨وينظر علم الكتابة العربية، ص .١٢٧اللسان واإلنسان، ص )٣()٤( نظر علم الكتابة العربية، ص . ١٢٨واللسان واإلنسان، ص .٦٠ ، صأسس علم اللغة: نظري٢٩وي. ، ١عبدالكرمي إبراهيم عوض صاحل، دار الصحابة للتراث، طنطا، ط : املتحف يف رسم املصحف، د )٥(

رسم املصحف ( ه بعنوان ، وقد أعد الدكتور غامن قدوري احلمد رسالته للدكتورا. ٨هـ، ص١٤٢٧، وطبعها بعدئذ يف دار عمار، عمان األردن، وصدر منه طبعتان ، األوىل يف عام )دراسة لغوية تارخيية

.هـ ١٤٣٠هـ، و الثانية يف عام ١٤٠٢ ١٥٤، ص١٩٨٢، ١ينظر معجم علم العروض، حممد أسرب حممد أبو علي، دار العودة بريوت، ط )٦(

150

)١("الكالم ذه الرموز كتابة صوتيةف والكلمات رمسا الكتابة ذات الرسم اإلمالئي القياسي، وهي رسم احلرو -٤

ا وفق الضوابط املتعارف عليها يف الكتابة اإلمالئية العربية، وإن حدث أيصحيحخلل يف ذلك الرسم تعذرت قراءة الكلمات وفهم مدلوالا، وهي الوريث احلقيقي للكتابة األجبدية؛ إذ إن مجيع الشعب اليت تشعبت عن الكتابة إمنا هي خاصة ملا

.استخدمت لهال مسوغ لوجود الكتابة إال متثيل اللغة املنطوقة؛ إذ هي ال تزيد يف وظيفتها "إذن

على نقل اللغة من بعدها الزمين إىل البعد املكاين، بتحويلها من ظاهرة مسعية صوتية إىل تصاب بالقصور " ؛ لكنها ال تستطيع أن متثل اللغة متثيال صادقا، إذ )٢("ظاهرة بصريةزمن وبسرعة ختتلف باختالف اللغات، إذ إن السبب األساسي ألزمات على مرور ال

، وعلى الرغم من ذلك إال )٣("الرسم ينحصر يف استحالة مسايرة الرسم حلركة اللغةوعلى أداء شكلها )٤(أن أهم ميزة من ميزاا أا تعمل على احملافظة وعلى تثبيت اللغة

.)٥(املثايلانتظامها واستقرارها مل تساير حركة اللغات يف وألجل أن الكتابة العربية ب عد

النمو والتطور بل ظلت على ما كانت عليها منذ أمد؛ مل يرق ذلك ألصحاب الفكر الدارويين، وأصحاب الدعوة إىل العامية، مما حدا بأنيس فرحية أن يشبه الكتابة العربية

س، ال يشكو من الرسم رغم أنه ال يوجد شعب ،كما يقول فندري )٦(باهليكل العظميإن قليال وإن كثريا غري أن ما تعانيه الفرنسية واإلجنليزية من جرائه قد يفوق " الكتايب

.١١٣لقارئ العريب، ص علم اللغة مقدمة ل )١(فوزي الشايب، جملة جامعة الشارقة للعلوم الشرعية : اللغوية ، د مأثر اللغة املكتوبة يف تقرير األحكا )٢(

. ١٢٠م، ص ٢٠٠٥هـ، أكتوبر ١٤٢٦، شعبان ٣، ع٢واإلنسانية، مج .٤٠٧اللغة، ص )٣( .٤٤٦ينظر علم اللسان، أنطوان ماييه، ص )٤( .١٥الصويت للبنية العربية، صينظر املنهج )٥(اد املوسى، دار الشروق، : ينظر الثنائيات يف قضايا اللغة العربية من عصر النهضة إىل عصر العوملة، د )٦(

.١٨٧م، ص ٢٠٠٣، ١عمان األردن، ط

151

)١("حىت إن بعضهم يعد مصيبة الرسم عندنا مصيبة وطنية. ما يف غريمها

وعلى الرغم من أن الكتابة حافظت على العربية على مدى قرون خلت، إال أن وذوي النوايا املشبوهة أخذوا على الكتابة العربية عدة مآخذ، بغية حملدثنياللغويني ا

فصل علي عبدالواحد وايف تلك املآخذ الثالثة يف كتابه فقه . االنتصار ملا يرومون إليه -:)٢(اللغة، ونذكرها هنا إمجاال

عارية أن الكلمات تدون غالبا حبسب هذا الرسم يف الكتابة والطبع" هو: األول

الفتحة والكسرة ( عن حركات حروفها أي جمردة من اإلشارة إىل أصوات املد القصرية )٣("اليت تلحق األصوات املقطعية يف الكلمة) والضمة

فله : خمتلفة االرسم العريب صور حبسب هذا أن للحرف الواحد" وهو: الثاينيف أول إذا كان رة بغريه، وله صو ا، وأخرى إذا كان متصالصورة إذا كان مفرد

.)٤("يف آخرها إذا كانيف وسطها، وثالثة وأخرى إذا كانالكلمة،

أن رموز هذا الرسم تنقسم إىل طوائف تشتمل كل طائفة منها " وهو : الثالثعلى حروف متحدة يف صورا، وال ميتاز بعضها عن بعض إال باإلعجام واإلمهال أو

.)٥()"إخل... ، ر ز ب ت ث ن، ج ح، خ د ذ( بعدد النقط وألجل هذه األسباب خرجت عدة آراء ،خمتلفة التوجهات، لتيسري الكتابة يف اللغة العربية، وإصالح نظمها، حبيث تكون قادرة على تصوير املنطوق أكرب طاقة

.٤٠٥اللغة، ص )١( . ٢٠٤-١٩٥ينظر فقه اللغة، ص )٢( .١٩٥السابق، ص )٣( .١٩٧السابق، ص )٤( .١٩٧ص نفسه )٥(

152

)١(ممكنة، وجعلتها نفوسة زكريا )٢(وقد جعل حممود تيمور تلك اآلراء يف منحنيات ستة

اقتراح عبد العزيز فهمي، واقتراح لطفي السيد، واقتراح علي : اتيف أربعة اقتراح . )٣(اجلارم، واقتراح حممود تيمور

يبعث اماألول منه: لكن تلك االقتراحات ال خترج عن كوا تندرج يف أصلنيويرمي أصحاب إصالحات شكلية ال متس جوهر اللغة وال صورة الرسم احلاضر "

لكن )٤("ري جوهري يف اللغة نفسها أو يف صورة رمسهاتغيالقسم الثاين إىل إدخال ، اقتراح عبدالعزيز فهمي: بحث ومهاالذي يهمنا منها رأيان اثنان هلما صلة مبوضوع ال

واقتراح لطفي السيد، وكالمها يدور يف إطار الدعوة إىل العامية، وتعميمها كتابة قواعد اللغة العربية العامية ( كتابه يف" وهلم سبيتا"وتعلما، متبعني آثار ملهمهم األول

)٥().يف مصر

قدم الدكتور خليل حممود عساكر طريقة لكتابة نصوص اللهجات العريب احلديثة حبروف عربية، وقد )١(

٢٢عرض يف جممع اللغة العريب يف القاهرة، وقد عرض يف الدورة السادسة عشرة، اجللسة احلادية عشرة ذه الطريقة، اطراح طريقة ومضمون ه. ١٩٢-١٨١، ونشر يف جملة امع اجلزء الثامن، ص١٩٥٠يناير

املستشرقني يف كتابة نصوص اللهجات العربية احلديثة وذلك بتصوير األصوات حبروف عربية وختصيص كل صوت برمز يف الكتابة يدل عليه وكذلك إجياد رموز للحركات، ومل تكن هذه الطريقة كما يذكر

دم، وهي كذلك جزء من مشروع عام خليل عساكر بل هي امتداد ملا عليه الكتابة العربية منذ القإلصالح الكتابة العربية على حنو ما حيفظ هلا شكلها احلايل الذي يعد من مظاهر العبقرية العربية، وأثرا ممتازا من آثار الفنون اإلسالمية، على أن هذه الطريقة مل توضع للعامة ليكتبوا ا هلجام، وإمنا تستخدم

ينظر اللهجات العربية ، حبوث ودراسات . البحث والدراسة العلمية هلالكتابة نصوص اللهجات أثناء .١٩٢-١٨١و جملة امع اجلزء الثامن، ص. ٩٤-٧٢، ص ١ج،

. ٥٥ -٥٠ينظر مشكالت اللغة العربية، ص )٢(، ١نفوسة زكريا سعيد، دار نشر الثقافة، اإلسكندرية، ط : ينظر تاريخ الدعوة إىل العامية يف مصر، د )٣(

.٢٢٣-٢٠٧هـ، ص ١٣٨٣ .١٩٨السابق، ص )٤( .٢٠٧ينظر ، تاريخ الدعوة إىل العامية يف مصر، ص )٥(

153

، )١(إىل استبدال احلروف الالتينية باحلروف العربية" يدعو عبدالعزيز فهمي بكتابة بعض النصوص العامية املصرية حبروف له وتزيني هلذا العمل وإغراء به وجتسيد

بية خالية من حروف واملسوغ هلذا االستبدال كامن يف أن الكتابة العر. التينية )٢(."للحركات، ويف أا عقيمة معقدة ال تساعد القارئ على الفهم والنطق السليم

بعيدا عن أن استخدام احلروف الالتينية يف الكتابة العربية وسيلة للتقريب بني األمم؛ إذ إا ،كما يزعمون، أصبحت هي احلروف اليت تكتب به غالب األمم

وتقليدا للتجربة التركية كذلك؛ إال أن متثيل املكتوب للمنطوق املتحضرة علومها، ومطابقته هو األساس الذي بىن عليه فهمي ومن اتبعه وتابعه بعدئذ استخدام احلروف

" الالتينية يف الكتابة العربية، وهذا ال يؤيده الواقع يف اللغات األخرى، إذ يف اإلجنليزية مات اإلجنليزية قراءة صحيحة مبجرد النظر إىل حروفها، ال يستطاع قراءة معظم الكل

بل ال بد يف ذلك أن يكون القارئ قد عرف نطق الكلمة من قبل عن طريق مساعها من إجنليزي، كما أنه ال يستطيع كتابتها كتابة صحيحة مبجرد مساعها بل البد يف

.)٣("ذلك أن يكون قد حفظ حروفها من قبل عن ظهر قلبالرأي لعبدالعزيز فهمي بالتأييد والقبول إال من فئة ناصرت هذه مل حيظ هذا

الدعوة من مثل سالمة موسى وأنيس فرحية ولويس عوض، وتلقتها بالقبول، وعملت على نشرها وإذاعتها، إال أن كثريا من أهل العلم توىل الرد العتبارات عدة ذكرا

وقد شاع يف العصر احلاضر استخدام هذا النمط من الكتابة يف أوساط الشباب، وخاصة يف شبكات )١(

لغة العربية أن يقيم التواصل االجتماعي؛ مما حدا مبركز امللك عبداهللا بن عبدالعزيز الدويل خلدمة ال) ماريوت كورت يارد(م، يف فندق ٢٠١٣/ديسمرب/١٠هـ، املوافق ١٤٣٥/صفر/٧صباح يوم الثالثاء (

لغة الشباب العريب يف وسائل التواصل : " أوىل ضمن برنامج متكامل بعنوان غرب الرياض، حلقة نقاشيةومها العاملي ت االحتفاء باللغة العربية يف يوذلك ضمن فعاليا" اللغة اهلجني، العربيزي، الفرانكو : احلديثة .هـ١٤٣٦مث أصدرها املركز بعدئذ يف كتاب عام . م١٨/١٢/٢٠١٣القادم

وينظر، تاريخ . ٥٠وينظر مشكالت اللغة العربية، ص . ٥٢قضايا اللغة العربية يف العصر احلديث، ص )٢( .٢٢٠-٢٠٨الدعوة إىل العامية يف مصر، ص

.١٩٨ص فقه اللغة، )٣(

154

هي األساس يف هذا لكتابة للنطقا طابقةإال إن كانت م )١(نفوسه زكريا وغريها،قضية باطلة علميا فإنه عبث من العبث أن نسعى إليها ونصرف " االقتراح فتلك

بل إن العبث يصبح جهال حني نعتقد أن . الوقت واجلهد يف أمر ليس له أساس علميافلني عن استبدال احلروف الالتينية حبروفنا العربية يعيننا على املطابقة اليت نرنو إليها، غ

بأن حال تلك اللغات اليت تكتب حبروف التينية ال ختتلف عن حال اللغة العربية يف شيء وإن قيل إن الكتابة العربية أقل شذوذا يف هذا احلقل من الكتابة يف كثري من

)٢(."اللغاتل هذه خللداللة باحلروف عن احلركات على أن تد"ويدعو أمحد لطفي السيد

وتثبت التنوين ورمسه ) ضارابا( هكذا ) ضرب ( فتكتب . الكلمةاحلروف يف بنية ساعدين ( بالنصب و) ساعدان ( بالرفع و) ساعدون ( هكذا ) سعد(ب تبالكتابة فتك

موحاممادان ( يف الرفع و) موحاممادون ( هكذا ) حممد ( باجلر وتفك اإلدغام فتكب ) كما ذكرت )٤(ا االقتراح تأييدا، ومل جيد هذ)٣("يف اجلر) موحاممادين(يف النصب و)

نفوسه زكريا ومسر روحي الفيصل، على الرغم من أن الفيصل ذكر أن أساس هذا ، إال أن حممود )٥(سليم من الناحية العلمية حلل مشكلة احلركات والتنوين حاالقترا

واألخرى اء، أوالمها فنية،دتقوم يف وجهه عقبتان كلتامها كأ"تيمود بين أن هذا الرأي وإن كانت الفنية قد يتغلب عليها بفضل تطور التقنية، لكن عصر )٦("اقتصادية

.السرعة، واالقتصاد يف اجلهد يرفض هذا

.٢٢٠-٢٠٨ينظر تاريخ الدعوة إىل العامية يف مصر، ص )١( .٥٧قضايا اللغة العربية يف العصر احلديث، ص )٢( .٢٢٠تاريخ الدعوة إىل العامية يف مصر، ص )٣(والدراسات احلديثة تقرر استقالل كل من الصامت :"وقد يؤيد هذا الرأي عبدالصبور شاهني يف قوله )٤(

وعلى ذلك فالبد ،خر ، على حنو من التجريد الكاملث ميكن أداء أحدمها مستقال عن اآلواحلركة حبياملنهج الصويت " من احترام وجود احلركة يف أي نظام للكتابة، يراد به تصوير احلقيقة العلمية كما هي

.٣٥للبنية العربية، ص .٥٩ينظر قضايا اللغة العربية يف العصر احلديث، ص )٥( .٥٣ر مشكالت اللغة العربية، ص ينظ )٦(

155

من املسلم به وجوب اختاذ قرار يف إصالح عيوب الكتابة على حنو حذف ألف وأفضت إىل ، إال أن هذه اإلصالحات ال يسلم ا إن)مئة ( لتصبح بعدئذ ) مائة (

قطع املاضي عن احلاضر، وإن أفضت إىل شيء من ذلك حيق لنا ،حينئذ، أن نشارك ما موقفنا من التراث املكتوب بالعربية؟ أنتركه : "كمال بشر سؤاله اإلنكاري بقوله

على هون أم نقذف به إىل البحر؟ يبدو أال فرق عند اجلاهلني املغامرين الذين ال وإثارة الشكوك حول موروثنا وما يعنيه من احلفاظ على يعنيهم إال رفع الصوت

.)١("هويتنا وشخصيتنا ذات احلدود والرسوم اليت متيزنا من غرينا من األمممث إن سريورة الكتابة العربية طوال هذه القرون السالفة حيدث مع موروثنا توأمة

لكتابة العربية جيعل والريب أن هذا اإللف با" ال ميكن فصلها؛ ملا هلا من إلف وأنس قراءا، يف جل أحواهلا وأوضاعها ورسومها تلقائية، بقطع النظر عن الطريقة اليت نتعلم

ولعل مرجع ذلك على ما يتحصل بالتعليم من جهة . ا القراءة جزئية كانت أم كلية )٢("وما يتبادر إىل اخلاطر األول من هيئات نطق الكلم بالسليقة املكتسبة

؟ بلى، )٣("نظام من العالمات" يعرف اللغة أصحاب علم اللغة احلديث بأامث أملبل إن الكون كله قائم على العالمات، من أجل التفاهم والوصول إىل املعرفة، دون

مليء بالعالمات "خلق اللبس، ونظام الكتابة اإلمالئية العريب ليس بدعا من ذلك فهو التعبري السليم من غري خلط أو لبس أو إلغاز أو تعمية أو اليت حتفظ للكتابة قدرا على

)٤("ما شابه

.٢١٣كمال بشر، دار غريب، القاهرة، د ط، د ت ، ص : اللغة العربية بني الوهم وسوء الفهم، د )١( .٢١٣الثنائيات يف قضايا اللغة العربية من عصر النهضة إىل عصر العوملة ص )٢( .٣١اللغة، ص )٣(سهى فتحي نعجة، عامل الكتب احلديث، إربد األدرن، :حسن مخيس امللخ و د: احملظورات اللغوية د )٤(

.١٥٨م، ص ٢٠١٥، ١ط

156

املقاصد النفعية من دراسة اللهجات وتقعيدها الفصل الثالث

157

تتضح مالمح املقاصد اليت يرنو إليها أصحاب علم اللغة احلديث يف تآليفهم من خالل سياقها، وختضع ألطر معينة يف ذهن املؤلف بغية إفهام القارئ، وتوصيل مبتغاه

القضية، وكل هذه التآليف يف الفكر اللغوي اجلديد ليست إال نتاجا من طرح هذه للمقاصد اليت يتأسس عليها الفكر والعمل

سنحاول يف هذا الفصل طرح بعض ما يبتغيه أصحاب علم اللغة من مقاصد باللغة ، أو كانت واضح بين إن كان ضررها ا هل تقعيدالللهجات و تهمدراس من نفعية

:وذلك الطرح يتضح من خالل. نافعة للهجة واللغة يف آن معا دراستهم اللهجية .التھوین من قداسة اللغة وما یتصل بھ

.اللغة الثالثة إعالء شأن .إثراء المعجم العربي

.توجیھ المنطوق للمكتوب وتفسیره

.وما يتصل به ةالتهوين من قداسة اللغ

عي، وال صورة جمردة يف أذهان الناس، اللغة ليست كائنا منعزال عن الوسط اتموإمنا هي بنية اجتماعية تتفاعل مع الواقع اتمعي جبميع أصنافه ومتغرياته وطبقاته،

لذا رأى اللغوين احملدثون أن حتكمها قيود وعوامل حسب األهداف والوظائف؛ ي يتكلم مقطوعة الصلة باتمع الذ"ظلت حينا من الدهر الدراسات اللغوية القدمية

هذه اللغة، فكان اللغويون وهو يسجلون دراسام أشبه باملشتغلني مبا وراء الطبيعة منهم باملهتمني بالدراسات االجتماعية، ومرجع ذلك تناسيهم أن اللغة وعاء التجارب ودليل النشاط اإلنساين ومظهر السلوك اليومي الذي تقوم به اجلماعة، ويسميه

ذلك بأن نشاط اتمع ممثال يف . ة األنثروبولوجية ثقافةأصحاب الدراسات الشعبيويتكلم أصحاب الدراسات الشعبية عن ثقافة . نشاط أعضائه هو ثقافة هذا اتمع

158

مادية وأخرى غري مادية؛ وتشمل األوىل على األشياء املادية اليت يهتم ا أعضاء إىل ذلك؛ على حني اجلماعة، كاملساكن، واألزياء، والزخارف، واألدوات، وما

يقصد بالثانية النظم االجتماعية، كالدين والقانون، وكل أنواع العادات العرفية وفيها وميكن أن تدرس الثقافة غري املادية ـ ولو سطحيا على األقل ـ مبالحظة ما . اللغة

ظة ولكن الثقافة غري املادية ال ميكن أن تدرس إال مبالح. يتعلق ا من األشياء فحسبوكثريا ما يتعذر فهم األشياء . ما يقوله أعضاء اجلماعة، وما يفعلونه حني يقولون ذلكليست اللغة إذا عنصرا من . املتصلة بالثقافة املادية فهما دقيقا إال إذا عرفنا أمساءها

ومن مث فهي أقرب األدلة . عناصر الثقافة؛ بل إا أساس كل أنواع النشاط الثقايف، وبذا تصبح اللغة من )١("ند استقصاء املالمح اخلاصة ألي جمتمع معاصروأقواها ع

وإن كنا ال حنسها إال أا دليل لفهم تلك األشياء املادية ومدلوالا ) األشياء املادية ( .ومعرفة ثقافة العصر اليت تنتمي إليه، وكل ذلك عرب اللغةدراساته اللغوية على األساليب لقد مر بنا قبل أن علم اللغة احلديث يعتمد يف

أي املنهج العلمي الذي يتمثل يف مالحظة الظواهر السابقة، مث إقامة الفرض " العلمية النظري الذي يفحص بعد ذلك منهجيا عن طريق التجريب وحتقيق الفروض، هذا هو

ل املنهج املعترف به يف علم اللغة ويف العلوم األخرى كما يهتم بشكل عام بوضع أصو، منطلقا من طريق املالحظة والتجربة؛ ألنه )٢("نظرية علمية ومصطلح علمي ثابت

وكوا خاضعة للتجربة واملالحظة فهي )٣("نظام من العالمات" ينظر إىل اللغة أامنظور إليها من :" عنده ظاهرة طبيعية تنمو وتتطور وتساير احلياة، وتبعا لذلك فهي

.)٤("ذاا ولذااجمرد أشياء قابلة للدرس وخاضعة حملك "اللغة للدراسة العلمية جعلها إخضاع

.١٥اللغة بني املعيارية والوصفية، ص )١( .٧٦التعريف بعلم اللغة، ص )٢( .٣١اللغة، ص )٣( .٤٩وينظر علم اللغة مقدمة للقارئ العريب، ص . ٤٤مشكالت فلسفية مشكلة البنية، ص )٤(

159

عند أصحاب علم اللغة احلديث، وليست إال من قبيل الظواهر االجتماعية )١("التجربةوهي نسق من العالمات ال )٢("ينبغي دراستها يف ضوء عالقتها باملتحدثني باللغة"اليت

فراد، وما فيها من تواطؤ واتفاق وتواضع يعرف سوى نظامه املستقل بذاته عن األعالوة على ذلك فالرموز والعالمة اللسانية هي إن صح التعبري ذات صفة حمسوسة "

بتحويلها من "ميكن إدراكها باحلس لتصبح رموزا كتابية تقليدية وذلك )٣("ملموسة .)٤("ظاهرة مسعية صوتية إىل ظاهرة بصرية

سة الوضعية على تأسيس علم اللغة احلديث وتتضح من خالل ذلك سيطرة املدر :املنهجية للوضعيةاألسس "اليت متثلت يف حيث إن منطلقاته هي ذاا

ال املالع نإ: يقول دوركامي .اعتبار احلس وحده مصدرا للمعرفة االجتماعية) أ ( ولن يستطيع أن... ا آخر غري اعتبار احلس نقطة بدء لدراستهيستطيع أن ينهج منهج

هو املادة ذا جعل احلسإاليت تعرب عن املعاين إال ظواأللفايتحرر من األفكار الشائعة .)٥("يمعىن كل األولية اليت البد منها يف نشأة كل

إذ حاول )٦(." اعتبار النموذج الطبيعي سلطة مرجعية للعلوم اإلنسانية) "ب(ى املالحظة والتجربة لتأكيد استخدام مناهج العلوم الطبيعية القائمة عل"الوضعيون

.)٧("وحدة العلم بفرض تطبيق املنهج التجرييب يف كل ااالت، املادية منها واملعنويةاملرام ،كما يذكر واهلدف )٨("إخضاع الظواهر االجتماعية للتجريب) "ج (

.١٢٠م، ص ٢٠٠٥، ٢ة والتطور، أمحد مومن، دار املطبوعات اجلامعية، اجلزائر، ط اللسانيات النشأ )١( .١٠لغات البشر، ص )٢( .٣٠حماضرات يف علم اللسان العام، ص )٣( . ١٢٠اللغوية ، ص مأثر اللغة املكتوبة يف تقرير األحكا )٤(، املعهد العاملي للفكر اإلسالمي ،نحممد حممد أمزيامنهج البحث االجتماعي بني الوضعية واملعيارية، )٥(

وينظر قواعد املنهج يف علم االجتماع، . ٣٩هـ، ص ١٤٢٩، ٤فرجينيا الواليات املتحدة األمريكية، ط .١١٦م، ص ١٩٨٨، ٢حممود قاسم، دار املعرفة اجلامعية، اإلسكندرية، ط: إميل دوركامي، ترمجة د

.٤٠ية، صمنهج البحث االجتماعي بني الوضعية واملعيار )٦( .٤٠السابق، ص )٧( .٤٠السابق، ص )٨(

160

يهدف و )١("حتقيق العلمية يف العلوم اإلنسانية: الرتعة التجريبية واحد"من هذه أمزيان،إىل إقصاء التفكري التجريدات والتأمالت، "يف أساسه األول كما يقول أمزيان

فهي ال تلجأ إىل التجربة ... ويستعيض عن اخليال باملالحظة والتسجيل الدقيق للوقائع .)٢("باعتبارها أداة معرفية بقدر ما دف إىل سد الطريق أمام التفكري الديين

كانت الطبيعة، والظواهر االجتماعية ، فإذا )٣("تماعيةشيئية الظواهر االج) "د ( جزءا من هذا العامل املوضوعي، فإن دراستها باعتبارها أشياء جيب أن ختضع املقاييس نفسها اليت تدرس على أساسها األشياء وفق مبادئ وقوانني هي قوانني طبيعية، وختضع

)٤(.بعدئذ ملعايري البحث العلميس هي املتبعة يف علم اللغة احلديث، فهل تأثر مؤسسه بعلم على أن هذه األس

، إذ إم يرون أخذ املعاين )فرويد ( وعلم النفس التحليلي ) إميل دوركامي(االجتماع املتصلة باألشياء واألفعال من اتمع، بوصفها حقائق حتتاج إىل شرح ووصف كتلك

ت هذه األشياء واألفعال نتاجا اجتماعيا الدراسات املتصلة بالظواهر الطبيعية، وملا كان .وجب أن يكون الشرح على أسس اجتماعية

إبراز دور اتمع يف تكوين " ومما توافق فيه علم اللغة احلديث مع علم االجتماع ؛ )٥("نية ويف تأكيد دور اتمع يف منو اللسان وتطوره عند الفرد واجلماعةاالقيم اإلنس

رة اجتماعية، وكوا ظاهرة اجتماعية أصبحت خاضعة لسلطة لذا عدت اللغة ظاهاتمع، تتماشى معه، وتسايره يف منوه وازدهاره، من أجل أن سلطة اتمع يف نظر

اتمع نفسه، وأن اتمع يتمتع "الوضعيني نابعة من أن اإلله ،كما قرر دوركامي، هو ج أنفسنا ويلزمنا بالتوافق مع مصاحل فهو الذي جيرنا إىل خاربكل خصائص اإللوهية،

نضع أخرى غري مصاحلنا، وهو الذي علمنا كيف نسيطر على شهواتنا وغرائزنا، وأن

.٤٠السابق، ص )١( .٤٢السابق، ص )٢( .٤٢السابق، ص )٣( .٤٣ينظر السابق، ص )٤( .٣٣هـ ص ١٣٩٦، ١حممد حممود غايل، دار الشروق، جدة، ط : أئمة النحاة يف التاريخ، د )٥(

161

القوانني، هو الذي علمنا أن نتضامن، وأن نتمنع وأن نضحي، وأن خنضع غاياتنا ١("ااخلاصة لغايات أكثر مسو(.

احلس، والظواهر املشاهدة، علم اللغة احلديث حينما يدرس اللغة ال يتجاوز وحني يطلق أحكامه يطلقها على أساس هذه الظواهر، واتمع ومعه لغته متطور ال يثبت على حال، فعلى هذا ستكون األحكام جزئية نسبية، ثابتة مؤقتة، وليست حقيقة

ميكن الرجوع ، وليس هناك حقائق مطلقةؤمن باحلقائق املطلقة، الثابتةمطلقة؛ ألنه ال يالذي ؛ ألنه خاضع لسلطة العرف )٢(.ليها لتصويب املصيب، أو ختطئة املخطئإ

ارتضته اجلماعة اللغوية، ومنها مقاييس الصواب اللغوي االجتماعي وليست املعايري )٣(اليت يفرضها النحوي

هذا التالزم بني الوضعيني وأصحاب علم اللغة احلديث أداهم إىل االتفاق يف ؛ ألن الوصول إىل احوهل )٤("فكرة سابقة من كل" للظاهرة القول بتحرر الدارس

مثة فائدة علمية ما من دراسة احلقيقة " املعرفة عن طريق تلك اآلراء السابقة ال يعطي أن ينفذ إىل " ، ولذا بين سوسري أن عامل اللسان ال يستطيع )٥("الراهنة دراسة علمية

، ومن ثم )٦("إذا أعرض عن املاضي وأعدمه وعي األفراد املتكلمني وإىل شعورهم إالفإن االقرار ذا مؤداه إىل فك االرتباط بني القرآن الكرمي ،وهو نص مقدس، واللغة العربية ليصبح نصا قدميا ،زعموا وخابوا، تصعب قراءته، وال يستطيع قراءته حينئذ إال

.من يسميه أصحاب علم اللغة احلديث فقهاء اللغةبسبب نبذ التراث، وخلع القداسة عن القدمي، ودراسة اللهجات احملكية املعاصرة و

. ٥٠منهج البحث االجتماعي بني الوضعية واملعيارية، ص )١(ينظر األخالق عند املدرسة الوضعية أوجست كونت ومدرسته، دراسة نقدية على ضوء اإلسالم، عائشة )٢(

علي روزي، رسالة ماجستري مقدمة يف قسم العقيدة ،كلية الدعوة وأصول الدين، جامعة أم القرى، .١١٩-١١٨، ص ١مج . ٢٣٠٦بركات دويدار، ومسجلة برقم : بإشراف د

.٦٤معيار الصواب اللغوي لالستزادة، ص ينظر مبحث )٣( .٩٧قواعد املنهج يف علم االجتماع، ص )٤( .٧٣السابق، ص )٥( .١٢٣حماضرات يف علم اللسان العام، ص )٦(

162

بكوا لغة تضارع الفصحى؛ ألن أصحاب علم اللغة احلديث ال ميايزون وال يفاضلون بني لغة وأخرى، وبني مستوى وآخر، بل كلها يف الدراسة العلمية سواء، وبسبب

عاصرة، وبسبب ذلك كله انفتح باب التهوين التحمس يف دراسة اللهجات احملكية امل .من قداسة اللغة العربية الفصحى، وأبدى املهتمون به نوايا الشك يف مسلماته وثوابته

اليقني واحلقيقة، عند أصحاب علم اللغة احلديث، هو ما كان الرجوع إليه عن س صادرة عن طريق احل هناك فكرةإن كانت و طريق احلس واملشاهدة والتجربة،

والواقع فهي فكرة صحيحة، وإن مل تكن صادرة عن طريق احلس وليس هلا سند من ومن هنا يشكك إبراهيم )١(الواقع فهي فكرة خاطئة غري مقبولة مهما يكن أمرها،

واالدعاء بأن ظاهرة اللحن الذي يذكر العلماء أا سبب )٢(أنيس يف وجود اإلعراب لنشوء النحو هي من صنع النحاة

ذت نوايا الشك يف التراث العريب زخرفها مع طالئع املتأثرين بالدراسات وقد أخالغربية، ومن أميزهم طه حسني حني أثار ثورة الشك حول الشعر اجلاهلي يف كتابه

، وتبعه يف ثورة الشك لويس عوض حينما شكك يف )يف الشعر اجلاهلي(املوسوم بـالذي أحدث ضجة كبرية يف ) لعربيةيف فقه اللغة ا( أصل العرب ولغتهم يف كتابه

مصر مما أدى إىل منع نشره، وسحب نسخه من املكتبات ملا حيويه من مغالطات .كثرية

ومن أشد ما ختلع به القداسة عن اللغة العربية تلك الدعوة إىل كتابة اللغة العربية لتها ، وال خيفى حينئذ من التآمر على الفصحى، حىت يقطع ص)٣(باحلروف الالتينية

مباضيها املشرف املشرق ونصوص الوحيني، وعزل أهلها عنهما وعن لغتهما مبحوالت أيت ا من العلوم التجريبية؛ غري أن التاريخ واحلاضر منصهران يف العريب ،كما يقول

)٤("واللغة هي الشاهد على هذا االنصهار" املسدي، فأصبحا فيه احلاضر التارخيي

.١٠٦، ص ١، مج ...ينظر األخالق عند املدرسة الوضعية )١( .١٣٥لالستزادة راجع مبحث إلغاء اإلعراب والتعلق بالقرائن ص )٢( . ١٥٢لالستزادة ص متثيل الكالم بني الرسم والنطقيل القارئ الكرمي إىل مبحث حن )٣( .٦٠-٥٩العربية واإلعراب، ص )٤(

163

لدى )١("املسافة بني تاريخ لغوي وحاضر لغوي تكاد تنعدم: "يقول اولكأن قائل .العريب

فإذا كانت لكل هلجة خصوصية وميزة عن اللهجة األخرى، وكلها داخلة وذات عالقة مع العربية الفصحى يف العامل العريب، فإن العربية الفصحى هلا خاصية تعمل على

العاملية، يف حني إن خلغ جلباب متاسك األمة العربية وترابطها، وتزينها بالشمول وقداستها، وأزيلت اهليبة من تراثها العلمي واألديب فإن ذلك سيزيد من فرقتها وكل

.سيدعي، بعدئذ، أنه هو الوريث الشرعي ألجماد العربيةيكتب -على ما نعلمه من التاريخ املوثوق به -فألول مرة يف تاريخ البشرية"

ايل سبعة عشر قرنا حمتفظا مبنظومته الصوتية والصرفية للسان طبيعي أن يعمر حووالنحوية فيطوعها مجيعا ليواكب التطور احلتمي يف الدالالت دون أن يتزعزع النظام

.ألن اللسان العريب حامل تراث، وناقل فكر )٢("الثالثي من داخلهجب على كل ، وكان من الوايحتذى به الغوي مثاالأصبح القرآن الكرمي للعرب

ما بني العربية إذ إنمسلم ميارس دينه معرفة لغة القرآن، ولو ما يقيم ا شعائر دينه؛ جبمع الشواهد ،الباعث على اهتمام علماء اللغة " لذا كان ؛والقرآن موثق بأوثق رباط

وتعليم الطالب ،هو ضبط نصوص القرآن الكرمي ،اا دينيباعث ،وتقعيد اللغة ،اللغويةعلى املزج بني ،وجرت مناهج التعليم منذ أقدم العصور اإلسالمية ،القرآن لغة

اتمعات، ثم يف املدارس املنظمة الكتاتيب واملساجد ويف ،املعارف الدينية واللغوية القدامىا من علماء اللغة وال نرى عامل ،ا رجل دينكان اللغوي غالب مومن ث فيما بعد،

وهذا ما يضفي على اللغة جانبا من (٣) ."اثا أو فقيها أو حمدفسرأو م ،اإال كان مقرئوهذا بال شك ضغط لغوي ثقايف هائل بل لعله أقوى أنواع املراقبة " القداسة واهليبة

.٦٠السابق، ص )١(م، ٢٠٠١، ١عبدالسالم املسدي، دار الكتاب اجلديد املتحدة، بريوت، ط : العرب واالنتحار اللغوي، د )٢(

.٢٥ص . ١٠٨فصول يف فقه العربية، ص )٣(

164

.)١("والضغط املوجهة ألهل اللغةوعلى كل فليست اللغة مقدسة بإطالق، فقد تنال التقديس واهليبة عند املتكلمني

منازل الفضل مبحموالا ؛ فإذا كانت اللغة لسانا لنص "تعلمني هلا وتبلغ ا واملوإذا . مقدس أو مقدم احتملت الفضيلة من هذه اجلهة وهذا بعض شأن العربية، مثال

كانت لسانا إلبداع معريف احتملت الفضيلة من هذه اجلهة أيضا وهذا شأن كثري من ، هذا ما نراه عند املسلمني من غري العرب من إنزال )٢("اللغات يف حقب متعاقبة

)٣(.العربية مرتال رفيعا؛ ألا لسان القرآن الكرمي، ولسان تعبدهم

اللغة الثالثةإعالء شأن

ذلك املستوى اللغوي املنطوق الذي "هو كما يبينه املعتوق،، املقصود باللغة الثالثةوىل من فصحى العصر مبختلف درجاته وروافده يستمد عناصره ومكوناته األساسية األ

الداخلية واخلارجية، وتكيف فيه عناصر أخرى من العامية مبختلف أمناطها ودرجاا اليت لتتكون أو تتطور منها لغة . ال تبتعد عن أصول الفصحى ومقاييسها وقاعدا األساسيةمستأنسة من خاصة اجلمهور عربية مشتركة وسيطة عفوية أصيلة، مبسطة ميسرة، قريبة

)٤("هوعامتعند اد املوسى باسم العربية الوسطى، واصفا إياها بعربية اوهي ما جنده

.١٤٨العرف اللغوي دراسة لغوية ثقافية، ص )١( .٢٨اللغة العربية يف العصر احلديث قيم الثبوت وقوى التحول، ص )٢(بشىت وسائل التوعية، فلم ) العامة قضاء احلاجة يف الطرقات( حاولت دولة بنجالديش القضاء على ظاهرة )٣(

بالعربية؛ وألن العربية لغة القرآن فهي ... ) نا ممنوعه( تستطيع إال بعد أن أشري إليها أن تكتب العبارة ، وبعد أن كتبت العبارة بالعربية %٩٠مقدسة عند املسلمني من الشعب البنجالديشي ونسبتهم تقريبا

آتت محلة التوعية مثارها وقضت على هذه الظاهرة كما نشر يف األخبار، لكن احملزن أن تنتشر يف بالدنا وال حول وال قوة إال . األسواق ألفاظا وتراكيبا واألماكن اليت يغشاها الشباب بكثرة األمساء األجنبية يف

.باهللاأمحد حممد املعتوق، املركز الثقايف العريب، : نظرية اللغة الثالثة دراسة يف قضية اللغة العربية الوسطى، د )٤(

. ٩٨م ، ص ٢٠٠٥، ١بريوت والدار البيضاء، ط

165

مزاج من العامية املكتسبة والفصحى املتعلمة، تقترب :" املتعلمني احملكية وهي عنده ولكنها تقع دون الفصيحة . من الفصيحة يف معجمها وهيئات أبنيتها وطرائق نظمها

..) مثال، طبعا، بداية، أصال، شكرا( ألا غري معربة إال يف بعض املأثور والرواسم )١("وهي عربية التخاطب بني املتعلمني الناطقني بلهجات عربية خمتلفة

تنامي الفارق بني الفصحى وهلجاا احملكية املعاصرة، واتساع الفجوة وذلك أن) األول(" يارين كما ذكر حممد فريد أبوحديد مها العرب والعربية بني خ جعلبينهما،

أن ختتار االتصال بالتراث القدمي يف اللغة الفصحى وتضحي يف سبيل هذا االتصال بأعز ة تتطلع إىل حياة مليئة قوية ـ وهو اتصال اللغة بالفكر ـ اتصال ما عند أمة حي

يكون مناص لنا وعند ذلك ال. الشعب الذي يتكلم بأصحاب الفكر الذين يكتبون سطحيةمن أن نقنع حبركة فكرية منعزلة عن كتلة األمة وأن نرضى ألنفسنا بدميقراطية

تبقى مجاهري األمة يف حالة أمية وعقم عقلي حنيال تتعدى املظاهر الكاذبة، على .ونفسي مضحني بكنوز الثقافة القدمية وما فيها واملستقبلةأن خنتار احلياة احلاضرة ) الثاين(

ويكون علينا يف . من أصول حضارتنا ومثلنا العليا ونقطع ما بني ماضينا الكرمي الساميخطواا حنو احلضارة إىل أن نستطيع هذه احلالة أن نعود إىل حيث بدأت األمم أوىل

بعد أحقاب طويلة حتصيل ثروة فكرية جديدة تصلح ألن تكون غذاء لعقول أمة )٢("حديثة

مستوى لغوي جنم ، يف حياتنا املعاصرة، " ات إىل إحالل وألجل ذا تنادت الدعوويسمى )٣("عن تفاعل العامية املكتسبة والفصحى املتعلمة، فهو مستوى حادث حديثا

.هذا املستوى العربية الوسطى، أو اللغة الثالثةالنموذج اللغوي اخلاص الذي " هذا املستوى اللغوي الذي يرام له الوجود إمنا هو

.٢١يف العصر احلديث قيم الثبوت وقوى التحول، ص اللغة العربية )١(موقف اللغة العربية العامية من اللغة العربية الفصحى، حممد فريد أبو حديد، جملة جممع اللغة العربية، )٢(

. ٢٠٧، ص ٧م ج١٩٥٣القاهرة، مطبعة وزارة املعارف، .١٤٨العوملة، ص الثنائيات يف قضايا اللغة العربية من عصر النهضة إىل عصر )٣(

166

حيقق للناطقني به صالم االجتماعية والفكرية املفترضة أو املقبولة، وحيمل ميكن أناخلصائص اللغوية العامة اليت تعارف عليها أهل اللغة أصواتا ومفردات وتراكيب وإعرابا وجيعلها أكثر مرونة ورحابة وقربا من الواقع الفعلي اجلماهريي املعاش، من

وإن أطلق على هذا الوسيط اسم . اللغوي األصليدون أن يبعد أو خيرج عن النموذج )١("أو من باب إطالق الكل على اجلزء. فهو من باب ااز وليس احلقيقة) لغة (

وقد ظهرت هذه اللغة أو لنقل هذا املستوى اللغوي مع حماوالت الدعوة إىل فصحى لردم الفجوة بني ال )٢(العامية، وحاولوا إثباا يف االستعمال بصورة أدق

لغة التخاطب عند " ؛ إذ إن كما يرى أنيس فرحية وعامياا باألخذ بلغة املتأدبنيال هي بالعامية املبتذلة وال بالفصحى : املتأدبني، هي احلل الوسط واألمثل، وهذه اللغة

)٤(.أي بتجنب ما جيعل الفصحى غري سلسلة يف التخاطب )٣("التامة اإلعراب، ويرى )٥( للغة العربية بأن تظهر قدمية مبظهر جديدد أنيس حبيب حيتا يريوهو م

، وأن تصعد احملكية عن مستواها، فتلتقيان عن عرشها قليال ل العربية الفصحىترت"أن ق األدب البارع، وعلى خمرج مشترك واحد هو لغة توفق بني االثنتني، لغة ال ميحها ذ

تعملها املتأدبون يف حلقام، وال تفوت مراميها العامي الساذج، لغة كاللغة اليت يسأكرر لغة واحدة ... وكاللغة اليت يعظ ا أكثر قسس الربوستانت من على منابرهم،

موتانا من على املنابر، ونشتري ا فاكهتنا من ا توفق بني احملكية والفصحى، نؤبن )٦("السوق

مهية بالغة، يف وتفرض اللغة الثالثة نفسها كقضية لغوية وفكرية واجتماعية ذات أحماولة للتخفيف من محأة الصراع بني العربية وعامياا، وتنامي الفارق بينهما

ما خلفه االستعمار من تراث لغوي يف أذهان بسببكل إقليم ويف بدرجات متفاوتة

. ٨٩نظرية اللغة الثالثة ، ص )١( .٩٧ينظر مستويات العربية املعاصرة يف مصر، ص )٢( .٢٦٨القضايا اللغوية يف جملة املقتطف، ص )٣( .٢٦٩ينظر السابق، ص )٤( .٢٦٩ينظر السابق ص )٥( ٢٧٠السابق، ص )٦(

167

.الناسومع ذلك يشري السعيد حممد بدوي إىل أن اللغة الثالثة مل حتظ بالدراسة العلمية

أما على الصعيد العلمي ـ فعلى قدر علمي ـ مل يتناول أحد :" ك بقولهاجلادة وذل، على أن االهتمام ا واآلراء )١("يف مصر هذه اللغة الثالثة بالدراسة والتحليل اللغوي

حوهلا مبثوث يف أوعية كتب املهتمني بالدراسة العلمية للعامية، والدعوة إليها، و دراسة نظرية اللغة الثالثة ( محد املعتوق يف كتابة السعيد بدوي مل يطلع على دراسة أ

حني نشر مرة ثانية، إذ إن كتاب السعيد حممد بدوي ) يف قضية اللغة العربية الوسطىهو أحد املراجع اليت رجع إليها املعتوق يف ) مستويات العربية املعاصرة يف مصر(

.دراستهيف حماولة منهم للتقريب بني لثالثةتلك اآلراء اليت تناولت اللغة ااستقرأ املعتوق تارة بدعوى حتقيق وحدة لغوية وثقافية وأداة مشتركة للتواصل " الفصحى وعامياا

املصريية، وأخرى بدعوى العمل تالفكري واالجتماعي تعني على مواجهة التحديا على دميقراطية الثقافة، وتارة ثالثة يف إطار احلديث عن لغة موحدة للمسرح يلتقي

عندها اجلمهور مبختلف طبقاته وحيقق من خالهلا الكاتب والفنان املسرحي رسالته يف حوهلا، علما أن معلومات أساسيةبعدئذ قاعدة لتشكل عنده )٢("أوسع نطاق مجاهريي

ما طرحه هؤالء املفكرون مرتبط بنحو خاص بالبحث عن مستوى "املعتوق يرى أنمث )٣("املكتوبة وليست احملكية املنطوقة اليت ندعو هلا لغوي ثالث أو لغة ثالثة للعربية

استعرض تلك اآلراء، واجتهد يف فهمها فتتناول بالتحليل واملناقشة آراء أولئك ، وأنيس )٥(، السعيد حممد بدوي، وساطع احلصري)٤(توفيق احلكيم: املفكرين وهم

.١٠٥مستويات العربية املعاصرة يف مصر، ص )١( .١١٢، ص ...نظرية اللغة الثالثة )٢( .١١٢نفسه ص )٣(شوقي ضيف ، دار املعارف، : وكذلك، يف التراث والشعر واللغة، ط. ١١٦-١١٢ينظر السابق ، ص )٤(

.٢٥٦القاهرة، ص وهو خطأ )السعيد أمحد بدوي (،وذكر املعتوق امسه١١٧-١١٦، ص ...ينظر نظرية اللغة الثالثة )٥(

١١٥-٨١، وينظر رأي بدوي يف مستويات العربية املعاصرة يف مصر،صوالصحيح ما أثبت.

168

.)٢(، حممد كامل حسني)١(فرحيةقد " أولئك الباحثني مل يكن أي منهم ، يف رأيه،وبعد أن استعرض املعتوق آراء

طرح مفهوما متكامال واضح احلدود للوسيط أو املستوى اللغوي الذي اصطلحنا على أو استوىف كل اخلصائص العامة اليت وضعناها هلذا املستوى، أو ) اللغة الثالثة(تسميته

ميكن أن تكون عليه درس هذه اخلصائص وجسدها على املستوى التطبيقي، ومثل ملااللغة الثالثة يف إطارها الوظيفي العملي ومعظم هؤالء الباحثني قد عين مبا تحدث عنه

)٣("اللغة العربية يف نطاقها املكتوب، وليس احملكي املنطوق الذي قصدناهإطار املعجم اللفظي . إطارين اثنني " تقوم نظرية اللغة الثالثة عند املعتوق ضمن

ض أن تقوم عليه اللغة الثالثة، مث إطار النظام اإلعرايب الذي يصلح أن الذي يفتر )٤("تعتمده

:أما املعجم اللفظي فهو قائم على .االستناد إىل الفصحى .االسترفاد من العامية

اعتماد املفردات املولدة واألجنبية )٥(.االقتراض من األجنبية

لنظام إعرايب سلس ميسر " لغة الثالثة أما النظام اإلعرايب فمراد املعتوق أن ختضع الوقانون صريف مرن، يرجع يف تكوينه األساسي إىل نظام الفصحى وقانوا من دون أن يلتزم التزاما صارما بكل تفاصيلهما، ومن غري أن يكون التيسري والتبسيط فيهما

عشوائيا ارجتاليء وتوزعها أو عن طريق جهود فردية تتنازع فيها اآلرا. اا مزاجياالجتهادات وتتصارع بينهما املصاحل فتضيع اللغة، ويتشتت أهلها، وتنقطع م السبل

.١١٤-٩٧وينظر اللهجات وأسلوب دراستها، ص . ١٢٦-١٢٠، ص ...ينظر نظرية اللغة الثالثة )١( .١٣٥-١٢٦، ص ...ينظر نظرية اللغة الثالثة )٢( .١٣٥، ص ...نظرية اللغة الثالثة )٣( .١٣٩السابق، ص )٤( .١٧٢-١٤٠ظر السابق، صين )٥(

169

)١()"األصيلة األوىل( واالحتماء ن، يوم ال ينفع إال ) األجنبيات(حىت يلجأوا إىل .وأوىل املعتوق مهمة التبسيط إىل جمامع اللغة واملؤسسات الثقافية والعلمية املعنية

فقد عرض املعتوق نص حوار بني أستاذين بلغة " باملثال يتضح احلال: " وقد قيل، مث كتب هذا النص يف صورة سليمة )٢()إجنليزية( عامية ممتزجة فيها لغة أجنبية

هل تكلمت معه؟ أنا ...) الطالب(على فكره، إيش سويت مع : " مبسطة كما يقولمؤدب، ولكن املشكلة أن غياباته إنه يا أخي طالب جمتهد و. تكلمت معه يف احلقيقة

. كثرية، وهذه الغيابات ستؤثر على مستواه الدراسي وأخريا سوف بط مبعدله العام. ربنا يسهل. سنوجه إليه إنذارا ونطلب من مرشده األكادميي أن يتكلم معه، وسنرى

ا هذ )٣("سأطلب منه مقابلتك غدا... على فكره، ما هي أوقات تواجدك يف املكتب؟ )٤("منوذج ملا مسي باللغة الثالثة اليت حنن بصددها:" النص كما يقول املعتوق

النافع األصيل وميكن " أمبثل هذا التطبيق يكون تعزيز الوالء لتراث اللغة العربية ، وأين موقعه من دعاة !؟)٥("من استثمار هذا التراث لصاحل احلاضر واملستقبل العريب

.)٦(!م؟العامية إن كان ينفر منهمادامت منتشرة ،دون وعي، ) املسماة اللغة الثالثة( مث أي تنظري ميارس هلذه اللغة

بني املتكلمني يف البالد العربية، خاصة إن كان املتكلمان من أقطار ودول عربية خمتلفة؛ لتصبح عندئذ إحدى صور العامية الغري

.١٧٦السابق، ص )١( .٧٩ينظر السابق ص )٢( .٨٠السابق ص )٣(، ينظر مستويات !تصدق عليه ؟) اللغة اخلنثى ( مبثل هذا النموذج أترى أن تسمية عباس خضر له . نفسه )٤(

كمال بشر، : دوينظر كذلك اللغة العربية بني الوهم وسوء الفهم، . ٩٧العربية املعاصرة يف مصر، ص .٢٥٥دار غريب، القاهرة، د ط، د ت، ص

.١٢السابق، ص )٥(يس أبو : د) اللغة العربية ومواكبة العصر(قدم للمؤمتر الدويل األول، املنعقد يف اجلامعة اإلسالمية بعنوان )٦(

توق نظرية اللغة اللغة الثالثة النظرية والتطبيق من خالل كتاب الدكتور مع( اهليجاء قراءة نقدية لنظرية .٤٥٧-٣٧١وقد طبع ضمن أحباث املؤمتر يف احملور الثاين، اجلزء الثالث، ص ) الثالثة منهجا وتطبيقا

170

من أنصار العامية ولكن لعل اهلاجس الذي خيامر العقل يف خضم هذه اللجلجةا، وإمنا ال يلغى فيها اإلعراب بتات "وخماصميهم، هو البحث عن لغة وظيفية عفوية

، وتعىن يف واقعها مبستوى لغوي يقف وسطا واللبسيتخفف منه إال يف مواقف الشبهة العامية، وبني هلجاا احمللية املختلفة وتكون مبثابة لغة مشتركة نيبني الفصحى وب

هي لغة التواصل وأساس حتقيق . مةاائغة جييدها اخلاصة وال تعجز عنها العسليمة س (١) "املزيد من الترابط الفكري والتماسك احلضاري

إال تأتى أوجه التقريب فيما يظهر بني الفصحى وهلجات اخلطاب العامية، وال رجة احملكية؛ رد األلفاظ العامية إىل الفصيحة، وتببيان األصول الفصيحة للهجات الداب

إذ ليس من الناجع حل مشكلة االزدواجية اللغوية بالتحول إىل العامية، بل باالجتاه حنو تفصيح العامية، أصواتا وبنية وتراكيب، ألن التكامل بني املستويني أقوى من التنافس،

ىل إ" ولتكون نواة لغة تلتزم قواعد النحو والصرف وأصوات الفصحى، غري أا متيل ، والبعد عن اإلغراب، واملرونة الزائدة أحيانا جتاه ظاستخدام الشائع من األلفا

حنو " أو (٣).وهي ما تسمى بالعربية احلديثة أو العربية الوسطى )٢("العبارات املترمجة .طرحه اد املوسى يطمأن إليه)٤("منوذج فصيح للخطاب العامي

مطلب يتعلق " النموذج املنطوق املنشود يضع اد املوسى مطلبني رئيسني لتطوير .بتأصيل كثري من املفردات واألبنية العامية، ومطلب يتعلق باإلعراب

ا ا وثيقأما املطلب األول فيقوم على أن بني الفصحى وهلجات اخلطاب العامية نسبويتمثل يف استثمار املشترك بني العامية والفصحى من املفردات واألبنية ذات األصول

)٥("الفصيحة

الفصحى وعامياا لغة ( صاحل بلعيد، ضمن أعمال الدولية : الفصحى املعاصرة طعنة أم ضرورة، د )١( .١٧٢م، ص ٢٠٠٨ة العربية، اجلزائر، ، منشورات الس األعلى للغ)التخاطب بني التقريب والتهذيب

حممد راجي : ازدواجية اللغة نظرة يف حاضر العربية وتطلع حنو مستقبلها يف ضوء الدراسات اللغوية، د )٢( .٢٨، ص١، ج١٨الزغلول، جملة اللسان العريب، املنظمة العربية للتربية والثقافة والفنون، الرباط، مج

.١٧٧دخل، صينظر علم اللغة االجتماعي م )٣( ١٨٤-١٤٧ينظر الثنائيات يف قضايا اللغة العربية من عصر النهضة إىل عصر العوملة، ص )٤( .٨٩ص ) املنطوقة( والعامية) النموذجية( وينظر مبحث العالقة بني الفصحى. ١٦٨السابق ص )٥(

171

سبيله يف النموذج املقترح أن " ويبني اد املوسى املطلب الثاين وهو اإلعراب ويؤخذ من التسكني بالتدريج، ويغين فيه مبا يكون اإلعراب هو الدال على وظيفة

أو حامسا يف تصحيح املعىن املراد، أو ) كما يف التقدمي والتأخري(الكلمة بالضرورة ولعل الدعوة إىل إلغاء اإلعراب واجلنوح إىل )١("رسم الكتايبمقترنا باختالف ال

)٢(السكون من هذا البابوسائل إشاعة " وإن دارت دورة الزمن، كما يقول اد املوسى، واستقامت

الفصحى املنطوقة الطبيعية معربة بعفوية تلقائية مقنعة استكملنا شطر اإلعراب وكان )٣("محدأمرها عودا على بدء، والعود أ

إثراء المعجم العربي

ال جتمد على حال معينة، وال تقف اللغة تتعرض ملظاهر احلياة وتتناغم معها، فهي سواء ،بتطور اتمع الذي تنمو فيه وتسايره عند حد مرسوم، وإمنا هي عرضة للتطور .أكان ذلك التطور رقيا، أم كان احنطاطا

م املتكلمني اللغوي منفتح على جتارب اآلخرين وبسبب هذا التطور فإن معج

اإلنسانية، ويف حركة مستمرة ما بني مفردات يف سبات قد يكتب هلا النهوض،

.١٧٥الثنائيات يف قضايا اللغة العربية من عصر النهضة إىل عصر العوملة ، ص ا )١( .١٣٩حنيل القارئ الكرمي إىل مبحث إلغاء اإلعراب والتعلق بالقرائن لالستزادة، ص )٢( .١٧٦الثنائيات يف قضايا اللغة العربية من عصر النهضة إىل عصر العوملة، ص )٣(

172

؛ ذلك أن )١(وأخرى تصارع من أجل البقاء، وآخرة متولدة جديدة أو تغريت دالالااالشتقاق والقياس العربية هلا قدرة، وعندها شجاعة على تغيري املعاين عن طريق ااز و

.اللغوي والتوليدعلى أنه ال ميكن إغفال تعاقب الزمن أمام تطور اللفظ أو استمرار داللته على حال معينة، حني تدعو احلاجة إىل تعديل الرؤية حنوه لتطلب التعديل يف االستخدام من

.ه اللغويمنطلقات املتكلم واستخدام طاقاته التعبريية؛ من أجل االنسجام يف جمتمعوظاهرة ثراء اللغة مقرونة بنضج اتمع الذي يتحكم ا، فكلما رقى اتمع يف "

سلم احلضارة، وتنوعت مطالب حياته اتسعت لغته وثري معجمها؛ لتليب تلك املطالب )٢("وتعرب عنها أدق تعبري

يف وقد أجاد العقاد يف مقدمة الصحاح حني بين أننا ال حنتاج إىل التجديدالقواعد النحوية والصرفية؛ لثبوا واستقرارها، وال أن نستحدث ا بديال كما يريد

وىل املعجمات األ وإمنا حنن يف عصر املعجمات اليوم، ألن"أصحاب الدعوة إىل العامية ـ ومنها هذا الصحاح ـ قد وضعت يف حينها ألسباب كاألسباب اليت تواجهنا

تشار الدخيل واملولد واملعرب واملترجم، واختالط الناطقني جبميع تفصيالا، منها اناملعجمات السلفية بالضاد ومن يعاملونه أو يعاملهم من األعاجم وأدعياء العربية، وإن

توخى فيها أساليب أو نبتدع هلا ما ننا اليوم كما تنفعنا املعجمات اليت جنمعها وتنفعلكما أضافها أن نضيف املفردات إىل معامجناويف وسعنا . يوافقنا من شىت األساليب

حرج على اللغة من إثبات املولد ، فالتمن أمثال اجلوهري وتالميذه الثقااألولون

وردت أا) مادة فنن( فكما جاء يف اللسان ) الفنان ( بسبب االرتقاء والتوسع يف الداللة من مثل كلمة )١(

بميعة فنان األجاري، جمذم ، مبعىن احلمار *** وإن يك تقريب من الشد غالها : يف بيت األعشىمادة ( فقد جاء يف اللسان ) املسرح ( الوحشي، لكنها اآلن تطلق على ذي املوهبة الفنية، ومثلها كلمة

ملعىن املستخدم مما مسعته يف هلجات أا مبعىن املرعى الذي تسرح فيه الدواب للرعي، وهو ا) سرح نسرح بالغنم، وسارح باإلبل، لكن العربية احلديثة توسعت يف داللته : اجلزيرة العربية املعاصرة، يقولون

.وغيرته إىل املكان الذي يؤدى فيه التمثيل املسرحى ، شعرا كان أم نثراهـن ١٤١٣، شوال ٥٤، مج ٥٠٤هل ، جدة، ع نعمة رحيم، جملة املن: ليس يف العربية تضخم لفظي، د )٢(

.٦٨م، ص ١٩٩٣أبريل

173

والدخيل واملعرب يف مواضعها من املعجمات احلديثة، ألا إذا جرت يف اشتقاقها أو يف ةمرونالفصيح زادت ثروة اللغة ومل تنتقص منها، ودلت على النطق ا جمرى

العربية جتاري ا الزمن، وتليب ا مطالب احلضارة ومطالب العلوم املتجددة على الزمن، ورمبا كان مصاب اللغة بالتحجعليها من فقدان القواعد ر وفقدان املرونة أشد

ا من اللغات ماتت ومعها قواعد صرفها وحنوها، ومل متت كثري النحوية والصرفية، ألن )١("من املرونة ما يليب مطالب اجلماعات اإلنسانية يف كل بيئة ومقام لغة كان هلا

جديدة ملا عرفته ظومن غري املمكن أن تتوسع اللغة، وتنمى ثروا اللفظية بألفااإلنسانية من تقدم وحضارة، دون أن ترتقي ذهنية املتكلم فيلجأ باستخدام سليقته

.للتعبري عن معان مل تكن لديهم من ذي قبل وكفاءته اللغوية إىل ابتداع ألفاظ جديدةو هذا دليل على )٢("متلك التنظيم اللغوي بالسليقة"فكفاءة الفرد اللغوية تنبئ بأنه

، )٣(قدرته إنتاج تراكيب جديدة بالقياس على تلك التراكيب اليت مسعها من قبلوفق وتكلمت به يةعليه اجلماعة اللغو ضعتاوتعلى ما والتصرف يف اللغة واالرجتال

أمناط متعارف عليها يف االستعمال، ممتزجة امتزاجا وثيقا بني عناصر النظام اللغوي .)٤("معطيات السياق االجتماعي اليت تكتنف االستعمال اللغوي"الداخلي للهجة و

التصرف يف وجوه الكالم يف العصر احلديث قادرة علىعلى أن السالئق العربية ؛ إلرفاد الفصحى باملصطلحات وإغنائها مبا حتتاجه؛ إذ عريب والقياسباالشتقاق والت

إن شيوع مقومات احلضارة وألفاظها ومصطلحاا، قد يزيد من اتساع اهلوة بني أن " كما يرى سليمان العايد ا من ذلك فبإمكان الفصحى ،الفصحى و هلجاا وخوف

الكثري أن هذا فيد من العامية الدارجة يف وضع األلفاظ واملت صطلحات، ويف ظناملتولد أو املولد الذي أنشأته العامية أوىل من إقحام األعجمي، وإن مسه التغيري حىت

.٦م، ص ١٩٩٠، ٤مقدمة الصحاح، أمحد عبدالغفور عطار، دار العلم للماليني، بريوت، ط )١( .٦٢مباحث يف النظرية األلسنية وتعليم اللغة، ص )٢( .٤٠ينظر من أسرار اللغة، ص )٣( . ٣٢٤ه يف كتابه ، ص الوجهة االجتماعية يف منهج سيبوي )٤(

174

ومرد . )١("يتالءم مع نظام العربية يف أصواا، وأبنيتها، خاصة ما وضعه أبناء البادية )٢(.ذلك حىت ال يتأتى جني اللغة بكثرة الدخيل واألعجمي

ويرى عبداهللا كنون أن سليقة اللهجات احملكية املعاصرة تفوقت على خربة اامع ) الطائرة ( بدال من ) الطيارة ( اللغوية يف العامل العريب، حني استخدمت العامة كلمة

وذلك "اليت استخدمتها اامع اللغوية والكتبة واملؤسسات العلمية وشركات الطريان الطيارة اليت جتري على ألسنة اجلماهري أن ا ال ميتري يفأحد ا إال أنيحيكن صح إن

ا تدل على الكثرة واملبالغة بصيغتها يف حني أنأقوى داللة وأكثر تعبريالطائرة ا، فإبالسيارة اليت مل يقل فيها أحد السائرة ولو قاهلا أشبههاوما منا تدل على جمرد الوصفإ

لفرق بني السري والطريان يف االعتياد والغرابة هو الذي جعل األدباء ملا سارت، فهل ا؛ لذا كان )٣(."يقبلون يف الطائرة جمرد الوصف وال يقبلون يف السيارة إال صفة املبالغة؟

فغلبة اللفظ يف االستعمال أسطع "االعتداد بشيوع االستعمال أوىل لالعتداد باللفظ )٤(".لى صدق احلاجة إليهبرهان على صالحيته، وأقوم دليل ع

لكن حق مطلق ال "أن وضع املصلحات يرى خصص وعمم فهو ات الزييتخصص بأحد، وال يتعلق بأحد، وال يتعلق بظرف، ميلكه الفرد واجلماعة، ومتلكه اخلاصة والعامة، فالعلماء يضعون مصطلحات العلوم، والرياضيون يضعون مصطلحات

حات الطب، والفقهاء يضعون مصطلحات الفقه، الرياضية واألطباء يضعون مصطلكما أن الصناع يضعون مصطلحات لغة املصنع، والورشة، والزراع يضعون لغة احلقل

يشارك هؤالء ) امع املوقر( واحلظرية، والتجار يضعون لغة الدكان والسوق ووضع ة تا كلممفأي. وخيتص دوم بالتسجيل والتصديق وأولئك يف الوضع والتعريب،

مبيسمه ويدخلها يف معجمه، وبدون ذلك تقع فيما اهال تدخل يف اللغة قبل أن يسم

.١٤٩العالئق اإلجيابية بني الفصحى والعامية، ص )١( .١١٢حنيل القارئ الكرمي إىل مبحث السليقة اللغوية لالستزادة ص )٢( .٨السليقة عند العرب احملدثني، ص )٣( .٢٦مشكالت اللغة العربية، ص )٤(

175

)١("وقع األولون فيه من تعدد الوضع يف املرجتل، واختالف الصيغ يف املشتقوذه الطريقة تنمو اللغة منوا طبيعيا داخل جمتمعها؛ لكوا ظاهرة اجتماعية،

ذا اتمع، وليس من صنع مثقفيه أو سواهم، وإمنا يكمن وهذا النمو من صنع أفراد هدور املثقفني واامع اللغوية يف ذيب وتسديد مسرية التطور اللغوي الذي يقوم به اتمع، وما حيدث من منو وتطور لغوي يف أوساط املثقفني وما سواهم جيب أن يكون

.حىمستساغا لدى العامة، من غري أن يكون على حساب الفصما سلف إمنا هو إثراء للمعجم العريب من ذي السليقة السليمة اليت مل تغريها رياح التطور، فنطقت وأبدعت ألفاظا على مقتضى قواعد العربية، وأصبحت بعدئذ مبقتضى

التوسع يف دراسة اللهجات "العرف من ألفاظ اتمع اللغوي احملافظ عليها؛ لذا فإن يستدركما شذ منها، و يهذبو ،جبمع ألفاظها )٢("وة ومينحها قوةالعربية يزيد لغتنا ثر

إذ ال يستطيع مدع أن يدعي أن اللغويني أحصوا مجيع ألفاظ " ما فات املعاجم ؛ منها اللغة بل مجعوا أشياء وفام أشياء، كما أنه حدث يف احلياة ما يستدعي تسميات

)٣("جديدة، فهل نقف مكتويف األيديهذه الغاية انطلق عبدالرزاق الصاعدي يف البحث عما فات املعجم العريب وألجل

يف اللهجات احملكية املعاصرة اليت مل تدونه املعاجم العراقية، كما قال يف أكثر من ضاع من لغة العرب شيء غري قليل من أشعار العرب وأقواهلا "موطن، إذ يرى أن ما

، بعضه مهمل، وبعضه مندثر ممات، وبعضه وألفاظها ودالالا، خلت منه املعاجم :وتفصيل هذا أن ما خلت منه املعاجم نوعان. ضائع، وبعضه مدون يف غري املعاجم

.نوع مهمل مل تتكلم به العرب -١ :ونوع تكلمت به العرب وخلت منه املعاجم، وهو نوعان -٢ . نوع مندثر وهو ما أميت وترك ) أ( :نونوع مستعمل، وهو نوعا )ب(

.١١٦الوضع اللغوي وهل للمحدثني حق فيه، ص )١( .١٠٤سات يف فقه اللغة ، ص درا )٢( .١٥٣العالئق اإلجيابية بني الفصحى والعامية، ص )٣(

176

.الفوائت القطعية: نوع دون يف مصادر قدمية غري املعاجم، وأمسيه -١ومن أهم مصادره . ونوع مل يدون يف مصادر قدمية، وأمسيه الفوائت الظنية -٢

ا ومن هذا النوع شيء مما عده املعجميون مهمال أو ممات.. هلجاتنا املعاصرة )١(."اومتروك

ألنه مذكور يف مصدر "ئت القطعية ذا االسم ويعلل الصاعدي تسمية الفواقدمي، كدواوين الشعر وكتب األدب واللغة والنوادر، وهذا نوع ال خالف يف كونه

حة، ولكنه مل جيد طريقه إىل املعاجم؛ ألن امن الفوائت؛ ألنه مرصود أيام الفص )٢("املعجميني مل يصلوا إليه

ر قألنه يفت"إمنا سمي ذا االسم وكذا بني الصاعدي أن مسمى الفوائت الظنيةإىل نص قدمي يثبت وجوده القطعي يف االستعمال أزمان الفصاحة، ولكن ميكن بلطف

)٣("الصنعة استخراج قدر صاحل منه مما هو خمبوء يف هلجاتنا املعاصرةوضعت :"واجتهد الصاعدي يف وضع معايري وضوابط ملعرفة الفوائت الظنية بقوله

اللفظ درجة با إذا حتققت فيها بلغت نية ضوابط أو معايري أو شروطللفوائت الظشروط أو ضوابط ال بد من : الفائت الظني، والشروط أو املعايري أو الضوابط نوعان

حتققها فيها وهي ثالثة ، ومعايري فرعية أو مؤشرات مساعدة مرجحة، ليست الزمة، الالزمة فإا ترفع من صدقيتها وموثوقيتها ولكن حني جند بعضها مع الشروط الثالثة الضوابط الالزمة والفرق بني النوعني أن. إىل درجة عالية تقرا من الفوائت القطعية

الرئيسة ال بد من حتققها مجيعحة فال يلزم حتققها نظرا لطبيعتها ا، أما املؤشرات املرجفهي داعمة ومقوية للضوابط وصعوبة تطبيقها، ولكنها حني تتحقق أو يتحقق بعضها

الرئيسة، وال يغين حتققها إن ختلف شيء من الضوابط الرئيسة، وفيما يأيت تفصيل

هـ املوافق ٢٣/٦/١٤٣٤، يف يوم اجلمعة ١٨٢٧٢ملحق الرسالة، جريدة املدينة، العدد رقم )١(

.م٣/٥/٢٠١٣لصاعدي، مدونة عبدالرزاق ا: الفوائت القطعية والفوائت الظنية التعريف واملظان واألنواع والضوابط، د )٢(

.م ٢٠١٤نوفمرب ٧جممع اللغة االفتراضي يف شبكة املعلومات العاملية، نشرت يف يوم اجلمعة .نفسه )٣(

177

:ذلك :وهي ثالثة: الضوابط أو الشروط الالزمة ملعرفة الفوائت الظنية: أ وأعين به بناء الكلمة يف أصواا وصرفها، : حتقق املعيار اللفظي: الشرط األول

ا، أي تكون ا وصرفن توافق ما جاء يف كالم العرب زمن الفصاحة، أصواتفال بد من أأيض الفصيح، ويدرك العريب السبك يدرك على قياسه، والباحث اللغوي ا ما يلحق

باللهجات من تغيريات عامية تؤثر على تصريف كالمهم يف كثري من ألفاظهم .ها البنائي بيسر أو بلطف الصنعةالفصيحة، ويف وسعه أن يردها إىل أصل

وهو أن تكون الداللة مناسبة حلياة العرب يف : حتقق املعيار الداليل: الشرط الثاينأزمان الفصاحة، أي مما هو مألوف يف حياتهم، فإن كانت الداللة لشيء حادث يف

وأا ليست من فوائت العصور املتأخرة مما جد يف احلياة عرف أا داللة حمدثة، .املعاجم القدمية

وأعين به بيئة اللهجة، حتقق املعيار اجلغرايف أو األطلس اجلغرايف: الشرط الثالثفحني تكون اللهجة واسعة االنتشار معروفة يف عدد من القبائل املتفرقة فإن ذلك

لكلمة حمصورة يف فإن كانت ا ...يرجح فصاحتها مع األخذ باملقياسني السابقني، قبيلة أو بيئة واحدة فحسب دعا ذلك إىل التريث قبل احلكم بأا من فوائت املعاجم،

القدامى أثبتوا يف معامجهم ما يسمع من قبيلة واحدة أو من شاعر واحد، لكننا مع أنعلى أمر مهم وأنبه .... أمر الفوائت ظين يف مقام احتراز، فيحسن التشدد هنا؛ ألن

شاهد ال سبيل إليه مامل جند بالفوائت أمر أو اجلزم وهو أن القطعهذه ا قدمي ا، ولكنهذه الكلمة من املقاييس الثالثة هي للتقريب، أو لنقل للترجيح، فحني نقول إن

بالفائت الفوائت الظنية، يعين هذا القول غلبة الظن بأا من الفوائت؛ لتعذر القطعواجتماع هذه املعايري الثالثة يف كلمة أو داللة هلجية حري بأن يقربها من . بغري شاهد

درجة اليقني حني يحكم بأا من الفوائت، دون اجلزم املطلق بذلك؛ لتعذر القطع بالفائت دون شاهد أو نص قدمي، خبالف الفوائت القطعية، فهي مرصودة يف مصدر

قدمي موثوق، كدواوين الشعر وكتب األدب واللغة والنوادر ومصادر التراث املوثوق ... ا

178

:املؤشرات املساعدة املرجحة غري الالزمة، وهي أربعة: ب .اللهجات املهاجرة

).التقليبات ( نظرية االشتقاق األكرب عند ابن جين باللغات وبية"االستئناسراة " العةوهي أخوات العربي) اللغات السامية(املسم.

اللغة مرت يف مرحلة االستئناس بنظرية ثنائية األلفاظ، وهي النظرية القائلة بأن والرباعية من مراحل تطورها بالثنائية، أي كانت ثنائية اجلذور، مث تطورت إىل الثالثية

)١("واخلماسيةصرة امتدادا ملا سار عليه ومن هذا الباب تكون دراسة اللهجات احملكية املعا

املعجم العريب القدمي الذي ابتدأ به اخلليل بن أمحد، وظلت الدراسات املعجمية .والتدوينات اللغوية يتواىل ظهورها تترى منذ ذلك العصر وحىت العصر احلديث

وألجل هذا يتضح الفرق بني الدراسة العلمية للهجات املعاصرة، وبني دراستها ل الفصحى،أو استقالهلا لتكون بديال عنها، بل ينبغي أن تكون لغرض إحالهلا حم

دراسة اللهجات املعاصرة وسيلة خلدمة الفصحى، وقد يكون منها املنطلق لتذوق ؛ ألا واقع ال ميكن دفعه، فال سبيل إذن إال استثمار هذا الواقع مىت ما )٢(الفصحى

تطيع أن نفر منها، بل أن نواجهها هي احلقيقة اليت ال نس" أمكن االستفادة منه، هذه )٣("يف شجاعة

وتفسيره توجيه المنطوق للمكتوب

سأل : عن إبراهيم بن إمساعيل الكاتب، قال "حدث ملرزباينأورد السيوطي أن ا :انظر أيف هذا الشعر عيب؟ وأنشده: اليزيدي الكسائي حبضرة الرشيد، فقال

.نفسه )١( .١٥٧ينظر العالئق اإلجيابية بني الفصحى والعامية، ص )٢( .٢٦يف اللهجات العربية، إبراهيم أنيس، ص )٣(

179

ــنھ البــیض صقرر عـق ... قـما رأیـنا خـــــربا ن ال یكــون المھــر مھــر ال یكــون العیـر مھـرا

أقوى البد : انظر فيه، فقال: قد أقوى الشاعر، فقال له اليزيدي: فقال الكسائي، فضرب اليزيدي بقلنسوته "يكون"الثاين على أنه خرب لـ ) املهر( أن ينصب

)١() " املهر مهر( : نما ابتدأ فقالالشعر صواب، إ.. أنا أبو حممد: األرض، وقالحضر الفرزدق جملس ابن أيب : الزيادى عن األصمعي قال"وأورد ابن جين رواية

:كيف تنشد هذا البيت: إسحاق، فقال له )٢(فعوالن باأللباب ما تفعل الخمر ... وعینان قال اهللا كونا فكانتا

: ن عليك لو قلتما كا: فقال ابن أيب إسحاق. كذا أنشد: فقال الفرزدقوض فلم يعرف أحد يف . لو شئت أن تسبح لسبحت: فقال الفرزدق !فعولني

لو شئت أن تسبح لسبحت، أي لو نصب ألخرب أن اهللا خلقهما : الس ما أراد بقولهقال أبو "أما تفعالن باأللباب ما تفعل اخلمر : وأمرمها أن تفعال ذلك، وإمنا أراد

احدثا فحدثتا، : وعينان قال اهللا: مة غري حمتاجة إىل اخلرب، فكأنه قالكان هنا تا: الفتح )٣("أو اخرجا إىل الوجود فخرجتا

املتأمل يف تلك الروايتني ،ويف الكتب اللغوية واألمايل منها كثري، حني عدمت األدوات، وانتفت عالمات الترقيم، جيد أن املعىن ال يتضح، وال يتبين إال من خالل

؛ ليكون للمتكلم دور يف حتديد املعىن باستخدام األداء ار الصويت الذي يضعها فيهاإلط ،الصويت املالئم، وللتفريق بني املعاين حني خيلو الكالم من األدوات، فالفيصل، حينئذ

... يتمثل بظاهرتني معروفتني، األوىل هي ما يعرف بالتنغيم،"يف إبراز املعىن، وإظهاره

عبدالعال سامل مكرم، مؤسسة الرسالة، : الدين السيوطي، حتقيق د األشباه والنظائر يف النحو، جالل )١(

.٢١٣، ص ٦هـ ، ج١٤٠٦، ١بريوت، طديوان ذي الرمة، شرح اإلمام أيب نصر أمحد بن حامت الباهلي صاحب األصمعي رواية اإلمام أيب العباس )٢(

، ص ١هـ ، ج ١٤٠٢، ٢عبدالقدوس أبوصاحل، مدرسة اإلميان ، بريوت، ط : ثعلب، حتقيق، د .رخيم احلواشي ال هراء وال نزر *** هلا بشر مثل احلرير ومنطق : والبيت الذي قبله . ٥٧٨

.٢٠١، ص٥، ج روينظر األشباه والنظائ. ٣٠٢، ص ٣اخلصائص، ج )٣(

180

أو ما ميكن نعتهما )١(" ية اليت ينعكس ا األداء فهي الوصل والوقفالثان الظاهرةأما وهو إذن جانب من الظواهر الصوتية الوظيفية اليت تؤثر )٢(.بالتلوين املوسيقي للكالما للكالم إال أنه ا مصاحبا صوتي، وهو مع كونه ملمح)٣(على األصوات الكالمية

ا ارة صحته، ووفائه باملعىن املقصود، وفقعنصر مكمل للمنطوق، ال ينفك عنه، وأم" .)٤("لنوعيات التركيب ونوعيات املقام

، فما كان إال أن زود القارئ ألن الكتابة ال تستطيع أن متثل اللغة متثيال صادقا و،إن عدم املتكلم، بوسائل رمزية يف الكتابة تسمى عالمات الترقيم، تقوم بدور األداء

اخلاطئ، ولتؤمن تواصال لغويا تفادي الفهم"للكالم، تعينه على الصويت املصاحب األداء الصويت إن آثار: وميكن القول .)٥("هادفا حيقق الغايات اليت من أجلها وضع

بادية يف الكتابة، ذلك بقيامه بوظيفة عالمات الترقيم إال أنه، كما يقول متام حسان، .)٦("عىن الوظيفي للجملةيف الداللة على امل"أوضح منها

السابقتني جيد أن األداء الصويت يف اللغة املنطوقة يعد واملتأمل يف سياق الروايتنيمصدر ثراء يف تبيني املعاين وتوضيحها، وتبيني وتفسري وتوجيه اللغة املكتوبة وفق مراد

ضعول اللغة ا النقص الكمي الذي أصاب املكتوبة بسبب عدم متثيومقصد املتكلم م اصادق املنطوقة متثيال

ومن جانب آخر قد تكون اللهجات احملكية املعاصرة مفسرة لتلك النصوص امللتقطة من التراث الشفوي لكالم اللغوية املتناثرة يف مظان التراث اللغوي العريب

تنا العالقة بني هلجاتنا احلديثة وهلجا وذلك ألن "العرب، لكوا وصفا لظواهر هلجام ـ مية واليت ال ميكن تفسريهادبل هناك بعض الظواهر اللهجية الق. العربية القدمية قوية

.٥١٢املعىن والقاعدة النحوية، ص )١( . ٤٧لالستزادة ص علم اللغة احلديث مسات اللغة املنطوقة يف كتبنحيل القارئ الكرمي إىل مبحث )٢( .٩٢ينظر أسس علم اللغة، ص )٣( .٥٤٧ينظر علم األصوات، كمال بشر، ص )٤(مبارك حنون، دار الكتاب اجلديد : يف الصواتة البصرية من لسانيات املنطوق إىل لسانيات املكتوب، د )٥(

.١٤٢م، ص ٢٠١٣، ١املتحدة، بريوت، ط .٢٢٦ها ومبناها، صاللغة العربية معنا )٦(

181

اللهجات القدمية بقيت أمكن تفسريها اآلن يف ضوء اللهجات العربية العامية، ألنتتنقل على ألسنة الناس يف األجيال الذاهبة حىت وصلتنا، وتلك الظواهر العامية يف

هي يف الواقع عريقة يف القدم ممتدة جذورها يف حياة األمة ـاللهجات احلديثة )١("العربية

وحني طاف اللغويون القدامى اجلزيرة العربية سجلوا قدرا كبريا من ظواهر اللهجات العربية القدمية، وضمنوها كتبهم ودراسام اللغوية ضمن دراسة اللغة العربية

موعة عن طريق السماع هي املعني الرئيس بأن اللغة ا" الفصحى، إميانا منهم لالتصال بناطقي اللغة، والسبيل الوحيد لربط البحث اللغوي بالواقع، ودليل قاطع

، حىت غدت هذه الظواهر اللهجية مبثوثة يف )٢("على صدق األحكام اللغوية املستقرأة .كتبهم، إال أا اآلن يف عداد املكتوب

دراسة اللهجات املعاصرة وتسجيلها، ما قررته جلنة ويف املقابل مما يستعان به يفمن تسجيل اللهجات الصوتية وطرق األداء "اللهجات يف جممع اللغة العربية يف القاهرة

.ملعرفة صفاا وخصائصها )٣("يف سجالت صوتية من أقراص وأشرطة بآالا اخلاصةار العربية و آراء ومرت بنا عالقة وصلة اللهجات املعاصرة بالفصحى يف األقط

:أهل العلم فيها؛ غري أن البحث قسم العالقة والصلة إىل قسمني عالقة وصلة اللهجات املعاصرة يف البالد العربية بالفصحى. عالقة وصلة اللهجات املعاصرة يف أرض املنبع اجلزيرة العربية بالفصحى.

احملكية املعاصرة لدى وقد تركت اللهجات القدمية آثارا باقية وممتدة يف اللهجات وما ذكرها )٤(أهل اجلزيرة العربية، مما وصفه ابن فارس يف الصاحيب باللغات املذمومة

من مثل ظواهر )٥()معرفة الرديء واملذموم من اللغات(السيوطي يف املزهر حتت باب

.١٢٦، ص ١اللهجات العربية يف التراث، ج )١( .٣٨املنهج الوصفي يف كتاب سيبويه، ص )٢(م، جملة جممع اللغة العريب يف ١٩٤١من مارس سنة ٢١من الس ٤قرار جلنة اللهجات يف امع اجللسة )٣(

١٩٣، ص ٥م، ج ١٩٤٨القاهرة، .٣٥ينظر الصاحيب ، ص )٤( .٢٢١، ص١ينظر املزهر يف علوم اللغة وأنواعها، ج )٥(

182

عرب وغريها من الظواهر اللهجية عند ال )١(الكسكسة، العنعنة الكشكشة، التلتلة، .قدميا، اليت أخذت بدراسة اللهجات اليت متثلها؛ لتلمس خصائص اللهجات القدمية

الباحث اللغوي يف اللهجات القدمية سيقف أمام هذه وأيا كان األمر، فإنا مبثوثة يف كتب اللغة غري أن الظواهر اللهجية الصوتية؛ إذ إنه سيجد مصطلحا

، إال أن .السمعية لتلك الظاهر اللهجية الصوتية الصعوبة ستالزمه يف إدراك الصورةاللهجات احملكية املعاصرة يف اجلزيرة هي اليت باستطاعتها أن تفسر غالب مصطلحات

.تلك الظواهر الصوتية نطقا واستنطاقاملعرفة اللهجات العربية؛ يعد عبده الراجحي القراءات القرآنية آصل مصدر

ليت تعكس الواقع اللغوي الذي كان سائدا يف شبه اجلزيرة هي املرآة الصادقة ا"ألا؛ لذا ربط جممع اللغة العربية بالقاهرة دراسة اللهجات احلديثة )٢("العربية قبل اإلسالم

بتطبيق هذا املبدأ على القراءات واللهجات القدمية ورد ما ميكن ره إىل اللغة إن وافق داشتملت عليه القراءات القرآنية من " فما )٣(نمل يوافق األصول فيبياألصول وما

وتنتمي هذه الصفات ، صفات صوتية فيمكن إرجاعها إىل بعض اللهجات العربيةالصوتية إىل أشهر القبائل القرآنية؛ ألا الصفات اليت شاعت يف معظم قبائل العرب،

وسارت )٤("واليت تأصلت يف هلجام، فاختذ القراء منها مناذج يف فن القراءات وانتشرت مع القراءات املتواترة وأصبحت من أدلة اللغة النموذجية

أما القراءات الشاذة فقد تسفر عن ظواهر ومفردات ترسبت من هلجات عربية قدمية، وإسالمية، وفصيح ندر استعماله،مل حتفل ا الكتب اليت اعتنت بالنموذجية بعد

ي أقدم أشكال النطق، ومن ثم فإن بالضرورة ه" عصور االحتجاج، فليست الفصحى اللهجات احلديثة قد تشتمل على صورة هي أقدم من نظائرها يف الفصحى من حيث

الظواهر اللهجية بني املنطوقة والنموذجية يف ضوء املوروث الشفوينحيل القارئ الكرمي إىل مبحث )١(

.٧٦لالستزادة ص .١٠١اللهجات العربية يف القراءات القرآنية، ص )٢(م، جملة جممع اللغة العريب يف القاهرة، ١٩٤١مارس سنة من ٢١من الس ٤ينظر قرار الس يف جلسته )٣(

١٩٣، ص ٥م، ج ١٩٤٨ .٥١يف اللهجات العربية، ص )٤(

183

االنتماء التارخيي، كما أن القراءات الشاذة ميكن أن تنطوي على صور نطقية هي )١("ترة األخراأعرق يف التاريخ من نظائرها يف قراءة اجلمهور أو القراءات املتو

؛ تجوده فيهما دليل على استعماله وسريورته إال أنه قد خيفى على املعتين بالقراءاووالعتنائه بالقراءات العشر املتواترة واملشهورة دون غريها، أما القراءات الشاذة فظلت

.حبيسة يف مظاا موصوفة، وأداؤها يتبني باستنطاق ونطق اللهجات املعاصرةا لبعض الظواهر يف تفسري" دراسة للهجات احلديثة ومبثل هذا جيعل إبراهيم أنيس

)٢("اللهجات القدمية

، ١سعد مصلوح، عامل الكتب، القاهرة، ط : يف اللسانيات العربية املعاصرة، دراسات ومثاقفات، د )١(

الدين ، دمشق، ط عبداللطيف اخلطيب، دار سعد: وينظر معجم القراءات، د. ٢٥٧هـ، ص ١٤٢٥ .١٥، ص ١هـ، ج١٤٢٢، ١

. ١٠٩يف اللهجات العربية ، ص )٢(

184

الخاتمة

185

يث، وفكرهم اللغوي من وبعد هذه الرحلة يف أروقة أصحاب علم اللغة احلد؛ ملعرفة نظرم للهجات احملكية املعاصرة ومكانتها عندهم، اليت يكشف خالل كتبهم .عنها البحث

لتحصيل هذه الغاية، حاول البحث فهم ذلك التصور وتلك النظرة واملكانة، مما و :ورد من مقوالت متناثرة بني دفيت الكتب؛ فتحصل من إدامة النظر النتائج اآلتية

املنهج العلمي الذي يتبعه علم اللغة احلديث مبين على أسس يتفق فيها مع أن .عيةأصحاب املنهج التجرييب واملدرسة الوض

تزم علم اللغة احلديث بأسس املدرسة الوضعية لا ويتضح هذا االتفاق جبالء، حني :األربعة التالية

.اعتبار احلس وحده مصدرا للمعرفة االجتماعية) أ ( .اعتبار النموذج الطبيعي سلطة مرجعية للعلوم اإلنسانية) "ب(

.إخضاع الظواهر االجتماعية للتجريب) "ج ( .ية الظواهر االجتماعيةشيئ) "د (

نقد والتخلص من كل فكرة سابقة عند الوضعيني، نتج عنه عند اللغويني احملدثني .،وإعادة قراءة التراث اللغوي من املنطلق ذاته التراث اللغوي من داخله

ا مل تكن ظاهرة اإلعراب مسة بارزة يف اللهجات احملكية املعاصرة، وصفة فلمالشك يداخلها، بل وأصبحت هي وروايات اللحن من حمسوسة ملموسة، أضحى

.صنيع النحاة

186

ومن أشد ما ختلع به القداسة عن اللغة العربية الفصحى ،فيما ظهر للبحث، تركالكتابة اإلمالئية املعيارية واصطالحاا، والدعوة إىل الكتابة باحلروف الالتينية، أو

. ينطقحبروف عربية يكتب ا ما ينطق، ويهمل ما ال ،عند بناء الكالم واستخدام اللغة الفعلي يربز دور األداء الصويت لتحديد املعىن

وإبرازه حني خيلو الكالم من األدوات، فالفيصل يف اللغة املنطوقة حينئذلظاهريت التنغيم والوصل والوقف، متخذة تلك الظاهرتني دليال على

، بل و يعد مفسرا وموجها للغة الدالالت واملقاصد، ورافعة للبس بني اجلملاملكتوبة وفق مقصد منشئها؛ بسبب عدم متثيل الكتابة للغة املنطوقة متثيال

.صادقا العربية راحملكية املعاصرة يف األقطا تإن اللهجا: ويطمئن البحث للرأي القائل

ولغة اللهجات العربية القدمية، واللغة النموذجية،: إمنا هي نتاج عناصر ثالث أن اللهجات على حنياألمصار املفتوحة، وما حدث بينهما من تأثر وتأثري،

املعاصرة يف اجلزيرة العربية ،يف رأي البحث، ما هي إال امتداد للهجات القدمية؛ النعزاهلا عن اخللطة قبل تدفق النفط، ومما يؤيد هذا الرأي وجود

يف اللهجات القدمية، ظواهر لغوية لفظتها النموذجية، كانت مستخدمة وظلت حمتفظة ا اللهجات احلديثة يف اجلزيرة العربية؛ مما ال جتده عند

.األقاليم األخرى يف غري اجلزيرة والبالد العربيةوجود هذه الظواهر، وجرياا على األلسنة يف بيئاا املتعددة مع أن النموذجية

وهذا أيضا ) الركام اللغوي( ند اللغوينيوالرداءة أطلق عليه ع لفظتها، ووصفتها بالقبحلتصبح مفسرة لتلك أصلها القدمي، وإرثها التأرخيي، ودليل على ارتباطها ارتباطا وثيقا ب

امللتقطة من التراث الشفوي النصوص اللغوية املتناثرة يف مظان التراث اللغوي العريب اءات الشاذة، ولتشهد على ، وما قرئ به يف القراءات املتواترة أو القرلكالم العرب

.سريورا واستعماهلا طوال تلك احلقب الزمنية كان اقتراح اللغة الثالثة والتنظري هلا بسبب املتخوفني من مشكلة االزدواجية

إىل أي النموذجني مييل املتكلم أإىل منوذج الفصيح، أم إىل عند املتكلم، أ

187

س هلذه ءل أي تنظري ميارالعامية واللهجات احملكية؟ ومن هنا فالبحث يتسامادامت منتشرة ،دون وعي، بني املتكلمني يف ) املسماة اللغة الثالثة(اللغة

كان املتكلمان من أقطار ودول عربية خمتلفة؛ لتصبح البالد العربية، خاصة إن .عندئذ إحدى صور العامية ال غري

ى يح منطوق وال يتأتولذا فإن البحث يطمئن إىل الرأي القائل بنموذج من الفص ذلك إال بأوجه التقريب ،فيما يظهر، بني الفصحى وهلجات اخلطاب العامية، وذلك

يان األصول الفصيحة للهجات الدارجة احملكية؛ لفاظ العامية إىل الفصيحة، وتببرد األحنو مشكلة االزدواجية اللغوية بالتحول إىل العامية، بل باالجتاه إذ ليس من الناجع حل

تفصيح العامية، من أجل القدرة على التواصل بني اتمعات العربية، ويكون هذا النموذج مبثابة اللغة املشتركة اليت تتسامى عن االختالفات والتباينات اللهجية احمللية للغة بعينها، وتبقى النموذجية الفصحى لغة أدبية إبداعية، وما كان هذا الرأي إال ألن

عسري، فالعامية واللهجات احملكية ستسايران الفصحى دعامية أمر جالقضاء على ال .وسيتعايشان معا

ا أ ومما ثبت للبحث أن دراسة اللهجات املعاصرة ذات منفعة خاصة إن ريدتفسري املكتوب وتوجيهه، واالستفادة منها لنمو اللغة منوا طبيعيا، وذلك يف

احلضارة؛ ألن سليقة اللهجات احملكية وضع املصطلحات واأللفاظ ملقومات السليمة اليت مل تغريها رياح التطور، قد تتفوق على خربة اامع اللغوية يف

.العامل العريب، وذيب ةمجع ألفاظ اللهجات املعاصر يف منو اللغة العربية ومنحها قوةومما يزيد

اها عبدالرزاق ما شذ منها، واستدراك ما فات املعاجم القدمية من فوائت مس .فوائت قطعية، وأخرى فوائت ظنية: الصاعدي :وبعد

:أما قبل هذه الدراسة فقد جهدت املعركة بني أنصار الفصحى ودعاة العامية، وخبت نارها، والزالت

.االزدواجية اللغوية يف األقطار العربية تسري سريا طبيعيا

188

ومع شن التراثيني، فالزال علم اللغة ة الثورة على أصحاب علم اللغة احلديث مداحلديث ،على اختالف مدارسه ومناهجه، يدرس يف اجلامعات وتكتب فيه الرسائل

.العلمية، وتؤلف فيه الكتب

:أثناء الدراسة ويف ها؛ لتعطي الدراسة فقد بذلتغاية جهدي أن أستخرج معطيات القضية من مظان

.تصورا واضحا حوهلابعد هذا التجوال، يسأل، هل استطاعت الدراسة أن تجيب عن ، ولعل سائال

.األسئلة اليت صدرت ا هي وخطتها؟واإلجابة عن هذا التسآل هو أن أول العمل ينبئ عن آخره، وهو ما يراد به عند

يف تضاعيف هذه الدارسة إمنا هي دالئل متثل دالباحثني النظرية والتطبيق، ولعل ما ير .على اإلجابات املأمولة

:وأما بعد الدراسة

يكاد ينحصر يف اللغويني احملدثنيفاملوقف االتباعي الذي يظهر يف تآليف استثمار إنتاج النظرية اللغوية الغربية وتطبيقها على العربية يف إطار قراءة جديدة

هذا مما قصر فيللعربية وظواهرها، أو بغية إعادة وصفها وفق املنهج اللغوي الغريب، وهالبحث اللغوي العريب احلديث، وجعله يف دائرة االتباع، ومل يستطع إخراجه لدائرة

.التشارك يف صياغة النظرية يف الدرس اللغوي يف العامل أمجع، بله أن يكون له منافساسست حلفظها، أما ها باملناهج اللغوية اليت أفدراست ،دين لسان مث إن العربية

.منهج كان العربية يف العصر احلاضر فلتدرس بأي األلسنةمر على تأثري املدرسة الوضعية يف علم اللغة احلديث، أن ويرى البحث بعد أن

.ر وتأثريلتبيني ما بينهما من تأث ينشط باحثالذي هللا ويف اخلتام أمحد اهللا وأثين عليه، أن أعان على إمتام هذا العمل، واحلمد

. لصاحلات، وصلى اهللا وسلم على نبينا حممد وعلى آله وصحبه أمجعنيتتم بنعمته ا

189

فهرس المصادر والمراجع

190

حسن ناظم، املركز الثقايف : االجتاهات األساسية يف علم اللغة، رومان ياكوبسون، ترمجة على حاكم صاحل و د .م٢٠١١، ٢العريب، الدار البيضاء، ط

،عبدالرمحن حسن العارف، دار الكتاب اجلديد املتحدة، بريوت، : داجتاهات الدراسات اللسانية املعاصرة يف مصر .م٢٠١٣، ١ط

خالد بن : أثر اإلسالم يف التوحيد اللغوي ، أطروحة ماجستري يف كلية اللغة العربية ، جامعة أم القرى، من إعداد .هـ١٤٢٣. ٦٥٢٤عليان احلازمي مسجلة برقم : أ،د: أمحد إمساعيل األكوع ، إشراف

هـ١٤٢٥، ١فوزي الشايب، عامل الكتب احلديث، إربد األدرن، ط : وانني الصوتية يف بناء الكلمة، دأثر الق. فوزي الشايب، جملة جامعة الشارقة للعلوم الشرعية واإلنسانية، : اللغوية ، د مأثر اللغة املكتوبة يف تقرير األحكا

.م٢٠٠٥هـ، أكتوبر ١٤٢٦، شعبان ٣، ع٢مج ٣،ع ٤الحظات حول التحيل االجتماعي للغة، حممد حافظ دياب، جملة فصول ، مج م: اإلثنوميثودولوجيا

)١٩٨٤. ( ،أمحد حممد شاكر، دار اآلفاق اجلديدة، بريوت، د ط د ت: بن حزم، حتقيقالاإلحكام يف أصول األحكام. هـ١٤١٣، ٢إحياء النحو، إبراهيم مصطفى، ط. رسته، دراسة نقدية على ضوء اإلسالم، عائشة علي روزي، األخالق عند املدرسة الوضعية أوجست كونت ومد

بركات : رسالة ماجستري مقدمة يف قسم العقيدة ،كلية الدعوة وأصول الدين، جامعة أم القرى، بإشراف د .٢٣٠٦دويدار، ومسجلة برقم

ا، العدد حممد العمري، جملة جامعة أم القرى لعلوم اللغا: أداء الكالم وعالقته باملعىن واإلعراب ، د٣ت وآدا .١٤٣٠حمرم

١حمنمد ندمي خشفة، مركز اإلمناء احلضاري، حلب، ط: ودوروف، ترمجة د.األدب والداللة، ترفيان تـ ، .م١٩٩٦

هـ١٤١٧، ١إبراهيم صاحل الفالي، الرياض، ط: ازدواجية اللغة بني النظرية والتطبيق، د. حممد راجي الزغلول، : ستقبلها يف ضوء الدراسات اللغوية، دازدواجية اللغة نظرة يف حاضر العربية وتطلع حنو م

.١٨جملة اللسان العريب، املنظمة العربية للتربية والثقافة والفنون، الرباط، مج ١سعيد حسن حبريي، مكتبة زهراء الشرق، القاهرة، ط: أساسيات علم لغة النص، كلماير وآخرون، ترمجة، د ،

.م٢٠٠٩ ١ة لغوية تداولية، عبداهلادي بن ظافر الشهري،دار الكتاب اجلديد املتحدة،بريوت، طاستراتيجية اخلطاب مقارب

٢٠٠٤. م١٩٨٨، ٣حممد عيد، عامل الكتب، القاهرة، ط: االستشهاد واالحتجاج باللغة ، د. مكتبة ، )اجلزء األول(أسس علم اللغة العام وتطبيقاته على اللغة العربية، ضمن كتاب حماضرات يف اللغة العربية

.الرشد، الرياض ، د ط، د ت ٢٠٠٥حممود فهمي حجازي، دار الثقافة للنشر والتوزيع، القاهرة، د ط، : أسس علم اللغة العربية، د. ١٤١٩، ٨أمحد خمتار عمر، عامل الكتب، القاهرة، ط : أسس علم اللغة، ماريوباي، ترمجة وتعليق د. ١عبدالعال سامل مكرم، مؤسسة الرسالة، بريوت، ط: وطي، حتقيق داألشباه والنظائر يف النحو، جالل الدين السي ،

.هـ١٤٠٦ هـ١٤٢٠ ٣عيد حممد الطيب، دار البشرى ، مصر،ط : أصوات اللغة العربية واألداء القرآين ، د.

191

٨م، ص ٢٠١٠ ٤إبراهيم أنيس، مكتبة األجنلو املصرية، ط: األصوات اللغوية، د . م٢٠٠٧، ١بو املكارم، دار غريب، القاهرة، طعلي أ: ، دأصول التفكري النحوي. م١٩٧٨نايف اخلرما، سلسلة عامل املعرفة، الكويت، : أضواء على الدراسات اللغوية، د. ٧األطلس اللغوي، خليل عساكر، جملة جممع اللغة العريب يف القاهرة ج. ا، دار اإلصالح للطبع : اإلعراب مسة العربية الفصحى، دوالنشر، د ط، د تحممد إبراهيم البن. هـ١٤٣٢، ١حممد أمحد خنلة، مكتبة اآلداب، القاهرة، ط: آفاق جديدة يف البحث اللغوي املعاصر، د. ومقدمة يف كلية اللغة العربية ٤٠٩٤االقتصاد اللغوي وبعض مظاهره يف العربية، رسالة ماجستري مسجلة برقم

.ليث حممد الل حممد: جامعة أم القرى من إعداد الطالب هـ١٤٣٥، ٢حممد األوراغي، دار األمان، الرباط، ط: اكتساب اللغة يف الفكر العريب القدمي، د. ميشال زكريا، املؤسسة اجلامعية للدراسات : األلسنية التوليدية والتحويلية وقواعد اللغة العربية اجلملة البسيطة د

.١٤٠٦، ٢والنشر والتوزيع، بريوت، ط ميشال زكريا، املؤسسة اجلامعية للدراسات : ويلية وقواعد اللغة العربية النظرية األلسنية، داأللسنية التوليدية والتح

.هـ١٤٠٦، ٢والنشر والتوزيع، بريوت، ط ميشال زكريا، املؤسسة اجلامعية للدراسات والنشر والتوزيع، : األلسنية علم اللغة احلديث املبادئ واألعالم، د

.هـ١٤٠٣، ٢بريوت، ط ميشال زكريا، املؤسسة اجلامعية للدراسات والنشر والتوزيع، : م اللغة احلديث قراءات متهيدية، داأللسنية عل

.هـ١٤٠٥، ٢بريوت، ط حسام البهنساوي، مكتبة الثقافة : أمهية الربط بني التفكري اللغوي عند العرب ونظريات البحث اللغوي احلديث، د

.هـ١٤١٤الدينية، القاهرة، د ط، هـ١٣٩٩، ٣مازن املبارك، دار النفائس، بريوت، ط: ل النحو، أليب القاسم الزجاجي، حتقيق داإليضاح يف عل. ٣٣هـ ص ١٣٩٦، ١حممد حممود غايل، دار الشروق، جدة، ط : أئمة النحاة يف التاريخ، د. ،هـ١،١٤٠٣مكتبة اخلاجني ، القاهرة، ط ،باوتلادبع ناضمر :د حبوث ومقاالت يف اللغة. م١٩٦٤، ٣المة موسى، سالمة موسى للنشر والتوزيع، طالبالغة العصرية واللغة العربية، س. ١٩٨٥، ٤عارف منيمنة وبشري أوبري، منشورات عويدات، بريوت، ط: البنيوية، جان بياجيه، ترمجة. هـ ١٤١٣، ١متام حسان، عامل الكتب، القاهرة، ط: البيان يف روائع القرآن، د. ،١٤١٠عبدالسالم هارون، دار اجليل، بريوت، د ط، : حتقيق البيان والتبيني، أبو عثمان عمرو بن حبر اجلاحظ. م١٩٥٣، ٧، ج جممع اللغة العربية يف القاهرةبني اللغة والنحو ، عبدالقادر املغريب ، جملة. هـ١٣٨٣، ١نفوسة زكريا، دار نشر الثقافة ، اإلسكندرية، ط: تاريخ الدعوة إىل العامية وآثارها يف مصر، د. ٢٢٠هـ، ص ١٣٤٨، ١اسرائيل ولفنسون، مطبعة االعتماد، مصر، ط: السامية، د تاريخ اللغات. م١٩٩٣، ١التحليل اللغوي عند مدرسة أكسفورد، صالح إمساعيل عبداحلق، دار التنوير، لبنان، ط. هـ١٤٢٩، ١مسعود صحراوي، دار التنوير، اجلزائر، ط: ، د...التداولية عند العلماء العرب هـ١٤٢٥، ١حسام البهنساوي،مكتبة الثقافة الدينية، القاهرة، ط: عريب وعلم اللغة احلديث، دالتراث اللغوي ال. ١٤١٧، ٣رمضان عبدالتواب، مكتبة اخلاجني ، القاهرة، ط: التطور اللغوي مظاهره وعلله وقوانينه، د. ةرهاقلا ،يجناخلا ةبتكم ،باوتلادبع ناضمر :د ،هيلع قلعو هجرخأ ،رسارتشجرب ،ةيبرعلا ةغلل يوحنلا روطتلا،

.ـه١٤١٤ ،٢ط

192

،د ت ٢حلمي خليل، دار املعرفة اجلامعية ، ط: ، ترمجة وتعليق،ددافيد كريستلالتعريف بعلم اللغة ،. ا، ط: ، د...التفكري العلمي يف النحو العريبم١،٢٠٠٢حسن مخيس امللخ، دار الشروق للنشر والتوزيع، عم. م٢٠٠٥كمال بشر، دار غريب، القاهرة، د ط، :التفكري اللغوي بني القدمي واجلديد، د. لدعليان احلازمي ،: التنغيم يف التراث العريب ،دا، ا١٤جملة جامعة أم القرى لعلوم الشريعة واللغة العربية وآدا ،

.هـ١٤٢٢، اجلزء الثاين٢٣العدد شر جممع اللغة العربية توحيد اللهجات، حممد رضا الشييب، ضمن كتاب اللهجات العربية حبوث ودراسات ، ن

.١٤٣٠، ٢بالقاهرة، ط ان األردن، : الثنائيات يف قضايا اللغة العربية من عصر النهضة إىل عصر العوملة، داد املوسى، دار الشروق، عم

.م٢٠٠٣، ١ط هـ١٤٣٣، ٢حممد أمحد الدايل، دار النوادر، سوريه، ط: احلصائل يف علوم العربية وتراثها، د. م٢٠٠٢حممد علي اخلويل، دار الفالح للنشر والتوزيع، األردن، د ط، : لغتني الثنائية اللغوية، داحلياة مع. اخلصائص، أليب الفتح عثمان بن جين، حتقيق، حممد علي النجار، املكتبة العلمية ، د ط ، د ت. حبريي، مكتبة اآلداب، سعيد حسن: ، نقلها إىل العربية وعلق عليها د: دراسات يف العربية، فيشر، فولديتريش

.هـ١٤٢٦، ١القاهرة، ط

ان، ط. محزة املزيين: دراسات يف تاريخ اللغة العربية، ترمجة وتقدمي وتعليق دهـ١٤٣٥، ١دار كنوز املعرفة، عم. م١٩٨٦، ٩كمال بشر، دار املعارف، مصر، ط: دراسات يف علم اللغة، د. ٢٠٠٩، ٣لم للماليني، بريوت، طصبحي الصاحل، دار الع: دراسات يف فقه اللغة، د. م١٩٨٩، ١مازن الوعر، دار طالس، دمشق، ط :دراسات لسانية تطبيقية، د. هـ١٤٢٦ ٢سعد مصلوح، عامل الكتب ،القاهرة، ط: دراسة السمع والكالم، د. هـ١،١٤٣٤الدكتور عبدالعزيز بن ردة بن ضيف اهللا الطلحي، مطبوعات جامعة أم القرى ط:داللة السياق. ٣حممود حممد شاكر، مطبعة املدين، مصر، ط : الئل اإلعجاز ، عبدالقاهر اجلرجاين ، قرأه وعلق عليهد ،

.هـ١٤١٣ ١٢كمال بشر، دار غريب للطباعة والنشر والتوزيع، القاهرة، ط: دور الكلمة يف اللغة، ستيفن أوملان، ترمجة د. د ت٥ار املعارف، مصر ،ط ديوان امرئ القيس ، حتقيق ، حممد أبو الفضل إبراهيم، د ،. ،م٢٠٠٧ديوان بشار بن برد، مجعه وعلق عليه الشيخ حممد بن الطاهر بن عاشور، وزارة الثقافة اجلزائرية، د ط. ،ديوان ذي الرمة، شرح اإلمام أيب نصر أمحد بن حامت الباهلي صاحب األصمعي رواية اإلمام أيب العباس ثعلب

هـ ١٤٠٢، ٢مدرسة اإلميان ، بريوت، ط عبدالقدوس أبوصاحل،: حتقيق، د ٤٠ج ، النادي األديب الثقايف، جدة،حممد ربيع الغامدي، جملة عالمات: إىل الكتابة، د قرحلة العالمة من النط ،

.م٢٠٠١يونيو -هـ١٤٢٢، ربيع اآلخر ١٠م ٢دمشق،ط حسن حممود هنداوي، دار القلم،: سر صناعة اإلعراب، أبو الفتح عثمان بن جين، حتقيق، د ،

١٤١٣. السليقة اللغوية بني ابن جين وتشومسكي لعبداهللا اجلهاد، نقال عن العربية بني السليقة والتقعيد دراسة لسانية، د :

.هـ١٤٣٣، ١رياض عثمان، دار الكتب العلمية، بريوت، ط ربية والثقافة والفنون، الرباط، السليقة عند العرب احملدثني، عبداهللا كنون، جملة اللسان العريب، املنظمة العربية للت

.هـ١٣٨٤، رمضان ٢ع

193

٩٧صادق عبد اهللا أيب سليمان، جملة جممع اللغة العربية بالقاهرة عدد : السماع يف اللغة عند القدماء واحملدثني د حممد حسن عبدالعزيز، دار الفكر العريب، القاهرة، د ط ، د ت: سوسري رائد علم اللغة احلديث، د. اء الدين عبداهللا بن عقيل، حتقيق حممد حمي الدين عبداحلميد، دار التراث، شرح ابن عق ،يل على ألفية ابن مالك

.١٤٠٠، ٢٠القاهرة، ط عبداملنعم أمحد هريدي، : شرح الكافية الشافية، أليب عبداهللا حممد بن عبداهللا بن مالك الطائي اجلياين، حتقيق د

.هـ١،١٣٠٢ط منشورات جامعة أم القرى، مكة املكرمة، السيد أمحد صقر، عيسى البايب احلليب، القاهرة، د ط، د ت: الصاحيب البن فارس، حتقيق. عبداملنعم عبداهللا حسن إبراهيم، ضمن حبوث مؤمتر اللغة العربية ومواكبة : صلة اللهجات املعاصرة بالفصحى، د

.احملور الثاين) األول( العصر حليمة عمايرة، جملة جممع اللغة العربية األردين، : ، ديل الصويت احلديثصوت القاف بني كتب التراث والتحل

.٦٧ع ا يف القرآن الكرمي، دأمحد سليمان ياقوت، دار املعرفة اجلامعية، : ظاهرة اإلعراب يف النحو العريب وتطبيقا

.م١٩٩٤اإلسكندرية، د ط ، م١٩٩٨اجلامعية ، اإلسكندرية ، د ط ، ظاهرة احلذف يف الدرس اللغوي ، طاهر سليمان محودة ، الدار. منصور عبدالكرمي الكفاوين إىل : ظاهرة الركام اللغوي بني القدماء واحملدثني، أطروحة دكتوراه قدمها الطالب

.٢٠٠٧عبدالقادر مرعي اخلليل ، عام : قسم اللغة العربية وآداا يف جامعة مؤتة ، إشراف أ،د ان، ط: تواصل والتفاصل، دظاهرة اللبس يف العربية جدل الم٢٠٠٣، ١مهدي أسعد عرار، دار وائل، عم. ١٤٠٦، ٢لطفي عبدالبديع، النادي الثقايف،جدة، ط: عبقرية العربية يف رؤية اإلنسان واحليوان والكواكب، د. م٢٠٠١، ١عبدالسالم املسدي، دار الكتاب اجلديد املتحدة، بريوت، ط : العرب واالنتحار اللغوي، د. لة العلمية جلامعة امللك فيصل العربية الفصحى بني االزدواجية اللغوية و الثنائية اللغوية، إبراهيم كايد حممود، ا

.م٢٠٠٢هـ، مارس ١٤٢٢، ذو احلجة ١، ع٣، مج)العلوم اإلنسانية واإلدارية( م٢٠٠٠/هـ١٤٢١، خريف ٤نعمة رحيم العزاوي، جملة الذخائر، ع : العربية املعاصرة واحلس اللغوي، د. مع العلمي يف دمشق ، مجهـ١٣٨٨، شوال ٤٤العربية بني الفصحى والعامية، عارف النكدي، جملة ا. عبداحلليم النجار، : العربية دراسة يف اللغة واللهجات واألساليب، يوهان فك، نقله إىل العربية وحققه وفهرس له د

.م٢٠٠٦الدار املصرية السعودية، القاهرة، د ط، م٢٠١٠، ١عبدالسالم املسدي، دار الكتاب اجلديد املتحدة، ط: ربية واإلعراب، دالع. م٢٠١٣، ٢حلمي خليل، دار املعرفة اجلامعية، اإلسكندرية، ط: ، د...العربية والغموض. يف جامعة أم القرى، كلية اللغة العربية، ١٤٣١١العرف اللغوي دراسة لغوية ثقافية، رسالة دكتوراه مسجلة برقم

.من إعداد خالد بن أمحد الغامدي العالقة بني املعىن واإلعراب يف الدرس النحوي، حممد سعيد الغامدي، نشر جملة جامعة الطائف اآلداب والتربية. سليمان العايد، ضمن كتاب حماضرات يف اللغة العربية، مكتبة الرشد، : العالئق اإلجيابية بني الفصحى والعامية، د

.الرياض، د ط، د ت م٢٠٠٠كمال بشر ، دار غريب، القاهرة، د ط : علم األصوات، د. م١٩٩٥السيد، دار املعرفة اجلامعية، اإلسكندرية، د ط، صربي: باملر، ترمجة د.ر.ف) إطار جديد ( علم الداللة. يف النقد املنهجي عن العرب ومنهج البحث يف باتك نمضحممد مندور : علم اللسان، أنطوان ماييه، ترمجة د

194

.م٢٠٠٣، ٧واللغة، ضة مصر، القاهرة، طاألدب ر، دار الغصون، بريوت، ط : علم اللغة االجتماعي عند العرب، د ١٤٠٨، ١هادي. ١٩٩٧، ٣كمال بشر، دار غريب، القاهرة، ط: علم اللغة االجتماعي مدخل، د. م١٩٩٠، ٢حممود عياد، عامل الكتب، القاهرة، ط : هدسون، ترمجة د: علم اللغة االجتماعي، د. ١٩٩٥عبده الراجحي، دار املعرفة اجلامعية، اإلسكندرية، د ط، : علم اللغة التطبيقي وتعليم اللغة العربية، د. حممود السعران،دار النهضة العربية ، مصر، د ط و ت: علم اللغة مقدمة للقارئ العريب، د. عزالدين إمساعيل، املكتبة : كلر، ترمجة د ، جوناثان)أصول اللسانيات احلديثة والعالمات( فرديناند دى سوسري

.م٢٠٠٠األكادميية، القاهرة، د ط، ا لغة التخاطب بني ( صاحل بلعيد، ضمن أعمال الدولية : الفصحى املعاصرة طعنة أم ضرورة، دالفصحى وعاميا

.م٢٠٠٨، منشورات الس األعلى للغة العربية، اجلزائر، )التقريب والتهذيب ا بني جتليات الكائن وتصورات املمكن، دالفصحى وعامياد املوسى، ضمن أعمال الندوة الدولية : ا) الفصحى

.٢٠٠٨منشورات الس األعلى للغة العربية، اجلزائر، ) وعامياا لغة التخاطب بني التقرييب والتهذيب هـ١٤١٧، ٤رمضان عبدالتواب، مكتبة اخلاجني، القاهرة، ط : فصول يف فقه العربية، د . ٢ياسني األيويب، املكتبة العصرية، بريوت، ط : فقه اللغة وأسرار العربية، أليب منصور الثعاليب، علق عليه، د ،

.هـ١٤٢٠ حامد حسني احلجاج ، : فهم اللغة حنو علم لغة ملرحلة جومسكي، ترينس موور و كريستني كارلنغ، ترمجة د

.م١٩٩٨، ١واإلعالم، بغداد، ط سلمان داود الواسطي، وزارة الثقافة:مراجعة د عبدالرزاق الصاعدي، مدونة جممع : الفوائت القطعية والفوائت الظنية التعريف واملظان واألنواع والضوابط، د

.م ٢٠١٤نوفمرب ٧اللغة االفتراضي يف شبكة املعلومات العاملية، نشرت يف يوم اجلمعة جملة اللسان العريب، املنظمة العربية للتربية والثقافة والفنون، عبداهللا محد،: يف أصل اللهجات العربية احلديثة، د

. ١٩٩٦، ٤٢الرباط، ع ١٨٧ص د ط، د ت، فؤاد حنا ترزي، دار الكتب ، بريوت،: يف أصول اللغة والنحو، د. شويف ضيف، دار املعارف، القاهرة، د ط، د ت: يف التراث والشعر واللغة، د. مبارك حنون، دار الكتاب اجلديد املتحدة، : ات املنطوق إىل لسانيات املكتوب، ديف الصواتة البصرية من لساني

..م٢٠١٣، ١بريوت، ط هـ١٤٢٥، ١سعد مصلوح، عامل الكتب، القاهرة، ط : يف اللسانيات العربية املعاصرة، دراسات ومثاقفات، د . م٢٠١٠إبراهيم أنيس، مكتبة األجنلو املصرية، د ط، : يف اللهجات العربية ،د. م١٩٧٨حممد أمحد خاطر، مطبعة احلسني اإلسالمية، د ط، : يف اللهجات العربية مقدمة للدراسة، د. سعد مصلوح، عني للدراسات والبحوث اإلنسانية واالجتماعية، : يف النص األديب، دراسة أسلوبية إحصائية، د

.هـ١٤١٤، ١مصر، ط م٢٠٠٠، ٢دمشق، ط غازي خمتار طليمات، دار طالس،: يف علم اللغة ، د. م١٩٨٥أمحد سليمان ياقوت، دار املعرفة اجلامعية، الإلسكندرية، د ط، : يف علم اللغة التقابلي دراسة تطبيقية، د. سليمان بن إبراهيم العايد، ضمن كتاب مقاالت يف اللغة العربية، : القراءة اجلهرية بني الواقع وما نتطلع إليه ، د

.هـ١٤٣١، ١ط ، مكتبة الرشد، الرياض،١ج ١٩٨٨، ١مازن الوعر ، دار طالس، دمشق، ط: قضايا أساسية يف علم اللغة احلديث، د.

195

ميشال زكريا، دار العلم للماليني، بريوت، : ،د)دراسات لغوية اجتماعية نفسية مع مقارنة تراثية( قضايا ألسنية .م١٩٩٣، ١ط

هـ١٤٣٤، ١وكل، منشورات دار األمان، الرباط، طقضايا اللغة العربية يف اللسانيات الوظيفية، أمحد املت. مسر روحي الفيصل،مركز زايد للتراث والتاريخ، العني اإلمارات العربية : قضايا اللغة العريبة يف العصر احلديث، د

.هـ١٤٢٨، ١املتحدة، ط ٥٧٦٩ى، مسجلة برقمالقضايا اللغوية يف جملة املقتطف، أطروحة دكتوراه يف كلية اللغة العربية، جامعة أم القر ،

.سليمان بن إبراهيم العايد: حممد بن عبداهللا اجلغيمان، إشراف، أ،د: هـ، من إعداد ،١٤٢٦ ان ،ط : قضية التحول إىل الفصحى، يف العامل العريب، داد املوسى، دار الفكر، عمم١٩٨٧، ١. ٢دار املعرفة اجلامعية، اإلسكندرية، طحممود قاسم، : قواعد املنهج يف علم االجتماع، إميل دوركامي، ترمجة د ،

.م١٩٨٨ هـ١٤١٥، ١حممد حسن عبدالعزيز، دار الفكر العريب، مصر، ط: القياس يف اللغة العربية، د. هـ١٤٠٢، ٢عبدالسالم هارون، مكتبة اخلاجني، القاهرة، ط: الكتاب، سيبويه، حتقيق. م١٩٨٨اجلامعية، د ط ، حلمي خليل، دار املعرفة: الكلمة دراسة لغوية معجمية، د.. هـ١٤١٩ ٢الكليات ، أبو البقاء الكفوي ، مؤسسة الرسالة ، بريوت ، ط. م٢٠٠٠، ٢رمضان عبدالتواب، زهراء الشرق، القاهرة، ط: حلن العامة والتطور اللغوي، د. ١٤١٤، ٣لسان العرب، أبو الفضل مجال الدين حممد بن مكرم ابن منظور، دار صادر، بريوت ط. به دالل١٩٩٠، ١خليل أمحد خليل ، دار الطليعة، بريوت، ط : سانة االجتماعية، جولييت غارمادي، عر. م٢٠٠٥، ٢اللسانيات النشأة والتطور، أمحد مومن، دار املطبوعات اجلامعية، اجلزائر، ط. ١٩٧٠لغات البشر أصوهلا وطبيعتها وتطورها، ماريوي باي ، ترمجة صالح العريب، د ط. مع العلمي بدمشق، مج: لوين الرباغيث، دلغة أكهـ١٤١٤حمرم ٣، ج٦٨حممد أمحد الدايل، جملة ا . يس أبو اهليجاء : اللغة الثالثة النظرية والتطبيق من خالل كتاب الدكتور معتوق نظرية اللغة الثالثة منهجا وتطبيقا،د

.، وقد طبع ضمن أحباث املؤمتر يف احملور الثاين، اجلزء الثالث دراسات يف تاريخ اللغة العربية، ترمجة وتقدمي اللغة العربية العامية املشتركة، تشارلز فرجسون، من ضمن كتاب

.١٤٣٥، ١محزة املزيين، كنوز املعرفة، عمان، ط: وتعليق د ٢١٣كمال بشر، دار غريب، القاهرة، د ط، د ت ، ص : اللغة العربية بني الوهم وسوء الفهم، د. لس األعلى للثقافة، طاللغة العربيا وتأثريها، كيس فرستيغ، ترمجة حممد الشرقاوي، ا١ة تارخيها ومستويا ،

.م٢٠٠٣ ل، دان، ط : اللغة العربية يف العصر احلديث قيم الثبوت وقوى التحواد املوسى، دار الشروق، عم٢٠٠٧، ١. ١دغريي، الدار العربية للعلوم ناشرون، بريوت، طعبدالعلي الو: د. اللغة العربية يف مراحل الضعف والتبعية

.هـ ١٤٣٤ ١٤٣٠، ٦متام حسان، عامل الكتب، القاهرة، ط: اللغة العربية معناها ومبناها، د. لس األعلى للثقافة ، ط: اللغة العليا النظرية الشعرية، جون كوين، حتقيق دم٢٠٠٠، ٢أمحد درويش، ا. ١صاحل الزهراين، منشورات جامعة أم القرى، ط: ر الشعري يف بائية ذي الرمة، داللغة الكونية يف مجاليات الفك ،

.هـ١٤٢٣ ١ع،٥، جملة فصول النقد األديب، مجاللغة املعيارية واللغة الشعرية، يان موكاروفسكي، ترمجة إلفت كمال الرويب.

196

ت إبراهيم أنيس، دار املعارف، مصر، د ط، د: اللغة بني القومية والعاملية، د. م٢٠٠٠ ٤متام حسان، عامل الكتب ، القاهرة ،ط: اللغة بني املعيارية والوصفية، د.. هـ١٤٠٥ضاحي عبدالباقي، جممع اللغة العريب، القاهرة، د ط ، : لغة متيم دراسة تأرخيية وصفية، د. دار توبقال، الدار ، إعداد وترمجة، حممد سبيال وعبدالسالم بنعبدالعايل) نصوص خمتارة( اللغة دفاتر فلسفية ،

.م٢٠٠٥، ٤البيضاء، ط تمع، مهـ١٤٢٣متام حسان،عامل الكتب، القاهرة، د ط، : لويس، ترمجة د.م.اللغة يف ا. م١٩٧٤مصطفى مندور، منشأة املعارف، اإلسكندرية، د ط، : اللغة واحلضارة، د. ٢٠٠٤، القاهرة ، د ط، أمحد كشك، دار غريب : اللغة والكالم أحباث يف التداخل والتقريب، د. ١عباس صادق الوهاب، وزارة الثقافة واإلعالم، بغداد، ط: اللغة واملعىن والسياق، جون اليرت، ترمجة د ،

.م١٩٨٧ ١٩٥٠فندريس، تعريب عبداحلميد الدواخلي و حممدا القصاص، مكتبة األجنلو املصرية، د ط .اللغة، ج. د ت٢املعارف، مصر، ط عائشة عبدالرمحن، دار: لغتنا واحلياة ، د ،. م١٩٨٣أمحد علم الدين اجلندي ، الدار العربية للكتاب ، د ط ، : اللهجات العربية يف التراث ، د. ١٤٢٠، ١عبده الراجحي، مكتبة املعارف، الرياض، ط: اللهجات العربية يف القراءات القرآنية، د. هـ١٤٣٢ار الفكر العريب، القاهرة، د ط، عبدالغفار حامد هالل،د: اللهجات العربية نشأة وتطورا، د. هـ١٤٠٩، ١أنيس فرحية، دار اجليل، بريوت، ط: اللهجات وأسلوب دراستها، د. م١٩٧٨ية العراقية، بغداد، د ط، هلجة متيم وأثرها يف العربية املوحدة ، غالب فاضل املطليب، وزارة الشؤون الثقاف. هـن أبريل ١٤١٣، شوال ٥٤، مج ٥٠٤جملة املنهل ، جدة، ع نعمة رحيم، : ليس يف العربية تضخم لفظي، د

.٦٨م، ص ١٩٩٣ م٢٠١٠، ١عبدالسالم املسدي، دار الكتاب اجلديد املتحدة، بريوت، ط: مباحث تأسيسة يف اللسانيات، د. ٢ميشال زكريا، املؤسسة اجلامعية للدراسات والنشر، بريوت، ط: مباحث يف النظرية األلسنية وتعليم اللغة، د ،

.هـ١٤٠٥ هـ١٤٢٧، ١عبدالكرمي إبراهيم عوض صاحل، دار الصحابة للتراث، طنطا، ط : املتحف يف رسم املصحف، د. م٢٠٠٤، ١حماضرات يف املدارس اللسانية املعاصرة ، شفيقة العلوي، أحباث للترمجة والنشر، بريوت، ط . ٢القادر قنيين، أفريقيا الشرق، املغرب ، ط حماضرات يف علم اللسان العام ، فرديناند دي سوسري، ترمجة عبد ،

٢٠٠٨. ١سهى فتحي نعجة، عامل الكتب احلديث، إربد األدرن، ط: حسن مخيس امللخ و د: احملظورات اللغوية د ،

.م٢٠١٥ صورة عن طبعة املطبعة األمريية ببوالق، طهـ١٣٢٠، ١املخصص البن سيدة، دار الكتب العلمية، بريوت ، م. حممد زياد كبة، منشورات جامعة امللك سعود، الرياض، د ط ، : انيات ، جفري سامسون، ترمجة دمدارس اللس

.هـ١٤١٧ نعمان بوقرة، مكتبة اآلداب، القاهرة، د ط، دت: املدارس اللسانية املعاصرة، د. م٢٠٠٤، ١حممد يونس علي، دار الكتاب اجلديد املتحدة، بريوت، ط : مدخل إىل اللسانيات، د. حممد حسن عبدالعزيز ، دار النمر للطباعة، د ط، د ت: إىل علم اللغة ، د مدخل. ١٤٠٥، ٢رمضان عبدالتواب، مكتبة اخلاجني، القاهرة،ط : املدخل إىل علم اللغة ومناهج البحث اللغوي، د.

197

م ١٩٩٢، ٢حممود فهمي حجازي، دار الثقافة للنشر والتوزيع، ط: مدخل إىل علم اللغة، د. سعيد حسن حبريي، مكتبة زهراء الشرق، القاهرة، : علم اللغة، هايدرون بلتس، نقله إىل العربية د مدخل إىل

.٢٠١٣، ١ط إمساعيل عمايرة ، حبوث يف االستشراق : املراحل الزمنية للغة العربية الفصحى، فولف ديتريش فيشر ، ترمجة د

.هـ١٤١٧، ١واللغة، دار البشري، عمان، ط لغة، عبدالرمحن جالل الدين السيوطي، حتقيق حممد أبوالفضل إبراهيم وآخرون، دار التراث، املزهر يف علوم ال

..، د ت٣القاهرة، ط اء الدين بن عقيل، حتقيق د ،حممد كامل بركات، منشورات جامعة امللك : املساعد على تسهيل الفوائد

.١٤٠٠ط، عبدالعزيز، مركز البحث العلمي وإحياء التراث يف مكة املكرمة، د ٣ع، ١مجشاهني جملة عامل الفكر الكويتية عبدالصبور: ، دمشكالت القياس يف اللغة العربية. د ط، د ت)مصر( مشكالت اللغة العربية، حممود تيمور، مكتبة اآلداب ومطبعتها، اخلماسني ،. زكريا إبراهيم، مكتبة مصر ، د ط، د ت :مشكالت فلسفية مشكلة البنية، د. أمحد حممد قدور، منشورات وزارة الثقافة : لحن والتثقيف اللغوي حىت القرن العاشر اهلجري، دمصنفات ال

.م١٩٩٦السورية، دمشق، د ط، م١٩٨٠حممد عيد، عامل الكتب، القاهرة،د ط ، : املظاهر الطارئة على الفصحى، د. العلوم اإلسالمية والعربية "مؤمتر بع ضمن حبوثط لألستاذ الدكتور، سليمان بن إبراهيم العايد، معاين النحو

م ٢٠٠٧مارس٦ـ٤يف جامعة املنيا يف الفترة " وقضايا اإلعجاز يف القرآن والسنة بني التراث واملعاصرةاجلماديان من سنة ١٢و١١الربيعان وج ١٠و٩شر يف جملة العرب العددين جهـ ون١٧/٢/١٤٢٨ـ١٥املوافق

هـ٤٢/١٤٢٨ سيد الشريف اجلرجاين، حتقيق حممد صديق املنشاوي، دار الفضيلة ، القاهرة، د معجم التعريفات، علي بن حممد ال

.ط، د ت هـ١٤٢٢، ١عبداللطيف اخلطيب، دار سعد الدين ، دمشق، ط : معجم القراءات، د م١٩٨٤، ٢معجم املصطلحات العربية يف اللغة واألدب، جمدي وهبه و كامل املهندس، مكتبة لبنان، بريوت، ط. اد، دار العلوم للطباعة والنشر، الرياض، ط: د النحو الشعرية ، دمعجم شواها مجيل حدهـ، ١٤٠٤، ١حن ١٩٨٢، ١معجم علم العروض، حممد أسرب حممد أبو علي، دار العودة بريوت، ط. م١٩٨٢، ١أمحد زكي بدوي، مكتبة لبنان، بريوت، ط: معجم مصطلحات العلوم االجتماعية، د. ١٧حممود حسن اجلاسم، جملة جامعة أم القرى لعلوم الشريعة واللغة العربية، ج: وية، داملعىن والقاعدة النح ،

.هـ ١٤٢٥، ذو احلجة ٣٢ع ٢٠٠٧، ٢حممد حممد يونس علي ، دار املدار اإلسالمي، بريوت، ط:املعىن وظالل املعىن أنظمة الداللة العربية، د. إمساعيل عمايرة، ضمن أحباث مؤمتر اللغة ومواكبة العصر :املعيارية هذا املنهج الذي حفظ وحدة العربية، د

.احملور اخلامس) األول( ،ضة مصر، ط: بن خلدون، حتقيق دالمقدمة ابن خلدون م٢٠١٢، ٦علي عبدالواحد وايف، دار. م١٩٩٠، ٤مقدمة الصحاح، أمحد عبدالغفور عطار، دار العلم للماليني، بريوت، ط. م٢٠٠٤ ،١حممد يونس علي، دار الكتاب اجلديد املتحدة، بريوت، ط : التخاطب ، دمقدمة يف علمي الداللة و. ٢٠١٤حلمي خليل، دار املعرفة اجلامعية ، األسكندرية، د ط،:مقدمة لدراسة علم اللغة، د.

198

م٣/٥/٢٠١٣هـ املوافق ٢٣/٦/١٤٣٤، يف يوم اجلمعة ١٨٢٧٢ملحق الرسالة، جريدة املدينة، العدد رقم. دت٤إبراهيم أنيس، مكتبة األجنلو املصرية، القاهرة، ط: اللغة، دمن أسرار ،. دت٤إبرهيم أنيس، مكتبة األجنلو املصرية، القاهرة، ط: من أسرار اللغة، د ،. مع العلمي رمضان عبدالتواب، : من امتداد اللهجات العربية القدمية يف بعض اللهجات املعاصرة، دجملة ا

٤٧، ع ١، ج٣٥، مج العراقي ١٤٠٠متام حسان، دار الثقافة ، الدار البيضاء ، د ط ت : مناهج البحث يف اللغة، د. ١أمحد املتوكل، دار األمان، الرباط، ط : املنحىن الوظيفي يف الفكر اللغوي العريب األصول واالمتداد، د ،

.هـ١٤٢٧ هـ١٣٧٣، ١ احلليب، القاهرة، طإبرهيم مصطفى وعبداهللا أمني، مصطفى البايب: املنصف ، البن جين ، حتقيق. د ت٢حممود قاسم، مكتبة األجنلو املصرية، القاهرة، ط : املنطق احلديث ومناهج البحث، د ،. منهج البحث االجتماعي بني الوضعية واملعيارية، حممد حممد أمزيان، املعهد العاملي للفكر اإلسالمي، فرجينيا

.هـ١٤٢٩، ٤الواليات املتحدة األمريكية، ط ١علي زوين ، دار الشؤون الثقافية العامة، بغداد، ط: منهج البحث اللغوي بني التراث وعلم اللغة احلديث ،د

.م١٩٨٦ ١٠، ص ١٤٠٠عبدالصبور شاهني، مؤسسة الرسالة، بريوت، د ط، : املنهج الصويت للبنية العربية، د. م١٩٩٦، ١امعة قار يونس، طنوزاد حسن أمحد، منشورات ج: ، داملنهج الوصفي يف كتاب سيبويه. ،موقف اللغة العربية العامية من اللغة العربية الفصحى، حممد فريد أبو حديد، جملة جممع اللغة العربية، القاهرة

.م ١٩٥٣مطبعة وزارة املعارف، م١٩٩٢ ١حنو الصوت وحنو املعىن، نعيم علوية، املركز الثقايف العريب، بريوت، ط. م١٩٧٩عبده الراجحي، دار النهضة العربية، بريوت، د ط، : احلديث حبث يف املنهج، د النحو العريب والدرس. ١حممد محاسة عبداللطيف، دار الشروق، القاهرة، ط: الداليل، د -النحو والداللة مدخل لدراسة املعىن النحوي ،

١٤٢٠. م١٩٩٣، ١مي، بريوت، طعبدالقادر املهريي، دار الغرب اإلسال: نظرات يف التراث اللغوي العريب، د. أمحد حممد املعتوق، املركز الثقايف العريب، بريوت : نظرية اللغة الثالثة دراسة يف قضية اللغة العربية الوسطى، د

.م٢٠٠٥، ١والدار البيضاء، ط لس األعلى للثقافة، القاهرة، ط: نظرية اللغة يف النقد األديب، دم٢٠٠٣، ١عبداحلكيم راضي، ا. اد املوسى، املؤسسة العربية للدراسات والنشر، : نحو العريب يف ضوء مناهج النظر اللغوي احلديث، دنظرية ال

.هـ١٤٠٠، ١ط حلمي خليل، دار املعرفة اجلامعية، اإلسكندرية، د ط، : نظرية تشومسكي اللغوية، جون ليونز، ترمجة وتعليق د

٢٠١١.

شرت يف جامعة شرياز ضمن : الوجهة االجتماعية يف منهج سيبويه يف كتابه، داد املوسى ، نمقالة عن ١٦ .١٣٥٣سيبويه يف كتاب خاص،

199

فهرس تالمحتويا

200

الصفحة املوضوع

٣ امللخص باللغة العربية

٤ املخلص باللغة اإلجنليزية ٥ :املقدمة

١٣ )من الصوت إىل اللفظ ( التمهيد ١٥ مفهوم الصوت اإلنساين

١٦ للغويالصوت ا ١٨ اللغة والكالم

٢٠ اللغة مؤسسة اجتماعية ٢٣ النظرية اللغوية لدراسة اللهجات احملكية: الباب األول

٢٤ يف كتب علم اللغة احلديث) العامية/اللهجة(مرتلة املنطوقة :الفصل األول ٢٥ .التسوية بني اللغات واملستويات اللغوية : املبحث األول ٣٥ .اللغة املنطوقة واللغة املكتوبة : املبحث الثاين

٤٧ .مسات اللغة املنطوقة يف كتب علم اللغة احلديث : املبحث الثالث ٥٨ .دالالت الذوق اللغوي: املبحث الرابع

٦٥ .الصواب اللغوي معيار: املبحث اخلامس ٧٤ ديثيف كتب علم اللغة احل) اللغة املنطوقة ( صورة اللهجات : الفصل الثاين الظواهر اللهجية بني املنطوقة والنموذجية يف ضوء املوروث : املبحث األول

.الشفوي٧٦

٨٩ ) .املنطوقة( والعامية ) النموذجية( العالقة بني الفصحى : املبحث الثاين ٩٨ االزدواج اللغوي: املبحث الثالث ١٠٧ عيد اللهجات احملكيةاملمارسات اإلجرائية واملقاصد النفعية لتق: الباب الثاين

١٠٨ :من خالل احلديث عنبناء املفاهيم : الفصل األول ١٠٩ ."الفطرة " السليقة: املبحث األول

201

١١٧ . االستقراء : املبحث الثاين ١٢٤ .النموذج والطراز: املبحث الثالث ١٣٠ :من خاللمظاهر تقعيد اللهجات احملكية : الفصل الثاين ١٣١ .نظرية أفعال الكالم : املبحث األول ١٣٦ .إلغاء اإلعراب والتعلق بالقرائن : املبحث الثاين

١٤٧ .متثيل الكالم بني الرسم والنطق: املبحث الثالث ١٥٦ : من خاللاملقاصد النفعية من دراسة اللهجات وتقعيدها : الفصل الثالث ١٥٧ .وما يتصل به ةالتهوين من قداسة اللغ: املبحث األول ١٦٤ .اللغة الثالثة إعالء شأن : املبحث الثاين

١٧١ .إثراء املعجم العريب : املبحث الثالث ١٧٨ .وتفسريه توجيه املنطوق للمكتوب: املبحث الرابع

١٨٤ . ةــــــاخلامت ١٨٩ .فهرس املصادر واملراجع

١٩٩ فهرس احملتويات