بسم اهللا الرحمن الرحيم

المفاهيم الخاطئة عن العرب في اإلعالم الغربي واستراتيجية التصحيح

الدكتور محمد الهاشمي الحامدي: بقلم

مع بداية القرن الحادي والعشرين للميالد، الموافق الكتمال الربع األول من القرن

العالم بأسره فرصة الهجري الخامس عشر، كانت اآلمال كبيرة وعريضة بأن يغتنم

الثورة الهائلة في مجال اإلتصاالت للتعارف والتفاهم والتقارب بشكل أفضل من أي

وقت مضى، ولحل جميع المشاكل الدولية عبر الحوار، ولنشر العدالة في كل أرجاء

العالم، والتقدم نحو فكرة القرية العالمية الواحدة، التي تعلي وحدة الجنس البشري من

.قيم التعددية والتنوع والحريةدون طمس ل

لكن هذه اآلمال أصيبت بنكسات وصدمات عديدة، خاصة عندما يتعلق األمر بالعالقات

فالحروب ونقاط التماس العسكري بين الطرفين زادت ولم تنقص، . العربية الغربية

والخالفات السياسية في بعض الجوانب تزداد حدة، وأجواء التفاهم والتواصل تنكمش

.لح أجواء من التشنج والشك وسوء الظنلصا

البعض يقول إن نظرية الصراع بين الحضارات، التي توقعت مواجهة بين الغرب من

. جهة والعالم اإلسالمي والصين من جهة أخرى، تكاد تصبح حقيقة في جانبها األول

ر هذا الحكم فيه طبعا جانب كبير من التعميم، غير أن الناس يميلون عادة إلى إصدا

األحكام بناء على قراءتهم لألحداث الضخمة والمؤثرة في الواقع، ويقللون من أهمية

.الجوانب األخرى التي تسير بشكل طبيعي ومعتاد

المقصود من هذا أن هناك جوانب كبيرة للتواصل والحوار والتعاون بين الغرب والعالم

لكن الحرب في العراق، . العربي في جوانب عديدة، ووتيرتها العامة مقبولة أو جيدة

في لبنان، والوضع الدامي في فلسطين، مثل هذه الملفات هي ٢٠٠٦وحرب صيف

التي تفرض نفسها على الرأي العام وعلى صناع القرار في العواصم الغربية

.والعربية، وهي التي تشيع أجواء التوتر والقلق وسوء الفهم لدى الجانبين

نين، كان شائعا جدا أن تكون القوة هي الخيار األول قبل مئات السنين، وقبل آالف الس

أما اليوم، فقد أمل أنصار الحرية والسالم ودعاة . لحل النزاعات بين األمم والشعوب

القرية العالمية الواحدة، وكاتب هذه السطور منهم، أملوا أن يتجه العالم بقوة وتصميم

الشعوب، وإلى الصبر والمثابرة إلى اعتماد الحوار سبيال لحل النزاعات بين الدول و

في التمسك بهذه الخيار ومقاومة إغراءات اعتماد نهج العنف والقوة لتحقيق األهداف

.السياسية واإلقتصادية لهذا الطرف أو ذاك

لكن من الواضح أن البشرية قديما وحديثا تشترك في ما أراد اهللا عز وجل أن يجعله

ان، وعلى رأسها قابليته للفجور أو للتقوى، خصائص ثابتة لإلنسان في كل زمان ومك

وواضح أن هذا الجيل من بني آدم، . وللخير أو للشر، وللحوار أو للعنف واإلرهاب

محتاج أشد الحاجة لمراجعة أدائه في هذه المجاالت، من أجل أن يقدم المثال الحسن

اصل والتعاون مع لألجيال المقبلة ويقدم القدوة الرائعة في المراهنة على الحوار والتو

.بقية البشر لمحاصرة الظلم وبؤر التطرف وتيارات العنف والظلم واإلرهاب

وهنا تحديدا يبرز دور اإلعالم، في عصر أصبح يجوز فيه القول أن الناس أصبحوا

على دين إعالمهم، لما نالته وسائل اإلعالم من انتشار واسع ومن قدرة على التأثير

.في ماليين البشر

* * *

المفاهيم الخاطئة عن العرب في اإلعالم الغربي كثيرة، وقد كتب عنها الباحثون

وهي ليست جديدة ومرتبطة بأجواء . المتخصصون في مناسبات وفي مصادر كثيرة

الحرب على اإلرهاب بعد تفجيرات الحادي عشر من سبتمبر اإلجرامية، وإنما سابقة

اني من القرن العشرين تجليات هذه وقد رصد الباحثون العرب في النصف الث. لها

المفاهيم الخاطئة في الصحف والقنوات والتلفزيونية واألفالم السينمائية، ورأوا لدى

الكثير منها نزعة قوية للتساهل في تقديم العربي بصفة الشرير أو زير النساء، أو

.المتخلف المعادي للحضارة والتقدم

تهى عامه الثاني على وقع تفجيرات الحادي أما في القرن الحادي والعشرين الذي ان

عشر من سبتمبر اإلرهابية، فقد ساد تيار واسع في اإلعالم الغربي يربط بين اإلسالم

عامة واإلرهاب، وبين العرب واإلرهاب، وانتشرت ظاهرة الخوف من اإلسالم

".يةاإلمبريالية اإلسالم"و" الفاشية اإلسالمية"، وظهرت مصطلحات "اإلسالموفوبيا"

تتجلى المفاهيم الخاطئة عن العرب والمسلمين في اإلعالم الغربي بأكثر من صورة،

:منها على سبيل المثال ال الحصر

ـ القول بأن العرب والمسلمين يكرهون الحضارة الغربية بسبب قيمها وتقاليدها، ١

بوذة وهذا غير صحيح، وال يقول به إال متطرفون متشددون يمثلون أقلية مهجورة ومن

فاألغلبية الساحقة من العرب والمسلمين تحترم الحضارة . في المجتمعات اإلسالمية

واألمم الغربية، وتعتبرها في الغالب مثاال للتقدم، وتحاول أن تقتدي بها في مجاالت

. كثيرة

ويتجاهل الذين يروجون مثل هذه التهم للعرب والمسلمين أن في مجتمعاتهم تيارات

ود واليهود والمسلمين، وتتبنى أطروحات عنصرية متشددة، لكن ال متطرفة تكره الس

أحد من ضحايا هذه التيارات يعمم اإلتهام لكل األروبيين واألمريكيين ويخلط بينهم

.وبين األقليات المتطرفة والعنصرية الموجودة في صفوفهم

عربية ـ نسبة األعمال اإلجرامية التي يقوم بها إرهابيون ومتشددون من أصول ٢

وإسالمية إلى القيم اإلسالمية والثقافة العربية، والبحث عن جذورها في الدين وفي

هذا مع أنه من . مناهج التعليم المعتمدة في المدارس داخل المجتمعات اإلسالمية

بالمائة من سكان مصر وأندونيسيا ٩٩اليقين الذي ال يرقي إليه الشك أن أكثر من

انيا والسينغال وغيرهم من الدول اإلسالمية، أناس والسعودية والمغرب وموريت

. مسلمون مسالمون، محبون للخير كارهون للعنف معادون لإلرهاب

وبالمقابل، فإن العنصرية التي تعاني منها كثير من المجتمعات الغربية، وتتجلى في

يادين مظاهر كثيرة أحدثها ترديد الهتافات العنصرية البذيئة بحق الالعبين السود في م

كرة القدم، مثل هذه الظاهرة الخطيرة والملموسة ال يردها العرب والمسلمون وال

إعالمهم إلى القيم المسيحية السائدة في الغرب وال يعتبرونها تعبيرا عن أسس

.الحضارة الغربية

ـ تضخيم الجرائم التي يشتبه أن مسلمين يقفون وراءها لتغذية أجواء الشك بهم ٣

من دينهم وثقافتهم، وبالمقابل التهوين المبالغ فيه من الجرائم التي والخوف منهم و

يكون ضحاياها من العرب والمسلمين، وتجاهلها بالكامل في أحيان كثيرة عن تعمد

.وإصرار

والحقيقة أنه لو تم تضخيم كل جريمة سياسية أو غير سياسية لخضع العالم كله لثقافة

العرب والمسلمون مع جريمة سربنيتسا لو تعامل . الخوف والشك وسوء الظن

بالطريقة التي يتم التعامل بها مع بعض الجرائم البشعة التي ارتكبها عرب ومسلمون

. التهمهم العالم بالحمق والتعصب والجنون

ـ التحرش بالعرب والمسلمين في أمور رمزية متصلة بقناعاتهم الدينية، مثل منع ٤

ة الملتحين، رغم أن ثقافة حقوق اإلنسان العالمية النساء من ارتداء الحجاب ومضايق

من غير المقبول . تجعل مثل هذه األمور من ضمن مبادئ حرية اإلعتقاد وحرية العبادة

اليوم أن يضطهد سيخي في أوروبا أو في العالم العربي أو آسيا بسبب مظهره

ل أن يضطهد ومن غير المقبو. وطريقة عنايته بلحيته، الرتباط ذلك بدينه وعقيدته

لكن هذا المنطق السليم والفطري . يهودي بسبب ارتدائه لقبعته واحترامه لتعاليم دينه

.يصبح الغيا في بلدان كثيرة عندما يتعلق األمر بالعرب والمسلمين

ـ إبراز األصوات الشاذة المتطرفة المحسوبة على المسلمين وإعطاؤها مساحات ٥

. افية للشك في المسلمين ولكراهية دينهمواسعة في اإلعالم لتقدم مبررات إض

وبالمقابل تجد أصوات اإلعتدال، والشخصيات الموثوقة علميا في الشؤون اإلسالمية،

تجد صعوبة كبيرة في إيصال صوتها لوسائل اإلعالم والرد على تلك األصوات الشاذة

.المهجورة والمنبوذة من الغالبية الساحقة من المسلمين

بيون لو أن وسائل اإلعالم العربية كلها ركزت فقط على بعض ماذا سيقول الغر

األصوات الشاذة من األحزاب والجماعات اليمينية المتطرفة واعتبرتها هي المعبرة عن

هل سيرون في هذا إنصافا وإخالصا للحقيقة؟. ثقافة الغرب وحضارته

***

م الغربي عرضت هذه خمسة وجوه للمفاهيم الخاطئة عن العرب والمسلمين في اإلعال

ومن اإلنصاف أن يثبت الباحث أن عددا معتبرا من وسائل . على سبيل الذكر ال الحصر

اإلعالم الغربية ذات السمعة والتجربة ال تنخرط بسهولة في ترويج هذه المفاهيم،

.وتبذل جهدا ملحوظا لتجنب الوقوع في هذا المسلك، وتصحح أخطاءها إذا نبهت إليها

وسائل اإلعالم الشعبية الغربية األخرى، المرئية والمسموعة والمكتوبة لكن العديد من

ذات اإلنتشار الواسع، تدغدغ مشاعر بعض الفئات المتطرفة أو الجاهلة أو الخائفة من

. مشاهديها ومستمعيها وقرائها بترويج هذه المفاهيم الخاطئة عن اإلسالم والمسلمين

بث برامج أو نشر مقاالت تتضمن اتهامات وال تتورع هذه الوسائل اإلعالمية عن

عنصرية لعموم العرب، أو تجريحا واضحا في اإلسالم وفي شخصية نبيه صلى اهللا

فإذا احتج المسلمون قيل لهم إن حرية التعبير والتقاليد الديمقراطية تسمح . عليه وسلم

ية لممارسة حق وإذا احتج المسلمون بحرية التعبير والتقاليد الديمقراط. بكل هذا وأكثر

الرد، أو إذا احتجت المرأة المسلمة بحرية التعبير والتقاليد الديمقراطية لممارسة حقها

تلك القيم تستخدم في اتجاه واحد، للتعريض بالعرب في اختيار لباسها، تبين أن

والمسلمين، وال تكفل لهم حق الدفاع عن أنفسهم وممارسة شعائرهم الدينية

.ومعتقداتهم بكل حرية

ومما زاد من شيوع وهيمنة التيار اإلعالمي المسيء للعرب والمسلمين توجه عدد من

م استثمارا سياسيا، وإطالق الساسة الغربيين الستثمار مشاعر الخوف من اإلسال

التصريحات المثيرة بهذا الخصوص، ومحاولة كسب األصوات والفوز باإلنتخابات تحت

شعارات ظاهرها مقبول بوجه أو بآخر، ومضمونها وحقيقتها التشدد ثم التشدد ضد

.العرب والمسلمين

ية تريد يزعم هؤالء الساسة أن لبعض العرب والمسلمين ايديوجية ظالمية وامبريال

فرض نفسها على العالم بالقوة، مما يبرر إشعال الحرب هنا وهناك للتصدي لها

. وهم يضعون هذه اإليديولوجية في نفس قيمة وقوة النازية أو الفاشية. وهزيمتها

.ومن هنا يتحدثون عن اإلمبريالية اإلسالمية، والفاشية اإلسالمية

هناك تيارات إرهابية قليلة العدد . ءولكن الحقيقة أن هذا الزعم محض اختالق وهرا

في بعض البلدان اإلسالمية، تحاصرها مجتمعاتها، وتطاردها الحكومات، ويدينها

العلماء، ويفضحها اإلعالم، وتتبرأ منها األغلبية الساحقة من العرب والمسلمين

ويرون أنها تيارات تشوه اإلسالم وتلحق به أكبر األذى بسبب الربط بينه وبين

.الها اإلرهابية المدانةأعم

من هنا ال يمكن للباحث الموضوعي المنصف أن يضخم حقيقة هذه األقلية الشاذة

كيف يكون اإلسالم . المدانة، ليغطي بها على حقيقة اإلسالم والمجتمعات اإلسالمية

امبرياليا أو فاشيا وهو الذي يقوم اإلعتقاد فيه على الحرية، وتأسست أول دولة في

لى قاعدة دستور المدينة المنورة، في عهد رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم، تاريخه ع

الدستور الذي اعترف بالتعددية الدينية وآخى بين المسلمين واليهود واعتبرهم أمة

واحدة؟

كيف يكون اإلسالم امبرياليا أو فاشيا وفي تاريخه كله لم تقم محاكم قمعية ظالمية مثل

ب فيه جريمة مثل جريمة الهولوكوست المروعة، أو مثل محاكم التفتيش، ولم ترتك

جريمة تشكيل نظام حكم عنصري تقوم فيه األقلية البيضاء بالسيطرة على األغلبية

السوداء وقمعها واضطهادها؟

كيف يكون اإلسالم امبرياليا وفاشيا والدول اإلسالمية تعاني من حمالت اإلمبريالية

ن على األقل؟ قبل مائة عام فقط، كانت أكثر الدول والفاشية طيلة القرنين الماضيي

واليوم، ما تزال العواصم اإلستعمارية الكبرى تمارس . اإلسالمية خاضعة لإلستعمار

نفوذا هائال على مستعمراتها السابقة، وهو في كثير من األحيان نفوذ سيء باعتراف

أعوام، بين فيه أن رئيس الواليات المتحدة األمريكية في خطاب شهير له قبل ثالثة

.ذلك النفوذ مورس في اتجاه دعم الظلم ومصادرة حرية الشعوب اإلسالمية

كيف يكون اإلسالم امبرياليا وفاشيا ودوله ما تزال تكافح من أجل اإلستقرار، وبناء

نظم حكم عادلة ومستقرة، وتحتاج للمساعدات الدولية؟ بل إن بعض الشعوب العربية

فكيف تكون امبريالية . كافح من أجل التحرر وحق تقرير المصيرواإلسالمية مازالت ت

!وهي ال تريد وال تستطيع. وفاشية؟ إنها ال تستطيع ذلك ولو أرادت

فالقوى الدولية . هذه هي مجددا لعبة ترويج المفاهيم الخاطئة والشعارات المضللة

بريالية التي المدججة بكل وسائل القوة والبطش الحديث، والمسكونة باألطماع اإلم

عرفها التاريخ مرات كثيرة، تحتاج إلى شعارات تبرر بها معاركها، ودعاية تغطي بها

ومرة أخرى، تجد المجتمعات العربية واإلسالمية الضعيفة وغير المستقرة، . مشاريعها

.تجد نفسها في موقع الضحية وتحت طائلة التهديد

هو العامل التاريخي الذي حكم وثمة عامل آخر ال يمكن تجاهله في هذا السياق،

إن تاريخ الحروب الصليبية، وتاريخ . العالقات الغربية العربية، أو الغربية اإلسالمية

ومع أن . اإلستعمار، مازال يؤثر في قطاعات معتبرة من األوروبيين واألمريكيين

من اإلنسانية احتفلت قبل ست سنوات فقط بدخول القرن الحادي والعشرين، فإن العديد

الدراسات واستطالعات الرأي تبين بشكل قاطع ومثير للقلق أن اإلسالموفوبيا تنتشر،

وأنها غدت بوجه من الوجوه صناعة محكمة التنظيم تخدم أهداف صناعها، وأنها تلقى

رواجا كبيرا في هذه المرحلة بسبب غياب اإلتحاد السوفياتي، وبسبب ارتباط بعض

ي ارتكبت في السنوات الماضية بجماعات إرهابية تتخذ األعمال اإلرهابية البشعة الت

.اإلسالم شعارا لها

* * *

ما العمل؟

فقد عانت منها شعوب . يجب أوال عدم اإلستسالم لهذه الظاهرة واعتبارها قدرا مقدورا

.أخرى في شرق العالم وغربه فترات معتبرة من الزمن ثم زالت الغمة وانزاحت

:اؤل، ويعني أيضا اعتماد خطة عمل ناجعة، من عدة بنودوعدم اإلستسالم يعني التف

ـ هذه الخطة ينبغي أن تنطلق من قاعدة نظرية، مستندة لإلسالم، توجه العرب ١

والمسلمين إلى اإلنفتاح على الغرب وعلى كل شعوب العالم، والتعاون مع الجميع

ما يأمر به القرآن هذا . لخدمة المصالح المشتركة، ومبادئ العدل والسالم في العالم

يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا "الكريم في قول اهللا تعالى

، وهذا ما أسسه النبي صلى اهللا عليه وسلم عمليا في دولته، وجسدته "وقبائل لتعارفوا

.الحضارة اإلسالمية في تاريخها الطويل

ومعنى هذا المبدأ هو . الخطأ بالخطأ ـ يجب عدم الرد على الظلم بالظلم، أو على ٢

أن على العرب والمسلمين أن ال يردوا على اإلسالموفوبيا باإلنخراط في حملة معاداة

واليهود ساميون وأهل كتاب، ونبيهم االشهر . العرب ساميون أصال. السامية مثال

. لمموسى عليه السالم نبي للمسلمين أيضا واإلعتقاد بنبوته شرط لصحة عقيدة المس

والخالفات السياسية يجب أال تتخذ مبررا لألخطاء األخالقية، لذا يجب أن يبحث

المسلمون واليهود فرصة التوصل ألرضية مشتركة وخطة عمل موحدة لمكافحة

وعلى الطرفين أن يكونا في مقدمة . معاداة السامية واإلسالموفوبيا في آن واحد

.الحملة ضد العنصرية

بما " اإلسالموفوبيا"دأ أيضا أال يرد العرب والمسلمون على ومن مقتضيات هذا المب

، أي بترويج ثقافة الكراهية للغرب ولألوروبيين "الغربوفوبيا"يجوز تسميته بـ

ومصلحة العرب . أوروبا وأمريكا قدما ويقدمان الكثير للحضارة اإلنسانية. واألمريكيين

من أجل األمن واإلزدهار والمسلمين أن يجعلوا من األوروبيين أصدقاء وشركاء

والشك أن األكثرية الساحقة من الغربيين عقالء، واألكثرية . اإلقتصادي والسالم

الساحقة من الغربيين منصفون وأذكياء، يعرفون مفاسد العودة إلى ثقافة القرون

الوسطى، ثقافة الكراهية والخوف والعدوان، وفوائد احترام الشعوب األخرى والتعاون

.ية واحترام متبادلمعها بند

ـ يجب تقسيم العمل بين مسلمي الغرب من من جهة ومسلمي المجتمعات العربية ٣

واإلسالمية من جهة أخرى لمواجهة حملة تشويه العرب والمسلمين ورسالة اإلسالم

المنظمات التي ينشط فيها المسلمون األوروبيون واألمريكيون دفاعا . والعدل والسالم

ق اإلبراز في وسائل اإلعالم العربية، وتستحق المؤازرة من الساسة عن حقوقهم تستح

. والكتاب وعلماء الدين العرب والمسلمين

ـ من واجب الدول العربية واإلسالمية أيضا أن تكون لها خططها الخاصة لمواجهة ٤

من الممكن . اإلسالموفوبيا وخطر انتشار نظرية الصراع والصدام بين اإلسالم والغرب

يف أمين عام مساعد في منظمة المؤتمر اإلسالمي وفي جامعة الدول العربية، تكل

لتنسيق الجهود على هذا الصعيد، وإيصال رسالة واضحة لصناع القرار في الغرب،

وللرأي العام الغربي، خالصتها أن ترويج ثقافة الكراهية لإلسالم ليس من صالحهم

. وال من صالح األسرة الدولية

بعض الدول المحورية والمؤثرة، مثل السعودية ومصر وأندونيسيا أن ـ تستطيع ٥

ترعى جمعيات مدنية متخصصة في بلدانها ترصد وسائل اإلعالم الغربية، وتتصل بها

للرد على ما هو ظالم بحق العرب والمسلمين، وتصحيح المفاهيم الخاطئة، ونشر

.المفاهيم الصحيحة

ل واألفضل واألهم من كل ما سبق هو أن تغير ـ وأخيرا ال آخرا فإن الحل األو٦

المجتمعات اإلسالمية ما بها من مظاهر الخلل والفساد واإلستبداد، وتعلي من شأن

ولقد كرمنا : "اإلنسان فيها، وتكرمه كما أراد اهللا عز وجل وكما قصد في قوله تعالى

د واضحا وجليا في إن إقامة النظم السياسية العربية واإلسالمية على ما ور". بني آدم

الشريعة اإلسالمية من توجيه قوي وحاسم نحو العدل والشورى واحترام حقوق

.اإلنسان، سيقود العرب والمسلمين حتما نحو مزيد من العزة واإلستقرار واإلزدهار

وعندما تزدهر المجتمعات العربية واإلسالمية على أساس ما جاء به اإلسالم وحث

لشورى واحترام حقوق اإلنسان، فإن األمم الغربية ستزداد عليه من مبادئ العدل وا

وستحترمهم بقية األمم األخرى . احتراما للعرب والمسلمين وإعجابا بهم وتقديرا لهم

.أيضا في الشرق والغرب

أما اإلعراض عن نهج العدل والشورى واحترام حقوق اإلنسان فسيعطي المبرر تلو

عن العرب والمسلمين في جميع أنحاء العالم وليس المبرر النتشار المفاهيم الخاطئة

في الغرب فقط، وسيقود إلى المزيد من التفتت واإلنقسام في المجتمعات اإلسالمية،

.وربما إلى عودة اإلستعمار المباشر مرة أخرى في أكثر البالد العربية بوجه خاص

ـــــــــــــــــــــــــــــــ

تي تنظمها جامعة نايف العربية للعلوم األمنية حول ورقة مقدمة للحلقة العلمية ال

١٦في الرياض، في الفترة من " اإلعالم األمني ودوره في تصحيح المفاهيم الخاطئة"

٢٠٠٦ سبتمبر ٢٠إلى