62
٨١١ א א א א א? א ? K א

النظرية الإدراكية واثرها بالدرس البلاغي

  • Upload
    -

  • View
    92

  • Download
    10

Embed Size (px)

Citation preview

٨١١

אאאאא

?א?

٨١٢

٨١٣

א ــة ــوم اللغوي ــا العل ــي تثريه ــة الت ــضايا الفكري ــة والق ــسائل املعرفي إن امل اإلدراكيـة, وهـي تتطـرق إىل دراســة نـشاط االسـتعارة يف التواصـل العــادي

أو اإلبــداعي, هــي التــي دفعتنــا إىل اإلســهام مــع ســائر البــاحثني )١(يأوالعلمــ )٢(املهتمني هبذا احلقل العلمي يف إعادة النظر يف جوانب من الدرس البالغي

باالســتناد إىل النتــائج التــي توصــل إليهــا البــاحثون يف هــذه العلــوم ســواء يف وم اإلنـسانية وخاصـة الدرس البالغـي أو النحـوي أو األديب أويف عامـة العلـ

وهي نتائج تعيننا دون ريب عىل فهم االستعارة . العلوم النفسية واالجتامعية يف منظومة التواصل بني املتخاطبني بلغة واحدة, وضـمن ثقافـة واحـدة, كـي ــامل ــن األع ــا م ــتعارية دون غريه ــامل االس ــتكلم األع ــستعمل امل ــم مل ي نفه

قــدم لنــا كــام يقــول لودفيــك فتقانــشتاين القوليــة? هــل يقــدم لنــا معرفــة أم يإحساسا باللغة ? هل نرى ونحن نستمع إىل االستعارة أشياء أم نـرى الـصور

.)٣(اللغوية أواحلديث عن الذهن ?

ذلك أن اخلطاب العلمي قد يستعمل االستعارة لتنظيم املعرفة أولتفسريها وتوضـيحها أوغـري (١) إنـام هواسـتعارة لـصورة الـشجرة يف تـشبيه "إن فروع الفلـسفة كثـرية"ذلك من املقاصد فقولنا

. فهوكذلك استعارة الفلسفة بشجرة العلوم , أوتتفرع هذه النقطة فرعني . ال نعني بطبيعة احلال الدرس التعليمي وإنام نعني الدرس العلمي (٢) . ٤٦١ ص ٢٠٠٧ حتقيقات فلسفية تعريب عبد الرزاق بنور ,املنظمة العربية للرتمجة بريوت (٣)

٨١٤

ونلحظ أوال أن التطور الذي عرفه الدرس البالغي احلديث يف جمال ــة فهــم االســتعارة وآلياهتــا وكيفيــة إنتاجهــا وتقبلهــا مل يكــن طفــ رة علمي

حمدودة أوتطورا ذاتيا داخليا أنتجه علم البيان بداللته القديمة وخاصة يف اهتاممه بجامل العبارة, كال بل إن هذا التطور كـان وليـد تفاعـل خمـصب بني خمتلف علوم اللسان وخاصة اللـسانيات التداوليـة أومـا يعـرف عـادة

فظ أوالــنص, وســائر عنــد أهــل االختــصاص بلــسانيات اخلطــاب أوالــتل . )١(حقول املعرفة اإلنسانية كعلم الرتبيـة البنـائي وعلـم الـنفس اإلدراكـي

وكان هذا التطور ثمرة انتقال معريف خصب مـن االهـتامم بجـامل العبـارة يف اخلطاب األديب وهوجمال ضيق طاملا أرهق الدرس البالغي وعزلـه عـن

ة, إىل االهــتام م بنجاعــة العبــارة يف ســياقاهتا ــواقــع اخلطــاب التواصــيل عامة الواسـعة , وبمـسالك بنائهـا الـذهني أوبمعامرهـا املعـريف )٢(ـالبالغية احلي

الـنفس هيـتم بأنه علم من علـوم cognitive psychology يمكن أن نعرف علم النفس اإلدراكي (١)

بمسالك إنتاج الدماغ البـرشي للمعرفـة وتنظيمـه هلـا ,وبطرائـق التفاعـل بـني الـذهن واملحـيط . البرشي وأشكال ختزين املعلومات واستعامهلا وفق اخلطاطات الذهنية واحلاجات

ظلت البالغة يف عامة احلضارات القديمة حبيسة التصنيف املدريس ,وقـد مثلهـا خـري(٢) متثيـل يف يف ) ١٧٥٦−César Chesneau Dumarsais١٦٧٦( اللغــات األوروبيــة قيــرص شــينوديامريس

Traité des (مصنفه الشهري الذي يعد املرجع األساس يف البالعة التعليمية وهوكتـاب الـصور

tropes ( ويمكـن أن نعـد. وقد ضبط أنواع الصور بمعزل عن السياق األديب الذي تستعمل فيـه = مصنف كايني بريملــان ولوســـي تيتيكاه البالغـــة اجلديـدة أويف احلجـاج منطلـق التحـول

الذي عرفه الدرس البالغي يف أفقه اجلديد الذي يعيد إىل البالغة األرسطية داللتها الواسعة بعد أن =

٨١٥

ويف هذا السياق يقـول . )٢( يف اللغة اليومية ويف سائر اخلطابات)١(أواإلدراكي إن االختــزال األخــري للبالغــة واقتــصارها عــىل دراســة ":فرانــسوا راســتيه

وإبعادها عام هوجمتمعي جعلها قابلة للدراسة من قبـل الصور ثم املجازاتلسانيات اللسان وليس لسانيات االسـتعامل, وهـو أمـر حيـرم اللغـة ) كذا (

صبغة املدرسية التبـسيطية وهـي سجنت لقرون عديدة يف باب العبارة واملسارد البالغية الثالثة ذات ال

انظر تقديم هذا الكتاب وتلخيص أبوابـه ضـمن أهـم نظريـات .علم البيان وعلم املعاين وعلم البديع منـشورات كليـة ) إرشاف وتقـديم محـادي صـمود(احلجاج يف التقاليد الغربيـة مـن أرسـطوإىل اليـوم

١٩٥٨سية, وقد ظهرت أول طبعة له سـنة , والكتاب منشور باللغة الفرن١٩٩٨اآلداب منوبة تونس ١٩٥٨ Perelman et L.Tyteca: Traité de l' argumentation puf .�: انظر

مقاربـة : انظر حتليل هذه الفكرة عند عبد اإلله سليم ضمن كتابه بنيات املشاهبة يف اللغة العربية (١)ظ أن هـذا الباحـث وغـريه مـن , ونلحـ٧ص .٢٠٠١معرفية دار توبقال للنرش الـدار البيـضاء

الدارسني يف املغرب يـستعملون مـصطلح املعـريف أوالعرفـاين لوسـم النـشاط الـذهني ولكنننـي أفضل عبارة اإلدراكي; ألن عبارة املعريف تبعد بنا عن النشاط الداخيل للذهن وحتيل عـىل معنـى

.د ارتبطت بالفكر الصويف النشاط العلمي والفكري اخلارجي عموما , أما عبارة العرفاين فقذلك أن اللسانيات التداولية تثبت اليوم أكثر فأكثر أن املجاز منغرس يف اللغة اليومية وأنه لـيس )٢(

بخصيصة من خصائص اخلطاب األديب بـل يـشكك اللـسانيون اإلدراكيـون يف مقولـة االنزيـاح أوالعدول ألهنم يرون أن املجاز جزء مـن التواصـل العـادي , انظـر حتليلنـا هلـذه النقطـة ضـمن

مؤلفنا اخلطاب األديب وحتديات املنهج منشورات النادي األديب بأهبا .٢٢ ص ٢٠١٠ −١٤٣١

٨١٦

لقـد أعـادت اللـسانيات طـرح . )١(والنـيص) بفتح اخلـاء (من البعد اخلطايب العالقة املعرفيـة التـي تـصلها بالبالغـة بعـد أن اتـسع جماهلـا وكـرست قيـود

ــد ــه مــع املنطــقال ــديم وحتالف ــسانيات يف . )٢(رس النحــوي الق ورشعــت اللختليص البالغة من ربقة التصور االختزايل الذي يقترصفيه الدرس البالغي عىل وصف الصور ثم املجازات معزولة عن أبعادهـا االجتامعيـة والـسياقية

حقـل وقـد تنـامى يف العقـود األخـرية اهـتامم علـامء التواصـل يف . واخلطابية بصناعة اخلطـاب, فكـان )٣(الصحافة والوسائط السمعية البرصية واإلشهار

لـذلك بـالغ األثـر يف تطـور الـدرس البالغـي بمدلولـه الواسـع أي الــدرس ويعـرس يف هـذا املقـام أن نلـم بالروافـد التـي . الذي يسهم يف إنتـاج املعرفـة

بيانية وحقول أسهمت يف مد جسور التواصل املعريف بني حقل الدراسات الولكــن نكتفــي باإلملــاع إىل أهــم . )٤(املعــارف اللــسانية واألدبيــة واإلدراكيــة

فنون النص وعلومه ,ترمجة إدريس اخلطاب دار توبقال للنرش الدار البيـضاء ) ١( ١٧٤ , ص ٢٠١٠

.وقد جاءت ترمجة هذه الفقرة يف أسلوب ملتوثقيل .١٧٠املرجع نفسه ص : سوا راستيه فران) ٢(األدب عنـد العـرب منـشورات كليـة األداب : يف خصوص النظرية الوسائطية ينظر يف العادل خـرض ) ٣(

, فقد اعتمد أهم املراجع التـي تعـرف هبـذه ٣١ −١٦ ص ص ٢٠٠٤منوبة ودار سحر للنرش تونس ة األدبية ضمن نظام ثقايف حمدد النظرية وبمختلف الوسائط الثقافية التي تنتج الظاهر .

نحيل يف هذا السياق عىل نامذج من األبحاث املهمة التي خلص أصحاهبا تـاريخ التفكبـري البالغـي يف )٤( ــوب انظــر مــثال حــسام اخلطيــب ــة واإلدراكيــة وبعلــم احلاس ــلته باللــسانيات التداولي األدب : ص

. ١٩٩٦عريب لتنسيق الرتمجة والنرش بريوت والتتكنولوجيا وجرس النص املفرع , املكتب ال

٨١٧

ــة ــصبغة اإلدراكي ــدرس البالغــي ذوال ــور مــن خالهلــا ال ــي تبل املراحــل التوخاصة املسائل املتصلة باالستعارة ويف )١(فقد انتهى علامء الرتبية البنائيون.

ــساب ــسلة صــدارهتم جــان بياجــه إىل أن اكت ــن سل ــق م ــة ينطل ــل للغ الطفعمليات استعارية تفرضها عليه معرفته املحدودة ألن إدراكه للموجـودات بشكل تدرجيي بنائي يدفعه إىل بناء عالقات بني األسامء احلاصلة يف رصيده

وقـد أسـهم . اللغوي واملسميات اجلديدة فينتج بـذلك اسـتعارات خمتلفـة ذا الدرس بام انتهى إليه من نتـائج علميـة يف علم النفس اإلدراكي يف بناء ه

وضــع اللبــات األســاس لفهــم أنظمــة اإلدراك الــذهني للمعرفــة ووصــف مــساراهتا ومعامرهــا وضــبط آليــات اشــتغاهلا و شــتى اإلســرتاتيجيات التــي

)٢(.يضعها اإلنسان حلل مشاكله اليومية يف خمتلف املجاالت

علم الرتبية البنائي هونظرية تربوية تستمد مفاهيمها مـن الفالسـفة البنائيـة وتـرى أن املـتعلم ال )١(

يتلقى املعرفة تلقيا سلبيا , وهوليس بـصفحة بيـضاء تـسجل عليهـا املعـارف مهـام تكـن املرحلـة التعليمية وإنام يكتـسب املـتعلم املعرفـة اجلديـدة باسـتخدام املعرفـة الـسابقة , فهـوإذن ال يـتعلم

بشكل سلبي بل يسهم بـام يعـرف مـن التجربـة احلـسية أوالعقليـة , واالجتامعيـة يف بنـاء املعرفـة ومن املراجع املهمة التي تفرس النظرية البنائية يمكـن أن نعـود إىل التطـور املعـريف عنـد .اجلديدة

−١٤٠٦ رشبـل املؤسـسة اجلامعيـة للدراسـات والنـرش والتوزيـع بـريوت جان بياجيه ملـوريس – ومهـا يف الـذكاء احلـيس ١٥٨ −١٠٩ وخاصة الفـصلني اخلـامس والـسادس ص ص ١٩٨٦

.احلركي عند الطفل وخمتلف عمليات البناء اإلدراكي Jean Luc Roulin : Psychologie cognitive Bréal Rosny: يمكن أن نعود يف هذا الباب إىل )٢(

٢٠٠٦, Annie Barais : L' Homme cognitif, PUF Paris ٢٠٠١ '

٨١٨

:ال االستعارة ونظرية النقل واالستبد−١ يمكــن أن نرجــع تــصور الفكــر اإلنــساين القــديم لنــشاط االســتعارة

ــوم االســتبدال ــة إىل مفه ــى )١(عام ــه انبن ــذي علي ــل, وهواألســاس ال والنقففـي النظريـة األرسـطية يقـوم : التصور األرسطي والعريب والغـريب القـديم

الفكـر البالغـي واإلعـارة, واالسـتعارة يف )٢(هذا املفهوم عـىل مبـدأ املـشاهبة أن تـذكر أحـد طـريف التـشبيه, وتريـد بـه ": أوهي)٣(العريب مبالغة يف التشبيه

استعمل مصطلح االستبدال للداللة عىل مفهوم االختيار يف اللـسانيات العامـة , وهواسـتعامل )١(

اهليئة يدخل عىل اجلهاز االصطالحي ارتباكا , انظر مثال حممد عبد املطلب , البالغة واألسلوبية , فهويــستعمل عبــارة اســتبدال بمعنــى جــدول ٦٣−٦٢ ,ص ١٩٨٤املــرصية العامــة للكتــاب

االختيـار يف حتليلـه للمفهـوم اللـساين املعـروف وهـوأن كـل كلمـة تـدرج يف تركيـب إنـام تكــون فقولك أديت الواجب اختيـار مـن جـدول فيـه قمـت بالواجـب وأنجـزت : اختيارا من جدول

... الواجب إلخالواجب وأهنيت يستعمل بعض الباحثني عبارة النظرية التشبيهية ولكنها يف رأيي عبارة غري دقيقة بـل غـري وفيـة )٢(

, انظـر "املشاهبة "لوسم داللة البنية التي تقوم عىل القياس والتناظر ,واألوىل أن نستعمل عبارة ديثـة ,منـشورات احتـاد الكتــاب مـثال حممـد عـزام , حتليـل اخلطـاب األديب يف ضــوء املنـاهج احل

فقـد اسـتعمل هـذا املـصطلح مـسايرا يف ذلـك اسـتعامل حممـد ٢٤٦ ص ٢٠٠٣العرب دمـشق .مفتاح قي كتابه املتواضع حتليل اخلطاب الشعري واسرتاتيجية التناص

ــا نجــد اختالفــا بــني أرســطوومن جــاء بعــده مــن البالغيــني املنتــسبني إىل نظريــة النقــل ) ٣( وإن كناالستبدال فإذا كان أرسطويعد التشبيه شكال من أشكال االستعارة فإن فنتني مـثال يـذهب إىل و

P. Fontanier: Les Figures du: أن االسـتعارة شـكل مـن أشـكال العـدول عـن التـشبيه انظـر

discours. Paris flammarion p١٤٥،١٥٠ ,١٣٢

٨١٩

الطــرف اآلخــر مــدعيا دخــول املــشبه يف جــنس املــشبه بــه, داال عــىل ذلــك بإثباتك للمشبه ما خيص املشبه به فاالسـتعارة بجميـع أنواعهـا عمليـة . )١("

. ) ٢("بيل اإلعـارة للمبالغـة يف التـشبيه مسامه األصيل عـىل سـ"نقل للفظ من داللة حرفية وهي : وتركيب االستعارة حيمل معنيني اثنني أوداللة مزدوجة

, ويـستمد البالغيـون )٣(كاذبة وداللة جمازية هي املقصودة بأسـلوب التـشبيهالقـدامى تعريفـاهتم لالسـتعارة عـىل اخـتالف مـصنفاهتم مـن هـذه النظريـة

وقـد اسـتقر . )٤(عالقته تشبيه معناه بام وضع لـه ما كانت" :فاالستعارة هي يف هــذه النظريــة االســتبدالية أن املــتكلم ينطلــق مــن التــشبيه أوينجــز عمــل

يـسلك ": يقـول فرانـسوا راسـتيه .التشبيه, ثم ينرصف عنه إىل االسـتعارة تقسيم الداللة اللفظيـة املعجميـة وهـي رضوريـة لتمييـز املجـازي مـن غـري

مــن الكلمــة األصــلية إىل ( مقابلــة الكلــامت : طــرق ) كــذا (ملجــازي ثالثــةامـن املعنـى األصـيل أو ( , مقابلة استعامالت الكلمـة ذاهتـا )الكلمة املجازية

. ٥٩٩ ص ١٩٨١د دار الرسالة بغدا١ السكاكي , مفتاح العلوم , ط )١( ١٩٧١القزويني , اإليضاح ,حتقيق حممد عبـد املـنعم خفـاجي ,ط دار الكتـاب اللبنـاين بـريوت )٢(

.٤٠٧ص راجـع أرسطوواالســتعارة ضــمن القــاموس املوسـوعي للتداوليــة جلــاك موشــالر وآن ريبــول , )٣(

−٤٢٩ ص ص ٢٠١٠تعريب جمموعة من األساتذة والباحثني , املركز الوطني للرتمجـة تـونس ٤٣١.

وهذا التعريف هو عينه يف عامة املصنفات القديمة , يف البيان والتبيني للجاحظ وقواعـد الـشعر )٤(لثعلب واملوازنة لآلمدي والنكت للرماين وغريها من املؤلفات .

٨٢٠

ــة الكلمــة )املعنــى احلــريف إىل املعنــى املجــازي مــن ( , وأخــريا أجــزاء داللإن االستعارة . )١()لة األفكار الرئيسة إىل األفكار الثانوية مثل اإلحياء واإلحا

معنـى أصـليا أو حرفيـا هـو املعنـى اإلبالغـي املقـصود : حتمل معنيني اثنـنيتبليغه ومعنى فرعيا أو ثانيا وهو املعنى املجازي, واالستعارة هي قياس أو

ــاين وهــو جمــازي وتوســعي ــاملعنى الث ــى األول ب اســتبدال للمعن , وذلــك )٢(وقـد . خيمـه وتقويتـه يف ذهـن الـسامع لتحقيق البيان ولتحـسني املعنـى وتف

سار البالغيون العرب عـىل هـذا الـنهج يف فهـم االسـتعارة وحتليـل أركاهنـا وتنزيلها منزلتها من سائر أنـواع أبنيـة املـشاهبة, وذهبـوا يف تعريفهـا إىل أهنـا

تعليق العبارة عىل غري ما وضعت له يف أصل اللغة عىل جهة النقل واإلبانة, , وهـي نقـل معنـى )٣(نشاط استبدايل باملعنى اللـساين لالسـتبدالفاالستعارة

من جمال داليل هو شائع فيه معروف بـه إىل جمـال داليل آخـر غـري مـستعمل ويذهب بعض الباحثني من املهتمـني بالبالغـة . فيه وذلك عىل وجه اإلعارة

. ١٧٥فنون النص ص )١(ام هومـستعمل عـىل املجـاز فقـط املعنى املجازي هواملعنى الذي ال نجده يف أصل االسـتعامل وإنـ )٢(

كقولك هذا الرجل اجتامع يميش يف الطريق ,فاملعنى هنا أنه يثرثر ويكثر من الكـالم وال وجـود يف األصل الجتامع يميش يف الطريق وأما املعنـى التوسـعي فكقولـك هـذه الغرفـة زريبـة أبقـار ,

األصل وهوزريبة أبقار, ولكنـك نظرا إىل الفوىض التي تعمها ,فقد استعملت معنى موجودا يف . ٤٣١, انظر القاموس املوسوعي للتداولية ص .استعملته عىل التوسع

حمور االستبدال أواالختيار يف النظرية اللسانية هوأحد املحورين الرئيسني اللـذين علـيهام تقـوم )٣( ) .االستبدال والرتاكب أوالرتكيب ( عملية تأليف الكالم

٨٢١

اإلدراكية إىل أن هذا التصور العام ال يعدم استثناءات طريفة تعدل النظريـة وتربز وجوه قصورها, ويف هذا املجال يرى عبد اإلله سليم أن عبـد القـاهر

انتقــل يف دالئــل اإلعجــاز وأرسار البالغــة مــن النظــر إىل "اجلرجــاين قــد االستعارة باعتبارها عملية نقلية تفصح عن إمكان انتقال اللغة من األصـل

ائيـة, إن االسـتعارة يف نظـره إىل الفرع إىل النظر إليهـا باعتبارهـا عمليـة ادعليــست نقــل معنــى مــن طــرف هــو مالكــه وصــاحبه األصــيل إىل طــرف هــو مستعريه ومقرتضه, بواسطة مسوغ ما إنـام هـي عكـس ذلـك ادعـاء املعنـى

وإطالقهـم يف االسـتعارة ": ويورد الباحـث قـول اجلرجـاين . )١("ملعنى آخر أهنا نقل العبارة عام وضعت له من ذلك فال يصح األخذ به; وذلك أنك إذا

كنــت ال تطلــق اســم األســد عــىل الرجــل إال مــن بعــد أن تدخلــه يف جــنس األسود من اجلهة التي بينا مل تكن نقلت االسم عام وضع له باحلقيقـة ألنـك إنام تكـون نـاقال إذا أنـت أخرجـت معنـاه األصـيل مـن أن يكـون مقـصودك

قال له عن معنـاه مـع إرادة معنـاه فمحـال ونفضت به يدك, فأما أن تكون نا وفعـال فــإن جمادلـة اجلرجــاين للنظريـة البالغيــة التـي يتبناهــا )٢(. "متنـاقض

ســابقوه تقــوم عــىل الطعــن يف نقــل املعنــى وهــو مــا ســنراه يف حــديثنا عــن االستعارة والنظرية التفاعلية لكنه جاء ليميز املعنى من معنى املعنى, فرأي

الذي هاجم به سابقيه مؤداه أن عملية النقل ينبغي أال ينظـر إليهـا اجلرجاين

. ولكنه مل يستغل هذا الرأي كام سنرى يف الفقرات اآلتية .٦٠اهبة يف اللغة العربية ص بنيات املش )١( .ن .م )٢(

٨٢٢

بام هي نقل للمعنـى األصـيل يف املـستعار ألنـه ال مزيـة هلـذا املعنـى, وينبغـي للمتلقي أو السامع أن ينظر إىل املعنى من جهة التأويل وإنتاج املعنى أومـن

, يقـول اجلرجــاين )١(جهـة مـا ســامه شـكري املبخــوت باالسـتدالل البالغــي وذاك أن موضوعها عىل أنك تثبت هبا معنـى ال يعـرف ": معرفا االستعارة

السامع ذلك املعنى من اللفظ ولكنه يعرفه من معنـى اللفـظ, بيـان هـذا أنـا نعلم أنـك ال تقـول رأيـت أسـدا إال وغرضـك أن تثبـت للرجـل أنـه مـساو

ثـم نعلـم أن الـسامع إذا .قدامـه لألسد يف شجاعته وجرأته وشـدة بطـشه وإ نستنتج )٢( ."عقل هذا املعنى مل يعقله من لفظ األسد ولكنه يعقله من معناه

من رأي اجلرجاين هذا أن قولنا زيـد أسـد ال يـتم فيـه نقـل معنـى لفـظ أسـد الذي هو املعنى األصيل لألسد أو املعنـى احلـريف للكلمـة أي ذلـك احليـوان

ذي له نيوب وأظافر قاطعة وزئري, وهو يعيش يف الغاب, الالحم املفرتس البل إن حركة النقل يستتبعها إنتـاج للمعنـى مـن املعنـى األول وهـو صـفات

فاجلرجاين يرفض إذن النقل بمعناه احلريف ألن . الشجاعة واجلرأة واإلقدام . افاالستعارة ال تتحقق باملعنى احلريف بل باملعنى الثاين أو املصاحب أو احل

انظر تفـصيل القـول يف معنـى املعنـى ضـمن كتابـه االسـتدالل البالغـي الفـصل األول اخلـاص )١( دار , سلـسلة مقـال مقـام , ٥٤−٣٩باجلرجاين واملوسوم باالستدالل باملعنى عىل املعنى ص ص

. ٢٠٠٦املعرفة وكلية اآلداب منوبة تونس .٣٣١ ص ١٩٨١دالئل اإلعجاز حتقيق حممد رشيد رضا ط دار املعرفة بريوت )٢(

٨٢٣

: االستعارة والنظرية التفاعلية −٢ لئن كانت نظرية اجلرجاين يف االستعارة وفيـة ألصـول النظريـة العامـة وهي املشاهبة واالستبدال واإلعـارة فـإن توسـعه يف فهـم حركـة االسـتعارة

ن يف نظرنا مدركا للوجـه اآلخـر مكنه من االنفتاح عىل التفكري التفاعيل فكاللعالقة بني املستعار واملستعار له أو املعنى األصـيل واملعنـى الفرعـي بتعبـري القدامى, فقد ذهب يف أرسار البالغة إىل أن العامل الذي ينتمي إليه الطـرف املستعار يف تركيب االستعارة ليس معزوال متام العزل عن الطرف الثاين أي

من املعانم يقـول )١( بل إن بينهام يف األصل صلة داللية يف معنم املستعار له, فأنت تستعري معنى األفضل ملا هودونه ومثاله استعارة الطريان لغري ذي ":

اجلناح إذا أردت الرسعة, وانقضاض الكواكب للفرس إذا أرسع يف حركته حالـة الـسابح من العلو, والسباحة ألنه إذا عدا عدوا كان حاله فيـه شـبيها ب

ومعلـوم أن الطـريان واالنقـضاض والـسباحة والعـدوكلها جـنس . يف املاء ــروا إىل خــصائص ــة عــىل اإلطــالق, إال أهنــم نظ ــث احلرك ــن حي واحــد م األجسام يف حركتها فأفردوا حركة كل نوع منها باسم, ثم إهنم إذا وجـدوا

تعاروا العبـارة يف اليشء يف بعض األحوال شبها من حركـة غـري جنـسه اسـوطـرت بمنـصيل يف * من ذلك اجلنس فقالوا يف غري ذي جناح طـار كقولـه

لقد أدرك عبد القاهر اجلرجاين أن صلة املـستعار باملـستعار . ) ٢("* يعمالت

.هوحزمة من السامت الداللية املكونة للكلمة أوللقطب الداليل )١( . ٤١ ص ١٩٨٨أرسار البالغة تصحيح حممد عبده وتعليق حممد رشيد رضا ط بريوت )٢(

٨٢٤

له وثيقة وأهنام غري منفـصلني, بـل أدرك أهنـام ينتميـان إىل عـامل تتفاعـل فيـه يف يقدم بعض الباحثني العرب نظريـة األقطاب الداللية, وإننا نستغرب ك

ريتشاردز ونقده للنظرية االستبدالية دون اإلملاع إىل نص اجلرجاين لتعـديل سـبق ": احلكم املطلق الذي أصدره ريتشاردز, يقول عبد اإلله سليم مـثال

وقـد (...) اإلشارة إىل أن هناك منظورا تقليديا لالستعارة ذا طابع استبدايل عن هذا املنظور منظـورا آخـر أطلـق عليـه اسـم منظـور املقارنـة )١(فرع بالك

معلنا أن داللة االستعارة ال تتحدد من خالل الكلمـة بـل مـن خـالل (...) ــة ــم الدالل ــذلك تكــون دراســتها جــزءا ال يتجــزأ مــن عل ــول وب الق وإذا .

استقرت داللة االستعارة يف الكلمـة وانقـضت حاجتهـا إىل الـسياق الـذي وتـدخل يف اسـتعارة نائمـةطها ويعطيها داللتها الديناميكية فإهنا تصبحينش

ــسنيات رصــيد ــل .املــشرتكة الل ــصورين مــن قب ــاد هــذين الت ــم انتق ــد ت وق هلذين املنظـورين اللـذين )٢(ريتشاردز وبالك اللذين ركزا عىل الطابع الذري

د مـنهام يضعان حدودا فاصلة بني طريف االسـتعارة حيـث حيـافظ كـل واحـعنـد احلاجـة التجميليـة ) كـذا ( عىل خصائـصه, ويـتم اسـتبداهلام ببعـضهام

لقد تبنى الباحث نقد ريتـشاردز وبـالك للفكـر البالغـي . )٣("والتوضيحية

كتابـا بعنـوان االسـتعارات ١٩٦٢هوعامل لساين أنقليزي اهتم بدراسـة االسـتعارة ونـرش سـنة )١( Models and metaphors cornel university press London :واملناويل

يعني بالطابع الذري االجتاه الذي ينظر من خاللـه إىل االسـتعارة بـام هـي جمـرد كلمـة أوكلمتـني )٢( . بمستعار وتنقالن من جمال داليل إىل آخرتتعلقان

٦٢بنيات املشاهبة يف اللغة العربية ص )٣(

٨٢٥

دون أن يكافحه بـرأي اجلرجـاين الـذي يـنهض ) الفكر الغريب طبعا(القديم ني احلقـل الـداليل عىل عكـس مـا ادعيـاه, أي يـنهض عـىل إبـراز التفاعـل بـ

للمـــستعار وللمـــستعار لـــه, فقـــول صـــاحب أرسار البالغـــة إن املـــستعار يـشرتكان يف مطلـق احلركـة ألن الـسباحة "سـبح الفـرس "واملستعار لـه يف

واجلري جنس واحد مهم يف نقد هذه النظريـة التـي تـرضب صـفحا عـام يف ومل يـرش . لتفاعليـة ? تاريخ التفكري البالغي من إملاعات مفيدة يف النظريـة ا

الباحث كذلك إىل أن تفكري ريتشاردز التفاعيل هوأيضا ثمرة من ثامر تطـور ــد ــة يف العــرص احلــديث عــىل ي ــم الدالل ــه عل ــذي عرف ــستيمولوجي ال اإلبي

فهـو يف تقـديرنا ) ١٩٥٠−١٨٧٩(الفيلسوف البولوين ألفريد كهشيبـسكي أول مفكر قـوض النظريـة االسـتبدالية األرسـطية بتأسـيس رؤيـة سـيميائية

جديــدة اصــطلح عــىل تــسمية نظامهــا املفهــومي بعلــم الداللــة العــام, وقــد مـدخل إىل األنظمـة غـري : أصدرها يف كتابه الـشهري العلـم وسـالمة العقـل

ومل يكن عبد اإلله سليم الباحـث الوحيـد . )١(األرسطية وعلم الداللة العامالذي قرص يف قراءة اجلرجاين بـل نـسج ل أن صـالح فـضل كـذلك سـار يف

أبحاثه نفس السرية, فهو مثال مل هيتم برأي اجلرجاين حني عـرج عـىل تفـسري والفـرق بـني املعنـى املعجمـي " اإلنـسان ذئـب ":ريتشادز وبالك للجملـة

)١( Alfred Korzybski : Science and Sanity : Introduction to Non-Aristotalien Systems and

general semantics, internationalNon-Aristotelien Library ٣ed with new pref LakevilleConn: InternationalNon-Aristotalien Library Publishing co ١٩٤٨.

٨٢٦

وإذا كان عبد اإلله سليم وصالح فضل قد قرصا . )١("والتداعيات الداللية من الزاوية التفاعلية فإن بعض الباحثني ينكر ذلك يف قراءة تفكري اجلرجاين

إنكارا تاما بـرصيح العبـارة, إذ يـذهب جـابر عـصفور مـثال إىل أن العالقـة التفاعلية بني املستعار واملستعار له مل تكن من العنارص الفكرية التي تـنهض

ال جيـول بخـاطر عبـد ":عليها رؤية عبد القـاهر اجلرجـاين البالغيـة يقـول القــاهر أن املعنــى الــذي نحــصله مــن االســتعارة لــيس هــو املعنــى األصــيل املزعوم وإنام هو معنى جديد نبع مـن تفاعـل كـال الطـرفني اللـذين يكونـان

وقد أفاض عبد القاهر اجلرجـاين يف بيـان هـذا التفاعـل عـىل )٢(."االستعارة "زيـد األسـد"ى النحوالذي رأيناه يف الشاهد السالف الذكر, فقوله إن معن

ليس معنى اللفظ أي األسدية وإنام هو املعنى الذي اسـتلزمه اللفـظ, فنقـل األسدية إىل زيد يصاحبه إذن ختل عن اجلانب الداليل غري املقبول يف وصف زيد باألسدية وهو أن له أظـافر ونيوبـا حـادة قاطعـة وأنـه مـن الـسباع التـي

يقـول حييـى بـن محـزة .ف احليـوان تأكل اللحـم, وأنـه يـسكن الغـاب وخييـ إذا قلــت رأيــت أســدا جيــدل األبطــال بنــصله ويــشك الفرســان ": العلـوي

عن لوازم اآلساد وخصائصها إذ لـيس * أسدا *برحمه, فقد جردت قولك

بالغة اخلطـاب وعلـم الـنص , دار الكتـاب املـرصي , القـاهرة ودار الكتـاب اللبنـاين بـريوت )١(

.١٨٧−١٨٤ ص ص ٢٠٠٤ .٢٢٦ ص ١٩٩٢ بريوت الصورة الفنية يف الرتاث النقدي والبالغي , املركز الثقايف العريب )٢(

٨٢٧

وهـذا . )١("من شأهنا جتديل األبطال, وال شك الفرسان بالرماح والنـصال املـستعار واملـستعار لـه, وهـو يقتــيض الـتخيل هـو عينـه معنـى التفاعـل بــني

أاليكون لألسد يشء من صفات زيد, فمعنى الشجاعة يف قـوهلم جـاء زيـد األسد هو التشبه الناتج عن العالقة بني الفكرتني املختلفتني, فكرة أن زيـدا رجل وأن األسد حيوان, وهو املحصلة من التفاعل كام يرى ريتـشاردز )٢( ;

وض االســتعارة بالتــشبيه فنقــول زيــد كاألســد أي إنــه لــذلك يمكــن أن نعــ كاألسد يف جانب وليس كاألسد يف جانب منـه أي احليـوان املفـرتس الـذي

إال أننا ال ننفي أن أبحاث ريتشاردز يمكن أن تعد املنعـرج . يسكن الغاب الفكري الـذي تأسـست بـه لبنـات الـدرس البالغـي الـذي يقـوض مفهـوم

ــصور لبالغــة االســتبدال ــق مــن ت ــادل, وهــو ينطل ــوم التب ويعوضــه بمفه اخلطاب قريب جدا من نظرية النظم عند عبـد القـاهر اجلرجـاين, ذلـك أنـه يرى أن الكلمة املفردة أو اللفظة املركبة ال متلك قيمة بالغية يف ذاهتـا بـل إن

السياق هو الذي حيدد وجهتها البالغية, وكـل سـياق إنـام حييـل يف احلقيقـة عىل سياق آخر يتضمن الكلمة نفـسها أو املركـب اللفظـي عينـه, ومـن ثمـة

١٩٨٠الطراز املتضمن ألرسار البالغة وعلوم حقـائق اإلعجـاز , دار الكتـب العلميـة بـريوت )١(

.٢٣٦ ص ١جيرى ريتشاردز أن الكلمة ال تتضمن قيمة بالغيـة يف ذاهتـا وهـو مـن آراء اجلرجـاين وأن الـسياق )٢(

بدأ فإن االستعارة عالقة بني فكـرتني خمتلفتـني هوالذي يمنحها تلك القيمة وانطالقا من هذا املتعمالن معا يف كلمـة واحـدة أوعبـارة واحـدة ويكـون معناهـا أي االسـتعارة حمـصلة لتفـاعلهام

Richards(I.A) The philosophy of Rhetoric Oxford univ press New York ١٩٦٧ p٥٩.

٨٢٨

تظهر قيمة نظرية التفاعل ونجاعتها يف دراسة املجاز عامة واالسـتعارة عـىل ويرى ريتشاردز أن هذا التفاعل يعنـي أن داللـة األلفـاظ . وجه اخلصوص

ومـن . ت التـي تـستعمل فيهـا تتكاثر وتتوالد بتغري عالقاهتا داخـل الـسياقاجهـة أخـرى يـدحض ريتـشاردز الفكــر القـائم عـىل القيـاس واالســتبدال ويعده فكرا جتزيئيا حتليليا ال ينظر إىل نشاط االستعارة بام هو حدث سياقي

إن نظريـة ريتـشاردز ومـن . بل ينظر إليه بام هوعالقة بني طرفني متباعـدين رة ليـست عمليـة نقـل للمعنـى مـن جمـال إىل سار عىل هنجه ترى أن االستعا

آخر بل هي عملية تفاعل بني نوعني من التفكبري ينصهران يف عبارة واحـدة : فاملتلفظ باالستعارة جيمع يف ذات الرتكيب بـني عـاملني ثقـافيني خمتلفـني :

ويف هذه النظرية ال يرى الدارس .عامل ثقافة املستعار وعامل ثقافة املستعارله املــشاهبة مــن منظــور وجــوه الــشبه فحــسب بــل هيــتم كــذلك بوجــوه بنيــة

: االختالف, وهي متثل املجال غري التفاعيل يف الصورة )ج( مثال

إذا هي نصــته وال بمعــطل*** وجيد كجيد الرئم ليس بفاحش إن هذا املثـال يبـني لنـا كيـف أن ا الحـرتاس بـام هـو وجـه مـن وجـوه

البالغــة نــاتج عــن احلــذر الــذي يبديــه الــشاعر إزاء مــا قــد ينــتج يف إدراك السامع يف هذا املثال من تفاعل بني املشبه واملشبه به ويعني هذا التفاعل أن .

التشبيه بال احرتاس يقدح يف ذهن السامع مسالك مـن وجـوه الـشبه تتنـاىف

٨٢٩

إن النظـر إىل . رض الغزيل يف سياق الشعرية العربيـة ومجالية الصورة يف الغهذا التشبيه نظرة تفاعلية عمل يوجهنـا إىل أن نبـني كيـف أن الـشاعر أخـذ

− عىل قول اجلـاحظ−املعنى الغزيل من املعاين األعيان املطروحة يف الطريق ثـم وصــل ) طـول جيـد احلبيـب وطـول جيـد الـرئم ( املوجـودة يف اخلـارج

هام, وبنـى عالقـة معنويـة غـري موجـودة يف األعيـان, فكـان وجـه الـشبه بيناملعنى الذهني األول املستخلص من العالقة بني األعيان, ثم شـذبه بثالثـة

معان أعيان فغدا معنى غري موجود يف اخلـارج, غـدا معنـى ختييليـا, ومتـت ون أو مـا ينـشد بذلك املحاكاة باملعنى األرسطي أي حكاية ما يمكن أن يكـ

.الشاعر أن يكونوأخريا يمكن أن نكمل عنارص النظرية التفاعلية يف حقـل االسـتعارة

االسـتعارة احليـةباإلملاع إىل جهود املفكر بول ريكور فيام أطلق عليه تـسمية متييزا هلا مـن االسـتعارة النائمـة وهـي العبـارة اجلـاهزة التـي فقـدت قيمتهـا

رأس −رغـم أنفـه( الستعامل يف املعجم اللغوي املشرتك اإلبداعية وأدجمها ا أحشاء املدينة − عجلة التاريخ – ابتسامة الربيع – صدر السفينة –الصفحة

ــول ريكــور يف ســياق تقــويض مفهــوم ... ) جــوف الليــل – وقــد ذهــب ب يقتــيض التأويــل تــوترا دالليــااالســتبدال إىل أن بــني املــستعار واملــستعار لــه

توترا ناجتـا عـن اخلـصومة بـني العالمـة اللغويـة ومرجعهـا, وبـني والفهم,

٨٣٠

العالمــة اللغويــة وتارخيهــا الــداليل أي مــا اكتــسبته مــن داللــة عــرب أجيــال فاملتكلم بأي لغة من اللغات يرفض يف الوعيه اللغوي . االستعامل املختلفة

القـة بـاللجوء العالقة االعتباطية بني الدال واملدلول, فرتاه يقـاوم هـذه العاملــستمر إىل االســتعارة; ألن االســتعارة متكنــه مــن إثبــات أثــره العقــيل يف العالقة بني الدال واملدلول ومن تعتعة تلك العالقة التـي فرضـها التواضـع

ويــذهب بـــول ريكــور يف هــذا الـــسياق إىل أن . فأصــبحت رضبــة الزب طية ومـا تفـرع عنهـا هـو التعريف القـديم لالسـتعارة أي يف النظريـة األرسـ

يقترص عىل وضع االستعارة ضمن املسارد املحيطة هبا, وهي تعريف اسميالتشبيه والكناية وغريمها من أنواع املجاز, وأما التعريف التفاعيل فهو هيتم ــاب دون ــا يف اخلط ــرشي ووظائفه ــر الب ــتعارة يف الفك ــاج االس ــة إنت بحرك

وم هـي رغبـة مـستمرة يف التوسـع الـداليل, إن االستعارة هبذا املفه. اجلملة هي رصاع مستمر بني اللغة والفكر, بني اللغة بصفتها نظاما مفروضـا عـىل الفرد والفكر بصفته طاقة خالقة للمعنى وللرمـز يف آن, وهـي هبـذا املعنـى

.)١(حتويل مستمر للكالم وخلصائصه األنطولوجية

)١( Paul Ricoeur : La métaphore vive,Seuil Paris ١٩٩٧p ١٥

٨٣١

:)١( االستعارة والنظرية التداولية−٣يذهب فرانسوا راستيه وهـو أحـد أعـالم الداللـة التأويليـة إىل أن مـن إجيابيات التداولية أهنا وجهت اهتاممها إىل أبعد من اجلملة ويف هذا اإلطـار

بمثـال " أبعد من اجلملة " , ويمكن أن نفرس قوله )٢(فهي تعد وريثة البالغةفــه الــدرس البالغــي ملمــوس مــن الــشعر العــريب لبيــان التطــور الــذي عر

وهوينتقل من املفهوم االستبدايل الذي ال جياوز اجلملة إىل املفهوم التـداويل ففـي دراسـة :وهويبنى عىل القياس الشعري بمقدماته االقتـضائية ونتائجـه

االســتعارة الــواردة يف عينيــة أيب ذؤيــب اهلــذيل يف رثــاء أبنائــه, وقــد عــدها كنية, تقترص نظريـة النقـل عـىل النظـر إىل البالغيون من عيون االستعارة امل

يعــرف آن ريبــول وجــاك موشــالر التداوليــة بأهنــا دراســة اســتعامل اللغــة مقابــل دراســة النظــام )١(

اللساين الذي تعنى بـه حتديـدا اللـسانيات البنيويـة , وإذا حتـدثنا عـن اسـتعامل اللغـة فـألن هـذا يف النظـام اللغـوي يف حـد ذاتـه , االستعامل ليس حمايدا من حيث تأثريه يف عملية التواصـل وال

انظر فصل التداولية واللسان والعرفان , تعريب شكري املبخوت , ضمن القاموس املوسـوعي والواقـع أن هـذا التعريـف مـستمد مـن لـسانيات الـتلفظ كـام , ٢١للتداولية مذكور أعـاله ص

ات العامـة حيـث يميـز ضبط أسـسها األوىل إيميـل بنفينيـست يف كتابـه الـشهري مـشاكل اللـساني اخلطاب من احلكاية ويبـني كيـف حييـل املـتكلم عـىل مقـام الـتكلم باسـتعامل املـؤرشات −هنـا(

وضامئر التكلم وكيف أن كل تلفظ إنام يتم باالنطالق من موقع الذات املتكلمـة ) هؤالء −اآلن . حلظة التكلم

.١٧١ مذكور أعاله ص فرانسوا راستيه , فنون النص وعلومه , )٢(

٨٣٢

اجلملة من الناحية البالغية االسـتبدالية وعـىل تعيـني االسـتعارة وعـىل ذكـر أطرافها أواملتعلقات التي كونتها :

ألفيت كل متيمة ال تنفع *** وإذا املنية أنشبت أظفارها ) س( مثال اعر شبه املنيـة بالـسبع, وتكتفي نظرية النقل واالستبدال بالقول إن الش

ثم اختار منها األظـافر وهـي مـن متعلقاهتـا وأسـندها إىل املنيـة جيعلـون ": ــة ــة عــن الــسبع, وجيعلــون إثبــات األظــافر هلــا قرين ــة اســتعارة بالكناي املني

ثم تدهور تعليم هذه الصورة يف اجلهـاز املـدريس وبلـغ مـن . )١("االستعارة صــارت فيهــا الــصورة تشخيــصا, وأصــبح كــل الــرداءة والتبــسيط درجــة

ــصا ــصوير تشخي ــاليب الت ــن أس ــلوب م ــذي عرفتــه . أس ــور ال إال أن التط اللــسانيات التداوليــة أثــر مبــارشة يف الــدرس البالغــي, بفــضل العــودة إىل خطابـة أرســطوطاليس املعروفــة بالريطوريقــا, ومكنــت العــودة إىل مفهــوم

تداوليـة احلديثـة مـن إعـادة النظـر يف املـسار يف البالغـة الحجاجية الـصورةالذهني الذي تقطعه االستعارة بام هي وجه من وجوه املعرفـة وإن االهـتامم

للصورة يف العرص احلـديث قديمـة ) املعرفية –الفكرية ( بالقيمة اإلدراكية نــسبيا, وهــي ليــست مــن إنجــازات علــامء اللــسان يف العقــود األخــرية مــن

القة الـدماغ بالـصور وبإنتـاج التخييـل, وباخلطاطـات الذهنيـة, املهتمني بع

. ٦١٥السكاكي , مفتاح العلوم مذكور أعاله ص )١(

٨٣٣

وباشتغال املخ, بل يعود االعتناء هبا إىل أواخر القرن التاسع عرش فقد سعى منذ أواخر ذلك القـرن إىل أن Francis Galtonالعامل النفيس فرنسيس جالتن

حيلل مكونات اسرتجاع املايض يف الذهن البرشي بام هوصورة م رئية, وقد ــة اإلدراك .واصــل أ ــشاردز هــذا اجلهــد يف دراســة الــصورة مــن ناحي أ ريت

أن نجاعــة ١٩٢٤الـذهني فبــني يف كتابـه مبــادئ النقـد األديب الــصادر سـنة الصورة ال تتأتى من وضوحها وبياهنا بقدر ما تأتى من كوهنا حادثا ذهنيـا "

. )١("يـل لإلحـساس برسـم بـاق أومتث" و"ارتباط خاص باإلحساس "له "تبـني لنـا أن قـول ) س(وإذا أجرينا هذا الرأي عىل بيت أيب ذؤيـب يف املثـال

نتيجة يف قياس شـعري مقدمتـه األوىل "وإذا املنية أنشبت أظفارها"الشاعر إن املنية سبع, ومقدمته الثانيـة هـي القـضية األخـرى: اآلتية )٢(هي القضية :

القيــاس أن نــستخرج الــصورة اســتتباعا منطقيــا إن للــسبع أظــافر, واقتــىضأوحجاجيا من املقدمتني ومكنتنا املقاربة التداوليـة مـن أن نكتـشف حتفيـز .

الشاعر املخاطب إذ جيعل املعنى الذي يقوم عليه التشبيه حتصيل حاصل يف

رونيه ويليك ووارن أوستني ,نظرية األدب ,تعريـب عـادل سـالمة ,دار املـريخ للنـرش الريـاض )١(

.٢٥٥ص ١٩٩١أســتعمل بطبيعــة احلــال عبــارة القــضية بــاملعنى املنطقــي وهــي تقــوم عــىل عالقــة إســنادية صــلة )٢(

.عها بمحموهلا غري رضورية موضو

٨٣٤

ويمرره متريـرا )١()املنية سبع ( ذهن السامع أومقتىض من مقتضيات الكالم ويرتقي إىل صـناعة االسـتعارة )٢(حيتاج فيه إىل اإلقناع باملقدمات الشعريةال

فاالسـتعارة إذن هـي البنيـة كام لوأن املخاطب قد وافقـه عـىل ذلـك املقتـىض ــرأي ــر ال ــتكلم لتمري ــل هبــا امل ــي يتحي القياســية الت ــة . ــة احلجاجي إن املقاربف النظــام املعــريف والثقــايف وسـليلتها املقاربــة اإلدراكيــة متكناننــا مــن اكتــشاففي البيت املذكور ال يمكن : الذي إليه يستند الشاعر يف إنتاج نظام التمثيل

لالستعارة إال أن تكون نتاج فكـر متـشبع بـروح احليـاة الرعويـة والزراعيـة

ــة املــشرتكة جــاك موشــالر وآن ريبــول , )١( ــة املعرف انظــر يف خــصوص االقتــضاء التــداويل ونظري

فقد عرفا االقتضاء التداويل ٢٥١ – ٢٤٩القاموس املوسوعي للتداولية مذكور أعاله ص ص بأنه قضية يعتقد املتكلم فيها أويتبناها ويعتقد يف أن املخاطب ي .عتقد فيها أويتبناها

ونظري هذه البنية التداولية يف النحومثال استعامل النعت استعامال حجاجيا لتمرير قضية أورأي , )٢(يف القصيدة الرائعـة التـي ألقاهـا الـشاعر : يقول املعلق الصحفي يف احلديث عن مسامرة شعرية

دمـه املـتكلم عـىل أسـاس أنـه حقيقـة وصف ملا خيتلج بخاطره من العواطف , فالنعت الرائعة يق الخالف حوهلا أي مقتـىض مـن مقتـضيات الكـالم وجينبـه مجلـة تـسبق هـذه وهـي إن القـصيدة

ــشة واملعارضــة ــا للمناق ــضاء اجتناب ــار إىل اقت ــول اإلخب ــة, فهوحي رائع ــسوف . ــول الفيل ويف قواملـسؤولية واحـرتام إن احلريـة احلقيقيـة هـي الـشعور بالواجـب "االجتامعي جان جاك روسـو

تنبيه عـىل أن هنـاك مـن يـرى نوعـا آخـر مـن "حقوق اآلخرين ضمن كتابه يف العقد االجتامعي احلرية وهي احلرية غري احلقيقية أي حرية الفوىض والترصف دون ضوابط أخالقية أواجتامعية,

املخاطبني حول هـذا إذن يندرج يف سياق االختالف بني املتكلم وطائفة من " احلقيقية "فالنعت . املوضوع

٨٣٥

حيــث الفريــسة تنــشب أظفارهــا يف الطريــدة, فــاملوت يف هــذا اللــون مــن ة دموية مؤملة وغري عاقلة, وهي نظـرة مل تتفـتح التمثيل ينظر إليه نظرة حسي

زمن قول هـذه الـصورة للفكـر اإليـامين الـذي جيعلنـا نـرى يف املـوت قـدرا حمتوما وفق سنة اهللا تعاىل يف خلقه ووفق مـا بنيـت عليـه احليـاة واملـوت مـن

واالستعارة يف هذا اللون من األقاويل التخييلية هـي معـامر . حكمة إالهية أوصـورة مــن صـور إدراك الوجــود ال يمكـن أن نفــصلها عـن البيئــة ذهنـي

إن املقاربــة التداوليــة وســليلتها املقاربــة . الثقافيـة التــي عــاش فيهــا الــشاعر اإلدراكيــة متكناننــا مــن قــراءة الــشعر بمجــاوزة املــنهج املثــايل الــذي يفــصل الصورة عن املضمون واللفظ عـن املعنـى وهوبطبيعـة احلـال مـنهج خـاطئكرس منذ عقود عديدة قراءة مدرسية تبسط املعرفة البالغية واألدبيـة بـام ال

.يتالءم وعامة النظريات املعرفية, القديمة واحلديثة عىل السواء إن إسهام الدراسات التداوليـة والتفاعليـة يف تطـوير الـدرس البالغـي

عامة ودرس االسـتعارة بوجـه خـاص حلقـة مهمـة يف حلقـات بنـاء الفكـر البالغي احلـديث, وهـي احللقـة التـي مهـدت لظهـور التيـار اإلدراكـي يف الدرس البالغي, وقد مكنت نظرية األعامل القولية يف مدرسة أوكسفورد, وهي كام هومعلوم لبنة أسـاس يف تـاريخ اللـسانيات التداوليـة, مـن حتويـل

في إىل النـشاط النظر يف فهم االسـتعارة مـن دائـرة العمـل اإلخبـاري الوصـ

٨٣٦

الذهني املنغرس يف اللغة اليومية أي االستعارة التي ال تنقل معنى من جمـال داليل إىل آخر بل االستعارة التي تبنـي عاملـا فكريـا وأخـريا نلمـع إىل أبـرز .

) Sperber(النظريات التداولية يف جمال االستعارة اكتامال وهي نظريـة سـرببر

ت هذه النظرية يف أواخر الثامنينات مـن القـرن فقد جاء) wilson(ووليسن العرشين امليالدي لتجمل القول يف عامة املحاوالت التنظريية التـي سـبقتها يف حقل الدراسات البالغية التداولية, وحتـاول تأسـيس تـصور تـداويل ذي

ويـذهب سـرببر : قيمة إيبيستيمولوجية عالية يف جمال قراءة نظام االستعارة أن كل خطاب جمازي حيمـل معنيـني اثنـنيوويلسن إىل معنـى يف اجلملـة أو :

القول نفسه ومعنى يف قول املتكلم, يف أسلوب تقديمه للجملة وتلفظه هبا, أي أن للمتكلم فكرة يمثلها بقول, ويمكن هلذا التمثيل أن يكون حرفيا كام

وتتفرع كل فكرة يقوهلا املتكلم: يمكن أن يكون جمازيا إما أن تكون : نوعنيمتثيال ألحوال األشياء التي يتحدث عنها املتكلم, وإما متثـيال لتمثيـل آخـر, فإذا كانت الفكرة متثيال لتمثيل آخر مقوال أومفكرا فيـه فهـي تأويليـة, وإذا

ــة األشــياء يف الكــون فهــي وصــفية ــيال حلال ــت متث ــذهب ســرببر . )١(كان وي

.٤٤٨القاموس املوسوعي للتداولية ص )١(

٨٣٧

تــرتبط وثيــق )١( أن القيمــة التأويليــة للقــضيةوويلــسن مــن جهــة أخــرى إىل :االرتباط بالسياق الذي يقال فيه القول

ويمكن يف ضـوء هـذه القيمـة التأويليـة أن نفهـم اخـتالف القـدامى يف , ففــي االخــتالف حــول االســتعارة )٢ (تــصنيف االســتعارة وفهــم أنواعهــا

اكي إىل اخـتالف العقلية واحلسية مثال يرجع تبـاين آراء الزخمـرشي والـسكزوايا النظر إىل القضية التي تبنى عليها االسـتعارة بـام هـي عالقـة إسـنادية,

b c }: وأمـا قولـه تعـاىل":يقول القزويني يف تلخيص هذا االخـتالف

d e f z فعىل ظـاهر قـول الـشيخ جـار اهللا اسـتعارة عقليـة; ألنـه , اإلنـسان والتـبس بـه مـن شبه باللباس الشتامله عىل الالبـس مـا غـيش: قال

بعض احلوادث, وعىل ظاهر قول الشيخ صاحب املفتاح حسية; ألنه جعل اللباس استعارة ملـا يلبـسه اإلنـسان عنـد جوعـه وخوفـه مـن امتقـاع اللـون

القضية يف السياق الذي صاغ فيه سرببر وويلـسن هـذه األطروحـة تعنـي الفكـرة التـي حتتمـل )١(

.قبول قيمة صدق إن أغلب أصناف االستعارة التي بلغـت ذروة تعقـدها يف كتـب الـرشاح إنـام يعـود يف نظ )٢( رنـا إىل

االختالف بني متثيل حال األشياء ومتثيل القول الذي يدل عـىل حـال األشـياء , انظـر مـثال رشح السعد املسمى بمخترص املعاين يف تقسيم االستعارة إىل أصلية وتبعية ,حتقيـق حممـد حميـي الـدين

.١٢٩ ص ٤ت ج −عبد احلميد , مكتبة ومطبعة حممد عيل صبيح , القاهرة د

٨٣٨

فقد نظر الزخمرشي إىل اجلملـة مـن جهـة شـكل املـضمون . )١("ورثاثة اهليئة متثيل القول أواملجاز الذي حـل أو Forme du Contenu بعبارة هايمسالف

حمل احلقيقة فاللباس يف اآلية ليس اللباس احلقيقي بل هوشكل لغـوي دال عىل مضمون معـني, وأمـا الـسكاكي فقـد فهـم مـن االسـتعارة أن املقـصود هوأنه بالفعل يوجـد لبـاس خـاص باجلـائع وباخلـائف وهـواألطامر الرثـة,

ف فعـال, وبـذلك فـإن االسـتعارة هـي متثيـل فهي لباس اجلائع فعال واخلائ . حلال األشياء يف الكون

: االستعارة والنظرية اإلدراكية −٤يلفــت انتبــاه الباحــث يف نظريــة ابــن جنــي النحويــة تفــصيله القــول يف ــاب ــواب كت ــاب كامــل مــن أب ــد ذهــب يف ب ــة, فق درجــات املجــاز يف اللغ

اخلصائص إىل أن املجاز أوسع ممـا يـذهب إليـه الـوهم, وعنـون هـذا البـاب قـام ": , وقـال يف إحـدى فقراتـه "يف أن املجاز إذا كثر حلق باحلقيقة "بباب

زيد بمنزلة قولنا خرجت فإذا األسد, ومعناه أن قوهلم خرجت فإذا األسـد تعريفه هنا تعريف اجلنس كقولك األسـد أشـد مـن الـذئب وأنـت ال تريـد

تــي يتناوهلــا الــوهم عــىل البــاب, هــذا حمــال أنــك خرجــت ومجيــع األســد ال

١٩٧١اح ,رشح وتعليق وتنقيح حممد عبد املنعم خفاجي ,دار الكتـاب اللبنـاين, بـريوت اإليض )١(

.٤٠٩−٤٠٨ص

٨٣٩

واعتقاده اختالل, وإنام أردت فإذا واحد من هذا اجلنس بالباب, فوضعت لفظ اجلامعة عىل الواحد جمازا ملا فيـه مـن االتـساع والتوكيـد والتـشبيه أمـا :

االتساع فإنك وضعت اللفظ املعتـاد للجامعـة عـىل الواحـد, وأمـا التوكيـد ــ ك عظمــت قــدر ذلــك الواحــد بــأن جئــت بلفظــه عــىل اللفــظ املعتــاد فألن

للجامعة, وأما التشبيه فألنك شبهت الواحد باجلامعة ألن كـل واحـد منهـا إن هذا املبدأ اللـساين العـام يـتجىل يف الفكـر النحـوي . )١(مثله يف كونه أسدا

القديم ليفرس به أصال من أصول االستعامل والتداول, فقد بسط ابن جني هــذا املبــدأ لفهــم األصــل الــذي عليــه أنبــت مجلــة مــن األعــامل القوليــة ويف صدارهتا التوكيد, فذهب بوعي نظري حاد وبقول رصيح إىل أن العلة التي

ــة ــامل القولي ــن األع ــا م ــدل أو نحوه ــز أو الب ــد أو التميي ــا نفــرس التوكي هب ة, وهو استعامل ناجم عن خوف املتكلم إنام هو املجاز يف اللغ)٢(التداولية

مما قد حيصل من لبس يف تقبل املعاين, وفهم املقاصد, يقـول يف نفـس وكذلك قولك رضبت عمرا جماز أيضا; وذلك أنـك إنـام فعلـت ": السياق

بعض الرضب ال مجيعه, ولكن من جهة أخرى وهوأنك إنام رضبت بعضه

ابن جني ,اخلصائص ,حتقيق حممد عيل النجار ,دار اهلدى بريوت د )١( . ٤٤٩−٢/٤٤٨ت −ة املقصود بالعمل التداويل الرتكيب النحوي منظورا إليه من جهة تأثريه يف املخاطـب ومـن جهـ )٢(

اإلقناع انظر شكري املبخوت , إنشاء النفي ورشوطه النحوية والداللية , مركز النـرش اجلـامعي . ١٥٣ , ص ٢٠٠٦ تونس −وكلية اآلداب منوبة

٨٤٠

بـت زيـدا ولعلـك إنـام رضبـت يـده أوإصـبعه ال مجيعه, أال تـراك تقـول رض وهلذا ما حيتاط بعضهم يف هذا النحوفيقول (...) أوناحية من نواحي جسده

إن .) ١("رضبت زيـدا جانـب وجهـه األيمـن أورضبتـه أعـىل رأسـه األسـمق تفسري ابـن جنـي للوظـائف النحويـة باالسـتناد إىل املقـوالت املنطقيـة التـي

وباالسـتناد إىل مامتليـه ,)٢( النحـو وتعليـل قواعـدهكانت تسوس علم أصولرضورات التواصل من تدقيق يف إدراك املقاصـد واملعـاين يمثـل يف تقـديرنا لبنة هامة يف تاريخ الفكر اللغوي اإلنساين عامة, لبنة سـيبنى عليهـا مفهـوم ديناميكيــة اللغــة يف االســتعامل, وحركيــة األعــامل القولبــة مقابــل اســتقرار

وقد ادرك املحدثون أن اللغة ليـست بنظـام مـن . الوظائف النحوية البنيوية األصوات واألبنية والرتاكيب واملعاجم والدالالت, وليست بمنظومة من

فحسب بل إهنا أكثر تعقيـدا مـن إلبداعيةالكفايات واالقتدارات التوليدية ا متحـرك, ويعنـي يكيدينـاممـن التقاليـد القوليـة نظـام إن اللغة :ذلك كله

) بــاملفهوم التوليــدي ( النظــام الــديناميكي أن الرتاكيــب اللغويــة اإلبداعيــة

.٤٥٠ن ص . م )١(من املعلوم أن تاريخ العلوم قد شهد انتقاال إيبستيمولوجيا منذ القرن الرابع للهجرة من تقعيـد )٢(

تأصيلها وفلسفتها بواسطة علم املنطق فكان منطق الفقه مولدا ألصول الفقه ومنطق العلوم إىل النحومولدا ألصوله ,وقد أكمل ابن خلدون هـذه املنظومـة بابتكـار علـم منطـق التـاريخ الـذي

. هوعلم االجتامع املدين والعمران البرشي

٨٤١

زمانيـة وإنـام هـي تراكيـب "دياكرونيـة"ليست بقـارة إذا نظرنـا إليهـا نظـرة متحركة متطورة بتطور خصائص اإلدراك التي يـستخدمها مـستعمل اللغـة

ة الطبيعيـة امللتحمـة بالفـضاء اجلغـرايف إن اللغـ.يف تنظيم األشياء من حوله ــأنامط العــيش والتفكــري والــسلوك هــي أوال نظــام ــارخيي والثقــايف وب والت ــن ــارص م ــامل متفاعــل العن ــا ع ــي ثاني ــسانية, وه ــد الل ــن التقالي متحــرك م

هـي . والعبارات اجلاهزة واملجازات التـي حييـا هبـا املجتمـع )١("اللسنيات", وتعني العادات واألعراف األبنية اللسانية التـي ويةالعادات اللغفضاء من

ــاد, ــا للموجــودات, وإحــساسها باألبع ــة بحــسب إدراكه ــا كــل لغ تكيفه ــة ولكــن كــل لغــة ــة العاملي ــة أن جتــدها يف املقــوالت املنطقي ويمكــن ال حمال تصنعها وتشكلها يف أبنية وصيغ خاصة هبا, وهي جزء مما سامه دي سوسري

لواقع وتقطيعه, لكنه مل يتوسع يف تعميق هـذه الفكـرة اللـسانية عـىل تنظيم االنحو الذي أنجـزه اللـسانيون التـداوليون مـن بعـده, حـني بينـوا اخـتالف

املثنــى يف العربيــة وأنــامط التعبــري عــن ( اللغــات يف اســتعامل مقولــة العــدد والتقليـل التـصغري(ومقولة الكـم ) اجلموع وصيغ األفعال ودالالت املزيد

وحني بينـوا أن املجـاز مـثال مكـون رئـيس مـن مكونـات الكـالم ) والتكثري

ات , حتمـل ثقافتهـا ورواسـب مجع مفردها لـسنية وهـي وحـدة معجميـة خاصـة بلغـة مـن اللغـ )١(

. عاداهتا اللغوية ومتثيلها للعامل وتعبريها عن صلة املتكلم بالفضاء االجتامعي

٨٤٢

الطبيعــي, وأن ربــط فكــرة العــدول باللغــة األدبيــة فكــرة غــري ســليمة إذ إن املتخاطبني يف نفس اللغة يعدلون عن احلقيقة إىل املجـاز يف أغلـب مقامـات

ـــسنيات ـــال ( التخاطـــب, وأن الل ـــامء األفع ـــسكوكة -أس ـــارات امل -العبوالعبارات اجلاهزة واالستعارات النائمة التي ) اإلشارات املقامية واملقالية

دخلت يف املشرتك اللغوي تؤلـف القـسم املهـيمن عـىل التخاطـب اليـومي, ومــن ذلــك عــىل ســبيل املثــال أن االســتعارات التوجيهيــة واحلــسية أي

اجلانـب األســاس مـن التنظــيم االسـتعارات التـي تــشري إىل اجلهـات تكــون جمـاز ألنـك اسـتعرت درجـة أعـىل ارتقـى زيـد إىلالطبيعي للكالم, فقولك

ــان, ــي يف املك ــاء احلقيق ــىل االرتق ــك داال ع ــون ذل ــو دون أن يك ــة العل جه فقــد اســتعرت فعــل الــذوق يف الكــالم )١(ذقــت األمــرينوكــذلك إذا قلــت

ــــسيا ــــع ح ــــون املرج ــــي دون أن يك الطبيع ــــول ويف . ــــسياق يق ــــذا ال ه إننـا نـرفض تعريـف الـصور املجازيـة اسـتنادا إىل مفهـوم ": فرانسوراستيه

االنزياح; ألننا نعتـرب اللغـة العاديـة كإبـداع للتقليـد النحـوي املؤسـس عـىل التصور اإلحايل للغة التـي بإمكاهنـا قـول احلقيقـة ماعـدا أمثلـة النحـو مثـل

مل يستطع أحد عرض نـص مكتـوب . سقراط موجود والقطة حتت الطاولة

, واختلفـوا يف حتديـد f e d c bz } : وهواستعارة مثل هلا القدامى بقولـه تعـاىل )١(

نوعها فعدها الزخمرشي استعارة عقلية والسكاكي استعارة حسية عىل نحوم .ا ذكرنا أعاله

٨٤٣

بلغــة حمايــدة وعليــه فكــل نــص ينتمــي إىل جــنس ويــدخل بالتــايل يف نطــاق يعكـس بواسـطة معـايري التفاعـل ...) ترشيعي, بيـداغوجي إلـخ ( خطاب

. )١(املامرسة االجتامعية التي يتموضع فيها واحلاصل مما نحن فيه أن هـذا املنعـرج الـذي عرفتـه اللـسانيات ال تداوليـة

عـىل أن إيليـانور روش هوالذي ساعد علامء النفس اإلدراكيـني ويف صـدارهتميسهموا يف وضع اللبنات األوىل للفكر اإلدراكـي يف جمـال االسـتعارة, إال أننـا نلفت انتبـاه القـارىء إىل أن هـذه الباحثـة ليـست نقطـة البدايـة يف علـم الداللـة

امء الفنـون واللـسان التـداوليني وعلـامء الطرازي, فقد استمدت كغريها من علالداللة التأويلية مبادىء هذه النظرية من أعـامل لودفيـك فيتقانـشتاين وخاصـة

إن ": جهده يف حرص مفهوم علم الداللة الطـرازي, يقـول عبـد الـرزاق بنـور أول من قدم نظرية الطراز املعروفة كذلك باسم األجناس الطبيعية كـان بوتنـام

بوتنام أن املعنى ال يوجد ) كذا ( ويعترب(... ) ال خيفى تأثره بفتقانشتاين الذييف رأس املــتكلم, بــل أن املعنــى قــضية كــل املجموعــة اللغويــة فريكــز عــىل الطبيعة االجتامعية للرمز اللغـوي وعـىل تقاسـم األدوار يف العمـل اللغـوي

تعامل لـذلك ينبغـي من خالل التواضع املردف لكل عنرص من عنارص االس

, بل إن أمثلة النحوعينها تقوم عىل املجاز وقد ذكر نـا قـول ابـن جنـي يف .١٨٠فنون النص ص )١(

. الفقرات السابقة

٨٤٤

كي نقرر أن إن كان "برتقـال"ينتمـي إىل عائلـة الـسوائل, وإن كـان "ماء "ينتمي إىل عائلـة احلـوامض أن نقـدم وصـفا نموذجيـا هلـذا اجلـنس يتواضـع

ولعـل املنعـرج الـذي عرفتـه اللـسانيات .)١("عليه أفـراد املجموعـة اللغويـة م اإلدراكيــة أســهم يف انفتــاح حــني صــنفها رونالــد النقاكــار ضــمن العلــو

ويمكن مـن جهـة ثالثـة أن نعـد . )٢(الدرس البالغي عىل املقوالت اإلدراكيةتأسيس جـورج اليكـوف ملفهـوم الكفايـة التـصورية يف نـشاط االسـتعارة, وهومفهوم إدراكي باألساس, يكـون إحـدى اللبنـات األسـاس يف التفكـري

عموما وباالستعارة عىل وجه التخصيص, )٣(اإلدراكي املتصل بأبنية املشاهبةوهويذهب يف كتابه الشهري الذي أصبح عـدة يف البحـث البالغـي احلـديث إىل أن للتفكري البرشي عامة قدرة ذهنية عىل بناء األبنية الرمزيـة بـاالنطالق

ضمن مقدمة لتحقيقات فلسفية ترمجة عبد الرزاق بنور , املنظمة العربية للرتمجـة بـريوت لبنـان )١(

. ٨٩−٨٨ ص ٢٠٠٧ ,وقد صـاغ ١٩٧٦مؤسس املدرسة النحوية اإلدراكية منذ ) R.Langacker( كار يعد رونالد النقا )٢(

نظريته النحوية بوجه خـاص يف كتابـه املعـروف بأصـول النحـو اإلدراكـي , واسـتعان يف بلـورة نظريته بالسيكولوجيا القـشطلطية وذلـك لـضبط الـصالت الوثيقـة بـني البنيـة اللـسانية والبنيـة

ــذهب إىل ــة إذ ي ــرصي اإلدراكي ــات اإلدراك الب ــه آلي ــتحكم في ــام ت ــسانية إن ــة الل ــاج البني أن إنت . والسمعي

George lakoff : Women, fire and DangerousThings, University of Chicagoانظر بوجه خاص )٣(

Press, ١٩٨٧

٨٤٥

من القاعدة األساس, ينطلق التفكري يف االستعارة مـن اإلطـار العـام الـذي النـشاط الـذهني اللغـوي وهـو بنيـة املـشاهبة, واملـشاهبة يف يندرج فيـه هـذا

أصل النشاط الذهني عمل تنظيمي يدرك من خالله اإلنسان العامل ويـسطر عليه بتنظيمه وختزينه, وذلك ألن املتكلم ال يمكنـه أن يـسمى العـامل إال مـن

م وال يمكن للسامع أن يفهـم املـتكل. )١(خالل مقولته وتنظيمه ضمن أطرزةحني يستعري معنى من جمال إىل آخر ما مل يكـن لـه طـراز يـصنف مـن خاللـه ــني أوال إىل أن ــامء اإلدراكي ــائر العل ــوف وس ــذهب اليك ــى, وي ــك املعن ذل األنظمة التصويرية أو التمثيلية أو املجازية يف اللغة الطبيعية هي نتاج تفاعل

ذاكرة اللغوية املشبعة بالتقاليد الذهنية املنغرسة يف املخيلة أوال)٢(بني األطرزة

.٢٩ينظر يف املرجع السابق ص )١(جيدر بنا أن نفرس هذا املصطلح ألننا نعده مـن نستعمل مصطلح الطراز أو املنوال بمعنى واحد و )٢(

املصطلحات اهلامة يف تأصيل املناهج التحليلية ونقلها ,وصياغة ما تتضمنه من معـارف صـياغة وقـد اقتبـسناه مـن حقـل اللـسانيات اإلدراكيـة وعلـم الـنفس اإلدراكـي , ومهـا . تأليفية جامعة

ذهنية جامعة للمقومات املميزة للجنس أو للنوع ويعنـي يعرفان املنوال أو الطراز بكونه مقولة أفضل ممثل للنوع يف جنسه فهو نموذجه من حيث اشتامله عىل أبرز اخلصائص التـي متيـز جممـل

املقولـة يف :انظـر عبـد اهللا صـولة (أفراده كأن يكون النرس أفضل ممثل للطري خمتزال أبرز صـفاته وجـاء يف ) ٣٦٩ ص ٢٠٠٢ لـسنة ٤٦ات اجلامعة التونـسية العـدد نظرية الطراز األصلية,حولي

اجليد من كل يشء , فالطراز يمثل يف الذهن مرجعيـة إدراكيـة : الطراز : لسان العرب مادة طرز أي معرفية ترتب يف ضوئها أفراد املقولة ترتيبا تفاضليا بحسب شدة مشاهبتها للطراز أوضعفها .

= ولة املنوال الطراز يف تعريـب النظريـات العلميـة يف جمـال البالغـة ويمكن أن نستفيد من مق

٨٤٦

الثقافية والتجارب اإلنسانية املستمدة من البيئـة واملحـيط, وهـذا التفاعـل ــة ــشة يف البيئ ــارب املعي ــىل التج ــرزة ع ــذه األط ــقاط هل ــنعود يف .هوإس وس

بــام هومفهــوم أســاس مــن مفــاهيم اإلســقاط الفقــرات الالحقــة إىل مفهــومفاالسـتعارات والكنايـات تكـون يف :سـتعارة النظرية اإلدراكية يف حقل اال

كل لغة من اللغات األبنية الذهنية املجـردة, Idealized Cognitive Models

وقـد عـدها اليكـوف, وهـي تتفاعـل والتجـارب اإلنـسانية ال نامذج مثاليـة. الفردية الذاتية بل التجارب االجتامعيـة واألنـساق املكونـة لتـاريخ الفكـر

هذه االستعارات العامة غري اإلبداعية أي االستعارات اليومية أطرا وتكون . إلدراك املوجودات

إن املستعار أو املشبه به يف النظرية اإلدراكية هو عملية ذهنيـة يـتم فيهـا إسقاط طراز من األطرزة أو نموذج مـن الـنامذج املـثىل املنغرسـة يف الـذهن

برتتيبها وحــــذف ما فيها من تكرار واعتامد مبدأ األسبقية يف اإلنتاج املعريف , وتطبيـــق مبـدأ =

االقتصاد يف التعريـف واالقـرتاب مـن املنـاخ الثقـايف العـريب اإلسـالمي , ومراعـاة التـشابه بـني جارب ,والظروف العاملة عىل إنتاج النص األديب , وغري ذلـك ممـا تفيـدنا بـه نظريـة الطـراز, الت

:ويمكن العودة للبحث يف صناعة املنوال إىل .١٩٩٩ أرسطو , كتاب املقوالت ,حتقيق وتقديم فريد جرب دار الفكر اللبناين بريوت − هبـا ,تعريـب عبـد املجيـد جحفـة دار مارك اليكوف وجورج جونـسون, االسـتعارات التـي نحيـا−

.١٩٩٦توبقال للنرش الدار البيضاء

٨٤٧

وهـذا اإلسـقاط . املستعار هلا واملـشبهعىل موضوع من املوضوعات أي عىلإسقاط قاعدي وهو أن يكون املشبه به هو الطراز عينه كقولنا زيـد : نوعان

أسد, وإسقاط فرعي, وهو أن نأخذ من الطـراز الزمـا مـن لوازمـه كقولنـا زأر زيــد, والفــرق بــني الطــراز وفرعــه أن األول خياطــب ذهنــا ال يمتلــك

ه يف حني خياطب الثـاين ذهنـا متـشبعا باملقولـة الطرازيـة, الطراز أي ال يعرف وهبذا التفسري يمكن أن نفهم درجات االسـتعارة الـثالث وهـي التـرصحيية

.واملكنية والرتشيحية وتــذهب هــذه املدرســة مــن جهــة أخــرى إىل أن مجيــع مفــردات اللغــة

م بشكل ما الطبيعية ترجع إىل مقوالت حمدودة, نستخلصها من العام املنتظ : وهي ثالثة أرضب )١(قبيلوإليه يمكن أن نـرد املفـردات املـستعملة : املستوى األعىل من املقوالت−١

يف اللغــة واملختزنــة يف املعــاجم, وهــي مقــوالت تتناســب ومــا يــسميه

)١( E. Rosh : Principles and Categorization in Rosh and Liyod B.eds Cognition and

Categorization Hillsdate, New Jerseyوتعــد روش صــاحبة املحــاوالت الثانيــة يف .١٩٧٨ــة األطــرزة ــركيل التأســيس لنظري ــة ب ــة بجامع ــسانيات اإلدراكي مــع جــورج ) Berekley( يف الل

اليكوف وفرنسيسكوفاريال ,وذلك بعـد فيتقانـشتاين كـام بينـا ,وقـد بينـت يف أبحاثهـا املتـصلة باأللوان وتنظيمها يف الثقافات اإلفريقية أن اإلنسان حني يـصوغ املقولـة ال يـستند إىل تعريفـات

إىل مقارنة بني اليشء املتحدث عنه وبني النمـوذج الـذي يعـده أفـضل ممثـل جمردة بقدر ما يستند . لطراز ذلك اليشء

٨٤٨

القدامى املعاين, وقـد وضـعوا هلـا مـصنفات تنـتظم فيهـا هـذه املعـاين منها عىل سـبيل املثـال كتـاب ابـن قتيبـة حسب املقوالت العليا, ونذكر

. املعاين الكبري, ومن أمثلة هذه املعاين نذكر النبات واحليوان واملعادنوتـدخل فيـه األنـواع الراجعـة إىل املـستوى األعـىل : املستوى األساس −٢

كالشجرة بالنسبة إىل النبات واملعادن النفيسة بالنسبة إىل املعادن, وهي كة كثـرية, وهـو مـستوى يمكـن للـذهن البـرشي أن تضم سامت مشرت

ــا ال ــصور شــجرة وفرســا ولكنن ــادرون عــىل أن نت ــنحن ق يتــصوره, ف . نستطيع أن نتصور حيوانا أو نباتا

وفيه تندرج املعـاين اجلزئيـة أو الفرعيـة مثـل الزيتونـة : املستوى األدنى −٣ويمكـن أن . ن النفيسة بالنسبة إىل الشجرة أو الذهب بالنسبة إىل املعاد

: نرسم هذه املستويات عىل النحواآليت . نبات − حيوان −إنسان : املستوى األعىل * . شجر − فرس −رجل : املستوى األساس * . زيتونة − فرس صيد −نزار : املستوى األدنى *

ففي هذه النظرية يعامل املشبه به أو املستعار عىل أنه نمط أ و طراز ال عىل أساس أنه أكثر متثيال للطراز من املشبه أومن املستعار له, وال من جهة كونه أكثر تعبريا عن الطراز املعنوي كام يذهب إليه القدامى بل من جهة أنه

٨٤٩

وقد أفاد الدرس البالغي اإلدراكي من هذه النظرية لبنـاء . هو الطراز عينه التـصور :سـنحللها يف الفقـرات اآلتيـة وهـياملفهاهيم الثالثة الكربى التي

.االستعاري, والتشاكل الداليل والبؤرة واإلطار Maria Thérèse ( تعرف ماريا ترييزاه كابريه:التصور االستعاري −١

Cabré ( التصور االستعاري بكونه بناء ذهنيا يكونه الفرد أو املجموعة عـن ــ ــك ال ــون ذل ــياء دون أن يك ــن األش ــة,يشء م ــىل احلقيق ــودا ع )١(يشء موج

ويذهب اليكوف وجونسون إىل أن التصور االستعاري هو استعامل داللـة فاملاء يف اللغة العربية جمال استعاري : ما خاصة بيشء للتعبري عن يشء آخر

نفرع منه أنظمة داللية خمتلفة للتعبري عن املعـاين املتـصلة بمختلـف منـاحي : اليكوف وجونسون من االستعارات التي نحيا هبا احلياة, وهوإذن بعبارة

ــل"فاســم املكــان املحــسوس يف ــع واملنه ــورد واملنب تتحــول إىل أســامء "امل الــسقي واملــتح والنهــل "اســتعارية يف خمتلــف الــدالالت املكانيــة, وأفعــال

يف ) غـري املحـسوسة ( تغدوكذلك مـن األفعـال املجـردة "والرشب والري وهنلـت مـن " اسـتقيت الفكـرة مـن ذلـك الكتـاب " قبيل أنشطة جمردة من, ويمكـن هلـذا املجـال أو املعجـم املـستعار أن تتوالـد منـه "مناهل العرفان

)١( Introduccion a la teoria general de la terminologia ya la lexicographia, per Ewuster, Institut

universitari de linguistica Aplicada, Barcelone ١٩٩٨.

٨٥٠

أنـا "معاجم أخرى مضادة له لكنها ال خترج عن دائرته االسـتعارية كقولنـا متعطش إىل سامع خرب سار من جمال املاء تفريع استعاري مضادفالعطش ."

إن االستعارة هبـذه الداللـة اإلدراكيـة الواسـعة ليـست اسـتعارة . سقي والأدبية أو شعرية أو إبداعية بل هـي جـذر مولـد للكـالم يف خمتلـف مقاماتـه,

ال يمكن أن نستنتج اسـتعارة باملـدلول البالغـي الـضيق أي ) ز(ففي القول : املشاهبة أننا ال نجد نقال ملعنى من استعامل أصيل إىل استعامل يفيد

ــال ــرئيس ) ز( مث ــن وجــاء ال ــوش االب ــوري ب ــرئيس اجلمه ذهــب الالديمقراطي باراك حسني أوباما, وترك له بوش االبن محال ثقيال ال صديق

بــأكرب تعــصف خانقــةوال عدوحيـسد الــرئيس أوبامــا عليـه مــن أزمــة ماليـة وكوريـا يف أفغانـستان والعـراقساخنة اقتصاديات العامل إىل نقاط وملفات

نلحـظ يف هـذه الفقـرة الـصحفية . )١("الشاملية والرصاع العـريب اإلرسائـييل أن املتكلم يـستمد جانبـا مـن معجمـه )٢(اخلالية مبدئيا من الوظيفة الشعرية

, ويمكـن أن "حركة الريح "من استعارة كربى يف ثقافة اللغة العربية هي :تق من هذه االستعارة نذكر نامذج من االستعامل السيار املش

. ٢٨ ص ١٤٣١ صفر ١٨جريدة اجلزيرة الثالثاء )١(وهـي اإلخباريـة .أستعمل الوظيفة الشعرية بـاملعنى الـذي جـاء بـه ياكبـسون يف وظائفـه الـست )٢(

. واملاورالغوية والتعبريية والتنبيهية واملرجعية والشعرية

٨٥١

.هذه اإلنجازات ذهبت يف مهب الريح) ق(مثال هبت عليه ريح احلرية) ع( مثال . ومـن جهـة أخـرى نلحـظ أن . سمعنا عاصفة مـن التـصفيق ) غ(مثال

التصور االستعاري يف رأي اليكوف وجونسون ينطبع يف اإلدراك البـرشي االسـتعارات بـذلك نوعـا مـن وفق االجتاهات واألبعاد املحسوسة فتصبح

ركــض الدابــة ركــضا رضب جنبيهــا برجلــه " : االسرتســال الــداليل (...)وفالن يركض دابته وهو رضبه مركليها برجليه فلام كثر هـذا عـىل ألـسنتهم

اســتعملوه يف الــدواب فقــالوا هــي تــركض كــأن الــركض منهــا ويميــز )١(."التــصور : تـصور االســتعاري اليكـوف وجونــسون بــني ثالثـة أنــامط مــن ال

– بعـد – قبـل − خلـف– أمـام – فـوق – حتـت − شـامل –يمني : االجتاهي Orientational( ففــي هــذا التــصور... وراء إلــخ–بــني – بعيــد −حــذو

Metaphors ( تتفق عامـة الـشعوب واللغـات عـىل أن األعـىل هـو األفـضل وعــىل أن األســفل هــو الــدوين, ويــستعريون مــاد للداللــة عــىل " ســقط "ة

− سـقطت يف االمتحـان −وقعت يف الفخ : الوقوع يف الرذيلة أو ما يشبهها وال نتفق يف هذا املضامر مـع عبـد . " خدش كرامتي −ارتقيت إىل رتبة أعىل

واملالحــظ أن االســتعارة االجتاهيــة القائمــة عــىل ": اإللــه ســليم يف قولــه

.لسان العرب مادة ركض )١(

٨٥٢

قط برتتيب كالمنـا ومنحـه املرونـة الـرضورية حتت ال تقوم ف/ الثنائية فوقبل تقوم كذلك بتنظيم أعاملنا ومعتقداتنا, فاملوتى مثال يدفنون حتـت, وآدم ــالنزول إىل حتــت, حــني ارتكــب املعــصية جــاءه األمــر اإلالهــي الــصارم ب

... واألعالم تنكس عند النكبات وترتفع عالية عنـد الـسعادة والنـرص إلـخرة اللغة إىل جمال أوسع هو جمال الفكر الـذي يـتحكم لذلك تتعدى االستعا

ونلحـظ أوال أن الباحـث مل يتحـرر يف أطروحتـه هـذه . )١("يف لغتنا وأعاملنا مــن ربقــة الفــصل بــني اللغــة والفكــر, وإن كــان جمــال حديثــه أي البالغــة اإلدراكية يقوم أساسا عىل أن اللغـة هـي عينهـا معـامر الفكـر ? فاالسـتعارة

أي ثنائيـة فـوق : جتاهية هي عينها إدراك للعامل مـن خـالل الثنائيـة هـذه االوحتت, وهي ثنائية منغرسة يف اخلطاطات الذهنية للدماغ البرشي وهو ما مل يبينه عبد اإللـه سـليم, نعـم مل يبـني أن نظـام املوجـودات الـذي اسـتدل بـه

هو األساس الذي انبنت عليـه الرتاكيـب اإلنسان عىل اجلهات االستعاريةاللغوية وأنساقها يف عامة اللغـات والثقافـات فـضال عـن أنظمـة التمثيـل :وقد امتدت إىل الشعر فوجدنا الشعراء يبنون الصورة كلها عىل هذه الثنائية

ألهنا مندرجة يف عصب نظام التمثيل أو املتخيل الشعري إن نظـام التمثيـل . لغة من اللغات الطبيعية يستخلص من املعدل العام الستعامل املشبه يف أية

.٧١ بنيات املشاهبة يف اللغة العربية ص )١(

٨٥٣

هبم واملستعارات من الصور يف مجيع الـصور املـستعملة عـىل امتـداد تـاريخ ــصور ــام هوالت ــدل الع ــذا املع ــات, وه ــة مــن الثقاف ــنص يف ثقاف شــعرية ال

مـن ( ل فيـه فإذا نظرنا يف بيـت بـشار بـن بـرد الـذي يقـو. االستعاري عينه ):الطويل

كأن مثار النقع فوق رؤوسنا وأسيافنا ليل هتاوى كواكبهفإننا ال نستخلص من حتليله أن التشبيه التمثييل هو عملية موازنة بـني

نظامني مـن العالقـات بـني األشـياء أوهـو تـشبيه حركـة تـصويرية بحركـة وهـو أهـم يف تقـديرنا -لك تصويرية أخرى فحسب, بل نستخلص منه كذ

أوبني اإلدراك السفيل واإلدراك العلوي املزاوجة التي أحدثها الشاعر بني −األرض والسامء, وهي مزاوجة يستمدها الشاعر من نظـام التمثيـل املركـوز يف اخليال الشعري العريب عامة, وهذا التصور يتحقق يف خمتلـف األغـراض

املـرأة والقمـر يف الـصور الغزليـة مـثال, وبـني بصور شتى منهـا التنـاظر بـني .املمدوح والسحاب واملطر يف صور املدح وغريها من رضوب التناظر

أما ثـاين أنـامط االسـتعارات بعـد االسـتعارة التوجيهيـة فهـو التـصور .االستعاري الوجودي

.نصت الظبية جيدها ) س(مثال . نصصت يف السري) ط(مثال

٨٥٤

. املتاع نص) ص(مثال نص احلديث إىل فالن) ش(مثال . )١(نصصت الرجل) ض(مثال

حني ننظر يف هذه األمثلة األربعـة نلحـظ أن الفعـل نـص يتـسع لثالثـة النــوع األول هــو الداللــة احلــسية يف : أنــواع مــن الــدالالت ) ص(و) س(

والنوع الثاين هو الداللة احلسية املتجهة إىل الداللة املجـردة والنـوع ) ط( يف فداللـة نـصت الظبيـة جيـدها ) .ض (و) ش(الثالث هو الداللة املجردة يف

ــة األوىل غــري ــض هــي الدالل ــضه فــوق بع ــاع جعلــت بع أونصــصت املتاالستعارية وهي الرفع واإلبراز, وهي داللة الوجود املادي أو احليس, هي

لرغبـات واإلفـرازات داللة التأثري الفيزيولوجي يف بناء املعنـى مـن خـالل اواملنبهات احلسية واملحفزات اجلسامنية ) ط(وقد اجتهت يف النـوع الثـاين .

إىل إبــراز معنــى االستقــصاء, وهــو منــدرج يف الرفــع واإلبــراز, ثــم اجتهــت .إىل االستعارة) ض(الداللة يف النوع الثالث

ه يمكـن أن وأما ثالث أنامط االسـتعارة فهـو الـنمط التـصويري, وإليـملتـان .ننمي خمتلف أشكال االستعارة اإلبداعيـة أو األدبيـة, وقـد ميزهـا م

مــن ســائر االســتعارات التــي ســامها اســتعارات عرفيــة, وذهــب إىل أن

انظر اللسان مادة نص )١( .

٨٥٥

االستعارات اإلبداعية هي األصل الذي ترد إليه االستعارات العرفية, وأن إدراك − إدراك الـزمن(انتقال املتكلم من نمـوذج إدراكـي إىل نمـوذج آخـر

ينــشط ....) إلــخ− إدراك الــصوت غــري العــادي− إدراك احلــدث−املكــانذاكرته بشكل تلقائي أوبنبضات دماغية تنتجها حركة التفاعـل بـني الـذهن

والعامل اخلارجي, أي العامل املؤثر يف احلـواس – الـذوق – الـسمع −النظـر( قديمة بني املستعار واملستعار له فتفك العالقة ال) الشم – احلدس –اللمس

يف االستعارة النائمة ويعاد بناء التجربـة االسـتعارية, وتـربم عالقـة جديـدة . )١(تنبثق منها استعارة إبداعية

وبعــد فــإن النظريــة اإلدراكيــة تقابــل متــام املقابلــة النظــرة املنطقيـــة ة تـضاف إىل االستبدالية التي ترى يف االستعارة صنعة خارجية وقيمة مجاليـ

املضمون الذي يمكن التعبري عنـه دون اسـتعامل لالسـتعارة, وإنـام النظريـة اإلدراكية تعامل االستعارة بام هي عملية عقليـة فكريـة ويف هـذا الـسياق ال أوافق جـابر عـصفور يف قولـه إن النظريـة االسـتبدالية تـرى االسـتعارة مـن

بـل ينبغـي أن نـدقق التعريـف زاوية العقل, وإهنا ترفض اخليـال والعاطفـة

)١( M:Maltin : Cognition, CBS, College Publishing, New York ١٩٨٣ p ٦٧.

٨٥٦

لنقول إن النظرية االستعارية الكالسيكية يف مجيع اللغات واآلداب تـرفض . لفهم الواقع ) ١(املسالك اجلديدة يف استعامل اجلذور االستعارية

بينت النظرية الداللية البنيوية أن الكلمة تتضمن حزمة : التشاكل −٢ دة بنائها يف كلـامت أخـرى ووفـاق معـانم من املعينامت يمكن تفكيكها وإعا

أخرى, وتستفيد النظرية اإلدراكية يف دراسـة االسـتعارة مـن علـم الداللـة البنيــوي يف صــيغه املختلفــة التــي أســسها هايمــسالف ثــم طورهــا قــريامص

. وكورتبس وانتهت إىل وضع أنظمة دالئلية تـشكلن املعنـى غايـة الـشكلنة ونلحظ أوال أن الكلمة ل يست الوحـدة املعنويـة الـدنيا وإنـام الوحـدة الـدنيا

هــي املعيــنم أو الــسمة اجلنيــسية أي الــسمة التــي تنــتظم مــع غريهــا لتكــون اجلنس, فلألسد سامت جنيسية خمتلفة منها أنه حيوان وأنه آكل حلوم وأنـه

ويمكن أن نصنف السامت اجلنيسية أواملعانم من جهة لزومها للكلمة .يزأر حتررها منها نوعني, إذ نجد سامت مالزمة للكلمة ال تستقيم داللتها إال أو

هبــا وال تتميــز مــن غريهــا إال هبــا كالــذكورة بالنــسبة إىل الرجــل أو األنوثــة بالنسبة إىل املرأة, ونجد سـامت أخـرى تـشرتك فيهـا جمموعـة مـن الكلـامت

انظر يف تعريف اجلذور االسـتعارية مـثال توفيـق الزيـدي جدليـة املـصطلح والنظريـة النقديـة ط )١(

.٢٠٠٠قرطاج تونس

٨٥٧

اجلنيـسية مـا هـو , ومـن هـذه الـسامت )١(كصفة اإلنـسان بـني املـرأة والرجـل . عريض تعاقدي حتدده الثقافة وتتواضع عليه املجموعات البرشية

أما الكلمة فإن داللتهـا تتحـدد بحـسب الرتكيـب الـذي تـدرج فيـه, وهي تتفاعل وفق ما يقتضيه الرتكيـب مـن اسـتعامل ملعيـنامت دون أخـرى

ياق إىل آخـر, أي ونرضب مثاال أول لنفهم مسألة اختالف الداللة مـن سـ. : من تركيب إىل غريه

. أغلق الباب –) ك(مثال إن عبــارة البــاب يف هــذا املثــال تتــضمن حزمــة مــن املعيــنامت بعــضها

لــذلك ال نــدري غلـقجنيـيس أي ملتــصق بكلمـة بــاب ويف صـدارهتا مــادة بالتحديد ما املعنى السياقي أو التداويل املقصود هبذه اجلملة, وبعـض هـذه

: عينامت متنقل يمكن تنشيطه يف هذا السياق أو ذاك امل ) : ١ك(مثال

. أغلق الباب اخللفي للحديقة−أ .أغلق الباب يف وجوهنا −ب . أغلق الباب دون خامتة −ج

:F . Rastier وكــذلك .١٣٧-pp١٢٠ ١٩٧٠ A.J. Greimas : Du sens ed Seuil Parisانظــر )١(

Sémantique interprétatiive, PUF Paris ١٩٨٧ PP٥٦-٢٥.

٨٥٨

ويمكن هلذه السامت غري امللتصقة بالكلمة أن تنتقـل بيـرس مـن سـياق جاز إىل سياق فتتحقق االستعارة أو غريها من وجوه امل

ــال ــاح ) ٢ك( مث ــاب باملفت ــاح إىل : أغلقــت الب ــة مفت إن إضــافة كلم .١من ك) ب(أو) أ(الرتكيب توجه الداللة إىل

إن إضافة كلمة االجتهـاد : أغلقت باب االجتهاد باملفتاح ) ٣ك( مثال وتلغـي ١مـن ك) ب(تتفاعل مع سائر عنارص الرتكيـب فتوجـه الداللـة إىل

. ١ن كم) أ(الداللة ويتفــق الدارســون عــىل أن هــذه الــسامت اجلنيــسية املتحــررة مــن نــواة الكلمة وجاذبيتها هي التي تنشط الكلامت ومتكن مـن ابتكـار االسـتعارات

إن املعينامت التي متكـن مـن اسـتعامل . التي نحيا هبا أو االستعارات األدبية اللـصيقة باألسـد أي معنـى االستعارة يف كلمة األسد مثال ليست املعينامت

اللفظ بعبارة عبد القاهر اجلرجـاين كاحليوانيـة وإنـام هـي املعيـنامت الثقافيـة .التي تواضع عليها املتخاطبون

)ل( مثال ضحك املشيب برأسه فبكى *** ال تعجبي يا سلم من رجل

٨٥٩

إن فعل ضحك حيمل من السامت اجلنيسية األساس ما جيعله من ناحية فالفاعل يف فعل ضحك هـو اإلنـسان, : لبنية املوضوعية خاصا باإلنسان ا

مثله يف ذلك مثل سائر األفعال واألسامء يف اللغة, ففعـل خـرج مـثال حيمـل االجتــاه مــن إىل, وكــذلك مــثال فعــل وقــف حيمــل االجتــاه مــن األســفل إىل

ومثنى عىل األقل األعىل, وصيغة تفاعل مثال حتمل اإلسناد إىل فاعل مجع أولكــن هــذا الفعــل مــن ناحيــة البنيــة االســتعارية مــسند إىل غــري العاقــل . , فقد تعطلـت سـمته اجلنيـسية األسـاس, وختلـت عـن مكانتهـا, )املشيب (

وهذه الصلة تطرح بإحلاح شديد عنـد الدارسـني املهتمـني باالسـتعارة مـن ة النحويـة والبنيـة االسـتعارية الناحية اإلدراكية مـشكلة العالقـة بـني البنيـ

أوالداللية التأويليـة ? وهـو مـا نجـده مـثال عنـد راي جاكنـدوف يف أغلـب , فام هي السامت اجلنيسية التي تتعلق بفعل ضحك وتسمح لنا بأن )١(كتاباته

ــشيب ــستعريه إلســناده إىل امل ــا اجلــواب األول فهوذوقيمــة اســتبدالية . ن أم وهي أن املشيب يسخر من اإلنسان فيضحك, وال التنفعنا يف هذا السياق,

إخالنا نجانب الصواب إذا قلنا إن هذا التفـسري ال يـسمح لنـا باسـتخالص ــة ــة العامــة التــي يمكــن أن نطبقهــا عــىل عامــة األمثل القاعــدة اإلنتاجي إن .

القاعدة العامة التـي تـضعها الداللـة التأويليـة يف بنـاء االسـتعارة أن الـسمة

R Jackendoff: Language, consciousness, culture : Essays on Mental Structure: انظر خاصة )١(

MIT Press,Cambridge ٢٠٠٧

٨٦٠

يسية التي جتلب من مستعار مـا أي املتعلـق ال يمكـن أن تفهـم مـسلكها اجلناإلدراكي إال من خالل السمة اجلنيسية املضمنة يف املستعار لـه فللمـشيب :

وهو املستعار له مجلة من السامت اجلنيسية ينبغـي أن ننتقـي منهـا تلـك التـي مـن ملـف ن تتفاعل وفعل ضحك, وهي يف هذا املضامر اللمعـان, فاللمعـا

امللفات املخزونة يف الذاكرة التصويرية, ويمكن الوصول إليه عـرب مـا سـامه وإذا فتحنـا هـذا امللـف فـإن القـائامت التـي .)١(باإلسناد االستعاريكروبار

يتضمنها أو املواد التي حيتوي عليها تضع بني أيدينا مجلـة مـن االختيـارات اريخ االســتعارة يف الـشعر العــريب جيــد أن لبنـاء االســتعارة, ومـن يعــد إىل تـ

ــشعر الوصــفية ــذا امللــف يف أغــراض ال ــاوروا اســتعامل ه ــد تع ــشعراء ق الــا ال نوافــق عبــد اهللا صــوله يف مــا ذهــب إليــه مــن معرفــة . املختلفــة وإن كن

فالبالغة القديمة مل تطرح األسئلة اإلدراكيـة )٢(القدامى باملعجم االستعاريمن أين يـأيت املـستعار? مل خيتـار املـتكلم : ادر االستعارةالتي حتاول فهم مص

J.S. Gruber: Studies in Lexical Relations ١٩٦٥ North Holland Amesterdam ,عد إىل )١(

يف مقال مرقون بعنوان البالغة العربية يف ثوب عرفاين ,ويعنـي كـام ذكرنـا يف الفقـرات الـسابقة )٢(بالعرفاين اإلدراكي, وهويذهب رمحه اهللا إىل أن القدامى ينعتون املعجم االستعاري بام ينعت بـه

إذ هـي عنـدهم قائمـة يف " cognitive psychology ) العرفـاين(اإلدراكي الطراز يف علم النفس الذهن , ومن ثـم فهـي شـائعة بـني النـاس تـنظم معـارفهم وتـشكل مرتكـزات بالنـسبة إلـيهم "

ويذكر نامذج من القائامت التـي ذكرهـا اجلرجـاين يف كتـاب الوسـاطة كتـشبيه احلـسن بالـشمس . ٣ر ص والبدر واجلواد بالغيث والبح

٨٦١

مستعارا دون غريه ? ما هي النوافذ التي يـدخل منهـا املـتكلم إىل القـائامت التي يأخذ منهـا املـستعارات ? مـا هـي الـصلة التـي تـربط األطـرزة بعـضها

ببعض ? إىل أن لكـل يذهب أهم علامء النظرية اإلدراكيـة : البؤرة واإلطار−٣

استعارة مهام يكن نوعهـا بـؤرة وإطـارا, أمـا البـؤرة )Focus( فهـي الكلمـة املــستعارة نفــسها, وال يمكــن لقارئهــا أن يــستنتج منهــا إال املعنــى املنطقــي أوالقيايس يف بنية املشاهبة, بل ال يمكـن أن يـستنتج منهـا اخلطاطـة الذهنيـة

تصار عىل فهم البؤرة إىل اخللـط مـثال بـني التي أنتجت الكلمة, ويؤدي االق عـىل النحـو الـذي نبـني يف الفقـرة )١(املعنى واملوضـوع أو التيمـة أو الغـرض

انظر يف خصوص الفرق بني املعنـى والغـرض والتيمـة حممـد هـشام الريفـي , يف الغـرض , ضـمن )١(

, ١٩٩٣مــشكل اجلــنس األديب يف األدب العــريب القــديم ,منــشورات كليــة اآلداب منوبــة تــونس فالغرض هو املنزع النفيس أوالقوة الناظمة للقول ولألعامل القولية التي حتقـق املقـص د مـن إنجـاز

تلك القوة , فالعتاب واالعتـذار واهلجـاء أغـراض أي مقاصـد للقـول وليـست مواضـيع والفـرق بينهام أن املوضوع أوالتيمة هواملضمون الـذي عليـه مـدار الغـرض أوفيـه يـنظم الغـرض كوصـف املهجوبالبخل أورسم صورة املحبوب يف غرض الغزل أووصف املمـدوح حماربـا أواحلـديث عـن

رغبـة ورهبـة وطـرب وغـضب :واألغراض يف الـشعرية العربيـة القديمـة أربعـة . قه ومناقبه أخالوملا كانت املواضيع حمدودة مرتبطـة .وعنها تفرعت األغراض التي يبنى عليها جنس القصيد مثال

ىل بالسنة الثقافية وبصورة املمدوح مثال أوصورة احلبيب يف الغزل أوصورة املهجويف اهلجاء فإن عـالشاعرأوالناثر أن يترصف يف اجلهـة التـي منهـا يـدخل إىل املوضـوع كـي ينـال استحـسان الـسامع

ويؤثر فيه ,وهذه اجلهة هي املعنى الشعري أواملعنى األديب عامة .

٨٦٢

فهو النسيج االستعاري الذي حياك حول )Marque(وأما اإلطار . الالحقة البؤرة يف االستعارة املكنية أواملرشحة خاصة .

)ن(مثال قطافها فجنينا منها ما شينا *** انية وإذ هرصنا فنون الوصل د

ابن زيدون إن البؤرة االستعارية يف هـذا البيـت هـي معنـى التلـذذ بالوصـل, وقـد محلتها عبارة جني الثامر أو القطوف, ويمكن للقارىء أو الـسامع أن يعـني

أي أنــه يتلقــى العبــارة اســتبداليةهــذه البــؤرة بيــرس, فتكــون تلــك القــراءة ستبدهلا عــرب خطاطــة املعنــى الغــزيل املنغرســة يف ذهنــه بــاملعنى احلقيقــي ويــ

إال أننـا نلحـظ أن تعيينـه لالسـتعارة يقـع بـه . أواحلريف وهو التلذذ بالوصل ــدة لالســتعارة أي الــنص الثقــايف املنجــب ــة املول ــة الفكري دون فهــم البني )١(

يفكـر فـيهام لإلطار االستعاري أو خصائص حمتوى الوصـل وصـورته كـامإن اإلطـار االســتعاري هـو النظــر إىل الـصورة مــن . الـشاعر أوكـام يــدركهام

. ) ٢(زاوية الداللة التأويلية, وهي الداللة التي تبني البعد النـيص للمجـازات :من اجلهات االستعارية التالية) ن(ويتكون اإلطار يف املثال

يف خصوص تعريف النص املنجب انظر كتابنا اخلطاب األديب وحتديات املنهج ص ص )١( ٢٤٨−٢٤٧. , ١٩٨ راستيه , فنون النص وعلومه ص انظر فرانسوا )٢(

٨٦٣

مع املناسب ملرحلـة الوصـال اختيار الشاعر ضمري املتكلم بصيغة اجل −١ .الدال عىل التحامه باحلبيب

استعارة صيغة مجع دون صيغة املفرد يف عبـارة فنـون ملـا يتميزبـه فكـر −٢ ــات الوصــل, ــوع يف عالق ــن تن ــع وم ــن إدراك كمــي للمت ــشاعر م ال

واإلحساس الكمي بالوجود يفرس اختار الشاعر الرصيف والرتكيبـي, يف هذا السياق أن النظريـة االسـتبدالية ال حتفـل كبـري ولكننا نلحظ

احتفال باألطرزة الذهنية التي تولد ااألبنية الرصفية التي حتتوي املستعارفالتمتع بالكثرة يف هذه االستعارة معنى متفـرع عـن ) فنون الوصل (

طراز مـن أطـرزة التفكـري البالغـي يف البالغـة الكالسـيكية, العربيـة العربية عىل السواء وقد أسس أرسـطو التفكـري يف هـذا الطـراز وغري

ونظر له ضمن املواضع اخلطابيـة أي البالغيـة بـام سـامه موضـع الكـم )TOPIC( وقد عاد إليـه مؤسـسو البالغـة اجلديـدة للتوسـع يف بيـان ,

واستعامل . )١(مفهومه وآليات استعامله يف اخلطاب األديب وغري األديب

حجـج الكـم والكيـف وحجـة : انظر يف خصوص أنامط احلجج واملواضع العامـة أي الطوبيقـا )١( : السلطة وغريها

� . Perelman et l. Tyteca: Traité del'argumentation, PUB Bruxelles ١٩٥٨ P ٥٧ : طره ومنطلقاته وتقنياته من خـالل مـصنف يف احلجـاج أ: وانظر كذلك عبد اهللا صولة احلجاج

اخلطابة اجلديدة لربملان وتيتيكاه ضـمن املؤلـف اجلامعـي الـذي أنجـزه فريـق البالغـة واحلجـاج

٨٦٤

عرب اجلمع يف استعارة فنون الوصـل دال عـىل أن إدراك الـشاعر الكم للعامل إدراك كمي, ومن املعلوم أن اختيـار الـصيغة الـرصفية يف بنـاء

القضية املنطقية يوجه إدراك املتكلم للعامل الـصديق فقولـك أحـب : خيتلــف مــن جهــة إدراك العــامل ومــن جهــة الداللــة عــىل أو الــصداقة

فــالقول األصــدقاء, إىل فكــر دون آخــر عــن قولــك أحــب انتــسابكــالنموذج الفــردي أو املثــال األول دال عــىل مثاليــة التفكــري وتعلقــه ب املتفرد, أما القول الثاين فهوأدخل يف باب التفكري املنفتح عىل التعـدد

. وعىل التنوع وعىل الواقع االجتامعي ري إىل الشاعر, وهونتاج لتصور شـاعر إسناد فعل القطف اليسري والكث−٣

وزير من طبقـة اخلاصـة التـي تلبـى رغائبهـا بيـرس, ويف هـذا الـسياق مـع عبـارة فنــون مـن جهـة اإلدراك الكمــي "ماشــينا"تتفاعـل عبـارة

املنغـرس يف ذهـن الــشاعر أي الـوفرة التــي تتمتـع هبــا هـذه الطبقــة يف مــن تــداعي املعــاين تؤلــف حــدائق األنــدلس الغنــاء إن هــذه املظــاهر

جمتمعة مع غريها مما يراه قارىء آخر إطار االستعارة, وهي خترج بنا

أهم نظريـات احلجـاج يف التقاليـد الغربيـة مـن : بكلية اآلداب منوبة تونس وصدر حتت عنوان

. أرسطوإىل اليوم مذكور أعاله

٨٦٥

) بفـتح اخلـاء ( إىل رحاب البالغة اخلطابيـة )١(من أرس البالغة الضيقةالتي يتم فيها جتسري الصالت بـني األسـلوب واملقـام التلفظـي أوبـني

. البؤرة واإلطار كيــة تطــرح مــن األســئلة املتــصلة بــإدراك مــستعمل إن النظريــة اإلدرا

االستعارة للموجودات ما مل تطرحه سـائر النظريـات البالغيـة سـواء منهـا نظرية النقل واالستبدال أونظريـة التفاعـل, فقـد انطلقـت هـذه النظريـة يف سائر مكوناهتا من فكرة املشاهبة لتبني أن الفكر البرشي عامة هي جـزء مـن

) Categorization( الـــذهني الـــذي يـــستعمله اإلنـــسان ملقولـــة النـــشاط .املوجودات وتصنيفا وترتيبها

ظر يف خصوص نقد مفهوم البالغة الضيقة مقدمة كتاب صور جلرار جينات يف جزئه الثالث ان )١( .

٨٦٦

اخلامتةالنظريـة اإلدراكيـة تكـون يف العلــوم أن بينـا يف هـذا البحـث املقتـضب

اإلنسانية احلديثة املجال اخلصب الذي استفاد فيه الدرس البالغي من عامة ومـا كـان هلـذه النظريـة أن . النظريات التداولية النظريات اللسانية وخاصة

تتطور وتبلغ ما بلغته من النضج والثراء والعمق لوال إسـهام سـائر العلـوم ــوم احلاســوب ــنفس اإلدراكــي وعل ــا وخاصــة علــم ال ــسانية كــام ذكرن اإلن

وختلـص النظريـة .ولوال تطـور النظريـة التفاعليـة . أواللسانيات احلاسوبية دراسة االستعارة إىل أن هذا النمط من الصور أومـن النـشاط اإلدراكية يف

الذهني التمثييل ليس مـشتقا مـن التـشبيه عـىل نحومـا يـذهب إليـه القـدامى : والبنيويون املحدثون, بل إنه يسبق التشبيه يف جتـارب االكتـساب اللغـوي

نيـة املـشاهبة فنظرية املقولة االستعارية عند اإلدراكيني تـسلمنا إىل أن وراء ببوجه عام أطرزة أوخطاطات منهـا تـستمد اللغـة التـشبيه واالسـتعارة عـىل

وقد عاد رواد هذه النظرية وخاصة لودفيك فيتقانشتاين وإيليـانور . السواء ــنظم ــامل م ــا يف أن الع ــتفادوا منه ــوالت املواضــع ألرسطوفاس روش إىل مق

بشكل قبيل, وأنه ليس عشوائيا, وأن حركـة التفكـري تكتـشف هـذا النظـام وتعمــل عــىل بنــاء العالقــات املمكــن بناؤهــا بــني أجزائــه وعنــارصه, ومــا

. االستعارة أونظام االستعارة سوى نشاط من أنشطة هذا البناء

٨٦٧

وقد دحضت هذه النظريـة مفهـوم العـدول أواالنزيـاح, وهـوكام رأينـا هم العـام حولـه مفهوم أسلويب اختلف يف تعريفه األسلوبيون ولكن تـصور

كان واحدا, وقد أنكرت النظرية اإلدراكيـة هـذا املفهـوم, أنكـرت التمييـز املثايل بني اللغة العادية واللغة اإلبداعية, وعـدت االسـتعارة نـشاطا فكريـا

ولعـل مـن الفوائـد الكـربى .منغرسا يف لغة االستعامل, يف املعـامر الـذهني ن النظريـة اإلدراكيـة عمومـا هوالقـدرة عـىل الذي جينيها الدرس البالغي م

التوسع يف املادة اإلبداعيـة التـي يتناوهلـا هـذا الـدرس بالتحليـل والتنظـري :فاإلبداع من زاوية النظـر اإلدراكيـة لـيس بمقـصور عـىل اخلطـاب األديب يف

بل جيـاوزه إىل سـائر أنـواع اخلطـاب ) الشعر والنثر ( داللته اجلاملية الضيقة اصــيل التــي تقتــيض جهــدا إبــداعيا خيتلــف بــاختالف أنــواع املخــاطبني التو

واملوضوعات واملجـاالت, فاخلطـاب اإلعالمـي يقتـيض نمطـا مـن األبنيـة االستعارية تستجيب آلفاق انتظار اجلمهور املهتم بالصحافة, بـل إننـا نجـد ــيض ــددة تقت ــة متع ــتامم متنوع ــر اه ــسه دوائ ــي نف داخــل اخلطــاب اإلعالم

ستخدام أشكال مـن امللفوظـات باسـتعامل املجـاالت االسـتعارية املالئمـة الــذلك اجلمهــور أولتلــك الطبقــة مــن القــراء, واخلطــاب الــسيايس يقتــيض كذلك نوعا من اخلطاطات الذهنية التي يشتق منها معجم اخلطاب جـذوره ر االستعارية القادرة عىل اإلفهام واإلقناع والتواصل وتقريب وجهات النظ

٨٦٨

وقد انتهينا يف هذا البحث كذلك , وإحداث التفاعل اإلجيايب بني املتخاطبنيإىل أن نظرتنا إىل االستعارة من خالل املقوالت اإلدراكية متكننا من أن نقف عىل حقيقة فلـسفية مل تـصل إليهـا سـائر النظريـات البالغيـة وهـي أن أبنيـة

ألعامل القولية التي تنتجهـا إنـام املشاهبة يف الفكر البرشي عامة ويف خمتلف اهي جزء من التفكري البرشي يف حقيقة العالقـة بـني األشـياء واملوجـودات, إذ كلام توسعت لغة االستعامل يف ابتكار االستعارات دل ذلك عىل وصـول

وهــذه األبنيـة تــستقي .اإلنـسان إىل اكتـشاف مــا بـني األشــياء مـن عالقـات ستعاري من خمزونـات دالليـة منتظمـة وفـق قـائامت مادهتا يف االستعامل اال

ذات رؤوس وعنــاوين, وهــي شــبيهة بامللفــات والــدرج ذات املــداخل املختلفة, وكل مدخل منها يؤدي جذاذة يمكن استعامهلا يف بناء االستعارة, وقد رأينا أن ملف األلوان يمكن أن يمنح املتكلم جذورا استعارية خمتلفة,

. امت ومواضيع متنوعة بواسطة اإلسناد االستعاري يف تي

٨٦٩

املصادر واملراجعاإلتقان يف علوم القرآن, جالل الدين السيوطي, املكتبة العرصية بـريوت صـيدا −

١٩٨٨. األدب عند العرب, العادل خـرض,دار سـحر للنـرش وكليـة اآلداب منوبـة تـونس −

٢٠٠٤ . حـسام اخلطيـب, املكتـب العـريب للتنـسيق األدب والتكنولوجيا وجرس الـنص, −

.١٩٩٦والرتمجة والنرش بريوت االستدالل البالغي, شكري املبخوت, دار املعرفـة وكليـة اآلداب منوبـة تـونس −

٢٠٠٦ . االستعارات التـي نحيـا هبـا, ملـارك جونـسون وجـورج اليكـوف, تعريـب عبـد –

.١٩٩٦يضاء املجيد جحفة, دار توبقال للنرش, الدار البأرسار البالغــة, عبــد القــاهر اجلرجــاين, تــصحيح وتعليــق حممــد رشــيد رضــا, −

. ١٩٨٨بريوت أهم نظريات احلجاج يف التقاليـد الغربيـة مـن أرسـطوإىل اليـوم, إرشاف وتقـديم −

.١٩٩٨محادي صمود,منشورات كلية اآلداب منوبة ين القزويني, حتقيـق حممـد عبـد اإليضاح يف تلخيص املفتاح, اخلطيب جالل الد −

.١٩٧١املنعم خفاجي دار الكتاب اللبناين بريوت . ١٩٧٢الربهان يف علوم القرآن, بدر الدين الزركيش, دار املعرفة بريوت − .١٩٦٤البالغة عند السكاكي, أمحد مطلوب مكتبة النهضة بغداد −

٨٧٠

.١٩٨٤ املرصية العامة للكتاب البالغة واألسلوبية, حممد عبد املطلب, اهليئة − بالغة اخلطاب وعلم النص, صـالح فـضل, دار الكتـاب املـرصي القـاهرة ودار −

.٢٠٠٤الكتاب اللبناين بريوت ــدار − ــد اإلاله ســليم, دار توبقــال للنــرش ال ــة, عب بنيــات املــشاهبة يف اللغــة العربي

.٢٠٠١البيضاء احـد الزملكـاين, حتقيـق أمحـد مطلـوب, وخدجيـة التبيان يف علم البيان, عبـد الو –

. ١٩٦٣احلديثي, بغداد حتقيقــات فلــسفية, لودفيــك فتقانــشتاين, تعريــب عبــد الــرزاق بنــور, املنظمــة –

.٢٠٠٧العربية للرتمجة بريوت حتليـل اخلطـاب األديب يف ضـوء املنـاهج احلديثــة, حممـد عـزام, منـشورات احتــاد −

.٢٠٠٣ الكتاب العرب دمشقالتطور املعريف عند جـان بياجيـه, مـوريس رشبـل املؤسـسة اجلامعيـة للدراسـات −

.١٤٠٦والنرش والتوزيع بريوت التفسري الكبري املسمى مفاتيح الغيب, فخر الدين الـرازي, دار الكتـب العلميـة −

. ١٩٧٨بريوت .٢٠٠٠جدلية املصطلح والنظرية, توفيق الزيدي, ط قرطاج تونس − .ت − اخلصائص, ابن جني, حتقيق حممد عيل النجار دار اهلدى بريوت د −اخلطاب األديب وحتديات املـنهج, صـالح اهلـادي رمـضان منـشورات نـادي أهبـا −

. ٢٠١٠−١٤٣٢األديب

٨٧١

الصورة الفنية يف الرتاث النقدي والبالغي, جابر عصفور, املركز الثقايف العـريب – .١٩٩٢بريوت

الطراز املتضمن ألرسار البالغة وعلوم حقائق اإلعجاز, حييى بن محزة العلوي, − .١٩٨٠دار الكتب العلمية بريوت

العمدة يف حماسن الشعر وآدابه ونقده, ابن رشـيق القـريواين, حتقيـق حممـد حميـي – . ١٩٥٥الدين عبد احلميد ط القاهرة

ه, ترمجة إدريس خطاب, دار توبقال للنرش فنون النص وعلومه, فرانسوا راستي − .٢٠١٠الدار البيضاء

الفوائد الغياثية يف علوم البالغة, عضد الدين اإلجيي, حتقيق عاشق حسني, دار − .١٩٩١الكتاب املرصي القاهرة ودار الكتاب اللبناين بريوت

العـريب يف الغرض, حممد هشام الريفـي, ضـمن مـشكل اجلـنس األديب يف األدب − .١٩٩٣القديم منشورات كلية اآلداب منوبة

القاموس املوسوعي للتداولية, جاك موشـالر وآن ريبـول, تعريـب جمموعـة مـن – . ٢٠١٠األساتذة والباحثني منشورات املركز الوطني للرتمجة تونس

.١٩٨٦كتاب الصناعتني, أبوهالل العسكري املكتبة العرصية, بريوت صيدا − املعاين يف تقسيم االستعارة إىل أصلية وتبعية أورشح السعد, حتقيق حممـد خمترص –

. ت − عبد احلميد مكتبة ومطبعة حممد عيل صبيح القاهرة د حميي الدين − ١٩٨٣معجـــم املـــصطلحات البالغيـــة وتطورهـــا, أمحـــد مطلـــوب, بغـــداد –

١٩٨٧−١٩٨٦.

٨٧٢

ن الــسيوطي, حتقيــق عــيل حممــد معــرتك األقــران يف إعجــاز القــرآن, جــالل الــدي − . ١٩٧٣البجاوي, القاهرة

.١٩٨١مفتاح العلوم, أبويعقوب السكاكي, دار الرسالة بغداد – . ١٩٩٩املقوالت, أرسطو, حتقيق وتقديم فؤاد جرب, دار الفكر اللبناين بريوت −

ريخ نظريـة األدب, رينيــه ويليـك ووارن أوســتني, تعريــب عـادل ســالمة دار املــ – . ١٩٩١للنرش الرياض